المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطبقة العاشرةفي أعيان القرن العاشر - نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام - جـ ٤

[عبد الحي الحسني]

الفصل: ‌الطبقة العاشرةفي أعيان القرن العاشر

‌الطبقة العاشرة

في أعيان القرن العاشر

حرف الألف

الشيخ إبراهيم بن أحمد البهاري

الشيخ الصالح إبراهيم بن أحمد بن الحسن بن الحسين العمري البلخي ثم الهندي البهاري

المشهور بالسلطان، كان من المشايخ الفردوسية السهروردية، ولد ونشأ بمدينة بهار، بكسر

الموحدة، وأخذ عن أبيه ولازمه ملازمة طويلة، ثم ولي الشياخة بعده سنة إحدى وتسعين

وثمانمائة، أخذ عنه ولده محمد بن إبراهيم وخلق كثر، مات لإحدى عشرة بقين من رمضان

سنة أربع عشرة وتسعمائة، ذكره غلام يحيى في حاشيته على شرح آداب المريدين.

السيد إبراهيم بن أحمد البغدادي

الشيخ العالم الكبير إبراهيم بن أحمد بن الحسن الشريف الحسني الجيلاني البغدادي، أحد

المشايخ المعروفين في ضره، أخذ عن جده وهلم جرا إلى السيد عبد القادر الجيلاني، وقدم

الهند في حياة أبيه وساح البلاد ثم سكن بكالبي، وكان يدرس ويفيد، وأكثر اشتغاله

تدريساً كان بمعالم النزيل في تفسير القرآن وجامع الأصول وصحيح البخاري والسنن لأبي

داود ي الحديث والعوالم الجنيدي والملهمات القادرية في التصوف، أخذ عنه الشيخ نظام

الدين بن سيف الدين العلوي الكاكوروي وخلق كثير من العلماء والمشايخ، كما في كشف

المتواري.

الشيخ إبراهيم بن الجمال السندي

الشيخ الفاضل إبراهيم بن الجمال المغني السندي، أحد العلماء العاملين وعباد الله

الصالحين، لم يكن في يعصره ومصره أعلم منه في الفقه، وكان معتزلاً عن الناس ملازماً بيته

راغباً عن حطام الدنيا لا يدخر مالاً ولا يخاف عوزاً، كما في مآثر رحيمي.

السلطان إبراهيم بن سكندر اللودي

كان آخر ملوك الهند من الأسرة اللودية، تربع على أريكة السلطة على وفاة أبيه سابع ذي

الحجة سنة ثلاث وعشرين وتسع مائة في آكره، وكان فظاً غليظاً مستكبراً قليل السياسة،

كثير المؤاخذة، شديد البطش، تعدى على أمراء أبيه، فتشت به شمل الأفغان الذين كانوا

أنصار الدولة ومصدر قوتها، ودارت الحرب بينه وبين الأمراء، فانتصر عليهم، وقتل منهم

مقتلة عظيمة فأوغر ذلك صدور الأمراء، واستدعى أحدهم وهو دولت خان اللودي

حاكم بنجاب بابر شاه التيموري من كابل، فقصد الهند، وقاتل الولاة في أثناء الطريق،

وأخذ القلع والبلاد، فلما وصل إلى باني بت وقع اللقاء بينه وبين إبراهيم، وإبراهيم ركب

في مأة ألف من الفرسان وألف من الفيلة، وكان في عساكر بابر شاه خمسة عشر ألف راجل

وفارس، فقاتله بابر شاه أشد قتال، وفر اصحب إبراهيم فلم يبق معه أحد، فقتل، وقتل

معه خمس آلاف أو ستة آلاف من أصحابه، وكان ذلك سنة اثنتين وثلاثين وتسع مائة،

وكانت مدته تسع سنين.

مولانا إبراهيم بن فتح الله الملتاني

الشيخ الفاضل إبراهيم بن فتح الله الملتاني المشهور بالجامع، كان من العلماء المشهورين في

ص: 297

زمانه، ولد ونشأ بالملتان، وقرأ العلم على والده ولازمه ملازمة طويلة، ثم انقطع إلى الدرس

والإفادة، أخذ عنه ولده سعد الله، وقد روى عنه البيجابوري في تاريخ فرشته أن شاه

حسين ملك السند لما خرج إلى الملتان وحاصرها كنت في المدينة عند والدي إبراهيم

الجامع في بيته، فلما فتحها الحسين المذكور ودخلت عساكره في المدينة نهبوا أموال الناس

وقبضوا علي وعلى والدي وأسرونا وسلبوا ما كان في بيت والدي من الأثاث وذهبوا بي

إلى الوزير، فأراد الوزير أن يكتب شيئاً في حقي فقلت: أدام الله بقاءك لا تكتب شيئاً إلا

بعد الوضوء! فقبل ذلك وأقبل إلى الماء فانتهزت الفرصة وكتبت في قرطاسه بيتاً

للبوصيري من القصيدة المشهورة له:

فما لعينيك إن قلت اكففا همتا وما لقلبك إن قلت استفق يهم

ثم لزم مكاني، فلما انصرف الوزير وأخذ القرطاس للكتابة وقرأ هذا البيت وفهم أتى كتبته

لأنه ما كان عنده غيري في تلك الساعة سأل عني، ولما سمع اسم والدي نهض من مكانه

وأخلصني من الأسر وألبسني قميصه وركب إلى السلطان وأخبره عني وعن والدي، فأمر

السلطان بإحضاره فجاؤا به وكان العلماء يباحثون عنده في مسألة من هداية الفقه، فخلع

السلطان علي وعلى والدي ثم شرع والدي في تبيين المسألة، فسر أهل المجلس ببيانه

واحتظ السلطان به وأمر والدي أن يذهب معه إلى مستقره ويصاحبه فاعتذر والدي لكبر

سنه، ومات بعد شهرين من تلك الواقعة الهائلة، انتهى، وكان ذلك في سنة اثنتين وثلاثين

وتسعمائة، كما في تاريخ فرشته.

الشيخ إبراهيم بن محمد الملتاني

الشيخ العالم الصالح إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن فتح الله الربيعي الإسماعيلي الملتاني

ثم البيدري كان أكبر أخلاف والده، ولد ونشأ بأحمد آباد بيدر وقرأ العلم على والده ثم

أخذ عنه الطريقة وتولى الشياخة بعده، وكان زاهداً عفيفاً قانعاً باليسير لا يلتفت إلى الدنيا

وأربابها، استقدمه إبراهيم قطب شاه غير مرة إلى كولكنده فلم يجبه، وله مصنفات لطيفة

منها معدن الجواهر بالعربية بسط القول فيه عن مقامات والده، طالعه السيد الوالد وأخذ

عنه في مهر جهانتاب وكانت وفاته لتسع بقين من شوال سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة وله

تسعون سنة، كما في مهر جهانتاب.

القاضي إبراهيم بن محمد الكالبوي

الشيخ العالم الفقيه القاضي إبراهيم بن محمد البنواري الكالبوي، أحد العلماء الصالحين

كان يدرس ويفيد، ذكره محمد بن الحسن المندوي في كلزار أبرار.

الشيخ إبراهيم بن معين الأيرجي

الشيخ الفاضل العلامة إبراهيم بن معين بن عبد القادر الحسني الأيرجي ثم الدهلوي، كان

من العلماء المشهورين في زمانه، أخذ العلم عن الشيخ عليم الدين المحدث، والطريقة عن

الشيخ بهاء الدين العطار الجنيدي، وصنف له الشيخ بهاء الدين رسالة في الأذكار

والأشغال، ودخل دهلي نحو سنة عشرين وتسعمائة فانقطع بها إلى الدرس والإفادة، وكان

جماعاً للكتب، جمع كثيراً منها في كل علم وفن، وبذل جهده في تصحيح الكتب وحل

الغوامض بحيث يكتفي الناظر بمطالعتها في تحقيق المقامات الدقيقة، وكان يحترز عن

استماع الغناء، أخذ عنه الشيخ ركن الدين بن عبد القدوس الكنكوهي والشيخ عبد

العزيز بن الحسن الدهلوي والشيخ نظام الدين بن سيف الدين الكاكوروي وخلق كثير من

العلماء، وقال الشيخ عبد الحق في أخبار الأخيار إني لا أعلم أحداً يقاربه في غزارة العلم

فمن لم يستفد منه أو لم يعترف بفضله فهو متعسف غي منصف، انتهى.

توفي سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة بمدينة دهلي ودفن بمقبرة الشيخ نظام الدين محمد

البدايوني عند قبر الأمير خسرو، رحمه الله.

ص: 298

الحاج إبراهيم السرهندي

الشيخ الفاضل الحاج إبراهيم السرهندي، أحد كبار الفقهاء الحنفية، قرأ العلم على المفتي

أبي الفتح بن عبد الغفور التهانيسري وعلى غيره من العلماء، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين

فحج وزار وأخذ الحديث عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي المكي، ورجع

إلى الهند وتقرب إلى الملوك والأمراء، وكان شديد الرغبة في المباحثة، شديد الدخل على

أقوال العلماء، يناظر الكبار ويفحمهم لذلاقه لسانه وسلاطته، وكان يعرف لغة سنسكرت،

ترجم اتهر بن ويد بأمر أكبر شاه سلطان الهند وولي الصدارة بكجرات واتهم بها

بالإرتشاء فعزله أكبر شاه واستقدمه إلى دار الملك، ولما كان عريض السلطان علي فتح الله

الشيرازي وأبي الفتح الكيلاني وابن المبارك بعثه السلطان إلى قلعة رنتهنبور فمات بها،

ووجدوه تحت القلعة مصروراً في خرقة، وقيل إنه دبر الحيلة لخلاصه فدخل في صرة

وشدها بحبل ألقاه من ذروة القلعة فانقطع الحبل قبل أن يصل إلى الأرض فخر مصروراً

ومات، وكان ذلك سنة أربع وتسعين وتسعمائة، ذكره البدايوني.

الشيخ إبراهيم السندي

الشيخ المجود إبراهيم الشطاري السندي، أحد العلماء المبرزين في القراءة والتجويد، أخذ

الطريقة عن الشيخ لشكر محمد العارف الكجراتي وأخذ عنه الشيخ لشكر محمد

وصاحبه عيسى بن قاسم السندي القراءة والتجويد، وجعله كبيرهم محمد الغوث

الكواليري إماماً في الصلوات وصلى خلفه اثني عشرة سنة، توفي سنة إحدى وتسعين

وتسعمائة بمدينة برهانبور فدفن بها، كما في كلزار أبرار.

الشيخ إبراهيم البروجي

الشيخ الصالح إبراهيم الشطاري البروجي الكجراتي، أحد المشايخ المرزوقين وعن غيره

من المشايخ، وانتقل من كجرات إلى برهانبور فبايعه ميران محمد شاه الفاروقي أمير تلك

الناحية والوزير زين الدين الحسيني، وكان صاحب وجد وحالة، توفي سنة تسع وتسعين

وتسعمائة فأرخ لوفاته بعضهم من خليل الرحمن كما في كلزار أبرار.

الشيخ إبراهيم الجونبوري

الشيخ الفاضل إبراهيم الحنفي الجونبوري، أحد الفقهاء المشهورين في عصره، ناظر الشيخ

عبد القدوس بن إسماعيل الكنكوهي ببلدة شاه آباد في مسألة من المسائل الكلامية وهي

أن القول لأحد بعينه أنه من أهل الجنة أو من أهل النار هل يجوز أم لا؟ فكان إبراهيم

يقول إني لا أقول لأحد بعينه أنه من أهل الجنة أو من أهل النار فيما بيني وين الله ولا فيما

بيني وبين الناس، وقد سردت القصة بطولها في ترجمة محمد بن المبارك الجونبوري.

القاضي إبراهيم السندي

الشيخ الفاضل القاضي إبراهيم أبو عبد الله الدربيلوي السندي، كان من أجلة العلماء،

وولده عبد الله رحل إلى مكة المباركة فسكن بها وبارك الله في أعقابه.

الشيخ أبو إسحاق اللاهوري

الشيخ العالم الصالح أبو إسحاق بن الحسين القادري اللاهوري، أحد المشايخ المشهورين في

الهند، أخذ الطريقة عن الشيخ داود بن فتح الله الجهنوي ولازمه مدة من الزمان ثم سكن

بلاهور لمودة كانت بينه وبين الشيخ أبي المعالي بن رحمة الله اللاهوري، وكان عالماً كبيراً

ماهراً في تفسير القرآن الكريم مرجعاً إليه في ذلك العلم، غاية في الفقر والفناء، لم يأخذ

البيعة عن أحد في حياة شيخه مع أنه كان مجازاً له من تلقائه، وكان لا يتقيد بالشجرة

والخرقة بعد وفاته أيضاً، مات في سادس محرم الحرام سنة أربع وثمانين وتسعمائة، كما في

أخبار الأصفياء.

مولانا أبو البقاء الخراساني

الشيخ الفاضل العلامة أبو البقاء بن عبد الباقي بن

ص: 299

تقي الدين محمد الحسيني الخراساني،

أحد العلماء المبرزين في العلوم الحكمية، قدم الهند مصاحباً لبابر شاه التيموري وسكن

بآكره ودرس وأفاد بها مدة من الزمان، ثم خرج مع صاحبه همايون شاه إلى إيران وأقام

بأرض السند معه زماناً، وكان معه حين تزوج همايون بحميده بيكم، فقرأ خطبة النكاح

وأعطاه همايون مائتين ألف من النقود الفضية ثم بعثه إلى بهكر بالرسالة إلى صاحبها فقتل

بها سنة ثمان وأربعين، ذكرته كلبدن بيكم في همايون نامه وقال مرزا نظام الدين في الطبقات

إن همايون بعثه بالرسالة إلى يادكار ناصر، وكان قاصداً إلى قندهار ليرجعه إلى معسكره

فذهب أبو البقاء إليه ثم رجع إلى همايون، فلما وصل تحت قلعة بهكر خرجت طائفة من

أهلها ورموا إليه بالنشاب فأصابه سم ومات بها سنة سبع وأربعين، والصواب أنه قتل يوم

الأربعاء لتسع عشرة خلون من جمادى الأخرى سنة ثمان وأربعين وتسعمائة.

الشيخ أبو بكر الأكبر آبادي

الشيخ العالم الفقيه أبو بكر القرشي الحنفي الأكبر آبادي، أحد الأفاضل المشهورين في

عصره، قدم آكره في أيام السلطان اسكندر بن بهلول اللودي وسكن بها، وله شرح على

وصايا محمد بن الحسن الشيباني وشرح على أصول البزدوي، مات ودفن بجوكي بور

بناحية آكره، كما في كلزار أبرار.

الشيخ أبو سعيد الكالبوي

الشيخ الفاضل أبو سعيد بن السيد راجو الحسيني الكالبوي، كان من العلماء البارعين في

الشعر والإنشاء، وكان أصله من بلدة جنديري بفتح الجيم المعقود والنون المختفية، انتقل

منها إلى كالبي وسكن بها، وكان كثير الشعر، له مخمسات كثيرة على أشعار القدماء، وكان

يدرس ويفيد، توفي سنة ست وستين وتسعمائة بكالبي فدفن بها، كما في كلزار أبرار.

القاضي أبو سعيد السندي

الشيخ الفاضل أبو سعيد بن زين الدين الحنفي البهكري السندي، كان من العلماء المبرزين

في الفقه والأصول والعربية، يضرب به المثل في الذكاء والفطنة، كما في تحفة الكرام.

الشيخ أبو الغيث البخاري

الشيخ العالم الفقيه أبو الغيث الحسيني البخاري، أحد العلماء الصالحين، انتفع بكبار

المشايخ وأخذ عنهم، وبلغ مبلغ الرجال ثم تقرب إلى الملوك والأمراء، وكان مع ذلك

صاحب صلاح وطريقة ظاهرة غاية في البذل والسخاء وحسن المعاملة وصدق اللهجة

والإقتداء بآثار السلف الصالح وعمارة الأوقات بالعبادة والإفادة، قال البدايوني: رزقه الله

سبحانه المال الصالح والوجاهة العظيمة، وكان مع ذلك العز والشرف لا يتكاسل عن

الصلوات بالجماعة وكان لا يفوته تكبيرة التحريمة حتى في المرض، توفي سنة خمس وتسعين

وتسعمائة بالقولنج في بلدة لكهنو، فنقلوا جسده إلى دار الملك دهلي ودفنوه بمقبرة أسلافه،

وقد أرخ لوفاته البدايوني من قوله مير ستوده سير.

الشيخ أبو الفتح بن الجمال المكي

الشيخ العالم الفقيه أبو الفتح بن جمال الدين العباسي المكي ثم الهندي الأكبر آبادي، كان

أصله من شروان ولكنه اشتهر بالمكي لطول لبثه بمكة المباركة، قدم الهند في عهد السلطان

إسكندر بن بهلول اللودي، وسكن بآكره ومات بها لثمان بقين من شعبان سنة ثلاث

وخمسين وتسعمائة، فصلى عليه الشيخ رفيع الدين المحدث الشيرازي، ودفنوه بأكبر آباد،

كما في أخبار الأصفياء.

الحكيم أبو الفتح بن عبد الرزاق الكيلاني

الشيخ الفاضل العلامة مسيح الدين أبو الفتح بن عبد الرزاق الشيعي الكيلاني، كان من

العلماء المبرزين في العلوم الحكمية، ولد ونشأ بكيلان، وقرأ العلم على والده وتفنن في

الفضائل عليه وعلى غيره من العلماء، وخرج من دياره في عهد طهماسب شاه الصفوي مع

أخويه الهمام ونور الدين سنة أربع وسبعين وتسعمائة فدخل الهند وتقرب إلى صاحبها أكبر

شاه التيموري.

وكان عالماً كبيراً بارعاً في العلوم الحكمية، شاعراً مجيد

ص: 300

الشعر، متوقداً ذكياً حاذقاً في

الصناعة الطبية، كبير المنزلة عند صاحبه أكبر شاه، وقد رماه البدايوني بالزندقة، قال: كان

يضرب به المثل في إلحاده وزندقه وذمائم أخلاقه وقد دس في قلب أكبر شاه أشياء منكرة،

وقال في غير ذلك الموضع: إنه كان عبد الدينار والدرهم، يصوب السلطان على أباطيله

ويضلله.

وقال عبد الرزاق الخوافي في مآثر الأمراء: إنه كان جيد القريحة، سليم الذهن، كريم النفس،

عالي الهمة، يحسن إلى الناس ويبالغ في إنجاح الحوائج ولا يؤذيهم بالمن عليهم، قال: وإن أخاه

نور الدين كان يقول فيه: إنه عبارة عن الدنيا، انتهى.

ولأبي الفتح مصنفات عديدة: منها شرح بسيط على قانونجه، وشرح على أخلاق ناصري،

وله جار باغ مجموع لطيف في رسائله إلى أصحابه، مات سنة سبع وتسعين وتسعمائة

بحسن أبدال بلدة من أعمال بنجاب.

المفتي أبو الفتح بن عبد الغفور التهانيسري

الشيخ الإمام العالم الكبير المفتي أبو الفتح بن عبد الغفور بن شرف الدين العمري الحنفي

التهانيسري، أحد أكابر العلماء في عصره، اتفق الناس على فضله ونبالته، قرأ النحو والفقه

والأصول على القاضي محمد الفاروقي، وقرأ العلوم الحكمية على الشيخ حسين البكري،

ثم دخل آكره وسكن بها في جوار الشيخ رفيع الدين المحدث الشيرازي وأخذ الحديث عنه،

ودرس بآكره خمسين سنة، أخذ عنه الشيخ أفضل محمد التميمي والقاضي ناصر الدين

والحاج إبراهيم السرهندي والشيخ عبد القادر البدايوني وكمال الدين الحسين الشيرازي

وخلق كثير من العلماء.

توفي لثمان خلون من جمادى الأولى سنة ست وسبعين وتسعمائة، فأرخ لوفاته بعض

أصحابه من موت مفتي كما في أخبار الأصفياء.

الشيخ أبو الفتح بن محمد المنيري

الشيخ العالم الصالح أبو الفتح بن محمد بن العلاء المنيري الشيخ هدية الله الشطاري

المشهور بسرمست أي السكران، ولد ونشأ بمنير- بفتح الميم- وأخذ عن والده ولازمه

زماناً وبلغ رتبة الشيوخ، وقال محمد بن الحسن المندوي في كلزار أبرار إن سلوكه لم يتم على

أبيه فاعتنى به الشيخ حميد وهو كان من أصحاب والده فشغله في أذكار الطريقة وأشغالها

مدة من الزمان، ولما بلغ رتبة الشياخة ألبسه الخرقة ولازمه زماناً ثم لبس منه الخرقة

وانتسب إليه، قال: وأدركه همايون شاه التيموري سنة ست وأربعين وتسعمائة بمدينة منير

واستصحبه، فلما وصل إلى حاجي بور اعتزل عنه وأقام بها إلى أن توفي إلى الله سبحانه،

انتهى.

الخطيب أبو الفضل الكاذروني

الشيخ العالم الكبير العلامة أبو الفضل الخطيب الكاذروني، أحد الأساتذة المشهورين، ولد

ونشأ بمدينة شيراز، وقرأ العلم على جلال الدين محمد بن أسعد الصديق الدواني وعلى

غيره من العلماء، ثم قدم الهند ودخل كجرات في أيام السلطان محمود بن محمد الكجراتي

فسكن بها ودرس وأفاد، أخذ عنه الشيخ مبارك بن الخضر الناكوري وخلق كثير، وله

تعليقات نفيسة على تفسير البيضاوي، وقد نسبه المندوي إلى بلدة شيراز وابن المبارك إلى

كاذرون.

السيد أبو الفضل الاستر آبادي

الشيخ الفاضل الكبير أبو الفضل الحسيني الشافعي الاستر آبادي، أحد العلماء المبرزين في

العلوم الحكمية، قرأ العلم على العلامة جلال الدين محمد بن أسعد الدواني، وقدم الهند

فأقام بكجرات، أخذ عنه عبد العزيز بن محمد الكجراتي وخلق كثير من العلماء، وقد وفد

على تلميذه عبد العزيز بمكة المشرفة فزاد إعجابه به وثناؤه عليه كما هو عادته في المبالغة

في تعظيم العلماء والصلحاء، واجتمع بالشهاب أحمد بن حجر المكي، ذكره المكي في رياض

الرضوان، قال: وقد رأيت هذا الرجل واجتمعت به عنده، أي عند عبد العزيز المذكور،

وكان شافعياً فاستشكل مسألة في كتب الشافعية وبالغ في إشكالها مع سهولتها، وهي أن

المصلي إذا فعل مقتضياً لسجود كما يسجد للسهو، وهذا مشكل لأن الفقهاء أطبقوا على

تسمية سجود السهو، فقلت له على هذا

ص: 301

السؤال اعتراض، وهو أن هذا الحكم في أصاغر

متون كتب الشافعية فلم أسندته إلى هذا الكتاب الجليل، لا ينسب إليه إلا الدقائق

والغرائب والأبحاث أو التراجيح أو نحو ذلك مما انفرد واستأثر فإنه معول الشافعية فيما

ذكرناه، فإن كان من الاعتراضات لا سيما في آخر الفليس والتشطير والصداق ودوريات

الوصايا وغيرها ما هو بكر إلى الآن لم يفتض شأوه ولا اقتضى باؤه وما هو عفو لن يشق له

كنز ولا حل له رمز، ثم قلت له إنما سميت السجدتان الجائزتان لحامل الصلاة سجدتي

السهو نظراً إلى أن فعلها عند السهو هو الأصل المجمع عليه وإلى أن الغالب أن المصلي إنما

يتركه أو يفعل مقتضيهما سهواً، وأما إذا تعمد ذلك فاختلف فيه أصحابنا فقال جماعة

منهم لا سجود في العمد لأن المعتمد لا يستحق أن يجبر خلله لأنه فوت الفضيلة على نفسه

من غير عذر، وقال الأكثرون يسجد لأنه أحق بالتدارك وإزالة النقص من الساهي، ونظير

هذا الخلاف اختلاف الأئمة في القاتل عمداً هل عليه كفارة أولاً؟ قال الشافعي وكثيرون:

نعم لأنه أحق بالتغليظ وتدارك ما فرط منه، وقال أبو حنيفة وآخرون: لا كفارة عليه لأن

ذنبه أعظم من أن يكفر وإيجابها على المظاهر والواطي في نهار رمضان مع تعمدهما

وفسقهما بما فعلاه دليل ظاهر لنا وإن أمكن الفرق، قال ابن حجر ثم انتهى ذلك المجلس

وأعان في غاية الفرح والإغتباط به لأنا ما رأينا أحداً عنده من الإنصاف ومعرفة الحق

لأهله والفضل لمحله ما يساويه بل ولا يدانيه، انتهى كلام ابن حجر.

الشيخ أبو القاسم بن أحمد المكي

الشيخ العالم المحدث أبو القاسم بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد

الله بن محمد بن فهد الشرف محمد بن المحب أبي بكر بن التقي الهاشمي الشافعي المكي،

ويعرف كسلفه بابن فهد، ولد في عشاء ليلة السبت ثاني عشر ربيع الأول سنة ست

وأربعين وثمانمائة بمكة المباركة، ورحل إلى القاهرة ودمشق ورجع منها بالإجازة والإذن، ثم

قدم الهند وسكن بكجرات مدة طويلة وسافر إلى مندو في آخر عمره فمات بها، ذكره

محمد بن عمر الآصفي في ظفر الواله، قال: إنه دخل الهند ومعه فتح الباري بخط أبيه وعمه

قدمه لبعض ملوكهم، وبعد موت محمود شاه بيكره رحل إلى مندو ومات بها وقد جاوز

الثمانين، في سنة خمس وعشرين وتسعمائة.

الشيخ أبو محمد التميمي البرهانبوري

الشيخ العالم الصالح أبو محمد بن الخضر بن بهاء الدين التميمي البرهانبوري، أحد المشايخ

المعروفين في الهند، ولد بمدينة برهانبور سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، وقرأ العلم على

أساتذة عصره، وبايع الشيخ فضل الله بن محمد الجونبوري حين دخل برهانبور عازماً للحج،

ثم صحب الشيخ جلال الدين بن نظام الدين بن نعمان البرهانبوري ولازمه تسع سنين، وكان

يقوم الليل ويصوم النهار ويفطر على شيء قليل من الطعام، فلما توفي الشيخ جلال المذكور

سافر للحج، فلما وصل إلى أحمد آباد لقي بها شيخه فضل الله فصحبه وأخذ عنه، ثم

سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وصحب الشيخ علي بن حسام الدين المتقي بمكة

المباركة واستفاض عنه فيوضاً كثيرة، ثم رجع إلى الهند وصحب الشيخ فريد الدين بن

العالم اللنكي زماناً، ثم جلس على مسند الإرشاد، أخذ عنه الشيخ محمد بن فضل الله

البرهانبوري.

توفي لسبع بقين من محرم سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة ببلدة برهانبور ودفن بمقبرة الشيخ

نعمان.

القاضي أبو المعالي البخاري

الشيخ العالم الفقيه أبو المعالي الحنفي البخاري، أحد كبار الفقهاء الحنفية لم يكن مثله في

زمانه في الفروع والأصول، قدم الهند في أيام أكبر شاه التيموري سنة ستين وتسعمائة، وأقام

بمدينة آكره، أخذ عنه عبد القادر البدايوني وجمع كثير من العلماء، وله حب المفتي كتاب

بسيط في الفقه زهاء ستين كراسة، أوله: الحمد لله الذي جعل العلم هداية إلى الدرجات

العظمى، إلخ، ونسخته موجودة في خزانة المرحوم خدا بخش خان بمدينة عظيم آباد.

ص: 302

الشيخ أبو الواحد الهروي

الشيخ الفاضل أبو الواحد بن وجيه الدين الهروي، أحد الأفاضل المشهورين في عصره،

هاجر من بلاده عند ظهور الفتن وسار إلى قندهار ثم إلى بلاد الهند، ونال المنزلة الجسيمة

عند بابر شاه التيموري فطابت له الإقامة في هذه البلاد، وكان شاعراً مجيد الشعر، له

أبيات رقيقة رائقة بالفارسية منها قوله:

جو تير خود كشي از سينه أم بكذر ييكانرا مرا دل ده كه تا مردانه در راهت دهم#

جانرا

توفي سنة أربعين وتسعمائة ببلدة آكره، فدفن في مدرسة الشيخ زين الدين الخوافي.

الشيخ أبو يزيد البرهانبوري

الشيخ العالم الفقيه أبو يزيد بن لشكر محمد البرهانبوري، أحد المشايخ العشقية الشطارية،

أخذ عن والده وعن الشيخ عيسى بن القاسم السندي، ثم تولى الشياخة وصرف شطراً

من عمره في الإفادة والعبادة مع القنوع والعفاف والزهد والتوكل والانقطاع إلى الله سبحانه،

مات سنة تسع وتسعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

مولانا أثير الدين الكاهاني

الشيخ العالم المحدث أثير الدين بن عبد العزيز الأبهري ثم الكاهاني السندي، أحد العلماء

المعروفين بالصلاح، انتقل مع والده من هراة إلى بلاد السند سنة ثمان وعشرين وتسعمائة،

وسكن بكاهان قرية في ناحية سيوستان من إقليم السند، وكان من أهل التفنن في العلوم

كثير الدرس والإفادة، أخذ الحديث عن والده، وعنه كثير من العلماء في بلاد السند، ذكره

النهاوندي في المآثر.

الشيخ أحمد بن أبي بكر الحضرمي

الشيخ الصالح أحمد بن أبي بكر بن عبد الله العيدروس التريمي الحضرمي المشهور ببافقيه

صاحب السبكة الشافعي الأحمد نكري، كان من الأولياء السالكين، قدم الهند وسكن

بمدينة أحمد نكر فمات بها، كما في الحديقة.

الشيخ أحمد بن أبي الفتح الغازيبوري

الشيخ العالم الفقيه أحمد بن أبي الفتح الغازيبوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، ولد ونشأ بغازيبور، وقرأ العلم على والده وعلى غيره من العلماء، ثم سكن

بزمانية- بفتح الزاي المعجمة، قرية جامعة من أعمال غازيبور- وكان يدرس ويفيد، كما في

العاشقية.

الشيخ أحمد بن إسحاق السندي

الشيخ الفاضل أحمد بن إسحاق السندي، أحد العلماء الصالحين، ولد ونشأ بأرض

السند، وقرأ العلم على الشيخ عبد الرشيد السندي وتصدر للتدريس، وكان صالحاً عفيفاً

ديناً، يذكر له كشوف وكرامات ووقائع غريبة، توفي سنة ست وثلاثين وتسعمائة بقرية هاله

كنده.

الشيخ أحمد بن إسماعيل الظفر آبادي

الشيخ العالم القاضي أحمد بن إسماعيل الحسيني الواسطي الظفر آبادي المشهور بأحمد

نور، كان من نسل قطب الدين أبي الغيب الظفر آبادي بأربعة وسائط، وله يد بيضاء في فقه

الحنفية، ولي القضاء وعمر باسمه قرية أحمد نور آباد، وكان كثير الدرس والإفادة، مات

سنة خمس وتسعين وتسعمائة وله بضع وثلاثون سنة، كما في تجلي نور.

الشيخ أحمد بن إسماعيل المندوي

الشيخ العالم المحدث أحمد بن إسماعيل القادري المندوي، أحد العلماء المبرزين في الفقه

والحديث، سافر إلى الحرمين الشريفين ولازم الشيخ محمد بن أبي الحسن البكري الشافعي

مدة من الزمان وأخذ عنه، كما في كلزار أبرار.

الشيخ أحمد بن بدر الدين المصري

الشيخ العالم المحدث شهاب الدين أحمد بن بدر

ص: 303

الدين العباسي الشافعي المصري ثم

الهندي الكجراتي، أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، ذكره عبد القادر الحضرمي

في النور السافر، قال: وكان مولده سنة ثلاث وتسعمائة بمصر، واشتغل بالعلم وأخذ عن

شيوخ عصره، منهم شيخ الاسلام زين الدين زكريا الأنصاري والشيخ العلامة برهان الدين

بن أبي شريف والشيخ الإمام نور الدين المكي والشيخ كمال الدين الطويل والشيخ زين الدين

الغزي والشيخ نور الدين الملتجي- بالجيم- واجتمع بشيخ الإسلام أبي العباس الطنبداوي

البكري بزبيد سنة ست وثلاثين وتسعمائة وأخذ عنه، ومن محفوظاته المنهاج في الفقه

للنواوي، والشاطبية في القراءة، والعمدة في الحديث للمقدسي، والأربعين النواوية،

والأجرومية في النحو، ومختصر أبي شجاع، وكانت له اليد الطولى في علم الحرف والفلك

والميقات، وكان شديد الورع، قليل الاختلاط بالناس، متمسكاً بالكتاب والسنة وطريقة

السلف الصالح مع التقوى المفرط والخمول الزائد، وحكى أن والده مرض مرضاً شديداً

بالشام فاستغاث بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فرآه في المنام وهو يضرب على كتفه ويقول

له: قم يا أبا أحمد! فانتبه معافاً من ذلك المرض، ولم يكن معه إذ ذاك ولد اسمه أحمد،

وكان قد ترك زوجته بمصر حاملاً به، فبعد أيام جاءه الخبر بأنها وضعت غلاماً فسماه

أحمد، وكان كثير المحفوظ للشعر، قال: سمعت عبد الله باكثير بمكة المشرفة في حدود

سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة يقول: جاء شخص من علماء مصر إلى مكة المشرفة فيما

تقدم وجاور بها وجلس في بعض الأيام على الكرسي ليعظ الناس في الحرم الشريف، فكان

أول كلامه بعد أن قال الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله: مما أنشدني والدي تهذيباً

في أيام الصبا:

إذا أعييت ان تحيا سليما من الأذى وذنبك مغفور وعرضك صين

فلا ينطلق منك اللسان بسوءة فللناس سوءات وللناس ألسن

وعينك إن أهدت إليك معائباً فغمض وقل يا عين للناس أعين

وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ولا تدفع إلا بالتي هي أحسن

وكان كثيراً ما يتمثل:

كان والله فقيهاً عالماً وله عرض مصون ما اتهم

غير لا يدري مداراة الورى ومداراة الورى أمر مهم

توفي ليلة الجمعة لأربع خلون من رمضان سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة بمدينة أحمد آباد

فدفن بها، كما في النور السافر.

الشيخ أحمد بن جعفر الكجراتي

الشيخ العالم المجود أحمد بن جعفر بن محمود الحسيني السندي ثم الكجراتي، أحد العلماء

المبرزين في القراءة والتجويد وسائر العلوم، ولد سنة سبعين وثمانمائة بكجرات ونشأ بها،

وأخذ العلم عن أبيه وعن غيره من العلماء، ودرس وأفاد مدة من الزمان، ثم سافر إلى

الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى كجرات، وصرف عمره في الدرس والإفادة، مات يوم

الإثنين لست عشر خلون من صفر سنة أربع وأربعين وتسعمائة، كما في مرآة أحمدي.

الشيخ أحمد بن الجلال الكجراتي

الشيخ الصالح أحمد بن الجلال الجانبانيري الكجراتي، أحد المشايخ العشقية الشطارية،

أخذ عن الشيخ صدر الدين محمد الجانبانيري ثم البرودوي ولازمه مدة من الزمان واشتغل

عليه بالأذكار والأشغال حتى بلغ رتبة المشيخة، وكان صاحب وجد وحالة، مات سنة

ثمان وثمانين وتسعمائة بمدينة بروده فدفن بها، كما في كلزار أبرار.

الشيخ أحمد بن خطير الكواليري

الشيخ الفاضل فريد الدين أحمد بن خطير العطاري

ص: 304

الكواليري المشهور بالشيخ بهول، بضم

الباء الهندية والهاء المختفية، كان صاحب الدعوة والتكثير، أخذ عن الشيخ حميد الدين

الشطاري، وأخذ عنه صنوه محمد الغوث صاحب الجواهر الخمسة والشيخ جلال الدين

التتوي ومولانا محمد الفرملي وخلق آخرون، وقيل إن همايون شاه التيموري بايعه وأخذ

عنه، ذكره محمد بن الحسن في كلزار، أبرار، وقال عبد الرزاق في مآثر الأمراء: إن الشيخ

بهول أخذ الطريقة عن الشيخ قميص بن أبي الحياة السادهوروي، لعله أخذ عنه الطريقة

القادرية، فلا يخالف ما أسلفنا أنه أخذ عن الشيخ حميد الشطاري، وعلى الجملة كان

همايون شاه يعتقد فيه الخير والصلاح، فكان يلازمه في الظعن والإقامة، فسار معه إلى

بنكاله وأقام بجنت آباد كور زماناً، ثم بعثه همايون شاه بالرسالة إلى صنوه مرزا هندال وقد

بغى عليه بآكره، فدله الشيخ إلى سبيل الرشد، ولكنه لما كان قد استولى عليه سلطان

البغي لم يسمع نصحه، وقتله سنة خمس وأربعين وتسعمائة، فأرخ لوفاته صنوه محمد غوث

المذكور من قوله فقد مات شهيداً وقبره ببيانه ظاهر القلعة على جبل مطل.

الشيخ أحمد بن الخليل البيجابوري

الشيخ الفاضل أحمد بن الخليل بن أحمد البيجابوري، العالم المحدث، قرأ العلم على أساتذة

الهند، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وأخذ الحديث عن أئمة العصر، ثم رجع إلى

الهند وقربه على عادل شاه البيجابوري إلى نفسه فكان لا يتركه في الظعن والإقامة، مات

ليلة الفطرة سنة ثمانين وتسعمائة بقرية كندركي من أعمال بلكرام، وأرخ لموته بعض أصحابه

من لفظ فرشته.

الشيخ أحمد بن زين الدين الجونبوري

الشيخ العالم الصالح الفقيه أحمد بن زين الدين البرونوي الجونبوري، أحد العلماء الربانيين،

قرأ العلم على الشيخ معروف بن عبد الواسع الجونبوري وأخذ عنه الطريقة ولازمه مدة

طويلة حتى نال رتبة الكمال، وكانت له يد بيضاء في كثير من العلوم، وكعب عال في اتباع

الشريعة المطهرة والزهد والقناعة، وكان لا يقبل هدايا الناس ولا يأكل إلا من عمل يده، وكان

شيخه أعطاه فلساً فكان يتجر به كل يوم ويأكل من ربحه، ومن فوائده قوله: الزم الفقراء فإن

الخير فيهم، واسأل العلماء فإن الحق معهم.

وكانت وفاته في غرة جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين وتسعمائة بقرية برونه- بفتح الموحدة

والراء المهملة- وهي قرية من أعمال جونبور، وأرخ لوفاته بعض أصحابه من اسمه شيخ

أحمد كما في كنج أرشدي.

الشيخ أحمد بن ضياء المندوي

الشيخ العالم الفقيه أحمد بن ضياء الدين الحسيني سراج العاشقين المندوي، كان من رجال

العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ سليمان بن عفان المندوي، وكان زاهداً متقللاً صاحب

مجاهدات وعبادات، لا يأكل شبعاً ولا ينام إلا غراراً.

مات لليلة بقيت من محرم الحرام سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، كما في أخبار الأصفياء.

الشيخ أحمد بن عبد القدوس الكنكوهي

الشيخ العالم الفقيه أحمد بن عبد القدوس الحنفي الكنكوهي، أحد المشايخ المشهورين،

أخذ عن أبيه وسلك مسلكه من استماع الغناء والتواجد والقول بوحدة الوجود، وله

رسالة في حلة الغناء، ورسالة في إثبات وحدة الوجود، خالفه في تلك المسائل ابنه الشيخ

عبد النبي المحدث، فطرده أبوه فسافر إلى دهلي ونال الصدارة العظمى في عهد أكبر شاه

التيموري سلطان الهند، وكانت وفاته سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

الشيخ أحمد بن عبد الملك اللاهوري

الشيخ الفاضل أحمد بن عبد الملك الحنفي اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه

والحديث، قرأ بعض الكتب الدرسية على الشيخ منصور اللاهوري، ومعظمها على الشيخ

عبد الله بن شمس

ص: 305

الدين السلطانبوري وجاء معه إلى لاهور فسكن بها، وكان غاية في الفقر

والفناء والزهد والإستقامة على الشريعة، وكان يدرس ويفيد، توفي يوم الجمعة عاشر محرم

سنة ست وستين وتسعمائة، كما في أخبار الأصفياء.

الشيخ أحمد بن محمد الشيباني

الشيخ العالم الكبير أحمد بن مجد الدين بن تاج الأفاضل الشيباني النارنولي، كان من نسل

الإمام محمد بن الحسن الشيباني صاحب الإمام أبي حنيفة، ولد ونشأ ببلدة نارنول، وقرأ

العلم على الشيخ حسين بن خالد الناكوري والشيخ با يزيد بن قيام الدين الأجميري

ولازمهما مدة، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ حسين المذكور وتصدر للتدريس وهو ابن ثماني

عشرة سنة وراح إلى أجمير واعتكف على قبر الشيخ معين الدين حسن السجزي، وأقام

بها نحو اثنتين وسبعين سنة، ولما تسلط رانا سانكا عظيم الهنادك على بلدة أجمير وقتل

المسلمين ونهب أموالهم خرج من تلك البلدة يوم الاثنين سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة،

فرحل إلى نارنول ومكث بها زماناً، ثم سار إلى ناكور ومات بها.

وكان فاضلاً تقياً متورعاً، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولا يخاف في الله سبحانه

أحداً، وكان يقوم في جوف الليل ويشتغل بالذكر والمراقبة والتهجد ولا يتكلم إلى الضحى،

ثم يشتغل بالدرس ويدرس إلى الظهر، ثم يشتغل بأوراده المرتبة إلى العصر، ثم يدرس ويذاكر

في مدارك التنزيل في التفسير على طريق الوعظ والتذكير، وتغلب عليه الرقة والبكاء

فيتكيف الناس بحالته، وكانت مذاكرة المدارك مأثورة عن مشايخه.

توفي لخمس بقين من صفر سنة سبع وعشرين وتسعمائة، ذكره الشيخ عبد الحق في أخبار

الأخيار.

الشيخ أحمد بن محمد النهروالي

الشيخ العالم المحدث أحمد بن محمد بن قاضي خان بن بهاء الدين بن يعقوب ابن إسماعيل

بن علي بن القاسم بن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل العدني الخرقاني، أبو العباس علاء

الدين أحمد النهروالي الكجراتي، وهو والد المفتي قطب الدين محمد النهروالي مفتي مكة

المباركة، وليس جده قاضي خان هذا صاحب الفتاوى المشهورة، بل هو من علماء

نهرواله، ولد في سنة سبعين وثمانمائة، وقرأ العلم على عصابة العلوم الفاضلة ببلاده، ثم

سافر إلى الحرمين الشريفين، وأخذ الحديث عن الشيخ عز الدين بن عبد العزيز بن نجم الدين

عمر بن فهد وعن جماعة من أئمة الحديث، وله سند عال لصحيح البخاري أخذه عن

الحافظ نور الدين أبي الفتوح أحمد بن عبد الله الطاؤسي نزيل كجرات، وكان موصوفاً

بالصلاح، سمع من الشيخ يوسف الهروي المشهور بسيصد ساله أي المعمر ثلاثمائة سنة عن

محمد ابن شاد بخت الفرغاني، وكان من المعمرين بسماعه لجميعه عن الشيخ أحد الأبدال

بسمرقند أبي لقمان يحيى بن عمار بن مقبل بن شاهان الختلاني المعمر مائة وثلاث وأربعين

سنة، وقد سمع جميعه عن محمد بن يوسف الفربري عن جامعه محمد بن إسماعيل

البخاري.

والشيخ علاء الدين، كان صالحاً ديناً تقياً متورعاً، سافر إلى مكة المباركة ونزل بها، وكف

بصره في آخر عمره، وإني أظن أنه ولي على مدرسة أحمد شاه الكجراتي بمكة المباركة،

وكان يدرس ويفيد بها، قال ولده المفتي قطب الدين في الإعلام بأعلام بيت الله الحرام: وكان

دأب والدي قبل أن يكف نظره أن يبادر يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة إلى مكة ويجلس في

الحطيم تجاه بيت الله تعالى ويلحظ الطائفين بنظره ويستمر جالساً هناك إلى صلاة المغرب

فيطوف بعد صلاة المغرب ويسعى ويعود إلى منى، وكان يقول: إن أولياء الله لا بد أن

يحجوا كل سنة ويفعلوا الأفضل وهو الإتيان لطواف الزيارة في أول يوم النحر، فأبادر إلى

النزول من منى في ذلك اليوم وأجلس في الحطيم أشاهد الطائفين لعل أن يقع نظري على

أحدهم أو يقع نظره علي فتحصل لي بذلك بركتهم، واستمر على ذلك إلى أن كف بصره،

فكنا نذهب به ونجلسه في الحطيم ويقول: إن كنت لا أراهم فلعل أن يقع نظرهم علي

فتحصل لي بركتهم، فاستمر على ذلك إلى أن توفي رحمه الله تعالى، انتهى.

ص: 306

وكانت وفاته سنة تسع وأربعين وتسعمائة بمكة المباركة.

الشيخ أحمد بن محمد البهاري

الشيخ العالم الفقيه أحمد بن محمد بن طيب الحنفي البهاري، أحد الفقهاء المشهورين في

عصره، ولد ونشأ بناحية بهار- بكسر الموحدة- وقرأ العلم على والده ولازمه ملازمة

طويلة، وكان والده من الأساتذة المشهورين يعرف بالشيخ بدها طيب.

الشيخ أحمد بن محمد السنديلوي

الشيخ العالم الفقيه المفتي أحمد بن محمد الحسيني الحنفي السنديلوي، أحد العلماء المبرزين

في الفقه والأصول، ولد ونشأ ببلدة سنديله وقرأ العلم على والده وعلى غيره من العلماء، ثم

ولي الإفتاء ببلدته فاشتغل به مدة من الزمان، كما في العاشقية.

القاضي أحمد بن محمود النصير آبادي

السيد الشريف القاضي أحمد بن محمود بن العلاء الحسني النصير آبادي المعروف بسيد

راجي جدنا الكبير، كان من نسل الأمير قطب الدين محمد بن أحمد المدني البغدادي نزيل

الهند، تولى القضاء ببلدة نصير آباد بعد صنوه الكبير القاضي محمد سنة خمس وتسعين

وثمانمائة، واستقل به سبعاً وثلاثين سنة، ثم اعتزل وهاجر من بلدته إلى رائي بريلي.

وسبب الهجرة على ما ذكره السيد نعمان بن نور النصير آبادي في أعلام الهدى أنه كانت

مناقشة فيما بين أولاد السيد نصير الدين النجمي النصير آبادي في الإرث، وقد رفع إلى

القاضي فقضى فيه بما ورد في الشرع فلم يتفقوا عليه وقالوا: لا نرضى بذلك الحكم أبداً،

فاعتزل القاضي وهاجر من تلك البلدة وقال: إنها لا تصلح للإقامة.

مات في سنة خمس وثلاثين وتسعمائة ببلدة رائي بريلي فدفن بها في سيد راجن، وتلك

الحارة اشتهرت باسمه الشريف، ذكره السيد الوالد في سيرة السادات.

الشيخ أحمد بن نصر الله السندي

الشيخ الفاضل العلامة أحمد بن نصر الله الشيعي التتوي السندي، كان من نسل سيدنا

عمر بن الخطاب، وكان من أهل السنة والجماعة، فاتفق ورود بعض علماء الشيعة على

بلاده فصحبه وسافر معه إلى المشهد، وأخذ الفنون الرياضية والحديث والكلام على

مذهب الشيعة عن الشيخ أفضل القائني، ثم رحل إلى يزد ثم إلى شيراز، وقرأ كليات القانون

وشرح التجريد مع حواشيه على كمال الدين حسين اليزدي وعلى الفاضل مرزا جان

الشيرازي، ثم سافر إلى قزوين وكانت عاصمته تلك البلاد، فتقرب إلى طهماسب شاه

ومكث عنده زماناً، ولما تولى المملكة إسماعيل- وكان يميل إلى أهل السنة- خرج من

قزوين وذهب إلى العراق، وأخذ جملة من العلوم على مشايخها ثم رجع ودخل الهند وتقرب

إلى أكبر شاه التيموري، فأمره بتأليف التاريخ من بدء الإسلام إلى سنة ألف وسماه الألفي.

ذكره البدايوني وقال: إنه كان فاضلاً جيداً بشوشاً، ولكنه كان مضطرب العقل صاحب

دعوة وهوى، وقال عبد الرزاق في مآثر الأمراء: إنه كان متصلباً في التشيع متعصباً على

أهل السنة والجماعة طويل اللسان عليهم شديد العزيمة على المناظرة معهم، وكان مرزا

فولاد الخراساني متعصباً على الشيعة فقتله وقتل قصاصاً عنه بمدينة لاهور، انتهى.

ومن مصنفاته خاصة الحياة كتاب له يشتمل على فاتحة ومقصدين وخاتمة، المقصد الأول

في ذكر الحكماء الذين كانوا قبل الإسلام، والثاني في ذكر الحكماء الذين كانوا بعد الإسلام،

والخاتمة في المذاهب المختلفة فيما بين الحكماء، صنفه بأمر الحكيم أبي الفتح بن عبد

الرزاق الكيلاني، ومن مصنفاته جزء من التاريخ الألفي وهو من بدء الاسلام إلى عهد

جنكيز خان عظيم التتر، صنفه بأمر أكبر شاه.

قتل في الخامس والعشرين من صفر سنة ست وتسعين وتسعمائة، فأرخ لموته أبو الفيض بن

المبارك من قوله در بست وبنج ماء صفر ذكره البدايوني.

ص: 307

الشيخ أحمد بن نظام المانكبوري

الشيخ الصالح أحمد بن نظام الدين بن فيض الله بن حسام الدين العمري المانكبوري، أحد

المشايخ الجشتية، ولد ونشأ بمانكبور، وأخذ عن أبيه وعمه الحسن كليم الله المانكبوري،

وتولى الشياخة بعد والده، أخذ عنه جمع كثير، وكان صاحب وحد وحالة، مات لأربع

عشرة خلون من محرم سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة بمانكبور فدفن بها، كما في أشرف

السير.

الشيخ أحمد بن نعمة الله الجنديروي

الشيخ العالم الصالح أحمد بن نعمة الله بن نصير الدين بن إسماعيل بن علاء الدين الملتاني

ثم الجنديروي، أحد رجال العلم والطريقة، ولد ونشأ بجنديري- بفتح الجيم المعقودة والنون

المختفية بلدة كانت من أعمال مالوه- ولما توفي والده سار إلى جتهره- بفتح الجيم وسكون

التاء المثناة قرية من أعمال كالبي- ثم سار إلى- رائسين بلدة من أعمال مالوه- ثم استقدمه

قادر شاه المالوي إلى أجين وولاه شياخة الإسلام بها.

مات سنة عشرين وتسعمائة بأجين فدفن بها، وأعقب ولدين جمال الدين وعبد القادر، كما

في كلزار أبرار.

الشيخ أحمد السرهندي

الشيخ العالم الفقيه أحمد الحنفي السرهندي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول،

درس وأفاد مدة عمره، وصار المرجع والمقصد في الإفتاء.

مات سنة ست وثمانين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

الشيخ أحمد الأجيني

الشيخ الصالح أحمد المتوكل الأجيني، أحد عباد الله الصالحين، أخذ الطريقة، العشقية

الشطارية عن الشيخ محمد غوث الكواليري صاحب الجواهر الخمسة، ولازمه زماناً طويلاً،

ثم تصدر للارشاد والتلقين بمدينة أجين، وكان قانعاً عفيفاً ديناً متوكلاً على الله سبحانه،

توفي سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

القاضي أحمد الغفاري

الشيخ الفاضل القاضي أحمد الغفاري القزويني، أحد العلماء المبرزين في التاريخ، كان من

نسل الشيخ نجم الدين عبد الغفار الشافعي صاحب الحلوي في الفقه، له مصنفات مشهورة

ممتعة في التاريخ منها: جهان آرا كتاب بسيط في تاريخ الملوك، ومنها: نكارستان، وكانت له

يد بيضاء في الإنشاء والشعر الفارسي منها قوله:

بس از عمر نشين كردمي در بيشم آن بد خو تبد دل در برم ترسم كه ناكه زود برخيزد

مات بدائل من فرض الدكن بعد قفوله عن الحج والزيارة سنة خمس وسبعين وتسعمائة.

القاضي أحمد السندي

الشيخ الفاضل القاضي أحمد السندي، أحد العلماء المبرزين في المعقول والمنقول، ذكره

النهاوندي في المآثر قال: إنه لم يزل مشتغلاً بالدرس والإفادة، انتهى.

السيد أحمد الهروي

الشيخ الفاضل المعمر أحمد الحسيني الهروي، أحد الأفاضل المشهورين، قدم الهند وتقرب

إلى يوسف عادل شاه البيجابوري وخدمه، وخدم ولده إسماعيل عادل شاه، وولي الصدارة

بمدينة بيجابور، وكان خفيف الروح فيه دعابة، حسن الصحبة، لطيف المحاورة، منور

الشيبه، وكان حياً في سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، ذكره محمد قاسم في تاريخه.

الشيخ أحمد الفياض الأميتهوي

الشيخ العالم الصالح أحمد الفياض الحنفي الأميتهوي، أحد الفقهاء المشهورين في عصره،

ذكره البدايوني وقال: كان له يد بيضاء في الحديث والتفسير والتاريخ والسير، وكان كثير

الحفظ، حفظ القرآن

ص: 308

الكريم في عام واحد، وكان فصيح العبارة، كثير المطالعة، حلو

المذاكرة، كثير الدرس والإفادة مع الدين والتقوى وإيثار الانقطاع وترك التكلف والقناعة

باليسير والنصح للمسلمين، وكان يقرأ الفاتحة خلف الإمام في الصلوات، ويرد في ذلك على

معاصره الشيخ نظام الدين الأميتهوي، انتهى.

الشيخ أحمد الملتاني

السيد الشريف أحمد الحنفي الملتاني، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والكلام

والعربية، قدم دهلي في عهد إسكندر بن بهلول اللودي ولقي المشايخ، ثم صحب الشيخ

عبد القدوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي وقرأ عليه العوارف وعرائس البيان وغيرهما

وقال بوحدة الوجود، ذكره ركن الدين بن عبد القدوس الكنكوهي في اللطائف القدوسية.

الشيخ أدهن البلكرامي

الشيخ العالم الصالح أدهن البلكرامي المشهور بشيخ الإسلام، كان من نسل الشيخ سالار

القنوجي، ويرجع نسبه إلى الشيخ عثمان الهاروني ولذلك اشتهرت عشيرته بالعثمانيين،

ذكره السيد غلام علي في مآثر الكرام، وقال: إنه كان من أصحاب الشيخ مبارك

السنديلوي، وكان زاهداً متورعاً عفيفاً كثير الدرس والإفادة، يحضر لديه الأعلام ويفتخرون

بتلمذهم عليه، قال: والشيخ محمد الحرازي تلميذ العلامة أحمد الجندي لما قدم الهند

حضر في مجلسه وتتلمذ عليه، انتهى.

واسمه أدهن، بفتح الهمزة وتشديد الدال الهندية- لعله اسم معروف له على طريقة أهل

الهند، واسمه الأصلي كان غير ذلك والله أعلم.

الشيخ إسحاق بن كاكو اللاهوري

الشيخ العالم الكبير إسحاق بن كاكو العمري اللاهوري، كان من نسل الشيخ فريد الدين

مسعود الأجودهني، ولد ونشأ بلاهور، وقرأ العلم على والده الشيخ كاكو المتوفي سنة اثنتين

وثمانين وثمانمائة، وكان والده من أصحاب الشيخ بير محمد اللاهوري، وقرأ على غيره من

العلماء، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ داود بن فتح الله الكرماني، وأخذ عنه الشيخ سعد

الله والشيخ منور وخلق كثير من العلماء والمشايخ.

ذكره البدايوني وقال: إنه كان كثير الدرس والإشتغال، كثير الفوائد، جيد المشاركة في أنواع

العلوم، حلو المذاكرة، مليح البحث، يرجع إليه فيما أشكل على العلماء، قال: وكان كثير

الصمت طويل الفكر، لقيه أحد المخذولين فأمره أن يحمل قدراً كانت ملأى من اللبنية

شيربرنج فحملها ووضعها على رأسه وذهب بها إلى بيته حتى مر كذلك بالسوق ورآه

الناس ولم يستنكف من ذلك.

قال: وعاش دهراً طويلاً حتى جاوز مائة سنة، ومات سنة ست وتسعين، وفي أخبار

الأصفياء أنه توفي لليلة بقيت من ربيع الأول سنة سبع وتسعين وتسعمائة.

الشيخ إسحاق بن محمد الملتاني

الشيخ الصالح إسحاق بن محمد بن إبراهيم بن فتح الله الربيعي الإسماعيلي الملتاني ثم

الأحمد آبادي البيدري، كان من المشايخ المشهورين في بلاد الدكن، ولد ونشأ بأحمد آباد

بيدر- بكسر الموحدة بلدة من بلاد الدكن، واليوم تدعى بمحمد آباد- وهو أخذ العلم

والطريقة عن أبيه ولازمه ملازمة طويلة حتى بلغ رتبة الكمال، وتولى الشياخة بعد أبيه،

وعاش بعده عشرة أعوام، وله يد بيضاء في العلم والمعرفة، وكعب عال في الزهد والقناعة،

توفي لخمس عشرة خلت من شوال سنة خمس وأربعين وتسعمائة ببيدر فدفن بها.

إسكندر بن بهلول اللودي ملك الهند

الملك العادل الفاضل إسكندر بن بهلول بن كالا اللودي السلطان الصالح، قام بالملك بعد

والده سنة أربع وتسعين وثمانمائة، وافتتح الأمر بالعدل والإحسان، واستقدم العلماء من بلاد

شاسعة وأجزل عليهم الصلات والجوائز، وكان شديد الرغبة إلى مجالسة العلماء عظيم

المحبة لهم يقربهم إلى نفسه ويدعوهم إلى مائدته، وربما يدخل عليهم بغتة فيختفي في إحدى

زوايا المسجد أو المدرسة ليحتظ من دروسهم، كان شديد التمسك بالسنة المطهرة، شديد

ص: 309

التعصب على أهل الأهواء، يبذل جهده في محق الباطل، وكان لا يتصنع في الزي واللباس،

ويكره صحبة الأراذل ولا يتبع هواه، ويخاف الله سبحانه في أمر الدين والدولة، ويتفقد

الأمور بنفسه، ويجتهد في فهم القضايا جهده، ويأمر وكيله دريا خان أن يجلس بدار العدل

إلى شطر من الليل ومعه القضاة والفقهاء ويستدرك القضية ساعة بعد ساعة ولا يصبر عن

ذلك، وكان يجالس العلماء بعد صلاة الظهر ويذاكرهم، ويقرأ القرآن الكريم، ويدخل في الحرم

فيخلو بنسوته ساعة ثم يخرج ويجلس في قصره، ويحضر لديه العلماء فيذاكرهم إلى نصف

الليل ثم يرجعون إلى بيوتهم فيخلو ويشتغل بأمور الدولة ما شاء، وكان يكتب المناشير

والتواقيع بيده، وينظر في مهمات الدولة نظراً بالغاً جيداً، ويبذل الأموال الطائلة على أهل

الحاجة، ويوظف العلماء، ويجعل الرواتب لأهل الصلاح والأرزاق السنية للأيتام والأرامل،

ويعمر المساجد والمدارس، ويروج العلماء، ويعامل أهل الجند معاملة حسنة، ويحسن إلى

أهل الزروع ويبالغ في تعمير الأرض وتكثير الزراعة وإصلاح الشوارع والطرق، ولا يسامح

البغاة وقطاع السبل، فيؤاخذهم ويعاقبهم أشد العقوبة، وإذ يحشد الجيوش ويبعثها إلى

إحدى جهات الملك يتتبع أخبارهم ويرسل المنشورات إليهم كل يوم مرتين فيهديهم إلى ما

يهمهم.

وكان شديد التصلب في الدين، خرب كنائس كثيرة وأسس المساجد والمدارس والرباطات

مكانها، ومنع كفار الهند من أن يحلقوا رؤوسهم ولحاهم، وأبطل المكوس، وهدم بنيان

البدع والرسوم، وهو أول سلطان أمر كفار الهند أن يتعلموا اللغة الفارسية والكتابة بها،

وأمر العلماء أن ينقلوا العلوم الهندية إلى الفارسية، وجمع الأطباء من خراسان ومن أقصى

بلاد الهند فصنفوا له طب إسكندري، ونقلوا بأمره أمر كرمها ويد من سنسكرت إلى

الفارسية، وصنفوا له كتباً كثيرة.

ومن نوادره أنه لما سار إلى جونبور لدفع فتنة أخيه باربك شاه لقيه قلندر في أثناء المعركة

فأخذ يده وبشره بالفتح، فجذب يده لستكراها من قوله، فتعجب الناس من كراهته فقال:

إذا التقى الجمعان من أهل الإسلام فلا ينبغي لأحد أن يحكم بغلبة طائفة على الأخرى، بل

يدعو لما فيه خير للاسلام، وكان شاعراً مجيد الشعر ماهراً بالموسيقى، ومن شعره قوله:

سروي كه سمن بيرهن وكل بدنش روحي است مجسم كه در بيرهنش

مشك ختني جيشت كه صد مملكت جين در حلقه آن زلف شكن در سكنش

در سوزن مزكان بكشم رشته جانرا تا جاك بدوزم كه در آن بيرهنش

توفي يوم الأحد لسبع خلون من ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة.

الشيخ إسماعيل بن أبدال اللاهوري

الشيخ العالم الأجل إسماعيل بن أبدال بن نصر بن محمد بن موسى بن عبد الجبار بن أبي

صالح بن عبد الرزاق بن عبد القادر الشريف الجيلاني اللاهوري، كان من العلماء

المشهورين في عصره، له اليد الطولى في الفقه والأصول والكلام والعربية، قدم دار الملك

دهلي وأقام بها زماناً، ثم ذهب إلى رنتهنبور ومات بها، أخذ عنه الشيخ محمد بن الحسن

الجونبوري والشيخ عبد الملك بن عبد الغفور الباني بتي والعلامة جمال الدين اللاهوري

وخلق كثير من العلماء والمشايخ، توفي سنة أربع وتسعين وتسعمائة، كما في تذكرة الكملاء.

الشيخ إسماعيل بن حسن الناكوري

الشيخ الصالح إسماعيل بن حسن بن سالار الناكوري، أحد المشايخ الجشتية، أخذ عن

أبيه عن جده عن الشيخ اختيار الدين عمر الأيرجي، وأخذ عنه الشيخ خانو بن العلاء

الناكوري، كما في كلزار أبرار.

الشيخ إسماعيل بن عبد الله اللاهوري

الشيخ الصالح الفقيه إسماعيل بن عبد الله بن محمد الشريف الحسني الأجي ثم اللاهوري،

كان من نسل الشيخ عبد القادر الجيلاني، ولد ونشأ بمدينة أج وأخذ عن أبيه، ثم دخل

لاهور في عهد أكبر شاه

ص: 310

التيموري، فأعطاه السلطان ألف فدان من الأرض الخراجية فسكن

بلاهور، وكان عالماً كبيراً صالحاً تقياً صاحب رياضة ومجاهدة، توفي سنة ثمان وسبعين

وتسعمائة بمدينة لاهور، كما في خزينة الأصفياء.

الشيخ إسماعيل بن محمد الملتاني

الشيخ الصالح الفقيه إسماعيل بن محمد بن إبراهيم بن فتح الله الربيعي الإسماعيلي الملتاني

ثم البيدري، أحد المشايخ المرزوقين حسن القبول، ولد ونشأ بأحمد آباد بيدر، وأخذ العلم

والطريقة عن أبيه، وصحبه ولازمه حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة، ولما مات والده

استقدمه عماد شاه إلى برار وأقطعه قرية بتهري فسكن بها، وتوفي لثلاث عشرة خلون من

رمضان سنة خمس وثمانين وتسعمائة.

مولانا إسماعيل النقشبندي

الشيخ العلامة إسماعيل النقشبندي اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث،

أخذ عن الشيخ سيف الدين أحمد الشهيد الهروي وعن الشيخ جمال الدين عطاء الله

الحسيني المحدث، مات بلاهور سنة ثمانين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

مولانا إسماعيل العرب

الشيخ الفاضل الكبير إسماعيل العرب الدهلوي، كان من الأفاضل المشهورين بمعرفة الهيئة

والهندسة والصناعة الطبية وسائر الفنون الحكمية، ذكره السهارنبوري وقال: إنه أخذ

الطريقة النقشبندية عن الخواجه عبد الشهيد ثم عن الشيخ عبد الباقي الدهلوي، وكان

كثير الدرس والإفادة، أخذ عنه حلق كثير من العلماء، وقال البدايوني: إنه كان مدرساً

بمدرسة دهلي يدرس فيها هو والشيخ حسين البزهري، قال: وقتله اللصوص ذات ليلة في

بيته بمدينة دهلي، وقال الدهلوي في الطبقات: إنه كان مدرساً بمدينة همايون شاه التيموري

بدار الملك دهلي.

الشيخ أفضل الحسيني الكشميري

الشيخ العالم الصالح أفضل الحسيني الكشميري، أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن

الشيخ حمزة الكشميري، وأخذ عنه الشيخ داود بن الحسن الخاكي وخلق كثير من أهل

كشمير، سافر في آخر عمره إلى الحرمين الشريفين فمات بها، كما في روضة الأبرار.

الشيخ الله بخش الكيلاني

الشيخ العالم الفقيه الله بخش بن محمد بن زين العابدين بن عبد القادر الشريف الحسني

الأجي اللاهوري، أحد المشايخ المشهورين في الهند، انتقل إلى لاهور وسكن بها مدة من

الزمان، ثم سافر إلى بنكاله ومات بها سنة أربع وتسعين وتسعمائة، كما في خزينة

الأصفياء.

الشيخ الله بخش الكجراتي

الشيخ الصالح الله بخش الجشتي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، درس وأفاد زماناً، ثم ترك البحث والإشتغال وأخذ الطريقة العشقية الشطارية عن

الشيخ محمد غوث الكواليري ولازمه مدة من الزمان، وكان صاحب وجد وحالة، اشتغل

في آخر أيامه بالقرآن والحديث، توفي في ثاني عشر من ربيع الثاني في نيف وسبعين

وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

مولانا إله داد السلطان بوري

الشيخ الفاضل إله داد بن أحمد بن شمس الدين بن كمال الدين داود الملتاني السلطان

بوري، أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة، وكان جده كمال الدين من كبار العلماء

أخذ الفنون الحكمية عن السيد الشريف زين الدين علي الجرجاني.

الشيخ إله داد بن حميد المندوي

الشيخ الفاضل إله داد بن الحميد المندوي، أحد الفضلاء المشهورين في عصره، كان من

ندماء غياث الدين الخلجي سلطان مالوه، دخل في أصحاب السيد محمد بن يوسف

الجونبوري وصدقه في ادعائه وتابعه وهاجر معه إلى كجرات.

وله مصنفات، منها ديوان الشعر الغير المنقوط

ص: 311

بالفارسي، وبار أمانت رسالة في تفسير إنا

عرضنا الأمانة، إلخ، ورسالة له في إثبات المهدوية للسيد محمد المذكور، وله غير ذلك من

الرسائل، كما في تاريخ بالنبور.

الشيخ إله داد بن سعد الله القنوجي

الشيخ الفاضل إله داد بن سعد الله العثماني القنوي ثم الكوباموي، أحد العلماء

المشهورين، ولد ونشأ بكوبامئو، وقرأ أكثر الكتب الدرسية على الشيخ نظام الدين العثماني

الأميتهوي ولازمه مدة من الدهر، وقرأ بعضه على غيره من العلماء، وكان يدرس ويفيد

بكوبامئو، قرأ عليه الشيخ عبد الله بن بهلول السنديلوي ثم الكجراتي النحو والعربية وكان

من خؤلته، كما في كلزار أبرار.

الشيخ إله داد بن صالح السرهندي

الشيخ العالم الكبير إله داد بن صالح الأنصاري اللاري ثم الهندي السرهندي، أحد

الأساتذة المشهورين لم يكن في زمانه مثله في كثرة الدرس والإفادة، أخذ عنه مولانا مجد

الدين محمد ومولانا عبد القادر، ذكره محمد ابن الحسن في كلزار أبرار، وقال بختاور خان في

مرآة العالم: إنه كان من ذرية الشيخ عبد الغفور اللاري الفاضل المشهور، وينتهي نسبه إلى

سعد بن عبادة رضي الله عنه، توفي سنة سبع وعشرين وتسعمائة.

الشيخ إله داد بن عبد الله الجونبوري

الشيخ الفاضل العلامة علاء الدين إله داد بن عبد الله الحنفي الصوفي الجونبوري أحد

الأفاضل المشهورين في الهند، ولد ونشأ بمدينة جونبور، واشتغل بالعلم على الشيخ عبد

الملك الجونبوري، وجد في البحث والإشتغال حتى برع في العلم، وأفتى ودرس وصنف

التصانيف وصار من أكابر العلماء في حياة شيوخه، ثم أخذ الطريقة عن السيد حامد شه

المانكبوري وكان معدوم النظير في زمانه، رأساً في النحو والفقه وأصوله، له شروح وتعليقات

على كافية ابن الحاجب وشرحها للقاضي شهاب الدين الدولة آبادي وعلى هداية الفقه

وأصول البزدوي ومدارك التنزيل، ذكره الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي في بعض

رسائله وقال: إن أسئلته أقوى من أجوبته، وأما شروحه على حواشي القاضي شهاب

الدين المذكور فإنها أقوى وأوجه من شروح العلماء الآخرين وأعرف في هذه الديار.

وقال الشيخ المذكور في أخبار الأخيار: إنه كان صاحب علم ومعرفة، قرأ على بعض

تلامذة القاضي شهاب الدين ولم يسم أحداً منهم ولكن سماه الزيدي في تجلي نور، وقال إنه

هو الشيخ عبد الملك، وقال السيد غلام علي في سبحة المرجان: إنه أخذ العلم عن الشيخ

عبد الله بن إله داد التلنبي والشيخ يحيى بن الأمين الإله آبادي، قال في وفيات الأعلام: إنه

أخذ عن الشيخ عزيز الله التلنبي، ولا يصح ذلك ولا هذا لأن الشيخ عبد الله وصاحبه

اشيخ عزيز الله كلاهما قدما دار الملك في عهد إسكندر بن بهلول اللودي وكان الشيخ إله

داد من كبار الأساتذة بجونبور في ذلك الزمان، وقد ذكر البدايوني في المنتخب: إنهما قدما

دار الملك فأراد السلطان أن يختبر مبلغهما في العلم، فاستقدم الشيخ الهداد وولده بهكاري

من جونبور، فباحثوا فيما بينهم في العلوم الدقيقة، فتبين له من مطارحاتهم أن عبد الله

وصاحبه مجيدان في الكلام، وإله داد وابنه في التحرير.

هذا وتوفي إله داد على ما في تجلي نور سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، واختلفوا في مدفنه

فقال الشيخ غلام رشيد في كنج أرشدي: إن قبره بسرائي إله دين على ميلين أو ثلاثة أميال

من مدينة بهار، والمشهور أن قبره ببلدة جونبور، والله أعلم.

مولانا إله داد بن كمال اللكهنوي

الشيخ الفاضل إله داد بن كمال الدين بن محمد بن محمد الأعظم الحسيني اللكهنوي، أحد

العلماء المشهورين، ولد ونشأ بلكهنو واشتغل بالعلم على من بها من العلماء، ثم درس

وأفتى وصنف التصانيف، ذكره البدايوني وقال: إني أدركته بلكهنو فألفيته عالماً كبيراً،

بارعاً في الفقه والأصول والعربية، وكانت له رسالتان: إحداهما في العلوم المتعارفة في

الجداول يستخرج منها مسائل أربعة عشر علماً،

ص: 312

وأخراها القيطون في خمس مقامات

منسوجة على منوال الحريري فاستغربتها، قال: ووجدت طائفة من بني أعمامه يقولون إن

هاتين الرسالتين للحكيم زبرقي الذي ورد جونبور في عصر القاضي شهاب الدين الدولة

آبادي وعارضه في بعض المسائل، وكان من فحول العلماء، فجاء الشيخ محمد الأعظم جده

بتلك الرسالتين من جونبور وتوارثت في أولاده فتناولهما إله داد ونسبهما إلى نفسه، انتهى.

وقال الخوافي في لب اللباب: إن أكبر شاه صاحب الهند لما خرج إلى جونبور وقصد خان

زمان خان مر على مدينة لكهنو، وبعث الشيخ عبد النبي الكنكوهي ليلاقي الشيخ إله داد

ويختبره في العلم، فأقر له عبد النبي بالفضل والكمال واشتاق أكبر شاه إلى لقائه، فأبى أن

يحضر لديه فلقيه الملك في الجامع حين أتى للصلاة وولاه الإفتاء ولم يسعه إلا القبول، وذلك

سنة ثمانين وتسعمائة فاستقل به إلى مدة حياته، انتهى.

وله رسالة أخرى في النحو سماها القطبي وقد تجشم فيها إيراد الأمثلة في ضمن

التعريفات.

توفي سنة إحدى وتسعين وتسعمائة، كما في باغ بهار.

مولانا إله داد الأمروهوي

الشيخ الفاضل إله داد الحنفي الأمروهوي، أحد العلماء المشهورين، ذكره البدايوني وقال:

إنه كان عالماً خفيف الروح، مزاحاً بشوشاً مليح البحث، حلو الكلام حسن المحاضرة، غير

محافظ على آداب الشرع، ولم يكن في زي العلماء، وكان كثير المجون والفكاهة، دخل في

الجندية في عهد أكبر شاه.

ومات سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة في السفر، فدفن بسيالكوث ثم نقل جسده إلى

أمروهه.

مولانا إلياس الأردبيلي

الشيخ الفاضل المنجم إلياس بن أبيه الأردبيلي الفاضل المشهور، كان يرجع إليه في أنواع

العلوم، لا سيما الهيئة والهندسة والنجوم وسائر الفنون الرياضية، استقدمه همايون شاه

التيموري من بلاده فلقيه بكابل عند رجوعه عن سفر إيران، فأجزل عليه الصلات والجوائز

وأقطعه أرضاً تحتوي على قرى عديدة من ناحية موهان في بلاد أوده وقربه إلى نفسه وقرأ

عليه درة التاج للعلامة قطب الدين الرازي، فحسده الناس وتحيل عليه مولانا أويس

الكواليري في المناظرة مرة، فأفحمه عند أكبر شاه بن همايون التيموري، وقرأ العبارات

الكثيرة مستنداً إلى الكتب، وكان أويس غير مامون في النقل فلم يتفطن له الأردبيلي

فاستحى من ذلك وذهب إلى ضيعته في موهان، ثم ترك العروض والعقار وذهب إلى

كجرات ثم إلى مكة المباركة ثم إلى إيران، واستقر في بلدة أردبيل ولم يفارقها حتى مات

فيها، ذكره البدايوني.

مولانا أمان الله السرهندي

الشيخ الفاضل أمان الله بن غازي السرهندي، أحد العلماء المبرزين في العلوم العربية،

حفظ القرآن الكريم، وقرأ العلم على الشيخ بدر الدين السرهندي، ولازمه مدة طويلة حتى

برع في العلم وفاق أقرانه، وكان شاعراً خطاطاً ماهراً بالإيقاع والنغم، صوفياً مستقيم

الحالة، مات ودفن بسرهند.

السيد أمين الدين الكجراتي

الشيخ الصالح أمين الدين بن جمال الدين الحسيني الرفاعي الكجراتي، أحد المشايخ

المشهورين، أخذ العلم والطريقة عن أبيه وعن غيره من العلماء، وصرف عمره في نشر العلوم

والمعارف، مات لثلاث عشرة خلون من جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة بقرية

بتهري، ذكره عبد الجبار الآصفي في تاريخ الدكن.

الشيخ أولياء بن سراج الكالبوي

الشيخ الصالح أولياء بن سراج بن عبد الملك الحنفي الصوفي الكالبوي، أحد الرجال

المشهورين، كان تقياً متورعاً سخياً، انتقل من كالبي إلى أجين فسكن بها زماناً، ثم سافر إلى

الحرمين الشريفين وله سبعون سنة، فحج وزار ومات بها، ذكره محمد بن الحسن في كلزار

أبرار.

ص: 313

مولانا أويس الكواليري

الشيخ الفاضل أويس الكواليري الأصولي الجدلي المناظر الخطيب اللسن الذي ما جاراه

أحد في حلبة المناظرة إلا غلبه لأنه كان عجباً في الحفظ وسرد الروايات، غير مأمون في

النقل، ذكره البدايوني وقال: إنه كان يسرد العبارات الكثيرة من حفظه وينسبها إلى الكتب،

فلما تصفحت تلك الكتب لم توجد فيها، ولذلك الصنيع الشنيع أفحم كبار العلماء في

المناظرات، انتهى.

خواجه أيوب الكشي

الشيخ الفاضل أيوب بن أبي البركة الكشي، كان من أهل بيت العلم والصلاح، قدم الهند

فأكرمه همايون شاه التيموري وزوجه بإحدى بنات الأعزة من أقربائه، فلم يوالفها لأنه كان

مجبولاً على سوء الخلق وقلة مبالاة بالدين، ثم بعد مدة استرخص للحج والزيارة، فهيأ له

همايون شاه الزاد والراحة فسار إلى كجرات وركب الفلك، ثم سأل الناس عن الحج وفائدته

فقالوا: إن الحج مكفر للسيئات الماضية، فلما سمع ذلك نزل وقال: فينبغي لنا أن نتمتع

باللذات ونرتكب السيئات ثم نذهب للحج، فسكن بكجرات، ووظف له بهادر شاه تنكة

الذهب كل يوم، وحكى أن بهادر شاه مر عليه ذات يوم فقال له: كيف الحال؟ فقال إن:

التنكة الموظفة لا توافي خرج عضو واحد، فوظف له تنكتين كل يوم، فأقام بكجرات مدة ثم

سار إلى أحمد نكر، وتقرب إلى برهان شاه، فوظف له وطابت له الإقامة بمدينة أحمد نكر،

وكان شاعراً مجيد الشعر، ذكره أمين بن أحمد الرازي في هفت إقليم، ومن شعره قوله:

ز زلف وخال تو آموختم دقائق عشق زهي مجاز كه مجموعة حقائق بود

حرف الباء

بابر شاه التيموري

الملك المؤيد بابر بن عمر بن أبي سعيد بن ميران شاه بن تيمور التيموري، السلطان ظهير

الدين محمد بابر شاه سلطان الهند، كان مولده في سادس شهر الله المحرم سنة ثمان وثمانين

وثمانمائة فسماه الشيخ الكبير عبيد الله الأحرار بظهير الدين محمد، ولكنه أشتهر في الأتراك

باسمه المشهور بابر شاه.

نشأ في مهد السلطة، وتلقى الفنون الحربية، وكان ذكياً فطناً حاد الذهن، سريع الإدراك،

قوي الحفظ، فتبحر في كثير من الفنون لا سيما الشعر والإنشاء والعروض والألغاز والخط،

وجلس على سرير الملك يوم الثلاثاء الخامس من رمضان سنة تسع وتسعين وثمانمائة في

أندجان من بلاد ما وراء النهر وله اثنتا عشرة سنة، عرض له في تسخير البلاد من

المصائب ما لا يحصيه البيان، ولكنه غلب الشدائد، ووطيء النوائب، وقهر الأعداء،

وسخر البلاد حتى ملك كابل، وزحف على بلاد الهند، وكانت سلطة الهند حينئذ في

غاية من الوهن والاختلال، وكان معه في تلك المعركة اثنا عشر ألفاً من الرجالة والفرسان،

وكان مع خصمه إبراهيم بن إسكندر اللودي ملك الهند مائة ألف من الفرسان وألف فيلة،

فالتقى الجمعان بين باني بت وكرنال، فهزمه بابر وقتل إبراهيم في سلخ جمادى الآخرة سنة

اثنتين وثلاثين وتسعمائة وقتل مع إبراهيم ستة آلاف من الفرسان وهرب الآخرون، فدخل

دهلي وجلس على سرير الملك، ثم ذهب إلى آكره واستقر بها.

وشعر أحد أمراء الهند الوثنيين القدامى بخطر قيام حكومة يحكمها المسلمون الغزاة

الوافدون من الخارج، وإفلات الأمر من يدهم، وهو الأمير رانا سانكا حاكم جتور، وكان

قائداً باسلاً محنكاً فعبا جيشاً فيه ثمانون ألف فارس وخمس مائة جندي، واتفق معه من

الأفغان من كان موتوراً منتصراً للأسرة اللودهية الأفغانية التي انتزع منها بابر الحكم، فتألف

بذلك نحو مائتي ألف محارب، وتوجه الجيش إلى آكره وتوجه بابر بجيشه وهو يتألف من

اثنى عشر ألف جندي، وذلك في جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وتسع مائة للهجرة،

واستقر في موضع يسمى كانوه أو خانوه.

وكان الوهن يدب إلى جيش بابر فقام في الجيش وأعلن توبته عن تعاطي الخمر الذي كان

معتاداً له، واستخلف قادة الجيش على الصمود حتى يقضي الله

ص: 314

في شأنهم وحميت المعركة

واستعر القتال، وكان الفتح للجيش الاسلامي، وقتل من الجيش المنافس من لا يأتي تحت

العد والحصر، وكان فتحاً حاسماً قضى بقيام حكومة مسلمة، على رأسها الأسرة المغولية

من أحفاد بابر دامت أكثر من ثلاثة قرون، حتى انتزعها منها الانجليز في سنة ثلاث

وسبعين ومائتين وألف، وكانت هذه الحرب المقررة لمصير المسلمين السياسي في الهند في

ثلاث وثلاثين وتسع مائة.

وسخر من بلاد الهند أكثرها، ثم اشتغل توطيد أركان ممالكه المتسعة، فمهد الطرق

للمسافرين، وأقام لهم مراكز على الطريق، وأمر بمسح الأرض لكي يعين عليها إتاوة عادلة،

وغرس بساتين وأدخل في البلاد أشجار الفواكه، وأقام محلات مختلفة للبريد من آكره إلى

كابل.

وكان مع اتساع معارفه السياسية والعسكرية كلفاً بالمعارف والفنون المستظرفة، مقتدراً

على الشعر بالفارسي والتركي، له ديوان شعر في التركي، وقوله في تلك اللغة على ما قيل في

غاية الحلاوة والعذوبة، وله منظومة في المعارف الإلهية نظم رسالة لخواجه أحرار، وله الوقائع

البابرية في التركية، كتب فيها أخباره من بدء حكومته إلى آخر عهده بالدنيا، نقلها إلى

الفارسية مرزا عبد الرحيم بن بيرم خان، وله رسائل في العروض، وله كتاب في الفقه الحنفي

المسمى بالمبين- بفتح الياء التحتية وتشديدها- وعليه شرح للشيخ زين الدين الخوافي

المسمى بالمبين- بكسر الياء التحتية- ومن مخترعاته خط سماه الخط البابري كتب بذلك

الخط القرآن الكريم وبعث به إلى مكة المباركة.

ومن شعره قوله:

نو روز ونو بهار ومي دلبري خوش است بابر بعيش كوش كه دنيا دوباره نيست

وكان، سامحه الله تعالى، مد من الخمر، تاب في آخر عمره، تاب الله عليه ومرض ابن بابر

وهو نصير الدين همايون فقلق بابر قلقاً شديداً لحبه الشديد له، ودعا الله بأن يكون هو

مكانه، وشفى همايون ومرض بابر، ولما حضرته الوفاة أوصى بأن ينقل إلى كابل ويدفن

هناك لميله الشديد وحبه المفرط لهذا البلد، ونفذت وصيته، وكان ذلك في سنة سبع

وثلاثين وتسع مائة، وله من العمر تسع وأربعون أو خمسون سنة.

ميرك بايزيد السندي

الشيخ العالم الفقيه بايزيد بن أبي سعيد بن مير علي شاه العرب شاهي السبزواري ثم

السندي السكهري، كان من الفضلاء المشهورين، انتقل من سبزوار إلى قندهار ثم إلى

أرض السند مع شاه بيك أرغون القندهاري، فولي شياخة الاسلام في مدينتي سكهر

وبهكر وتوطن ببلدة سكهر، كما في تحفة الكرام.

الشيخ بايزيد الأجميري

الشيخ العالم الصالح بايزيد بن طاهر بن بايزيد بن قيام الدين الأجميري المشهور بالصغير، قرأ

العلم على أحمد بن مجد الشيباني وعلى غيره من العلماء، فبرع في العلم وتأهل للفتوى

والتدريس، أخذ عنه غير واحد من الأعلام، كما في البحر الزخار.

الشيخ بايزيد الجالندهري

الشيخ الفاضل بايزيد بن عبد الله الأنصاري الجالندهري، أحد الرجال المشهورين من ذرية

الشيخ سراج الدين الأنصاري، ولد ببلدة جالندهر من بلاد بنجاب سنة إحدى وثلاثين

وتسعمائة، وقرأ العلم على أساتذة عصره حتى نبغ في العلم والمعرفة، وخرج من جالندهر

مع أمه بيبن في تسلط المغل على بلاد الهند، فذهب إلى خئولته في جبال روه، واشتهر أمره

سنة تسع وأربعين وتسعمائة، واعتقد الناس بكشوفه وكراماته، وأنكره بعضهم فرموه

بالإلحاد والزندقة، وله مصنف في إثبات وحدة الوجود في بشتو اللغة الأفغانية وهو المسمى

بخير البيان، مات قبل سنة تسع وثمانين وتسعمائة، لأن ولده جلال الدين جاء في تلك

ص: 315

السنة

إلى حضرة أكبر شاه صاحب الهند بعد وفاة والده، كما في مآثر الكرام.

جام بايزيد السندي

الأمير الكبير جام بايزيد السندي، كان من مرازبة السند من قبيلة سه التي تنتسب إلى

جمشيد ملك الفرس، وكانوا يتنازعون بينهم الأمر، فخرج بايزيد وصنوه إبراهيم من مدينة

تته في أيام جام نظام الدين وقدم الملتان، فاغتنم قدومه حسين شاه لنكاه، وأقطع بايزيد بلد

شور مع أعمالها ولأخيه عمالة أج فقبض على شور واستوزر جمال الدين القرشي الملتاني،

واشتغل هو بنفسه بالعلم وقرب إليه العلماء، وكان يذاكرهم في العلوم مع ثباته على إتباع

الشريعة، واطلع على كنز مدفون عند بناء القصر، فلم يتصرف فيه وأرسله إلى حسن

شاه، ففرح الملك به فرحاً شديداً وخصه بأنظار العناية والقبول، واستوزره في آخر عمره

وجعله أتابكا لولي عهده وحفيده محمود ابن فيروزج بن حسين، ولما جلس محمود على

سرير الملك مقام جده وقع في السفاهة وسخط على بايزيد، فلم تساعده الموافقة بالملك

فذهب إلى بلدة شور، وتوسل إلى اسكندر بن بهلول اللودي ملك دهلي وخطب على

المنابر له، فأمر الإسكندر دولت خان واليه على أرض بنجاب أن يعينه وأرسل إليه الخلع

الفاخرة، فلما قصده محمود شاه بعساكره والتقى الجمعان ودارت الحرب بينهما جاءت

دولت خان المذكور بعساكره من بنجاب، فصالحه محمود شاه واستقل بايزيد بملكه، ذكره

محمد قاسم في تاريخه وقال: إنه كان رجلاً محسناً، يجالس العلماء ويذاكرهم في العلوم،

ويجزل عليهم الصلات والجوائز، قال: إنه أقطعهم أرضاً خراجية، انتهى.

الشيخ بخشو المندسوري

الشيخ العالم الصالح بخشو بن أبيه الحنفي الصوفي المندسوري، أحد المشايخ المنقطعين إلى

الزهد والعبادة، يذكر له كشوف وكرامات، وكان له ثلاثة أبناء: بدهن وحسن ومعين الدين،

توفي سنة ست عشرة وتسعمائة، ذكره محمد بن الحسن في كلزار أبرار.

الشيخ بدر الدين الكجراتي

الشيخ العالم الفقيه بدر الدين بن جلال الدين الحنفي الصوفي الكجراتي، أحد المشايخ

المشهورين بأرض كجرات، ولد ونشأ بها، وأخذ عن أبيه جلال الدين عن أبيه الشيخ محمد

عن أبيه عن جده إلى الشيخ العلامة كمال الدين الدهلوي، وكان عالماً فقيهاً، صوفياً

مستقيم الحالة، ذا كشوف وكرامات، مات لليلة بقيت من ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين

وتسعمائة، كما في مجمع الأبرار.

الشيخ بدر الدين الأكبر آبادي

الشيخ العالم الفقيه بدر الدين بن جلال الدين الحسيني الأكبر آبادي، أحد فحول العلماء،

ولد سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة بأكبر آباد، وقرأ العلم على الشيخ جلال الدين بن عبد

الله الأكبر آبادي والشيخ أبي الفتح بن عبد الغفور التهانيسري، وتولى الشياخة بعد أبيه،

واستقام على الطريقة مع قناعة وعفاف وصلاح الظاهر، توفي لليلة بقيت من ربيع الأول

سنة ثمان وتسعين وتسعمائة وله خمس وخمسون سنة، كما في أخبار الأصفياء.

الشيخ بدر الدين الملتاني

الشيخ العالم الصالح بدر الدين بن محمد بن إبراهيم بن فتح الله الربيعي الإسماعيلي الملتاني

ثم البيدري، أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بأحمد آباد بيدر، وأخذ العلم والطريقة عن

والده، وتصدر للتدريس ببلدته، وكان إبراهيم قطب شاه يعتقد فضله وكماله، يستقدمه إلى

كولكنده ويقربه إليه ويتبرك به مع صلابته في التشيع، مات لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة

ثمانين وتسعمائة.

مولانا بدر الدين السرهندي

الشيخ الفاضل بدر الدين الحنفي السرهندي، أحد المشايخ المشهورين، في زمانه، أخذ

الطريقة عن الشيخ يحيى السنديلوي، وأخذ عنه أمان الله السرهندي ومولانا مير علي

كنبو وخلق آخرون، ذكره محمد بن الحسن في كلزار أبرار.

ص: 316

الشيخ بدهن المندسوري

الشيخ العالم الصالح بدهن بن بخشو المندسوري، أحد المشايخ المشهورين في زمانه، كان

أكبر أبناء والده وأوفرهم في العلم والعمل والاستقامة على الطريقة والصلاح، ذكره محمد بن

الحسن في كلزار أبرار.

الشيخ بدهن المنيري

الشيخ العالم الصالح بدهن بن ركن الدين البلخي المنيري، أحد المشايخ المشهورين في

الطريقة الفردوسية، أخذ عن الشيخ محمد بن إبراهيم البلخي البهاري، وأخذ عنه ولده

قطب وخلق آخرون، لعله مات سنة سبع وأربعين وتسعمائة أو ما يقرب ذلك.

الشيخ بدهن الأجونوي

الشيخ الكبير بدهن- بضم الموحدة وتشديد الدال الهندية- الجشتي الأجونوي، أحد

المشايخ المشهورين في الهند، أخذ العلم والطريقة عن الشيخ محمد بن عيسى الجونبوري

وتولى الشياخة بعده، وكان صاحب خوارق عظيمة، ذكره عبد الرحمن الدينتهوي في مرآة

الأسرار.

برهان نظام شاه الأحمد نكري

الأمير الكبير برهان بن أحمد بن الحسن البحري الأحمد نكري برهان نظام شاه ملك أحمد

نكر، قام بالملك بعد والده سنة أربع عشرة وتسعمائة وله سبع سنين من عمره، وأخذ

مكمل خان الدكني الحل والعقد بيده وبذل جهده في تربية برهان وتعليمه، فاشتغل بالعلم

وقرأ الكافية والمتوسط ومهر في النسخ وله عشر سنين، فلما ترعرع وشد أزره بالشباب

تولى المملكة بنفسه، وتشيع وبالغ في ذلك، حتى إنه أمر الناس أن يسبوا الخلفاء الثلاثة في

المساجد والخوانق والأسواق والشوارع، وجعل الأرزاق السنية للسابين من خزانته، وقتل

وأسر خلقاً كثيراً من أهل السنة والجماعة، وسبب ذلك على ما ذكره محمد قاسم في

تاريخه: أن الشيخ طاهر بن رضى الإسماعيلي القزويني لما أمر بقتله إسماعيل بن الحيدر

الصوفي سلطان الفرس خرج من بلاده وقدم الهند وأقام بقلعة برينده من قلاع الدكن عند

خواجه جهان الدكني، فلما سمع برهان شاه قدومه إلى بلاده إشتاق إليه واستقدمه إلى

أحمد نكر سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، وبنى له مدرسة داخل القلعة فكان يدرس بها

يومين من كل أسبوع، ويحضر العلماء كلهم في دروسه ويحضر برهان شاه أيضاً لميله إلى

العلم ويجلس عنده إلى آخر البحث، حتى إنه كان يحقن الماء في البطن ولا يخرج من ذلك

المجلس لقضاء الحاجة، وقد اتفق في ذلك الزمان أن ولده عبد القادر ابتلي بمرض عسير

عجز الأطباء عنه واستيأس الناس من حياته وكان برهان شاه يبذل النقود والجواهر

والأموال الطائلة فيه، فبشره الشيخ طاهر ذات يوم بشفائه وعهد إليه أن يخطب للائمة

والجمع والأعياد ويروج مذهبهم في بلاده، فعاهده برهان شاه، ورأى في تلك الليلة كأن

رجلاً يقدم عليه وستة رجال معه في جانبه الأيمن وستة كذلك في جانبه الأيسر وقيل له: إن

القادم هو سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه الأئمة من أهل بيته،

فسلم عليه برهان شاه، فقال له الرجل القادم: إن الله سبحانه قد شفى ولدك فعليك أن

تجتهد فيما أشار إليه ولدي طاهر، ثم انتبه برهان شاه من نومه فرأى أن ولده قد شفاه الله

سبحانه في تلك الليلة فتلقن من الطاهر مذهب الإمامية من الولاء والبراء وتشيع وتشيع

أهل بيته وخدمه نحو ثلاثة آلاف، وصارا الطاهر مقضي المرام في ترويج مذهبه بأرض

الدكن، انتهى ما ذكره محمد قاسم الشيعي البيجابوري، وكان من ندمائه الشيخ شاه محمد

النيسابوري وملا علي كل الاستر آبادي وملا رستم الجرجاني وملا علي المازندراني وأيوب

أبو البركة وملا عزيز الله الكيلاني وملا محمد إمامي الاسترآبادي والسيد حسن المدني،

توفي سنة إحدى وستين وتسعمائة ببلدة أحمد نكر فدفن عند والده.

الشيخ برهان الدين الكالبوي

الشيخ الصالح الفقيه برهان الدين بن تاج الدين الأنصاري الكالبوي، أحد كبار المشايخ،

قرأ العلم على الشيخ عبد الملك بن إبراهيم الكالبوي ولازمه مدة من الزمان، ثم اعتزل

الناس في بيته فلم يخرج منه إلى أن توفي إلى الله سبحانه ودفن فيه، ذكره محمد بن الحسن

في كلزار أبرار.

ص: 317

وقال البدايوني في تاريخه: إنه أخذ عن الشيخ إله داد الذي أخذ عن السيد محمد بن

يوسف الجونبوري المتمهدي المشهور بواسطة واحدة، وكان بارعاً في التفسير، مات سنة

سبعين وتسعمائة، وقال التميمي في أخبار الأصفياء: إنه توفي سنة خمس وسبعين

وتسعمائة، والله أعلم.

القاضي برهان الدين الكجراتي

الشيخ العالم المحدث الفقيه القاضي برهان الدين النهروالي الكجراتي، أحد الأساتذة

المشهورين، منه انتشرت العلوم ابتداء بكجرات، وكان من نسل الإمام شهاب الدين

الكجراتي، درس وأفاد مدة عمره، وأخذ عنه خلق لا يحصون بحد وعد، قال الآصفي في

ظفر الواله: هو ووالدي وأخو المخدوم إسحاق جده أبناء عم وكان آهلاً، توفي بنهرواله

سنة.... وتسعمائة.

الشيخ برهان الدين الكجراتي

الشيخ العالم الصالح برهان الدين الحنفي الصوفي الكجراتي، أحد المشايخ الشطارية، ولد

ونشأ بأحمد آباد، وقرأ العلم بها على أساتذة عصره، ثم لازم الشيخ صدر الدين محمد

البرودوي وسافر معه إلى كواليار سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة، ورجع معه إلى مندو فسكن

بها، قرأ عليه محمد بن الحسن المندوي النحو والعربية بمندو، ولما قدم مالوه ضياء الله بن

محمد غوث الكواليري سار إليه وسافر معه إلى أجمير سنة خمس وثمانين وتسعمائة فمات

بها، كما في كلزار أبرار.

مولانا برهان الدين الملتاني

الشيخ الفاضل برهان الدين الحنفي الملتاني، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، كان يدرس ويفيد ببلدة حصار، سافر إليه الشيخ عبد الله ابن بهلول السنديلوي

ثم الكجراتي وقرأ عليه بعض كتب العربية والتفسير وسافر معه إلى كجرات، كما في كلزار

أبرار.

الشيخ بلال المحدث السندي

الشيخ العالم الكبير المحدث بلال التلهتي السندي، أحد العلماء المبرزين في الحديث

والتفسير، لم يزل مشتغلاً بالدرس والإفادة، وكان غاية في الزهد والورع والإستقامة على

الشريعة المطهرة والعمل بالكتاب والسنة، يذكر له كشوف وكرامات، توفي سنة تسع

وتسعمائة، ذكره محمد معصوم بن الصفائي الترمذي في تاريخ السند.

بهادر شاه الكجراتي

الشيخ المؤيد المظفر بهادر شاه بن مظفر شاه بن محمود شاه الكبير الكجراتي السلطان

المجاهد، فأقام بالملك بعد أخويه سكندر ومحمود يوم عيد الفطر سنة اثنتين وثلاثين

وتسعمائة، وأحسن إلى الناس، وساس الأمور سياسة حسنة، وسار بعساكره العظيمة إلى

باكر ثم إلى جتور وأذعن له صاحبها بالطاعة، ثم سار إلى مندو فقاتل أهلها وأسر محمود

شاه الخلجي سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، ثم بعث عساكره إلى أجين وسارنكبور وفتحهما،

ثم سار إلى بهلسة وملكها، ثم نزل على حصن رائسين وكان من أمنع الحصون ففتحه

عنوة، وفتح كاكرون وكانور وهوشنك آباد وإسلام آباد ومندسور، كل ذلك في تلك السنة،

وتوجه إلى جتور سنة تسع وثلاثين وسلط رومي خان عليه، فعملت مدافعه ما لا يطيقه

من في القلعة، فأذعن له صاحبها بالطاعة على أن يكون لبهادر شاه ما تغلب عليه رانا

سانكا من أعمال الخلجي وأهدى إليه ما ظفر به في حرب علاء الدين الخلجي من التاج

والحياضة والقلادة وغيرها، فرجع إلى بلاده وسار إلى رنتهنبور، وتوالى وصول العسكر من

كل جانب فشن الغارة على نواحيها وضيق أهل القلعة بالحصار وفتحها عنوة، وسار إلى

جتور مرة ثانية سنة إحدى وأربعين وفتحها عنوة، ثم توجه إلى مندو، وكان همايون شاه

التيموري عازماً إليه لقتاله فلقيه بمندسور وخانه رومي خان فانهزم إلى مندو ثم إلى

كجرات، فسار همايون شاه إلى كجرات وقاتله قتالاً شديداً فانهزم منه سنة اثنتين وأربعين

وخرج إلى ديو فتحصن بها، وقيل في تاريخ فراره إلى ديو ذل بهادر ويعز على الخبير

بشجاعته وإقدامه أن

ص: 318

يرتضي الذل لتاريخه، وكان في جمع أمض من السيف وأوثب من ليث

وأصدم من سيل وأرسى من جبل لنه عثر به الإقبال، وعثرته لا تقال:

ولكل مدة تنقضي ما غلب الأيام إلا من رضى

ثم خرج على همايون شاه السوري، فخلف بكجرات نوابه ورجع إلى آكره في تلك السنة،

فبعث بهادر شاه رجاله إلى بلاده فاستولوا على نوساري وبهروج وسورت وكنباية وانتشر

عمال بهادر شاه في أعمالهم من الولاية وهرب عمال همايون شاه إلى أحمد آباد، فسار

بهادر شاه إلى أحمد آباد وملكها، ثم سار إلى جانبانير وفتحها ودخل في ملكه ما كان قبل

ذلك ما سوى مندو، ثم استولى على مالوه قادر شاه وخطب لبهادر شاه في مندو، ووسل

إلى بهادر شاه أن بيزري الفرنكي دخل ديو وقبض عليها فسار بعساكره إلى ديو ليدفعه

عنها، فلما وصل إلى ساحل البحر خدعه البيزري وأرسل إليه أنه جاء ليهنئه بالفتح ومنعه

ضعف يجده من النزول إليه، فأجاب بهادر شاه بأنه سيطلع إليه فلا يتكلف الحركة

واستدعى الغراب فمنعه أصحاب الرأي، فأبى بلوغ الأجل إلا أن يطلع إليه بجماعة

مخصوصة، فدخل بغرابه وطلع كليون بزري وهو متمارض لا يتحرك من مكانه وكان كالنائم

إلى أن جلس السلطان عنده وهو متقلد سيفه، فاستيقظ بزري وقام السلطان من مجلسه،

فسأله بزري وقفة يعرض فيها هديته فلم يقف ونزل في الغراب، فأشار بزري إلى أغربته

فاجتمعت عليه وأحرقت النفط وهاج البحر وماج، ولكن السلطان مع هول الموقف ثبت

يحاب بمن معه إلى أن تمكن سنان الرمح من صدره فسقط في البحر شهيداً، اه. من ظفر

الواله باختصار.

ويحسن الاستشهاد بما رثى به العماد الكاتب سلطانه نور الدين الشهيد:

يا ملكاً أيامه لم تزل بفضه فاضلة فاخرة

ملكت دنياك وخلفتنا وسرت حتى تملك الآخرة

وكان رحمه الله سلطاناً محساناً شجاعاً متهوراً فتاكاً جواداً، لم يكن في أهله أعظم هم منه

ولا أوسع صدراً، يميل إلى الطرب ويجالس ولا يتحاشى الهزل ولا يجزع منه، واتسع ملكه

فكانت الخطبة له بكجرات والدكن وبرهانبور ومندو وأجمير وجانور وناكور وجوناكزه

وكهنكهوت ورائسين ورنتهنبور وجتور وكالبي وبكلانه وايدر ورادهنبور وأجين وميوات

وسيوانس وآبو ومندسور، وآخر ما خطب له ببيانه في ناحية أكبر آباد، وكان ذلك في

حادثة تارتار خان بن عالم خان اللودي، وكانت التنكة في أيامه عبارة عن أحد وعشرين

دكره، وكان لا يجري على لسانه في العطايا أقل من لك تنكة، فاجتمع الوزراء على تغيير

تلك التنكة.

قتل سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة، فأرخ بعضهم بعام وفاته قتل سلطاننا بهادر، وقال

بعضهم فرنكيان بهادر كش.

الشيخ بهاء الدين الأنصاري الجنيدي

الشيخ العالم الكبير بهاء الدين بن إبراهيم بن عطاء الله الأنصاري الشطاري الجنيدي،

أحد المشايخ المشهورين في الهند، ولد ونشأ ببلدة جنيد- بفتح الجيم وسكون التحتية

والنون المختفية كانت بلدة من أعمال سرهند- وقرأ العلم وتفقه وبرع في العربية والأصول،

وصحب المشايخ وسافر إلى البلاد، ثم وفقه الله سبحانه بالحج والزيارة فسعد بها وأخذ

الطريقة القادرية عن الشيخ أحمد الشريف الجيلاني الشافعي في الحرم المحترم، ورجع إلى

الهند ودخل مندو في عهد غياث الدين الخلجي صاحب مالوه فلبث بها برهة من الدهر،

ثم سافر إلى أحمد آباد بيدر.

وله رسالة في الأذكار والأشغال صنفها للشيخ إبراهيم بن معين الأيرجي، توفي سنة إحدى

وعشرين وتسعمائة وقبره بدولة آباد كما في أخبار الأخيار.

ص: 319

الشيخ بهاء الدين العمري الجونبوري

الشيخ العالم الفقيه المحدث بهاء الدين بن خلق الله بن المبارك بن أحمد بن أبي الخير بن

نصر الله بن محمود بن محمد بن الشيخ حميد الدين العمري الناكوري ثم الجونبوري، كان من

المشايخ المشهورين في الطريقة الجشتية، ولد ونشأ ببلدة جونبور، وقرأ العلم على الشيخ

محمد بن عيسى الجونبوري وأقبل على العلوم العالية إقبالاً كلياً، وأخذ الطريقة عن الشيخ

حامد شه المانكبوري.

وقال الشيخ غلام رشيد في كنج أرشدي: إنه صحب الشيخ حسين البالادستي سبع

سنوات بجونبور، وبعد ما سافر الحسين إلى بالادست صحب الشيخ محمد بن عيسى

الجونبوري، ولازمه سبعاً وعشرين حجة، ثم أخذ عن الشيخ حامد شه المانكبوري ولازمه

تسع سنين وأخذ عن غيره من المشايخ، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين وأقام بمكة المباركة

ثلاثين سنة ولازم الإنزواء بجبل أبي قبيس ينزل منه في أوقات الصلوات ويصلي في المسجد

الحرام وعمره جاوز مائة سنة، ولكنه ما مست له الحاجة إلى استعمال المنظرة، وكان أخذ

الحديث بمكة المباركة وله سند عال، وأخذ الطريقة النقشبندية عن الشيخ كمال الدين

إسماعيل الشرواني وصحبه مدة وهو ممن أخذ عنه الشيخ الكبير عبيد الله الأحرار،

وكان يشتغل بمطالعة كتب الحديث ليلاً ونهاراً، ومن مصنفاته إرشاد السالكين كتاب مفيد

في بابه، انتهى.

توفي لأربع بقين من رمضان، وقيل لأربع عشرة خلون من جمادى الأولى سنة إحدى عشرة

وتسعمائة، كما في البحر الزخار.

الشيخ بهاء الدين الكوزوي

الشيخ الصالح بهاء الدين بن سالار الحنفي الكوزوي، كان من كبار المشايخ، ولد ونشأ

بكوزه- بلدة فيما بين كانبور وفتحبور- وكان من أهل بيت العلم والصلاح، أخذ عن أبيه

وتولى الشياخة بعده، وأخذ عنه خلق كثير.

المفتي بهاء الدين الأكبر آبادي

الشيخ العالم المعمر بهاء الدين بن شمس الدين القرشي الملتاني، كان من ذرية الشيخ الكبير

بهاء الدين زكريا الملتاني، ولد ونشأ بالملتان واشتغل بالعلم على من بها من العلماء وجد في

البحث والإشتغال حتى برع في العلم وتأهل للفتوى والتدريس، ثم خرج من بلدة الملتان في

فترات السلطان حسين البهكري فدخل آكره وولي الإفتاء بها، وكان ذا سخاء وإيثار

واستقامة على الطريقة الظاهرة والصلاح، وكان لا يألو جهداً في خدمة المحاويج يشفع لهم

ويسعى في إنجاح حوائجهم، ذكره البدايوني.

وكانت وفاته في نصف شوال سنة ثمان وسبعين وتسعمائة، كما في أخبار الأصفياء.

الشيخ بهاء الدين القلندر الكيلاني

الشيخ المعمر بهاء الدين بن محمود بن العلا الكيلاني المشهور بالقلندر القادري، كان من

نسل الشيخ عبد القادر الكيلاني، ولد ونشأ ببغداد، وقدم الهند في صغر سنه مع أبيه

وسكن بمدينة بدايون، ولما توفي والده خرج من تلك البلدة وسافر إلى البلاد ودار البوادي

والعمران عمراً طويلاً ثم دخل بنجاب وسكن بحجرة شاه، قيل إن عمره جاوز خمسين

ومائتي سنة والله أعلم، توفي سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة في عهد أكبر شاه، وقد أرخ لعام

وفاته بعض أصحابه عبد القادر ثاني، كما في خزينة الأصفياء.

الشيخ بهاء الدين الكجراتي

الشيخ الصالح الفقيه بهاء الدين بن معز الدين بن علاء الدين بن شهاب الدين الخطابي

الكجراتي، كان من ذرية نفيل بن الخطاب القرشي صنو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين

رضي الله عنه، ولد بأحمد آباد ونشأ بها، ولازم الشيخ رحمة الله ابن عزيز الله المتوكل

الكجراتي في الرابع عشر من سنه فلازمه إحدى وعشرين سنة وأخذ عنه الطريقة، ثم

سافر إلى البلاد وصرف عمراً طويلاً في السياحة، ثم رجع إلى الهند، وأقام بكجرات ثمانية

أعوام، ثم ذهب إلى برهانبور وأسس بها خانقاهاً وجامعاً كبيراً وبها مكث مدة حياته،

ص: 320

بايعه الشيخ علي بن حسام الدين المتقي المكي في صباه، وكان اسمه على أفواه الناس

باجن وهو مشهور بذلك الاسم حتى اليوم، مات في سنة اثنى عشرة وتسعمائة، كما في بحر

زخار.

الحكيم بهوه خان الأكبر آبادي

الشيخ الفاضل بهوه خان بن خواص خان الحكيم الأكبر آبادي، كان من العلماء المبرزين

في صناعة الطب، قربه سكندر شاه اللودي إلى نفسه وجعله الحاجب الخاص ثم استوزره

وخصه بمزيد القرب إليه، وكان يعتمد عليه في مهمات الأمور، ولما مات سكندر شاه توهم

منه ابنه إبراهيم شاه اللودي وقبض عليه سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ثم فوضه إلى آدم

فمات في حبسه.

وله معدن الشفاء كتاب في مجلد ضخم، صنفه سنة ثمان عشرة وتسعمائة بأمر سكندر

شاه المذكور، لخص فيه أبواب الطب الفارسي من كتب عديدة لأحبار الهنود لغة

سنسكرت نحو سرت وجوك ورس رتناكر وسارنك دهر ومادهو بدان وجنتامن وبنك

سين وجكردت وكتيدت وما كبت ويوكرت وبهوج وبهيد وغيرها، وهذا الكتاب متداول في

أيدي الناس.

بيرم خان خان خانان

الأمير الكبير صاحب السيف والقلم، والشهامة والكرم، بيرم بن سيف علي بن يار علي

بن شير علي التركماني البلخي، كان من قبيلة قراقو ئيلو، ولد بغزنة، وكان والده والياً بها

من قبل بابر شاه التيموري وتوفي بها في صغر سنه فنقلوه إلى بلخ ونشأ بها، ودخل في رجال

همايون شاه التيموري في أيام ولاية العهد فخدمه مدة، ورأى بابر شاه في وجهه علائم

السعادة فألحقه بخدمه، فخدمه إلى أن توفي بابر شاه وتولى المملكة ولده همايون شاه

المذكور، فخدمه مدة وتقرب إليه حتى صار معتمداً له في مهمات الأمور، ولما غلب عليه

شير شاه السوري سنة ست وأربعين وتسعمائة وهزم همايون شاه في جوسه ثم في قنوج

وأخرجه إلى بلاد السند ذهب بيرم خان إلى بلدة سنبهل فوقع في يد نصير خان فشفع له

عند شير شاه فلبث عنده زماناً ثم فر إلى كجرات ثم إلى أرض السند فلحق بهمايون شاه

في سابع محرم سنة خمسين وتسعمائة وحرضه على السفر إلى إيران وسار معه، ثم رجع إلى

أرض الهند وفتح قندهار وناب الحكم فيا مدة ثم لحق بهمايون شاه في مدينة بشاور وفتح

الهند فلقبه همايون شاه بخان خانان ومعناه أمير الأمراء، وأقطعه أرض سنبهل ثم ولاية

سرهند.

ولما توفي همايون شاه أجلس على سرير الملك ولده أكبر شاه وكان صغير السن فناب عنه

وصار الحل والعقد بيده. ولما بلغ أكبر شاه سن الرشد واستقل بالملك سنة سبع وستين

وتسعمائة وقع بينه وبين السلطان خطوب كانت سبباً لخروجه عليه، فاستعد له السلطان

وجمع العساكر وأرسل أحد أمراء أجناده وهو شمس الدين محمد اتكه خان بمعظم

جيوشه من خيل ورجل، فلما تراأى الجمعان وهو يقدم ولا ينثني ويحث من بين يديه على

المصابرة والاقدام حتى وصل إلى نحر العدو وضايقوهم غاية المضائقة، ثم خرج بيرم خان

من معسكره ودخل في معسكر السلطان واستعفاه، فرخصه السلطان إلى الحجاز، فلما

وصل إلى بلدة فتن من أرض كجرات قتله بعض الأفغان، فدفنوه في مقبرة الشيخ حسام

الدين الملتاني ثم نقلوا عظامه إلى دهلي ثم إلى مشهد الرضا.

وكان أكبر قواد الدولة التيمورية، لم يكن له نظير في الشجاعة والكرم، وجعل إليه همايون

شاه ثم ولده أكبر شاه الإشراف على الديوان واستنابه في الحضور مع الحكام عند فصل

الخصام، وجعل إليه ولاية بعض البلاد، وله من كمال الرئاسة، وحسن مسلك السياسة،

والمهابة والصرامة، والفطنة بدقائق الأمور، والإطلاع على أحوال الجمهور وجودة التدبير،

والخبرة بالخفي والجلي ما لا يمكن وصفه، مع النقاوة التامة والشهامة الكاملة، وبعد الهمة

وكثرة المعرفة للأدب ومطالعة كتبه، والإشراف على كتب التاريخ، ومحبة أهل الفضائل

وكراهة أرباب الرذائل والنزاهة والصيانة، والميل إلى معالي الأمور، وكان شاعراً مجيد الشعر

بالفارسية والتركية، ومن شعره قوله:

شهي كه بكذرد از نه سبهر افسر او اكر غلام على نيست خاك بر سر او

ص: 321

قتل في سنة خمس وثمانين وتسعمائة، فأرخ لعام وفاته بعض العلماء شهيد شد محمد بيرام.

الشيخ بياره بن كبير المندوي

الشيخ بياره بن كبير بن محمود الجشتي المندوي، أحد فحول العلماء، ولد ونشأ بلكهنؤ،

وأخذ عن الشيخ فخر الدين الحامد الجشتي النهروالي وسافر إلى الحجاز سبع مرات، وفي

المرة السابعة استصحب أمه فحج وزار ورجع إلى الهند وسكن بمندو ودرس وأفاد بها

خمسين سنة.

توفي في شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة بمندو، كما في كلزار أبرار.

الشيخ بير محمد الكجراتي

الشيخ الصالح الفقيه بير محمد بن الجلال بن عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم بن جعفر

بن الجلال بن محمود بن عبد الله بن عبد الحميد بن عبد الرحمن ابن عثمان بن مصعب بن

أبان بن عامر بن سعد بن أبي وقاص الصحابي أحد العشرة المبشرة له بالجنة رضي الله

عنه، كان من المشايخ الشطارية، ولد ونشأ بجانبلنير من أعمال كجرات، وقرأ العلم على

أساتذة عصره، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وجمع إلى الهند، وأخذ الطريقة

عن الشيخ حمد غوث الكواليري ولازمه مدة وتولى الشياخة بعده، وله الأوراد الغوثية كتاب

في الأذكار، ولصاحبه فتح الله بن محمود الشطاري الكشميري مونس الطالبين كتاب في

ملفوظاته، كما في الحديقة الأحمدية، مات سنة تسع وستين وتسعمائة، ذكره عبد الجبار

الآصفي في تاريخ الدكن.

مولانا بير محمد الأحمد نكري

الشيخ الفاضل بير محمد الحنفي الشرواني الأحمد نكري، أحد كبار العلماء، قرأ عليه

برهان نظام شاه ملك أحمد نكر وقربه إليه، فصار مرزوق القبول في تلك البلدة، ثم اتفق أنه

ذهب إلى قلعة برينده من قلاع الدكن، بعثه برهان نظام شاه بالرسالة إلى خواجه جهان

الدكني، فلقى بها طاهر بن رضى الحسيني الإسماعيلي فقرأ عليه المجسطي، واستفاد منه

سنة كاملة ثم رجع إلى أحمد نكر، وذكره عند برهان نظام شاه، فاستقدمه الملك وقربه إليه

وتلقن منه مذهب الشيعة، وتشيع معه ثلاثة آلاف من أهل بيته وخدمه، وخطب على

المنابر للائمة الاثنى عشر ولعن الخلفاء الثلاثة، فهاجت الفتنة العظيمة بأحمد نكر، واجتمع

الناس على بير محمد وكانوا اثنى عشر ألفاً رجالاً وفرساناً، فهجموا على برهان نظام شاه،

ثم اعتزل عنه جمع كثير وبقيت معه فئة قليلة، فانهزم وتحصن في بيته فأخذوه وحبسوه في

قلعة، فلبث في السجن أربعة أعوام ثم أطلقه برهان نظام شاه، وكان ذلك بعد سنة ثمان

وعشرين وتسعمائة، ذكره محمد قاسم في تاريخه.

مولانا بير محمد الشرواني

الشيخ الفاضل بير محمد الحنفي الشرواني، أحد كبار العلماء، لقبه ناصر الملك، ولد ونشأ

بخراسان وقدم الهند فتقرب إلى بيرم خان، فأحسن إليه رباه حتى تدرج إلى الإمارة، وصار

المرجع والمقصد في كل باب من أبواب الدولة، فكان الناس حوله يدورون وفي كل أمر إليه

ينظرون، فأخذه البطر والدالة حتى أنه فعل ذات يوم بمحسنه بيرم خان ما لا يليق به،

فسلب عنه بيرم خان رداء الكبر وأخرجه إلى قلعة بيناه وأمر بحبسه سنة خمس وستين

وتسعمائة، فلبث بها زماناً وبعث إلى بيرم خان رسالة له في إثبات برهان التمانع من قوله

تعالى: "لو كان فيها آلهة إلا الله لفسدتا" وصدر الرسالة باسمه وتوسل بها لخلاصه عن

السجن، فلم يلتفت إليه بيرم خان وأمر بإخراجه إلى الحرمين الشريفين بعد مدة من الزمان،

فبينما هو قاصد إلى كجرات وقعت بين السلطان ووكيله بيرم خان وحشة لا نطيل الكلام

بشرح تلك القصة وقد سبقت الإشارة إليها، فلما سمع بير محمد أن بيرم خان خرج من

الحضرة رجع إلى دهلي فبعثه السلطان لتعاقبه، فجد في السير ورضي عنه السلطان فلقبه

بناصر الملك وولاه على بلاد مالوه، فنهض إلى برهانبور وفتح قلعة بيجاكده ثم صار إلى

خانديس فاستأصلها، ولما رجع إلى مستقره غرق في ماء نربده، وكان ذلك في سنة تسع

ص: 322

وستين وتسعمائة، ذكره البدايوني في تاريخه.

حرف التاء

الشيخ تاج الدين المندوي

الشيخ الصالح الفقيه تاج الدين يوسف بن كمال الدين القرشي الرنتهنبوري ثم المندوي

المالوي، أحد المشايخ المعروفين بالعلم والصلاح، ولد سنة خمس وثمانين وثمانمائة برنتهنبور

ونشأ بها، ثم سافر إلى مندو، فأكرمه ناصر الدين شاه الخلجي وزوجه براحة الحياة،

فطابت له الإقامة بها، ورزق منها محمد بن يوسف البرهانبوري، وكان مغلوب الحالة، مات

سنة خمسين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

مولانا تقي الدين البندوي

الوزير الكبير تقي الدين بن عين الدين البندوي الفقيه المحدث، كان لقبه من قبل السلطان

مبارك ملا، ولقب أبيه مجلس مختار، ولقب جده مجلس سرور، وهو وزر مدة طويلة في

عهد نصرت شاه وأبيه الحسين الشريف المكي في بلاد بنكاله، وله أبنية عالية في تلك

البلاد، منها مسجد كبير في بلدة سناركانون عند مقبرة الشيخ إبراهيم الفاضل، بناه سنة

تسع وعشرين وتسعمائة وآثاره باقية إلى الآن.

حرف الجيم

الشيخ جعفر بن ميران السندي

الشيخ العالم الكبير جعفر بن ميران البوبكاني السندي، أحد الفقهاء المشهورين في بلاده،

ولد ببلدة بوبك من بلاد سيوستان، وكان والده ممن قرأ عليه الشيخ طاهر بن يوسف

السندي البرهانبوري، وكان من أهل بيت العلماء والمشايخ، ويذكر أن جعفراً أتلف في آخر

عمره كتب المنطق واقتصر على مطالعة إحياء العلوم وعوارف المعارف وفصل الخطاب

وأمثالها.

الشيخ جلال الدين الإسماعيلي الكجراتي

الشيخ الفاضل جلال الدين بن الحسن الإسماعيلي الهندي الكجراتي، أحد دعاة المذهب

الإسماعيلي بأرض الهند، ذكره سيف الدين عبد العلى الكجراتي في المجالس السيفية

وقال: إنه سار إلى بلاد اليمن وأخذ علم التنزيل والتأويل عن الشيخ عماد الدين إدريس بن

الحسن اليماني ورجع إلى الهند، ولما مات يوسف بن سليمان الكجراتي تولى الدعوة بعده

بوصيته إليه، ونص الجلال بعده لداود بن عجب شاه، كما في سلك الجواهر.

الشيخ جلال الدين الأكبر آبادي

الشيخ العالم الصالح جلال الدين بن صدر الدين الحسيني الأكبر آبادي، كان من كبار

المشايخ وبيته مشهور بالعلم والدين واختيار الفقر والتقلل من الدنيا، كان معتزلاً عن الناس

لا يرى إلا في بيته أو في المسجد مع انقطاعه إلى الزهد والعبادة والإشتغال بالله سبحانه

ودعاء الخلق، وكان يحترز عن مصاحبة الأغنياء كل الإحتراز، ولد في سنة سبع وتسعين

وثمانمائة في بلدة أوده ونشأ بها، وأخذ عن الشيخ راجي نور بن الحامد الحسيني

المانكبوري، وخدم الملوك والأمراء مدة من الزمان، ثم ترك الخدمة ودخل سرهر بور قرية

من أعمال جونبور، ولازم الشيخ إله داد أحمد شريف الجونبوري أربعة أعوام وأخذ عنه،

ثم دخل آكره وسكن بها، أخذ عنه ولده بدر الدين وخلق كثير من المشايخ، مات يوم

النحر سنة تسع وستين وتسعمائة بأكبر آباد فدفن بها، ذكره محمد بن الحسن في كتابه كلزار

أبرار.

الشيخ جلال الدين الأكبر آبادي

الشيخ العالم الكبير جلال الدين بن عبد الله بن يوسف الأكبر آبادي، أحد العلماء

المشهورين في عصره، ولد سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وحفظ القرآن الكريم، واشتغل

بالعلم على والده وأخذ عنه النحو والعربية وتفقه عليه، وأخذ المنطق والحكمة عن

العلامة أبي البقاء بن عبد الباقي الخراساني، وتصدر للتدريس وهو دون العشرين، أخذ

عنه القاضي جلال الدين الملتاني، والشيخ أفضل محمد الأنصاري والشيخ بدر الدين بن

الجلال الحسيني وخلق كثير، مات لأربع عشرة بقين من ذي القعدة سنة إحدى وستين

وتسعمائة بأكبر آباد، ذكره التميمي في أخبار الأصفياء.

ص: 323

الشيخ جلال الدين الدهلوي

الشيخ الفاضل جلال الدين بن فضل الله الدهلوي الشاعر المشهور المتلقب في الشعر

بالجمالي، ولد ونشأ بدار الملك، وقرأ العلم ثم أخذ الطريقة عن الشيخ سماء الدين الملتاني

وصحبه مدة طويلة، ثم سافر إلى بغداد ودمشق وشيراز وهرات ومصر القاهرة وأندلس

من أرض المغرب ويزد وأردستان وخراسان والجيل وغيرها من البلاد، ولقى بها أئمة العصر

كالشيخ جلال الدين محمد بن أسعد الدواني والشيخ نور الدين عبد الرحمن الجامي والشيخ

عبد الغفور اللاري ومحمد الحنفي وأحمد الأندلسي ونظام الدين محمود الشيرازي، ورحل

إلى الحجاز فحج وزار وأخذ الحديث عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي

المكي، ثم رجع إلى الهند واعتزل في بيته عن الناس وانقطع إلى الزند والعبادة، وكان همايون

شاه التيموري يعتقد فيه الدين والصلاح وعرض عليه الصدارة فلم يقبلها، ذكره البدايوني،

وله ديوان شعر بالفارسية، ومهر وماه مزدوجة له، ومرآة المعاني، وكتابه سير العارفين في

أخبار المشايخ، ومن شعره قوله:

ما را زخاك كويت بيراهن اس برتن آن هم زآب ديده صد جاك تا بدامن

توفي لعشرة ليال خلون من ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة.

الشيخ جلال الدين التهانيسري

الشيخ الصالح المعمر جلال الدين محمود العمري التهانيسري، أحد كبار المشايخ، حفظ

القرآن واشتغل بالعلم، وجد في البحث والإشتغال حتى صار أبدع أبناء العصر، ثم درس

وأفاد زماناً طويلاً وأفتى وصنف وخرج، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ عبد القدوس

الكنكوهي وتولى الشياخة بأمره، وانقطع إلى الزهد والعبادة، وعاش ثلاثاً وتسعين سنة

وقد أهزلته الرياضة الشديدة، يضحى مستلقياً معتمداً ويعتمد على الوسادة، ولا يسمع

الأذان إلا سرت في جسمه القوة فيقوم ويصلي بتعديل الأركان.

وله إرشاد اللطائف كتاب مفيد في السلوك، قال فيه: إن العشاق لا يتوقفون على الكشف

والكرامة ولا يتقيدون بشيء من الأشياء، ولكنهم يعتنون بالعبادة والزهد والتقوى

والرياضة، ولا يجرونها بل يهلكون أنفسهم ويموتون قبل أن يموتوا، وقال فيه: إن أكثر مدعى

السلوك وجهال الصوفية يضلون عن الطريق في ذلك، نعوذ بالله منه، ومما يؤيده ما روى عن

السلف الصالحين رضي الله عنهم أجمعين: إنما حرموا الوصول لتضييعهم الأصول، والأصول

رعاية الشريعة والطريقة، وما قيل: إن تلاوة القرآن والإشتغال بالعلوم الشرعية أمور حسنة

لكن شأن الطالب شأن آخر، فالمراد منه النوافل الزائدة، لأن شأن الطالب بعد أداء

الفرائض والسنن الرواتب منحصر في شغل الباطن لا بكثرة النوافل وأعمال الجوارح، انتهى.

توفي لأربع عشرة خلون من ذي الحجة سنة تسع وستين، وقيل: تسع وثمانين، وتسعمائة.

الشيخ جلال الدين البرهانبوري

الشيخ الصالح جلال الدين بن نظام الدين بن نعمان الجشتي الآسيري البرهانبوري، أحد

المشايخ الجشتية، ولد ونشأ بآسير، وأخذ عن أبيه وتولى الشياخة بعده، أخذ عنه الشيخ

أبو محمد بن الخضر التميمي والشيخ جمال محمد البرهانبوري وخلق آخرون، مات غرة ربيع

الأول سنة إحدى وخمسين وتسعمائة، فدفن عند جده نعمان بآسير.

الشيخ جلال الدين البرهانبوري

الشيخ العالم الفقيه جلال الدين البرهانبوري المشهور بالمتوكل، كان من كبار المشايخ، أخذ

عن الشيخ شرف الدين بن عبد القدوس الكجراتي ثم البرهانبوري ولازمه مدة من الزمان

حتى بلغ رتبة الشياخة، أخذ عنه السيد إبراهيم البكري وخلق آخرون، مات في سنة

ثلاث، وقيل: ثمان، وثلاثين وتسعمائة.

مولانا جلال الدين التتوي

الشيخ الفاضل الكبير جلال الدين الحنفي التتوي

ص: 324

السندي، أحد العلماء المشهورين في

الهند، أخذ الطريقة عن الشيخ فريد الدين العطاري الكواليري، وولى الصدارة بأرض الهند

في عهد همايون شاه التيموري، وكان همايون قرأ عليه بعض الكتب، مات غريقاً في نهر كنك

بجوسه من أعمال بهار سنة ست وأربعين وتسعمائة.

القاضي جلال الدين الملتاني

الشيخ الفاضل الكبير القاضي جلال الدين الحنفي الملتاني، أحد كبار العلماء، ولد بمدينة

بهكر ونشأ بالملتان وسافر للعلم إلى آكره، فقرأ الكتب الدرسية على الشيخ جلال بن عبد

الله الأكبر آبادي، ذكره التميمي في أخبار الأصفياء، وقال محمد بن الحسن في كلزار أبرار:

إنه رجل إلى كجرات وقرأ على الشيخ العلامة وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي،

ثم سافر إلى آكره وأقام بها مدة في زاوية الخمول، واشتغل بالتجارة برهة من الزمان، ثم

عكف على الدرس والإفادة فدرس بأكبر آباد زماناً وظهر فضله بين العلماء فولى القضاء

الأكبر مكان القاضي كمال الدين يعقوب الكروي، فاستقل به مدة وعزل عنه، وأخرجه أكبر

شاه إلى بلاد الدكن حين أخرج العلماء من حضرته وفرقهم إلى نواح الملك، فذهب إلى

بيجابور فأكره أمير تلك الناحية، مات سنة تسع وتسعين وتسعمائة بمدينة بيجابور.

الشيخ جلال الدين البدايوني

السيد الشريف جلال الدين الحسيني البدايوني العالم المحدث، ولد ونشأ بمدينة بدايون،

وسافر إلى دهلي فقرأ المنطق والحكمة على الشيخ عبد الله بن إله داد العثماني التلنبي، ثم

سار إلى آكره وأخذ الحديث عن الشيخ رفيع الدين المحدث الصفوي الشيرازي، ثم رجع إلى

بدايون ودرس بها مدة عمره، أخذ عنه الشيخ عبد الله البدايوني والسيد محمد الأمروهوي

المير عدل وخلق آخرون، ذكره البدايوني في تاريخه المنتخب.

الشيخ جلال الدين الكالبوي

الشيخ الصالح الفقيه جلال الدين الحنفي الصوفي الكالبوي المشهور بالجلال الواصل، كان

من نسل مولانا خواجكي النحوي، أخذ الطريقة عن الشيخ محمد غوث العطاري الشطاري

صاحب الجواهر الخمسة، وغلب عليه الوجد والحالة، وكان أكبر شاه سلطان الهند يحسن

الظن به، مات في بضع وتسعين وتسعمائة ببلدة كالبي.

الشيخ جلال محمد البرهانبوري

الشيخ العالم الصالح جلال محمد الحنفي الدهولي ثم البرهانبوري، أحد المشايخ المشهورين،

ولد بدار الملك دهلي ونشأ بها، ثم سافر إلى كجرات وقرأ العلم بها على عصابة العلوم

الفاضلة، ثم دخل مندو وأخذ الطريقة عن الشيخ بهاء الدين بن إبراهيم الجنيدي وسافر

معه إلى دولت آباد، ووجهه الشيخ إلى برهانبور، فسافر ورأى سيارة قاصدة إلى الحجاز

فوافقها وذهب إلى الحرمين الشريفين سنة ثمانين وثمانمائة، فحج وزار ورجع إلى الهند

وسكن ببلدة برهانبور، وصرف عمره في نشر العلم والمعرفة.

توفي لسبع بقين من ربيع الأول سنة ثمان وعشرين وتسعمائة بمدينة برهانبور، كما في كلزار

أبرار.

الشيخ جمال بن أحمد الجنديروي

الشيخ الصالح جمال بن أحمد بن نعمة الله الملتاني الجنديروي، أحد عباد الله الصالحين،

ولد ونشأ بجنديري- بفتح الجيم المعقود والنون المختفية- وسافر مع والده إلى رائسين ثم

إلى أجين وسكن بها، وكان يدرس نزهة الأرواح وغيره من كتب القوم، وكان كثير الإحسان

إلى الناس، لا يأكل إلا ومعه غيره، وكان صاحب وجد وحالة، ولما احتضر أنشد:

برده بردار كه من عارض زيبا نكرم ورنه از آه جكر برده عالم بدرم

ثم مات، وكان ذلك لثلاث بقين من رمضان سنة سبع وثمانين وتسعمائة، ذكره محمد بن

الحسن في كتابه.

الشيخ جمال بن الحسين الكجراتي

الشيخ الصالح جمال بن الحسين بن أبي

ص: 325

المظفر بن أبي الوقت الشريف الحسني الكجراتي،

كان من نسل عبد الوهاب بن عبد القادر الكيلاني، ولد ونشأ بقرية بتهري من أعمال أحمد

نكر، وأخذ عن أبيه، وتولى الشياخة بعده بقرية بتهري، ثم استقدمه بهادر شاه الكجراتي

إلى أحمد آباد.

وكان شيخاً صالحاً عفيفاً ديناً وقوراً، يذكر له كشوف وكرامات، مات لسبع ليال بقين من

شعبان سنة إحدى وسبعين وتسعمائة بأحمد آباد فدفن بها، كما في الحديقة الأحمدية.

الشيخ جمال الدين بن محمود الكجراتي

الشيخ الصالح الفقيه جمال الدين بن محمود بن علم الدين بن سراج الدين العمري

الكجراتي، أحد المشايخ الجشتية، ولد ونشأ بكجرات، وأخذ عن أبيه وعن ابن عمه

نصير الدين بن مجد الدين الكجراتي، وسلك مسلك آبائه في الجمع بين العلم والمعرفة، له

مصنفات منها المذاكرة بالفارسية في الحقائق والمعارف، وله ديوان شعر فارسي.

توفي لتسع خلون من ربيع الأول سنة أربع، وقيل: ثمان، بعد تسعمائة، قتله كفار الهند

بأحمد آباد، كما في أنوار العارفين.

المفتي جمال الدين بن نصير الدهلوي

الشيخ الفاضل العلامة جمال الدين بن نصير الدين بن سماء الدين الحنفي الدهلوي مفتي

الأحناف بدار الملك، كان من أهل بيت العلم والصلاح، أخذ عن صنوه عبد الغفور وعن

والده ثم درس وأفاد بدهلي، أخذ عنه خلق لا يحصون بحد وعد، وكان عارفاً بدقائق

العربية، رأساً في الفقه والأصول والكلام، زاهداً متقللاً قانعاً باليسير، شريف النفس، كان لا

يتردد إلى الملوك والسلاطين، ويشتغل بالدرس والإفادة آناء الليل والنهار، له مصنفات عديدة

منها شرح العضدية وشرح أنوار الفقه وشرح مفتاح العلوم للسكاكي وفيه المحاكمة بين

شرحيه، ومن مصنفاته حاشية بسيطة على شرح الجامي على كافية ابن الحاجب، أولها:

الحمد لله المرفوع شأنه، المنصوب برهانه، المجرور سلطانه، إلخ.

توفي سنة أربع وثمانين وتسعمائة وله تسعون سنة، كما في شمس التواريخ.

مولانا جمال الدين الشيرازي

الشيخ الفاضل جمال الدين الحنفي الشيرازي، أحد العلماء المشهورين، أخذ عن الشيخ

جلال الدين محمد بن أسعد الدواني، وخرج من دياره عند خروج إسماعيل شاه الصفوي

في بلاد الفرس، فسافر إلى الحرمين الشريفين، فحج وزار وقدم الهند صحبة الشيخ رفيع

الدين المحدث والشيخ أبي الفتح، دخل كجرات ثم قدم آكره وسكن بها، له حاشية على

الحاشية القديمة للدواني، مات في بضع وتسعين وتسعمائة، كما في محبوب الألباب

الشيخ جمال الدين البرهانبوري

الشيخ العالم الصالح جمال الدين البرهانبوري المحدث المدرس، كان يدرس بمسجد الشيخ

إبراهيم البهكري بمدينة برهانبور، ولما دخل الشيخ طيب بن يوسف السندي المحدث

بمدينة برهانبور وأقام بسندي بوره على مسافة ميل من مسجد الشيخ إبراهيم اغتنم

الشيخ جمال قدومه وألزم نفسه أن يروح إليه كل يوم مع عظم منزلته عند الناس، فقرأ عليه

صحيح البخاري من أوله إلى آخره، مات بمدينة برهانبور ودفن عند الشيخ إبراهيم.

الشيخ جمال محمد الكجراتي

الشيخ العالم المحدث جمال محمد بن ملك جاند الكجراتي المشهور بجموجي- بفتح الجيم

وتشديد الميم- كان من المشايخ المشهورين بكجرات، ولد ونشأ بها، وقرأ العلم وسافر إلى

الحرمين الشريفين، وكان في ذلك السفر معه محمود وعبد الله وعبد القادر ومحمد حسن

وغيرهم من أشراف كجرات، فحج وزار ورجع إلى الهند وأقام بكجرات زماناً، ثم قدم

برهانبور فولى التدريس بها، وكان عالماً بارعاً في الحديث والتفسير، يدرس كل يوم من

الصباح إلى المساء، مات سنة ثمان وتسعين وتسعمائة ببلدة برهانبور.

ص: 326

المفتي جنيد القرشي الملتاني

الشيخ العالم الفقيه المفتي جنيد بن بهاء الدين القرشي الملتاني ثم الأكبر آبادي، أحد

العلماء الربانيين، ولد ونشأ في مهد العلم، وأخذ عن والده ثم قام مقامه في الإفتاء والتدريس،

وكان غاية في السخاء والكرم، لا يأكل إلا ومعه الضيفان، وكان يشفع لهم وينفعهم بأي طريق

كان.

توفي لأربع خلون من شعبان سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، ذكره محمد بن الحسن، وقال

التميمي: مات سنة تسع وتسعين وتسعمائة بأكبر آباد فدفن بها.

الشيخ جائين السهنوي

الشيخ الصالح جائين- بالجيم المعقود- الصوفي نجم الحق السهنوي، نسبة إلى سهنه بضم

السين المهملة، كان من كبار المشايخ الجشتية، من الله عليه بالعلوم الكسبية والمعارف

الوهبية في صحبة الشيخ عبد العزيز بن الحسن العباسي الدهلوي، فاستقام مدة عمره على

طريقة الفقر والفناء والتوكل والتسليم، وكان يدرس الفصوص ونقد النصوص وأمثالهما من

كتب القوم بغاية التحقيق والتدقيق، اعتقد كماله أكبر شاه التيموري وتبرك به في بعض

المهمات، واستقدمه إلى الحضرة، وعين الخلوة له في دار العبادة التي أسسها بمدينة فتحبور،

وكان يجتمع به في الخلوة أكثر الليالي ويستفيد منه، ورآه ذات ليلة يصلي الصلاة المعكوسة

فارتد عنه، مات سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، ذكره البدايوني.

مولانا جاند المنجم الدهلوي

الشيخ الفاضل مولانا جاند المنجم الدهلوي، كان من كبار العلماء لم يكن في زمانه مثله في

الفنون الرياضية، قربه إليه همايون شاه التيموري وكان يعتمد عليه وجعله مقدماً في أيامه

حظياً عنده حتى لازمه في الفترات، وسافر معه إلى إيران سنة سبع وأربعين وتسعمائة ولم

يفارقه في المنشط والمكره.

الشيخ جندن المندسوري

الشيخ العالم الصالح جندن- بفتح الجيم المعقودة وسكون النون- ابن بدها- بتشديد الدال

المهملة- بن جهجو المندسوري، أحد رجال الطريقة الجشتية، أخذ عن الشيخ صدر الدين

الجشتي وتصدر للدرس والإفادة، وكان يجمع الكتب النفيسة ويهبها من لا يقدر عليها من

المحصلين، كان أصله من سكندره راو، انتقل جده جهجو منها إلى مندسور وسكن بها،

توفي لسبع بقين من رمضان سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

الشيخ جندن الجونبوري

الشيخ العالم الفقيه جندن الجونبوري، كان من الفقهاء المبرزين في الحديث يدرس ويفيد،

أخذ عنه الشيخ نصير الدين الجهونسوي سائر الكتب الدرسية بمدينة جونبور، كما في كنج

أرشدي.

الشيخ جندن الأكبر آبادي

الشيخ الصالح جندن القرشي الأكبر آبادي، كان من العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، أخذ الطريقة عن الشيخ سماء الدين الدهلوي، وكان جد الشيخ أبي الفضل بن

المبارك الناكوري من جهة الأم، ومن أقواله: حببت إلى أربعة أشياء: العلم والعمل والحياة

والعافية.

الشيخ جكن الكهندوتي

الشيخ الصالح جكن- بالجيم المعقودة والكاف العربية- الكهندوتي، أحد رجال العلم

والطريقة ولد ونشأ بقرية كهندوت جلالبور من أعمال كالبي، ولازم المشايخ من صغر سنه

وأخذ عنهم، وصار من أكابر عصره، يذكر له كشوف وكرامات، مات سنة إحدى

ص: 327

وستين

وتسعمائة بكهندوت، كما في كلزار أبرار.

القاضي جكن الكجراتي

الشيخ العالم الفقيه القاضي جكن- بالجيم العربية والكاف الفارسية- الحنفي الكجراتي،

أحد الفقهاء المشهورين، له خزانة الروايات كتاب مبسوط في الفقه الحنفي، ذكره الجلبي في

كشف الظنون، قال: إن خزانة الروايات في الفروع للقاضي جكن الحنفي الهندي الساكن

بقصبة كن من كجرات، وهو مجلد أوله الحمد لله الذي خلق الانسان وعلمه البيان، ذكر

فيه أنه أفتى عمره في جمع المسائل وغريب الروايات، وابتدأ بكتاب العلم لأنه أشرف

العبادات، انتهى.

وقال اللكهنوي في النافع الكبير: إنه من الكتب غير المعتبرة، لأنه مملوء من الرطب واليابس

مع ما فيه من الأحاديث المخترعة والأخبار المختلفة، انتهى.

وكانت له أربعة إخوة كلهم قضاة، مات في حدود سنة عشرين وتسعمائة.

حرف الحاء

مولانا حاتم السنبهلي

الشيخ العالم الكبير حاتم بن أبي حاتم الحنفي السنبهلي، أحد العلماء المشهورين في الهند،

قرأ المختصرات على بعض العلماء، ثم لازم الشيخ عزيز الله التلنبي وقرأ عليه سائر الكتب

الدرسية من المعقول والمنقول وأخذ عنه الطريقة، ثم أخذ عن الشيخ علاء الدين الدهلوي،

وتصدر للتدريس ببلدة سنبهل، فدرس وأفاد بها أربعين سنة.

وكان فاضلاً كبيراً كثير الدرس والإفادة، شديد التعبد متين الديانة، أخذ عنه السيد محمد

الأمروهوي والشيخ عبد القادر البدايوني والشيخ أبو الفتح الخير آبادي والشيخ عثمان

البنكالي وخلق كثير من العلماء.

مات سنة تسع وستين وتسعمائة بمدينة سنبهل فدفن بها، وأرخ لوفاته عبد القادر المذكور

من درويش دانشمند ذكره في تاريخه المنتخب.

وقال في موضع آخر في ذلك الكتاب: إنه توفى سنة ثمان وستين وتسعمائة، وأرخ لوفاته من

قوله تعالى "عند مليك مقتدر" والله أعلم.

الشيخ حاجي بن محمد الدهلوي

الشيخ الصالح حاجي بن محمد بن الحسن بن الطاهر العباسي الدهلوي، أحد كبار

المشايخ، أخذ عن الشيخ عبد الرزاق الحهنجهانوي، وكان عبد الرزاق ممن أخذ عن والده

محمد بن الحسن الدهلوي، توفي سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، كما في مهر جهانتاب.

الشيخ حافظ الجونبوري

الشيخ الصالح حافظ بن أبي الحافظ الجونبوري المشهور بواسطة كار، كان من المشايخ

العشقية الشطارية، أخذ عنا لشيخ عبد الله الشطار الخراساني ولازمه مدة من الزمان

حتى بلغ رتبة المشيخة، واستخلفه الشيخ فتصدر للإرشاد والتلقين، أخذ عنه الشيخ

بدهن الشطاري المدفون بباني بت والشيخ ولي الشطاري المتوفي سنة 956 والشيخ عبد

القدوس النظام آبادي وخلق كثير كما في كلزار أبرار.

الشيخ حامد الحسيني المانكبوري

الشيخ الكبير حامد بن أبي الحامد بن عزيز الدين بن شهاب الدين بن حسام الدين بن

شهاب الدين الحسيني الكرديزي المانكبوري، أحد كبار المشايخ الجشتية، أخذ عن الشيخ

حسام الدين العمري المانكبوري ولازمه ملازمة طويلة حتى بلغ رتبة المشيخة، وحصل له

القبول العظيم بعده.

وكان أمياً لا يقرأ ولا يكتب ولكن الله سبحانه فتح عليه أبواب الكشف والشهود، حتى

إنه كان إذا حضر العلماء بين يديه وسألوه عن شيء من النظريات يجيبهم بما يتحيرون به،

أخذ عنه الشيخ حسن بن طاهر العباسي الدهلوي والشيخ عبد الله بن إله داد

الجونبوري صاحب المصنفات المشهورة وخلق كثير من العلماء.

توفي لخمس بقين من شعبان سنة إحدى وتسعمائة

ص: 328

بمدينة مانكبور، وكان أوصى بأن يدفن

خارج المدينة ولا يشاد على قبره بناء، كما في كنج أرشدي.

الشيخ حامد بن عبد الرزاق الأجي

الشيخ الكبير حامد بن عبد الرزاق بن عبد القادر بن محمد الشريف الحسني الأجي، كان

من نسل الشيخ عبد القادر الكيلاني، ولد ونشأ بمدينة أج، وتولى الشياخة بعد والده،

فازدحم عليه الناس وخضعت له الملوك، وبلغ رتبة في إرشاد الناس والهداية لم يصل إليها

أحد من معاصريه، أخذ عنه الشيخ داود بن فتح الله الكرماني وخلق كثير.

مات لإحدى عشرة بقين من ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وتسعمائة، كما في أخبار

الأخيار.

القاضي حبيب الله الكهوسوي

الشيخ العالم الفقيه القاضي حبيب الله بن أحمد بن ضياء الدين بن يحيى ابن شرف الدين

بن نصر الدين بن المفتي حسين العثماني الأصفهاني ثم الكهوسوي الجونبوري، كان من

العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، ولي القضاء بكهوسي قرية جامعة من أعمال

جونبور فاستقل به مدة حياته، وكان أخذ الطريقة عن الشيخ علي بن القوام الجونبوري، كما

في العاشقية، يرجع نسبه إلى أبان بن عثمان، وقيل إلى عمر بن عثمان رضي الله عنه.

مولانا حبيب الله الكجراتي

الفاضل العلامة حبيب الله بن شمس الدين الكابلي الكجراتي أحد العلماء المشهورين

بأرض كجرات، وكان يقال له منصف الملك لقبه به بعض سلاطين كجرات، وكان صاحب

البريد في أيام محمود شاه الصغير الكجراتي، وكان ابن عمة الشيخ سراج الدين عمر بن كمال

الدين النهروالي وكيل آصف خان الوزير، وكان حياً عند فتح ايدر، كتب إلى السلطان

محمود يخبر بالفتح وكان مع وظيفته المذكورة مرجع العسكر في الوقائع، ذكره الآصفي في

تاريخه ظفر الواله.

الشيخ حسام الدين الملتاني

الشيخ العالم الصالح حسام الدين المتقي الملتاني، أحد العلماء المتقين كان يزرع بنفسه في

أرض خراجية له يؤدي خراجها ويأكل بعمل يده، ولما صارت الأرض الخراجية مختلطة

بغيرها في فتنة الملتان التزم أن لا يأكل إلا في مخمصة، وكان لا ياوي في ظل مقبرة الشيخ بهاء

الدين زكريا الملتاني ويقول: إنها بنيت من بيت المال فضيع فيها مال المسلمين.

وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يخاف في الله لومة لائم، وكان يحترز عن

المشتبهات كل الاحتراز، فإن أكل اللقمة المشتبهة أحياناً بغير وقوف عليها تثقل عليه

وتنقبض نسبته.

قال الشيخ عبد الحق في أخبار الأخيار: إنه أكل يوماً الطعام فثقل عليه وانقبضت نسبته،

فذهبت إلى البيت وتفحص عنه فظهر أن الخادم جاءت بتبن من دار جار له لا يقاد النار

للطبخ، فذهب إلى جاره وأعطاه شيئاً وطلب العفو منه حتى زال القبض، قال: وإن رجلاً

انتعل نعليه وذهب إلى بيته ثم عرف أنهما للشيخ حسام الدين فجاء بهما معتذراً فلم

يقبلهما حتى دفع إليه الثمن وقال: إني جعلت أملاكي كلها موقوفة لئلا يقع في الحرام من

يتصرف فيها بغير إذني، توفي سنة ستين وتسعمائة.

الشيخ حسن بن أحمد الكجراتي

الشيخ الفاضل الكبير حسن بن أحمد بن نصير الدين العمري أبو صالح حسن محمد

الكجراتي، كان من ذرية الشيخ العلامة كمال الدين الدهلوي، ولد سنة ثلاث وعشرين

وتسعمائة بأحمد آباد، وقرأ العلم على من بها من العلماء، ثم أخذ الطريقة عن والده وعمه

الشيخ جمال الدين، وكان والده أخذ عن غير واحد من المشايخ الجشتية منهم الشيخ

حسن بن طاهر العباسي الجونبوري، وأخذ الطريقة القادرية عن الشيخ محمد غياث عن

الشيخ علي عن الشيخ محمد عن الشيخ إسحاق الختلاني عن الشيخ بن الشهاب الهمداني

بسنده إلى أبي النجيب السهروردي، وأخذ الطريقة المدارية عن أخيه الشيخ فريد الدين

عن الشيخ تاج الدين عن الشيخ صادق عن الشيخ سدهن عن الشيخ

ص: 329

جمن عن الشيخ

بديع الدين المدار المكنبوري، كما في مجمع الأبرار.

وكان عالماً كبيراً بارعاً في الفقه والأصول والعربية والتصوف والتفسير، تولى الشياخة

إحدى وأربعين سنة، وله مصنفات عديدة، منها تفسير القرآن الكريم اجتهد فيه في ربط

الآيات بعضها ببعض، ومنها تعليقات شريفة على تفسير البيضاوي، وحاشية لطيفة على

نزهة الأرواح، توفي لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة إحدى أو اثنتين وثمانين وتسعمائة وله

تسع وخمسون سنة، كما في أنوار العارفين.

الشيخ حسن بن حسام النارنولي

الشيخ العالم الفقيه حسن بن حسام الدين الجشتي النارنولي، كان من نسل القاضي تاج

الدين الهروي، ولد ونشأ بنارنول، وقرأ الكتب الدرسية على والده، وأخذ الطريقة عن

الشيخ شمس الدين النارنولي ثم عن الشيخ نظام الدين ولازمه ملازمة طويلة، ثم سافر إلى

لاهور واشتغل بها بالتدريس أربعين سنة.

توفي سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، كما في أخبار الأصفياء.

الشيخ حسن بن داود البنارسي

الشيخ العالم الصالح حسن بن داود الحنفي البنارسي، أحد كبار المشايخ الجشتية، قرأ

العلم على عمه الشيخ فريد بن قطب البنارسي، ودرس مدة من الزمان، ثم أخذ الطريقة

الجشتية عنه، وألزم نفسه حفظ الأنفاس ومجاهدة النفس حتى أنه كان يفطر على خبز

الشعير في كل أسبوع ولم يكن يأكل أكثر من عشرين مثقالاً.

وله مصنفات في الصرف والنحو منها مرغوب الطالبين في الصرف.

وسافر إلى أرض الحجاز للحج والزيارة فأغار على فلكه القرصان وقتلوه في رابع ربيع الأول

سنة ستين وتسعمائة، كما في كنج أرشدي.

الشيخ حسن بن طاهر الجونبوري

الشيخ العالم الفقيه حسن بن طاهر بن كمال العباسي الجونبوري كمال الحق، كان من

المشايخ المشهورين في بلاد الهند، ولد في بهار ونشأ بجونبور، وكان أصله من الملتان، قدم

والده فدخل جونبور ومكث بها زماناً طويلاً يطلب العلم، ثم سافر إلى بهار وأقام في

مدرسة الشيخ محمد بن طيب وتزوج بها ورزق أولاداً منهم الحسن بن طاهر.

وكان عليه علائم الرشد والسعادة، اشتغل بالعلم في صباه، وانتقل مع والده إلى جونبور،

وقرأ على تلامذة القاضي شهاب الدين الدولت آبادي، وتزوج بابنة الشيخ محمد بن عيسى

الجونبوري، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ حامد ابن أبي الحامد الجشتي المانكبوري، فلقبه

شيخه كمال الحق، وكان شيخه يقول إن الحسن حجة موجهة لي يوم القيامة.

وكان عالماً كبيراً عارفاً صاحب المقامات العلية والكرامات الجلية والأذواق الصحيحة

والمواجيد الصادقة، انتقل من جونبور إلى آكره في عهد إسكندر بن بهلول اللودي، فأقام بها

زماناً ثم قدم دهلي وسكن في بجي مندل، - بكسر الموحدة وبجيم وسكون التحتية وفتح

الميم والدال الهندية- محرف من بديع منزل، كان قصراً من القصور السطانية.

توفي يوم الجمعة لست بقين من ربيع الأول سنة تسع وتسعمائة، كما في أخبار الأخيار.

الشيخ حسن بن عبد الله الكالبوي

الشيخ العالم الصالح حسن بن عبد الله القرشي الكالبوي، أحد الأفاضل المشهورين، ولد

ونشأ بكالبي، وقرأ العلم على أساتذة عصره وأسند الحديث عن الشيخ عبد النبي المحدث

الكنكوهي، وأخذ الطريقة عن الشيخ بران الدين الأنصاري، وكان عالماً صالحاً تقياً

شاعراً، قلما يتردد إلى مجالس غناء الصوفية، ويتكلم بالتوحيد مع العقل والدين والسكون،

وكان يدرس ويفيد.

توفي سنة تسع وثمانين وتسعمائة، ذكره التميمي في أخبار الأصفياء، وقال محمد بن الحسن

في كلزار: إن

ص: 330

أبا الفيض بن المبارك الناكوري أرخ لعام وفاته فضائل بناهي.

الشيخ حسن بن محمود الشيرازي

الشيخ الفاضل حسن بن محمود الأنصاري الشيرازي الخطاط المشهور، ولد ونشأ بشيراز،

وقرأ العلم على أساتذة بلدته، وخرج من بلاد الفرس في عهد طهماسب شاه الصفوي، لما

أكره الناس على التشيع سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وأخذ الحديث، ثم قدم الهند

ودخل كجرات في أيام مظفر شاه الحليم الكجراتي ولازم بعض العلماء واستفاد منهم، ثم

قدم آكره وسكن بها، وفيه قال الشيخ زين الدين الخوافي.

هشت شعر من ز عقل ونقل خواهم بشنود جامع المعقول والمنقول مولانا حسن

توفي لأربع خلون من رجب سنة ست وخمسين وتسعمائة بمدينة آكره فدفن بها، ذكره

المندوي في كلزار أبرار.

الشيخ حسن بن موسى الكجراتي

الشيخ الصالح حسن بن موسى الكجراتي، أحد عباد الله الصالحين، ولد ونشأ بكجرات،

وقرأ النحو والفقه والحديث على أساتذة عصره، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ جلال بن أحمد

بن جعفر الحسيني الرفاعي.

ولما فتح همايون شاه التيموري بلاد كجرات سافر إلى مندو سنة إحدى وأربعين وتسعمائة

وتزوج بها وأعقب.

وكان صالحاً تقياً ديناً عفيفاً كريماً، توفي ليلة الجمعة لأربع عشرة خلون من صفر سنة

ثلاث وسبعين وتسعمائة، ذكره ولده محمد بن الحسن في كتابه كلزار أبرار.

الفقيه حسن العرب الدابهولي

الشيخ الفاضل العلامة حسن الدابهولي الكجراتي المشهور بفقيه العرب، كان يدرس ويفيد

بمدرسة سرخيز سر كهيج من أحمد آباد كجرات في أيام محمود شاه الكبير وولده مظفر

شاه الحليم الكجراتي، قرأ عليه الشيخ عبد القادر الأجيني وخلق كثير من العلماء، ذكره

محمد بن الحسن.

الشيخ حسين بن أسد الكلبركوي

الشيخ الصالح حسين بن أسد الله بن صقر الله بن أسد الله بن عسكر الله ابن صقر الله

بن الحسين بن محمد بن يوسف الحسيني الكلبركوي، أحد المشايخ الجشتية، ولد ونشأ

بمدينة كلبركه وسافر إلى كلكنده سنة ثمان وخمسين وتسعمائة وسكن بها، ومنحه إبراهيم

قطب شاه أقطاعاً من الملك وأملكه ابنته فصار صاحب العدة والعدد.

ومن آثاره حسين ساكر حوض كبير بناه بحيدر آباد سنة خمس وستين وبذل عليه مائتي

ألف هوناً.

مات لأربع عشرة بقين من جمادي الآخرة سنة تسع وسبعين وتسعمائة، كما في مهر

جهانتاب للسيد الوالد.

الشيخ حسين بن خالد الناكوري

الشيخ الكبير المعمر حسين بن خالد بن نظام الدين الناكوري الشيخ كمال الدين، كان من

ذرية الشيخ حميد الدين السعيدي السوالي، قرأ العلم على الشيخ كبير الدين الجشتي

الناكوري، وأخذ عنه الطريقة ولازمه ملازمة طويلة، ثم دخل أجمير وعكف على ضريح

الشيخ معين الدين حسن السجزي مدة، وهو أول من بنى على ضريح الشيخ المذكور

الأبنية الرفيعة.

وله مصنفات منها تفسير القرآن الكريم المسمى بنور النبي في ثلاثين جزءاً بقدر أجزاء

القرآن مشتمل على حل التركيب وتوضيح المعاني، وله شرح بسيط على القسم الثالث من

مفتاح العلوم للسكاكي، وله أصول الأنوار في ذكر الأبرار في تراجم المشايخ الجشتية، وله

رسائل غر ما ذكرناها.

مات في سنة إحدى وتسعمائة، كما في أخبار الأصفياء.

ص: 331

مرزا شاه حسين السندي

الملك المؤيد المظفر حسين بن شاهي بينك بن ذي النون الأرغون القندهاري ثم السندي

الفاضل الكبير، ولد في سنة ست وسبعين وثمانمائة، وقام بالملك بعد والده في سنة ثمان

وعشرين وتسعمائة، فاستقل به أربعاً وثلاثين سنة.

وكان من كبار العلماء، أخذ العلم عن الشيخ مصلح الدين اللاري والشيخ يونس

السمرقندي وعن غيرهما من الأساتذة ولازمهم مدة، وجد في البحث والاشتغال حتى

تبحر في العلوم وتفنن في الفضائل.

وكان حين دروسه وقرائته يكتب درسه ببلده كل يوم في اللغة الفارسية، قال السيد معصوم

بن صفاي الحسيني الترمذي في تاريخ السند: إني رأيت عشرة أجزاء من تلك المسودات

ببلدة سيوستان عند قاضيها حين كنت ملازم دروسه، انتهى.

وكان ملكاً عادلاً كريماً، محباً لأهل العلم والأشراف، يجتمع بهم ويحسن إليهم بالصلات

والجوائز، وكان يقضى في مهمات الأمور وفق الشريعة المطهرة.

توفي لإحدى عشرة خلون من ربيع الأول سنة اثنتين وستين وتسعمائة، فنقل جسده إلى

مكة المباركة ودفن بالمعلاة عند أبيه، ذكره النهاوندي في المآثر.

حسين شاه لنكاه الملتاني

الملك المؤيد حسين بن قطب الدين الملتاني السلطان الفاضل، قام بالملك بعد والده سنة

أربع وسبعين وثمانمائة، فافتتح الأمر بالعدل والإحسان، وسار إلى قلعة شور ففتحها، ثم إلى

جنيوث وملكها ورجع إلى الملتاني، وسار بعد مدة إلى كونكر فملكها وملك ما والاها من

بلاد إلى دهنكوت.

وكان عادلاً باذلاً كريماً، محباً لأهل العلم محسناً إليهم، اجتمع لديه خلق كثير من أهل

العلم، وكان يجري عليهم الأرزاق السنية، واعتزل في آخر عمره عن الناس وولي الأمر ولده

فيروز، ولما كان غير كفء للسلطة سموه في زمان يسير من ولايته فخرج حسين شاه من

العزلة وأخذ عنان السلطة بيده مرة ثانية.

توفي لأربع بقين من صفر سنة أربع، وقيل ثمان، وتسعمائة وكانت مدته ثلاثين أو أربعاً

وثلاثين سنة، ذكره محمد قاسم.

الشيخ حسين بن محمد الكواليري

الشيخ الصالح حسين بن محمد بن الجلال بن زهيد الحسيني الترمذي السارني ثم

الكواليري، أحد المشايخ العشقية الشطارية ولد ونشأ بمدينة كواليار، وأخذ الطريقة عن

الشيخ محمد غوث الكواليري ولازمه زماناً، ثم سافر معه إلى كجرات، وكان مغلوب الحالة،

قتله بعض الناس غيلة بمحمود آباد كجرات سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة، كما في كلزار

أبرار.

الشيخ حسين بن محمد السكندري

الشيخ الصالح حسين بن محمد الجشتي السكندري، أحد المشايخ المشهورين في زمانه،

سافر إلى الحجاز فحج وزار، ورجع إلى الهند وأخذ الطريقة عن الشيخ صفي الدين عبد

الصمد السائينبوري ولازمه مدة من الزمان، أخذ عنه الشيخ عبد الواحد الحسيني

البلكرامي وخلق كثير، مات سنة ست وثمانين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

مولانا حسين التبريزي

الأمير الفاضل حسين بن نوري الجراح التبريزي نواب خانخانان، كان من الأفاضل المشهورين

في الرئاسة، قربه مرتضى نظام شاه إلى نفسه وجعله من ندمائه، ثم ولاه الوكالة المطلقة نحو

سنة سبع وسبعين وتسعمائة ولقبه خانخانان فصار المرجع والمقصد في كل باب من أبواب

الدولة، وقتل مولانا عناية الله القائني بقلعة جوند لئلا يوليه مرتضى نظام شاه وكالته فغضب

عليه نظام شاه المذكور وعزله عن تلك الخدمة الجليلة، ذكره محمد قاسم في تاريخه.

كمال الدين حسين الأردستاني

الأمير الفاضل كمال الدين حسين الأردستاني نواب مصطفى خان، كان من الرجال

المعروفين بالعقل والدهاء، قدم كلكنده في أيام إبراهيم قطب شاه ونال

ص: 332

الوزارة الجليلة،،

فساس الأمور وأحسن إلى الناس، وبالغ في تعمير البلاد وإرضاء النفوس، حتى صار

المرجع والمقصد في كل باب من أبواب الدولة، فحسده الأمراء ورغب عنه إبراهيم قطب

شاه وصار ينتهز الفرصة لابعاده، فلما أحس منه ذلك خرج من كلكنده وسار نحو

صاحب بيجابور، فاغتنم قدومه على عادل شاه البيجابوري وقربه إلى نفسه وجعله

صاحب العدة والعدد، ثم استوزره وجعله وكيل السلطة وأعطاه أقطاعاً من الملك، فخدمه

مدة من الزمان، ثم خدم إبراهيم عادل شاه قليلاً، وقتل بأمر كشور خان بقلعة بنكابور

سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، كما في بساتين السلاطين.

الشيخ الحسين البغدادي

الشيخ الفاضل العلامة حسين البغدادي، أحد كبار العلماء، كان من ذرية الإمام أبي

حذيفة. ولد ونشأ ببغداد، وقرأ العلم على أساتذة الزوراء، ثم سافر إلى شيراز ليأخذ

العلم عن الأمير غياث الدين بن المنصور الشيرازي، فلما دخل البلاد دعى إلى مجلس لأهل

العلم دعاه إبراهيم خان أمير تلك الناحية، فلما اجتمع الناس عرض الأمير عليهم الإيراد

الذي أورده غياث الدين بن المنصور على شرح التجريد في مبحث العلة والمعلول، فسكت

الناس كلهم إلا البغدادي فقال له: لو أعطيتني شرح التجريد ليومين فأنظر فيه ماله وما عليه

لأجبتك عن تلك المسألة! فأعطاه الأمير ذلك الشرح فطالعه وأجاب عن الإيراد بوجوه

عديدة، واستحسنها العلماء كلهم إلا غياث الدين فإنه خجل واتهمه بالنصب والخروج

وسأل الأمير أن يخرجه من بلاده، فأبى الأمير ذلك وشفع وقال: من جاء في هذه البلدة

ليستفيد من جنابكم فكيف يسوغ لي أن أخرجه من البلد! فرضى غياث الدين عنه

ومكث البغدادي ببلدة شيراز مدة يستفيد منه، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار،

ودخل الهند وساح معظم المعمورة واختار الإقامة بأحمد آباد كجرات، فسكن بها وتصدى

للدرس والإفادة، أخذ عنه مولانا عبد القادر البغدادي والحكيم عثمان البوبكاني وخلق

آخرون.

توفي سنة سبع وسبعين وتسعمائة فدفن برسول آباد وله ست وسبعون سنة، ذكره محمد

بن الحسن في كلزار أبرار.

الشيخ حسين البزهري

الشيخ العالم الكبير حسين البزهري، أحد الأفاضل المشهورين في الهند، درس وأفاد في

المدرسة بمدينة دهلي وانتفع به خلق لا يحصون بحد وعد، ذكره عبد القادر البدايوني في

كتابه المنتخب وأثنى على فضله وبراعته في العلوم.

الشيخ حسين الملتاني

الشيخ الصالح حسين الجشتي الملتاني، أحد رجال العلم والطريقة، دخل أجمير وعكف

على ضريح الشيخ الكبير معين الدين اثنتى عشر سنة، ثم استقدمه محمود شاه الخلجي

إلى مندو فسكن بها، وكان زاهداً عفيفاً ديناً، يذكر له كشوف وكرامات.

توفي سنة خمس وأربعين وتسعمائة بكراريه قرية من أعمال مندو وله مائة وتسع عشرة

سنة، كما في كلزار أبرار.

القاضي حماد الردولوي

الشيخ العالم الفقيه القاضي حماد الحنفي الردولوي، أحد العلماء المشهورين في زمانه، كان

يدرس ويفيد، ذكره الشيخ ركن الدين محمد بن عبد القدوس الكنكوهي في اللطائف

القدوسية.

الشيخ حميد الدين الكواليري

الشيخ العارف حميد الدين بن ظهير الدين الغزنوي الكواليري، أحد المشايخ المشهورين،

كان يعرف بالحاج الظهور الحميد الحصور، ولد سنة خمس وثلاثين وثمانمائة، وانتقل مع أبيه

إلى بلاد الهند وسكن بكواليار، ثم سافر إلى منير ولازم الشيخ محمد بن العلاء الشطاري

المنيري وأخذ عنه، ثم لازم ولد شيخه أبا الفتح هدية الله سرمست وأخذ عنه ثم سافر

إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وأخذ الطريقة الأويسية عن الشيخ على الشيرازي عن عزيز

الله بن عبد الله المصري، وأخذ الطريقة الجشتية عن الشيخ

ص: 333

محمد غياث عن الشيخ معين

الدين عن الشيخ حسام الدين الجشتي المانكبوري، وأقام بالمدينة المنورة أربعين سنة ثم رجع

إلى الهند وأقام بمدينة كواليار، أخذ عنه الشيخ فريد الدين أحمد الكواليري وصنوه محمد

غوث صاحب الجواهر الخمسة، توفى لثمان بقين من ذي الحجة سنة ثلاثين وتسعمائة، كما

في كلزار أبرار.

مولانا حميد الدين الكجراتي

الشيخ الفاضل حميد الدين بن لار الكجراتي أحد فحول العلماء، ولد ونشأ بكجرات

واشتغل بالعلم وتخرج على أهله ثم درس وأفاد، ولما ورد محمد غوث الكواليري بلاد

كجرات وأنكر عليه العلماء قام بنصرته ورد عليهم بالمعقول والمنقول ولازمه مدة وأخذ عنه

الطريقة العشقية الشطارية، ذكره محمد بن الحسن المندوي في كلزار أبرار وقال: إنه انتقل في

آخر عمره إلى برهانبور وقد أربى على ثمانين سنة، مات ودفن ببرهانبور.

مولانا حميد الدين السنبهلي

الشيخ العالم الفقيه حميد الدين السنبهلي المفسر الواعظ، كانت له اليد الطولى في تفسير

القرآن وإلقائه على الناس والتذكير بآيات الله سبحانه، وكان شديد التصلب في الدين، ذكره

البدايوني قال: وكان همايون شاه التيموري يحسن الظن به ويقربه إليه، والحميد يحبه حباً

مفرطاً، فلما رجع همايون من إيران استقبله بكابل، وكان يظل أن همايون تشيع في إيران

فغضب عليه ذات يوم وقال له: إني وجدت رجال جنودك كلهم رفاضاً! فقال له همايون:

كيف عرفت ذلك؟ قال: إني وجدت أسماءهم أسماء الرفاض هذا يار علي، وذلك كفش

علي، وذلك حيدر علي، ما وجدت أحداً منهم مسمى بأسماء الصحابة الآخرين، فكبر

ذلك على همايون وألقى قلماً كان بيده وقال: ما علمت إلا أن اسم جدي كان عمر شيخ

مرزا، ثم دخل المنزل وخرج فتلطفه وأخبره عن عقيدته، انتهى.

مات لسبع خلون من محرم سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة بمدينة سنبهل، كما في الأسرارية.

الشيخ حنيف الحسيني

الشيخ الصالح حنيف بن أبي حنيف الحسيني المحمد آبادي البيدري، أحد المشايخ

المشهورين في عصره، أخذ عن الشيخ مسعود بك، وسافر إلى بلاد الدكن فأكرمه أحمد

شاه البهمني فسكن بمدينة بيدر- بكسر الموحدة- ومات بها سنة إحدى وتسعمائة وله

ثمانون سنة، ذكره السيد الوالد في مهر جهانتاب.

مرزا حيدر الكوركاني

الأمير الفاضل حيدر بن محمد حسين الجغتائي الكوركاني، كان من نسل جنكيز خان،

ولد سنة خمس وتسعمائة في بلدة أورايته من بلاد ما وراء النهر، وتفنن بالفضائل على

علماء بلاده ثم تقرب إلى مرزا أبي سعيد الكاشغري ملك يارقند فرباه في مهد السلطة

وبعثه إلى تبت سنة خمس وثلاثين وتسعمائة ومعه أربعة آلاف من المقاتلة، فسار إلى تبت

ثم إلى كشمير وفتحهما، فولاه أبو سعيد على أرض تبت فلبث بها زماناً، ولما مات أبو

سعيد سار إلى بدخشان ثم رجع إلى الهند، وولاه كامران بن بابر شاه التيموري على

لاهور وما والاها من البلاد، ولما خرج شير شاه على همايون شاه التيموري وأخرجه إلى

إيران سار حيدر مرزا إلى كشمير ومعه مائة وخمسون رجلاً من خاصته فملكها بالعقل

والتدبير، وجعل الخطبة والسكة على اسم نازك شاه الكشميري الذي كان لعبة في أيدي

الوزراء فاستقل بالأمر، وبذل جهده في تعمير البلاد وتكثير الزراعة وترويج الصناعات ونشر

العلوم والفنون، وقام بالأمر اثنتى عشر سنة، ثم خرج عليه الشيعة وقتلوه غيلة، وله تاريخ

رشيدي كتاب ضخيم في التاريخ بالفارسي صنفه لعبد الرشيد بن أبي سعيد الكاشغوي،

ومن شعره قوله:

عاشق شده را اسير غم بايد بود محنت كش درد رويتم بايد بود

يا از سر كوي يار بايد بر خاست يا از سك كوي يار كم بايد بود

قتل لثمان خلون من ذي القعدة سنة سبع أو ثمان وخمسين وتسعمائة بمدينة سري نكر،

فدفنوه بمقبرة الملوك.

ص: 334

حرف الخاء

الشيخ خاصه بن خضر الأميتهوي

الشيخ العالم الصالح خاصة بن خضر بن كدن بن خير الدين الصالحي المكي بهاء الحق

خاصه خدا الحنفي الأميتهوي، كان من رجال العلم والطريقة ينتهي نسبه إلى عبد الله

علمبر دار الصالحي المكي، ذكره حفيده الشيخ أحمد بن أبي سعيد الأميتهوي في مناقب

الأولياء وقال: إن جده خاصه سافر في عنفوان شبابه إلى جونبور ولازم الشيخ محمد بن

عبد العزيز الجونبوري وأخذ عنه ثم رجع إلى بلدته ولبث بها زماناً ثم دخل سدهور-

بكسر السين المهملة وتشديد الدال وأدرك بها الشيخ خواجكي بن علي الأنصاري فلازمه

زماناً وتزوج بابنتيه واحدة بعد أخرى، ثم نزل أميتهي وسكن بها، وكان يدرس ويفيد،

أخذ عنه خلق كثير.

توفي لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة ببلدة أميتهي.

خانجيو بن داود الكجراتي

الوزير الكبير خانجيو بن داود الصديقي الكجراتي، أحد كبار الوزراء بكجرات، ويقال له

اختيار خان، وكان من بيت القضاء ببلدة نرياد- بفتح النون وسكون الراء المهملة وياء

تحتية وألف ودال مهملة- مولده ومنشأه بها، واشتغل وحصل وخدم الدولة ثم خدمته

وصار في أوج القرب من السلطة، وتقدم في الذكاء والفطنة والفراسة حتى كان فيها ثانياً

لإياس بن قرة، وأما العلوم الحكمية فلا تسئل عن ذلك، وكان منقطع القرين مجمع رياسة

الدنيا والدين، ولذلك بعثه مظفر شاه الحليم حاجباً إلى مدينة لاد، واجتمع بسلطانها،

وكانت له معه مجالس مأنوسة لطيفة إلى الغاية فأقبل عليه وأدناه منه، ثم ولى الوزارة وخدم

بهادر شاه نحن ثلاث عشرة سنة، ولما انهزم بهادر شاه إلى مدينة ديو وتغلب همايون شاه

التيموري على بلاد كجرات سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة وجيء به إلى مجلسه فاستثناه

واحتفى به وأدنى مجلسه منه وقدمه حتى على جلسائه وأصغى إليه في المهمات الملكية

وعمل بما رآه، فكان المشار إليه لديه وجرت بينهما مذاكرات حسنة ومحاورات لطيفة في

فنون من العلوم العقلية والنقلية والرياضية والفلكية والأدبية نظماً ونثراً فوجده فيها حبراً

بحراً فكبر في عينيه ووقر في صدره، فكان إذا رآه يتمثل بما كان يقول عضد الدولة في حق

أبي الحسن بن محمد بن عبد الله بن المخزومي السلامي الشاعر يقول إذا رأيت السلامي في

مجلسي ظننت أن عطارد قد نزل من الفلك إلى ووقف بين يدي.

ثم لما قتل بهادر شاه وولي المملكة محمود شاه الصغير ولاه النيابة المطلقة في أوائل ربيع

الأول سنة أربع وأربعين، وكان عماد الملك أمير الأمراء وهو خصيمه، فأشار إليه أفضل

خان عبد الصمد البياني أن يعتزل في بيته ويترك النيابة لأنه كان يرى أن عماد الملك

سيغلب على الأمور المهمة ولا يرضى أن يكون له شريك في الملك من الوزراء، فلم يسمعه

اختيار خان واعتزل أفضل خان في بيته فوقع كما قال وقتله عماد الملك.

وذكر الآصفي أنه لما وضع الجلاد الحبل في عنقه لصلبه قال: لا إله إلا الله! فقبل أن يتم

كلمة الشهادة رفعه عن الأرض وبقى مصلوباً حتى برد، ثم أرخى الحبل وحين أخرجه من

عنقه رجعت عيناه إلى ما كانتا عليه في الحياة ونطق تتمة الكلمة: محمد رسول الله!

وفارق الدنيا سنة أربع وأربعين وتسعمائة، وأرخه بعضهم بقوله بناحق كشت بموجب ذكره

الآصفي.

الشيخ خانون الكواليري

الشيخ الكبير خانون بن العلاء بن تاج الجشتي الكواليري، أحد المشايخ المشهورين، أخذ

الطريقة عن الشيخ إسماعيل بن الحسن بن سالار عن أبيه عن جده عن اختيار الدين عمر

الأيرجي، وأخذ عن الشيخ حسين بن الخالد الناكوري أيضاً.

ولد سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وعمر سبعاً وثمانين سنة مع قناعة وعفاف وزهد

وتوكل، أخذ عنه الشيخ نظام الدين النارنولي وصنوه إسماعيل.

ص: 335

وظهر لي بعد التفحص الكثير أن اسمه كان خان محمد، توفي لليلتين خلتاً من جمادي

الأولى سنة أربعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

الشيخ خواجه عالم الكجراتي

الشيخ الصالح خواجه عالم الحسيني الكجراتي، أحد المشايخ العشقية الشطارية، يصل

نسبه من جهة أبيه إلى الشيخ مودود الجشتي ومن جهة أمه إلى الشيخ جلال الدين الباني

بتي، ولد ونشأ بكجرات وقرأ العلوم المتعارفة وتدرب على الرمي حتى فاق أقرانه في ذلك،

ثم أخذ الطريقة العشقية عن الشيخ محمد غوث الكواليري ولازمه زماناً، وكان يدرس

ويفيد، مات ودفن بقرية بيربور من أعمال كجرات، ذكره محمد بن الحسن.

الشيخ خواجكي السدهوري

الشيخ الصالح الفقيه خواجكي بن علي بن خير الدين بن نظام الدين الأنصاري

السدهوري، قدم الهند جده نظام الدين سنة أربعين وثمانمائة وسكن بسدهور- بكسر

السين وتشديد الدال المهملتين- قرية جامعة في أرض أوده.

وكان خواجكي من كبار المشايخ الجشتية، ولد ونشأ بسدهور، وسافر للعلم إلى جونبور

واشتغل على من بها من العلماء، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ تاج الحق الجونبوري عن

الشيخ شمس الدين الأودي عن السيد عبد الرزاق الكجهوجهوري.

وفي رسائل الشيخ عبد القدوس الكنكوهي أنه أدرك العلامة بدهن أحد أصحاب الشيخ

محمد بن عيسى الجونبوري، وكان الشيخ عبد القدوس يخاطبه في رسائله بشيخ الإسلام.

كان له أربعة أبناء: شيخ المشايخ ومحمد ومحب الله وابن آخر وكلهم كانوا علماء.

ونسبه يصل إلى الشيخ عبد الله الأنصاري الهروي، فإن جده نظام الدين كان ابن الشيخ

جمال الدين بن محمد بن غياث بن معز بن حبيب بن شمس بن الجلال بن ظهير بن محمد بن

نظام بن الشهاب بن محمود بن عوض بن أيوب بن جابر بن إسماعيل عبد الله الهروي.

خسرو آقا اللاري

الأمير الفاضل خسرو آقا اللاري نواب أسد خان البيجابوري، كان من الرجال المشهورين

في العقل والدهاء والسياسة والرئاسة، لقبه إسماعيل عادل شاه بأسد خان، وأعطاه

أقطاعاً من الملك، وجعله سر عسكراً، فافتتح البلاد والقلاع، وخدم إسماعيل ثم ولده

إبراهيم خمساً وثلاثين سنة، وجاوز عمره مائة سنة.

وكان رجلاً حازماً شجاعاً فاضلاً أميناً ناصحاً، محباً لأهل العلم محسناً إليهم، حسن

الخط ذا سخاء وكرم، وكان يذبح في مطبخه كل يوم مائة غنم ومائتا دجاجة، له آثار باقية

في مدينة بلكام من قلعة متينة حصينة وجامع كبير داخل القلعة وحياض وجداول طينية.

وإني قرأت كتابه الجامع فإذا فيه أسعد خان مكان أسد خان والمشهور على الألسن

والمذكور في الصحف أسد خان، والله أعلم.

توفي سنة ست وخمسين وتسعمائة بمدينة بلكام

الشيخ خضر بن ركن الجونبوري

الشيخ الفاضل خضر بن ركن الصديقي الجونبوري الشيخ بدهن ميان خان ابن قوام الملك،

كان من رجال العلم والطريقة، سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ورحل إلى القدس

الشريف، وأخذ الطريقة عن الشيخ عبد القدوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي ولازمه

ملازمة طويلة، وجمع رسائله في كتاب بسيط.

السيد خوند مير الكجراتي

السيد الشريف خوند مير بن موسى بن جهجو بن سعيد بن يحيى الحسيني النهروالي

الكجراتي، أحد الرجال المشهورين، ولد ونشأ بنهروالة ولازم السيد محمد بن يوسف

الجونبوري المتمهدي عند وروده

ص: 336

هناك، وبايعه وصدقه في إدعائه وسافر معه إلى خراسان

وأقام بها زماناً، ثم وجهه الجونبوري إلى كجرات، فجاء واستصحبه محمود بن محمد

الجونبوري إلى خراسان عند والده ومكث بها إلى وفاة المتمهدي، ثم رجع إلى كجرات

واختار الإقامة بقرية كهانبهيل، على ثمانية أميال من نهرواله، وصرف شطراً من عمره في

دعوة الناس إلى مذهبه، وذهب إليه خلق كثير وافتتن به الناس، فأمر مظفر شاه الحليم

الكجراتي بدفع تلك الفتنة، فسار إليه عين الملك بعساكره وكان والياً على نهرواله فقاتله

وقتله في المعركة، وكان لقبه في أهل مذهبه صديق الولاية والخليفة الثاني، وله بحر الفوائد وأم

العقائد كتاب في الكلام.

قتل لأربع عشرة خلون من شوال سنة ثلاثين وتسعمائة، ذكره كلاب ابن عبد الله

البالنبوري في تاريخه.

حرف الدال

الشيخ دانيال بن الحسن الجونبوري

الشيخ الفاضل دانيال بن الحسن بن حسام الدين العمري البلخي ثم الجونبوري، أحد

الأفاضل المشهورين، قدم الهند وخدم الملوك بدهلي مدة طويلة، ثم ترك الخدمة وسافر إلى

البلاد، وأخذ الطريقة الجشتية عن الشيخ حامد بن أبي الحامد الحسيني المانكبوري بمدينة

مانكبور، ثم رحل إلى بنارس وأقام بها زماناً، ثم دخل جونبور وسكن بها، وكان يدرس

ويفيد، أخذ عنه الشيخ محمد بن يوسف الحسيني الجونبوري وصنوه أحمد بن يوسف،

ولأحمد المقالات الخضروية كتاب جمع فيه ملفوظاته، قال فيه: إنه أدرك الخضر واستفاد منه

فيوضاً كثيرة، ولذلك لقبوه بالخضري.

توفي لاثنى عشرة بقين من ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة، كما في كنج أرشدي.

الشيخ داود بن حسن الكشميري

الشيخ الفاضل داود بن الحسن الخاكي الكشميري، أحد رجال العلم والطريقة، ولد ونشأ

بكشمير، وقرأ بعض الكتب الدرسية على الشيخ نصير الدين النصير ثم اعتزل عنه لظنه

أنه من طائفة الشيعة، ولازم الشيخ رضى الدين الكشميري وقرأ عليه سائر الكتب

الدرسية، وقرأ على مولانا أفضل الكشميري، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ حمزة ولازمه

ملازمة طويلة، وأخذ عن الشيخ أحمد الحسيني الكرماني والشيخ إسماعيل الحسيني

والشيخ محمد القادري، واستفاض منهم فيوضاً كثيرة.

وله مصنفات عديدة منها العقيدة الجلالية، والرسالة العالية، وورد المريدين، وشرحه

دستور السالكين، أوله: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، إلخ.

توفي سنة أربع وتسعين وتسع مأة، كما في روضة الأبرار.

الشيخ داود بن عجب شاه الكجراتي

الشيخ الفاضل داود بن عجب شاه الهندي الكجراتي، أحد دعاة المذهب الإسماعيلي

بأرض الهند، ذكره سيف الدين عبد العلي الكجراتي في المجالس السيفية، قال: إنه سار إلى

بلاد اليمن، وأخذ علم التنزيل والتأويل عن الشيخ عماد الدين إدريس بن الحسن

الإسماعيلي اليماني، ورجع إلى الهند ونص له جلال الدين الهندي بالدعوة بعده، فلما مات

جلال الدين تولى الدعوة، ونص بالدعوة بعده لداود بن قطب شاه الكجراتي.

مات لثلاث بقين من ربيع الثاني سنة سبع وتسعين وتسعمائة.

الشيخ داود بن فتح الله الكرماني

الشيخ الكبير الزاهد داود بن فتح الله الحسيني الكرماني، أحد المشايخ القادرية الجميلية،

توفي والده قبل ميلاده وأمه في صغر سنه، فتربى في حجر أخيه رحمة الله، وقرأ القرآن

واشتغل بالعلم زماناً وتفقه على بعض العلماء، ثم دخل لاهور ولازم الشيخ إسماعيل بن

عبد الله الأجي، وكان يتوقد ذكاءاً قل أن يدخل في علم من العلوم وباب من أبوابه إلا ويفتح

له من ذلك الباب أبواب، وكان شيخه إسماعيل يقول:

ص: 337

كنا نفتخر بلقاء الشيخ العارف عبد

الرحمن الجامي والأخذ عنه، كذلك يصير هذا الفتى فيبلغ رتبة يفتخر الناس بلقائه ويتبركون

به، فصار كما ظن به إسماعيل، ونبغ في كل علم ومعرفة، وأخذ الطريقة عن الشيخ حامد

بن عبد الرزاق الأجي ثم انقطع إلى الزهد والعبادة وسكن بشير كده من بلاد بنجاب،

فتهافت عليه الناس وهجموا عليه، وكانوا يتبركون به، ويستفيدون منه، وكان لا يخرج من

بيته ولا يتردد إلى أحد، ويتصدق بأمواله كل سنة مرة أو مرتين، لا يبقى عنده شيئاً منها.

مات سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة، ذكره البدايوني.

الشيخ داود بن قطب البنارسي

الشيخ العالم الصالح داود بن قطب بن الخليل العمري البنارسي، أحد رجال العلم

والطريقة، ولد ونشأ بقرية خانقاه في بيت جده لأمه الشيخ نور، ولما توفي والده سافر للعلم

إلى بنارس مع صنوه فريد الدين، فاشتغل على الشيخ مبارك البنارسي وقرأ الكتب

الدرسية عليه وسكن ببنارس، وكان يدرس ويفيد.

غرق بماء كنك لأربع عشرة خلون من شوال سنة ست وتسعمائة بقصة شرحتها في ترجمة

أخيه فريد الدين.

الشيخ داود السندي

الشيخ العالم الفقيه القاضي داود الحنفي السندي، أحد مشاهير القضاة في بهكر من بلاد

السند، أصله من فتحبور قرية في ناحية سيوى من بلاد السند، انتقل إلى بهكر في أيام

محمود شاه السندي، فولاه القضاء فاستقل به مدة طويلة، وكان مشكور السيرة في القضاء،

ذكره النهاوندي في المآثر وقال: حبسوه ثم قتلوه بالسم سنة إحدى وثمانين وتسعمائة.

القاضي دته السيوستاني

الشيخ العالم الفقيه القاضي دته بن شرف الدين الحنفي السيوستاني، أحد العلماء

الصالحين، قرأ العلم على والده وعلى الشيخ محمود والشيخ عبد العزيز الهروي، وأخذ

الحديث والتفسير عن الشيخ بلال التهلتي وصحب كبار المشايخ وأخذ منهم حتى برع في

العلم والمعرفة ومهر في التفسير والجفر الجامع وفي فنون أخرى، أخذ عنه الحسين بن شاهي

بيك القندهاري ملك السند، ولقبه الشيخ عثمان السندي الأستاذ، وقبره في قرية باغبان،

ذكره معصوم بن صفائي الترمذي في تاريخه.

مولانا درويش محمد الدهلوي

الشيخ العالم الفقيه درويش محمد الواعظ المارواء النهري ثم الهندي الدهلوي، أحد

العلماء المذكرين، سافر إلى الحجاز على قدم الصدق والإرادة، فلبث بها بضع سنين ثم قدم

الهند في أيام الأفاغنة نحو سنة خمس وخمسين، وصحب مشايخ الهند وأخذ عنهم وسكن

بدهلي.

وكان شديد التعبد، حسن الأخلاق، مستقيماً على الطريقة الظاهرية والصلاح، مات سنة

سبع وتسعين وتسعمائة، وقبره عند ضفة الشيخ برهان الدين البلخي، كما في أخبار

الأخيار.

الشيخ ديتن الجونبوري

الشيخ العالم الصالح ديتن بن أحمد الرضى الشريف الجونبوري، أحد المشايخ الجشتية، كان

اسمه إله داد، وهو أخذ الطريقة عن الشيخ نور بن الحامد المانكبوري، وأخذ عنه الشيخ

جلال الدين بن صدر الدين الأكبر آبادي وخلق آخرون.

مات لإحدى عشرة خلون من ربيع الثاني سنة أربع وأربعين وتسعمائة، كما في أخبار

الأصفياء.

حرف الراء

الشيخ راجح بن داود الكجراتي

الشيخ العالم المحدث راجح بن داود بن محمد بن عيسى بن أحمد الحنفي الكجراتي، أحد

العلماء العاملين، ذكره السخاوي في الضوء اللامع قال: إنه ولد في تاسع صفر سنة إحدى

وسبعين وثمانمائة بأحمد آباد، وقرأ في بلدته على محمود بن محمد المقريء الحنفي النحو

والصرف والمنطق والعروض وغيرها، وعلى المخدوم بن برهان الدين المعاني

ص: 338

والبيان، وعلى

محمد بن تاج الحنفي الهيئة والكلام، وبرع في الفنون ونظم الشعر مع جودة الفهم، ولقيني في

أوائل سنة أربع وتسعين بمكة وقد قدم هو وأخوه قاسم وعمهما للحج، ثم توجهوا للزيارة،

ولما عاد قرأ على شرحي لألفية الحديث وكتبت له إجازة حافلة، وأثبت له ترجمة البدر

الدماميني لسؤاله عن ذلك لكونه مات في الهند، وزدت له ترجمة العلاء البخاري الحنفي،

ونبهت على تكفيره لابن العربي وتكفير من يعتقده رجاء انتفاعه بذلك في دفع من يعتقده

ويشتغل بتصانيفه، انتهى.

توفي سنة أربع وتسعمائة، كما في تذكرة العلماء.

الشيخ راجي محمد الأجيني

الشيخ الصالح راجي محمد بن شيخ خان الحنفي الأجيني، كان من نسل الشيخ عين

القضاة الهمداني، اشتغل بالعلم من صغره، وسافر إلى برهانبور فأقام بها سنتين وقرأ بعض

العلوم على أساتذتها، ثم رحل إلى أحمد آباد بيدر ولازم الشيخ محمد بن إبراهيم

الإسماعيلي الملتاني اثنتى عشرة سنة، ودخل أجين سنة ثلاثين وتسعمائة فسكن بها،

ودرس خمسين سنة.

توفي لثلاث بقين من رمضان سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة بمدينة أجين، ذكره محمد بن

الحسن في كلزار أبرار.

الشيخ رحمة الله السندي

الشيخ العالم الكبير المحدث رحمة الله بن عبد الله بن إبراهيم العمري السندي المهاجر إلى

المدينة المنورة، ولد بدربيله من أعمال السند ونشأ بها على فضل عظيم، ورحل إلى

كجرات مع أبيه، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين، وأخذ الحديث عن الشيخ علي بن محمد

بن غريق الخطيب المدني صاحب تنزيه الشريعة، وعن غيره من أئمة الحديث، ثم عاد إلى

الهند ومعه الشيخ عبد الله بن سعد الله السندي، فأقام بكجرات وكانت له كالوطن لطول

اللبث وامتداد الإقامة بها قبل الرحلة إلى المشعر الحرام، فدرس بها أعواماً وأخذ عنه

خلق لا يحصون بحد وعد.

وكان صاحب تقوى وعزيمة، كان لا يقبل النذور عند إقامته في الحجاز لنوع شبهة فيها،

وكان السلطان العثماني يبعث بها إلى الشيخ علي بن حسام الدين المتقي لقسمتها على

المحاويج والعلماء، وعاد إلى مكة المباركة في آخر عمره.

وله مصنفات منها كتاب المناسك، أوله: الحمد لله أكمل الحمد على ما هدانا للاسلام، إلخ،

شرحه نور الدين علي بن سلطان محمد القاري الهروي سنة 1012 للهجرة، وسماه المسلك

المقتسط في المنسك المتوسط، وله منسك صغير شرحه على المذكور سنة 1010 للهجرة

وسماه هداية السالك في نهاية المسالك، ذكره الجلبي في كشف الظنون، وله تلخيص تنزيه

الشريعة عن الأحاديث الموضوعة لشيخه علي بن محمد الخطيب وهو في غاية اللطف من

الاختصار، ذكره القنوجي في أبجد العلوم.

وقد ذكره الحضرمي في النور السافر قال: إنه كان من العلماء العاملين وعباد الله الصالحين

رحمه الله، وطبق بعض الفضلاء في تاريخ موته بحساب الجمل فجاء رحمة الله قد نال مراده

وزاد في العدد اثنين، وذلك مسامح فيه عند أهل هذا الفن خصوصاً إذا كان التاريخ

مناسباً للحال، ثم قال: وقد أشار صاحبنا الشيخ الفاضل محمد بن عبد اللطيف الجامي

المكي الشهير بمخدوم زاده في القصيدة التي رثاه بها فقال:

رحمة الله لا تفارق مثوى رحمة الله بالحيا والغمام

قال: وبالجملة فإنه كان بقية السلف الصالح رحمه الله، انتهى.

توفي لثمان خلون من محرم سنة أربع وتسعين وتسعمائة.

الشيخ رحمة الله الكجراتي

الشيخ العالم المتوكل رحمة الله بن عزيز الله العمري الكجراتي، أحد العلماء العاملين وعباد

الله الصالحين، ولد ونشأ في مهد العلم والمعرفة، وأخذ عن والده وتفقه عليه، وكان والده

من كبار المشايخ

ص: 339

فتولى الشياخة بعده مع الطريقة الظاهرة والصلاح والعفاف والتوكل والعزلة،

وكان له شأن كبير في الزهد والورع والإستقامة، أخذ عنه الشيخ بهاء الدين وخلق

آخرون.

توفي لإحدى عشرة بقين من جمادي الآخرة سنة سبع وستين وتسعمائة، كما في بحر

زخار.

مولانا رزق الله الدهلوي

الشيخ الفاضل رزق الله بن سعد الله البخاري الدهلوي، كان من العلماء المبرزين في

الشعر والتاريخ والتصوف والموسيقى، وله معرفة بلغة سنسكرت، ولد بدهلي سنة سبع

وتسعين وثمانمائة، وأخذ عن الشيخ محمد بن الحسن العباسي الدهلوي، ثم لازم الشيخ

محمد بن منكن الملاوي وأخذ عنه الطريقة وأقبل إلى الشعر والتصوف إقبالاً كلياً حتى نبغ

فيهما.

وكان من نوادر العصر في سلامة العقل وسعة الصدر ودوام الحضور والاستقامة على الحالة

والصبر على البلاء، وكان مع كبر سنه غاية في العشق والمحبة، وله اطلاع واسع على أخبار

الملوك والمشايخ، ذكره الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي في أخبار الأخيار وكان

ابن أخيه.

ومن مصنفاته واقعات مشتاقي كتاب في أخبار ملوك الهند، ومنها بيمائن وجوت نرنجن

كلاهما في بهاشا لغة أهل الهند.

توفي لعشر ليال بقين من ربيع الأول سنة تسع وثمانين وتسعمائة.

مولانا رضى الدين الكشميري

الشيخ الفاضل رضى الدين الحسيني الكشميري، أحد الأفاضل المشهورين، قرأ العلم على

الشيخ نصير الدين الكشميري البصير وعلى غيره من العلماء ثم ولي التدريس في أيام مرزا

حيدر بن محمد حسين الكوركاني في مدرسة كانت في قطب الدين بوره ببلدة سري نكر،

فدرس وأفاد بها مدة طويلة، أخذ عنه الشيخ داود بن الحسن وشمس الدين بال ويعقوب

بن الحسن الصرفي وخلق كثير من العلماء، وكان له اليد الطولى في الإنشاء والشعر والألغاز

والخط وكان يكتب على سبعة أقلام، وله مصنفات عديدة توفي سنة ست وخمسين

وتسعمائة، كما في الروضة.

الشيخ رفيع الدين المحدث الشيرازي

الشيخ العالم المحدث رفيع الدين بن مرشد الدين الحسيني الصفوي الشيرازي ثم الهندي

الأكبر آبادي، أحد العلماء المشهورين في الهند، أخذ عن العلامة جلال الدين محمد بن

أسعد الصديقي الدواني، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وأخذ الحديث عن

الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي المصري صاحب الضوء اللامع

وصحبه زماناً، ثم قدم الهند ودخل آكره في أيام السلطان سكندر بن بهلول اللودي، فأكرمه

غاية الإكرام، فسكن بآكره، وكان السلطان يخاطبه بالحضرة العلية.

توفي سنة أربع وخمسين وتسعمائة بآكره، ذكره التميمي في أخبار الأصفياء.

الشيخ ركن الدين البيانوي

الشيخ الصالح ركن الدين بن محمود البيانوي، أحد العلماء العاملين، ولد ونشأ بمدينة بيانه-

بفتح الموحدة والياء التحتية- وقرأ العلم بها على أساتذة عصره ثم انتقل إلى مندو في

فترات هيمون البقال وسكن بها، وكان بارعاً في الفقه والعربية يدرس ويفيد في بيته لا يخرج

منه إلا للصلوات.

توفي لست بقين من جمادي الأولى سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

الشيخ ركن الدين المنيري

الشيخ الصالح ركن الدين بن هدية الله بن محمد بن العلاء الشطاري المنيري، أحد رجال

العلم والطريقة، ولد ونشأ بمنير، وأخذ عن والده وتصدر للإرشاد والتلقين بعده، وكان على

قدم أبيه وجده في العلم والعمل، أخذ عنه الشيخ كمال الدين سليمان القرشي وخلق

آخرون، كما في كلزار أبرار.

الشيخ ركن الدين السندي

الشيخ الفاضل ركن الدين الحنفي التتوي السندي

ص: 340

المشهور بمتو، كان من العلماء المبرزين في

الفقه والحديث، أخذ عن الشيخ بلال المحدث التلهتي، وله مصنفات منها شرح الأربعين،

ومنها شرح على خلاصة الكيداني، ورسائل أخرى لم أقف على أسمائها.

توفي سنة تسع وأربعين وتسعمائة ببلدة ثهته، فدفن على جبل مكلي، ذكره الترمذي في

تاريخ السند.

مولانا روح الدين اللاري

الشيخ الفاضل روح الدين اللاري المدرس المشهور، كان ابن أخت العلامة عماد الدين

محمد الطارمي، قدم الهند من طريق هرمز ودخل في إحدى فرض الهند، ثم دخل أحمد

نكر فلم يلتفت إليه نظام شاه، فذهب إلى برهانبور فتلقاه عبد الرحيم بيرم خان وبنى له

مدرسة ثم ولاه القضاء الأكبر، فلم يزل مشتغلاً بالدرس والإفادة حتى مات، وقبره ببلدة

برهانبور، ذكره محمد بن الحسن، في كلزار أبرار.

حرف الزاي

الشيخ زكريا بن عيسى الدهلوي

الشيخ الصالح زكريا بن عيسى العمري بهاء الدين بن علاء الدين الأجودهني ثم الدهلوي،

أحد المشايخ الجشتية، قرأ بعض الكتب على الشيخ مودود اللاري وشارك الشيخ عبد

الملك بن عبد الغفور الباني بتي في القراءة والسماع عليه، ثم لازم الشيخ عبد القدوس بن

إسماعيل الحنفي الكنكوهي وأخذ عن غيرهما من المشايخ، وكان صاحب وجد وحالة،

توفي سنة سبعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

الشيخ زين الدين بن عبد العزيز المليباري

الشيخ العالم الفقيه زين الدين بن عبد العزيز بن زين الدين بن علي الشافعي المليباري،

أحد المبرزين في العلوم، أخذ عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي بمكة

المباركة، له قرة العين في مهمات الدين في فقه الشافعية، رسالة وجيزة، وله شرح بسيط

عليها سماه فتح المعين شرح قرة العين صنفه سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة، وله إرشاد العباد

إلى سبيل الرشاد في الموعظة، وله رسالة تتضمن أحاديث وآثاراً ومواعظ.

الشيخ زين الدين بن علي المليباري

الشيخ الإمام العلامة زين الدين بن علي بن أحمد الشافعي المليباري، كان من العلماء

العاملين والأئمة المحققين، ولد في كش من مدن مليبار بعد طلوع الشمس من يوم الخميس

الثاني عشر من شهر شعبان سنة إحدى أو اثنتين وسبعين وثمانمائة، ونقله عمه القاضي

زين الدين بن أحمد المليباري إلى فنان وهو صغير لما ولي قضاءها، وبها قرأ القرآن وحفظه

واشتغل عليه في الصرف والنحو والفقه وغيرها ثم على مشايخ متعددين في أنواع العلوم،

منهم الشهاب أحمد بن عثمان بن أبي الحل اليمني اشتغل عليه بالفقه والحديث وغيرهما

وقرأ عليه الكافي في علم الفرائض للصروفي، ومنهم الشيخ أبو بكر فخر الدين بن القاضي

رمضان الشالياتي المليباري اشتغل عليه في الفقه وأصوله وغيرهما، وهو ممن أخذ عن

الشيخ شمس الدين الجوجري والشيخ زكريا الأنصاري والشيخ كمال الدين محمد بن أبي

شريف وغيرهم، وأخذ الطريقة الجشتية عن الشيخ قطب الدين بن فريد الدين بن عز الدين

الأجودهني، فألبسه الخرقة ولقنه الذكر الجلي، ثم أجازه لتربية المريدين وتلقين الذكر وإلباس

الخرقة والإجازة لمن يجيز، ولقنه أيضاً الذكر على الطريقة الشطارية الشيخ ثابت بن عين بن

محمود الزاهدي وأجازه في تلقينه، فقام لنشر العلم والمعرفة، وكان كثير الأذكار والأشغال.

موزعاً أوقاته في الخير، ناصحاً للخلق، ناشراً للعلوم، قائماً بدفع البدعة والمنكر، ونصر

المظلوم، كم من منكرات أزالها، وسنن أظهرها، انتفع به خلق كثير، وأسلم على يده

خلائق لا يحصون كثرة.

ومن مصنفاته المفيدة مرشد الطلاب إلى الكريم الوهاب كبير حجماً، وسراج القلوب

متوسط جامع، والمسعد في ذكر الموت وشمس الهدى كلها في الموعظة والتذكير، وتحفة

الأحباء وحرفة الألباء في الأدعية المأثورة، وإرشاد القاصدين في اختصار منهاج العابدين

للغزالي، وشعب الايمان

ص: 341

معرف من شعب الايمان للايجي، وكفاية الفرائض في اختصار الكافي

في الفرائض، والصفا من الشفا للقاضي عياض، وتسهيل الكافية شرح كافية ابن الحاجب،

وكفاية الطالب في حل كافية ابن الحاجب حاشية عليها، وحاشية مختصرة على الألفية لابن

مالك، وحاشيتان على التحفة لابن الوردي، وحاشية على الإرشاد لابن المقرىء، وله

مصنف في قصص الأنبياء، ومصنف في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وهداية الأذكياء

إلى طريقة الأولياء. وقصيدة له في السلوك وتحريض أهل الإيمان على جهاد عبدة الصلبان،

كتبها لما دخل أهل برتكال مليبار وتغلبوا فيها وخربوا وأحرقوا، وقصيدة له فيما يورث

البركة وينفي الفقر، مأخوذ من كتاب البركة للوصالي، وله رسائل نظماً ونثراً إلى الملوك

والأمراء.

توفي في فنان بعد نصف ليلة الجمعة السادس عشرة من شهر شعبان سنة ثمان وعشرين

وتسعمائة، كما في مسالك الأتقياء.

مولانا زين الدين الخوافي

الشيخ الفاضل زين الدين بن قطب الدين الحنفي الخوافي، كان من ذرية الشيخ الكبير زين

الدين الخوافي الولي المشهور، ولد ونشأ بهرات، وقرأ العلم على صنوه الكبير نور الدين محمد

الخوافي، وسافر معه إلى قندهار ثم إلى كابل، ومات بها صنوه نور الدين سنة ثمان

وتسعمائة، فتقرب إلى بابر شاه التيموري، وصاحبه في الظعن والإقامة، وجاء معه إلى بلاد

الهند وولي الصدارة الجليلة، فسكن بمدينة آكره وأسس بها مدرسة عظيمة ومسجداً

كبيراً.

وله مصنف لطيف في تاريخ الهند، وكان شاعراً مجيد الشعر، مات في سنة أربعين

وتسعمائة في جنار كده، فنقل جسده إلى آكره ودفن بمدرسته.

الشيخ زين العابدين الدهلوي

الشيخ الصالح زين العابدين الحنفي الدهلوي المشهور بأدهن- بفتح الهمزة وتشديد الدال

الهندية- كان جد الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي من جهة الأم، قرأ على

الشيخ عبد الله بن إله داد التلنبي، وأخذ الطريقة عن الشيخ سماء الدين الملتاني، وكان

شديد التعبد والتورع منور الشيبه، عرض عليه إبراهيم بن سكندر اللودي سلطان الهند

الحجابة فلم يقبلها.

مات سنة أربع وثلاثين وتسعمائة بدهلي، كما في أخبار الأخيار.

حرف السين المهملة

الشيخ سالار بن هبة الدين الكوروي

الشيخ العالم الفقيه سالار بن هبة الدين الحنفي الكوروي، أحد المشايخ الجشتية، ولد

ونشأ بكوزه- بالراء الهندية- واشتغل بالعلم من صنوه على أساتذة بلدته ثم سافر إلى بلاد

أخرى، وأخذ عن الشيخ يعقوب السوسي، ثم لازم الشيخ شمس الحق الجونبوري وانتفع، ثم

صحب الشيخ نظام الدين الفتحبوري ولازمه مدة، ثم لبس الخرقة من الشيخ بهاء الدين

الجونبوري ورجع إلى بلدته وقام بنشر العلوم والمعارف.

وكان زاهداً عفيفاً، متين الديانة، كثير التعبد، نبغ من أعقابه الأجلاء منهم الشيخ جمال.

توفي يوم الأربعاء لثلاث بقين من ربيع الآخر وقيل لثمان خلون من ربيع الأول سنة ست

وأربعين وتسعمائة.

الشيخ سراج الدين الكالبوي

الشيخ العالم الصالح سراج الدين بن عبد الملك بن إبراهيم الكالبوي، أحد العلماء المبرزين

في العلوم العربية، قرأ الكتب الدرسية على والده وتفنن عليه بالفضائل، وكان له ذكاء

مفرط، مات في حياة والده، كما في كلزار أبرار.

الحكيم سراج الدين الكجراتي

الشيخ الفاضل سراج الدين الكجراتي الحكيم، كان من العلماء العاملين وعباد الله

الصالحين، أدرك الشيخ برهان الدين عبد الله بن محمود الحسيني البخاري

ص: 342

وبايعه، ثم لازم

الشيخ علي الخطيب وأخذ عنه، وكان يتستر بزي الأطباء، يعالج الناس ويداويهم في

الأمراض، وبشره محمد بن عبد الله الحسيني البخاري أنه سيداوي محمود شاه الكجراتي

الكبير في مرض القلب، فاتفق أن أحداً من ندماء السلطان ابتلي بداء عجز الأطباء عنه،

فدله أحد أصحابه إلى سراج الدين الحكيم وعافاه الله سبحانه بعلاجه، فذكره الرجل

المذكور عند السلطان، فاشتاق إليه ولقيه ذات ليلة واعتقد في صلاحه، وعرض عليه أنه

يريد أن يأخذ الطريقة عنه، فقال له الحكيم إنه سيجيب عنه. ولما رجع السلطان إلى منزله

بعث إليه رسالة وكتب إليه أن السلطان إن عزم على ذلك فعليه أن يستخدمه، فجعله

مستوفي الممالك. وفي مناقب الحضرة الشاهية للشيخ جعفر أنه استخدمه في زمرة الأطباء،

وهذا هو الأوفق، فصاحبه سراج الدين مدة ولقنه الذكر وألقى إليه النسبة، فلما بلغ

السلطان مبلغ الكمال اعتزل عنه وعاهده أن لا يتردد إليه قط ويتركه على حاله، وكان

الناس يعتقدون بزهده واستغنائه، فلما قبل الخدمة السلطانية تنفروا منه وظنوا أنه كان

مزوراً وطعنوا عليه طعناً بالغاً، والحكيم كان لا يلتفت إلى ذلك. ذكره مرزا محمد في مرآة

سكندري.

الشيخ سعد الدين اللاري

الشيخ العالم المحدث سعد الدين اللاري ثم الهندي المندوي، كان شيخ المحدثين والمفسرين

في عصره، مات لإحدى عشرة خلون من جمادي الأولى سنة اثنتين وتسعمائة بمدينة مندو،

فاغتم الناس بموته. ذكره محمد قاسم في تاريخه.

مولانا سعد الله اللاهوري

الشيخ الفاضل سعد الله بن إبراهيم بن فتح الله الملتاني ثم اللاهوري، أحد العلماء

المشهورين في كثرة الدرس والإفادة، ولد بملتان سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، وقرأ بعض

الكتب الدرسية على والده ولازمه إلى سنة اثنتين وثلاثين، وفي تلك السنة توفي والده أو

بعد ذلك بقليل، فسافر إلى لاهور وقرأ على الشيخ عبد الرحمن بن عزيز الله الملتاني، ذكره

محمد بن الحسن، وقال بختاور خان إنه قرأ على والده ثم على الشيخ با يزيد الديبالبوري

وسكن بلاهور، وكان كثير الدرس والإفادة، وأخذ عنه الشيخ منور بن عبد المجيد

اللاهوري وخلق كثير من العلماء.

توفي سنة تسع وتسعين وتسعمائة وله ثمان وسبعون سنة، قال بختاورخان في كتابه مرآة

العالم: إن سنة ولادته تستفاد من لفظ ذاكر وأيام عمره تستخرج من لفظ حكيم ومن

مجموعهما تستخرج سنة وفاته.

الشيخ سعد الله الدهلوي

الشيخ الفاضل سعد الله بن فيروز بن موسى بن معز الدين البخاري الدهلوي، كان جد

الشيخ عبد الحق بن سيف الدين المحدث، ولد ونشأ بدهلي وقرأ العلم، ثم أخذ الطريقة

عن الشيخ محمد بن منكن الصديقي الملاوي، وكان زاهداً عفيفاً، متين الديانة، قانعاً على

اليسير.

مات يوم الجمعة لثمان بقين من ربيع الأول سنة ثمان وعشرين وتسعمائة بدهلي، كما في

أخبار الأخيار.

الشيخ سعد الله البيانوي

الشيخ الفاضل سعد الله النحوي البيانوي، أحد العلماء الصالحين، كان أصله من شرق

الهند، قرأ العلم على أساتذة عصره، ثم لازم الشيخ محمد غوث الكواليري صاحب

الجواهر الخمسة وأخذ عنه، وعكف على دعوة الأسماء في الأربعينات مدة، ثم سكن

ببيانه ودرس وأفاد حتى صار مرجعاً في أنواع العلوم، وكان له ذكاء مفرط لم يكن في زمانه

مثله في النحو، قرأ عليه عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني كافية ابن الحاجب وذكره في

تاريخه، توفي سنة تسع وثمانين وتسعمائة.

الشيخ سعد الله اللاهوري

الشيخ الفاضل سعد الله اللاهوري المعروف ببني إسرائيل، كان من العلماء المتصوفين،

أخذ العلم والطريقة عن الشيخ نجيب الفياض والشيخ إسحاق بن كاكو، وأخذ عنه غير

واحد من العلماء وكان صاحب أطوار مختلفة، كان متشرعاً في بداية حاله وقافاً عند

ص: 343

حدود الله وأوامره ونواهيه، ثم عشق مغنية فأصبح هائماً يتردد في الأسواق ويرتكب

المناهي كلا، والناس كانوا يعتقدون بولايته في تلك الحالة أيضاً ويقبلون الأرض بين يديه، ثم

وفقه الله بالإنابة إليه فتاب وأحسن أعماله وجعل سلوكه على إحياء العلوم للغزالي، وله

مصنفات عديدة، أحسنها شرح بسيط على جواهر القرآن للغزالي، مات وله ثمانون سنة،

ذكره البدايوني.

الشيخ سعد الله السندي

الشيخ الفاضل سعد الله الحنفي السندي، كان من أجلة العلماء، وولده عبد الله هاجر

إلى مكة المباركة مع القاضي عبد الله بن إبراهيم السندي، كما في تحفة الكرام.

الشيخ سعدي البرهانبوري

الشيخ العالم الصالح سعدي بن محمد بن يوسف القرشي البرهانبوري، أحد رجال العلم

والطريقة، أخذ عن والده وتصدر للإرشاد والتلقين بعده سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة،

وكان على قدم أبيه، توفي سنة ست وثمانين وتسعمائة، ذكره محمد بن الحسن في كلزار

أبرار.

الشيخ سعيد الحبشي

الشيخ الصالح سعيد بن أبي سعيد الحبشي المدفون بأحمد آباد، كان من كبار العلماء

ذكره عبد القادر الحضرمي في النور السافر، وقال: إنه كان متعصباً للإمام أبي حنيفة حتى

أنه ربما حمله ذلك على تنقيص الإمام الشافعي، وكان فقيهاً مشاركاً في كثير من العلوم

والفنون، يحفظ القرآن الكريم ويختم في رمضان خمس ختمات، وكان أمراء الحبشان

يعظمونه غاية التعظيم، وكانوا جعلوا له معلوماً يوازي خمسة عشر ألف ذهب، ولما حج قرأ

على الشيخ ابن حجر الهيتمي وكان له رغبة في تحصيل الكتب، توفي سنة إحدى وتسعين

وتسعمائة بأحمد آباد.

الشيخ سلطان بن قاسم المانكبوري

الشيخ الصالح سلطان بن قاسم بن أحمد بن نظام الدين العمري المانكبوري، أحد المشايخ

الجشتية، ولد ونشأ بمانكبور، وأخذ عن أبيه وتولى الشياخة بعده، أخذ عنه ولده عبد

الله وجمع كثير، مات لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وتسعمائة بمانكبور، كما

في أشرف السير.

الشيخ سلطان شاه الغزنوي

الشيخ الفاضل سلطان شاه الغزنوي من الرجال الصالحين، أخذ عن الشيخ محمد بن عبد

الله الحسيني البخاري ولازمه ملازمة طويلة، وأخذ عنه الشيخ فضل الله الكاشاني في

رجال آخرين، توفي يوم الاثنين لعشر بقين من صفر سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، كما في

مرآة أحمدي.

الشيخ سليم بن محمد السيكروي

الشيخ العارف المعمر سليم بن محمد بن سليمان بن آدم بن موسى بن مودود ابن سليمان

بن فريد الدين مسعود الأجودهني ثم السيكروي الفتحبوري، كان من الرجال المشهورين

بالولاية، ولد سنة سبع وسبعين، وقيل أربع وثمانين، وقيل سبع وتسعين، وثمانمائة، وقرأ العلم

على العلامة مجد الدين السرهندي وعلى غيره من العلماء، ورحل إلى الحجاز مرتين وتقلب

في بلاد الشام والعراق والروم والمغرب، وزار الطف والنجف وبغداد والقدس الشريف،

وأخذ الطريقة القادرية عن الشيخ مرتضى عن جلال الدين البخاري عن نور الدين عن عبد

الله الطواشي عن المجذوب البربري عن كمال الدين الكوفي عن أبي سعيد أبي الفتح

البغدادي عن الشيخ عبد القادر الكيلاني، ذكره العطار في مجمع الأبرار.

وقال الشيخ عبد الحق في أخبار الأخيار: إنه رحل إلى الحجاز قبل تزوجه سنة إحدى

وثلاثين وتسعمائة، فحج وزار وساح بلاد العرب والعجم وصحب المشايخ وأخذ عنهم

وعاد إلى الهند بعد مدة طويلة، وأقام على جبل مطل قريباً من سيكري على اثنى عشر

ميلاً من آكره، وتزوج ورزق الأولاد، ورحل مرة ثانية إلى الحجاز في فتنة هيمون البقال سنة

اثنتين وستين وتسعمائة وسافر إلى البلاد ورجع إلى الهند سنة ست وسبعين

ص: 344

وتسعمائة في

أيام أكبر شاه التيموري، ورزق حسن القبول في آخر عمره، واعتقد في فضله وصلاحه أكبر

شاه المذكور وبنى له زاوية جميلة ومسجداً كبيراً ومدرسة عالية على قلة الجبل، ثم بنى

مدينة كبيرة جامعة بين الحسن والحصانة وسماها فتحبور، وكان أكبر شاه له رغبة إلى

الأولاد فدعا له الشيخ وبشره بثلاثة أبناء، فرزق الثلاثة وظن أنه من بركة دعائه، انتهى.

وقال البدايوني في تاريخه: إنه حج اثنتين وعشرين حجة، أربعة عشر حجاً في المرة الأولى،

وثماني حجات في المرة الثانية، قال: وكان يقضي أيامه في السياحة كل سنة ويرجع إلى

الحجاز في موسم الحج، وفي المرة الثانية أقام بمكة المباركة أربع سنوات، وفي المدينة الطبية

كذلك، وكان رفيقه في السفر في المرة الثانية الشيخ يعقوب بن الحسن الصرفي الكشميري.

توفي يوم الخميس ليوم بقي من رمضان سنة تسع وسبعين وتسعمائة، وأرخ لعام وفاته بعض

أصحابه شيخ هندي.

سليم شاه السوري

الملك العادل سليم شاه بن شير شاه السوري السهسرامي سلطان الهند، قام بالأمر بعد

والده لخمس عشرة خلون من ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة، واستقل به تسع

سنين، وكان على قدم أبيه في تعمير البلاد وتكثير الزراعة وإرضاء النفوس والإحسان إلى

الناس كثير التعبد، يصلي بالناس في المساجد، ويكرم العلماء ويحسن إليهم ويذاكرهم في

العلم، ولم يرغب قط إلى المسكرات، وقد وضع بعض القوانين لعساكره وأضاف إلى ما

وضع والده.

منها أنه رتب عساكره على نظام جديد، فرتبها على طوائف صغيرة وكبيرة، أما الصغيرة

فهي اخمسون 2 مائتان 3 وخمسون ومائتان 4 وخمسمائة، والكبيرة فهي 1 خمسة آلاف 2

وعشرة آلاف 3 وعشرون ألفاً، ورتب الأمراء عليها بذلك الترتيب.

ومنها أن يعين في كل خمسين فرسين كاتب يعرف اللغة الفارسية وكاتب يعرف اللغة

الهندية.

ومنها أنه رتب القضاة لهم خاصة واحداً من الأفغان وواحداً من الهنود.

ومنها أنه وسع قانون المعسكر لوالده، وعين المقامات العديدة من سناركانون إلى حدود

كابل ليقيم العساكر بها.

ومنها أنه بالغ في عمارة الطريق فوق ما كانت عليه، وبنى الزوايا الأخر بين مستعمرات أبيه

المرحوم.

توفي سنة إحدى وستين وتسعمائة.

الشيخ سليمان بن إسرائيل اللاهوري

الشيخ الفاضل سليمان بن إسرائيل الحنفي اللاهوري، أحد رجال العلم والطريقة، ولد

ونشأ بلاهور، وأخذ عن الشيخ صدر الدين الحليم عن أبيه الشيخ عماد الدين إسماعيل

عن أبيه الشيخ ركن الدين الكلانوري عن عمه الحاج صدر الدين عن عمه الشيخ ركن

الدين أبي الفتح فيض الله بن محمد الملتاني، وسافر للحج والزيارة سبع مرات، وحصل له

القبول العظيم من طائفة ككهر، ولما مات قام مقامه ولده عبد الشكور، ثم ولده عبد

المجيد، ثم ولده الشيخ منور، ذكره محمد بن الحسن في كلزار أبرار.

الشيخ سليمان بن عفان المندوي

الشيخ العالم الفقيه سليمان بن عفان الدهلوي ثم المندوي، أحد المشايخ المعروفين بالفضل

والصلاح، كان له شأن كبير في إرشاد الناس وتربيتهم وتلقينهم، سافر إلى بلاد شاسعة

وأخذ عن غير واحد من العلماء والمشايخ ومهر في التجويد والقراءة، أخذ عنه الشيخ عبد

القدوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي ولبث في زاويته مدة طويلة، كما في أخبار

الأخيار.

وقال محمد بن الحسن في كلزار أبرار إنه خرج من دهلي في الفتنة التيمورية سنة إحدى

وثمانمائة فدخل مندو وسكن بها، ثم ذهب إلى كجرات، ومن هناك إلى الحرمين الشريفين

وأقام بها خمسين سنة، ثم عاد إلى الهند وسكن بمندو، وتوفي بدهلي لأربع عشرة خلون

من محرم سنة خمس وأربعين وقيل خمسين وتسعمائة، فدفن بمقبرة الشيخ قطب الدين بختيار

الكعكي.

ص: 345

سليمان خان الكراني

الملك العادل الفاضل سليمان خان الكراني، السلطان الصالح، قام بالملك في أرض بنكاله

بعد صنوه تاج خان واستقل به، وكان عادلاً فاضلاً كريماً، شديد التعبد، كثير الرأفة

بالناس، كثير البر والإحسان يقوم الليل ويصلي بالجماعة، ويذاكر العلماء في الحديث والتفسير

ويحسن إليهم، ويصاحبه مائة وخمسون عالماً في الظعن والإقامة، مات سنة ثمان وتسعين

وتسعمائة.

الشيخ سماء الدين الملتاني

الشيخ الفاضل العلامة سماء الدين بن فخر الدين بن جمال الدين الملتاني ثم الدهلوي، أحد

العلماء المشهورين، ولد سنة ثمان وثمانمائة، واشتغل بالعلم من صغره، وقرأ على مولانا ثناء

الدين الملتاني، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ كبير الدين الحسيني البخاري، وتصدر للدرس

والإفادة فدرس مدة ببلدته، ثم خرج منها ورحل إلى رنتهنبور فأقام بها زماناً، ثم دخل بيانه

وأقام بها برهة من الزمان، ثم دخل دهلي وسكن بها، وكان من طائفة كنبو، واختلف

الناس في أصل هذه الطائفة فقيل: إن الواو في كنبو للنسبة، وهي منسوبة إلى كنب- بلدة

متصلة بغزنة- كما أن الواو في هندو للنسبة والمراد به من يسكن في الهند، وقيل: إنه

مخفف من كم أنبوه كلمة فارسية معناه قليل الجماعة، وأطلق هذا اللفظ على فئة قليلة من

العسكريين غلبوا على فئة كبيرة باذن الله سبحانه فسموا بذلك، وعلى كل حال فإن سماء

الدين كان من تلك الطائفة، ونسبه يرجع إلى مصعب بن الزبير رضي الله عنه على ما حققه

الشيخ زين العابدين الدهلوي في مصباح العارفين والشيخ تراب علي اللكهنوي في بعض

مصنفاته.

وكان سماء الدين شيخاً وقوراً عظيم الهيبة، ذا زهد واستقامة وتورع راغباً عن الدنيا، لم

يزل مشتغلاً بالدرس والإفادة ودعاء الخلق إلى الله سبحانه مع قناعة وعفاف، كف بصره

في آخر عمره ثم أعاده الله سبحانه عليه بغير دواء.

وله مصنفات منها: شرح بسيط على اللمعات للشيخ فخر الدين العراقي، ومنها مفتاح

الأسرار وأكثرها مأخوذ من رسائل الشيخ عزيز النسفي.

توفي لثلاث عشرة بقين من جمادي الأولى سنة إحدى وتسعمائة بدهلي.

الشيخ سيف الدين الدهلوي

الشيخ الفاضل سيف الدين بن سعد الله بن فيروز البخاري الدهلوي، أحد رجال العلم

والطريقة، ولد ونشأ بدهلي في بيت علم وصلاح، وأخذ عن الشيخ عبد الملك بن عبد

الغفور الباني بتي وعن غيره من العلماء والمشايخ وصحبهم واستفاض منهم، وله رسالة

تسمى بالمكاشفات في الحقائق والتوحيد، وله سلسلة الوصال منظومة بالفارسية، وكان

شاعراً مجيد الشعر صاحب أذواق ومواجيد، ومن شعره قوله:

كون ومكان به بر تو حسن وجمال اوست وين طرفه ترنكر كه نه كون است ونه مكان

مات لثلاث بقين من شعبان سنة تسعين وتسعمائة، ذكره ولده عبد الحق في أخبار

الأخيار.

الشيخ سيف الدين الكاكوروي

الشيخ الفاضل سيف الدين بن نظام الدين بن نصير الدين بن محمد صديق العلوي

الكاكوروي، أحد العلماء المبرزين في القراءة والتجويد، ولد سنة سبع وستين وثمانمائة وأخذ

عن والده ولازمه ملازمة طويلة، وسكن بكاكوري- قرية جامعة من أعمال لكهنو على

تسعة أميال منها- وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه ولده نظام الدين بهيكه وقرأ عليه خلاصة

التجويد للشاطبي وشرح العقائد وغيرها.

توفي في شهر ذي القعدة سنة تسع وخمسين وتسعمائة بكاكوري، كما في كشف المتواري.

حرف الشين المعجمة

مولانا شاه أحمد الشرعي

الشيخ الفاضل شاه أحمد الشرعي الجنديروي، أحد العلماء المبرزين في دعوة الأسماء،

وكان زاهداً عفيفاً، متين الديانة، كثير التعبد، لا يتردد إلى

ص: 346

الأغنياء، والملوك والأمراء كانوا

يحضرون لديه في كل أسبوع بعد صلاة الجمعة، وله مصنفات طارت بها العنقاء، ذكره

الشيخ عبد الحق في أخبار الأخيار وقد عزا إليه هذه الأبيات:

عجباً لقوم ظالمين تلقبوا بالعدل ما فيهم لعمري معرفه

قد جاءهم من حيث لا يدرونه تعطيل ذات الله مع نفي الصفه

رداً على الزمخشري في قوله:

وجماعة سموا هواهم سنة وجماعة حمر لعمري موكفه

قد شبهوه بخلقه وتخوفوا شنع الورى فتستروا بالبلكفه

وقد عزا بعض العلماء هذه الأبيات إلى الإمام فخر الدين الجاربردي، وهو ممن اجتمع

بالقاضي البيضاوي وأخذ عنه، والله أعلم، مات سنة ثمان وعشرين وتسعمائة.

شاه قلي التركماني

الأمير الكبير شاه قلي التركماني، المشهور بالعقل والدهاء، بعثه إسماعيل بن الحيدر

الصفوي ملك الفرس إلى برهان نظام شاه البحري ملك أحمد نكر فخدمه مدة، ثم خدم

ولده حسين نظام شاه ثم ولده مرتضى نظام شاه، واستمر سنين في الخدمة، فلقبه نظام شاه

صلابت خان ورفع منزلته، وفوض إليه مفتاح القلعة، وجعله رأس النوبة، وأمره على

خاصة خيل، وأقطعه أعمالاً من أرض بير، ثم ولاه الوكالة المطلقة فعنى صلابت خان بسد

الثغور وتعمير البلاد وتكثير الزراعة وغرس الأشجار المثمرة، حتى قيل إنه غرس خمسمائة

ألف من الأشجار المثمرة بأرض أحمد نكر وأعمالها، وأنشأ حديقة غناء بأمر مرتضى نظام

شاه بمدينة أحمد نكر، واستمر مدة مديدة في الوزارة والوكالة، وكان عصره أحسن الأعصار

وزمانه أنضر الأزمنة، ولكن مرتضى نظام شاه لما اعتراه الجنون وكان معتزلاً في قصر من

القصور الشاهانية كتب إليه في جنونه رقعة يأمره بقيد نفس وأن يحتبس بقلعة كيرله على

حد مندو، وكان صلابت خان يؤثر طاعته ففعل، وتعب لأجله العسكر، ومن بعده تلوعب

بنيابة السلطة وقتل مرتضى نظام شاه بعد مدة يسيرة، وولي ولده حسين ثم قتل وولي

إسماعيل، وركب جمال خان المهدوي بجمع كثير من أهل الدكن ومعه سيف الملوك ألغ

خان الحبشي برجاله إلى قلعة أحمد نكر، وقاتلوا أهلها وقتلوا من قتل الحسين، ثم توجهوا

إلى المحل الذي كان فيه إسماعيل نظام شاه فحيوه بتحية السلطة، وقال جمال خان لسيف

الملوك: خربت بيت نظام شاه فاستدركه بتدبيرك! فقال له سيف الملوك: ما يصلح لهذا إلا

صلابت خان وهذا وقت طلبه، فطلبوه، ثم اجتمع جمال خان برجاله وقال لهم: متى نجد

مثل هذه الفرصة للدولة ولا حاجة إلى صلابت خان فتفرقوا على أن نيابة السلطة لجمال

خان، وأما صلابت خان فوصل إليه كتاب سيف الملوك ووصل قبل وصوله كتاب الملكة

جاند بي بي تعاتبه فيه وتقول: لا يشك أحد في كياستك إلا أنه مثل لدى العوام إذا المتكلم

مجنون فليكن المستمع عاقلاً، وكان المجنون بالفعل نظامك والعاقل أنت فمن يعذرك فيما

تقيدت به هنا حتى سم نظامك وذبح ولده وخرب الملك بتلاعب الأجانب به وكنت فيه

من حسناته فصرت باعتزالك عنه من سيئاته، فاعزم على سلامة الله عسى تتلافاه عسى،

فنزل صلابت خان وفي ساعة وصوله إلى برار اجتمع به أميرها وكتب إليه من كان في أيامه

من الأمراء بالطاعة والطلب له، فتوجه إلى أحمد نكر في نحو عشرة آلاف فارس، وأخرج

جمال خان نظام شاه الصغير إليه محارباً وحرضه الأمراء على الحرب، فأبى صلابت خان

وأرسل يقول جئت مطلوباً وما من صفتي مقابلة صاحبي نظام شاه حرباً وها أنا راجع

يبارك الله له ولكم في الملك، ثم إنه رجع إلى برار وجماعة من الأمراء في أثره إلى أن دخل في

حد برهانبور، وبعد الاجتماع بعادل شاه البرهانبوري رآه يميل إلى سلطة نظام شاه، فأرسل

ما كان معه من الخيل والسلاح، والأفيال إلى جمال خان وكتب: لست الآن بطالب رياسة

ولا شيء من الدنيا إلا أني ما دمعت هنا لا يمكنني سوى الطاعة، فأريد الضيعة التي

عمرتها تحت العقبة المسماة بسي كام للسكنى، وحيث

ص: 347

كان جمال خان خصيصاً به في

أيامه بادر إلى ذلك، ووصل صلابت خان واستقبل جمال خان بمن معه ودخلوا القلعة

جميعاً، وبعد الاجتماع لصاحبه خرج إلى منزله وأقام ثلاثة أيام، ثم خرج إلى شاه كوه وهو

جبل مطل على أحمد نكر قد بنى بقلته قبة وبستاناً واتخذه لنفسه مقبرة، وقد تقدمت

امرأته إلى القبة وجمال خان وأكثر الأمراء معه، فزار امرأته ومدت السفرة، واجتمع هو

وإياهم عليها، ثم نزل وودعهم وسار إلى الضيعة وسكن بها إلى أن مات، ذكره الآصفي في

ظفر الواله.

وكان عاقلاً عادلاً، كاملاً في ذاته وصفاته، محباً لأهل العلم محسناً إليهم، منهم الملك القمي

والظهوري الترشيزي وآخرون، مات سنة ثمان وتسعين وتسعمائة فدفن بالقبة.

السيد شاه مير الأكبر آبادي

السيد الشريف شاه مير بن محمد بن معين بن أشرف الشيرازي ثم الهندي الأكبر آبادي،

أحد العلماء المبرزين في العلم والمعرفة، يتصل نسبه بأربع وسائط بالسيد الشريف زين الدين

علي الجرجاني، قدم كجرات ثم دخل آكره وأخذ عن الشيخ عبد الملك بن عبد الغفور

الباني بتي.

وكان طيباً بشوشاً منبسطاً، ماهراً في الإنشاء والشعر، وفن جر الثقيل وكثير من البدائع،

قانعاً عفيفاً ديناً تقياً متورعاً، يدرس ويفيد بآكره في حوار المفتي بهاء الدين.

وكان له تلميذ يدعى بمولانا فريد الأعور، وكان من نوادر العصر فإنه لم يقرأ الكتب الدرسية

ولكنه إذا عرضت عليه المسائل الغامضة من أي علم كانت، كان يأخذ القلم ويكتب ما

ينحل به العقد، وكان لا يقدر أن يقرر أن يقرأ شيئاً من الكتاب، حتى إنه كان لا يستطيع أن

يقرأ ما يكتب بيده، وكان الشيخ ضياء الله بن محمد غوث الكواليري يعتقد بكماله ويتبرك

به فضلاً عن أستاذه السيد المشار إليه، وذلك يدل على فضله وبراعته في العلم والمعرفة

ذكره البدايوني.

مات يوم الأربعاء سن ست وتسعين ببلدة آكره، كما في أخبار الأصفياء.

شاهي بيك القندهاري

الملك الفاضل شاهي بيك بن ذي النون الأرغون القندهاري السلطان الفاضل، قام بالملك

بعد والده في قندهار واستقل به مدة من الزمان، ثم نزع عنه بابر شاه التيموري فقدم أرض

السند وفتحها واستولى على تلك البلاد.

وكان عالماً بارعاً في المعقول والمنقول، له مصنفات عديدة منها شرح كافية ابن الحاجب في

النحو، وله تعليقات على شرح المطالع، وتعليقات على شرح السراجية للسيد الشريف في

المواريث، وتعليقات على غير تلك الكتب والرسائل.

مات لليلتين خلتا من شعبان سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، فدفن ببكر من بلاد السند،

ثم نقل جسده إلى مكة المباركة فدفن بالمعلاة، ذكره النهاوندي في المآثر.

الشيخ شرف الدين الكجراتي

الشيخ الكبير شرف الدين بن عبد القدوس الكجراتي ثم البرهانبوري المشهور بشهباز،

كان من المشايخ المشهورين في عصره، ولد بكجرات، وسافر مع والده في صغر سنه إلى

خانديس فقرأ العلم بها على أساتذة عصره، ثم عاد إلى أحمد آباد، وأخذ الطريقة عن

الشيخ علي الخطيب الكجراتي ولازمه زماناً، ثم رجع إلى برهانبور وتصدر للإرشاد.

وكان زاهداً قانعاً، متوكلاً لا يتردد إلى أرباب الدنيا ولا يأكل من مطبخهم، وكان إذا اعتراه

أمر مهم يذهب إلى الصحراء ويصلي ويراقب، ذكره محمد بن الحسن في كلزار أبرار.

توفي لعشر خلون من ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وتسعمائة.

الشيخ شرف الدين الشيرازي

الشيخ الفاضل شرف الدين الشطاري الشيرازي، أحد العلماء المشهورين، ولد ونشأ

بشيراز، وقرأ العلم على أساتذة بلاده ثم قدم الهند، وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد غوث

الشطاري الكواليري، ولازمه مدة

ص: 348

بأحمد آباد كجرات، ثم سافر إلى بيجابور وسكن بها، له

حاشية على تفسير البيضاوي، توفي سنة أربع وثلاثين وتسعمائة.

مولانا شعيب الواعظ الدهلوي

الشيخ العالم الصالح شعيب بن المفتي منهاج الحنفي الدهلوي، أحد العلماء المذكرين، قرأ

العلم على والده وتفنن في الفضائل عليه، وكان حسن السيرة والصورة، غزير العلم كثير

العمل، وكانت مواعظه مؤثرة في القلوب، لا يمكن لأحد أن يمر بموضع يذكر فيه فيتجاوز

عنه بدون أن يستمع إلى وعظه، والعلماء كانوا يحضرون في مجالس وعظه ويتأثرون به.

مات سنة ست وثلاثين وتسعمائة، فدفن على الحوض الشمسي بدهلي القديمة، كما في

أخبار الأخيار.

الشيخ شكر الكجراتي

الشيخ العالم الفقيه شكر النائطي الكجراتي، أحد عباد الله الصالحين، ولد ونشأ بقرية

بهيمزي على مسيرة ثلاثة أيام من أحمد نكر، وقرأ العلم على أساتذة عصره ودرس وأفاد

مدة مديدة، ثم ترك البحث والإشتغال وانقطع إلى الزهد والعبادة، توفي نحو سنة سبعين

وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

القاضي شكر الله السندي

الشيخ العالم الفقيه القاضي شكر الله بن وجه الدين بن نعمة الله بن عرب شاه بن ميرك

شاه بن المحدث جمال الدين الحسني الدشتكي الشيرازي ثم التتوي السندي، كان من

العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، انتقل من هراة إلى قندهار سنة ست وتسعمائة،

وإلى تته من بلاد السند سنة سبع وعشرين وتسعمائة، فولي القضاء بها في أيام شاهي بيك

واستمر في القضاء سنين.

وكان فقيهاً محدثاً تقياً، مشكور السيرة في القضاء مهاباً رفيع القدر، لا يخاف في الله

سبحانه أحداً، حتى قيل إن شاه حسين بن شاهي بيك ملك السند اشترى أفراساً من

بعض التجار وماطله في أداء الثمن، فرفع التاجر القضية إلى القاضي، فأمر أن يحضر

السلطان بين يديه ويقوم حيث ما قام التاجر، ثم قضى عليه بحق التاجر، فأرض السلطان

التاجر، ثم قام القاضي من مقامه وخدم السلطان على جري العادة، فقعد السلطان عنده

وأراه خنجراً كان معه، وقال له: جئت به لأقتلك لو عدلت عن الحق مهابة مني، فأخرج

القاضي السيف من تحت وسادته وقال له: وضعت هذا السيف لأقتلك لو جاوزت عن

حدك، ثم خرج السلطان مسروراً وكان مطله في أداء الثمن لأجل الإمتحان، ثم بعد مدة

من الزمان استعفى القاضي عن القضاء ولازم بيته معتزلاً عن الناس، ذكره القانع في تحفة

الكرام.

مولانا شمس الدين السلطانبوري

الشيخ الفاضل شمس الدين بن أحمد بن شمس الدين بن كمال الدين الملتاني ثم

السلطانبوري، كان من العلماء المبرزين في المنطق والحكمة، وكان جده كمال الدين من

تلامذة السيد الشريف زين الدين علي الجرجاني صاحب المصنفات المشهورة، ذكره محمد

بن الحسن.

الشيخ شمس الدين الملتاني

الشيخ العالم الفقيه شمس الدين بن صدر الدين بن شهر الله الملتاني ثم اللاهوري، كان من

نسل الشيخ الكبير بهاء الدين زكريا الملتاني، أخذ عن والده وقدم لاهور فسكن بها، توفي

لأربع بقين من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، كما في أخبار الأصفياء.

الشيخ شمس الدين البيجابوري

الشيخ الفاضل العلامة شمس الدين الشطاري الشيرازي ثم البيجابوري، أحد العلماء

المبرزين في الدعوة والتكسير والجفر الجامع، ولد ونشأ بشيراز وأخذ العلم عن أساتذة

عصره، وصنف حاشيتة على تفسير البيضاوي، ثم قدم الهند وأخذ الطريقة عن الشيخ

محمد غوث الكواليري صاحب الجواهر الخمسة، وسكن بمدينة بجيابور خارج البلدة على

خمسة أميال من تلك البلدة، واستقام على الطريقة مدة حياته مع قناعة وعفاف وتوكل

واستغناء عن الناس.

ص: 349

أخذ عنه محمد بن الحسن المندوي التكسير والجفر الجامع بمدينة مندو حين نزل بها

راجعاً عن بلدة كواليار، ذكره في كلزار أبرار وقال: إنه توفي في شهر رجب سنة ست وثمانين

وتسعمائة.

حكيم الملك شمس الدين الكيلاني

الشيخ الفاضل الفاضل العلامة شمس الدين حكيم الملك الكيلاني، أحد كبار العلماء

المبرزين في العلوم الحكمية، لم يكن له نظير في المنطق والحكمة وسائر الفنون النظرية، كان

جيد المشاركة في النحو والفقه وأصوله، لم يزل مشتغلاً بالدرس والإفادة.

وكان رجلاً كريماً باذلاً، صدوقاً راسخ الوداد، محسناً إلى طلبة العلم، يقربهم ويقرءهم في

علوم متعددة، ولا يتردد إلى بيوت الناس لئلا يفوته الدرس، وكان لا يأكل الطعام وحده بدون

طلبة العلم.

وكان أخذ العلم عن الشيخ شاه محمد الشاه آبادي وعن غيره من العلماء ودخل دهلي،

فطابت له الإقامة بها، واختص بمصاحبة أكبر شاه التيموري ونال الصلات والجوائز منه،

وكان نافذ الكلمة عند الملوك والأمراء، يشفع للمحاويج ويحسن إلى الناس.

ولما دخلت في الحضرة طائفة من علماء السوء ودسوا في قلب الملك أشياء من المنكرات

طفق يجادلهم، فكان يجتهد في الموعظة والمجادلة الحسنة، ثم إنه لما رأى استيلاء الكفر

والفسوق على صاحبه خرج من الحضرة وسار إلى الحجاز سنة ثمان أو تسع وثمانين

وتسعمائة فمات بها، ذكره البدايوني في تاريخه.

مير شمس الدين العراقي

الشيخ الفاضل شمس الدين العراقي، كان من فضلا العراق، بعثه السلطان حسين مرزا

صاحب خراسان إلى الحسن بن الحيدر صاحب كشمير بالرسالة سنة اثنتين وسبعين

وثمانمائة، وكان الحسن مريضاً مات في ذلك المرض، وقام بالملك بعده ولده محمد شاه، ثم

فتح شاه ثم محمد شاه مرة ثانية، فلم ينل شمس الدين مرامه، وصحب إسماعيل الكشميري

ودعا الناس إلى التشيع فتشيع بابا على البحار- بتشديد الحاء المهملة- وسار إلى

خراسان سنة تسعمائة، فلما وصل إلى بلاده ووقف على عقائده السلطان حسين مرزا نفاه

من بلاده فرجع إلى كشمير، وبذل جهده في دعوة الناس إلى مذهبه إعلاناً، فتشيع موسى

رينه وكاجي جك وغازي جك الذين كانوا من الأمراء، فلما وقف عليه الوزير محمد بن

الحسن البيهقي في أيام محمد شاه المذكور نفاه إلى أسكرود، فاغتاظ به أصحابه وخرجوا

على محمد شاه ثم ولوا عليهم فتح شاه مرة ثانية، فقدم شمس الدين دار الملك وطابت له

الإقامة بها، وبنى له موسى رينه زاوية كبيرة بدار الملك، فبالغ في الدعوة وقتل الناس،

وأخرج بعضهم إلى بلاد أخرى فتشيع خلق كثير كرهاً، وكذلك أكره الهنادك على ذلك

حتى قيل إن أربعاً وثلاثين ألفاً من الهنود تشيعوا فضلاً عن المسلمين، واستمر على الدعوة

تسع سنين ثم قتل.

وله كتاب الأحوط صنفه لكاجي جك وهو كتاب مبسوط في الفروع والأصول، ذكره

محمد قاسم في تاريخه.

وقل إنه اخترع مذهباً جديداً سماه النور بخشية، وصنف كتاباً في الفقه لا تطابق مسائله

أهل السنة ولا مسائل الشيعة الإمامية، قال فيه: إن الله أمرني أن أرفع الاختلاف من بين

هذه الأمة في فروع سنن الشريعة المحمدية كما كانت في زمانه من غير زيادة ونقصان، وثانياً

في الأصول من بين الأمم وكافة أهل العالم باليقين، انتهى، فتبعه قوم من أهل كشمير وكانوا

يسبون الثلاثة من الخلفاء الراشدين ويسبون عائشة الصديقة رضي الله عنها وعنهم، وكانوا

يقولون إن السيد محمد نور بخش كان مهدياً موعوداً.

مولانا شمس الدين الكشميري

الشيخ الفاضل شمس الدين الحنفي الكشميري المشهور بالبال، كان من الأفاضل المعروفين

بحرية الضمير وصدق اللهجة مع التبحر في الفقه والكلام، وكان جامعاً بين الشريعة والطريقة،

متجمعاً عن الناس، فصيح العبارة قوي المباحثة، كان يخاصم العلماء ويغلبهم في أكثر

الحال.

ص: 350

سافر إلى الحرمين الشريفين بعد ما توفى مرزا حيدر الكوركاني فلم يرجع ومات بها، كما

في حدائق الحنفية.

مولانا شمس الحق الجونبوري

الشيخ العالم الصالح شمس الحق الحنفي الجونبوري المشهور بالحقاني، كان من كبار المشايخ

الجشتية، أخذ عن الشيخ محمد بن عيسى الجونبوري ولازمه ملازمة طويلة حتى برع،

وفاق أقرانه في العلم والمعرفة، ودرس وأفاد.

وكان صاحب وجد وحالة، يستمع الغناء، وربما كان يتواجد حتى يكاد أن تنزهق نفسه،

وكان لا يخاف في الله لومة لائم، فيأمر وينهى كل واحد من ملك وصعلوك، ولذلك اشتهر

بالحقاني، وكان من نوادر العصر في العلوم المتعارفة، أخذ عنه غير واحد من الأعلام، توفي

لليلتين بقيتا من المحرم سنة خمسين وتسعمائة بمدينة جونبور، كما في كنج أرشدي.

ملا شنكرف الكنائي

الشيخ الفاضل ملا شنكرف الكنائي الكشميري كان من أحفاد بابا عثمان الكنائي، ولد

ونشأ بكشمير، وقرأ العلم على أساتذة بلاده ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار،

وأخذ الحديث عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي المكي، ثم رجع

إلى كشمير وتصدر للدرس والإفادة بها، وقد رأى الشيخ.... الكشميري نسخة إجازة

الشيخ ابن حجر بخطه على ظهر أسماء الرجال، وذكره في التاريخ الأعظمي وقال: هي

موجودة عندي مع شمائل الترمذي بخط ملا شنكرف مكتوبة بمداد الزنجفر معرب

الشنكرف، ولعله أشتهر بملا شنكرف لاختياره ذلك مداداً له واسمه غير هذا، وهو عم

المفتي فيروز، كما في الروضة.

الشيخ شهاب الدين الجونبوري

الشيخ الصالح شهاب الدين الحسيني الجونبوري، أحد المشايخ السهروردية، أخذ عن

الشيخ برهان الدين محمود الحسيني عن الشيخ صدر الدين محمد بن أحمد الحسيني

البخاري الأجي، وأخذ عنه الشيخ علي بن قوام الدين الجونبوري في عنفوان أمره، كما في

العاشقية.

مولانا شهاب الدين الهروي

الشيخ الفاضل شهاب الدين الحقيري الرهوي نزيل الهند ودفينها، كان من أهل التفنن في

العلوم والجمع لها، مقدماً في المعارف متكلماً في أنواعها لا سيما الشعر والألغاز وغيرها، له

رسالة في دفع المنافاة في قوله صلى الله عليه وسلم إن الله خلق الأرض والسماوات في

سبعة أيام وفي قوله تعالى "إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام" وله

رسائل غير ذلك.

قال البدايوني: إن الشيخ المحدث جمال الدين الهروي دفع المنافاة بينهما بوجهين في تذكيره

مرة، فرد عليه الشهاب كلا الوجهين وأورد الوجوه الأخرى تلقاها العلماء بالقبول، مات حين

قفوله عن كجرات سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة.

مولانا شهيدي القمي

الشيخ الفاضل شهيدي القمي الشاعر، المشهور بالفضل والكمال، قربه إليه يعقوب

صاحب تبريز ولقبه بملك الشعراء، فلبث عنده زماناً طويلاً، ثم قدم الهند وسكن

بكجرات، وعمر طويلاً ونال الصلات الجزيلة من الملوك.

قال محمد قاسم: إن إسماعيل عادل شاه البيجابوري لما فتح بيدر سنة سبع وثلاثين

وتسعمائة وغنم أموالاً لا تحصى بحد وعد وفد عليه الشهيدي من كجرات فأمره أن

يذهب إلى الخزانة ويحمل من الدنانير ما يستطيع حمله، فاعتذر وقال له: إن لما سافر من

كجرات كان قوياً على الحمل وإنه اليوم لا يستطيع من الحمل مثل ذلك لوعثاء السفر وكآبته،

فأمره أن يذهب ويحمل ثم يذهب ويحمل مرتين وقال:

كه در تاخير آفتها است وطالب را زيان دارد

معناه أن في التأخير آفات تضر الطالبين، فدخل الخزانة مرتين وحمل الصراري المملوءة من

الذهب المسكوك، ولما عددوها ظهر أنه حمل خمساً وعشرين

ص: 351

ألف هون، فضحك عادل

شاه وقال: صدق مولانا إنه لا قوة له:

ومن شعره قوله:

زمانه بر سر آزار ما است خوي تو دارد همين سزا است كسى را كه أرزوى تو دارد

قام سام مرزا في تذكرته: إنه مات سنة خمس وثلاثين وتسعمائة، وهذا لا يصح، وقال ملا

قاطعي: إنه مات ودفن بسرخيز من بلاد كجرات.

السيد شيخ بن عبد الله الحضرمي

الشيخ الكبير السيد شيخ بن عبد الله العيدروس الحسيني الحضرمي، صاحب أحمد

آباد الذي عم نفعه سائر البلاد والعباد، وذكره الشلي في المشرع الروي وقال: إنه ولد بتريم

سنة تسع عشرة وثمانمائة، وحفظ القرآن، واشتغل بالعلم وأخذ عن والده وعن الإمام

شهاب الدين بن عبد الرحمن والشيخ عبد الله بن محمد باقشير مصنف القلائد، ثم رحل

إلى اليمن ودخل بندر عدن وأخذ بها عن الشيخ محمد بن عمر باقضام وغيره، ثم رجل

إلى الحجاز مع والده سنة ثمان وتسعمائة فحج حجة الإسلام واجتمع بالشيخ أبي الحسن

البكري وأخذ عنه، ثم رحل مع والده إلى الطيبة على مشرفها الصلاة والسلام، ثم رجع

إلى بلدة تريم، ثم حج ثانياُ بمفرده في حياة والده سنة إحدى وأربعين وجاور بمكة ثلاث

سنين على سيرة الصالحين من لزوم طلب العلم والعبادة، وأخذ عن الشيخ شهاب الدين

أحمد بن حجر الهيتمي والعلامة عبد الله بن أحمد الفاكهي وأخيه عبد القادر والعلامة

عبد الرؤف ابن يحيى والعلامة محمد بن الخطاب المالكي، ولازم هؤلاء المذكورين حتى برع

في الأصلين والتفسير والحديث والفقه والعربية والتصوف والفرائض والحساب، وكان كثير

الطواف والعمرة، وكان مدة مجاورته بمكة يزور النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم رحل

إلى زبيد وأخذ عن الحافظ عبد الرحمن بن الديبع، وأخذ بالشحر عن الشيخ الكبير أحمد

بن عبد الله بافضل الشهيد، وله من أكثر مشايخه الإجازة العامة في جميع كتبهم ومروياتهم

وليس الخرقة من خلق كثيرين وأذن له جماعة في التحكيم والإلباس، وأقام بتريم نحو ثلاث

عشرة سنة.

ثم رحل إلى الديار الهندية سنة ثمان وخمسين وتسعمائة وحظى عند الوزير عماد الملك

بأحمد آباد، فنصب نفسه للنفع والتدريس وأخذ عنه خلائق لا يحصون، منهم ولده عبد

القادر وحفيده محمد بن عبد الله السورتي والسيد ابن علي صاحب الوهط والشيخ

أحمد بن علي البسكري وعبد الله بن أحمد فلاح والشيخ محمد بن أحمد الفاكهي والشيخ

حميد بن عبد الله السندي.

وصنف كتباً مفيدة منها العقد النبوي السر المصطفوي، وكتاب الفوز والبشرى، وشرحان

على قصيدته المسماة بتحفة المريد أحدهما أكبر من الآخر، أما الكبير فالمسمى حقائق

التوحيد، وأما الصغير فالمسمى سراج التوحيد، ومولدان كذلك أحدهما أكبر من الآخر،

ورسالة في المعراج، ورسالة في العدل وورد اسمه الحزب النفيس، ونفحات الحكم عن لامية

العجم وهو على لسان التصوف ولم يكمله، وديوان الشعر، ومن شعره قوله:

لنا بالرسول المصطفى خير نسبة مسلسلة تعلو على كل رتبة

أئمة علم الله جوهر سره زواهر حلم قدوة للطريقة

شموس بدت في عالم الغيب أشرقت بدور بدت أبدال أوتار صفوة

وقد أفرد ترجمته غير واحد من العلماء منهم الشيخ حميد بن عبد الله السندي والشيخ

أحمد بن علي البسكري المكي ألف فيه رسالة سماها نزهة الإخوان والنفوس في مناقب

شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس، وذكر ابنه عبد القادر كثيراً في مقدمة

كتاب الفتوحات القدوسية في الخرقة العيدروسية وغيرها.

وكانت مدة إقامته بأ؛ مد آباد اثنتين وثلاثين سنة،

ص: 352

مات ليلة السبت لخمس بقين من رمضان

سنة تسعين وتسعمائة بمدينة أحمد آباد.

الشيخ شيخ جيو الكجراتي

السيد الشريف شيخ جيو بن محمود بن عبد الله بن محمود بن الحسين الحسيني البخاري

الكجراتي، أحد المشايخ المشهورين بكجرات، ولد بقرية أساول سنة ثلاث وخمسين

وثمانمائة، وأخذ عن والده وعمه محمد بن عبد الله الحسيني البخاري وتولى الشياخة، أخذ

عنه غير واحد من المشايخ.

توفي لثلاث عشرة بقين من ربيع الثاني سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة وله ثمان وسبعون

سنة، كما في المرآة.

الشيخ شيخ المشايخ السدهوري

الشيخ الصالح شيخ المشايخ بن خواجكي بن خير الدين بن نظام الدين الأنصاري الهروي

ثم السدهوري- بكسر السين المهملة وتشديد الدال- قرية جامع من أرض أوده، ولد ونشأ

بها وأخذ عن أبيه ولازمه مدة طويلة، وأخذ عنه غير واحد من العلماء.

شير شاه السوري سلطان الهند

السلطان العادل شير شاه بن حسن خان بن إبراهيم السوري، وكان اسمه فريد خان،

وسور قبيلة من الأفغان وهم ينتسبون إلى الملوك الغورية، انتقل جده إبراهيم من جبال

روه- بالراء والواو المهملتين- إلى أرض الهند، وتوسل ولده حسن خان بالأمير جمال خان

الأفغاني وأحسن الخدمة، فأقطعه جمال خان سهسرام وخواص بور عمالتين من توابع

رهتاس، وكان فريد خان أكبر أولاد أبيه من حليلته الأفغانية، فلما تزوج حسن خان بامرأة

أخرى ومال إليها كل الميل خرج من عنده وسافر إلى جونبور وأقام بها زماناً، وقرأ بها

كلستان وبوستان وسكندر نامه وكافية ابن الحاجب مع حواشيها وقرأ بعض العلوم

المتعارفة، فلما أن جاء حسن خان إلى جونبور قدمه بعض أصدقائه، إلى أبيه فأخذه معه

وولاه على أقطاعه، ثم لما كان مؤثراً لأبنائه وأمهم عزله بعد مدة يسيرة ونصب مكانه ابنيه

أحمد وسليمان، فسافر إلى آكره وتقرب إلى دولت خان وأقام عنده زماناً، ثم نعى بوفاة

والده فرجع إلى سهسرام واستولى على أقطاع والده وغلب على إخوته ثم على مرازبة

دياره حتى قويت شوكته يوماً، فاصطلح بسلطان محمد صاحب بهار وتقرب إليه فلقيه شير

خان، ثم نزا النفاق بينهما فسخط عليه صاحب بهار وأمر محمد خان الوالي من تلقائه

على جون بور أن يقسم أقطاعه على إخوته، فسار إليه محمد خان بعساكره فانهزم عنه،

وخرج من بلاده فتقرب إلى جنيد برلاس الذي كان والياً على مدينة كزه وما والاها من

البلاد من قبل بابر شاه التيموري، وان برلاس عازماً إلى آكره، فأخرجه عه وعرضه على

بابرشاه التيموري، فدخل في خواصه ولازمه مدة، ثم توهم منه وخرج إلى بهار، ولبث عند

السلطان محمد المذكور مدة، ولما مات محمد وتولى المملكة ابنه جلال خان صار صاحب

الأمر في مهمات الدولة حتى استولى على تلك الولاية ودفع جلال خان، ثم خرج محمود شاه

ابن سكندر شاه اللودي فاتفق الناس عليه وولوه على بهار، فاضطر شير خان إلى طاعته،

ولما سار محمود شاه بعساكره إلى بابر شاه التيموري وانهزم عنه واعتزل عن الناس استولى

شير خان على ولاية بهار مرة ثانية، وأخذ بلاد بنكاله قهراً واستيلاء، فركب إليه همايون

شاه التيموري واستولى على بلاد بنكاله وأقام بها ثلاثة أشهر، ثم ولى عليها جهانكير قلي

أحد أمراء العساكر وقصد آكره لدفه أخيه هندام مرزا، فلما وصل إلى جوسه- بفتح

الجيم المعقودة- لقيه شير خان بعساكره واشتد القتال بينهما، فانهزم همايون شاه المذكور

وكان ذلك في سنة ست وأربعين وتسعمائة، فقصد شير خان إلى بنكاله ودفع جهانكير قلي

المذكور ولقب نفسه شير شاه، ثم قصد آكره وانهزم عنه همايون شاه مرة ثانية في ناحية

قنوج سنة سبع وأربعين وفر إلى لاهور، فسار شير شاه على أثره وأخرجه إلى أرض

السند ثم إلى بلاد الأفغان، واستولى على مملكة الهند، والأرض لله يورثها من يشاء.

وكان شير شاه من خيار السلاطين، عادلاً باذلاً، كريماً رحيماً، شجاعاً مقداماً محظوظاً

جداً، كان لا يقصد باباً مغلقاً إلا انفتح، ولا يقدم على أمر مهم إلا

ص: 353

اتضح، نال السلطة

الكبرى في كبر سنه، وكان يتحسر على ذلك، وكان وزع أوقاته من يوم وليلة، شطراً منها

للعبادة، وشطراً للعدل والقضاء، وبعضاً منها لإصلاح العسكر، فكان ينتبه من النوم في

ثلث الليل الآخر ويغتسل ويتهجد ويشتغل بالأوراد إلى أربع ساعات نجومية، ثم ينظر في

حسابات الإدارات المختلفة ويرشد الأمراء فيما يهمهم من الأمور في ذلك اليوم ويهديهم إلى

برنامج العمل اليومي لئلا يشوشوا أوقاته بعد ذلك بالأسئلة، ثم يقوم ويتوضأ لصلاة الفجر

ويصليها بالجماعة، ثم يقرأ المسبعات العشر وغيرها من الأوراد، ثم يحضر لديه الأمراء

فيسلمون عليه، ثم يقوم ويصلي صلاة الإشراق، ثم يسأل الناس عن حوائجهم ويعطيهم ما

يحتاجون إليه من خيل وأقطاع وأموال وغير ذلك لئلا يسألوه في غير ذلك من الأوقات، ثم

يتوجه إلى المظلومين والمستغيثين ويجتهد في إغاثتهم، ومن عوائد بعد الإشراق أنه ألزم عليه

أن يعرض علي العساكر فينظر إليهم وإلى أسلحتهم، ثم يعرض عليه من يريد أن يثبت في

العسكرية فيتكلم معه ويختبره ثم يأمر أن يثبت اسمه في العسكرية، ثم يعرض عليه الجبايات

التي تورد عليه من بلاده كل يوم، ثم يتمثل بين يديه الأمراء والمرازبة وسفراء الدول والوكلاء

فيتحدث معهم، ثم تعرض عليه عرائض الأمراء والعمال فيسمعها ويملي جوابها، ثم يقوم

ويقبل إلى الطعام وعلى مائدته جماعة من العلماء والمشايخ، ثم يشتعل نحو ساعتين بأمور

خصوصية، ويقيل إلى وقت الظهر ثم يقوم ويصلي بجماعة، ويشتغل بتلاوة القرآن الحكيم ثم

بمهمات الأمور للدولة، وكان لا يترك شيئاً من ذلك في الظعن ولا في الإقامة، وكان يقول: إن

الرجل الكبير من يصرف جميع أوقاته في الأمور الضرورية، وكان يقول: إن العدل صفة

محمودة عند جميع الناس مسلماً كان أو كافراً وكان يتوجه إلى المهمات ويباشر الأمور

بنفسه ويقول: إنه لا ينبغي لصاحب الأمر أن يستصغر ما يهمه من الأمور نظراً إلى علو

مرتبته فيلقيها على من حوله من رجاله، لأنهم لا يجتهدون فيها وربما يتغافلون عنها طمعاً

وارتشاء، وكان يعاقب البغاة وقطاع السبيل والظلمة أشد عقوبة ويعزرهم أشد تعزير، وكان

لا تأخذه بهم رأفة وإن كانوا من أصهاره وأقربائه.

وكان شير شاه أول من أسس قواعد السلطنة بعد علاء الدين الخلجي، ومهدها لمن بعده

من الملوك، ووضع القانون لترتيب العساكر ونصابها على أسلوب جديد، ووضع القانون

للمالية ووضعها للنقود، ووضع لغير ذلك من الأمور، فمما وضع لترتيب العساكر قانون داغ

الكي والتصحيحة، وهو أن يعرض الأمراء عساكرهم على عرض الممالك فيحمي الحديد في

النار ثم يكوي بها الأفراس، ومنها قانون الحلية وهو تحرير أسماء الفرسان وأوطانهم

وحليتهم وطول قامتهم وأعمارهم وما يختص بهم من الخطوط والسمات في دفتر خاص

لها، ومنها أنه أمر بتوزيع العساكر في بلاد وعين لها المعسكر في مقامات عديدة، ومنها أنه

ألزم عساكره أن يلزموا أنفسهم بناء القلاع من الطين في كل منزل إذا أرادوا الخروج إلى القتال

أو انتقلوا من معسكر إلى معسكر آخر، ومنها أنه ألزم عساكره أن لا يستأصلوا الزروع في

حال النقل والحركة وكان يعزرهم في ذلك أشد تعزير، ومنها أنه عين الأمناء ليدركوا نقصان

الزروع حال القتال ليعارضوا الناس به، ومنها أنه منع عساكره أن يأسروا أحداً من الرعية

في القتال.

وأما القانون الذي وضعه للمالية فمنه أنه أمر أن يمسح الأرض كل سنة، وقرر المالية على

أجناس الغلة، وكان يأخذ ثلث ما يحصل من الأرض المزروعة، وأبطل المكوس الكثيرة،

وأمر أن يؤخذ المكس من أهل التجارة مرتين: مرة حين تدخل أموال التجارة في بلاده، ومرة

إذا بيعت.

وأما القانون الذي وضعه لنظام المملكة فمنه أنه قسم الأرض المحروسة على إيالات، والايالة

على متصرفيات والمتصرفيات على عمالات، فقسم ما كانت تحت يده من أرض الهند على

ستة عشر ومائة عمالة وفي كل عمالة ولى واحداً من الأمراء لينوب عنه في كل ماله وما

عليه، والعامل الذي سماه شقدار، والخازن الذي سماه فوطه دار، وكاتبان أحدهما العارف

باللغة الهندية وثانيهما العارف باللغة الفارسية، وولى في كل عمالة ميناً لفصل القضايا فيما

بين الناس أو فيما بين الملك ورعاياه في حدود الأرض ولينظر أعمال العمال لئلا يخونوا في

المالية ولا يظلموا الرعية وسماه المنصف، وفي كل متصرفية ولى أميراً من أمرائه

ص: 354

ينوب عن

السلطان في تلك المتصرفية وسماه فوجدار، وواحداً من الأمراء يرفع إليه أمر العمال وسماه

صدر شقدار، وأميراً يرفع إليه أمر المنصفين وسماه صدر المنصف، وفي كل إيالة كان يولي

واحداً من كبار الأمراء ينوب عن السلطان في تلك الإيالة ويرفع إليه أمرهم جميعاً، ويرفع

إليه أمر العساكر المعينة في تلك الولاية.

وهو أول من أصلح نظام النقود وضربها ووضع لها قانوناً، ونهى عن التخليط فيما بين

الفلزات ونهى عن التلبيس فيها، وله غير ذلك من القوانين المفيدة لم نطلع على تفصيلها.

ومن مآثره أنه أسس شارعاً كبيراً من سنار كانون أقصى بلاد بنكاله إلى ماء نيلاب من

أرض السند، مسافتها ألف وخمسمائة كروه- والكروه في عرف أهل الهند ميلان من

الأميال الإنكليزية- وأسس في كل كروه رباطاً، ورتب بها مائدتين لأهل الإسلام خاصة

وللهنادك خاصة، وأسس مسجداً في كل كرو من الآجر والجص، ووظف الموذن والمقرىء

والإمام في كلس مسجد، وعين في كل رباط فرسين للبريد ويقال لها في لغة أهل الهند داك

جوكي فكان يرفع إليه أخبار نيلاب إلى أقصى بلاد بنكاله كل يوم، وغرس الأشجار المثمرة

من كهرني وجامن والأنبه وغيرها بجانبي الشارع الكبير، فيستظل بها المسافر ويأكل منها ما

تشتهي نفسه، وكذلك غرس الأشجار المثمرة على الطريق من آكره إلى مندو- وبينهما

مسافة ثلاثمائة كروه- وأسس الرباطات والمساجد، وبلغ الأمن والأمان في عهده مبلغاً لا

يستطيع أحد أن يمد يده في الصحراء إلى عجوز تحمل متاعها.

وكان شير شاه يتأسف على أنه نال السلطة في كبر سنه، ويقول: إن ساعدني الزمان أبعث

رسالة إلى عظيم الروم وأسأله أن يركب بعساكره إلى بلاد الفرس ونحن نركب من ههنا إلى

تلك البلاد، فندفع بمساعدة ملك الروم شر الأوباش الذين يقطعون طريق الحجاج، ونحدث

شارعاً آمناً إلى مكة المباركة، ولكن الأجل لم يمهله، فمات قبل بلوغه إلى تلك الأمنية،

وكان ذلك في ثاني عشر من ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة.

مولانا شيري اللاهوري

الشيخ الفاضل شيري بن يحيى الصياد اللاهوري، أحد الأفاضل المشهورين في الشعر

والإنشاء- ولد ونشأ في كوكو- قرية من أعمال لاهور، وأخذ عن أبيه وتفنن عليه بالفضائل،

وكان مفرط الذكاء جيد القريحة، اشتغل بقرض الشعر، وبلغ في العتابيات رتبة لم يبلغها

أحد من معاصريه، له هر بنس كتاب في أخبار كشن عظيم الهنادك، ترجمة من اللغة

الهندية إلى الفارسية بأمر أكبر شاه التيموري، وله ديوان شعر بالفارسية، ومن شعره قوله:

تا بزايد هر زمان كشوربر انداز آفتي فتنه در كوي حوادث كتخذا خواهد شدن

يا عقاب قرضخواه وخنجر ارباب شرك بار سر از ذمه كردن جدا خواهد شدن

فيلسوف كذب را خواهد كريبان باره شد خرقه بوش زهد را تقوى ردا خواهد شدن

شورش مغز است اكر در خاطر آرد جاهلي كز خلائق مهر بيغمبر جدا خواهد شدن

بادشاه امسال دعواي نبوت كرده است كر خدا خواهد بس از سالي خدا خواهد#

شدن

توفي سنة أربع وتسعين وتسعمائة في يوسف زئي من أرض ياغستان- ذكره البدايوني.

مولانا شير علي السرهندي

الشيخ الفاضل شير علي الحنفي الصوفي السرهندي، أحد المشايخ المشهورين، له رابطة

بالسلاسل المشهورة لا سيما الطريقة القادرية، مات سنة خمس وثمانين وتسعمائة، كما في

كلزار أبرار.

حرف الصاد

مرزا صادق الأردوبادي

مرزا صادق الشيعي الأردوبادي الفاضل الكبير، كان من أهل بيت العلماء والشيوخ، ولد

ونشأ باردوباد من آذربيجان، وتأدب على عصابة العلوم الفاضلة، ثم قدم

ص: 355

الهند وطابت له

الإقامة بمدينة أحمد نكر فسكن بها عشرة أعوام، ونال الصلات الجزيلة من الملوك والأمراء،

ولما ولي الوزارة صلابت خان أعطاه المناصب والأقطاع، فصار في خفض العيش والدعة.

وكان فاضلاً جيداً، منقطع النظير في الإنشاء والشعر، له أبيات رقيقة رائقة بالفارسية،

منها قوله:

اي رهزن كاروان زهد وبرهيز بدعت دوستي خصمي آميز

در كوئي تو از هجوم نظاركيان نه جائي ستادن است نه بائي كريز

قتل في جمادي الأولى سنة سبع وتسعين وتسعمائة بمدينة أحمد نكر، ذكره محمد القاسم.

القاضي صدر الدين اللاهوري

الشيخ العالم الفقيه صدر الدين القرشي العباسي اللاهوري الدفين ببلدة بروج من بلاد

كجرات، كان من العلماء المبرزين في الفقه والكلام والأصول والعربية، قرأ بعض الكتب

الدرسية على مخدوم الملك عبد الله بن شمس الدين الملتاني وبعضها على غيره من العلماء

ذكره البدايوني وقال: إنه كان أفضل من شيخه عبد الله في تحقيق العلوم من المنطوق

والمفهوم، قال: وكان حلو المذاكرة، مليح البحث، كثير المطالعة لفنون العلم والأدب، يديم

البحث والإشتغال، وكان واسع المشرب، رحيب الصدر، حسن الظن، يعتقد في كل من

يجده مجرداً عن أسباب الدنيا وإن كان مبتدعاً، قال: إنه رأى ذات يوم رجلاً في زي

المجاذيب، فقام له تعظيماً ووضع يمناه على يسراه كهيئة القيام للصلاة، وكان ذلك الرجل

يقول: إني قادر أن أجمعك بالخضر! فخر على قدمه وطلب منه ذلك، فقال له الرجل: إني

مهموم في هذا الزمان لأجل صبيتي التي قد بلغت الحلم وجهازها يقتضي سبعمائة تنكه نوع

من النقود، فهيأ له القاضي سبعمائة تنكه في الحال، فذهب به إلى نهر كبير وكان الرجل

طويل القامة والقاضي قصيرها فأدخله في الماء حتى ذهب به في العميق من قعره فامتنع

القاضي أن يتبعه لأنه كان لا يعرف السباحة، فقال الرجل: إني أرشدتك على مقام الخضر

فإن لم تستطع أن تدركه فلا جناح علي.

قال البدايوني: إن أكبر شاه التيموري ولاه القضاء بمدينة بروج من أرض كجرات، فذهب

إليها واستقل به حتى توفي بها.

وقال المندوي في كلزار أبرار: إنه كان رجلاً صالحاً، كثير البكاء غزير الدموع، صحب

الشيخ موسى الحداد اللاهوري أحد المجاذيب وأخذ عنه، توفي لخمس عشرة خلون من

رمضان سنة تسعين وتسعمائة.

الشيخ صدر الدين السندي

الشيخ العالم الفقيه صدر الدين السندي، أحد العلماء المشهورين بإقليم السند، درس

وأفاد مدة حياته، وتخرج عليه جماعات من الفضلاء، خاصم السيد محمد بن يوسف

الجونبوري المتمهدي المشهور لما دخل أرض السند، ثم اعترف له بعد المذاكرة ودخل في

أصحابه، وكان معاصراً لجام نظام الدين ملك السند.

السيد صدر الدين القنوجي

الشيخ الفاضل صدر الدين الحنفي القنوجي، أحد أكابر العلماء في عصره، كان من ندماء

سكندر شاه بن بهلول شاه اللودي، وكان أخوه السيد حسن والسيد إمام أيضاً من

العلماء، ذكره القنوجي في أبجد العلوم.

السيد صفائي الترمذي

الشيخ العالم الفقيه السيد صفائي بن مرتضى الحسيني الترمذي المنتسب إلى شير قلندر

بن بابا حسن أبدال القندهاري، كان من العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، ولي

مشيخة الإسلام بمدينة بهكر من أرض السند، ولاه محمود شاه السندي، ورزق أولاداً

صالحين، أشهرهم محمد معصوم صاحب تاريخ السند، توفي في شهر ذي القعدة سنة

إحدى وتسعين وتسعمائة.

خواجه صقر الرومي

الأمير الكبير خواجه صقر الرومي عتيق الأمير

ص: 356

سلمان التركي الشهيد السعيد يقال له

خداوند خان، قدم كجرات سنة سبع وثلاثين وتسعمائة مع الأمير مصطفى ابن أخت

سلمان المذكور، وناب عنه في أعماله بفرض الهند وبنى قلعة سورت في أيام بهادر شاه

الكجراتي، ولما هزم بهادر شاه من همايون بن بابر التيموري وسار إلى ديو خرج إليه

خواجه صقر، وكان إذ ذاك وكيل مصطفى المذكور، فقبل ركابه وتبرأ من مصطفى ذلك

الخائن، وسار في ركابه إلى ديو ثم أخبره بما في ديو من المدافع واستعداد المنع، وسار به إلى

الجهات المانعة وما فيها من العدة وإلى الجهات المحتاجة للتقوية، ثم تكفل له بطلب الجماعة

السلمانية فأعجب به بهادر شاه وأقبل عليه وأعطاه ما كان لمصطفى من بندر ديو وسورت

وراندير وتهانه والدهن، وأمره بطلب أصحابه ورعاية من في معرفته من أهليهم، وأمره

بعمارة ديو، وذلك حين قال له: أيمكن التحصن بديو إذا جاء همايون؟ فأجاب يمكن!

فقال: كيف تعمل بمصطفى؟ فأجاب: الخائن لا يفلح! ثم قوي الجهات المحتاجة للتقوية من

ديو واستعد للقتال، وتوجه إلى نوساري فامتلكها وما يليها، ثم سار إلى سورت وملكها، ثم

توجه إلى بهروج ومعه خانجهان الشيرازي فملكها، وهكذا ملك بلدة بعد بلدة حتى نهض

بهادر شاه إلى أحمد آباد وصفت الولاية له، وكان ذلك سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة، وبعد

مدة قليلة من ذلك قتل بهادر شاه بديو بقصة شرحتها في ترجمته وكان معه خواجه صقر في

غرابه، وأدركه من يعرفه- وقديماً قيل المعرفة تنفع ولو بكلب عقور، وأخفاه الرجل ثم أخبر

به وأخذ له عهداً على أن يكون تاجراً بديو وبقيت حياته فجاء إلى أعماله، ولقبه محمود

شاه خداوند خان، وبعثه إلى ديو سنة ثلاث وخمسين، فخرج إلى سرخيز وكتب إلى وكيله

بسورت وأمره بتجهيز ولده محرم بالعسكر والمدافع والخزانة، وبعد وصوله رحل إلى ديو، ولما

وصل إلى نوانكر- على ثلاثة فراسخ من ديو- خلف الأثقال بها وتقدم بالمدافع ورجال

الحرب، ثم شرع في العمل وحصر القلعة، واستمر ذوي المدافع من الجانبين ويتقدم خطوة

خطوة إلى أن انتهى إلى الخندق، وكبسه ومشى عليه وخلفه وأقبل على القلعة، وقد أنفق

من أمواله في سبيل الله ما يخرج عن الحساب، واحتاج إلى النفقة فكتب إلى الوزير أفضل

خان في طلبه فلم يرسل بشيء من الخزانة إليه، ثم عملت المدافع في القلعة، وهلك منها

أكثر أهلها واعتل أكثر من بقي بالعفونة، وخواجه صقر لا يزال يبني مترساً حجرياً، ويضرب

بمدافعه ويزيل الفرنج عن وجهه من القلعة، ويتقدم ويبني ويضرب ويزيل ويتقدم إلى أن كاد أن

يبطل عمل مدافع القلعة للقرب منها، وبينما هو يوماً جالس في ظل مترس أحس به أهل

البرج، فحرز المدفعي المدفع ورماه، فأصاب حجر المترس فتطايرت قطعة، ومنها قطعة

أصابت رأسه فبلغ الشهادة.

وكان ذلك في ربيع الثاني سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة- ذكره الآصفي في ظفر الواله.

القاضي صلاح الدين الجونبوري

الشيخ العالم الفقيه القاضي صلاح الدين الخليل الحنفي الجونبوري، كان من أحفاد القاضي

نظام الدين صاحب الفتاوي إبراهيم شاهية نشأ في حجر جده وأخذ عنه وتولى القضاء

بعده، واستقل به عشرين سنة، وكان حسن الأخلاق، حلو الكلام، فصيح المنطق، عالماً

كبيراً، بارعاً في العلوم الكثيرة، يشار إليه في استحضار المسائل الجزئية، أخذ عنه السيد

عبد الأول بن العلاء الحسيني الجونبوري شارح صحيح البخاري وخلق آخرون، ذكره

الزبيدي في تجلي نور.

حرف الضاد المعجمة

القاضي ضياء الدين النيوتني

الشيخ الفاضل العلامة ضياء الدين بن سليمان بن سلوني العثماني النيوتني الأودي، كان

من فحول العلماء، ولد ونشأ بنيوتني- بكسر النون وسكون التحتية والواو بعدها تاء مثناة

من فوق ثم نون ثم ياء تحتية- قرية جامعة من أعمال مهان- بضم الميم- وهي بلدة من بلاد

أوده، اشتغل بالعلم أياماً في بلاده، ثم سافر إلى كجرات وبها قرأ العلم على العلامة وجيه

الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي وتزود بابنته وأقام بعد ذلك مدة بكجرات وأخذ

الطريقة القادرية عن الشيخ محمد بن يوسف القرشي البرهانبوري، ثم سافر إلى الحرمين

الشريفين فحج وزار ودخل الهند، ثم رجع إلى بلاده وقام بنشر العلوم والمعارف، أخذ عنه

ص: 357

الشيخ جمال الكوروي وخلق كثير، كما في سلاسل الأنوار.

وإني رأيت في بعض التعاليق أنه استفاض من مشايخ آخرين وحصل الطريق العديدة ولكن

الطريقة النقشبندية كانت غالبة عليه.

توفي لست بقين من رجب سنة تسع وثمانين وتسعمائة، وأرخ بعض أصحابه لعام وفاته:

رفت از دنيا بدين قطب جهان.

مولانا ضياء الدين المدني

الشيخ العالم المحدث ضياء الدين الحسني المدني المدفون بكاكوري، كان من العلماء المبرزين

في النحو واللغة والحديث، قدم الهند وسكن بدار الملك دهلي سنتين، ثم سافر إلى أرض

أوده ودخل كاكوري- قرية جامعة من أعمال لكهنو على تسعة أميال منها- فسكن بها،

خمس سنين وأربعة أشهر، وكان يدرس ويفيد، وأخذ عنه الشيخ نظام الدين بن سيف

الدين العلوي الكاكوروي الحديث وقرأ عليه صحيح البخاري وجامح الأصول، مات ودفن

بكاكوري، ذكره الشيخ تراب علي القلندر في كشف المتواري.

حرف الطاء

الشيخ طاهر بن رضى الهمداني

الشيخ الفاضل طاهر بن رضى الدين بن مؤمن شاه بن محمد شاه بن محمد ابن الجلال بن

الحسين بن محمد بن الحسن بن علي بن نزار بن المستنصر الإسماعيلي العبيدي الهمداني،

من نسل عبيد الله المهدي صاحب الدعوة، وكان ينتسب إلى إسماعيل بن جعفر الصادق،

وبذلك الانتساب ادعى أنه مهدي وأنه مأمور من الله سبحانه، فاجتمع إليه الناس وانتشرت

دعوته في البلاد والعباد، وأسس دولة عظيمة بالمغرب وديار مصر، ولما انقرضت تلك

الدولة سنة سبع وستين وخمسمائة خرج واحد منهم إلى إيران العجم وتولى الشياخة،

وتوارث أولاده الشياخة حتى تولاها طاهر بن رضى، وكان من العلماء المبرزين في المنطق

والحكمة والجفر الجامع والرمل وغيرها من الفنون الغريبة، فاجتمع إليه خلق كثير، فأساء

الظن به إسماعيل بن الحيدر الصفوي الشيعي ملك الفرس، فاعتزل الشياخة وحضر بين

يديه سنة ست وعشرين وتسعمائة، ولبث عنده زماناً، ثم ولي التدريس بكاشان وأقام بها

مدة، فاجتمع إليه أصحابه ورزق القبول العظيم فاتهموه بالإلحاد، وتوحش الصفوي عنه مرة

ثانية فأمر بقتله، فخرج من كاشان وسافر إلى الهند فدخل في بندركووه، وجاء إلى بيجابور

فلم يلتفت إليه إسماعيل عادل شاه البيجابوري، فسار إلى قلعة برينده ولقى بها الشيخ بير

محمد الذي أرسله برهان نظام شاه إلى صاحب القلعة بالرسالة، فاعتقد بير محمد بفضله

وكماله وقرأ عليه المجسطي، ولما رجع بير حمد إلى أحمد نكر ذكره عند صاحبه، فطلبه

سنة ثمان وعشرين وتسعمائة واحتفى به، فطابت له الإقامة بأحمد نكر، وكان يذهب إلى

قلعة أحمد نكر يومين في كل أسبوع ويدرس ويحضر العلماء كلهم في دروسه، وكان برهان

نظام شاه أيضاً يحضر دروسه ويستلذ بكلامه، ولم يزل كذلك حتى مرض عبد القادر ابن

برهان نظام شاه المذكور وأشرف على الموت وكان البرهان مشغوفاً بحبه، فقام الطاهر

وبشره بالشفاء العاجل لولده وأخذ العهد عليه أن يدعو في خطب الجمع والأعياد للأئمة

الاثنى عشر ويروج مذهبهم في بلاده! فعاهده برهان نظام شاه، فلقنه الطاهر مذهب

الشيعة من حب ورفض، وتشيع برهان نظام شاه ومعه أهل بيته وخدمه نحو ثلاثة آلاف

من الرجال والنساء، ونال الطاهر ما رامه من الدعوة.

وله مصنفات كثيرة: منها شرح الباب الحادي عشر في الكلام، وشرح الجفرية في فقه

الإمامية، وحاشية على تفسير البيضاوي، وله حواش على الإشارات والمحاكمات

والمجسطي والشفاء والمطول وكلشن راز وشرح تحفه شاهي، وله رسالة بالكي صنفها في

أثناء الطريق على المحفة، ولذلك سماها ببالكي في لغة أهل الهند المحفة ومن شعره قوله:

در غم او لذت عيش از دل نا شاد رفت خو بغم كر ديم جندا ني كه عيش از ياد#

رفت

توفي سنة ست وخمسين وتسعمائة بمدينة أحمد

ص: 358

نكر، فدفنوه بها ثم نقلوا عظامه إلى

كربلاء، ذكره محمد قاسم في تاريخه.

مولانا طيب السندي

الشيخ العالم المحدث طيب بن أبي الطيب التتوي السندي، أحد فحول العلماء، كان من

نسل الشيخ هارون، ولد ونشأ بأرض السند، واشتغل بالعلم على مولانا يونس المفتي

السندي ولازمه مدة، ثم ترامى به الاغتراب إلى أرض برار فسكن ببلدة إيلجبور زماناً، ثم

دخل برهانبور مع الشيخ طاهر ابن يوسف السندي.

وكان يدرس ويفيد، قرأ عليه الشيخ عيسى بن قاسم السندي بعض الكتب الدرسية في

الأصول والكلام، له شرح على الرسالة الغوثية وتعليقات مفيدة على مشكاة المصابيح.

توفي في بضع وتسعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

حرف العين

ميران عادل شاه البرهانبوري

الملك المؤيد عادل بن المبارك بن نصير بن أحمد بن محمد الفاروقي البرهانبوري، كان اسمه

قبل الإمارة عين خان ولهذا اشتهر بعينا عادل شاه، قام بالملك بعد والده سنة إحدى

وستين وثمانمائة، وافتتح أمره بالعقل والسكون، وأحسن السيرة في رعيته، وفتح كوند وازه

وكده، وأسس حصاراً آخر منيعاً حول قلعة آسير، وجعلها من أمنع قلاع الهند، وأسس

قلعة منيعة ببلدة برهانبور، وأسس الأبنية الفاخرة واستقل بالملك ستاً وأربعين سنة وبضعة

أشهر.

وكان فاضلاً شجاعاً. فاتكاً ذا دهاء وتدبير وعقل ودين، مات يوم الجمعة في نصف من

ربيع الأول سنة سبع وتسعمائة.

مولانا عالم الكابلي

الشيخ الفاضل عالم بن عارف الحنفي الكابلي، أحد العلماء المبرزين في العلوم الآلية، ذكره

البدايوني، قال: إنه كان مداعباً مزاحاً، حسن القصص، حلو الكلام مليح الشمائل، يأتي بما

يضحك الناس حتى تكاد النفوس تزهق عن كثرة الضحك، وقد كتب تعليقاً على شرح

المقاصد في كشكوله وسماها القصد، وكان يقول إنه من مصنفاته، وكذلك كتب حاشية أو

حاشيتين على المطول وسماها الطول وادعى أنه كتاب بسيط من مصنفاته حذاء المطول،

وألف مجموعاً في أخبار الأولياء وسماه فواتح الولاية وأورد فيه كل فقير سائل ومجاور بقبول

الأولياء وأتى في أخبارهم بكل ما سمع من الناس.

قال: إنه دعاني مرة لفتحبور، ودعى صاحبنا نظام الدين النخشبي أيضاً فلم يسعنا إلا

القبول، فغدونا إلى بيته وأحضر معجوناً مشهياً للطعام فتناولناه، ثم عرض علينا كتبه

فاشتغلنا بها إلى نصف النهار وقد غلب علينا الجوع، وكنا نترقب المائدة فلما لم نر أثراً منها

سألناه، فقال: إني كنت أظن أنكم أكلتم الطعام في بيوتكم! فاضطررنا إلى الخروج وتركناه

وأكلنا ما وجدنا في بيوتنا، قال: وكان يغبط على نظام الدين البدخشي أنه اخترع السجدة

لصاحبه أكبر شاه، فأدخلها في آداب التحية له، قال: وكان يغبط على البدخشي وابن

المبارك أنهما صارا من الأمراء ولذلك دخل في الجندية ولكنه ما بلغ مبلغ الأمراء لسوء

حظه في الإمارة، توفي سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة.

مولانا عباس السندي

الشيخ الفاضل عباس بن الجلال الباتري السندي، أحد المشايخ المشهورين بالفضل

والكمال، ولد ونشأ بقرية باتر من أعمال السند، وانتقل منها في أوائل سنة سبع وأربعين

وتسعمائة إلى قرية هنكور من أعمال بهكر، فسكن بها وعكف على الدرس والإفادة،

وكان عالماً كبيراً، قانعاً عفيفاً، ماهراً في الفقه والحديث والتفسير، أخذ عنه القاضي عبد

السلام السندي وخلق آخرون، توفي سنة ثمان وتسعين وتسعمائة وله ست وتسعون سنة،

كما في المآثر.

مولانا عبد الأول الجونبوري

الشيخ العالم المحدث عبد الأول بن علي بن

ص: 359

العلاء الحسيني الجونبوري، أحد كبار الفقهاء

الحنفية، كان أصله من زيد بور من أعمال جونبور، انتقل أحد آبائه إلى أرض الدكن، فولد

ونشأ بها عبد الأول ولازم جده علاء الدين وأخذ عنه الحديث عن الشيخ حسين الفتحي

عن محمد بن محمد الجزري صاحب الحصن الحصين عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله

الصفوي وغيره ثم أخذ الطريقة عن بعض أبناء الشيخ محمد بن يوسف الحسيني الدهلوي

الدفين بكلبركه، ثم دخل كجرات وسكن بها زماناً، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج

وزار، ورجع إلى الهند فأقام بأحمد آباد مدة من الزمان ودرس وأفاد، أخذ عنه الشيخ

طاهر بن يوسف السندي وخلق كثير، وقدم دهلي في آخر عمره فعاش بها سنتين ومات.

وله مصنفات عديدة، منها فيض الباري شرح صحيح البخاري، ومنظومة في المواريت،

وشرح بسيط له على تلك المنظومة، وله رسالة في تحقيق النفس، ومختصر في السير لخصه

من سفر السعادة للفيروز آبادي، وله تعليقات شتى على الفتوحات المكية والمطول وعلى

غيرهما من الكتب.

توفي سنة ثمان وستين وتسعمائة، كما في أخبار الأخيار.

ميرك عبد الباقي السندي

الشيخ الفاضل عبد الباقي بن محمود بن أبي سعيد الحنفي السبزواري ثم التتوي

السندي، كان أكبر أبناء والده وأوفرهم في الفضل والكمال، وكان كثير الدرس والإفادة، له

اليد الطولى في الهيئة والهندسة وغيرهما من العلوم الحكمية، اخترع الأشكال الهندسية ما

وراء أشكال الأقليدس، وكان الشيخ عبد الخالق الكيلاني مع علو كعبه في العلوم الحكمية

يعترف بفضله وكماله ويستفيد منه، ذكره النهاوندي في المآثر، توفي سنة ثلاث وثمانين

وتسعمائة.

الشيخ عبد الجليل اللاهوري

الشيخ الصالح عبد الجليل بن أبي الفتح بن عبد العزيز بن شهاب الدين ابن نور الدين بن

حميد الدين الحارثي الهنكاري اللاهوري، أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن أبيه عن

جده وهلم جرا إلى الشيخ حميد الدين، وهو أخذ عن الشيخ ركن الدين أبي الفتح فيض

الله بن القرشي الملتاني، ثم سافر إلى البلاد وسكن بلاهور، أخذ عنه خلق كثير، وصنف

صنوه أبو بكر كتاباً في أخباره، مات غرة رجب سنة عشر وتسعمائة بلاهور، كما في

خزينة الأصفياء.

الشيخ عبد الجليل الجونبوري

الشيخ الفاضل عبد الجليل بن طه الأنصاري الجونبوري، أحد الفقهاء الحنفية، كان من

ذرية الشيخ الكبير عبد الله الهروي، أخذ الطريقة عن الشيخ عبد العزيز بن الحسن

العباسي الدهلوي، وكان من العلماء المبرزين في الفقه والحديث، سافر إلى مكة المباركة

للحج فقتله اللصوص بدهلي سنة تسعين وتسعمائة، فأرخ لعام وفاته بعضهم قتيل محبت،

كما في كنج أرشدي.

الشيخ عبد الحكيم البرهانبوري

الشيخ الصالح الفقيه عبد الحكيم بن بهاء الدين بن معز الدين البرهانبوري، أحد المشايخ

المشهورين، ولد ونشأ في مهد العلم والمعرفة، وأخذ عن أبيه ولازمه ملازمة طويلة، أخذ

عنه الشيخ علي بن حسام الدين المتقي البرهانبوري المهاجر إلى مكة المباركة، وكان

منقطعاً إلى الزهد والعبادة.

الشيخ عبد الحكيم الكالبوي

الشيخ الصالح عبد الحكيم الكالبوي، أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ عبد

الوهاب بن محمد الحسيني البخاري الدهلوي ولازمه مدة من الزمان، وانقطع إلى الزهد

والعبادة بكالبي مع قناعة وعفاف وطريقة ظاهرة، مات سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة، فأرخ

لعام وفاته بعضهم حكم دا شده كما في كلزار أبرار.

الشيخ عبد الحليم السنبهلي

الشيخ العالم الصالح عبد الحليم بن حاتم الحنفي السنبهلي، أحد كبار العلماء، ولد ونشأ

بمدينة سنبهل،

ص: 360

وتخرج على أبيه ولازمه مدة حياته ثم تصدر للتدريس، وكان على قدم أبيه

في الاشتغال بالعلم وصلاح الظاهر والقناعة والتوكل، مات سنة تسع وثمانين وتسعمائة.

الأمير عبد الحليم الكجراتي

الأمير الكبير عبد الحليم بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن شاهو بن تكودر-

بالفوقية بن جام ننده القرشي السندي ثم الكجراتي الشهيد السعيد، المجلس العالي

خداوند خان، كان من كبار الوزراء بكجرات، ولد ونشأ بجانبانير واشتغل على والده

بالعلم مدة، وقرأ على غيره من العلماء كالقاضي برهان الدين النهروالي والخطيب أبي

الفضل وغيرهما، ولما برز في العلوم تقرب إلى بهادر شاه فقلده كثيراً من أعمال مملكته، ولما

تولى المملك محمود شاه ولاه الوزارة الجليلة سنة أربع وخمسين وتسعمائة ولقبه المجلس العالي

خداوند خان فخدمه مدة، وقتل سنة إحدى وستين وتسعمائة، ذكره الآصفي.

مولانا عبد الحي الدهلوي

الشيخ الفاضل عبد الحي بن الجلال بن الفضل الحنفي الدهلوي، أحد الأفاضل المشهورين

في عصره، ولد ونشأ بدهلي، وقرأ العلم على أساتذة عصره ولازم أباه وأخذ عنه، وكان

فاضلاً كريماً، حسن الأخلاق كثير التواضع، عميم الإحسان، مجيد الشعر، مات سنة تسع

وخمسين وتسعمائة.

مولانا عبد الخالق الكيلاني

الشيخ الفاضل الكبير عبد الخالق الكيلاني، أحد كبار العلماء، لم يكن في زمانه أعلم منه

في العلوم الحكمية لا سيما الهيئة والهندسة، أخذ عن الشيخ عبد الله اليزدي، وانتقل من

قندهار إلى بهكر من بلاد السند سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة، ثم دخل تته وعكف على

الدرس والإفادة، أخذ عنه القاضي محمود التتوي وخلق آخرون، ثم ترامى به الإغتراب إلى

بلاد الدكن، ذكره النهاوندي في المآثر وقال: إنه كان نظيراً للفاضل مرزا جان والأمير فتح الله

الشيرازي في العلوم الحكمية، انتهى.

مولانا عبد الرحمن اللاهوري

الشيخ العالم الصالح عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الملك اللاهوري، أحد الفضلاء

المشهورين، قام مقام والده في الدرس والإفادة، أخذ عنه جمع كثير من العلماء، مات سنة

سبعين وتسعمائة، كما في أخبار الأصفياء.

مولانا عبد الرحمن الملتاني

الشيخ الفاضل عبد الرحمن بن عزيز الله الملتاني، أحد أكابر الفضلاء، ولد ونشأ بملتان،

وقرأ العلم على والده ثم درس وأفاد ببلدة لاهور مدة طويلة، أخذ عنه الشيخ سعد الله بن

إبراهيم الملتاني وخلق كثير، كما في كلزار أبرار.

الشيخ عبد الرحمن اللاهربوري

الشيخ الفاضل الكبير عبد الرحمن بن علاء الدين بن عطاء الله بن ظهير الدين العباسي

اللاهربوري، كان من نسل هارون الرشيد الخليفة العباسي، ولد ونشأ بلاهور بور- قرية

جامعة من أرض أوده- وقرأ العلم على والده، ولما توفي أبوه رحل إلى دهلي وأخذ عن

الشيخ عبد الله بن إله داد العثماني التلنبي، ولازمه مدة طويلة حتى برع في العلم وتأهل

للفتوى والتدريس، ثم تقرب إلى سكندر شاه اللودي وخدمه اثنتي عشرة سنة، ثم سافر

إلى جونبور وأخذ الطريقة عن الشيخ عبد السلام بن محمد بن قطب القلندري، وانقطع إلى

الزهد والعبادة ورزق عمراً طويلاً.

مات لاثنتي عشرة خلون من ذي الحجة الحرام سنة ست وسبعين وتسعمائة بلاهر بور،

كما في أصول المقصود.

ميرك عبد الرحمن التتوي

الشيخ الفاضل عبد الرحمن بن محمود بن أبي سعيد الحنفي التتوي السندي، أحد فحول

العلماء، كان ممن تبحر في العلوم ودرس وأفاد، وأخذ عنه خلق كثير، مات سنة إحدى

وتسعين وتسعمائة، كما في المآثر.

ص: 361

مولانا عبد الرحمن التتوي

الشيخ الفاضل الكبير عبد الرحمن التتوي السندي، أحد كبار العلماء، لم يكن في زمانه

أعلم منه في الفقه والحديث والتفسير، أخذ عنه جمع كثير من العلماء في أيام مرزا عيسى

ترخان وولده مرزا باقي أمير ناحية السند، ذكره النهاوندي في المآثر.

مولانا عبد الرحمن اللاهوري

الشيخ العالم الصالح عبد الرحمن اللاهوري الفاضل المشهور في عصره، أخذ الطريقة عن

الشيخ عبد الحق الأحراري، وأخذ عنه غير واحد من المشايخ، مات سنة خمسين

وتسعمائة بمدينة لاهور، ذكره محمد بن الحسن في كلزار أبرار.

القاضي عبد الرحيم السهارنبوري

الشيخ العالم الفقيه عبد الرحيم بن عبد الرزاق بن خواجه سالار الأنصاري السهارنبوري،

أحد أكابر العلماء، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور وصرف عمره في الدرس والإفادة، وكان

ماهراً بالمعقول والمنقول، ولي القضاء مكرهاً وكان آبياً لذلك، ولاه سكندر شاه اللودي،

مات سنة ستين وتسعمائة، كما في المرآة.

الشيخ عبد الرزاق المكي

الشيخ الفاضل عبد الرزاق بن أبي الفتح بن الجمال المكي، أحد رجال العلم والطريقة،

تذكر له كشوف وكرامات، مات ليلة الجمعة لعشرة ليال بقين من جمادي الآخرة سنة أربع

وثمانين وتسعمائة، فأرخ لوفاته بعض أصحابه شب جمعه سفر كرد، ذكره محمد بن الحسن.

الشيخ عبد الرزاق الجهنجانوي

الشيخ العالم الصالح عبد الرزاق بن أحمد بن محمد فاضل بن عبد العزيز بن نور الدين بن

كمال الدين بن أبي سعيد العلوي الرازي الجهنجانوي، كان من ذرية محمد بن الحنفية، ولد

سنة ست وثمانين وثمانمائة، وحفظ القرآن الكريم، وقرأ الرسائل المختصرة على الجلال

الجهنجانوي، وسار إلى باني بت ثم إلى دهلي، ولازم الشيخ إله داد التتوي خمس سنوات

وقرأ عليه الكتب الدرسية، ثم رجل إلى كالبي وإلى كوره وقرأ بعض الكتب على من بها

من الأساتذة، ثم رجع إلى دهلي ودخل في مدرسة ملا عبد الله لعله التلنبي واشتغل

بالبحث أياماً، ثم تصدر للتدريس ودرس ثلاثين سنة، ثم لازم الشيخ محمد بن الحسن

العباسي الجونبوري وأخذ عنه وعن غيره من المشايخ الإجازة في طرق عديدة، أما القادرية

فإنه أخذها عن الشيخ محمد بن الحسن المذكور والشيخ محمد مودود اللاري والسيد

إسماعيل القادري، وأما الطريقة الجشتية فإنه أخذ عن الشيخ نور بن الحامد الحسيني

المانكيوري، وصحب هؤلاء مدة طويلة حتى فتحت عليه أبواب الكشف والشهود.

وله ذوق خاص في تقرير التوحيد على مسلك ابن عربي خلافاً لمعاصره عبد الملك بن

عبد الغفور الباني بتي، ومحصله أن عبد الرزاق ذهب إلى أن وجود الممكنات عين وجود

الواجب- تعالى وتقدس عن ذلك- وعبد الملك كان يقول إن الواجب تعالى وتقدس وراء

عن الممكنات، وللشيخ عبد الرزاق في ذلك رسائل كثيرة إلى أصحابه، قال في بعض

الرسائل: إن المعرفة على نوعين: استدلالي ووجداني، أما الاستدلالي فهو أن من طالع حسن

خلق الله وإتقانه في السماوات والأرض وما بينهما لاح له في كل صنع آية يستدل بها على

صانع حكيم مريد إلى غير ذلك، يكون ذلك الصنع أثراً منه فيعرف الله بدلالتها وهذه

المعرفة وإن كانت ضرورية لا يسع جهلها ولا ينعقد عقد الايمان إلا بها، لكنها معرفة عامة

ليست من المعرفة الحقيقية في شيء، والمستدلون به يعرفون الله سبحانه وراء العالم، وهم

المؤمنون بالغيب المستدلون بالدليل، وأما المعرفة الحقيقية الوجدانية فهي أن تنخلع ذات

العارف عن ملابس الوجود بملازمة الرياضات والمجاهدات والذكر بمواطاة القلب واللسان

والاعتصام بعروة همة الشيخ، فيسلك به مسلك الفناي فيخلع الله عليه لباس نعوته وأسمائه

فإنه يعرف الحق بالحق، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عرفت ربي بربي! وقال

الله تعالى: "يأيها الذين آمنوا آمنوا بالله" فالخطاب فيه إلى المؤمنين الذين يؤمنون بالغيب وهم

المستدلون أمرهم بقوله "آمنوا بالله" أي بالشهادة، كما أشار

ص: 362

إلى هذا الإيمان بقوله "ألا إنهم

في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط".

وقال: اعلم يا أخي أطال الله بقاءك بالمعرفة والمحبة أن الحق سبحانه وتعالى واجب

الوجود، فإذا وجب وجوده وجب عدم ما سواه، وما يظن أنه سواه ليس بسواه، لأنه تعالى

منزه عن أن يكون غيره سواء، بل غيره هو فلا غير، وإلى هذا أشار النبي صلى الله عليه

وسلم بقوله: لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر! فأشار إلى أن وجود الدهر وجود الله

تعالى لا أنه وراء العالم تعالى وتقدس عن ذلك، ثم أقول أوضح من ذلك: إن الله تعالى قال:

"يأيها الذين آمنوا آمنوا بالله"، يعني المؤمنين المستقينين بأنفسهم آمنوا بالله بأن وجودكم

وجود الله تعالى، وإليه أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: من عرف نفسه فقد عرف

ربه، لأنه هو الأول والآخر والظاهر والباطن، وإذا ثبت ذلك ثبت أنك لست أنت بل أنت

هو، فإذا عرفت نفسك هكذا فقد عرفت ربك وإلا فلا، لا أنه تعالى جزئي حقيقي وراءك

ووراء الموجودات كلها، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، ثم أقول أوضح من ذلك قال الله

تعالى: "يأيها الذين آمنوا آمنوا بالله" يعني المؤمنين الذين آمنوا بالأشياء وتيقنوا بأن الأشياء

موجودات على حدة مستقلة وراء الحقيقة المطلقة آمنوا بالله لا بالأشياء، لأن أعيان

المعلومات معدومات أبداً موجودات بوجوده سرمداً، وهذا معنى قوله عليه السلام: أرنا

الأشياء كما هي! فإذن لا موجود إلا الله ولا معبود غير الله، وقد ذكر أن حجابه

وحدانيته وفردانيته لا غير، ولهذا جاز للواصل أن يقول: أنا الحق! وأن يقول: سبحاني ما

أعظم شأني إلى غير ذلك.

ولعبد الرزاق شرح بسيط على مكتوبات الشيخ عبد القادر الجيلاني، توفي سنة تسع

وأربعين وتسعمائة.

الشيخ عبد الرزاق السهارنبوري

الشيخ العالم الصالح عبد الرزاق بن خواجه سالار بن فريد الدين الأنصاري السهارنبوري،

أحد العلماء الربانيين، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور وقرأ العلم، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ

إسحاق الحسيني البخاري ولازمه مدة من الزمان، ثم تصدر للتدريس، وكان صالحاً عفيفاً

ديناً تقياً، تذكر له كشوف وكرامات.

توفي لإحدى عشرة خلون من رجب سنة أربع وعشرين وتسعمائة بمدينة سهارنبور، ذكره

السهارنبوري في المرآة.

الشيخ عبد الرزاق الأجي

الشيخ الصالح عبد الرزاق بن عبد القادر بن محمد غوث الشريف الحسني الأجي، أحد

العلماء الربانيين، ولد بمدينة أج من أعمال السند ونشأ بها، وأخذ عن والده ولازمه ملازمة

طويلة وتولى الشياخة بعده، أخذ عنه غير واحد من العلماء والمشايخ، مات سنة اثنتين

وأربعين وتسعمائة، كما في أخبار الأخيار.

الشيخ عبد الرشيد السندي

الشيخ الفاضل عبد الرشيد السندي، أحد كبار العلماء، كان يدرس ويفيد به له كندي

من أعمال سيوستان، أخذ عنه الشيخ أحمد بن إسحق وصنوه محمد وخلق آخرون من

العلماء والمشايخ، كما في تحفة الكرام.

الشيخ عبد الستار السهارنبوري

الشيخ الفاضل عبد الستار بن عبد الكريم بن خواجه سالار الأنصاري السهارنبوري،

كان من المشايخ الجشتية، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وقرأ العلم على الشيخ نصير الدين بن

سماء الدين الدهلوي بمدينة دهلي، ثم أخذ الطريقة الجشتية عن الشيخ عبد القدوس بن

إسماعيل الحنفي النككوهي ولازمه مدة طويلة ولازم الرياضة والمجاهدة وبشره شيخه

بالقطبية.

وكان صاحب وجد وحالة، له أذواق صحيحة ومواجيد عالية.

مات يوم الجمعة لتسع خلون من رمضان سنة خمسين وتسعمائة، كما في مرآة جهان نما.

الشيخ عبد السلام البجنوري

الشيخ الصالح عبد السلام بن سعد الدين بن سعد الله القاضي سماء الدين الصديقي

البجنوري اللكهنوي،

ص: 363

أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بلكهنؤ، وأخذ عن عمه الشيخ

فخر الدين بن سعد الله البجنوري وصحبه مدة طويلة ثم تولى الشياخة، وتذكر له كشوف

وكرامات ووقائع غريبة، وهو الذي أخذ عنه الشيخ علاء الدين الحسيني الأودي، كما في

تذكرة الأصفياء.

الشيخ عبد السلام الجونبوري

الشيخ الصالح المعمر عبد السلام بن محمد بن قطب الدين العمري الجونبوري، أحد

المشايخ المشهورين في الطريقة القلندرية، ولد ونشأ بمدينة جونبور، وأخذ عن والده ولازمه

مدة حياته وتولى الشياخة بعده، وقيل إنه أدرك جده الشيخ قطب الدين وأخذ عنه.

وكان من كبار المشايخ، أخذ عنه الشيخ عبد الرحمن اللاهربوري والشيخ محمود

القلندري اللكهنوي والشيخ عبد الرزاق الأميتهوي وخلق آخرون، وعمره جاوز مائة سنة،

أدركه عبد الرزاق المذكور سنة خمس وسبعين وتسعمائة، وكان عمره إذ ذاك خمس عشرة

ومائة سنة، كما في الانتصاح.

مات لخمس عشرة خلون من ذي القعدة سنة ست وسبعين وتسعمائة، كما في النفحات

العنبرية.

مولانا عبد السلام اللاهوري

الشيخ الفاضل الكبير عبد السلام الحنفي اللاهوري، أحد كبار العلماء، انتهت إليه رياسة

التدريس بمدينة لاهور، واعترف بفضله علماء الآفاق، منهم العلامة محمد سعيد

التركستاني. قال فيه لما ورد في الهند سنة ست وستين وتسعمائة: إنه متفرد في العلم بين

علماء الهند. توفي بمدينة لاهور سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة. كما في كلزار أبرار.

القاضي عبد السميع الاندجاني

الشيخ العالم العلامة القاضي عبد السميع الحنفي الاندجاني. أحد العلماء المشهورين في

العلوم الحكمية. قرأ على مولانا أحمد جند. وقدم الهند في أيام أكبر شاه التيموري فولاه

القضاء الأكبر، وكان من أولاد الشيخ برهان الدين المرغيناني صاحب هداية الفقه، وكان

ممن يضرب به المثل في تدريس شرح المواقف وشرح المطالع وحواشيهما، ذكره الأمين ابن

أحمد الرازي في هفت إقليم.

القاضي عبد الشكور السهسواني

الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد الشكور بن إسماعيل بن عطاء الله الحسيني المودودي

الأمروهوي ثم السهسواني، كان من رجال الفقه، ولد ونشأ بأمروهه، وولي القضاء

بسهسوان في أيام همايون شاه التيموري، وأعطاه همايون المذكور أرض سهسوان التي كانت

قبل ذلك لأبناء صهره محمد وحسن وطاهر، فأعطاها القاضي لهم واشتغل بالقضاء، فقتله

محمد مخافة أن يستردها منه، وكان ذلك لعشر ليال بقين من ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين

وتسعمائة، كما في نخبة التواريخ.

خواجه عبد الشهيد الأحراري

الشيخ الأجل عبد الشهيد بن عبد الله بن الخواجه عبيد الله الأحراري السمرقندي،

أحد كبار المشايخ النقشبندية، ولد في أيام جده وتربى في مهد أبيه وأخذ عنه، ودخل

الهند سنة ست وستين وتسعمائة فاستقبله أكبر شاه التيموري بترحيب وإكرام، وأقطعه

أرضاً خراجية، فطابت له الإقامة بالهند وأقام بها نحو ست عشرة سنة، ولما كبر سنه

رجع إلى بلاده سنة اثنتين وثمانين فلما وصل إلى سمرقند مات بها بعد شهر كامل من

وصوله ليلة السبت لثمان خلون من رمضان سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة فدفن بمقبرة

أسلافه.

الشيخ عبد الصمد الردولوي

الشيخ الفاضل عبد الصمد بن إسماعيل بن صفي بن نصير الحنفي الصفوي الردولوي،

أحد العلماء المبرزين في الفقه والكلام والعربية، ولد ونشأ بردولي، وقرأ العلم على والده

وصحبه مدة من الدهر حتى برع وفاق أقرانه، وكان أكبر أبناء والده، مفطر الذكاء، جيد

القريحة، سريع الإدراك، ولصنوه الصغير عبد القدوس الكنكوهي مراسلات إليه يخاطبه

بصدر العلماء بدر الفضلاء محقق المعاني مبين الفرقاني نعمان

ص: 364

الثاني، وغير ذلك من الألقاب

الشريفة.

الشيخ عبد الصمد الدهلوي

الشيخ الفاضل عبد الصمد بن الجلال بن الفضيل الدهلوي المشهور بالشيخ كدائي، كان

من العلماء المشهورين، تقرب إلى همايون شاه التيموري ورافقه مدة في الظعن والإقامة، ولما

خرج همايون المذكور إلى إيران سافر إلى كجرات ومكث بها زماناً، ثم سار إلى الحرمين

الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند، ودخل دهلي سنة ثلاث وستين وتسعمائة في أيام أكبر

شاه التيموري، فتلقاه بيرم خان براً وتكريماً وولاه الصدارة العظمى، فحصلت له الوجاهة

العظيمة عند الأمراء، وكان شاعراً صوفياً صاحب وجد وحالة، مات سنة ست وسبعين

وتسعمائة بمدينة دهلي.

الشيخ عبد الصمد السائنبوري

الشيخ الأجل عبد الصمد بن علم الدين بن زين الاسلام العثماني الشيخ صفي الدين

السائنبوري، أحد كبار المشايخ الجشتية، ولد ونشأ بسائين بور قرية اشتهرت بعد ذلك

بصفي بور نسبة إليه.

كان مفرط الذكاء، جيد القريحة، سليم الذهن، سافر للعلم إلى خير آباد ودخل في

مدرسة العلامة سعد الدين الخير آبادي، وجد في البحث والإشتغال ثم بالأذكار والأشغال،

حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة ولبس من الشيخ المذكور الخرقة، وصار من أكابر

المشايخ في حياة شيخه، أخذ عنه خلق كثير من العلماء والمشايخ منهم الشيخ نظام الدين

الرضوي الخير آبادي والشيخ فضل الله الجونبوري وغيرهما، وكان سائر الذكر بعيد الصيت

أشهر العارفين قدراً وذكراً، تذكر له كشوف وكرامات.

مات لاثنتي عشرة بقين من محرم سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، وقبره مشهور ظاهر في صفي

بور.

الوزير عبد الصمد البياني

الوزير الكبير عبد الصمد بن محمود العباسي البياني الكجراتي نواب أفضل خان، أحد

الوزراء المشهورين بكجرات، كان من نوادر أيامه في الفضل والكرم، يجالس العلماء

ويذاكرهم في العلوم ويحسن إلى المحصلين، ولد ونشأ بكجرات، واشتغل وحصل وخدم

الدولة وصار في أوج القرب من السلطة، وتقدم في الذكاء والفطنة، ولاه محمود شاه

الكجراتي الوكالة المطلقة في أوائل ربيع الأول سنة أربع وأربعين وتسعمائة، وعزل نفسه بعد

مدة قليلة ولازم بيته، ثم ولي الوزارة بعد ما عزل عمه برهان الملك سنة سبع وأربعين،

وعزل عنها سنة أربع وخمسين في واقعة ديو حيث بعث خواجه صقر الرومي لاستفتاحه

ولم يرسل إليه من الخزانة ما يكفي المؤنة وبوجوه أخرى، فاعتزل ولازم بيته، وقتله برهان

الدين الشرابي بعد ما قتل ولي نعمه محمود شاه الكجراتي، وجلس على سريره فطلب

آصف خان الوزير فقتله، ثم طلب أخاه خداوند خان وقتله، ثم طلب أفضل خان وأبلغه

عن السلطان الأمر بقبول الوزارة، فتوقف أفضل خان عن القبول، فدخل الحجاج ثم خرج

وبيده خلعة وقال له: يأمرك السلطان يلبسها، ويقول لك عد إلى الوزارة كما كنت: فقال

أفضل خان: لا ألبسها حتى أجتمع بالسلطان، فقال: أقول لك ألبسها ماذا تريد من

السلطان أنا السلطان وأنت الوزير! فلعنه أفضل خان، فبادر إليه رجاله وقتلوه، وكان ذلك

في ربيع الأول سنة إحدى وستين وتسعمائة.

الشيخ عبد الصمد السرهندي

الشيخ الفاضل عبد الصمد الحسيني السرهندي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، سافر إلى جونبور، وأدرك بها الشيخ علي بن قوام الدين الشطاري الجونبوري

واستفاض منه. كما في العاشقية.

الشيخ عبد العزيز الدهلوي المعروف بشكربار

الشيخ الكبير عبد العزيز بن الحسن الطاهر العباسي الدهلوي، أحد كبار المشايخ

الجشتية، ولد سنة ثمان وتسعين وثمانمائة بمدينة جونبور، ومات والده في صغر سنه فتربى

في حجر أمه العفيفة، وقرأ العلم على الشيخ محمد بن عبد الوهاب الحسيني البخاري

الدهلوي وعلى الشيخ إبراهيم بن معين الحسيني الأيرجي، وقرأ الفصوص وغيره من كتب

ص: 365

القوم على الشيخ عبد الوهاب، وأخذ الطريقة السهروردية عنه، والطريقة القادرية على

الشيخ إبراهيم المذكور، ثم سافر إلى ظفر آباد ولازم الشيخ قاضي خان بن يوسف

الناصحي ثلاث سنين وأخذ عنه الطريقة الجشتية، وكان قاضي خان من كبار أصحاب

والده، ثم أجازه في الطريقة الجشتية الشيخ تاج محمود الجونبوري أيضاً فرجع إلى دهلي

حائزاً لمزيد الفضيلة وتولى الشياخة بها.

وكان كثير العبادة والتأله والمراقبة والوجد والحالة والفناء والإنكسار والإستغناء عن

الناس مع البشاشة وطيب النفس، كان يتحمل الأذى عن الناس حتى إن أحداً منهم

تواجد في مجلس السماع ووقع عليه في حالة الوجد فصرعه على الأرض، فتألم به ولم يتغير

عنه وأعذره الناس لتواجده، ثم وقع عليه في مجلس آخر وصرعه، فأراد الحاكم أن يضربه

فحال بينه وبين الحاكم، ولم يدعه أن يتعرض به أحد، وكان كثيراً ما يتجشم الشدائد

لشفاعة الناس، فيذهب إلى بيوت الأمراء بشق النفس ولو كان في اعتكاف الأربعين، وربما

يقعد على أبوابهم إن لم يقبلوا الشفاعة من الصباح إلى المساء، ويتردد إليهم غير مرة مع

انقطاعه إلى الزهد والعبادة والإشتغال بالله سبحانه والتجرد عن الأسباب واختيار الفقر

والتقلل.

وكان يدرس ويفيد في التفسير والتصوف، لا سيما عرائس البيان وعوارف المعارف

وفصوص الحكم وشروحها، وله مصنفات يبلغ عددها إلى اثنين وعشرين كتاباً، منها شرح

الحقيقة المحمدية للشيخ وجيه الدين العلوي الكجراتي والرسالة العينية في الرد على الغيرية

للشيخ عبد الملك بن عبد

الغفور الباني بتي، والرسالة العزيزية في الأذكار والأشغال، وعمدة الاسلام في الفقه الحنفي بالفارسي

في مجلد.

توفي بمدينة دهلي يوم الاثنين لست خلون من جمادي الآخرة سنة خمس وسبعين وتسعمائة، ومن

غرائب الاتفاق أنه كاتب يكتب في الرسائل قبل اسمه ذرة ناجيز فلما أحصى عدد ذلك اللفظ بعد موته

علم أنه تاريخ لوفاته.

الشيخ عبد العزيز السهارنبوري

الشيخ الصالح عبد العزيز بن خواجه سالار بن فريد الدين الأنصاري السهارنبوري، أحد رجال

العلم والطريقة، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور ولازم الشيخ إسحاق الحسيني البخاري وأخذ عنه العلم

والطريقة، وكان يدرس ويفيد، مات لثمان خلون من شوال سنة ست عشرة وتسعمائة بمدينة

سهارنبور، كما في المرآة.

أبو القاسم عبد العزيز الكجراتي المعروف بآصف خان

الوزير الكبير أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن شاهو بن تكودر -

بالفوقية - بن جام ننده السندي الكجراتي، الشهيد السعيد المسند العالي آصف خان، كان أعظم

الوزراء بمملكة كجرات، ولد ليلة الخميس ثاني عشر ربيع الأول سنة سبع، وقيل: تسع، وتسعمائة

بجانبانير، ونشأ في حجر والده واشتغل عليه في علوم شتى، منها الصرف والنحو والمعاني والبيان،

ثم اشتغل بالعلو الشرعية على القاضي برهان الدين النهروالي ومن جملة ما أخذ عنه علوم الحديث،

ثم قرأ المنطق والحكمة والأصول والطب على الخطيب أبي الفضل الكاذروني وعلى السيد أبي

الفضل الاسترآبادي من أكبر تلامذة المحقق الدواني، ثم لم يزل يتدرج في مراتب السعادة والكمال،

وتظهر عليه بشائر النجابة والإقبال، حتى اختاره بهادر شاه الكجراتي بحضرته، ولحظه بعين عظمته

إلى أن أهله لوزارته، وقلده كثيراً من أعمال مملكته، فخاطبه أولاً بحبيب الملك، ثم لما ضعف الورير

مجد الدين محمد بن محمد الايجي عن تعاطي ما تقتضيه الوزارة العظمى لكبر سنه تخيره لما علم

من شدة ميل السلطان إليه ومزيد اعتنائه، فأنابه منابه في القيام بالخدمة السلطانية، فقام في كل ذلك

على أكمل الأحوال وأتقنها وأوفقها للملك وأبهة السلطنة ومصالح الرعية فازداد قربه من السلطان،

فعلم الوزير الأعظم أنه لم يبق له من الأمر شيء فاستعفى من الوزارة، فولاه السلطان الولاية

العظمى ولقبه بالمسند العالي آصف خان، واستمر قائماً بذلك إلى أن دهمهم همايون شاه

ص: 366

التيموري،

فأرسله بالحريم والخزانة إلى مكة المشرفة، فوصل إليها سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة، وكانت معه

سبعمائة صندوق، ويتبعه من الأمراء ومن العسكر ما يزيد على الألف ومن الحشم مثله.

وفي أول اجتماعه بصاحب مكة أبى نمى بن بركات الحسني أحب أحدهما الآخر وعمت صلاته

أهل مكة فكاد يسمع الدعاء كما تسمع التلبية ونعى بوفاة سلطانه بهادر شاه، ووصل غل مكة سنة

أربع وأربعين الأمير قائم الخمراوي مأموراً بحمل الخزانة التي بمكة إلى مصر، فطالب بها إلا أن

صاحب مكة حسب ما رآه آصف خان حمله أن يسير به إلى مصر وهي معه، وفي هذه المعاملة

اعترف لصاحب مكة بأن ما وصله به لا يقابل قيامه فكيف يوافي الذب عن فبذلك له ما يرتضيه،

وهكذا تألف الخمراوي بحملة كافية، ثم جعل النظر لصاحب مكة فيما له وما عليه، وأوصى وكيله

سراج الدين عمر النهروالي بما يعتمد عليه، وتوجه إلى مصر صحبة الخمراوي ومع حاجب صاحب

مكة، ولم يدخل مصر إلا أنه أرسل إلى خسرو باشا الحاكم بها ما يستظرف من قماش الهند وأربعة

صناديق من الذهب واعتذر منه، وسار إلى أدرنه واجتمع بالسلطان واتفق له معه ما لم يتفق لأحد

قبله من المصافحة والجلوس وبعض الكلام بلا واسطة، وأعجب السلطان كلامه وأدبه، فسأله: كيف

كان الحادث بملك فيه مثلك؟ فأجاب: وقع الاجماع على أن الملك يفتح بالسيف ويحفظ بارأي، وزال

ملك بني أمية ولم يكن أشجع من مروان حتى لصبره على الشدة لقب بالحمار، ولا أرأى من عبد

الحميد حتى أنه لما أمر بقتله المنصور وقال له أبقني لرسائلك كان جوابه وهل غيرها أضرت بنا،

وكانت أوقع من سيوفهم لا أبقاني الله إن أبقيتك ليعلم من يدل بهما أنه ليس بشيء، وإنما الملك لله

سبحانه، ومع هذا كان له سبب يتعلل به، وهو أن صاحب الملك بلغ به الآفاقي تمكينا ولم يدع لأهل

المملكة إمكاناً، وعند مخالفة الهوى صار ضعف أهل الملك له وقوة الآفاقي لعدوه! فازداد به السلطان

عجباً، ثم قال له تمن فسأل لما صرفه من الخزانة سنداً ولما أسلمه حجة فأجابه إليه، ثم قال تمن

فاستأذن لحريم السلطنة في الرجوع إلى الهند فأجاب، ثم قال تمن فاستعفى من أمناء بيت المال بمكة

وجدة فأجاب، ثم قال: سل شيئاً لنفعك كإمارة الشام وحلب وغيرها، فسأل ألف أشرفي يكون له في

السنة ليثبت اسمه في دفتر العناية وكان ذلك، ثم رجع إلى مكة ظافراً وأرسل إلى كجرات عند

سلطانها محمود شاه من المشتريات المطلوبة بمبلغ ما في تسعة صناديق من الذهب، ومن النقد أحداً

وعشرين صندوقاً مختومة بختم بهادر شاه، وفي الغيبة لسفر الروم كان يصرف الروم عشرة صناديق

والمبلغ المصروف لصاحب مصر ووزراء الباب العالي ما سوى هدية السلطان ثلاثون صندوقاً، وبه

كانت العناية والرعاية والأمان من الحساب والتفتيش، ثم بعد ذلك أرسل الحريم بالدفائن التي لم ترها

عين ولا سمعت بها أذن، وصرف أيام إقامته بمكة على الأمراء والعسكر والحشم من بيع الآلات

والأسباب والظروف المتخذة من الذهب والفضة، وقد وصل منها لأهل الحرمين من جانب السلطنة

كل سنة سبعون ألف مثقال ذهب، ولصاحب مكة منها كل سنة خمسة وعشرون ألف مثقال.

ثم إنه لما أرسل الحريم إلى كجرات عزم على المجاورة بمكة وتأهل بها وأقام إلى سنة خمس

وخمسين وتسعمائة حتى طلبه محمود شاه الكجراتي إلى الهند وولاه النيابة المطلقة، وازداد محمود

شاه بنيابته سعة في التمكين والإمكان ووجد راحة في أوقاته، وقال لأصحابه ذات يوم: إلى يومي هذا

كان لي شغل فكر بمهمات لا أجد لي عليها معيناً، وكنت أرى جماً غفيراً في الديوان إلى أني في شك

أهؤلاء لي أو علي؟ وأما الآن فملكت رأيي واسترحت بتدبير آصف خان لي عن أشياء كنت

أتحاشاها عجزاً وأسكت عنها خشية أن ينفتح باب لا يمكنني إغلاقه.

واستمر آصف خان على وزارته مدة، ثم قتله برهان الدين الشرابي، وسبب ذلك أنه كان ساقياً

لمحمود شاه ومقرباً لديه، فوسوس له الشيطان وزين له حب الدولة فسمه ثم قتله وجلس على سرير

الملك وأراد أن يعدم رجال الدولة ليصفو له الملك والدولة، فطلب آصف خان على لسان السلطان،

فاغتسل وتطيب وجلس في المحفة وهو يتلو القرآن الكريم، فلما دخل دار السلطنة وانتهى إلى موقف

أفيال النوبة اعترضه كبير الفيالة بفيله

ص: 367

في النوبة ليصده عن الدخول شفقة على آصف خان مما دعى

إليه، فأحب أن يتربص عساه ينجو وأني له وما بينه وبين الجنة إلا خطوات، ولهذا لما اعترضه

الفيل وقف وأمر بكفه ففعل وتقدم حملة المحفة به، فلما دخل المقام المحمود أخذت السيوف من جهاته

وانجدل سريعاً وتمت له السعادة بالشهادة.

وكان ذلك في أوائل ربيع الأول سنة إحدى وستين وتسعمائة فرثاه غير واحد من العلماء بمكة،

وصنف شهاب الدين أحمد بن حجر المكي رسالة مفردة في مناقبه، قال فيها: إنه كان من أهل الدنيا

باعتبار الصورة الظاهرة، لكنه في الباطن من أكابر أهل الآخرة، لما اشتمل عليه من الاجتهاد في

العبادات مما لم يسمع مثله إلا عن بعض من مضى من العلماء العاملين والصلحاء العارفين، وإننا لم

نر أحداً قدم إلى مكة من أرباب المناصب بل ولا من العلماء وغيرهم لازم من العبادات ملازمة هذا

الخان بحيث لا يضيع له وقت نهاراً ولا ليلاً في غيرها إلا فيما يضطر إليه من العادات، فمن ذلك

أنه أقام بمكة المشرفة أكثر من عشر سنين لا نعرف أنه ترك الجماعة فيها مع الإمام بالمسجد الحرام

في فرض واحد من غير مرض، ونحوه مع انضم لذلك من قراءة القرآن ومطالعة كتب العلم من الفقه

والتفسير والحديث والعلوم الالهية واقرائها واجتماع الفقهاء والعلماء عنده لاستماع ذلك والبحث معه

فيه كان يمضي لهم عنده الأوقات الطويلة كل يوم في ذلك، وكان يقع لهم معه كثير من الأبحاث

الدقيقة والمعاني العويصة لا سيما ما يتعلق بعويصات تفسير القاضي البيضاوي وأصله الكشاف

وحواشيهما، وكذلك كتب الأصلين كالتلويح وشرح المواقف وحواشيهما، وكذا كتب الفقه كالهداية

وشروحها والكنز وشروحه والمجمع وشروحها والبخاري ومسلم وبقية الكتب الستة وشروحها

وحواشيها، حتى نفق العلم في زمنه بمكة نفاقاً عظيماً، واجتهد أهله فيه اجتهاداً بالغاً، وثاب الطلبة

وعكفوا عكوفاً باهراً عليه، وبحثوا عن الدقائق لينفقوها في حضرته، وتحفظوا الاشكالات ليتقربوا

بها إلى خواطره، كل ذلك لاسباغه على المنتسبين إلى العلم بأي وجه كانوا من ضوافي الاحسان

وواسع الامتنان ما لم يسمع بمثله عن أهل زمنه ومن قبله بمدد مديدة.

قال: وكان مع ما هو عليه من التنعم البالغ والسراري والزوجات والحشم والخدم وغير ذلك له تهجد

طويل بالليل بحيث يقرأ في تهجده في كل ليلة نحو ثلث القرآن مع الفكر والخشوع والخضوع بين

يدي الله تعالى، لا يفتر عن ذلك حضراً بل ولا سفراً كما أخبر عنه الثقات الذين صحبوه في السفر

من مكة إلى الروم ثم منه إلى مكة، قال: وكان يعتكف في رمضان كل سنة مدة إقامته بمكة في

المسجد الحرام بما ينبغي للمعتكف الاشتغال به من التفرد والتجرد والطاعة بظاهره دون قلبه، فيقرأ

ويسمع عدة ختمات، ولهذا استمر على طريقته بعد عوده من مكة إلى بلدته مع مباشرته للوزر

الأعظم حتى توفاه الله إلى جنته إلى دار كرامته، لأن أعماله لم تكن مدخولة وإلا لانقطعت وبطلت،

فإذا داوم عليها مع المزيد منها دل ذلك على خلوص نيته وطهارة سريرته.

قال: وكان له شدة إنكار على من يكثر في كلامه لغو اليمين كلا والله، وبلى والله، في كل حقير

وجليل، كما هو دأب أكثر الناس، ونحن لم نعرف منذ اجتماعنا به أنه جرى على لسانه لغو يمين ولا

حلف بالله، ومما يدل على تمسكه بأعلى أحوال الصوفية من مجاهدة النفس وقمعها عن كل مألوف بها

من راحة ولهو ولعب وبطنة وغفلة وكذب ما أخبر به عنه الثقة، قال: صحبته في سفره إلى

القسطنطينية من مكة ذاهباً وراجعاً فلم أره مسح على الخفين قائلاً: هو رخصة والأخذ بالعزيمة أولى

وأفضل، ومن ذلك أنه كان له بيت معد لاختلائه فيه أربعين يوماً على باب المسجد، وكان الباب

مفتوحاً يرى الحجر وارتفاعاً قليلاً من البيت الشريف فتصح المراقبة، وله رتبة الشهود لا يخرج

منها إلا لصلاة الجماعة عند الباب ثم يعود إليها سريعاً من غير أن يكلم أحداً، وكان ذلك مع مراعاة

الشروط من الصوم ودوام الجوع ودوام السهر والذكر والفكر والانقطاع إلى الله سبحانه.

قال ابن حجر: إنه كان مع ما هو عليه من الفخامة الدنيوية شديد التواضع للفقراء والعلماء كثير

الاحسان والتردد إليهم، حتى إنه لكثرة ذلك منه جلب الناس كلهم إلى منزله والجلوس في مجلسه

بحيث لم يبق

ص: 368

أحد من أعيان مكة وعلمائها وصلحائها إلا ودعاهم إحسانه إلى التردد إليه وحضور

مجالسه والكلام فيما يقع فيها من المباحث العلمية، ولقد كان شيخنا الامام أبو الحسن البكري الشافعي

لا يتردد لأحد من أبناء الدنيا إلا في نادر لأمر مهم وكان يعيب على من يرتدد إليهم، فلما جاء إلى

مكة واجتمع به وزاد إحسانه وتردده إليه صار يذهب إلى بيته ويأكل طعامه ويقبل هداياه، قال:

وكنت عنده يوماً فجاء مملوك سلطاني أرسله إليه نائب مصر خسرو باشاه بن خير الدين، معه خلعة

سنية ومراسيم بالاجلال والتعظيم والتوقير، والتمس منه أن يلبسها إجلالاً للسلطان وامتثالاً لأمر نائبه

بمصر، فأبى وقال: وكيف يجوز لي لبس الحرير! فألح فامتنع ولم يبال بتشويش المملوك ولا بكونه

ينهى ذلك لمرسله مع أنه كان في غاية الغلظة والجود إيثاراً لرضى الله تعالى على رضى غيره،

انتهى كلام الشيخ ابن حجر في الرسالة المفردة.

وللشيخ عز الدين عبد العزيز الزمزمي المكي قصائد غراء في مناقبه، منها قوله:

هو الجواد الذي سارت مكارمه شرقاً وغرباً وصارت فيهما مثلا

أعنى آصفخان عز الدين سيدنا أعزه الله عزاً للعدى خذلا

وكل من باسمه الميمون طايره يسمى على كل سام قد سما وعلا

وإن لي ذمة منه بتسميتي عبد العزيز رعى حقي بها وكلا

دعوه بالمسند العالي وكم خبر في الجود بالمسند العالي به وصلا

ولم تلقبه آصف خان دولته إلا لسر رأته فيه منتقلا

منه الشمائل والأخلاق قد كملت وقل من فيه هذا الوصف قد كملا

بالسعى ساد ولم يرد بالسؤدد ما سواه مما به قد ضلت العقلا

أسنى المناصب ملقى تحت أخمصه وقد تعاظم عنه رفعة وعلا

شهامة حفظت للعلم رتبته علا بها ذروة عنها السها استفلا

أعزك الله يا عبد العزيز فقد شيدت للعلم ذكراً بعد ما خملا

رفعت مقدار أهل العلم فارتفعوا بحسن رأيك وامتازوا عن الجهلا

لما أشدت تداريساً مقررة في المذهبين اكتست أهلوهما حللا

وكان في مكة للناس هيمنة عظيمة وتمنى العلم من جهلا

فصار من لا له علم ومعرفة بالعلم بعد مشيب الرأس مشتغلا

جزيت خير جزاء من إلهك عن هذا الصنيع الذي اختصت به النبلا

وفي قوله: لما أشدت تداريساً مقررة، إشارة إلى أنه بنى مدرسة بباب العمرة في البلدة المباركة

وولاها الشيخ عز الدين عبد العزيز الزمزمي والشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر المكي وغيرهما من

علماء مكة المشرفة للتدريس، وهذه القصيدة تشتمل على ست وثمانين بيتاً.

وللشيخ عبد العزيز المذكور قصيدة أخرى رثاه بها لما بلغه وفاته، ومنها قوله:

أي القلوب لهذا الحادث الجلل أطراده الشم لم تنسف ولم تزل

وأي نازلة في الهند قد نزلت بلفحها كل حبر في الحجاز صلى

أعظم بنازلة في الكون طاربها براً وبحراً مسير السفن والابل

أخبارها طرقت سمعي فحملني طردتها غب رزء غير محتمل

أهدت لأهل الحجاز اليأس بعد رجا واليأس بعد الرجا كالطل بالأسل

فأصبح الناس في الفكر وفي وهج كثيرة ومزاج غير معتدل

ص: 369

مولانا عبد العزيز الأبهري

الشيخ العالم المحدث عبد العزيز الأبهري الشيخ عماد الدين الكاهاني السندي، كان من العلماء

المبرزين في الحديث والفقهين، درس مدة مديدة في مدرسة شاهرخ مرزا، وفي المدرسة السلطانية،

وفي الخانقاه الاخلاصية ببلدة هرات، وصنف شرحاً على مشكوة المصابيح للأمير نظام الدين علي

شير، ولما ثارت الفتنة العظيمة ببلاد الفرس وخرج إسماعيل بن الحيدر الصفوي في حدود سنة ثمان

وعشرين وتسعمائة انتقل من هرات ودخل أرض السند في عهد الجام فيروم وسكن بكاهان - قرية

من أعمال سيوستان - فتكاثر عليه الطلبة وأخذ عنه جمع كثير من العلماء، وله تعليقات شتى على

الكتب الدرسية.

ذكره محمد بن خاوند شاه في كتابه روضة الصفا وقال: إنه سار إلى الهند أيام الفتنة ولم يعلم خبره

بعد ذلك.

وذكره الفاضل الجلبي في كشف الظنون وقال: إنه مات سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، ولا يصح

فإنه خرج من هرات في تلك السنة ومات بكاهان، كما في المآثر، ولم أقف على سنة وفاته.

مولانا عبد الغفور الدهلوي

الشيخ الفاضل الكبير عبد الغفور بن نصير الدين بن سماء الدين الملتاني الدهلوي، أحد الأفاضل

المشهورين في الهند، وكان من بيت العلم والشياخة، ولد ونشأ بدار الملك دهلي، وقرأ العلم على والده

ثم على الشيخ عبد الله بن إله داد العثماني التلنبي ولازمه ملازمة طويلة حتى صار من أكابر العلماء

في حياة شيخه، وكان جده سماء الدين يقول: إنه سراج بيتي، كما في سير العارفين.

وكان مشهوراً على أفواه الناس بالشيخ لادن، قد ذكره الشيخ عبد القادر البدايوني في تاريخه بهذا

الاسم في مواضع عديدة، قد خفى على الناس اسمه الأصلي، وكان من مشاهير الأساتذة بدار الملك،

انتهت إليه الرئاسة العلمية.

القاضي عبد الغفور الباني بتي

الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد الغفور الحنفي الباني بتي، أحد الفقهاء المشهورين في عصره، ناظر

الشيخ عبد القدوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي في مسألة وحدة الوجود، ذكره الشيخ ركن الدين

محمد بن عبد القدوس، في اللطائف القدوسية وقال: إن القاضي سكت في آخر الأمر ولم يأت

بالجواب، انتهى.

المفتي عبد الغفور الأمروهوي

الشيخ العالم الفقيه المفتي عبد الغفور بن عبد الملك بن محمود الحسيني الأمروهوي، أحد العلماء

العاملين وعباد الله الصالحين، ولي الإفتاء ببلدة أمروهه سنة خمسين وتسعمائة بعد والده واستقل به

مدة حياته، لعله مات سنة تسعين وتسعمائة أو مما يقرب ذلك لأن ولده عبد القدوس ولي الإفتاء بعده

في تلك السنة، كما في نخبة التواريخ.

الشيخ عبد الغفور الأعظم بوري

الشيخ الصالح الفقيه عبد الغفور الحنفي الصوفي الأعظم بوري، أحد كبار المشايخ الجشتية، قرأ

الكتب الدرسية على الشيخ نظام الدين العلوي الكاكوروي ولازمه ملازمة طويلة، ثم لازم الشيخ عبد

القدوس بن إسماعيل الكنكوهي وأخذ عنه الطريقة.

وكان حسن المنظر والمخبر، له صحبة مؤثرة، انتفع به خلق كثير من العلماء والمشايخ، ذكره

التميمي في أخبار الأصفياء، وقال البدايوني في تاريخه: إنه كان من العلماء الربانيين، يدرس العلوم

الشرعية، ويذكر في كل أسبوع يوم الجمعة، ويأخذ البيعة عن الناس ويلقنهم، وله مصنفات في

الحقائق، وشعر رقيق رائق بالفارسي.

مات سنة خمس وثمانين وتسعمائة وله اثنان وثمانون سنة، وقبره في أعظم بور قرية من أعمال

سنبهل.

الشيخ عبد الغني الفتحبوري

الشيخ الفاضل عبد الغني بن حسام الدين الصديقي

ص: 370

الفتحبوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه

والأصول والعربية، ولد ونشأ بفتحبور قرية جامعة من أعمال لكهنؤ، وسافر للعلم إلى جونبور، فقرأ

على الشيخ معروف بن عبد الواسع الجونبوري وعلى غيره من العلماء مشاركاً للشيخ نظام الدين

العثماني الميتهوي في الأخذ والقراءة ولازم الشيخ معروف ملازمة طويلة وأخذ عنه الطريقة، ثم

رجع إلى فتحبور فتصدر بها للدرس والإفادة، وكانت بينه وبين الشيخ نظام الدين المذكور مودة

أكيدة، وكان له ستة أبناء: 1 - سليمان 2 - وحبيب الله 3 - ومحمد أشرف 4 - وإبراهيم 5 -

وتاج محمود 6 - وموسى، كما في تحقيق الأنساب.

الشيخ عبد الغني السنبهلي

الشيخ الفاضل عبد الغني السنبهلي أحد الأفاضل المعروفين، قرأ العلم على شاه أحمد الشرعي

الجنديروي وأخذ عنه الطريقة، وكان متفرداً في علم الدعوة والتكسير، وله مصنفات، كما في البحر

الزخار.

الشيخ عبد القادر الكيلاني

الشيخ الصالح عبد القادر بن جمال الدين الشريف الحسني الكيلاني ثم اللاهوري، أحد المشايخ

القادرية الجيلية، أخذ الطريقة عن والده وانتقل من بغداد إلى أرض الهند فسكن بمدينة لاهور.

وكان له ثلاثة أبناء: السيد الحاج، والسيد سلطان، والسيد غياث الدين، وكلهم كانوا صلحاء.

ومات لإثنتي عشرة بقين من ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة بمدينة لاهور، كما في

الخزينة.

الشيخ عبد القادر المندوي

الشيخ الصالح عبد القادر بن علي الجشتي المندوي، أحد عباد الله الصالحين، قرأ بعض العلوم

المتعارفة، وجود القرآن وبرع أقرانه في القراءة والتجويد، وكان يتكسب بالزراعة فيزرع الأرض

بنفسه ويجعل محاصلها قوتاً له ولعياله وكان كثير الضيافة.

توفي لثمان خلون من شعبان سنة أربع وثمانين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

الشيخ عبد القادر الحلبي

الشيخ الصالح عبد القادر بن محمد غوث الشريف الحسني الحلبي ثم الهندي الأجي، أحد العلماء

العاملين، ولد سنة اثنتين وستين وثمانمائة وأخذ عن والده ثم تولى الشياخة بعده بمدينة أج - من

أعمال ملتان - أسلم على يده ناس كثيرون وأخذوا عنه، مات لإثنتي عشرة بقين من ربيع الأول سنة

أربعين وتسعمائة وله ثمان وستون سنة، كما في خزينة الأصفياء.

مولانا عبد القادر السرهندي

الشيخ الفاضل العلامة عبد القادر الحنفي السرهندي، أحد الأساتذة المشهورين في الهند، قرأ العلم

على الشيخ إله داد بن الصالح السرهندي ولازمه ملازمة طويلة، ثم تصدر للتدريس فدرس وأفاد مدة

حياته، وانتهت إليه الرياسة العلمية في عصره ومصره، وقد أخذ عنه الشيخ عبد الله بن شمس الدين

السلطانبوري وخلق آخرون.

له تعليقات على شرح الكافية للشيخ إله داد الجونبوري، استحسنها العلامة عصام الدين الإسفرائيني،

وأتحف إليه كتاب الأطول، ولما وفد الهند الشيخ حسن الجلبي صاحب حاشية المطول تجشم لزيارته

إلى سرهند وصحبه واعترف بفضله وكماله، ذكره بختاور خان في مرآة العالم ومحمد بن الحسن بن

كلزار أبرار.

الشيخ عبد القدوس الكنكوهي

الشيخ الأجل عبد القدوس بن إسماعيل بن صفي بن نصير الحنفي الردولوي ثم الكنكوهي، أحد

المشايخ المشهورين في بلاد الهند، ولد ونشأ بردولي، وقرأ بعض الكتب في النحو والصرف على

ملا فتح الله المشهور بجكنه - بضم الجيم المعقودة - ثم ترك البحث والاشتغال وجاور قبر الشيخ

الصالح أحمد بن داود العمري الردولوي، واستمر على مجاورته زماناً، ثم سنح له أن التصوف بدون

العلم كالطعام بغير الملح، فاشتغل بالبحث والمطالعة مرة ثانية وجد فيه، حتى فتح

ص: 371

الله سبحانه عليه

أبواب العلم والمعرفة، واستفاض من روحانية الشيخ المذكور فيوضاً كثيرة، ثم لبس الخرقة من حفيده

الشيخ محمد بن أحمد بن أحمد الردولوي وانتقل إلى شاه آباد ثم إلى كنكوه وسكن بها.

وكان صاحب المقامات العلية والكرامات المشرقة الجلية والأذواق الصحيحة والمواجيد الصادقة،

وكان يستمع الغناء يفرط فيه ويفشي أسرار التوحيد على عامة الناس ويستغرق في بحار الجذبات

والسكر، ومع ذلك كان لا يقصر في اتباع السنة والتزام العزائم، وكان متخلفاً بدوام الذل والافتقار

والتبتل إلى الله سبحانه والتوكل عليه، وكان شديد التعبد، كثير البكاء، كثير الذكر للموت والخواتم.

وله مصنفات عديدة، منها تعليقات على شرح الصحائف في الكلام، وشرح بسيط على عوارف

المعارف، وحاشية على التعرف، وكتابه أنوار العيون وأسرار المكنون المشتمل على سبعة فنون

كتاب مبسوط في المقامات، وله رسائل إلى أصحابه جمعوها في مجلد كبير.

توفي لثمان بقين من جمادي الآخرة سنة أربع وأربعين وتسعمائة ببلدة كنكوه.

الشيخ عبد القدوس النظام آبادي

الشيخ الكبير عبد القدوس الشطاري النظام آبادي المشهور بقدن - بتشديد الدال المهملة - والقطب

الصديق، أخذ الطريقة العشقية الشطارية من الشيخ عبد الله الشطار، ثم لازم صاحبه الشيخ حافظ

الشطاري واسطه كار واستفاض منه فيوضاً كثيرة، واستخلفه الشيخ حافظ المذكور فتصدر للإرشاد

والتلقين، أخذ عنه الشيخ على بن قوام الدين الجونبوري، وكان شيخاً كبيراً بارعاً في الدعوة

والتكسير، كما في العاشقية للشيخ عارف علي.

مولانا عبد الكريم السهارنبوري

الشيخ الفاضل عبد الكريم بن خواجه سالار بن فريد الدين الأنصاري الهروي السهارنبوري، أحد

العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وحفظ القرآن وأخذ العلم والطريقة

عن الشيخ إسحاق الحسيني البخاري ولازمه ملازمة طويلة حتى فتحت عليه أبواب الكشف والشهود

وتولى الشياخة بإجازته.

وكان مرزوق القبول، أعطاه بهلول اللودي سلطان الهند اثنتي عشرة قرية صلة وجائزة من أعمال

سهارن بور، وكان يعتقد بفضله وكماله، ذكره محمد بقاء في مرآة جهان نما.

وقال الشيخ بياري في اللطائف القطبية: إن الشيخ عبد القدوس الكنكوهي كان يقول إني حضرت

مرة في الجامع الكبير بدهلي القديمة لصلاة الجمعة، فرأيت أن الشيخ عبد الكريم صعد المنبر بعد

الصلاة وأخذ بالموعظة والتذكير، وكان في ذلك المجلس سبعون رجلاً من أصحاب الولاية، فاحتظوا

لموعظته واستفاضوا منها حسب استعداداتهم، انتهى.

مات يوم الاثنين لإثنتي عشرة خلون من ربيع الأول سنة تسع وتسعمائة، كما في المرآة.

مولانا عبد الكريم الشيرازي

الشيخ العلامة عبد الكريم بن عطاء الله الشيرازي ثم الهندي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في

التاريخ والرجال والعلوم الحكمية، قدم الهند في عهد محمود شاه الكبير، وصنف الطبقات المحمودية

في التاريخ، بدأ فيها من خلق آدم إلى سنة خمس عشرة وتسعمائة، وذكر فيه الأعيان من العلماء

والشعراء والملوك والوزراء.

مولانا عبد الكريم الكجراتي

الشيخ الفاضل الكبير عبد الكريم النهروالي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في العلوم العربية، قرأ

عليه القاضي عبد العزيز بن عبد الكريم العيني الأجيني أكثر الكتب الدرسية، كما في كلزار أبرار.

الشيخ عبد اللطيف القزويني

الشيخ الفاضل عبد اللطيف بن يحيى المعصوم الحسيني السيفي القزويني، كان من أهل بيت العلم

ص: 372

والفضيلة، وكان طهماسب شاه الصفوي ملك الفرس يحسن الظن لهم ويزعم أنهم شيعيون، فبلغه

بعض الوشاة أنهم أهل السنة والجماعة فغضب عليهم - وكان حينئذ في حدود آذربيجان - فعين

رجالاً ليأخذوا يحيى المعصوم وأبناه ويحبسوهم حتى يرجع إلى دار ملكه، فأخبر علاء الدولة أباه

يحيى المعصوم، وكان يحيى لا يستطيع لكبر سنه أن يخرج من بلاده سريعاً، فأخذه رجال الحكومة

وحبسوه حتى توفي في السجن، وفر ولده عبد اللطيف إلى الكيلانات، فلما سمع همايون شاه

التيموري ذلك طلبه إلى أرض الهند ولكنه توفي قبل أن يصل عبد اللطيف إلى الهند، فتلقاه أكبر شاه

التيموري بترحيب وإكرام فسكن بفتح بور، وقرأ عليه أكبر شاه جزءاً من ديوان الحافظ الشيرازي.

وكان فاضلاً مؤرخاً، له مشاركة جيدة في المعقول والمنقول، مات لخمس خلون من رجب سنة

إحدى وثمانين وتسعمائة بفتح بور، فنقلوا جسده إلى أجمير ودفنوه بها، وأرخ لوفاته القاسم أرسلان

فخر آل يس، ذكره البدايوني.

القاضي عبد الله السندي

الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد الله بن إبراهيم العمري السندي المهاجر إلى المدينة المنورة، ولد

بدربيله - من بلاد السند - وقرأ العلم على الشيخ عبد العزيز الأبهري شارح المشكاة، ودرس بها

مدة، ثم لما تسلط على بلاد السند شاهي بيك القندهاري خرج من بلاده عازماً إلى الحرمين

المحترمين، فدخل كجرات سنة سبع وأربعين وتسعمائة، ولقي بها الشيخ علي بن حسام الدين المتقي

البرهان بوري وكان المتقي مرزوق القبول في بلاد كجرات، وكان بهادر شاه الكجراتي معتقداً بفضله

وكماله يريد أن يحضر لديه والمتقي لا يرضى بذلك فشفع له القاضي، فقال له المتقي: كيف يجوز

أن يأتيني بمنكراته ولا آمره بالمعروف ولا أنهاه عن المنكر! فأجاز له بهادر شاه أن يأمره بما شاء

وينهاه عما شاء فأذن له المتقي فدخل عليه السلطان وقبل يده، ثم بعث إليه مائة ألف تنكه فتفضل

المتقي بها على القاضي، فصارت له زاداً وراحلة إلى الحرمين الشريفين وأقام بالطابة الطيبة مدة

حياته.

الشيخ عبد الله الأمروهوي

الشيخ الكبير عبد الله بن أحمد بن طيفور بن شمس الدين بن محمد بن محمود ابن عبد الخالق بن

محمد بن محمد بن محمود الخير بن علي الرامتيني الأمروهوي، كان من نسل إبراهيم بن علي

الرضا - عليه وعلى آبائه التحية والثناء - وكان من الأولياء المشهورين في الهند، جمع العلم

والعمل والصحو والسكر والجذب والسلوك، ذكره عبد القادر البدايوني وقد اجتمع به في أمروهه،

قال: إني أدركته بأمروهه فقرأ آية من آيات القرآن وفسرها وطفق يحرض الناس على الرضا

بالقضاء، وكان يلتفت إلي في ذلك الخطاب، فلما وصلت إلى بدايون علمت أن ابنتي قد ماتت حين

كنت في السفر، فعلمت أن المقصود من ذلك الخطاب كان تسليتي، انتهى.

وقال السنبهلي في الأسرارية: إنه سافر إلى الحرمين الشريفين في صباه، فلما وصل إلى كنباية

أدرك رجلاً مغلوب الحالة، فأشار إليه أن يرجع إلى بلدته أمروهه، فرجع ولازم الشيخ علاء الدين

الجشتي الدهلوي وأخذ عنه، ولما بلغ رتبة الشياخة عاد إلى أمروهه وانقطع إلى الزهد والعبادة.

توفي لخمس عشرة من ذي الحجة سنة سبع وثمانين وتسعمائة.

مولانا عبد الله التلنبي

الشيخ الفاضل العلامة عبد الله بن إله داد العثماني التلنبي الملتاني ثم الدهلوي، أحد الأساتذة

المشهورين في الهند، ولد بتلنبه - بضم الفوقية قرية من أعمال ملتان - وتعلم الخط والحساب، وقرأ

العربية أياماً في بلاده، ثم سافر إلى إيران وأخذ المنطق والحكمة عن العلامة عبد الله اليزدي ولازمه

مدة طويلة حتى حاز قصب السبق وأحكم، وهو في ريعان العمر وعنفوان الشباب، فبهر الفضلاء من

فرط ذكائه وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه، فرجع إلى الوطن وهو من أكابر العلماء،

وتصدر للتدريس فدرس وأفاد مدة في بلاده، ثم ألجأته الفتن إلى الخروج من تلك البلاد، فدخل دهلي

في أيام سكندر شاه اللودي، واغتنم السلطان قدومه وجعله ملك العلماء.

ص: 373

وكان يدرس الكتب الدقيقة في المنطق والحكمة بغاية التحقيق والتدقيق، وهو الذي أدخلها في نظام

الدرس وروجها في هذه البلاد، صرح به البدايوني في تاريخه، قال: إن قبل وروده ما كانوا يقرؤن

في هذه الديار غير شرح الشمسية في المنطق وشرح الصحائف في الكلام، فوسع في نظام الدرس

وأدخل فيه الكتب الدقيقة من المعقول.

قال: وكان سكندر شاه يكرمه غاية الإكرام ويحضر لديه فإن وجده مشتغلاً بالتدريس يتوارى عنه في

زاوية من زوايا المجلس لئلا يختل بقدومه نظام الدرس فإذا فرغ سلم عليه وحادثه.

قال: وإن السلطان جمع أرباب العلم من أقطاع الهند وجعلهم فريقين، جعل الشيخ عبد الله ورفيقه

عزيز الله في جانب واحد، وجعل الشيخ إله داد الجونبوري وولده الشيخ بهكاري في جانب آخر،

وأمرهم بالمناظرة، فاشتغلوا بالبحث والمناظرة، ووضح له أن الفريق الأول فائق على الثاني في

حسن المحاضرة، والثاني على الأول في براعة التحرير، انتهى.

وكان له تلامذة أجلاء منهم المفتي جمال الدين وصنوه عبد الغفور بن نصير الدين الدهلوي وميان

شيخ الكواليري وميران جلال الدين البدايوني وغيرهم، وكلهم نبغوا بصحبته وصاروا أساتذة

عصرهم، وكانوا أكثر من أربعين رجلاً.

توفي سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة.

مولانا عبد الله الجونبوري

الشيخ الفاضل عبد الله بن إله داد الحنفي الجونبوري، أحد العلماء المبرزين في العلوم العربية، ولد

ونشأ بمدينة جون بور واشتغل بالعلم من صباه، وقرأ على أبيه ولازمه ملازمة طويلة حتى برع

وفاق أقرانه في العلم والمعرفة، وإني أظن أن هذا هو الشيخ بهكاري الذي ذكره البدايوني، فإن أهل

الهند من عادتهم أنهم يسمون أبناءهم باسم ويدعونهم باسم آخر مختصر خفيف على لسانهم، والله

أعلم.

الشيخ عبد الله المتقي السندي

الشيخ العالم المحدث عبد الله بن سعد الله المتقي السندي المهاجر إلى المدينة المنورة، لم يكن في

زمانه أعلم منه بالحديث والتفسير، ولد ونشأ في أرض السند على فضل عظيم، ورحل إلى كجرات

صحبة القاضي عبد الله بن إبراهيم السندي سنة سبع وأربعين وتسعمائة، ثم سافر إلى الحرمين

الشريفين معه، وأخذ الحديث بها عن أئمة العصر وعن الشيخ علي بن حسام الدين المتقي

البرهانبوري، وسكن بالمدينة مدة طويلة، ثم رجع إلى الهند صحبة الشيخ رحمة الله بن القاضي عبد

الله السندي سنة سبع وسبعين وتسعمائة وأقام بكجرات زماناً.

وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه خلق كثير من العلماء، ثم عاد إلى مكة المباركة وتوفي بها.

ومن مصنفاته: جمع المناسك ونفع الناسك، صنفه سنة خمسين وتسعمائة، ومنها حاشية على عوارف

المعارف للسهروردي.

توفي في شهر ذي الحجة سنة أربع وثمانين وتسعمائة بمكة المباركة، ذكره الحضرمي في النور

السافر.

الشيخ عبد الله السلطانبوري

الشيخ العالم الكبير عبد الله بن شمس الدين الأنصاري السلطانبوري المشهور بمخدوم الملك، كان

أصله من بلدة تته - من بلاد السند - انتقل جده منها إلى جالندهر وولد عبد الله بسلطان بور من بلاد

بنجاب، واشتغل بالعلم من صباه، وسافر إلى سرهند فقر الكتب الدرسية على العلامة عبد الله

السرهندي، ثم دخل دهلي وأخذ الحديث عن الشيخ إبراهيم بن المعين الحسيني الأيرجي، ثم رجع

إلى بلدته واشتغل بالتدريس والتصنيف والتذكير، وحصل له القبول العظيم، فولاه همايون شاه

التيموري شياخة الإسلام، فاستقل بها في أيامه وأيام فترته إلى أوائل عهد ولده أكبر شاه، وكان

الملوك والسلاطين كلهم يكرمونه غاية الإكرام ويتلقون إشاراته بالقبول، حتى أن شير شاه لقبه بصدر

الإسلام، وابنه سليم شاه كان يجلسه على سريره ويعرض عليه النذور الثمينة ولما رجع همايون شاه

من

ص: 374

إيران وجلس على سرير الملك مرة ثانية لقبه بشيخ الإسلام، ولقبه أكبر شاه بمخدوم الملك،

وجعل راتبه مائة ألف دام.

واستمر على ذلك سنين، ثم لما دس الشيخ مبارك بن خضر الناكوري في قلب أكبر شاه أنه مجتهد

في المذهب لا ينبغي له تقليد الصدور والقضاة أمر بإخراجه إلى الحرمين الشريفين، فسافر إلى

الحجاز سنة سبع وثمانين وتسعمائة، فلما وصل إلى مكة المباركة استقبله أكابر العلماء بمكة، وتلقاه

الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر المكي إجلالاً وتعظيماً، فأقام بمكة مدة من الزمان، ثم عاد إلى

الهند، ولما وصل إلى كجرات توفي بها مسموماً.

قال البدايوني: إنه كان من فحول العلماء، رأساً في الفقه والأصول والتاريخ والحديث وسائر العلوم

النقلية، وكان شديد التعصب على أهل البدع والأهواء لا سيما على الشيعة، قال: وإنه كان يقول إن

روضة الأحباب ليس من مصنفات الأمير جمال الدين المحدث، وكان يستشهد بشعر في منقبة سيدنا

علي رضي الله عنه أورده الجمال في المجلد الثالث من ذلك الكتاب:

همين بس بود حق نمائي أو كه كردند شك در خدائي أو

ثم التفت إلي وقال: أنظر كيف بالغ في مدحه حتى جاوز عن الرفض إلى عقيدة الحلول - أعاذنا

الله سبحانه منها - فقلت له: هذا مأخوذ من قول الشافعي حيث قال:

لو أن المرتضى أبدى محله لصار الناس طراً سجداً له

كفى في فضل مولانا على وقوع الشك فيه أنه الله

فنظر إلى شزرا ونازعني في صحة النقل، فقلت له: نقلها المير حسين الميبذي في شرح ديوان

الشعر لسيدنا علي رضي الله عنه، فقال: إن الميبذي أيضاً متهم بالرفض. فقلت له: إني سمعت من

بعض الثقات أن المجلد الثالث من روضة الأحباب ليس من مصنفات الأمير جمال الدين المحدث بل

لابنه ميرك شاه، فقال: إني وجدت في المجلد الثاني أيضاً بعض المناكير فعلقت عليها الحواشي،

انتهى.

وللشيخ عبد الله مصنفات عديدة، منها: كشف الغمة، ومنهاج الدين، وعصمة الأنبياء، وشرح العقيدة

الحافظية، ورسالة في تفضيل العقل على العلم، وله غير ذلك من الرسائل.

توفي بأرض كجرات مسموماً سموه بأمر أكبر شاه، كما صرح به الخوافي في مآثر الأمراء وكان

ذلك سنة تسعين - أو إحدى وتسعين - وتسعمائة.

مولانا عبد الله اللاهوري

الشيخ العالم الصالح عبد الله بن عبد الخالق الشريف الحسني اللاهوري، أحد العلماء المشهورين

بالفقه والحديث والتفسير، وكانت له مشاركة جيدة في العلوم العقلية، درس وأفاد مدة عمره بمدينة

لاهور وتخرج عليه خلق كثير، مات سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة بلاهور فدفن بها قريباً من مقبرة

الشيخ جان محمد الحضوري، كما في حدائق الحنفية.

الشيخ عبد الله السنبهلي

الشيخ الأجل عبد الله بن عثمان بن عطاء الله المودودي الأمروهوي ثم السنبهلي، كان لقبه شمس

الدين وكمال الدين، واشتهر بالشيخ بنجو، ذكره عبد القادر البدايوني في تاريخه بذلك الاسم واللقب،

وسبب شهرته بذلك الاسم واللقب، وسبب شهرته بذلك الاسم أن أباه توفي في حياة جده عطاء الله

وكان بنجو صبياً، فأخذه عطاء الله في حجر تربيته وجعله قائماً مقام والده المرحوم، وكان له خمسة

أبناء فمنحه خمس أمواله وأملاكه، فاشتهر بالشيخ بنجو، لأن بنج بالفارسية معناه الخمس والواو

للنسبة.

وهو ولد سنة ست وستين وثمانمائة بمدينة أمروهه، ونشأ في مهد العلم والكرامة، ولما توفي جده

سافر إلى سنبهل وقرأ العلم على الشيخ العلامة عزيز الله التلنبي ولازمه مدة، ثم سافر إلى دهلي

وأخذ الطريقة عن الشيخ علاء الدين الجشتي الدهلوي

ص: 375

وصحبه زماناً، ثم رجع إلى أمروهه ولم يلبث

بها إلا قليلاً وهجر الدار والوطن ودخل الصحراء معتزلاً عن الناس، واستمر على ذلك عشرة أعوام،

ثم اختار الإقامة بسنبهل.

وكان صاحب وجد وسماع في بداية حاله، ثم غلبت عليه الحالة والكيفية حتى لم يستطع في تلك

الحالة أن يستمع الغناء.

توفي لثلاث عشرة بقين من محرم سنة تسع وستين وتسعمائة، كما في النخبة.

الشيخ عبد الله الأجي

الشيخ الصالح عبد الله بن محمد غوث الشريف الحسني الأجي، أحد العلماء الربانيين، جمع العلم

والعمل والزهد والقناعة، وصرف عمره في الإفادة والعبادة، وكان لا يخالط الملوك والأمراء، مات

سنة ثمان وسبعين وتسعمائة، كما في الخزينة.

مولانا عبد الله الأكبر آبادي

الشيخ الفاضل عبد الله بن يعقوب بن نصير الدين الأنصاري التميمي الملتاني ثم الأكبر آبادي، أحد

العلماء المشهورين، ولد ونشأ بأكبر آباد وسافر للعلم إلى بلاد أخرى، وقرأ على أساتذة عصره، ثم

رجع إلى بلدته ودرس وأفاد مدة طويلة، أخذ عنه خلق كثير، توفي لست خلون من شوال سنة ست

وأربعين وتسعمائة بأكبر آباد، كما في أخبار الأصفياء.

مولانا عبد الله الملتاني

الشيخ العالم الكبير عبد الله المغني الملتاني، أحد العلماء المبرزين في العلوم العربية، ولد ونشأ

بملتان وقرأ العلم بها، ثم انتقل إلى بهكر وسكن بها، وكان يدرس ويفيد، وله مهارة تامة بالنحو واللغة

والفقه والأصول، ومشاركة جيدة في العلوم الحكمية، توفي سنة سبعين وتسعمائة، كما في المآثر.

مولانا عبد الله البدايوني

الشيخ الصالح عبد الله الهندي السامانوي ثم البدايوني، أحد العلماء المشهورين، ولد ببلدة سامانة -

من بلاد بنجاب - وكان من كفار الهند، نشأ على دينهم وتعلم الخط والحساب وقرأ الفارسية أياماً

على معلم من أهل الإسلام، فلما قرأ بوستان للشيخ سعدي الشيرازي وقرأ هذا البيت:

محال است سعدي كه راه صفا توان رفت جز در بيء مصطفى

يعني محال أن يسلك أحد سبيل السلام إلا في اقتفاء محمد صلى الله عليه وسلم، سأل أستاذه عن

النبي صلى الله عليه وسلم، ولما سمع مكارمه وأخلاقه صلى الله عليه وسلم أخذه الجذبة

الربانية، فانقطع عن أبيه وأمه وذهب إلى دهلي، وأقبل على العلوم العربية إقبالاً كلياً، وقرأ العلم

على الشيخ عبد الغفور بن نصير الدين الدهلوي والشيخ جلال الدين البدايوني وعلى غيرهما من

العلماء ثم سافر إلى بدايون وأخذ الطريقة عن الشيخ عبد الباقي البدايوني، ثم ذهب إلى خير آباد

وصحب الشيخ صفي الدين عبد الصمد السائنبوري وأخذ عنه ولازمه حتى فتحت عليه أبواب

الكشف والشهود، فرجع إلى بدايون وعكف على الإفادة والعبادة.

وكان بارعاً في فنون عديدة من الفقه والأصول والنحو، جامعاً لأنواع الخير والعلوم وتعليم العلم،

جيد التفقه، مستحضراً لمذهبه، صحيح الدين قوي الفهم، وكان زاهداً متقللاً، قانعاً باليسير، شريف

النفس، يذهب إلى السوق راجلاً ويأتي بحوائجه مع كبر سنه، وكان لا يتقيد برسوم المشايخ من أخذ

البيعة وإن كان مجازاً لذلك عن مشايخة الكرام، وعمر تسعين سنة، ذكره البدايوني.

الشيخ عبد الله السرهندي

الشيخ الكبير عبد الله النيازي المهدوي السرهندي، أحد دعاة مذهب المهدوية، كان يأمر بالمعروف

وينهى عن المنكر ولا يهاب في ذلك أحداً، ولذلك أوذي من الملوك غير مرة، ونيازي طائفة من

الأفغان والشيخ عبد الله كان من تلك الطائفة، وكان من مشاهير أهل الهند.

قال البدايوني: إنه أخذ الطريقة عن الشيخ سليم بن بهاء الدين الجشتي ولازمه زماناً، ثم سافر إلى

كجرات

ص: 376

وإلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وساح البلاد وأدرك المشايخ الأمجاد، ولازم أصحاب

الشيخ محمد بن يوسف الجونبوري في كجرات وإقليم الدكن، واستحسن طريقتهم في الترك والتجريد

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فدخل في جماعة المتمهدي المذكور، ثم جاء إلى بيانه وأقام بها

مدة طويلة كآحاد الناس غير مقيد برسوم المشايخ، وناله من سليم شاه السوري سلطان الهند أذى كثير

حتى عيل صبره فخرج من بيانه وساح البلاد مدة، ثم جاء إلى سرهند واعتزل بها ورجع عن القول

بالمهدية للسيد محمد بن يوسف الجونبوري.

قال: ولما أسس أكبر شاه التيموري عبادت خانه بمدينة فتح بور طلبه من سرهند، واحتظ بصحبته

أياماً، ثم رخصه فاعتزل بها، ولقيه أكبر شاه مرة ثانية بسرهند وأعطاه أرضاً خراجية وكان لا يقبل،

فأصر على ذلك فلم يسعه إلا القبول، ولكن النيازي لم ينتفع بها قط وعاش في الفقر والفناء كما كان

يعيش سابقاً، كان عمله باحياء العلوم للغزالي، انتهى.

وقال السيد الوالد في مهر جهانتاب: إنه لما رحل إلى الحرمين الشريفين للحج والزيارة أخذ الحديث

عن أئمة العصر، وقيل إنه رجع عن العقيدة الباطلة في المهدي، وله مصنفات عديدة، منها القربة إلى

الله وإلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها مرآة الصفا والصراط المستقيم، انتهى.

توفي بسرهند سنة ألف وله تسعون سنة، كما في المنتخب.

الشيخ عبد الله الكوئلي

الشيخ الفاضل عبد الله الحسيني الكوئلي، أحد العلماء المشهورين في عصر الشيخ عبد القدوس

الكنكوهي، ذكره ركن الدين محمد بن عبد القدوس في اللطائف القدوسية.

الشيخ عبد المجيد الكنكوهي

الشيخ الفاضل عبد المجيد بن عبد القدوس بن إسماعيل الحنفي الشيخ حميد الدين الكنكوهي، أحد

العلماء المتصوفين، ولد ونشأ بكنكوه وسافر للعلم، فقرأ على مولنا قطب الدين السرهندي والشيخ

أحمد الحسيني الملتاني وعلى غيرهما من العلماء، وانتفع بأبيه وأخذ عنه الطريقة ولازمه مدة حياته،

له رسالة في إثبات وحدة الوجود، ذكره ركن الدين محمد في اللطائف القدوسية.

الشيخ عبد المعطي باكثير المكي

الشيخ العالم الكبير المحدث عبد المعطي بن الحسن بن عبد الله باكثير المكي ثم الهندي الأحمد

آبادي، أحد العلماء المحدثين، ذكره عبد القادر الحضرمي في النور السافر، قال: وكان مولده سنة

خمس وتسعمائة بمكة ونشأ بها، ولقي جماعة من العلماء الفاضلين، وشارك في المعقول والمنقول،

وتفنن في كثير من العلوم، ودخل الهند آخراً وأقام بها.

وكان حسن المحاضرة لطيف المحاورة، فكهاً، له ملح ونوادر، ولم يزل على قدم الصلاح والتعفف

إلى أن مات، وحكى أنه قرأ كتاب الشفاء على بعض مشايخه في مجلس واحد، وذلك بعد صلاة

الصبح إلى أول الظهر، ومن شيوخه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري لأنه سمع عليه صحيح البخاري

بقراءة والده، وهو يرويه عنه سماعاً - كما في اصطلاح أهل الحديث - والشيخ زكريا يرويه عن

شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني، ولهذا اشتهر صاحب الترجمة في زمنه بالسند العالي وتميز

عن أقرانه بذلك، فازدحم الناس على الأخذ منه وصار له من الحظ بسبب ذلك ما لا مزيد عليه،

وسمعت عليه مجالس من صحيح البخاري وأنا صغير وتلفظ حينئذ بالإجازة وكان والدي طلب منه

أن يجعلها في أرجوزة حتى يضيفها إلى جنب قصائده فلم يقدره الله على ذلك، ومن تصانيفه كتاب

أسماء رجال البخاري، يذكر فيه كل من اشتمل عليه الكتاب المذكور من شيخ البخاري إلى الصحابي

راوي الحديث ولم يتمه، والذي كتب منه نحو مجلد ضخم، والظاهر أنه لو يتم يكون في مجلدين،

وهو مفيد في بابه، ومن شعره قوله في شمعة:

وممشوقة هيفاء لدن قوامها من البيض تزري بالمثقفة السمر

ص: 377

إذا أصبحت أمست تحد لسانها تفتق درع الليل من طلعة البدر

قصير سناها قد محى آية الدجى فصار نهاراً أبيضاً ساطع الفجر

تمد لساناً طائلاً غير ناطق ومن غير أجفان مدامعها تجري

وجلبابها يحكي لجيناً بياضه وأحشاؤها أزرت على لهب الجمر

إذا أجمعت تسمع بتصحيفه ولا ت حين مناص جاء في محكم الذكر

فدونك لغزاً واضحاً قد شرحته وبينته لكن بنوع من الستر

ومن بدائع قوله:

قم يا نديم فذا الصباح قد انفلق ومحى بأية نوره ظلم الغسق

قرب صبوحك فالزمان مساعد وأدر بروقه حكت لون الشفق

قامت سقاة كؤوسها في خضرة والمسك والكافور فيها قد عبق

قمر يدير الشمس في كأساته وبثغره مثل المدامة بل أرق

قد تحاكي السمهري ومقلة كالسيف واللحظ السهام إذا رشق

قوس الحواجب موتر لقتالنا ولذا قلوب العاشقين غدت درق

قلق الوشاح بخصره وتراه قد صمتت خلاخله ودملجه نطق

قرت نواظر عاشقيه بحبه لكن من الصد المبرح في أرق

قرأ المحب على صحيفة خده هذا لعمر الله أحسن من خلق

قد كنت همت بحسنه وجماله إذ كان جفن شبيبتي فيه رمق

قضيت أيامي سدى وسبهللا ترك الخلاعة والصبابة بي أحق

قد آن أن أثنى العنان عن الهوى وأعود عنه عود عبد قد أبق

قدم المشيب فكان أبلغ زاجر ومضى الشباب كأنه طيف طرق

توفي ليلة الثلاثاء لثلاث بقين من ذي الحجة سنة تسع وثمانين وتسعمائة ببلدة أحمد آباد فدفن بها،

كما في النور السافر.

الشيخ عبد الملك الكالبوي

الشيخ الفاضل عبد الملك بن إبراهيم الكالبوي، كان من أفاضل المشهورين في زمانه، صرف عمره

في الدرس والإفادة، ذكره المندوي في كلزار أبرار قال: إنه درس إلى يوم وفاته، مات في عهد

همايون شاه التيموري، وقبره بكالبي خارج الروضة.

الشيخ عبد الملك الباني بتي

الشيخ الفاضل العلامة عبد الملك بن عبد الغفور الحنفي الباتي بتي المشهور بالشيخ أمان الله، كان

من كبار العلماء والمشايخ، قرأ بعض الكتب الدرسية على أبيه الشيخ عبد الغفور، وبعضها على

الشيخ محمد بن الحسن العباسي الجونبوري ثم الدهلوي وأخذ عنه الطريقة، ثم لازم الشيخ مودود

اللاري وقرأ عليه فصوص الحكم لابن عربي، ثم تصدر للتدريس.

وكان على مذهب الشيخ محيي الدين ابن عربي في التوحيد، وله رسالة في إثبات الأحدية، وله مرآة

الحقيقة، وله شرح بسيط على اللوائح للعارف الجامي، وله غير ذلك من الرسائل.

ومن مختاراته في التوحيد أن الواجب تعالى وتقدس وراء الممكنات، ولكن المغائرة بحسب الحقيقة

لا يمكن، فلا بد أن يكون بحسب التعين والتقيد، فلا جرم أن يكون له سبحانه وتعالى تعين، ولأفراد

العالم

ص: 378

من الروحانيات والجسمانيات تعينات أخر.

وكان الشيخ عبد الرزاق الجهجانوي يخالفه في ذلك، فإنه ذهب إلى العينية - تعالى الله عن ذلك

علواً كبيراً! وكانت بينهما مطارحات.

مات لإثنتى عشرة خلون من ربيع الثاني سنة سبع وخمسين وتسعمائة بمدينة باني بت، كما في

أخبار الأخيار.

الشيخ عبد الملك الغزنوي

الشيخ العالم المجود عبد الملك بن عبد الله بن صالح بن محمود الخالدي الغزنوي، أحد القراء

المشهورين في زمانه، ولد ونشأ بغزنة واشتغل بالعلم من صباه، وسافر إلى هرات فحفظ القرآن،

وأخذ القراءة والتجويد عن الشيخ محمود التابادكاني، وقرأ العلم على عثمان الهروي، ثم أخذ الطريقة

عن الشيخ زين الدين الخوافي ولازمه ملازمة طويلة وسكن بهرات، فلما بلغ صيته إلى بلاد الهند

طلبه سكندر شاه اللودي، فقدم آكره وسكن بها، أخذ عنه خلق كثير من أهل الهند.

مات في شهر رجب سنة ست وخمسين وتسعمائة بمدينة آكره وله مائة وثلاثون سنة، كما في كلزار

أبرار.

المفتي عبد الملك الأمروهوي

الشيخ الفقيه المفتي عبد الملك بن محمود بن عطاء الله الحسيني الأمروهوي، كان أعلم أبناء والده،

ولي الإفتاء بمدينة أمروهه بعد ما توفي والده سنة سبع عشرة وتسعمائة في عهد سكندر شاه اللودي،

واستقل به مدة حياته، مات في سنة خمسين وتسعمائة أو مما يقرب ذلك، لأن ولده عبد الغفور ولي

الإفتاء بعده في تلك السنة، كما في النخبة.

الشيخ عبد الملك الكجراتي

الشيخ العالم المحدث عبد الملك البياني العباسي الأحمد آبادي، أحد كبار العلماء، ولد ونشأ بأحمد

آباد، وقرأ العلم على صنوه قطب الدين العباسي الكجراتي وأخذ الحديث عنه وهو أخذ عن الشيخ

شمس الدين بن محمد السخاوي المصري صاحب الضوء اللامع.

وكان عبد الملك مفرط الذكاء جيد القريحة، له مشاركة جيدة في الفقه والحديث والتفسير والعربية،

وكان حافظاً للقرآن الحكيم وصحيح البخاري لفظاً ومعناً، وكان يدرس عن ظهر قلبه، ولم يكن مثله

في زمانه في التوكل والتجريد، أخذ عنه مولانا كمال الدين محمد العباسي مفتي أجين.

مات في بضع وسبعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

الشيخ عبد الملك السجاوندي

الشيخ الفاضل عبد الملك السجاوندي، أحد دعاة مذهب المهدوية، أخذ الطريقة عن الشيخ دلاور

المهدوي ولازمه زماناً، وصنف كتاباً عن الذب عن السيد محمد بن يوسف الجونبوري وإثبات

المهدوية له، ومن مصنفاته سراج الأبصار في الرد على الشيخ علي بن حسام الدين المتقي

البرهانبوري، ورد عليه الشيخ محمد أسعد المكي في الشهب المحرقة، ثم أجاب عنه الشيخ شهاب

الدين المهدوي في كنز الدلائل، ذكره أبو رجاء محمد الشاهجهانبوري في الهدية المهدوية.

مولانا عبد المؤمن الأكبر آبادي

الشيخ العالم الصالح عبد المؤمن بن محمد بن الخليل الجشتي الأكبر آبادي، أحد كبار المشايخ، ذكره

محمد بن الحسن المندوي في كتابه كلزار أبرار وقال: إنه أخذ عن أبيه ثم سافر إلى الحرمين

الشريفين فحج وزار وساح البلاد الكثيرة، ورجع إلى الهند بعد اثنتى عشرة سنة، فسكن بآكره في

عهد سكندر شاه اللودي.

وقال التميمي في أخبار الأصفياء: إن والده انتقل من مندو إلى دهلي وولد بها عبد المومن، واشتغل

على والده من صباه، وقرأ عليه ثم لبس الخرقة منه، وانتقل من دهلي إلى آكره في أيام شاه اللودي،

انتهى.

ص: 379

مات في غرة شوال - وقيل لليلتين خلتا من شوال سنة سبعين - وقيل اثنتين وسبعين - وتسعمائة

بمدينة آكره فدفن بها.

الشيخ عبد النبي الكنكوهي

الشيخ العالم المحدث عبد النبي بن أحمد بن عبد القدوس الحنفي الكنكوهي، أحد العلماء المشهورين

في أرض الهند، ولد بكنكوه، وقرأ القرآن والفقه والعربية وسائر العلوم في بلاده، ثم سافر إلى

الحرمين الشريفين وسمع الحديث بها عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر المكي وعن غيره من

المحدثين، وتردد إلى الحجاز غيرة مرة، وصحب المشايخ مدة طويلة حتى رسخ فيه مذهب

المحدثين، فرجع إلى الأهل والوطن وخالفهم في مسألة السماع والتواجد ووحدة الوجود والأعراس

وأكثر رسوم المشايخ الصوفية ونصر السنة المحضة والطريقة السلفية واحتج ببراهين ومقدمات،

فخالفه والده وأعمامه فأوذي في ذات الله من المخالفين، وأخيف في نصر الله حتى أنهم أخرجوه من

الأهل والوطن، ولكن لما قيض الله له صدارة الهند طلبه أكبر شاه التيموري سلطان الهند وولاه

الصدارة في أرض الهند بعرضها وطولها سنة إحدى وسبعين وتسعمائة، فاستقل بها زماناً، وأعطى

من الأرض والأموال ما لم يعط أحد قبله من الصدور، وحصل له القبول التام عند الخاص والعام،

وكان أكبر شاه يذهب إلى بيته لاستماع الحديث الشريف ويضع نعليه قدامه بيده ويتلقى إشاراته

بالقبول قال البدايوني: إنه استمر على ذلك سنين، ثم دخل في الحضرة ابنا المبارك فدسا في قلب

أكبر شاه ما رغب به عن أهل الصلاح والمشايخ، نزله عن منزلته وصار يتدبر حيلة لعزله، إذ

حدث أمر عظيم بمدينة متهرا، وهو أن القاضي عبد الرحيم كان يريد أن يبني مسجداً فيها، فغصب

عمارته أحد البراهمة وجعلها هيكلاً، فلما تعرض له القاضي المذكور سب النبي صلى الله عليه

وسلم، على رؤوس الأشهاد وهتك حرمة الإسلام، فرفع القاضي تلك القضية إلى الشيخ عبد النبي،

فطلبه الشيخ فلم يأت، فبعث أكبر شاه أبا الفضل ابن المبارك وبيربر الوثنى إلى متهرا ليأتيا به،

وقال الشيخ أبو الفضل: إن أهل متهرا كلهم متفقون عل أنه سب النبي صلى الله عليه وسلم، فصار

العلماء على قسمين: طائفة منهم تفتي بقتله، وطائفة تفتي بالتشهير والمصادرة! فاستصوب عبد النبي

من أكبر شاه قتله، فأعرض السلطان عن القول به، فتأخر الشيخ عن ذلك وسأله مرة ثانية وثالثة،

وكلما كان يسأله يقول له: لا تسألوني عنه فإن السياسات الشرعية تتعلق بكم، وكانت في حرم

السلطان طائفة من بنات الكفار تشفع لذلك الكافر، ولكن السلطان يضمره في قلبه، فلما استيأس عن

ذلك عبد النبي قضى بقتله، فغضب عليه السلطان غضباً شديداً ورفع الشكوى إلى مبارك بن خضر

الناكوري، فقال له المبارك: إن السلطان أعدل الأئمة وأعقلهم وأعلمهم بالله سبحانه، لا ينبغي له أن

يقلد أحداً من الفقهاء المجتهدين، ورتب محضراً في ذلك، وبعث السلطان إلى عبد النبي وعبد الله،

فحضرا في مجلسه فلم يقم أحد لتعظيمهما، فجلسا في صف النعال وأثبتا توقيعهما على ذلك المحضر

كرهاً، ثم أمر السلطان لإخراجهما إلى الحرمين الشريفين، فسافر عبد النبي إلى الحجاز وأقام بها

زماناً، ثم رجع إلى الهند وطلب العفو والمسامحة من السلطان، فأمر وزيره راجه تودرمل أن

يحاسبه، فقبض عليه ذلك الكافر ونقمه أشد نقمة حتى مات، انتهى.

وفي مآثر الأمراء أن السلطان حبسه للمحاسبة وفوض أمره إلى أبي الفضل بن المبارك الناكوري

فقتله مخنوقاً، انتهى.

قال الشيخ عبد الحي بن عبد الحليم اللكهنوي في طرب الأماثل، إني رأيت في نسخة من مصنفاته

أن مولانا عبد النبي صدر السلطان أكبر وصل إلى مكة بعطايا السلطان في سنة ثمان وثمانين

وتسعمائة، وقسمها على دفتر كان معه بتوقيعات السلطان بمعرفة مولانا شيخ الإسلام القاضي حسين

على أهل الحرمين، وتوجه إلى الهند في رجب سنة تسع وثمانين وتسعمائة، وكان من أهل الخير

والصلاح، انتهى.

ومن مصنفاته وظائف النبي في الأدعية المأثورة وله سنن الهدى في متابعة المصطفى وله رسالة

في حرمة السماع رداً على رسالة أبيه، وله رسالة في رد طعن القفال المروزي على الإمام أبي

حنيفة، توفي سنة إحدى وتسعين وتسعمائة.

ص: 380

الشيخ عبد الوهاب الأكبر آبادي

الشيخ العالم المحدث عبد الوهاب بن أبي الفتح المكي الأكبر آبادي، كان أكبر أبناء والده، يعرف

بالشيخ بدا، قرأ العلم على الشيخ مبارك بن الشهاب الكوباموي وعلى غيره من العلماء، ثم درس

وأفاد.

وكان شيخاً جليلاً وقوراً، سخياً باذلاً، منور الشيبه، حسن الأخلاق، مرزوق القبول، مات في غرة

شعبان سنة سبعين وتسعمائة بمدينة آكره، كما في كلزار أبرار.

الشيخ عبد الوهاب السادهوروي

الشيخ العالم الصالح عبد الوهاب بن عبد المجيد الحنفي السادهوروي، أحد الأفاضل المشهورين، لم

يزل مشتغلاً بالدرس والإفادة، أخذ عنه خلق كثير، توفي سنة خمس وستين وتسعمائة بسادهوره.

مولانا عبد الوهاب الكشميري

الشيخ العالم الفقيه عبد الوهاب بن المفتي فيروز الحنفي الكشميري، أحد العلماء المبرزين في العلوم

الحكمية، ولد ونشأ بكشمير وقرأ العلم بها على أساتذة عصره، له تعليقات على شرح الشمسية وعلى

شرح المواقف، كما في حدائق الحنفية.

الشيخ عبد الوهاب البخاري

الشيخ الصالح عبد الوهاب بن محمد بن رفيع الدين الحسيني البخاري الأجي السيد الشريف الحاج

المشهور - يتصل نسبه بالجلال حسين بن أحمد الحسيني البخاري بجده الجلال الأعظم - ولد سنة

تسع وستين وثمانمائة من بطن فاطمة بنت قطب الدين بن كبير الدين بن إسماعيل بن محمود

الحسيني البخاري بمدينة أج ونشأ بها، وقرأ العلم على صهره صدر الدين بن حسين بن كبير الدين

الحسيني البخاري وأخذ عنه الطريقة ولازمه مدة من الزمان، ثم سافر إلى الحجاز للحج والزيارة في

حياة شيخه صدر الدين فحج وزار، ورجع إلى الهند وأقام بملتان مدة، ثم انتقل إلى دهلي وأخذ

الطريقة عن الشيخ عبد الله بن يوسف القرشي الملتاني، وسافر إلى الحجاز مرة ثانية فحج وزار،

ورجع إلى دهلي وأقام بها مدة حياته، وكان سكندر شاه اللودي شديد الإكرام له.

له تفسير القرآن الكريم، شرع في تصنيفه في أوائل ربيع الثاني سنة خمس عشرة وتسعمائة، وأتمه

في السابع عشرة من شوال في تلك السنة، فكان بين الشروع والإتمام ستة أشهر وبضعة أيام، وهذا

الكتاب قد أرجع فيه المطالب القرآنية أكثرها بل كلها إلى مناقب النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

وبين فيه أسرار المحبة ودقائق الوجد والغرام، ويحتمل أنه صنف في غلبة الحال لأن أكثر ما ذكره

لا يصح.

وله رسالة في شمائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقصائد بالعربية في مدحه.

توفي سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة بدهلي في يوم دخل بابر شاه التيموري تلك المدينة.

مولانا عثمان السنبهلي

الشيخ الفاضل عثمان بن أبي عثمان الحنفي البنكالي ثم السنبهلي، أحد العلماء المشهورين ي

عصره، ولد ونشأ بأرض بنكاله، وسافر للعلم فدخل سنبهل وقرأ على الشيخ حاتم السنبهلي، ثم ذهب

إلى كجرات وأخذ عن العلامة وجيه الدين العلوي الكجراتي، ثم رجع إلى سنبهل وسكن بها، ذكره

كمال محمد السنبهلي في الاسرارية وقال البدايوني: الشيخ حاتم قرأ عليه في بداية حاله وكان يحضر

لديه يلتمس الفاتحة في نهاية أمره، قال: إني أدركته في صغر سني وحضرت مجلسه مع الشيخ

حاتم.

مات سنة ثمانين وتسعمائة بمدينة سنبهل، فقال أحد أصحابه مؤرخاً لوفاته: همه كفتند رفت مردانه.

الشيخ عجائب السنبهلي

الشيخ الفاضل عجائب بن إسحاق الإسرائيلي السنبهلي، أحد رجال الطريقة، أخذ عن الشيخ سماء

الدين الدهلوي ولازمه ملازمة طويلة، ولما مات الشيخ انتقل من دهلي إلى سنبهل فسكن بها، وكان

عالماً بالمعارف الإلهية، شاعراً يتلقب في الشعر بالهلالي.

توفي سنة ثلاثين وتسعمائة بسنبهل، كما في بحر زخار.

ص: 381

الشيخ عجائب الدهلوي

الشيخ الفاضل عجائب بن عيسى الدهلوي الشيخ كمال الدين بن علاء الدين، كان من كبار المشايخ

في عصره، قرأ العلم على قتلغ خان وعلى غيره من العلماء، ولازم أباه وانتفع به كثيراً، كما في

كلزار أبرار.

مولانا عزيز الله الردولوي

الشيخ الفاضل عزيز الله بن إسماعيل بن صفي بن نصير الحنفي الردولوي، أحد العلماء المبرزين

في الفقه والأصول والعربية، ولد ونشأ بردولي، وقرأ الكتب الدرسية على والده ولازمه مدة من

الزمان حتى صار أوحد أبناء العصر، وتصدى للدرس والإفادة، أخذ عنه خلق كثير.

مولانا عزيز الله التلنبي

الشيخ الفاضل العلامة عزيز الله الحنفي التلنبي الملتاني ثم السنبهلي، كان من العلماء العاملين

والأئمة المحققين، قدم دهلي في عهد سكندر شاه اللودي، ثم دخل سنبهل وسكن بها، وقصر همته

على الدرس والإفادة، وكان مفرط الذكاء، جيد القريحة، شديد التعبد، قليل الاختلاط بالناس مع التقوى

المفرط والمنطق والحكمة وسائر الفنون النظرية ومشاركة جيدة في المعارف الأدبية، أخذ عنه الشيخ

نظام الدين الخير آبادي والشيخ حاتم بن أبي حاتم السنبهلي وخلق كثير من العلماء.

توفي سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، كما في الأسرارية.

مولانا عزيز الله الملتاني

الشيخ العلامة عزيز الله الحنفي الملتاني، أحد الأساتذة المشهورين في عصره، ولد ونشأ بالملتان،

وقرأ العلم على الشيخ فتح الله الملتاني مشاركاً لولده إبراهيم الجامع، وقرأ عليه ولده عبد الرحمن

الملتاني وخلق كثير، ذكره المندوي.

وقال محمد قاسم في تاريخه: إنه كان من مشاهير العلماء، استقدمه جام يزيد إلى مدينة شور ثم

استقبله من خارج البلدة وجاء به إلى قصر الإمارة واحتفى به جداً، وأمر غلمانه أن يغسلوا يده، ثم

أمرهم أن يصبوا غسالة في الجهات الأربع من ذلك القصر تبركاً، فأقام الشيخ عزيز الله ببلدة شور

زماناً، ثم خرج من تلك البلدة سراً وذهب إلى الملتان لعدم موافقته بالوزير جمال الدين، انتهى.

الشيخ عطاء محمد الكجراتي

الشيخ العالم الصالح عطاء محمد علاء الدين الحسيني القادري الكجراتي، أحد المشايخ المشهورين،

خرج من أحمد آباد حين دخل بها همايون شاه التيموري سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، وذهب إلى

ديو صحبة بهادر شاه الكجراتي فوقع في أيدي البرتغاليين فحبسوه، ولما خلص منهم سافر إلى

الحرمين الشريفين فحج وزار، ورجع إلى كجرات وانقطع إلى الدرس والإفادة.

وكان شاعراً مجيد الشعر، له أعجوبة الزمان ونادرة الدوران، ديوانان في الشعر العربي، وأبياته

على منوال أبيات الشيخ ابن الفارض المصري.

وكان له خمسة أبناء، كلهم علماء: عبد الرزاق، وأبو صالح النصر، ومحمد، وأحمد، وعلي، وكان له

ثلاثة خلفاء، كلهم علماء: الشيخ بهاء الدين، كلزار أبرار.

الشيخ علاء بن الحسن البيانوي

الشيخ الصالح علاء بن الحسن المهدوي البيانوي، أحد دعاة الطائفة المهدوية وزعمائهم، كان متفرداً

بين الأقران في الذكاء والفطنة وسيلان الذهن وقوة الحافظة، أصله من بنكاله، خرج منها أبوه وعمه

نصر الله للحج وسكنا بمدينة بيانه، فاختار أبوه طرق الإرشاد والتلقين، وعمه الدرس والإفتاء، وأما

بن الحسن فإنه قرأ العلم على أبيه وعمه، ثم أخذ الطريقة وجلس على مسند أبيه بعد وفاته واشتغل

بالإرشاد

ص: 382

والتلقين مدة من الزمان، ولما قدم عبد الله النيازي السرهندي من سفر الحج وسكن بمدينة

بيانه خارج البلدة، وكان من كبراء الطائفة المهدوية، صاحب صدق وإخلاص، قانعاً باليسير، شريف

النفس، زاهداً مجاهداً، لا يجلس في مكان معين بحيث يقصد فيه ولا يتصدر في المجلس، وكان يأتي

بدلو الماء على رأسه للوضوء ويحرض الناس على إقامة الصلاة بالجماعة ويأمرهم بالمعروف

وينهاهم عن المنكر، رغب إليه ابن الحسن وترك الشياخة ونبذها وراء ظهره، وأخذ طريقة الذل

والافتقار، ولازم الشيخ عبد الله المذكور فتلقن منه الذكر على طريق حفظ الأنفاس، وأخذ عنه القرآن

الكريم، واشتغل عليه بالرياضة والمجاهدة حتى فتح الله سبحانه عليه أبواب الكشف والشهود، فقصده

الناس، واختار صحبته منهم ستمائة أو سبعمائة وسافروا معه على قدم التوكل، وجروا على طريقة

واحدة من اختيار الفقر والتقلل من الدبيا ورد ما يعطى لهم.

وكان ابن الحسن دائم الابتهال، كثير الاستعانة، قوي التوكل، ثابت الجأش، له صحبة مؤثرة، كل

من يصل إليه يأخذ طريقته من اختيار الفقر والتقلل من الدنيا، وكان له إقدام وشهادة وقوة نفس، يأمر

بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحتسب على الناس في الملاهي والملاعب ولبس الحرير، فاشتهر

ذكره في أقطار الهند، وحسده علماء السوء فاستحضره سليم شاه السوري سلطان الهند بآكره،

واستحضر الشيخ المحدث رفيع الدين والمفتي أبا الفتح والشيخ عبد الله مخدوم الملك والشيخ مبارك

وغيرهم من كبار العلماء، فحضروا لديه وسلم عليه ابن الحسن علي الوجه المسنون ولم يخدمه بآداب

التحية المرسومة فكبر ذلك على سليم شاه، وكان عبد الله مخدوم الملك عدواً له لذمه علماء السوء،

فحرض السلطان عليه ورماه بأنه يريد الخروج عليه، ولكنه لما سمع تذكيره لان له وبكى وأمر

العلماء أن يباحثوه في مسألة خروج المهدي! فباحثوه فأفحمهم وأتى بما تحير منه الناس، فأمر

السلطان بإخراجه إلى بلاد الدكن تأليفاً للعلماء، فذهب إلى هندية - بفتح الهاء وسكون النون والدال

الهندية وفتح التحتية بعدها هاء - فلما وصل إلى هندية استقبله أعظم همايون الشرواني الحاكم بها

بترحيب وإكرام فأقام بها قليلاً، ثم طلبه سليم شاه وبعثه إلى بهار عند الشيخ محمد بن طيب الحقاني

ليباحثه في مسألة خروج المهدي، وكان عبد الله مخدوم الملك يحرضه على ذلك، فذهب ابن الحسن

إلى بهار ولقى الشيخ محمد، وبينما هو عنده إذ قرع صماخه صوت الغناء من بيت الشيخ فاحتسب

عليه وأنكره، فاعتذر الحقاني وكتب إلى سليم شاه أن مسألة خروج المهدي ليست مما يدور عليه

الكفر والإيمان فلا ينبغي أن يكفر بها أحد من المسلمين، وأن الكتب لا توجد في هذه البلاد ولذلك لا

أقدر على دفع شبهاته، انتهى.

فلما رأى أبناء الشيخ محمد أن عبد الله لا يعجبه هذا الكتاب ولعله يحرض السلطان أن يطلب

الحقاني إلى آكره وهو شيخ فان لا يتحمل مشاق السفر بدلوا الكتاب، وكتبوا من تلقاء أبيهم إلى سليم

شاه أن مخدوم الملك عالم كبير محقق وهو عندكم فارجعوا إليه في هذه المسألة، وبعثوا به إلى

السلطان، فلما وصل ابن الحسن ووصل الكتاب إلى سليم شاه استفتى عبد الله وأمر أن يضرب

بالسياط، وكان ابن الحسن مهزولاً من شدائد السفر ومن الطاعون الذي أصابه في ذلك الزمان، فمات

في السوط الثالث، فأمر بربد جسده بقدم الفيل وإدارته في المعسكر، ففعل ما أمر به، وتركوه على

وجه الأرض لأن سليم شاه منع أن يدفن، وكان ذلك في سنة سبع وخمسين وتسعمائة، ذكره عبد

القادر البدايوني في تاريخه، وأرخ لعام وفاته من قوله تعالى:"وسقاهم ربهم شراباً طهوراً".

الشيخ علاء الدين الردولوي

الشيخ الصالح علاء الدين بن سليمان بن الحسن الردولوي المشهور بعلاول بلاول، ولد ونشأ

بردولي، وتوفي والده في صغر سنه، فسافر مع أبيه إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وأقام بهما

زماناً وقرأ العلم على مشايخ الحرمين، ثم رجع إلى الهند ودخل دهلي وأخذ عن الشيخ عبد الغفور بن

نصير الدين الدهلوي، وقرأ عليه بعض الكتب الدرسية في

ص: 383

التفسير، ثم دخل آكره وسكن بها.

وكان مغلوب الحالة، يذكر له كشوف وكرامات، جمعها زي العابدين الحسيني في كتاب صنفه سنة

تسع بعد الألف.

وكانت وفاة العلاء في سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، فأرخ لموته بعض الناس من اسمه علاؤ الدين

مجذوب كما في كلزار أبرار.

علاء الدين عماد شاه البراري

الملك المؤيد علاء الدين بن فتح الله عماد الملك البراري عماد شاه، كان أصله من بيجانكر، جلب

والده في صغر سنه إلى أحمد آباد بيدر، فتربى في الإسلام وتدرج إلى الإمارة، ثم ولي على أرض

برار سنة اثنتين وتسعين وثمانمائة، ولما مات قام بالملك ولده علاء الدين.

وكان من خيار السلاطين، فاضلاً كريماً مقداماً باسلاً، صاحب عقل ودين، وسع ملكه وفتح القلاع

والبلاد، وأحسن إلى الناس، وجمع العلماء في دار ملكه، وكان يحبهم ويحسن إليهم، توفي سنة سبع

وستين وتسعمائة.

مولانا علاء الدين اللاهوري

الشيخ الفاضل علاء الدين بن منصور اللاهوري، أحد العلماء المشهورين، ولد ونشأ في مهد العلم،

ورضع من لبان المعرفة، وفاق أقرانه في كثير من الفنون، له حاشية على شرح العقائد للتفتازاني،

ذكره البدايوني وقال: إنه عاش مدة في مصاحبة خانخانان ثم تقرب إلى أكبر شاه، فأراد السلطان أن

يدخله في رجال السياسة فلم يقبله، وانقطع إلى الدرس والإفادة، وكان كلما يحصل له من أقطاعه

يبذل على طلبة العلم، قال: إني لم أر أحداً يبذل على المحصلين ويسخو عليهم بالدينار والدرهم مثله

غير بير محمد الشرواني ونور الدين السفيدوني، قال: وكان يضرب بهم المثل في السخاء وإيثار

الطلبة على أنفسهم، وهو رحل في آخر أمره إلى الحجاز فحج وزار وتوفى بها، انتهى.

الشيخ علاء الدين الدهلوي

الشيخ الكبير علاء الدين بن نور الدين العمري الدهلوي، كان من ذرية الشيخ فريد الدين مسعود

الأجودهني، أخذ الطريقة عن جده تاج الدين محمد بن عبد الصمد بن المنور العمري الأجودهني،

وأخذ عنه الشيخ عبد الله بن أحمد الأمروهوي والشيخ عبد الله بن عثمان السنبهلي وخلق كثير من

العلماء والمشايخ، وكان ممن يذكر له كشوف وكرامات ووقائع غريبة، ولد سنة اثنتين وسبعين

وثمانمائة، وتوفي إلى رحمة الله سبحانه في الخامس عشر من ربيع الآخر سنة سبع - وقيل: ثمان -

وأربعين وتسعمائة، وقبره مشهور ظاهر بفناء دهلي القديمة.

الشيخ علاء الدين الأودي

الشيخ العالم الصالح علاء الدين الحسيني الأودي، كان من نسل السيد الشريف أحمد البغدادي

المشهور بماه رو أخذ الطريقة عن الشيخ عبد السلام ابن سعد الدين البجنوري، وكانت له معرفة

بالإيقاع والنغم، وله أبيات رقيقة رائقة بالفارسية، أخذ عنه ولده السيد ماه رو والسيد علي التلهري.

قال البدايوني: وكان التلهري يلوح عليه التواضع والافتقار إلى الله سبحانه، ولم يزل معتزلاً في

زاويته، لقيته في كانت كوله قال: ودخل في بيته لصوص فنازلهم بجلادة وجرح بعضهم وله تسعون

سنة حتى استشهد في تلك المعركة سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، انتهى، ومن شعره قوله:

ندانم آن كل خندان جه رنك وبو دارد كه مرغ هر جمني كفتكوي أو دارد

توفي سنة ثمان وستين - وقيل: سبع وسبعين - وتسعمائة.

علي عادل شاه البيجابوري

الملك الفاضل علي بن إبراهيم بن إسماعيل بن يوسف الشيعي البيجابوري المشهور بعادل شاه، ولد

بمدينة بيجابور، ونشأ في مهد السلطة، وقرأ النحو والمنطق والحكمة والكلام وغيرها على خواجه

ص: 384

عنايت الله الشيرازي ثم على الأمير فتح الله الشيرازي الأستاذ المشهور، ومهر في خطوط النسخ

والثلث والرقاع، وبرع في الإنشاء والشعر والفنون الحربية والسياسة، وقام بالملك بعد والده سنة

خمس وستين وتسعمائة، فاجتمع العلماء عنده من كل ناحية وبلدة فصارت بيجابور مدينة العلم،

وحيث كان والده من أهل السنة والجماعة كان يخفي مذهبه تقية، فلما جلس على سرير الملك خطب

على منابر المسلمين بأسماء الأئمة الاثنى عشر، وجعل الأرزاق السنية للمتشعيين وقربهم إليه، وفتح

الفتوحات العظيمة، وقبض على قلاع كثيرة نحو رائجور ومدكل وورنكل وكلياني وشولابور وأدوني

ودهارور وجندركوني وغيرها، فاتسعت مملكته وخضع له جماعة من مرازبة الدكن.

وكان فاضلاً باذلاً، كريماً كثير الإحسان إلى السادة والأشراف، وقف لهم ضياعاً وعقاراً، ولكنه مع

ذلك كان كثير الميل إلى المردان كثير الاصطحاب بهم، ولذلك قتله بعض الأمارد.

ومآثره: الجامع الكبير بمدينة بيجابور في غاية الرفعة والمكانة والبركة الكبيرة ببلدة شاه بور، وماء

كارنج الذي ينتفع به الناس حتى اليوم.

ومات ليلة الخميس لسبع بقين من صفر سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، وأرخ لوفاته محمد رضا

المشهدي: شاه جهان شد شهيد.

الشيخ علي بن إبراهيم الكجراتي

الشيخ العالم الصالح علي بن إبراهيم الحسيني الرفاعي الكجراتي، كان من نسل السيد أحمد الكبير

القطب الرفاعي، وكان صاحب كشوف وكرامات، توفي لست ليال بقين من جمادي الآخرة سنة ثلاث

وسبعين وتسعمائة بأحمد آباد فدفن بها، ذكره السيد الوالد في مهرجهان تاب.

الشيخ علي بن الجلال التتوي

الشيخ العالم الصالح علي بن الجلال بن علي بن أحمد بن محمد الحسيني التتوي السندي، أحد

المشايخ المشهورين، سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وأخذ عنه كثير من الناس، منهم الشيخ

نوح، ويذكر له كشوف وكرامات، ومن مصنفاته: آداب المريدين، مصنف لطيف في السلوك، مات

سنة إحدى وسبعين وتسعمائة، كما في تحفة الكرام.

الشيخ علي بن حسام الدين المتقي البرهانبوري

الشيخ الإمام العالم الكبير المحدث علي بن حسام الدين بن عبد الملك بن قاضيخان المتقي الشاذلي

المديني الجشتي البرهانبوري المهاجر إلى مكة المشرفة والمدفون بها.

ولد بمدينة برهانبور سنة خمس وثمانين وثمانمائة، ونشأ على العفة والطهارة، وجعله والده مريداً

للشيخ بهاء الدين الصوفي البرهانبوري في صغر سنه، فلما بلغ سن الرشد اختاره ورضى به، ولما

مات الشيخ المذكور لبس الخرفة من ولده عبد الحكيم بن بهاء الدين البرهانبوري، ثم أراد صحبة

شيخ يدله على ما أهمه من طريق الحق، فسافر إلى بلاد الهند ولازم الشيخ حسام الدين المتقي

الملتاني وصحبه سنتين، وقرأ عليه تفسير البيضاوي وعين العلم، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين

وأخذ الحديث عن الشيخ أبي الحسن الشافعي البكري، وأخذ عنه الطريقة القادرية والشاذلية،

والمدينية، وأخذ الطرق المذكورة عن الشيخ محمد بن محمد السخاوي المصري أيضاً، وقرأ الحديث

على الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر المكي، وأقام بمكة المشرفة مجاوراً للبيت الحرام.

ووفد إلى الهند مرتين في أيام محمود شاه الصغير الكجراتي وكان من مريديه، قال الآصفي في

تاريخه: إنه وفد عليه من مكة المشرفة زائراً فلم يدع له حاجة في نفسه إلا وقضاها، ثم في موسمه

عاد الشيخ إلى مكة مؤسراً، فعمر بالقرب من رباطه بسوق الليل بيتاً لسكناه له حوش واسع يشتمل

على خلاوي لأتباعه والمنقطعين إليه من أهل السند، وكان يعيل كثيراً ويعين على الوقت من سأله،

وكان في وقف السلطان المتجهز في كل سنة مدة حياته مبلغ كلي يقوم بمن يعلو، وظهر الشيخ بمكة

غاية الظهور، نما خبره إلى السلطان سليمان ابن سليم بن با يزيد بن محمد الرومي فكتب إليه

ص: 385

يلتمس

الدعاء منه له وكان يواصله مدة حياته، ثم دخل الشيخ الهند ثانياً واجتمع بمحمود شاه، وبعد أيام قال

الشيخ له: هل تعلم ما جئت له؟ فقال: وما يدريني! فقال: سنح لي أن أزن أحكامك بميزان الشريعة

فلا يكون إلا ما يوافقها، فشكر السلطان سعيه وأجابه بالقبول وأمر الوزراء بمراجعته في سائر

الأمور، ونظر الشيخ في الأعمال والسوانح أياماً واجتهد في الأحكام، فأمضى ما طابقت شرعاً ووقف

فيما لم يطابق، فاختل كثير من الأعمال القانونية وتعطلت بالسياسة وانقطعت الرسوم واحتاج

الوزراء إلى ما في الخزانة للمصرف، والشيخ قد التزم سيرة الشيخين رضي الله عنهما في وقت

ليس كوقتهما ورعية ليست كرعيتهما، ولم يمض القليل حتى خرج عن وصية الشيخ مريده الذي

استخلفه عن نفسه في تحقيق الأمور العارضة، وكان يراه أزهد منه في الدنيا وأعف نفساً وأكمل

ورعاً، فنفض الشيخ يده مما التزمه وقام ولم يعد إلى مجلسه، قال الآصفي وبيانه: أنه لما تمسك

بميزان الشريعة كره أن يجالسه عمال الدنيا وتخلط نفسه بأنفاسهم في المراجعة، وكان لديه من يعتمد

عليه من تلامذته وأكبر أصحابه ويعتقد فيه ديناً وورعاً ويتوسم فيه التحفظ من الشبهات واسمه شيخ

جيله فأمر أن يجلس مع العمال ويستمع لهم ويخبره بالحال بعد تحقيقه، فكان يجلس ويسمع ويتحقق

ويخبر ويرجع إليهم بجواب الشيخ وعلى ما قاله المتنبي:

والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم

فأبت نفسه إلا ما هي شيمتها فجانست من جالست، فحملت صاحبها على مضلة الطريق ولا خلاف

في أن الصحبة مؤثرة قاهرة، ودس الوزراء من يرشيه ويرضيه، وكان يكره شرب الماء من فضة

فصار يبيحه ويسرق الفضة إن نالها، وفي قضية دخلت عليه امرأة بايعاز من الوزير ومعها مصاغ

مرصع رشوة له وأسلمته زوجته بحضوره ورجعت إلى الوزير تخبره، ودخل على السلطان وقال

له: تعطلت المعاملات القانونية والرسمية ولم تبرأ الشريعة من تدليس الرشوة والشيخ من رجال

البركة لا من عمال المملكة، وهنا امرأة بذلت لوكيله رشوة كذا وكذا، وكان السلطان متكئاً على

وسادة، فلما سمع الخبر استوى جالساً وقال: أين هي؟ فأحضرها فسألها، فأخبرت بما أرشت،

فاستدعاه السلطان وسأله عنه فأنكر، ثم جمع بينه وبينها فقالت: أنا آتيك به وفعلت، فتأثر السلطان

ورد الحكم إلى الوزير على ما كان عليه في سالف الأيام، وبلغ الشيخ ذلك، فنوى السفر إلى مكة

وتوجه إلى سركهيج، وعلم به السلطان فأرسل غير مرة يسأل رجوعه فلم يجب، ثم حضر الأمراء

الكبار لتسليته من جانب السلطان، فشرع لهم الشيخ يبين لهم ما قيل في الدنيا، ومن ذلك ما روى عن

النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ليس خيركم من ترك الدنيا للآخرة ولا الآخرة للدنيا، ولكن خيركم

من أخذ هذه وهذه، ظاهر الحديث فيه رخصة إلا أن من الأدب أن يقتصر على ما يكفي ولله سبحانه

أن يبارك له فيه، ومنه ما روى أنه ذم الدنيا رجل عند أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فقال:

الدنيا دار صدق لمن صدقها، دار نجاة لمن فهم عنها، دار غنى لمن تزود منها، مهبط وحي الله

ومصلى ملائكته ومسجد أنبيائه ومتجر أوليائه، ربحوا فيها الرحمة واكتسبوا فيها الجنة، فمن ذا الذي

يذمها! وقد آذنت بينها ونادت بفراقها، ونعت نفسها، وشبهت بسرورها السرور وببلائها البلاء ترغيباً

وترهيباً، فيا أيها الذام لها المعلل نفسه! متى خدعتك الدنيا ومتى استدمت، أبمصارع آبائك في البلى

أم بمضاجع أمهاتك في الثرى:

إذا نلت يوماً صالحاً فانتفع به فأنت ليوم السوء ما عشت واحد

سياق الأثر فيه منع الذم وإيثار بالزاد وحث على الأهبة وعظة بالعبرة ليجزيهم الله أحسن ما عملوا

ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب.

وبينما الأمراء لديه جاء السلطان إليه وسأله البركة بإقامته في الملك وليعمل في دنياه لآخرته بيمن

صحبته، فأجاب بأن مكة شرفها الله تعالى تشتمل على مواطن الإجابة، والدعاء لكم بها أوفق للحال

وأصلح للمآل، وقدماً قيل: إن الدين والدنيا ضرتان لا تجتمعان، فكان يختلج في صدري إمكانه،

فأحببت بأن أكون على بينة منه بالتجربة، فأعملت الفكر فيه فحملني على السفر من مكة إليكم لتوفيق

كنت رأيته منكم،

ص: 386

فلما اجتمعت بكم وكان ما سبق ذكره من توفيقكم ومن خذلان من فضحه الامتحان

علمت بالتجربة أنهما ضرتان لا تجتمعان، وقد حصل ما جئت لأجله، فلزمني الآن صرف الوقت في

التوجه إلى بيت الله وإمضاء العمر في جواره:

في مكة الوقت قد صفا لي بطيب جار بها ودار

وخفض عيش جوار رب فذاك خفض على الجوار

قال: وهنا من ينوب عني في الحضور وهو الموفق للرشد عبد الصمد وفيه أهلية للدعاء فالتمسوه

منه، وقد أذنت له وللإذن تأثير في القبول، وأوصيكم بالإنابة إلى الله في سائر الأحوال، وإمضاء حكم

الشرع وإعزاز أهله وصحبة الصالحين، وتعظيم شعار الفقر، واتخاذ اليد عند الفقراء، ثم استودعه

الله تعالى وتوجه إلى بندر كهوكه، ومنها إلى مكة المشرفة، انتهى.

وقال الحضرمي في النور السافر: إنه كان على جانب عظيم من الورع والتقوى والإجتهاد في

العبادة ورفض السوى، وله مصنفات عديدة، وذكروا عنه أخباراً حميدة، ومن مناقبه العظيمة أنه رأى

النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام وكانت ليلة جمعة وسبعة وعشرين من شهر رمضان، فسأله

عن أفضل الناس في زمانه، قال: أنت، قال: ثم من؟ فقال: محمد بن طاهر بالهند، ورأى تلميذه

الشيخ عبد الوهاب في تلك الليلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسأله مثل ذلك، فقال: شيخك ثم

محمد بن طاهر بالهند، فجاء إلى الشيخ علي المتقي ليخبره بالرؤيا، فقال له قبل أن يتكلم: قد رأيت

مثل الذي رأيت، وكان يبالغ في الرياضة حتى نقل عنه أنه كان يقول في آخر عمره: وددت أن لم

أفعل ذلك، لما وجده من الضعف في جسده عند الكبر، قال الفاكهي: وكان لا يتناول من الطعام إلا

شيئاً يسيراً جداً على غاية من التقلل فيه بحيث يستبعد من البشر الاقتصار على ذلك القدر، وما ذاك

إلا بملكة حصلت له فيه وطول رياضة وصل بها إليه، حتى كان إذا زيد في غذائه المعتاد ولو قدر

فوفلة لم يقدر على هضمه، قال: وكذا كان قليل الكلام جداً، قال غيره: وكان قليل المنام مؤثراً للعزلة

من الأنام، إلى أن قال: وكانت ولادته ببرهانبور سنة ثمان وثمانين وثمانمائة، وقيل خمس وثمانين

وثمانمائة، ومؤلفاته كثيرة نحو مائة مؤلف ما بين صغير وكبير، ومحاسنه جمة، ومناقبه ضخمة، وقد

أفردها العلامة عبد القادر بن أحمد الفاكهي في تأليف لطيف سماه القول النقي في مناقب المتقي ذكر

فيه من سيرته الحميدة ورياضته العظيمة ومجاهداته الشاقة ما يبهر العقول: ولعمري ما أحسن قوله

فيه حيث يقول: طابق اسم شيخنا علي ولقبه المتقي موضع علياه ومسماه.

وقال في موضع آخر من الكتاب المذكور: ما اجتمع به أحد من العارفين أو العلماء العاملين واجتمع

هو بهم إلا أثنوا عليه ثناء بليغاً، كشيخنا تاج العارفين أبي الحسن البكري وشيخنا الفقيه العارف

الزاهد الوجيه العمودي وشيخنا إمام الحرمين الشهاب بن حجر الشافعي وصاحبنا فقيه مصر شمس

الدين الرملي الأنصاري وشيخنا فصيح علماء عصره شمس البكري، ونقل من هؤلاء الجلة عندي ما

دل على كماله مدحه شيخنا المتقي بحسن استقامته، والاستقامة أجل كرامة، وقول كل من هؤلاء

معتمدي في شهادته:

إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام

قال: ومن ثم اشتهر بإقليم مكة المشرفة أشهر من قطا، وصار يقصده وفود بيت الله كما يقصد

المشعر الحرام والصفا، حتى بلغ صيته السلطان المرحوم المقدس سليمان، بعد أن كان يفرغ على

يديه بل قدميه ماء الطهارة محمود عظيم سلاطين الهند اعتقاداً، فيا له من شأن! قال: وشهرته في

الهند وجهاتها أضعاف شهرته بمكة، كما لا يحتاج في ذلك إلى إقامة برهان، قال: ومن مناقبه أن

بعض أصحابه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام في حياة الشيخ علي وكانت الرؤيا بمكة

المشرفة قائلاً: يا رسول الله! بماذا تأمرني حتى أفعله؟ قال: تابع الشيخ علي المتقي، فما فعله إفعله،

انتهى، وفي هذا أدل دليل على أن الشيخ علياً المتقي، نفعنا الله ببركاته، كان له النصيب الأوفر من

متابعته صلى الله عليه وسلم، ولذا خصه صلى الله عليه وسلم بالذكر دون غيره من أهل زمانه، وأمر

الرائي

ص: 387

بملاحظة أفعاله ومتابعته فيها، إلى غير ذلك من الإشارة كتسميته شيخاً، وكان الشيخ أبو

إسحاق الشيرازي - نفعنا الله به - يفتخر بمنام نبوي فيه تسميته النبي شيخاً، قلت: ورأيت في

بعض التعاليق رسالة من إملاء الشيخ - نفعنا الله ببركاته - تشتمل على نبذة من أحواله التي لا

تتلقى إلا عنه كالمشيرة إلى كمال مبدئه ومآله، فرأيت أن أذكر منها هنا ما دعت إليه الحاجة.

قال: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله

وصحبه أجمعين، أما بعد فيقول الفقير إلى الله تعالى على ابن حسام الدين الشهير بالمتقي إن خطر

في خلدي أن أبين للأصحاب من أول أمري إلى آخره، فاعلموا رحمكم الله أن الفقير لما وصل

عمري إلى ثمان سنين جاء في خاطر والدي رحمه الله أن يجعلني مريداً لحضرة الشيخ باجن، قدس

الله سره! فجعلني مريداً، وكان طريقه طريق السماع وأهل الذوق والصفاء، فبايعني على طريق

المشايخ الصوفية، وأخذت عنه وأنا ابن ثمان سنين، ولقنني الذكر الشيخ عبد الحكيم بن الشيخ باجن،

قدس سره! وكنت في بداية أمري أكتب بصنعة الكتابة لقوتي وقوت عيالي وسافرت إلى البلدان، فلما

وصلت إلى الملتان صحبت الشيخ حسام الدين وكان طريقه طريق المتقين فصحبته ما شاء الله، ثم

لما وصلت إلى مكة المشرفة صحبت الشيخ أبا الحسن البكري الصديقي، قدس الله سره! وكان له

طريق التعلم والتعليم، وكان شيخاً عارفاً كاملاً في الفقه والتصوف، فصحبته ما شاء الله ولقنني

الذكر، وحصل لي من هذين الشيخين الجليلين - عليهما الرحمة والغفران - من الفوائد العلمية

والذوقية التي تتعلق بعلوم الصوفية، فصنفت بعد ذلك كتباً ورسائل، فأول رسالة صنفتها في الطريق

سميتها تبيين الطريق إلى الله تعالى وآخر رسالة صنفتها سميتها غاية الكمال في بيان أفضل الأعمال

فمن من الطلبة حصل منهما رسالة ينبغي له أن يحصل الأخرى ليلازم بينهما في القصد، انتهى، قال

الحضرمي: وبالجملة فما كان هذا الرجل إلا من حسنات الدهر، وخاتمة أهل الورع، ومفاخر الهند،

وشهرته تغني عن ترجمته، وتعظيمه في القلوب يغني عن مدحته، انتهى.

وقال الشعراني في الطبقات الكبرى: اجتمعت به في مكة سنة سبع وأربعين وتسعمائة وترددت إليه

وتردد إلي، وكان عالماً ورعاً زاهداً نحيف البدن لا تكاد تجد عليه أوقية لحم من كثرة الجوع، وكان

كثير الصمت كثير العزلة لا يخرج من بيته إلا لصلاة الجمعة في الحرم فيصلي في أطراف

الصفوف ثم يرجع بسرعة، وأدخلني داره فرأيت عنده جماعة من الفقراء الصادقين في جوانب

حوش داره، كل فقير له خص يتوجه فيه إلى الله تعالى، منهم التالي ومنهم الذاكر ومنهم المراقب

ومنهم المطالع في العلم، ما أعجبني في مكة مثله! وله عنده مؤلفات، منها ترتيب الجامع الصغير

للحافظ السيوطي، ومنها مختصر النهاية في اللغة، وأطلعني على مصحف بخطه كل سطر ربع

حزب في ورقة واحدة، وأعطاني فضة وقال: لك المعذرة في هذا البلد، فوسع الله علي في الحج

ببركته حتى أنفقت مالاً عظيماً من حيث لا أحتسب، رضي الله عنه، انتهى.

وقال الجلبي في كشف الظنون في ذكر جمع الجوامع للسيوطي: إن الشيخ العلامة علاء الدين علي

بن حسام الدين الهندي الشهير بالمتقي رتب هذا الكتاب الكبير كما رتب الجامع الصغير وسماه كنز

العمال في سنن الأقوال والأفعال ذكر فيه أنه وقف على كثير ما دونه الأئمة من كتب الحديث، فلم ير

فيها أكثر جمعاً منه حيث جمع فيه بين أصول السنة وأجاد مع كثرة الجدوى وحسن الإفادة، وجعله

قسمين لكن عارياً عن فوائد جليلة، منها أنه لا يمكن كشف الحديث إلا بحفظ رأس الحديث إن كان

قولياً، أو اسم روايه إن كان فعلياً، ومن لا يكون كذلك يعسر عليه ذلك، فبوب أولاً كتاب الجامع

الصغير وزوائده وسماه منهج العمال في سنن الأقوال ثم بوب بقية قسم الأقوال وسماه غاية العمال

في سنن الأقوال ثم بوب قسم الأفعال من جمع الجوامع وسماه مستدرك الأقوال ثم جمع الجميع في

ترتيب كترتيب جامع الأصول وسماه كنزل العمال ثم انتخبه ولخصه فصار كتاباً حافلاً في أربعة

مجلدات.

وقال الجلبي في ذكر الجامع الصغير: وللشيخ العلامة علي بن حسام الدين الهندي الشهير بالتقي

ص: 388

المتوفي سنة سبع وسبعين وتسعمائة تقريباً مرتب الأصل والذيل معاً على أبواب وفصول، ثم رتب

الكتب على الحروب كجامع الأصول سماه منهج العمال في سنن الأقوال أوله: الحمد لله الذي ميز

الإنسان بقريحة مستقيمة، إلخ، وله ترتيب الجامع الكبير يعني جمع الجوامع، انتهى.

وقال عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي في أخبار الأخيار: إن الشيخ أبا الحسن البكري الشافعي

يقول إن للسيوطي منة على العالمين وللمتقي منة عليه، انتهى.

ومن مصنفاته غير ما ذكر البرهان في علامات المهدي آخر الزمان بالعربية، لخصه من العرف

الوردي في أخبار المهدي للسيوطي، ورتبه على التراجم والأبواب وزاد عليه بعض أحاديث جمع

الجوامع للسيوطي وبعض أحاديث عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر، أوله: أللهم أرنا الحق حقاً

وارزقنا اتباعه، الخ، ومنها النهج الأتم في ترتيب الحكم، ومنها جوامع الكلم في المواعظ والحكم، وله

الوسيلة الفاخرة في سلطة الدنيا والآخرة، وله تلقين الطريق في السلوك لما ألهمه الله سبحانه، وله

البرهان الجلي في معرفة الولي، بالفارسي. وله رسالة في إبطال دعوى السيد محمد بن يوسف

الجونبوري.

توفي ليلة الثلاثاء وقت السحر ثاني جمادي الأولى سنة خمس وسبعين وتسعمائة بمكة المباركة،

ودفن في صبح تلك الليلة، ومدفنه بالمعلاة بسفح جبل محاذي تربة الفضيل بن عياض، بين قبريهما

طريق مسلوك عند محل يقال له ناظر الخيش، وعمره سبع وثمانون سنة، وقيل: تسعون سنة.

الشيخ علي بن قوام الجونبوري

الشيخ الكبير الزاهد المجاهد علي بن قوام الدين الحسيني السواني الجونبوري المشهور بعلي

عاشقان السراي ميري، كان من كبار المشايخ الصوفية في الهند، توفي والده في صباه بناحية سنبهل

وكان والياً بها، ودفن بقرية جوكي بور بمسيرة ميل واحد من سنبهل، فتربى في مهد عمه محمد بن

سعيد، وسافر معه إلى دهلي ولبث بها زماناً، ثم قدم معه إلى جونبور وأدرك بها الشيخ شهاب الدين

الحسيني الجونبوري فلبس منه الخرقة، ثم سار إلى نظام آباد وأخذ الطريقة الشطارية عن الشيخ عبد

القدوس النظام آبادي، وألزم على نفسه أذكار الطريقة الشطارية وأشغالها مدة مديدة حتى فتحت عليه

أبواب الكشف والشهود، فرجع إلى جونبور وصحب الشيخ بهاء الدين الجونبوري زماناً واستفاض

منه الطريقة الجشتية، ثم تصدر للإرشاد والتلقين واستقام على الشياخة والإرشاد مدة بمدينة جونبور،

ثم سار نحو نظام آباد وسكن بقرية كهريوان زماناً، وعمر بتلك الناحية قرية سماها مرتضى آباد.

ذكره عارف علي في العاشقية، وذكره محمد بن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر في ذكر الشيخ

تاج الدين السنبهلي، قال: إن السيد علي بن قوام الهندي كان من أكابر أولياء الله تعالى صاحب

تصرفات عجيبة وجذب قوي، قال بعض الصالحين: ما ظهر في الأمة المحمدية على نبيها أفضل

الصلوات وأتم السلام من أحد بعد القطب الرباني الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي الله عنه من

الخوارق والكرامات والتصرفات مثل ما ظهر منه، قال: وإنه كان من طريقة السيد أن لا يدخل عليه

أحد إلى وقت الضحى، وكان في هذا الوقت يغلب عليه الجذب، والناس كلهم قد عرفوا هذا الأمر،

فما كان يدخل عليه في هذا الوقت أحد، فجاء أحد الأعراب كأنه كان من أولاد شيخ السيد - قدس الله

سره - فمنعه الخادم من الدخول عليه فلم يقبل قوله وأراد أن يدخل، فلما قرب وسمع السيد صوته

قال: من أنت؟ قال: أنا فلان قال: إهرب إلى وراء الشجرة - وكان هناك شجرة كبيرة - وإلا

احترقت، فهرب الرجل واستتر بالشجرة، فخرجت نار من باطن السيد أخذت الشجرة كلها فأحرقتها

وبقي أصلها وسلم الرجل، وكفى بهذه الإشارة إلى كمال تصرفاته، انتهى ما نقله المحبي عن الشيخ

محمود بن أشرف الحسيني من كتابه تحفة السالكين في ذكر تاج العارفين.

وكانت وفاة السيد علي سادس صفر سنة خمس وخمسين وتسعمائة، كما في العاشقية.

الشيخ علي بن محمد الحسيني

الشيخ العالم الصالح علي بن محمد بن جكن -

ص: 389

بالجيم المعقودة - العلوي المشهور بمنجهن السيد

جيو الحسيني، كان من المشايخ العشقية الشطارية، أخذ الطريقة عن الشيخ محمد بن العلاء الشطاري

المنيري المشهور بقاضن - بكسر الضاد المعجمة - وجمع ملفوظاته في كتابه مناهج الشطار وسماه

معدن الأسرار في بيان مشرب الشطار ورتبه على أحد وستين باباً، وهو كتاب مفيد بالفارسي أوله

حمد وثنا ومدح فراوان، إلخ.

الشيخ علي بن من الله الكلبركوي

الشيخ الصالح علي بن من الله بن أبي الحسن بن كليم الله بن أبي الفيض ابن يوسف بن محمد بن

يوسف الحسيني الكلبركوي، كان من كبار المشايخ الجشتية، مات ودفن بأحمد آباد بيدر من بلاد

الدكن، وبنى على قبره سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة، كما في مهر جهانتاب.

مولانا علي الطارمي

الشيخ العالم المحدث علي بن أبي علي الطارمي، أحد العلماء العاملين قدم الهند في عنفوان شبابه

وأقام بها زماناً، ثم سافر الحرمين الشريفين فحج وزار، ولبث بها تسع سنين وقرأ بها على أساتذة

عصره وأخذ الحديث، ثم رجع إلى الهند في أيام همايون شاه التيموري، ومات في الهند، ذكره

الرازي في هفت أقليم، ومن شعره قوله:

تن خاكي جنان أفسرده شد از محنت هجران رود بيرون جو كرد جامه كر دامن بر افشانم

توفي سنة إحدى وثمانين وتسعمائة.

مولانا علي شير الكجراتي

الشيخ العالم الكبير علي شير الحنفي البنكالي ثم الكجراتي، كان من نسل الشيخ نور الهدى أبي

البركات الذي كان من أصحاب الشيخ جلال الدين الجشتي، ولد ونشأ بأرض بنكاله، وسافر للعلم

فمكث بأرض أوده زماناً، ثم رحل إلى دهلي وأدرك بها الشيخ محمد غوث الكواليري صاحب

الجواهر الخمسة، فلازمه وأخذ عنه الطريقة وسافر معه إلى كجرات وسكن بمسجد عماد الملك بأحمد

آباد.

وكان عالماً كبيراً بارعاً في الهيئة والهندسة والنجوم والدعوة والتكسير، له شرح على نزهة

الأرواح، وشرح على جام جهان نما، وشرح على السوانح للغزالي، صنفه بأمر شيخه.

مات في بضع وسبعين وتسعمائة بأحمد آباد، كما في كلزار أبرار.

مولانا علي شير السرهندي

الشيخ الصالح علي شير السرهندي، أحد عباد الله الصالحين، ولد ونشأ بسرهند، وأخذ عن أساتذة

عصره ثم لازم المشايخ وأخذ عنهم الطرق المشهورة، وغلبت عليه الطريقة القادرية في آخر أمره،

مات سنة خمس وثمانين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

علي قلي خان الشيباني

الأمير الكبير علي قلي بن حيدر سلطان الشيعي الشيباني، أحد الأمراء المشهورين، قدم الهند صحبة

همايون شاه التيموري عند رجوعه عن إيران وخدمه في تسخير الهند، فأقطعه همايون شاه المذكور

البلاد والقلاعة بناحية سنبهل، فضبط تلك البلاد وأحسن السيرة في الرعية، ولما قام بالملك أكبر شاه

وخرج عليه هيمون الهندي واستولى على دهلي تقدم إليه وسار معه إلى دهلي، فلما قرب من دهلي

خرج من العسكر ومعه عشرة آلاف مقاتلة، فقاتل هيمون المذكور أشد قتال وهزمه، فلقبه أكبر شاه

بخان زمان وزاد في منصبه وأقطاعه، فرجع إلى سنبهل وأقام بها زماناً، ثم ولي على جونبور

ونواحيها، فضبط تلك البلاد وفتح الفتوحات العظيمة، وتجسس منه أكبر شاه شيئاً لا يرضيه وتجسس

علي قلي من صاحبه شيئاً خاف منه على نفسه فخرج عليه وقاتله أكبر شاه فقتله في سكراول، كانت

قرية من أعمال إله آباد فسماها فتحبور.

وكان الشيباني رجلاً شجاعاً مقداماً باسلاً ذا جرأة ونجدة، يقتحم في المخلوف ويفتح الأبواب المغلقة

ص: 390

عليه بهمته ونجدته، وكان يحب العلماء ويحسن إليهم ويقريهم إليه ويبذل الصلات الجزيلة عليهم

وعلى الشعراء.

وكان شاعراً مجيد الشعر ممن الخمر مولعاً بالأمارد، له أبيات رائقة بالفارسية، منها قوله.

عيسى نفسي كه زار وحيرانم كرد جون طرة خويشتن بريشانم كرد

از كفر سر زلف خودم كافر ساخت وز مصحف روي خود مسلمانم كرد

قتل في سنة أربع وسبعين وتسعمائة، كما في مآثر الأمراء.

مولانا علي كل الاسترآبادي

الشيخ الفاضل علي كل الشيعي الاستر آبادي، أحد الأفاضل المشهورين في بلاده، قدم الهند ودخل

أحمد نكر في أيام برهان نظام شاه، ونال الحظ والقبول منه فطابت له الإقامة بمدينة أحمد نكر، ذكره

أمين بن أحمد الرازي في هفت أقليم ومحمد قاسم في تاريخ فرشته.

وكان شاعراً مجيد الشعر، من شعره قوله:

اي شوخ ستم بر دل افكار بد است آزار دل سوخته زار بد است

آه دل عشاق كرفتار بد است بسيار ستم مكن كه بسيار بد است

مولانا عليم الدين المندوي

الشيخ العالم المحدث عليم الدين الشطاري المندوي، أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، سافر

إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وأخذ الحديث، ثم رجع إلى الهند ودخل مندو في عهد السلطان

غياث الدين الخلجي، ولازم الشيخ بهاء الدين بن عطاء الله الشطاري الجنيدي أخذ عنه الطريقة،

وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه الشيخ إبراهيم بن المعين الحسيني الإيرجي، وخلق كثير من العلماء وله

تعليقات على فصوص الحكم، ذكره المندوي.

مولانا عمر الجاجموي

الشيخ الفاضل عمر بن أبي عمر الحنفي الحاجموي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، كان يدرس ويفيد، قرأ عليه الشيخ محمد بن أبي سعيد الحسيني الترمذي الكالبوي وخلق

آخرون.

مولانا عناية الله القائني

الشيخ الفاضل الكبير عناية الله الشيعي القائني، أحد العلماء المشهورين بأرض الدكن، بعثه حسين

نظام شاه صاحب أحمد نكر بالرسالة إلى كولكنده، ورجع ظافراً فرفع قدره نظام شاه، وبعد مدة يسيرة

غضب عليه ففر إلى كولكنده ولحق بقطب شاه وأقام بها زماناً، ثم رجع إلى أحمد نكر فقربه الحسين

إلى نفسه وجعله من خاصته، ولما مات حسين نظام شاه سنة اثنتين وسبعين وولى مكانه مرتضى بن

الحسين ولاه الوكالة المطلقة، فصار المرجع والمقصد في كل باب من أبواب الدولة، ولم يزل كذلك

معززاً مقتدراً إلى أن حبسته خونره همايون أم مرتضى نظام شاه بقلعة جوند فلبث بها زماناً، ولما

ولي الوكالة الحسين التبريزي خاف أن يخلصه مرتضى نظام شاه من الأسر ويوليه الوكالة مرة ثانية

قتله بقلعة جوند نحو سنة سبع وسبعين وتسعمائة، ذكره محمد قاسم.

مولانا عناية الله الشيرازي

الأمير الفاضل عناية الله الشيعي الشيرازي نواب أفضل خن، كان من رجال العلم والسياسة، ولد

ونشأ بشيراز، واشتغل بالعلم من صباه وقرأ على الشيخ فتح الله الشيرازي وعلى غيره من العلماء،

ثم خرج من بلاده وقدم الهند ودخل بيجابور في أيام علي عادل شاه، وتصدر للتدريس فتهافت عليه

المحصلون من كل ناحية، فلما سمع عادل شاه ذكره طلبه في الحضرة وقربه إليه واستخلصه لنفسه

ورقاه درجة بعد درجة حتى ولاه النيابة المطلقة، فساس الأمور وأحسن إلى الناس، وبنى المدارس

والمساجد، وفتح الحصون والقلاع، وصار نافذ الكلمة في بلاد الدكن، واجتمع إليه أهل العلم والكمال

ووفدوا عليه من إيران كالشيخ فتح الله الشيرازي والسيد طرابليس والمير عزيز الدين

ص: 391

فضل الله

اليزدي، وخلق آخرون، وكان رجلاً كريماً فاضلاً مدبراً سائساً، حسده أمراء الجيوش وقتلوه سنة

ثمان وثمانين وتسعمائة في أيام إبراهيم عادل شاه، ذكره الزبيري في البساتين.

الشيخ علاء الدين عيسى الدهلوي

الشيخ العالم الصالح علاء الدين عيسى بن أبي عيسى العمري الدهلوي، كان من ذرية الشيخ فريد

الدين مسعود الأجودهني، قرأ العلم في مدرسة الشيخ سماء الدين بن فخر الدين الملتاني بمدينة دهلي،

وأخذ الطريقة عن الشيخ أبي الفتح الحنفي الهانسوي، وكانت له اليد الطولى في تفسير القرآن

الكريم، ذكره المندوي في كلزار أبرار.

مولانا علاء الدين عيسى الكجراتي

الشيخ الفاضل العلامة علاء الدين عيسى بن أبي عيسى الأحمد آبادي الكجراتي، أحد الأساتذة

المشهوري بكجرات، تخرج على العلامة عماد الدين محمد الطارمي ثم تصدر للتدريس، وكان غزير

العلم كثير الدرس والإفادة، قرأ عليه الشيخ عبد القادر ابن أبي محمد الأجيني الكتب الدرسية في فن

الكلام سنة 966، وتخرج عليه خلق كثير من العلماء، ذكره المندوي.

حرف الغين

مولانا غياث الدين الهروي

الشيخ الفاضل غياث الدين بن همام الدين الهروي، أحد العلماء المبرزين في التاريخ والسير، انتقل

من هرات إلى قندهار سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، وسافر إلى الهند سنة أربع وثلاثين، ودخل آكره

سنة خمس وثلاثين وتسعمائة، فنال الحظ والقبول من بابر شاه التيموري سلطان الهند وطابت له

الإقامة بآكره.

ومن مصنفاته الممتعة حبيب السير في أخبار أفراد البشر لخصه من تاريخ والده المسمى بروضة

الصاف وزاد عليه، ألفه لخواجه حبيب الله سنة سبع وعشرين وتسعمائة ورتبه على افتتاح وثلاث

مجلدات واختتام، الإفتتاح في بده الخلق، والمجلد الأول في ذكر الأنبياء والحكماء والملوك الأوائل،

وسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، والمجلد الثاني في الأئمة

الاثنى عشر وبني أمية وبني العباس ومن ملك في عصره هؤلاء، والمجلد الثالث في خواقين الترك

وجنكيز وأولاده وطبقات الملوك في عصرهم وتيمور وأولاده وظهور الصفوية ونبذة يسيرة من ذكر

آل عثمان، والاختتام في عجائب الأقاليم ونوادر الوقائع وهو في ثلاثة مجلدات كبار من الكتب

الممتعة المعتبرة إلا أنه أطال في وصف ابن الحيدر كما هو مقتضى حال عصره وهو معذور فيه،

تجاوز الله تعالى عنه.

ومن مصنفاته خلاصة الأخبار في أحوال الأخيار ألفه لمير على شير ورتبه على مقدمة وعشر

مقالات وخاتمة، المقدمة في بدء الخلق، والمقالات في الأنبياء والحكماء وملوك العجم والتتر والخلفاء

من بني أمية والعباسية ومعاصريهم وآل جنكيز خان وآل تيمور، والخاتمة في أوصاف هرات

وسكانها، ولخص فيه روضة الصفا لأبيه، ومن مصنفاته دستور الوزراء.

مات سنة أربع وأربعين وتسعمائة، ونقل جسده إلى دهلي ودفن بجوار الشيخ نظام الدين محمد

البدايوني، كما في التعليقات السنية.

مولانا غياث الدين البروجي

الشيخ الصالح الكبير غياث الدين البروجي الكجراتي، أحد العلماء الربانيين، كانت له يد بيضاء في

إيصال النفع إلى الناس والإحسان إليهم بالنقود والمطعوم والملبوس والكتب والأدوية وبكل ما يرزق

من أسباب الراحة من كل جنس ونوع.

لقيه الشيخ عبد الوهاب المتقي البرهانبوري، وكان يقول: إني ريت النبي صلى الله عليه وسلم في

المنام فسألته: من أفضل الناس في هذا العصر؟ فقال: أفضل الناس ميان غياث ثم شيخك ثم محمد

طاهر - نفعنا الله ببركاتهم - ذكره الشيخ في أخبار الأخيار.

حرف الفاء

الأمير فتح الله الشيرازي

الشيخ الفاضل العلامة فتح الله بن شكر الله الشيعي

ص: 392

الشيرازي، أحد العلماء المتبحرين في العلوم

الحكمية، ولد ونشأ بشيراز، وقرأ العلم في مدرسة العلامة جمال الدين محمود، ومولانا كمال الدين

الشرواني ومولانا كرد - بضم الكاف - والمير غياث الدين منصور الشيرازي، ولازمهم مدة حتى

صار أوحد أبناء العصر واشتهر ذكره في الآفاق، فطلبه علي عادل شاه البيجابوري إلى بلاد الهند

وطابت له الإقامة بمدينة بيجابور مدة طويلة.

ولما قتل علي عادل شاه المذكور وتولى المملكة إبراهيم عادل شاه وكان صغير السن صار لعبة في

أيدي الوزراء، فنفى أحدهم فتح الله الشيرازي عن بيجابور فدخل آكره سنة إحدى وتسعين وتسعمائة،

فنال الحظ والقبول من أكبر شاه التيموري سلطان الهند وولي الصدارة سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة،

ولقبه أكبر شاه بأمين الملك ثم بعضد الدولة ثم بعضد الملك، وأدخله في ديوان الوزارة وأمر راجه

نودرمل أن يستصوبه في مهمات الدولة، ولكن الموت لم يمهله فحزن لموته أكبر شاه وقال: لو كان

وقع في أسر الأفرنج وكنت أفديه بالأموال والخزائن كلها لكنت ربحت باطلاقه من أيديهم بتلك

الفدية.

قال ابن المبارك: ولم يكن له نظير في الدنيا، قال: ولو إمحت أسفار القدماء في العلوم الحكمية كلها

لكان مقتدراً على أن يخترع العلوم ويبدع من تلقاء نفسه، انتهى.

وقال عبد الرزاق في مآثر الأمراء: إنه كان مع اقتداره في العلو المتعارفة ماهراً بالنيرنجات

والطلمسات، قال: ومن مخترعاته رحى كانت تترك بنفسها بلا تحريك وتدوير، تطحن الحبوب،

ومنها المرآة يتراءى فيها الأشكال الغريبة من القريب والبعيد، ومنها أنه اخترع بندقية كانت تطلق

اثنتى عشرة طلقة في الدورة الواحدة، ومنها أنه أحدث التاريخ الجديد ووضعه على الدولة الشمسية،

انتهى.

قال البلكرامي في مآثر الكرام: هو الذي دخل الهند بمصنفات المتأخرين كالمحقق الدواني والصدر

الشيرازي غياث الدين منصور ومرزا جان، فأدخلها في حلق الدرس وتلقاها العلماء بالقبول، انتهى.

ومن مصنفاته منهج الصادقين تفسير القرآن بالفارسي، وتكملة حاشية الدواني على تهذيب المنطق،

وحاشية على تلك الحاشية.

مات سنة سبع وتسعين وتسعمائة عند رجوعه عن كشمير فدفن على جبل سليمان.

الشيخ فتح الله الدهلوي

الشيخ الفاضل فتح الله بن نصير الدين بن سماء الدين الملتاني الدهلوي، أحد كبار العلماء، ولد ونشأ

بمدينة دهلي، وقرأ العلم على أبيه وجده ثم درس وأفاد، أخذ عنه الشيخ ركن الدين محمد بن عبد

القدوس الكنكوهي وخلق كثير من العلماء والمشايخ.

الشيخ فخر الدين الأكبر آبادي

الشيخ العالم الصالح فخر الدين بن داود بن شيخ شاه الصديقي الأكبر آبادي، أحد الفقهاء الزاهدين،

قرأ العلم على الشيخ حسام الدين المتقي الملتاني والشيخ إله داد بن صالح السرهندي، ثم سافر إلى

بهار وصحب الشيخ إله داد بن ضياء الدين الجندهوسي البهاري وأخذ عنه، ثم لازم السيد جمن

المداري الهلسوي وأخذ عنه، ثم قدم آكره وسكن في جوار السيد رفيع الدين المحدث، وكان مولعاً

بالسماع.

مات يوم الجمعة لإحدى عشرة بقين من جمادي الآخرة سنة سبعين وتسعمائة وله سبع وأربعون

ومائة سنة، كما في أخبار الأصفياء.

الشيخ فخر الدين البجنوري

الشيخ العالم الزاهد فخر الدين بن سعد الله بن فخر الدين البجنوري اللكهنوي أحد المشايخ الجشتية،

ولد ونشأ بلكهنؤ، واشتغل بالعلم وسافر إلى جونبور فقرأ على الشيخ أبي الفتح بن عبد الحي بن عبد

المقتدر الكندي الدهلوي، ثم أخذ عنه الطريقة ورجع إلى لكهنو، وعكف على الدرس والإفادة، وكانت

بينه وبين الشيخ محمد مينا اللكهنوي محبة صادقة ومودة واثقة.

توفي لإحدى عشرة بقين من جمادي الأولى سنة

ص: 393

عشر وتسعمائة بلكهنو فدفن بها، وأرخ لوفاته

بعض العلماء شيخ، كما في تذكرة الأصفياء.

الشيخ فخر الدين الجونبوري

الشيخ الفقيه الزاهد فخر الدين بن كبير الدين الجونبوري، أحد المشايخ السهروردية، ولد ونشأ

بجونبور، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم درس وأفاد عشرة أعوام، ثم تركها وانقطع إلى الزهد

والعبادة ودخل الأربعينات مرة بعد مرة حتى فتحت عليه أبواب المعرفة، وأخذ عنه خلق كثير من

المشايخ.

توفي لثمان بقين من شعبان سنة أربع وتسعين وتسعمائة، كما في كنج أرشدي.

الشيخ فريد الدين البنارسي

الشيخ العالم الصالح فريد الدين بن قطب الدين بن خليل الدين العمري البنارسي، أحد المشايخ

الجشتية، ولد بقرية خانقاه في بيت جده لأمه الشيخ نور ونشأ بها، وسافر للعلم إلى بنارس ومعه

صنوه داود، فنزل بخانقاه الشيخ موسى فدله الشيخ إلى خواجه مبارك، فاشتغل عليه بالعلم وجد في

البحث والاشتغال حتى برع فيه، وأخذ الطريقة عن خواجه مبارك ولازم حفظ الأنفاس ومجاهدة

النفس، ولما بلغ رتبة الكمال استخلفه المبارك واستخلصه لنفسه، فتولى الشياخة بعده ورزق حسن

القبول.

وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه غير واحد من العلماء، ذكره غلام رشيد الجونبوري في كنج أرشدي

وقال: إنه غرق في ماء كنك، وقصته أن ولده محيي الدين سافر إلى جنار وكان راكباً فرساً، فأعجب

أحد الأفغان وكان من ولاة تلك الناحية فأخذه عنه تعدياً عليه، فرجع محيي الدين وحرض والده أن

يذهب إليه ويأخذ عنه ذلك الفرس، فسار فريد ومعه صنوه داود إلى ذلك الأفغاني، وأفهمه حتى أخذ

عنه الفرس وركب الفلك راجعاً إلى بنارس، فأمر الأفغاني الملاحين أن ينقبوا في الفلك، فغرق في

الماء ومعه صنوه داود وأصحاب آخرون، وكان ذلك في الرابع عشر من شوال سنة ست وتسعمائة.

الشيخ فضل الله المندوي

الشيخ الصالح فضل الله بن الحسين الجشتي الملتاني، أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن والده

ولازمه ملازمة طويلة، ولما توفى والده سنة خمس وأربعين وتسعمائة سافر إلى الحرمين الشريفين،

فحج وزار سنة ست وأربعين وتسعمائة، ورجع إلى الهند سنة خمسين وتسعمائة واعتزل عن الناس،

وكان يدرس ويفيد، توفي سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة بمندو، كما في كلزار أبرار.

الشيخ فضل الله الدهلوي

الشيخ الفاضل فضل الله بن سعد الله البخاري الدهلوي، كان عم الشيخ عبد الحق بن سيف الدين

الدهلوي المحدث، أخذ عن الشيخ محمد بن الحسن العباسي الجونبوري ولازمه ملازمة طويلة، مات

بدهلي سنة ستين وتسعمائة.

الشيخ فضل اله البهاري

الشيخ الصالح فضل الله بن نصير الدين بن الحسن بن علي بن بدا بن قيام الدين بن صدر الدين بن

القاضي ركن الدين الشريف الحسني الكزوي ثم البهاري، المشهور بالسيد كشائين - بضم الكاف

الفارسية - ومعناه المنقطع إلى الله سبحانه في اللغة الهندية، كان ختن الشيخ قطب الدين العمري

الجونبوري القلندر وصاحبه، أخذ عنه الطريقة ولازمه ملازمة طويلة، ثم سافر إلى بهار وسكن بها،

وكان مرزوق القبول في تلك الناحية.

القاضي فضل الله الديوبندي

الشيخ العالم القاضي فضل الله الحنفي الديوبندي، أحد الفقهاء المشهورين في عصره، كان من

معاصري الشيخ عبد القدوس بن إسماعيل الكنكوهي، ذكره ركن الدين محمد بن عبد القدوس في

اللطائف القدوسية.

مولانا فضل الله السندي

الشيخ العالم الكبير فضل الله الحنفي السندي، أحد العلماء العاملين، كان دائم الاشتغال بالدرس

ص: 394

والإفادة في العلوم الدينية، ذكره النهاوندي في المآثر.

مولانا فضل الله الرهتكي

الشيخ الفاضل فضل الله الحنفي الرهتكي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، كان

قانعاً عفيفاً متوكلاً، مات في النصف الأول من القرن العاشر، ذكره المندوي في كلزار أبرار.

مولانا فيروز اللاهوري

السيد الشريف فيروز بن أبي فيروز الحسني اللاهوري، أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن جده

شاه عالم عن الشيخ نواز الدين عن الشيخ أحمد عن الشيخ حامد بن عبد الرزاق الأجي، وكان من

العلماء المبرزين في الفقه والحديث والتفسير، يدرس ويفيد آناء الليل والنهار، متوفي بلاهور سنة

ثلاث وثلاثين وتسعمائة، كما في الخزينة.

المفتي فيروز الكشميري

الشيخ الفاضل الكبير المفتي فيروز بن لولي كنائي الحنفي الكشميري، أحد العلماء المشهورين، سافر

في صغر سنه إلى الحجاز، ولما رجع إلى الهند سكن ببدايون واشتغل بالعلم على من بها من العلماء،

وحد في البحث والاشتغال حتى برع في كثير من العلوم والفنون واشتهر ذكره في البلاد، فطلبه أكبر

شاه التيموري سلطان الهند وولاه الإفتاء بكشمير، فسافر إلى بلدته واشتغل بالدرس والإفتاء.

وكان مدرساً محسناً إلى الطلبة مع فضل ودين وعقل ووداعة، استشهد في عهد حسين شاه أحد ولاة

كشمير.

ذكر الجهلمي في الحدائق وقال: إنه قتل سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة، وقال محمد قاسم: إن شهادته

كانت في سنة ست وسبعين، وبيان ذلك على ما صرح محمد قاسم في تاريخه أن القاضي حبيباً

الحنفي - الذي كان صهر الشيخ كمال الدين السيلكوتي - خرج يوم الجمعة من الجامع الكبير يريد

زيارة القبور سنة ست وسبعين وتسعمائة، فلقيه يوسف الشيعي خارج البلدة وضربه بالسيف فجرح

رأسه، ثم ألقى عليه الضربة ومد القاضي يده فأصابها وقطع أنامله، وذلك من غير عداوة سابقة، فلما

سمع حسين شاه هذه القصة أمر له بالسجن واستفتى ملا يوسف والمفتي فيروز وغيرهما من العلماء

في أمره، فقالوا: يجوز قتل أمثاله سياسة، وكان القاضي حبيب المذكور حاضراً في ذلك المجلس فقال

لهم: وكيف يجوز قتله وأنا حي! فرجموا يوسف الشيعي حتى مات، وكان أكبر شاه التيموري سلطان

الهند بعث مرزا مقيم الشيعي بالرسالة إلى حسين شاه صاحب كشمير، فشهد عنده القاضي زين الدين

الشيعي أن العلماء أخطأوا في الإفتاء، فأهانهم مرزا مقيم على رؤس الأشهاد وآذاهم وفوضهم إلى فتح

خان فقتلهم بأمره وشد الحبال في أرجلهم وجرهم في الأسواق، ولما كان حسين شاه صاحب كشمير

شيعياً رضى بفعله، ثم بعث إلى أكبر شاه جواب ما طلبه منه ومعه بنته، فردها أكبر شاه وقتل مرزا

مقيم قصاصاً عن العلماء سنة سبع وسبعين وتسعمائة، انتهى ما ذكره محمد قاسم في تاريخ فرشته.

حرف القاف

الشيخ قاسم بن أحمد المانكبوري

الشيخ الصالح قاسم بن أحمد بن نظام الدين العمري المانكبوري، أحد كبار المشايخ الجشتية، ولد

ونشأ بمانكبور وأخذ عن أبيه ولازمه مدة ثم تولى الشياخة.

وكان شيخاً جليلاً مهاباً، رفيع القدر كبير المنزلة، يذكر له كشوف وكرامات، توفي لتسع بقين من

شوال سنة ثمان وستين وتسعمائة بمانكبور، كما في أشرف السير.

الشيخ قاسم بن يوسف السندي

الشيخ العالم الصالح قاسم بن يوسف بن ركن الدين بن شهاب الدين الشهابي المعروف السندي، أحد

العلماء المبرزين في الفقه والحديث، ولد ونشأ في إقليم السند وقرأ العلم بها، ثم قدم كجرات سنة

ص: 395

خمسين وتسعمائة وسافر إلى البلاد.

وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه ولده عيسى بن القاسم وخلق آخرون، وله مصنفات لم أقف على

أسمائها، مات في سنة ثمانين وتسعمائة، كما في بحر زخار.

الحكيم قاسم بيك التبريزي

الوزير الكبير قاسم بيك التبريزي الحكيم المشهور في بلاد الدكن، كان من ندماء برهان نظام شاه

صاحب أحمد نكر، وبعد موته خدم ولده حسين نظام شاه، وبعثه الحسين بالرسالة إلى كولكنده فرجع

ظافراً إليه فرفع قدره، ثم بعد مدة يسيرة غضب عليه وأمر بحبسه، فلبث في السجن ثلاثة أشهر، ثم

رضى عنه وأخلصه من الأسر وقربه إليه فخدمه مدة، ولما مات الحسين سنة اثنتين وسبعين

وتسعمائة وولي مكانه ولده مرتضى بن الحسين، وصار الحل والعقد بيد أمه خونره همايون جعلته

من أركان الوزارة، فصار المرجع والمقصد في كل باب من أبواب الدولة واستمر على ذلك بضع

سنين، وتحسس من أم الملك شراً فخرج من أحمد نكر وسار إلى أحمد آباد كجرات، ومات بها نحو

سنة سبع وسبعين وتسعمائة، ذكره محمد قاسم في تاريخه.

مولانا قاسم ديوان السندي

الشيخ العلامة قاسم ديوان الحنفي السندي أحد مشاهير الفقهاء، أخذ العلم عن الشيخ ميران السندي

وقرأ عليه المطول، ثم ترامى به الإغتراب إلى أرض فارس، فأخذ ممن بها من العلماء ورجع إلى

بلدته وقصر همته على الدرس والإفادة، مات سنة سبع وسبعين وتسعمائة، ذكره النهاوندي في

المآثر.

مولانا قاسم الكاهي

الشيخ الفاضل نجم الدين محمد أبو القاسم المشهور بالكاهي، كان من الفضلاء المعمرين، أدرك

الشيخ عبد الرحمن الجامي في الخامس عشر من سنه، ثم لازم الشيخ جهانكير الهاشمي في بلاد السند

واستفاض منه فيوضاً كثيرة، ودخل الهند فسكن بمدينة بنارس عند بهادر خان الشيباني زماناً ثم دخل

آكره وسكن بها.

وكان فاضلاً كبيراً قانعاً، شاعراً مجيد الشعر، ماهراً في الموسيقى، أنشأ القصائد البديعة في المديح،

وأعطاه أكبر شاه مرة مائة ألف تنكه صلة له، وأمر أنه كلما تردد إليه يعطونه ألف ربية على طريق

باي مزد، فلم يتردد إليه قط، ومن شعره قوله:

كاري نكنى كزان بشيمان كردي حرفي نزني كه عذر آن بايد خواست

توفي لليلتين خلتا من ربيع الثاني سنة ثمان وثمانين وتسعمائة بمدينة آكره.

مولانا قاسم علي الهمايوني

الشيخ الفاضل قاسم علي الهمايوني، أحد كبار الأفاضل، ولي الصدارة بأرض الهند في أيام همايون

شاه التيموري وكان من جلسائه، مات غريقاً في نهر كنك بجوسا سنة ست وأربعين وتسعمائة، كما

في إقبال نامه.

قاضي بيك الطهراني

الوزير قاضي بيك بن مسعود بن عبد الله الحسيني الطهراني، كان من كبار الأفاضل، ذكره أمين بن

أحمد الرازي في هفت إقليم، قال: إنه كان أكبر أولاد أبيه وأوفرهم في الفضل والكمال، تقرب إلى

طهماسب شاه الصفوي واحتظ بصلاته مدة، ثم قدم الهند وولي النيابة المطلقة بمدينة أحمد نكر، وقال

محمد قاسم في تاريخه: إنه قدم أحمد نكر وتقرب إلى نواب جنكيز خان وكيل السلطة فطابت له

الإقامة بمدينة أحمد نكر، ولما احتضر جنكيز خان وظن أنه سيموت أوصى به إلى صاحبه مرتضى

نظام شاه ملك أحمد نكر، فولاه النيابة المطلقة سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، فصار المرجع والمقصد

في مهمات الأمور، واستقل بتلك الخدمة الجليلة إلى أواخر سنة خمس وثمانين وتسعمائة، ثم اتهموه

بالخيانة وقيل إنه خان مائتي ألف هون منقوداً مع الجواهر الثمينة ثمنها مائة آلاف هون، فعزله

مرتضى نظام شاه وحبسه في إحدى القلاع، وأخلصه بعد ثلاثة أشهر وأخرجه إلى بلاده، انتهى.

قال الرازي: فلما وصل إلى لار مات بها، لعله

ص: 396

في سنة ست وثمانين وتسعمائة.

الشيخ قاضي خان الظفر آبادي

الشيخ العالم الصالح جلال الحق قاضي خان بن يوسف الناصحي العمري الظفر آبادي، كان من

كبار المشايخ الجشتية، ولد بظفر آباد سنة خمس وثمانمائة، ونشأ في مهد جده لأمه الوزير عماد

الملك الجونبوري، واشتغل بالعلم من صباه وقرأ فاتحة الفراغ في السابع عشر من سنه، ثم لازم

الشيخ حسن بن الطاهر العباسي الجونبوري وصحبه ثلاثين سنة وأخذ عنه الطريقة، وكان يقول:

إني فاسيت الرياضة الشاقة والمجاهدة الشديدة ثلاثين سنة، فاطلعت على شيء من مكائد النفس

وعلمت أنها كيف تصد السالك عن الطريق وكم له من مراصد، انتهى.

مات في نصف من صفر سنة أربع وأربعين وتسعمائة، كما في تجلي نور، وفي وفيات الأعلام أنه

توفي سنة خمسين وتسعمائة، والله أعلم.

الشيخ قاضي خان الكجراتي

الشيخ الكبير قاضي خان الجشتي الفتني الكجراتي المشهور بالشيخ قادن، كان من رجال الطريقة

الجشتية، ولد ونشأ بكجرات، وأخذ عن الشيخ علم الدين الشاطبي ولازمه مدة، وأخذ عن غيره من

المشايخ ثم تولى الشياخة بفتن من بلاد كجرات، أخذ عنه خلق كثير، مات يوم الثلاثاء لثلاث ليالي

خلون من صفر سنة عشرين وتسعمائة ببلدة فتن، كما في مرآة أحمدي.

القاضي قاضن السندي

الشيخ العالم الفقيه القاضي قاضن بن أبي سعيد بن زين الدين البهكري السندي، أحد الفقهاء

المبرزين في العلم، ولد ونشأ بمدينة بهكر، وحفظ القرآن وتعلم القرآن والتجويد، ثم اشتغل بالعلم

وبرز في الفقه والحديث والتفسير والتصوف والعزيمة والإنشاء، وكان ميالاً إلى الأسفار، ارتحل إلى

الحرمين الشريفين فحج وزار وساح البلاد وأدرك المشايخ وتلقى العلوم عنهم، ثم رجع إلى بلاده

فولاه حسين شاه صاحب السند القضاء بمدينة بهكر، فاستقل به مدة من الزمان، ثم دخل في أتباع

السيد محمد بن يوسف الجونبوري فعزلوه عن القضاء، وقيل: إنه استعفى عن الخدمة لكبر سنه فولوا

مكانته أخاه القاضي نصر الله، توفي سنة ثمان وخمسين وتسعمائة، ذكره معصوم بن الصفاي

الترمذي في تاريخ السند.

قرا حسن الرومي

الأمير الكبير قرا حسن الرومي السلماني المجلس المنصور جنكيز خان، كان من الأتراك، دخل

الهند سنة سبع وثلاثين وتسعمائة مع صاحبه مصطفى بن بهرام الرومي واجتمع بالسلطان بهادر شاه

الكجراتي بجانبانير ونال منه الحظ والقبول فخدمه زماناً، ولما قتل بهادر شاه وولي المملكة محمود

شاه تقرب إليه وخدمه، وسار إلى ديو لقتال الأفرنج تحت قيادة الأمير خداوند خان خواجه صقر

الرومي سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة وجاهد في سبيل الله وقاتل معه أشد القتال، ولما قتل خداوند

خان اجتمع الناس على ولده رومي خان محرم، واعتنى به قرا حسن وعزم أن يتجاوز درجة أبيه في

الإمرة والشهرة، فنقب برجاً من القلعة وملأه باروداً وأخبر به رومي خان واجتمعوا على البرج

للحرب، فاجتمع لمدده من كل برج، فلما كثروا فيه أمر قرا حسن بالنار فإذا البرج ومن فيه في

الهواء مع الطير، وحث قرا حسن على الدخول من حيث انفتح، وهم رومي خان به لكن بعض

الأمراء توقف إما لتقاصر في الهمة أو تحامل البشرية، وبقي الأسف وضاعت المشقة، واتفق بهذا

وصول المدد إلى أهل القلعة من صاحب كوه، ودخلت القلعة ثلاثون ألفاً من أهل الأفرنج، ويوم

وصولهم أمر قرا حسن بحمل الآلات والعدد التي هي لفتح القلاع إليها وهكذا بقايا الأثقال، والتفت

إلى رجال الحرب وقال: خلص وقتنا للسيف والجنة تحت ظلال السيوف، ثم اجتمع برومي خان

ودعا له وثبته، ثم دعا رجالاً وكانوا نحو سبعة آلاف وقال: اليوم يوم البرهان، اليوم يوم الامتحان،

اليوم يوم الغفران، اليوم يوم رضى الرحمان، افتتحت أبواب الجنان، أشرفت الحور والولدان، ما

على الباب رضوان، فادخلوها بسلام آمنين، عباد الله! ما بعد اليوم ملتقى إلا الساعة، ويد الله على

الجماعة، فاثبتوا

ص: 397

وسارعوا واستعينوا بالصبر ساعة، فإما ثواب المحسنين وإما درجات الأحياء عند

ربهم فرحين، ثم ذكرهم بالأحاديث النبوية، على صاحبها السلام والتحية، ثم قال: عباد الله! فضل الله

المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفوراً رحيما، فالمناسب

هنا ونحن أصحاء أقوياء مستوو الأعضاء أن يتأسى بعرجته وإن لم نكن في درجته، وقد قيل: الجبان

ملقى والشجاع موقى، ثم ذكرهم بما قال خالد بن الوليد رضي الله عنه عند موته، وقرأ الفاتحة

وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وكبر وكبروا، وتقدم إلى موقف يرضاه الله ورسوله، ولحق

به دولت خان وبرهان الملك وأصحابهما، قال الآصفي: وبعد ارتفاع الشمس قيد رمح خرج من القلعة

بيرزي صاحب كوه وبين يديه ثلاثون ألفاً، ومدافع القلعة تشتعل نارها، وتتطاير من الأغربة

شرارها، فاعتكر الجو وأظلم، وارتجع أبلق الشروق أدهم، عند ذلك زحف حزب الله وقد أعلوا

التكبير وشقوا الغبار وكالصور يزعق النقير وجلوا ذلك الظلام ببوارق الأسنة والحسام، ولما انتهوا

إلى الصفوف حطموا بالسيوف، وقطعوا الحناجر بالخناجر، وجالوا جولة الأسد، وحالوا بين الروح

والجسد، وكشفوا العدى وحملوا منهم الصف على الصف حتى بلغوا العلم، فكانت شدة قضت بما القلم

به جف، وسببها كان في المسلمين قلة العدد وفي المشركين كثرة فيه وفي العدد، وبلغ الشهادة منهم

ألف ومائتان، وقتل من الفرنج في الحصار ألف وسبعمائة، وفي الصف أحد عشر ألفاً ومائة، ولو

وقف برهان الملك في المعركة بأصحاب لكان ظهيراً للمسلمين لكنه في نزول أهل الأغربة إلى

الساحل من طرشة بنادقهم رد وجهه مدبراً بحزبه، فكأنه في أجنحة العصافير فزعاً تطير به، وخلى

ظهر أهل الزحف فاقتفاه أهل الأغربة، فصاروا كالمركز في الدائرة، فانحازوا إلى الجسر وتكاثروا

عليه، وكان ممدوداً من خشب فانكسر بالمارة عليه، فوقعوا في الخندق، وكانت أسياخ من حديد

مركوزة فيه، فهلك بها من سقط، وكان منهم رومي خان، واستشهد دولت خان في المعركة، وأما قرا

حسن فإنه خرج من طرق يعرفه على الخندق وكان آخر الناس خروجاً، فمن تبعه نجا، وبلغ من

سقط في الخندق ثلاثمائة رجل، فكان جملة الهالكين ألفاً وخمسمائة، والجريح ألفاً، والخارج بالسلامة

مع قرا حسن أربعة آلاف وخمسمائة، وبات قرا حسن بنوا نكر واجتمع الغريب عليه وظل يومه بها،

وتلافى الجريح بالجرائحي وتفقد سائر الناس بمواصلة النقد من الخزانة وأمسى بها، وأصبح سائراً

إلى أحمد آباد بالمدافع والأثقال، ولما اجتمع بالسلطان استدناه واستخبره عن الحادثة، فكان هو يحكي

والسلطان يبكي، فلما نجز بيانه استرجع السلطان واستدعى بأصحابه وخلع على الجميع وجعل قرا

حسن أميراً على المدافع ولقبه بالمجلس المنصور جنكيز خان في يومه، وأمره بصب المدافع التي

يتأتى به فتح ديو، وأمر حكام البنادر بمنع الفرنج من المساكنة والتردد، وحكم بجمع خشب الساج

لنجر الأغربة وابتدأ بنجرها حكام سورت ثم بهروج وكوكه والدمن وكنباية، فامتد في زمن قريب

بعضه من بعض هراب خمسمائة غراب سوى ما في غيرها من البنادر، وشرع جنكيز خان في

صب المدافع، ففي عام فرغ من العمل مائة مدفع مكتوب على كل واحد جنكيز محمود شاه، ونادى

ببراءة الذمة من يعامل الفرنج أو يتجر لهم أو يساكنهم في ديو من مسلم وكافر أو يحمل إلى ديو من

المنافع شيئاً، وبهذا تعطل ديو وعمرت نوانكر وسكنها العسكر وبنيت بها قلعة في غاية الاستحكام،

ولم نقرأ له شيئاً من الأخبار بعد ذلك في كتب التاريخ والتراجم.

الشيخ قطب الدين المنيري

الشيخ العالم الصالح قطب الدين بن بدهن بن ركن الدين البلخي المنيري، أحد المشايخ المشهورين

في الطريقة الفردوسية، أخذ عن أبيه ولازمه ملازمة طويلة ثم تولى الشياخة مكانه، أخذ عنه الشيخ

أبي يزيد بن عبد الملك المنيري وخلق آخرون.

القاضي قطب الدين الكالبوي

الشيخ الصالح القاضي قطب الدين بن كدن بن القاضي سعد الله أشرف جهاني القرشي الكالبوي

المشهور بالمجذوب، ولد ونشأ ببلدة جنديري، وانتقل منها بعد خرابها إلى كاليي وسكن بها، وكان

مغلوب الحالة ولكنه كان مقيداً بالصلوات يصلي ولا يعلم كم صلى، وكان شديد الحسبة على الناس،

فقد في سنة

ص: 398

سبعين وتسعمائة، ذكره المندوي في كلزار أبرار.

الشيخ قطب الدين الجونبوري

الشيخ الكبير قطب الدين بن من الله بن بهاء الدين العمري الجونبوري، أحد كبار المشايخ الجشتية،

ولد ونشأ بمدينة جونبور، وأخذ عن والده ولازمه حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة، ثم حصلت

له الإجازة عن الشيخ جلال عن أبيه عبد القادر عن أبيه الشيخ مبارك بن أمجد العلوي الحسيني عن

أخيه السيد أجمل بن أمجد الحسيني وعن الشيخ صدر الدين محمد الحسين البخاري الأجي، ولما بلغ

رتبة الكمال جلس على مسند أبيه، أخذ عنه خلق كثير.

توفي لعشر بقين من رمضان المبارك، وقبره بجونبور عند قبر والده، ذكره الجونبوري، في كنج

أرشدي ولم أقف على سنة وفاته.

مولانا قطب الدين السرهندي

الشيخ الفاضل العلامة قطب الدين الحنفي السرهندي، أحد العلماء المشهورين في بلاد الهند، درس

وأفاد مدة عمره، وانتفع به ناس كثيرون منهم الشيخ حميد الدين عبد المجيد بن عبد القدوس

الكنكوهي، قرأ عليه الكتب الدرسية، مات ودفن بسرهند.

الشيخ قطب الدين الكجراتي

الشيخ الصالح قطب الدين الذاكر النهروالي الكجراتي المشهور بقطب جهان، كان من كبار المشايخ

في بلاد كجرات، أخذ عنه الشيخ ولي محمد والشيخ لشكر محمد في بداية أمرهما، وله مكتوبات

تجمعها مجلدات ضخمة في الحقائق والمعارف.

الشيخ قطب الدين الجونبوري

الشيخ الكبير المعمر قطب الدين بن شيخ بن العلاء العمري السرهربوري الجونبوري إمام الطريقة

القلندرية، ولد سنة ست وسبعين وسبعمائة، وكف بصره في صبا ولذلك لقبوه بينا دل معناه بصير

القلب، قالوا: إنه أخذ الطريقة القلندرية عن الشيخ نجم الدين بن نظام الدين بن نور الدين المبارك

الدهلوي المعمر مائتي سنة عن الشيخ خضر الرومي المعمر ثلاثمائة وخمسين سنة عن الشيخ عبد

الله علمبردار الصالحي المكي المعمر ستمائة، وكان عبد الله من أصحاب الصفة أخذ عن النبي صلى

الله عليه وسلم وعن سيدنا الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وإنه أخذ الطريقة القادرية

والجشتية عن الشيخ نجم الدين المذكور، والطريقة السهروردية والمدارية عن الشيخ شمس الدين

الظفر آبادي، والطريقة الفردوسية عن الشيخ حسين بن معز البلخي، وكان من الأولياء السالكين

المرتاضين، أخذ عنه ولده محمد المتوفي سنة ثلاثين وتسعمائة وختنه الشيخ فضل الله بن نصير

الدين القطبي الحسني البهاري وخلق آخرون، توفي سنة خمس وعشرين وتسعمائة، كما في

الانتصاح.

الشيخ قميص القادري السادهوروي

السيد الشريف قميص بن أبي الحياة بن محمود بن محمد بن أحمد بن داود ابن علي بن أبي صالح

النصر بن عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلاني السادهوروي، كان من المشايخ المشهورين في أرض

الهند، قدم من بنكاله ودخل خضر آباد دهلي، فزوجه الشيخ العالم نصر الله الدهلوي بكريمته، فسكن

بها ورزق حسن القبول، أخذ عنه الشيخ عبد الرزاق الدهلوي المحدث المشهور بالشيخ بهلول وخلق

كثير من العلماء والمشايخ.

توفي لثلاث خلون من ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة بأرض بنكاله، فنقلوا جسده إلى

خضر آباد ودفنوه بها، ذكره الشيخ في أخبار الأخيار.

حرف الكاف

القاضي كاشاني السندي

الشيخ الفاضل الكبير القاضي كاشاني السندي،

ص: 399

كان من كبار العلماء لم أقل على اسمه، ذكره

النهاوندي في المآثر قال: إنه انتقل من كاشان إلى أرض السند ونال الحظ والقبول من الأمراء

والملوك، فطابت له الإقامة بها، وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه غير واحد من العلماء.

الشيخ كبير الدين الجونبوري

الشيخ الصالح كبير الدين بن جهانكير الجونبوري، أحد المشايخ المشهورين بمعرفة الفقه والتصوف،

وكان غاية في الزهد والقناعة والإيثار والتوكل، واشتغل بالعلم بعد ما توفى أبوه، وكان في الثاني

عشر من سنه فجد في البحث والاشتغال والرياضة والمجاهدة حتى برع في العلم والمعرفة، وتولى

الشياخة بمدينة جونبور، أخذ عنه غير واحد من العلماء.

توفي لليلتين بقيتا من شعبان سنة اثنتين وستين وتسعمائة بجونبور وله ثلاث وستون سنة، ذكره

الجونبوري في كنج أرشدي.

الشيخ كبير الدين القنوجي

الشيخ الصالح كبير الدين بن قاسم السليماني البشاوري ثم القنوجي، أحد كبار المشايخ، ولد بقرية

مدلي من أعمال بشاور ونشأ بها، وسافر للعلم فقرأ على أساتذة عصره وأخذ الطريقة ثم سكن بقنوج،

مات بها ليلة الخميس سنة أربع وتسعين وتسعمائة، كما في مهر جهانتاب.

الشيخ كبير الدين الملتاني

الشيخ العالم الصالح كبير الدين القرشي الملتاني، كان من نسل الشيخ الكبير بهاء الدين أبي محمد

زكريا القرشي السهروردي وصاحب سجادته، اتفق الناس على ولايته وجلالته، ذكره البدايوني، قال:

إنه كان مقتدراً أن يحشد ألف فارس في يوم واحد، وكانت عيناه حمراوين من سهره المفرط

والاشتغال بالأشغال القلبية كأنه تناول شيئاً من المعبرات، وكان الشيخ موسى بن الحامد الأجي يحمل

ذلك على سكرة الخمر، قال: إني رايته بفتح بور عند الأمير حسين خان وكانت تلوح عليه المهابة

في الظاهر.

مات سنة أربع - أو خمس - وتسعين وتسعمائة بالملتان، فدفن بمقبرة أسلافه.

مولانا كريم الدين السندي

الشيخ الفاضل كريم الدين الحنفي التتوي السندي، أحد العلماء المبرزين في النحو واللغة والفقه

والأصول والمنطق والحكمة، وكان في أيام مرزا باقي أحد ولاة السند يدرس ويفيد، وكان ورعاً تقياً،

ذكره النهاوندي في المآثر.

مولانا كمال الدين الكالبوي

الشيخ الصالح كمال الدين بن سليمان القرشي الكالبوي ثم المندوي، أحد رجال الطريقة، ولد ونشأ

بكالبي، وأخذ عن الشيخ أرغون المداري ثم عن الشيخ ركن الدين بن هدية الله المنيري وحصلت له

الإجازة منه، ثم سافر إلى مندو وسكن بها وكان يدرس ويفيد، توفي سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة

بمندو، ذكره محمد بن الحسن.

مولانا كمال الدين الجهرمي

الشيخ الفاضل الكبير كمال الدين بن فخر الدين الجهرمي البيجابوري، أحد العلماء المشهورين، له

البراهين القاطعة ترجمة الصواعق المحرقة بالفارسية، ترجمها سنة أربع وتسعين وتسعمائة بأمر

دلاور خان البيجابوري الوزير.

مولانا كمال الدين المليباري

الشيخ العالم الصالح كمال الدين بن محمد بن علي الحسيني الهمداني المشهور بالمليباري، ولد بقرية

خوشاب وقرأ العلم في بلاده، ثم سافر إلى الحجاز، فدخل في مليبار وأسلم على يده أحد ملوك تلك

الأرض، ثم رحل إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، ورجع إلى مليبار وأقام بها أياماً، ثم قدم سورت

وسكن بها.

وكان شيخاً صالحاً وقوراً صاحب المقامات القدسية، انتفع به خلق كثير، توفي لثلاث ليال بقين من

رجب سنة تسع وستين وتسعمائة بسورت، كما في الحديقة.

ص: 400

الشيخ كمال الدين الخير آبادي

الشيخ الصالح كمال الدين بن محمود القدوائي الخير آبادي، أحد المشايخ الجشتية، أخذ عن أبيه عن

عمه الشيخ سعد الدين الخير آبادي وتصدر للارشاد بعد والده، توفي سنة ثمان وثمانين وتسعمائة

بخير آباد وله ثلاث وخمسون سنة، ذكره السيد الوالد في مهر جهانتاب.

الشيخ كمال الدين البلكرامي

الشيخ الفاضل كمال الدين بن مكرم الصديقي البلكرامي، أحد العلماء الموفقين بالدرس والافادة، ذكره

غلام علي الحسيني في مآثر الكرام وأثنى على براعته في العلوم، قال: وكان ممن فاق أقرانه في

العلوم العربية والمعارف الحكمية، وكان يكتب بيده الكتب المتداولة بخط النسخ غاية في الحلاوة

ويزينها بالحواشي المفيدة والتعليقات النفيسة، له منة عظيمة على الأخلاف فإنهم ينتفعون بتلك الكتب

حتى اليوم، وكان شديد التعبد كثير المؤاساة، وكان حياً سنة أربع وتسعين وتسعمائة، انتهى، ولم أقف

على سنة وفاته.

الشيخ كمال الدين الكيتهلي

الشيخ الأجل كمال الدين الكيتهلي، أحد كبار المشايخ القادرية، أخذ عن السيد فضيل كدا رحمن عن

السيد شمس الدين العارف عن السيد كدا رحمن بن أبي الحسن عن شمس الدين الصحرائي عن السيد

عقيل عن السيد بهاء الدين عن السيد عبد الوهاب عن السيد شرف الدين القتال عن السيد عبد

الرزاق عن أبيه إمام الطريقة أبي محمد الشيخ عبد القادر الجيلاني، وقيل: إنه استفاض من روحانية

الشيخ عبد القادر فيوضاً كثيرة، أخذ عنه الشيخ عبد الأحد السرهندي والشيخ سكندر بن عماد

الكيتهلي حفيد الشيخ كمال، وأدركه الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي في صغر سنه وبشره الشيخ

كمال، مات سنة إحدى وسبعين وتسعمائة، ذكره السيد الوالد في مهر جهانتاب.

حرف اللام

الشيخ لشكر محمد البرهانبوري

الشيخ الأجل لشكر محمد بن راجن بن بير بن ركن الدين القرشي الجانبانيري الكجراتي ثم

البرهانبوري، أحد المشايخ العشقية الشطارية، ولد في مهلاسه من أرض كجرات نحو سنة تسعمائة،

وصرف شطراً من عمره في الفنون الحربية ودخل في العسكر وخدم الملوك والأمراء، ثم اعتزل

عنها وصحب القاضي محمود البيربوري وأخذ عنه، ثم صحب الشيخ قطب الدين الذاكر وأخذ عنه،

ثم لازم السيد محمد غوث الكواليري صاحب الجواهر الخمسة بكجرات سنة إحدى وخمسين

وتسعمائة، وقرأ هداية الفقه على القاضي محمود الموربي، وتصدر للإرشاد والتلقين بكجرات وأقام

بها ثلاثين سنة، ثم ذهب إلى برهانبور وسكن بها وكان ذلك في سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة، أخذ

عنه الشيخ عيسى بن القاسم السندي البرهانبوري وخلق كثير، مات لليلتين خلتا من شوال سنة ثلاث

وتسعين وتسعمائة، فأرخ لعام وفاته بعض أصحابه لشكر محمد عارف ذكره محمد بن الحسن.

حرف الميم

الشيخ مبارك البنارسي

الشيخ العالم المحدث مبارك بن أرزاني العمري البنارسي، أحد العلماء المبرزين في الحديث، تولى

الوزارة في عهد شير شاه السوري وولده سليم شاه مدة، وله مدارج الأخبار كتاب في الحديث، صنفه

في شهر رجب سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة، ورتب فيه أحاديث مشارق الأنوار للصغاني على

ترتيب المصابيح، وكان أصله من بلدة رهتك، انتقل أسلافه إلى بنارس وسكنوا بقرية بكهره على

جنوب تلك البلدة، وفيها قبر والده الشيخ أرزاني، وكان من ذرية سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله

عنه، توفي سنة ثمانين وتسعمائة، كما في كنج أرشدي.

الشيخ مبارك الجائسي

السيد الشريف مبارك بن الجلال بن الحاج

ص: 401

القتال بن أحمد بن عبد الرزاق الحسني الأشرفي

الجائسي، أحد كبار المشايخ الجشتية، ولد ونشأ ببلدة جائس من أرض أوده، وحفظ القرآن وقرأ العلم

على والده وعلى غيره من العلماء، ثم درس وأفاد مدة في حياة والده، ولما توفى أبوه جلس على مسند

الإرشاد مكانه، أخذ عنه خلق كثير، وأسلم على يده جماعة من مزاربة أوده، وممن أخذ عنه ملك

محمد الجائسي صاحب بدماوت.

الشيخ مبارك الجونبوري

الشيخ الفاضل مبارك بن خير الدين المحمدي الماهلي الجونبوري، كان من ذرية الشيخ صدر الدين

القرشي الظفر آبادي، انتقل والده من ظفر آباد إلى ماهل - بضم الهاء - قرية من أعمال جونبور،

وعمر قرية في أرضها سماها خير الدين بور ثم سكن بها، وولده المبارك قرأ بعض الكتب الدرسية

على والده، ثم رحل إلى جونبور وقرأ بها على أساتذة عصره، وأخذ الطريقة أولاً عن أبيه ثم لازم

الشيخ علي بن قوام الدين الشطاري الجونبوري وصحبه مدة طويلة حتى بلغ رتبة المشيخة، ولقبه

الشيخ علي بالمحمدي، فتصدر للإرشاد والتلقين مع انقطاعه إلى الزهد والعبادة، انتفع به ناس

كثيرون وأخذوا عنه، توفي لأربع عشرة خلون من شوال سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة ببلدة جون

بور، وأرخ لوفاته بعضهم فخر زمانه، كما في تجري نور.

القاضي مبارك الكوباموي

الشيخ العالم الفقيه القاضي مبارك بن الشهاب بن العلاء العمري الكوباموي، كان من ذرية الشيخ

مبارك أولياء الناصحي البلخي، ولد بكوبامؤ ونشأ في مهد العلم والطريقة، وقرأ العلم على الشيخ

نظام الدين الأميتهوي ولازمه ملازمة طويلة، وكان الشيخ نظام الدين يحبه حباً شديداً، ذكره القاضي

مصطفى علي خان في تذكرة الأنساب، وقال عبد القادر البدايوني في تاريخه: إنه كان صاحب

الحالات السنية والمقامات القدسية، كثير الدرس والإفادة، أخذ عنه الشيخ عبد الوهاب بن أبي الفتح

الأكبر آبادي والشيخ محيي الدين الحسيني وخلق آخرون، وكان قاضياً بكوبامؤ، انتهى.

الشيخ مبارك الجهنجانوي

الشيخ الفقيه الزاهد مبارك بن عبد المقتدر بن فاضل العلوي الجنهجانوي ثم الجونبوري المشهور

ببالادست، كان ابن عم الشيخ عبد الرزاق الجهنجانوي وأخاه من الرضاعة، أخذ الطريقة عن الشيخ

علي بن قوام الدين الشطاري الجونبوري ولازمه ملازمة طويلة، وكان يدعى ببالادست لعلو يده في

المقامات العلية، وبالادست في لغة الفرس عالي اليد.

الشيخ مبارك السنديلوي

الشيخ العالم الصالح مبارك بن الحسين بن عين الدين بن عليم الدين بن علاء الدين بن محمد بن

نور بن أحمد بن محمود الحسيني النقوي الشيوراني السنديلوي، أحد رجال العلم والمعرفة، أخذ العلم

والطريقة عن الشيخ سعد الدين الخير آبادي ولازمه مدة، ثم صحب الشيخ سالار بن هبة الدين

الكوروي ولبس منه الخرفة، وصحب الشيخ نظام الدين الأميتهوي ورجالاً آخرين، وكان عالماً

كبيراً، انتهت إليه رياسة الفتيا والتدريس ببلدة سنديلة، أخذ عنه السيد صفي الحسيني والشيخ بدر

الدين السرهندي والشيخ أدهن البلكرامي وخلق كثير من العلماء والمشايخ، توفي سنة سبعين

وتسعمائة ببلدة سنديله، كما في بحر زخار.

الشيخ مبارك الكواليري

الشيخ الفاضل العلامة مبارك بن أبي المبارك الشطاري الأودي ثم الكواليري المشهور بالفاضل،

كان أصله من ناحية بانكرمؤ من بلاد أوده، ولد ونشأ بها وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم لازم

الشيخ محمد غوث الكواليري صاحب الجواهر الخمسة وأخذ عنه الطريقة العشقية الشطارية وسكن

بكواليار.

وكان فاضلاً علامة في المعقول والمنقول، درس وأفاد أربعين سنة بزاوية الشيخ محمد غوث، أخذ

عنه الشيخ عبد الواحد المندسوري والشيخ عبد الله ابن بهلول السنديلوي ثم الكجراتي وخلق كثير من

العلماء.

مولانا مبارك السندي

الشيخ العالم الفقيه مبارك بن أبي المبارك الباتري

ص: 402

السندي، كان من العلماء الموفقين بالدرس

والإفادة، ولد ونشأ ببلاد السند، وقرأ العلم على الشيخ عباس بن الجلال السندي ولازمه ملازمة

طويلة حتى برع في الفقه والأصول والكلام والعربية، ورماه الاغتراب إلى أحمد آباد، فسكن بمسجد

ناصر الملك ودرس بها مدة من الزمان، ثم ذهب إلى برهانبور فولى القضاء بجويزه - بالجيم

المعقودة والباء الفارسية - فاستقل به زماناً وبلغ صيته إلى برار، فطلبه تفال خان الوزير إلى

إيلجبور وولاه التدريس، فدرس بها مدة من الزمان، ثم رجع إلى كجرات وأخذ الطريقة عن الشيخ

لشكر محمد العارف، ثم قدم برهانبور وكانت بينه وبين الشيخ طاهر بن يوسف السندي مودة واثقة،

قرأ عليه الشيخ عيسى بن قاسم السندي جملة من العلوم حين إقامته ببلدة برهانبور، مات بها يوم

الجمعة سنة ثمان وسبعين وتسعمائة، فدفن في مقبرة الشيخ إبراهيم بن عمر السندي، كما في كلزار

أبرار.

الشيخ مبارك الألوري

الشيخ الفقيه المعمر مبارك بن أبي المبارك الحنفي الألوري، أحد المشهورين بالزهد والصلاح،

وكان يدعى أنه من ذؤابة بني هاشم، ولذلك كان مرزوق القبول عند الأفغان، وكان سليم شاه السوري

سلطان الهند يحضر مجلسه ويتبرك به ويضع نعليه بيده بين يديه، وهو ممن أدركه الشيخ عبد القادر

البدايوني وذكره في تاريخه، قال: لما ابتلي الشيخ سليم بن بهاء الدين الجشتي السيكروي من أيدي

الأفغان وحبس في قلعة رنتنبهور ذهب الشيخ مبارك إليهم وشفع له، فأطلقوه من السجن وذهب

الشيخ سليم إلى مكة المباركة مرة ثانية، قال البدايوني: إني أدركته سنة سبع وثمانين وتسعمائة، قال:

ومات في حدود تلك السنة وله تسعون سنة.

الشيخ محب الله السدهوري

الشيخ العالم الصالح محب الله بن خواجكي بن علي بن خير الدين بن نظام الدين الأنصاري الهروي

ثم الهندي السدهوري - بكسر السين المهملة وتشديد الدال - قرية جامعة في أرض أوده، ولد ونشأ

بها، قرأ العلم على والده ولازمه ملازمة طويلة وأخذ عنه الطريقة، ولما مات والده تولى الشياخة،

وكان من الفقهاء المعتبرين في بلاده، انتفع به خلق كثير.

الشيخ محب الله المانكبوري

الشيخ العالم الصالح محب الله الحنفي المانكبوري أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ فضل

الله وصحبه زماناً، ثم سافر إلى سرهند وأخذ عن الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي إمام

الطريقة المجددية ولازمه مدة من الزمان، ثم رجع إلى بلاده وأقام بمانكبور مدة يسيرة، ثم سار إلى

إله آباد بأمر شيخه وسكن بها.

وكان من العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، توفى سنة ألف، ذكره السيد الوالد في مهر جهانتاب.

الشيخ محمد بن إبراهيم البهاري

الشيخ العالم الصالح محمد بن إبراهيم بن أحمد بن الحسن بن الحسين العمري البلخي البهاري

المشهور بالدرويش كان من المشايخ الفردوسية، ولد ونشأ ببلدة بهار - بكسر الموحدة - وأخذ عن

أبيه وصنوه محمود ولازمهما ملازمة طويلة، ثم تولى الشياخة، أخذ عنه الشيخ بدهن وخلق آخرون.

الشيخ محمد بن إبراهيم الملتاني

الشيخ العالم الكبير أبو الفتح شمس الدين محمد بن إبراهيم بن فتح الله الربيعي الإسماعيلي الملتاني

ثم البيدري الدكني كان من كبار المشايخ، ولد بأحمد آباد بيدر - بكسر الموحدة - في أيام همايون

شاه الظالم البهمني، وأخذ عن الشيخ حسن الجميلي القادري وعن غيره من المشايخ، وقيل إنه أخذ

من روحانية الشيخ عبد القادر الجيلاني واستفاض منه، ثم لبس الخرقة من الشيخ بهاء الدين بن

عطاء الله الشطاري الجنيدي وتصدر للإرشاد والتلقين بمدينة بيدر.

وكان صاحب المقامات العلية والكرامات الجلية، أرشد الناس إلى الحق ثلاثين سنة، أخذ عنه أبناؤه

وخلق كثير.

ص: 403

مات يوم العيد من شوال سنة خمس وثلاثين وتسعمائة وله ثلاث وسبعون سنة، وقبره مشهور ظاهر

بمدينة بيدر، ذكره السيد الوالد.

الشيخ محمد بن أحمد الفاكهي

الشيخ الفاضل العلامة محمد بن أحمد بن علي الحنبلي الفاكهي المكي أبو السعادات الكجراتي، كان

من كبار العلماء، ذكره عبد القادر الحضرمي في النور السافر، قال: إنه ولد سنة ثلاث وعشرين

وتسعمائة، وكانت له اليد الطولى في جميع العلوم، وإنه قرأ في المذاهب الأربعة، ومن شيوخه الشيخ

الكبير المحقق العلامة أبو الحسن البكري وشيخ الإسلام بن حجر الهيتمي والشيخ محمد بن الخطاب

في آخرين من أهل مكة وحضر موت وزبيد يكثر عددهم، ويقال إن الذين أخذ عنهم يزيدون عن

تسعين وأجازوه، ومقروءاته كثيرة جداً لا تنحصر، ومن محفوظاته: الأربعين النواوية، والعقائد

النسفية، والمقنع في فقه الحنابلة، وجمع الجوامع في أصول الفقه، وألفية ابن مالك في النحو،

وتلخيص المفتاح في المعاني والبيان، والشاطبية في القراءات، ونور العيون في السير لابن سيد

الناس، وكان يحفظ القرآن الكريم، ويقرأ للسبعة مع التجويد، ونظم ونثر، وألف غير واحدة من

الرسائل المفيدة، منها رسالة تكلم فيها على آية الكرسي وهي مفيدة جداً، ومنها شرح مختصر الأنوار

المسمى نور الأبصار في فقه الشافعية، ومنها رسالة في اللغة، ومنها كتاب جليل جعله باسم باب

السلاطين، ورزق الحظ في زمانه، وسمعته يقول الأنس بالله نور ساطع والأنس بالناس سم قاطع،

رحمه الله! ومن غرائب الاتفاق أنه قال: حضرت بعض مجالس الوزراء فوقع الكلام في الاستفهام

الإنكاري فقال بعض أهل العلم، هذا كقوله تعالى "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون

الكتاب أفلا تعقلون" وأشار إلي بالتعريض، ففهمت منه ذلك فاستحضرت حينئذ وقلت مخاطباً له:

وقوله تعالى "أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على

بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون" فخجل ذلك الرجل.

قال الحضرمي: وكان والدي يسميه شيخ الإسلام، وكان جواداً، قال بعضهم: ما رأيت أسخى منه،

وقال آخر: ما أظن أحداً من الأشراف والعرب دخل الهند إلا وله عليه إحسان، وكان لا يمسك شيئاً،

ولذلك كان كثير الاستقراض، وكان يغلب عليه الحدة، وكان من شدة تواضعه لأصحابه ربما ينسبونه

إلى التملق، وكان له عقيدة مفرطة في السادة آل باعلوي، وذهب إلى حضرموت لزيارتهم فلقي

جماعة من أعيانهم وعادت عليه بركتهم ودخل الهند وأقام بها مدة مديدة، ثم رجع إلى وطنه مكة

المشرفة في سنة سبع وخمسين فحج ذلك العام وزار النبي صلى الله عليه وسلم، ثم حج في السنة

التي تليها وعاد إلى الهند في سنة ستين وتسعمائة فأقام بها إلى أن توفي إلى رحمة الله، وصاحبه

الشيخ الفاضل عبد اللطيف الدبير مدحه بقصيدة منها قوله:

يا علامة الدنيا ويا عالم غداً يقصر عن غاياته في العلا البدر

ومن لاح مثل الصبح فضل كماله فضاء به الأقطار وافتخر العصر

ويا أيها البحر الخضم لعلمه وبالرفق للطلاب يا أيها البر

وفاكهة الدنيا ينهاه ذا الهنا وجمع علوم فاح من طيبها النشر

أب لسعادات وأصل محامد فمن أمه بالنجح آل كذا اليسر

تباهت له كجرات لما ثوى بها فإن فخرت يوماً يحق لها الفخر

توفي يوم الجمعة لتسع بقين من جمادي الأولى سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة بمدينة أحمد آباد فدفن

بها، كما في النور السافر.

ص: 404

الشيخ محمد بن أحمد النهروالي

الشيخ العالم العلامة المحدث محمد بن أحمد بن محمد بن محمود الحنفي النهروالي المفتي قطب

الدين بن علاء الدين المكي صاحب الإعلام بأعلام بيت الله الحرام كان من العلماء المبرزين في

الحديث والفقه والأصلين والإنشاء والشعر.

ولد بلاهور سنة سبع عشرة وتسعمائة واشتغل على والده بالعلم، ورحل إلى مكة المشرفة وأخذ عن

الخطيب المعمر أحمد محب الدين بن أبي القاسم محمد العقيلي النويري المكي، وعن محدث اليمن

وجيه الدين عبد الرحمن بن علي الديبع الشيباني الزبيدي، وعن الشيخ شهاب الدين أحمد بن موسى

بن عبد الغفار المغربي الأصل ثم المصري نزيل الحرمين عن والده، والشيخ محمد بن محمد بن عبد

الرحمن الخطاب المالكي ووالده الشيخ محمد بن عبد الرحمن، وسار إلى مصر سنة ثلاث وأربعين

وتسعمائة واجتمع بها بأبي عبد الله محمد بن يعقوب العباسي المتوكل على الله المتوفي سنة خمسين

وتسعمائة صرح به في تاريخ مكة، قال: وقد اجتمعت به وأخذت عنه في رحلتي إلى مصر لطلب

العلم الشريف في سنة 943 وكانت مصر إذ ذاك مشحونة بالعلماء العظام، مملوءة بالفضلاء الفخام،

ميمونة بيمن بركات المشايخ الكرام، كأنها عروس، تتهادى بين أقمار وشموس.

ثم انقضت تلك السنون وأهلها فكأنها وكأنهم أحلام

وذكر في تاريخ مكة أنه أخذ الطريقة عن الشيخ علاء الدين الكرماني النقشبندي المتوفي سنة تسع

وثلاثين وتسعمائة، لعله كان قبل رحلته إلى مصر.

وله سند عال لصحيح البخاري لا أعلم في الدنيا سنداً أعلى من ذلك السند، وذلك أنه يرويه عن أبيه

الشيخ علاء الدين أحمد بن محمد النهروالي عن الحافظ نور الدين أبي الفتوح أحمد بن عبد الله

الطاوسي الشيرازي عن الشيخ المعمر بابا يوسف الهروي عن محمد بن شاد بخت الفارسي الفرغاني

بسماعه لجميعه على الشيخ أبي لقمان يحيى بن عمار بن مقبل بن شاهان الختلاني وقد سمع جميعه

عن محمد ابن يوسف الفربري بسماعه عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رضي الله عنه،

قال الفلاني في قطب الثمر: وقد ذكر بعض أهل الفهارس أنه صح أن الشيخ قطب الدين محمد

النهروالي روى صحيح البخاري عن الحافظ نور الدين أبي الفتوح الطاوسي بلا واسطة والده، فيكون

بيني وبين البخاري ثمانية، فتقع لي ثلاثياته بإثنى عشر، فيكون شيخنا محمد كأنه سمع من الحافظ

ابن حجر بطريق الإجازة لأن أعلى ما عند الحافظ ابن حجر باعتبار الإجازة أن يكون بينه وبين

البخاري ستة أنفس، ولا أعلم في الدنيا سنداً أعلى من هذا السند الآن، قال وقال شيخ مشايخنا عبد

الخالق الزجاجي في نزهة رياض الإجازة: وهذه الطريقة لم تبلغ الحافظ ابن حجر ولا السيوطي،

لأنهما كانا بمصر والحافظ أبو الفتوح كان من رجال الثمانمائة وكان بأبرقوه مدينة بخراسان العجم،

وكان موصوفاً بالصلاح، سمع صحيح البخاري من محمد بن شاد بخت الفرغاني، وهذه الطريقة لم

تصل إلى الحرمين إلا مع أشياخ مشايخنا كالشيخ المعمر عبد الله بن سعد اللاهوري نزيل المدينة،

انتهى.

قلت: وقد ترجم له القاضي محمد بن علي الشوكاني في البدر الطالع قال: وكان يكتب الإنشاء

لأشراف مكة وله فصاحة عظيمة يعرف ذلك من اطلع على مؤلفه البرق اليماني في الفتح العثماني

وهو مؤلف الإعلام في أخبار بيت الله الحرام، وكان عظيم الجاه عند الأتراك لا يحج من كبرائهم إلا

وهو الذي يطوف به ولا يرتضون بغيره، وكانوا يعطونه العطاء الواسع فكان يشتري بما يحصله

منهم نفائس الكتب ويبذلها لمن يحتاجها، واجتمع عنده ما لم يجتمع عند غيره، وكان كثير التنزهات

في البساتين وكثيراً ما يخرج إلى الطائف ويصحب معه جماعة من العلماء والأدباء ويقوم بكفاية

الجميع، انتهى.

وقد ذكر المفتي قطب الدين صاحب الترجمة في تاريخ مكة أن مدرسة السلطان أحمد شاه الكجراتي

بمكة المباركة عند الحرم المحترم كانت بيده، وإني أظن أن والده علاء الدين أحمد بن محمد

النهروالي بعث إلى الحجاز وولي على تلك المدرسة، وبعد وفاته

ص: 405

عادت التولية إلى ولده قطب الدين

المفتي، وهو سافر إلى قسطنطينية مرتين، مرة ثانية في سنة خمس وستين وتسعمائة فخلع عليه

السلطان سليمان بن سليم العثماني ملك الروم، ذكره في تاريخ مكة وقال: إن السلطان المذكور أسس

بمكة المشرفة المدارس الأربعة السليمانية، وعين وظائف المدرسين والطلبة وغير ذلك من أوقافه

بالشام، عين لكل خمسين عثمانياً في كل يوم وعين للمعيد أربعة عثمانية ولكل مدرس خمسة عشر

طالباً، لكل طالب عثمانيين وللفراش كذلك وللبواب نصف ذلك وأنعم بالمدرسة الحنفية السليمانية

على صاحب الترجمة بخمسين عثمانياً سنة خمس وسبعين وتسعمائة، قال: فأقرأت فيها قطعة من

الكشاف والهداية وقطعة من تفسير المفتي أبي السعود العمادي وأقرأت فيها درساً في الطب ودرساً

في الحديث وأصوله، وإني أدرس الآن فيها تكميل شرح الهداية لابن همام الذي كمله مولانا شمس

الدين أحمد قاضي زاده، وذكر في تاريخ مكة أن السلطان سليم بن سليمان العثماني أنعم عليه في أيام

ولاية عهده، قال: وكان يصل إلى إحسانه وكسوته في كل سنة، وبعد أن ولي السلطنة لم يقطع عادة

إحسانه، وكذلك ولده السلطان مراد كان ينعم قبل جلوسه على سرير الملك، وبعد أن ولي السلطنة

أكرمه بحسن التفاته إليه، فرقى ما بيده من المدرسة السليمانية وأضاف في وظيفته فصارت ستين

عثمانياً في كل يوم، وأنعم عليه وعلى أولاده بالتدريس، وهو الذي ولاه الإفتاء بمكة المباركة ولم يكن

بمكة مفت بعلوفة، فجعل له في ذلك من بيت المال خمسين عثمانياً في كل يوم، وولاه الخطابة في

الحرم الشريف وجعل له في ذلك أربعين عثمانياً في كل يوم، وأرسل إليه سنة سبع وتسعين

وتسعمائة من جملة ما أرسل إلى أهل مكة بصوفين من أصوافه الخاصة ومائة دينار، واستمر ذلك ما

بعدها في كل سنة، وأسس المدرسة العثمانية بالصفا وولاه التدريس وجعل له خمسين عثمانياً في كل

يوم، فكان يدرس فيها الفقه والحديث، كل ذلك بتوجه القاضي شمس الدين أحمد قاضي المعسكر

بولاية أناطولي، وكان نافذ الكلمة عند السلطان مراد، هذا ما ذكره صاحب الترجمة في تاريخه.

وأما مصنفاته فمن أحسنها كتابه الإعلام بأعلام بيت الله الحرام صنفه سنة خمس وثمانين وتسعمائة،

أوله الحمد لله الذي جعل المسجد الحرام حرماً آمناً ومثابة للناس، إلخ ومنها البرق اليماني في الفتح

العثماني تاريخ اليمن من سنة تسعمائة عند أول الفتح العثماني على يد الوزير سليمان باشا إلى أيام

المؤلف، ألفه للوزير سنان باشا ويسمى أيضاً الفتوحات العثمانية للأقطار اليمنية ومنها منتخب

التاريخ في التراجم، ومنها تمثال الأمثال النادرة أو التمثيل والمحاضرة بالأبيات المفردة النادرة ومنها

الكنز الأسمى في فن المعمى.

وله أبيات كثيرة بالعربية، ومن شعره قوله يمدح السلطان مراد بن سليم العثماني ملك الدولة

العثمانية:

إن سلطاننا مراد لظل ال له في الأرض باهر السلطان

ملك صار من مضى من ملوك ال أرض لفظاً وجاء عين المعاني

ملك وهو في الحقيقة عندي ملك صيغ صيغة الإنسان

ملك عادل فكل ضعيف وقوي في حكمه سيان

سيفه والمنون طرفا رهان لحلوق العدو يبتدران

كمل المسجد الحرام بناء فاق في العالمين كل المباني

هكذا هكذا وإلا فلا إنما الملك في بني عثمان

كانت وفاته في سنة تسعين وتسعمائة بمكة المكرمة، ودفن بالمعلاة.

الشيخ محمد بن إسحاق السندي

الشيخ العالم الصالح محمد بن إسحاق الحنفي السندي أحد العلماء العاملين، ولد ونشأ بهالا كنده قرية

من أعمال سيوستان من بلاد السند، وقرأ العلم

ص: 406

على الشيخ عبد الرشيد السندي وفاق أقرانه في الفقه

والأصول والعربية.

وكان صالحاً تقياً ديناً، يتردد إلى الأمراء لشفاعة الناس ويتحمل المشقة في ذلك، وكان في عهد الجام

نظام الدين صاحب السند، كما في تحفة الكرام ولم أقف على سنة وفاته.

مولانا محمد بن تاج الكجراتي

الشيخ الفاضل العلامة محمد بن تاج الدين العمري الحنفي الكجراتي، أحد العلماء المتبحرين والأئمة

المحققين، كان من نسل الشيخ فريد الدين مسعود الأجودهني، لقبه مظفر شاه الحليم الكجراتي بتاج

العلماء، وكان كثير الدرس والإفادة، أخذ عنه خلق كثير من العلماء مات في سنة إحدى وثلاثين

وتسعمائة بمدينة أحمد آباد فدفن بها، ذكره محمد بن الحسن.

الشيخ محمد بن الحسن الجونبوري

الشيخ العالم الكبير محمد بن الحسن بن الطاهر العباسي الحنفي الجونبوري أحد كبار المشايخ، ولد

ونشأ بجونبور واشتغل بالعلم على من بها من العلماء، ثم سافر إلى دهلي وأخذ عن الشيخ إبراهيم بن

المعين الحسيني الإيرجي ولازمه مدة، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وأخذ الطريقة

الجيلية عن أحد مشايخ اليمن وسكن بطابة الطيبة، ولما وفد عليه الشيخ عبد الوهاب الحسيني

البخاري حرضه على رجوعه إلى الهند، فجاء معه وسكن بدهلي.

وكان شيخاً جليلاً كبير الشأن رفيع القدر شديد التعبد والتأله كثير الدرس والإفادة، أخذ عنه الشيخ

عبد الرزاق الجهنجهانوي والشيخ عبد الملك بن عبد الغفور الباني بتي وخلق كثير من العلماء

والمشايخ، له ديوان شعر، توفي لثلاث بقين من رجب سنة أربع وتسعمائة.

الشيخ محمد بن الحسن الكجراتي

الشيخ الفاضل محمد بن الحسن العمري الجشتي الشيخ شمس الدين الأحمد آبادي الكجراتي أحد كبار

المشايخ الجشتية، ولد بمدينة أحمد آباد سنة ست وخمسين وتسعمائة، وقرأ العلم على والده وصحبه

ولازمه، وأخذ عنه ما أخذ من العلم والمعرفة، وتولى الشياخة بعده فرزق حسن القبول، وكان يحضر

في أعراس المشايخ فيستمع الغناء بغير المزامير وتدمع عيناه عند السماع ويتكيف بكيفيات عجيبة،

مات يوم الأحد لليلة بقيت من ربيع الأول سنة ألف، كما في مرآة أحمدي.

مولانا محمد بن الحسن العلمي

الشيخ الفاضل الكبير محمد بن الحسن العلمي الأحمد نكري أحد العلماء المبرزين في العلوم الحكمية،

له حاشية على شرح هداية الحكمة للميبذي، صنفها في عهد حسين نظام شاه ملك أحمد نكر.

مولانا محمد بن الحسين اللاري

الشيخ الفاضل العلامة محمد بن الحسين اللاري الشيخ علاء الدين بن كمال الدين السنبهلي أحد

الأفاضل المشهورين في العلوم الحكمية، ولد ونشأ بأرض العراق، وقرأ العلم على العلامة جلال

الدين محمد بن أسعد الصديقي الدواني وقدم الهند، فاغتنم قدومه على قلي خان الشيباني وقربه إليه

وقرأ عليه بعض العلوم المتعارفة، ولما قتل علي قلي خان المذكور طلبه أكبر شاه التيموري إلى

آكره، فلما دخل الحضرة قصد اليمين وأرد أن يقوم فوق مكان الخان الأعظم، فمنعه ميرتوزك عن

ذلك وأمره أن يقوم موقف العلماء، فكبر عليه وقال: لعل العلم مهان في دياركهم، وخرج من الحضرة

فلم يحضر قط، ولكن السلطان لما كان مجبولاً على حب العلم وأهله أعطاه أربعة آلاف فدان من

الأرض الخراجية بناحية سنبهل، فسافر إليها وصرف عمره في الدرس والإفادة، ذكره بختاور خان

في مرآة العالم.

وقال البدايوني: إنه بنى عريشاً للمدرسة في آكره

ص: 407

عند إقامته بها، فأرخوا لعام بنائه مدرسة خس

وكان ذلك سنة تسع وستين وتسعمائة، لعله بناه قبل رحلته إلى جونبور عند علي قلي خان الشيباني.

ومن الخطأ الفاحش ما قيل إنه توفي سنة تسع وستين وتسعمائة، لأنه كان في تلك السنة بمدينة آكره

ثم سار إلى جونبور وأقام بها إلى سنة أربع وسبعين وتسعمائة التي قتل فيها الشيباني ثم دخل آكره،

وبعد مدة يسيرة سار إلى سنبهل وسكن بها.

الشيخ محمد غوث الكواليري

الشيخ الكبير محمد بن خطير الدين بن عبد اللطيف بن معين الدين بن خطير الدين ابن أبي يزيد بن

الشيخ فريد الدين العطار الشطاري الكواليري المشهور بالشيخ محمد غوث كان من كبار المشايخ

الشطارية، ولد ونشأ بمدينة كواليار، وتلقى العلم عن صنوه فريد الدين أحمد العطاري وأخذ عنه علم

الدعوة والتكسير، واشتغل ببادية جناركده وسكن بمغاراتها اثنتي عشرة سنة يغتذي بها من أوراق

الأشجار، وأخذ الطريقة الشطارية عن الحاج المعمر حميد بن ظهير الشطاري ولازمه مدة ثم تولى

الشياخة، وقربه همايون شاه التيموري إليه وكان يأخذ عن علم الدعوة، فلما خرج همايون شاه إلى

إيران وولي المملكة شير شاه السوري أحس محمد غوث منه شراً فخرج إلى كجرات، وافتتن به

الناس وأنكر عليه العلماء في بعض ما صدر منه من ادعاء المعراج لنفسه، وأخرج من بلد إلى بلد

حتى قام بنصرته العلامة وجيه الدين العلوي الكجراتي، فسكن الضوضاء وحصل له القبول العظيم

في كجرات فأقام بها سنين، ولما رجع همايون شاه من إيران سنة إحدى وستين وتسعمائة رجع إلى

كواليار سنة ثلاث وستين وتسعمائة وتوفي همايون شاه قبل وصوله إلى بلاده، فمكث ببلدته زماناً، ثم

دخل آكره فأكرمه أكبر شاه، ولكن العلماء أنكروا عليه وخاصمه الشيخ عبد الصمد بن الجلال

الدهلوي الذي كان صداً في ذلك الزمان، فلم يحصل له ما يؤمله من أكبر شاه، فرجع إلى كواليار

وقنع بأقطاعه من الأرض، وكانت محاصلها تسعمائة ألف من النقود الفضية، وكان عنده أربعون

فيلا، ومن الخدم والحشم ما لا يحصى بحد وعد.

وكان شيخاً جليلاً وقوراً عظيم الهيبة ذا سخاء وإيثار وتواضع للناس، يسلم عليهم ويقوم لهم وينحني

كل الانحناء وقت التسليم سواء كان مسلماً أو وثنياً، وكذلك يرد التحية عليهم، ولذلك كان العلماء

ينكرون عليه، وكان لا يعبر عن نفسه بأنا وقت التكلم بل يقول: الفقير يقول كذا ويفعل كذا، ذكره

البدايوني.

وله مصنفات عديدة، أشهرها الجواهر الخمسة صنفه في بادية جناركده سنة تسع وعشرين وتسعمائة

وله اثنتان وعشرون سنة، ثم رتبه بترتيب جديد أحسن من الأول سنة ست وخمسين وتسعمائة، ومن

مصنفاته كليد مخازن رسالة عجيبة في المبدء والمعاد، ومنها الضمائر والبصائر في موضوع علم

التصوف ومباديه ومقاصده، ومنها بحر الحياة رسالة في أشغال الجوكية والسناسية طائفتين من

رهبان الهنود، ومنها المعراجية رسالة ادعى فيها المعراج لنفسه، ومنها كنز الوحدة في أسرار

التوحيد.

ومن فوائده في أسرار التوحيد أن الإيمان عند أهل الذوق على خمسة أقسام: الأول التكليفي وهو

الأعم من الكل ويشتمل على كل فرد من نوع الإنسان مؤمناً كان أو كافراً، والثاني التقليدي وهو عام

يعم كل مؤمن مقلداً كان أو محققاً، والثالث الاستدلالي خاص يختص به العلماء من المؤمنين، والرابع

الحقيقي أخص منه ويتصف به الأولياء منهم، والخامس العيني الذاتي وصاحبه مخصوص بالولاية

المحمدية وجالس على سرير الخلافة وناظر بعين البصيرة إلى الأحدية المطلقة وبعين الباصرة إلى

الكثرة بملاحظة الوحدانية المختصة، انتهى.

توفي يوم الإثنين لثلاث عشرة بقين من رمضان سنة سبعين وتسعمائة بمدينة آكره فنقلوا جسده إلى

كواليار.

الشيخ محمد بن خواجكي السدهوري

الشيخ الصالح محمد بن خواجكي بن علي بن خير الدين الأنصاري السدهوري، أحد رجال العلم

والطريقة، ولد ونشأ بسدهور، وقرأ العلم على أبيه ولازمه زماناً وأخذ عنه الطريقة، ثم لازم الشيخ

خاصة ابن خضر الصالحي الأميتهوي وأخذ عنه، وكان من العلماء الصالحين.

ص: 408

الجمال محمد بن زين العرفي

الفاضل جمال الدين محمد بن زين الدين بن جمال الدين الشيعي الشيرازي الشاعر المشهور

بالعرفي، ولد ونشأ بشيراز، وقرأ العلم على أساتذة بلاده، وأقبل على الشعر إقبالاً كلياً حتى برع فيه،

وقدم الهند فتقرب إلى أبي الفيض بن المبارك الناكوري وصاحبه مدة ونال الخير منه، ثم تقرب إلى

الحكيم أبي الفتح الكيلاني ومدحه ببدائع القصائد، فشفع له الحكيم إلى عبد الرحيم ابن بيرم خان

وقربه إليه، فأنشأ في مدائحه القصائد ونال الصلات الجزيلة منه، وأنشأ في مديح أكبر شاه وولده ولم

يحصل له ما يؤلمه، لأن أبا الفضل ابن المبارك كان حائلاً دونه ودون آماله.

له رسالة نفسية فيما يتعلق بالنفس الناطقة، وله مزدوجة على منوال مخزون الأسرار للشيخ نظامي

الكنجوي، ومزدوجة على نهج شيرين خسرو الكنجوي المذكور، وله ديوان شعر، ومن شعره قوله:

كر كام دل بكريه ميسر شود ز دوست صد سال ميتوان بتمنا كريستن

توفي سنة تسع وتسعين وتسعمائة بمدينة لاهور فنقلوا عظامه إلى النجف، وله ست وثلاثون سنة.

الشيخ محمد شاه مير الحلبي

السيد الشريف محمد بن شاه مير بن علي بن مسعود بن أحمد بن صفي الدين ابن عبد الوهاب بن

الشيخ محي الدين عبد القادر الجيلاني الحلبي أحد المشايخ الجيلية، ولد ونشأ بمدينة حلب، وسافر إلى

العرب والإيران وبلاد الترك وخراسان وأرض الهند، وتشرف بالحج والزيارة غير مرة، وأقام ببلدة

لاهور مدة، وأقام بناكور مدة أخرى وبنى بها مسجداً، ثم سافر إلى البلاد ودخل بلدة حلب، ولبث بها

حتى مات والده، فرجع إلى الهند وسكن بمدينة أج سنة سبع وثمانين وثمانمائة وتولى الشياخة به ستاً

وثلاثين سنة تقريباً، مات سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، كما في أخبار الأخيار.

الشيخ محمد بن شمس الكجراتي

الشيخ الصالح محمد بن شمس الدين الشطاري الجانبانيري الكجراتي الشيخ صدر الدين الذاكر

البرودوي أحد المشايخ الشطارية، ولد ونشأ بجانبانير، وأدرك وهو في الخامس والعشرين من سنه،

فلازمه وسافر معه إلى كواليار وأخذ عنه الطريقة، واشتغل عليه بأعمال الجواهر الخمسة كلها، فلما

بلغ رتبة المشايخ استخلفه محمد غوث ورخصه إلى كجرات.

أخذ عنه أمان الله بن كمال الدين الكالبوي وعثمان بن لادن القرشي والشيخ مكنة المجرد والشيخ

جمال بن بهكاري - كلهم من أهل مندو - والشيخ محمود ابن الجلال وصنوه أحمد بن الجلال وخلق

كثير من أهل كجرات.

وكان صاحب وجد وحالة، انتقل من جانبانير بعد خرابها إلى بروده، ومات بها سنة تسع وثمانين

وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

الشيخ محمد بن طاهر الفتني

الشيخ الإمام العالم الكبير المحدث اللغوي العلامة مجد الدين محمد بن طاهر ابن علي الحنفي الفتني

الكجراتي صاحب مجمع بحار الأنوار في غريب الحديث الذي سارت بمصنفاته الرفاق واعترف

بفضله علماء الآفاق.

ولد سنة ثلاث عشرة وتسعمائة بفتن من بلاد كجرات ونشأ بها، وحفظ القرآن وهو لم يبلغ الحنث،

واشتغل بالعلم على أستاذ الزمان ملا مهته والشيخ الناكوري والشيخ برهان الدين السمهودي ومولانا

يد الله السوهي وعلى غيرهم من العلماء، ومكث كذلك نحو خمس عشرة سنة حتى برع في فنون

عديدة وفاق أقرانه في كثير منها، ورحل إلى الحرمين الشريفين سنة أربع وأربعين وتسعمائة فحج

وزار وأقام بها مدة، وأخذ عن الشيخ أبي الحسن البكري والشهاب أحمد بن حجر المكي والشيخ علي

بن عراق والشيخ جار الله بن فهد والشيخ عبيد الله السرهندي والسيد عبد الله العيدروس

ص: 409

والشيخ

برخور دار السندي، ولازم الشيخ علي بن حسام الدين المتقي وأخذ عنه وذكره في مبدء كتابه مجمع

البحار ورجع إلى الهند وقصر همته عن التدريس والتصنيف، وكان طريقه الإشتغال بعمل المداد

إعانة لكتبة العلم بها.

قال الحضرمي في النور السافر: إنه كان على قدم من الصلاح والورع والتبحر في العلم، قال:

وبرع في فنون عديدة وفاق الأقران حتى لم يعلم أن أحداً من علماء كجرات بلغ مبلغه في فن

الحديث، كذا قاله بعض مشايخنا، قال: وورث عن أبيه مالاً جزيلاً فأنفقه على طلبة العلم الشريف،

وكان يرسل إلى معلم الصبيان ويقول: أي صبي حسن ذكاؤه وجيد فهمه أرسله إلي، فيرسل إليه

فيقول له: كيف حالك؟ فإن كان غنياً يقول له: تعلم، وإن كان فقيراً يقول له: تعلم ولا تهتم من جهة

معاشك، أنا أتعهد أمرك وجميع عيالك على قدر كفايتهم، فكن فارغ البال واجتهد في تحصيل العلم،

فكان يفعل ذلك بجميع من يأتيه من الضعفاء والفقراء ويعطيهم قدر ما وظفه، حتى صار منهم جماعة

كثيرة علماء ذوي فنون كثيرة، فأنفق جميع ماله في ذلك، وحكى أنه في أيام تحصيله قاسي من الطلبة

وغيرهم شدائد فنذر إن رزقه الله سبحانه علماً ليقومن بنشره ابتغاء لمرضاة الله سبحانه، فلما تم له

ذلك فعل كذلك وقام به احتساباً لله، فانتفع بتدريسه عوالم لا تحصى، رحمه الله وأعاد علينا من

بركاته، انتهى.

وكان رحمه الله من البوهرة المتوطنين بكجرات الذين أسلم أسلافهم على يد الشيخ علي الحيدري

المدفون بكنباية، ومضى لإسلامهم نحو سبعمائة سنة، وعامتهم يكسبون المعاش بالتجارة وأنواع

الحرف، كما يدل عليه اسم البوهرة، وهي مشتقة من بيوهار - بكسر الموحدة وسكون التحتية بعدها

هاء مفتوح والألف والراء المهملة - في لغة أهل الهند معناه التجارة، وهم في العقائد على مذهب

الشيعة الإسماعيلية وبعضهم سنيون، أرشدهم إلى طريق أهل السنة جعفر بن أبي جعفر الكجراتي

وكان إسماعيلياً هداه الله سبحانه فقام بنصر السنة جزاه الله عنا وعن سائر المسلمين! والشيخ محمد

بن طاهر نفعنا الله ببركاته كان من أهل السنة والجماعة.

ونقل القنوجي في إتحاف النبلاء عن بعض العلماء أنه كان صديقي النجار، واستدل عليه أن الشيخ

عبد القادر بن أبي بكر التوفي سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف كان مفتياً بمكة المشرفة وكان من أحفاد

الشيخ محمد بن طاهر صاحب الترجمة، وكان حامل راية العلم، له مصنفات جليلة، منها فتاواه في

أربع مجلدات، وكان الشيخ عبد الله بن طرفة الأنصاري الشافعي المكي أستاذه مدح تلميذه بقصيدة

غراء فيها ما يدل أنه كان صديقياً:

قد كان جد أبيك بل ضريحه من أوحد العلماء والفضلاء

أعني محمد طاهر من منجر ال صديق حققه بغير مراء

والحق الحقيق الذي بالقبول يليق أن الشيخ محمد بن طاهر نفعنا الله ببركاته كان هندي النجار،

صرح بذلك في مبدء كتابه تذكرة الموضوعات.

وكان رحمه الله عزم على دفع المهدوية وعهد أن لا يلوث على رأسه العمامة حتى تموت تلك

البدعة التي عمت بلاد كجرات وكادت أن تستولي على جميع جهاتها، فلما فتح أكبر شاه التيموري

بلاد كجرات سنة ثمانين وتسعمائة واجتمع بالشيخ محمد بن طاهر عممه بيده وقال له: على ذمتي

نصرة الدين وكسر الفرقة المبتدعة وفق إرادتك، وولي على كجرات مرزا عزيز الدين أخاه من

الرضاعة، فأعان الشيخ وأزال رسوم البدعة ما أمكن، فلما عزل مرزا عزيز وولي مكانه عبد الرحيم

بن بيرم خان اعتضد به المهدوية وخرجوا من الزوايا، فنزع الشيخ عمامته وسافر إلى آكره، وتبعه

جمع من المهدوية سراً وهجموا عليه في ناحية أجين فقتلوه.

وله مصنفات جليلة ممتعة أشهرها وأحسنها كتابه مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف

الأخبار في مجلدين كبيرين، جمع فيه كل غريب الحديث وما ألف فيه، فجاء كالشرح للصحاح الستة،

وهو كتاب متفق على قبوله بين أهل العلم منذ ظهر في الوجود، وله منة عظيمة بذلك العمل على

أهل العلم، ومنها تذكرة الموضوعات في مجلد كبير، ومنها

ص: 410

المغني في أسماء الرجال.

توف سنة ست وثمانين وتسعمائة ببلدة أجين، فنقلوا جسده إلى فتن ودفنوه بمقبرة أسلافه.

محمد بن عادل البرهانبوري

الملك الفاضل محمد بن عادل بن نصير الفاروقي البرهانبوري ميران محمد شاه ملك برهانبور قام

بالملك بعد والده سنة ست وعشرين وتسعمائة، وافتتح أمره بالعقل والسكون، وكان سبط السلطان

مظفر شاه الحليم الكجراتي، ولذلك اختص بخاله بهادر شاه أيام سلطنته بكجرات، وكان بهادر شاه

يجلسه معه على السرير، وفي حادثة عماد الملك الكاويلي رفع شأنه بالمظلة وخاطبه بالسلطة محمد

شاه وهو أول أهله سلطاناً، وبعد بهادر شاه أجمع ملوك كجرات على سلطنته وكان بمدينة برهانبور،

فطلبوه إليها وبعثوا إليها التاج المكلل والمظلة، فمات في الطريق بالقرب من جده، فرجعوا به إلى

ملكه ودفنوه بجانب أبيه في القبة، وذلك في أوائل سنة أربع وأربعين وتسعمائة.

وما في تاريخ فرشته أنه مات سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة فهو بعيد عن الصواب، لأنك تعلم أن

بهادر شاه قتل في رمضان سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة فليحفظ.

الشيخ محمد بن عاشق الجرياكوثي

الشيخ الفاضل محمد بن عاشق محيي الدين العباسي الجرياكوثي أحد الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ

بجرياكوث وقرأ العلم على أساتذة بلاده، ثم تصدر للتدريس، وأسس مدرسة عظيمة بجرياكوث، له

مصنفات، منها التفسير المحمدي والجواهر العربية في الفنون الأدبية وله حاشية التلويح في

الأصول، والكوكب الدري في المواريث.

توفي سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة، ذكره أحمد المكرم الجرياكوثي في تاريخه.

الشيخ محمد بن عبد الرحيم العمودي

الشيخ العلامة جمال الدين محمد بن عبد الرحيم بن محمد العمودي المتوفي بأحمد آباد، ذكره الشيخ

عبد القادر الحضرمي في النور السافر قال: إن جده محمد أخو الشيخ العلامة أحمد العمودي وهما ابن

الشيخ الكبير العلامة الشهير الفقيه عثمان بن محمد العمودي نفع الله بهم الحضرمي، وكان حسن

الأخلاق كريم النفس كثير التواضع محبباً إلى الناس ذا وجاهة عظيمة وقبول عند الخاص والعام.

وكانت وفاته في ليلة السبت ثاني عشر من رجب سنة أربع وثمانين وتسعمائة بأحمد آباد فدفن بها.

الشيخ محمد بن عبد العزيز المليباري

الشيخ الفاضل محمد بن عبد العزيز الكليكوتي المليباري أحد العلماء المشهورين في بلاده، له الفتح

المبين للسامري الذي يحث المسلمين أرجوزة في نحو خمسمائة بيت عن واقعة زاموري بين

البرتكاليين والهنود سنة ثلاث وتسعمائة، منه نسخة في المكتبة الهندية بلندن، كما في تاريخ آداب

اللغة العربية.

الشيخ محمد بن عبد القدوس الكنكوهي

الشيخ العالم الكبير محمد عبد القدوس بن إسماعيل بن صفي بن نصير الحنفي الردولوي الشيخ

ركن الدين محمد الكنكوهي، كان من المشايخ المشهورين في الطريقة الجشتية، قرأ العلم على الشيخ

فتح الله بن نصير الدين الدهلوي والسيد أحمد الحسيني الملتاني والشيخ إبراهيم بن المعين الحسيني

الإيرجي، ولازم أباه وأخذ عنه الطريقة الجشتية وغيرها من الطرق المشهورة، فإن أباه كان جامع

السلاسل، وأخذ الطريقة القادرية عن الشيخ إبراهيم المذكور، وتولى الشياخة بعد والده بمدينة كنكوه،

أخذ عنه الشيخ عبد الأحد بن زين العابدين العمري السرهندي وخلق كثير.

وله مصنفات، منها مرج البحرين واللطائف القدوسية والمكتوبات مات سنة اثنتين وسبعين، وقيل:

ثلاث وثمانين، وتسعمائة بمدينة كنكوه، وقبره مشهور.

الشيخ محمد بن عبد الملك الخالدي

الشيخ المجود الفقيه محمد بن عبد الملك الخالدي

ص: 411

أحد القراء المشهورين في عصره، قرأ الكتب

الدرسية على والده، وأخذ عنه القراءة والتجويد واجتهد فيها، ثم تلقى الذكر عنه واستفاض من

روحانية الشيخ عبد القادر الجيلاني، ثم صرف عمره في الدرس والإفادة مع حفظ الأنفاس والتوكل

والعفاف والقناعة باليسير، ولم يمد يده إلى أحد من الملوك والأمراء قط.

مات في رابع عشر من رجب سنة أربع وثمانين وتسعمائة ببلدة آكره، ذكره محمد بن الحسن في

كلزار أبرار.

الشيخ محمد بن عبد الوهاب الدهلوي

الشيخ العالم الصالح محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن رفيع الدين الحسيني البخاري الدهلوي أحد

العلماء المشهورين في الهند، أخذ عن والده وعن الشيخ عبد الله القرشي الملتاني، وأخذ عنه الشيخ

عبد العزيز بن الحسن العباسي الدهلوي وخلق كثير من العلماء، وكان كثير الدرس والإفادة كريم

النفس حسن الأخلاق كثير التواضع شديد التعبد والتأله والخشية لله سبحانه.

مات يوم الأحد لثلاث بقين من شعبان سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة بدهلي، وأرخ لعام وفاته بعض

الناس شيخ هادي بود ذكره السهارنبوري.

الشيخ محمد بن علي الحشيري

الشيخ الكبير جمال الدين محمد بن علي الحشيري الكجراتي أحد المشايخ المشهورين، ذكره الشيخ

عبد القادر في النور السافر قال: إنه رزق القبول في حركاته وسكناته، وحصلت له شهرة عظيمة،

ورويت عنه كرامات، ولا يقدح في جلالته ذم بعض العلماء له ونقصهم إياه بحسب ما ظهر لهم من

أموره من غير نظر إلى خصوصيته، فقد قيل: المعاصر لا يناصر، ولا زالت الأكابر على هذا،

وفيما يقع التحريفات والشطحيات له أسوة بغيره من الصوفية، كما أن للمنكرين أسوة بغيرهم، وحمل

ما يصدر منه من الأحوال الغريبة على أحسن المحامل أولى، وحسن الظن أحسن، وبنو حشير أهل

صلاح وولاية، ونسبهم في بني ذهل بن عامر بطن من عك بن عدنان - وهو بفتح الهاء وتشديد

اللام - كذا ضبطه الجندي، وأما خرقتهم فهي تعود إلى الولي الكبير والعلم الشهير قطب الزمن

وبهجة اليمن شمس الشموس أبي الغيث بن جميل اليمني، قال: وكانت وفاته ليلة الأحد سابع عشر

ربيع الثاني سنة ألف.

الشيخ محمد بن علي السمرقندي

الشيخ الفاضل محمد بن علي بن محمد المسكيني القاضي السمرقندي المشهور بالفاضل، قدم الهند

في عهد همايون شاه التيموري، وصنف له جواهر العلوم في مائة كراريس على نهج نفائس الفنون

للعاملي، أوله فاضل ترين منظومات جواهر العلوم، إلخ.

الشيخ محمد بن عمر بحرق الحضرمي

الشيخ العلامة المحدث جمال الدين محمد بن عمر بن مبارك بن عبد الله بن علي الحميري

الحضرمي الشافعي الشهير ببحرق، كان من العلماء المحققين والفضلاء المدققين، ذكره محمد بن

عمر الآصفي في ظفر الواله قال: كان مولده في ليلة النصف من شعبان سنة تسع وستين وثمانمائة

بحضرموت، ونشأ فيها وأخذ عن علمائها، وارتحل إلى زبيد وأخذ عن علمائها، الحديث عن زين

الدين محمد ابن عبد اللطيف الشرجي، والأصول عن الفقيه جمال الدين محمد بن أبي بكر الصائغ،

ولبس الخرقة عن السيد حسين الأهدل، وصحب فخر الدين قطب وقته شمس الشموس الشيخ أبا بكر

بن العفيف العيدروس قدس الله سرهما ونفع بهما، وحج في سنة أربع وتسعين وثمانمائة فسمع من

شمس الدين الحافظ السخاوي وسلك في التصوف، ومما يحكى عنه أنه قال: دخلت الأربعينة بزبيد

فما أتممتها إلا وأنا أسمع أعضائي تذكر الله سبحانه كلها.

وكان محسناً إلى الطلبة غاية في الكرم مؤثراً محباً لأهل الخير رجاعاً إلى الحق، وتولى القضاء

بالشحر، وعزل نفسه ثم عزم إلى عدن وحصل له قبول وجاه عند أميرها مرجان العامري، وبعده

عزم إلى الهند ووفد على سلطانها مظفر بن محمود بيكره، فعظمه وقام به وقدمه ووسع عليه والتفت

إليه وأدناه منه وأخذ عنه، فاشتهر

ص: 412

بجاهه، وصنف له تبصرة الحضرة الشاهية الأحمدية بسيرة

الحضرة النبوية الأحمدية وكتاب الحسام المسلول على مبغضي أصحاب الرسول وترتيب السلوك إلى

ملك الملوك ومتعة الأسماع بأحكام السماع المختصر من كتاب الإمتاع، ومواهب القدوس في مناقب

العيدروس واختصر شرح لامية العجم للصفدي وكان ممن أخذ عنه بحضرموت الفقيه محمد بن أحمد

باجرفيل، ولازم بعدن عبد الله بن أحمد مخرمة، وله مقاطيع حسنة، منها:

أنا في سلوة على كل حال إن أباني الحبيب أو أتاني

أغنم الوصل إن دنا في أمان وإذا نأى أعش بالأماني

قال: نقله فيما ذيله جار الله بن فهد عليه الرحمة، ومن قوله:

يا من أجاد غداة أنشد مقولاً وأفاد من إحسانه وتفضلا

إن كنت ممتحني بذاك فإنني لست الهيوبة حيثما قيل انزلا

وإذا تبادرت الجياد بحلبة يوم النزال رأيت طرفي أولا

قسماً بآيات البديع وما حوى من صنعتيه موشحاً ومسلسلا

لو كنت مفتخراً بنظم قصيدة لبنيت في هام المجرة منزلا

من كل قافية يروق سماعها ويعيد سحبان الفصاحة باقلا

وترى لبيدكم بليداً قلبه حصراً وينقلب الفرزدق أخطلا

وعلى جرير نجر مطرف تيهنا ومهلهلا نبديه نسج مهلهلا

ولئن تنبى ابن الحسين فإنني سأكون في تلك الصناعة مرسلا

أظننت أن الشعر يصعب صوغه عندي وقد أضحى لدي مذللا

أبدي العجائب إن برزت مفاخراً أو مادحاً للقوم أو متغزلا

لكنني رجل أصون بضاعتي عمن يساوم بخسها متبذلا

وأرى من الجرم العظيم خريدة حسناء تهدى لللئيم وتنحلى

ما كنت أحسب عقرباً تحتك بال أفعى ولا جذعاً يزاحم بزلا

وأنا الغريب وأنت ذلك بيننا رحم يحق لمثلها أن توصلا

وذكره السخاوي في الضوء اللامع قال: وصاهر صاحبنا حمزة الناشري على ابنته وأولدها، وتولع

بالنظم ومدح عامر بن عبد الوهاب حين شرع ببناء مدارس بزبيد والنظر فيها، وكان من أولها

أنشدنيه حين لقيه بمكة وأخذه علي وكان قدومه ليلة الصعود فحج حجة الإسلام وأقام قليلاً ثم رجع

كان الله له:

أبى الله إلا أن تحوز المفاخر فسماك من بين البرية عامراً

عمرت رسوم الدين بعد دروسها فأحييت آثار الإله الدواثرا

فأنت صلاح الدين لا شك هكذا شواهده تبدو عليك ظواهراً

وذكره الحضرمي في النور السافر في ترجمة السلطان محمود بن محمد الكجراتي وذكر من

مصنفاته غير ما ذكر الآصفي الأسرار النبوية في اختصار الأذكار النواوية وذخيرة الاخوان

المختصر من كتاب الاستغناء بالقرآن والنبذة المنتخبة في كتاب الأوائل للعسكري، والمتعة

المختصرة في الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة والحديقة الأنيقة بشرح العروة الوثيقة

والحواشي المفيدة على أبيات اليافعي في العقيدة قال: وذكر في كتابه ترتيب السلوك أن له على أبيات

الشيخ عبد الله بن سعد اليافعي ثلاثة

ص: 413

شروح: بسيط ووسيط ووجيز، ومختصر المقاصد الحسنة

ووصية البنات والبنين فيما يحتاج إليه من أمر الدين وشرحان على لامية العجم، وشرح على الملحة،

ورسالة في الحساب، ورسالة في الفلك، وغير ذلك.

وقد ذكر الحضرمي بعد كراماته لا نطيل بذكرها، وقال: حكى أنه مات بالسم، وسبب ذلك أنه حظي

عند السلطان إلى الغاية، فحسده الوزراء على ذلك، فوقع ما أوجب له الشهادة وناهيك بها من سعادة،

انتهى.

توفي ليلة العشرين من شعبان سنة ثلاثين وتسعمائة بكجرات، كما في ظفر الواله.

الشيخ محمد بن فخر الرهتاسي

الشيخ الفاضل الكبير محمد بن فخر الدين الجونبوري ثم الرهتاسي أحد كبار العلماء، كان يدرس

ويفيد، وله مصنفات عديدة، منها توضيح الحواشي شرح المصباح، ومنها شروح على حواشي

القاضي شهاب الدين الدولة آبادي على كافية بن الحاجب وغيره.

وقد ذكره الشيخ عبد القدوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي في رسائله ووصفه بعلامة العصر،

وذكره خواجه محمد هاشم الكشمي في زبدة المقامات في ترجمة الشيخ عبد الأحد السرهندي وقال:

إنه كان يدرس ويفيد وله مصنفات عديدة، أدركه الشيخ عبد الأحد في رهتاس وحضر في مجلسه

وكان حينئذ يدر في شرح المصباح للقاضي شهاب الدين ويملى على أصحابه إيراداته على شرح

المصباح للقاضي وكانت غير واردة على كلامه، فأراد الشيخ عبد الأحد أن يدفعها بوجه معقول ثم

تأخر عنه، لأنه كان عزم عند خروجه للسياحة على أن لا يقع في المباحثة، فلما فرغ محمد بن فخر

عن الدرس انكشف له الأمر فقال لمن حوله من الطلبة: إني كنت حملت كلام القاضي على ما يرد

عليه كما شرحته لكم وليس الأمر كذلك، ثم كشف عن المحمل الصحيح لكلامه، فعجبت من إنصافه،

ثم قال خواجه محمد هاشم: إني سمعت بعض العلماء يقول: إن مولانا محمداً دخل يوماً مع جم غفير

من العلماء في حديقة كانت بظاهر البلدة فغاب عن أعينهم، وبحثوا عنه أياماً فما وجدوه، انتهى.

الشيخ محمد بن المبارك الجونبوري

الشيخ العالم الفقيه محمد بن المبارك الحنفي الجونبوري، أحد العلماء المتبحرين في الكلام والأصول

والعربية، ذكره ركن الدين محمد الكنكوهي في اللطائف القدوسية قال: إنه كان عالماً صالحاً ديناً سليم

الفطرة يرجع عن قوله في أثناء البحث حين تظهر له الحقيقة، قال: جرت المباحثة بينه وبين الشيخ

عبد القدوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي ببلدة شاه آباد في مسألة من المسائل الكلامية، وهي أن

القول لأحد بعينه إنه من أهل الجنة أو من أهل النار هل يجوز أم لا؟ فكان محمد بن المبارك يقول:

إني لا أقول لأحد بعينه إنه من أهل الجنة أو من أهل النار فيما بيني وبين الله ولا فيما بيني وبين

الناس، وكان يستدل عليه بأن الطهارة عن الكفر، يعني الإيمان، شرط لدخول الجنة لأهلها كما أن

الطهارة للمصلى شرط لصحة الصلاة، فإذا لم يوجد الإيمان في أحد يقيناً أو شك في إيمانه هل يقال

له بجواز دخول الجنة مع أنه لا يقال بجواز صلاة أحد مع الشك في طهارته، وكلاهما شرطان

بمشروطيهما ولم يقل به أحد؟ فأجاب عن الشيخ عبد القدوس بأن القول بجواز الصلاة مبني على

عدم الشك في الطهارة وكذلك القول بجواز دخول الجنة مبني على عدم الشك في الإيمان ولا يجوز

الشك في إيمان أحد من أهل الإسلام يحكم باسلامه وإيمانه عند الناس ظاهراً فيحكم له بجواز دخول

الجنة عند الناس ظاهراً، وأما عند الله فلا يحكم به، لأنه غير معلوم لنا ولا ضرر فيه، لأنه من أمور

تتعلق بالغيب، فلا يجوز القطع فيه لأحد غير صاحب الشرع، وهذا نظير الاستثناء في الإيمان بأن

قال: أنا مؤمن إن شاء الله، باعتبار أن الأمر مغيب بمكان الخوف بالله الجليل صاحب الكبرياء

والعظمة ولا يرى الشك في إيمانه والعياذ بالله من ذلك! وإن أبا حنيفة لا يرى الإستثناء في الإيمان،

فينبغي أن يقول: أنا مؤمن حقاً، باعتبار تحقق الإيمان في الحال، وباعتبار حسن الظن بالكريم الغفور

الرحيم في المآل، ولا يقطع في عاقبة أمره،

ص: 414

لأنها مبهمة، وأما الصلاة فليست كذلك فافترقا، ثم أجاب

عنه ابن المبارك بأن الاعتقاد بين الخوف والرجاء شرط لصحة الإيمان والقول بالقطع في إيمان أحد

في عاقبة أمره يفوت ذلك الشرط وبفوت الشرط يفوت المشروط، وهذا فاسد، لأن القطع عند الناس

لا يرفع الخوف، إذ به يحصل العلم بالنجاة والفلاح، وإنما يحصل بقطع الإيمان عند الله وذلك غير

مقطوع، ولأن القطع عند الناس لازم لصحة الإيمان، فإن الاعتقاد بين الخوف والرجاء شرط لصحة

الإيمان، فبالقول بعدم القطع مطلقاً يفوت الرجاء فيفوت الشرط فيفوت المشروط، وأيضاً أن الصلاة

مطلقاً مع حصول الطهارة في الظاهر يصح بغير شك بخلاف الإيمان، فإن له ظاهراً وباطناً، ظاهره

مشروط بشرط يتعلق بالحس الظاهر، وليس لجواز دخول الجنة من حيث الظاهر شرط غير ذلك،

وباطنه متعلق بالقلب، فالحكم بدخول الجنة عند الله يتعلق بذلك، فافترق الإيمان والصلاة، قال ركن

الدين محمد: إن عمه عزيز الله بن إسماعيل الردولوي لما سمع ذلك البحث كتب أن الجنة والنار

كلتاهما ثمرة الإسلام والكفر، فلما شاهدنا الإسلام أو الكفر من أحد وعلمنا بالحس أنه مات مسلماً أو

كافراً بأن مات وهو يلفظ كلمة الإسلام أو الكفر ولم يظهر منه ضد ذلك حكمنا وشهدنا ظاهراً عند

الناس أنه من أهل الجنة أو من أهل النار، وما ذكر في الكتب أن العاقبة مبهمة ولا نقول لأحد بعينه

إنه من أهل الجنة أو من أهل النار فمعناه أنها مبهمة باعتبار إلهام علم الله وحكمته تعالى في الأزل

بما سبق في حقه، ولا نقول لأحد إنه من أهل الجنة أو أهل النار قطعاً ويقيناً عند الله تعالى والله

أعلم، انتهى.

الشيخ محمد بن محمد الايجي

الشيخ العلامة المحدث مجد الدين محمد بن محمد الايجي الكجراتي المسند العالي خداوند خان، كان

من العلماء المشهورين بمعرفة الحديث، قدم كجرات في عهد محمود شاه الكبير، فعظمه وقام به

ووسع عليه وأدناه منه، وجعله معلماً لولده المظفر، ولقبه برشيد الملك.

ولما تولى المملكة مظفر شاه الحليم قدمه على كبار الأمراء وجعله وزيراً له ولقبه خداوند خان،

وذلك في سنة سبع عشرة وتسعمائة، فاستقل بالوزارة أربع عشرة سنة، ثم لما تولى المملكة بهادر شاه

بن مظفر شاه منحه النيابة المطلقة فقام بها خمس عشرة سنة، ثم لما خرج بهادر شاه إلى ديو وفتح

همايون شاه التيموري بلاد كجرات استأسر خداوند خان، فلما جئ به إلى همايون شاه أهله للعناية

والرعاية وأدناه منه واستأثر به وجعله من جلسائه، وجاء به إلى آكره فلبث عنده زماناً، ثم لما خرج

همايون شاه إلى إيران وتولى المملكة شير شاه السورى رخصه إلى كجرات وذلك في عهد محمود

شاه الصغير، فرجع إلى أحمد آباد ومات بها.

وكان من كبار العلماء، له مشاركة جيدة في الحديث والرجال.

شمس الدين محمد بن محمد الكجراتي

الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن شاهو بن تكودر - بالفوقية - بن جام ننده

القرشي السندي المفتي الحجة العلامة حميد الملك شمس الدين بن ركن الدين بن تاج الدين الكجراتي،

كان من العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، ولد بكجرات في ثاني عشر ربيع الأول سنة

إحدى وستين وثمانمائة، واشتغل بالعلم على أساتذة عصره، ودرس وأفاد، أخذ عنه ولده عبد العزيز

وخلق آخرون، توفي في أول صفر سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة بكجرات، ذكره الشيخ ابن حجر

المكي في رسالة مفردة له، كما في ظفر الواله.

الشيخ محمد بن محمد المالكي المصري

الشيخ العلامة محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن حسن المالكي المصري الشيخ جلال الدين بن

وجيه الدين المدفون بأحمد آباد ويعرف كسلفه بابن سويد.

ذكره الشيخ عبد القادر بن النور السافر، قال: كان مولده في سادس عشر من شعبان سنة ست

وخمسين وثمانمائة، وأمه أم ولد، ونشأ في كنف أبيه فحفظ القرآن وابن الحاجب الفرعي والأصلي

وألفية

ص: 415

النحو وغيرها وعرض على خلق، واشتغل قليلاً عند أبيه، وورث شيئاً كثيراً فأتلفه في أسرع

وقت، ثم أملق وذهب إلى الصعيد ثم إلى مكة، وقرأ هناك على الحافظ شمس الدين السخاوي الموطأ

ومسند الشافعي وسنن الترمذي وابن ماجة، وسمع عليه شرحه للألفية وغير ذلك من تصانيفه ولازمه

مدة، ذكره السخاوي في تاريخه، قال: وكان صاحب ذكاء وفضيلة في الجملة واستحضار وتشدق في

الكلام، وكانت سيرته غير مرضية، وإنه توجه إلى اليمن ودخل زيلع ودرس وحدث، ثم توجه إلى

كنباية وأقبل على صاحبها، قال الشيخ جار الله ابن فهد: وقد عظم صاحب الترجمة في بلاد الهند

وتقرب من سلطانها محمود شاه ولقبه بملك المحدثين لما هو مشتمل عليه من معرفة الحديث

والفصاحة، وهو أول من لقب بها، وعظم بذلك في بلاده، وانقادت إليه الأكابر في مراده، وصار

منزله مأوى لمن طلبه، وصلاته واصلة لأهل الحرمين، واستمر لذلك مدة حياة السلطان المذكور،

ولما تولى ولده السلطان مظفر شاه وأخرج بعض وظائفه عنه بسبب معاداة بعض الوزراء فتأخر عن

خدمته إلى أن مات، ولم يخلف ذكراً بل تبنى ولداً على قاعدة الهند فورثه مع زوجته، ولم يحصل

لابنته في القاهرة شيء من ميراثه لغيبتها، انتهى.

ونقل الآصفي في ظفر الواله عن السخاوي أنه قال في الضوء اللامع: وجمعت له أربعين حديثاً عن

عشرين شيخاً، سميته الفتح المبين الهاني لعلو سند ملك المحدثين القاضي جلال الدين الكناني،

وقرظها لي جماعة من مشايخه ممن يطلب النفع منه له ولي نظماً ونثراً فأرسلتها له، فابتهج بها

وحدث بما فيها وأحسن إلي بسببها، واستمر على جلالته إلى أن مات سلطانه محمود وتولى ولده

مظفر شاه، فتوقف معه بواسطة وزيره محمد مجد الدين المسند العالي خداوند خان الايجي وخرج

بعض وظائفه منه، قال: وكان له من محمود ولاية جزية سائر ملكه، فتأخر عن الخدمة إلى أن مات،

انتهى.

وكانت وفاته على ما صرح به الآصفي سنة تسع وعشرين وتسعمائة بأحمد آباد فدفن بها.

العلامة محمد بن محمود الطارمي

الشيخ الفاضل العلامة محمد بن محمود الطارمي الشيخ عماد الدين محمد الطارمي أحد الأفاضل

المشهورين في الهند، ولد بطارم من قرى خراسان ونشأ بها وانتقل في الجهات واشتغل بالطلب على

الأئمة أجلهم جلال الدين محمد بن أسعد الصديقي الدواني صاحب المصنفات المشهورة، ثم وصل

كجرات بكتبه وسكن بنهرواله مدرساً مفيضاً، تخرج عليه مولانا وجيه الدين العلوي الكجراتي

والقاضي علاء الدين عيسى وخلق كثير من أهل الهند، وانتهت إليه الرياسة العلمية بكجرات.

وكان والده محمود تاجراً، واصطنع خيمة لحقه فيها مبلغ من المال ولم يجد بالروم من يبتاعها منه،

فوصل بها إلى كجرات وعرضها على السلطان محمود بيكره فاستكثر الثمن، فاتفق أنه دخل الجامع

الكبير للصلاة وقد حضره الشيخ الكبير محمد بن عبد الله الحسيني البخاري، فلما قام لينصرف قبل

محمود يده وسأله الدعاء لتبتاع خيمته التي كسد سوقها، فأشار بحمل الخيمة إلى منزله ونصبها هناك،

ففعل فاشتراها منه بما كانت لا تبتاع به بمغالاته في الثمن، وصرفه لوعد إلى الغد، فاتفق من قال له:

كيف تعامل بهذا المبلغ الكبير من لا يملكه؟ ومتى يجتمع من فتوح الغيب هذا المبلغ؟ ومتى ينجز

وعدك؟ وحيث كان رجلاً غريباً لا يعرفه حق المعرفة، أثر فيه كلامه وعمل فيه الوهم، فرجع إليه

وهو لا يدري ما يصنع، فلما قرب من المنزل رأى الخلق هجوماً على الخيمة ينتهبونها، وذلك لأن

الشيخ المذكور لما دخلها رأى فيها شيئاً كثيراً من الزينة لأبناء الدنيا، خرج وأذن الناس في انتهابها،

فتسابق القريب وتلاحق البعيد، فوقف محمود يعض على يده ندماً وتضاعف وهمه، فالتفت إليه الشيخ

وأشار إلى بساط فرش له في مجلسه وقال له: خذ ما هو لك من تحته، فثناه من حيث أشار وأخذ

مبلغه من غير نقص ولا زيادة، فقبل البساط واعتذر وسأله الدعاء، فإنه لا ولد له يخلفه، فبشره به

فولد محمد صاحب الترجمة بطارم.

مات في سنة إحدى وأربعين وتسعمائة في أيام بهادر شاه الكجراتي قبل حادثة نهرواله، ذكره

الآصفي في ظفر الواله.

ص: 416

الشيخ محمد بن محمود السندي

الشيخ العالم الصالح محمد بن محمود بن طيب الواعظ قطب الدين السندي أحد العلماء العاملين، كان

أصله من خراسان، انتقل إلى بلاد السند أيام الفترة وسكن بمدينة بهكر، وكان يذكر في كل أسبوع

يوم الجمعة، وكان ورعاً تقياً صالحاً مرزوق القبول، مات سنة سبع وسبعين وتسعمائة، ذكره معصوم

الصفائي الحسيني السندي في تاريخ السند.

الشيخ محمد بن محمود التتوي

الشيخ العالم الكبير محمد بن محمود بن أبي سعيد التتوي السندي كان من الفقهاء الحنفية.

مات سنة سبعين وتسعمائة، ذكره النهاوندي في المآثر.

الشيخ محمد بن معظم الكالبوي

الشيخ العالم الصالح محمد بن معظم الحسيني الكالبوي أحد رجال العلم والطريقة، أخذ العلم عن

القاضي محمد بن كدن والطريقة عن والده، وكان منور الشبيه حسن الأخلاق حلو المنطق، خطاطاً

بارعاً في الثلث، أخذ عنه جمع كثير، مات سنة ثلاث وستين وتسعمائة بمدينة كالبي فدفن بها، كما

في كلزار أبرار.

السيد محمد بن منتخب الأمروهوي

الشيخ العالم الكبير محمد بن منتخب بن كبير بن جاند بن منتخب الحسيني الأمروهوي المشهور

بمير عدل، كان من نسل السيد شرف الدين الحسيني النقوي، ولد ونشأ ببلدة أمروهه، وسافر للعلم

إلى سنبهل واشتغل على الشيخ حاتم ابن أبي حاتم السنبهلي ولازمه زماناً، وقرأ عليه الكتب الدرسية،

وأخذ الحديث وغيره عن السيد جلال الدين البدايوني، ولازمه حتى برع في العلم وتأهل للفتوى

والتدريس، فولاه أكبر شاه التيموري سلطان الهند إمارة دار العدل، فاستقل بتلك الخدمة الجليلة مدة

طويلة.

وكان ورعاً تقياً وقافاً عند حدود الله سبحانه وأوامره ونواهيه آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر

متصلباً في الدين مهاباً جليل القدر شديد النكير على أهل الأهواء، لم يقدر أحد من الملاحدة أن يدس

في دين الملك ما دام في حضوره حتى أن قاضي القضاة كان لا يستطيع أن يظهر خبثه ودغله في

الأمور القضائية، قال البدايوني: إن الحاج إبراهيم السرهندي أفتى مرة في حضرة الملك بجواز لبس

المزعفر والمعصفر واحتج بحديث، فغضب عليه السيد وشتمه ورفع عليه العصا، قال: وكان الملك

يهابه ولذلك نقله إلى حكومة بهكر من بلاد السند سنة أربع وثمانين، فأقام على تلك الخدمة برهة من

الزمان ثم مات بها، وكان ذلك في سنة ست وثمانين وتسعمائة.

الشيخ محمد بن منكن الملانوي

الشيخ الصالح المعمر محمد بن منكن بن داود بن شهاب الدين الرومي البكري الملانوي المشهور

بالشيخ مصباح العاشقين كان من كبار المشايخ الجشتية، ولد بمدينة باني بت في تاسع عشر من

محرم سنة عشر وثمانمائة، واشتغل بالعلم على ملا محمد سعيد، وقرأ عليه الرسائل الفارسية ورسائل

النحو والصرف ومختصرات الفقه بالعربية، ثم سافر إلى لاهور ثم إلى الملتان وسكن بزواية الشيخ

بهاء الدين أبي محمد زكريا الملتاني، وقرأ سائر الكتب الدرسية على مولانا حسين الملتاني، وأخذ

الحديث عنه، ثم سافر إلى الحجاز فحج وأخذ الحديث عن مشايخ مكة المباركة، ثم ذهب إلى مدينة

النبي صلى الله عليه وسلم، وأقام بها سنة وسبعة أشهر، ثم رجع إلى الهند وتزوج ببلدته باني بت،

وبعد أيام قليلة سافر إلى شرق الهند، وأدرك بلكهنؤ الشيخ محمد أعظم الحسيني الكرماني وصاحبيه

الشيخ محمد مينا والشيخ سعد الدين، ثم ذهب إلى مدينة أوده التي يسمونها اليوم أجودهيا، فلقى بها

الشيخ أحمد الصوفي الرواتي فبايعه ولازمه سبع سنين، واشتغل بالأربعينات حتى حصل له الجذب

والسلوك، فدله الشيخ أحمد إلى الشيخ جلال الدين الجشتي البندوي ووجه إلى بنكاله، فلما وصل إلى

بنارس شغف حباً بإحدى بنات الوثنيين وأقام بها مدة، فلما علم الشيخ أحمد المذكور ذلك كتب إليه

وحثه على بذل الجهد في نيل المرام، فسافر إلى بندوه ولازم الشيخ جلال الدين الجشتي وصحبه

واشتغل عليه مدة طويلة، فلما بلغ رتبة المشيخة

ص: 417

استخلفه الشيخ ولقبه مصباح العاشقين وأمره

بالتزوج، فتزوج ورزق أولاداً من هذه أيضاً، ولما استشهد الشيخ جلال الدين انتقل من بنكاله ودخل

جونبور ثم قدم لكهنؤ ثم سافر إلى قنوج، فلما وصل إلى ملاوه - بفتح الميم وتشديد اللام - على

عشرين ميلاً من قنوج استطاب ذلك المقام وألقى بها عصا التسيار، وذلك في سنة سبع وثمانين

وثمانمائة، وعكف على الإفادة والعبادة، وسافر إلى دهلي مرة ليحضر الحفلة السنوية التي تعقد على

قبر الشيخ قطب الدين بختيار الأوشي، فاستقبله إبراهيم بن سكندر شاه اللودي بأمر أبيه، ثم لقيه

سكندر شاه بنفسه ثاني يوم وروده بدهلي وضيفه، وبايعه جماعة من أعيان دهلي وأخذوا عنه.

وكان كثير الاشتغال بالذكر والفكر شديد التعبد، رزقه الله عمراً طويلاً حتى جاوز مائة سنة، وفي

ذلك العمر دخل الأربعينة واجتزأ بتمرة أو تمرتين عند الإفطار، ولم يخرج من الأربعينة ستة أشهر

حتى سقطت قواه وسكنت أعضاؤه، فكان لا يستطيع أن يتحرك ولا يمكنه أن يتكلم وكان لا يجيب إلا

برمز العين، فلما خرج بعد ستة أشهر ذاق من مرقة اللحم جرعة أو جرعتين ثم وثم حتى عادت قوته

شيئاً فشيئاً، فرأى صاحبته رفعت عمارة قبره فقال لأصحابه: إنها أستت حانوتاً لولدها الجلال، قال:

ولظل السماء يكفيني، ثم بعد أيام قلائل عرضت له الحمى واشتدت حتى توفي إلى رحمة الله

سبحانه، وكان ذلك في أول ليلة من رجب سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، ذكره الجندواروي في كتابه

مصباح العاشقين.

الشيخ محمد بن هبة الله الشيرازي

الشيخ الفاضل محمد بن هبة الله بن عطاء الله الحسيني الشيرازي السيد كمال الدين الكجراتي كان

من العلماء المبرزين في العلوم الحكمية، قدم والده من شيراز في أيام السلطان محمود شاه الكبير

فسكن بها سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، وولده محمد قرأ العلم على والده ولازمه مدة طويلة حتى صار

فريد عصره في كثير من الفنون ودرس وأفاد، أخذ عنه خلق كثير من العلماء، وكانت وفاته لخمس

بقين من ربيع الثاني بأساول، ولم أقف على سنة وفاته.

شمس الدين محمد بن يار محمد الغزنوي

الأمير الكبير محمد بن يار محمد الحسيني الغزنوي نواب شمس الدين محمد انكه خان الدهلوي

الخان الأعظم كان من كبار الأمراء في الدولة التيمورية، ولد ونشأ بغزنة، وتقرب إلى مرزا كامران

بن بابر شاه التيموري وخدمه زماناً، ولما انهزم همايون شاه عن شير شاه السورى بمدينة قنوج سنة

سبع وأربعين وتسعمائة وزحف الناس ودخلوا في ماء جمن وغرق جمع كثير منهم أدخل همايون شاه

أيضاً فيله في الماء وعبر النهر ولكنه كان لا يقدر أن يصل إلى الساحل لعلوه وكان كالطود الشامخ،

وبينما هو يهيم في عرصات الفكر إذ أخذ رجل بيده وأوصله الساحل، ففرح همايون شاه فرحاً شديداً

وسأل عن الرجل، فظهر له أنه شمس الدين محمد الغزنوي، فوعده وعداً حسناً وسار إلى بنجاب،

فلما ولد له ابنه أكبر شاه استرضع له زوجة شمس الدين وتركه في حضانتها ثم سار إلى إيران، ولما

رجع وقام بالملك مرة ثانية أقطعه بعض العمالات من بنجاب، ولما قام بالملك ولده أكبر شاه ونفى

بيرم خان الأمير المشهور من بلاده أعطاه العلم والنقارة وغيرها وولاه على بنجاب ولقبه بالخان

الأعظم.

وكان رجلاً فاضلاً تقياً صالح العقيدة متين الديانة كثير التعبد عظيم الورع كبير المنزلة عند أكبر

شاه، ولذلك صار محسوداً بين الأمراء، فقتله أدهم بن ماهم انكه، فقتل قصاصاً عنه، وكان ذلك في

سنة ستين وتسعمائة، وأرخوه لعام وفاته خان شهيد، ذكره عبد الرزاق في مآثر الأمراء.

السيد محمد بن يوسف الجونبوري

الشيخ الكبير محمد بن يوسف الحسيني الجونبوري المتمهدي المشهور بالهند، ولد سنة سبع وأربعين

وثمانمائة بمدينة جونبور، وحفظ القرآن واشتغل بالعلم على الشيخ دانيال بن الحسن العمري البلخي

وبرز في الفضائل وله خمس عشرة سنة، وكان ذا جرأة ونجدة في البحث والتدقيق ولذلك لقبوه بأسد

ص: 418

العلماء، اشتغل بالدرس والإفادة مدة، وأخذ الطريقة عن شيخه دانيال، واجتهد في الرياضة والمجاهدة

مدة من الزمان، ثم ترك الأهل والوطن وسافر مع عياله وأصحابه إلى أودية الجبال، وجاب الأغوار

والأنجاد مدة مديدة، وادعى في أثناء السفر أنه مهدي، ثم آنس وقدم جنديري - وكانت مدينة كبيرة

من بلاد مالوه - واشتغل بالوعظ والخطابة، فمال إليه الناس وصار محسوداً بين المشايخ، فحرضوا

الولاة على نفيه من تلك البلدة فدخل مندو دار ملك مالوه ومال إليه غياث الدين شاه الخلجي، وبايعه

الشيخ إله داد، فعظمت بذلك رتبته، ثم رحل إلى بلدة جانبانير من بلاد كجرات، وشدد في الأمر

بالمعروف والنهي عن المنكر وإرشاد الناس إلى الزهد والتجريد والاستقامة على الشريعة الغراء،

فعزم محمود شاه الكبير أن يحضر مجلسه، فلما رأى العلماء ميله إليه منعوه عن ذلك القصد وأنكروا

عليه، فسافر إلى أحمد نكر من طريق برهانبور ودولة آباد، فأكرمه نظام شاه أمير تلك الناحية، ثم

ذهب إلى أحمد آباد بيدر التي سماها عالمكير محمد آباد، فبايعه الشيخ ممن - بتشديد الميم - وملا

ضياء والقاضي علاء الدين وغيرهم من أعيان تلك البلدة، ثم دخل كلبركه وسافر إلى الحرمين

الشريفين، وادعى بمكة المباركة مرة ثانية أنه مهدي وقال: من تبعني فهو مؤمن، فكان أول من آمن

به الشيخ نظام والقاضي علاء الدين، وكان ذلك سنة إحدى وتسعمائة، ثم رجع إلى الهند وأقام بأحمد

آباد كجرات، واشتغل بالتذكير حتى بايعه خلق لا يحصون بحد وعد، وادعى هناك مرة ثالثة على

رؤس الأشهاد أنه مهدي، وذلك في سنة ثلاث وتسعمائة، فاتفق العلماء على نفيه من البلد، فنفاه

محمود شاه الكبير الكجراتي من أحمد آباد، فرحل إلى قرية سوله سانيج ثم إلى بلدة فتن ثم إلى قرية

بدلي على ثلاثة أميال من فتن وادعى فيها مرة رابعة أنه مهدي، من أنكره فقد كفر، فتعقبه العلماء

وباحثوه ونفوه من ذلك المقام أيضاً، فرحل إلى بلاد السند ودخل الناس في دينه أفواجاً، فأمر بقتله

صاحب السند فشفع له ندماؤه، وأمر باخراجه من أرض السند، فرحل إلى خراسان ومعه ثمانمائة

رجل من أصحابه، فلما وصل إلى قندهار أمر واليها مرزا شاه بيك أن يحضر في الجامع الكبير

بمحضر من العلماء، فأحضروه فذكر وبكى وأبكى الناس، ومال إليه مرزا شاه بيك فخلى سبيله،

فرحل إلى بلدة فراه وحضر لديه الأمير ذو النون فحال بينه وبين السفر، وبعث إلى السلطان حسين

مرزا ملك خراسان يسأله في أمره وانتظر جوابه، واستمر على ذلك تسعة أشهر، وتوفي بها السيد

محمد صاحب الترجمة قبل أن يصل جواب السلطان، فانتشر أصحابه في الآفاق واجتهدوا في الدعوة

إلى طريقته ودخل الناس فيها، وبقيت بقيتهم إلى يومنا هذا في بلاد دكن وكجرات.

واختلف الناس في شأنه فقال بعضهم: إنه كان صاحب المقامات العالية ذا كشوف وكرامات، وقال

بعضهم: إنه كان كذلك ولكنه أخطأ في دعواه لوقوع الخطأ في كشفه، وقال بعضهم: إنه كان مبتدعاً

لمذهب جديد، وقال البدايوني في تاريخه: إنه كان صاحب مقامات عالية ذا صدق وإخلاص في

الطريقة رفيع المنزلة في الفقر، اخترع أصحابه طريقاً جديداً، وقال عبد الرحمن الدنيتهوي في مرآة

الأسرار: إنه كان عارفاً أخطأ في كشفه، وقال ابن المبارك: إنه ادعى المهدية في غلبة الحال، وصدر

منه الخوارق الكثيرة، فهجم عليه الناس وصدقوه في ادعائه، وقال اللاهوري في خزينة الأصفياء:

إنه قال: أنا مهدي، في غلبة الحال والسكر، كما قال بعضهم: أنا الله، وسبحاني ما أعظم شأني،

وأمثال ذلك من الأقوال، ولكنه تاب عن ذلك القول في حالة الصحو والإفاقة كغيره من الصوفية، وأما

أصحابه الجهلة فإنهم لم يعتبروا إقالته فأصروا على أنه مهدي موعود، وضلوا عن الطريق وأضلوا

كثيراً من الناس، واخترعوا مذهباً جديداً، وانتسبوا إلى الفرقة المهدوية.

وقال أبو رجاء محمد الشاهجهانبوري في الهدية المهدوية: إن الجونبوري لم يمنع أصحابه عن ذلك،

وبدل اسم أبيه بعبد الله واسم أمه بآمنة، وأشاعها في الناس، وصنف كتباً في أصول ذلك المذهب، ثم

نقل أبو رجاء أصول ذلك المذهب في كتابه، واقتبس تلك الأصول عن كتبهم، منها أنه مهدي موعود،

وأنه أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، بل أنه أفضل من آدم ونوح وإبراهيم

وموسى وعيسى على نبينا وعليهم السلام، ومنها أنه كان مساوياً لسيدنا

ص: 419

محمد صلى الله عليه وسلم

في المنزلة وإن كان تابعاً له في الدين، ومنها أن ما خالف من الكتاب والسنة قوله وفعله فهو غير

صحيح، ومنها أن تأويل كلامه حرام وإن كان مخالفاً للعقل، ومنها أن الجونبوري وسيدنا محمداً

صلى الله عليه وسلم كلاهما مسلمان كاملان وسائر الأنبياء ناقصو الإسلام، ومنها أن الإنسان إن لم

يشاهد الأنوار الإلهية بالعين أو بالقلب في اليقظة أو في المنام فليس بمؤمن، ومنها أن الواجب على

كل مسلم أن يهجر وطنه ويختار صحبة الصادقين بعد الهجرة، ومنها أن الجونبوري شريك في بعض

الصفات الإلهية بعد فوزه بمنصب الرسالة والنبوة، انتهى بقدر الحاجة.

وإني وجدت في تاريخ بالن بور لكلاب بن عبد الله المهدوي أن للمهدوية أصولاً وفروعاً، فالأول

منها التوبة بحسن القصد والإخلاص بحيث لا يشوبه رياء، والعمل الصالح الذي يقرب إلى الله

سبحانه، ودوام الذكر على طريقة حفظ الأنفاس، وأما الفروع فهم على طريقة أهل السنة، ليست لهم

طريقة خاصة يمتازون بها عن غيرهم، ويقولون: إن من يريد الدخول في هذه الطريقة بصدق

الطلب له فرائض: الأول ترك الدنيا وعلائقها، والثاني العزلة عن الخلق، والثالث الهجرة من الوطن،

والرابع صحبة الصديقين، والخامس دوام الذكر، انتهى.

ولعلك علمت من هذا التوضيح أنهم لا يمتازون من أهل السنة والجماعة إلا في ادعاء المهدوية

للجونبوري، وإطرائهم في مدحه، وغلوهم في الترك والتجريد، والله أعلم.

وكانت وفاة الجونبوري في يوم الخميس سنة عشر وتسعمائة.

الشيخ محمد بن يوسف البرهانبوري

الشيخ العالم الفقيه محمد بن يوسف بن كمال القرشي الماوندي الشيخ قطب الدين بن تاج الدين بن

كمال الدين البرهانبوري المشهور بالشيخ بهكاري، كان من كبار المشايخ، قدم الهند جده كمال الدين

وسكن رنتنهبور وتزوج، ورزق أولاداً منهم تاج الدين يوسف، ولد سنة خمس وثمانين وثمانمائة،

وهو تزوج بمندو فولد له قطب الدين محمد صاحب الترجمة سنة اثنتين وتسعمائة، وهو الذي يعرف

بالشيخ بهكاري، أخذ العلم والطريقة عن الشيخ إبراهيم بن المعين الحسيني الايرجي، وأخذ عنه

القاضي ضياء الدين العثماني النيوتني وخلق كثير من العلماء والمشايخ، وله مصنفات في الحقائق

والمعارف، منها جواهر الأسرار.

مات في ثاني عشر من ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة بمدينة برهانبور، كما في مجمع

الأبرار.

الشيخ محمد الأجي

الشيخ العالم الفقيه محمد بن أبي محمد الأجي كان من العلماء المشهورين في زمانه المنسوب إلى آل

جعفر، وهو الذي ذب عن السيد محمد يوسف الجونبوري حين كفروه في عهد الجام نظام الدين

صاحب السند، وخرج من مدينة أج في أيام الفترة وسكن ببهكر ثم قدم تته، وولاه مرزا شاه حسين

القضاء مكان القاضي شكر الله السندي، مات في أيام مرزا عيسى، وهو تولى المملكة في سنة اثنتين

وستين وتسعمائة، كما في المآثر.

ملك محمد الجائسي

الشيخ الفاضل محمد بن أبي محمد الحنفي الجائسي المشهور بملك محمد، كان من الشعراء المفلقين،

في اللغة الهندية التي يسمونها بهاشا، أخذ العلم والمعرفة عن الشيخ مبارك بن الجلال الأشرفي

الجائسي ولازمه ملازمة طويلة.

له مصنفات عديدة منها بدماوت - بفتح الباء الهندية - ذكر فيه الأطوار التسعة والأنوار السبعة

المصطلحة في الطريقة الأشرفية وعبر عنها بسات ديب نوكهند أي سبع أراض وتسعة أفلاك، ومنها

اكهراوت وجيناوت وجتراوت، والثالثة منها في حيل النساء ومكائدهن، ومنها آخرى كلام في آثار

القيامة، ومنها كهروا نامه وموراي نامه وكهرا نامه ومهرا نامه وغير ذلك من الأرجوزات زهاء

أربعة عشر كتاباً - ذكره عبد القادر الجائسي في تاريخ جائس.

ص: 420

مولانا محمد اللاهوري

الشيخ العالم الكبير المحدث مولانا محمد المفتي اللاهوري المجمع على فضله ونبله كان مفتياً

بلاهور، وكان كثير الدرس والإفادة، وكلها كان يختم صحيح البخاري ومشكاة المصابيح يدعو العلماء

والمشايخ إلى مأدبة ويطعمهم الطعمة اللذيذة من الحلويات وغيرها ولما بلغ التسعين ترك التدريس

لكبر سنه، ذكره البدايوني في تاريخه.

مولانا مجد الدين محمد السرهندي

الشيخ العالم الكبير مجد الدين محمد الحنفي السرهندي أحد الأفاضل المشهورين في كثرة الدرس

والإفادة، أخذ عن الشيخ إله داد بن صالح السرهندي، وأخذ عنه الشيخ سليم بن بهاء الدين الجشتي

وخلق كثير من العلماء.

وقد أدركه الشيخ يعقوب بن الحسن الكشميري وذكره في كتابه مغازي النبي صلى الله عليه وآله

وسلم وقال: إنه كان أعلم العلماء في عصره.

وذكره محمد بن الحسن المندوي في كلزار أبرار، قال: إن بابر شاه التيموري لما فتح الهند سنة

اثنتين وثلاثين وتسعمائة كان مجد الدين حيا، فلقيه بابر شاه بمدينة سرهند وأكرمه غاية الإكرام،

انتهى ولم أقف على سنة وفاته.

الفقيه محمد النائطي

الشيخ العالم الفقيه محمد بن أبي محمد الشافعي النائطي المدفون بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم،

ولد ونشأ بالهند، وسافر إلى الحجاز وأخذ عن الشيخ علي ابن حسام الدين المتقي البرهانبوري، وكان

يسكن بمكة المباركة ستة أشهر وبالطابة الطيبة ستة أشهر، أدركه الشيخ عبد الحق بن سيف الدين

الدهلوي وذكره في زاد المتقين، مات ودفن بالمدينة.

مولانا محمد النارنولي

الشيخ الفاضل محمد بن أبي محمد الحنفي النارنولي أحد العلماء المبرزين في التاريخ، أخذ الطريقة

عن الشيخ أحمد بن مجد الشيباني في صباه، وقرأ العلم على الشيخ عبد المقتدر أحد أصحاب الشيخ

أحمد، ذكره الشيخ عبد الحق الدهلوي في أخبار الأخيار.

القاضي محمد اليزدي

الشيخ الفاضل محمد بن أبيه الشيعي اليزدي أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة، ولد ونشأ

بيزد من بلاد الفرس، وسافر للعلم فقرأ على الفاضل مرزا جان الشيرازي، وقدم الهند سنة ثلاث -

وقيل: أربع - وثمانين وتسعمائة، وتقرب إلى أكبر شاه التيموري سلطان الهند ولبث عنده زماناً، ثم

ولي القضاء بمدينة جونبور سنة سبع وثمانين أو مما يقرب ذلك.

وكان شديد التعصب على أهل السنة والجماعة، يسب الخلفاء الراشدين إلا رابعهم، ويطعن عليهم

طعناً صريحاً، ويكفر الصحابة وتابعيهم بالإحسان، ولذلك لقبوه باليزيدي - ذكره البدايوني.

ولما خرج محمد معصوم الكابلي على أكبر شاه في بلاد بنكاله وأراد معز الملك بجونبور أن

يساعدهم في الخروج عليه أفتاه القاضي محمد اليزدي، وقيل: إنه وافقه في ذلك، وكان الحكيم أبو

الفتح بن عبد الرزاق الكيلاني قدم جونبور عند رجوعه عن بنكاله فوقف على إرادتهما، فلما وصل

إلى الحضرة أخبر أكبر شاه بذلك، فأمر السلطان أن يأتوا بهما مقيدين مغلولين، فأخذوهما وركبوا

بهما على الفلك في ماء جمن، فلما وصلوا إلى اتاوه غرق الفلك في الماء، وقيل: إن أكبر شاه أمر

باتلافهما، فأغرقوا الفلك في ماء جمن، وكان ذلك سنة ثمان وتسعين وتسعمائة.

القاضي محمد التهانيسري

الشيخ العالم الفقيه القاضي محمد بن أبي محمد الحنفي التهانيسري، كان من كبار العلماء، ذكره ركن

الدين محمد بن عبد القدوس الكنكوهي في اللطائف القدوسية.

السيد محمد المكي السنبهلي

الشيخ المجود محمد بن أبي محمد الحسيني المكي السنبهلي، أحد القراء المشهورين في عصره،

ص: 421

كان

يقرأ القرآن على سبع قراءات، قرأ عليه عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني سنة تسع وخمسين

وتسعمائة ببلدة سنبهل وذكره في تاريخه.

مولانا شمس الدين محمد الشيرازي

الشيخ الفاضل العلامة شمس الدين محمد الشيرازي المشهور بزيرك، قدم الهند ودخل كجرات في

أيام محمود شاه الكبير الكجراتي وسكن بأحمد آباد، وصنف له مآثر محمود شاهي - ذكره محمد بن

الحسن في كلزار أبرار.

الشيخ محمد الجفار الدكني

الشيخ الفاضل محمد بن أبي محمد الجفار الدكني المشار إليه في تبحره في الجفر الجامع ووفق

الأعداد وأكثر العلوم الغريبة، كان يقرأ القرآن بلحن شجي يأخذ بمجامع القلوب، وكان سخياً باذلاً

بشوشاً طيب النفس جريح القلب، مات في سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

مولانا محمد حسين اليزدي

الشيخ العالم الكبير محمد حسين اليزدي كان من كبار العلماء، حفظ القرآن وقرأ العلم ثم تفرد

بالقراءات والتفسير والحديث، ثم قدم الهند وسكن بدهلي، له شرح بسيط على شمائل الترمذي، وله

منظومة في الشمائل، مات بدهلي سنة إحدى وثمانين وتسعمائة، ذكره القانع في تحفة الكرام.

مولانا محمد درويش الجونبوري

الشيخ الفاضل محمد درويش الحسيني الواسطي الجونبوري أحد العلماء الصالحين، ينتهي نسبه إلى

زيد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم بست عشرة واسطة، ولد بقرية نونهره من أعمال

غازيبور، وسافر للعلم إلى جونبور فسكن بزاوية الشيخ مبارك بن خير الدين الجونبوري، وجد في

البحث الإشتغال حتى برع في العلم وتأهل للفتوى والتدريس، وزوجه المبارك ابنته فتدير بجونبور

ودرس بها مدة حياته، مات في سابع عشرة من ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، كما في

تجلي نور.

مولانا محمد سعيد الخراساني

الشيخ العالم المحدث محمد سعيد بن مولانا خواجه الحنفي الخراساني المشهور بمير كلان كان من

كبار العلماء، ولد ونشأ وقرأ العلم على العلامة عصام الدين إبراهيم بن عرب شاه الإسفرائيني وعلى

غيره من العلماء، ثم أخذ الحديث عن السيد نسيم الدين ميرك شاه بن جمال الدين الحسيني الهروي

ولازمه مدة، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وسكن بمكة المباركة مدة، أخذ عنه الشيخ

علي بن سلطان القارىء الهروي صاحب المرقاة والسيد غضنفر بن جعفر الحسيني النهروالي وخلق

كثير من العلماء.

وكان عالماً كبيراً محدثاً محققاً لما ينقله، كثير الفوائد جيد المشاركة في العلوم، له اليد الطولى في

الحديث، درس وأفاد مدة حياته مع الطريقة الظاهرة والصلاح.

مات ببلدة آكره سنة إحدى وثمانين وتسعمائة وله ثمانون سنة، ذكره البدايوني.

مولانا محمد سعيد التركستاني

الشيخ العلامة محمد سعيد الحنفي التركستاني كان وحيد دهره في المنطق والحكمة، قرأ بعض الكتب

على الشيخ أحمد جند وبعضها على محمد سرخ، وقرأ أياماً على عصام الدين إبراهيم بن عرب شاه

الإسفرائيني حتى حاز قصب السبق، وورد الهند سنة ستين وتسعمائة فنال الحظ والقبول من أكبر

شاه التيموري، فسكن بالهند واشتغل عليه خلق كثير.

وله يد بيضاء في العلوم الآلية والعالية، وكان كثير الفوائد حسن المحاضرة حلو الكلام مليح الشمائل

ديناً متواضعاً شفيقاً على طلبة العلم، مات سنة سبعين وتسعمائة ببلدة كابل، ذكره البدايوني.

القاضي محمد معين اللاهوري

الشيخ الفاضل محمد معين الحنفي اللاهوري أحد الفقهاء المشهورين في عصره، كان من نسل الشيخ

ص: 422

معين صاحب معارج النبوة، تولى القضاء بمدينة لاهور مدة طويلة حتى كبر سنه.

وكان مشكور السيرة في القضاء، وكان يستنسخ الكتب ويصححها ثم يعطيها طلبة العلم، ويبذل

أموالاً طائلة في ذلك.

مات سنة خمس وتسعين وتسعمائة بلاهور، ذكره البدايوني.

ميرك محمود بن أبي سعيد السندي

الشيخ العالم الكبير محمود بن أبي سعيد الحنفي التتوي السندي المشهور بميرك محمود كان من

الفقهاء الحنفية وعلمائهم المشهورين، تحرى في نقل الأحكام، وانفرد في عصره بعلم الفتوى، وكان

جيد الكتابة، له مهارة تامة في الخط المعروف بالنستعليق، ويجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق مع

حسن المعاشرة ولين الكنف والزهد والسخاوة، ولاه مرزا شاه حسين شياخة الإسلام في أرض السند،

فاستقل بها مدة عمره.

مات سنة اثنتين وستين وتسعمائة، فأرخ لعام وفاته بعض العلماء رفت ميرك آه آه - ذكره

النهاوندي في المآثر والبهكري في تاريخ السند.

القاضي محمود بن أحمد النائطي

الشيخ الفقيه القاضي محمود بن أحمد بن أبي محمد النائطي البيجابوري أحد رجال العلم والطريقة،

ولي القضاء فاستقل به مدة، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار وازداد بها علماً ورجع إلى بيجابور

فمات بها، وولي القضاء بعده ولده رضى الدين المرتضى سنة أربع وتسعين وتسعمائة، كما في

تاريخ النوائط لعله مات في تلك السنة أو مما يقرب ذلك.

الشيخ محمود بن إله داد الرنتهنبوري

الشيخ الصالح محمود بن إله داد بن سدوه الجشتي الرنتهنبوري أحد رجال الطريقة الجشتية، أخذ

عن أبيه عن جده، وانتقل إلى مندو وسكن بقرية كجهاون، وانقطع إلى الزهد والعبادة، أخذ عنه

أبناؤه، وجمع كثير، مات نحو سنة ستين وتسعمائة بقرية كجهاون، كما في كلزار أبرار.

الشيخ محمود بن بابو الكجراتي

الشيخ العالم الفقيه محمود بن بابو بن صدر الدين بن جلال الدين بن إلياس العمري الشيخ قطب

الدين محمود الكجراتي أحد العلماء الصالحين، ولد في سنة ست وخمسين وثمانمائة بكجرات ونشأ

بها، وأخذ عن السيد محمد بن عبد الله بن محمود الحسيني البخاري الكجراتي، وتولى الشياخة في

بلاده. انتفع به خلق كثير، مات في عاشر جمادي الآخرة سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة فدفن

بجانبور، كما في المرآة.

ملك محمود بن بيارو الكجراتي

الشيخ الفاضل محمود بن بيارو الحنفي الكجراتي المشهور بملك محمود، كان من الفضلاء

المشهورين بكجرات، ووالده ملك بيارو كان وزيراً بمدينة برهانبور، قتل بها في سنة أربع وأربعين

وتسعمائة، وخرج ولده محمود سالماً إلى كجرات، وأخذ الطريقة عن السيد عرب شاه الحسيني

البخاري الكجراتي، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند وذهب إلى آكره،

فقربه أكبر شاه التيموري إليه وأدناه وجعله من جلسائه وأهله بالعناية والقبول، وبعد مدة يسيرة ولاه

على مقبرة الشيخ معين الدين حسين السجزي الأجميري، فتولاه مدة ثم تركها وسار إلى كجرات سنة

خمس وثمانين وتسعمائة، وكان أكبر شاه المذكور لا يتركه ولا يرخصه، ولما كان صادقاً في النية

قبله السلطان بعد الرد والإنكار، ذكره البدايوني.

وكان جيد المشاركة في الفقه والحديث شاعراً مجيد الشعر حسن المحاضرة حلو الكلام مليح

الشمائل.

اجتمع به الآصفي في كجرات وقال في ظفر الواله: طالما اجتمعت به فيها، فكان من أكمل الرجال

ذاتاً وأفضلهم صفاتاً، ما من علم إلا أتقنه وعلمه ولا ذو إقبال إلا ولديه مقبول الكلمة سعيد الحركة

فائض البركة، انتهى.

مات في سنة ألف بمدينة أحمد آباد فدفن بها، ذكره محمد بن الحسن.

ص: 423

الشيخ محمود بن الجلال المندوي

الشيخ الصالح محمود بن الجلال الكجراتي الشيخ ظهور الدين المندوي أحد المشايخ المشهورين، ولد

ونشأ بكجرات، وأخذ الطريقة عن صدر الدين محمد الذاكر البرودوي ولازمه مدة من الزمان ثم سكن

بمندو، أخذ عنه محمد بن الحسن المندوي والشيخ داود وخلق كثير من أهل مندو، توفي في ثامن

عشر من شعبان سنة ست وتسعين وتسعمائة بمندو، كما في كلزار أبرار.

القاضي محمود بن الحامد الكجراتي

الشيخ الفقيه الزاهد القاضي محمود بن حامد بن محمد العلوي البيربوري الكجراتي العارف

المشهور، يرجع نسبه إلى حمزة بن فاطمة بنت الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه من بطن

سعيدة بنت عروة، وكانت أم القاضي محمود بنت القاضي عبد الملك العباسي من نسل المعتصم بن

هارون الخليفة العباسي، وكان القاضي محمود يعرف بقاضي جامكده، وكان والده مشهوراً بقاضي

جاملده، قيل: إنه أخذ عن والده، وقيل: عن عمه القاضي حماد، كلاهما عن الشيخ محمد بن عبد الله

الحسيني البخاري، وقيل: إن أباه أخذ عن الشيخ عبد اللطيف بن الجميل النهروالي عن الشيخ محمد

المذكور، وله طرق عديدة بعضها يصل إلى السيد أحمد الكبير الرفاعي، وبعضها يصل إلى الشيخ

شهاب الدين عمر السهروردي، وكان من كبار المشايخ، أخذ عنه خلق كثير، ويذكر له كشوف

وكرامات ووقائع غريبة، انتقل في سنة عشرين وتسعمائة من أحمد آباد إلى بيربور قرية من قراها

فاعتزل بها عن الناس، ومات بها في ثالث عشر من ربيع الثاني سنة إحدى وأربعين وتسعمائة وله

سبع وستون سنة، كما في المرآة.

الشيخ محمود بن الحسام المانكبوري

الشيخ الصالح محمود بن الحسام العمري المانكبوري، أحد المشايخ الجشتية، كان من أهل بيت العلم

والطريقة، سافر إلى غازيبور سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، فاغتنم قدومه نصير خان اللوهاني أمير

تلك الناحية وطلب من سلطانه أن يجعله مير عدل بتلك الناحية، فأجاب السلطان إلى ذلك فصار مير

عدل، واستقل بها مدة حياته وكان من العلماء الصالحين، مات سنة خمس وتسعمائة بغازيبور، كما

في تاريخ العلماء.

الشيخ محمود بن خوندمير الكجراتي

الشيخ الفاضل محمود بن خوندمير الحسيني المهدوي الكجراتي، كان سبط السيد محمد بن يوسف

الحسيني الجونبوري ومن دعاة مذهبه، لقبوه بحسين الولاية وخاتم المرشد، له إنصاف نامه، كتاب

في الكلام على مذهبه.

المفتي محمود بن عطاء الأمروهوي

الشيخ العالم الفقيه المفتي محمود بن عطاء الله بن ميران بن خطير بن محمود بن عثمان بن مودود

بن خطير الحسيني المودودي الأمروهوي، كان من العلماء العاملين، ولاه بهلول شاه اللودي الإفتاء

ببلدة أمروهه ولقبه بأعلم العلماء وملك العلماء سنة سبعين وثمانمائة، فاستقل به مدة حياته، مات نحو

سنة سبع عشرة وتسعمائة.

الشيخ محمود بن عليم الدين الكجراتي

الشيخ العالم الصالح محمود بن عليم الدين العمري الكجراتي أحد المشايخ الجشتية، ولد ونشأ بأحمد

آباد وقرأ على أساتذة عصره، وأخذ الطريقة الجشتية عن أبيه وعن الشيخ عزيز الله المتوكل،

والطريقة السهروردية عن الشيخ قادن، والطريقة المغربية عن الشيخ أحمد المغربي السركهيجي،

وكان شديد التعبد كثير التواضع، مات لثمان بقين من صفر سنة تسعمائة أو بعد ذلك.

السلطان محمود بن اللطيف الكجراتي

السلطان الشهيد السعيد محمود بن اللطيف بن المظفر بن محمود الكجراتي أبو الفتوحات سعد الدين

محمود شاه الصغير قام بالملك في أوائل ربيع الأول سنة أربع وأربعين وتسعمائة وكان في سن لا

يدرك

ص: 424

المصلح من المفسد، فتولى الوكالة أفضل خان والنيابة المطلقة اختيار خان والوزارة صدر

خان، وصار أمير أمراء الجيوش عماد الملك، وكان اختيار خان شيخاً قد حنكته التجارب وكان ذا

عقل وفضل، وأما عماد الملك فكان بمعزل عن الفكر وإنما هو من رجال الحرب، ولهذا بعد مدة

يسيرة اعتزل أفضل خان وأشار على اختيار خان أن يستقيل ويعتزل أيضاً فلم يسمع قوله، وقتله

عماد الملك وتغلب على السلطان وهو كالأسير له، فلما ضاق عليه الأمر خرج يوماً باسم الصيد

وأبعد من البلد وكتب إلى عماد الملك أنه يخرج إلى ولايته، فامتثل أمره وعلم أنه من دريا خان أحد

رجال الدولة، ثم حرض دريا خان السلطان أن يركب إلى عماد الملك ويحاربه، فسار إليه وقاتله

وهزمه إلى برهانبور، فرجع محمود شاه ومعه دريا خان إلى دار ملكه وألقى بيده عنان السلطة،

فاستبد بالأمر وضيق على محمود شاه، فاستعان محمود بعالم خان وخرج إلى ولايته سراً ورجع معه

إلى دار الملك، وأخرج دريا خان إلى بلاد مندو، ثم استبد بالأمر عالم خان فأسر السلطان إلى مماليكه

وخرج من الأسر وأخرج عالم خان من بلاده وألحقه بدريا خان، واستمر بالوزارة برهان الملك محمد

العباسي زماناً، ثم تقلدها ابن أخيه أفضل خان المذكور، وولي النيابة المطلقة مجاهد خان، وبعث

السلطان عساكره لقتال الإفرنج بقيادة الخواجه صقر والرومي سنة ثلاث وخمسين، واستشهد خواجه

صقر وقتل معه جمع كثير من رجال الدولة بقصة شرحتها في ترجمة الخواجه صقر وترجمة قرا

حسن الرومي، فعزل محمود شاه وزير أفضل خان سنة أربع وخمسين لتقصيره في تجهيز الجيوش

وإرسال ما يكفي المؤنة لهم، ونصب مكانه عبد الحليم بن حميد الملك، وفي سنة خمس وخمسين ولي

النيابة المطلقة المسند العالي عبد العزيز بن حميد الملك الكجراتي المشهور بآصف خان، فازداد

محمود شاه بنيابته سعة في التمكين والإمكان، ووجد راحة في أوقاته وفتح قلعة ايدر سنة ست

وخمسين، وكان لمحمود شاه شرابي اسمه برهان الدين يثق به، وإذا غاب إمامه يأتم به في الصلاة،

ويلزمه في الرضا ويهينه في الغضب ويحتقره ويهزأ به ولا يتحاشى من قربه، فاتفق لتقصير أتاه

الشرابي أن أقسم محمود شاه أن يعاقبه، فاستيقن الشرابي وعزم على أن يبعده ويعيش بعده فسمه،

ولما شكى الحرارة وطلب شراب الصندل سمه فيه أيضاً، فدخل الخلوة ونام على سريره، فلما رآه

الشرابي لا حراك به أمر بسدل الحجاب وذبحه، ثم جلس على سرير الملك وقتل وزراءه، كما

شرحته في ترجمة آصف خان وأفضل خان.

وكان محمود شاه خاتمة سلاطين كجرات، وبه بعد حادثة المغل عمرت وتراجعت وأمها أهل

الجهات، ومن أعماله الصالحة ما وقفه على الحرمين الشريفين من قرى بنواحي كنباية، منها قندهار

بندر صغير على خورها، بلغ ارتفاعها مائة ألف ذهب، فيتعوض بها نيل وقماش، ويحمل ذلك في

المركب السلطاني ببندر كهوكه، ومن حين يشترى إلى أن يباع بجدة، ما يلحقه من المصاريف

الضرورية فهو من مال السلطنة ولا عشور عليه بجدة، فمن تأمل في الفائدة يجدها ربحاً عظيماً،

ولهذا في أيامه توسع أهل الحرمين في المعيشة، ولم ترتهن ذممهم في دين يركبهم، فكانت الأوقاف

العثمانية التي تصل مع أمير الحاج المصري تغنيهم عن الحج وبعض أشهر السنة، والأوقاف

المحمودية تغنيهم عن القرض لباقي أشهرها.

ومن عمارته بمكة المباركة رباط بسوق الليل في جوار المولد الشريف النبوي عليه صلوات الله

وسلامه، والعين القديمة جارية فيه، يشتمل على مدرسة وسبيل ومكتب الأيتام وخلاوي أرضية

وسطحية ورباط بباب العمرة وسبيل بطريق جدة.

ومن سعادته حسن اعتقاده بالشيخ الأجل علي بن حسام الدين المتقي البرهانبوري المهاجر إلى مكة

المشرفة، وقد وفد الشيخ عليه مرتين من مكة المشرفة، وللشعراء قصائد في رثائه منها ما قال

بعضهم وفيه تاريخ الحادثة.

سلطان وقت خسرو محمود عاقبت رضوان بروضه نخل كلي جون قدش نشاند

ناكه به تيغ حادثه جون لاله شد شهيد رخش مراد جانب باغ بهشت راند

ص: 425

باغ از بنفشه كشت بسوكش كبود بوش وز برك كل بماتم آن سرور خون فشاند

تاريخ او جو خاستم از عندليب كفت با صد هزار ناله كه در روضة كل نماند

ومن الغرائب أنه اتفق وفاة السلطان محمود سليم شاه السوري وبرهان نظام شاه البحري في سنة

واحدة، فقال في تاريخه مولانا غلام علي الاسترآبادي والد محمد قاسم صاحب تاريخ فرشته:

سه خسرو را زوال آمد بكيبار كه هند از عدل شان دار الأمان بود

يكي محمود شاهنشاه كجرات كه همجون دولت خود نوجوان بود

دوم اسليم شه سلطان دهلي كه در هندوستان صاحبقران بود

سوم آمد نظام آن شاه بحري كه در ملك دكن خسرو نشان بود

زمن تاريخ فوت اين سه خسرو جو مي برسي زوال خسروان بود

وكان قتله في أوائل ربيع الأول سنة إحدى وستين وتسعمائة بمحمود آباد، فنقل جسده إلى سركهيج

ودفنوه بها عند جدوده.

السلطان محمود بن محمد الكجراتي

السلطان العادل المجاهد أبو الفتح سيف الدين محمود بن محمد بن أحمد ابن محمد بن المظفر

الكجراتي المشهور بمحمود بيكره، كان من خيار السلاطين، ولد بكجرات في عاشر رمضان سنة

تسع وأربعين وثمانمائة، وقام بالملك بعد داود شاه سنة اثنتين وستين وثمانمائة وكان يوماً مشهوداً،

ارتقى فيه إلى درجة الدولة والخطاب ثلاثة وخمسون عدداً، واستمر عماد الملك شعبان السلطاني في

الوزارة كما كان في أيام أخيه قطب الدين أحمد شاه، واستقل بالملك خمساً وخمسين سنة، وفتح قلعة

باردو - بفتح الموحدة وسكون الراء المهملة بين ألف ودال مهملة مضمومة وواو - بقلة جيل في حد

البندر المعروف بالدمن سنة تسع وستين وثمانمائة، وفتح قلعة كرنال - بكسر الكاف - وكانت من

أمنع قلاع الهند، سنة خمس وسبعين وثمانمائة، وأنشأ مدينة في سفح الجبل وسماها مصطفى آباد

وجعلها دار المملكة، وفتح قلعة بيت - بإمالة حركة الموحدة - ودواركا - بدال مهملة وواو وألف

وكاف بين راء مهملة ساكنة وألف وفيها صنم من أشهر أصنام المشركين في الهند، يحجون إليه

ويرون من العبادة تكلف المشاق في الأصول إليها، حتى إن منهم من ينبطح على وجهه ويمد يديه

أمامه ويقف ثم يضع قدمه على منتهى يده وينبطح ويمد يده ويقف، وهكذا يقطع الطريق إليها ولو من

مسافة أشهر، فملكها سنة خمس وثمانين وثمانمائة، وسار إلى جانبانير وحاصر قلعتها، وكانت قلعة

حصينة متينة على قلة جبل لا تكاد تفتح، فضيق في الحصار وحاصرها مدة طويلة حتى فتحها سنة

تسع وثمانين وثمانمائة، وأنشأ مدينة بسفح الجبل وسماها محمد آباد وجعلها دار المملكة، فكان يقيم بها

سنة وفي مصطفى آباد سنة، وذلك لقرب السند منه، وكان بحد مندو يتصل حد محمد آباد، وبفتحه

صار لمحمود شاه من حد مندو إلى حد السند من جوناكده وإلى جبل سوالك من جالور وناكور وإلى

ناسك من بكلانه ومن برهانبور إلى برار ملكابور من أرض دكن وإلى كركون ونهر نربده من جانب

برهانبور ومن جانب أيدر إلى جتور وكونبلنير ومن جانب البحر إلى حدود جيول، والله يؤتى ملكه

من يشاء.

ومن مآثره الجميلة قيامه بالعدل والإحسان وإنفاذ أمر الشرع في السياسة، ومما يحكى عنه في ذلك

أنه بلغه عن بهاء الملك بن علاء الملك ألغ خان سهراب أنه قتل سلاحداراً له فطلبه، فلاذ بعماد الملك

وعضد الملك واستجار بهما، فلم يجدا لخلاصه سبيلاً سوى نسبة القتل إلى غيره، فأرضيا شخصين

على ضمان الخلاص لهما، وبعد الإقرار به سعيا في الدية وكانا عولاً عليها في الخلاص فلم تقبل

الدية ومضى الحكم بقتلهما وخلص بهاء الملك، وبعد يسير وقف محمود

ص: 426

شاه على حقيقة الحال وتعب

إلى الغاية وجلس للقضاء وأمضى في الملكين حكم القصاص، ولم يمنعه كونهما من عظماء ملوكه

الخاصة به من أن يعمل الشريعة.

من مكارمه أنه استقل بالملك خمساً وخمسين سنة وجاهد في الله حق الجهاد ووسع حدود ملكه إلى

مالوه وإلى بلاد السند كما علمت، ولكنه في تلك المدة الطويلة لم يطمح إلى بلاد المسلمين ولم

يستشرف لها قط، وإذا استولى القوي منهم على الضعيف كما قام بنصرة الضعيف، كما وقع له في

سنة ست وستين وثمانمائة إذ وصل إليه حاجب نظام شاه البهمني صاحب دكن يخبره أن محمود شاه

الخلجي صاحب مالوه خرج إليه بعساكره، فعطف السلطان عنانه من الصيد وتوجه إلى سلطان بور

بمن حضر معه، وأمر الوزير أن يلحقه بالعسكر، ولما نزل بسلطان بور قدم حاجب آخر يخبر

بالحرب وأنه حاصر دار ملكه بيدر، فنهض السلطان من سلطان بور، ولما كان منزله تهالنير قدم

حاجب آخر يخبر برجوع الخلجي، وذلك لأنه سمع بوصول محمود شاه الكجراتي فترك بيدر ورجع

إلى مندو، وكذلك في سنة سبع وستين وثمانمائة وصل حاجب نظام شاه يخبر أن الخلجي خرج

بتسعين ألف فارس إلى حدود نظام شاه، فنهض السلطان مع الحاجب وبلغ الخلجي ذلك بفتح آباد من

أعمال تلنكانه فرجع إلى دار ملكه، فكتب السلطان إلى محمود شاه الخلجي ما معناه: ليس من المروءة

قصد طفل لم يبلغ الحلم وقد التزمت حفظ ملكه إلى أن يبلغ مبلغ الرجال، فإن دخلت في حده خرجت

إلى حدك وفيما يليك من جهات الكفر ما يغني عنه ويرفع درجتك بالجهاد.

وإذا انتهيت إلى السلا مة في مداك فلا تجاوز

وكذلك لما بلغ محمود شاد سنة سبع وسبعين وثمانمائة خروج النوتك القواسه على سلطان السند بلغ

عددهم أربعين ألفاً، وهي طائفة بحرية تسكن الجزر بنواحي السند، لا تجتمع على طاعة أحد، إنما

هي من لصوص البحر، فنهض من مصطفى آباد إرقالاً يسير كل يوم ستين فرسخاً، فلما قرب من

السند تفرقوا، فتوقف السلطان بمنزله إلى أن وصل رسول ملك السند برسالة تتضمن شكره، فرجع

إلى دار ملكه، وكذلك لما بلغه أن جماعة من الأمراء تغلبت في خانديس واختل بها نظام الملك نهض

إلى برهانبور بعساكره، وولي عليها عالم خان بن أحسن خان الفاروقي أحد وارثي المملكة، ولقبه

أعظم همايون عادل خان، وكان ابن بنته، وذلك في سنة أربع عشرة وتسعمائة.

ومن ذلك أنه لما توفى محمود شاه الخلجي سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة وبلغ وفاته ترحم عليه

وعمل له زيارة فعرض عليه بعض أرباب الرأي الخروج إلى مندو، فأجابه: ليس من الفتوة اجتماع

مصيبتين في وقت واحد على أهل بيته: فقد ذاته، وخلل جهاته.

ومن ذلك أنه لما سمع سنة ست وتسعمائة أن ناصر الدين شاه الخلجي سم أباه غياث الدين الخلجي

خرج إلى مندو وقصد تأديبه لا ملكه، وبينما كان ينهض تواترت الرسل من ناصر الدين ببراءة ذمته

فتركه، وفي كلها مفخرة عظيمة له.

ومن مكارمه قيامه بتعمير البلاد، وتأسيس المساج والمدارس والخوانق، وتكثير الزراعة، وغرس

الأشجار المثمرة، وبناء الحدائق والبساتين وتحريض الناس على ذلك، وإعانتهم بحفر الآبار وإجراء

العيون، ولذلك أقبل عليه الناس إقبالاً كلياً، ووفد عليه البناؤن والمعمارون وأهل الحرف والصنائع

من بلاد العجم، فقاموا بحرفهم وصنائعهم، فصارت كجرات رياضاً مخضرة بكثرة الحياض والآبار

والحدائق والزروع والفواكه الطيبة، وصارت بلاد كجرات متجرة تجلب منها الثياب الرفيعة إلى بلاد

أخرى، وذلك كله لميل سلطانها محمود شاه إلى ما يصلح به الملك والدولة ويترفه به رعاياه.

ومن مكارمه قيامه بتربية العلماء والصالحين لما كان مجبولاً على حب العلم وأهله، فاجتمع في

حضرته خلق كثير من أفاضل العرب والعجم، حتى صارت بلاد كجرات عامرة آهلة من العلماء،

ووفد عليه المحدثون من بلاد العرب، وأقبل الناس على الحديث الشريف، فتشابهت باليمن الميمون،

وفاقت على سائر بلاد الهند في ذلك.

وقد وفد عليه العلامة جلال الدين محمد بن محمد

ص: 427

المالكي المصري، فأدناه وقربه إليه وولاه على

ولاية الجزية في سائر بلاده، ولقبه بملك المحدثين وهو أول من لقب بها أحداً في بلاد الهند، ووفد

عليه العلامة مجد الدين محمد بن محمد الايجي، فولاه على تعليم ابنه مظفر شاه، ولقبه برشيد الملك،

ووفد عليه أبو القاسم بن أحمد بن محمد الشافعي المعروف بابن فهد ومعه فتح الباري بخط أبيه

وعميه، ووفد عليه العلامة هبة الله بن عطاء الله الشيرازي وخلق كثير من العلماء.

وصنف له عبد الكريم بن عطاء الله الشيرازي طبقات محمود شاهي وشمس الدين محمد الشيرازي

مآثر محمود شاهي والشيخ يوسف بن أحمد ابن محمد بن عثمان الحسيني منظر الإنسان ترجمة

تاريخ ابن خلكان بالفارسية.

وكان غاية في العفة والحياء حسن الأخلاق عظيم الهمة كريم السجية شريف النفس كثير البر

والإحسان، ذكره الكجراتي في مرآة سنكدري، والحضرمي في النور السافر، والآصفي في ظفر

الواله، وكلهم أطالوا في مناقبه وفضائله.

قال الآصفي: إنه في سنة ست عشرة وتسعمائة توجه إلى نهرواله بثن، وزار أئمة الدين بها أحياء

وأمواتاً، وعقد مجلساً خاصاً لمذاكرة التفسير والحديث، وأكثر من الجوائز وأعمال البر والوظائف،

والتمس الدعاء، ورجع منها إلى سركهيج، ومكث بها يتردد لزيارة قبر الشيخ شهاب الدين مولانا

الشيخ أحمد قدس سره، وعمل بها خيراً كثيراً.

وكان أنشأ لمضجعه قبة متصلة بصحن الروضة المباركة بجانب قدمه يتعهدها أحياناً، وفي هذه

النوبة فتح القبر وجلس عنده وقال: أللهم! إن هذا أول منازل الآخرة فسهله واجعله من رياض الجنة،

ثم ملأه فضة وتصدق بها، قال الآصفي: وفي سنة سبع عشرة شكى ضعفاً، فاستحضر ولده مظفراً

وكان ببروده، وأسند الوصية إليه، فعوفي فرجع مظفر إلى بروده، ثم شكى الضعف وفي أثنائه بلغ

من وجيه الملك خبر وصول حاجب سلطان العجم شاه إسماعيل الصفوي إلى القرب من حده، فأمر

بالكتاب إلى الأمير بالحد فيما يجب من رعايته وهكذا إلى العمال على طريقه إلى أن يصل دار

الملك، ثم أمر بطلب مظفر وقبل وصوله بساعة فلكية فارق الدنيا، وقدم مظفر في الساعة الثانية من

ليلة الثلاثاء، وحمل تابوته إلى سركهيج حين انفلق الصبح، انتهى.

وكانت وفاته عصر يوم الاثنين ثاني شهر رمضان سنة سبع عشرة وتسعمائة وله ثمان وستون سنة،

ومدة سلطنته خمس وخمسون سنة، اتفق عليها أهل الأخبار كلهم.

السيد محمود بن محمد الجونبوري

الشيخ الفاضل محمود بن محمد بن يوسف الحسيني الجونبوري ثم الكجراتي كان أكبر أخلاف أبيه

ومن دعاة مذهبه، وكان لقبه في أهل مذهبه الخليفة الأول وثاني المهدي، وهو ولد ونشأ بمدينة

جونبور وسافر مع أبيه ولازمه في الظعن والإقامة وأخذ عنه، وقام بالدعوة بعده إلى الترك والتجريد

والزهد والقناعة، وأقام بقراه سنة بعد وفاة والده، ثم رجع إلى كجرات واعتزل في قرية بهيلوث

بقرب رادهن بور، توفي لأربع خلون من رمضان سنة تسع عشرة وتسعمائة وله خمسون سنة، كما

في تاريخ بالنبور.

الشيخ محمود بن محمود الكجراتي

الشيخ الفاضل العلامة محمود بن محمود العباسي الحكيم شهاب الدين بن شمس الدين السندي ثم

الكجراتي أحد كبار العلماء، ذكره عبد القادر الحضرمي في النور السافر، قال: إنه كان آية الحكمة

والمعالجات، وحكى أن بعض السلاطين أهدى إلى السلطان محمود صاحب كجرات أشياء نفيسة من

جملتها جارية وصيفة، فأعطاها السلطان بعض الوزراء، فاتفق أن الحكيم المذكور جس نبضها قبل

أن يمسها ذلك الوزير فحذره عن ذلك وقال: إن من يجامعها سيموت، فأرادوا تجربته في ذلك فجازا

بعبد وأدخلوه عليها فمات لوقته، فازداد تعجب الوزير لذلك وسأل عن السبب فيه فقال: إنهم أطعموا

أمها في حملها بها أشياء أورثت ذلك وأن مهديها قصد هلاك السلطان، قال الحضرمي: فلله دره من

طيب ما أحذقه: وكانت

ص: 428

وفاة الحكيم سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة بأحمد آباد.

القاضي محمود الكجراتي

الشيخ العالم الفقيه القاضي محمود بن أبي محمود الموربي الكجراتي أجد رجال العلم والطريقة، ولد

ونشأ بقرب مورب من أعمال كجرات، واشتغل بالعلم على أهله وحصل ورسخ ودرس زماناً، ثم أخذ

الطريقة عن الشيخ لشكر محمد العارف، وقرأ عليه نقد النصوص ومرآة العارفين وغيرهما من كتب

القوم، وقرأ عليه شيخه لشكر محمد هداية الفقه وقرأ عليه مولانا موسى والحكيم عثمان السنديان

النحو والعربية، ذكره محمد بن الحسن المندوي في كلزار أبرار.

خواجه أمين الدين محمود الهروي

الوزير الكبير أمين الدين محمود الهروي نواب خواجه جهان أحد الأفاضل المشهورين، تقرب إلى

همايون شاه التيموري عند رجوعه عن إيران وقدم الهند، وترقى درجة بعد درجة حتى ولى الوزارة

الجليلة في أرض الهند في عهد أكبر شاه التيموري، واستقل بها مدة حياته، مات في شعبان سنة

اثنتين وثمانين وتسعمائة بأرض أوده، كما في مآثر الأمراء.

الشيخ محمود القلندر اللكهنوي

الشيخ الصالح محمود بن محمد القلندر اللكنهوي أحد المشايخ المشهورين، قرأ العلم على الشيخ عبد

الرحمن العباسي اللاهربوري وأخذ عنه الطريقة القلندرية، ثم سافر إلى جونبور وأخذ عن الشيخ عبد

السلام القلندر، واشتغل بالرياضة الشديدة ثلاثين سنة، مات لتسع بقين من شعبان سنة ست وثمانين

وتسعمائة بمدينة لكنهؤ فدفن بها في بنكالي باغ.

الشيخ مخدوم أشرف البساوري

الشيخ الفاضل مخدوم أشرف الحنفي البساوري أحد العلماء الصالحين، كان جد الشيخ عبد القادر بن

ملوك شاه البدايوني لأمه، مات في عاشر رمضان سنة سبعين وتسعمائة بمدينة بساور - بفتح

الموحدة والسين المهملة بعدها ألف ووالو مفتوحة وراء مهملة - ذكره عبد القادر المذكور في

تاريخه، وأرخ لعام وفاته فاضل جهان.

مير مرتضى الشريفي

الشيخ الفاضل السيد مرتضى الشريفي الشيعي الشيرازي كان من أسباط الشريف زين الدين علي

الجرجاني صاحب المصنفات المشهورة، وكان نادرة من نوادر الدهر في كثير من العلوم لا سيما

المنطق والحكمة والفنون الرياضية والإنشاء وقرض الشعر، وكان يدرس ويفيد في تلك العلوم، أخذ

عنه غير واحد من العلماء بمدينة آكره، وهو أخذ المنطق والحكمة عن الشيخ عبد الصمد البغدادي،

والحديث عن السيد ميرك شاه، ثم ولي الصدارة بخراسان في أيام إسماعيل شاه الصوفي واستقل بها

زماناً، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار وأسند الحديث عن الشهاب أحمد بن حجر المكي، ثم قدم الهند

وأقام بأرض دكن زماناً، ثم دخل آكره وذلك في سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة فطابت له الإقامة بها،

وله منظومة الكافية في النحو وديوان الشعر الفارسي، مات في سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة بدهلي،

ذكره بختاور خان في مرآة العلم.

مولانا مرشد الدين الصفوي

الشيخ العالم الصالح مرشد الدين بن رفيع الدين المحدث الحسيني الصفوي الشيرازي ثم الهندي

الأكبر آبادي، كان من أهل بيت العلم والطريقة، أخذ عن والده وقام بعده بالتدريس، وكان سخياً باذلاً

غاية في الجود والكرم، مات ودفن عند والده بأكبر آباد، ذكره محمد بن الحسن المندوي في كلزار

أبرار.

مصطفى بن بهرام الرومي

الأمير الكبير مصطفى بن بهرام الرومي المشهور برومي خان، ولد ونشأ بالروم ولازم خاله الأمير

سلمان من صباه، وقدم معه إلى بلاد اليمن وسكن بقلعة كمران، وكان خاله يشتغل بنجر الأغربة في

ساحل الصليف وهي مقابلة لكمران، بينهما بحر يصله راكب في أقل من الساعة الفلكية، ومعهم

خواجه صقر وقرا حسن ومصطفى وإسماعيل وخلق كثير من الأتراك، فانفق أن خير الدين الأمير

أيضاً قدم اليمن وأحب لنفسه

ص: 429

الاستقلال وقتل سلمان غيلة، فقام مصطفى بن أخته لأخذ ثأره فقتل خير

الدين سنة خمس وثلاثين وتسعمائة واستقل بقلعة كمران، وفي أثناء ذلك كتب والده بهرام إليه وكان

باستنبول خبر عزله وأمره بالخروج إلى الهند قبل وصول المتولي لليمن، فاستعد وخرج بأصحابه

وبمن تبعه ووصل إلى بندر ديو سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، وكان بها الأمير طوغان بن أياز

السلطاني فلما علم به استقبله ورحب به وكتب إلى سلطانه بهادر شاه الكجراتي بوصوله وجاء

الطلب له، فتوجه إلى جانبانير واجتمع بالسلطان ونال منه الحظ والقبول ولقب برومي خان وولي

نفط خانه، وكان من هديته له مدفع صاغه سلمان باسم سليمان صاحب الروم سماه ليلى، فصاغ مدفعاً

آخر باسم بهادر شاه سماه مجنون، واختار من الولاية راندير وسورت وما يليه من السواحل إلى

مهائم، ثم استضاف ديو فعزل عنه السلطان نائبه طوغان المذكور وأضاف ديو إلى ولايته، ولما

وصل طوغان إلى جانبانير ولم يكن في قوته وشجاعته وهيكله في الملك أحد يضاهيه فأوجس منه

رومي خان خيفة، فأسره بهادر شاه وحبسه ثم أمر بقتله، وخدم رومي خان سلطانه بهادر شاه مدة من

الزمان وفتح بحسن تدبيره قلعة رنتهنبور، وكان السلطان وعد به رومي خان وبعد الفتح بدا له أن

يخلف وعده حذراً مما يفكر العاقل في العواقب، ولهذا أجزل صلته ووعده بجتور، فتأثر رومي خان

إلا أنه رضى بالوعد وكان بظاهره معه، فلما سار بهادر شاه إلى جتور سلط رومي خان عليه فعملت

مدافعه عملاً لا يطيقه من في القلعة وفتح جتور، وأخلف بهادر شاه وعده رومي خان مرة ثانية، فتأثر

منه رومي خان إلى الغاية وأضمر كيداً، فلما فرغ بهادر شاه من جتور وكان همايون شاه التيموري

صاحب دهلي بأجين توجه إليه واجتمعا في ناحية مندسور، وحيث كان رومي خان يعلم من همة

بهادر شاه أنه إذا عزم على أمر أمضاه خشى أن يفوته ما سينتقم لنفسه منه في خلف الوعد فقال

لبهادر شاه: إن عزمتم على الحرب فالذي معي من المدافع وبقية النفط إن لم يكن لها في مثل هذا

اليوم عمل ومجرى ففي أي يوم يكون لها ذلك فالرأي أن يكون المعسكر مركزاً وهي كالدائرة تحيط

به وتتخذ خندقاً يحيط بها، فيأمن المعسكر من تبييت العدو ومكره وليس للعدو أن يأمن ذلك، وبعد

الفراغ منه تخرج الطلائع وتحارب العدو وترجع، ونحن لا تنقطع عنا الميرة لأننا في أرضنا والعدو

بخلاف ذلك فينهزم بنفسه، وهذا دستور سلاطين الروم في حروبهم، فالتفت بهادر شاه إلى صدر خان

فقال: قول كالعسل وفعل كالأسل، دع النار لأهله، لا حصن كصهوة الحصان، ولا نافع كالسيف في

ملتقى العنان بالعنان، وحيث كان بهادر شاه يثق برومي خان ويميل إليه عمل برأيه، وكتب رومي

خان إلى همايون شاه يخبر بالميرة الواصلة ويشير عليه بأخذها ومنع طرق القوافل، ثم وقف على

المدافع وأمر بكسرها جميعاً فكانت رجة عظيمة، فركب بهادر شاه متنكراً وخرج إلى مندو، ولحق

رومي خان بهمايون شاه واختص بدرجة القرب منه، وتغلب همايون شاه على مالوه ثم على كجرات

بحسن تدبيره، ذكره الآصفي والكجراتي وغيرهما.

ومن لطائف هذه الأخبار ما ذكروه أن بينما همايون شاه وقد فتح مندو على سريره في أول يوم

جلوسه والملوك والأمراء على جهات سريره وقوف حسب مراتبهم على طبقاتهم جيء بببغاء لبهادر

شاه تنطق بلغات مختلفة، فوضع حاملها قفصها عند سريره، وفي أثناء ذلك حضر رومي خان في

ذلك الجمع العظيم وسلم، فرحب به همايون شاه وذكره باسمه، فما سمعت الببغاء باسمه إلا قالت

بلسان الهند، بهث رومي خان حرامخوار بهث رومي خان حرامخوار!، يعني سحقاً لك يا رومي خان

الغادر! سحقاً لك يا رومي خان الغادر! وكررت اللفظ مراراً، فأطرق رومي خان بين ذلك الجمع

حياء من مقالة الببغاء، فتسلية له خاطبه همايون شاه قائلاً: لو غير الببغاء قالها لسللت لسانه من قفاه

ولكنه طير قال الآصفي: والظاهر أنه لما خرج بهادر شاه نطق بهذه الكلمات من تخلف عنه وتكرر

ذلك وسمعتها الببغاء وحفظتها، ولما سمعت اسمه ذكرت الكلمات نطقت بها، كما كانوا ينطقون بها.

وأما رومي خان بعد ذلك فلازم همايون شاه وتقرب إليه، فسلطه همايون على قلعة جنار كده، ففتحها

سنة أربع وأربعين وتسعمائة، فأعطاه همايون الصلات الجزيلة وولاه على تلك القلعة الحصينة

المنيعة، وصار

ص: 430

محسوداً بين أبناء العصر فسموه ومات في زمان قريب، ذكره معتمد خان في

إقبالنامه.

الشيخ مصطفى بن عبد الستار السهارنبوري

الشيخ الفقيه الزاهد مصطفى بن عبد الستار بن عبد الكريم الأنصاري السهارنبوري كان من كبار

العلماء، درس وأفاد مدة مديدة، وأخذ الطريقة عن ركن الدين محمد بن عبد القدوس الكنكوهي، تذكر

له كشوف وكرامات، قيل: إن والي بلدته أكرهه على الخروج إلى معسكر السلطان، فذهب إلى آكره

وتبعه الوالي فغرق في الماء ولما وصل الشيخ إلى آكره أكرمه السلطان ورخص له في الرجوع إلى

بلدته، مات في رابع شعبان سنة ألف، ذكره السهارنبوري في المرآة.

مولانا مصلح الدين اللاري

الشيخ الفاضل العلامة مصلح الدين الحنفي اللاري كان أوحد أقرانه في العلوم العربية والمعارف

الحكمية، درس وأفاد مدة طويلة أخذ عنه مرزا شاه حسين سلطان السند وطائفة من أهل العلم، وهو

سافر إلى مكة المباركة سنة ستين وتسعمائة فلم يرجع عنها، وله شرح بسيط على شمائل الترمذي،

وتعليقات على تفسير البيضاوي، وشرح المنطق بالفارسي، ذكره النهاوندي في المآثر.

السلطان مظفر الحليم الكجراتي

السلطان الفاضل العادل المحدث الفقيه مظفر بن محمود بن محمد بن أحمد ابن محمد بن المظفر

الكجراتي أبو النصر شمس الدين مظفر شاه الحليم صاحب الرياستين، ولد يوم الخميس لعشر بقين

من شوال سنة خمس وسبعين وثمانمائة بأرض كجرات، ونشأ في مهد السلطة ورضع من لبان العلم

وترعرع وتنبل في أيام أبيه، وقرأ على مجد الدين محمد بن محمد الايجي العلامة وعلى غيره من

العلماء، وأخذ الحديث عنه وعن الشيخ المحدث جمال الدين محمد بن عمر ابن المبارك الحميري

الحضرمي الشهير ببحرق، وتدرب في الفنون الحربية، حتى فاق أسلافه في العلم والأدب وفي كثير

من الفعال الحميدة، وقام بالملك بعد والده يوم الثلاثاء ثالث شهر رمضان سنة سبع عشرة وتسعمائة

من الهجرة، وافتتح أمره بالعدل والسخاء والنجدة والجهاد وسد الثغور وإكرام العلماء.

وكان غاية في التقوى والعزيمة والعفو والتسامح عن الناس، ولذلك لقبوه بالسلطان الحليم، وكان جيد

القريحة سليم الطبع حسن المحاضرة عارفاً بالموسيقى مشاركاً في أكثر العلوم والفنون، ماهراً في

الفنون الحربية من الرمي والضرب بالسيف والطعن بالرماح والفروسية والمصارعة خطاطاً جيد

الخط، كان يكتب النسخ والثلث والرقاع بكمال الجودة، وكان يكتب القرآن الحكيم بيده ثم يبعثه إلى

الحرمين الشريفين، وحفظ القرآن في حياة والده في أيام الشباب.

وكان يقتفي آثار السنة السنية في كل قول وفعل، ويعمل بنصوص الأحاديث النبوية، وكثيراً ما

يذكر الموت ويبكي، ويكرم العلماء ويبالغ في تعظيمهم، كان لا يحسن الظن بمشايخ عصره في بداية

حاله ثم مال إليهم.

ولم يزل يحافظ على الوضوء ويصلي بالجماعة ويصوم رمضان، ولم يقرب الخمر قط، ولم يقع في

عرض أحد، وكان يعفو ويسامح عن الخطائين، ويجتنب الإسراف والتبذير وبذل الأموال الطائلة

على غير أهلها.

وكان كثير التفحص عن أخبار الناس عظمي التجسس عن أخبار الممالك، وربما يغير زيه ولباسه

ويخرج من قصره آناء الليل والنهار ويطلع على الأخبار ويستكشف الأسرار.

قال الآصفي: إنه وصل إليه يوماً من القاضي بجانبانير رسول الطلب وقد تظلم منه من يتجر في

الخيل فكما بلغه وعلى ما كان عليه في حال الخلوة أجاب الرسول وخرج ماشياً إلى مجلس القاضي

وجلس مع خصمه بين يديه، وادعى التاجر عليه أنه لم يصله ثمن أفراسه، وثبت ذلك وأبى التاجر

أن يقوم من مجلسه قبل أداء الثمن وحكم القاضي به، فمكث السلطان مع خصمه إلى أن قبض التاجر

الثمن، وكان القاضي لما حضر السلطان المحكمة وسلم عليه لم يتحرك من مجلسه، وما كفاه ذلك حتى

أنه أمره أن لا يترفع على خصمه ويجلس معه والسلطان لا يخرج عن حكمه،

ص: 431

ولما قبض التاجر

الثمن وسأله القاضي، هل بقيت لك دعوى عليه؟ وقال: لا، عند ذلك قام القاضي من مجلسه وسلم

على سلطانه على عادته فيه ونكس رأسه فيما يعتذر به، فقام السلطان من مجلسه مع الخصم وأخذ

بيد القاضي وأجلسه في مجلس حكمه كما كان، وجلس إلى جنبه وشكره على عدم مداهنته في الحق

حتى أنه قال: لو عدلت عن سيرتك هذه رعاية لي لانتصفت للعدالة منك وأنزلتك منزلة آحاد الناس

لئلا يأتسي بك بعدك غيرك، فجزاك الله عني خيراً بوقوفك مع الحق! فمثلك يكون قاضياً، فأثنى عليه

القاضي، وقال: ومثلك يكون سلطاناً.

قال الآصفي: ومن بره المستفيض لأهل الحرمين الشريفين أنه نجر مركباً وشحنه بالقماش المثمن

وأرسله إلى بندر الحجاز جدة، وجعله وما فيه صلة لهم، وله بمكة المشرفة رباط يشتمل على مدرسة

وسبيل وعمارة غيرها، وعين وقفاً يتجهز محصوله إلى مكة في كل موسم للمدرسين بمدرسته

والطلبة وسكنة الخلاوي وخدم السبيل وما في معناه، ويتجهز سواه لأهل الحرمين، وكان ذلك مستمراً

في أيامه.

ومن مآثره الحسنة بالحرمين مصحفان بخطه المنسوب كتبهما بقلم الثلث المحرر بماء الذهب وإمام

الحنيفة مخصوص بالقراءة فيهما، وربعتان أيضاً بخطه كذلك، وللمصحفين والربعتين وقف

مخصوص يتجهز كل عام إلى الحرمين الشريفين لقارىء المصحف وقراء الأجزاء وشيخ الربعة

ومفرقها والحافظ لها والداعي له عند الختم والسقاء في الوقت والنقيب والفراش، وقد رأيت ذلك،

وكان مستمراً إلى شهادة السلطان محمود.

ومن نوادر أفعاله أنه لما تغلب مندلي رأى على بلاد مالوه ضيق على المسلمين وخرج محمود شاه

الخلجي صاحب مالوه من بلاده هارباً عنه إلى كجرات نهض السلطان مظفر الحليم من بلاده إلى

مالوه سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة بعساكره فوصل إلى دهار ثم إلى مندو ونزل على القلعة وشرع

في المحاصرة، وأما مندلي رأى فإنه لما بلغه نزول السلطان بديوله قال لأصحابه: قريب منا المظفر

ولا سبيل إلى الحرب إلا إذا حر رانا سانكا صاحب جتور فاكفوني أنتم القلعة وأنا أسير إليه وأصل

به، وعلى هذا ودعهم وعزم لطلبه، فلما نزل السلطان على القلعة خرج يوماً فوج فيه نخبة من رجال

القلعة على أن يفتكوا بالمسلمين وكانوا حذرين فشدوا عليهم وقتلوا منهم كثيراً وهرب الباقون وتركوا

السيف واعتمدوا الخديعة فطلبوا الأمان لتسليم القلعة وترددوا فيه أياماً ثم سألوا الأمان لأموالهم، فلما

أجيبوا طلبوا المهلة لجمعة ثم سألوا التباعد عن القلعة ليأمنوا في الخروج، ولما فعل ذلك بلغه وصول

رانا سانكا إلى أجين فغضب السلطان وركب إلى ربوة مرتفعة هناك وجلس عليها، وأما الأمراء فكل

منهم في سلاحه الكامل في ظل علمه واقف تحت الربوة، فطلب من بينهم عادل خان الفاروقي

صاحب برهانبور وقلده إمارة العسكر المجهز لحرب صاحب جتور وخلع عليه وقلده سيفاً وحياضة

ومجناً وتسعة من الخيل وحلقة من الأفيال وأوصاه وودعه، وكذلك طلب فتح خان صاحب رادهن

بور وأعطاه مثله، وكذلك طلب قوام خان ثم أوصاهما بعادل خان وودعهما، ثم استدعى عسكر هؤلاء

ووعدهم جميلاً، وخص وجوه العسكر بالأقبية، وأمر بسائرهم بالتنبل على عادة الهند في الرخصة

لهم، ونهض إلى منزله الأول وجد في أسباب الفتح، ودخل القلعة عنوة في ثاني يوم نزوله، وعمل

السيف فيهم، وكان آخر أمرهم أنهم دخلوا مساكنهم وغلقوا الأبواب وأشعلوها ناراً فاحترقوا وأهليهم،

والسلطان تحت المظلة وهكذا محمود وهما يسيران رويداً رويداً والدماء تسيل كالعين الجارية في

سكك القلعة من كل جانب إلى مخارج الماء منها، وبلغ عدد القتلى من الكفرة تسعة عشر ألفاً سوى

من غلق بابه واحترق وسوى أتباعهم، فلما وصل السلطان إلى دار سلطنة الخلجي التفت إليه وهنأه

بالفتح وبارك له في الملك وأشار بيده المباركة إلى الباب وقال له: بسم الله ادخلوها بسلام آمنين

وعطف عنانه خارجاً من القلعة إلى القباب، ودخل الخلجي منزله واجتمع بأولاده وأهله وسجد شكراً

لله سبحانه، فلما بلغ مندلي رأى شهق شهقة وغشى عليه وسمع رانا سانكا بعادل خان وقد قرب من

أجين فاضطرب وقال لمندلي رأى: ما هذه الشهقة؟ قد قضى الأمر فإن عزمت على أن تلحق

بأصحابك فها عادل خان يسمع نفيره وإلا فأدرك نفسك، ثم أمر به فحمل على فيل وخرج من أجين

إلى جهاته خائباً

ص: 432

سعيه، وتبعه عادل خان إلى ديبالبور وتوقف بها حتى جاءه الطلب، ثم إن الخلجي

تفقد ذخائره وهيأ الضيافة ونزل إلى مظفر شاه السلطان وسأله التشريف بالطلوع فأجابه، فلما فرغ

من الضيافة دخل به العمارات التي من آثار أبيه وجده، فأعجب بها وترحم عليهم، ثم جلسا في جانب

منه وشكره الخلجي وقال: الحمد لله الذي بهمتك رأيت بعيني ما كنت أتمناه بأعدائي ولم يبق لي الآن

ارب في شيء من الدنيا والسلطان أولى بالملك مني وما كان لي فهو له فأسألك قبول ذلك وللسلطان

أن يقيم به من شاء، فالتفت السلطان إليه وقال له: أول خطوة خطوتها إلى هذه الجهة كانت لله تعالى،

والثانية كانت لنصرتك وقد نلتها فالله يبارك لك فيه ويعينك عليه! فقال الخلجي: خلا الملك من

الرجال فأخشى ضياعه، فأجابه مظفر شاه المظفر الحليم وقال له: أما هذا فمقبول، سيكون آصف

خان معك باثني عشر ألف فارس إلى أن يجتمع رجالك، فطلب الخلجي أن يكون عنده ولده تاج خان

وألح عليه، فأجاب إلى ذلك ووعده بالنصر في سائر الأوقات وقال لآصف خان: مالك ولأصحابك

كافة من الجراية والولاية عندي فهي على حالها إلى أن ترجعوا إلى منازلكم، وما يعطيكم الخلجي

فهو مضاف إليه للتوسع في الوقت، وأمر للخلجي بخزانة ثم ودعه ونزل.

وقيل: إن مظفر شاه لما فتح القلعة ودخلها سأله أركان سلطنته أن يستأثر بها، فالتفت إلى الخلجي

وودعه للنزول وقال له: احفظ باب القلعة برجال لا يدعوا أحداً يدخلها بعد نزولي حتى من ينتسب

إلي، فالتمس الخلجي أن يمكث أياماً، فأبى ونزل، ثم بعد ثلاث أضافه الخلجي ودار به في العمائر

التي ما مثلها يذكر في الهند وانتهى إلى عمارة بابها مغلق، فاستفتحه ودخل إلى حجر هناك فأمر

الطواشية بفتحها واستدعاء من فيها، فإذا بنساء برزن في حلي وحلل قل أن رأت العين مثلهن

وبأيديهن أصناف الجواهر، وما منهن إلا من سلمت ونثرت ما بأيديها على قدم السلطان، فلما

رأى.... أشار بأن يحتجبن لعدم حلية النظر إلى الأجنبية، فقال الخلجي: كلهن ملكي وأنا مالك، والعبد

وما ملك لمولاه، فدعا له وعاد إلى قبابه، وبالجملة فلما نهض للمسير راجعاً نزل الخلجي ومعه تاج

خان وآصف خان، وشيعه إلى حده وسأله الدعاء ورجع، ورخص السلطان لعادل خان فرجع إلى

برهانبور، ووصل السلطان بالفتح والدعاء إلى جانبانير، وكان يوم دخوله مشهوداً كثر فيه الدعاء له

من سائر عباد الله تعالى.

وكان فتح مندو في ثاني عشر من صفر سنة أربع وعشرين وتسعمائة، ولبعض الشعراء في

تاريخه:

مظفر شاه سلطان جهانكير أساس شرع ودين از نو نهادي

كرفته قلعه مندو بشش روز طلسم اينجنين محكم كشادي

همين بس بهر تاريخش كه كويم كرفته ملك مندو باز دادي

وفيه:

مظفر شاه سلطان جهانكير آنكه تيغ أو بناي كفر را ويران ودين وشرع را نو كرد

جو از بخت همايون كرد فتح قلعه مندو بود تاريخ سال آن همايون فتح مندو كرد

وقال بعضهم في تاريخه: قد فتح المندو سلطاننا وهذا من نوادر الوقائع لا يذكر مثله لأحد من ملوك

الهند وسلاطينها بل سلاطين غيرها من البلاد.

وأعجب من ذلك أن هذا الخلجي وأسلافه كانوا من أعداء دولتهم، فإن جده محمود شاه الخلجي الكبير

كان - سامحه الله - يصول عليهم مرة بعد أخرى، وفي كل مرة يخسر ويخيب في أمله، وأبوه غياث

الدين الخلجي خرج إلى كجرات لنصرة كفار الهنود على محمود شاه الكجراتي الكبير، وكذلك جده

في أيام محمد شاه الكجراتي، سامحهما الله تعالى! ولله در من قال:

هيهات أن يأتي الزمان بمثله إن الزمان بمثله لبخيل

ص: 433

قال الآصفي: وفي سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة خرج السلطان إلى مصلى العيد للاستسقاء وتصدق

وتفقد ذوي الحاجة على طبقاتهم وسألهم الدعاء ثم تقدم للصلاة، وكان آخر ما دعا به كما يقال اللهم!

إني عبدك ولا أملك لنفسي شيئاً، فإن تك ذنوبي حبست القطر عن خلقك فها ناصيتي بيدك! فأغثنا يا

أرحم الراحمين قال هذا ووضع جبهته على الأرض واستمر ساجداً يكرر قوله: يا أرحم الراحمين،

فما رفع رأسه إلا وهاجت ريح ونشأت بحرية ببرق ورعد ومطر، ثم سجد لله شكراً ورجع من

صلاته بدعاء الخلق له وهو يتصدق وينفح بالمال يميناً وشمالاً.

وبعد الاستسقاء بقليل اعتراه الكسل ثم ضعف المعدة ومنه شكى ضعف الجسد، وفي خلال ذلك عقد

مجلساً حفلاً بسادة الأمة ومشايخ الدين وصوفية اليقين واجتمع بهم، وتذاكروا فيما يصلح بلاغاً

للآخرة إلى أن تسلسل الحديث في رحمة الله سبحانه وما اقتضاه منه وإحسانه، فأخذ يشرح ما من الله

عليه من حسنة ونعمة ويعترف بعجز شكرها إلى أن قال: وما من حديث رويته عن أستاذي المسند

العالي مجد الدين بروايته له عن مشايخه إلا وأحفظه وأسنده وأعرف لراويه نسبته وثقته وأوائل حاله

إلى وفاته، وما من آية إلا ومن الله علي بحفظها وفهم تأويلها وأسباب نزولها وعلم قراءتها، وأما الفقه

فأستحضر منه ما أرجو به مفهوم من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ولي مدة أشهر أصرف وقتي

باستعمال ما عليه الصوفية وأشتغل بما سنه المشايخ لتزكية الأنفاس عملاً بما قيل من تشبه بقوم فهو

منهم وها أنا أطمع في شمول بركاتهم متعللاً بعسى ولعل، وكنت شرعت بقراءة معالم التنزيل وقد

قاربت إتمامه إلا أني أرجو أن أختمه في الجنة إن شاء الله تعالى، فلا تنسوني من صالح دعائكم،

فإني أجد أعضائي فقدت قواها، وليس إلا رحمة الله سبحانه دواها، فدعا له الحاضرون بالبركة في

العمر.

قال: وفي سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة على خروجه من جانبانير ظهرت منه مخائل المستودع

بفراق الأبد لها ولأهلها، وأكثر من أعمال البر فيها وفي طريقه إلى أحمد آباد، ولما نزل بها كان

يكثر من التردد إلى المزارات المتبركة ويكثر من الخير بها، وكان له حسن الظن بالعلامة خرم خان

فقال له يوماً: نظرت فيما أوثر به أولي الاستحقاق من الإنفاق فإذا أنا بين إفراط في صرف بيت

المال وتفريط في منع أهله، فلم أدر إذا سئلت عنهما بما أجيب.

وفي آخر أيامه وكان يوم الجمعة قام إلى المحل واضطجع إلى أن زالت الشمس، فاستدعى بالماء

وتوضأ وصلى ركعتي الوضوء وقام من مصلاه إلى بيت الحرم، واجتمعت النسوة عيه آئسات

باكيات يندبن أنفسهن حزناً على فراق لا اجتماع بعده، فأمرهن بالصبر المؤذن بالأجر، وفرق عليهن

مالاً ثم ودعهن واستودعهن الله سبحانه، وخرج وجلس ساعة، ثم استدنى منه راجه محمد حسين

المخاطب بأشجع الملك وقال له: قد رفع الله قدرك بالعلم وله وهي آخر خدمتك لي أريدك تحضر

وفاتي وتقرأ علي سورة ياسين وتغسلني بيدك وتسامحني فيه، فامتن بما أهله به وفداه ودعا له، ثم

وقد سمع أذاناً قال: أهو في الوقت؟ فأجاب أسد الملك هذا أذان الاستدعاء لاستعداد صلاة الجمعة

ويكون في العادة قبل الوقت، فقال: أما صلاة الظهر فأصليها عندكم، وأما صلاة العصر فعند ربي في

الجنة إن شاء الله تعالى، ثم أذن للحاضرين في صلاة الجمعة واستدعى مصلاه وصلى، ودعا الله

سبحانه بوجه مقبل عليه وقلب منيب إليه، دعاء من هو مفارق للقصر مشرف على القبر، ثم كان

آخر دعائه رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض، أنت

وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين وقام من مصلاه وهو يقول: استودعك الله،

واضطجع على سريره وهو مجتمع الحواس ووجهه يلتفت إلى القبلة وقال: لا إله إلا الله محمد

رسول الله، وفاضت نفسه والخطيب على المنبر يدعو له، وفي ذلك عبرة لمن ألقى السمع وهو

شهيد.

وكان ذلك في ثاني جمادي الأولى سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، وحمل تابوته إلى سركهيج ودفن

عند والده طيب الله ثراه!

ويحسن الاستشهاد هنا بما رثى به العماد الكاتب سلطانه الملك العادل نور الدين الشهيد رحمه الله:

ص: 434

يا ملكاً أيامه لم تزل لفضله فاضلة فاخرة

ملكت دنياك وخلفتها وسرت حتى تملك الآخرة

خواجه مظفر علي التربتي

الوزير الكبير مظفر علي التربتي نواب مظفر خان، كان من رجال بيرم خان خانخانان التركماني،

وبعد موته تقرب إلى أكبر شاه التيموري سلطان الهند، وتدرج إلى الإمارة حتى نال الوزارة الجليلة

سنة إحدى وثمانين وتسعمائة.

وكان رجلاً فاضلاً كريماً له يد بيضاء في السياسة والتدبير، ومن مآثره جامع كبير بآكره، توفي في

شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، ذكر عبد الرزاق في مآثر الأمراء.

الشيخ معروف الأمجهيروي

الشيخ الصالح معروف بن سعد الله بن محمود الصديقي الأمجهيروي الدهاري أحد المشايخ الجشتية،

ولد ونشأ بقرية أمجهيره من أعمال دهار، وسافر إلى نارنول وأخذ عن الشيخ نظام الدين النارنولي

ولازمه مدة من الزمان، ثم رجع إلى دهار وأقام بها زماناً، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج

وزار، ومات بها سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

الشيخ معروف الجونبوري

الشيخ الكبير معروف بن عبد الواسع البخاري الجونبوري كان من نسل الشيخ جلال الدين حسين

بن أحمد الحسيني البخاري على ما قيل، ولد ونشأ بجونبور، وقرأ العلم على الشيخ إله داد

الجونبوري العلامة وأخذ عنه الطريقة الجشتية، وأخذ الطريقة القادرية والشطارية عن الشيخ محمد

بن عبد العزيز الجونبوري، وانقطع إلى الزهد والعبادة والتدريس والتجرد عن أسباب الدنيا ودعوة

الخلق إلى الله سبحانه واستقام على ذلك الترك والتجريد ثلاثين سنة، أخذ عنه الشيخ أحمد بن زين

الجونبوري والشيخ نظام الدين الأميتهوي وخلق كثير.

الشيخ ملوك شاه البدايوني

الشيخ الفاضل ملوك شاه العمري البدايوني أبو عبد القادر كان من العلماء الصالحين، قرأ على

الشيخ حاتم بن أبي حاتم السنبهلي، ثم لازم السيد جلال الدين الحسني البدايوني وقرأ عليه سائر

الكتب الدرسية، وأخذ الطريقة عن الشيخ عبد الله الجشتي البدايوني، مات لثلاث بقين من رجب سنة

تسع وستين وتسعمائة بالإسهال الكبدي بمدينة بساور فدفن بها، وأرخ لوفاته ولده عبد القادر جهان

فضل.

القاضي منجهله الجونبوري

الشيخ الفقيه القاضي منجهله الجونبوري أحد العلماء المبرزين في الفقه والعربية، ولي القضاء

بجونبور فاستقل به مدة من الزمان، ثم صحب الشيخ علي بن قوام الحسيني الجونبوري وأخذ عنه

الطريقة العشقية الشطارية، ذكره عارف علي في العاشقية.

الشيخ منجهن الكمالبوري

الشيخ العالم الصالح منجهن الشطاري الكمالبوري أحد الفقهاء المتورعين، كان شديد الحسبة على

الناس، أخذ الطريقة العشقية عن الشيخ علي بن قوام الحسيني الجونبوري وصحبه زماناً طويلاً، كما

في العاشقية.

الشيخ منصور اللاهوري

الشيخ الفاضل منصور بن أبي المنصور الحنفي اللاهوري أحد العلماء المشهورين، قرأ النحو

والعربية وكثيراً من العلوم والفنون على صهره الشيخ سعد الله اللاهوري، وبعضها على شيخ صهره

إسحاق بن كاكو، ولازمه زماناً فخار قصب السبق في حلبة العلوم، وتصدر للتدريس.

وكان عالماً خفيف الروح سليم الذهن قوي التخيل حسن المحاضرة كثير الصحبة بالأمراء وكانوا

يكرمونه، ولاه أكبر شاه التيموري القضاء الأكبر في أرض مالوه فاستقل بها زماناً، ثم رجع إلى

لاهور وولاه ضبط المهمات في بحواره وأودية الجبال من حدودها، ذكره عبد القادر في تاريخه.

ص: 435

الأمير الكبير منعم خان التركماني

الأمير الكبير منعم بن بيرم التركماني نواب منعم خان خانخانان، كان من الأمراء المشهورين في

الهند، خدم همايون شاه ثم ولده أكبر شاه التيموري مدة طويلة حتى ولي إمرة الإمارة ولقبه أكبر شاه

خانخانان ومعناه أمير الأمراء سنة سبع وستين وتسعمائة، فاستقل بها أربع عشرة سنة.

ومن مآثره جسر على نهر كومتي بمدينة جونبور، بناه سنة إحدى وثمانين وتسعمائة وهو من

عجائب الزمن ونوادر الهند، أرخ لبنائه الناس صراط المستقيم.

مات ببلدة تانده من بلاد بنكاله سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، كما في مآثر الأمراء.

الشيخ منور بن نور الله الجهمراوتي

الشيخ الصالح منور بن نور الله بن معز الدين بن إله داد بن القاضي محمد الشرعي الجهمراوتي

أحد رجال العلم والطريقة، أخذ الطريقة عن الشيخ خانون بن العلاء الناكوري ولازمه مدة بكواليار،

وسافر معه إلى ناكور وجنديري وكواليار وآكره، ثم أقعده الشيخ بآكره فسكن بها، مات لثلاث بقين

من ذي القعدة سنة تسعين وتسعمائة بآكره، كما في كلزار أبرار.

القاضي من الله الكاكوروي

الشيخ العالم الفقيه القاضي من الله بن نعيم الله بن تاج الدين بن شهاب الدين الصديقي الكاكوروي

أحد العلماء المشهورين، أخذ العلم والطريقة عن العلامة سعد الدين بن بدهن بن محمد الخير آبادي

صاحب مجمع السلوك وأخذ عنه ولده محمد المشهور بالشيخ سعدي.

الشيخ من الله الجونبوري

الشيخ الكبير من الله بن بهاء الدين العمري الجشتي الجونبوري المشهور بالشيخ أدهن، بفتح الهمزة

وتشديد الدال الهندية، ولد ونشأ بجونبور، وأخذ عن والده وتولى الشياخة بعده، وعمر مائة سنة.

وكان مرزوق القبول، حصل له الإجازة عن الشيخ شهاب الدين محمود عن الشيخ برهان الدين عن

الشيخ صدر الدين محمد بن أحمد الحسيني البخاري.

وله مؤنس الذاكرين كتاب مفيد في بابه، ذكره الجونبوري في كنج أرشدي.

وقال البدايوني: إنه بلغ أقصى عمره وعجز عن القعود والقيام والحركة إلا إذا حركه أصحابه، وكان

مع ذلك يؤدي الصلوات المفروضة قائماً إذا أقاموه، والسنن والنوافل قاعداً، وكان تغلب عليه الحالة

في مجلس السماع فيقوم بنفسه ويتواجد ولا يستطيع الأقوياء من الرجال أن يقاوموه في تلك الحالة،

انتهى، مات سنة سبعين وتسعمائة، واسمه شيخ أدهن يشعر بسنة وفاته.

الشيخ مودود الكجراتي

الشيخ العالم الصالح مودود بن علم الدين بن عين الدين الشاطبي الصديقي الفتني الكجراتي أحد

العلماء المبرزين في القراءة والتجويد، أخذ عن والده ولازمه مدة طويلة وتولى الشياخة بعده، أخذ

عنه خلق كثير من العلماء، مات سنة ثلاث عشرة وتسعمائة وله خمس وثمانون سنة، وقبره بمدينة

فتن من بلاد كجرات.

الشيخ مودود اللاري

الشيخ العلامة مودود بن أبي مودود الحنفي الصوفي اللاري أحد المشايخ الصوفية، قرأ على الشيخ

عبد الغفور اللاري العلامة صاحب الجامي، وأخذ الطريقة عن بابا نظام الأبدال، وأدرك المشايخ

الكبار كالشيخ نعمة الله العدولي والشيخ قاسم الأنوار وغيرهما، ثم دخل الهند على قدم الترك

والتجريد في حدود سنة تسعمائة وأقام بآكره زماناً ثم دخل باني بت، وقرأ عليه الشيخ عبد الملك بن

عبد الغفور الفصوص لابن عربي ولازمه مدة، مات بباني بت سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، كما في

كلزار أبرار.

الشيخ موسى الحداد اللاهوري

الشيخ الصالح موسى الحداد اللاهوري أحد رجال المعرفة، أخذ عن الشيخ شهر الله بن يوسف

الملتاني

ص: 436

ثم عن الشيخ عبد الجليل بن أبي الفتح الحارثي، وكان مغلوب الحالة، يذكر له كشوف

وكرامات، توفي سنة خمس وعشرين وتسعمائة.

الشيخ موسى الكجراتي

الشيخ الفاضل موسى بن أبي موسى الكجراتي الشيخ كليم الدين كان من كبار المشايخ في عصره،

حلو الكلام فصيح العبارة شديد التعبد مع حفظ الأوقات، مات بأحمد آباد، ذكره محمد بن الحسن في

كلزار أبرار.

الشيخ ميران السندي

الشيخ الفاضل ميران بن يعقوب التتوي السندي أحد كبار العلماء، درس وأفاد مدة عمره، وأخذ عنه

مرزا شاه حسين صاحب السند وخلق كثير من العلماء، مات سنة تسع وأربعين وتسعمائة، فأرخ

لوفاته بعضهم علامة وارث الأنبياء وقبره على جبل مكلي، ذكره معصوم بن صفاي السندي في

تاريخه.

مولانا مير علي السرهندي

الشيخ الفاضل مير علي الحنفي السرهندي أحد العلماء الصالحين، ولد ونشأ بسرهند، وأخذ عن

الشيخ بدر الدين السرهندي ولازمه مدة، أخذ عنه الشيخ عبد الحي السرهندي وخلق آخرون.

مير محمد خان الغزنوي

الأمير الكبير مير محمد بن يار محمد الحسيني الغزنوي كان من أمراء الدولة التيمورية، خدم

همايون شاه ثم ولده أكبر شاه التيموري مدة طويلة، وولي على بنجاب فاستقل بها مدة، ثم أقطعه

ناحية سنبهل وما والاها من البلاد، ولما فتحت كجرات ولي على فتن.

وكان رجلاً فاضلاً شاعراً كريماً شجاعاً صاحب جرأة ونجدة، فتح الفتوحات العظيمة وولي على

إيالات واسعة، وله ديوان شعر بالفارسي، وكانت له معرفة بالإيقاع والنغم، ومن شعره قوله:

در جواني حاصل عمرم بناداني كذشت انجه باقي بود آن هم در بشيماني كذشت

توفي سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، كما في مآثر الأمراء.

خواجه ميرك الأصفهاني

الوزير الكبير خواجه ميرك الأصفهاني الدبير نواب جنكيز خان، كان من الأفاضل المشهورين في

الرئاسة والسياسة، قدم الهند ودخل أحمد نكر فنال المنزلة من ولاتها وطابت له الإقامة بها، فجعله

مرتضى نظام شاه صاحب أحمد نكر من خاصته وولاه النيابة المطلقة ولقبه بجنكيز خان، فاعتنى

بتأليف القلوب وتعمير البلاد وتكثير الزراعة، اجتمع إليه خلق كثير من أرباب السيف والقلم، وكان

كثير البر والإحسان شجاعاً حازماً كريماً عادلاً، فتح قلعة دولت آباد وهي من أمنع قلاع الهند،

وتغلب على كاويل ونرناله وإيلجيور من البلاد والقلاع، ووسع حدود ملكه، ثم تحسس منه مرتضى

نظام شاه المجنون أمراً لا يرضاه، فقتله بالسم على يد الحكيم بيبرس المصري، فمات سنة اثنتين

وسبعين - وقيل: ثمانين - وتسعمائة، كما في تاريخ فرشته، والصواب عندي أنه قتل سنة اثنتين

وثمانين وتسعمائة لوجوه تقف عليها عند مطالعة ذلك الكتاب.

القاضي مينا بن يوسف المندوي

الشيخ العالم الفقيه القاضي مينا بن يوسف بن حامد بن أبي المفاخر بن يسين المندوي أحد فحول

العلماء، ولد ونشأ بمندو، وسافر في صباه إلى جنديري وقرأ العلم على أساتذتها، ولما أغار رانا سانكا

على جنديري خرج منها إلى جتهره وسكن بها زماناً، ثم عاد إلى مندو في أيام قادر شاه المالوي،

فولاه القضاء وجعله من ندمائه، وكان جده يسين قاضياً بمندو في أيام محمود شاه الخلجي، ذكره

محمد بن الحسن.

الشيخ ميانجيو الكجراتي

الشيخ الفقيه الزاهد ميانجيو بن داؤد الفتني الكجراتي أحد العلماء الصالحين، ولد بفتن من بلاد

كجرات ونشأ بمندو من بلاد مالوه، وسافر للعلم إلى برهانبور ثم إلى كجرات، وقرأ الكتب الدرسية

على أساتذة عصره، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ أحمد بن

ص: 437

جعفر الشيرازي والشيخ صدر الدين الذاكر

البرودوي، ولازمهما مدة حتى بلغ رتبة الشيوخ الكبار، وكان يسترزق بالتجارة، مات بمدينة مندو

سنة خمس وثمانين وتسعمائة، ذكره محمد بن الحسن في كلزار أبرار.

حرف النون

القاضي نجم الدين الكجراتي

الشيخ العالم الفقيه القاضي نجم الدين الحنفي الكجراتي كان قاضي القضاة بكجرات في عهد السلطان

محمود شاه الكبير، وكان شديد الحسبة على الناس، ومما يحكى عنه في ذلك أنه رأى ذات يوم رباباً

في يد صائغ قد وضعه للسلطان فأخذه عنه وكسره، ولما بلغ السلطان صنيعه قال مداعباً: إنه جرىء

على الضعفاء لم لا يجري الاحتساب على صاحب رسول آباد؟ وأراد به الشيخ الكبير محمد بن عبد

الله الحسيني البخاري وهو يلبس الحرير ويستمع الغناء، فلما بلغ القاضي قوله ذهب إلى رسول آباد

وصار مرعوباً عند رؤية الشيخ فخضع له وأخذ عنه الطريقة، ذكره الكجراتي في مرآة سكندري،

مات سنة إحدى عشرة وتسعمائة، كما في الخزينة.

مولانا نجم الدين التستري

الشيخ الفاضل نجم الدين التستري المبرز في العلوم الحكمية، قدم الهند وطابت له الإقامة بمدينة

أحمد نكر فسكن بها مدة طويلة، ونال الصلات والجوائز من الملوك والأمراء، قتل في جمادي الأولى

سنة سبع وتسعين وتسعمائة بأحمد نكر، ذكره محمد قاسم في تاريخه.

القاضي نصر الله السندي

الشيخ العالم الفقيه القاضي نصر الله بن أبي سعيد بن زين الدين الحنفي البهكري السندي أحد الفقهاء

المشهورين، ولي القضاء بمدينة بهكر مكان صنوه القاضي قاضن، ذكره معصوم بن صفائي الترمذي

في تاريخه.

الشيخ نصير الدين الدهلوي

الشيخ العالم الكبير نصير الدين بن سماء الدين بن فخر الدين الحنفي الدهلوي أحد كبار المشايخ،

تأدب على أبيه وتفنن عليه بالفضائل، وأخذ عنه الطريقة وتولى الشياخة بعده، وكان عالماً صالحاً

متين الديانة مع زهد وتورع واستغناء عن الناس، مات ودفن بدهلي، كما في شمس التواريخ.

الشيخ نصير الدين الكجراتي

الشيخ الصالح الفقيه نصير الدين بن مجد الدين بن سراج الدين بن كمال الدين العمري الكجراتي

أحد المشايخ الجشتية، ولد ونشأ بأحمد آباد وقرأ العلم على أساتذة بلدته، ثم أخذ الطريقة عن أبيه

وتولى الشياخة بعده، وكان على قدم أسلافه في الترك والتجريد، مات لثلاث ليال بقين من رجب سنة

عشر وتسعمائة بأحمد آباد.

مولانا نصير الدين الكشميري

الشيخ العلامة نصير الدين الكشميري أحد فحول العلماء، تخرج عليه يعقوب ابن الحسن وشمس

الدين بال وداود بن الحسن ورضى الدين الحسيني وخلق كثير، وكان يرمى بالتشيع.

وقد ذكره يعقوب بن الحسن في كتابه مغازي النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنه كان فريد عصره

في المنطق والحكمة والكلام والتصوف، وكان كثير الدرس والإفادة، انتهت إليه رياسة التدريس

بكشمير، قال: إنه ولد أعمى ولكن الله سبحانه كشف بصيرته فاشتغل بالعلم وصار من أكابر العلماء،

قرأت عليه المعاني والبيان والبديع والمنطق والحكمة والكلام والتصوف واستفدت منه كثيراً، انتهى.

مات سنة ست وأربعين وتسعمائة بكشمير فدفن بقرية خنده بوره، كما في روضة الأبرار.

الشيخ نصير الدين الجهونسوي

الشيخ العالم الصالح نصير الدين الصديقي الحنفي الجهونسوي أحد كبار المشايخ الجشتية، قرأ

الرسائل الفارسية في صباه، وسافر إلى بنارس فقرأ العلم على الشيخ حسن ابن داود البنارسي، ثم

سافر إلى جونبور وأخذ عن الشيخ جندن المحدث الجونبوري، وتخرج

ص: 438

عليه ثم رجع إلى بنارس،

وأمره شيخه الحسن بن داود بالتدريس فسار إلى مصطفى آباد مئو ودرس بها زماناً، ولما سافر

شيخه الحسن للحج وفد عليه بمصطفى آباد وألبسه الخرقة ولقنه الذكر وودعه، وكان نصير الدين

يريد أن يسافر معه للحج فلما استخلفه الحسن جاء إلى جهونسي قرية بمقربة إله آباد ما وراء نهر

كنك ودخل الأربعينية مرة بعد مرة، واشتغل بالذكر والصيام والقيام مع لزم الجمعة والجماعة، وأخذ

الطريقة الشطارية عن الشيخ فريد الدين أحمد الكوالياري ورزق حسن القبول، له مصنف لطيف في

أشغال الطريقة يسمى محبوب السالكين، ولقبه الشيخ فريد أسد العلماء، مات لعشر ليال بقين من ربيع

الأول سنة ثمانين وتسعمائة بجهونسي، كما في كنج أرشدي.

الشيخ نصير الدين الجونبوري

الشيخ الصالح نصير الدين بن محمد بن رفيع الدين بن نجم الدين بن ركن الدين العباسي السمرقندي

ثم الهندي الظفر آبادي أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ قطب الدين البصير الجونبوري

القلندر، وانتقل من جونبور إلى قرية بيكو من أعمال ماهل على عشرة أميال من جونبور فسكن بها،

ومات لخمس بقين من جمادي الأولى سنة خمس عشرة وتسعمائة.

الشيخ نصير الدين الهندولي

الشيخ الصالح نصير الدين الهندولي أحد رجال العلم والطريقة، كان من خلفاء الشيخ سليمان بن

عفان المندوي على ما صرح به محمد بن الحسن في كلزار أبرار وذكره البدايوني في تاريخه قال:

إني أدركته بآكره في بيت السيد شاه مير بن أخ السيد رفيع الدين المحدث فوجدته شيخاً منوراً حسن

الأخلاق، وكان مشتهراً بصناعة الكيمياء، وقيل: إن همايون شاه التيموري لما انهزم بجوسه - بفتح

الجيم المعقود - ووصل إلى آكره أمره نصير الدين أن يجمع الأطباق وسائر آلات النحاس فجعلها

ذهباً خالصاً والسلطان حاضر عنده، انتهى، مات في عهد بيرم خان.

الشيخ نظام الدين الكاكوروي

الشيخ العالم الكبير نظام الدين بن سيف الدين بن نظام الدين العلوي الكاكوروي المشهور بالشيخ

بهيكه وقيل: بهيكن - بكسر الموحدة - بعدها هاء وياء مد، كان من نسل محمد ابن الحنفية، ولد

بكاكوري من أعمال لكهنو سنة تسعين وثمانمائة، وقرأ العلم على والده وعلى الشيخ عبد اللطيف

الهروي، وقرأ صحيح البخاري وجامع الأصول على مولانا ضياء الدين المحدث قراءة تدبر وإتقان،

ثم سافر إلى دهلي وأخذ الطريقة عن الشيخ إبراهيم بن معين الحسيني الأيرجي ولازمه مدة، ثم رجع

إلى كاكوري ودرس وأفاد زماناً، ثم راح إلى كالبي وأخذ عن الشيخ إبراهيم بن أحمد بن الحسن

الشريف الحسيني الكيلاني ورجع إلى كاكوري واشتغل بالتدريس والتلقين.

وكان لا يفشي حقائق الطريقة لعامة الناس ويقول: من يفشيها يخشى عليه من سوء الخاتمة، وكان

يستمع الغناء وينهى عنه غيره، ذكره البدايوني.

ومن مصنفاته المنهج في أصول الحديث، والمعارف وشرح الملهمات القادرية كلاهما في الحقائق.

مات سنة إحدى وثمانين وتسعمائة، كما في كشف المتواري.

الشيخ نظام الدين المندوي

الشيخ الصالح نظام الدين بن شرف الدين بن غياث الدين الحسيني المندوي كان من نسل الشيخ

الكبير محمد بن يوسف الحسيني الدهلوي المدفون بكلبركه، أخذ الطريقة عن الشيخ برهان الدين

الجشتي واشتغل عليه بالأذكار والأشغال زماناً، وكان يتكسب بالمهنة ويأكل من عمل يده، تردد إليه

بهادر شاه الكجراتي وهمايون شاه التيموري وأدركاه، وله أربعة وعشرون ابناً كلهم صلحاء.

مات لإحدى عشرة بقين من ذي الحجة سنة خمسين وتسعمائة فدفن بمندو على ساكرنال، كما في

كلزار أبرار.

الشيخ نظام الدين النارنولي

الشيخ العالم الكبير نظام الدين بن عبد الكريم

ص: 439

الحنفي النارنولي أحد كبار المشايخ الجشتية، قيل: كان

إسمه إله داد، وكان والده من أصحاب الشيخ محمد غوث الكواليري صاحب الجواهر الخمسة، فسافر

معه إلى كواليار وسكن بزاوية الشيخ محمد غوث، وجد في البحث والاشتغال حتى برع في العلم

وفاق أقرانه في العلوم الآلية والعالية، ثم لازم الشيخ خانون بن العلاء الناكوري وأخذ عنه الطريقة،

وتولى الشياخة بنارنول أربعين سنة، وكانت له مدرسة عظيمة بنارنول، أخذ عنه خلق كثير من

العلماء والمشايخ، توفي لليلتين بقيتا من صفر سنة سبع وتسعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

الشيخ نظام الدين الأميتهوي

الشيخ العالم الفقيه الزاهد نظام الدين بن محمد يسين بن فخر الدين بن أبي الفضل بن تاج الدين

العثماني الأميتهوي أحد كبار المشايخ الجشتية، كان من نسل الشيخ سري القسطي العثماني، ولد سنة

تسعمائة بأميتهي بلدة مشهورة من بلاد أوده، واشتغل بالعلم من صباه، وسافر إلى جونبور وقرأ على

الشيخ معروف ابن عبد الواسع الجونبوري ولازمه مدة، ثم سافر إلى مانكبور وأخذ الطريقة عن

الشيخ نور بن الحامد الحسيني المانكبوري، وعاد إلى جونبور، ثم إلى أميتهي وتزوج بها بمخدومة

جهان بنت خاصة خدا الصالحي، ثم سار إلى كوبامؤ وزوج ابنته بالمفتي آدم بن محمد الصديقي

وسكن بها زماناً، ثم رجع إلى بلدته وانقطع إلى الزهد والعبادة والتدريس، وتزوج في كبر سنه بابنة

الشيخ عبد الرزاق ابن خاصة خدا الصالحي، وله ستة أبناء من بطن مخدومة: عبد الجليل، وعبد

الوهاب، وعبد الواسع، ومحمد، وأحمد، وعبد الحليم، مات منهم عبد الواسع ثم عبد الوهاب ثم عبد

الجليل في حياته، وتولى الشياخة بعد محمد فنازعه أحمد وذهب إلى كوبامؤ فمات بها، وكان له ابن

وحيد من بطن الزوجة الثانية يسمى بجعفر.

وكان من العلماء الربانيين، انتفع به خلق كثير، ولم يزل مشتغلاً بالتدريس والتلقين مع حسن القصد

والإخلاص والابتهال إلى الله سبحانه وشدة الخوف منه ودوام المراقبة له، ما رآه أحد إلا في بيته أو

في مسجده، وكان لا يسافر إلا أحياناً إلى خير آباد للقاء الشيخ نظام الدين الحسيني الخير آبادي، أو

إلى فتحبور للقاء الشيخ عبد الغني بن حسام الدين الفتحبوري، أو إلى كوبامؤ للقاء الشيخ مبارك بن

الشهاب الكوباموي.

وكان لا يفشي أسرار المعرفة لأحد، وكان مداره في السلوك على إحياء العلوم والعوارف والرسالة

المكية وآداب المريدين وأمثالها من الكتب، قال البدايوني: إنه رأى الفصوص لابن عربي في يد

الشيخ أبي الفتح بن نظام الدين الخير آبادي فاختطفه من يده وأعطاه كتاباً آخر للمطالعة، وكان

يصلي الأربعة الاحتياطية قبل صلاة الجمعة، ولا يدعو للسلاطين في الخطبة أصلاً، ولا يبايع أحداً

إلا نادراً، ولا يرشد أصحابه إلى الأشغال ولا يلقنهم وكان يصلي متنعلاً ويقول: إن النبي صلى الله

عليه وسلم صلى متنعلاً، ويصلي صلاة الفجر في الغلس، وكان يحترز عن سماع الغناء وينهى عنه

أصحابه ويقول: إن دار الأمر بين الحلة والحرمة فالأخذ بالأحوط أولى، انتهى ما ذكره البدايوني.

توفي لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة تسع وسبعين وتسعمائة، فبنى على قبره تردي بيك خان عمارة

عالية، وأرخ لوفاته الشيخ جنيد السنديلوي وكان من أصحابه فلك كفتا كه او بادوست بيوست.

الشيخ نظام الدين الخير آبادي

الشيخ العالم الكبير نظام الدين بن السيد ميرن بن نور بن مدن بن سعيد ابن قاضي شيخ بن إنعام

الدين بن ركن الدين بن محمد بن نور بن أحمد بن محمود الحسيني الخير آبادي أحد العلماء

المشهورين، كان من نسل السيد محمود الحسيني الشيوراني، ولد ونشأ ببلدة سنديله - بفتح السين

المهملة - وبايع الشيخ سعد الدين بن القاضي بدهن الخير آبادي في صغر سنه، وسافر للعلم إلى

سنبهل فقرأ على العلامة عزيز الله التلنبي وعلى غيره من العلماء في بلاد أخرى، ورجع إلى خير

آباد وتصدر للتدريس فدرس وأفتى وصار من أكابر العلماء في حياة شيوخه الكرام، وقصده الطلبة

ص: 440

من الأقطار البعيدة وتخرجوا عليه، وأخذته الجذبة الربانية في أثناء التدريس فسار إلى سائين بور

ولازم صفي الدين عبد الصمد السائين بوري وأخذ عنه الطريقة، وتولى الشياخة بخير آباد من حسن

القصد والإخلاص والانقطاع إلى الله سبحانه والتجرد عن الأسباب والتقلل عن الدنيا ورد ما يفتح به

عليه، مات لسبع خلون من ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة، كما في أخبار الأصفياء.

الشيخ نظام الدين البدخشي

الشيخ العلامة نظام الدين الحنفي البدخشي نواب غازي خان كان من نسل الحسن بن أبي الحسن

البصري، ولد بخراسان وقرأ العلم على مولانا محمد سعيد والعلامة عصام الدين إبراهيم الإسفراييني

وعلى غيرهما من الأساتذة، وتلقن الذكر عن الشيخ حسين الخوارزمي، وقدم الهند سنة اثنتين

وثمانين وتسعمائة فتقرب إلى أكبر شاه التيموري، فلقبه بغازي خان وأدناه وأهله للعناية والقبول

وولاه الأعمال الجليلة.

وقال البدايوني: هو الذي اخترع السجدة للسلطان تحية له، والله أعلم.

له مصنفات عديدة منها حاشية بسيطة على شرح العقائد ورسالة في إثبات الكلام وإيمان التحقيق

والتصديق.

مات سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة بأرض أوده، وله سبعون سنة.

جام نظام الدين السندي

الملك الفاضل نظام الدين ننده بن باينه بن انر بن صلاح الدين بن تماجي كان من ولاة السند من

قبيلة سمه، واسمه ننده - بنونين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة - نسبه الشهاب أحمد بن حجر المكي

في رسالته رياض الرضوان في مآثر عبد العزيز آصف خان إلى عمر بن الخطاب الخليفة العدوي

القرشي وقال سمعته منه - أي من آصف خان - قال: وأخبرني بعض الثقات أنه سمع منه أنه

مخزومي، فلعل في نسبته من بني مخزوم أيضاً، انتهى، والمشهور أنه هندي النجار من قبيلة سمه،

والله أعلم.

ولي الملك بعد سحر لخمس بقين من ربيع الأول سنة ست وستين وثمانمائة وامتدت أياماً إلى ثمان

وأربعين سنة.

وكان ملكاً فاضلاً عادلاً رحيماً كريماً محباً لأهل العلم محسناً إليهم، استقدم إلى بلاده العلامة جلال

الدين محمد بن أسعد الصديقي الدواني وبعث إليه شمس الدين والمير معين الدين وبعث الهدايا إليه،

وكان الدواني مات قبل أن يصل إليه هداياه.

وكان نظام الدين كارهاً لمحاربة المسلمين يمسح نواصي خيله ويقول: لا سمح الله أن نركبها! لأن

حدود ملكه كانت متصلة بحدود المسلمين.

وكان تقياً متورعاً ملازماً للخيرات والمبرات، وكان عصره من أحسن الأعصار وزمانه من أنضر

الأزمنة، مات نحو سنة أربع عشرة وتسعمائة.

الشيخ نظام الدين المنيري

الشيخ الفاضل نظام الدين المنيري القلندر كان ابن أخت الشيخ قطب الدين العمري الجونبوري

وصاحبه، أخذ عنه الطريقة، وله القصيدة الكبرى وشرحها صراط المستقيم صنفها سنة ثمانين

وتسعمائة، وقبره في الذخيرة ما بين عظيم آباد ومنير، كما في أصول المقصود.

الشيخ نوح بن نعمة الله السندي

الشيخ الفاضل العلامة نوح بن نعمة الله الصديقي الحنفي السندي، كان يسكن بهاله كندى قرية من

أعمال السند، وانتهت إليه الرئاسة العلمية، يذكره عيسى بن قاسم الشهابي السندي بالخير ويقول: إنه

كان يفسر القرآن الكريم بالمعاني الدقيقة، حكى عنه محمد بن الحسن في كلزار أبرار، مات يوم

الخميس لأربع ليال بقين من ذي القعدة سنة ثمان وتسعين وتسعمائة بهاله كندى، ذكره القانع في تحفة

الكرام.

الشيخ نور الحق الحسيني المانكبوري

الشيخ الكبير نور الحق بن الحامد الحسيني

ص: 441

المانكبوري أحد كبار المشايخ الجشتية، ولد ونشأ

بمانكبور ولازم أباه ملازمة طويلة وأخذ عنه وتولى الشياخة بعده، أخذ عنه خلق كثير، وكان صاحب

كشوف وكرامات كوالده، مات في سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، كما في كنج أرشدي.

الشيخ نور الدين السفيدوني

الشيخ العالم الكبير نور الدين بن سلطان علي الرضوي الهروي ثم الهندي السفيدوني، كان من

العلماء المبرزين في الهيئة والهندسة والأصطرلاب، ولد بجام من أعمال خراسان ونشأ في مشهد

الرضا، وقدم الهند في أيام همايون شاه التيموري، فقربه إليه وأدناه وجعله من جلسائه وأخذ عنه

بعض الفنون، وأخذ السفيدوني عنه علم الأصطرلاب، ذكره الخوافي.

وقال البدايوني: كانت له مشاركة جيدة في المنطق والحكمة والشعر والفنون الرياضية، وكان فكهاً

لطيف الروح، كريماً جواداً من حسنات العصر، حفر نهراً كبيراً من ماء جمن وأجراه إلى كرنال ثم

إلى غيرها من البلاد قريباً من مائة أميال، فلم يزل ينتفع به الناس إلى مدة طويلة، قال: وسفيدون

قرية جامعة من أعمال سرهند كانت تحت يده في العمالة فاشتهر بها، انتهى، ومن شعره قوله:

جون دست ما بدامن وصلت نميرسد بائي طلب شكسته بدامان نشسته ايم

مات سنة أربع وتسعين وتسعمائة في أيام أكبر شاه.

الشيخ نور الدين الجونبوري

الشيخ الصالح نور الدين بن نصير الدين العباسي الجونبوري أحد مشايخ الطريقة القلندرية، أخذ

عن أبيه وعن الشيخ قطب الدين العمري الجونبوري، مات لثمان بقين من صفر سنة ثلاث وستين

وتسعمائة.

حرف الواو

مولانا وجيه الدين الكجراتي

الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة وجيه الدين بن نصر الله بن عماد الدين العلوي الكجراتي أحد كبار

الأساتذة، لا تكاد تسمع من يدانيه فيمن عاصره من العلماء في كثرة التصانيف ويجاريه في قوة

التدريس.

ولد بجانبانير من أرض كجرات سنة إحدى عشرة وتسعمائة، واشتغل بالعلم على أساتذة عصره، ثم

لازم العلامة عماد الدين محمد بن محمود الطارمي وأخذ المنطق والحكمة والكلام والأصول وغيرها

من العلوم الآلية والعالية، وأقبل على العلم إقبالاً كلياً حتى حاز قصب السبق فيه وأحكم فأفتى ودرس

وله نحو العشرين، وصنف التصانيف وصار من أكابر العلماء في حياة شيوخه، ولبس الخرقة من

الشيخ قاضي خان الجشتي النهروالي المشهور بالشيخ قاضن، ثم أخذ الطريقة العشقية الشطارية عن

الشيخ محمد غوث الكواليري صاحب الجواهر الخمسة واشتغل عليه بالأذكار والأشغال زماناً.

وكان صاحب صدق وإخلاص، قانعاً باليسير، شريف النفس، لا يمتاز عن آحاد الناس في الملبس،

ويبذل عن الطلبة والمحصلين عليه ما يفتح له، ويختار الثياب الخشنة في اللباس مع انقطاعه إلى

الدرس والإفادة والاشتغال بالله سبحانه والتجرد عن أسباب الدنيا، لم يتردد إلى بيوت الأمراء

والأغنياء إلا مرة أو مرتين في عمره مكرها، فما رآه أحد إلا في بيته أو في المسجد مشتغلاً بالإفادة

والعبادة.

وكانت له اليد الطولى في حسن التصنيف وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتبيين، ومن مصنفاته

الممتعة حاشية على تفسير البيضاوي، وحاشية على أصول البزودي، وحاشية على هداية الفقه

للمرغيناني، وعلى شرح الوقاية، وعلى المطول، على المختصر، وعلى التلويح، وعلى العضدية،

وعلى شرح التجريد للأصفهاني، وعلى شرح العقائد للتفتازاني، وعلى الحاشية القديمة للدواني،

وعلى شرح المواقف للجرجاني، وعلى شرح حكمة العين، وعلى شرح المقاصد، وعلى شرح

الجغميني، وعلى شرح الشمسية للرازي، وعلى شرح الكافية للجامي، وعلى شرح الإرشاد للدولة

آبادي، وله شرح على رسالة علي القوشجي في الهيئة، وشرح على أبيات التسهيل، وشرح على

اللوائح، وشرح على جام جهان نما

ص: 442

وشرح على النخبة في أصول الحديث.

توفي سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، فأرخ لعام وفاته بعضهم شيخ وجيه الدين، وقبره مشهور بأحمد

آباد.

الشيخ وجيه الدين الجندواروي

الشيخ العالم الصالح وجيه الدين بن نظام الدين الحسيني الجندواروي أحد المشايخ الجشتية، ولد

ونشأ بجندواره - بفتح الجيم المعقود - قرية ما بين لكهنو وفيض آباد، وقرأ الكتب الدرسية من

الميزان إلى الحسامي على أساتذة وطنه، ثم لازم الشيخ محمد بن منكن الصديقي الملاوي وسافر معه

إلى ملاوه - بتشديد اللام - وقرأ عليه فاتحة الفراغ، ثم أخذ عنه الطريقة ودخل الأربعينات والتزم

الصيام والقيام.

ومن مصنفاته مصباح العاشقين في إيضاح أحوال السالكين كتاب مفيد بالفارسي في أخبار المشايخ

الجشتية، شرع في تصنيفه سنة ست وثلاثين وتسعمائة، ورتبه على أربع مقالات: الأولى في أخبار

شيخه محمد، والثانية في أخبار شيوخ شيخه إلى معين الدين حسن السجزي الأجميري وأخبار

معاصريهم من العلماء والمشايخ، والثالثة في الأذكار والأشغال، والرابعة في أخبار تلامذة الشيخ

محمد وأصحابه في الطريقة، أوله: الحمد لله الذي يسبح له ما في السماوات والأرض، إلخ.

الشيخ ودود الله المالوي

الشيخ الصالح ودود الله بن معروف الصديقي المالوي، كان من نسل عبد الرحمن بن أبي بكر

الصديق رضي الله عنهما وكان اسمه لاد، أخذ الطريقة عن الشيخ محمد غوث الكواليري صاحب

الجواهر الخمسة ولازمه اثنتي عشرة سنة وأخذ عنه أعمال الجواهر الخمسة ولما رحل محمد غوث

إلى كجرات سكن بآشته - بلدة كانت من بلاد مالوه واليوم قرية جامعة من أعمال بهوبال - فأقام بها

إلى سنة أربع وسبعين وتسعمائة، ثم سار نحو جامود - قرية من أعمال برهانبور - وسكن بها إلى

أن توفي إلى رحمة الله سبحانه، وعمره جاوز مائة سنة، مات سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة بجامود،

كما في كلزار أبرار.

الشيخ ولي الشطاري

الشيخ الصالح ولي بن الولي الشطاري أحد المشايخ العشقية الشطارية، أخذ عن الشيخ حافظ واسطه

كار، وأخذ عنه الشيخ بهاء الدين زكريا الأجودهني وابن أخيه الشيخ حاجي بن علم الدين العجائب

وخلق آخرون، مات سنة ست وخمسين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.

الشيخ ولي محمد الكجراتي

الشيخ الصالح ولي محمد الحنفي الشطاري الكجراتي أحد المشايخ الشطارية، ولد بجانبانير ونشأ

بها، وبايع الشيخ قطب الدين النهروالي الذاكر، ثم لازم الشيخ محمد غوث الكواليري وأخذ عنه

الطريقة، له شرح على نزهة الأرواح، انتقل من كجرات إلى برهانبور سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة

فسكن بها إلى أن توفي سنة سبع وثمانين وتسعمائة، كما في تاريخ برهانبور.

حرف الهاء

الشيخ هبة الله الشيرازي

الشيخ الفاضل العلامة هبة الله بن عطاء الله بن لطف الله بن سلام الله ابن روح الله الحسيني

الشيرازي المشهور بشاه مير، كان من كبار العلماء، ولد ونشأ بشيراز، وقرأ العلم على أساتذة الشيخ

صدر الدين الشيرازي صاحب الأسفار الأربعة مشاركاً له في الأخذ والقراءة، وأخذ الحديث عن جده

لأمه الحافظ نور الدين أبي الفتوح الطاؤسي ولبس منه الخرقة ولازمه زماناً، ثم أدرك الولي الكبير

دده عمر روشني الخلوتي الآيدهني ثم التبريزي المتوفي بتبريز سنة إحدى أو اثنتين وتسعين

وثمانمائة وكان من كبار المشايخ، وروشني لقبه في الشعر فإنه كانت له أشعار بالتركية، فلازمه وأخذ

عنه بدار السلطنة بتبريز، ثم دخل كجرات

ص: 443

سنة ثمان وتسعين وثمانمائة في أيام السلطان محمود شاه

الكبير وسكن بجانبانير فهجم عليه المحصلون ووفدوا عليه من بلاد شاسعة.

وله مصنفات جليلة منها أسنى الكواشف في شرح المواقف ولوامع البرهان في قدم القرآن وشرح

تهذيب المنطق والكلام والمحاكمة على شرح الشمسية في المنطق، ورسالة في الهيئة، ورسالة في

أصول الحديث، ورسالة في المسلسلات.

همايون شاه التيموري

الملك الفاضل همايون بن بابر بن عمر التيموري، السلطان نصير الدين همايون شاه، ولد ليلة

الثلاثاء لأربع خلون من ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وتسعمائة بقلعة كابل، ونشأ في مهد السلطة وأخذ

من الفنون الحربية والسياسة ما يليق بأبناء الملوك، وأضاف إلى ذلك معرفة اللغة التركية والفارسية

وعلم الهيئة والهندسة والنجوم والشعر والألغاز، وتبحر في علم الأصطرلاب، وأخذ عنه نور الدين

السفيدوني، وهو أخذ عن السفيدوني غيرها من الفنون، وأخذ عن الشيخ جلال التتوي السندي والشيخ

أبي القاسم الجرجاني ومولانا إلياس الأردبيلي، قرأ عليهما درة التاج للعلامة قطب الدين الرازي،

وكان دائم الاشتغال بمطالعة الكتب ومذاكرتها،

قام بالملك بعد أبيه في تاسع جمادي الأولى سنة سبع وثلاثين وتسعمائة بمدينة آكره، فأرخ له بعض

العلماء خير الملوك، ووزع الأموال الطائلة على الخاصة والعامة، ثم نفذ وصية والده وحاصر قلعة

كالنجر الشهيرة بالمناعة والحصانة وفتحها، ثم توجه إلى جونبور حيث كان محمود اللودهي قد جمع

الأفغان وثار على همايون فهزمه، وأضاف المقاطعة الشرقية إلى مملكته وعطف عنان عزيمته إلى

كجرات، وهزم تاتار خان وعسكره، ثم واجه بهادر شاه الكجراتي في مندسور، ووقع من خيانة

الأمير مصطفى بن بهرام المعروف برومي خان ما شرحت قصته في ترجمة رومي خان، فتغلب

همايون على مالوه ثم على كجرات في قتال شديد وحصار طويل.

وبينما كان همايون في مالوه حيث كان يستجم ويرويح نفسه إذ سمع أن منافسه الكبير في حكومة

الهند شير خان قد جمع قوة كبيرة في بنكال وبهار وهو خطر يهدد الدولة المغولية، فتوجه همايون

من مالوه وقصد الشرق ووقعت المعركة بينه وبين شير خان في جوسه على خمسين ميلاً من مدينة

آره، وانهزم همايون هزيمة منكرة، وغرق آلاف من رجاله في ماء كنك، وأشرف همايون على

الغرق ولكنه نجا بمساعدة نظام السقاء وكان ذلك سنة 946 هـ، والتجأ همايون إلى آكره حيث جمع

فل جنوده وحشد عساكره، ثم توجه إلى شير خان ووقعت المعركة في قنوج، وانهزم همايون مرة

ثانية وذلك في المحرم سنة 947 هـ، والتجأ إلى آكره ثم إلى لاهور وشير خان يتبعه وإخوته يخذلونه

ويغدرون به حتى دخل السند وهو هائم على وجهه لا يجد من يؤويه وينجده ولا يملك لا بعيراً ركبه

مع زوجه وهي حامل حتى وصل إلى عمر كوت حيث ولد ابنه جلال الدين أكبر، ووصل إلى

قندهار وسمع أن أخاه مرزا عسكري خرج ليأسره، فترك ولده في قندهار ودخل في حدود إيران، وتم

استيلاء شير خان على الهند وتلقب بشير شاه.

وعن طريق هرات والمشهد وصل همايون إلى قزوين، واستنجد طهماسب شاه الصفوي الذي أحسن

ضيافته وأكرم مثواه وأنجده بألف وأربعمائة مقاتل، ورجع همايون إلى الهند وأخضع إخوته الثلاثة

وصفح عنهم، وكان شير شاه السوري الملك العظيم قد توفي في هذه المدة، وفتح همايون بنجاب،

وانتزع من سكندر شاه السوري آكره ودهلي، واسترد ملك الهند وأراد أن يتتبع أعداءه ومنافسيه

ولكنه فوجئ بالوقوع من مكتبته التي كان يطالع فيها وقد سمع الأذان، ومات بعد بضعة أيام وكان

ذلك في الثاني عشر من ربيع الأول سنة 963 هـ.

وكان همايون ملكاً فاضلاً، له اليد الطولى في العلوم الرياضية وكان شغوفاً بالعلم، دائم الصحبة

للعلماء وأهل الفضل، وكان يحافظ على الوضوء ويكره أن يسمى الله على غير وضوء، ونسبه

بعض المؤرخين إلى التشيع، ونفاه آخرون وذكروا أنه كان سني العقيدة حنفي المذهب مجتنباً عن

المناهي.

وكان لا يقل عن أبيه في الشجاعة والكفاءة ولكنه

ص: 444

كان دونه في الجلادة وتحمل المشاق، وكان إذا

حارب طويلاً استراح طويلاً بخلاف أبيه، وله أخبار تدل على شجاعته ورباطة جأشه، منها أنه لما

استعصى عليه فتح قلعة جانبانير وطال الحصار غرز همايون الأوتار في سور القلعة وصعد على

القلعة ودخل فيها في ثلاثمائة رجل وفتح باب القلعة قسراً وكان الفتح.

وقد غلبته طبيعة الجود والرحمة وأسرف فيهما، فكان ذلك من أعوان أعدائه عليه، ومن أسباب

نكبته مراراً، كان إخوته يغدرون به دائماً وهو يصفح عنهم دائماً ويوليهم الأعمال الجليلة، ولذلك فقد

كجرات وبنجاب مرتين.

وكان شاعراً أديباً وسيماً أسمر اللون، مات في قلعة دهلي القديمة ودفن في كيلو كهري، وعلى قبره

مقبرة عظيمة، وصنف في أخباره جواهر الأفتابجي كتابه واقعات همايون وأخته كلبدن بيكم همايون

نامه.

حرف الياء

مولانا يار محمد السندي

الشيخ العالم الكبير يار محمد بن عبد العزيز الأبهري ثم الكاهاني السندي أحد فحول العلماء، انتقل

من هراة مع والده سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، ودخل السند في عهد الجام فيروز فسكن بكاهان

قرية من أعمال سيوستان، واشتغل بالدرس والإفادة.

وكان جليل القدر رفيع المنزلة حسن المعاشرة لين الكنف، أخذ العلم عن أبيه، وعنه جمع كثير من

العلماء، مات بكاهان ودفن بها، ذكره النهاوندي في المآثر.

مولانا يار محمد السندي

الشيخ الفاضل يار محمد البكري الحنفي السندي أحد الأفاضل المشهورين في عصره لم يكن له

نظير في الإنشاء، بعثه محمود شاه السندي بالرسالة إلى همايون شاه التيموري فرجع وسكن بستيبور

ومات بها، ذكره القانع في تحفة الكرام.

الشيخ يحيى بن أبي الفيض الأحراري

الشيخ العالم الفقيه يحيى بن أبي الفيض بن عبد الله بن الشيخ الأجل عبيد الله الأحرار الأحراري

السمرقندي أحد العلماء المشهورين في الصناعة الطبية، ولم يكن له نظير في زمانه في الخط، يكتب

بسبعة أقلام جيداً غاية الجودة.

وكان صاحب الأخلاق الرضية والخصال المرضية كريماً مؤثراً، يبذل كل ما يحصل له من أقطاعه

على الناس وينفعهم نفعاً عظيماً.

بعثه أكبر شاه إلى الحجاز وأعطاه صرة فسار إلى الحرمين الشريفين وحج وزار ورجع إلى آكره،

ومات بها سنة تسع وتسعين وتسعمائة، كما في مهر جهانتاب.

السيد يسين السامانوي

الشيخ العالم الصالح يسين بن أبي يسين الحنفي الشطاري السامانوي كان من بني أعمام السيد شاه

مير السامانوي، سافر للعلم ولازم الشيخ وجيه الدين العلوي الكجراتي وقرأ عليه الكتب وأخذ عنه

الطريقة، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وأخذ الحديث عن مشايخ عصره، ثم رجع إلى

الهند وأقام بلاهور مدة عند بعض الأمراء، ثم اعتزل عنه وانقطع إلى الله سبحانه بالكلية وتزيا بزي

الفقراء، وأقام بسرهند مدة يربى المريدين ويرشد السالكين، وكان يريد أن يذهب إلى كجرات مرة

ثانية ليذهب إلى الحجاز، فلم يتيسر له ذلك فسافر إلى بنكاله وأقام بناحية بهار مدة، أخذ عنه الشيخ

شهباز محمد البهاكلبوري وجمع كثير ومات بها، لم أقف على سنة وفاته.

الشيخ يعقوب الكجراتي

الشيخ الصالح يعقوب بن خوندمير بن بدا بن يعقوب بن محمود الفتني الكجراتي أحد العلماء

العاملين، ولد ونشأ بكجرات، وأخذ عن والده وعن الشيخ محمد اختيار الكجراتي وقرأ عليه ولازمه

مدة وصار من أكابر عصره، تذكر له كشوف وكرامات، مات لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة سبع

وعشرين وتسعمائة، كما في مرآة أحمدي.

ص: 445

القاضي يعقوب المانكبوري

الشيخ الفقيه القاضي يعقوب بن أبي يعقوب الحنفي القاضي كمال الدين المانكبوري كان من العلماء

المبرزين في الفقه والأصول، ولي القضاء بعد ما توفي صهره القاضي فضيلة وتقرب إلى أكبر شاه

التيموري، فولاه قضاء المعسكر فصار قاضي قضاة الهند واستقل به زماناً، ثم عزل وولي القضاء

الأكبر بأرض بنكاله.

وكان فيه دعابة وخفة روح بشوشاً لطيف الطبع، ينشئ الأشعار العربية في البحور الهندية، ويأكل

المعاجين المقوية المبهية ويكثر منها.

ذكره البدايوني وقال: لما خرج محمد معصوم الكابلي في بنكاله على أكبر شاه المذكور وافقه في

البغي والخروج، فعزله عن القضاء الأكبر وأمر بحبسه في قلعة كواليار، فمات قبل أن يصل إلى

القلعة، انتهى.

وقال بعض أهل الأخبار: إن أكبر شاه المذكور أمر باتلافه فقتلوه، وكان ذلك نحو سنة ثمان وتسعين

وتسعمائة.

ومن آثاره الباقية أبنية رفيعة وأنهار وحياض وبساتين، منها حوض كبير في هنسوه وهي قرية

جامعة من أعمال فتحبور.

الشيخ يوسف بن أحمد الكجراتي

الشيخ الفاضل الكبير يوسف بن أحمد بن محمد بن عثمان الحسيني الكجراتي أحد الأفاضل

المشهورين في عصره، له منظر الإنسان ترجمة تاريخ ابن خلكان بالفارسية، صنفه للسلطان محمود

شاه الكبير، لعله في سنة تسع وثمانين وثمانمائة بعبارة حسنة تشعر باتقانه في معرفة اللسانين ويخبر

بما يشهد له بالفضل كلا الفريقين.

وكان جده السيد عثمان من كبار خلفاء برهان الدين عبد الله بن محمود بن الحسين الحسيني

البخاري الكجراتي، ذكره الآصفي في تاريخه.

الشيخ يوسف بن داود الملتاني

الشيخ الصالح يوسف بن داود الحنفي الملتاني أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ جلال

الدين التهانيسري ولازمه مدة من الزمان ثم سكن بآكره، أدركه الشيخ رفيع الدين الشيرازي المحدث

واستفاض منه، مات ودفن بآكره في حياة الشيخ رفيع الدين المذكور، ذكره محمد بن الحسن.

الشيخ يوسف بن سليمان الكجراتي

الشيخ الفاضل يوسف بن سليمان الإسماعيلي السده بوري الكجراتي أحد دعاة المذهب الإسماعيلي،

ذكره سيف الدين عبد العلي في المجالس السيفية قال إنه سار إلى بلاد اليمن وأخذ علم التنزيل

والتأويل عن الشيخ عماد الدين إدريس ابن الحسن الإسماعيلي اليمني، ونص له العماد بالدعوة إلى

مذهبه بعده، فرجع إلى الهند وانتقلت الدعوة بانتقاله إلى بلاد الهند، ولما احتضر يوسف نص بالدعوة

لجلال الدين الكجراتي، انتهى.

الشيخ يوسف بن عبد الله التميمي

الشيخ الفاضل يوسف بن عبد الله التميمي الأنصاري الأكبر آبادي، أحد رجال العلم والطريقة، قرأ

على والده ثم لازم الشيخ إسماعيل بن أبدال الشريف الحسني الأجي وأخذ عنه وتزوج بابنته العفيفة،

ولما مات الشيخ إسماعيل تولى الشياخة مكانه فدرس وأفاد مدة من الزمان مع صدق وعفاف، ومات

في آخر شوال سنة أربع وتسعين وتسعمائة بآكره، كما في أخبار الأصفياء لحفيده عبد الصمد بن

أفضل محمد بن يوسف التميمي.

مولانا يوسف الكجراتي

الشيخ الفاضل يوسف بن أبي يوسف الكجراتي ثم البرهانبوري أحد الأذكياء، ولد بأرض بنكاله

وسافر للعلم، فساح البلاد واحداً بعد واحد حتى وصل إلى كجرات، ولازم العلامة وجيه الدين العلوي

الكجراتي وأخذ عنه العلم وتلقى منه الذكر، وسار إلى برهانبور فسكن بها وتزوج، أخذ عنه عيسى

ابن القاسم السندي وبير محمد الحليم وخلق كثير من العلماء والمشايخ، ذكره محمد بن الحسن.

ص: 446

مولانا يوسف السندي

الشيخ العالم الصالح يوسف بن أبي يوسف الحنفي السندي، كان من أهل التفنن في العلوم الشرعية،

مقدماً في المعارف الأدبية، ثاقب الذهن في تمييز الصواب عن الخطأ، وكان في عهد مرزا باقي أحد

ولاة السند، ذكره النهاوندي.

يوسف عادل شاه البيجابوري

الملك الفاضل يوسف عادل شاه الشيعي البيجابوري، قيل: إن أصله من العائلة العثمانية وإنه كان

من أبناء مراد بن با يزيد اليلدرم المتوفي سنة أربع وخمسين وثمانمائة، خرج بعد ما توفي والده

وولي مكانه صنوه محمد مخافة القتل، وسافر إلى ساوه ثم دخل الهند وقدم أحمد آباد بيدر وخدم

سلطانها مدة طويلة، وولي على بيجابور بعد مدة واستقل بالملك سنة خمس - وقيل ست - وتسعين

وثمانمائة، وضبط البلاد واستولى على أكثر بلاد الملوك البهمنية وذلك في أيام محمود شاه البهمني،

ولقب نفسه بعادل شاه، وخطب للأئمة الاثني عشر بمدينة بيجابور سنة ثمان وتسعمائة وروج في

أهلها مذهب الإمامية، وهو أول ملك من ملوك الهند خطب للأئمة في بلاده وروج ذلك المذهب.

وكان عادلاً كريماً حليماً مقداماً باسلاً ماهراً في العروض والقافية والشعر والموسيقى وضرب العود

والطنبور، وكان جيد الخط يكتب النستعليق بالجودة والحلاوة، كان حسن الشكل محباً لأهل العلم

محسناً إليهم، ومن شعره قوله:

آن كس كه علم به نيكنامي افراشت در مزرع دهر تخم بنكوئي كاشت

نيكوان زنده جاويد اند مرد آنكه بمرد ونام نيكو نكذاشت

توفي سنة ست عشرة وتسعمائة.

الشيخ يوسف القتال الدهلوي

الشيخ الصالح الكبير يوسف القتال الدهلوي كان من كبار الأولياء، أخذ عن القاضي جلال الدين

اللاهوري ولازمه مدة، مات بدهلي سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، وعلى قبره أبنية فاخرة بناها الشيخ

علاء الدين بن نور الدين الأجودهني سنة ثلاث وتسعمائة في حياة الشيخ، وكان ذلك في عهد سكندر

شاه اللودي.

مولانا يونس السمرقندي

الشيخ العلامة يونس بن أبي يونس الحنفي السمرقندي ثم السندي أحد كبار العلماء في العلوم

الحكمية، قدم السند وقرأ عليه مرزا حسين شاه السندي شرح المواقف للجرجاني وغيره من الكتب،

مات سنة إحدى وخمسين وتسعمائة، ذكره النهاوندي.

مولانا يونس السندي

الشيخ الفاضل يونس بن أبي يونس الحنفي السندي أحد الأساتذة المشهورين، أخذ عنه القاضي عبد

الغني والسيد إبراهيم البهكري والشيخ نظام الدين بن كبير والشيخ طيب السندي والقاضي إسحاق

الآثيري وخلق آخرون، ذكره محمد ابن الحسن في كلزار أبرار.

ص: 447