الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في منكري القدر
…
باب (59) ما جاء في منكر القدر
وقال ابن عمر: "والذي نفس ابن عمر بيده لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبا ثم أنفقه في سبيل الله ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر. ثم استدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" رواه مسلم.
وعن عبادة بن الصامت أنه قال لابنه: "يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب. فقال: رب، وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة. يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات على غير هذا فليس مني"1. وفي رواية لأحمد: "إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة".
1 الترمذي: القدر (2155) وتفسير القرآن (3319)، وأبو داود: السنة (4700) .
وفي رواية لابن وهب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره أحرقه الله بالنار".
وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي قال: "أتيت أبي بن كعب فقلت في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله يذهبه من قلبي. فقال: لو أنفقت مثل أحد ذهبا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لكنت من أهل النار. قال: فأتيت عبد الله بن مسعود وحذيفة ابن اليمان وزيد بن ثابت، فكلهم حدثني بمثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم" حديث صحيح. رواه الحاكم في صحيحه.
فيه مسائل:
الأولى: بيان كيفية الإيمان بالقدر 1.
الثانية: بيان فرض الإيمان 2.
الثالثة: إحباط عمل من لم يؤمن به.
الرابعة: الإخبار أن أحدا لا يجد طعم الإيمان حتى يؤمن به.
الخامسة: ذكر أول ما خلق الله.
السادسة: أنه جرى بالمقادير في تلك الساعة إلى قيام الساعة.
1 في المخطوطة: "بيان فرض الإيمان بالقدر".
2 في المخطوطة: "بيان كيفية الإيمان به".
السابعة: براءته صلى الله عليه وسلم ممن لم يؤمن به.
الثامنة: عادة السلف في إزالة الشبهة بسؤال العلماء.
التاسعة: أن العلماء أجابوه بما يزيل شبهته، وذلك أنهم نسبوا الكلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط.
باب (60) ما جاء في المصورين
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة" 1 أخرجاه.
ولهما عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله"2.
ولهما عن ابن عباس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم"3. ولهما عنه مرفوعا: "من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ" 4.
ولمسلم عن أبي الهياج قال: "قال لي علي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته"5.
1 البخاري: التوحيد (7559)، ومسلم: اللباس والزينة (2111) ، وأحمد (2/232 ،2/259 ،2/391 ،2/451 ،2/527) .
2 البخاري: اللباس (5954) ، وأحمد (6/36 ،6/199) .
3 مسلم: اللباس والزينة (2110) ، وأحمد (1/308) .
4 البخاري: البيوع (2225) والتعبير (7042)، ومسلم: اللباس والزينة (2110)، والترمذي: اللباس (1751)، والنسائي: الزينة (5358 ،5359)، وأبو داود: الأدب (5024) ، وأحمد (1/216 ،1/241 ،1/246 ،1/350 ،1/360) .
5 مسلم: الجنائز (969)، والترمذي: الجنائز (1049)، والنسائي: الجنائز (2031)، وأبو داود: الجنائز (3218) ، وأحمد (1/89 ،1/96) .
فيه مسائل:
الأولى: التغليظ الشديد في المصورين.
الثانية: التنبيه على العلة، وهو ترك الأدب مع الله، لقوله:"ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي"1.
الثالثة: التنبيه على قدرته، وعجزهم لقوله:"فليخلقوا ذرة أو حبة أو شعيرة"2.
الرابعة: التصريح بأنهم أشد الناس عذابا.
الخامسة: أن الله يخلق بعدد كل صورة نفسا يعذب بها المصور في جهنم.
السادسة: أنه يكلف أن ينفخ فيها الروح.
السابعة: الأمر بطمسها إذا وجدت.
1 البخاري: التوحيد (7559)، ومسلم: اللباس والزينة (2111) ، وأحمد (2/232 ،2/259 ،2/391 ،2/451 ،2/527) .
2 البخاري: التوحيد (7559)، ومسلم: اللباس والزينة (2111) ، وأحمد (2/232 ،2/259) .
باب (61) ما جاء في كثرة الحلف
وقول الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} 1.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب" 2 أخرجاه.
وعن سلمان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: أشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل (الله) بضاعته: لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه" رواه الطبراني بسند صحيح.
وفي الصحيح عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم - قال عمران فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثا - ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن"3.
وفيه عن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير الناس
1 سورة المائدة آية: 89.
2 البخاري: البيوع (2087)، ومسلم: المساقاة (1606)، والنسائي: البيوع (4461)، وأبو داود: البيوع (3335) ، وأحمد (2/235 ،2/242 ،2/413) .
3 البخاري: المناقب (3650)، ومسلم: فضائل الصحابة (2535)، والترمذي: الفتن (2221 ،2222)، والنسائي: الأيمان والنذور (3809)، وأبو داود: السنة (4657) ، وأحمد (4/426 ،4/427 ،4/436 ،4/440) .
قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته" 1.
وقال إبراهيم: "كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار".
فيه مسائل:
الأولى: الوصية بحفظ الأيمان.
الثانية: الإخبار بأن الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للبركة.
الثالثة: الوعيد الشديد فيمن لا يبيع ولا يشتري إلا بيمينه.
الرابعة: التنبيه على أن الذنب يعظم مع قلة الداعي.
الخامسة: ذم الذين يحلفون ولا يستحلفون.
السادسة: ثناؤه صلى الله عليه وسلم على القرون الثلاثة أو الأربعة، وذكر ما يحدث 2.
السابعة: إن الذين يشهدون ولا يستشهدون.
الثامنة: كون السلف يضربون الصغار على الشهادة والعهد.
1 البخاري: المناقب (3651)، ومسلم: فضائل الصحابة (2533)، والترمذي: المناقب (3859)، وابن ماجه: الأحكام (2362) ، وأحمد (1/378 ،1/417 ،1/434 ،1/438 ،1/442 ،4/267 ،4/276 ،4/277) .
2 في المخطوطة: ما يحدث بعدهم.
باب (62) ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه
وعن بريدة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا فقال: اغزوا بسم الله في سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله.
اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا. وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال - أو خلال -، فأيتهن 2 ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم. ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم. ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين.
فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين
1 سورة النحل آية: 91.
2 في المخطوطة: فأيتهن أجابوك.
يجري عليهم حكم الله تعالى، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن هم أبوا فاسألهم الجزية. فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم. فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم.
وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك؛ فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنْزلهم 1، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا" رواه مسلم.
فيه مسائل:
الأولى: الفرق بين ذمة الله وذمة نبيه وذمة المسلمين.
الثانية: الإرشاد إلى أقل الأمرين خطرا.
الثالثة: قوله: "اغزوا بسم الله في سبيل الله"2.
الرابعة: قوله: "قاتلوا من كفر بالله"3.
الخامسة: قوله: "استعن بالله وقاتلهم"4.
السادسة: الفرق بين حكم الله وحكم العلماء.
السابعة: في كون الصحابي يحكم عند الحاجة بحكم لا يدري أيوافق حكم الله أم لا؟
1 في المخطوطة: "أنزلهم على حكمه".
2 ابن ماجه: الجهاد (2857) ، وأحمد (4/240) .
3 مسلم: الجهاد والسير (1731)، والترمذي: الديات (1408) والسير (1617)، وأبو داود: الجهاد (2613)، وابن ماجه: الجهاد (2858) ، وأحمد (5/352 ،5/358)، والدارمي: السير (2439) .
4 صحيح مسلم: كتاب الجهاد والسير (1731) ، ومسند أحمد (5/358)، وسنن الدارمي: كتاب السير (2442) .
باب (63) ما جاء في الإقسام على الله
عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله (: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك" 1 رواه مسلم.
وفي حديث أبي هريرة: أن القائل رجل عابد. قال أبو هريرة: "تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته".
فيه مسائل:
الأولى: التحذير من التألي على الله.
الثانية: كون النار أقرب إلى أحدنا من شراك نعله.
الثالثة: أن الجنة مثل ذلك.
الرابعة: فيه شاهد لقوله: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة
…
" 2 إلخ.
الخامسة: أن الرجل قد يغفر له بسبب هو من أكره الأمور إليه.
1 مسلم: البر والصلة والآداب (2621) .
2 البخاري: الرقاق (6477)، ومسلم: الزهد والرقائق (2988)، والترمذي: الزهد (2314)، وابن ماجه: الفتن (3970) ، وأحمد (2/236 ،2/297 ،2/334 ،2/355 ،2/378 ،2/402 ،2/533)، ومالك: الجامع (1849) .
باب (64) لا يستشفع بالله على خلقه
عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: "جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، نهكت الأنفس وجاع العيال وهلكت الأموال، فاستسق لنا ربك، فإنا نستشفع بالله عليك، وبك على الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله! سبحان الله! فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه. ثم قال: ويحك أتدري ما الله؟ إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع بالله على أحد" 1 وذكر الحديث، رواه أبو داود.
فيه مسائل:
الأولى: إنكاره على من قال: "نستشفع بالله عليك".
الثانية: تغيره تغيرا عرف في وجوه أصحابه من هذه الكلمة.
الثالثة: أنه لم ينكر عليه قوله: "نستشفع بك على الله".
الرابعة: التنبيه على تفسير "سبحان الله".
الخامسة: أن المسلمين يسألونه صلى الله عليه وسلم الاستسقاء.
1 سنن أبي داود: كتاب السنة (4726) .
باب (65) ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسده طرق الشرك
عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: "انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: أنت سيدنا. فقال السيد الله تبارك وتعالى. قلنا: وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا. فقال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان" 1 رواه أبو داود بسند جيد.
وعن أنس رضي الله عنه: "أن ناسا قالوا: يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا. وابن سيدنا فقال: يا أيها الناس، قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان. أنا محمد عبد الله ورسوله. ما أحب أن ترفعوني فوق منْزلتي التي أنزلني الله " 2 رواه النسائي بسند جيد.
فيه مسائل:
الأولى: تحذير الناس من الغلو.
1 أبو داود: الأدب (4806) ، وأحمد (4/25) .
2 أحمد (3/249) .
الثانية: ما ينبغي أن يقول: من قيل له: أنت سيدنا.
الثالثة: قوله: "لا يستجرينكم الشيطان" 1 مع أنهم لم يقولوا إلا الحق.
الرابعة: قوله: "ما أحب أن ترفعوني فوق منْزلتي"2.
1 أبو داود: الأدب (4806) ، وأحمد (4/25) .
2 أحمد (3/153) .