المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم من كذب بالخلق او انكر معلوما من الدين بالضرورة - الفقه الأبسط

[أبو حنيفة النعمان]

الفصل: ‌حكم من كذب بالخلق او انكر معلوما من الدين بالضرورة

‌حكم من كذب بالخلق اَوْ انكر مَعْلُوما من الدّين بِالضَّرُورَةِ

قَالَ أَبُو مُطِيع قلت لأبي حنيفَة رحمه الله فَإِذا استيقن بِهَذَا وَأقر بِهِ فَهُوَ مُؤمن قَالَ نعم

إِذا أقرّ بِهَذَا فقد أقرّ بجملة الْإِسْلَام وَهُوَ مُؤمن

فَقلت إِذا أنكر بِشَيْء من خلقه فَقَالَ لَا ادري من خَالق هَذَا

قَالَ فَإِنَّهُ كفر لقَوْله تَعَالَى {خَالق كل شَيْء} فَكَانهُ قَالَ لَهُ خَالق غير الله وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لَا اعْلَم ان الله فرض عَليّ الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالزَّكَاة فَإِنَّهُ قد كفر

لقَوْله تَعَالَى {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة} وَلقَوْله تَعَالَى {كتب عَلَيْكُم الصّيام} وَلقَوْله تَعَالَى {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ وَله الْحَمد فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وعشيا وَحين تظْهرُونَ} فَإِن قَالَ أُؤْمِن بِهَذِهِ الْآيَة

ص: 94

وَلَا أعلم تَأْوِيلهَا وَلَا اعْلَم تَفْسِيرهَا فَإِنَّهُ لَا يكفر لِأَنَّهُ مُؤمن بالتنزيل ومخطىء فِي التَّفْسِير الخطا فِي التاويل لَا يكفر بِهِ الْمَرْء وَالْجَاهِل فِي أَرض الشّرك لَا يكفر قلت لَهُ لَو أقرّ بجملة الاسلام فِي أَرض الشّرك وَلَا يعلم شَيْئا من الْفَرَائِض والشرائع وَلَا يقر بِالْكتاب وَلَا بِشَيْء من شرائع الْإِسْلَام الا انه مقرّ بِاللَّه تَعَالَى وبالإيمان وَلَا يقر بِشَيْء من شرائع الْإِيمَان فَمَاتَ أهوَ مُؤمن

قَالَ نعم قلت وَلَو لم يعلم شَيْئا وَلم يعْمل بِهِ الا أَنه مقرّ بِالْإِيمَان فَمَاتَ

قَالَ هُوَ مُؤمن

تَعْرِيف أبي حنيفَة للْإيمَان وتفويض الْأَعْمَال إِلَى الله تَعَالَى وكل ميسر لما خلق لَهُ قلت لأبي حنيفَة أَخْبرنِي عَن الْإِيمَان

قَالَ أَن تشهد ان لَا إِلَه الا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَتشهد بملائكته وَكتبه وَرُسُله وجنته وناره وقيامته وخيره وشره

ص: 96

وَتشهد انه لم يُفَوض الْأَعْمَال الى اُحْدُ وَالنَّاس صائرون الى مَا خلقُوا لَهُ والى مَا جرت بِهِ الْمَقَادِير فَقلت لَهُ رَأَيْت إِن أقرّ هَذَا كُله لكنه قَالَ الْمَشِيئَة إِلَيّ إِن شِئْت آمَنت وَإِن شِئْت لم اؤمن لقَوْله تَعَالَى {فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر}

فَقَالَ ذَلِك فِي زَعمه أَلا ترى الى قَوْله تَعَالَى {كلا إِنَّه تذكرة فَمن شَاءَ ذكره وَمَا يذكرُونَ إِلَّا أَن يَشَاء الله}

ص: 98

وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله} وَقَوله تَعَالَى {فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر} هَذَا وَعِيد وَلِهَذَا لم يكفر لِأَنَّهُ لم يرد الْآيَة وَإِنَّمَا اخطأ فِي تَأْوِيلهَا وَلم يرد بِهِ تنزيلها

قلت لَهُ إِن قَالَ إِن إصابتي مُصِيبَة فَسُئِلت أَهِي مِمَّا ابتلاني الله بهَا اَوْ هِيَ مِمَّا اكْتسبت أجَاب قَائِلا لَيست هِيَ مِمَّا ابتلاني الله بهَا

أيكفر قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {مَا أَصَابَك من حَسَنَة فَمن الله وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك}

أَي بذنبك وانا قدرته عَلَيْهِ وَقَالَ {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم} أَي بذنوبكم

وَقَالَ تَعَالَى {يضل من يَشَاء وَيهْدِي من يَشَاء}

قَالَ الا انه اخطأ فِي التَّأْوِيل وَمعنى قَوْله (يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه) أَي بَين الْمُؤمن وَالْكفْر وَبَين الْكَافِر وَالْإِيمَان

ص: 100