الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطبقة الثامنة
في أعيان القرن الثامن
حرف الألف
الشيخ إبراهيم بن شهريار الهمذاني
الشيخ العارف الكبير إبراهيم بن شهريار الهمذاني الشيخ فخر الدين العراقي، كان من
العلماء المعروفين بالفضل والصلاح.
ولد ونشأ بهمذان وحفظ القرآن في صغر سنه وجوده، ثم اشتغل بالعلم ونال حظاً وافراً
منه في السابع عشر من سنه، فدرس وأفاد زماناً في إحدى المدارس من تلك البلدة.
وكان يدرس ذات يوم إذ جاءت طائفة من القلندرية وكان معهم غلام بديع الجمال، فمال إليه
إبراهيم وشغفه حبه، فترك التدريس ولحق بهم حتى ورد ملتان، ورآه الشيخ الكبير بهاء
الدين زكريا الملتاني وكانت علائم الرشد والسعادة تلوح على جبينه، فجذبه إليه وأفرزه من
تلك الجماعة وأجلسه في الأربعين، فلم تمض عليه عشرة أيام إلا وأنشأ أبياتاً بالفارسية
وكان ينشدها بلحن شجي، فلما سمع الناس إنشاده تلك الأبيات أنكروا عليه لأن طريقة
الشيخ كانت منحصرة في الخلوة والمراقبة والذكر، فلما سمع الشيخ إنكار الناس منعهم عن
ذلك، حتى قال له بعض خواصه: إني سمعت المغنين يغنونه في الخرابات، وأنشد تلك
الأبيات عند الشيخ، فلما وصل إلى هذا البيت.
جو خود كردند راز خويشتن فاش عراقي را جرا بدنام كردند
قال الشيخ: ثم أمره، وقام وراح إلى الخلوة وقال: أخرج، فخرج العراقي ووضع رأسه على
قدم الشيخ، فألبسه الخرقة وزوجه بابنته.
ولبث العراقي في ملتان خمساً وعشرين سنة، ثم سافر للحج والزيارة فسعد بهما، ثم سار
إلى قونية وقرأ الفصوص على الشيخ صدر الدين القونيوي، ثم سار إلى مصر وولي المشيخة
بها فمكث مدة بمصر القاهرة، ثم سار إلى دمشق ومات بها.
وله مصنفات ممتعة، منها اللمعات بالفارسية صنفها في قونية.
ومن شعره قوله:
نخستين باده كاندر جام كردند ز جشم مست ساقي وام كردند
براي صيد مرغ جان عاشق ز زلف فتنه جويان وام كردند
بعالم هر كجا رنج وبلائيست بهم كردند وعشقش نام كردند
جو خود كردند راز خويشتن فاش عراقي را جرا بد نام كردند
قال الأمين بن أحمد الرازي في هفت أقليم: إنه مات سنة ثمان وثمانين وستمائة أو سنة سبع
وسبعمائة، وقال دولت شاه في تذكرة الشعراء: إنه مات سنة سبع وسبعمائة بدمشق،
فدفن عند قبر الشيخ محي الدين بن عربي رحمه الله تعالى.
وهذا الشيخ لم يكن مولده ومدفنه في الهند، ولذلك
لا يليق ذكره في هذا المجموع، ولكنه لما
تم أمره في الهند، ومكث بها خمساً وعشرين سنة، وتزوج ورزق الأولاد بها بادرت إلى
ذكره، والذكر لا يخلو عن الفوائد.
الشيخ نجم الدين إبراهيم
الشيخ الصالح نجم الدين إبراهيم البياباني أحد كبار المشايخ السهروردية، أخذ عن الشيخ
أبي الفتح ركن الدين القرشي الملتاني، وأخذ عنه الشيخ منهاج الدين حسن البياباني وخلق
آخرون، كما في منبع الأنساب.
الشيخ إبراهيم بن عبد الله السنكاني
الشيخ الصالح إبراهيم بن عبد الله السنكاني أحد العلماء العاملين، أخذ عن الشيخ عين
الدين البيجابوري صاحب الملحقات ولازمه زماناً بدولت آباد، ثم انتقل إلى قرية بهيرول ثم
إلى بيجابور، ومات بها في حياة شيخه- ذكره عين الدين المذكور في كتابه أطوار الأبرار
ومدحه بالشيخ الكامل المكمل صاحب المقامات العلية، كما في بساتين السلاطين-.
وفي تاريخ الأولياء أنه أخذ عن الشيخ علاء الدين الجيوري والشيخ شمس الدين الدامغاني
والشيخ منهاج الدين التميمي والشيخ عين الدين البيجابوري، مات لأربع عشرة خلون من
محرم سنة ثلاثين أو خمسين وسبعمائة، وقبره بمدينة بيجابور.
أبو علي شرف الدين القلندر
الشيخ الكبير شرف الدين أبو علي القلندر الباني بتي أحد الأولياء المشهورين، اشتغل
بالعلم فدرس وأفاد ثلاثين سنة، ثم انقطع إلى الله سبحانه حتى صار مغلوب الحالة، فلم
يفق من ذلك إلى أن توفي إلى رحمة الله سبحانه،
قال في أعراسنامه: إنه أخذ الطريقة عن الشيخ شمس الدين التبريزي عن الشيخ قطب
الدين الأبهري عن الشيخ الكبير ضياء الدين أبي النجيب عبد القاهر السهروردي، وفي
كلزار أبرار أن شرف الدين قال في كتابه حكمت نامه: إني دخلت دهلي حين ناهزت
أربعين سنة فطفت حول مرقد الشيخ قطب الدين البختيار الأوشي، ثم تصديت للدرس
والإفتاء واشتغلت بها عشرين سنة، ثم أخذتني الجذبة الربانية فتركت البحث والإشتغال
وخرجت من دهلي، فسافرت البلاد وأدركت الشيخ شمس الدين التبريزي والشيخ جلال
الدين الرومي، فلبست الخرقة منهما ورجعت إلى الهند وألقيت متاع المشيخة في نهر
الجون، انتهى.
ومن مصنفاته: رسائل في الحقائق والمعارف، ومزدوجة له مشهورة بالفارسية أولها.
مرحبا أي بلبل باغ كهن أز كل رعنا بكوبا ما سخن
ومن أقواله رحمه الله تعالى درويشي جيست؟ نفس كشتن، وطلسم هستي شكستن،
وترك أز غير كرفتن، واز خود رستن، وبدوست بيوستن، ودر آتش محبت سوختن،
وخاكستر كشتن توفي في الثاني عشر أو الثالث عشر من رمضان سنة أربع وعشرين
وسبعمائة وله عشرون ومائة سنة، كما في مهر جهانتاب.
الشيخ أبو الفتح ركن الدين الملتاني
الشيخ الإمام العالم الكبير أبو الفتح بن محمد بن زكريا القرشي الشيخ ركن الدين فيض الله
الملتاني أحد مشاهير الأولياء، بأرض الهند، له شأن كبير في إرشاد الناس وهدايتهم من
المعصية إلى الطاعة ومن النفسانية إلى الروحانية.
ولد يوم الجمعة سنة سبع وأربعين وستمائة بمدينة ملتان، ونشأ في أيام جده وأبيه، ثم جلس
على سجادة جده بعد أبيه اثنتين وخمسين سنة، وعمر إلى ثمان وثمانين حجة، وقدم دهلي
غير مرة بتكليف السلطان علاء الدين الخلجي وولده قطب الدين، وكانا يعتقدان بفضله
وكماله، ويستقبلانه بالترحيب والإكرام، ويعرضان عليه مائتي ألف دينار يوم القدوم،
وخمسمائة ألف دينار يوم الوداع، وكان الشيخ يقبلها ويفرقها
على الحوائج في يوم واحد
وكانت بينه وبين الشيخ نظام الدين محمد البدايوني محبة صادقة ومودة واثقة، أخذ عنه
الشيخ حسين بن أحمد بن الحسين الحسيني البخاري، والشيخ جلال البركي، والشيخ
عثمان الرحالة، والشيخ حاجي الله، والشيخ خضر، ونجم الدين إبراهيم البياباني، وقوام
الدين الكاذروني وخلق آخرون، مات ليلة الجمعة تاسع جمادي الأولى سنة أربع وثلاثين
وسبعمائة، مات في صلاة التسبيح فدفن في حصار ملتان القديم بجوار آبائه الكرام رضي
الله عنهم.
القاضي أبو حنيفة السندي
الشيخ العالم القاضي أبو حنيفة الحنفي البهكري السندي أحد العلماء المشهورين في
زمانه، كان قاضياً بمدينة بهكر في أيام محمد تغلق شاه الدهلوي، لقيه محمد بن بطوطة
المغربي الرحالة سنة أربع وثلاثين وسبعمائة بمدينة بهكر، ذكره في كتابه.
الشيخ أحمد بن الحسين البخاري
الشيخ الصالح أحمد بن الحسين بن علي الحسيني البخاري الأجي أحد الرجال المعروفين
بالفضل والصلاح، ولد بأرض الهند لعله في مدينة بهكر، ووالدته فاطمة بنت السيد بدر
الدين بن صدر الدين البهكري السندي، وأخذ عن والده وتأدب عليه ولبس منه الخرقة،
وتزوج بحويد خاتون بنت خاله السيد مرتضى فولدت له حسين بن أحمد الأجي، ولما
ماتت حويد خاتون تزوج بأختها بي بي خاتون فولدت له صدر الدين محمداً واختاً له، كما
في تذكرة السادة البخارية.
أحمد بن خسرو الدهلوي
الشيخ الفاضل أحمد بن خسرو بن سيف الدين محمود البخاري الدهلوي أحد الرجال
المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ بدار الملك دهلي، وتقرب إلى الملوك والأمراء فرزق
القبول والوجاهة العظيمة عندهم وجعله فيروز شاه نديماً له، كما في المنتخب.
الشيخ أحمد بن شهاب الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير الزاهد أحمد بن الشهاب الحكيم الصوفي الشيخ صدر الدين
الدهلوي أحد المشايخ المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ بدار الملك دهلي، وقرأ العلم
على الأساتذة المشهورين في عصره، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ نصير الدين محمود الأودي،
وكان رجلاً حاذقاً في الطب مشاركاً في فنون أخر، زاهداً متقللاً حسن الفهم جداً،
صحيح الذهن له اليد الطولى في تعبير الحقائق والمعارف، ومن مصنفاته الصحائف في
الحقائق والمعارف قال الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي في أخبار الأخيار: إن
الجن خطفوه فعاش فيهم مدة حتى مرض بعضهم وبرئ من ذلك المرض بعلاجه فعرضوا
عليه قنطاراً من الدراهم والدنانير فلم يلتفت إليها فعجبوا وأطلقوه- انتهى.
مات سنة تسع وخمسين وسبعمائة.
الشيخ أحمد بن يحيى المنيري
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة صاحب المقامات العلية والكرامات المشرقة الجلية شيخ
الإسلام أحمد بن يحيى بن إسرائيل بن محمد الهاشمي المنيري الشيخ الإمام شرف الدين
البهاري أحد مشاهير الأولياء، اتفق الناس على ولايته وجلالته وبلوغه درجة الإجتهاد،
ولد سنة إحدى وستين وستمائة في عهد السلطان ناصر الدين محمود بن الإيلتمش الدهلوي
ببلدة منير بفتح الميم وكسر النون- وتلقى مبادئ العلم بها، ثم ارتحل إلى سنار كانون فلازم
الشيخ الأستاذ شرف الدين أبا توأمة الدهلوي واشتغل عليه بالعلم وجد واجتهد بالبحث
والإشتغال حتى قيل إنه كان لا يطالع الكتب والرسائل الواردة عليه من والديه وأقاربه لئلا
يطلع على خبر يشوشه إلى أن فرغ من التحصيل، وزوجه الشيخ أبو توأمة بابنته العفيفة
فرزق منها ثلاثة أبناء، ثم توفيت صاحبته وبنوه إلا واحداً منهم، فجاء
به إلى منير في سنة
تسعين أو إحدى وتسعين وستمائة، وكان والده قد توفي إلى رحمة الله قبل أن يصل إلى
بلدته، فلبث بها برهة من الزمان ثم ترك ولده عند أمه وسافر إلى دهلي، فأدرك بها الشيخ
نظام الدين محمداً البدايوني وخلقاً آخرين من المشايخ، ثم رحل إلى باني بت ولقي بها الشيخ
شرف الدين أبا علي القلندر، ثم رجع إلى دهلي ولبس الخرقة من الشيخ نجيب الدين
الفردوسي ثم عاد إلى بلاده، ولما وصل إلى بهيا- بكسر الموحدة وسكون الهاء وفتح
التحتية والألف كانت بادية عظيمة من أعمال بهار- غاب في تلك البادية ولم يوجد له عين
ولا أثر إلى اثنتي عشرة سنة، ثم رحل إلى جبل راجكير، وعاش به وبغيره من البوادي مدة
مديدة، كان يشتغل بالرياضة والمجاهدة منقطعاً إلى الله سبحانه، لم يستأنس في تلك المدة
بأحد من الناس، وكان ذلك ثلاثين سنة تقريباً.
ولما أراد الله أن ينفع به عباده ألقى في قلوب الناس أن يتحسسوا عنه فمال إليه الناس
واستأنس بهم حتى صار يجئ معهم إلى العمران ثم يذهب إلى البادية، ولم يزل كذلك مدة
من الزمان فألح الناس عليه أن يقيم بمدينة بهار لينتفعوا به، وبنى له نظام مولى البهاري أحد
أصحاب الشيخ نظام الدين محمد البدايوني داراً خارج البلدة وألخ عليه بأن يسكن فيها،
فقبله مستكرهاً وقال: محبتكم أدتني إلى أن أقمت في بيت الصنم، وكان ذلك فيما بين سنة
إحدى وعشرين وأربع وعشرين من السبعمائة، كما في سيرة الشرف.
ثم بنى له محمد شاه تغلق خانقاهاً رفيعاً وأمر أن يقيم به، ولم يسعه إلا القبول فأقام به
ونشر ما منحه الله سبحانه من علوم أسرار الكتاب والسنة وكشف عن إشاراتهما الباهرة
ولطائفهما الزاهرة بعبارته الجلية المشرق عليها نور الإذن الرباني واللائح عليها أثر القبول
الرحماني، وازدحم عليه الخاص والعام حينئذ للاستفادة وتلقى كل أحد من تلك اللطائف
على قدر الاستعداد.
هذه جملة صالحة من أخباره نفعنا الله ببركاته، وأما مقاماته القدسية في العلوم والمعارف
والقرب والوصول فلا تسأل عن ذلك فإنها كانت وراء طور العقول، وإن شئت الإطلاع
فارجع إلى مصنفاته فإن فيها ما يشفي العليل ويروي الغليل ويوصل السالك إلى سواء
السبيل، ومن مصنفاته مكتوباته في ثلاثة مجلدات عددها ثلاثمائة وثمانية وعشرون مكتوباً،
ومنها الأجوبة وفوائد ركني وإرشاد الطالبين وإرشاد السالكين ومعدن معاني ولطائف
المعاني ومخ المعاني وخوان بر نعمت وتحفه غيبي والملفوظات المسماة بزاد السفر وعقائد
شرفي وشرح آداب المريدين في عدة مجلدات.
وكانت وفاته ليلة السادس من شوال سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة وله عشرون ومائة سنة
في عهد فيروز شاه السلطان، وصلى عليه السيد أشرف جهانكير السمناني بالناس، وقبره
مشهور ظاهر ببلدة بهار يزار ويتبرك به
الشيخ أحمد بن محمد البخاري
الشيخ الكبير أحمد بن محمد الحسيني البخاري المعروف بخواجه كرك الله الكروي كان
من الرجال المشهورين، توفي والده في صغر سنه فخرج من بلدته للسياحة، فلما وصل إلى
بهمرولي قرية من أعمال إله آباد، أدرك بها الشيخ إسماعيل القرشي الملتاني فصحبه وأخذ
عنه الطريقة، وألزم نفسه الرياضة والمجاهدة واشتغل بها مدة من الزمان حتى صار مغلوباً
على حاله فأقام بمدينة كره، ولم يزل عرياناً وبين يديه أتون يدخل فيه قدمه والنار تلتهب فيها،
وكلما كان يحصل له الملبس والمطعم يلقيها في النار.
ويذكر له كشوف وكرامات منها أن السلطان جلال الدين الخلجي لما قصد ابن أخيه علاء
الدين وسار إلى مدينة كره حضر علاء الدين لديه واستعان منه فقال: هر كه آمد بر سر
جنك تن در كشتي سر در كنك، فوقع كذلك وقتل جلال الدين.
وكان معاصراً لجدي الكبير القاضي ركن الدين الكروي وكان إذا رآه يستر عورته ويقول:
إنه رجل، كما في ملفوظاته.
ومن شعره قوله:
اندر طلب يار جو مردانه شدم أول قدم از وجود بيكانه شدم
او علم نمى شنيد لب بر بستم او عقل نمى خريد ديوانه شدم
وله:
ما طبل مغانه دوش بيباك زديم عالي علمش بر سر افلاك زديم
از بهر يكي مغبجه ميخواره صد بار كلاه توبه بر خاك زديم
وله:
آنكس كه ترا شناخت جان راجه كند فر زند وعيال وخانمان راجه كند
ديوانه كنى هر دو جهانش بخشى ديوانه تو هر دو جهان راجه كند
توفي في ثالث رجب سنة ثلاث وقيل خمس وسبعمائة، وقبره مشهور ظاهر بمدينة كره يزار
ويتبرك به، كما في آئينه اوده.
الشيخ أحمد بن محمد القندهاري
الشيخ الكبير أحمد بن محمد القندهاري المشهور بأحمد المعشوق كان من المشايخ
المشهورين في عصره، ولد ونشا بقندهار وقدم ملتان للتجارة فأدرك بها الشيخ صدر الدين
محمد الملتاني فلازمه وأخذ عنه الطريقة وصار مغلوباً على حاله، توفي سنة ثلاث وعشرين
وثمانمائة، كما في خزينة الأصفياء.
أحمد بن أياز الدهلوي
الوزير الكبير أحمد بن أياز الدهلوي المعروف بخواجه جهان كان شحنة العمارة في أيام
السلطان غياث الدين تغلق، بنى له قصراً عند قدومه من بنكاله في ثلاثة أيام بالخشب
مرتفعاً على الأرض قائماً على سواري خشب، وكانت الحكمة التي اخترعوها فيه أنه متى
وطئت الفيلة في جهة منه وقع ذلك القصر وسقط، فدخل فيه السلطان ولما أتى بالأفيال من
جهة واحدة سقط القصر عليه، وقال القاضي ضياء الدين البرني في تاريخه: إن الصاعقة
وقعت على ذلك القصر فسقط.
وبالجملة فلما مات غياث الدين وتولى المملكة بعده ابنه محمد شاه جعله وزيراً له ولقبه
بخواجه جهان فخدمه اثنتين وعشرين سنة، ولما مات محمد ببلاد السند أقعد طفلاً صغيراً
على سرير الملك بدهلي وقال: إنه ولد محمد، وبايعه أهل تلك البلدة، واتفق الفقهاء والقضاة
على فيروز بن رجب وكان في بلاد السند فولوه عليهم فسار فيروز بعساكره إلى دهلي،
فلما قرب من الحضرة خاف منه أحمد بن أياز وحضر بين يديه واعتذر فقبله فيروز وفوضه
إلى شحنة هانسي وكان سنه جاوز ثمانين، وقيل إن فيروز شاه أقطعه سامانه ليعتزل بها
ويشتغل بالعبادة، فلما خرج عن الحضرة وسار مسيرة يومين أو ثلاثة أيام لحقه شير خان
وقتله، وكان ذلك سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة.
السيد أحمد الغزنوي
السيد الشريف المفتي أحمد بن أبي أحمد الغزنوي أحد كبار العلماء، سافر إلى بلاد الدكن
فأكرمه علاء الدين حسن البهمني وولاه الإفتاء بكلبركه، فاستقل به مدة حياته ومات
بكلبركه فدفن بها، وقبره مشهور ظاهر.
الشيخ إسحاق المغربي
الشيخ الفقيه الزاهد إسحاق المغربي أحد الأولياء، المشهورين بأرض الهند، أخذ الطريقة
عن الشيخ محمد المغربي عن أبي العباس أحمد القرشي عن أبي محمد الصالح الدكاكي عن
الشيخ أبي مدين المغربي إمام الطريقة المدينية ولازمه مدة حياته ثم جاور قبره أياماً ثم قدم
الهند ودخل أجمير في أيام السلطان فيروز شاه فلبث مدة طويلة، ثم دخل كهتو قرية من
أعمال ناكور وسكن بها، وناهز عمره عشرين ومائة سنة ولد سنة ستين وستمائة، ومات في
السابع عشر من شعبان سنة ست وسبعين وسبعمائة، كما في مجمع الأبرار.
الشيخ إسماعيل بن محمد الملتاني
الشيخ العالم الفقيه إسماعيل بن محمد بن زكريا
القرشي الشيخ عماد الدين الملتاني أحد
الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بمدينة ملتان وتأدب على والده وصنوه الكبير
أبي الفتح ركن الدين الملتاني، ثم أقبل على الفقه وأصوله فبرز فيهما وصار المرجع والمقصد
في الفتيا والتدريس، ولما توفي صنوه المذكور جلس على مسند الإرشاد، وتوورثت الخلافة
في أعقابه فقام مقامه ولده صدر الدين الحليم، كما في كلزار أبرار.
وأما سنة وفاته فما وجدت تصريحاً بها في كلزار ولا في غيره من الكتب إلا أن صاحب
كلزار ختم ترجمته بشطر البيت على جري عادته وهو هذا عماد الدين عماد قصر دين
بود ولما تأملت فيه وجدت أنها تستخرج منه سنة خمس وتسعين وسبعمائة فالأشبه أن
العماد مات في هذه السنة- والله أعلم.
الشيخ أسد الدين الظفرآبادي
الشيخ الصالح أسد الدين بن تاج الدين الحسيني الظفرآبادي أحد المشايخ المشهورين، يرجع
نسبه إلى سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما بسبع عشرة واسطة.
قرأ العلم على الشيخ ضياء الدين الزاهد الكروي، ثم سافر إلى ملتان وأخذ الطريقة عن
الشيخ ركن الدين أبي الفتح بن محمد الملتاني، ثم قدم دهلي واستفاض من الشيخ نظام الدين
محمد بن أحمد البدايوني، ثم ورد ظفر آباد فسكن بها.
وكان شيخاً جليلاً قانعاً مرتاضاً يصوم النهار ويقوم الليل ويقرأ القرآن كل يوم مرتين، ومن
مصنفاته الرسالة العشقية في الحقائق والمعارف، ولد في التاسع عشر من رجب سنة إحدى
وستين وستمائة، ومات يوم الأربعاء السادس عشر من جمادي الأولى سنة ثلاث وتسعين
وسبعمائة، بظفر آباد كما في تجلي نور.
مولانا أعز الدين البدايوني
الشيخ الفاضل أعز الدين البدايوني أحد الأساتذة المشهورين بدار الملك دهلي، كانت له يد
بيضاء في الصناعة الطبية، وكان يدرس ويداوي الناس في عهد السلطان علاء الدين
الخلجي- ذكره البرني في تاريخه.
مولانا افتخار الدين الرازي
الشيخ العالم الكبير العلامة افتخار الدين الرازي ثم الهندي الدهلوي أحد العلماء المبرزين
في الفقه والأصول والكلام والعربية، درس وأفاد مدة عمره بدار الملك دهلي- ذكره البرني في
تاريخه.
مولانا افتخار الدين البرني
الشيخ الفاضل العلامة افتخار الدين البرني أحد كبار الأساتذة، كان يدرس ويفيد في عهد
السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، وله يد بيضاء في العلوم عقلية كانت أو نقلية-
ذكره البرني في تاريخه.
اختيار الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل إختيار الدين الدهلوي أحد الأمراء المعروفين بالفضل والصلاح، جعله
غياث الدين تغلق شاه دبيراً له في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، له بساتين الأنس كتاب
مفيد اختصره محمد قاسم البيجابوري المشهور بفرشته.
مولانا افتخار الدين الكيلاني
الشيخ الفاضل الكبير إفتخار الدين الكيلاني أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، كان يدرس ويفيد بمدينة دهلي إلى عهد غياث الدين تغلق، قرأ عليه الشيخ نصير
الدين محمود بن يحيى الأودي سائر الكتب الدرسية بعد وفاة الشيخ عبد الكريم
الشرواني.
الشيخ أعز الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير أعز الدين الخالد خاني
الدهلوي أحد الرجال المعروفين بالفضل
والكمال، له دلائل فيروز منظومة في الطيرة والتفاؤل والنجوم والحكمة الطبعية، وله كتاب
عروض موسيقى ترجمها من لغة سنسكرت بأمر فيروز السلطان، وله كتب أخرى، كما في
تاريخ فرشته.
الشيخ إمام الدين الدهلوي
الشيخ العالم الفقيه إمام الدين الدهلوي المشهور بالأبدال، أخذ عن الشيخ بدر الدين
الغزنوي وأدرك شيخ شيخه قطب الدين بختيار ولازمه مدة من الزمان، أخذ عنه الشيخ
شهاب الدين العاشق، توفي سنة ثمانين وسبعمائة، كما في مهر جهان تاب.
حرف الباء الموحدة
مولانا بدر الدين الأودي
الشيخ الصالح الواعظ بدر الدين الحنفي الأودي أحد المذكرين المشهورين بالعلم والديانة في
عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، كان من أرض أوده ولكنه ربما يسافر إلى
دهلي ويسكن بها بضعة اشهر يعظ ويذكر.
قال البرني في تاريخه: إنه كان غاية في الزهد والتقوى، لا يتجشم التصنع في مقالاته ولا يتفوه
إلا بالصدق، والناس يحضرون في تلك المجالس من كل صنف ويتأثرون بها ويبكون ويزيدون
خشوعاً لله سبحانه، انتهى.
الحكيم بدر الدين الدمشقي
الشيخ الفاضل العلامة بدر الدين الحكيم الدمشقي ثم الهندي الدهلوي أحد العلماء
المبرزين في العلوم الحكمية، لم يكن له نظير في عصره في الحذاقة والتدبير ومعرفة النبض
والبول حتى قيل إن أبوال الحيوانات المختلفة ألقيت في قارورة وعرضت عليه فعرف بمجرد
نظره إلى تلك القارورة وتبسم.
وكان متفرداً في حسن التقرير والإفهام وإلقاء المعاني الدقيقة على الطلبة لا سيما في توضيح
القانون للشيخ أبي علي بن سينا وتقرير المطالب منه، وكان يسكن بدار الملك دهلي في
عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، انتهت إليه رياسة التدريس وصناعة الطب،
وكان مع ذلك الفضل والكمال رجلاً صالحاً صاحب كشوف وكرامات يشار إليه في طريق
الصوفية، كما في فيروز شاهي.
مولانا بدر الدين المعبري
الشيخ العالم الفقيه بدر الدين الشافعي المعبري أحد الأفاضل المشهورين في عصره، كان
قاضياً بمدينة منكرور على ساحل البحر كانت مدينة كبيرة على خور يسمى خور الدنب
وهو أكبر خور ببلاد المليبار، لقيه محمد بن بطوطة المغربي الرحالة بتلك المدينة وذكره في
كتابه.
بدر الدين الشاشي
الشيخ الفاضل بدر الدين الشاشي المشهور كان من الرجال المعروفين بالفضل والكمال، له
يد بيضاء في الشعر، وله قصائد غراء في مدح السلطان محمد شاه تغلق، وديوانه متداول في
أيدي الناس، وله شاهنامه في أخبار محمد شاه تغلق عدد أبياته ثلاثون ألفاً.
ومن شعر قوله:
همجو آه مسرد صبح وكريه هاي كرم شمع آتش اندر خود زند دود دل افكار من
مولانا برهان الدين البهكري
الشيخ الفاضل العلامة برهان الدين الحنفي البهكري السندي أحد العلماء البارعين في
الفقه والأصول والعربية، كان يدرس ويفيد في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي
بدار الملك دهلي، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا برهان الدين الساوي
الشيخ الفاضل برهان الدين الساوي أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، كان من
أصحاب الشيخ نظام الدين محمد البدايوني رحمه الله وكان من أهل الوجد والسماع، كما في
سير الأولياء.
القاضي بهاء الدين الأجي
الشيخ العالم الفقيه القاضي بهاء الدين الأجي أحد العلماء المعروفين بالفضل والصلاح، كان
يدرس ويفيد ببلدة أج من بلاد السند، قرأ عليه الشيخ جلال الدين حسين بن أحمد
الحسيني البخاري الأجي الكتب الدرسية من البداية إلى الهداية، كما في جامع العلوم.
مولانا بهاء الدين الأميري
الشيخ الفاضل الكبير بهاء الدين الأدهمي الملتاني أحد العلماء المبرزين في العلم والمعرفة،
قدم دهلي وسكن بها وأخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد البدايوني رحمه الله
وصحبه ولازمه.
وكان عالماً كبيراً بارعاً مجاهداً كثير الدرس والإفادة، مات ودفن بدهلي، كما في سير
الأولياء.
حرف التاء المعجمة
الأمير تاتار خان الدهلوي
الأمير الكبير تاتار خان الدهلوي الأعظم كان من الرجال المعروفين بالفضل والصلاح
والرياسة والسياسة، التقطه السلطان غياث الدين تغلق في بعض غزواته طريحاً في الأرض
يوم ولد فيه فاقتناه ورباه في مهد الإمارة ووجعله من خاصته، ولما تولى المملكة محمد شاه
قربه إليه وولاه الأعمال الجليلة فصار ركناً من أركان السلطنة.
وكان فاضلاً عادلاً شجاعاً مقداماً سخياً حسن الأخلاق شديد التمسك بالشريعة
المطهرة شديد الحسبة على الملوك والأمراء لا يخاف في الله ولا يهاب فيه أحداً، أنكر على
فيروز شاه مرة على شرب الخمر فأقطعه فيروز شاه حصار فيروز ونفاه من حضرته،
وكذلك انقبض عنه محمد شاه تغلق مرة فكتب إليه هذه الأبيات:
آه ندانم از كجا رنجيده بي سبب از دوستان ببريده
بانكك ني خوش ميزند جانان من ناله بيجاركان نشنيده
در تو ياري هركز اين عادت نبود از طريق خود مكر كرديدة
كو كناهي كرده ام ما را ببخش زانكه تو جندين كنه بخشيده
از تتار خسته با الله العظيم نيست جرمي بي سبب رنجيده
فلما قرأ محمد شاه هذه الأبيات أكرم مثواه وقربه إليه، وهو مع هذا القرب والمنزلة سار
إلى الحرمين الشريفين فسعد بالحج والزيارة، قال شمس الدين العفيف في تاريخه: إنه لم يزل
يشتغل بالعلم ويجالس العلماء ويذاكرهم ويحسن إليهم، وإنه صنف كتاباً في التفسير وسماه
التاتارخاني وهو أجمع ما في الباب.
وصنف بأمره عالم بن العلاء الدهلوي الفتاوي التاتارخانية.
مات في أيام فيروز الشاه السلطان.
القاضي تاج الدين الكروي
الشيخ العالم الفقيه القاضي تاج الدين بن شيخ الإسلام قطب الدين محمد ابن أحمد الحسني
الحسيني المدني الكروي أحد المشايخ المشهورين في عصره.
كان قاضياً بمدينة كره، نقله السلطان علاء الدين الخلجي إلى بدايون وولي مكانه ابن أخيه
ركن الدين بن نظام الدين الكروي، فأقام ببلدة بدايون مدة حياته وحصلت له أولاد فسكنوا
بها واشتهروا في العلم والعمل، وقد أدركه القاضي ضياء الدين البرني وذكره في تاريخه
وأثنى عليه ثناء جميلاً.
مولانا تاج الدين الكلاهي
الشيخ العالم الكبير تاج الدين الكلاهي المدرس المشهور بمدينة دهلي في عهد السلطان
علاء الدين الخلجي، كان يدرس ويفيد، وهو ممن أدركه البرني وذكره في تاريخه.
مولانا تاج الدين المقدم
الشيخ العالم الكبير تاج الدين المقدم الدهلوي
أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، كان يدرس ويفيد في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي.
أخذ عنه الشيخ محمد بن يوسف الحسيني الدهلوي الدفين بكلبركه وقرأ عليه بعض
الكتب الدرسية وأخذ عنه خلق كثير من العلماء، وهو ممن أدركه البرني وذكره في تاريخه.
مولانا تاج الدين العراقي
الشيخ الفاضل الكبير تاج الدين العراقي أحد الأفاضل المشهورين في عصره، تقرب إلى
فيروز شاه الخلجي ثم إلى علاء الدين محمد شاه الخلجي، وكان مير داد في معسكره وهو
عبارة عن الأمير الكبير الذي يحكم على الأمراء، فمن كان له حق على أمير أو كبير بين
يديه، ويرزق على هذه الخطة نحو خمسين ألف دينار في كل سنة.
قال القاضي ضياء الدين البرني في تاريخه: إن تاج الدين كان من عباد الله الصالحين لم يكن
مثله في زمانه في التفنن في الفضائل وفي معرفة أخبار الملوك والمشايخ، وكان صالحاً عفيفاً
ديناً سديداً في الأقوال والأفعال، انتهى.
حرف الجيم
الشيخ جلال الدين التبريزي
الشيخ الإمام الزاهد المعمر جلال الدين التبريزي أحد مشاهير الأولياء،
أخذ الطريقة عن الشيخ بدر الدين أبي سعيد التبريزي ثم سافر بعد وفاته إلى بغداد
وصحب الشيخ الكبير شهاب الدين عمر السهروردي مدة طويلة حتى بلغ رتبة الكمال،
وقدم الهند مرافقاً للشيخ بهاء الدين أبي محمد زكريا الملتاني فأقام ببدايون برهة من الزمان
ثم ارتحل إلى بنكاله، وهو ممن أدركه الشيخ محمد بن بطوطة المغربي الرحالة الذي قدم
الهند عام أربع وأربعين وسبعمائة، فما في خزينة الأصفياء أنه مات في سنة اثنتين وأربعين
وستمائة لا ينبغي أن يعتمد عليه، وأدركه الشيخ ابن بطوطة في جبال كامر- بفتح الكاف
والميم وضم الراء- بلدة بينها وبين سد كانوان مسيرة شهر وهي جبال متسعة متصلة
بالصين وتتصل ببلاد التبت.
قال ابن بطوطة في كتابه: إن هذا الشيخ من كبار الأولياء وأفراد الرجال، له الكرامات
الشهيرة والمآثر العظيمة، وهو من المعمرين، أخبرني أنه أدرك الخليفة المستعصم بالله
العباسي ببغداد وكان بها حين قتله التتر، وأخبرني أصحابه بعد هذه المدة أنه مات ابن
مائة وخمسين وأنه كان نحو أربعين سنة يسرد الصوم ولا يفطر إلا بعد مواصلة عشر، وكانت
له بقرة يفطر على حليبها ويقوم الليل كله، وكان نحيف الجسم طوالاً خفيف العارضين،
وعلى يديه أسلم أهل تلك الجبال ولذلك أقام بينهم، قال: وأخبرني بعض أصحابه أنه
استدعاهم قبل موته بيوم واحد وأوصاهم بتقوى الله وقال لهم: إني أسافر عنكم غداً إن
شاء الله وخليفتي عليكم الله الذي لا إله إلا هو، فلما صلى الظهر من الغد قبضه الله في
آخر سجدة منها، ووجدوا في جانب الغار الذي كان يسكنه قبراً محفوراً عليه الكفن
والحنوط، فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه به، ثم ذكر الشيخ ابن بطوطة كرامات عديدة
له لا نطيل الكلام بذكرها.
وقال أحمد بن يعقوب بن الحسين البتي في خزينة الفوائد إنه كان من أصحاب الشيخ أبي
سعيد التبريزي، ولما توفي أبو سعيد قبل كماله في سلوك رحل إلى الشيخ شهاب الدين
السهروردي فتوفي عنده وتم سلوكه بتربيته وأجازه بالدعوة والإرشاد، انتهى.
ومن فوائده كتابه إلى الشيخ بهاء الدين زكريا الملتاني، قال فيه: يا أخي! من شرب من بحر
مودته يحيى حياة لا موت بعدها، ومن لم يذق من صافي المحبة يخرج من الدنيا كالبهائم صفر
اليدين وإذا مات صار جيفة ومات موتاً لا حياة بعده، كما قال أصدق القائلين ومن كان في
هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً، انتهى.
مولانا جلال الدين الرومي
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة جلال الدين الرومي أحد العلماء المشهورين بالدرس
والإفادة، قرأ العلم على الشيخ قطب الدين الرازي شارح الشمسية وقدم الهند، فولاه فيروز
شاه السلطان التدريس في مدرسته بدار الملك دهلي، وكان يدرس الفقه والحديث والتفسير
وغيرها من العلوم النافعة، انتفع به ناس كثير وأخذوا عنه، منهم الشيخ يوسف بن الجمال
الملتاني، وتلك المدرسة كانت من أبنية الملك المذكور بناها على الحوض العلائي وكان
بناؤها طويل العماد متسع الساحة كثير القباب والصحون، لم يعمر مثلها قبلها ولا بعدها.
قال البرني في تاريخه: إنها من عجائب الدنيا في ضخامتها وسعة ممرها وطيب مائها
وهوائها، ما ابتغى من دخلها عنها حولاً، انتهى.
القاضي جلال الدين الولوالجي
الشيخ العالم الفقيه القاضي جلال الدين الولوالجي أحد الفقهاء الحنفية: ولي القضاء بدهلي
في عهد علاء الدين محمد شاه الخلجي، فاستقل به مدة من الزمان، كما في الفيروز شاهي.
قال محمد بن المبارك الحسيني الكرماني في سير الأولياء: إن غياث الدين تغلق استقدم
الشيخ نظام الدين محمد البدايوني رحمه الله تعالى للبحث عن استماع الغناء واستقدم
الصدور والقضاة ليباحثوه في تلك المسألة، فكان مقدمهم القاضي جلال الدين الولوالجي
وكان شديد الخصام، فتقدم القاضي وأخذ في الموعظة وشدد في النكير والطعن على
الشيخ، فغضب عليه الشيخ وقال: إن كنت تخاصمني بسطوة الحكومة فأنت معزول عنها،
واتفق أنه عزل بعد اثني عشر يوماً من ذلك.
الشيخ جلال الدين الدهلوي
الشيخ العالم الصالح جلال الدين بن حسام الدين الحنفي الدهلوي أحد العلماء المذكرين
المشهورين بالعلم والديانة، كان في عهد السلطان علاء الدين الخلجي يذكر ويراعي طريقة
الخشية من الله تعالى، وربما يأتي باللطائف من باب الذوق والوجدان وينشد الأشعار
الرقيقة، وكان من أصحاب الشيخ ركن الدين مجازاً منه في أخذ البيعة من الناس، كما في
فيروز شاهي.
الشيخ جلال الدين الأودي
الشيخ الفاضل الكبير جلال الدين الأودي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية،
أخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد البدايوني رحمه الله ولازمه مدة من الزمان وترك
البحث والاشتغال بأمره.
وكان فاضلاً جيداً كثير الدرس والإفادة، كما في سير الأولياء.
القاضي جلال الدين الكاشاني
الشيخ العالم القاضي جلال الدين الكاشاني أحد الفقهاء المشهورين في عصره، كان قاضياً
بدهلي في عهد السلطان معز الدين كيقباد وعزله عنه جلال الدين فيروز شاه الخلجي وولاه
قضاء بدايون، ذكره ضياء الدين البرني في تاريخه.
القاضي جلال الدين الكرماني
السيد الشريف القاضي جلال الدين العلوي الحسيني الكرماني أحد العلماء المشهورين في
عصره، ولي الصدارة في عهد السلطان فيروز شاه، وكان عالماً في المعقول والمنقول، ذكره
القاضي ضياء الدين البرني في تاريخه وأثنى على فضله وبراعته في العلوم.
الشيخ جمال الدين المغربي
الشيخ الفقيه الطبيب الأديب جمال الدين المغربي الغرناطي الأصل البجائي المولد المستوطن
بلاد الهند، قدمها مع أبيه وله بها أولاد، لقيه محمد ابن بطوطة المغربي الرحالة بمدينة دهلي
وصاحبه وقال في كتابه: إني دخلت قصر السلطان جلال الدين ويعرف بكشك لعل كوشك
لعل ولما دخلته طفت به وصعدت إلى أعلاه فكانت لي فيه عبرة نشأت عنها عبرة، وكان
معي الفقيه جمال الدين المغربي فأنشدني عند ما عايناه:
وسلاطينهم سل الطين عنهم فالرؤس العظام صارت عظاما
الشيخ جمال الدين الكوئلي
الشيخ الفقيه الزاهد جمال الدين بن عبد الله بن نظام الدين أبي المؤيد الدهلوي ثم الكوئلي
أحد الرجال المعروفين بالعلم والمعرفة، أخذ عنه خلق كثير وكان متعبداً مرتاضاً مجاهداً
مرزوق القبول، سكن بكوئل وله فيها أعقاب كثيرة، مات في تاسع ربيع الأول بمدينة دهلي
فدفن بمقبرة الشيخ قطب الدين بختيار الأوشي ثم نقلوا جسده إلى كوئل، كما في أخبار
الجمال.
الشيخ جمال الدين الأجي
الشيخ العالم الكبير جمال الدين الأجي أحد المشهورين، أخذ الطريقة عن الشيخ صدر
الدين محمد بن زكريا الملتاني وصحبه مدة طويلة حتى بلغ رتبة الكمال، ورخص له الشيخ
إلى مدينة أج فسكن بها للدرس والإفادة ونفع الله سبحانه به خلقاً كثيراً من عباده.
قال علي بن أسعد الحسيني الدهلوي في جامع العلوم: إن الشيخ جلال الدين حسين بن
أحمد البخاري كان يقول: إنه لم يزل يشتغل بالدرس والإفادة ويدرس العلوم كلها ويديم اشتغاله
بالهداية والبزدوي والمشارق والمصابيح والعوارف وغيرها، وكان إذا اشتبه عليه أمر في
أثناء الدرس يطرق رأسه قليلاً ثم يرفعه ويحل العقد، وكان لا يطمع في التصدر في المجلس
فيجلس حيثما يجد مكاناً ولو كان في صف النعال ولكنه حيث يجلس يصير صدراً، وكان
يقبل على الناس بوجه ضاحك مع اشتغال الباطن بالحق دائماً ويلبس الثياب الخشنة
ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبسها، وكان زاهداً عفيفاً لا يقبل الهدايا
والجوائز من الملوك والأمراء من عروض أو عقار، وقبل ذلك في آخر عمره وقال: إني قبلتها
اقتداء بالسلف الصالح فانهم كانوا يقبلونها، وكان لا يدخر شيئاً فيعطي ويهب كل ما يحصل
له، قال الشيخ جلال الدين المذكور إني سمعت من الشيخ عبد الله اليافعي بمكة والشيخ
عبد الله المطري بالمدينة يقولان: إن الشيخ جمال الدين فريد هذا الدهر، ليس له نظير في
علو المقامات، انتهى.
قيل: إنه مات سنة ست وسبعين وستمائة، وهذا ظاهر البطلان لأن الشيخ حسين بن
أحمد الأجي أدركه وحضر دروسه كما في جامع العلوم والشيخ حسين ولد سنة سبع
وسبعمائة كما لا يخفي على المطلعين على الأخبار.
الشيخ جمال الدين الأودي
الشيخ الفاضل الكبير جمال الدين الأودي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية،
أخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد البدايوني ولازمه مدة من الزمان وترك البحث
والاشتغال بأمره، وكان فاضلاً جيداً بارعاً في أصول الفقه كثير الدرس والإفادة، كما في
سير الأولياء.
حرف الحاء
منهاج الدين الحسن البياباني
الشيخ الصالح منهاج الدين حسن البياباني أحد كبار المشايخ السهروردية، أخذ عن
الشيخ نجم الدين إبراهيم البياباني وهو أخذ عن الشيخ أبي الفتح ركن الدين الملتاني، كما
في منبع الأنساب والشجرة الطيبة.
نجم الدين الحسن بن العلاء السنجري
الشيخ الفاضل نجم الدين الحسن بن العلاء السنجري الدهلوي أحد الرجال المشهورين
بالفضل والصلاح، عاش مدة من الزمان في زي الأمراء عند السلطان غياث الدين بابن
وولده محمد، ثم انقطع إلى الله سبحانه وأخذ الطريقة عن الشيخ الإمام المجاهد نظام الدين
محمد البدايوني، وجمع ملفوظاته في مجلد سماه فوائد الفؤاد فتلقاه الناس بالقبول.
قال القاضي ضياء الدين البرني في تاريخه: إن الحسن كان شاعراً مجيد الشعر قنوعاً
بشوشاً طيب النفس مليح الشمائل حسن المحاضرة حلو الكلام
صاحب أخلاق رضية، لم
أر مثله في استحضار أخبار السلاطين وآثار المشايخ واستقامة العقل والتزام القناعة
والرسوخ في العقيدة وحسن المعيشة بدون أسبابها والتجريد والتفريد، كان يتزيأ بزي
الصوفية ويعيش قنوعاً بشوشاً في العسر واليسر، له ديوان شعر فارسي، وشعره في غاية
الطلاوة والحلاوة ولذلك لقبه الناس بسعدي الهندي، انتهى.
ومن شعره قوله رحمه الله:
مشكل سروكاري است كه بر وعده معشوق صابر نتوان بود وتقاضا نتوان كرد
وله:
من بودم وكنجي وحريفي وسرودي غم راجه نشان داد بلا را كه خبر كرد
وله:
اي حسن توبه آنكهي كردي كه ترا طاقت كناه نماند
والحسن انتقل من دهلي إلى ديوكير في آخر عمره بأمر السلطان محمد بن غياث الدين،
وتوفي بها إلى رحمة الله سبحانه في التاسع والعشرين من صفر سنة سبع وثلاثين وسبعمائة
فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.
علاء الدين البهمني
الملك المؤيد علاء الدين حسن بن علي البهمني السلطان الصالح كان من أمراء المئين في أيام
محمد شاه تغلق، أقطعه السلطان المذكور قرية كونجي وعدة قرى من راي باغ من أرض
دكن، فلما أكثر محمد شاه المذكور الفتك والأسر بأمراء المئين في أرض كجرات خرج
أكثرهم إلى بلاد دكن، واجتمعوا بأمرائها فاستقدمهم محمد شاه إلى مدينة دهلي، فظنوا أنه
يقتلهم على جري العادة فاجتمعوا في بعض حدود الملك وقبضوا على دولت آباد ثم اتفقوا
على إسماعيل الفتح الأفغاني وولوه عليهم، فجمع إسماعيل العساكر وأقطعهم بلاداً في أرض
دكن وأقطع الحسن هكري وراي باغ ومرح وكلهر وكلبر كه فاستقل بها، ولما سمع محمد
شاه أن الأمراء بغوا عليه سار إليهم بعساكره العظيمة، فلقيه إسماعيل بعساكره وقاتله ثم
تحصن بدولت آباد، واحتمى الحسن بعساكره بكلبركه ثم خرج منها وسار إلى دولت آباد
بعشرين ألف فارس وقاتل العساكر الشاهانية وظفر عليهم، فاتفق الناس عليه وألقى
إسماعيل فتح شاه زمام الحكومة بيده فاستقل بالملك.
وكان عادلاً كريماً صاحب عقل ودين مدبراً شجاعاً فاتكاً مقداماً، قبض على كل ما
فتحه الملوك الماضية من أرض دكن، وبعث عساكره إلى بلاد المعبر فقاتلوا أهلها وأخذوا
منهم مائتي ألف دينار وكثيراً من الجواهر الثمينة والفيلة، وهو أول ملوك الإسلام في الهند
استخدم الهنود لا سيما البراهمة في الأمور المالية والتحرير.
مات في غرة ربيع الأول سنة تسع وخمسين وسبعمائة، وكانت مدته إحدى عشرة سنة
وشهرين، كما في تاريخ فرشته.
جلال الدين الحسين بن أحمد البخاري
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة جلال الدين الحسين بن أحمد بن الحسين ابن علي
الحسيني البخاري الأجي أبو عبد الله.
كان مولده ليلة البراءة سنة سبع وسبعمائة بمدينة أج ونشأ بها وقرأ على القاضي بهاء
الدين الأجي من البداية إلى الهداية، ولما توفي القاضي إلى رحمة الله سبحانه سافر إلى
ملتان، فلقي بها الشيخ ركن الدين أبا الفتح الملتاني، فأمره الشيخ أن يقرأ على موسى
حفيده وعلى مجد الدين الملتاني، فقرأ عليهما سائر الكتب الدرسية في سنة كاملة، ثم عاد
إلى أج ورحل إلى الحرمين الشريفين وصحب الشيخ عفيف الدين عبد الله المطري بالمدينة
المنورة سنتين كاملتين وقرأ عليه العوارف.
ثم سافر إلى مصر والعراق وأدرك المشايخ الكبار وأخذ عنهم ولبس الخرق منهم، وحج
وزار غير مرة، وأول خرقة ألبسها خرقة أبيه الشيخ كبير الدين أحمد بن الحسين الأجي
وعمه الشيخ صدر الدين
محمد بن الحسين الأجي، كلاهما عن أبيهما الشيخ جلال الدين
الحسين بن علي البخاري، ثم لبس الخرقة من الشيخ ركن الدين أبي الفتح الملتاني، ولبس
من الشيخ عفيف الدين عبد الله المطري بالمدينة المنورة، ثم من الشيخ إمام الدين
الكاذروني الشيخ شرف الدين محمود ابن الحسين التستري المعمر سنة ثمان وأربعين
وسبعمائة، والشيخ حميد الدين محمد بن النجيب الحسيني السمرقندي والشيخ نصير الدين
محمود بن يحيى الأودي والشيخ شمس الدين محمد بن يحيى الأودي والشيخ قطب الدين
المنور الهانسوي وخلق آخرين من المشايخ الأجلة.
وكان عالماً بارعاً مجتهداً في الطاعات والخيرات متعبداً مرتاضاً فقيهاً محدثاً حنفياً في
الأصول والفروع، يفتي على مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله، ويعمل بالعزيمة ولا يتتبع
الرخص.
وله مختارات في المذهب، وكان يجوز القراءة خلف الإمام في الصلاة، كما في جامع العلوم،
وكان يجوز الصلاة على الغائب من الموتى، كما في الخزينة.
وكان رحمه الله متوقد الذهن جموم القريحة في نهاية من الفطنة وسرعة الخاطر وحلاوة
المنطق وعذوبة البيان وحسن الإنشاء وشرف الطبع وكرم الأخلاق، اشتغل عليه خلق
كثير من قاص ودان وتخرج عليه جماعات من الفضلاء، وقصدته الطلبة والمسترشدون
حتى صار علماً مفرداً في الهند، وانتهت إليه المشيخة، ولاه السلطان محمد شاه تغلق
مشيخة الإسلام في أرض السند وبايعه فيروز شاه، وهو قدم دهلي في عهده غير مرة، وله
خطب مبتكرة وإنشاءات بديعة وفوائد جمة.
ومن فوائده رحمه الله
إعلموا رحمكم الله تعالى أنه يلزم العبد المسلم في يوم وليلة خمسون فريضة في كتاب الله عز
وجل فمن يحفظها فهو عالم ومن لا يعلم هذه الفرائض فهو جاهل عاص مذموم ولا عذر له
عند الله تعالى يوم القيامة: أولها معرفة الله تعالى بالربوبية لقوله تعالى "وما خلقت الجن
والإنس إلا ليعبدون" معناه ليعرفون، والثاني: الإقرار بالوحدانية لقول الله تعالى "وإلهكم إله
واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم"، والثالث: الوفاء بالعهود لقوله تعالى "وأوفوا بعهدي
أوف بعهدكم" والرابع: الإخلاص بالعبودية لقوله تعالى "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له
الدين" وقوله "فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً،
والخامس: إطاعة الله تعالى والرسول لقوله تعالى "ومن يطع الرسول فقد أطاع الله"،
والسادس: الإيمان بوعد الله لقوله تعالى "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها"- إلى
قوله "في كتاب مبين"، والسابع: الرضا بما قسم الله تعالى، لقوله تعالى "نحن قسمنا بينهم
معيشتهم في الحيوة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات" الثامن: الحب في الله تعالى،
لقوله تعالى "لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله"، التاسع:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقوله تعالى "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض"،
العاشر: معرفة النفس ومحاربتها لقوله تعالى "إن النفس لأمارة بالسوء"، الحادي عشر:
محاربة الشيطان لقوله تعالى "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً"، الثاني عشر: الخوف
من الله والاستخفاء لقوله تعالى "يستخفون من الله وهو معهم"، وقوله تعالى "إنما ذلكم
الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين"، الثالث عشر: الدعاء من
الله تعالى، لقوله تعالى "يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون" خوفاً من عصيانه
وطمعاً في رحمته، الرابع عشر: الحذر من مكر الله لقوله تعالى "فلا يأمن مكر الله إلا القوم
الخاسرون"، الخامس عشر: أن لا يقنط من رحمة الله تعالى لقوله تعالى "لا تقنطوا من رحمة
الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم"، السادس عشر: ستر العورة لقوله
تعالى "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد"، والزينة ما يواري به العورة، السابع عشر:
طلب العلم لقوله تعالى "فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، الثامن عشر: الوضوء لقوله
تعالى "يأيها الذين أمنوا إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق
وامسحوا برؤسكم
وأرجلكم إلى الكعبين"، التاسع عشر: غسل الجنابة لقوله تعالى "وإن
كنتم جنباً فاطهروا" معناه فاغسلوا، العشرون: التيمم عند عدم الماء لقوله تعالى "فتيمموا
صعيداً طيباً" أي تراباً طاهراً، الحادي والعشرون الصلاة، لقوله تعالى "إن الصلاة كانت
على المؤمنين كتاباً موقوتاً" معناه فرضاً موقتاً، الثاني والعشرون: ذكر الله لقوله تعالى "يأيها
الذين أمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا"، الثالث والعشرون: أداء
الأمانات إلى أهلها، الرابع والعشرون: أن لا تحزن على ما فاتك لقوله تعالى "لكيلا تأسوا
على ما فاتكم"، الخامس والعشرون أن لا تسروا بالدنيا إذا أتتكم لقوله تعالى "ولا تفرحوا
بما آتاكم" السادس والعشرون: التفكر في قدرة الله تعالى لقوله تعالى: " ويتفكرون في خلق
السماوات والأرض"، السابع والعشرون: الاعتبار في المخلوقات والمقدورات لقوله تعالى
"فاعتبروا يا أولي الأبصار"، الثامن والعشرون: ترك إتباع النفس لقوله تعالى "ونهى النفس
عن الهوى"، التاسع والعشرون أن تعرف منة الله عليك بالإيمان لقوله تعالى "يمنون عليك أن
أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم"- إلى قوله تعالى "إن كنتم صادقين"، الثلاثون: أن تعلم
أنه معك في كل حال لقوله تعالى "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد"، الحادي والثلاثون أن لا
تريد العلو في الدنيا لقوله تعالى "تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا
فساداً والعاقبة للمتقين"، الثاني والثلاثون: الصدق لقوله تعالى "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا
قربى" أي فاصدقوا، الثالث والثلاثون: أكل الحلال لقوله تعالى "كلوا من طيبات ما
رزقناكم"، الرابع والثلاثون: حفظ الفرج لقوله تعالى "ويحفظوا فروجهم"، الخامس والثلاثون
حفظ الأذن من الباطل لقوله تعالى "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا"
السادس والثلاثون: اعتزال النساء في المحيض لقوله تعالى "فاعتزلوا النساء في المحيض"،
السابع والثلاثون: ترك الغيبة والتجسس لقوله تعالى "ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً
أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه"، الثامن والثلاثون: ترك السخرية لقوله
تعالى "يأيها الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء
عسى أن يكن خيراً منهن"، التاسع والثلاثون: ترك اللمز والألقاب لقوله تعالى "ولا تلمزوا
أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم
الظلمون"، الأربعون: التوكل على الله لقوله تعالى "فتوكلوا إن كنتم مؤمنين"، الحادي
والأربعون ترك سوء الظن لقوله تعالى "يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض
الظن إثم"، الثاني والأربعون: الرضا بما قضى الله لقوله تعالى "فاصبر لحكم ربك"، الثالث
والأربعون الصبر والتقوى لقوله تعالى "يأيها الذين آمنوا اصبوا وصابروا ورابطوا واتقوا الله
لعلكم تفلحون"، الرابع والأربعون: الشكر على نعمة الله لقوله تعالى "أن اشكر لي ولوالديك
إلى المصير"، الخامس والأربعون: أخذ الرهن في البيع والشراء لقوله تعالى "فرهان
مقبوضة"، السادس والأربعون: ترك الربوا لقوله تعالى "لا تأكلوا الربوا أضعافاً مضاعفة"
السابع والأربعون: أن يتقي الله لقوله تعالى "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي
الألباب"، الثامن والأربعون: العمل بالحجة لقوله تعالى "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"،
التاسع والأربعون الدعاء لقوله تعالى "أدعوني أستجب لكم"، الخمسون: الاستغفار لقوله
تعالى "واستغفروا ربكم"- انتهى.
ومن فوائده رحمه الله تعالى
قال الله تعالى: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة" إذا أراد
الله تعالى لعبد الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد يرزقه حسن الإحسان وصحة الاعتبار
وصدق الاعتبار وصدق الافتقار وهو ملاك الأمر، وعلامة الصدق صدق الإفتقار وهو أن
يكون أمام كل قول يقول وكل فعل يفعل يلتجئ إلى الله سبحانه ويستعين به، ولا يستبد بقليل
وكثير بنفسه دون الالتجاء والإستعانة، ولا يقول ولا يفعل إلا بنية يلقى الله تعالى بصحتها،
ويعلم العبد أن لله تعالى عباداً يسلك بهم طريق المقربين وهؤلاء قرة عينهم دوام الإقبال
على الله تعالى بقلبهم وإدامة
فعل الرضا بقالبهم، وذلك يكون جميع زمانهم إما في الصلاة
وإما في تلاوة القرآن وإما في الذكر، ولا يكون للبطالة إليهم سبيل، حظ نفسهم النوم فلهم فيه
إستراحة، والأكل بقدر الحاجة، ورعاية الاعتدال في النوم والأكل، وهؤلاء القوم يزهدون في
كثير من أبواب البر ويشغلهم ما يجدون في قلوبهم نقداً من الروح والأنس والتلذذ بمناجاة الله
تعالى والمعاملة معه عن الوعد بما يكون من الثواب على البر، وهؤلاء اشتغلوا بأبواب البر
مما يتعدى نفعه، والأصحاء منهم كانوا في حماية حسن النية، ومنهم من دخل في أبواب البر
بمتابعة هوى النفس، وربما اتسع الخرق عليه فما زال يلعب به الشيطان حتى قطع عليه
وقته وشغله بكثير مما لا يغنيه عما يغنيه، وخدع النفس كثير وشهواتها الخفية عن الوقوف
عليها، وصادق يستعين بالخلوة والعزلة على تبين ما يشتبه من أمره، قيل: أدنى الأدب
الوقوف عند الجهل، وغاية الأدب الوقوف عند الشبهة، والمعنى بالجهل ما يجهل هل هو
رضا الحق أم لا، والمعنى بالشبهة أنه يعلم رضا الله تعالى ولكن عنده فيه شبهة تريبه،
فيتوقف في الشيء حتى يبين له الرشد، ولا شيء يبين به الرشد كدوام الالتجاء والتضرع بين
يدي الله تعالى عز وجل، وإذا دعت النفس له إلى شيء ومالت إليه والعبد يقاومها والنفس
تأبى الاحتراز فليخرج إلى الصحراء ويخلو بربه ويمرغ خده في التراب ويضع التراب على
رأسه حتى يعينه الله على ترك ما يريب إلى ما لا يريب، ومبدأ الأمر صحة التوبة وتقييده
الجوارح من المناهي والمكاره قولاً وفعلاً، ثم تقييدها عما لا يعنيه، ثم بعد هذا صحة
الأمر في الزهد في الدنيا، وجواهر الزهد اليأس عن الخلق واستواء قبولهم وردهم، وعند
اليأس عن الخلق دوام الروم وصحة العبادة ووجدان اللذة فيها، ونعم المعين بعد العزلة خفة
المعدة وقيام الليل، فإذا استقام قلب العبد بالتقوى والزهد لا يتخلف قلبه عن لسانه في
الصلاة والأذكار ويمكنه الله تعالى من حسم مادة حديث النفس في الصلاة والتلاوة، وقال
بعضهم: أسوأ المعاصي حديث النفس في الصلاة والتلاوة، وقال بعضهم: من انتقل من نفس
إلى نفس من غير ذكر فقد ضيع حاله واشتغاله بما لا يعنيه وتركه ما يعنيه وقد قال الله
"ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين"، ويحفظ الصادق الجمعة
والجماعة وتكفيه من بركة المسلمين الحضور معهم في الجمعة والجماعة، ويبكر إلى الجامع
من طلوع الشمس، ويشتغل وقته بأنواع العبادات، ويحذر مجالسة الخلق إلا مع مفيد أو
مستفيد، فالمفيد من يسلك به طريق المقربين، والمستفيد من يسلك إلى قوة في الحال، ولكل
وجهة هو موليها، إلى غير ذلك.
وكانت له ثلاث زوجات، إحداهن بنت عمه محمد وولدها ناصر الدين محمود، ثانيتهن من
عشيرة السادة من أهل دهلي وولدها عبد الله، وثالثتهن كانت من العائلة الرومية وولدها
علي أكبر، كما في تذكرة السادة البخارية للسيد علي أصغر الكجراتي.
وكانت وفاته سنة خمس وثمانين وسبعمائة، كما في أخبار الأخيار.
الشيخ حسين بن محمد الكرماني
الشيخ العالم الصالح الحسين بن محمد بن محمود الحسيني الكرماني الشيخ قطب الدين
الدهلوي كان من الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، قرأ العلم على مولانا فخر الدين
الزرادي وأخذ الطريقة عن الشيخ الإمام المجاهد نظام الدين محمد البدايوني، وصحبه منذ
نعومة أظفاره إلى سن الكهولة وكان صاحبه وكاتبه، انتقل إلى ديوكير بأمر محمد شاه تغلق
في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، ولبث بها زماناً ثم رجع إلى مدينة دهلي، ومات بها بالفالج
في الحادي والعشرين من شعبان سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، كما في سير الأولياء.
الشيخ حسين بن عمر الغياث بوري
الشيخ العالم الصالح حسين بن عمر العريضي الغياث بوري أحد المشايخ الجشتية، ولد
بغياث بور سنة ثمان وستين وستمائة، وأخذ الطريقة عن الشيخ الإمام المجاهد نظام الدين
محمد البدايوني، وانتقل من دهلي إلى كجرات سنة اثنتين وسبعمائة، وسكن بمدينة فتن،
وعمره قارب ثلاثين ومائة سنة، له حاشية على هداية الفقه.
مات في غرة جمادي الأخرى سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، كما في مرآت أحمدي مع زيادة
يسيرة من كلزار أبرار.
مولانا حجة الدين الملتاني القديم
الشيخ العالم الكبير العلامة حجة الدين الملتاني القديم أحد العلماء البارعين في النحو
والعربية والفقه وأصوله، كان يدرس ويفيد بدار الملك دهلي في عهد السلطان علاء الدين
الخلجي، ذكره البرني في تاريخه.
قال الكرماني في سير الأولياء: إنه أخذ الطريقة عن الشيخ الإمام المجاهد نظام الدين محمد
البدايوني، وله منظومة في أسماء المشايخ الجشتية بالعربية- انتهى.
مولانا حسام الدين الساوي
الشيخ العلامة حسام الدين الساوي أحد الأساتذة المشهورين ببلدة دهلي في عهد
السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، كان يدرس ويفيد، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا حسام الدين سرخ
الشيخ العالم الكبير حسام الدين الدهلوي أحد العلماء المشهورين في الفقه والأصول
والعربية، كان يدرس ويفيد ببلدة دهلي في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي،
ذكره البرني في تاريخه.
مولانا حماد الدين الكاشاني
الشيخ العالم الفقيه حماد الدين بن عماد الدين الحنفي الصوفي الكاشاني أحد المشايخ
الجشتية، قرأ العلم على الشيخ زين الدين داؤد بن الحسين الشيرازي، ثم أخذ الطريقة عن
الشيخ برهان الدين محمد بن الناصر الهانسوي ولازمه مدة حياته وجمع ملفوظاته في كتابه
أحسن الأقوال فرغ من تصنيفه في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، مات بدولت آباد ولم أظفر
بتاريخ وفاته غير أن مجلس ذكر وفاته يجتمع في الثالث عشر من شهر صفر، فلعله مات في
هذا اليوم من هذا الشهر.
مولانا حميد الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير حميد الدين البياني الدهلوي أحد العلماء المشهورين في عصره، كان
يدرس ويفيد بدار الملك دهلي في عصر السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، ذكره
البرني في تاريخه.
الشيخ حميد الدين القلندري الدهلوي
الشيخ الفاضل حميد الدين بن تاج الدين القلندري الدهلوي أحد المشايخ الجشتية، أدرك
الشيخ الامام نظام الدين محمداً البدايوني وبايعه ولما توفي الشيخ لازم الشيخ برهان الدين
محمد بن الناصر الهانسوي وجمع ملفوظاته في كتاب، ثم صحب الشيخ نصير الدين محمود
الأودي ولازمه إلى وفاته وجمع ملفوظاته في كتابه خير المجالس وهو متداول في أيدي الناس،
فرغ من تصنيفه في سنة ستين وسبعمائة.
وكانت وفاته في سنة ثمان وستين وسبعمائة، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ حميد الدين الهنكاري
الشيخ الصالح حميد الدين أبو حاكم بن بهاء الدين الحارثي القرشي الهنكاري كان من
نسل أبي سفيان بن الحارث القرشي رضي الله تعالى عنه، أخذ الطريقة عن الشيخ ركن
الدين أبي الفتح الملتاني ولازمه زماناً، وكان صالحاً تقياً زاهداً متوكلاً، أخذ عنه خلق
كثير.
مات لثمان ليال بقين من ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، كما في خزينة الأصفياء.
حرف الخاء
خسرو بن سيف الدين الدهلوي
الشيخ الامام الفاضل خسرو بن سيف الدين محمود البخاري الدهلوي أشهر مشاهير
الشعراء في الهند، لم يكن له نظير في العلم والمعرفة والشعر والموسيقى وفنون أخر قبله ولا
بعده.
ولد سنة إحدى وخمسين وستمائة في بنيالي،
ونشأ بدار الملك دهلي، وتنبل في أيام
السلطان غياث الدين بلبن ولم يزل ملازماً للجد والاجتهاد في التحصيل والتضلع في العلوم
حتى بلغ الغاية وتفرد بالشعر والموسيقى والبلاغة وغيرها من العلوم، وكانت له فيها معرفة
تامة، ثم مال إلى مذهب الصوفية وسلوك طريقتهم، فبايع الشيخ الامام المجاهد نظام الدين
محمد بن أحمد البدايوني، وكان قد نال حظاً وافراً من تقرب الملوك والأمراء ونال منهم من
الصلات والجوائز لم ينلها أحد وإنك لا تكاد تسمع من يدانيه في الشعر ويجاريه في البلاغة،
اخترع أنواعاً من البديع، منها أبو قلمون، وهو في اللغة ثوب رومي يتلون ألواناً، وفي
الإصطلاح عبارة واحدة تؤدي معناها في لغتين أو أكثر، وهو يرجع إلى التورية المركبة من
الألسنة المختلفة، وذلك الإسم من مخترعات السيد غلام علي البلكرامي صاحب سبحة
المرجان، ومنها ذو الوجهين، وهو أن يرتب المتكلم كلاماً يصح معناه بالعربية والفارسية
بالتصحيف والتحريف، ومنها قلب السانين، وهو أن يرتب المتكلم كلاماً عربياً إذا قلب
يكون كلاماً فارسياً أو كلاماً فارسياً إذا قلب يكون كلاماً عربياً.
ومن مخترعاته في الموسيقى أغان كثيرة منها القول وترانه وخيال ونقش ونكار وبسيط
وتلانه وسوهله وله تصرفات عجيبة في الأغاني القديمة لا يحتملها هذا المختصر.
وأما مصنفاته فهي كثيرة ممتعة، منها إعجاز خسروي في البدائع ومحسنات الكلام في ثلاثة
مجلدات، فرغ من تصنيفه سنة تسع عشرة وسبعمائة، ومنها أفضل الفوائد جمع فيه
ملفوظات شيخه نظام الدين المذكور، وله خمسة دواوين في الشعر الفارسي تحفة الصغر
ووسط الحياة وغرة الكمال والبقية النقية ونهاية الكمال وله خمس مزدوجات عارض بها
خمسة الشيخ نظامي الكنجوي: الأولى مطلع الأنوار والثانية شيرين خسرو والثالثة ليلى
مجنون والرابعة آئينة إسكندري والخامسة هشت بهشت، نسخ خمستها في سنتين، وفيها
ثمانية عشر ألف بيت.
ومن مصنفاته قران السعدين وهي أول مزدوجة صنفها في سنة ثمان وثمانين وستمائة في
لقاء كيقباد وأبيه بغراخان. ومنها تاج الفتوح مزدوجة في غزوات السلطان جلال الدين
الخلجي، ومنها خزائن الفتوح مزدوجة في فتوح السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي،
ومنها نه سبهر صنفها باسم السلطان قطب الدين مبارك شاه الخلجي، ومنها ديول راني
خضر خان وهي المزدوجة الغرامية في أخبار خضر خان بن علاء الدين الخلجي
وعشيقته ديول راني، ومنها تغلق نامه في غزوات غياث الدين تغلق، وأبياته في تلك
المصنفات يربو عددها على أربعمائة ألف، كما في مرآة الخيال.
وكان ممن تفرد في علم الأدب والشعر، واشتهر أمره في حياته حتى بلغ صيته إلى أقصى
إيران، وسارت بمصنفاته الركبان، فلما أراد محمد بن غياث الدين الشهيد أن يستقدم الشيخ
سعدي المصلح الشيرازي إلى الهند اعتذر لكبر سنه وأوصاه بأن يرشح الأمير خسرو
ويربيه، فإن عليه لائحة الرشد والتمييز.
قال القاضي ضياء الدين البرني في تاريخه: إنه كان ملك ملوك الشعراء من السلف إلى
الخلف، لم يكن له نظير في اختراع المعاني وكشف الرموز الغريبة وكثرة المصنفات، فإن كان
بعض الشعراء متفردين في فن أو فنين فإنه كان متفرداً في جميع الفنون الشعرية، قال: ومع
ذلك الفضل والكمال كان صوفياً مستقيم الحال، صرف أكثر عمره في الصيام والتعبد
والتلاوة، وكان صاحب وجد وحالة ماهراً في علم الموسيقى عالماً وعملاً، انتهى.
ومن شعره قوله:
ذاب الفؤاد وسال من عيني الدم وحكى الدوامع كل ما أنا أكتم
وإذا أبحت لدى الورى كرب النوى تبكي الأحبة والأعادي ترحم
يا عاذل العشاق دعني باكياً إن السكون على المحب محرم
من بات مثلي فهو يدري حالتي طول الليالي كيف بات متيم
وله بالفارسية:
إيوان مراد بس بلند است آنجا بهوس رسيد نتوان
اين شربت عاشقي است خسرو بي خون جكر جشيد نتوان
كانت وفاته ليلة الجمعة في الثامن عشر من شوال سنة خمس وعشرين وسبعمائة وله أربع
وسبعون سنة، وقبره بدهلي في مقبرة شيخه نظام الدين رحمه الله تعالى.
السيد خضر الرومي
السيد خضر الرومي المعمر ثلاثمائة وخمسين سنة كان من أئمة الطائفة القلندرية، أخذ
الطريقة من الشيخ عبد العزيز عبد الله علمبردار المكي المعمر ستمائة سنة بعد النبي صلى
الله عليه وسلم، وساح المعمورة ودخل الهند فلبس الخرقة الجشتية من الشيخ قطب الدين
بختيار الكعكي بمدينة دهلي، ثم سافر إلى بلاد أخرى، أخذ عنه نجم الدين بن نظام الدين
الحسيني الدهلوي وخلق آخرون، قال الشيخ حسين القلندر في الغوثية: فلما مضت له مدة
طويلة في السفر وطوف الأراضي قدم الهند مرة أخرى ومات بها، ومدة عمره مائة وتسعون
سنة، وفي الفصول المسعودية: إن عمره ناهز ثلاثمائة وخمسين سنة خمسين وسبعمائة.
خواجه خطير بن أشرف النخشبي
السيد الشريف خطير بن أشرف بن أسد الله بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن أحمد
بن الشيخ قطب الدين المودود الحسيني الجشتي كان من الرجال المعروفين بالفضل والصلاح،
قدم الهند وناب الوزارة في عهد غياث الدين بلبن، ونال الوزارة في عهد السلطان معز الدين
كيقباد، ثم حسده نظام الدين وكيل در، فاتهمه بموافقته لكيخسرو فأركبه على الحمار
وأجلاه من دهلي مع الذل والهوان، ثم لما قام بالملك جلال الدين فيروز شاه الخلجي
استوزره ورفع مكانه، ثم لما قام بعده ابن أخيه علاء الدين محمد شاه الخلجي اجتباه
للوزارة فاستقل بها عشرين سنة، وكان غياث الدين تغلق شاه يعظمه تعظيماً بالغاً ويأمره
بالجلوس بين يديه، وكان يستشيره في مهمات الأمور.
حرف الدال
الشيخ دانيال بن الحسن الستركي
الشيخ العالم الصالح دانيال بن الحسن بن الفضل بن عبد الله بن العباس بن يحيى بن الفضل
بن محمد بن الفضل بن عبد الله بن العباس العباسي العلوي الستركي أحد العلماء المبرزين
في الفقه والأصول والعربية.
ولد ونشأ بستركه- بفتح السين المهملة وسكون التاء الفوقية وكسر الراء- كانت مدينة
كبيرة بأرض أوده، واليوم قرية من أعمال لكهنؤ، وسافر إلى بيانه، فقرأ العلم على القاضي
عبد الله البيانوي، ثم تزوج بابنته العفيفة، ثم رحل إلى دهلي وأخذ الطريقة عن الشيخ
نصير الدين محمود الأودي، وصحبه مدة من الزمان حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة،
ثم رجع إلى بيانه واستصحب زوجته معه وسافر إلى بلدته ستركه، فقتل بأيدي قطاع
الطريق يوم كاد يصل إلى بلدته، وكان ذلك في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، فنقلوا جسده
إلى ستركه ودفنوه بها، كما في البحر الزخار.
الشيخ داود بن الحسين الشيرازي
الشيخ العارف الكبير الزاهد زين الدين داود بن الحسين بن محمود بن محمد الشيرازي
أحد مشاهير الأولياء، ولد بشيراز في سنة إحدى وسبعمائة، واشتغل بالعلم من صغر
سنه، وسافر إلى الحرمين
الشريفين، فحج وزار ودخل الهند ولازم الشيخ كمال الدين
السامانوي، وقرأ عليه العلم وحفظ القرآن وبرع في الفقه والأصول والعربية، ثم سار إلى
دولت آباد مع شيخه كمال الدين المذكور فسكن بها ودرس وأفاد مدة من الزمان.
وكان شديد التعصب على الصوفية، يشنع عليهم وينكر الغناء والتواجد ويطعن على
الشيخ برهان الدين محمد بن الناصر الهانسوي، فكلفه الشيخ ركن الدين الكاشاني
صاحب نفائس الأنفاس أن يزوره مرة، فحضر في مجلسه وعرض عليه بعض المسائل الدقيقة
ليختبره في العلم، فأجاب الشيخ برهان الدين المذكور بما يشفي العليل ويروي الغليل، فخضع
له وبايع على يده الكريمة، وكان ذلك في سنة ست وثلاثين وسبعمائة، ثم لازمه مجداً في
أذكار القوم وأشغالهم، ففتحت عليه أبواب المعرفة، فاستخلفه الشيخ في سنة سبع وثلاثين
وسبعمائة، ثم قام مقامه في الإرشاد وجلس على مشيخته بعده في سنة ثمان وثلاثين
وسبعمائة، واستقام على الطريقة مع انقطاعه إلى الزهد والعبادة والاشتغال بالله سبحانه
ودعاء الخلق إليه، أخذ عنه خلق كثير ممن لا يحصون بحد وعد، وخضع له الملوك ومصر
باسمه نصير خان الفاروقي صاحب خانديس بلدة زين آباد، وباسم شيخه مدينة برهان
بور.
وكانت وفاته يوم الأحد الخامس والعشرين من ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وسبعمائة،
ودفن بالروضة عند شيخه، وقبره يزار ويتبرك به، كما في روضة الأولياء للسيد غلام علي
البلكرامي.
حرف الراء المهملة
القاضي ركن الدين الكروي
السيد الشريف القاضي ركن الدين بن نظام الدين بن قطب الدين الحسني الحسيني الكروي
أحد أئمة العصر وحامل لواء الفخر، توفي والده في صغر سنه، فتربى في مهد جده، وقرأ
العلم على عمه قوام الدين محمود الدهلوي، ثم ولي القضاء بمدينة كره بعد ما عزل عمه تاج
الدين ونقل إلى بدايون.
وكان شيخاً جليلاً وقوراً عظيم الهيبة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويهابه خواجه
كرك الله الأبدال ويستر عورته إذا رآه، كما في ملفوظات الأبدال المذكور.
قال القاضي ضياء الدين البرني في تاريخه: إنه كان جامعاً للفضائل، صاحب وجد وحالة،
ذا كشوف وكرامات، لم ير له نظير في زمانه في الترك والتجريد والإعطاء والإيثار، قال: وإني
تشرفت بزيارته وقبلت رجليه، ما رأيت مثل ما رزقه الله من الأوصاف السنية والمهابة
الجلية، انتهى.
الشيخ ركن الدين الكاشاني
الشيخ الفاضل ركن الدين بن عماد الدين الكاشاني أحد المشايخ المشهورين في عصره، قرأ
العلم على الشيخ زين الدين داود بن الحسين الشيرازي، وأخذ الطريقة عن الشيخ برهان
الدين محمد بن الناصر الهانسوي ولازمه مدة حياته.
له نفائس الأنفاس كتاب في ملفوظات شيخه محمد بن الناصر، وله شمائل الأتقياء كتاب
مشتمل على أربعة أبواب: الأول في أفعال أصحاب الطريقة، والثاني في أحوال أرباب
الحقيقة، والثالث في محامد الله سبحانه ونعوت النبي صلى الله عليه وسلم، والرابع في
غوامض الحقائق المتنوعة، أوله: ستائس بي عد مانند شيم وشمائل، الخ، صنفه بعد كتابه
نفائس الأنفاس.
وكانت وفاته ببلدة دولت آباد.
القاضي ركن الدين الكاشاني
الشيخ العالم الفقيه ركن الدين بن جلال الدين بن قطب الدين الكاشاني الملتاني كان من
أكابر الفقهاء الحنفية، تولى القضاء ببلدة كوئل- بضم الكاف- وبقيت تلك الوظيفة في
أولاده إلى انقراض الدولة الإسلامية، كما في أخبار الجمال.
مولانا ركن الدين السنامي
الشيخ الفاضل الكبير ركن الدين الحنفي السنامي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، لم يزل يشتغل بالدرس والإفادة في عهد السلطان علاء
الدين محمد شاه الخلجي،
ذكره البرني في تاريخه.
مولانا ركن الدين الإندربتي
الشيخ الفاضل الكبير ركن الدين الإندربتي أحد العلماء البارعين في العلوم العربية، قرأ العلم
على الشيخ فخر الدين الزرادي، وقرأ عليه الشيخ محمد بن المبارك الحسيني الكرماني
والشيخ سراج الدين عثمان الأودي وخلق آخرون، كما في سير الأولياء.
الشيخ ركن الدين الظفر آبادي
الشيخ الصالح الفقيه ركن الدين بن صدر الدين أبو الفتح القرشي الملتاني ثم الظفر آبادي
أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والتصوف، كان ممن يشار إليه في استحضار المسائل
الجزئية، وله كعب عال في حقائق التوحيد والمعرفة، درس وأفاد مدة من الزمان ثم ترك
البحث والإشتغال، وأخذ الطريقة السهروردية عن والده ولازمه ملازمة طويلة حتى نال
حظاً وافراً من المعارف الإلهية، وتولى المشيخة بعد أبيه، أخذ عنه ولده شمس الدين، توفي
لتسع خلون من المحرم سنة ست وتسعين وسبعمائة، فدفن عند أبيه، كما في الانتصاح.
مولانا ركن الدين البدايوني
الشيخ الإمام العالم الكبير ركن الدين البدايوني أحد الفقهاء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، تفقه على الشيخ أبي القاسم التنوخي، وتفقه التنوخي على حميد الدين الضرير،
والضرير على الكردري، والكردري على صاحب الهداية. وتفقه عليه سراج الدين أبو
حفص عمر بن إسحاق بن أحمد الغزنوي، كما في الفوائد البهية.
مولانا ركن الدين البهاري
الشيخ الصالح ركن الدين البهاري أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ شرف الدين
أحمد بن يحيى المنيري، وسافر إلى الحرمين الشريفين، فحج وزار ورجع إلى الهند، وصنف
له شرف الدين فوائد ركني رسالة مبسوطة في الحقائق.
حرف الزاي المعجمة
زاهد بن محمد البهاري
الشيخ الصالح زاهد بن محمد بن نظام القاضي زاهد البهاري أحد رجال الطريقة، أخذ
عن الشيخ شرف الدين أحمد بن يحيى المنيري ولازمه، وسأله عن بعض المسائل في
الحقائق، فأجابه في مختصر مضبوط وسماه الأجوبة، كما في سيرة الشرف.
مولانا زين الدين الديوي
الشيخ الفاضل زين الدين الديوي أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث، أهدى إلى الشيخ
شرف الدين أحمد بن يحيى المنيري صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري ولقيه بمدينة
بهار، كما في سيرة الشرف.
الشيخ زين الدين الأودي
الشيخ العالم الفقيه زين الدين بن عبد الرحمن العمري الكابلي الدهلوي ثم الأودي، كان ابن
أخت الشيخ نصير الدين محمود الأودي، ولد بأرض أوده واشتغل بالعلم على أساتذة
عصره، ثم أخذ الطريقة عن خاله المذكور، وله أعقاب كثيرة في بلدة أميتهي، كما في البحر
الزخار.
القاضي زين الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير القاضي زين الدين الناقلة الحنفي الدهلوي، أحد الأساتذة
المشهورين بدار الملك دهلي في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، ذكره البرني
في تاريخه.
القاضي زين الدين الكواليري
الشيخ الفقيه القاضي زين الدين المبارك الكواليري كان قاضياً ببلدة كواليار في عهد
السلطان قطب الدين مبارك شاه الخلجي، لقيه محمد بن بطوطة المغربي الرحالة وذكره في
كتابه.
الخواجه زكي الدين المقرئ
الشيخ العالم المجود زكي الدين المقرئ الدهلوي
أحد الأساتذة المشهورين بدار الملك دهلي
في القراءة والتجويد، وكان ابن أخت الوزير حسن بن أبي الحسن البصري، ذكره البرني في
تاريخه.
حرف السين المهملة
سيف الدين غدا أمير عرب الشام
الأمير سيف الدين غدا بن هبة الله بن مهنأ أمير عرب الشام، قدم الهند علي محمد شاه
تغلق سلطان الهند فأكرم مثواه وأنزله بكوشك لعل قصر السلطان جلال الدين الخلجي
بمدينة دهلي، وأجزل له العطاء وأحسن إليه إحساناً عظيماً، وأعطاه مرة أحد عشر فرساً
من عتاق الخيل ومرة أخرى عشرة من الخيل مسرجة بالسروج المذهبة عليها اللجم
المذهبة، ثم زوجه بعد ذلك بأخته فيروز خاتون، ولما كان بعد عشرين يوماً من زفافه اتفق
أنه وصل إلى دار السلطان فأراد الدخول، فمنعه كبير الخواص من البوابين فلم يسمع منه،
فأمسك البواب بتلابيبه ورده، فضربه الأمير بعضاً كانت هنالك فأدماه، وكان هذا
المضروب من كبار الأمراء يعرف أبوه بقاضي غزنة وهو من ذرية السلطان محمود بن
سبكتكين الغزنوي والسلطان يخاطبه بالأب ويخاطب ابنه هذا بالأخ فدخل على السلطان
وأخبره بما صنع الأمير، فقال: القاضي يفصل بينكما، فقال القاضي كمال الدين للأمير: أنت
ضربته؟ أو قل: لا- يقصد أن يعلمه الحجة- فقال سيف الدين: أنا ضربته، وأتى والد
المضروب فرام الإصلاح بينهما فلم يقبل سيف الدين، فأمر القاضي بسجنه تلك الليلة،
وتخلص الأمير غداً عند الظهر من سجنه، فأظهر السلطان إهماله وأضرب عما كان أمر له
بولايته وأراد نفيه، فجاء النقباء ليخرجوه فأراد دخول داره ووداع أهله فترادف النقباء في
طلبه فخرج باكياً، وتوجه محمد بن بطوطة المغربي حين ذلك إلى دار السلطان فبات بها
فسأله بعض الأمراء عن مبيته فقال له: جئت لأتكلم في الأمير سيف الدين حتى يرد ولا
ينفي، فقال: لا يكون، فقال: والله! لأبيتن بدار السلطان ولو بلغ مبيتي مائة ليلة حتى يرد،
فبلغ ذلك السلطان فأمر برده وأمره أن يكون في خدمة الأمير قبولة اللاهوري، فأقام أربعة
أعوام في خدمته يركب بركوبه ويسافر بسفره حتى تأدب وتهذب، ثم أعاده السلطان إلى ما
كان عليه أولاً وأقطعه البلاد وقدمه على العساكر ورفع قدره، ذكره ابن بطوطة في كتابه.
مولانا سعد الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير العلامة سعد الدين المنطقي الدهلوي أحد العلماء المبرزين في
المنطق والحكمة، قربه جلال الدين فيروز شاه الخلجي إلى نفسه وولاه الإمارة فأقطعه أرضاً
خراجية، وأعطاه العلم والطبل، وجعله قوربيكي فصار من ندمائه، وتقرب إلى غياث الدين
تغلق ثم إلى ولده محمد شاه تغلق، وكان محمد شاه يذاكره في العلوم.
القاضي سماء الدين الدهلوي
الشيخ العالم الفقيه القاضي سماء الدين الحنفي الدهلوي العالم المشهور في عصره، ولي
القضاء بمدينة دهلي في عهد السلطان غياث الدين تغلق، ذكره القاضي ضياء الدين البرني
في تاريخه.
مولانا سراج الدين الثقفي
الشيخ الإمام العلامة سراج الدين الثقفي الدهلوي أحد الفقهاء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، تفقه على الشيخ أبي القاسم التنوخي، وتفقه التنوخي على حميد الدين الضرير،
والضرير على الكردري، والكردري على صاحب الهداية، وتفقه عليه سراج الدين أبو
حفص عمر بن إسحاق بن أحمد الغزنوي، كما في الفوائد البهية.
الشيخ سعيد الدين القندهاري
الشيخ العالم الفقيه الزاهد سعيد الدين بن نجم الدين إبراهيم بن محمد بن عبد السميع بن
شمسان بن علي السكران بن السيد أحمد الكبير القطب الرفاعي القندهاري أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ عن والده عن سيف الدين علي عن شمس الدين عن أبيه
نجم الدين عبد الرحيم عن أبيه تاج الدين محمد عن خاله نجم الدين أحمد بن علي عن
قطب الدين أبي الحسن علي بن عبد الرحيم عن أخيه شمس الدين محمد عن عمه محي
الدين إبراهيم بن علي
الأعزب عن عمه مهذب الدين عبد الرحيم عن أخيه سيف الدين
علي بن عثمان عن خاله السيد أحمد الكبير الرفاعي، قدم الهند وسكن بقندهار قرية من
أعمال ناندير من أعمال دكن، ومات بها في السابع عشر من رجب سنة ست وثلاثين
وسبعمائة كما في مهر جهانتاب.
الشيخ سليمان بن أحمد الملتاني
الشيخ الفاضل الكبير العلامة سليمان بن أحمد بن زكريا القرشي الإمام علم الدين الملتاني،
كان من العلماء المبرزين في الفقه والأصول والحديث والعربية، ولد ونشأ بمدينة ملتان، وسافر
إلى الحرمين الشريفين والقدس وبغداد وغيرها من بلاد العراق، فحج وزار وأخذ العلم عن
عصابة العلوم الفاضلة، ثم رجع إلى الهند ودخل دهلي في أيام غياث الدين تغلق شاه
فحكمه السلطان فيما بين الشيخ نظام الدين البدايوني والقاضي جلال الدين الولوالجي في أمر
السماع، فقضى الشيخ باباحته، وله رسالة مستقلة في تلك المسألة، كما في سير الأولياء وله
رسالة في فضل الأذكار طالعتها في خزينة الفوائد.
القاضي سماء الدين البجنوري
الشيخ الصالح الفقيه سماء الدين بن فخر الدين بن ركن الدين الصديقي البجنوري أحد
المشايخ الجشتية، ولد بقرية بجنور ونشأ بها في مهد العلم والمشيخة، وأخذ عن الشيخ زين
الدين بن أخت الشيخ نصير الدين محمود الأودي، ثم سافر إلى الحجاز فجد وزار ولبس
الخرقة من الشيخ قطب الدين المكي، ولبس من الشيخ جلال الدين حسين بن أحمد
الحسيني البخاري الأجي، وكان صاحب وجد وحالة، غشى عليه في السماع فلم يفق
حتى مات بمدينة لكهنؤ لثمان بقين من ربيع الأول سنة ست وسبعين وسبعمائة، وقبره
بلكهنؤ، كما في تذكرة الأصفياء.
حرف الشين المعجمة
شاه مرزا الكشميري
الملك المؤيد شمس الدين شاه مرزا بن الطاهر الكشميري مؤسس الدولة الإسلامية بأرض
كشمير، قيل إنه كان من نسل أرجن عظيم الوثنيين، رحل أحد أسلافه إلى خراسان فأسلم
بها، ثم قدم شاه مرزا إلى الهند ودخل كشمير سنة خمس عشرة وسبعمائة في أيام سيه ديو
ملك كشمير، فخدمه مدة من الزمان، ولما توفي الملك المذكور وولي الملك ولده رنجن ديو
جعله وزيراً له وأستاذاً خاصاً لولده جندر، ولما توفي رنجن وملك بعده أودن ديو وكان من
ذوي قرابته اجتباه للوزارة وجعله وكيلاً مطلقاً له في مهمات الدولة، وولي أبناء شاه مرزا
على أقطاع فاستقلوا بها، فتوهم أودن ديو سوء نيته من استقلالهم ومنعهم أن يدخلوا
عليه، فذهب شاه مرزا وأبناؤه إلى أقطاعهم وأخذوا في تكثير العدة والعدد، ولم يزل كذلك
حتى مات أودن ديو وقامت بالملك صاحبته، فتزوجت بشاه مرزا وأسلمت ودبرت الحيلة
لدفعه، فلما عرف ذلك شاه مرزا قبض عليها وجعلها محبوسة، ثم أقام له الخطبة، ولقب
نفسه شمس الدين سنة أربع وأربعين وسبعمائة وأحسن إلى الناس، وبذل جهده في تعمير
البلاد وتكثير الزراعة، وأبطل ما كان فيها من المكوس، وأمر أن يؤخذ السدس منهم على
وجه الخراج.
وكان عادلاً كريماً محباً لأهل العلم محسناً إلى عامة الناس، وكان ذا عقل ودين وسياسة،
أصلح الطرق والشوارع وساس المفسدين وقطاع السبل حتى ظلت الدولة آمنة مطمئنة، ثم
اعتزل عن الناس لكبر سنه وولي مكانه ولده جمشيد سنة سبع وأربعين.
وكانت وفاته في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وكانت مدته ثلاث سنين وخمسة أشهر.
الشيخ شرف الدين الحسيني الكشميري
الشيخ الصالح شرف الدين الحسيني الكشميري أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح،
قدم كشمير في سنة خمس وعشرين وسبعمائة، فأسلم على يده رنجن ديو ملك كشمير فلقبه
صدر الدين، وأسلم على يده خلق كثير من أهل كشمير وبنى له صدر الدين المذكور
خانقاه على نهر البهت ورباطاً عنده ومسجداً
ووقف عليها قرى عديدة، وكانت وفاته
سنة سبع وعشرين وسبعمائة كشمير فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.
القاضي شرف الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل العلامة شرف الدين الرهاهي الدهلوي أحد العلماء المبرزين في الفقه
والأصول والعربية، كان يدرس ويفيد بدهلي في أيام السلطان علاء الدين الخلجي، ذكره
البرني في تاريخه.
الشيخ شرف الدين الحسيني الأمروهي
الشيخ الكبير شرف الدين بن علي بن مرتضى بن أبي المعالي بن أبي الفرج الصيداوي
الواسطي ابن داؤد بن الحسين بن علي بن هارون بن جعفر المشهور بالكذاب الحسيني
النقوي الأمروهي أحد الأولياء المشهورين، ولد بقرية سهودره من أعمال لاهور، وسافر
للعلم وأدرك المشايخ ولازمهم زماناً، ثم دخل أمروهه وسكن بها.
وكان شيخاً كبيراً مجاهداً مرتاضاً يذكر له مكاشفات وكرامات، مات بأمروهه لتسع ليال
بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، وقبره مشهور ظاهر يزار ويتبرك به، كما في
نخبة التواريخ.
الشيخ شمس الدين التركماني
الشيخ الكبير شمس الدين بن أحمد بن عبد المؤمن التركماني الباني بتي، كان من نسل
خواجه أحمد العلوي اليسوي، يرجع نسبه إلى محمد بن الحنفية رحمه الله.
أخذ العلم عن أهله في تركستان، ثم ساح البلاد وأدرك المشايخ الكبار في ما وراء النهر،
ثم دخل الهند وأخذ الطريقة عن الشيخ علاء الدين على الصابر الكليري، وصحبه مدة
طويلة وأوصاه الشيخ أن يرحل بعد وفاته إلى باني بت ويسكن بها، فلما توفي الشيخ إلى
رحمة الله سبحانه سار إلى تلك البلدة وعكف بها على الإرشاد والهداية، أخذ عنه
الشيخ جلال الدين محمود العثماني.
وكانت وفاته في عاشر جمادي الآخرة سنة ست عشرة وسبعمائة، كما في سير الأقطاب.
الشيخ شمس الدين الكوئلي
الشيخ الصالح شمس الدين بن تاج العارفين الكوئلي أحد المنقطعين إلى الزهد والعبادة،
ذكره الشيخ ابن بطوطة المغربي في كتابه وقال: إنه كان كبير القدر، ولما دخل محمد شاه
تغلق إلى مدينة كوئل فبعث في طلبه فلم يأته، فذهب السلطان إليه ثم لما قارب منزله
انصرف ولم يره، واتفق بعد ذلك أن أميراً من الأمراء خرج على السلطان ببعض الجهات
وبايعه الناس، فنقل للسلطان أنه وقع ذكر هذا الأمير بمجلس الشيخ شمس الدين فأثنى عليه
وقال: إنه يصلح للملك، فبعث السلطان بعض الأمراء إلى الشيخ، فقيده وقيد أولاده وقيد
قاضي كوئل ومحتسبها لأنه ذكر أنهما كانا حاضرين في المجلس الذي وقع فيه ثناء الشيخ
على الأمير المخالف، وأمر بهم فسجنوا جميعاً بعد أن سمل عيني القاضي وعيني
المحتسب، ومات الشيخ بالسجن، وكان القاضي والمحتسب يخرجان مع بعض السجانين
فيسألان الناس ثم يردان إلى السجن، وكان قد بلغ السلطان أن أولاد الشيخ كانوا يخالطون
الكفار وعصاتهم ويصحبونهم، فلما مات أبوهم أخرجهم من السجن وقال: لا تعودوا إلى
ما كنتم تفعلون، فقالوا: وما فعلنا، فاغتاظ من ذلك وأمر بقتلهم فقتلوا، ثم استحضر
القاضي المذكور فسأله عمن كان يرى رأى هؤلاء الذين قتلوا ويفعل مثل أفعالهم، فأملى
أسماء رجال كثيرين من كفار البلد، فلما عرض ما أملاه على السلطان قال: هذا يجب أن
يخرب البلد اضربوا عنقه، فضرب عنقه، انتهى.
مولانا شمس الدين الباخرزي
الشيخ الفاضل الكبير شمس الدين الباخرزي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، وكان يدرس ويفيد بدار الملك دهلي في عهد فيروز شاه السلطان وفيما قبله من
الملوك، كما في تاريخ فرشته.
مولانا شمس الدين الكاذروني
الشيخ الفاضل الكبير العلامة شمس الدين الكاذروني أحد الأساتذة المشهورين بدار الملك
دهلي في عهد السلطان علاء الدين الخلجي، كان يدرس ويفيد، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا شمس الدين الدمشقي
الشيخ الفاضل شمس الدين الدمشقي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والتصوف،
لازم الشيخ شرف الدين أحمد بن يحيى المنيري وأخذ عنه، وكتب إليه شرف الدين رسائل
في الحقائق والمواجيد وبعثها إليه، وكن يسكن بمدينة بهار، وتولى القضاء بها مدة، كما في
سيرة الشرف.
مولانا شمس الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل شمس الدين بن محمد بن محمود الحسيني الكرماني أحد رجال العلم
والطريقة، أخذ عن الشيخ نظام الدين محمد بن أحمد البدايوني، مات في شبابه بديوكير سنة
اثنتين وثلاثين وسبعمائة، كما في مهر جهانتاب.
مولانا شمس الدين تم
الشيخ الفاضل العلامة شمس الدين الدهلوي أحد العلماء المشهورين في عهد السلطان
علاء الدين محمد شاه الخلجي، كان يدرس ويفيد بدار الملك دهلي، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا شمس الدين السنامي
الشيخ الفاضل شمس الدين السنامي الدبير كان من العلماء المبرزين في الإنشاء وقرض
الشعر، قرأ اللوائح على القاضي حميد الدين الناكوري، وأخذ الطريقة عن الشيخ فريد الدين
مسعود الأجودهني، وكان متولياً بديوان الإنشاء في عهد السلطان ناصر الدين محمود بن
الإيلتمش، وله قصائد غراء في مديحه، ولما قام بالملك السلطان غياث الدين بلبن بعثه إلى
بنكاله مع ولده بغراخان وولاه على ديوان الإنشاء بها.
وكان شاعراً بليغاً مجيد الشعر، اعترف بفضله الأمير خسرو بن سيف الدين الدهلوي في
فاتحة غرة الكمال وخاتمة هشت بهشت وافتخر بتحسينه شعره.
ومن شعره قوله رحمه الله:
اين همه كار دلم از تو بناداني خام داده دوش مرا وعده مهماني خام
بخته كردم همه شب جشم وندانستم كآن طمعى بود ازان كونه كه ميداني خام
سست ميدارم وهر جند قوى ميكندم ريسماني است ز من تابه بريشاني خام
كفتمش هيج مسلمان نه خورد خام ببين غم تو ميخوردم اين است مسلماني خام
إلى غير ذلك من الأبيات الرائقة.
مات سنة سبع وسبعمائة، كما في روز روشن.
مولانا شمس الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل شمس الدين الدهلوي كان ابن أخت الأمير خسرو بن سيف الدين
البخاري، أخذ الطريقة عن الشيخ الإمام نظام الدين محمد بن أحمد البدايوني ولازمه ملازمة
طويلة وكان فاضلاً بارعاً في العروض والقوافي والشعر والإنشاء وكثير من العلوم والفنون،
كما في كلزار أبرار.
مات سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة بدهلي، فدفن بها بمقبرة الشيخ النظام، كما في خزينة
الأصفياء.
مولانا شمس الدين الدهاراسيوني
الشيخ العالم الفقيه شمس الدين بن عبد الرحمن الخراساني ثم الهندي الدهاراسيوني أحد
الرجال المشهورين في الهند، ولد بقرية دهمون- بفتح الدال المهملة وسكون الهاء- قرية من
أعمال خراسان، ولما بلغ الثامنة عشرة من سنه توفي والده فهاجر من بلاده ودخل الهند
واشتغل بأعمال الديوان مدة طويلة، ثم أدرك الشيخ الإمام المجاهد نظام الدين محمداً
البدايوني بدهلي فاستفاض منه، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار ورجع إلى الهند وسكن
بدهار، وكان صاحب مقامات
وكرامات، توفي سنة ثلاثين وسبعمائة، كما في مهر جهانتاب
ودهار بلدة كبيرة من بلاد مالوه، والسيد الوالد في مهر جهانتاب ضبطه بدهاراسيون وهي
بلدة من بلاد دكن، والشيخ في أخبار الأخيار ضبطه بدهار وقال: إن قبره بظهر آباد،
والصواب هو الأول لأن قبره بدهاراسيون مشهور، يزار ويتبرك به.
الشيخ شهاب الدين الجامي
الشيخ الصالح شهاب الدين بن شيخ الجام الخراساني، كان من كبار المشايخ الصلحاء
الفضلاء، يواصل أربعة عشر يوماً، وكان قطب الدين مبارك شاه وغياث الدين تغلق
السلطانان يعظمانه ويزورانه ويتبركان به، فلما ولي محمد شاه أراد أن يستخدم الشيخ في
بعض خدمته، فإن عادته كانت أن يستخدم الفقهاء والمشايخ والصلحاء محتجاً أن الصدر
الأول رضي الله عنهم لم يكونوا يستعملون إلا أهل العلم والصلاح، فامتنع شهاب الدين من
العمل، وشافهه السلطان في مجلسه العام فأظهر الإباء والامتناع، فغضب السلطان من ذل
وأمر الشيخ ضياء الدين السمناني أن ينتف لحيته، فأبى ضياء الدين، فأمر بنتف لحية كل
واحد منهما فنتفت، ونفى ضياء الدين إلى بلاد تلنك، ثم ولاه بعد مدة قضاء ورنكل فمات
بها، ونفى شهاب الدين إلى دولت آباد، فأقام بها سبعة أعوام، ثم بعث إليه فأكرمه وعظمه
وجعله على ديوان وهو ديوان بقايا العمال يستخرجها منهم بالضرب والتنكيل، ثم زاد في
تعظيمه وأمر الأمراء أن يأتوا للسلام عليه ويمتثلوا أوامره، ولم يكن أحد في دار السلطان
فوقه.
ولما انتقل السلطان إلى السكنى على نهر كنك وبنى هنالك القصر المعروف بسركك
دواره معناه شيبه الجنة وأمر الناس بالبناء هنالك طلب منه الشيخ شهاب الدن أن يأذن له
في الإقامة بحضرة دهلي، فأذن له أن يسكن بأرض موات على مسافة ستة أميال من
دهلي، فحفر بها كهفاً كبيراً صنع في جوفه البيوت والمخازن والفرن والحمام وجلب الماء
من نهر جمن، وعمر تلك الأرض وجمع مالاً كثيراً من مستغلها، لأنها كانت السنون قاحطة،
وأقام هناك عامين ونصف عام مدة مغيب السلطان، وكان عبيده يخدمون تلك الأرض
نهاراً ويدخلون الغار ليلاً ويسدونه على أنفسهم وأنعامهم خوفاً من سراق الكفار، لأنهم في
جبل منيع هناك، ولما عاد السلطان إلى حضرته استقبله الشيخ ولقيه على سبعة أميال
منها، فعظمه السلطان وعانقه عند لقائه وعاد إلى غاره، ثم بعث إليه بعد أيام، فامتنع من
إتيانه، فبعث إليه مخلص الملك الندرباري فتلطف له في القول وحذره بطش السلطان، فقال:
لا أخدم ظالماً أبداً، فعاد مخلص الملك إلى السلطان فأخبره بذلك، فأمر أن يأتي به فأتى به
فقال له: أنت القائل: إني ظالم، فقال: نعم، أنت ظالم، ومن ظلمك كذا وكذا- وعدد أموراً
منها تخريبه لمدينة دهلي، وإخراجه أهلها، فأخذ السلطان سيفه ودفعه للقاضي كمال
الدين وقال: إن ثبت هذا أني ظالم فاضرب عنقي بهذا السيف، فقال له الشهاب: ومن يريد
أن يشهد بذلك فيقتل؟ ولكن أنت تعرف ظلم نفسك، فأمر بتسليمه للملك فكب له رأس
الدويدارية فقيده بأربعة قيود وغل يديه، وأقام كذلك أربعة عشر يوماً مواصلاً لا يأكل ولا
يشرب، وفي كل يوم منها يؤتى به إلى المشورة ويجمع الفقهاء والمشايخ ويقولون: إرجع عن
قولك، فيقول: لا أرجع عنه، وأريد أن أكون في زمرة الشهداء، فلما كان اليوم الرابع عشر
بعث إليه السلطان بطعام فأبى أن يأكل وقال: قد رفع رزقي من الأرض، فأمر أن يطعم
خمسة أسيار من العذرة، فأخذ ذلك الموكلون بمثل هذه الأمور وهم طائفة من كفار الهنود،
فمدوه على ظهره وفتحوا فمه بالكلبتين، وحلوا العذرة بالماء وسقوه ذلك، وفي اليوم بعده
أتى به إلى دار القاضي وجمع الفقهاء والمشايخ ووجوه العزة، فوعظوه وطلبوا منه أن يرجع
عن قوله، فأبى ذلك فضرب عنقه، انتهى ما في كتاب الرحلة لابن بطوطة.
وكانت وفاته على ما أظن في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة.
مولانا شهاب الدين الدهلوي
الشيخ العالم الصالح شهاب الدين الخليلي
الدهلوي أحد المذكرين البارعين في العلم
والمعرفة، اشتغل بالتذكير بدار الملك دهلي في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي
عشرة أعوام، وكانت مواعظه مبكية يراعي فيها طريقة الخوف والخشية من الله سبحانه،
ويكشف القناع عن حقائق التنزيل وينشد الأشعار بما اقتضته الحال وربما يحكي مآثر
العلماء الربانيين، وكان لا يتفوه إلا بالحق، فيحضر مجالس وعظه كثير من الناس ويتأثرون به
ويبكون ويزيدون خشوعاً لله سبحانه- ذكره البرني في تاريخه.
الشيخ شهاب الدين الدهلوي
الشيخ العالم الفقيه الزاهد شهاب الدين الصوفي الدهلوي أحد المشايخ الجشتية، أخذ
الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد البدايوني، ولازمه مدة حياة الشيخ، وكان صاحب
قراءة وتجويد يقرأ القرآن بلحن شجي يأخذ بمجامع القلوب، ولذلك خصه الشيخ المذكور
بإمامته في الصلاة، ولما توفي شيخه سافر إلى دوات آباد ولبث بها مدة من الزمان، انتفع به
خلق كثير من الناس وأخذوا عنه، منهم ولده ركن الدين، ثم رجع إلى دهلي ومات بها،
كما في سير الأولياء.
مولانا شهاب الدين الملتاني
الشيخ العالم الكبير العلامة شهاب الدين الحنفي الملتاني أحد العلماء المبرزين في الفقه
والأصول والعربية، ذكره البرني في تاريخه وقال: إنه كان من كبار الأساتذة بدار الملك دهلي
في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي فلم يزل يشتغل بالدرس والإفادة، انتهى.
وقال ابن المبارك الكرماني في سير الأولياء: إن السلطان غياث الدين تغلق لما استقدم
الشيخ نظام الدين محمداً البدايوني بحضرته للبحث عن استماع الغناء واستقدم الصدور
والقضاة والفقهاء ليباحثوه في تلك المسألة، فكان الشيخ شهاب الدين الملتاني أيضاً ممن
حضر بين يديه ولكنه لم يخاصمه كما خاصمه غيره من العلماء، انتهى.
الشيخ شهاب الدين الكاذروني
الشيخ الصالح شهاب الدين الكاذروني كان شيخ الزاوية بقالقوط كاليكوت إحدى الفرض
العظام ببلاد مليبار، وله تسلم النذور التي ينذرها أهل الهند والصين للشيخ أبي إسحاق
الكاذروني نفع الله به، وكان له ولد يسمى فخر الدين الكاذروني، كان شيخ الزاوية بمدينة
كولم، لقيه ابن بطوطة المغربي الرحالة وأقام بزاويته وذكره في كتابه.
مولانا شهاب الدين الناكوري
الشيخ الصالح شهاب الدين الناكوري أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ شرف
الدين أحمد بن يحيى المنيري ولازمه مدة، وتوفي بعد وفاته رحمه الله تعالى، كما في سيرة
الشرف.
الشيخ شهاب الدين الدهلوي
الشيخ الصالح شهاب الدين الدهلوي المشهور بالعاشق كان من كبار المشايخ الجشتية،
أخذ عن الشيخ إمام الدين الجشتي عن الشيخ بدر الدين الغزنوي، وأخذ عنه الشيخ عماد
الدين. كما في كلزار أبرار.
شهاب الدين شاه الكشميري
الملك المؤيد شهاب الدين بن شمس الدين شاه مرزا الكشميري السلطان المجاهد، قام
بالملك بعد أخيه علاء الدين وافتتح أمره بالعقل والتدبير، وكان ملكاً عادلاً مجاهداً مقداماً
باسلاً، فتح الحصون والبلاد وأخذ الخراج من ملوك تبت الصغير، ومصر بلدتين لجهمي نكر
وشهاب بور، وامتدت أيامه إلى عشرين سنة، وكان إذا لم يصل إليه رسالة الفتح يوماً من
الأيام من إحدى نواحي الأرض لا يحسب ذلك اليوم من أيام عمره ويحزن لذلك، كما في
تاريخ فرشته.
الشيخ شهاب الدين الزاهدي
الشيخ العالم الفقيه شهاب الدين بن فخر الدين الزاهدي الميرتهي المشهور بحق كو معناه
الصادق كان من كبار المشايخ في عصره، أخذ عن أبيه ولازمه
مدة من الدهر، ثم سافر إلى
دهلي، وقتله محمد شاه تغلق، قال محمد ابن الحسن المندوي في كلزار أبرار: إن محمد شاه
قال له يوماً من الأيام: إن النبوة لم تنقطع كالولاية، فاغتاظ به شهاب الدين ولم يملك نفسه
فخلع نعله وضرب به وجه محمد شاه، فغضب عليه محمد شاه وأمر أن يلقوه في الخندق،
فألقوه من القلعة فلم يمت فألقوه ثم ألقوه حتى مات في المرة الثالثة رحمه الله سبحانه بفضله
وأفاض علينا بركات علومه.
حرف الصاد المهملة
مولانا صدر الدين الحكيم الدهلوي
الشيخ الفاضل صدر الدين بن حسام الدين الحكيم الماريكلي الدهلوي أحد الأطباء
البارعين في العلم والعمل، له يد بيضاء في العلوم الآلية والعالية، وكان يتطبب ويدرس في دار
الملك دهلي في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، وكان صاحب نفس زكية
مفرط الذكاء والحذق، يعرف أسباب المرض بأول لقائه للمريض، ثم يعالج فيشفي الله المريض
عاجلاً، وكان والده أيضاً من رجال العلم ماهراً في العلم والعمل، ذكره البرني في تاريخه.
الشيخ صدر الدين الدهلوي
الشيخ الصالح العابد صدر الدين الكهراني- بضم الكاف وسكون الهاء وراء ونون- وهو
ممن أدركه الشيخ محمد بن بطوطة المغربي بدار الملك دهلي وذكره في كتاب الرحلة وقال:
إنه يصوم الدهر ويقوم الليل وتجرد عن الدنيا جميعاً ونبذها، ولباسه عباءة، ويزوره السلطان
وأهل الدولة وربما احتجب عنهم، فرغب السلطان أن يقطعه قرى يطعم منها الفقراء
والواردين فأبى ذلك، وزاره يوماً وأتى إليه بعشرة آلاف دينار فلم يقبلها، وذكروا أنه كان لا
يفطر إلا بعد ثلاث، وأنه قيل له في ذلك فقال: لا أفطر حتى أضطر فتحل الميتة، انتهى.
القاضي صدر الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل القاضي صدر الدين الحنفي الدهلوي المشهور بالعارف، كان ابن بنت
القاضي منهاج الدين الجرجاني، ولي القضاء بدهلي نيابة عن أكبر قضاتها، فتولاه مدة من
الزمان، ثم ولاه السلطان علاء الدين الخلجي القضاء أصالة، فصار أكبر قضاة الهند، وقربه
إلى نفسه ولقبه بالسيد الأجل وشيخ الإسلام.
ذكره البرني في تاريخه وقال: إنه كان قليل العلم شديد البطش قوي الهمة نافذ الكلمة،
انتهى.
الشيخ صدر الدين الظفر آبادي
الشيخ الصالح صدر الدين القرشي الصوفي الظفر آبادي أحد المشايخ السهروردية، ولد
بالملتان سنة خمس وسبعمائة، وحفظ القرآن وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم لبس
الخرقة عن الشيخ أبي الفتح ركن الدين الملتاني، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين، فحج وزار
سبع مرات راجلاً، ورجع إلى الهند فتوطن ظفر آباد، وكان حامل لواء الولاية والصلاح
فيها.
مات في ثامن ذي القعدة سنة أربع وسبعين وسبعمائة وقيل تسعين وقيل خمس وتسعين
وسبعمائة بظفر آباد، فدفن بها.
الشيخ صدر الدين البهكري
الشيخ الفقيه الإمام صدر الدين الحنفي البهكري السندي أحد الفقهاء البارعين في العلم،
لقيه محمد بن بطوطة المغربي الرحالة بمدينة بهكر في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، وذكره في
كتابه.
مولانا صدر الدين الساوي
الشيخ الفاضل الكبير صدر الدين الساوي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، كان يدرس ويفيد بدهلي في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، ذكره
البرني في تاريخه.
مولانا صدر الدين كندهك
الشيخ الفاضل العلامة صدر الدين الدهلوي المشهور بكندهك، كان من كبار الأساتذة
بدهلي في عهد السلطان علاء الدين الخلجي، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا صدر الشريف السمرقندي
الشيخ الفاضل العلامة صدر الشريف السمرقندي المنجم، كان من العلماء المبرزين في
الهيئة والهندسة والنجوم وسائر الفنون الحكمية، ولاه السلطان علاء الدين حسن البهمني
الصدارة بأرض دكن في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وبعثه محمد بن الحسن البهمني
سلطان دكن مع والدته إلى الحجاز سنة ستين وسبعمائة، فرجع إلى الهند بعد الحج والزيارة
سنة إحدى وستين وسبعمائة وتولى الصدارة مدة عمره، مات في أيام مجاهد شاه ما بين
سنة ست وسبعين وتسع وسبعين بمدينة كلبركه، وقبره بها مشهور ظاهر.
مولانا صلاح الدين الستركي
الشيخ الفاضل الكبير صلاح الدين الستركي أحد كبار العلماء، درس وأفاد بدار الملك
دهلي في عهد السلطان علاء الدين الخلجي، ذكره البرني في تاريخه.
الشيخ صلاح الدين الملتاني
الشيخ الصالح صلاح الدين الملتاني أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ الطريقة
عن الشيخ صدر الدين محمد العارف الملتاني رحمه الله، وقدم دهلي فسكن بها، ومات في
سنة أربعين وسبعمائة، كما في خزينة الأصفياء.
حرف الضاد المعجمة
القاضي ضياء الدين البرني
الشيخ الفاضل ضياء الدين بن مؤيد الملك بن بارسك برلاس البرني كان من مشاهير
الفضلاء وأعرفهم بالتاريخ وسياسة المدن، كثير المحاضرة، حسن المجالسة، ذا إطلاع واسع
على العلوم وباع طويل في تحبير الإنشاء وقرض الشعر، كانت بينه وبين الأمير خسرو والأمير
حسن مودة صادقة ومحبة واثقة، كانوا يجتمعون كل يوم ويتناشدون ويتطارحون، وكان
القاضي يحفظ الأخبار والآثار والأشعار ويسردها سرداً حسناً.
وكان فقيهاً لبيباً، جواداً سخياً، حلو اللفظ والمحاورة، مشكور السيرة، عفيفاً ديناً من
أصحاب الشيخ نظام الدين محمد البدايوني.
له مصنفات جليلة، منها تاريخ فيروز شاهي وهو مصنف لطيف في تاريخ الملوك الثمانية
من عهد غياث الدين بلبن إلى أيام فيروز شاه السلطان، أودعه ما شاهده في تلك العصور،
فرغ من تأليفه سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، ومنها حسرت نامه ومآثر السادات.
القاضي ضياء الدين البيانوي
الشيخ الفاضل القاضي ضياء الدين البيانور أحد القضاة المشهورين، كان قاضياً بدار
الملك دهلي، ثم صار أكبر قضاتها في أيام علاء الدين محمد شاه الخلجي، واستقل بها مدة
من الزمان، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا ضياء الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل ضياء الدين بن شهاب الدين الخطاط الدهلوي، لقبه قطب الدين مبارك
شاه الخلجي صدر جهان، قتل في خامس ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وسبعمائة لقصة
شرحتها في ترجمة قطب الدين المذكور.
الشيخ ضياء الدين الرومي
الشيخ الصالح ضياء الدين الرومي أحد المشايخ السهروردية، أخذ الطريقة عن الشيخ
شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي وقدم الهند، فبايعه قطب الدين مبارك شاه
الخلجي، وحصل له القبول العظيم عند الناس والوجاهة العظيمة عند الملوك والأمراء،
مات بدهلي في أيام مبارك شاه المذكور، ودفن بها قريباً من بجي مندل، كما في أخبار
الأخيار.
القاضي ضياء الدين السمناني
الشيخ العالم القاضي ضياء الدين السمناني الفقيه المعظم بمدينة دهلي، ذكره محمد بن
بطوطة المغربي الرحالة في كتابه وقال: إن السلطان محمد شاه تغلق أمره أن ينتف لحية
الشيخ شهاب الدين الجامي حين
أبى قبول العمل كما شرحت قصته في ترجمة شهاب الدين
المذكور، فأبى ذلك ضياء الدين وقال: لا أفعل هذا، فأمر السلطان أن ينتف لحية كل واحد
منهما، فنتفت ونفي ضياء الدين إلى بلاد تلنك، ثم ولاه بعد مدة قضاء ورنكل فمات بها.
الشيخ ضياء الدين النخشبي
الشيخ الفاضل العلامة ضياء الدين النخشبي البدايوني أحد الرجال المعروفين بالفضل
والكمال، أخذ العلم عن الشيخ شهاب الدين الهمروي وتأدب عليه، ثم أخذ الطريقة عن
الشيخ فريد الدين بن عبد العزيز بن حميد الدين الناكوري ولازمه مدة، وكان ذا زهد وتورع
واستقامة، وتبتل إلى الله سبحانه غير ملتفت إلى الدنيا وأسبابها.
وكانت له يد بيضاء في الطب والموسيقى والشعر والإنشاء، له شرح على الدعاء السرياني،
وشرح على قصيدة فاطلبني تجدني وله طوطي نامه كتاب ضخم بالفارسي محتو على
الحكم والنصائح بعبارات مهذبة واستعارات مستعذبة بالنثر والنظم صنفه سنة ثلاثين
وسبعمائة، والكليات والجزئيات كتابه في الصناعة الطبية شرح فيه العقاقير والحشائش
الهندية وسماها بأسماء هندية، وسلك السلوك وجهل ناموس له كتابان في السلوك بالفارسية
في غاية الحلاوة، ومن مصنفاته العشرة المبشرة.
ومن شعره قوله:
نخشبي خيز وبا زمانه بساز ورنه خود را نشانه ساختن است
عاقلان زمانه ميكويند عاقلي با زمانه ساختن است
مات في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، كما في أخبار الأخيار.
حرف الظاء المعجمة
مولانا ظهير الدين البهكري
الشيخ الفاضل العلامة ظهير الدين البهكري السندي أحد الأفاضل المشار إليهم المعتمد في
الأمور عليهم، لم يكن في زمانه أعلم منه بالنحو واللغة والفقه والأصول، انتفع به خلق كثير
من العلماء كالشيخ شمس الدين محمد بن يحيى الأودي، قرأ عليه الفقه والأصول، ذكره
البرني في تاريخه.
مولانا ظهير الدين الأعرج
الشيخ العالم الكبير ظهير الدين الأعرج الدهلوي أحد الأساتذة المشهورين في عهد السلطان
علاء الدين الخلجي، كان يدرس ويفيد بدار الملك دهلي، ذكره البرني في تاريخه وقال: إنه
كان ممن قربه السلطان المذكور إليه ويدعوه على مائدته، انتهى.
الشيخ ظهير الدين الظفر آبادي
الشيخ الفاضل ظهير الدين بن تاج الدين الحسيني الواسطي الظفر آبادي الشاعر المشهور في
عصره خدم الملوك مدة من الزمان، ثم بايع الشيخ نظام الدين محمد البدايوني رحمه الله تعالى
وأخذ عنه الطريقة، وله ديوان شعر ورموز المعاني، له كتاب مفيد في التصوف.
مات ودفن بدهلي، كما في تجلي نور.
حرف العين المهملة
مولانا عالم بن العلاء الاندربتي
الشيخ الإمام العالم الكبير فريد الدين عالم بن العلاء الحنفي الاندربتي أحد العلماء المبرزين
في الفقه والأصول والعربية.
له الفتاوي التاتارخانية في الفقه المسمى بزاد السفر، صنفه في سنة سبع وسبعين وسبعمائة
للأمير الكبير تاتار خان وسماه باسمه، وكان فيروز شاه يريد أن يسميه باسمه فلم يقبله
لصداقة كانت بينه وبين تاتار خان، كما في كلزار أبرار.
قال الفاضل الجلبي في كشف الظنون: هو كتاب عظيم في مجلدات جمع فيه مسائل المحيط
البرهاني والذخيرة والخانية والظهيرية، وجعل الميم علامة
للمحيط وذكر إسم الباقي، وقدم
باباً في ذكر العلم ثم رتب على أبواب الهداية، وذكر أنه أشار إلى جمعه الخان الأعظم تاتار
خان ولم يسمه ولذلك اشتهر به، وقيل إنه سماه زاد المسافر.
ثم إن الإمام إبراهيم بن محمد الحلبي المتوفي سنة ست وخمسين وتسعمائة، لخصه في مجلد،
وانتخب منه ما هو غريب أو كثير الوقوع وليس في الكتب المتداولة، والتزم بتصريح أسماء
الكتب وقال: متى أطلق الخلاصة فالمراد به شرح التهذيب، وأما المشهورة فتقيد بالفتاوي،
انتهى.
وقال في موضع آخر من ذلك الكتاب: زاد المسافر في الفروع وهو المعروف بالفتاوي
التاتارخانية لعالم بن علاء الحنفي المتوفي سنة 286 ست وثمانين ومائتين، انتخبها إبراهيم بن
محمد الحلبي، أوله: الحمد لله رب العالمين، انتهى، وأنت تعلم ما ذكرنا من سنة وفاته لعله
التبس عليه عدد السبع بالاثنين لأنهما متقاربان في الشكل، فالمظنون أنه توفي سنة ست
وثمانين وسبعمائة.
مولانا عبد العزيز الدهلوي
الشيخ الإمام عبد العزيز بن شمس بن بهاء النوري الدهلوي أحد العلماء المبرزين في العلوم
الحكمية.
له مصنفات، منها تاريخ فيروز شاهي، ومنها ترجمة كتاب باراهي سنكهتا لا بتل بهت بن
ماراه مهر وأصل الكتاب كان يشتمل على مائة وأربعة أبواب في سنسكرت فنقله من تلك
اللغة إلى الفارسية بأمر فيروز شاه السلطان، وأسقط منه ثمانية أبواب، لأنها كانت تتعلق
بالنجوم وأحكامها، وترجم منها أحكام الكسوف والخسوف وكائنات الجو وعلامات المطر
وعلم القيافة والفأل وغيرها، أوله: بعد أز ادائي أطيب تحيات وأفضل صلوات بوشيده
نماند، الخ وهذا الكتاب محفوظ في المكتبة الحبيية بقرية بهيكن بور من أعمال على كره.
الشيخ عبد العزيز الأردبيلي
الشيخ العالم الفقيه المحدث عبد العزيز الأردبيلي أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث.
قرأ بدمشق على شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية الحراني، وبرهان الدين ابن البركج،
وجمال الدين المزي، وشمس الدين الذهبي وعلى غيرهم من العلماء، ثم قدم الهند وتقرب
إلى محمد شاه تغلق فأحسن إليه وأكرمه، لقيه محمد بن بطوطة المغربي بمدينة دهلي وذكره
في كتابه، قال: اتفق يوماً أنه سرد على السلطان أحاديث في فضل العباس وابنه رضي الله
عنهما وشيئاً من مآثر الخلفاء أولادهما، فأعجب ذلك السلطان لحبه لبني العباس وقبل
قدمي الفقيه، وأمر أن يؤتى بصينية ذهب فيها ألفا تنكة، فصبها عليه بيده وقال: هي لك
مع الصينية، انتهى.
الشيخ عبد العزيز الدهلوي
الشيخ الصالح عزيز الدين عبد العزيز بن أبي بكر بن عبد الله بن عبد الرحمن الحسيني
البخاري أحد المشايخ الجشتية، يتصل نسبه بالإمام علي الرضا- عليه وعلى آبائه
السلام-.
ولد ونشأ بمدينة دهلي وتربى في حجر الشيخ نظام الدين محمد البدايوني، وكان والده ابن
أخت الشيخ المذكور.
وله مجموع الفوائد مصنف لطيف في ملفوظات الشيخ، قال الكرماني في سير الأولياء، إن
الشيخ كان يحبه حباً مفرطاً وكان ممن يشار إليه في العلم والعمل، حفظ القرآن وقرأ العلم
على أساتذة عصره، وكلما كان يقرؤه يجتهد أن يعمل به، انتهى.
الشيخ عبد الله بن محمد الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير العلامة عبد الله بن محمد الحسيني الشيخ جمال الدين الدهلوي
المشهور بنقره
كار، له العباب شرح اللباب في النحو صنفه سنة خمس وثلاثين وسبعمائة
لمحمد شاه بن غياث الدين تغلق الدهلوي، ونسخة هذا الكتاب موجودة في مكتبة خدا
بخش خان بمدينة عظيم آباد، كما في محبوب الألباب.
ومن مصنفاته شرح تنقيح الأصول لصدر الشريعة عبد الله بن مسعود المحبوبي، وعلى
هذا الشرح حاشية للشيخ زين الدين قاسم بن قطلوبغا الحنفي المتوفي سنة تسع وسبعين
وثمانمائة، ذكره الفاضل الجلبي في كشف الظنون وذكر أنه توفي سنة خمسين وسبعمائة.
القاضي عبد الله البيانوي
الشيخ الفاضل الكبير عبد الله الحنفي البيانوي أحد العلماء المشهورين في عصره، كان
قاضياً بمدينة بيانه يدرس ويفيد بها، أخذ عنه الشيخ دانيال بن الحسن العباسي العلوي
الستركي، وقرأ عليه الكتب الدرسية، وتزوج بابنته، كما تقدم.
مولانا عبد الكريم الشرواني
الشيخ الفاضل العلامة عبد الكريم الحنفي الشرواني أحد العلماء المبرزين في الفقه
والأصول، كان يدرس ويفيد بدهلي إلى أيام غياث الدين تغلق شاه الدهلوي، قرأ عليه
الشيخ نصير الدين محمود بن يحيى الأودي الكتب الدرسية إلى هداية الفقه وأصول
البزدوي.
القاضي عبد المقتدر الكندي
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة عبد المقتدر بن محمود بن سليمان الشريحي الكندي
القاضي منهاج الدين بن القاضي ركن الدين التهانيسري ثم الدهلوي أحد الرجال المشهورين
بالفضل والكمال.
ولد ببلدة تهانيسر، ونشأ بدار الملك دهلي على الخير والصلاح، وأخذ العربية وسمع
الكثير وبرع في الأدب والإنشاء وقرض الشعر، ولازم الشيخ شمس الدين محمد بن يحيى
الأودي وقرأ عليه الكتب الدرسية، وقرأ الكشاف والبزدوي على الشيخ نصير الدين
محمود بن يحيى الأودي وكان يتردد في أيام تحصيله إلى الشيخ نصير الدين محمود المذكور
ويذكر المطالب العلمية عنده، فكان يستحسن أبحاثه ويحثه على تشمير الذيل في تحصيل
العلوم المتعارفة ويحبه، ثم لما فرغ القاضي عن البحث والإشتغال أخذ الطريقة عن الشيخ
المذكور وقضى أيامه في الدرس والإفادة.
أخذ عنه القاضي شهاب الدين الدولت آبادي وحفيده أبو الفتح بن عبد الحي بن عبد
المقتدر الكندي وخلق آخرون:
ومن شعره قوله في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
يا سائق الظعن في الأسحار والأصل سلم على دار سلمى وأبك ثم سل
عن الظباء التي من دابها أبداً صيد الأسود بحسن الدل والنجل
وعن ملوك كرام قد مضوا قدداً حتى يجيبك عنهم شاهد الطلل
أضحت إذا بعدت عنها كواعبها أطلالها مثل أجفان بلا مقل
فدى فؤادي أعرابية سكنت بيتاً من القلب معموراً بلا حول
بخيلة بوصال المستهام بها والجود في الخود مثل البخل في الرجل
كأنها ظبية لكن بينهما فرقاً جلياً بعظم الساق والكفل
خيالها عند من يهوي زيارتها أحلى من الأمن عند الخائف الوجل
كيف السبيل إليها بعد أن حفظت بالبيض والسمر في أعلى ذرى الجبل
طرقتها فجأة والليل في جدل والذئب في كسل والقول في شغل
قالت لك الويل هلا خفت من أسد له براثن كالعسالة الذبل
فقلت إني مليك صيده أسد وصيد غيري من ظبي ومن وعل
قالت فما تبتغي لا منع قلت لها كلا فإني عفيف القول والعمل
وإنني رجل من معشر سحبوا ذيل التبتل والتقوى على زحل
لا يطمعون ولكن كان ديدنهم إعطاء ما ملكوا كالعارض الهطل
أسد إذا سخطوا أفنوا عدوهم قوم إذا فرحوا أعطوا بلا ملل
ما قال قائلهم يوماً لواحدهم لو كنت من مازن لم تستبح إبلي
يا طالب الجاه في الدنيا تكون غداً على شفا حفرة النيران والشعل
يا طالب العز في العقبى بلا عمل هل تنفعك فيها كثرة الأمل
يا أيها الطفل أنت الطفل في أمل وشمس عمرك قد مالت إلى الطفل
يا من تطاول في البنيان معتمداً على القصور وخفض العيش والطول
لأنت في غفلة والموت في أثر يعدو وفي يده مستحكم الطول
اقنع من العيش بالأدنى وكن ملكاً إن القناعة كنز عنك لم يزل
ثم اغتنم فرصة من قبل أن ضعفت قواك من سطوة الأمراض والعلل
ولا تكن لمزيد الرزق مضطرباً واقنع بما قسم القسام في الأزل
لا تغترر أنت في الدنيا فإن بها من عز بر فكن منها على وهل
أكالة أكلت كالهر ما ولدت حيالة قتلت من جاء بالحيل
ولا مناص من الله العزيز وإن فررت منه إلى الداماء والقلل
يا أيها الناس إن العمر في سفر وإن أوقاتكم والله كالظلل
إن المنايا بلا شك لآتية وأنتم في المنى والمين والكسل
لله در فقير مالك أبداً وذي خصاص بفضل الله مكتفل
ولم يكن فخره إلا بعزة من أعيى الأعاجم والأعراب بالدول
محمد خير خلق الله قاطبة هو الذي جل عن مثل وعن مثل
له المزايا بلا نقص ولا شبه له العطايا بلا من ولا بدل
له المكارم أبهى من نجوم دجى له العزائم أمضى من قنا البطل
له الفضائل أجدى من عصا كسرت له الشمائل أحلى من جني العسل
له الجمال إذا ما الشمس قد نظرت إليه قالت ألا يا ليت ذلك لي
النصر قادمه والفتح خادمه كلاهما عن حماه غير مرتحل
يا أعظم الناس من حاج ومعتمر وأكرم الخلق من حاف ومنتعل
أتيتنا بكتاب جل منفعة وجئتنا بسبيل ناسخ السبل
بعثت بالملة البيضاء راسخة عفا بها سائر الأديان والملل
أفحمت كل بليغ بالكتاب كما جادلت بالسيف أهل الجد والجدل
أضحى طلوعك بالشمس الضحى أبداً وقد غنيت عن الميزان والحمل
أم التمني إذا جاءتك سائلة أرجعتها وهي في عقر مع الحمل
نداك أكثره لا ينتهي أبداً لكن أدناه أدنى من ندى السبل
وعرف طيبك للكفار ضائرة مسيرة الشهر مثل الورد للجعل
لصحبك الغر باق فضلهم أبداً وفضل أمتك الزهراء لم يزل
وأهل بيتك فينا رحمة نزلت أهل الطهارة عن رجس وعن وحل
يا سيد المرسلين المكرمين أدم شفاعة لعبيد ضارع وجل
توفي لأربع بقين من محرم سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وله ثمان وثمانون سنة، كما في
أخبار الأخيار وغيره.
الشيخ عثمان بن داود الملتاني
الشيخ الصالح المعمر حسام الدين عثمان بن داود العمري الملتاني أحد المشايخ الجشتية،
أخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد البدايوني ولازمه مدة من الزمان، ثم سافر إلى
الحرمين الشريفين فحج وزار، ورجع إلى الهند فدخل مدينة دهلي في حياة شيخه،
وصادف قومه يوم الجمعة فدخل الجامع الكبير للصلاة، وفيه أدرك شيخه نظام الدين
المذكور فتلقاه بالبشر والبشاشة وقال له: إن من سعد بالحج فله أن يستأنف النية لزيارة
النبي صلى الله عليه وسلم، فسافر في وقته وساعته ورحل إلى المدينة المنورة وزار النبي
صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى دهلي، ولما سير محمد شاه تغلق الناس إلى دولت آباد
رحل إلى كجرات وسكن بها.
وكان عالماً كبيراً بارعاً في الفقه والأصول والتصوف، كان يحفظ الهداية في الفقه والبزدوي
في الأصول وقوت القلوب للمكي والإحياء للغزالي في السلوك والتصوف، وكان من العشرة
المجازين للإرشاد الذين استخلفهم الشيخ نظام الدين سنة أربع وعشرين وسبعمائة، كما في
سير الأولياء.
وتوفي لثمان خلون من ذي القعدة سنة ست وثلاثين وسبعمائة بكجرات فدفن بها، كما في
البحر الزخار.
الشيخ سراج الدين عثمان الأودي
الشيخ العارف الكبير سراج الدين عثمان الجشتي الأودي أحد الأولياء السالكين
المرتاضين، دخل دهلي في شبابه وأدرك الشيخ نظام الدين محمداً البدايوني.
وكان حسن الصورة والسيرة ولكنه كان عارياً عن حلية الفضائل العلمية، فتأسف الشيخ
على ذلك تأسفاً شديداً وقال: إن الشيخ الجاهل يكون لعبة للشيطان، فعزم مولانا فخر
الدين الزرادي على تعليمه، وصنف له مختصراً في التصريف سماه العثمانية باسمه، ولم يزل
يجد في تعليمه ما دام في غياث بور، ثم لازم الشيخ ركن الدين الاندربتي وقرأ عليه الكافية
لابن الحاجب والمفصل في النحو والقدوري ومجمع البحرين في الفقه، واشتغل بالعلم ثلاث
سنين بعد وفاة الشيخ نظام الدين المذكور حتى برع في العلم وتأهل للفتوى والتدريس.
ثم سافر إلى بنكاله ولقد أبلغه الله تعالى من الولاية منزلة لا يرام فوقها، وهدى به ثم
بأصحابه من بعده خلقاً لا يحصيهم إلا من أحصى رمل عالج عدداً، فلا ترى ناحية من
نواحي الهند إلا وقد نمت طريقته وجرى على ألسنة أهلها ذكره، إليه ينتمون وبه يتبركون.
مات في سنة ثمان وخمسين وسبعمائة.
القاضي فخر الدين عثمان المليباري
الشيخ الفاضل الكبير فخر الدين عثمان المليباري أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول،
كان قاضياً بقالقوط كاليكوت لقيه محمد بن بطوطة بها وذكره في كتابه.
الشيخ عثمان بن منهاج السنامي
الشيخ الصالح عثمان بن منهاج السنامي الشيخ وجيه الدين بن القاضي حميد الدين كان
من كبار المشايخ في عصره.
ولد ونشأ ببلدة سنام وسافر إلى دهلي لطلب الرزق، فأدرك بها الشيخ ركن الدين أبا الفتح
الملتاني فلازمه وأخذ عنه وسافر معه إلى ملتان، وحفظ القرآن الكريم وقرأ العلم على
أساتذة عصره، ثم قرأ العوارف على الشيخ ركن الدين المذكور، وسافر إلى الحرمين
الشريفين فحج وزار وأقام بالحجاز ثلاث سنين، ثم رجع إلى ملتان فاستخلفه الشيخ
ورخصه إلى دهلي وأوصاه بملازمة الشيخ نظام الدين محمد بن أحمد البدايوني، فاستفاضه
وصار صاحب وجد وحالة، كان يستمع الغناء، كما في الطبقات الحسامية.
مات سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ عز الدين الزبيري
الشيخ العالم الفقيه عز الدين الزبيري أحد العلماء البارعين في الفقه والأصول، لقيه محمد بن
بطوطة المغربي في مدينة جنديري، كان عند الأمير عز الدين البتاني وكان يعظمه تعظيماً
بالغاً.
الأمير عز الدين البتاني
الأمير الكبير عز الدين البتاني المدعو بأعظم ملك كان أمير الأمراء ببلاد مالوه، يسكن
ببلدة جنديري، أدركه محمد بن بطوطة المغربي بها، وذكره في كتابه وقال: إنه كان خيراً
فاضلاً يجالسه أهل العلم، وممن كان يجالسه الفقيه عز الدين الزبيري والفقيه وجيه الدين
البيانوي والفقيه القاضي خاصة وإمامهم شمس الدين، وكان لا يظهر إلا في يوم الجمعة وفي
غيرها نادراً، انتهى.
الشيخ عزيز الدين الدهلوي
الشيخ الصالح عزيز الدين الصوفي الدهلوي كان ابن بنت الشيخ فريد الدين مسعود
الأجودهني، قرأ العلم على القاضي محي الدين الكاشاني، وتربى في حجر الشيخ نظام الدين
محمد البدايوني وأخذ عنه الطريقة، له تحفة الأبرار وكرامة الأخيار مصنف لطيف في
ملفوظات الشيخ نظام الدين المذكور، كما في سير الأولياء، وكانت وفاته في سنة إحدى
وأربعين وسبعمائة بدهلي، كما في خزينة الأصفياء.
مولانا عضد الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل العلامة عضد الدين الدهلوي أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة، قرأ
عليه محمد شاه تغلق وأعطاه أربعة آلاف ألف تنكة يوم ولي الملك، كما في تاريخ فرشته.
مولانا عفيف الدين الكاشاني
الشيخ العالم الفقيه عفيف الدين الكاشاني أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، كان
يدرس ويفيد بدهلي، قتله محمد شاه تغلق بقصة شرحها محمد ابن بطوطة المغربي في
كتابه، قال: كان السلطان في سني القحط قد أمر بحفر آبار خارج دار الملك وأن يزرع
هنالك زرع، وأعطى الناس البذر وما يلزم للزراعة من النفقة، وكلفهم زرع ذلك للمخزن،
فبلغ ذلك عفيف الدين فقال: هذا الزرع لا يحصل المراد منه، فوشى به إلى السلطان
فسجنه وقال: لأي شيء تدخل نفسك في أمور الملك؟ ثم إنه سرحه بعد مدة فذهب إلى
داره ولقيه في طريقة إليها صاحبان له من الفقهاء فقال له: الحمد لله على خلاصك، فقال
الفقيه: الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين، وتفرقوا فلم يصلوا إلى دورهم حتى بلغ
السلطان ذلك، فأمر بهم فأحضر الثلاثة بين يديه، فقال: اذهبوا بهذا، يعني عفيف الدين،
واضربوا عنقه حمائل، وهو أن يقطع الرأس مع الذراع وبعض الصدر، واضربوا أعناق
الآخرين، فقال له: أما هو فيستحق العذاب لقوله، وأما نحن فبأي جريمة تقتلنا؟ فقال
لهما: إنكما سمعتما كلامه فلم تنكراه فكأنكما وافقتما عليه، فقتلوا جميعاً، انتهى.
الشيخ علاء الدين الألندي
الشيخ الصالح الفقيه علاء الدين الحنفي الألندي أحد الرجال المعروفين بالزهد والصلاح،
قرأ العلم
على الشيخ معين الدين العمراني، وأخذ الطريقة عن الشيخ نصير الدين محمود
الأودي ولبس الخرقة منه، ثم سافر إلى أرض دكن مع الشيخ محمد بن يوسف الحسيني
الدهلوي ولازمه مدة من الزمان وأخذ عنه، وسكن بقرية ألند- بفتح الهمزة واللام وسكون
النون- قرية من أعمال كلبركه.
أخذ عنه الشيخ سعيد الكهنائي المتوفي في تاسع رجب سنة إحدى وسبعين وسبعمائة.
وكانت وفاة الشيخ علاء الدين في تاسع ربيع الثاني سنة سبع وسبعين وسبعمائة بقرية ألند
وعلى قبره أبنية بناها الملوك، كما في الشجرة الطيبة.
الشيخ علاء الدين الأودي
الشيخ الفاضل العلامة علاء الدين الأودي المشهور بالنيلي كان من كبار المشايخ، قرأ العلم
على شيخ الاسلام فريد الدين الشافعي الأودي وعلى غيره من العلماء وبرع في العلم وتأهل
للفتوى والتدريس، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين البدايوني الدهلوي، وسكن بدهلي
عاكفاً على الدرس والافادة.
وكان ذا زهد واستقامة وتورع وإقبال على الطاعة والافادة والتدريس حسبة لله سبحانه،
مخلصاً له في دينه ودنياه، وكان لا يأخذ البيعة من أحد ويقول: لو كان الشيخ حياً لرددت
عليه الخلافة وقلت: إني لا أستطيع أن أحمل تلك الأمانة، وكان مع ذلك يحب أن يقتفي أثر
الشيخ في الزهد والورع والعزيمة، وكان يشتغل بمطالعة فوائد الفؤاد ويستحسنه جداً، كما في
سير الأولياء.
وهو ممن أدركه الشيخ محمد بن بطوطة المغربي وذكره في كتابه.
قال ابن بطوطة: هو يعظ الناس في كل يوم جمعة، فيتوب كثير منهم بين يديه ويحلقون
رؤوسهم ويتواجدون ويغشى على بعضهم، شاهدته وهو يعظ فقرأ القاري بين يديه يا أيها
الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت
وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله
شديد، ثم كررها الفقيه علاء الدين، فصاح أحد الفقراء من ناحية المسجد صيحة
عظيمة، فأعاد الشيخ الآية فصاح الفقير ثانية ووقع ميتاً، وكنت في من صلى عليه وحضر
جنازته، انتهى.
وكانت وفاة علاء الدين سنة اثنتين وستين وسبعمائة، كما في خزينة الأصفياء.
الأمير علاء الدين البرني
الأمير الكبير علاء الدين علاء الملك بن بار بيك برلاس البرني كان من الرجال المعروفين
بالحزم والدهاء والسياسة وأنواع الفضائل، وهو عم القاضي ضياء الدين البرني صاحب
فيروز شاهي.
ولاه السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي على مدينة كره وما والاها من البلاد في سنة
ست وتسعين وستمائة، ثم استقدمه إلى دار الملك وجعله الشحنة بمدينة دهلي- وتلك
الخطة كانت جليلية في ذلك العصر، لا يولي عليها إلا من يثق به السلطان، لأنه يكون
حارساً له ولخزائنه وأهله- ولقبه علاء الملك.
وكان رجلاً معروفاً بالعلم والدهاء، كثير المعروف، عميم الاحسان، صاحب عقل
وسكينة ودين، يحكى أن السلطان علاء الدين لما فتح الفتوحات العظيمة فقد الصواب
والاتزان فألقى على أصحابه مسألتين: إحداهما أن يضع شرعاً جديداً للناس كما شرع
النبي صلى الله عليه وسلم ليبقى اسمه إلى يوم القيامة، وثانيتهما أنه يريد أن ينيب عنه
واحداً من خواصه بدار الملك ويخرج إلى نواحي الأرض ويملك البلاد كما ملك إسكندر
بن فيلقوس المقدوني، وكان يلقي هاتين المسألتين على أصحابه فكانوا يهابونه ولا يجيبونه
بالصدق، حتى أنه ذكر مرة كأنه يخاطب علاء الملك ويسأله، فأطرق رأسه ملياً وفكر في
نفسه وقال لنفسه: إني بلغت الكبر وليس بيني وبين الموت إلا قيد شبر فلا ينبغي أن أهابه
في ذلك، فإن غضب علي فلعلي أنال درجة الشهادة وهذا فوز عظيم.
زديم بر صف رندان وهر جه بادا باد
فتقدم إليه وقال إن لم يسعني إلا الجواب فينبغي أن تأمر أن ترفع الكؤوس ويخلي المجلس،
فأمر به وقام الناس، فتقدم وقبل الأرض بين يديه وقال: كبر
سني في نعمة الملك واعتراني
الضعف والهرم، فإن أصبت في الجواب فذلك من الله سبحانه، وإن أخطأت فيه تعذرني
لكبر سني واختلال حواسي، ثم قال: إن الشريعة تتعلق بالأنبياء والنبوة بالوحي، والدين قد
أكمل على نبينا صلى الله عليه وسلم، وبه ختم النبيون، فلا يمكن بعده وضع شريعة
جديدة، فلا ينبغي لك أن تتفوه بهذا بعد ذلك، فإن الناس إن يسمعوها يتنفروا عنك ويولد
الفتن ويكثر الفتك في الناس، وأما المسألة الثانية فهي تدل على ميل السلطان إلى أعالي
الأمور وينبغي لمثل السلطان ان يجعلها مقصده، ولكن ينبغي للسلطان أن يتفكر ساعة في
هذا الأمر، ولست أدري من ينوب عنك في غيبتك من أرض الهند، ويوفي بعهده إذا أراد
السلطان أن يرجع إلى دار الملك ولا ينقض عهده ولا يغدر، ومن ينوب عنك كما ناب
أرسطاطاليس عن الاسكندر إلى اثنتين وثلاثين سنة أيام غيبته عن دار الملك، فقال علاء
الدين: وماذا أفعل بعد ذلك؟ فقال علاء الملك: إن الأهم لك أمران: الأول تسخير البلاد
الجنوبية من وجابور وجنديري إلى البحر المحيط والبلاد الشمالية إلى لمغان وكابل فإن تلك
البلاد ملجأ للمفسدين وقطاع السبل، فإن ملكتها تظل الهند آمنة مطمئنة، والثاني سد
الثغور في سبيل التتر، فإنهم يطمعون في الهند ويأتون إليها كلما وجدوا فرصة انتهزوها
ويفتكون وينهبون، فإن تيسر ذلك فيمكن للسلطان أن يبعث عساكره إلى بلاد أخرى، وإني
أظن أن ذلك يتيسر إن تركت الخمر والتصيد والتفرج الدائم والانهماك في اللذات، فاستمع
ذلك علاء الدين سماع القبول، واستحسن رأيه وأحسن إلى علاء الملك، ذكره البرني في
تاريخه.
الشيخ علاء الدين السنديلوي
الشيخ الصالح الفقيه علاء الدين الحسيني السنديلوي أحد الأولياء السالكين المرتاضين
بأرض أوده، أخذ الطريقة عن الشيخ نصير الدين محمود الأودي وصحبه مدة طويلة بدهلي
ونال حظاً وافراً من العلم والمعرفة، فاستخلفه الشيخ ورخصه إلى سنديلة- بفتح السين
المهملة- بلدة من أعمال أوده، فسكن بها.
وكان قانعاً عفيفاً ديناً متوكلاً، تذكر له كشوف وكرامات، مات بسنديلة ودفن بها، كما في
البحر الزخار.
الشيخ علاء الدين الملتاني
الشيخ الصالح علاء الدين الملتاني أحد العلماء المبرزين في المعارف الإلهية، أخذ عن
الشيخ صدر الدين محمد العارف الملتاني ولازمه مدة من الزمان، وكان عالماً كبيراً زاهداً
تقياً، مات سنة أربعين وسبعمائة، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ علاء الدين الكنتوري
الشيخ الكبير علاء الدين بن أعز الدين بن شرف الدين الحسيني الموسوي الكنتوري، كان
من الرجال المعروفين في الدعوة والتكسير والعلوم الغريبة، استقدمه محمد شاه تغلق إلى دار
الملك وكلفه بالاقامة لديه، فأبى وترك ولديه أعز الدين وجمال الدين عنده ورجع إلى كنتور،
وقتل محمد شاه المذكور ولده أعز الدين في حياته، وأقام جمال الدين بدهلي زماناً، وأخذ
الطريقة عن الشيخ نصير الدين محمود بن يحيى الأودي، ثم رجع إلى كنتور وتولى المشيخة
بها مقام والده، كما في مهر جهانتاب.
مولانا علاء الدين الدهلوي
صدر الشريعة علاء الدين الحنفي الدهلوي الفاضل الكبير العلامة كان يدرس ويفيد بدار
الملك دهلي في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا علاء الدين التاجر
الشيخ الفاضل علاء الدين التاجر الدهلوي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، كان يدرس
ويفيد بدهلي في أيام علاء الدين الخلجي، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا علاء الدين كرك
الشيخ الفاضل العلامة علاء الدين كرك كان يدرس ويفيد بدهلي في عهد علاء الدين
الخلجي، ذكره البرني في كتابه.
مولانا علاء الدين اللاهوري
الشيخ الفاضل علاء الدين اللاهوري أحد الأساتذة المشهورين بدهلي في عهد السلطان
علاء الدين الخلجي، ذكره البرني في كتابه.
مولانا علاء الدين المقرئ
الشيخ الفاضل علاء الدين المقرئ الدهلوي أحد العلماء المبرزين في القراءة والتجويد، كان
يدرس ويفيد بدهلي في عهد السلطان علاء الدين الخلجي، ذكره البرني.
مولانا علاء الدين الاندربتي
الشيخ الفاضل الكبير علاء الدين الاندربتي أحد العلماء المشهورين في عصره، كان يدرس
ويفيد، أخذ عنه خلق كثيرون- كما في سير الأولياء.
مولانا علم الدين الشيرازي
الشيخ الفاضل الكبير العلامة علم الدين الحكيم الشيرازي أحد العلماء المبرزين في العلوم
الحكمية، له اليد الطولى في الصناعة الطبية، كان يدرس ويفيد بدهلي في أيام علاء الدين
محمد شاه الخلجي، ذكره البرني في تاريخه ولكنه لم ينسبه إلى شيراز بل أهمل ذلك، وإني
رأيت في تاريخ فرشته أن علم الدين كان شيرازياً وعاش بعد الخلجي مدة من الزمان، جعله
ممد شاه تغلق نديماً له، وكان يقربه إليه ويذاكره في العلوم.
مولانا عليم الدين التبريزي
الشيخ الفاضل عليم الدين الحكيم التبريزي كان من الأطباء الحاذقين ببلدة كلبركه من
أرض دكن في عهد السلطان علاء الدين حسن البهمني، وكان يدرس ويتطبب، كما في تاريخ
فرشته.
الشيخ علي بن الحميد الناكوري
الشيخ العالم الكبير علي بن الحميد بن أحمد السعيدي السورتي الشيخ عبد العزيز بن
حميد الدين الناكوري أحد كبار مشايخ الطريقة الجشتية، أخذ عن أبيه ولازمه مدة من
الدهر وبلغ رتبة الكمال، فأجازه والده في الدعوة والإرشاد وأجازه في الحديث، ولما توفي
والده جلس على مشيخة الإرشاد، أخذ عنه ولده فريد الدين محمود، فأجازه في الحديث
سنة خمس وعشرين وسبعمائة، فما في خزينة الأصفياء أنه توفي سنة إحدى وثمانين
وستمائة مما لا يعتمد عليه.
الشيخ علي الحيدري
الشيخ الفاضل علي الحيدري أحد القادمين إلى بلاد الهند، دخل كجرات وسكن بمدينة
كهنباية، ولازم أحد أحبار الوثنيين وأخذ عنه علوم أهل الهند وتعلم لغتهم، وصحبه مدة
من الزمان وأظهر له حقية الاسلام، فمن الله سبحانه عليه بالملة الحنيفية البيضاء، وأسلم
بسببه خلق كثير من أهل كجرات ممن كانوا يعرفون فضله وكماله، ولما كان علي شيعياً
تشيع الناس، ويسمون بواهير، ثم لما قام بالملك مظفر شاه الكجراتي الأول أمر العلماء أن
يهدوهم إلى طريق أهل السنة، فهدي بهم جمعاً كثيراً منهم، فصاروا فرقتين فرقة منهم أهل
السنة، وفرقة منهم الشيعة.
وقد ذكره محمد بن بطوطة المغربي في كتابه وقال: إنه كان عظيم القدر شهير الذكر بعيد
الصيت يسكن بمدينة كهنباية على ساحل البحر، وينذر له التجار بالبحر النذور الكثيرة،
وإذا قدموا بدؤا بالسلام عليه، وكان يكاشف بأحوالهم، وربما نذر أحدهم النذر وندم
عليه، فإذا أتى الشيخ للسلام عليه أعلمه بما نذر له وأمر بالوفاء به، واتفق له ذلك مرات
واشتهر به، فلما خرج القاضي جلال الدين الأفغاني وقبيلته بمدينة كهنباية على محمد شاه
تغلق بلغ السلطان أن الحيدري دعا للقاضي جلال وأعطاه شاشيته من رأسه، وذكر أيضاً
أنه بايعه، فلما خرج السلطان إليهم بنفسه وانهزم القاضي خلف السلطان شرف الملك أمير
بخت بكهنباية وأمره بالبحث عن أهل الخلاف وجعل معه فقهاء يحكم بقولهم، فأحضر
الشيخ علي الحيدري بين يديه
وثبت أنه أعطى للقائم شاشيته ودعا له فحكموا بقتله، فلما
ضربه السياف لم يعمل فيه السيف وعجب الناس لذلك وظنوا أنه يعفى عنه بسبب ذلك،
فأمر سيافاً آخر بضرب عنقه فضربه، انتهى.
الشيخ علي بن الشهاب الهمذاني
الشيخ العالم الكبير الرحالة علي بن الشهاب بن محمد بن علي الحسيني الهمذاني، كان من
نسل إسماعيل بن علي بن محمد بن علي بن الحسين السبط عليه وعلى جده السلام.
ولد في الثاني عشر من شهر رجب سنة أربع عشرة وسبعمائة، وقرأ العلم على الشيخ
نجم الدين أبي الميامن محمد بن أحمد الموفق الأذكاني وأخذ الحديث عنه، وأخذ الطريقة
عن الشيخ شرف الدين محمد بن عبد الله المزوقالي والشيخ تقي الدين علي الدوسي،
كلاهما عن الشيخ ركن الدين أحمد بن محمد المعروف بعلاء الدولة السمناني، وقيل إنه
أخذ عن والده أيضاً، ثم إنه خرج للسياحة فسار في الأمصار وأدرك المشايخ الكبار
واستفاد منهم، يبلغ عددهم إلى أربعمائة وألف من رجال العلم والمعرفة، فلما عاد إلى
خراسان وقع الخلاف بينه وبين الأمير تيمور كور كان في معنى الحكمة، فقدم كشمير في
سنة ثلاث وسبعين- وقيل: ثمانين- وسبعمائة مع سبعمائة من أصحابه، فأسلم على يده
غالب أهلها.
وله مصنفات كثيرة ممتعة نذكر منها ما طالعته بعون الله وتوفيقه، فمنها ذخيرة الملوك
بالفارسية كتاب مفيد في بابه في مجلد، أوله: حمد بسيار وثناي بي شمار، الخ، وهو مرتب
على عشرة أبواب: الأول في شرائط الإيمان وأحكامه، والثاني في حقوق العبودية، والثالث
في مكارم الأخلاق ووجوب الاقتداء بسيرة الخلفاء الراشدين، والرابع في حقوق الوالدين
والزوجين والأولاد والعبيد والأقارب والأصدقاء، والخامس في أحكام السلطة والولاية
والأمان وحقوق الرعايا ووجوب العدل والإحسان، والسادس في شرح السلطة المعنوية
وأسرار الخلافة الإنسانية، والسابع في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والثامن في تحقيق
الشكر وذكر أصنافه، والتاسع في الصبر على المكاره، والعاشر في ذم الكبر والغضب وغير
ذلك.
ومنها شرح فصوص الحكم لإبن عربي بالفارسية، أوله: حمد بي غايت آن فاطر حكيم،
الخ، ومنها مشارب الأذواق شرح على الميمية لابن الفارض، وهو أيضاً بالفارسية، أوله:
حمد عم وثنا ي اتم مر حضرت ودودي را، الخ، ومنها مرآة التائبين في التوبة، أوله: حمد
وثنا يى نامتناهي حضرت حكيم را، الخ، ومنها الرسالة الذكرية نحو كراسين، أولها: حمد
وسباس مر بروردكاري را، الخ، ومنها منهاج العارفين في وريقات، أوله: حمد بي حد وثنا
يى بي عد مر آفريدكاري را، الخ، ومنها الرسالة الذكرية بالعربية، أولها: الحمد لله وسلام
على عباده الذين اصطفى، الخ، ومنها المنامية في الرؤيا بالفارسية، أولها: الحمد لله حق
حمده، الخ، ومنها الهمذانية في تحقيق لفظ همذان بالفارسية، أولها: شاه راه شريعت
محمدي، الخ، ومنها الوجودية في تحقيق الوجود بالفارسية، أولها: الحمد لله وسلام على
عباده الذين اصطفى، الخ، ومنها التلقينية بالفارسية، أولها: الحمد لله الذي لقنني دقائق
العرفان، الخ، ومنها المشية أولها: تانقاشان كاركه قضا، الخ، ومنها مشكل حل، أولها: أي
مشكل حل وحل مشكل، الخ، وهي في تحقيق ذلك الكلام، ومنها الأورادية، مرتبة على
ثلاثة أبواب: الأول في فضل الأوراد، والثاني في الحاجة إليها، والثالث في توزيع الأوقات على
وظائفها، أولها: الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً،
الخ، ومنها المكتوبات الأميرية وفيها رسائله إلى أصحابه، ومنها النورية في أحسن الطرق
وأخصرها، ومنها ده قاعده في الطريقة، ومنها الفقيرية الأميرية أولها: الحمد لله حق حمده،
الخ، ومنها رسالة في الطب، أولها: آفتاب عنايت أز فلك درايت وبرج هدايت، الخ، ومنها
منازل السالكين بالعربية في المنازل العشرة، أولها: الحمد لله الذي أفاض جوده الجؤود على
كل موجود، ومنها رسالة في آداب المشيخة مرتبة على سبعة أبواب، ومنها رسالة في
مقامات الصوفية وأحوالهم ودرجاتهم ومعنى الفقر وما يتعلق به، ومنها رسالة في مقامات
السالكين، ومنها
رسالة في مناقب أهل البيت، ومنها الأربيعينية في أربعين حديثاً رواها
عن شيخه نجم الدين محمد بن أحمد الموفق الأذكاني بسنده إلى أنس بن مالك رضي الله
عنه، ومنها رسالة في آيات الأحكام من القرآن الكريم، ومنها رسالة سير الطالبين، وهو
كتاب جمع فيه بعض أصحابه ما كتب في مواضع شتى من الفوائد الأنيقة، ومنها رسالة
أخلاقية ومنها كشف الحقائق رسالة له جمعها محمد بن محمد الخوصي، ومنها الرسالة
الفتوتية قال: وذلك مما أوصيت به الأخ في الله المحسن الموفق السعيد أخي الشيخ حاجي
بن المرحوم طوطي عليشاهي الختلاني، أصلح الله شأنه في الدارين وألبسه لباس الفتوة
الذي هو جزء الخرقة المباركة كما لبست من شيخي نجم الدين أبي الميامن محمد بن أحمد
الأذكاني، انتهى، ومنها جهل أسرار وفيه ثمان وثمانون منظومة، ومنها الاختيارات جمع فيها
الأبيات الرائقة في الحقائق والمعارف، ومنها السبعين، رسالة جمع فيها سبعين حديثاً في
فضائل أهل البيت وأكثر أحاديثها مأخوذة من الفردوس وأحاديثها غير مقبولة عند
المحدثين، وعلى تلك الرسالة تخريج للشيخ فتح محمد بن محمد عيسى البرهانبوري، ومنها
معاش السالكين أوله: الحمد لله على نعمائه، الخ، ومنها معرفة النفس رسالة له أولها: شكر
وثناي آن خداي را، الخ، ومنها إنسان نامه، في القيافة، أولها: حمد وسباس وثناي بي
قياس، ومنها الواردات، بالفارسية، أولها: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري، الخ، ومنها
الرسالة الذكرية الصغرى بالعربية في فضل الذكر وخواصه وحقائقه، ومنها الرسالة الغيبية
أولها: سلام الله تعالى على فلان ورحمة الله وبركاته، ومنها شرح أسماء الله الحسنى
بالعربية، أولها: اللهم افتح باب الدخول في شواكل الأسماء، الخ، ومنها الرسالة الخواطرية
بالعربية، أولها: والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، الخ، ومنها الخطبة الأميرية، بالعربية،
ومنها المناجاة الأميرية، بالفارسية.
وكانت وفاته بتيراه من أرض ياغستان حين خرج من كشمير ووصل إليها، فنقلوا جسده
إلى ختلان من أعمال بدخشان ودفنوه بها، وكان ذلك في سنة ست وثمانين وسبعمائة، كما
في مهر جهانتاب.
الشيخ علي بن أحمد الغوري
الشيخ الصالح علي بن أحمد الغوري أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ الطريقة
عن الشيخ ركن الدين أبي الفتح الملتاني، وكان يسكن بمدينة كره، له كنز العباد في شرح
الأوراد كتاب بسيط في شرح أوراد الشيخ شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي، وتلك
النسخة موجودة في مكتبة المرحوم خدا بخش خان بمدينة عظيم آباد، كما في محبوب
الألباب.
الشيخ علي بن محمد الجيوري
السيد الشريف العلامة علي بن محمد بن علي بن أحمد بن أبي بكر بن أحمد ابن محمد
بن الحسين الشيخ علاء الدين الحسيني الجيوري كان من الأولياء السالكين المرتاضين.
ولد ونشأ بأرض الهند، وقرأ العلم على الشيخ حميد الدين مخلص بن عبد الله الدهلوي
ولازمه مدة من الزمان، وكان حميد الدين يحبه حباً مفرطاً ويحترمه ويشتغل بتعليمه وتربيته
أكثر مما كان يشتغل بغيه، كما في مناقب السادات للدولت آبادي، ثم إنه سافر إلى العراق
وأدرك المشايخ الكبار وأخذ الطريقة عن الشيخ شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي بلا
واسطة وغيره، كما في جامع العلوم وقيل: إنه أخذ عن الشيخ قوام الدين محمود بن محمد
الدهلوي عن والده شيخ الاسلام قطب الدين محمد الكروي، كما في تذكرة السادات وقيل:
إنه أخذ عن الشيخ قطب الدين محمد المذكور بلا واسطة ولده، كما في منبع الأنساب
والصواب أنه أخذ عن الشيخ قوام الدين محمود بن محمد الدهلوي، وأخذ عنه الشيخ
شمس الدين خواجكي العريضي الملتاني ثم الكروي، والشيخ محمد بن نظام الدين
البهرائجي، والشيخ عين الدين البيجابوري، والشيخ ركن الدين محمد الجنيدي، وخلق كثير
من العلماء والمشايخ، وأما جيور فإنه بكسر الجيم وسكون التحتية وفتح الواو قرية مشهورة
من أعمال بلند شهر وقد أخطأ فيه كثير من الناس
فمنهم من صحفه بجيبور التي هي
مدينة كبيرة في أرض راجبوتانه، مصرها راجه جي سنكه في أيام محمد شاه الدهلوي،
وأين هذا من ذاك؟ وللشيخ علاء الدين أعقاب صالحة بقرية جيور، لقيت بعضهم، وكان
يدعوه الناس بعلاء الدين شكر برش، مات في الثامن والعشرين من شعبان سنة أربع وثلاثين
وسبعمائة بدولت آبادن فدفن بها، كما في تاريخ الأولياء.
الشيخ علي بن محمد الجهونسوي
الشيخ الصالح علي بن محمد بن محمد بن محمد بن شجاع بن إبراهيم الحسيني البهكري
ثم الجهونسوي المشهور بشعبان الملة، ولد بمدينة بهكر يوم الخميس لخمس بقين من شعبان
سنة ثلاثين وستمائة ونشأ بها، وسافر إلى ملتان وله ثلاثون سنة، أخذ عن الشيخ شمس
الدين الحسيني العريضي والشيخ أبي الفتح ركن الدين الملتاني وصحبهما زماناً، ثم سافر إلى
بهار، ولازم الشيخ منهاج الدين حسن البهاري اثنتي عشرة سنة، وأخذ عنه، والشيخ
منهاج الدين أخذ عن الشيخ نجم الدين إبراهيم وهو عن الشيخ أبي الفتح ركن الدين
المذكور، ولما بلغ رتبة المشيخة أرسله المنهاج إلى شيخبوره، فلبث بها سنتين، ثم أرسله
إلى بياكك إله آباد فسكن بصحراء ما وراء النهر حيث يلتقي ماء جمن وكنك قريباً من
قرية هربونك بور، فأسلم على يده خلق كثير، توفي ثالث ذي الحجة- وقيل: في الثالث عشر
منها- سنة ستين وسبعمائة، كما في منبع الأنساب.
علي بن علي الجهونسوي
الشيخ الصالح علي بن علي بن محمد الحسيني البهكري الشيخ تقي الدين الجهونسوي أحد
كبار المشايخ السهروردية، ولد بجهونسي سنة عشرين وسبعمائة، وأخذ عن أبيه، ولازمه
ملازمة طويلة، ثم سافر إلى البلاد، وأخذ عن الشيخ علاء الدين الحسيني الجيوري ولازمه
زماناً، ثم رجع وتصدر للارشاد، أخذ عنه خلق كثير، توفي يوم الخميس لسبع خلون من
ذي الحجة سنة خمس وثمانين وسبعمائة، كما في منبع الأنساب.
علاء الدين علي بن محمد الدهلوي
السيد الشريف علاء الدين علي بن محمد بن علي بن أسامة بن عدنان بن أسامة الحلي
الدهلوي أحد السادة القادة، كان من نسل السيد الشريف ضياء الدين علي بن أسامة
الحلي المدفون بدهلي، ولد بمدينة دهلي، وأمه زهراء بنت زيد بن أسامة الحلي، ونشأ بها،
وتقرب إلى فيروز شاه الدهلوي، فجعله رسولدار الحاجب، وكانت خدمة جليلة يأتي
السفراء إليه ويعرضون الحوائج بوساطته على السلطان، وضيافتهم من تلقاء السلطان كانت
مفوضة إلى رسولدار، ولذلك اشتهر برسولدار، وبعثه فيروز شاه بعد جلوسه على سرير
الملك إلى خواجه جهان، وبعثه مرة بالسفارة إلى خراسان، كما في الرسالة الزيدية، وله
أعقاب كثيرون في قنوج ونواحيها.
علي بن محمود الدهلوي
الشيخ الفاضل علي بن محمود الدهلوي المشهور بعلي شاه جاندار، كان من كبار الأمراء
بدهلي، أخذته الجذبة الربانية، فترك الدنيا، ولازم الشيخ المجاهد نظام الدين محمد بن أحمد
البدايوني رحمه الله، وأخذ عنه الطريقة.
وكان عالماً كبيراً متفنناً في العلوم، له خلاصة اللطائف كتاب بالعربي في الحقائق والمعارف،
كما في أخبار الأخيار.
مولانا عماد الدين الدهلوي
الشيخ العالم الصالح عماد الدين بن حسام الدين الدهلوي الواعظ الكبير لم يكن له نظير في
التذكير، كان يجمع بين الطريقة والشوق واللطائف والظرائف وبيان الأسرار وكشف الحقائق،
وكان له صوت حسن شجي يأخذ بمجامع القلوب، ذكر ووعظ عشرين سنة بدار الملك
دهلي في عهد السلطان علاء الدين الخلجي، وكان يحضر مجالس وعظه خلق كثير من
الملوك والأمراء والعلماء والشعراء وعامة الناس، وكانوا يتأثرون بوعظه، ذكره البرني في
تاريخه.
مولانا عماد الدين الغوري
الشيخ العالم الصالح عماد الدين الحنفي الغوري أحد عباد الله الصالحين.
قتله محمد شاه تغلق الدهلوي، وسبب قتله على ما في أخبار الأخيار أن محمد شاه قال
له يوماً من الأيام: إن الفيوض الإلهية لم تنقطع حتى اليوم، فإن ادعى أحد بالرسالة وصدرت
عنه المعجزات فتصدقه أم لا، فغضب العماد ولم يملك نفسه فقال بالفارسية: كه مخور، أي
لا تأكل العذرة، فأمر محمد شاه أن يذبحوه ويخرجوا لسانه عن فمه، فامتثلوا أمره، رحمه الله
تعالى.
الشيخ عمر بن محمد الهندي
الشيخ الفاضل عمر بن محمد بن أحمد بن منصور بهاء الدين الهندي الحنفي نزيل مكة.
كان عالماً بالفقه والعربية مع حلم وأدب وعقل وحسن خلق، جاور المدينة مدة، وحج
سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، فسقط عن دابته فيبست أعضاؤه وبطلت حركته وحمل إلى
مكة وتأخر عن الحج وانتقل إلى رحمة الله سبحانه ذكره ابن فرحون في كتابه ونقل عنه
الفاسي في العقد كما في طرب الأماثل.
الشيخ عمر بن أسعد البندوي
الشيخ العالم الكبير عمر بن أسعد اللاهوري الشيخ علاء الدين البندوي أحد العلماء
المبرزين في الفقه والأصول والعربية.
كان والده وزيراً لبعض الملوك في بنكاله، ولذلك حصل له الجاه العظيم عند الملوك والأمراء
وصار كبير المنزلة عندهم وطار صيته في الآفاق، وكان يدرس ويفيد.
أخذ عنه كثير من الناس ولم يزل كذلك إلى أن ورد الشيخ سراج الدين عثمان الأودي
بتلك الديار، فترك البحث والاشتغال ولازمه وأخذ عنه الطريقة، وتولى المشيخة بعده، أخذ
عنه ولده نور الحق والسيد أشرف بن إبراهيم السمناني وعادل الملك الجونبوري وخلق
كثير، ويذكر له كشوف وكرامات ووقائع غريبة.
مات في مستهل رجب سنة ثمانمائة وقبره مشهور ببلدة بندوه، يزار ويتبرك به، كما في
أخبار الأخيار.
الشيخ عمر بن إسحاق الغزنوي
الشيخ الإمام العلامة الكبير عمر بن إسحاق بن أحمد أبو حفص سراج الدين الهندي
الغزنوي أحد الرجال المشهورين بالعلم.
ولد تقريباً سنة أربع وسبعمائة، وأخذ الفقه عن الإمام الزاهد وجيه الدين الدهلوي أحد
الأئمة بدهلي وعن شمس الدين الخطيب الدولي- نسبة إلى دول ناحية بين الري
وطبرستان- وعن سراج الدين الثقفي ملك العلماء بدهلي وركن الدين البدايوني- وهم من
أكبر تلامذة أبي القاسم التنوخي تلميذ حميد الدين الضرير- وأخذ عن غيرهم من العلماء،
ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وسمع عوارف المعارف من الشيخ خضر شيخ رباط
السدرة، وحدث به عن القطب القسطلاني عن مؤلفه، وسافر إلى القاهرة قديماً سنة
أربعين، وسمع من أحمد بن منصور الجوهري وغيره، وظهرت فضائله، ثم ولي قضاء
العسكر بعد أن ناب عن الجمال التركماني ثم عزل.
وكان عالماً فاضلاً إماماً علامة نظاراً فارساً في البحث مفرط الذكاء عديم النظير، له
التصانيف التي سارت بها الركبان، منها شرح الهداية المسمى بالتوشيح والشامل في الفقه
وزبدة الأحكام في اختلاف الأئمة الأعلام وشرح بديع الأصول لابن الساعاتي وشرح المغنى
للحنازي والغرة المنيفة في ترجيح مذهب أبي حنيفة وشرح الزيادات وشرح الجامعين- ولم
يكملهما- وشرح تائية ابن الفارض وكتاب في الخلافيات وكتاب في التصوف.
وذكر القارئ من تصانيفه شرح المنار وشرح المختار ولوائح الأنوار في الرد على من أنكر
على العارفين ولطائف الأسرار وعدة الناسك في المناسك وشرح عقيدة الطحاوي واللوامع
في شرح جمع الجوامع وغير ذلك، كما في الفوائد البهية.
وقد ذكر الكفوي في الطبقات أنه مات سنة ثلاث
وستين وسبعمائة، وأرخ وفاته الجلبي في
كشف الظنون والسيوطي في حسن المحاضرة سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، كما في الفوائد
البهية والصواب أنه توفي سنة ثلاث وسبعين، قال طاشكبري زاده في مفتاح السعادة إنه
مات في الليلة التي مات فيها البهاء السبكي وهي ليلة السابع من شهر رجب سنة ثلاث
وسبعين وسبعمائة، وكانت ولايته نحو أربع سنين، وكان كتب بخطه: مولدي سنة أربع
وسبعمائة، انتهى.
الشيخ عمر بن محمد السنامي
الشيخ الفاضل الكبير العلامة عمر بن محمد بن عوض الحنفي الإمام ضياء الدين السنامي
صاحب نصاب الاحتساب.
كانت له قدم راسخة في التقوى والديانة والاحتساب في الأمور الشرعية، ولد ونشأ بأرض
الهند، وقرأ العلم على الشيخ كمال الدين السنامي، واشتغل بالحسبة مدة من الزمان،
واشتغل بالتذكير أكثر من ثلاثين سنة وكان شديد النكير على أهل البدع والأهواء، لا يهاب
فيه أحداً ولا يخاف في الله لومة لائم، وكان يجتمع في مجالس وعظه خلق كثير يربو عددهم
على ثلاثة آلاف من الخاصة والعامة، ولا يستطيع أحد ممن حضر ذلك المجلس أن يلتفت
إلى شيء آخر غير الاستماع إليه، وكان ينقم على الشيخ نظام الدين محمد البدايوني سماعه
الغناء، والشيخ لا يجيبه إلا بالمعذرة وإظهار الانقياد لحكمه ويكرمه غاية الإكرام.
قال الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي في أخبار الأخيار: إن السنامي لما مرض
وأشرف على الموت جاء الشيخ يعوده فاستأذن، فأمر السنامي أن تفرش عمامته ليضع
القدم عليها فلما جئ بالعمامة وضعها الشيخ على الرأس وقبلها وحضر لديه ولكن
السنامي ما رفع إليه نظره استحياء منه، ولما خرج الشيخ من عنده توفي إلى رحمة الله
سبحانه، فبكى عليه الشيخ وقال: مات من كان متفرداً في حماية الشرع والذب عنه،
انتهى.
وقال الشيخ عصمة الله بن محمد أعظم السهارنبوري في رسالته في باب السماع، إنه لما
استأذن الشيخ في دخوله أجاب السنامي أنه لا يحب أن يرى المبتدع في آخر عهده من
الدنيا، فأجابه الشيخ أن المبتدع جاء تائباً من البدعة، فأمر السنامي أن تفرش عمامته
ليضع الشيخ قدمه عليها، انتهى.
قال القاضي ضياء الدين البرني في تاريخه: إن والده كان من العلماء المتبحرين وللسنامي
اليد البيضاء في تفسير القرآن الكريم وكشف حقائقه، كان يذكر في كل أسبوع ويحضر
مجلسه ثلاثة آلاف من الناس من كل صنف ويتأثرون بمواعظه حتى أنهم كانوا يجدون
حلاوتها إلى الأسبوع الآخر، وكان له إنكار على طريقة الشيخ نظام الدين محمد البدايوني،
انتهى.
ومن مصنفاته نصاب الاحتساب كتاب مفيد في بابه مرتب على خمسة وستين باباً، أوله:
الحمد لله الحسيب الرقيب على نواله إيماناً واحتساباً، الخ، ومنها تفسير سورة يوسف من
القرآن الكريم، وله الفتاوي الضيائية.
ومن فوائده رحمه الله
ما قال في قوله تعالى حكاية عن بني يعقوب "يا أبانا مالك لا تأمنا"! الآية دلت على أن
أولاد الأنبياء مثل أولاد غيرهم يدعون آباءهم الأنبياء باسم الأبوة لأن إخوة يوسف قالوا
لأبيهم: يا أبانا، كما
يدعو كل واحد أباه: يا أبت، ويتفرع على هذا فضل أولاد النبي صلى
الله عليه وسلم على سائر الناس لامتيازهم بها عن سائر الناس، انتهى.
الشيخ عين الدين البيجابوري
الشيخ العالم أبو العون عين الدين الجنيدي الدهلوي ثم البيجابوري المعروف بخزانة العلم
ولد بدار الملك دهلي سنة ست وسبعمائة ونشأ بها، ثم رحل إلى دولت آباد وأخذ عن
الشيخ علاء الدين الحسيني الجيوري، وقرأ العلم على الشيخ شمس الدين محمد الدامغاني،
وصحب الشيخ منهاج الدين التميمي الأنصاري، وأخذ عن كثير من العلماء حتى صار من
أكابر عصره، ورحل إلى عين آباد السكر- بتشديد الكاف- سنة سبع وثلاثين وسبعمائة،
ثم ذهب إلى بيجابور وسكن بها سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، ودرس وأفاد مدة حياته.
أخذ عنه الشيخ حسين بن محمود الشيرازي والشيخ محمد بن يوسف الحسيني الدهلوي
وجمع كثير من المشايخ، وله مصنفات كثيرة عدها صاحب الروضة اثنين وثلاثين ومائة
كتاب، أشهرها الملحقات في التاريخ، وطور الأبرار، وكتاب في الأنساب وتاريخ الأولياء من
أهل الهند.
ومن شعره قوله:
تاتو نه رسى بشيخ با حق نرسي زيرا كه ميان شيخ وحق نيست دوئي
مات في السابع والعشرين من جمادي الآخرة سنة خمس وتسعين وسبعمائة بمدينة بيجابور
فدفن بها، كما في روضة الأولياء.
الخواجه عين الدين الهندي
الأمير الكبير الخواجه عين الدين الهندي المشهور بعين الملك كان من الأفاضل المشهورين في
عصره، ولاه محمد شاه تغلق على بلاد أوده وظفر آباد، فاستمر على تلك الأعمال الجليلة
مدة من الزمان، وضبط البلاد وسد الثغور، وصار صاحب عدة وعدد، فأراد محمد شاه
المذكور أن يوليه على بلاد دكن، وكان محمد شاه غشوماً جائراً فأساء به الظن وخرج
عليه، فقاتله محمد شاه وقبض عليه، ثم أطلقه من الأسر لمكانته عنده في ضبط البلاد.
ولما تولى المملكة فيروز شاه أدخله في ديوان الوزارة وجعله مشرف الملك، فأقام على تلك
الخدمة أياماً قلائل، ثم ولاه على ملتان.
وله مصنفات كثيرة صنفها لمحمد شاه وفيروز شاه.
حرف الغين
غياث الدين تغلق شاه
الملك العادل الفاضل غياث الدين تغلق شاه الدهلوي كان من الأتراك القرونة، وكان
ضعيف الحال، فقدم بلاد السند في عهد السلطان علاء الدين الخلجي، وأمير السند إذ
ذاك أخوه أدلو خان، فخدمه تغلق وتعلق بجانبه، فرتبه في الرجالة، ثم ظهرت نجابته فأثبته
في الفرسان، ثم صار من الأمراء الصغار، وجعله أدلو خان أمير خيله، ثم صار بعد من
الأمراء الكبار، وسمي بالملك الغازي.
قيل إنه قاتل التتر تسعاً وعشرين مرة فهزمهم، فحينئذ سمي بالملك الغازي، وولي مدينة
ديبالبور وعمالتها، وجعل ولده محمد جونه أمير الخيل، فلما قتل قطب الدين الخلجي وولي
خسرو خان أبقاه على إمارة الخيل، فلما أراد تغلق الخلاف كتب إلى كشلو خان- وهو
يومئذ بالملتان وبينها وبين ديبالبور ثلاثة أيام- يطلب منه القيام بنصرته ويذكره نعمة قطب
الدين ويحرضه على طلب ثأره، وكان ولد كشلو خان بدهلي، فكتب إلى تغلق أنه لو كان
ولدي عندي لأعنتك على ما تريد، فكتب تغلق إلى ولده محمد يعلمه بما عزم عليه ويأمره
أن يفر إليه ويستصحب معه ولد كشلو خان، فأراد ولده الحيلة على خسرو خان، وتمت له
كما أراد، فلحق بأبيه واستصحب معه ولد كشلو خان، وحينئذ أظهر تغلق الخلاف وجمع
العساكر وخرج معه كشلو خان في أصحابه. وبعث
خسرو خان لقتالهما أخاه خان خانان
فهزماه شر هزيمة، فرجع إلى أخيه وقتل أصحابه، ونفدت خزائنه وأمواله وقصد تغلق
حضرة دهلي، وخرج إليه خسرو خان في عساكره ووقع اللقاء بينه وبين تغلق، وقاتل
الوثنيون أشد قتال وانهزمت عساكر تغلق، وانفرد في أصحابه الأقدمين وكانوا ثلاثمائة يعتمد
عليهم في القتال، فقال لهم: إلى أين الفرار؟ فما اشتغلت عساكر خسرو خان بالنهب
وتفرقوا عنه قصد تغلق وأصحابه موقفه، وحمى القتال بينهم وبين الوثنيين، ولم يبق مع
خسرو خان أحد فهرب ثم قبض عليه وقتل، واستقام الملك لتغلق أربعة أعوام.
وكان عادلاً فاضلاً، كريماً حليماً، متورعاً، حسن الأخلاق، راجح العقل، متين الدين، كان
يلازم الصلوات الخمس بالجماعة، ويجلس للناس في الديوان العام من الصباح إلى المساء،
ويتفقد بنفسه أحوال الناس، ويشتغل بما يهمه من الأمور بنفسه، ويكرم العلماء والمشايخ،
ويعظمهم تعظيماً بالغاً، بعث ولده جونه بعساكره إلى ورنكل ليفتح بلاد تلنكك، وتجهز
بنفسه لقتال غياث الدين ملك بنكاله الذي قتل أخاه قتلو خان وسائر إخوته وفر شهاب
الدين وناصر الدين منهم إلى تغلق، فجد السير إلى بنكاله وتغلب عليها وأسر سلطانها
وقدم به أسيراً إلى دهلي، فلما عاد من سفره وقرب من حضرته أمر ولده أن يبني له قصراً
على واد هناك، فبناه في ثلاثة أيام وجعل أكثر بنائه بالخشب مرتفعاً على الأرض قائماً على
سواري خشب، وأحكمه بهندسة تولي النظر فيها أحمد بن أياز الدهلوي وكان صاحب
شحنة، القصور الملكية واخترعوا فيه أنه متى وطئت الفيلة جهة منه وقع ذلك القصر
وسقط، ونزل السلطان بالقصر، واستأذنه ولده أن يعرض الفيلة بين يديه، فأذن له فأتى
بالأفيال من جهة واحدة حسب ما دبروه، فلما وطئتها سقط القصر على السلطان، وأمر
ابنه أن يؤتى بالفؤوس والمساحي للحفر عنه، فلم يؤت بها إلا وقد غربت الشمس، فحفروا،
وزعم بعضهم أنهم أخرجوه ميتاً، وبعضهم أنهم أجهزوا عليه حياً، فجهز ليلاً إلى مقبرته
فدفن بها.
ومن مآثره الجميلة تغلق آباد بلدة كبيرة بناها خارج دهلي القديمة.
وكانت وفاته في ربيع الأول سنة خمس وعشرين وسبعمائة.
غياث الدين ملك بنكاله
الملك المؤيد غياث الدين بن سكندر بن شمس الدين السلطان المشهور قام بالملك بعد
والده سنة سبع وستين وسبعمائة باكداله، كانت بلدة عامرة بأرض بنكاله في سالف
الزمان.
وكان من خيار السلاطين متصفاً بالفضل والكمال، قرأ العلم على الشيخ حميد الدين أحمد
الحسيني الناكوري، وقرب إليه العلماء والمشايخ، وأحسن إلى الناس وغمرهم بإحسانه
وأرسل إلى الحرمين الشريفين صدقة كبيرة مع خادمه ياقوت الغياثي ليتصدق بها على أهل
الحرمين ويبني له بمكة مدرسة ورباطاً ويقف على ذلك عقاراً يصرف ريعه على أعمال الخير
كالتدريس ونحوه، وكان ذلك بإشارة وزيره خان جهان، فوصل ياقوت المذكور بأوراق
سلطانية إلى السيد حسن بن عجلان شريف مكة يومئذ مع هدايا جميلة إليه فقبلها وأمره
ان يفعل ما أمره السلطان، وأخذ ثلث الصدقة على معتاده ومعتاد آبائه، ووزع الباقي على
الفقهاء والفقراء بالحرمين الشريفين، فعممتهم وتضاعف الدعاء له بالخير والدال عليه،
واشترى ياقوت الغياثي لبناء المدرسة والرباط دارين متلاصقتين على باب أم هانئ،
هدمهما وبناهما في عامه رباطاً ومدرسة، واشترى أصيلتين وأربع وجبات ماء في الركاني،
وجعلها وقفاً على المدرسة، وجعل لها أربعة مدرسين من أهل المذاهب الأربعة وستين
طالباً ووقف عليهم ما ذكرناه، واشترى داراً مقابلة للمدرسة المذكورة بخمسمائة مثقال
ذهباً وقفها على مصالح الرباط، وأخذ منه السيد حسن شريف مكة في الدارين اللتين
بناهما رباطاً ومدرسة والأصيلتين والأربع الوجبات من قرار عين الركاني اثني عشر ألف
مثقال ذهباً، وأخذ منه مبلغاً لا يعلم قدره كان جهزه معه السلطان لاصلاح عين عرفة،
فذكر السيد حسن أنه يصرفه على إصلاحها، ويقال إن قدره ثلاثون ألف مثقال ذهباً، ثم
إن السيد حسن عين أحد قواده لتفقد عين بازان وإصلاحها وإصلاح البركتين بالمعلاة
وكانتا معطلتين، فأصلحهما إلى أن جرت عين
بازان فيهما، وكان خان جهان وزير السلطان
غياث الدين أرسل مع ياقوت الغياثي خادماً له يسمى حاجي إقبال، أرسله بصدقة أخرى
من عنده لأهل المدينة المنورة وجهز معه ما لا يبني له به مدرسة ورباطاً، وهدية إلى أمير
المدينة يومئذ جماز الحسيني، فانكسرت السفينة التي فيها هذه الموال وغيرها بقرب جدة،
صرح به المفتي قطب الدين محمد بن أحمد النهروالي في تاريخ مكة.
وبالجملة فإن السلطان غياث الدين كان من خيار السلاطين طار ذكره في الآفاق وقصده
الناس من البلاد الشاسعة، وبعث إليه الحافظ الشيرازي أبياته الرائقة منها قوله:
آن جشم جادوانه عابد فريب من كس كاروان سحر بدنباله ميرود
شكر شكن شوند همه طوطيان هند زين قند بارسي كه به بنكاله ميرود
حافظ زشوق مجلس سلطان غياث دين خامش مشو كه كار تو از ناله ميرود
توفي سنة خمس وسبعين وسبعمائة، كما في مهر جهانتاب.
حرف الفاء
مولانا فخر الدين الزرادي
الشيخ الفاضل العلامة فخر الدين الزرادي السامانوي ثم الدهلوي، الفاضل المشهور، أصله
من سامانه.
اشتغل بالعلم من صغر سنه ودخل دهلي، فقرأ على مولانا فخر الدين الهانسوي وشاركه
في القراءة والسماع القاضي كمال الدين الهانسوي والشيخ نصير الدين محمود الأودي، وكان
شديد الإنكار على الصوفية، يطعن في الشيخ نظام الدين محمد البدايوني ويشنع عليه،
فيكبر على الشيخ نصير الدين المذكور تشنيعه، وكان يحثه على أن يحضر مجلس الشيخ،
فدخل في حضرته مرة وأخذته الجذبة الربانية، فخضع له ولبس منه الخرقة ولازم الشيخ مدة
حياته مع قيامه على الدرس والإفادة، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ورحل إلى
بغداد وأدرك المشايخ وأخذ الحديث عنهم، ثم رجع إلى الهند وركب البحر فغرق.
وكان صادق اللهجة حر الضمير، لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يهاب أحداً ولا يترك كلمة
الحق عند السلطان الجائر، قال الكرماني في سير الأولياء: إن محمد شاه تغلق طلبه يوماً
يريد أن يتهمه ويؤاخذه في شيء، فقال: إني أريد أن أغزو التتر فعليك أن تحرض المؤمنين
على القتال! فقال الشيخ: إن شاء الله تعالى، فقال الملك: هذه كلمة شك، فقال: لا، بل هي
كلمة ينبغي أن تقال في الأمر المستقبل، فاحمر وجه الملك غضباً وقال: أوصني بما ينفعني،
فقال: عليك أن تكظم الغيظ، فقال السلطان: أي غيظ؟ قال: الغضب السبعي، فغضب
السلطان أشد من الأولى فأخفاه، ثم أعطاه صرة مملوءة من الدنانير على الأقمشة الحريرية
ويريد يؤاخذه إن لم يأخذ، فأخذها قطب الدين الدبير أحد تلامذة الزرادي مخافة منه وكان
قائماً عند الملك فخرج الزرادي سالماً.
قال الكرماني: وكان متميزاً في أصحاب الشيخ نظام الدين المذكور بفصاحة اللسان وجودة
القريحة وسرعة الإدراك ولطافة الكلام، بارعاً في كثير من العلوم والفنون.
أخذ عنه الشيخ سراج الدين عثمان الأودي، ومولانا ركن الدين، وصنوه صدر الدين
الاندربتي، ومحمد بن المبارك الكرماني، وعمه الحسين بن محمود وخلق آخرون.
ومن مصنفاته العثمانية رسالة له في التصريف صنفها للشيخ سراج الدين عثمان المذكور،
ومنها الخمسين رسالة له في المسائل الكلامية مما يستصعبه الناس، ومنه كشف القناع عن
وجوه السماع ومنها أصول السماع وقد طالعت الأخير من تلك الرسائل.
ومن فوائده ما قال في أصول السماع:
اعلم أن أهل السنة والجماعة ثلاث فرق: الفقهاء والمحدثون والصوفية، فالفقهاء سموا
المحدثين
أصحاب الظواهر، لأنهم يعتمدون على مجرد الخبر ويطلبون الإسناد الصحيح،
وسموا أنفسهم أهل الرأي، لأنهم يعملون بالرأي ويتركون خبر الواحد، فعندهم العمل بالدراية
مع وجود مخالفة خبر الواحد عن الثقات جائز وعند المحدثين لا يجوز، والصوفية أجود
الفرق وأصفاهم، لأنهم يتوجهون إلى الله تعالى بترك الالتفات إلى ما سوى الله تعالى، فهم
يعملون بالمذهب الأحوط ولا يقبلون المذهب المعين، كما قال بعضهم: الصوفي لا مذهب له،
ويتمسكون بقوله عليه الصلاة والسلام: اختلاف أمتي سعة في الدين، فإذا كان الاختلاف
توسيعاً فاختيار المذهب المعين تضييق، وتضييق الموسع ممنوع في الدين، لأنه خرج في حق
المكلف، ولذلك منع النبي صلى الله عليه وسلم أعرابياً حين دعا: اللهم أرحمني ومحمداً
ولا ترحم معنا أحداً، وقال: لقد حجرت واسعاً، فثبت أن اختيار المذهب المعين ليس
بشيء وهو طريق العوام، ويؤيد ما قاله الصوفية الكتاب والسنة وأجمع عليه المحققون،
فالكتاب هو قوله تعالى: " فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" والأمر بالسؤال من غير
تعيين يدل على أن اختيار المذهب المعين بدعة، وأما السنة فقوله عليه الصلاة والسلام:
أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم فالأمر بالاقتداء كالأمر بالسؤال في ترك الاختيار،
وأما الإجماع فهو ظاهر لأن النظر في أقوال العلماء المجتهدين واجب حتى يميز العاقل دليل
الراجح من المرجوح والقوي من الضعيف لزيادة الرشد في الأصول، وهو طريق طلب العلم
وطلبه واجب بالإجماع، ولهذا ورد في الحديث: طلب العلم فريضة على كل مسلم
ومسلمة، فاختيار المذهب المعين بالتقليد إغلاق لهذا الباب، والقياس كذلك لكونه ترجيحاً
بلا مرجح وحرجاً في حق المكلف كما ذكروه، فإذا كان الصوفية على مذهب غير معين
فرأى الفقهاء فيهم ليس بحجة عليهم فافهم، انتهى.
وكانت وفاته في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ فخر الدين المروزي
الشيخ الفقيه الزاهد فخر الدين المروزي أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ
الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد البدايوني وانقطع إلى الزهد والعبادة، لم يكن في زمانه
مثله في الترك والتجريد، كما في سير الأولياء وكانت وفاته في سنة ست وثلاثين وسبعمائة في
أيام محمد شاه تغلق- كما في خزينة الأصفياء.
مولانا فخر الدين الناقلي
الشيخ الفاضل العلامة المعمر فخر الدين الناقلة الدهلوي أحد العلماء المبرزين في الفقه
والأصول والعربية.
ولي الصدارة في عهد السلطان غياث الدين بلبن فاستقل بها مدة مديدة، ثم اعتزلها وقعد
في بيته مدة من الزمان، ثم ولاه السلطان جلال الدين فيروز الخلجي الصدارة، فاستقل بها
أربعة أعوام تقريباً ثم اعتزلها، وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه خلق كثير من العلماء، ذكره
البرني في تاريخه.
مولانا فخر الدين الهانسوي
الشيخ الفاضل الكبير العلامة فخر الدين الهانسوي أحد الأساتذة المشهورين في عصرهن
كان يدرس ويفيد بدار الملك دهلي، أخذ عنه ابن أخته القاضي كمال الدين الهانسوي
والشيخ نصير الدين محمود الأودي والشيخ فخر الدين الزرادي وخلق آخرون.
قال الشيخ حميد الدين الدهلوي القلندري في خير المجالس: إن الشيخ نصير الدين محموداً
قرأ عليه هداية الفقه مشاركاً للشيخ فخر الدين الزرادي، انتهى، ومن مصنفاته رحمه الله
دستور الحقائق كتاب بسيط.
مولانا فخر الدين شقاقل
الشيخ الفاضل فخر الدين الدهلوي المشهور بشقاقل كان من كبار الأساتذة بدار الملك
دهلي في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، كان يدرس ويفيد، ذكره البرني في
تاريخه.
القاضي فخر الدين البجنوري
الشيخ الفقيه الصالح فخر الدين بن ركن الدين بن فخر الدين بن عثمان بن أبي بكر
الصديق الستركي ثم البجنوري أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، بايع الشيخ نظام
الدين محمداً البدايوني، ثم لازم بعده الشيخ نصير الدين محموداً الأودي وأخذ عنه، وكان له
شأن كبير في الزهد والاستغناء عن الناس.
مات لخمس خلون من جمادي الأولى سنة تسع وخمسين وسبعمائة، ودفن بقرية بجنور-
بكسر الموحدة على أربعة أميال من لكهنؤ- كما في تذكرة الأصفياء.
فخر الدين الزاهدي
الشيخ الكبير فخر الدين بن شهاب الدين بن فخر الدين الزاهدي الميرتهي الدهلوي أحد
المشايخ المشهورين في الهند، أدركه الشيخ جلال الدين حسين بن أحمد الحسيني البخاري
بمدينة دهلي، وكان له ثلاثة أبناء: بهاء الدين كنج روان سكن بكالبي، وصدر الدين سكن
بجونبور، وبدر الدين سار إلى بهار وسكن بها، وكلهم لبسوا الخرق من الشيخ جلال الدين
المذكور، كما في البحر الزخار.
مولانا فخر الدين الدهلوي
الشيخ الكبير فخر الدين الدهلوي شمس الملك كان من كبار الأمراء، أخذته الجذبة الإلهية
فلازم الشيخ برهان الدين محمداً الهانسوي الغريب وأخذ عنه الطريقة الجشتية، وترك
الإمارة والمناصب السلطانية، وسكن بدولت آباد في زاوية الشيخ المذكور، وقبره بها
مشهور ظاهر، يزار ويتبرك به.
شيخ الاسلام فريد الدين الأودي
الشيخ العالم الكبير العلامة شيخ الاسلام فريد الدين الشافعي الأودي أحد الأفاضل
المشهورين، لم يكن مثله في زمانه في النحو واللغة والعربية والتفسير، كان شيخ الاسلام
بأرض أوده، أخذ عنه الشيخ شمس الدين محمد بن يحيى الأودي والشيخ علاء الدين
النيلي، قرأ عليه الكشاف، كما في سير الأولياء.
الشيخ فريد الدين الناكوري
الشيخ العالم الفقيه محمود بن علي بن الحميد السعيدي السوالي الشيخ فريد الدين
الناكوري أحد كبار المشايخ في عصره، ولد ونشأ بمدينة ناكور، وأخذ عن أبيه وتأدب
عليه، ثم قام مقامه في الارشاد والتلقين، أخذ عنه الشيخ ضياء الدين النخشبي وخلق
آخرون.
وله سر الصدور كتاب في أخبار جده، قال فيه: إني أدركت جدي في صغر سني،
وأجازني والدي في الحديث وفي الدعوة لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة خمس وعشرين
وسبعمائة، وألبسني خرقة جدي ودعا لي بالبركة.
قال المفتي غلام سرور في خزينة الأصفياء إنه مات في سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة
بدهلي فدفن بها.
الشيخ فريد الدين الدولت آبادي
الشيخ العالم الفقيه فريد الدين الدولت آبادي المشهور بالأديب كان من كبار المشايخ
الجشتية، أخذ الطريقة عن الشيخ برهان الدين محمد الهانسوي الغريب ولازمه مدة من
الدهر حتى بلغ رتبة الكمال، وكان الشيخ يحبه حباً مفرطاً، مات قبل وفاة شيخه بثلاثة
عشر يوماً، وكان ذلك في التاسع والعشرين من محرم الحرام سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة،
وقبره مشهور ظاهر يزار ويتبرك به بالروضة.
الشيخ فضل بن محمد الملتاني
الشيخ الفقيه الزاهد فضل بن محمد بن زكريا الأسدي القرشي الشيخ فضل الله الملتاني
أحد رجال العلم والمعرفة، أخذ عن أبيه الشيخ صدر الدين محمد العارف وتأدب بآدابه،
أخذ عنه الشيخ شمس الدين المصري المحدث، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا فصيح الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل فصيح الدين الدهلوي أحد الفقهاء المبرزين في العلم والعمل، قرأ أصول الفقه
على الشيخ شمس الدين القوشجي مشاركاً للقاضي محي الدين الكاشاني، وقرأ سائر
الفنون على غيره من العلماء.
وكان مفرط الذكاء جيد القريحة، كثير الدرس والافادة، جعله غياث الدين بلبن معلماً
لأبنائه، فاشتغل بالتدريس مدة من الدهر، ثم اعتزله وانقطع إلى الزهد والعبادة، وأخذ
الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد البدايوني وصحبه زماناً، ومات في حياة شيخه
المذكور، كما في سير الأولياء.
القاضي فصيح الدين الهروي
الأمير الفاضل علاء الملك فصيح الدين الهروي الخراساني أحد الفقهاء الحنفية، كان
قاضياً ببلدة هراة، ثم وفد على محمد تغلق شاه سلطان الهند فولاه على مدينة لاهري
وأعمالها من بلاد السند.
ذكره ابن بطوطة في رحلته وقال: ولاهري مدينة حسنة على ساحل البحر الكبير، وبها
يصب نهر السند في البحر فيلتقي بها بحران، ولها مرسى عظيم يأتي إليه أهل اليمن وأهل
فارس وغيرهم، وبذلك عظمت جباياتها وكثرت أموالها، وقد أخبره الملك أن مجبي هذه
المدينة ستون لكا في السنة وللأمير من ذلك نيم ده يك، معناه نصف العشر، انتهى.
فيروز شاه الدهلوي
أبو المظفر كمال الدين فيروزشاه بن سالار رجب السلطان الصالح كان من بني أعمام محمد
شاه تغلق.
ولد سنة تسع وسبعمائة وتربى في حجر عمه غياث الدين وابن عمه محمد شاه المذكور،
وولي الحجابة مدة من الزمان، ولما مات محمد شاه اتفق الناس عليه وبايعوه في الرابع
والعشرين من محرم سنة 752 هـ، وكان يمتنع من ذلك فبالغ الناس في الإصرار عليه وألح
عليه الشيخ نصير الدين محمود الأودي وغيره من الصدور والقضاة والفقهاء، فتولى الملك
وافتتح أمره بالعدل والاحسان، وأسس مدينة كبيرة بقرب دهلي في سنة خمس وخمسين
وسبعمائة وسماها فيروزآباد، وأجرى نهراً من جمنا وأتى به إلى فيروزآباد، وأجرى نهراً
من نهر ستلج في سنة ست وخمسين وأتى به إلى مدينة جهجهر، والمسافة بينهما ثمانية
وأربعون كروهاً، والكروه في اللغة الفارسية ميلان، وكذلك أجرى نهراً في سنة سبع
وخمسين من جبل مندي وسرمور، وجمعها في سبعة أنهار فأتى به إلى آبسين، وبنى به قلعة
حصينة متينة سماها حصار فيروزه وكذلك أجرى نهراً من ماء كهكر في سنة اثنتين
وستين وأتى به إلى حصار سرستي، ثم أوصله إلى نهر سركهتره، وبنى به مدينة كبيرة
سماها فيروزآباد، وكذلك أجرى نهراً فيما بين سرستي وسليم، وكانت تلالاً كباراً فيما
بينهما فحفرها وواصل ماء سرستي بماء سليم، فاستقت بها أرض قفراء من سرهند
ومنصور بور وسنام وغيرها من البلاد، وكذلك نهر أخرجه من نهر جمنا مما يلي خضرآباد
وأتى به إلى سفيدون على ثلاثين ميلاً منه.
وبالجملة فإنه حفر خمسين نهراً، وبنى أربعين مسجداً، وعشرين زاوية ومائة قصر،
وخمسين مارستاناً، ومائة مقبرة، وعشر حمامات، ومائة جسر، ومائة وخمسين بئراً.
وأما الحدائق فإنه أسس ألفاً ومائتي حديقة بناحية دهلي وثمانين حديقة بناحية سادره
وأربعين حديقة بناحية جتور، كانت فيها سبعة أقسام من العنب، ويحصل له من تلك
الحدائق ثمانون ألف تنكة بعد وضع النفقات الكثيرة.
وتحصل له من دوآبه دهلي ثمانية ملايين تنكة ومن جبايات الهند ثمانية وستون مليوناً
ونصف مليون تنكة.
وكانت الوظائف والأرزاق في عهده للعلماء والمشايخ ثلاثة ملايين وستمائة ألف تنكة،
ولغيرهم من أرباب الحاجات عشرة ملايين تنكة، كما في تاريخ فرشته وغيره من كتب
الأخبار.
ومن مآثره الجميلة جامع كبير بدهلي، بناه فوق تل من الأحجار المنحوتة أبدع نحت،
ومنها المدرسة الفيروزية أسسها على الحوض الخاص بدهلي جامعة بين الحسن والحصانة،
يجري فيها الماء الغزير ولا
يوجد لها نظير في الدنيا، ذكرها البرني في تاريخه.
ومنها أنه لما افتتح نكر كوث ووقف على جوالامكهي- معبد للوثنيين- وأخبر أن فيه
مكتبة فيها ألف وثلاثمائة من الكتب العتيقة للوثنيين كلف العلماء أن ينقلوها من
سنسكرت إلى الفارسية فنقلوا بعض الكتب في الرياضي والنجوم والأدب والموسيقى، ونظم
أعز الدين الخالدخاني كتاباً في الحكمة الطبيعية والتفاؤل والتطير وسماه دلائل فيروزشاهي
وكذلك صنف عين الملك كتباً بأمره، وصنف القاضي ضياء الدين البرني تاريخاً لملوك
دهلي وبسط الكلام في أخباره، وصنف السراج العفيف أيضاً كتاباً في أخباره، وللسلطان
فيروزشاه كتاب في الرئاسة والسياسة، رتبه على ثمانية أبواب وأمر أن ينقشوها في الأحجار
وينصبوها في المنارة المثمنة من الجامع الكبير بفيروزآباد دهلي.
ومن نوادر ما اخترعه فيروزشاه الساعة العجيبة يخرج في كل ساعة منها صوت عجيب
يترنم بهذا البيت:
هر ساعتي كه بر در شه طاس ميزنند نقصان عمر مي شود آن ياد مي دهند
وكانت تستخرج منها أوقات الليل والنهار ووقت إفطار الصوم وكيفية الأظلال وزيادة اليوم
ونقصانه باعتبار الفصول، وكان نصب تلك الساعة بمدينة فيروز آباد.
وكانت وفاته في الثالث عشر من رمضان سنة تسع وتسعين وسبعمائة، كما في تاريخ
فرشته.
الشيخ فيروز الدهلوي
الشيخ العالم الصالح شرف الدين فيروز الدهلوي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح،
أخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد البدايوني، ولازمه مدة من الزمان، واستفاض منه
فيوضاً كثيرة.
وكان عالماً كبيراً فاضلاً بارعاً تقياً متورعاً لا يتردد إلى الأغنياء ولا يلتفت إليهم، ولا يقبل
منهم الهدايا والجوائز، والناس كانوا يعتقدون فضله وكماله، مات ودفن بديوكير.
حرف القاف
الشيخ القاسم بن عمر الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير القاسم بن عمر الدهلوي كان والده ابن أخت الشيخ نظام الدين
محمد البدايوني، ولد ونشأ بمدينة دهلي وحفظ القرآن الكريم، وقرأ العلم على مولانا جلال
الدين الدهلوي، قرأ عليه الهداية والبزدوي والمشارق والكشاف وسائر الكتب الدرسية،
ولازمه مدة من الزمان.
وكان مفرط الذكاء جيد القريحة، له لطائف التفسير كتاب في تفسير القرآن يحتوي على
اللطائف والأسرار، كما في سير الأولياء.
الشيخ قطب الدين الهانسوي
الشيخ الكبير الزاهد المجاهد قطب الدين بن برهان الدين جمال الدين النعماني الهانسوي
المشهور بالمنور، كان من المشايخ المشهورين في أرض الهند، ولد ونشأ بهانسي وأخذ
الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد البدايوني، ولازمه مدة من الدهر حتى نال حظاً وافراً
من العلم والمعرفة فاستخلفه الشيخ سنة أربع وعشرين وسبعمائة.
وكان زاهداً مجاهداً، لم يزل يشتغل بالصيام والقيام والذكر والفكر على الدوام، وكان لا
يلتفت إلى الدنيا الدنية الشوهاء، ولا يجالس الأمراء والأغنياء، أقطعه محمد شاه تغلق
قريتين فلم يقبلهما وقنع بما لديه متوكلاً على الله سبحانه مفيداً مرشداً، كما في سير
الأولياء.
توفي لأربع بقين من ذي القعدة سنة سبع وخمسين وسبعمائة، صرح به السراج العفيف في
تاريخه.
الشيخ قطب الدين حيدر العلوي
الشيخ العابد الزاهد قطب الدين حيدر العلوي الأجي السندي أحد كبار الصالحين،
أدركه الشيخ محمد بن بطوطة المغربي الرحالة بمدينة أج، فلقيه ولبس منه الخرقة وذكره في
كتابه.
قطب الدين شاه الكشميري
الملك المؤيد قطب الدين بن شمس الدين شاه مرزا الكشميري السلطان المنصور، قام
بالملك بعد أخيه شهاب الدين، وكان من خيار السلاطين عادلاً فاضلاً كريماً، مصر بلدة
قطب الدين بور، وبنى بها مدرسة عظيمة، وقدم في أيامه الشيخ علي ابن الشهاب الحسيني
الهمذاني، فاستقبله وعظمه فوق ما كان، واستقل بالملك خمس عشرة سنة، مات سنة
ست وتسعين وسبعمائة، كما في تاريخ فرشته.
مولانا قوام الدين الدهلوي
الشيخ العميد الأجل قوام الدين الدهلوي الدبير المشهور بعمدة الملك كان من كبار
الأفاضل، ولي ديوان الإنشاء في عهد السلطان غياث الدين بلبن، ثم نال الإمارة في عهد معز
الدين كيقباد وولي الاشراف والحجابة، ذكره القاضي ضياء الدين البرني في تاريخه وأثنى
على فضله وبراعته في الإنشاء والترسل، قال: ولم يكن مثله في زمانه في الفضل والبلاغة
والإنشاء وإنه كان فوق الوطواط والأصم، وإنه سحر الناس وأدهش قلوبهم بكتاب الفتح
الذي أرسله غياث الدين بلبن من لكهنوتي إلى الملوك والأمراء، انتهى.
حرف الكاف
مولانا كبير الدين العراقي
الشيخ الفاضل المؤرخ كبير الدين بن تاج الدين العراقي الدهلوي أحد العلماء البارعين في
السير والتاريخ، لم يكن له نظير في عصره في الإنشاء والترسل والبلاغة، له إنشاء بليغ بالعربية
والفارسية ومصنفات عديدة في التاريخ، صنف كتباً في فتوح السلطان علاء الدين محمد
شاه الخلجي، ولكنه بالغ فيها في المدح والإطراء والتأنق في العبارة خلافاً لآداب المؤرخين
من إيراد الخير والشر والحسن والقبيح والمناقب والمعايب، جعله السلطان المذكور أمير داد
في معسكره مقام والده، وكان والده يعد من أرباب الفضل والكمال، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا كريم الدين الدهلوي
الشيخ العالم الصالح كريم الدين الدهلوي، كان مشهوراً في الموعظة والتذكير، كان في عهد
السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، وكان ينشد في مواعظه كثيراً من الأشعار من
إنشائه ويسجع الكلام، ولذلك لم تكن تعجب الناس ولا تأخذ بمجامع القلوب، فلا يحضر
مجلسه إلا قليل من الناس، وله إنشاء يدل على قدرته على البيان نظماً ونثراً، ذكره البرني في
تاريخه.
مولانا كريم الدين الجوهري
الشيخ الفاضل كريم الدين الجوهري الدهلوي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، كان يدرس ويفيد بدار الملك دهلي في عهد السلطان علاء الدين الخلجي، ذكره
البرني في تاريخه.
مولانا كريم الدين السمرقندي
الشيخ الفاضل كريم الدين بن كمال الدين السمرقندي أحد العلماء المبرزين في المعارف
الأدبية، تزوج بابنة الشيخ محمد بن إسحاق الحسيني البخاري، وبايع الشيخ نظام الدين
محمداً البدايوني ولازمه مدة، ولما مات الشيخ المذكور طلبه محمد شاه تغلق وولاه مشيخة
الإسلام بستكانؤن من أرض بنكاله، فرحل إليها واستقل بالمشيخة مدة من الزمان، ومات
بها.
وكان فاضلاً كريماً بارعاً في العلم محباً للعلماء محسناً إليهم حسن الأخلاق حسن
المحاضرة، كما في سير الأولياء.
مولانا كمال الدين السامانوي
الشيخ الفاضل العلامة كمال الدين السامانوي أحد الأساتذة المشهورين في عصره، درس
وأفاد مدة من الزمان بدهلي، ثم رحل إلى دولت آباد بأمر السلطان محمد شاه تغلق ودرس
بها مدة حياته، أخذ عنه الشيخ زين الدين داود ابن الحسين الشيرازي وخلق آخرون، كما
في روضة الأولياء.
مولانا كمال الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل كمال الدين بن عبد الرحمن بن محمد بن عمر الحنفي الصوفي الدهلوي
الشهير بالعلامة، كان من نسل فرخ شاه العمري الأدهمي الكابلي، وكان ابن أخت الشيخ
نصير الدين محمود الأودي، ولد بأرض أوده واشتغل بالعلم من صغر سنه، وجد في البحث
والاشتغال حتى برز في الفضائل وتأهل للفتوى والتدريس، ثم أخذ الطريقة عن خاله نصير
الدين محمود المذكور وأقام بدهلي مدة طويلة، ثم رحل إلى كجرات ورزق حسن القبول في
تلك الناحية، فلبث بها مدة ثم عاد إلى دهلي، ومات بها في السابع والعشرين من ذي
القعدة سنة ست وخمسين وسبعمائة، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ كمال الدين الغاري
الشيخ العالم الصالح كمال الدين عبد الله الغاري- بالغين المعجمة والراء المهملة- نسبة إلى
غار كان يسكنه خارج دهلي بمقبرة من زاوية الشيخ نظام الدين محمد البدايوني.
ذكره الشيخ محمد بن بطوطة المغربي في كتابه وقال: إني زرته بهذا الغار ثلاث مرات،
وقال: كان لي غلام آبق عني فألفيته عند رجل من الترك فذهبت إلى انتزاعه من يده، فقال
لي الشيخ: إن هذا الغلام لا يصلح لك فلا تأخذه، وكان التركي راغباً في المصالحة فصالحته
بمائة دينار أخذتها منه وتركته له، فلما كان بعد ستة أشهر قتل سيده، وأتى به السلطان
فأمر بتسليمه لأولاد سيده فقتلوه، ولما شاهدت لهذا الشيخ الكرامة انقطعت إليه ولازمته
وتركت الدنيا ووهبت جميع ما كان عندي للفقراء والمساكين وأقمت عنده مدة، فكنت
أراه يواصل عشرة ايام وعشرين يوماً ويقوم أكثر الليل، ولم أزل معه حتى بعث إلى السلطان
ونشبت في الدنيا ثانية، انتهى، وقال في موضع آخر من ذلك الكتاب: ولما كان بعد هذه
انقبضت عن الخدمة ولازمت الشيخ الإمام العالم العابد الزاهد الخاشع الورع فريد الدهر
ووحيد العصر كمال الدين عبد الله الغاري وكان من الأولياء، وله كرامات كثيرة قد ذكرت
منها ما شاهدته عند ذكر اسمه، وانقطعت إلى خدمة هذا الشيخ ووهبت ما عندي
للفقراء والمساكين، وكان الشيخ يواصل عشرة أيام وربما واصل عشرين يوماً، فكنت أحب
أن أواصل فكنت أواصل، فكان ينهاني ويأمرني بالرفق على نفسي في العبادة، وقال: إن
المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، وظهر لي من نفسي تكاسل بسبب شيء بقي معي،
فخرجت عن جميع ما عندي من قليل وكثير، وأعطيت ثياب ظهري لفقير ولبست ثيابه،
ولزمت هذا الشيخ خمسة أشهر، انتهى.
مولانا كمال الدين الكوئلي
الشيخ الفاضل كمال الدين بن جمال الدين بن عبد الله بن نظام الدين أبي المؤيد الدهلوي
الكوئلي كان من أساتذة السلطان علاء الدين الخلجي، تزوج عصمة الله بنت القاضي أمجد
الدهلوي، وسكن بدهلي لتلك المصاهرة بمقبرة من حظيرة نور الدين اللاري، المشهور
بملكياربران، وتوفي بها فدفن على أكمة شرقي الجهرنه المنسوب إلى الشيخ قطب الدين
بختيار الأوشي، وحظيرته مشهورة بجلجل املي، كما في أخبار الجمال.
وقد ذكره القاضي ضياء الدين البرني في تاريخه وقال: إنه كان من كبار الأساتذة بدار
الملك دهلي في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، وكان يدرس ويفيد، انتهى.
مولانا كمال الدين السنتوسي
الشيخ الفاضل العلامة كمال الدين السنتوسي البهاري أحد العلماء المبرزين في الفقه
والأصول والكلام والعربية، كان يدرس ويفيد بقرية سنتوس من أعمال بهار، كتب إليه
الشيخ شرف الدين أحمد بن يحيى المنيري رسالة في أن العقل كاف لمعرفة الله سبحانه أم
لا.
الشيخ كمال الدين المالوي
الشيخ العارف الفقيه كمال الدين بن با يزيد بن نصير الدين بن فريد الدين مسعود العمري
الأجودهني
ثم المالوي أحد كبار المشايخ الجشتية، أخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد
بن أحمد البدايوني ولازمه زماناً، ثم وجهه الشيخ إلى مالوه، فسكن بدهار ومات بها، أسلم
على يده خلق كثير من الكفار، وعلى قبره أبنية فاخرة من مآثر الملوك الخلجية.
حرف الميم
الشيخ مبارك العمري البلخي الكوباموي
الشيخ الصالح مبارك بن القاضي كريم الدين بن برهان الدين العمري البلخي ثم الكوباموي،
أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، قدم الهند وتقرب إلى الملوك، فجعلوه مير داد بدار
الملك دهلي، وتلك رتبة سامية دون الوزارة، فاستقل بها زماناً، ثم لازم الشيخ نظام الدين
محمد بن أحمد البدايوني وأخذ عنه الطريقة ورفض الدنيا وأسبابها، كما في سير الأولياء.
ووجدت عند أولاده ما فيه أنه ولي القضاء بكوبامؤ فسكن بها، ويعرجون بنسبه إلى
إبراهيم بن أدهم الولي المشهور ثم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه هكذا: مبارك بن
كريم الدين بن برهان الدين بن أبي سعيد بن صدر الدين بن بديع الدين بن أبي إسحاق بن
إبراهيم بن كمال الدين بن جلال الدين بن أبي الحسن ابن ناصح الدين بن إبراهيم بن أدهم
بن بديع الدين بن محمد بن أبي المجاهد بن أبي القاسم علي بن عبد الرزاق بن عبد الرحمن
بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ولذلك يكتبون مع أسمائهم الناصحي
الأدهمي ويفتخرون به.
وذلك مقدوح من وجوه، الأول أن إبراهيم بن أدهم الصالح البلخي لم يكن عمرياً، قال ابن
الأثير في الكامل في الجزء السادس منه: وإبراهيم بن أدهم بن منصور أبو إسحاق الزاهد،
وكان مولده ببلخ وانتقل إلى الشام فأقام به مرابطاً، وهو من بكر بن وائل، ذكره أبو حاتم
البستي، انتهى، وقال الحافظ في تهذيب التهذيب: إبراهيم بن أدهم بن منصور العجلي-
وقيل: التميمي- أبو إسحاق البلخي الزاهد، سكن الشام، وقال البخاري قال لي قتيبة: هو
تميمي كان بالكوفة، ويقال له العجلي كان بالشام، انتهى، وقال مرتضى بن محمد البلكرامي
الزبيدي في إتحاف السادة المتقين شرح إحياء علوم الدين: الإمام الزاهد أبو إسحاق إبراهيم
بن أدهم بن منصور العجلي- وقيل: التميمي البلخي- صدوق، مات سنة 192، انتهى.
مبارك شاه الخلجي
الملك المؤيد قطب الدين مبارك شاه بن محمد شاه الخلجي السلطان الدهلوي قام بالملك في
سنة سبع عشرة وسبعمائة، وخلع أخاه شهاب الدين وبعث به إلى كواليار فحبس مع
إخوته، ولما استقام له الأمر بعث بعد مدة من الزمان أحد الأمراء إلى كواليار وأمر بقتل
إخوته جميعاً فقتلوا، وبعث عساكره إلى ديوكير- لعله في سنة ثمان عشرة وسبعمائة-
فقاتلوا صاحبها هربال ديو، فقتلوه واستولوا على بلاده، وأقاموا بها شعائر الإسلام،
وأسسوا مسجداً بديوكير، وسموها دولت آباد، ثم بعث عساكره إلى بلاد المعبر، فساروا
إليها وقتلوا ونهبوا، ثم ساروا إلى ورنكل وكانت كرسي بلاد دكن، فقاتلوا صاحبها ثم
صالحوه على مال يؤديه.
ولما قتل قطب الدين إخوته ولم يبق من ينازعه ولا من يخرج عليه بعث الله تعالى عليه أكبر
أمرائه وأعظمهم منزلة عنده خسرو خان وكان من أصحاب قطب الدين رجل يسمى
قاضي خان وهو صاحب مفاتيح القصر، وكان يكره أفعال خسرو خان ويسوءه ما يراه من
إيثاره للكفار الهنديين وميله إليهم فإن أصله كان منهم، ولا يزال يلقي ذلك إلى قطب الدين،
فلا يسمع منه لما أراد الله قتله على يديه، فلما كان في بعض الأيام قال خسرو خان
للسلطان: إن جماعة من الكفار يريدون أن يسلموا، فقال السلطان: ائتني بهم، فقال: إنهم
يستحيون أن يدخلوا عليك نهاراً لأجل أقربائهم وأهل ملتهم، فقال له: ائتني بهم ليلاً، فجمع
خسرو خان جماعة من شجعان الوثنيين وذلك في أوان الحر والسلطان ينام فوق سطح
القصر ولا يكون عنده في ذلك الوقت إلا بعض الفتيان، فلما دخلوا الأبواب الأربعة وهم
شاكون في السلاح ووصلوا إلى الباب الخامس وعليه قاضي خان أنكر شأنهم وأحس
بالشر فمنعهم من الدخول فهجموا عليه وقتلوه، وعلت
الضجة بالباب ودخل الوثنيون فقتلوا
السلطان وقطعوا رأسه ورموا به من سطح القصر إلى صحنه، وكان ذلك في خامس ربيع
الأول سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، كما في تاريخ فرشته.
مجاهد شاه البهمني
الملك المؤيد مجاهد شاه بن محمد شاه بن علاء الدين حسن البهمني السلطان المجاهد في
سبيل الله الغازي قام بالملك بعد والده بأرض دكن في سنة ست وسبعين وسبعمائة، وكان
فاضلاً شجاعاً مقداماً باسلاً لم يكن له نظير في زمانه في الشدة والقوة والبطش، فتح
الفتوحات العظيمة، وسار بعساكره إلى بيجانكر وقاتل صاحبها كشن راي وقتل الوثنيين
وغنم الأموال، ثم قتل عند رجوعه إلى كلبركه، قتله عمه داود بن الحسن، وكان يسخط
عليه لأنه سبه في تقصير صدر منه في أثناء القتال، فاغتاله وقتله على غفلة منه، ثم ولي
مكانه في الملك، وكان ذلك ليلة السابع من ذي الحجة الحرام سنة تسع وسبعين وسبعمائة،
كما في تاريخ فرشته.
الشيخ مجد الدين الملتاني
الشيخ العالم الفقيه مجد الدين الملتاني أحد العلماء المعروفين بالفضل والصلاح، كان يدرس
ويفيد بمدينة ملتان، قرأ عليه الشيخ جلال الدين حسين بن أحمد الحسيني البخاري الأجي
ولازمه سنة كاملة بمدينة ملتان، كما في جامع العلوم.
الشيخ محمد بن أحمد الدهلوي
الشيخ الصالح محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن أبي أحمد بن مودود الجشتي الدهلوي
المشهور بمحمد الزاهد كان من نسل الشيخ قطب الدين مودود الجشتي رحمه الله، ولد
ونشأ بدار الملك دهلي، وأخذ عن أبيه عن جده وهلم جراً، وأخذ عنه الشيخ ركن الدين
مودود النهروالي الكجراتي، وهذه الطريقة الوحيدة في الهند تصل إلى مشايخ جشت بغير
واسطة الشيخ معين الدين حسن السجزي الجميري رحمه الله.
الشيخ نظام الدين محمد بن أحمد البدايوني
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة صاحب المقامات العلية والكرامات المشرقة الجلية نظام
الدين محمد بن أحمد بن علي البخاري البدايوني أحد الأولياء المشهورين بأرض الهند،
انتهت إليه الرياسة في دعاء الخلق إلى الله تعالى، والتسليك في طريق العبادة، والانقطاع عن
الدنيا مع التضلع من العلوم الظاهرة والتبحر في الفضائل الفاخرة.
ولد بمدينة بدايون في سنة ست وثلاثين وستمائة، وتوفي والده في صغر سنه فتربى في حجر
أمه، واشتغل بالعلم، وقرأ الفقه والأصول والعربية على الشيخ علاء الدين الأصولي، ثم
سافر إلى دهلي، وكان في الخامسة عشرة من سنه فقرأ الكتب الدرسية على أساتذتها،
منهم الشيخ شمس الدين الخوارزمي، وحفظ عنه أربعين مقامة من المقامات للحريري، ثم
قرأ المشارق للصغاني على الشيخ كمال الدين محمد الزاهد الماريكلي وحفظه كفارة عن
المقامات، ثم سافر إلى أجودهن وأخذ عن الشيخ الكبير فريد الدين مسعود الأجودهني
القرآن الكريم وعوارف المعارف وكتاب التمهيد للشيخ أبي شكور السالمي، ولبس منه
الخرقة وصحبه مدة، وأجازه الشيخ في سنة تسع وستين وستمائة وأذن له إلى دهلي وأمره
أن يقيم بها فرجع وأقام بدهلي في أمكنة عديدة يدور في محلاتها طالباً العزلة حتى أقام
بغياث بور واشتغل بها بالمجاهدة من الصيام والقيام والذكر والفكر في الأربعينات على
طريق السادة المشايخ الجشتية وكان شيخه فريد الدين أوصاه عند توديعه أن يحفظ القرآن
الكريم وأن يصوم دائماً وقال: إن الصوم نصف الطريق، فلازمه وحفظ القرآن وانقطع إلى الله
سبحانه بقلبه وقالبه مع الزهد والعبادة والعفاف والقنوع والتوكل والإيثار وسائر الأخلاق
المرضية، ولقد أحله الله تعالى من الولاية محلاً لا يرام ما فوقه، وهدى به في عهده ثم
بأصحابه من بعده خلقاً لا يحصيهم إلا من أحصى رمل عالج، فلا ترى ناحية من نواحي
المسلمين من بلاد الهند إلا وقد نمت فيها طريقته وجرى على ألسنة أهلها ذكره، إليه
ينتمون وبه يتبركون.
وكان إماماً مجاهداً زاهداً صاحب الترك والتجريد يقوم الليل ويصوم النهار، لم ينكح امرأة،
ولم يبن داراً، ولم يدخر شيئاً، ولم يرض بلقاء الملوك والسلاطين مع إلحاحهم على ذلك وشدة
توقهم إليه، قال الكرماني في سير الأولياء إن جلال الدين فيروز الخلجي كان يريد أن يلاقيه
وهو يمنعه من ذلك فأراد أن يدخل عليه بغتة بغير إذن، فلما اطلع الشيخ على ذلك خرج
من دهلي وذهب إلى أجودهن قبل أن يحضر الملك عنده، وكذلك أرسل إليه علاء الدين
محمد شاه الخلجي كتاباً يشتمل على بعض مهمات الأمور ودعاه يستشيره في بعض المصالح،
فأبى وقال: إن كان السلطان لا يحب أن أقيم في ملكه فيظهر ذلك من غير تورية فإن أرض
الله واسعة، فأرسل إليه السلطان ابنه واعتذر من مخاطبته إياه في تلك الأمور واستأذن في
حضوره لديه، فأبى الشيخ، ولما أصر السلطان على ذلك قال: إن في داري بابين يدخل
السلطان من باب وأخرج من الباب الآخر.
ومن ذلك ما روى أن قطب الدين بن علاء الدين الخلجي كان معتاداً أن يحضر العلماء
والمشايخ في غرة كل شهر للتهنئة، وكان الشيخ لا يذهب بنفسه النفيسة بل يذهب خادمه
إقبال نيابة عنه، فاغتاظ السلطان منه وقال: إن لم يحضر الشيخ بنفسه في الشهر القابل نفعل
به ما نشاء، فاغتم الناس وكانوا يتناجون بينهم والشيخ كان جذلاً رخي البال فارغ الخاطر
لا يرى عليه أثر الحزن حتى استهل الشهر وقتل السلطان المذكور في تلك الليلة.
قال الكرماني: إن غياث الدين تغلق شاه لما استقل بالملك حرضه بعض العلماء على أن
ينكر على الشيخ استماع الغناء، والسلطان يتأخر عنه ويقول: كيف أجترئ على ذلك؟
فإنه مع جلالته في العلم والعمل والتقوى والعزيمة كيف يرتكب الحرام، فعرضوا عليه الفتوى
التي رتبها الفقهاء على القاضي حميد الدين الناكوري في استماع الغناء، فأمر السلطان
باحضار الشيخ للمناظرة بمحضر من الناس، فقبله الشيخ وحضر ذلك المجلس المحفوف
بالعلماء والمشايخ والصدور والقضاة، فأقبل عليه القاضي جلال الدين الولوالجي وطفق
يطعن عليه ويشنع عليه استماع الغناء، وكان الشيخ يسمعه بالتحمل والسكينة حتى أخذ
القاضي في الزجر والتوبيخ إلى الغاية، فقال الشيخ: لعلك تقول ذلك بلسان الحكومة وإنك
معزول عنها، فسكت القاضي، وقيل: إنه عزل عن خدمته بعد اثني عشر يوماً، ثم أقبل
عليه حسام الدين شيخ زاده ونحا نحو القاضي المذكور فقال الشيخ: إن ذلك الكلام بمعزل
عن دأب المناظرة فليكن عمود البحث متعيناً أولاً، ثم سأله عن معنى الغناء، فقال: لا
أدري ما هو ولكني أعلم أنه حرام عند العلماء، فقال الشيخ: إن كنت لا تعلم ما هو
فلست لي بالمخاطب في البحث والمناظرة، ثم كثر اللغط وقال القاضي كمال الدين: إنه صح
عن الإمام الأعظم أنه قال: السماع حرام والرقص فسق، فقال الشيخ: كلا! لم يصح ذلك عن
الإمام، ثم جاء الشيخ علم الدين سليمان الملتاني فرفع السلطان تلك القصة إليه وحكمه في
ذلك، فقال: إني صنفت في ذلك رسالة وبينت فيها دلائل الحل والحرمة وقضيت فيه بأنه
حلال لمن يسمع بالقلب وحرام لمن يسمع بالنفس، فقال السلطان: إنكم سرتم إلى بلاد الروم
والشام وبغداد هل يمتنع المشايخ عن استماع الغناء في تلك البلاد أم لا؟ فقال: لا، فإن
المشايخ يستمعون الغناء بالدف من غير نكير عليه، فقال القاضي جلال الدين المذكور:
ينبغي للسلطان أن ينصر مذهب الإمام الأعظم رحمه الله ويحكم بالمنع عنه، فقال الشيخ
نظام الدين: لا ينبغي له أن يحكم بشيء قبل أن تفصل القضية، ثم لما كانت أدلة التضليل
لمن يقول بالتحليل ظاهرة البطلان رجع البحث إلى الحل والحرمة، ثم آل إلى أولوية الترك أو
الفعل، وكان من أول الضحى إلى الزوال ثم انفض المجلس وأذن له تغلق شاه بالرجوع مراعياً
للأدب والاحترام، فلما رجع
الشيخ إلى داره وفرغ من صلاة الظهر أمر باحضار القاضي
محي الدين الكاشاني والقاضي ضياء الدين البرني وخسرو بن سيف الدين الدهلوي وقال:
إني عجبت اليوم من جرأة الفقهاء كيف أنكروا الأحاديث وقالوا: إن الرواية الفقهية مقدمة
عليها، وبعضهم قالوا: إن ذلك الحديث متمسك للشافعي وهو عدو لعلمائنا فلا نستمعه ولا
نعتقده، وقالوا ذلك بمحضر الصدور والقضاة، فكيف يصح اعتقادهم في الأحاديث! فإن
رضى السلطان بها ومنع عن رواية الحديث أخاف أن يحل عليهم غضب الله سبحانه
ويهلك الحرث والنسل بسوء اعتقاد العلماء بالحديث، قال الكرماني: وقد وقع ما قال الشيخ
بعد بضع سنين من يد محمد شاه تغلق، فإنه قتل من السادة والأشراف ما لا يحصر بحد
وعد، ثم أخرج الناس من دهلي إلى دولت آباد فلم يبق في دهلي أحد، ومضت على ذلك
شهور وأعوام وكان ذلك بعد وفاة الشيخ.
قال الكرماني في سير الأولياء إنه كان حنفياً ولكنه كان يجوز القراءة بالفاتحة خلف الإمام
في الصلاة وكان يقرؤها في نفسه، فعرض عليه بعض أصحابه ما روى: إني وددت أن الذي
يقرأ خلف الإمام في فيه جمرة، فقال: وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لم
يقرأ بفاتحة الكتاب، فالحديث الأول مشعر بالوعيد والثاني ببطلان الصلاة لمن لم يقرأ
بالفاتحة، وإني أحب أن أتحمل الوعيد ولا أستطيع أن تبطل صلواتي، على أنه قد صح في
الأصول أن الأخذ بالأحوط والخروج من الخلاف أولى، وكان رحمه الله يجوز صلاة الجنازة
على الغائب ويستدل عليه بالحديث المشهور، وكان يقول: إذا سمعتم بالحديث ولم تجدوه في
الصحاح فلا تقولوا: إنه مردود، بل قولوا: إنا ما وجدناه في الكتب المتلقاة بالقبول.
وكان يستمع الغناء بالدف وإذا أراد أن يستمع يقل في طعام الإفطار قبل ذلك بيومين، وكان
إفطاره بمقدار قليل لا يستطيع الرجل أن يعتاده، وكان مغنيه ذا دين، وكان تواجده أن يقوم
على سجادته ويبكي بكاء شديداً تبل دموعه المناديل، وكان يحب أن يخفي على الناس
بكاءه، وقلما رآه الناس باكياً وإنما يعرفون ذلك ببل المناديل، فكان يمسحها بيده ومنديله،
ولم يسمع منه في ذلك الحال صوت التأوه قط، وكان يحترز عن المزامير ويمنع أصحابه عن
ذلك ويقول: إنها حرام في الشريعة المطهرة، وكان يقول: إن السماع على أربعة أقسام: حلال
وحرام ومكروه ومباح، فإن كان المستمع له ميلان إلى الحقيقة فله مباح، وإن كان له ميلان
إلى المجاز فله مكروه، وإن كان قلبه متعلقاً بالمجاز بأسره فعليه حرام، وإن كان قلبه متعلقاً
بالحقيقة بأسرها فله حلال، وكان يقول: إن للسماع آداباً من حيث المستمع والمسمع
والمسموع وآلة السماع، فلا بد أن يكون المستمع مائلاً إلى الحق، والمسمع رجلاً صالحاً لا
امرأة ولا أمرد، والمسموع خالياً عن الهزل، وآلة السماع لا تكون محرمة كالسنك والرباب
وغيرهما من المعازف والمزامير، ويقول: لا بد أن يكون المجلس خالياً من غير الصلحاء،
انتهى.
وقد ذكره علي بن سلطان القاري المكي في كتابه الأثمار الجنية في أسماء الحنفية وقال: إنه
شيخ فقيه علماً وحالاً، وإليه المنتهى في دعاء الخلق إلى الله تعالى وتسليك طريق العبادة
والانقطاع عن علائق الدنيا، هذا مع التضلع من العلوم الظاهرة والتبحر في الفضائل الفاخرة،
ومكاشفاته والخوارق التي ظهرت على يده ولسانه أكثر من أن يطمع في إحصائها بقلم
ولسان، وقبره اليوم مقصد جميع أهل تلك البلاد من الحاضر والباد، وقلد المسلمون في
تعظيمه الكفار فيقصدونه للتكريم والزيارة، انتهى.
وقد ذكره مجد الدين الفيروز آبادي صاحب القاموس في كتابه الألطاف الخفية في أشراف
الحنفية وذكره عبد الرحمن الجامي في كتابه نفحات الأنس وحضرات القدس.
وصنف كثير من العلماء في أخباره كتباً مستقلة أحسنها سير الألياء وجمع أكثر أصحابه
ملفوظاته أشهرها فوائد الفؤاد.
مات رحمه الله تعالى في سنة خمس وعشرين وسبعمائة وله تسع وثمانون سنة، ودفن بمدينة
دهلي في قاع خارج المدينة، بنى فيه محمد شاه تغلق ومن بعده من الملوك الأبنية الرفيعة،
وقبره مشهور ظاهر يزار ويتبرك به.
الشيخ محمد بن إسحاق الدهلوي
الشيخ العالم الصالح محمد بن إسحاق بن علي بن إسحاق الحسيني البخاري الدهلوي كان
ابن بنت الشيخ فريد الدين مسعود العمري الأجودهني، توفي والده في صغر سنه، فاستقدمه
الشيخ نظام الدين محمد البدايوني إلى دهلي مع أخيه موسى وأمهما، فتربى في حجر الشيخ
وحفظ القرآن، وقرأ العلم على الشيخ أحمد النيسابوري وعلى غيره من العلماء، وأخذ
الطريقة عن الشيخ نظام الدين المذكور ولازمه مدة حياة الشيخ.
وكانت له معرفة بالإيقاع والنغم وبراعة في الموسيقى والشعر والفنون الحكمية، له أنوار
المجالس كتاب جمع فيه ملفوظات الشيخ.
مات في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ محمد بن أحمد المعبري
الشيخ الفقيه محمد بن أحمد بن محمد بن منصور جمال الدين المعبري أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ الطريقة عن الشيخ جلال الدين حسين بن أحمد البخاري
الجي وصحبه مدة من الزمان، فأجازه الشيخ وكتب له الإجازة، وأوصاه بما أوصى به
مشايخه، كما في خزانة الفوائد.
وكانت وفاته بمدينة دهلي في حياة شيخه، كما في جامع العلوم.
القاضي محمد بن البرهان الهانسوي
الشيخ الفاضل محمد بن البرهان القاضي كمال الدين الهانسوي أحد كبار الفقهاء الحنفية،
قرأ العلم على خاله الشيخ العلامة فخر الدين الهانسوي مشاركاً للشيخ فخر الدين الزرادي،
وجد في البحث والاشتغال حتى برع في العلم وتأهل للفتوى والتدريس، فولي القضاء حتى
صار أقضى قضاة الهند في عهد تغلق شاه، واستقام على تلك الخدمة الجليلة إلى آخر
عهد محمد شاه تغلق، كان محمد شاه المذكور يقربه إلى نفسه مع غشمه وجوره، كما في
كتب الأخبار.
محمد بن تغلق شاه الدهلوي
أبو مجاهد فخر الدين محمد بن تغلق شاه التركي الدهلوي السلطان الجائر المشهور
بالعادل.
ولد ونشأ بأرض الهند، وكان أبوه تركياً من مماليك صاحب الهند، فتنقل إلى أن ولي
السلطنة واتسعت مملكته جداً، وكان هذا الملك من عجائب الزمن وسوانح الدهر، لم ير
مثله في الملوك والسلاطين في بذل الأموال الطائلة وسفك الدماء المعصومة وفتح الفتوحات
الكثيرة وتوسيع المملكة العظيمة، وسنذكر من أخباره عجائب لم يسمع بمثلها عمن تقدمه
مما رأى الشيخ محمد بن بطوطة المغربي بعينه وكان ساح بلاد الهند ودخل دهلي في عهده
وولي القضاء.
قال ابن بطوطة في كتاب الرحلة: إنما أذكر منها ما حضرته وشاهدته وعاينته ولا سيما
جوده على الغرباء، فإنه يفضلهم على أهل الهند ويؤثرهم ويجزل لهم الإحسان ويسبغ
عليهم، ومن إحسانه إليهم أن سماهم الأعزة ومنع أن يدعو الغرباء وقال: إن الإنسان إذا
دعى غريباً انكسر خاطره وتغير حاله.
فمن ذلك أنه قدم عليه ناصر الدين الترمذي الواعظ وأقام تحت إحسانه مدة عام، ثم
أحب الرجوع إلى وطنه فأذن له في ذلك، ولم يكن يسمع وعظه فأمر أن يهيأ له منبر من
الصندل الأبيض المقاصري وجعلت مساميره وصفائحه من الذهب وألصق بأعلاه حجر
ياقوت عظيم وخلع على ناصر الدين خلعة مرصعة بالجوهر ونصب له المنبر فوعظ وذكر،
فلما نزل عن
المنبر قام السلطان إليه وعانقه وأركبه على فيل وضربت له سراجة من الحرير
الملون وصيوانها من الحرير وخباؤها أيضاً كذلك، فجلس الواعظ فيها وكان بجانبها أواني
الذهب أعطاه السلطان إياها، وذلك تنور كبير بحيث يسمع في جوفه الرجل القاعد وقدران
وصحاف، كل ذلك من الذهب، وقد كان أعطاه عند قدومه مائة ألف دينار،
ومن ذلك أنه وفد عليه غياث الدين محمد بن عبد القاهر بن يوسف ابن عبد العزيز بن
الخليفة المستنصر بالله العباسي، فلما وصل إلى بلاد السند بعث السلطان من يستقبله،
ولما وصل إلى سرستي بعث لإستقباله القاضي كمال الدين الهانسوي وجماعة من الفقهاء،
ثم بعث الأمراء لاستقباله، فلما وصل إلى خارج الحضرة خرج بنفسه واستقبله، ولما دخل
دار الملك أنزله بدار الخلافة سيرى في القصر الذي بناءه السلطان علاء الدين الخلجي.
وأعد له فيه جميع ما يحتاج إليه من أواني الذهب والفضة حتى من جملتها مغتسل يغتسل
فيه من ذهب، وبعث له أربعمائة ألف دينار لغسل رأسه على العادة وبعث له جملة من
الفتيان والخدم والجواري، وعين لنفقته كل يوم ثلاثمائة دينار وبعث له زيادة إليها عدداً من
الموائد بالطعام الخاص، وأعطاه جميع مدينة سيرى أقطاعاً وجميع ما احتوت عليه من الدور
وما يتصل بها من بساتين المخزن وأرضه، وأعطاه مائة قرية، وأعطاه حكم البلاد الشرقية
المضافة لدهلي، وأعطاه ثلاثين بغلة بالسروج المذهبة ويكون علفها من المخزن.
ومما يحكي من تواضع السلطان وإنصافه أنه ادعى عليه رجل من كبار الوثنيين أنه قتل
أخاه من غير موجب ودعاه إلى القاضي، فمضى على قدميه ولا سلاح معه إلى مجلس
القاضي، فسلم وخدم وكان قد أمر القاضي قبل أنه إذا جاءه إلى مجلسه فلا يقوم له ولا
يتحرك، فصعد إلى المجلس ووقف بين يدي القاضي، فحكم عليه أن يرضى خصمه من دم
أخيه، فأرضاه.
ومن ذلك أنه ادعى صبي من أبناء الملوك عليه أنه ضربه من غير موجب ورفعه إلى
القاضي، فتوجه الحكم عليه بأن يرضيه بالمال إن قبل ذلك وإلا أمكنه القصاص، فعاد
لمجلسه واستحضر الصبي وأعطاه عصا وقال: وحق رأسي أن تضربني! فأخذ الصبي
العصا وضربه بها إحدى وعشرين ضربة، وذلك مما شاهده ابن بطوطة، وإني رأيت الكلاه
قد طارت عن رأسه.
ومما يحكي في اشتداده في إقامة الشرع ورفع المغارم والمظالم أنه كان شديداً في إقامة الصلاة
آمراً بملازمتها في الجماعات، يعاقب على تركها أشد العقاب، ولقد قتل في يوم واحد تسعة
رجال على تركها كان أحدهم مغنياً، وكان يبعث الرجال الموكلين بذلك إلى الأسواق، فمن
وجد بها عند إقامة الصلاة عوقب حتى انتهى إلى عقاب الستائرين الذين يمسكون دواب
الخدام إذا ضيعوا الصلاة وأمر أن يطالب الناس بعلم فرائض الوضوء والصلاة وشروط
الإسلام، فكانوا يسألون عن ذلك، فمن لم يحسنه عوقب، وصار الناس يتدارسون ذلك
ويكتبونه، ومما قيل في ذلك إنه أمر أخاه أن يكون قعوده مع قاضي القضاة في قبة مرتفعة
مفروشة بالبسط، فمن كان له حق على أحد من كبار الأمراء وامتنع من أدائه لصاحبه
يحضره رجال أخيه عند القاضي لينصفه.
ومما فعل ذلك أنه أمر برفع المكوس عن بلاده، وأن لا يؤخذ من الناس إلا الزكاة والعشر
خاصة، وصار يجلس بنفسه للنظر في المظالم في كل يوم اثنين وخميس، ولا يقوم بين يديه في
ذلك اليوم إلا أمير حاجب وخاص حاجب وسيد الحجاب وشرف الحجاب لا غير، ولا
يمنع أحد ممن أراد الشكوى من المثول بين يديه، وعين أربعة من الأمراء الكبار يجلسون في
الأبواب الأربعة لأخذ القصص من المشتكين، فإن أخذ الأول فحسن وإلا أخذه الثاني أو
الثالث أو الرابع، وإن لم يأخذوه مضى إلى قاضي المماليك، فإن أخذه منه وإلا شكا إلى
السلطان، فإن صح عنده أنه مضى إلى أحد منهم فلم يأخذه منه أدبه وكل ما يجتمع من
القصص في سائر الأيام يطالعه بعد العشاء الآخرة.
وأما فتكات هذا السلطان وما نقم من أفعاله فلا تسأل عن ذلك، فإنه كان من تواضعه
وإنصافه ورفقه بالمساكين وكرمه الخارق للعادة كثير التجاسر على إراقة الدماء، لا يخلو بابه
عن مقتول إلا في النادر، كان يعاقب على الصغيرة والكبيرة، ولا يحترم أحداً من أهل العلم
والصلاح والشرف، وفي كل يوم يرد عليه من المسلسين والمغلولين والمقيدين مئون، فمن كان
للقتل قتل أو للعذاب عذب أو للضرب ضرب.
فمن ذلك قتله لأخيه مسعود خان، أمه كانت بنت السلطان علاء الدين الخلجي، وكان
من أجمل الناس فاتهمه بالقيام عليه، وسأله عن ذلك، فأقر خوفاً من العذاب، فإنه من أنكر
ما يدعيه عليه يعذب، فيرى الناس أن القتل أهون من العذاب، فضرب عنقه في وسط
السوق وبقي مطروحاً هنالك ثلاثة أيام، وكانت أم هذا المقتول قد رجمت في ذلك الموضع
قبل ذلك بسنتين لاعترافها بالزنا.
ومن ذلك أنه عين فرقة من العسكر تتوجه لقتال الكفار ببعض الجبال المتصلة بحوز دهلي،
فخرج مظم العسكر بقائده وتخلف قوم منهم، فكتب القائد إليه يعلمه بذلك، فأمر أن يطاف
بالمدينة ويقبض على من وجد من أولئك المتخلفين، ففعل ذلك وقبض على ثلاثمائة وخمسين
منهم، فأمر بقتلهم جميعاً فقتلوا.
ومن ذلك أنه أراد أن يستخدم الشيخ شهاب الدين الجامي الذي كان من كبار المشايخ،
فشافهه بذلك في مجلسه العام فامتنع الشيخ من الخدمة، فغضب عليه وأمر بنتف لحيته
ونفاه إلى دولت آباد، فأقام بها سبعة أعوام، ثم بعث إليه وأكرمه وأذن له بالإقامة في
الحضرة، ثم بعث إليه بعد مدة من الزمان، فامتنع من إتيانه وقال: لا أخدم ظالماً، فقيده
بأربعة قيود وغل يديه، وأقام كذلك أربعة عشر يوماً لا يأكل ولا يشرب، ثم أمر أن يطعم
الشيخ خمسة أسيار من العذرة، فمدوه على ظهره وفتحوا فمه بالكلبتين وحلوا العذرة
وسقوه ذلك، ثم ضرب عنقه.
ومن ذلك أنه أمر فقيهين من أهل السند أن يمضيا مع أمير عينه إلى بعض البلاد وقال
لهما: سلمت أحوال البلاد والرعية لكما ويكون هذا الأمير معكما يتصرف بما تأمرانه به،
فقالا له: إنما نكون كالشاهدين عليه ونبين له وجه الحق ليتبعه، فقال لهما: إنما قصدتما أن
تأكلا أموالي وتضيعاها وتنسبا ذلك إلى هذا التركي الذي لا معرفة له، فقالا: حاشا لله!
ما قصدنا هذا، فقال: إذهبوا بهما إلى النهاوندي- وكان الموكل بالعذاب- وقال لزبانيته:
أذيقوهما بعض شيء، فألقيا على أقفائهما، وجعل على صدر كل واحد منهما صفيحة
حديد محماة، ثم قلعت بعد هنيهة فذهب بلحم صدورهما، ثم أخذ البول والرماد فجعل
على تلك الجراحات، فأقرا على أنفسهما أنهما لم يقصدا إلا ما قاله السلطان واعترفا عند
القاضي، فسجل على العقد وكتب فيه أن اعترافهما كان من غير إكراه وإجبار فقتلا.
ومن أعظم ما نقم عليه إجلاؤه لأهل دهلي عنها وسبب ذلك أنهم كانوا يكتبون بطائق
فيها شتمه وسبه ويكتبون عليها: وحق رأس السلطان ما يقرؤها غيره! ويرمون بها في
القصر ليلاً، فإذا فضها وجد فيها شتمه وسبه، فعزم على تخريب دهلي واشترى من أهلها
جميعاً دورهم ومنازلهم ودفع لهم ثمنها، وأمرهم بالانتقال إلى دولت آباد، فأبوا ذلك فنادى
مناديه أن لا يبقى بها أحد بعد ثلاث، فانتقل معظمهم واختفى بعضهم في الدور، فأمر
بالبحث عمن بقي بها فوجد عبيده بأزقتها رجلين أحدهما مقعد والآخر أعمى، فأمر
بالمقعد فرمى بالمنجنيق، وأمر أن يجر الأعمى من دهلي إلى دولت آباد مسيرة أربعين يوماً،
فتمزق في الطريق وقضى نحبه، ولما فعل ذلك خرج أهلها جميعاً وتركوا أثقالهم وأمتعتهم،
وبقيت المدينة خاوية على عروشها، ثم كتب إلى أهل البلاد أن ينتقلوا إلى دهلي ليعمروها،
فخرجت بلادهم ولم تعمر دهلي لاتساعها وضخامتها، وذلك قليل من كثير من فتكاته
نقلتها من كتاب الرحلة للشيخ محمد بن بطوطة المغربي الرحالة، وهو قد دخل الهند في
سنة أربع وثلاثين وسبعمائة فأكرمه محمد شاه وولاه القضاء بمدينة دهلي، ولابن بطوطة
قصيدة في مدح السلطان، منها قوله:
إليك أمير المؤمنين المبجلا أتينا نجد السير نحوك في الفلا
فجئت محلا من علائك زائراً ومغناك كهف للزيارة آهلا
فلو أن فوق الشمس للمجد رتبة لكنت لأعلاها إماماً مؤهلا
فأنت الإمام الماجد الأوحد الذي سجاياه حتما أن يقول ويفعلا
ولي حاجة من فيض جودك أرتجي قضاها وقصدي عند مجدك سهلا
أأذكرها أم قد كفاني حياؤكم فإن حياكم ذكره كان أجملا
فعجل لمن وافى محلك زائراً قضا دينه إن الغريم تعجلا
قال القاضي محمد بن علي الشوكاني في البدر الطالع أنه كان جواداً متواضعاً عالماً بفقه
الحنفية مشاركاً في الحكمة، ومن محبته للعلماء أنه أهدى له شخص أعجمي الشفاء لابن
سينا بخط ياقوت الحموي في مجلد واحد، فأجازه بمال عظيم، يقال إن قدره مائتا ألف
مثقال أو أكثر، وورد كتابه على الناصر صاحب مصر في مقلمة ذهب زنتها ألفا مثقال
مرصعة بجوهر قوم بثلاثة آلاف دينار، وجهز إليه مرة مركباً قد ملئ من التفاصيل الهندية
الفاخرة الفائقة وأربعة عشر حقاً قد ملئت من فصوص الماس وغير ذلك، فاتفق أن رسله
اختلفوا فقتل بعضهم بعضاً، فنمى ذلك إلى صاحب اليمن، فقتل الباقين بمن قتلوا واستولى
على الهدية، فبلغ الناصر فغضب وكاتب صاحب اليمن في معنى ذلك، وجرت أمور يطول
شرحها، وكان مع سعة مملكته عنينا كوي على صلبه وهو حدث لعلة حصلت له، ويقال
إن عساكره بلغت ستمائة ألف، وإنه كان له ألف وسبعمائة فيل، وفي خدمته من الأطباء
والحكماء والعلماء والندماء عدد كثير لم يجتمع لغيره، وكان يخطب له على منابر بلاده:
سلطان العالم، إسكندر الزمان، خليفة الله في أرضه، انتهى.
وله أبيات رقيقة رائقة بالفارسية، منها ما أنشأه في مرض موته:
بسيار درين جهان جميديم بسيار نعيم وناز ديديم
اسبان بلند تر نشستيم تركان كران بها خريديم
كرديم بسي نشاط آخر جون قامت ماه نو خميديم
مات سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة.
محمد شاه البهمني
الملك المؤيد محمد بن الحسن البهمني محمد شاه السلطان المجاهد في سبيل الله قام بالملك
بعد والده سنة تسع وخمسين وسبعمائة بأرض دكن، وافتتح أمره بالعدل والسخاء، وسار
إلى بلاد تلنكانه سنة ثلاث وستين، فقاتل أهلها ونهبها وغنم من الذهب والجواهر الثمينة
ما لا يحصى، وعاد إلى كلبركه، ثم صار في سنة أربع وسبعين إلى تلك البلاد، ولما عرف
صاحبها عجزه عن المقاتلة أرسل إليه يطلب المصالحة على مال يؤديه، فأبى محمد شاه ثم
أجابه إلى ذلك على ثلاثمائة فيل ومائتي فرس وثلاثة عشر مائة هن وبلدة كولكنده، فأرسل
إليه كل ذلك صاحبها وأرسل إليه سريراً مرصعاً من الذهب والجواهر، فرجع إلى كلبركه
وأرسل خمس الغنائم إلى الشيخ سراج الدين الجنيدي ليفرقها على من يستحقها من السادة
والمشايخ.
وفي تلك السنة قدم إليه صاحب بيجانكر وأخذ قلعة مدكل عنوة وقتل ثمانمائة من
المسلمين ممن كانوا فيها، فلماس مع محمد شاه اشتعل غضباً وحلف أنه يقتل من الوثنيين مائة
ألف في قصاص المقتولين، ثم جعل ولده المجاهد ولي عهده وأوصى إليه وسار بتسعة آلاف
فارس إلى صاحب بيجانكر وكان معه ثلاثون ألف فارس وتسعمائة ألف راجل، ونهر
كشنه كان عظيماً كثير الزيادة لا يخطر على قلب أحد أن محمد شاه يقدر على عبوره،
وأيده الله سبحانه على العبور فأقام على شاطئه، وألقى الله تعالى الرعب في قلب صاحب
بيجانكر فهابه وبعث الأحمال والأثقال كلها إلى
بيجانكر، وأقام بمعسكره ليستشير أصحابه
في الحرب، فإن رضوا بالحرب حاربوه وإلا يذهب إلى بيجانكر ويتحصن بها، والأحمال التي
بعثها إلى بيجانكر لم تتجاوز ميلين لشدة الوحل ذلك اليوم، فلما سمع محمد شاه أنه ينتهز
الفرصة للفرار بكر إليه بعساكره، فتركوا الفيلة والأموال وما كان معهم من الأحمال وفروا إلى
قلعة أودني فأقام محمد شاه في معسكره وقبض على أمواله وأمر بالقتل، فقتل من الوثنيين في
ذلك اليوم سبعين ألفاً من الرجال والنساء والولدان من غير تفريق، وحصل له من المغانم
ألفان من الفيلة وثلاثمائة من عجلات المدافع وسبعمائة من الأفراس ومعها سنكاسن
المرصعة من خاصته.
ثم سار إلى مدكل وأقام بها، ولما انقضت أيام المطر قصد قلعة أودني فلما سمع صاحب
بيجانكر استخلف بها ابن أخيه وذهب إلى ناحية من نواحي بلاده، فسار محمد شاه إلى
بلاد بيجانكر مع المقاتلة، وأرسل الأحمال والأفيال إلى كلبركه وقصد معسكر صاحبها،
فبعث إليه صاحب بيجانكر مقدم عساكره بأربعين ألف فارس وخمسمائة ألف راجل،
وكان عساكر محمد شاه خمسة عشر ألف فارس وخمسين ألف راجل مع ما لحق به من
بعض عساكر الأمراء بعد خروجه عن كلبركه، فالتقوا واقتتلوا وانهزم الوثنيون، وأكثر محمد
شاه في القتل فلم ينج منهم إلا القليل النادر، وأقام بها سبعة أيام، وسار محمد شاه في أثر
صاحب بيجانكر من طريق إلى طريق ومن مضيق إلى مضيق حتى وصل إلى بيجانكر
وحاصرها وضيق على أهلها وأدام الحصار إلى شهر كامل، ثم دبر الحيلة وتمارض وأمر
برجوع العساكر من بيجانكر، فلما سمع المشركون ذلك طمعوا في قتلهم ونهب أموالهم،
فخرج صاحب بيجانكر من القلعة وتعقب المسلمين حتى وصل إلى ماء تمهندره وعبرها
ووصل إلى أرض قفراء، فقام محمد شاه من فراشه وجلس للناس وقت المساء وقويت
عساكره برؤيته فأمرهم أن تجهزوا للحرب، وسار بعساكره في الليل إلى معسكر المشركين
وكانوا مشتغلين بالرقص والغناء، ولم يعلموا بمجيئه إلا حين وقف على رؤوسهم في البكرة،
فاختلت حواسهم وفر كل واحد منهم إلى ناحية من نواحي الأرض وتركوا جميع ما لهم من
الأموال والأحمال، وأمر محمد شاه بقتلهم فقتلوا منهم حينئذ عشرة آلاف، وغنم محمد شاه
أموالاً طائلة، ثم تعقبهم إلى أربعين ميلاً من بيجانكر وقتل ونهب، فاضطروا إلى الصلح
وأرسل كشن راي إلى محمد شاه يطلب الصلح على مال يؤديه عاجلاً، فرجع محمد شاه إلى
كلبركه واشتغل بمهمات الدولة، واستقل بالملك سبع عشرة سنة وتسعة أشهر، وتاب في
آخر عمره من الخمر.
وكانت وفاته في تاسع ذي القعدة الحرام سنة ست وسبعين وسبعمائة، كما في تاريخ
فرشته.
الشيخ محمد بن عبد الرحيم الأرموي
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة محمد بن عبد الرحيم بن محمد الشيخ صفي الدين
الشافعي الهندي الأرموي أحد مشاهير العلماء، ولد بالهند في ربيع الآخر سنة أربع
وأربعين وستمائة، وأخذ عن جده لأمه، وخرج من بلدته في رجب سنة سبع وستين
وستمائة ودخل اليمن، فأكرمه المظفر وأعطاه تسعمائة دينار، ثم حج فأقام بمكة ثلاثة أشهر،
ورأى بها ابن سبعين وسمع كلامه، ثم دخل القاهرة في سنة إحدى وسبعين وستمائة ودخل
البلاد الرومية، وخرج منها سنة خمس وثمانين وستمائة، ودخل دمشق فاستوطنها وسمع
من الفخر ابن البخاري، وقعد في الجامع ودرس بمدارس وكتب على الفتاوي مع الخير
والدين والبر للفقراء، وصنف في أصول الدين الزبدة وفي أصول الفقه النهاية والفائق والرسالة
السبعية.
وقد ذكره تاج الدين السبكي في طبقاته الكبرى والحافظ ابن حجر العسقلاني في الدرر
الكامنة والقاضي محمد بن علي الشوكاني في البدر الطالع والسيد صديق حسن القنوجي
في أبجد العلوم وفي التاج المكلل وغيرهم في غيرها من الكتب.
قال السبكي في طبقاته: إنه كان من أعلم الناس بمذهب أبي الحسن وأدراهم بأسراره
متضلعاً بالأصلين، اشتغل على القاضي سراج الدين صاحب
التلخيص وسمع من الفخر ابن
البخاري، روى عنه شيخنا الذهبي، ومن تصانيفه في علم الكلام الزبدة وفي أصول الفقه
النهاية والفائق والرسالة السبعية وكل مصنفاته حسنة جامعة لا سيما النهاية مولده ببلاد
الهند سنة أربع وأربعين وستمائة، ورحل إلى اليمن سنة سبع وستين، ثم حج وقدم إلى
مصر، ثم سار إلى الروم واجتمع بسراج الدين، ثم قدم دمشق سنة خمس وثمانين
واستوطنها ودرس بالأتابكية والظاهرية الجوانية وشغل الناس بالعلم، توفي بدمشق سنة
خمس عشرة وسبعمائة، وكان خطه في غاية الرداءة، وكان رجلاً ظريفاً ساذجاً فيحكى أنه
قال: وجدت في سوق الكتب مرة كتاباً بخط ظننته أقبح من خطي فغاليت في ثمنه
واشتريته لأحتج به على من يدعي أن خطي أقبح الخطوط، فلما عدت إلى بيتي وجدته
بخطي القديم، ولما وقع من ابن تيمية في المسألة الحموية ما وقع وعقد له المجلس بدار
السعادة بين يدي الأمير تنكز وجمع العلماء أشاروا بأن الشيخ الهندي يحضر، فحضر وكان
الهندي طويل النفس في التقرير، إذا شرع في وجه يقرره لا يدع شبهة ولا اعتراضاً إلا أشار
إليه في التقرير بحيث لا يتم التقرير إلا وقد بعد على المعترض مقاومته، فلما شرع يقرر أخذ
ابن تيمية يعجل عليه على عادته وقد يخرج من شيء إلى شيء، فقال له الهندي: ما أراك
يا ابن تيمية إلا كالعصفور حيث أردت أن اقبضه من مكان فر إلى مكان آخر، وكان
الأمير تنكز يعظم الهندي ويعتقده وكان الهندي شيخ الحاضرين كلهم، صدر عن رأيه
وحبس ابن تيمية بسبب تلك المسألة، وهي التي تضمنت قوله بالجهة، ونودي عليه في
البلاد وعلى أصحابه وعزلوا عن وظائفهم، انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة: إنه ولد بالهند في ربيع الآخر سنة أربع وأربعين
وستمائة، وأخذ عن جده لأمه، وخرج من بلدة دهلي في رجب سنة سبع وستين، وقدم
اليمن فأكرمه المظفر وأعطاه تسعمائة دينار، ثم حج فأقام بمكة ثلاثة أشهر ورأى بها ابن
سبعين وسمع كلامه ثم دخل القاهرة، ثم في سنة إحدى وثمانين دخل البلاد الرومية فأقام
بقونية وسيواس وغيرهما، واجتمع بالسراج الأرموي وخدمه وخرج منها سنة خمس
وثمانين، وقدم دمشق فاستوطنها وسمع من الفخر ابن البخاري، وعقد حلقة الإشتغال
بالجامع، ودرس بالرواحية والدولقية والأتابكية وغيرها، وكتب على الفتاوي مع الخير
والدين والبر للفقراء، وصنف في أصول الدين الفائق وفي أصول الفقه النهاية ولما عقد بعض
المجالس لابن تيمية عين الصفي الهندي لمناظرته فقال لابن تيمية في أثناء البحث: أنت مثل
العصفور ينط من هنا إلى هنا، وكان خطه ضعيفاً وحشياً إلى الغاية، والكمال لله، وقال
إنه كان لا يحفظ من القرآن إلا ربعه حتى قيل إنه قرأ المص بفتح الميم وتشديد الصاد، ويقال
إنه كان له ورد من الليل، فإذا استيقظ توضأ ولبس أفخر ثيابه حتى الخف والمهماز ويقوم
يصلي بتلك الهيئة وكانت في لسانه عجمة الهنود باقية إلى أن مات، قال: وكان فيه دين
وتعبد، وله أوراد، وكان حسن الاعتقاد على مذهب السلف، توفي في آخر صفر سنة
خمس عشرة وسبعمائة، انتهى.
وقال الشوكاني في البدر الطالع: ولما عقد بعض المجالس لابن تيمية عين صاحب الترجمة
لمناظرته، فقال لابن تيمية في أثناء البحث: أنت مثل العصفور تزط من هنا إلى هنا، ولعله
قال لما رأى من كثرة فنون ابن تيمية وسعة دائرته في العلوم الاسلامية والرجل ليس بكفء
لمناظرة ذلك إلا في فنونه التي يعرفها وقد كان عرياً من سواها، ولهذا قيل إنه ما كان يحفظ
من القرآن إلا ربعه، حتى نقل عنه أنه قرأ المص، بفتح الميم وتشديد الصاد، انتهى.
وكانت وفاته في آخر صفر سنة خمس عشرة وسبعمائة، كما في الدرر الكامنة.
الشيخ محمد بن كمال الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل محمد بن كمال بن علي بن أبي بكر الهندي الدهلوي شمس الدين الحنفي،
قال الفاسي في العقد: هكذا وجدته منسوباً بخط شيخنا ابن سكر، ووجدت بخطه أيضاً
أنه سمع من شيختنا أم الحسن فاطمة، وكان أحد الطلبة يدرس بليغاً كذا
وكان يؤم نيابة
عن إمامه شيخنا شمس الدين محمد بن محمود بن محمود الخوارزمي المعروف بالمعيد،
ولازمه مدة وأخذ عنه علم العربية وغيرها، وكان جاور بمكة سنين كثيرة متأهلاً بها حتى
توفي في طاعون كان سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة ودفن بالمعلاة، كما في طرب الأماثل.
محمد بن المبارك الكرماني
الشيخ الصالح محمد بن المبارك بن محمود الحسيني الكرماني ثم الدهلوي أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بمدينة دهلي، وقرأ العلم على الشيخ فخر الدين
الزرادي وعلى غيره من العلماء، وأدرك الشيخ نظام الدين محمداً البدايوني في صباه وحضر
مجلسه ثم أخذ بعد وفاته عن صاحبه الشيخ نصير الدين محمود الأودي، وذهب إلى دولت
آباد في أيام محمد شاه تغلق مع أعمامه وجده لأمه الشيخ شمس الدين محمد الدامغاني، ثم
رجع إلى دهلي ومات بها.
ومن مصنفاته سير الأولياء في أخبار المشايخ الجشتية، لم أر له نظيراً في طبقات المشايخ
يلوح عليه أثر القبول الرحماني، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وكانت وفاته في سنة سبعين وسبعمائة في عهد فيروزشاه، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ محمد بن محمد الصغاني
الشيخ العالم المحدث محمد بن محمد بن سعيد بن عمر بن علي الصغاني العلامة ضياء
الدين الهندي الحنفي، هكذا وجد نسبه بخطه في ثبت له ذكر فيه أنه سمع من الجمال
المطري صحيح البخاري عن أبي اليمن بن عساكر، وقرأ عليه صحيحي البخاري ومسلم
والجامع للترمذي وغير ذلك وعلى قطب بن مكرم الموطا ولبس منه الخرقة وذلك في عشر
الأربعين وسبعمائة بالمدينة وسمع بالقاهرة وغيرها، وأقام بالمدينة سنين يفتي ويدرس، ثم
حصل بينه وبين أميرها منافرة فبعد ذلك أقام بمكة، وتولى تدريس الحنفية الذي قرره الأمير
يلبغا وباشره في شوال سنة ثلاث وستين وسبعمائة، ومات هناك يوم الجمعة الخامس من ذي
الحجة سنة ثمانين وسبعمائة وقد جاوز الثمانين، وكان عارفاً بمذهبه وأصوله مع مشاركة في
العربية وغيرها، وعنده لمذهبه عصبية مفرطة عيبت عليه لما فيها من الغض من الإمام
الشافعي، ذكره الفاسي في العقد، كما في طرب الأماثل.
الشيخ محمد بن محمود الباني بتي
الشيخ الإمام العالم الصالح محمد بن محمود العثماني الشيخ جلال الدين الباني بتي المشهور
بكبير الأولياء، كان من الأولياء السالكين المرتاضين، أخذته الجذبة الربانية في صغر سنه
فساح البلاد وأدرك المشايخ الكبار وصحبهم، وأخذ الطريقة عن الشيخ شمس الدين
التركي الباني بتي وصحبه مدة من الزمان، ثم قام مقامه في الإرشاد والتلقين، أخذ عنه
الشيخ أحمد عبد الحق الردولوي وخلق آخرون، ومن مصنفاته زاد الأبرار في الحقائق
والمعارف، وسعد بالحج والزيارة مرتين، ومات في الثالث عشر من ربيع الأول سنة خمس
وستين وسبعمائة بمدينة باني بت فدفن بها، كما في سير الأقطاب.
الشيخ محمد بن محمود الهانسوي
الشيخ العالم الصالح محمد بن محمود الغريب الشيخ برهان الدين بن ناصر الدين الهانسوي،
كان ابن أخت الشيخ جمال الدين أحمد الخطيب النعماني الهانسوي، ولد بمدينة هانسي
سنة أربع وخمسين وستمائة ونشأ بها، ثم سافر إلى دار الملك وقرأ الفقه والأصول والعربية
على أساتذة عصره، ثم استسعد بصحبة الشيخ نظام الدين محمد البدايوني وبايعه، لعله في
سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وأقام بدهلي مدة حياة شيخه ثم رحل إلى دولت آباد سنة
ثمان عشرة- وقيل عشرين- وسبعمائة، فأقام بها مدة حياته.
وكان عالماً فقيهاً زاهداً حصوراً صاحب وجد وحالة، انتفع به ناس كثيرون وأخذوا
عنه، منهم الشيخ زين الدين داود بن الحسين الشيرازي والشيخ فريد الدين وكمال الدين
الكاشاني وركن الدين بن عماد الدين الكاشاني وخلق آخرون.
وقد جمع الشيخ ركن الدين ملفوظاته في نفائس
الأنفاس وأخوه حماد ابن العماد في أحسن
الأقوال وأخوه المجد بن العماد في غريب الكرامات ولها تتمة سماها ببقية الغرائب ومصر
باسمه نصير خان صاحب خانديس بلدة في أرض دكن سماها برهان بور.
وكانت وفاته يوم الأربعاء الحادي عشر من صفر سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة فدفن
بالروضة، كما في روضة الأولياء للبلكرامي.
الشيخ محمد بن نظام الدين البهرائجي
الشيخ الصالح المعمر محمد بن نظام الدين بن حسام الدين بن فخر الدين بن يحيى بن أبي
طالب بن محمود بن علي بن يحيى بن فخر الدين بن حمزة بن حسن بن عباس بن محمد بن
علي بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الحسيني البهرائجي أبو جعفر المشهور بأمير ماه، كان
من كبار المشايخ، أخذ الطريقة عن الشيخ علاء الدين الحسيني الجيوري ولبس منه الخرقة،
وصحب الشيخ جمال الدين الكوئلي وأخذ عنه.
ومن مصنفاته المحجوب في عشق المطلوب في المعارف بالفارسية، صنفه في أيام فيروزشاه،
وقد لقيه فيروزشاه بمدينة بهرائج واستفاضه، ولقيه السيد أشرف جهانكير السمناني في
تلك البلدة واعترف بفضله وكماله، كما في مرآة الأسرار.
وفي مهر جهانتاب أنه مات في أيام فيروزشاه، وفي خزينة الأصفياء أنه مات في سنة اثنتين
وسبعين وسبعمائة بمدينة بهرائج، فدفن بها.
الشيخ محمد بن محمد الكابلي
الشيخ العالم المحدث محمد بن محمد بن عمر الحنفي الكابلي الهندي، نزيل مكة ودفينها،
ذكره الفاسي في العقد الثمين قال: إنه جاور بمكة مدة حتى مات بها، وسمع بها من عز
الدين بن جماعة سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، قال الفاسي: سألت عنه شيخنا جمال
الدين بن ظهيرة فقال: كان شيخاً مباركاً كتب بخطه كثيراً وكان ينوب عن أبي الفتح في
الإمامة، ومات قبله بمكة، انتهى طرب الأماثل.
الشيخ محمد بن محمد الهندي
الشيخ العالم المحدث محمد بن محمد بن محمد بن سعيد الحنفي شرف الدين بن العلامة
ضياء الدين الهندي، ذكره الفاسي في العقد الثمين، قال: إنه سمع بمكة من ابن حبيب وابن
عبد المعطي وغيرهما، وتوفي سنة ست وسبعين وسبعمائة بالقاهرة، طرب الأماثل.
الشيخ محمد بن محمد البلخي
الشيخ الصالح محمد بن محمد بن عيسى البلخي أشرف الدين بن ركن الدين البهاري
الصوفي الفقيه، أخذ عن الشيخ شرف الدين أحمد بن يحيى المنيري ولازمه مدة، وصنف
له الشيخ شرف الدين شرحاً بسيطاً على آداب المريدين للضياء أبي النجيب عبد القاهر
السهروردي رحمه الله بالفارسية في مجلدات عديدة، وله قصائد في مدح شيخه.
الشيخ محمد بن علي السبزواري
السيد الشريف محمد بن علي بن العلاء بن غياث بن الحسن بن حمزة بن هارون بن عقيل
بن إسماعيل بن علي الأشقر بن جعفر الحسيني السبزواري، المشهور بالحقاني.
قدم الهند وأخذ الطريقة عن الشيخ شعبان الملة علي بن محمد الجهونسوي وتزوج ابنته،
ثم سكن بقرية سيد سراوان، ثم انتقل إلى قرية تنى ديه من أعمال كره، وله ذرية كثيرة في
تلك الناحية، كما في منبع الأنساب.
الشيخ محمد بن أحمد الأصفهاني
السيد الشريف محمد بن أحمد بن جعفر بن فخر الدين بن محمود بن إبراهيم ابن الحسين
بن الإمام علي النقي الحسيني الأصفهاني كان من رجال العلم والطريقة، قدم الهند وأخذ
الطريقة عن الشيخ نصير الدين محمود بن يحيى الحسيني الأودي، وسكن بمدينة كره، وله
ذرية كثيرة في تلك الناحية تعرف
بالسادة الأصفهانية وقبره ببلدة كره، كما في منبع
الأنساب.
الشيخ محمد بن محمد الفرشوري
الشيخ الكبير محمد بن محمد الجنيدي ركن الدين بن سراج الدين الفرشوري أحد كبار
الأولياء، كان من نسل سيد الطائفة جنيد البغدادي.
ولد بمدينة بشاور سنة ثمانين وستمائة، ونشأ بها، وسافر إلى البلاد حتى وصل إلى دولت
آباد سنة سبع وسبعمائة، فلازم بها الشيخ علاء الدين علي الجيوري وأخذ عنه الطريقة ثم
سار إلى قرية كورجي وسكن بها، وأسلم على يده خلق كثير من المشركين، وانتقل إلى
كلبركه سنة سبعين وسبعمائة، فاغتنم قدومه محمد شاه بن علاء الدين حسن البهمني
واعتقد فضله وكماله فطابت له الإقامة بها، وكان السلطان يتلقى إشاراته بالقبول.
توفي سنة إحدى وثمانين وسبعمائة في أيام محمود شاه البهمني.
الشيخ محمد بن يحيى الأودي
الشيخ الفاضل الكبير العلامة محمد بن يحيى الشيخ شمس الدين الأودي أحد العلماء
المبرزين في الفقه والأصول والعربية، قرأ العلم على مولانا ظهير الدين البهكري والشيخ فريد
الدين الشافعي الأودي وعلى غيرهما من الأساتذة، وأخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين
محمد البدايوني وصحبه مدة من الدهر، واستخلفه الشيخ في سنة أربع وعشرين
وسبعمائة.
وكان عالماً كبيراً بارعاً في كثير من العلوم والفنون، له مصنفات جليلة في العلوم الشرعية،
منها شمس المعارف وكان متخلقاً بالأخلاق الملكية ذا زهد وترك وتجريد واستقامة، لم
يتزوج قط، وكان لا يرضى بتردد الأغنياء عليه، ولا يلتفت إليهم ويشتغل بالعلم، قال
الكرماني في سير الأولياء إنه كلما كان يتفكر في مسألة كأنه يغوص في ذلك، وكان كريم
النفس جليل الهيئة عظيم الوقار، يكرمه العلماء والمشايخ، ويستفيد منه الأساتذة،
ويفتخرون بالتلمذ له، ويثنون عليه، كما قال الشيخ نصير الدين محمود الأودي فيه رحمه
الله.
سألت العلم من أحياك حقاً فقال العلم شمس الدين يحيى
توفي إلى رحمة الله سبحانه في سنة سبع وأربعين وسبعمائة في عهد شاه تغلق بمدينة
دهلي، فدفن بها.
الشيخ محمد بن يوسف الأجودهني
الشيخ العالم الصالح محمد بن يوسف بن سليمان بن مسعود العمري الشيخ علم الدين
الأجودهني، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح.
ولد ونشأ بمدينة أجودهن، وتأدب على والده وأخذ عنه الطريقة، وولي المشيخة بعد
والده، لقيه ابن بطوطة المغربي حين دخل الهند ونزل عند والده بمدينة أجودهن وذكره في
كتابه.
الشيخ ممد بن محمد الدمراجي
الشيخ العالم المحدث محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر الدمراجي الدهلوي
نجيب الدين الحنفي الهندي، هكذا نسبه ابن سكر، كان فاضلاً في مذهبه، وكان يعتمر كل
يوم غالباً مدة إقامته بمكة إلى أن ضعفت قواه، توفي بعد سنة تسعين وسبعمائة بيسير وهو
في عشر السبعيين.
قال الفاسي: سمعت شيخنا قاضي القضاة جمال الدين بن ظهيرة يقول: إن الشيخ نجيب
الدين هذا أخبره أن شيخاً له بالهند وصفه بالعلامة، وقدم مكة واجتمع بالعفيف الدلاصي
مقرئ الحرم ليقرأ عليه، فاعتذر إليه بأنه لا يقرئ العجم لكونهم لا يخرجون الحروف من
مخارجها، فقال: لا عليك أن تسمع قراءتي، فإن رضيت وإلا تركتك، فقال له، اقرأ، فلما
شرع في القراءة فقال له: إني أشم منك رائحة النسب فإلى من تنتسب؟ قال: إلى خالد بن
الوليد، فقال العفيف: وأنا انتسب إليه، وذكر كل منهما نسبه، فاجتمعا في بعض الأجداد،
هذا معنى هذه الحكاية وهي عجيبة وفيها منقبة للشيخ عفيف الدين الدلاصي، وكلام ابن
حزم في الجمهرة يقتضي أن خالد بن الوليد لا عقب له، وانتسب إليه خلق كثير من العلماء،
والله أعلم بصحة ذلك، انتهى طرب الأماثل.
القاضي جلال الدين محمد الكرماني
الشيخ الفاضل العلامة القاضي جلال الدين محمد الكرماني أحد العلماء المبرزين في الفقه
والأصول والعربية، اصطفاه فيروزشاه السلطان من سائر القضاة، فولاه الصدارة العظمى
وفوض إليه تولية الأمور الدينية، فكان السلطان المذكور لا يتداخل في شيء من الأمور.
قال البرني في تاريخه: إنه كان بغزارة علمه وفرط ذكائه غزالي عصره ورازي دهره، فوض
إليه السلطان كل ما يتعلق بالشريعة الحقة وكل ما يتعلق بالصلات والجوائز والمناصب في
جميع بلاد الهند، فحصلت له رتبة لم تحصل لغيره من الصدور قبله، انتهى.
شمس الدين محمد الشيرازي
الشيخ العابد الزاهد شمس الدين محمد الشيرازي كان من المعمرين، لقيه محمد ابن بطوطة
المغربي الرحالة بمدينة بهكر من أرض السند في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، وذكره في كتابه
وقال: ذكر لي أن سنه تزيد على مائة وعشرين عاماً، انتهى.
مولانا شمس الدين محمد الدامغاني
الشيخ الفاضل الكبير شمس الدين محمد الدامغاني، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والكمال، قرأ العلم على الشيخ شمس الدين الخوارزمي وعلى غيره من الأساتذة بدار الملك
دهلي، قرأ علي الخوارزمي مشاركاً للشيخ نظام الدين محمد البدايوني، ورحل إلى دولت
آباد في أيام محمد شاه تغلق، ولبث بها مدة من الزمان ودرس بها، أخذ عنه الشيخ عين
الدين البيجابوري بدولت آباد.
علاء الدين محمد شاه الخلجي
الملك المؤيد محمد بن مسعود الخلجي السلطان علاء الدين محمد شاه كان ابن أخي
السلطان جلال الدين الخلجي وختنه، أقطعه مدينة كره وما والاها من من البلاد، وذهب
إلى ديوكير حيث لم يبلغ إليه أحد من الملوك في القرون الماضية، وديوكير كانت كرسي بلاد
مالوه ومرهته وكان سلطانها أكبر سلاطين الكفار، فأذعن له سلطانها بالطاعة وأهدى له
هدايا عظيمة، فرجع إلى مدينة كره سالماً ظافراً، ولم يبعث إلى عمه شيئاً من الغنائم فأغرى
الناس عمه به فبعث إليه، فامتنع من الوصول إليه، فقال عمه: أنا أذهب إليه وآتي به فإنه
محل ولدي، فتجهز في عساكره وطوى المراحل حتى حل بساحة مدينة كره وركب النهر
بقصد الوصول إلى ابن أخيه، وركب ابن أخيه أيضاً في مركب ثان عازماً على الفتك به
وقال لأصحابه: إذا أنا عانقته فاقتلوه، فلما التقيا وسط النهر عانقه ابن أخيه وقتله أصحابه
كما أمرهم، واحتوى على ملكه وعساكره، وعاد بعضهم إلى دهلي واجتمعوا على ركن
الدين بن جلال الدين فخرج بقتاله، فهربوا جميعاً إلى علاء الدين وفر ركن الدين إلى السند.
ودخل علاء الدين دار الملك في سنة ست وتسعين وستمائة، واستقام له الأمر عشرين
سنة، ففتح البلاد وسخرها، وقاتل التتر قتالاً شديداً وأكثر الفتك والأسر فيهم فانهزموا إلى
خراسان، ثم سير عساكره إلى كجرات في سنة سبع وتسعين فقاتلوا صاحبها راي كرن،
وقتلوا ونهبوا في تلك البلاد ثم ملكوا نهرواله وما والاها من البلاد، وفر راي كرن إلى
ديوكير واحتمى بصاحبها.
وفي تلك السنة قدم قتلق خواجه عظيم التتر ومعه مائتا ألف فارس، فنهب البلاد وأحرقها
ووصل إلى ظاهر مدينة دهلي، فخرج علاء الدين ومعه ثلاثمائة ألف فارس وألفان وسبعمائة
من الفيلة، فقاتله قتالاً شديداً وهزمه إلى ما وراء النهر، وبعث عساكره إلى رنتهنبور في
سنة تسع وتسعين وستمائة فحاصروها وضيقوا على أهلها، ثم سار علاء الدين بنفسه إلى
تلك القلعة وشدد في القتال وفتحها بعد مدة من الزمان وقتل صاحبها همير ديو ووزيره أنمل
وخلقاً كثيراً من أهله، وخرج عليه في أثناء ذلك رجال من أهله فقتلوا.
ولما رجع إلى مدينة دهلي جمع أصحابه وشاورهم في البغي والخروج، فقالوا: إن أسباب
ذلك أربعة: الأول غفلة الملك عن الناس ومعاملتهم فيما بينهم، والثاني إدمان الخمر
وإعلانه، والثالث مصاهرة الملوك والأمراء فيما بينهم، والرابع إفراط المال في
أيدي الناس،
فقام السلطان لدفع الأسباب المذكورة وعين الجواسيس على الناس حتى ضاق عليهم
الكلام في أمر من الأمور في الخلوة ثم أصلح الطرق والشوارع بحيث لا يقدر أحد أن يتعرض
لعجوز في الطريق من منتهى أرض بنكاله إلى بلاد السند، ثم نهى الناس عن شرب الخمر
وأهرقها وكسر الظروف، ونهى الأمراء أن يصاهر بعضهم بعضاً بدون إذنه، ثم توجه إلى
المال وقبض ما كان في أيدي الناس من أقطاع الأرض والقرى وقفاً كان أو ملكاً أو إنعاماً
تبرعاً من الملوك فجعل كلها خالصة له، ومد يده في أموال الناس فأخذها بالمصادرة، ثم
أسس القوانين للمالية ليستوي الضعيف بالقوي: ألف أن يؤخذ النصف من غلات الأرض
لبيت المال على وجه المساحة بغير استثناء، ب أن ما يحصل للمقدم والجودهري أيضاً
يدخل في بيت المال، ج لا يساغ للناس أن يزيدوا على أربع بقرات للزرع وجاموستين وبقرتين
واثني عشر رأساً من المعز سواء كان مقدماً أو جودهرياً أو كان من عامة الناس، د أن
يؤخذ منهم مكس العلف على رؤس الدواب، ثم شدد في تنفيذها حتى استوت الضعفاء
بالأقوياء.
ثم سار بعساكره إلى حصن جتور وكان من أحصن الحصون وأمنعها في بلاد الهند،
ففتحها عنوة في سنة ثلاث وسبعمائة، وبعث عساكره إلى ورنكل من بلاد دكن.
وقدم عساكر التتر العظيمة في تلك السنة فهزمهم، ثم قدم التتر في سنة سبع وسبعمائة
بأربعين ألف فارس ووصلوا إلى أمروهه، فبعث إليهم الغازي ملك تغلق الذي ولي الملك
بعد مبارك شاه فقاتلهم وأكثر الفتك والأسر فيهم وغنم منهم عشرين ألف فرس.
وبعث عين الملك الملتاني إلى بلاد مالوه فقاتل صاحبها وقبض على أجين ومندو ودهار
وجنديري وغيرها من البلاد العظيمة، ثم قدم التتر فبعث الغازي ملك تغلق إليهم فقاتلهم
قتالاً شديداً وهزمهم إلى بلادهم، ثم بعث العساكر إلى ديوكير، ولما عرف صاحبها عجزه
عن المقاتلة خرج منها ولقي مقدم العساكر الاسلامية وأهدى إليه الهدايا الجميلة، ثم جاء
إلى دهلي وأدرك علاء الدين وأذعن له بالطاعة، فأقطعه علاء الدين بلاده وضم إليها بعض
البلاد من إيالة كجرات.
وأما عساكره المبعوثة إلى ورنكل، وكانت كرسي بلاد دكن، فإنهم وصلوا إلى ذلك الحصن
وحاصروه وأداموا الحصار وضيقوا على أهلها وقاتلوهم قتالاً شديداً حتى فتح الله
سبحانه عليهم بالمصالحة على مال يؤديه صاحبها عاجلاً وآجلاً، وكذلك بعث عساكره إلى
بلاد المعبر ففتحوها وأسسوا بها مسجداً وهو أول مسجد أسس بتلك البلاد.
قال محمد قاسم بن غلام علي البيجابوري في تاريخه: إن عدة المعارك العلائين كانت أربعاً
وثمانين وفي كلها ظفر وغنم، وكانت عدة خدمه سبعين ألفاً، سبعة آلاف منهم كانوا بنائين،
انتهى.
ثم إنه أسس قواعد السعر للأطعمة والأقمشة ولكل ما يحتاج إليه الناس، أما وضع
القواعد لسعر الأطعمة فالأولى منها أنه ولي رجلاً من أهل الدين والأمانة على الإحتساب في
سوق الأطعمة لينظر في الأسعار، والثانية أنه أمر أن ما تحصل من زروع الخالصة الشاهانية
من الغلة تخزن في العمالات، فإن ارتفع السعر أو قلت الأطعمة بيعت أطعمة المخزن بثمن
معين، والثالثة أنه أمر المحتسب باحضار التجار وإسكانهم على شاطئ نهر جمنا بمدينة
دهلي وأمرهم أن يأتوا بالأطعمة من نواحي الأرض ويبيعوها بالأسعار التي قررها السلطان،
والرابعة أن يمنع الناس عن الإحتكار ويشدد عليهم إن ثبت ذلك، والخامسة أنه إذا حصد
الزرع فلا يساغ لهم أن يختزنوه بل يبيعونه كله في تلك الساعة غير ما يكفيهم للقوت في تلك
السنة، والسادسة أنه أمر المحتسب أن يعرض عليه كل يوم أسعارهم وكان يتفقد بنفسه
ويسأل عن أسعارهم ويعزرهم إن لم يأتمروا بها.
وأما وضع القواعد لحفظ أسعار الأقمشة فالأولى منها أنه بنى حوانيت عالية البناء عند
الباب البدايوني بمدينة دهلي وأمر أن يسكن به البزازون ويبيعوا الأقمشة
بها من الصباح
إلى الظهيرة ولا يبيع أحد في غير ذلك الموضع أصلاً، وسمى تلك الحوانيت سراي عدل،
والثانية أنه وضع دفتراً للبزازين الذين كانوا يأتون بالأقمشة من بلاد أخرى ويبيعون بمدينة
دهلي بالأسعار المعلومة، والثالثة أن من يريد من الأغنياء الأقمشة الثمينة يستأذن من
شحنة السوق أولاً ثم يشتريها لئلا يشتريها البزازون بالأسعار المعهودة ويبيعوها في بلاد
أخرى بغير تلك الأسعار، والرابعة أنه أمر أن يعطي التجار الملتانيون ألفي ألف تنكه
ليجلبوا الأقمشة من بلاد أخرى ويبيعوها في سراي عدل بالأسعار المعهودة.
وأما وضع القواعد لحفظ أسعار الخيل فالأولى منها أنه نهى أرباب الأموال أن يشتروا
الخيل من التجار ونهى التجار، أن يبيعوهم إياها وشدد في تنفيذها، الثانية أنه شدد على
السماسرة إن ثبت أنهم توسطوا في الزيادة على الأسعار المعهودة، والثالثة أنه كان يتفقد
بنفسه عن السماسرة ويسأل عن الأسعار، فإن ظهر الزيادة أو النقصان بما تعهده يعاقبهم
جميعاً.
أما الأسعار التي عينها ولا تزيد عنها ولا تنقص في أيامه فنذكرها في فصول: الأول أسعار
الأطعمة، فالحنطة كانت تباع منا منها بسبعة جيتل، والشعير منا منه بأربعة جيتل، والأرز
منا منه بخمسة جيتل، والحمص منا منها بخمسة جيتل، والفول منا منه بخمسة جيتل،
والموتم منا منها بثلاثة جيتل.
والثاني أسعار الأقمشة: جيره دهلي بست عشرة تنكة جيره كوبكه بست تنكات، سري
صاف الأعلى منها بخمس تنكات، والمتوسط منها بثلاث تنكات، والأدنى منها بتنكتين،
سلائي الأعلى منها بأربع تنكات والمتوسط بثلاث تنكات، والأدنى بتنكتين، الكرباس
الأعلى عشرون ذراعاً بتنكة، الكرباس المتوسط ثلاثون ذراعاً بتنكة، الكرباس الأدنى
أربعون ذراعاً بتنكة، الكرباس الساذج بعشرة جيتل.
والثالث أسعار الخيل: فالقسم الأول منها من مائة تنكة إلى مائة وعشرين، والقاسم الثاني
من ثمانين إلى سبعين، والقسم الثالث من خمس وستين إلى سبعين، واليابو من اثنتي عشرة
إلى عشرين.
والرابع أسعار العبيد: الأعلى منهم من مائة إلى مائتي تنكة، والمتوسط منهم من عشرين
إلى أربعين، والأدنى منهم من خمس إلى عشر تنكات.
والخامس أسعار غير ذلك مما يحتاج إليه الناس، فالسكر القالب المصري الآثار منه
بجيتلين، والسكر بجيتل واحد، والسمن البقري بنصف جيتل، ودهن الحل ثلاثة آثار منه
بجيتل، والملح خمسة آثار منه بجيتل.
وكذلك قرر الأسعار للبقر والجواميس والإبل والمعز والضأن وغيرها، لكل شيء مما يحتاج
إليه الناس من الإبرة فما فوقها على ما يناسبه الزمان.
أما النقود والأوزان التي كانت في أيامه فالتنكة كانت ذهبية وفضية بقدر التولة، والمراد
ههنا الفضية وكانت تبادل بخمسين جيتل، والجيتل كان من النحاس بقدر التولة وقيل بقدر
تولتين إلا ربعاً، وكان المن أربعين آثاراً، والآثار أربع وعشرون تولة.
وأما رواتب العسكرية في أيامه فكانت أربعاً وثلاثين ومائتي تنكة سنوية للقسم الأول،
وستاً وخمسين ومائة تنكة للقسم الثاني، وثمانياً وسبعين تنكة للقسم الثالث.
وأما عساكره فكانت خمسة وسبعين ألفاً وأربعمائة ألف فارس.
وكانت وفاته في سادس شوال سنة ست عشرة وسبعمائة، كما في تاريخ فرشته.
محمد المنجم البدخشي
السيد الشريف العلامة محمد المنجم البدخشي الدفين بكلبركه كان من العلماء المبرزين في
الهيئة والهندسة والنجوم وسائر الفنون الحكمية، ولاه السلطان علاء الدين حسن البهمني
صاحب دكن قضاء المعسكر بكلبركه، فقام به مدة حياته، كما في تاريخ فرشته.
الشيخ محمد بن محمود الكراني
الشيخ العالم المحدث محمد بن محمود بن يوسف بن علي الكراني الهندي الحنفي، سمع من
الزين الطبري وعبد الوهاب بن محمد بن يحيى الواسطي وغيرهما من شيوخ مكة، ذكره
الفاسي في العقد الثمين، كما في طرب الأماثل.
الشيخ محمد بن محمود الكرماني
الشيخ الصالح محمد بن محمود الحسيني الكرماني أحد رجال العلم والطريقة، كان يكتسب
بالتجارة، وكلما كان يقدم لاهور يذهب إلى أجودهن ويزور الشيخ فريد الدين مسعوداً
الأجودهني ويحظى بصحبته حتى رسخ في قلبه محبته، فترك التجارة ولازمه وأخذ عنه.
ولما توفي الشيخ رحل إلى دهلي ولازمه الشيخ نظام الدين محمد بن أحمد البدايوني وانقطع
إلى الله سبحانه، مات في سنة إحدى عشرة وسبعمائة بدهلي فدفن بها، كما في خزينة
الأصفياء.
محمد البغدادي
الشيخ المعمر محمد البغدادي الزاهد أدركه محمد بن بطوطة المغربي بسيوستان سنة أربع
وثلاثين وسبعمائة وذكره في كتابه، قال: إني لقيته بسيوستان، وهو بالزاوية التي على قبر
الشيخ الصالح عثمان بن حسن المرندي، وذكر أن عمره يزيد على مائة وأربعين سنة، وأنه
حضر قتل المستعصم بالله آخر خلفاء بني العباس رضي الله عنهم لما قتله الكافر هلاكو
بن تولائي التتري، وهذا الشيخ على كبر سنه قوي الجثة يمشي على قدميه، انتهى.
محمد بن شمس العثماني
الشيخ الفقيه محمد بن شمس بن صلاح بن محمد بن محمد بن أبي بكر ابن إسماعيل بن
السري السقطي العثماني الشيخ محمد معروف الأميتهوي أحد الفقهاء الحنفية.
انتقل والده من العراق إلى الهند وولي القضاء بستركه في أيام علاء الدين الخلجي فسكن
بها، وانتقل محمد معروف من ستركه إلى أميتهي وولي القضاء بها سنة خمس وأربعين
وسبعمائة في أيام محمد شاه تغلق، ولما مات ولي مكانه ولده نجم الدين إسماعيل، وله ذرية
كثيرة ببلدة أميتهي، كما في رياض عثماني.
محمود شاه البهمني
الملك المؤيد محمود بن الحسن البهمني محمود شاه السلطان العادل الفاضل، ولي المملكة
بعد أخيه داود شاه في سنة ثمانين وسبعمائة وجلس على سرير والده بمدينة كلبركه، وافتتح
أمره بالعدل والإحسان.
وكان من خيار السلاطين عادلاً باذلاً كريماً فاضلاً، عارفاً باللغة العربية والفارسية، يتكلم
بهما في غاية الطلاقة، وكان جيد الكتابة حلو الخط جيده، وله ميل إلى قرض الشعر، وقد
اجتمع العلماء عنده من كل ناحية وبلدة، وقصده خواجه شمس الدين الحافظ الشيرازي
الشاعر المشهور وركب على المركب المحمود شاهي، ثم رجع وأرسل إليه أبياتاً من إنشائه
مستهلها:
دمى باغم بسر بردن جهان يكسر نمى ارزد بمى بفروش دلق ماكزين بهتر نمى ارزد
بسى آسان نمود اول غم دريا ببوي زر غلط كردم كه يك موجش بصد من زر نمى#
ارزد
إلى غير ذلك من الأبيات الرقيقة الرائقة. فبعث إليه محمود شاه ألف تنكة من الذهب.
ومن مآثره أنه أنشأ المكاتب لتعليم اليتامى في كلبركه وبيدر وقندهار وإيلجبور وجنير
وجيول ودائل وفي بلاد أخرى من مملكته، وجعل الأرزاق السنية للمحدثين ليشتغلوا
بالحديث بجمع الهمة وفراغ الخاطر، وكان يعظمهم غاية التعظيم، وجعل الأرزاق للعميان
والمقعدين.
وكان يتكلف في الزي واللباس قبل أن يصل إلى السلطنة تكلفاً بالغاً، فلما قام بالملك ترك
التكلف والتصنع في ذلك، وكان يقول: إن الملوك أمناء الله على بيت مال المسلمين، فلا
ينبغي لهم أن يأخذوا منه ما يزيد على قدر الحاجة.
ومن شعره قوله:
عافيت در سينه كار خون فاسد ميكند رخصتي أي دل كه از الماس نشتر ميخورم
توفي إلى رحمة الله سبحانه في سنة تسع وتسعين وسبعمائة، وكانت مدته تسع عشرة سنة
وتسعة أشهر وعشرين يوماً، كما في تاريخ فرشته.
الشيخ محمود بن محمد الدهلوي
السيد الشريف العلامة العفيف محمود بن محمد بن أحمد المدني الشيخ قوام الدين الدهلوي
أحد الفقهاء المبرزين في العلم والمعرفة من سلالة الإمام الهمام الحسن السبط الأكبر عليه
وعلى جده السلام، كان إمام عصره في الآفاق علماً وزهداً وشجاعة وسخاء.
ولد في سنة سبع وعشرين وستمائة وطلب العلم ودخل الهند مع والده الأمير الكبير بدر
الملة المنير قطب الدين محمد بن أحمد الحسني الحسيني المدني، فزوجه شمس الدين الإلتمش
ابنته فتحة السلطانة، فأقام بدهلي وتمكن بها للدرس والإفادة، أخذ عنه ابن أخيه القاضي
ركن الدين بن نظام الدين الكروي والشيخ علاء الدين الحسيني الجيوري وخلق آخرون.
مات في سنة عشر وسبعمائة وله ثلاث وثمانون سنة، كما في تذكرة السادات.
الشيخ محمود بن يحيى الأودي
الشيخ الإمام العالم الكبير الزاهد المجاهد نصير الدين محمود بن يحيى بن عبد اللطيف
الحسيني اليزدي ثم الأودي الدفين بمدينة دهلي كان من كبار الأولياء لله السالكين
المرتاضين.
ولد ونشأ بأرض أوده، ولما بلغ التاسعة من سنه توفي والده، فتربى في حجر أمه العفيفة،
واشتغل بالعلم، وقرأ الكتب الدرسية على مولانا عبد الكريم الشرواني إلى هداية الفقه
وأصول البزدوي، ولما مات الشرواني اشتغل على مولانا افتخار الدين محمد الكيلاني وقرأ
عليه سائر الكتب الدرسية، وفي خير المجالس لجامعه حميد الدين القلندري الدهلوي أنه قرأ
هداية الفقه على الشيخ فخر الدين الهانسوي وقرأ أصول البزدوي على القاضي محي الدين
الكاشاني، وفي سبحة المرجان أنه قرأ بعض الكتب على الشيخ شمس الدين محمد بن
يحيى الأودي، وبالجملة فإنه فرغ من البحث والإشتغال في الخامس والعشرين من سنه، كما
في مناقب العارفين.
وأخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد البدايوني بدهلي وأقام بها ولازمه مدة من
الدهر، واستخلفه الشيخ في سنة أربع وعشرين وسبعمائة، ولما توفي الشيخ إلى رحمة الله
سبحانه جلس على كرسي مشيخته وأوفى حقوق الطريقة.
وكان ظاهر الوضاءة دائم البشر كثير البهاء كريم النفس طيب الأخلاق أبعد الناس عن
الفحش وأقربهم إلى الحق، لا يغضب لنفسه، ولا يتغير لغير ربه، سريع الدمعة شديد
الخشية، حسن القصد والإخلاص والإبتهال إلى الله تعالى مع شدة الخوف منه ودوام
المراقبة له والتمسك بالأثر والدعاء إلى الله سبحانه ونفع الخلق والإحسان إليهم مع الصدق
والعفاف والقنوع والتوكل والزهد والمجاهدة، له كشوف وكرامات ووقائع غريبة لا تحملها
بطون الأوراق.
أخذ عنه الشيخ محمد بن يوسف الحسيني الدهلوي الدفين بكلبركه والشيخ أحمد بن
شهاب الحكيم الدهلوي والشيخ عبد المقتدر بن ركن الدين الشريحي الكندي والشيخ
كمال الدين العلامة والشيخ محمد بن جعفر الحسيني المكي والشيخ أحمد بن محمد
التهانيسري وخلق كثير لا يحصون بحد وعد.
وكانت وفاته في الثامن عشر من رمضان سنة سبع وخمسين وسبعمائة بمدينة جهلي،
فدفن بها، كما في أخبار الأخيار.
الشيخ محمود بن محمد الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير محمود بن محمد الشيخ سعيد الدين الدهلوي أحد كبار الفقهاء
الحنفية، شرح المنار في الأصول لحافظ الدين بكتاب سماه إفاضة الأنوار في إضاءة أصول
المنار، كما في الأثمار الجنية لعلي القاري والجواهر المضية في
طبقات الحنفية للشيخ عبد
القادر أبي محمد القرشي، ولم يذكره السمعاني في الأنساب.
الشيخ محمود بن الحسين الحسيني البخاري
الشيخ الصالح الفقيه محمود بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن علي الحسيني البخاري
الشيخ ناصر الدين الأجي أحد المشايخ المعروفين بأرض الهند، وهو ولد بنت الشيخ محمد
بن الحسين بن علي الحسيني البخاري، ونشأ في مهد العلم والمشيخة، وأخذ عن والده
وتفقه عليه، ثم تولى المشيخة بعده.
وكان له ثلاث زوجات: إحداهن بي بي بهلسي بنت حسين شاه لنكاه الملتاني، والثانية
بي بي سعادت، كانت من بنات الأشراف من أهل دهلي، والثالثة كانت من طائفة دهر،
وكان له ثلاثة وعشرون ابناً وخمس بنات، وخمسة أبناء منهم يعرفون بالأقطاب: الشيخ
حامد الكبير، وعلم الدين وشهاب الدين وإسماعيل، وفضل الله، وأختان لهم كانوا من بي
بي بهلسي، وابنان برهان الدين عبد الله، وعلاء الدين كانا من بي بي سعادت، وابنان
شرف الدين، ونظام الدين كانا من التي كانت من طائفة دهر، وسائر الأبناء والبنات كانوا من
بطون الجواري والسراري، كما في تذكرة السادة البخارية.
وكانت وفاته في سنة ثمانمائة، والدليل على ذلك أن ولده عبد الله بن محمود رحل إلى
كجرات بعد سنتين من وفاته في سنة اثنتين وثمانمائة، ولأنه ولد عبد الله في سنة تسعين
وسبعمائة ورحل إلى كجرات في الثانية عشرة من سنه، كما في كتب الأخبار، فما في خزينة
الأصفياء أن محموداً توفي في سنة سبع وأربعين وثمانمائة فهو مما لا يعتمد عليه.
الشيخ محمود بن يوسف الكراني
الشيخ العالم المحدث محمود بن يوسف بن علي الكراني الهندي الحنفي نصير الدين نزيل
مكة سمع من الرضي الطبري صحيح ابن حبان وأجازه، وسمع من الزين الطبري والجمال
المطري والشيخ خليل المالكي، وسمع منه ابن سكر أحاديث من صحيح ابن حبان
وأجازه، وذلك في رجب سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، ومات بعد توجهه من مكة إلى
بلاد الهند، ذكره الفاسي في العقد الثمين، كما في طرب الأماثل.
الشيخ مخلص بن عبد الله الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير العلامة مخلص بن عبد الله الشيخ حميد الدين الهندي الدهلوي
أحد كبار الفقهاء الحنفية، كان مولى لإحدى عجائز هذه الديار فخصه الله تعالى بالمنح
السنية والعطية الأزلية البهية ورزقه الإلمام بالعلوم وجعله من الأعلام، وخلع عليه خلعة
القبول، وأهب عليه من مهاب اللطف الصباء والقبول، ويسر له تحصيل العلوم الشرعية
أولاً، ونشر له علم القبول على قلوب البرية آخراً، فجمع الفنين وحاز المرتبتين، وشرح الهداية
شرحاً حسناً ولم يكمله، وصنف تفسيراً سماه كشف الكشاف وله مؤلفات أخر، ذكره
الشيخ مجد الدين الفيروز آبادي في تأليفه المسمى بالألطاف الخفية في أشراف الحنفية، كما
في الأثمار الجنية لعلي القاري.
قال الجلبي في كشف الظنون: وشرحه لهداية الفقه شرح مفيد، ما قصر فيه عن تحقيق
المباني ولا ائتلى فيه تنقيح المعاني، وشرح ممزوج لطيف أوله: الحمد لله الذي هدانا في
بدايتنا إلى خدمة كتابه المبين، الخ.
وكانت وفاته في سنة أربع وستين وسبعمائة كما في سبحة المرجان.
الشيخ مسعود بن شيبة السندي
الشيخ الفاضل الكبير مسعود بن شيبة بن الحسين السندي عماد الدين الملقب بشيخ
الإسلام، له كتاب التعليم وله طبقات الحنفية كما في الأثمار الجنية،
الشيخ موسى بن إسحاق الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير موسى بن إسحاق بن علي بن إسحاق الحسيني البخاري الدهلوي
كان ابن بنت الشيخ فريد الدين مسعود الأجودهني، ولد بأجودهن وتوفي والده في صغر
سنه، فاستقدمه الشيخ نظام الدين محمد البدايوني إلى دهلي مع صنوه الكبير
محمد وأمهما
فتربى في حجر الشيخ المذكور، وحفظ القرآن، وقرأ العلم على وجيه الدين البائلي، ومهر في
الشعر والموسيقى وسائر الفنون الحكمية، كما في سير الأولياء.
الشيخ موسى بن الجلال الملتاني
الشيخ العالم الفقيه موسى بن الجلال الملتاني الشيخ نور الدين موسى كان ابن أخت الشيخ
أبي الفتح ركن الدين بن صدر الدين الملتاني، أخذ عنه ولازمه ملازمة طويلة حتى نال حظاً
وافراً من العلم والمعرفة، وكان رحمه الله يدرس ويفيد في المدرسة البهائية بمدينة ملتان، قرأ
عليه الشيخ جلال الدين حسين بن أحمد الحسيني البخاري الأجي، ولازمه سنة كاملة،
كما في جامع العلوم.
الشيخ مجد الدين الكاشاني
الشيخ العالم الصالح مجد الدين بن عماد الدين الكاشاني ثم الدولت آبادي أحد المشايخ
المشهورين في عصره، قرأ العلم على الشيخ زين الدين داود بن الحسين الشيرازي، ثم بايع
الشيخ برهان الدين الغريب الهانسوي، وأخذ عنه الطريقة ولازمه مدة حياته، وجمع كراماته
في كتابه غريب الكرامات، ولها تتمة سماها بقية الغرائب، مات بدولت آباد ودفن بالروضة.
الشيخ محي الدين الكاشاني
الشيخ الفاضل الكبير القاضي محي الدين بن جلال الدين بن قطب الدين الحنفي الصوفي
الكاشاني أحد كبار العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، قرأ العلم على الشيخ
شمس الدين القوشجي وعلى غيره من العلماء بدار الملك دهلي، ثم تصدى للدرس والإفادة
حتى ظهر تقدمه في فنون عديدة، وأخذ عنه غير واحد من العلماء، ثم أخذ الطريقة عن
الشيخ نظام الدين محمد بن أحمد البدايوني، وكتب له الشيخ نسخة الإجازة بيده الكريمة،
وهي كما نص عليها محمد بن المبارك العلوي الكرماني في سير الأولياء هكذا.
مي بايد كه تارك دنيا باشي، بسوى دنيا وارباب دنيا مائل نشوى، وده قبول نكني، وصلة
بادشاهان نكيري، واكر مسافران برتو رسند وبر تو جيزي نباشد أين حال نعمتي شمري
أزنعمتهائي إلهي، فإن فعلت ما أمرتك وظني بك أن تفعل كذلك فأنت خليفتي، وإن لم تفعل
فالله خليفتي على المسلمين، انتهى.
ففعل القاضي ما أمر به الشيخ، ومزق سند القضاء بحضرته، وانقطع إلى الله سبحانه مع
اشتغاله بالإفادة والعبادة حتى تواترت عليه الفاقة ولم يقدر عياله أن يتحملوا ذلك، فأخبر
بذلك بعض أصدقائه ملك ذلك العصر السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، فولاه
القضاء بأرض أوده وكان موروثاً من آبائه، فاستأذن الشيخ في قبوله معتذراً بأنه من غير
طلبه، فكبر ذلك عليه وقال: تلك خطرة مرت على قلبك فكيف يكون بغير طلبك؟ ثم
استرد منه الإجازة فضاقت عليه الأرض بما رحبت وضاقت عليه نفسه وظن أن لا ملجأ
منه إلا إليه، وجرت على ذلك سنة كاملة، ثم رضي عنه الشيخ ومنحه الخلافة عنه،
فقصر همته على الزهد والإستقامة.
وكانت وفاته في حياة شيخه، كما في سير الأولياء وكان ذلك في سنة تسع عشرة
وسبعمائة، كما في خزينة الأصفياء.
مولانا معز الدين الاندلهني
الشيخ الفاضل الكبير معز الدين الاندلهني أحد العلماء المتمكنين في الدرس والإفادة، كان
يدرس ويفيد بدار الملك دهلي في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، ذكره البرني
في تاريخه.
الشيخ معين الدين الباخرزي
الشيخ الفاضل معين الدين الباخرزي كان بمدينة قنوج، لقيه الشيخ محمد بن بطوطة المغربي
بها فأضافه، وذكره في كتابه.
الشيخ معين الدين اللوني
الشيخ الفاضل معين الدين اللوني أحد الأساتذة المشهورين في عصره، كان يدرس ويفيد
بدار الملك
دهلي في أيام محمد شاه الخلجي، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا معين الدين العمراني
الشيخ الفاضل العلامة معين الدين العمراني المدار عليه للأفاضل المشار إليه بالأنامل انتهت
إليه رياسة التدريس بمدينة دهلي، وكان ذا قوة في النظر وممارسة جيدة في المنطق والكلام
والفقه والأصول والمعاني والبيان، كان يصرف جميع أوقاته في الدرس والإفادة، عم نفعه أهل
عصره بحيث أنه ما كان من عالم في عصره إلا أخذ عنه.
قال البلكرامي في سبحة المرجان أرسله محمد بن تغلق شاه إلى القاضي عضد الدين
الأيجي بشيراز وأتحفه بالهدايا وطلب قدومه إلى الهند، فلما سمع بذلك السلطان أبو
إسحاق الشيرازي منع القاضي من الرحلة إلى الهند، وأكرم معين الدين العمراني.
وللعمراني مصنفات جليلة، منها شروح وتعليقات على كنز الدقائق والحسامي ومفتاح
العلوم انتهى.
الشيخ معز الدين الأجودهني
الشيخ العالم الصالح معز الدين بن علاء الدين يوسف العمري الأجودهني أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بمدينة أجودهن، قرأ العلم على الشيخ وجيه الدين
البائلي، وتولى المشيخة بعد والده فاستقل بها مدة من الزمان، ثم استقدمه محمد شاه تغلق
إلى دهلي، فأقام بها زماناً، ثم بعثه إلى كجرات فاستشهد بها، كما في سير الأولياء، وهو
ممن لقيه الشيخ ابن بطوطة المغربي ببلدة أجودهن حين نزل عند والده.
الشيخ معز الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل معز الدين بن علاء الدين بن شهاب الدين بن شيخ بن أحمد الخطابي
المديني ثم الهندي الدهلوي أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح.
ولد ونشأ بدار الملك دهلي، وأخذ عن الشيخ جلال الدين حسين بن أحمد الحسيني
البخاري الأجي ولازمه زماناً، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار سبع مرات ورجع
إلى الهند، فلما وصل إلى كجرات أقام بها وتزوج وعاش عمراً طويلاً، توفي سنة أربع
وتسعين وسبعمائة بكجرات وله مائة وأربعون، كما في كلزار أبرار.
القاضي مغيث الدين البيانوي
الشيخ العالم الفقيه الصالح مغيث الدين الحنفي البيانوي أحد كبار الفقهاء الحنفية، انتهت
إليه رياسة العلم والعمل في عصر السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، والسلطان كان
يقربه إلى نفسه ويخلو به ويدعوه إلى مائدة الطعام، ويحسن الظن به دون غيره من العلماء،
وكان القاضي لا يخافه في قول الحق.
قال القاضي ضياء الدين البرني في تاريخه: إن السلطان قال له مرة: إني سائلك عن أشياء
فلا تقل غير الحق، فقال القاضي: أظن أن الموت قد دنا مني، فقال: كيف علمت ذلك؟
فقال: لأن السلطان يسألني عن أشياء، فإذا قلت ما هو الحق غضب علي ثم يقتلني، فقال:
إني لست بقاتلك أبداً، ثم سأله عن الوثنيين كيف يصيرون ذميين في الشرع؟ فأجاب
القاضي أنهم إذا أدوا الجزية عن يد وهم صاغرون حتى أن المحصل إذا أراد أن يبصق في
أفواههم فتحوها لذلك، وهذا قول أبي حنيفة، وأما غيره من المجتهدين فإنهم لا يجيزون
أخذ الجزية من الوثنيين، فعندهم إما السيف وإما الإسلام، فضحك السلطان وقال: ما كان
لي علم بما تقول ولكني سمعت أنهم لا يؤدون الجزية ويركبون الخيل ويرمون النبال الفارسية
ويلبسون الثياب الثمينة ويتزينون بكل زينة ويشربون الخمر ولا يخضعون للولاة فقلت في
نفسي: إني عزمت على أن أفتح بلاداً أخرى وكيف أفتح إذ لم يخضع لنا أهل هذه البلاد
؟ فأمرت بالتشديد حتى خضعوا، وأنت عالم ولكنك ما اختبرت الأمور، وإني جاهل
ولكني اختبرت الأمور وجربت الأحوال، فاعلم أن الوثنيين لا يخضعون لنا حتى يعزروا ولا
يترك لهم إلا ما يكفيهم، ثم سأله عن السرقة والإرتشاء والخيانة هل تجوز للعمال وكتاب
الدواوين في الشرع أم لا؟ فأجاب القاضي: الذي
وجدت في كتب الشرع أن العمال إن لم
يعطوا ما يكفيهم للحوائج فأخذوا من بيت المال أو ارتشوا أو أنفقوا شيئاً من الخراج يجوز
لأولي الأمر أن يأخذوهم بالمال أو بالحبس حسب ما اقتضاه الحال، وأما قطع اليد في ذلك
فلم يرد به الشرع، فقال السلطان: إني أمرت أن يعطي العمال ما يكفيهم موسعاً عليهم،
ولكنهم إذا خانوا في العمل أخذ منهم بالضرب والحبس والقيد، ولذلك ترى أن السرقة
والإرتشاء والخيانة قد فقدت في هذا العهد، ثم قال: الأموال التي غنمتها في ديوكير في أيام
الإمارة قبل أن أكون سلطاناً غنمتها بتحمل المحن والمشاق فهل هي لي خاصة لنفسي أو
لبيت مال المسلمين؟ فأجاب القاضي أن الأموال التي غنمتها في ديوكير في أيام الإمارة
غنمتها بعساكر المسلمين فهي لبيت مالهم، فلو كنت حصلتها بجهد نفسك على وجه يبيحه
الشرع كانت تلك الأموال خاصة لك، فلما سمع السلطان ذلك غضب عليه وقال: كيف
تقول؟ ألا يعلم رأسك ما تقول؟ الأموال التي أخذتها بجهد نفسي وقوة خاصتي من الخدم
وحصلتها من الكفار الذين لا يعلمهم أحد في دهلي وما أدخلتها في بيت المال كيف تكون
لبيت المال؟ ثم سأله أنه كم لي ولأهلي وعيالي نصيب من بيت المال؟ فقال القاضي:
إني أظن أن الموت قد دنا مني، فقال السلطان: لم تقول ذلك أيها القاضي؟ قال: لأن
السلطان سألني عن مسألة إن أجبت عنها بما يوافق الشرع يقتلني، وإن أجبت بما يوافق
هواه يدخلني الله في النار يوم القيامة، فقال السلطان: إني لست بقاتلك فقل ما بدا لك،
فقال: إن اقتدى السلطان بالخلفاء الراشدين وأراد رزق الآخرة فله أن يأخذ من بيت المال
ما وظفه الشرع للمجاهدين في سبيل الله، وهو أربع وثلاثون ومائتا تنكة لنفسه ولأهل بيته،
وإن قال السلطان إن هذا القدر لا يكفيه لعزة السلطنة فله أن يأخذ ما يعطي غيره من
الأمراء، وإن أراد أن يأخذ أكثر من ذلك بما أفتاه علماء السوء فله أن يأخذ أكثر من ذلك
كثرة يعيش بها أحسن مما يعيش الأمراء، وإياه وإياه أن يأخذ أكثر من ذلك، وأن يعطي
نساءه القناطير المقنطرة من الذهب والفضة من بيت المال وقرى كثيرة من أرض الخراج
والملابس الثمينة والظروف الغالية والجواهر الكريمة! فإنها تكون نكالاً ووبالاً لك في
الآخرة، فقال السلطان: ألا تخاف سيفي فتقول: إن ما نعطيه نساءنا حرام في الشرع؟
فقال: إني أخاف سيفك ولذلك أحسب عمامتي كفني، ولكن السلطان سألني عن المسائل
الشرعية فأجبت عنها بما علمته، فإن سألني عما تقتضيه المصالح الملوكية أجيب بأن ما
ينفقه السلطان على نسائه واحد من ألف، فقال السلطان: إنك حرمت على كل ما سألتك
عنه، فلعلك تحرم ما أفعله من التعزير والتشديد، فإني أمرت في شاربي الخمر وبايعيها
بالحبس في الآبار وبقطع أعضاء الزناة وبقتل النساء الزواني، وإني لا أميز الصالح من الطالح
في البغاة فأقتلهم وأهلك نساءهم وأبناءهم، ومن يخون في بيت المال أمرت فيه أن يحبس في
السجن ويوضع في الأغلال والقيود ويضرب ويطعن حتى يدفع ما عليه، فنهض القاضي من
المجلس وذهب إلى صف النعال ووضع جبينه على الأرض ونادى بأعلى صوته سواء قتلني
السلطان أو أبقاني لم يبح له الشرع ذلك ولم يطلق يده في أن يفعل بالمجرمين ما يشاء، فكظم
السلطان غيظه ودخل في الحرم ورجع القاضي إلى بيته، ثم ودع أهله وأقرباءه في الغد توديع
المحتضرين وتصدق واغتسل كغسل الميت وأتى قصر السلطنة ودخل على السلطان، فقربه
السلطان إلى نفسه وخلع عليه وكساه ووصله بألف تنكة وقال: إني لم أقرأ شيئاً من العلم
ولكني ولدت في بيت من بيوت المسلمين، وأخاف أن يخرجوا علينا فيقتل ألوف من
المسلمين، ولذلك أمرتهم بما فيه خيرهم وصلاحهم، فلما لم يفعلوا ما أمرتهم شددت عليهم
حسب ما اقتضته الحالة، ولا أعلم هل أجازه الشرع أم لا، ولا أعلم ما يفعل بي ربي يوم
القيامة ولكني أناجيه وأقول: أنت تعلم يا ربي أن أحداً إن زنى بحليلة غيره لم ينقص من
ملكي شيئاً، وإن شرب خمراً لم يضر بي، وإن سرق شيئاً لم يأخذ ما ترك لي أبواي، وإن
خان الأمانة لم يهمني، وإني أعزرهم بما ورد به الشرع، وقد تغير الناس عما كانوا عليه في
زمن النبوة، فلا أجد أحداً في مائة ألف أو خمسمائة ألف أو مائة ألف ألف من يكون له
خوف من الله سبحانه، ولذلك ترى كثيراً من الناس يقترفون الآثام ويجترؤن على الزنا
والخيانة والارتشاء مع ذلك التشديد والتعزير، انتهى.
مولانا مغيث الدين الهانسوي
الشيخ الفاضل مغيث الدين الهانسوي أحد الأفاضل المشهورين في عصر فيروز شاه
الخلجي، له رسالة في الصنائع والبدائع ولكنها غير مشهورة، كما في رسالة الشيخ عبد الحق
بن سيف الدين الدهلوي، ومن شعره قوله بالفارسي:
در در كوش وقد خوش در خد خوب وخط تر فر تو فري بري وبري وبا تو كر وفر
وهذا البيت يقرأ في تسعة عشر بحراً، وكذلك كل بيت من تلك القصيدة، كما في
المنتخب.
القاضي مظهر الدين الكروي
الشيخ العالم الفاضل مظهر الدين الحنفي الصوفي الكروي أحد الرجال المعروفين بالفضل
والكمال، أخذ الطريقة عن الشيخ نصير الدين محمود بن يحيى الأودي، وكان شاعراً مجيد
الشعر، له أبيات رقيقة رائقة، وكان من ندماء فيروز شاه السلطان، وله منزلة عالية لديه،
قال فيه الناظم التبريزي: إنه كان حلو الكلام مليح البيان، وجد أبياته مولانا محمد الصوفي
المازندراني بأرض كجرات فرتبها في ديوان، فلذلك نسبوه إلى كجرات، كما في صبح كلشن
وقد ذكره الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي في رسالة له في أخبار الفضلاء، وذكره
في أخبار الأخيار وأورد فيه شيئاً كثيراً من أبياته.
ومن شعره قوله:
غم دنيا درازي دارد هر جه كيريد مختصر كيريد
دوستان در عزيمت سفرند يك زمان لذت نظر كيريد
مولانا منهاج الدين القاسي
الشيخ الفاضل الكبير منهاج الدين القاسي أحد الأساتذة المشهورين ببلدة دهلي في عصر
السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، كان يدرس ويفيد، ذكره البرني في تاريخه.
الشيخ منتخب الدين الهانسوي
الشيخ العالم الفقيه منتخب الدين بن ناصر الدين النعماني الهانسوي المشهور بزرزري زر
بخش كان من كبار المشايخ الجشتية.
ولد سنة خمس وسبعين وستمائة بمدينة هانسي من بلاد بنجاب ونشأ بها، سافر إلى
دهلي فقرأ الكتب الدرسية على كبار العلماء، ثم لازم الشيخ المجاهد نظام الدين محمد بن
أحمد البدايوني وأخذ عنه الطريقة وصحبه مدة، فلما بلغ رتبة الكمال استخلفه الشيخ
ورخص له في التوجه إلى بلاد دكن، فسافر ومعه رجال كثيرون من أهل الطريقة، فلما وصل
إلى قريب من دولت آباد أقام بها وسكن في كهف من كهوف الجبل، ولم يكن هنالك أبنية
غير مسجد ينسبونه إلى أربعمائة وألف من الأولياء، وكان رحمه الله زاهداً متوكلاً شديد
التعبد، أسلم على يده خلق كثير من أهل دكن.
مات لسبع خلون من ربيع الأول سنة تسع وسبعمائة، وقبره مشهور ظاهر يزار ويتبرك به.
الشيخ منهاج الدين الأنصاري
الشيخ العالم الكبير منهاج الدين التميمي الأنصاري أحد كبار المشايخ، أخذ عن الشيخ
علاء الدين علي الجيوري رحمة الله عليه ولازمه مدة من الدهر، وأقام بدولت آباد زماناً،
ثم سار إلى كلبركه سنة ثلاثين وسبعمائة، وسكن بها في عهد الوثنيين، ومات في عهد
السلطان علاء الدين حسن البهمني بمدينة كلبركه لتسع بقين من شوال سنة أربع وخمسين
وسبعمائة، وقبره مشهور ظاهر يزار ويتبرك به.
مولانا مؤيد الدين الكروي
الشيخ الفاضل مؤيد الدين الكروي كان من ندماء السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي
في أيام ولايته
على مدينة كره، ثم اعتزل الخدمة ولازم الشيخ نظام الدين محمداً البدايوني
بدهلي وأخذ عنه الطريقة وانقطع إلى الله سبحانه، فلما قام بالملك علاء الدين المذكور
طلبه فلم يقبله ومضى على حاله، كما في أخبار الأخيار.
وكانت وفاته في سنة ست وعشرين وسبعمائة، كما في خزينة الأصفياء.
مولانا ميران الماريكلي
الشيخ الفاضل الكبير مولانا ميران الحنفي الماريكلي أحد الأساتذة المشهورين ببلدة دهلي
في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، كان يدرس ويفيد، ذكره البرني في تاريخه.
حرف النون
مولانا ناصح الدين الناكوري
الشيخ العالم الصالح ناصح الدين بن القاضي حميد الدين الناكوري أحد المشايخ
السهروردية.
ولد ونشأ في بيت العلم والمعرفة، وأخذ عن والده وصحبه وتأدب عليه، ثم جلس على
مشيخة الإرشاد، أخذ عنه خلق كثير من العلماء والمشايخ، كما في أخبار الأخيار.
مولانا ناصر الدين الخوارزمي
الشيخ الفاضل العلامة ناصر الدين الخوارزمي، كان من كبار الفقهاء، وكان أكبر قضاة
الهند في أيام محمد بن تغلق شاه الدهلوي، لقبه بصدر جهان،
مولانا نجم الدين الانتشار
الشيخ الفاضل الكبير نجم الدين الدهلوي المشهور بانتشار درس وأفاد بدار الملك دهلي
من عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي إلى عهد فيروز شاه، وكان فاضلاً كبيراً
بارعاً في الفقه والأصول والعربية، يعظمه الملوك والأمراء عهداً بعد عهد وكانوا يتبركون به
ويتلقون إشاراته بالقبول، كما في كتب الأخبار.
مولانا نجم الدين السمرقندي
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة نجم الدين الحنفي السمرقندي أحد كبار الأساتذة، لم
يكن له نظير في كثرة الدرس والإفادة في عصره، كان يدرس في قصر بالابندسيري بدار الملك
دهلي في عهد فيروز شاه السلطان، وكان ذلك القصر من أبنية السلطان المذكور، وكان
جميل الصنعة متقن البناء.
قال البرني في تاريخه: إن السمرقندي كان يدرس في الفقه والأصول وغيرهما من العلوم
النافعة، والسلطان كان يكرمه ويجزل له الصلات والجوائز، انتهى.
مولانا نجيب الدين الساوي
الشيخ الفاضل نجيب الدين الساوي أحد الأساتذة المشهورين بدهلي في عهد السلطان
علاء الدين محمد شاه الخلجي، كان يدرس ويفيد، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا نصير الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير نصير الدين الدهلوي المشهور بالغنى كان من كبار الأساتذة في عهد
محمد شاه الخلجي، يدرس ويفيد بدهلي، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا نصير الدين الصابوني
الشيخ الفاضل نصير الدين الصابوني أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، كان
يدرس ويفيد بدهلي في عهد محمد شاه الخلجي، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا نصير الدين الكروي
الشيخ الفاضل نصير الدين الكروي أحد كبار الفقهاء الحنفية، كان يدرس ويفيد بدهلي في
عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي ذكره البرني في تاريخه.
مولانا نصير الدين الحكيم الشيرازي
الشيخ الفاضل العلامة نصير الدين الشيرازي الحكيم المشهور كان من العلماء المبرزين في
الفنون الحكمية.
قدم الهند وسكن بأرض دكن في أيام السلطان علاء الدين حسن البهمني، وكان يشتغل
بالطب ويدرس ببلدة كلبركه، كما في تاريخ فرشته.
مولانا نصير الدين الجونبوري
الشيخ الصالح نصير الدين الجونبوري أحد رجال العلم والمعرفة، أخذ الطريقة عن الشيخ
شرف الدين أحمد بن يحيى المنيري رحمه الله ولازمه مدة، وصار من أكابر عصره في حياة
شيخه المذكور، وكان الشيخ يحبه حباً مفرطاً، كما في سيرة الشرف.
مولانا نظام الدين الكلاهي
الشيخ الفاضل نظام الدين الكلاهي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، كان
يدرس ويفيد بدهلي في أيام السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، ذكره البرني في تاريخه.
مولانا نظام الدين الشيرازي
الشيخ الفاضل الكبير نظام الدين الشيرازي أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، سافر
إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، ورجع إلى الهند وأخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد
البدايوني وصحبه ولازمه مدة من الدهر، وكان صاحب وجد وحالة، أدركه محمد بن
المبارك العلوي الكرماني حين قدم دهلي من أرض أوده.
مات ودفن بمدينة دهلي، كما في سير الأولياء وكانت وفاته في سنة ثمان عشرة وسبعمائة،
كما في خزينة الأصفياء.
مولانا نظام الدين الظفرآبادي
الشيخ الفاضل نظام الدين الحسيني الظفر آبادي، كان من المشايخ الجشتية، صرف شطراً
من عمره في الدرس والإفادة، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد البدايوني
واستفاض منه، ثم قدم ظفر آباد وصحب الشيخ أسد الدين الحسيني الظفر آبادي وأخذ
عنه، وانقطع إلى الزهد والعبادة، وكان شاعراً مجيد الشعر، له مصنفات بالعربية والفارسية
ومن شعره قوله:
يار ما را ازين زار وحزين ميخواهد به ازين جيست كه ما را به ازين ميخواهد
مات في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة بظفر آباد فدفن بها كما في تجلي نور.
مولانا نظام الدين الدرون حصاري
الشيخ الفاضل الكبير نظام الدين الدرون حصاري كان من العلماء المذكرين بمدينة بهار،
وكان يذكر فيأخذ تذكيره بمجامع القلوب، قيل إنه كان يذكر يوماً من الأيام فحر في مجلسه
الشيخ شرف الدين أحمد بن يحيى المنيري وإذا هو ينشد:
أي قوم بحج رفته كجائيد كجائيد معشوق همين جاست بيائيد بيائيد
آنا نكه طلبكار خدايند خدايند حاجت بطلب نيست شمائيد شمائيد
فتأثر الشيخ شرف الدين وضرب رأسه على الأسطوانة وكادت روحه تزهق، كما في سيرة
الشرف.
الشيخ نور الدين الهانسوي
الشيخ الصالح الكبير نور الدين بن قطب الدين بن برهان الدين ابن جمال الدين الخطيب
الحنفي الهانسوي أحد المشايخ المشهورين في عصره، ولد ونشأ بهانسي، وتفقه على والده
وأخذ عنه الطريقة، ولازمه ملازمة طويلة حتى صار من أبدع أبناء عصره في العلم
والمعرفة، وتولى المشيخة مكان والده.
وكان زاهداً متقللاً قانعاً باليسير، لم يقبل الرواتب الشاهانية قط مات ودفن بهانسي، وقبره
مشهور ظاهر يزار ويتبرك به.
حرف الواو
مولانا وجيه الدين الرازي
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة وجيه الدين الرازي أحد الأئمة بدهلي، تفقه على الشيخ
أبي القاسم التنوخي، وتفقه التنوخي على حميد الدين الضرير، وتفقه حميد الدين على
شمس الأئمة الكردري، والكردري على صاحب الهداية، وتفقه عليه سراج الدين أبو
حفص عمر بن إسحاق بن أحمد الغزنوي، كما في الفوائد البهية.
مولانا وجيه الدين البائلي
الشيخ الإمام العالم الكبير وجيه الدين البائلي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، اعترف الناس بفضله وكماله، وكان ذا حلاوة في المنطق وسعة في البيان، وكلما
كان يتكلم في باب من العلم كان أحلى من الأول، وكان يدرس الكتب عن ظهر قلبه بغير
نظر ومطالعة فيها فضلاً عن شروحها، وكان ذا زهد وقناعة في الملبس والمأكل.
أخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين محمد البدايوني، كما في سير الأولياء، وقد عده
القاضي ضياء الدين البرني في تاريخه من كبار الأساتذة بدهلي، وبائل قرية من أعمال
سرهند على أربعة فراسخ منها أو خمسة.
مولانا وجيه الدين البيانوي
الشيخ العالم الفقيه وجيه الدين البيانوي أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، لقيه محمد
بن بطوطة المغربي الرحالة بمدينة جنديري عند الأمير عز الدين البتاني، كان يصاحبه وهو
يعظمه تعظيماً بالغاً.
مولانا وحيد الدين الدهلوي
الشيخ العالم الكبير وحيد الدين الدهلوي أحد كبار الأساتذة بدار الملك دهلي في عهد
السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، كان يدرس ويفيد، ذكره البرني في تاريخه.
حرف الياء
مولانا يعقوب الفتني
الشيخ الصالح الفقيه يعقوب بن خواجكي العلوي الفتني الكجراتي أحد الرجال المعروفين
بالفضل والصلاح، أخذ الطريقة عن الشيخ زين الدين داود ابن حسين الشيرازي، وكان
عالماً كبيراً صاحب وجد وحالة، واستفاد من الشيخ رجب النهر والي أيضاً، ويذكر له
كشوف وكرامات.
مات في الثالث عشر من جمادي الآخرة سنة ثمانمائة بنهرواله، كما في مرآت أحمدي.
وفي كلزار أبرار أنه كان من أبناء الملوك بخراسان، قدم الهند وسكن بنهرواله، قرأ عليه
القاضي كمال الدين فصوص الحكم، توفي سنة ثمان وتسعين وسبعمائة.
اليمني الحكيم الدهلوي
الشيخ الفاضل العلامة اليمني الحكيم الدهلوي أحد العلماء المبرزين في الصناعة الطبية،
كان يدرس ويفيد بدار الملك دهلي في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، ذكره
البرني في تاريخه.
الشيخ يوسف بن الجمال الملتاني
السيد الشريف العلامة يوسف بن الجمال الحسيني الملتاني أحد كبار الفقهاء الحنفية.
قدم الهند أحد أسلافه من مشهد وسكن بالملتان، وهو ولد ونشأ بها، وقرأ العلم على
مولانا جلال الدين الرومي صاحب الشيخ قطب الدين الرازي شارح
الشمسية ودخل دار
الملك دهلي، فولاه السلطان فيروز شاه التدريس بالمدرسة الفيروزية التي أسسها على
الحوض الخاص.
وله مصنفات، منها اليوسفي وهو شرح بسيط على لب الألباب في علم الإعراب
للبيضاوي، ومنها توجيه الكلام وهو شرح منار الأصول للنسفي.
وكانت وفاته في سنة تسعين وسبعمائة، كما في أخبار الأخيار.
الشيخ يوسف الجنديروي
الشيخ الصالح الفقيه وجيه الدين يوسف الجنديروي أحد العلماء الربانيين، أخذ الطريقة
عن الشيخ نظام الدين محمد البدايوني ولازمه مدة من الزمان، ثم رخص له الشيخ إلى
جنديري فسكن بها.
وكان شيخاً كبيراً متورعاً عفيفاً ديناً ذا كشوف وكرامات، كما في سير الأولياء، وكانت
وفاته في سنة تسع وعشرين وسبعمائة بمدينة جنديري، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ يوسف الجشتي
الشيخ الصالح الفقيه يوسف الجشتي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، أخذ الطريقة
عن الشيخ نصير الدين محمود الأودي، وله تحفة النصائح منظومة في الفقه، مات في سنة أربع
وسبعين وسبعمائة، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ يوسف بن سليمان الأجودهني
الشيخ الصالح يوسف بن سليمان بن مسعود العدوي العمري الشيخ علاء الدين
الأجودهني كان من كبار المشايخ، ولي المشيخة بعد والده واستقام عليها أربعاً وخمسين
سنة، وبايعه محمد شاه تغلق، ذكره البرني في تاريخه.
قال محمد بن بطوطة المغربي الرحالة في كتابه: هو شيخ ملك الهند، وأنعم عليه بهذه
المدينة مدينة أجودهن، وهذا الشيخ مبتلي بالوسواس والعياذ بالله! فلا يصافح أحداً ولا
يدنو منه، وإذا ألصق ثوبه بثوب أحد غسل ثوبه، دخلت زاويته ولقيته وأبلغته سلام الشيخ
برهان الدين، فعجب وقال: أنا دون ذلك، ولقيت ولديه الفاضلين معز الدين، وهو أكبرهما،
ولما مات أبوه تولى المشيخة بعده، وعلم الدين وزرت قبر جده، قال: ولما أردت الانصراف
عن هذه المدينة قال لي علم الدين: لا بد لك من رؤية والدي، فرأيته وهو في أعلى سطح له
وعليه ثياب بيض وعمامة كبيرة لها ذؤابة وهي مائلة إلى جانب، ودعا لي وبعث إلى
بسكرنبات، انتهى.
وفي الجواهر الفريدية أنه مات سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، وصوابه أربع وثلاثون
وسبعمائة، كما في ترجمة كتاب الرحلة لمحمد حسين الدهلوي.
الشيخ يوسف بن علي الحسيني
الشيخ الفاضل يوسف بن علي بن محمد بن يوسف بن الحسين الحسيني الدهلوي المشهور
براجو قتال يتصل نسبه إلى يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد، أخذ الطريقة عن الشيخ
المجاهد نظام الدين محمد بن أحمد البدايوني، وسافر إلى دولت آباد سنة خمس وعشرين
وسبعمائة فسكن بها، ولازم الشيخ برهان الدين محمداً الهانسوي الغريب، وكان لقبه
الشعري راجه، له مزدوجة بالفارسية.
توفي لخمس خلون من شوال سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، وقبره مشهور ظاهر بمقبرة
روضة.