الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجوهر النقي - المارديني ج 4
الجوهر النقي
المارديني ج 4
ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا..الجزء الرابع الجوهر النقي للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير بابن التركماني المتوفي سنة خمس وأربعين وسبع مائة دار الفكر
قال (باب تسوية القبور وتسطيحها) ذكر فيه امره عليه السلام عليا (ان لا يترك قبرا مشرفا الا سواه ولا تمثالا الا طمسه) - قلت - الظاهر ان المراد قبور المشركين بقرينة عطف التمثال عليها وكانوا يجعلون عليها الانصاب والابنية فاراد عليه السلام ازالة آثار الشرك ثم ذكر سؤال القاسم
ابن محمد عائشة (ان تكشف له قبره صلى الله عليه وسلم وقبور صاحبيه قال فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء) إلى آخره - قلت - الكلام على هذا الحديث يأتي في الباب الذي يليه ان شاء الله تعالى ثم ذكر (عن الحسين بن صالح عن ابي البدا انه رأى قبورهم مستطيرة) - قلت - الحسين وابو البدا لم اعرف حالهما والمستطيرة في اللغة هي المنتشرة وليس ذلك بصريح في معنى المسطحة لان المسنمة ايضا فيها انتشار من اسفلها وليس في هذا الباب حديث صريح في التسطيح والادلة الآتية الدالة على التسنيم مصرحة بذلك فكانت اولى - قال (باب من قال بتسنيم القبور) قال (فيه متى صحت رواية القاسم قبورهم مبطوحة دل ذلك على التسطيح) - قلت - لم ار احدا صرح بان المبطوح هو المسطح وعن ابن الزبير انه لما اراد بناء الكعبة كانت في المسجد جراثيم فقال ايها الناس ابطحوا فاهاب الناس إلى بطحه - قال الزمخشري في الفائق البطح ان يجعل ما ارتفع منه منبطحا اي منخفضا حتى يستوي ويذهب التفاوت انتهى كلامه فعلى هذا قوله مبطوحة معناه ليست بمشرفة وقوله لا مشرفة ولا لاطئة يدل على ذلك وكذا حديث علي لا تترك قبرا مشرفا
الا سويته اي سويته بالقبور المعتادة وقيل في قوله تعالي قادرين على ان نسوي بنانه - أي نجعلها مستوية وذكر الطحاوي في كتابه الكبير في اختلاف العلماء حديث القاسم ثم قال ليس في هذا دليل على تربيع ولا تسنيم لانه يجوز ان تكون مبطوحة
بالبطحاء وهى مسنمة وفي التجريد للقدورى يحتمل ان تكون مبطوحة والتسنيم في وسطها فهذا الخبر محتمل وحديث التمار صريح في التسنيم وذكر البيهقي حديث التمار ثم قال (وحديث القاسم اصح واولى ان يكون محفوظا) - قلت - هذا خلاف اصطلاح اهل هذا الشان بل حديث التمار اصح لانه مخرج في صحيح البخاري وحديث القاسم لم يخرج في شئ من الصحيح وفي مصنف ابن ابي شيبه ثنا عيسى بن يونس عن سفيان التمار دخلت البيت الذى فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت قبره وقبر ابى بكر وعمر مسنمة وفيه ايضا ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن ابي حصين عن الشعبي رأيت قبور شهداء احد جثى مسنمة وهذان السندان صحيحان وحكي الطبري عن قوم ان السنة التسنيم واستدل لهم بان هيئة القبور سنة متبعة ولم يزل المسلمون يسنمون قبورهم ثم قال ثنا ابن بشار ثنا عبد الرحمن ثنا خالد بن ابي عثمان قال رأيت قبر ابن عمر مسنما قال الطبري لا احب ان يتعدي فيها احد المعنين من تسويتها بالارض أو رفعها مسنمة قدر شبر على ما عليه عمل المسلين في ذلك قال وتسوية القبور ليست بتسطيح - قال (باب غسل المرأة) ذكر فيه حديث حفصة بنت سيرين (عن ام سليم إذا توفيت المرأة) الحديث وعزاه إلى الترمذي - قلت - لم اجده
في كتاب الترمذي وما رأيت احدا غير البيهقي عزاه إليه - قال (باب السنة الثابتة في تضفير شعر رأسها ثلاثة قرون والقائهن خلفها) ذكر فيه قول ام عطيه (فضفرنا رأسها ناصيتها وقرينها ثلاثة قرون) - قلت - ليس في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم
سنة وانما فعله بعض النسوة والجديد من قول الشافعي ان قول الصحابة وفعلهم ليس بحجة فكيف يجعل فعل بعض النساء سنة ثابتة قال القاضي عياض ليس في الحديث معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم بفعل ام عطية فيجعل سنة وحجة
انتهي كلامه ولهذا انكر ابن حنبل مشطهن وكره التسريح حكي ذلك عنه صاحب المغني ويؤيد هذا ما ذكره البيهقي فيما مضى (ان عائشة قالت علام تنصون ميتكم أي تسرحون شعره) -
قال (باب ما يستدل به علي ان الكفن والمئونة من جميع المال) ذكر فيه حديث ابي هريرة (قال عليه السلام ما يسرنى ان لى مثل احد ذهبا) وفي آخره (واخلف عشرة اواق الا في ثمن كفن أو قضاء دين) - قلت - رواه عن ابي هريرة عبد الله شقيق متكلم فيه وكان التيمي سئ الرأى فيه ورواه عنه قتادة بلفظ العنعنة وهو مدلس ورواه عن قتادة الحكم بن عبد الملك وهو ضعيف قال يحيى ليس بثقة وليس بشئ وقال أبو حاتم مضطرب الحديث وقال أبو داود منكر الحديث والمحفوظ في هذا الحديث ما يسرني ان لي احدا ذهبا يبيت عندي منه دينار الا دينارا ارصده لدين - ثم ذكر (عن علي قال الكفن من رأس المال) - قلت - في سنده حسين بن عبد الله بن ضميرة كذبه مالك وابو حاتم الرازي وقال احمد والنسائي والفلاس متروك وقال يحيى ليس بثقة ولا مأمون وفي سنده ايضا جماعة لم اعرف حالهم -
قال (باب السقط يغسل ويكفن ويصلى عليه ان استهل أو عرفت له حياة) قلت - ذكر المنذري في الاشراف عن الشافعي قال حياة الجنين بتحريك أو صياح أو نفس أو رضاع كانت احكامه احكام الحي ثم ذكر انه رد عليه بقوله عليه السلام ما من مولود يولد الا مسه الشيطان فيستهل صارخا لانه خبر وليس بامر فلا يجوز غيره ثم ذكر البيهقي عن يونس عن زياد بن جبير عن ابيه عن المغيرة بن شعبة قال واحسب ان اهل زياد اخبروني انه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفي آخره (والسقط يصلى عليه) - قلت - فيه امران - احدهما - انه مطلق غير مقيد بما إذا استهل أو عرفت حياتة فهو غير مطابق لمدعي البيهقي ولهذا اورد الترمذي هذا الحديث في الصلوة على الاطفال ثم قال والعمل عليه عند بعض اهل العلم من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قالوا يصلي على الطفل وان لم يستهل بعد ان علم انه خلق وهو قول احمد واسحاق - والثاني انه لم يتيقن برفعه الي النبي صلى الله عليه وسلم وقد جعل البيهقي فيما مضى في غير موضع مثل هذا شكا ثم قال البيهقي (قال ابراهيم بن ابي طالب قول يونس بن عبيد وحدثني بعض اهله
انه رفعه الي النبي صلى الله عليه وسلم رواية ليونس بن عبيد عن سعيد بن عبيد الله بن جبير) - قلت - كأن البيهقي يريد بذلك تقوية رفع الحديث وان قول يونس فيما تقدم اهل زياد اراد سعيد بن عبيد الله هذا الا ان يونس لم يقل وحدثني بعض اهله كما ذكر ابن ابي طالب ولكن لفظه واحسب ان اهل زياد اخبروني كما تقدم ثم قوله رواية ليونس بن عبيد عن سعيد بن عبيد الله لم يذكر سنده الي يونس في روايته عن سعيد بن عبيد الله لينظر فيه ولم ار احدا ذكر يونس رواه عن سعيد هذا بل ذكر ابن ابى شيبة في مصنفه عن يونس انه قال واهل زياد يرفعونه الي النبي صلى الله عليه وسلم وانا لا احفظه فظهر بهذا ان الحديث من هذا الوجه موقوف ورفعه غير واضح وقد رفعه البيهقي فيما بعد من حديث سعيد بن عبيد الله بن جبير عن زياد بن جبير عن ابيه عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم واخرجه الترمذي من هذا الطريق وقال حسن صحيح رواه اسرائيل وغير واحد عن سعيد بن عبيد الله فكان الوجه اقتصار البيهقي على هذا الوجه ثم ذكر حديث اسمعيل
المكي (عن ابي الزبير عن جابر قال عليه السلام إذا استهل الصبي) الحديث ثم قال (اسمعيل بن مسلم المكي غيره اوثق منه) - قلت - هذا توثيق من البيهقي له وقد خالف ذلك في باب النعاس في المسجد فقال (غير قوي) وقال في باب اختناث الا سقية (قد ضعف) وقال في باب تكفير الساحر (ضعيف) وفي الضعفاء لابن جوزي قال يحيى لم يزل مختلطا وليس بشئ وقال علي اجمع اصحابنا على ترك حديثه وقال النسائي وعلي بن الجنيد متروك الحديث - قال (باب المسلمين يقتلهم المشركون في المعترك فلا تغسل القتلى) ذكر فيه حديث الليث عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب عن جابر حديث (ولم يصل عليهم) ثم ذكر حديث اسامة ابن زيد عن الزهري عن انس حديث (ولم يصل على احد من الشهداء غيره يعني حمزة) ثم حكي عن الدارقطني قال (هذا اللفظة ليست محفوظة وقال الترمذي سألت محمدا عن هذا الحديث فقال حديث عبد الرحمن بن كعب حسن وحديث اسامة بن زيد غير محفوظ غلط فيه اسامة) - قلت - حكى ابن القطان عن الترمذي قال روي الليث عن ابن شهاب عن
عبد الرحمن بن كعب عن جابر وروي معمر عنه عن عبد الله بن ثعلبة عن جابر ولا نعلم احد اذكره عن الزهري عن انس الا اسامة بن زيد وسألت محمدا عنه فقال حديث الليث اصح - قلت وهذا يقتضى صحة حديث اسامة وان كان دون
حديث الليث وقد ذكر البيهقي في باب الحرم كله منحر عن يعقوب بن سفيان ان اسامة بن زيد عند اهل بلده المدينة ثقة مامون وإذا كان كذلك فروايته هذه زيادة ثقة فتقبل ثم ذكر البيهقي حديث ابي هريرة (لا يكلم احد في سبيل الله) الحديث قلت - هو غير مطابق للباب الا بتعسف -
قال (باب من زعم انه عليه السلام صلى على شهداء احد) ذكر فيه من حديث ابي مالك (قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى احد عشرة عشرة في كل عشرة منهم حمزة حتى صلى عليه سبعين صلوة) ثم قال (هذا اصح ما في الباب وهو مرسل اخرجه أبو داود في المراسيل بمعناه) - قلت - قد جاء في هذا الباب حديث صحيح فروى جابر قال فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة فذكر حديثا طويلا وفيه ثم جئ بحمزة فصلى عليه ثم يجاء بالشهيد فيوضع إلى جانب حمزة فيصلى عليه ثم يرفع ويترك حمزة حتى صلى على الشهداء كلهم الحديث اخرجه الحاكم بطوله في كتاب الجهاد من المستدرك وقال صحيح الاسناد وذكر البيهقي في الخلافيات ان الشافعي قال منكرا لهذا الحديث شهداء احد اثنان وسبعون فإذا صلى عليهم عشرة عشرة لا تكون الصلوة اكثر من سبع أو ثمان فنجعله صلى على اثنين صلوة وعلى حمزة صلوة فهي تسع صلوات فمن اين جاءت سبعون انتهى كلامه والذي في مراسيل ابي داود عن ابي مالك امر عليه السلام بحمزة فوضع وجئ بتسعة فصلى عليهم فرفعوا وترك حمزة ثم جئ بتسعة فوضعوا فصلى عليهم سبع صلوات حتى صلى على سبعين وفيهم حمزة في كل صلوة صلاها فصرح بانه صلى سبع صلوات على سبعين رجلا فزال بذلك ما استنكره الشافعي وظهر ان ما رواه أبو داود ليس بمعنى ما رواه البيهقي ثم ذكر حديث محمود بن غيلان (ثنا أبو داود هو الطيالسي قال لي شعبة ايت جرير بن حازم فقل له لا يحل لك ان تروي عن الحسن بن عمارة فانه كذاب قال أبو داود فقلت لشعبة ما علامة كذبه قال روى عن الحكم اشياء فلم اجد لها اصلا قلت للحكم صلى النبي صلى الله عليه وسلم على قتلى احد قال لا وقال الحسن ابن عمارة حدثني الحكم عن مقسم عن ابن عباس انه عليه السلام صلى على قتلى احد) إلى آخره - قلت ذكر الرامهرمزي في كتابه
الفاصل هذه الحكاية عن ابن المديني عن محمود عن ابي داود ثم ذكر عن ابي المدايني قال حدثنا عبدان ثنا محمد بن عبد الله المخرمي ثنا أبو داود سمعت شعبة يقول الا تعجبون من هذا المجنون جرير بن حازم وحماد بن زيد اتياني يسألاني ان اسكت عن الحسن بن عمارة ولا والله لا اسكت عنه ثم قال والله لا اسكت عنه فذكر وضع الزكوة في صنف ثم قال وهذا الحسن يحدث عن الحكم
عن مقسم عن ابن عباس وعن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي انه عليه السلام صلى على قتلى احد وغسلهم وانا سألت الحكم عن ذلك فقال يصلى عليهم ولا يغسلون إلى آخره ثم قال الرامهرمزي اصل هذه الحكاية عن ابي داود وقد خلط فيها أو خلط عليه فيها والمخرمي اضبط من ابن غيلان وبين الحكايتين تفاوت شديد ولا يستدل على تكذيب الحسن بالطريق الذي استدل به شعبة لانه استفتى الحكم في المسئلتين فافتاه بما عنده وهو احد فقهاء الكوفة فلما قال شعبة عمن قال في احداهما هو قول ابراهيم وفي الاخرى هو قول الحسن ولا يلزم المفتي ان يفتى بما روي ولا يترك رواية ما لا يفتى به هذا مذهب فقهاء الامصار هذا مالك يعمل بخلاف كثير مما روى والزهري عن سالم عن ابيه اثبت عند اهل الحديث من الحكم عن مقسم عن ابن عباس وقد حدث به مالك عن الزهري ثم ترك العمل به وابو حنيفة روى حديث فاطمة بنت ابي حبيش في المستحاضة ثم قال بخلافه ويمكن ان يحدث الحكم بما العمل عليه عنده بخلافه فيسأله شعبة فيجيب بما العمل عليه عنده والانصاف اولى باهل العلم قال وكان شعبة سيئ الرأي في الحسن وذكر بسنده ان شعبة قيل له قد عقد الحسن بن عمارة مجلسا فقال اي يوم قيل يوم الجمعة قال ان كان صادقا فليحدث يوم السبت هذا ما ذكره صاحب الفاصل بمعناه وفي الاستذكار لابن عبد البر قال فقهاء الكوفة ابن ابي ليلى والثوري وابو حنيفة واصحابه والحسن بن وحي وفقهاء البصرة عبيد الله بن الحسن وغيره وفقهاء الشام سليمان بن موسى والاوزاعي وسعيد بن عبد العزيز يصلي على الشهداء وقال عبد الرزاق انا ابن جريح عن عطاء قال ما رأيتهم يغسلون الشهيد ولا يحنطونه ولا يكفنونه قلت كيف يصلى عليه قال كما يصلى على الذى ليس بشهيد -
قال (باب من روى انه صلى عليهم بعد ثمان سنين يعنى شهداء احد) ذكر فيه حديث عقبة بن عامر - قلت - قوله في هذا الحديث فصلى على اهل احد صلوته على الميت) دليل على انه الصلوة المعهودة الشرعية لا الدعاء والاستغفار ثم يقال للبيهقي واصحابه ان كان صلى الله عليه وسلم لم يصل على قتلى احد اولا فقد صلى عليهم آخرا وانتسخ الاول وان كان صلى عليهم اولا فقد بطل قولكم انه لم يصل عليهم -
قال (باب الجنب يستشهد) ذكر فيه حديثين ثم قال (كلاهما مرسل) - قلت - الاول مرسل صحابي لان ابن الزبير كان له يوم احد سنتان ومرسل الصحابي عندهم كالمتصل ثم ذكر (انه عليه السلام نظر إلى حنظلة الراهب وحمزة تغسلهما الملائكة) وفي سنده أبو شيبة فضعفه - قلت -
روى محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس قال قتل حمزة بن عبد المطلب جنبا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غسلته الملائكة - اخرجه الحاكم في مستدركه وقال صحيح الاسناد - قال (باب المرتث والذي يقتل ظلما في غير معركة الكفار والذي يرجع عليه سيفه) ذكر فيه صلوته عليه السلام على الاعرابي الذي قتل شهيدا ثم قال (يحتمل ان يكون بقي حيا حتي انقضت الحرب ثم مات فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي لم يصل عليهم باحد ماتوا قبل انقضاء الحرب) - قلت - التحديد بانقضاء الحرب والصلوة على من مات قبله لا بعده لا دليل عليه وقد تكلم جماعة من شهداء احد وماتوا قبل انقضاء الحرب ودخلوا في عموم قوله عليه السلام ادفنوا بدمائهم وثيابهم ولم يغسلهم ولم يصل عليهم وفي موطأ مالك عن يحيى بن سعيد قال لما كان يوم
احد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأتيني بخبر سعد بن الربيع الانصاري فقال رجل انا يا رسول الله فذهب يطوف بين القتلى فقال له سعد بن الربيع ما شأنك فقال الرجل بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لآتيه بخبرك قال فاذهب إليه فاقرئه السلام مني واخبره اني قد طعنت اثنتى عشرة طعنة واني قد انفذت مقاتلي واخبر قومك انه لا عذر لهم عند الله ان قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وواحد منهم حي - قال ابن عبد البر هذا الحديث عند اهل السير مشهور معروف ثم ذكر البيهقي حديث محمد بن اسحاق (حدثني محمد بن ابراهيم التيمى عن ابي الهيثم ان اباه حدثه) فذكر مقتل عامر عم سلمة بن الاكوع وابن اسحاق معروف الحال تقدم ذكره وابو الهيثم هذا مجهول كذا ذكر المزي في التهذيب والذهبي في الضعفاء وابوه نصر بن دهر صحابي ثم ذكر قتل عمر وفيه (فطار العلج بسكين ذات طرفين) ثم قال (وفي ذلك دلالة على انه قتل بمحدد ثم غسل وكفن وصلى عليه) - قلت - يريد بذلك الرد على ابي حنيفة فان البيهقي حكى عنه في الخلافيات انه من قتل بالمصر ظلما بالمحدد لم يغسل عنده ثم ذكر البيهقي (ان عمر غسل وكفن وصلى عليه وقد ثبت انه قتل بمحدد وحكي في كتاب المعرفة عن الشافعي انه قال عمر شهيد ولكنه انما صار إلى الشهادة في غير حرب - قلت - عمر رضي الله عنه ارتث فلذلك غسل ففي صحيح
البخاري انه عاش بعد ما طعن وتكلم كلاما كثيرا وسقى نبيذا ثم سقى لبنا وقد ذكر البيهقي في ابواب القصاص (انه عاش ثلاثا بعد ما طعن) وذكر عبد الرزاق عن معمر عن ايوب عن نافع قال كان عمر من خير شهيد فغسل وكفن وصلى عليه
لانه عاش بعد طعنه قال وانا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله وفي الموطأ قال مالك من حمل منهم وعاش ما شاء الله بعد ذلك فانه يغسل ويصلى عليه كما عمل بعمر وفي الاستذكار اجمع العلماء على ان الشهيد في معترك الكفار إذا حمل حيا ولم يمت في المعترك وعاش واكل وشرب فانه يغسل ويصلى عليه كما صنع بعمر وعلي رضي الله عنهما انتهي كلامه وكذا علي رضي الله عنه ارتث كما تقدم عن ابن عبد البر وذكر في الاستيعاب عن جماعة انه قتل لثمان عشرة خلت من رمضان سنة اربعين وقبض اول ليلة من العشر الاخير واوصى وتكلم كثيرا وقد كان عثمان رضي الله عنه شهيدا في غير حرب ومع ذلك دفن بثيابه في دمه ولم يغسل عزاه بعض العلماء الي ابن حنبل والي سيف صاحب الفتوح - قال (باب ما ورد في المقتول بسيف اهل البغي) ذكر فيه حديث قيس بن الربيع (عن اشعث عن الشعبي عن عليا رضي الله عنه صلى على عمار بن ياسر وهاشم بن عتبة) - قلت - قيس قال البيهقي في باب من زرع ارض غيره بغير اذنه (ضعيف عند اهل العلم بالحديث) واشعث هو ابن سوار ضعفه البيهقي في باب من قال للمبتوتة النفقة وقال الحاكم الشعبي لم يسمع من علي ثم لو ثبت ان عليا صلى عليهما فالشهيد يصلي عليه عند اهل الكوفة واهل الشام وغيرهم كما تقدم ولهذا قال صاحب الاستيعاب دفن علي عمارا في ثيابه ولم يغسله ويروي اهل الكوفة انه صلى عليه وهو مذهبهم في ان الشهداء لا يغسلون ولكنهم يصلي عليهم -
قال (باب ما ورد في غسل بعض الاعضاء) ذكر فيه (ابا عبيدة صلى على رؤوس) ثم ذكر (ان طائرا القى يدا) إلى آخره - قلت - في سند الاول مجهول وقال ابن المنذر في الاشراف لا يصلح ذلك عنه وذكر الحاكم في المستدرك بسنده عن الشعبي قال بعث عبد الملك بن مروان برأس عبد الله بن الزبير إلى ابن خازم بخراسان فكفنه وصلى عليه قال الشعبي اخطأ لا يصلى على الرأس وفي السند الثاني بلاغ -
قال (باب الصلوة على من قتل نفسه غير مستحل) ذكر فيه حديث معاوية بن صالح (عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن ابي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم صلوا خلف كل بر وفاجر) الحديث ثم قال (قال الدارقطني مكحول لم يسمع من ابي هريرة ومن دونه ثقات) ثم قال البيهقي (هو اصح ما في الباب الا ان فيه ارسالا) - قلت - العلاء ومعاوية وان اخرج لهما مسلم منفردا عن البخاري الا انهما متكلم فيهما العلاء
كان يري القدر وقال أبو داود تغير عقله ومعاوية كان يحيى بن سعيد الانصاري لا يرضاه وقال الرازي لا يحتج به وقال الازدي ضعيف - قال (باب من حمل الجنازة فدار على جوانبها الاربعة) ذكر فيه (عن ابي عبيدة عن ابن مسعود قال إذا اتبع احدكم الجنازة) إلى آخره - قلت - هذا الاثر منقطع أبو عبيدة لم يدرك
اباه ذكره البيهقي في باب من كبر بالطائفتين وفي هذا الباب اثر جيد تركه البيهقي وذكر هذا الاثر المنقطع قال ابن ابي شيبة في المصنف ثنا يحيى بن سعيد عن ثور عن عامر بن جشيب وغيره من اهل الشام قالوا قال أبو الدرداء من تمام اجر الجنازة ان تشيعها من اهلها وان تحمل باركانها الاربعة وان تحثو في القبر وهذا سند صحيح - قال (باب من حمل الجنازة فوضع السرير على كاهله بين العمودين) ذكر فيه (عن الشافعي انا الثقة من اصحابنا عن اسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمه عيسى بن طلحة رأيت عثمان يحمل بين عمودي سرير امه) - قلت - في هذا السند مجهول واسحاق هذا قال ابن حنبل والنسائي متروك وقال القطان شبه لا شئ وقال ابن معين ليس بشئ لا يكتب حديثه ثم ذكر البيهقي (عن ابن ماهك انه رأى ابن عمر في جنازة رافع قائما بين قائمتي السرير) - قلت في سنده مجهول وقد صح عن ابن عمر الاخذ بالجوانب الاربعة قال ابن ابي شيبة في مصنفه ثنا هشيم عن يعلي بن عطاء عن الازدي هو علي بن عبد الله قال رأيت ابن عمر في جنازة فحمل بجوانب السرير الاربعة فبدأ بالميا من ثم تنحى عنها فكان منها بمزجر كلب وهذا سند صحيح على شرط مسلم ثم ذكر البيهقي ايضا عنه (انه اخذ بمقدم السرير القائمتين) - قلت - في سنده من
يحتاج إلى كشف حاله - قال (باب حمل الميت على الايدي والرقاب ان لم يوجد سرير) ذكر فيه من مراسيل ابي داود (عن محمد بن علي ان ابراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم حملت جنازته على منسج فرس) - قلت المنسج للفرس كالحارك للحمار وفي الاستيعاب ان ابراهيم توفي في بيت ام بردة امرأة البراء بن اوس في بني مازن فحمل من بيتها على سرير صغير
قال (باب المشي امام الجنازة) ذكر فيه (عن علي بن المديني ثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن ابيه رأيت النبي صلي الله عليه وسلم) الحديث ثم ذكر (عن ابن المديني انه قال لابن عيينة ان معمرا وابن جريح يخالفانك في هذا يعني انهما يرسلان الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم - قلت - ذكر البيهقي في كتاب المعرفة ان ابن المديني قال له خالفك معمر وابن جريح ويونس ثم ذكر البيهقي بسنده (عن سفيان ابن عيينة ومنصور وبكر وزياد كلهم سمع الزهري ان سالما اخبره انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم الحديث ثم قال (واختلف علي عقيل ويونس ومن وصله واستقر على وصله ولم يختلف عليه فيه هو ابن عيينة وهو حجة ثقة) - قلت - ظاهر هذا الكلام ان ابن
عيينة وحدة هو الذي وصله واستقر على وصله وليس كذلك بل قد تقدم ان منصورا وبكرا وزيادا كلهم تابعوه علي وصله وظاهر كلامه ايضا يقتضي ترجيح الوصل على الارسال وقد قال الترمذي وروي معمر ومالك ويونس بن يزيد وغير واحد من الحفاظ عن الزهري ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي امام الجنازة واهل الحديث كأنهم يرون ان الحديث المرسل في ذلك اصح سمعت يحيي ين موسى يقول قال عبد الرزاق قال ابن المبارك حديث الزهري في هذا مرسل اصح من حديث ابن عيينة قال ابن المبارك وارى ابن جريح اخذه عن ابن عيينة وذكره النسائي مرفوعا ثم قال هذا خطأ والصواب مرسل - قال (باب المشي خلفها) ذكر فيه حديث (الجنازه متبوعة) إلى آخره ثم ضعفه - قلت - ما في الصحيح من حديث البراء انه عليه السلام امر باتباع
الجنائز يفسر هذا الحديث فان المتبع هو التالي لا المتقدم قال صاحب الصحاح تبعت القوم مشيت خلفهم واتبعتهم إذا سبقوك فلحقتهم ثم ذكر البيهقي حديث زائدة (عن ابن عبد الرحمن بن ابزي عن ابيه ان ابا بكر وعمر الي آخره) - قلت - زائدة بن اوس هذا ذكره ابن حيان في الثقات من اتباع التابعين وقد اخرج ابن ابي شيبة في مصنفه هذا الحديث من وجه آخر فقال ثنا محمد بن فضيل عن يزيد بن ابي زياد عن عبد الرحمن بن ابي ليلى عن ابن ابزي قال كنت في جنازة وابو بكر وعمر امامها إلى آخره وقال الطحاوي ثنا ربيع المؤذن ثنا اسد ثنا حماد بن سلمة عن يعلي بن عطاء عن عبيد الله بن يسار عن عمرو بن حريث قلت لعلي بن ابى طالب ما تقول في المشي امام الجنازة فقال المشي خلفها افضل من المشي امامها كفضل المكتوبة على التطوع قلت فانى رأيت ابا بكر وعمر
يمشيان امامها قال انهما يكرهان ان يحرجا الناس - ثم قال البيهقي (الآثار في المشي امامها اصح واكثر) - قلت - لم يصرح في شئ من تلك الآثار بان المشي امامها افضل فتحمل على الجواز وعلي رضي الله عنه صرح بان المشي خلفها افضل فكان اولى بالاتباع وكذا اقل احوال الامر بالاتباع الاستحباب وقال سويد بن غفلة الملائكة يمشون خلف الجنازة وقال أبو الدرداء من تمام اجر الجنازة ان تشيعها من اهلها وتمشي خلفها وعن ابراهيم قلت لعلقمة ايكره المشي خلف الجنازة قال لا انما يكره السير امامها اخرج الثلاثة أبو بكر بن ابي شيبة في مصنفة باسانيد صحيحة وفي مصنف عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن ابيه قال ما مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتي مات الاخلف الجنازة وبه نأخذ - وهذا سند صحيح علي شرط الجماعة واخرج الطحاوي عن ابراهيم قال كانوا يكرهون السير امام الجنازة يعني اصحاب ابن مسعود واقل احواله هذا انه يدل على افضلية المشي خلفها -
قال (باب الصلوة على الجنائز والدفن اي ساعة شاء) قال فيه (روينا في كتاب الصلوة عن ابي هريرة) إلى آخره - قلت - تقدم هناك انه من رواية مخرمة عن ابيه وتقدم الكلام هناك عليه ثم ذكر البيهقي في آخر هذا الباب (عن الشافعي انا الثقة انه صلى على عقيل بن ابي طالب) إلى آخره - قلت - في مصنف عبد الرزاق اخبرني عبد الله بن عبد الله يسار كنت عند ابن عمر بالمدينة في الفتنة فجاء عباس بن سهل رجل من الانصار فقال يا ابا عبد الرحمن ان عقيل بن ابي طالب قد وضع بباب المسجد وذلك بعد العصر قال يابن يسار انظر اغابت الشمس قلت لا فابى ان يقوم فرجع إليه فقال انظر اغابت الشمس فقلت لا فابى ان يصلى فذهبوا فصلوا عليه وهم يريدون ان يؤمهم ابن عمر وابن الزبير حينئذ بمكة - وذكر الخطابي في المعالم حديث عقبة المذكور في الباب الذي يلي هذا الباب ثم قال
ذهب اكثر اهل العلم الي كراهية الصلوة علي الجنائز في الاوقات التي تكره فيها الصلوات وكان الشافعي يرى الصلوة على الجنائز اي ساعة شاء من ليل أو نهار وكذلك الدفن قال الخطابي وقول الجماعة اولى لموافقة الحديث -
قال (باب من ذهب في زيادة التكبير على اربع إلى تخصيص اهل الفضل)
ذكر فيه من حديث عبيد الله بن موسى (عن اسمعيل بن ابي خالد عن موسى بن عبد الله بن يزيد ان عليا صلى على ابي قتادة فكبر عليه سبعا وكان بدريا) - ثم قال البيهقي (هكذا روي وهو غلط لان ابا قتادة بقي بعد علي مدة طويلة) - قلت - ما ذكره البيهقي اولا ان عليا صلى على الي قتادة - رجاله ثقات واجرجه ايضا ابن ابي شيبة في مصنفه فرواه عن عبد الله بن نمير ووكيع قالا ثنا اسمعيل بن ابي خالد فذكره وقال في الاستيعاب روي من وجوه عن موسى بن عبد الله بن يزيد الانصاري وعن الشعبي انهما قالا صلى على ابي قتادة فكبر عليه سبعا قال الشعبي وكان بدريا وقال قال الحسن بن عثمان مات أبو قتادة سنة اربعين وقال الكلاباذي قال ابن سعد انا الهيثم بن عدي قال توفي بالكوفة وعلي بها وهو صلى عليه وقد قدمنا في باب
كيفية الجلوس في التشهد الاول والثاني ان هذا القول هو الصحيح وان من قال توفي سنة اربع وخمسين فليس بصحيح وظهر بهذا ان ما ذكره البيهقي اولا ليس بغلط -
قال (باب ما جاء في وضع اليمنى على اليسرى في صلاة الجنازة) ذكر فيه حديثا (عن يزيد بن سنان عن ابن ابي انبسة عن الزهري عن ابن المسيب عن ابي هريرة) ثم ذكر (انه تفرد به يزيد بن سنان) - قلت - ذكره المزي في الاطراف وعزاه إلى الترمذي ثم قال رواه الحسن بن عيسى عن اسمعيل الوراق عن يحيى بن يعلي عن يونس بن خباب عن الزهري نحوه - قال (باب القراءة في صلاة الجنازة) قلت - لم يذكر البيهقي هنا بماذا يقرأ ولا ذكر حكم القراءة وقال في الخلافيات قراءة الفاتحة فرض في صلاة الجنازة ثم ذكر في هذا الكتاب اعني السنن (عن ابن عباس انه قرأ على جنازة فاتحة الكتاب وقال انها سنة) ثم قال (ورواه ابراهيم بن ابي حرة عن ابراهيم بن سعد) وقال في الحديث (فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وذكر السورة فيه محفوظ) - قلت - بل هو محفوظ رواه النسائي عن الهيثم بن ايوب عن ابراهيم بن سعد بسنده ثم ان الحديث لا يدل على فرضية القراءة ولم يصرح انها سنته عليه السلام
فيحتمل ان ذلك رأيه أو رأى غيره من الصحابة وهم مختلفون فتعارضت آراؤهم وحكي الماوردي عن بعض اصحابهم ان في قول ابن عباس هذا احتمالا هل اراد ان يخبرهم بهذا القول ان القراءة سنة أو نفس الصلاة سنة ومذهب الحنفية ان القراءة في صلاة
الجنازة لا تجب ولا تكره ذكره القدوي في التجريد ثم ذكر البيهقي من حديث جابر (انه عليه السلام قرأ فيها بام القرآن) قلت لا يدل ذلك ايضا علي الوجوب وفي سنده رجلان متكلم فيهما ابراهيم الاسلمي وابن عقيل وبالجملة لم يذكر البيهقي في هذا الباب شيئا يدل على القراءة وقال ابن بطال في شرح البخاري اختلف في قراءة الفاتحة على الجنازة فقرأ بها قوم على ظاهر حديث ابن عباس وبه قال الشافعي وكان عمر وابنه وعلى وابو هريرة ينكرونه وبه قال أبو حنيفة ومالك وقال الطحاوي من قرأها من الصحابة يحتمل ان يكون على وجه الدعاء لا التلاوة ولما لم تقرأ بعد التكبيرة الثانية دل على انها لا تقرأ فيما قبلها لان كل تكبيرة قائمة مقام ركعة ولما لم يتشهد في آخرها دل على انه لا قراءة فيها -
قال (باب الدعاء في صلاة الجنازة)
ذكر فيه حديثا (عن عقبة بن سيار ابي الجلاس عن علي بن شماخ قال سأل مروان ابا هريرة) الحديث ثم قال (اعضله أبو بلج يحيى بن ابي سليم) ثم رواه بسنده عن يحيى هذا عن الجلاس قال سأل مروان ابا هريرة) الحديث - قلت - قوله
اعضله خلاف اصطلاح اهل الشان لان الساقط من السند ههنا واحد وهو على بن شماخ والمعضل عندهم ما سقط من سنده اثنان فصاعدا فكل معضل منقطع وليس كل منقطع معضلا -
قال (باب يرفع يديه في كل تكبيرة) قلت - استدل في هذا الباب بفعل ابن عمر وانس وجماعة من التابعين وخالف حديثين مرفوعين يدلان على انه لا يرفع الا في التكبيرة الاولى - احدهما - ذكره هو فيما تقدم في باب وضع اليمنى على اليسرى في صلوة الجنازة وهو حديث ابن المسيب عن ابي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة رفع يديه في اول التكبيرة ثم يضع يده اليمنى على يده اليسرى - والحديث الثاني - اخرجه الدارقطني من حديث طاوس عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه على الجنازة في اول تكبيرة ثم لا يعود قال (باب المسبوق لا ينتظر الامام ان يكبر ثانية ولكن يفتتح فإذا
فرغ الامام كبر ما بقي عليه استدلالا بحديث وما فاتكم فاتموا) قلت - المسبوق لا يشتغل بشئ مما فاته بل يدخل اولا مع الامام ثم يتم ما فاته أو يقضيه عملا بالروايتين وكل تكبيرة ههنا بمنزلة ركعة لا يؤدى ركعة قبل الدخول فكذا التكبيرة ولو فاتته تكبيرة فكبر ثم قضى ما فاته صارت تكبيراته خمسا ولهذا قال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن ينتظر حتى يكبر الامام فيكبر معه ثم بعد السلام يقضى ما فاته وهو رواية ابن القاسم عن مالك -
قال باب الصلاة على القبر ذكر فيه حديثا (عن ثابت عن انس)
وفي آخره (هذه القبور مملوءة على اهلها ظلمة وان الله عزوجل لينورها بصلاتي عليها) ثم ذكر من حديث مسدد (عن حماد ابن زيد عن ثابت عن ابي هريرة) وفي آخره (هذه القبور مملوءة ظلمة) إلى آخره ثم ذكر هذه الزيادة (عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة ثم قال (والذي يغلب على القلب ان تكون هذه الزيادة في غير رواية ابي رافع عن ابي هريرة فاما ان تكون عن ثابت مرسلة أو عن ثابت عن انس وقد رواه غير حماد عن ثابت عن ابي رافع فلم يذكرها) قلت - بل الذي يغلب علي انقلب ان تكون هذه الزيادة من رواية ابي رافع عن ابي هريرة ايضا لانه رواها عن حماد مسدد كما اخرجه البيهقي ورواها عنه ايضا أبو الربيع الزهراني وابو كامل الجحدري - كذا اخرجه مسلم في صحيحه من حديثهما ورواها غير حماد عن ثابت عن ابي رافع اخرجها أبو عمر في التمهيد بسنده من حديث ابي داود الطيالسي عن ابي عامر الخزاز عن ثابت
عن ابي رافع ثم ذكر البيهقي (عن ابن عمر انه صلى على قبر اخيه عاصم) قلت - قد جاء عنه خلاف هذا فذكر عبد الرزق عن معمر عن ايوب عن نافع ان ابن عمر قدم بعد ما توفي عاصم اخوه فسأل عنه فقال اين قبر اخي فدلوه عليه فاتاه فدعا له قال عبد الرزاق وبه نأخذ قال وانا عبد الله بن عمر عن نافع قال كان ابن عمر إذا انتهى الي جنازة قد صلى عليه دعا وانصرف ولم يعد الصلوة - قال؟؟ عمر في التمهيد هذا هو الصحيح المعروف من مذهب ابن عمر من غير ما وجه عن نافع وقد يحتمل ان يكون
معنى رواية من روى انه صلى عليه انه دعا له لان الصلوة دعاء فلا يكون مخالفا لرواية من روى انه دعا ولم يصل وكذلك
يحتمل ان عائشة دعت على قبر اخيها وقال مالك وابو حنيفة واصحابهما لا تعاد الصلوة على الجنازة ولا يصلى على القبر وهو قول الثوري والاوزاعي والحسن بن حي والليث قال ابن القاسم قلت لمالك فالحديث الذي جاء انه عليه السلام صلى على قبر قال قد جاء وليس عليه العمل وقال ابن معين قلت ليحيى بن سعيد ترى الصلوة على القبر قال لا ولا ارى على من صلى شيئا وليس الناس على هذا اليوم وقال القدوري لم يكرروا الصلوة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء من بعده وانما صلى عليه السلام على القبر لانه كان الولي - قال باب الصلوة على الغائب
ذكر فيه عن انس موت معاوية بن معاوية المزني وقبض جبرئيل الارض للنبي عليه السلام حتى صلى عليه من طريقين في الاولى العلاء بن زيد الثقفي فذكر عن البخاري (انه منكر الحديث) وفي الثانية محبوب بن هلال المزني فذكر عن البخاري (انه لا يتابع على هذا الحديث) - قلت - ذكر ابن منده هذا الحديث في معرفة الصحابة في ترجمة معاوية هذا بالاسناد الثاني ثم قال رواه أبو عتاب الدلال عن يحيى بن ابي محمد عن انس ورواه نوح بن عمرو بن حوى عن بقية عن محمد بن زياد عن ابي امامة نحوه ثم اخرجه اعني ابن منده من طريق يونس بن عبيد عن الحسن عن معاوية المذكور ثم قال الصواب مرسل وفي تمهيد ابن عبد البر اكثر اهل العلم يقولون هذا مخصوص بالنبي عليه السلام ودلائله في هذا المسألة واضحة لا يجوز ان يشرك النبي عليه السلام فيها غيره لانه والله اعلم احضر روح النجاشي بين يديه حتى شاهدها وصلى عليها أو رفعت له جنازته كما كشف له عن بيت المقدس حين سألته
قريش عن صفته وقد روى ان جبرئيل عليه السلام اتاه بروح جعفر أو جنازته وقال قم فصل عليه ومثل هذا يدل على انه مخصوص به ولا يشاركه فيه غيره ثم اسند اعني ابن عبد البر عن ابي المهاجر عن عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان اخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه فقام صلى الله عليه وسلم وصففنا خلفه فكبر عليه اربعا وما نحسب الجنازة الا بين يديه - قلت - ولو جازت الصلاة على غائب لصلى عليه السلام على من مات من اصحابه ولصلى المسلمون شرقا وغربا على الخلفاء الابعة وغيرهم ولم ينقل ذلك - قال باب الصلاة على الجنازة في المسجد
ذكر فيه (ان ابا بكر صلى عليه في المسجد) - قلت - رواه البيهقي من طريقين - الاولى - عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة وفيه اسمعيل الغنوي فذكر البيهقي (انه متروك) - والطريق الثانية - (عن هشام عن ابيه ان ابا بكر صلى عليه في المسجد)
وفيه عبد الله بن الوليد قال ابن معين لا اعرفه لم اكتب عنه شيئا وقال ابن حنبل لا يحتج به وقال ابن عدي روى عن الثوري غرائب في الجامع وفيه ايضا سفيان بن محمد اظنه الفزاري الذي يروي عن ابن وهب قال فيه ابن عدي يسرق الاحاديث وفي حديثه موضوعات وقال الرازي لا احدث عنه قال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به وقد روى الصلوة على ابي بكر في المسجد بسند آخر رجاله ثقات قال ابن ابي شيبة في المصنف ثنا حفص يعني ابن غياث عن هشام عن ابيه قال ما صلى على ابي بكر الا في المسجد ثم ذكر حديث (من صلى على جنازة في المسجد فلا شئ له) وفي سنده صالح مولى التوأمة فقال (مختلف في عدالته كان مالك يخرجه) - قلت - ذكر صاحب الكمال عن ابن معين انه قال صالح ثقة حجة قيل ان مالكا ترك السماع منه قال انما ادركه مالك بعد ما كبر وخرف والثوري انما ادركه بعد ما خرف فسمع منه احاديث منكرات ولكن ابن ابي ذئب سمع منه قبل ان يخرف ومن سمع منه قبل ان يختلط فهو ثبت وقال العجلي صالح ثقة وقال ابن عدي لا بأس به إذا سمعوا منه قديما مثل ابن ابي ذئب وابن جريح وزياد بن سعد وغيره ولا اعرف له قبل الاختلاط حديثا منكرا إذا روى عنه ثقة وقال ابن حنبل ما اعلم بأسا بمن سمع منه قديما فثبت بهذا انه انما تكلم فيه لاختلاطه وانه لا اختلاف في عدالته كما ادعى البيهقي وان مالكا لم يخرجه وانما ترك السماع منه لانه ادركه بعد ما اختلط وان الحديث حجة لانه رواه عنه من سمع منه قبل اختلاطه وهو بن ابي ذئب والاخذ بهذا الحديث اولى من الاخذ بحديث عائشة لان الناس عابوا ذلك عليها وانكروه وجعله بعضهم بدعة فلولا اشتهار ذلك عندهم لما فعلوه ولا يكون ذلك الا لاصل عندهم لانه يستحيل عليهم ان يروا رأيهم حجة على حديث عائشة ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم انه صلى في المسجد على غير بن البيضاء ولما نعى النجاشي إلى الناس خرج بهم إلى المصلى فصلى عليه ولم يصل عليه في المسجد مع غيبته فالميت الحاضر اولى ان لا يصلى عليه في المسجد -
قال (باب من قال يسل الميت) ذكر فيه (عن عمران بن موسى انه صلى الله عليه وسلم سل من قبل رأسه) - قلت - فيه امران - احدهما - انه معضل من جهة عمران هذا - الثاني - ان الشافعي رواه عن مسلم الزنجي وغيره ومسلم ضعفه النسائي وقال أبو زرعة والبخاري منكر الحديث وقال ابن المديني ليس بشئ والزبير الذي قرنه الشافعي بالرنجي مجهول ثم ذكر البيهقي (عن الشافعي انا الثقة عن عمر ابن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس سل عليه السلام الحديث - قلت - مشهور عند اهل هذا الشان ان قولهم انا الثقة ليس بتوثيق وعمر بن عطاء ضعفه يحيى والنسائي وقال مرة ليس بشئ ثم ذكر البيهقي (عن ابي الزناد وربيعة وابي
النضر لا اختلاف بينهم انه عليه السلام سل) الحديث - قلت - فيه ايضا امران - احدهما - انه مرسل - والثاني - ان في سنده مجهولا ثم ذكر حديث ابن عباس (انه عليه السلام دخل قبر اليلا) وفيه الاخذ من قبل القبلة ثم (قال اسناد
ضعيف) - قلت - اخرجه الترمذي وقال حديث حسن وفي المحلي لابن حزم صح عن علي انه ادخل يزيد بن المكفف من قبل القبلة وعن ابن الحنفية انه ادخل ابن عباس من قبل القبلة واخرج عبد الرزاق في مصنفه ادخال علي بن المكفف من جهة القبلة بسند صحيح ثم قال وبه نأخذ - قال باب ما يقال إذا ادخل قبره ذكر فيه حديثا في سنده ادريس بن صبيح الاودي عن ابن المسيب ثم قال (هكذا قال وانما هو ادريس بن يزيد الاودي) - قلت - الذي في هذا الحديث هو ابن صبيح كما في الكتاب كذا ذكره جماعة من المصنفين وذكر ابن حبان
ابن صبيح هذا وانه الراوي عن ابن المسيب وذكر معه ابن يزيد وذكرهما ايضا الذهبي المتأخر وغيرهما وعقدوا لهما ترجمتين -
قال (باب ما يستحب من تعزية اهل الميت) ذكر فيه حديث ابن مسعود (من عزى مصابا) إلى آخره ثم قال (تفرد به علي بن عاصم وهو احد ما انكر عليه وقد روى ايضا عن غيره) - قلت - آخر هذا الكلام يناقض اوله إذا روى عن غيره ايضا فلم ينفرد به وفي الكمال لعبد الغني قيل لوكيع غلط علي بن عاصم في حديث ابن مسعود فقال وكيع انا اسرائيل عن محمد بن سوقة عن ابراهيم عن الاسود عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم من عزى مصابا فله مثل اجره - وذكر المزي في اطرافه ان الثوري رواه عن ابن سوقة مثله فهذان اثنان تابعا ابن عاصم فروياه عن ابن سوقة كذلك -
قال (باب ما يستحب لولي الميت من الابتداء بقضاء دينه) - قلت - في كون هذا مستحبا نظر -
قال (باب الرخصة في البكاء بلا ندب ونياحة) ذكر فيه من حديث ابي معاوية (عن عاصم هو الاحول عن ابي عثمان النهدي عن اسامة النبي صلى الله عليه وسلم بابنة ابنته
ونفسها تقعقع) إلى آخره ثم قال (رواه مسلم عن ابي بكر بن ابي شيبة عن ابي معاوية) - قلت - لم يروه مسلم عن ابن ابي شيبة بهذا اللفظ بل اخرج من حديث حماد بن زيد عن عاصم عن ابي عثمان عن اسامة كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فارسلت إليه احدى بناته تخبره ان صبيا لها أو ابنا لها في الموت - الحديث - ثم قال وثنا أبو بكر بن ابي شيبة ثنا أبو معاوية عن الاحول بهذا الاسناد غير ان حديث حماد اتم
قال (باب الثناء على الميت) ذكر في آخره حديث ابي الاسود (عن عمر ما من مسلم شهد له اربعة بخير الحديث) وقال في آخره (اخرجه البخاري في الصحيح
فقال وقال عفان فذكره) - قلت - قد ذكره البخاري في كتاب الشهادات من صحيحه متصلا محتجا به على شرطه فقال ثنا موسى بن اسمعيل ثنا داود بن ابي الفرات فذكره وحيث نسبه البيهقي إلى البخاري كان الواجب عليه ان ينسبه إلى موضع احتج به البخاري فيه وكان على شرطه ولا ينسبه إلى موضع علقه فيه فقال (وقال عفان)
قال (باب تفسير الكنز) ذكر فيه رواية عبيد الله (عن نافع عن ابن عمر قال كل مال اديت زكوته) إلى آخره ثم قال (رواه سويد بن عبد العزير وليس
بالقوي عن عبيد الله بن عمر مرفوعا) - قلت - لما لم يتعلق هذا الموضع بالاحكام المختلف فيها الان القول في سويد فقال (ليس بالقوي) ولم يذكر هذا اللفظ احد من ائمة الجرح والتعديل فيما علمت بل اغلظوا فيه القول وكذا فعل البيهقي حيث اعاد ذكره في موضع يتعلق بالاحكام المختلف فيها فقال في باب المعتكف يصوم (سويد بن عبد العزيز ضعيف بمرة)
قال (باب فرض الصدقة) ذكر فيه كتاب ابي بكر رضي الله عنه في الصدقات من طريقين في الثاني حماد بن سلمة وذكر عن الدارقطني (انه قال فيهما اسناد صحيح وكلهم ثقات) - قلت - ذكر البيهقي في باب من صلى وفي ثوبه أو نعله اذى ما يناقض هذا فقال (حماد بن سلمة عن ابي نعامة السعدي عن ابي نضرة كل منهم مختلف في عدالته) ثم ذكر حديثا (عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن ابيه - ثم قال (قال الترمذي سألت البخاري عن هذا الحديث فقال ارجو ان يكون صحيحا وسفيان بن حسين صدوق) قلت - حكى البيهقي في باب الدابة تنفح برجلها (عن ابن معين انه قال سفيان بن حسين ضعيف الحديث في الزهري) وقال ابن حبان يروي عن الزهري المقلوبات وفي الميزان قال أبو يعلي قيل لابن معين حديث سفيان بن حسين عن
الزهري عن سالم عن ابيه في الصدقات فقال لم يتابع عليه احد ليس يصح وقال ابن عدي رواه جماعة عن الزهري موقوفا ثم ذكر البيهقي (ان سليمان بن كثير وافق سفيان بن حسين على هذه الرواية) - قلت سليمان هذا ضعفه ابن معين كذا ذكر ابن الجوزي وفي الكاشف للذهبي قال النسائي ليس به بأس الا في الزهري ثم ذكر البيهقي حديث سليمان بن داود (عن الزهري عن ابي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) إلى آخره ثم قال (اثنى على سليمان الخولاني هذا أبو زرعة وابو حاتم وعثمان الدارمي وجماعة من الحفاظ ورأوا اهذا الحديث موصول الاسناد حسنا) - قلت - في الكمال للحافظ عبد الغني قال الدارقطني قد روى عنه يعني سليمان حديث عن الزهري عن ابي بكر بن حزم الحديث الطويل لا يثبت عنه وقال ابن المديني
منكر الحديث وضعفه وقال ابن خزيمة لا يحتج بحديثه إذا انفرد وروى النسائي هذا الحديث من حديث يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود عن الزهري ثم رواه من حديث يحيى عن سليمان بن ارقم عن الزهري ثم قال وهذا اشبه بالصواب وسليمان بن ارقم متروك الحديث وذكر المزي في اطرافه هذا الحديث ثم قال رواه أبو داود في المراسيل عن هارون بن محمد عن ابيه وعمه كلاهما عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن ارقم عن الزهري ثم قال وعن ابن هبيرة قرأت في اصل يحيى بن حمزة حدثني سليمان بن ارقم باسناده نحوه وعن الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود عن الزهري نحوه وقال أبو داود وهذا وهم من الحكم يعني قوله ابن داود وفي الميزان للذهبي قال أبو زرعة الدمشقي الصواب سليمان بن ارقم وقال
أبو الحسن الهروي الحديث في اصل يحيى بن حمزة عن سليمان بن ارقم غلط عليه الحكم وقال ابن منده رأيت في كتاب يحيى ابن حمزة بخطه عن سليمان بن ارقم عن الزهري وهو الصواب وقال صالح جزرة ثنا دحيم قال نظرت في اصل كتاب يحيى حديث عمرو بن حزم في الصدقات فإذا هو عن سليمان بن ارقم قال صالح فكتب هذا الكلام عني مسلم بن الحجاج قال الذهبي ترجح ان الحكم وهم ولا بد فالحديث إذا ضعيف الاسناد وقال ابن معين سليمان الخولاني لا يعرف والحديث لا يصح وقال مرة ليس بشئ ومرة شامي ضعيف وقال ابن حنبل ليس بشئ وفي التمهيد لابن عبد البر قال احمد بن زهير سمعت ابن معين يقول سليمان بن داود الذي يروي عن الزهري حديث الصدقات والديات مجهول لا يعرف وقال الطحاوي
سمعت ابن ابي داود يقول سليمان بن داود وسليمان بن ابي داود الحزاني ضعيفان جميعا قال البيهقي (وروينا الحديث من حديث ثمامة بن عبد الله بن انس عن انس من اوجه صحيحة) - قلت - ذكر الدارقطني في كتاب التتيع على الصحيحين ان ثمامة لم يسمعه من انس ولا سمعه عبد الله بن المثنى من ثمامة وفي الاطراف للمقدسي قيل لابن معين حديث ثمامة عن انس في الصدقات قال لا يصح وليس بشئ ولا يصح في هذا حديث في الصدقات - قلت - ثم عبد الله بن المثني متكلم فيه قال الساجي ضعيف منكر الحديث وقال أبو داود لا اخرج حديثه وفي الضعفاء لابن الجوزي قال أبو سلمة كان ضعيفا في الحديث فهذا ما على الوجه الاول من الوجوه التي روى البيهقي الحديث منها واما الوجه الثاني ففيه مع ما تقدم حماد بن سلمة وقد مضى الكلام عليه
واما الوجه الثالث فليس فيه الا ان ايوب وجد الكتاب عند ثمامة من غير ان يرويه ايوب عن ثمامة ولا ثمامة عن احد فكيف يقول البيهقي (رويناه من حديث ثمامة عن انس من اوجه صحيحة) قال (ورويناه عن سالم ونافع موصولا ومرسلا ومن حديث عمرو بن حزم موصولا) - قلت - الرواية الموصولة من حديث سالم فيها سفيان بن حسين وحديث عمرو بن حزم فيه سليمان بن داود وقد تكلمنا عليهما وقد تقدم عن ابن معين ان حديث ابن حزم لا يصح وتقدم ايضا عنه انه لم يصح في هذا الباب حديث - قال (باب بيان قوله في كل اربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة) ذكر فيه (عن ابن شهاب قال هذه نسخة كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأنيها سالم) - قلت - هذه الرواية مقطوعة
غير متصلة ثم مقتضي قوله عليه السلام فإذا كانت احدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون - ان الثلاثة تجب في مجموع المائة واحدى وعشرين فان قالوا بظاهر هذا الحديث فقد اوجبوا بنت لبون في كل اربعين وثلث وهو مخالف لقوله عليه السلام في كل اربعين بنت لبون لانه عليه السلام اوجب في الاربعين وهم لم يوجبوا فيها حتى تزيد ثلثا وان اوجبوا الثلاثة في مائة وعشرين وجعلوا الواحدة عفوا فقد خالفوا قوله عليه السلام في هذا الباب فإذا كانت احدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون -
وايضا إذا جعلوا الواحدة عفوا فالعفو في باب الزكوة لا يغير الواجب المتقدم ولهذا قال ابن اسحق وابن حنبل وعبد الملك بن الماجشون والمغيرة المخزومي وابو عبيد إذا زادت على عشرين ومائة ففيها حقتان لا غير إلى ثلاثين ومائة ففيها حقة وبنتا لبون بالاجماع - قال (باب رواية عاصم بن ضمرة عن علي بخلاف ما مضى يعني الاستئناف فيما زاد على مائة وعشرين) ثم ذكر الرواية المذكورة -
ثم قال (قال الشافعي في كتاب القديم روى هذا مجهول عن علي واكثر الرواة عن ذلك المجهول يزعم ان الذي روى هذا عنه غلط عليه وان هذا ليس في حديثه) - قلت - الذي رواه عن علي عاصم ين ضمرة وهو ليس بمجهول بل معروف روى عنه الحكم وابو اسحق السبيعي وغيرهما ووثقه ابن المديني والعجلي واخرج له اصحاب السنن الاربعة وان اراد الشافعي بقوله يزعم ان الذي روى هذا عنه غلط عليه ابا اسحق السبيعي فلم يقل احد غيره انه غلط وقد ذكر البيهقي وغيره عن يعقوب الفارسي وغيره من الائمة (انهم احاطوا بالغلط على عاصم)
ثم ذكر البيهقي (عن حماد قلت لقيس بن سعد خذلي كتاب محمد بن عمرو بن حزم فاعطاني كتابا اخبر انه اخذه من ابي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) إلى آخره ثم قال (هو منقطع وقيس اخذه عن كتاب لاسماع وكذلك حماد بن سلمة اخذه عن كتاب لاسماع وقيس وحماد وان كانا من الثقات فروايتهما هذه بخلاف رواية الحفاظ عن كتاب عمرو وحماد ساء حفظه في آخره عمره فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه ويتجنبون ما ينفرد به عن قيس بن سعد وامثاله) - قلت - ذكر حماد بن سلمة
فيما مضى في باب من صلى وفي ثوبه أو نعله اذى باسوأ من هذا ولم ار احدا من ائمة هذا الشان ذكره بشئ من ذلك وقد ذكرت بعض ما اثنوا عليه هناك والاخذ من الكتاب حجة وصرح البيهقي في كتاب المدخل ان الحجة تقوم بالكتاب وان كان السماع اولى منه بالقبول ثم ان حديث ثمامة الذي مضى تقدم انه منقطع ايضا وان حماد بن سلمة اخذه ايضا من كتاب ومع ذلك نقل البيهقي فيما تقدم عن الشافعي (انه اثنى عليه) ونقل عن الدارقطني (انه صحيح الاسناد) ثم ذكر (عن القطان انه قال حماد عن زياد الاعلم وقيس بن سعد ليس بذاك) - قلت - في سنده صالح بن احمد قيل عنه دجال وزياد بن حسان الاعلم وثقة جماعة
وقال ابن حنبل ثقة ثقة وروى له البخاري وقيس بن سعد وثقه كثيرون واخرج له مسلم -
قال (باب لا يأخذ الساعي فوق ما يجب) ذكر فيه حديثا من سنن ابي داود وفيه (فاعمد إلى شاة ممتلئة محضا وشحما) فقال (كذا قال وكيع محضا والصواب مخلضا) - قلت - المشهور في كتب الحديث واللغة المحض وهو اللبن الخالص وكذا وقع في سنن ابي داود وكذا فسره الخطابي في المعالم -
قال (باب كيف فرض صدقة البقر)
ذكر فيه (عن المسعودي انه قال الاوقاس بالسين ولا تجعلها بصاد) - قلت - المشهور عند اهل اللغة والحديث انها بالصاد -
قال (باب السن التي تؤخذ في الغنم) ذكر فيه حديث (سعر عن رسوليه صلى الله عليه وسلم انهما قالا في الشاة التي اعطاها هذه شافع فقلت اي شئ تأخذان قالا عناقا جذعة أو ثنية) ثم ذكر قول عمر رضي الله عنه لعامله (خذ العناق الجذعة والثنية) إلى آخره - قلت - مقتضى هذا وما قبله جواز الجذعة من المعز ايضا وليس هذا مذهب الشافعية بل الجذع تجزي من الضان فقط فثبت ان الاثر وما قبله غير موافقين لمذهبه -
قال (باب لا تؤخذ كرائم الاموال)
ذكر فيه (عن سويد بن غفلة انه رأى في عهده صلى الله عليه وسلم ان لا يأخذ من راضع لبن) - قلت - قد استدل به ابن عبد البر
وغيره لمن يقول بعدم وجوب الزكوة في الصغار وهو الظاهر المتبادر إلى الذهن من هذا اللفظ فالحديث إذا غير مطابق للباب - قال باب يعد عليهم بالسخال التي نتجت مواشيهم ذكر فيه قول عمر (اعتد على قومك بالبهم وان جاء بها الراعي يحملها) - قلت - ليس فيه تقييد بان مواشيهم نتجتها فهو غير مطابق
للباب وايضا مذهب الشافعية انه لا يعد بما نتجت المواشي الا إذا كانت الامهات دون الاولاد عددا تجب فيه الزكوة وليس هذا القيد في كلام عمر وحكى الطحاوي في احكام القرآن عن الشافعي انه لا يعتد بالصغار مع الكبار حتى تكون الكبار اربعين فصاعدا قال الطحاوي ما علمنا احدا تقدمه فيه ولا نعلم عمن اخذ هذا التفصيل وقد دفعه خبر عمر حيث اطلق في المواشي ولم يقدر اربعين ولا غيرها - قال (باب لا يعتد عليهم بما استفادوه من غير نتاجها حتى يحول عليه الحول)(قد مضى حديث عاصم بن ضمرة والحارث عن علي مرفوعا ليس في مال زكوة حتى يحول عليه الحول) ثم ذكره من حديث عائشة وفيه حارثة بن ابي الرجال - قلت - قد ذكر البيهقي في باب فرض التشهد (ان عاصما غير محتج به) وقال في باب صلوة الزوال (كان ابن المبارك يضعفه) وقال في باب منع التطهر بالنبيذ (الحارث الاعور ضعيف) وقال في باب اصل القسامة (قال الشعبي كان كذابا) وقال في باب الاستفتاح بسبحانك اللهم (حارثة بن ابي الرجال ضعيف) ثم ان هذا الحديث مرفوعا
وموقوفا يندرج في عمومه السخال التي نتجتها مواشيم والبيهقي واصحابه خالفوا هذا العموم وقالوا لا يحتاج السخال المذكور إلى حول وقال ابن حزم لا برهان على صحة هذا التقسيم -
قال البيهقي (باب ما ورد فيمن كتمه) يعني مال الزكاة
ذكر فيه حديث بهز بن حكيم (عن ابيه عن جده من اعطاها فله اجرها ومن كتمها فانا آخذوها وشطر ابله) الحديث ثم قال (اخرجه أبو داود ولم يخرجه البخاري ومسلم على عادتهما في ان الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له الا راو واحد لم يخرجا حديثه في الصحيحين ومعاوية بن حيدة لم يثبت عندهما رواية ثقة عنه غير ابنه قلت - ليس ذلك عادتهما فقد اخرجا حديث المسيب ابن حزن في وفاة ابي طالب ولا راوي له غير ابنه سعيد واخرج البخاري حديث مرداس (يذهب الصالحون) ولا راوي له غير قيس بن ابي حازم واخرج حديث عمرو بن تغلب (؟ اني لاعطي الرجل) ولا راوي له غير الحسن واخرج مسلم حديث رافع الغفاري ولا راوي له غير عبد الله بن الصامت وحديث ابي رفاعة ولا راوي له غير حميد بن هلال وحديث الاغر المزني ولا راوي له غير ابي بردة وفي اشياء كثيرة عندهما من هذا النحو - قال (باب صدقة الخلطاء) قلت - في الاشراف لابن المنذر لو كان بينهما ماشية بحيث لو انفرد كل منهما لم تجب عليه زكوة قال مالك والثوري وابو؟ ثور
واهل العراق لا زكوة عليهما وقال الشافعي عليهما الزكوة قال ابن المنذر الاول اصح وفي قواعد ابن رشد قال مالك وابو حنيفة لا زكوة حتى يكون لكل واحد نصاب وقال الشافعي المال المشترك كمال رجل واحد وليس فيما دون خمس اواق صدقة يحتمل الامرين الا ان مفهوم اشتراط النصاب لما كان هو الرفق كان الاول اظهر انتهى كلامه ويدل عليه حديث انس الذي تقدم للبيهقي في اول الزكوة فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من اربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة وقوله عليه السلام لا يجمع بين متفرق معناه في الملك فالجمع بين غنمهما مخالف لهذا الحديث ولان الحلطة لا تؤثر في ايجاب الحج فكذا الزكوة لانها لا تفيده غنى كما لا تفيده استطاعة - قال (باب من تجب عليه الصدقة)
ذكر فيه (عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب ان عمر قال ابتغوا باموال اليتامى) إلى آخره ثم قال (اسناد صحيح) - قلت - كيف يكون صحيحا ومن شرط الصحة الاتصال وسعيد ولد لثلاث سنين مضين من خلافة عمر ذكره مالك وانكر سماعة منه وقال ابن معين رآه وكان صغيرا ولم يثبت له سماع منه واسند البيهقي في كتاب المدخل عن مالك انه سئل هل ادرك ان المسيب عمر قال لا ولكنه ولد في زمانه فلما كبر اكب على المسألة عن شانه حتى كأنه رآه ولهذا لم يخرج الشيخان لابن المسيب
عن عمر شيئا ثم ان هذا الاثر اختلف فيه فرواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عمرو بن شعيب عن عمر ولم يذكر ابن المسيب
وخالفه حماد بن زيد فرواه عن عمرو بن دينار ولم يذكر عمرو بن شعيب ولا ابن المسيب كذا ذكر الدارقطني في علله ثم ان ابن المسيب خالف هذا الاثر قال ابن المنذر في الاشراف لا يزكي الصبي حتى يصلي ويصوم وهو قول النخعي وابي وائل والحسن وسعيد بن جبير وهذا لان الزكوة عبادة فلا تجب على الصبي لارتفاع القلم عنه كالحج والصلوة -
قال (باب تعجيل الصدقة)(اعتمد الشافعي فيه على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير) - قلت - الواو لمطلق الجمع
ولا تدل على الترتيب على ما سيأتي تقريره في كتاب الايمان ان شاء الله تعالى - قال (باب لا يودي فيما وجب الا ما وجب عليه) استدلالا بالتنصيص على الواجب في كل جنس ونقله في بعضه إلى بدل معين وتقديره الجبران في بعضه بمقدر مع اختلاف القيم باختلاف الزمان وافتراق المكان - قلت - كان الحيوان اسهل عليهم لانه كان غالب اموالهم فلذلك عينها ثم نقلهم إلى بدل يقرب من الواجب غالبا وجعل زيادة السن بمقابلة فضل الانوثة وذلك لا ينقص عن قيمة الواجب غالبا والجبران في الصدقات محمول على ما إذا كانت القيمة كذلك لانه عليه السلام لا يجحف بارباب الاموال ولا يضر بالمساكين ومعلوم بالضرورة ان المصدق إذا اخذ مكان حقة جذعة قيمتها عشرون درهما ودفع عشرين درهما فقد اضر بالفقراء وإذا اخذ مكان حقة قيمتها عشرون درهما بنت لبون وعشرين فقد اجحف برب المال ثم ذكر البيهقي حديث عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل بعثه عليه السلام إلى اليمن فقال خذ الحب من الحب والشاة من الغنم والبعير من الابل) - قلت - هو مرسل لان عطاء ولد سنة تسع عشرة فلم يدرك معاذا لانه توفى سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس والعجب من البيهقي يسكت عن هذا ثم يعلل حديث طاوس في الباب الذي يلي هذا الباب بالارسال ثم لو صح حديث عطاء فظاهره متروك لان الشاة تؤخذ في الابل وايضا لو اعطي بعيرا عن خمس الابل إلى عشرين جاز عند الشافعية مع ان المنصوص عليه الشياه - فان قيل - انما جوزنا ذلك لانه عليه السلام قال والبعير من الابل - قلنا - فوجب ان يجوز عن خمس من الابل بعير لا يساوي شاة فلما لم يجز علمنا انه بالقيمة -
قال (باب من اجاز اخذ القيم) ذكر فيه اثر معاذ ثم قال (قال الاسمعيلي قال فيه بعضهم من الجزية بدل الصدقة قال الشيخ هذا هو الاليق بمعاذ والاشبه بما امره النبي عليه السلام به من اخذ الجنس في الصدقات واخذ الدينار أو عدله معافر ثياب باليمن في الجزية وان يرد الصدقات على فقرائهم لا ان ينقلها الي المهاجرين بالمدينة الذين اكثرهم اهل فئ لا اهل صدقة) - قلت - السند الذي فيه من الجزية لينظر فيه وكيف يكون ذلك جزية وقد قال معاذ مكان الذرة والشعير ولا مدخل لهما في الجزية وانما امره عليه السلام باخذ الجنس لانه هو الذي يطالب به المصدق والقيمة انما تؤخذ باختيارهم وعلى هذا الحمل قوله عليه السلام خذ الحب من الحب الحديث والمقصود من الزكوة سد خلة المحتاج والقيمة في ذلك تقوم مقام تلك الاجناس فوجب ان تجوز عنها وهذا كما عين عليه السلام الاحجار للاستنجاء ثم اتفق الجميع على جوازه بالخرق والخشب ونحوهما لحصول الانقاء بها كما يحصل بالاحجار وانما عين عليه السلام تلك الاجناس في الزكوة تسهيلا على ارباب الاموال كما مر لان كل ذي مال انما يسهل عليه الاخراج من نوع المال الذي عنده كما جاء في بعض الآثار انه عليه السلام جعل في الدية على اهل الحلل حللا - ويجوز ان يريد معاذ نقل ما زاد عن فقرائهم ومتى لم يوجد اهل السهمان في بلد نقلت الصدقة والمراد من المهاجرين الفقراء منهم كما تقو؟ ل الزكوة حق المسلمين والمراد فقراءهم ثم ذكر البيهقي (عن مجالد عن قيس بن ابي حازم عن الصنابحي انه عليه السلام ابصر ناقة مسنة) الحديث ثم ذكر (عن البخاري انه قال رواه اسمعيل بن ابي خالد عن قيس مرسلا وضعف مجالدا) - قلت - مجالد روى له مسلم ووثقه ابن معين وقال البيهقي في باب السواك للصائم (غير اثبت منه) وهذا يقتضي توثيقه وزيادة الثقة لا تعلل بنقص من ارسله وقد اخرج أبو داود من حديث ابي بن كعب قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم مصدقا الحديث وفيه ان رجلا عرض عليه ناقة عظيمة وانه عليه السلام قال له ان تطوعت بخير اجرك الله وقبلناه منك فامر عليه السلام بقبضها والبيهقي ذكر هذا الحديث فيما مضى
في باب لا ياخذ الساعي فوق ما يجب الا ان يتطوع فاخبره عليه السلام ان بعض الناقة تطوع وبعضها فرض مكان بنت مخاض وليس في فروض الصدقات بعض ناقة فثبت انه عليه السلام اخذها على وجه البدل -
قال (باب ما يسقط الصدقة من الماشية)
ذكر فيه حديث (ليس في العوامل صدقة) - قلت - في هذه العبارة نظر إذ الاسقاط يقتضي مسابقة الوجوب ولا وجوب في العوامل اصلا -
قال (باب من رأى في الخيل صدقة) ذكر فيه عن ابن جريح اخبرني عمرد - قلت - كذا في هذه النسخة مضبوطا ولعله غلط من الكاتب ففي الاستذكار ذكر
عبد الرزاق عن ابن جريح اخبرني عمرو بن دينار فذكر القضية وروى عبد الرزاق عن ابن جريح اخبرني ابن ابي حسين ان ابن شهاب اخبرني ان عثمان كان يصدق الخيل وان السائب بن يزيد اخبره انه كان ياتي عمر بصدقة الخيل - قال أبو عمر قد روى جويرية عن مالك فيه حديثا صحيحا - ذكر الدارقطني عن ابي بكر الشافعي عن معاذ بن المثنى عن عبد الله بن محمد بن اسماء عن جويرية عن مالك عن الزهري ان السائب بن يزيد اخبره قال لقد رأيت ابي يقيم الخيل ثم يدفع صدقتها إلى عمر - وذكر اسمعيل بن اسحاق القاضي ثنا ابن اخي جويرية ثنا جويرية عن مالك عن الزهري ان السائب بن يزيد اخبره قال رأيت ابي يقيم الخيل ثم يدفع صدقتها إلى عمر - ثم ذكر البيهقي حديث ابن اسلم (عن ابي صالح عن ابي هريرة عنه عليه السلام الحديث وفيه (ثم لم ينس حق الله في ظهورها ثم قال البيهقي (رواه مسلم) قلت - رواه البخاري في عدة مواضع - قال البيهقي (ورواه سهيل ابن ابي صالح عن ابيه فقال ولم ينس حق الله في ظهورها وبطونها وذلك لا يدل على الزكوة) - قلت - يدل عليها ظاهر قوله ولم ينس حق الله في رقابها مع قرينة قوله في الصحيح في الاول الحديث ما من صاحب كنز لا يؤدي زكوته وما من صاحب ابل لا يؤدي زكوتها وما من صاحب غنم لا يؤدي زكوتها - وايضا فغير الزكوة من الحقوق لا يختلف فيها حكم الحمير والخيل واخرج ابن ابي شيبة في مسنده بسند جيد عن عمر عنه عليه السلام حديثا طويلا وفيه فلا اعرفن احدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء ينادي يا محمد يا محمد فاقول لا املك لك من الله شيئا قد بلغت ولا اعرفن احدكم ياتي يوم القيامة يحمل فرسا له حمحمة ينادي يا محمد يا محمد فاقول لا املك لك من الله شيئا الحديث وروى انه ذكر بعير اله رغاء فدل على وجوب الزكوة في هذه الانواع وليس الذم لكونه غل الفرس أو لم يجاهد عليه لان الغلول لا يختص بهذه الانواع وترك الجهاد بنفسه يذم عليه اكثر مما يذم على تركه بفرسه -
قال (باب كيف تؤخذ زكاة النخل والعنب) ذكر فيه حديث ابن المسيب عن عتاب - قلت - ذكره أبو داود ثم قال سعيد لم يسمع من عتاب -
قال (باب خرص التمر) ذكر في آخره حديث عائشة من طريق ابي داود - قلت - الذي في سنن ابي داود إلى قوله قبل ان يؤكل منه ولم يزد على ذلك ما زاده البيهقي ونسبه إليه وهذه الزيادة في رواية عبد الرزاق عن ابن جريح عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قال وذكرت
شأن خيبر فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة إلى اليهود فيخرص النخل حين يطيب اول الثمر قبل ان يؤكل منه ثم يخبر يهود ان يأخذوها بذلك الخرص أو يدفعوها إليهم وانما كان امر النبي صلى الله عليه وسلم بالخرص لكى تحصى الزكوة قبل ان تؤكل وتفرق - وقال صاحب الاستذكار قوله وانما كان امر النبي صلى الله عليه السلام إلى آخره يقال انه من قول ابن شهاب وقيل من قول عروة وقيل من قول عائشة - قال البيهقي (باب من قال يترك لرب الحائط قدر ما يأكل هو واهله) ذكر فيه اثرا عن عمر رضي الله عنه ثم قال (وقد روى في هذا حديث مسند باسناد غير قوي) ثم ذكر من حديث مسلم بن خالد
والقاسم بن عبد الله (عن حرام بن عثمان عن ابي عتيق عن جابر انه عليه السلام قال احتاطوا لاهل الاموال في الواطئة والعاملة والنوائب) الحديث - قلت - تساهل في قوله (باسناد غير قوي) فان مسلم بن خالد ضعفه البيهقي في باب من زعم ان التراويح بالجماعة افضل وقال أبو زرعة والبخاري منكر الحديث وقال ابن المديني ليس بشئ وحكى البيهقي (عن الدارقطني ان القاسم بن عبد الله العمري كان ضعيفا كثير الخطأ) وفي كتاب ابن الجوزي قال احمد ليس هو عندي بشئ كان يكذب ويضع الحديث ترك الناس حديثه وقال يحيى ليس بشئ وقال مرة كذاب خبيث وقال الرازي والنسائي والازدي متروك الحديث وقال أبو زرعة لا يساوي شيئا متروك الحديث وفي كتاب الذهبي حرام بن عثمان متروك باتفاق مبتدع وقال البيهقي في
باب الاستظهار (ضعيف ضعيف لا تقوم بمثله الحجة) وقال الشافعي وغيره الرواية عن حرام حرام وساق صاحب الميزان هذا الحديث من احاديثه المنكرة -
قال (باب لا تؤخذ صدقة صدقة شئ من الشجر غير النخل والعنب) - قلت - في المحلي لابن حزم العجب من الشافعي انه قاس على البر والشعير كل ما يعمل منه خبز أو عصيدة ولم يقس على التمر والزبيب كل ما يتقوت به من الثمار فان البلوط والتين والقسطل وجوز الهند اقوى واشهر في التقوت من الزبيب -
قال (باب ما ورد في العسل) ذكر فيه حديث عمرو بن شعيب (عن ابيه عن جده ان هلالا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له) الحديث
قلت - حسنه ابن عبد البر في الاستذكار وذكر عن اسمعيل بن اسحاق حدثني عبد الله بن محمد بن اسماء ابن اخي جويرية ثنا جويرية عن مالك عن الزهري ان صدقة العسل العشر وممن اوجب الزكوة في العسل الاوزاعي وابو حنيفة واصحابه وربيعة وابن شهاب ويحيى بن سعيد وروى ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال بلغني ان في العسل العشر قال ابن وهب واخبرني
عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد وربيعة بذلك وسمع يحيى من ادرك يقول مضت السنة بان في العسل العشر وهو قول ابن وهب - قال (باب الصدقة فيما يزرعه الآدميون) ذكر فيه حديثا عن موسى بن طلحة عن معاذ - قلت - ذكر صاحب الاستذكار انه لم يلق معاذا ولا ادركه -
قال (باب لن يهلك على الله هالك) ذكر فيه حديث (اسق حديقة فلان) - قلت - في المناسبة هذا الباب لهذا الوضع تعسف كثير -
قال (باب وجوب ربع العشر في نصابها)(وفيما زاد عليه وان قلت الزيادة)
ذكر فيه حديثا في سنده عاصم بن ضمرة والحارث الاعور (عن علي قال زهيرا حسبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كل اربعين درهما درهم وليس عليكم شئ حتى يتم مائتا درهم ففيها خمسة دراهم فما زاد فعلى حساب ذلك) - قلت - عاصم والحارث متكلم فيهما ولم يقطع زهير برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولو صح رفعه فللخصم ان يعيد قوله فبحساب ذلك إلى قوله من كل اربعين درهما درهم توفيقا بين الادلة كما سيأتي في الباب الذي يلى هذا الباب ان شاء الله تعالى - قال (باب ذكر الخبر الذي روى في وقص الورق) ذكر فيه حديثا عن معاذ ثم ضعفه - قلت - اقتصر في هذا الباب على هذا الحديث الضعيف لكون الباب معقودا لبيان مذهب خصمه وفي الباب حديثان - احدهما - ذكره البيهقي في باب فرض الصدقة وهو كتابه عليه السلام الذي بعثه إلى اليمن مع عمرو بن حزم وفيه (وفي كل خمس اواق من الورق خمسة دراهم وما زاد ففي كل اربعين درهما درهم) ثم قال البيهقي (مجود الاسناد) ورواه جماعة من الحفاظ موصولا حسنا وروى البيهقي (عن احمد بن حنبل انه قال ارجو ان يكون صحيحا) - والثاني - ذكره البيهقي في باب لا صدقة في الخيل من حديث علي (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهلموا صدقة الرقة من كل اربعين درهما درهم وليس في تسعين ومائة شئ فإذا بلغت مأتين ففيها خمسة دراهم) قال ابن حزم صحيح مسند وروينا من طريق ابن ابي شيبة عن عبد الرحمن بن سليمان عن عاصم الاحول عن الحسن البصري قال كتب عمر إلى ابي موسى فما زاد على المائتين ففي كل اربعين درهما درهم واخرجه الطحاوي في احكام القرآن من وجه آخر
عن انس عن عمر نحوه - قال صاحب التمهيد وهو قول ابن المسيب والحسن ومكحول وعطاء وطاوس وعمرو بن دينار والزهري وبه يقول أبو حنيفة والاوزاعي وذكر الخطابي الشعبي معهم وروى ابن ابي شيبة بسند صحيح عن محمد الباقر رفعه قال إذا بلغت خمس اواق ففيها خمسة دراهم وفي كل اربعين درهما درهم -
قال (باب من قال لا زكاة في الحلي) ذكر فيه (عن انس قال في الحلي إذا كان يعار ويلبس فانه يزكي مرة واحدة) - قلت - هذا الاثر مخالف للباب -
قال (باب من قال في الحلي زكاة) ذكر فيه حديثا (عن عبد الله بن الوليد ثنا سفيان عن حماد عن ابراهيم عن علقمة ان امرأة عبد الله) إلى آخره ثم قال (وقد روى مرفوعا وليس بشئ) - قلت - روى الدارقطني من حديث قبيصة عن سفيان عن حماد عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله ان امرأة اتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ان لي حليا وان زوجي خفيف ذات اليد وان لي بني اخ افيجزئ عني ان اجعل زكوة الحلي فيهم قال نعم - وهذا السند رجاله ثقات والرفع فيه زيادة من ثقة فوجب قبوله قال (باب اخبار وردت في زكاة الحلي) ذكر فيه حديث عائشة - قلت - اخرجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين والبيهقي اخرجه من طريقه وسكت عنه ثم ذكر البيهقي خديثا (عن حسين هو المعلم عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده) ثم قال (ينفرد به عمرو) - قلت - قد ذكر في باب الطلاق قبل النكاح (عن ابن راهويه انه إذا كان الراوي عنه ثقة فهو كايوب عن نافع عن ابن عمر) وذكر عن جماعة من الحفاظ (انهم يحتجون بحديثه فلا يضر تفرده بالحديث قال يحيى القطان إذا روى عنه الثقات
فهو ثقة يحتج به وقال البخاري رأيت احمد بن حنبل وعلي بن المديني وابن راهويه وابا عبيد وعامة اصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ما تركه احد من المسلمين) ثم ذكر في آخر الباب حديثا عن ام سلة ثم قال (ينفرد به ثابت بن عجلان) - قلت - اخرج له البخاري ووثقه ابن معين وغيره فلا يضر الحديث تفرده ولهذا اخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط البخاري وفي الاشراف لابن المنذر روينا عن عمرو عبد الله بن عمرو وابن عباس وابن مسعود وابن المسيب وعطاء وسعيد بن جبير وعبد الله بن شداد وميمون بن مهران وابن سيرين ومجاهد والثوري والزهري وجابر بن زيد واصحاب الرأي وجوب الزكوة في الحلي الذهب والفضة وبه يقول ابن المنذر وفي المعالم للخطابي الظاهر من الكتاب يشهد لقول من اوجبها والاثر يؤيده والاحتياط اداؤها - انتهي كلامه وظاهر قوله عليه السلام في الرقة ربع العشر يشهد لذلك إذ الرقة تطلق على الفضة مضربوة كانت أو غير مضروبة وكذا الورق يدل على ذلك ما جاء في الحديث ان عرفجة اتخذ انفا من ورق
وفي حديث هذا الباب فتخات من ورق أو سخابا من ورق -
قال (باب ما يجوز للرجل ان يتحلى به) ذكر فيه حديثا عن انس ثم قال (تفرد به جرير عن انس) ثم علله برواية قتادة له عن سعيد بن ابي الحسن مرسلا ثم قال
(هو المحفوظ - قلت - رواية جرير اخرجها الترمذي وحسن الحديث ثم قال وهكذا روى همام عن قتادة عن انس واخرجه النسائي من رواية همام وجرير عن قتادة فظهر بهذا ان جريرا لم ينفرد به -
قال (باب تحريم تحلي الرجال بالذهب) ذكر فيه حديث ابي هريرة (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب) - قلت - ليس فيه ذكر للرجال فهو غير مطابق للباب وكان اللائق بالبيهقي ان يذكر هذا الحديث فيما تقدم في باب سياق اخبار تدل على تحريم التحلي بالذهب واخرج النسائي هذا الحديث من طريق عبد الملك بن عبيد عن بشير بن نهيك عن ابي هريرة ولفظه نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تختم الذهب - فلو ذكر البيهقي هذا لكان مطابقا ثم ذكر حديث (عمر بن يعلي عن ابيه عن جده اتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي اصبعي خاتم من ذهب فقال تؤدي زكوة هذا) - قلت - فيه شيئان - احدهما - ان عمر ضعفه النسائي وغيره وهو عمر بن عبد الله بن يعلي بن مرة فنسب إلى جده وكذلك ابوه عبد الله بن يعلي ضعفه غير واحد ذكره في المغني - والثاني ان في دلالة الحديث على تحريم تحلي الرجال بالذهب نظرا وانما الذي فيه الوعيد العظيم منه صلى الله عليه وسلم على ترك تزكيته -
قال (باب الدين مع الصدقة) ذكر فيه قول عثمان (هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل اموالكم فتؤدون منها الزكوة) ثم ذكر (عن حماد قال يزكي ماله وان كان عليه من الدين مثله)
ثم قال (وهو قول الشافعي في الجديد وكان يقول يشبه ان يكون عثمان انما امر بقضاء الدين قبل حلول الصدقة في المال وقوله هذا شهر زكاتكم اي الذي إذا مضى حلت زكاتكم) - قلت - هذا تأويل مخالف للظاهر وقد اخرج الطحاوي
في احكام القرآن كلام عثمان ولفظه فمن كان عليه دين فليقضه وادوا زكوة بقية اموالكم - ثم قال اي هذا الشهر الذي وجبت فيه زكاتكم وقوله زكوا ما بقي دليل على وجوب الزكوة عليهم قبل ذلك ولو كان رأيه وجوب الزكوة في قدر الدين لكان ابعد الخلق من ابطال الزكوة وتعليمهم الحيلة فيه واشبه بمقصود الشرع سقوط الزكاة عن الدين لانه ليس بغنى عرفا وقد قال عليه السلام امرت ان آخذها من اغنيائكم واردها في فقرائكم - ولهذا جاز له اخذ الزكاة والشرع جعل الناس صنفين صنفا تؤخذ منه وصنفا ترد عليه فمن اثبت صنفا ثالثا تؤخذ منه وترد عليه فقد خالف ظاهر الحديث ووصفه بالفقر والغنى في حالة واحدة وابن السبيل لا تجب عليه حتى يصير إلى وطنه فلم يتصف بهما في حالة واحدة واضا إذا كان الدين على ملي يزيل عنه الدائن (1) فلو وجبت الزكوة على الدين لاديت زكاتان عن مال واحد وذكر صاحب الموطأ اثر عثمان ثم روى عن يزيد بن خصيفة انه سأل سليمان بن يسار عن رجل له مال وعليه دين مثله اعليه زكوة قال لا وقال صاحب التمهيد قول عثمان يدل على ان الدين يمنع زكوة العين وانه لا تجب الزكوة على من عليه دين وبه قال سليمان بن يسار وعطاء والحسن وميمون بن مهران والثوري والليث واحمد واسحق وابو ثور ومالك الا انه قال ان كان عنده عروض تفي بدينه عليه زكوة العين وقال الاوزاعي الدين يمنع الزكوة -
(1) كذا -
قال (باب من قال المعدن ليس بركاز) لقوله عليه السلام المعدن جبار وفي الركاز الخمس ففصل بينهما
- قلت - للخصم ان يقول المعدن هو الركاز فلما اراد ان يذكر له حكما آخر ذكره بالاسم الآخر وهو الركاز ولفظ الحديث في الصحيح والبئر جبار وفي الركاز الخمس - فلو قال وفيه الخمس لحصل الالتباس باحتمال عود الضمير إلى البئر - قال (باب من قال المعدن ركاز وفيه الخمس) ذكر فيه حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن عبد الله بن عمرو
وفيه (ما كان في الطريق غير المئتاء وفي القرية غير المسكونة ففيه وفي الركاز الخمس) ثم قال البيهقي (اجاب عن هذا من قال
بالاول) يعني ان المعدن ليس بركاز والجواب ان هذا (ورد فيما يوجد من اموال الجاهلية ظاهرا فوق الارض في الطريق غير المئتاء وفي القرية غير المسكونة فيكون فيه وفي الركاز الخمس وليس ذلك من المعدن بسبيل) ثم حكى البيهقي عن الشافعي ما ملخصه ان كان حديث عمرو بن شعيب حجة فالمخالف احتج منه بشئ واحد انما هو توهم وخالفه في غير حكم وان كان غير حجة فاحجة بغير حجة جهل ثم قال البيهقي (قوله انما هو توهم اشارة إلى ما ذكرنا انه ليس بوارد في المعدن انما هو في معنى الركاز من اموال الجاهلية) - قلت - روى البيهقي في باب الطلاق قبل النكاح عن ابي بكر النيسابوري (انه قال صح سماع عمرو من ابيه شعيب وسماع شعيب من جده عبد الله) ثم قال البيهقي (مضى في باب وطئ المحرم وفي باب الخيار من البيوع ما دل على سماع شعيب من جده عبد الله الا انه إذا قيل عمرو عن ابيه عن جده يشبه ان يراد بجده محمد بن عبد الله وليست له صحبة فيكون الخبر مرسلا وإذا قيل عن جده عبد الله زال الاشكال وصار الحديث موصولا) انتهى كلامه وهذا الحديث قيل فيه عن ابيه عن عبد الله فهو على هذا حجة فلا وجه لترديد الشافعي وقد اورد أبو عمرو بن عبد البر هذا الحديث في التمهيد - ولفظه قال صلى الله عليه وسلم في كنز وجد رجل ان كنت وجدته في قرية مسكونة أو في سبيل مئتاء فعرفه وان كنت وجدته في خربة جاهلية أو في قربة غير مسكونة أو في غير سبيل مئتاء ففيه وفي الركاز الخمس - وكذا اورد البيهقي هذا الحديث فيما تعد في باب زكوة الركاز وهذه الرواية تدفع الجواب الذي ذكر البيهقي (ان الشافعي اشار إليه وهو انه ورد فيما يوجد ظاهرا فوق الارض) لان الكنز على ما ذكره اهل اللغة الجوهري وغيره هو المال المدفون وفي الفائق للزمخشري الركاز ما ركزه الله في المعادن من الجواهر والقطعة منه ركزة وركيزة وقال أبو عبيد الهروي الركاز القطع العظام من الذهب والفضة كالجلاميد والواحد ركز وقال ايضا اختلف في تفسير الركاز اهل العراق واهل الحجاز فقال اهل العراق هي المعادن وقال اهل الحجاز هي الكنوز اهل الجاهلية وكل محتمل في اللغة والاصل فيه قولهم ركز في الارض إذا اثبت اصله وذكر نحو هذا صاحب مشارق الانوار وعطف الركاز على الكنز في الحديث الذي ذكرناه دليل على ان الركاز غير الكنز وانه المعدن كما يقوله اهل العراق
فهو حجة لمخالف الشافعي وقال الخطابي الركاز وجهان فالمال الذي يوجد مدفونا لا يعلم له مالك وعروق الذهب والفضة ركاز وقال الطحاوي في احكام القرآن وقد كان الزهري وهو رواوي حديث الركاز يذهب إلى وجوب الخمس في المعادن ثنا يحيى هو ابن عثمان المصري ثنا نعيم ثنا ابن المبارك ثنا يونس عن الزهري في الركاز المعدن واللؤلؤ يخرج من البحر العنبر من ذلك الخمس -
قال (باب من قال لا شئ في المعادن حتى تبلغ نصابا) ذكر فيه (ان رجلا جاء النبي عليه السلام بمثل بيضة من ذهب فقال اصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة ما املك غيرها فاعرض عنه عليه السلام وفي آخر الحديث (فخذ بها) قال البيهقي (يحتمل انه انما امتنع من اخذ الواجب منها لكونها ناقصة عن النصاب ويحتمل غيره) - قلت - الرجل دفع كلها فلم يمتنع عليه السلام من اخذ الواجب منها بل امتنع من اخذها كلها كراهة لخروجه من ماله كلها وقد نبه عليه السلام على ذلك بقوله انما الصدقة عن ظهر غني وهذا المعنى هو الذي فهمه البيهقي فذكره فيما بعد في ابواب صدقة التطوع مستدلا به على ذلك ولذا بوب عليه أبو داود في سننه فقال باب من يخرج من ماله -
قال البيهقي (باب من اجرى الخمس فيه مجرى الصدقات) (ذكر فيه حديث الجرذ الذي اخرج من جحر سبعة عشر دينارا - قلت - ذكره عبد الحق في احكامه ثم قال اسناده
لا يحتج به وقال ابن القطان صدق في ذلك لان النسوة الثلاث اللاتي دون ضباعة لا يعرف حالهن - قلت - ليس في هذا الاسناد الا امرأتان وفي المعالم للخطابي قوله هل اهويت إلى الجحر يدل على انه لو اخذها من الجحر لكان ركازا يجب فيه الخمس وقوله بارك الله لك فيها لا يدل على انه جعلها له في الحال ولكنه محمول على بيان الامر في اللقطة التي إذا عرفت سنة فلم تعرف كانت لآخذها انتهى كلامه فعلى هذا ليس هذا الحديث مناسبا للباب -
قال (باب اخراج الفطر عن نفسه وغيره ممن تلزم مونته) - قلت - الحديث الذي فيه عن من تمونون لا يخلو عن ضعف كما بينه البيهقي وقوله عليه السلام في صحيح البخاري على الذكر والانثى من حديث ابن عمر دليل على سقوط صدقة الزوجة عن الزوج ووجوبها عليها فلا تسقط عنها الا بدليل ولانه يلزمها الاخراج عن عبيدها فلان يلزمها عن نفسها اولى ويلزم الشافعي الاخراج عن اجيره ورقيقه الكافر لانه يمونهما -
قال (باب الكافر يكون فيمن يمون فلا يودي عنه زكاة الفطر)
ذكر فيه حديث ابن عمر (انه عليه السلام فرض زكوة الفطر من رمضان على كل حر أو عبد ذكر أو انثى من المسلمين) ثم ساقه من وجه آخر وفيه أبو عتبة احمد بن الفرج ولفظه (عن كل نفس من المسلمين) - قلت - رواة هذا الحديث لفظهم على كل حر أو نفس - والمراد من يلزمه الاخراج ولا يكون الا مسلما فلا دلالة فيه على عدم وجوب الاخراج عن الكافر كما زعم البيهقي واما قول ابي عتبة عن كل نفس من المسلمين فلو كان ثقة فقد خالف الجماعة فلا يقبل منه فكيف وهو ضعيف ثم على تقدير التنازل وتسليم صحة روايته هذه نقول ثبت في الصحيح حديث ليس على المسلم في عبده صدقة الا صدقة الفطر - وهو بعمومه يتناول الكافر ايضا وكذا ما تقدم في حديث ابن عمر والخدري عن كل حر وعبد - ورواية ابي عتبة هذه ذكرت بعض افراد هذا العام فلا تعارضه ولا تخصه إذا المشهور الصحيح عند اهل الاصول ان ذكر بعض افراد العام لا يخصه خلافا لابي ثور فثبت من هذا انه لا دليل في الروايتين على ما ادعاه البيهقي ان العبد الكافر لا تؤدي عنه ثم الجمهور على انها تجب على السيد ولهذا لو لم يؤد عنه حتى لم يلزمه اخراجها عن نفسه اجماعا فعلى هذا على في قوله على كل حر وعبد بمعنى عن ومن زعم انها تجب على العبد ويتحمل السيد عنه يجعل على على بابها وعلى التقديرين هو ذكر لبعض افراد العام كما قررناه فعلى كل تقدير لا دليل في هذه الروايات على مدعى البيهقي - فان قال قائل - ليس هذا ذكر بعض افراد العام بل هو تخصيص للعام بمفهوم الصفة في قوله من المسلمين - قلنا - نمنع اولا دلالة المفهوم وثانيا لو سلمناه لا نسلم انه يخص به العموم وذكر
ابن رشد وغيره ان مذهب ابن عمر وجوب الفطرة على الكافر وهو راوي الخبر فدل انه فهم منه ما ذكرنا وفي الاستذكار قال الثوري وسائر الكوفيين يؤدي الفطرة عن عبده الكافر وهو قول عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز والنخعي وروى عن ابي هريرة وابن عمر ثم ذكر البيهقي حديث ابن عباس (فرض عليه السلام زكوة الفطر طهرة الصيام من الرفث واللغو) الحديث - قلت - وجه الاستدلال به انه عليه السلام جعل صدقة الفطر طهرة وزكوة والكافر لا يتزكى ولخصم البيهقي ان يقول هي طهرة للمؤدي فيعتبر كونه من اهلها لا المؤدي عنه الذي لا يخاطب بها واستدلال البيهقي يشكل بالصبي فانه لا يحتاج إلى الطهرة ومع ذلك جمهور العلماء على ان الفطرة تجب عليه في ماله - قال (باب وقت زكاة الفطر) ذكر فيه حديث ابن عمر (فرض عليه السلام زكوة الفطر) الحديث - قلت - مذهب الشافعي ان وقتها مغيب الشمس من آخر ايام رمضان لان ذلك هو وقت الفطر والخروج من الصوم ولمن يقول أو وقتها طلوع الفجر من يوم الفطر انه وقت الفطر
واما الليلة فلا صوم فيها فهي كسائر الليالي ونهيه عليه السلام عن صيام يوم الفطر دليل على ان الفطر يقع في اليوم ويدل عليه امره عليه السلام في الصحيح باخراجها قبل الخروج إلى الصلوة والاداء عقيب الوجوب مندوب إليه فلو تقدم وقت الوجوب على اليوم لندب عليه السلام إلى اخراجها عند ذلك - قال (باب من قال بوجوبها على الغني والفقير) ذكر فيه حديث ابن ابي صعير - قلت - هو حديث اضطرب اسنادا ومتنا وقد بين البيهقي بعض ذلك في هذا الباب وبعضه في باب
من قال يخرج من الحنطة نصف صاع وقال صاحب التمهيد هذا حديث مضطرب لا يثبت وليس دون الزهري في هذا الحديث من تقوم به حجة واختلف عليه فيه ايضا انتهى كلامه ثم على تقدير ثبوته هو مخالف للاحاديث المشهورة كحديث (امرت ان آخذ الصدقة من اغنيائكم) - وحديث (انما الصدقة عن ظهر غني) - وكيف تجب الصدقة على من يأخذها -
قال (باب من قال لا يخرج من الحنطة الا صاعا) ذكر فيه حديث الخدري ولفظه (صاعا من طعام أو صاعا من اقط أو صاعا من شعير) - قلت - الطعام كما يطلق على البر وحده يطلق على كل ما يؤكل كذا ذكر الجوهري وغيره قال الله تعالى (وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم) - اي ذبائحهم وفي الحديث الصحيح طعام الواحد يكفي الاثنين - ولا صلوة بحضرة الطعام - ونهى عليه السلام عن بيع الطعام ما لم يقبض - وفي حديث المصراة صاعا من طعام - قال الازهري اراد من تمر لا من حنطة والتمر طعام وقال القاضي عياض يفسره قوله في الروايات الاخر صاعا من تمر وقد قال البيهقي فيما بعد باب جريان الربا في كل مطعوم واستدل على ذلك بحديث الطعام مثلا بمثل - وذكر في ابواب الربا حديث المصراة ثم قال المراد بالطعام في هذا الخبر التمر فعلى هذا المراد بالطعام في حديث ابي سعيد الاصناف التي ذكرها فيما بعد وفسر الطعام بها ويدل على ذلك ما في الصحيح البخاري في هذا الحديث وكان طعامنا الشعير والزبيب والاقط والتمر وفي الصحيح مسلم كنا نخرج زكوة الفطر من ثلاثة اصناف صاعا من تمر صاعا من اقط صاعا من شعير - وللنسائي كنا نخرج في عهده عليه السلام صاعا من تمر أو صاعا من اقط أو صاعا من شعير لا يخرج غيره - ولا ذكر للبر في شئ من ذلك - فان قيل - قد ذكر في الرواية التي ذكرها البيهقي بعد من طريق ابن اسحق - قلنا - الحفاظ يتوقون ما ينفرد به كذا قال البيهقي في باب قتل ما له روح وقد ذكر أبو داود هذا الحديث ثم قال رواه ابن علية وعبدة وغيرهما عن ابن اسحق عن عبد الله عن عياض
عن ابي سعيد بمعناه وذكر رجل واحد فيه عن ابن علية أو صاعا من حنطة وليس بمحفوظ - ثنا مسدد ثنا اسمعيل ليس فيه ذكر الحنطة وذكر معاوية بن هشام عن الثوري عن زيد بن اسلم عن عياض عن ابي سعيد نصف صاع من بر وهو وهم معاوية أو غيره ممن رواه عنه انتهى كلامه ثم لو سلم ان للبر ذكرا في الحديث وان الواجب فيه صاع ففي هذا الحديث ان معاوية قدره بنصف صاع والصحابة متوافرون وانهم اخذوا بذلك وهذا يجري مجرى الاجماع وعن ابن عمر كان يخرجون صدقة الفطر
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من شعير أو صاعا من تمر اوسلت أو زبيب فلما كان عمر وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع من حنطة مكان صاع من تلك الاشياء اخرجه أبو داود بسند جيد على شرط البخاري ما خلا لهيثم بن خالد وهو ثقة ثقه أبو داود والعجلي وتابعه على ذلك شعيب بن ايوب كذا اخرجه الدارقطني في سننه ووثق شعيبا فدل هذا الحديث على اتفاق تقويم عمر ومعاوية وفي الصحيح عن ابن عمر انه عليه السلام فرض صاعا من تمر أو شعير فعدل الناس به نصف صاع من بر - وذكره البيهقي في الباب الذي قبل هذا الباب وهذا صريح في الاجماع على ذلك ولو صح عن النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من بر لما جاز لهم اخراج نصف صاع لانه ربا وقول الخدري فلا ازال اخرجه كما كنت اخرجه يحمل انه لم يرد به مخالفتهم وانه يخرج صاعا من البر بل اراد الاخراج من الاصناف التي كانوا يخرجونها في عهده عليه السلام وقد صرح بذلك في رواية لمسلم قال لا اخرج فيها الا الذي كنت اخرج في عهده عليه السلام صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من شعير أو صاعا من اقط - فان قيل - يرد هذا الاحتمال ما ذكره البيهقي في هذا الباب (ان الخدري لما قيل له أو مدين من قمح قال تلك قيمة معاوية لا اقبلها ولا اعمل بها) - قلنا - في سنده ابن؟؟ وقد تقدم الكلام عليه فيها ثم ذكر البيهقي حديث ابن اسحاق - قلت - قد قدمنا كلام ابي داود عليه وهو متكلم فيه وقد انفرد بذكر الحنطة في هذا الحديث وقد تقدم ان الحفاظ يتوقون ما ينفرد به ثم ذكر البيهقي حديث سعيد بن عبد الرحمن الجمحي (حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر) قلت - تفرد به عن عبيد الله سعيد الجمحي وقد لينه الفسوي واتهمه ابن حبان وحديث عبيد الله عن نافع رواه عنه جماعة في الصحيحين وغيرهما ولا ذكر للبر فيه ثم ذكر البيهقي من حديث الحارث (انه سمع عليا يامر بزكاة الفطر صاعا من تمر أو شعير أو حنطة) إلى آخره ثم قال (وروى مرفوعا والموقوف اصح) - قلت - لا يصح هذا مرفوعا ولا موقوفا لانه مع الاضطراب في سنده مداره على الحارث الاعور وقد كذبه جماعة وحكى البيهقي تكذيبه عن الشعبي في باب القسامة وصحيح ابن حزم عن الشعبي عن عثمان وعلي وغيرهما من الصحابة نصف صاع من بر واخرج الدارقطني في سننه من حديث علي مرفوعا
نصف صاع من بر - ثم قال الصواب انه موقوف وذكر البيهقي ذلك عن علي موقوفا فيما تقدم في باب اخراج الفطر عن نفسه ومن يمونه -
ثم ذكر عن ابن عباس موقوفا ومرفوعا (صاعا من طعام) وذكر (ان الصحيح) هو الموقوف) - قلت - قد تقدم ان الطعام يطلق على البر ايضا وسيأتي ان شاء الله تعالى عن ابن عباس مرفوعا وموقوفا نصف صاع من بر ثم ذكر البيهقي (عن ابي اسحاق كتب الينا ابن الزبير صدقة الفطر صاع صاع) - قلت - لم يصرح بذكر البر بل لما كان الواجب في غالب الاصناف صاعا اطلق ذلك على الغالب وقد روى عن ابن الزبير مصرحا ان الواجب في البر نصف صاع قال ابن ابي شيبة في المصنف ثنا محمد بن بكر عن ابن جريح عن عمرو انه سمع ابن الزبير وهو على المنبر يقول مدان من قمح إلى آخره وهذا سند صحيح جليل وهو اولى من السند الذي ذكره البيهقي لان فيه كتابة وقال ابن حزم روينا عن عمرو بن دينار انه سمع ابن الزبير يقول على المنبر زكاة الفطر مدان من قمح أو صاع من تمر أو شعير وقد صح ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين سنذكرهم في الباب الذي يلي هذا الباب ان شاء الله تعالى ثم ذكر البيهقي (عن الحسن على من صام صاع تمر أو صاع بر) قلت - لا ادري حال سنده وقد جاء عن الحسن بسند صحيح لا اشكال فيه خلاف هذا فروى ابن ابي شيبة بسنده عن الشعبي قال صدقة الفطر عن من صام من الاحرار وعن الرقيق من صام منهم ومن لم يصم نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو صاع من شعير ثم قال ثنا هشيم عن منصور عن الحسن انه قال مثل قول الشعبي فيمن لم يصم من الاحرار - قال (باب من قال يخرج من الحنطة نصف صاع) ذكر فيه حديث ابن ابي صعير ولفظه (صاع من بر أو قمح عن كل اثنين) ثم ذكر اضطرابه سندا ومتنا ثم قال رواه ابن جريح قال قال الزهري قال عبد الله بن ثعلبة) - قلت - رواه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريح عن ابن شهاب عن عبد الله
ابن ثعلبة ثم ذكر البيهقي (ان محمد بن يحيى الذهلي قال في كتاب العلل انما هو عن كل رأس أو كل انسان هكذا رواية بكر ابن وائل) - قلت - اخرجه أبو داود في سننه من طريق بكر بن وائل وفيه أو صاع بر أو قمح بين اثنين ثم ذكر البيهقي حديثا (عن ابن جريح اخبرني ايوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر) - قلت - اخرجه الدارقطني عن ابن جريح عن سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر واخرجه من وجه آخر عن داود بن الزبرقان عن ايوب عن نافع عن ابن عمر ثم ذكر البيهقي حديث
الحسن (عن ابن عباس فرض عليه السلام هذه الصدقة) وفي آخره (صاع تمر أو صاع شعير أو نصف صاع قمح) ثم قال (حديث الحسن عن ابن عباس مرسل) ثم ذكر (عن ابن سيرين عن ابن عباس امرنا ان نعطي صدقة رمضان) وفيه (صاعا من طعام ومن ادى برا قبل منه ومن ادى شعيرا قبل منه)
ثم قال (ابن سيرين لم يسمع من ابن عباس الا انه يوافق حديث ابي رجاء العطاردي الموصول عن ابن عباس فهو اولى ان يكون صحيحا وما شك فيه الراوي ولا شاهد له فلا اعتداد به) - قلت - قد ذكر في الباب الذي قبل هذا ان الصحيح من حديث ابي رجاء انه موقوف وظاهر كلامه هنا انه مرفوع وليس فيه ولا في رواية ابن سيرين تصريح بذكر البر لانهما قالا صاعا من طعام وقد تقدم انه يطلق على غير البر ايضا فكان الاخذ بحديث الحسن عن ابن عباس اولى لتصريحه بذكر القمح وهو وان كان مرسلا فقد تأيد بما اخرجه البيهقي بعد في باب وجوب الفطر على اهل البادية من حديث عطاء عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم وفيه مدان من قمح وبما اخرجه ابن ابي شيبة فقال ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن عطاء عن ابن عباس قال الصدقة صاع من تمر أو نصف صاع من طعام - واراد به هاهنا البر إذ الواجب في غيره صاع ولم يذكر نصف صاع الا في البر وهذا السند على شرط الصحيح ما خلا حجاجا واظنه ابن ارطاة وهو وان تكلم فيه فقد وثقه جماعة واخرج له مسلم مقرونا بغيره فيصلح للاستشهاد به وتأيد ايضا بعدة مسانيد وبمرسل ابن المسيب الآتي بعد وغيره من المراسيل الكثيرة المشهورة التي جاءت من طريق فقهاء المدينة وبا قول جماعة من الصحابة والتابعين وبما ذكرنا من الاحاديث الدالة على اتفاق الناس على ذلك ولم ادر ما معنى قول البيهقي وما شك فيه الراوي فان اراد به ما في حديث ابن عباس من قوله أو صاع شعير أو نصف صاع قمح فهذا تخيير وليس بشك وقد ورد حديث ابن عمر والخدري وغيرهما في الكتب الصحيحة بلفظ أو ولم يفهم احد ان ذلك شك من الراوي وقوله ولا شاهد له ليس كذلك بل له عدة شواهد تقدم كثير منها وسيأتي بعضها ان شاء الله تعالى ومن تتبع الكتب وجدها مشحونة بذلك ثم ذكر البيهقي مرسل ابن المسيب (فرض عليه السلام زكاة الفطر مدين من حنطة) ثم قال (قال الشافعي خطأ) - قلت - الشافعي يقبل مراسيل ابن المسيب قال لانها عن الثقات وانه وجد ما يدل على تسديدها وقال ابن الصلاح لانها وجدت مسانيد ومرسلة هذا نص البيهقي في رسالته إلى ابي محمد الجويني ان اسناده صحيح فكيف رده الشافعي وزعم انه خطأ مع انه اعتضد بما ذكرنا واخرج الدارقطني نحوه من طريقين من حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ومن طريقين من حديث ابن عباس ومن طريقين من
حديث ابن عمر في احدهما مدان من حنطة وفي الآخر نصف صاع من حنطة واخرجه من حديث علي مرفوعا نصف صاع من بر ومن حديث عصمة بن مالك مرفوعا مدان من قمح واخرجه البيهقي في هذا الباب من حديث ابن ابي صعير وابن عمر واخرج احمد في مسنده والطحاوي في شرح الآثار من ثلاث طرق من حديث ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن فاطمة بنت المنذر عن اسماء بنت ابي بكر قالت كنا نؤدي زكوة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدين من قمح بالمد الذي تقتاتون به - وفي التمهيد روى عن ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس على اختلاف عنه وابي هريرة
وجابر ومعاوية وابن الزبير نصف صاع بر وفي الاسناد عن بعضهم ضعف وروى ايضا عن ابن المسيب وعطاء وطاوس ومجاهد وعمر بن عبد العزيز وعروة وسعيد بن جبير وابي سلمة ومصعب بن سعد وذكره ابن حزم عن عثمان وعلي وابي هريرة وجابر والخدري وعائشة واسماء قال وهو عنهم كلهم صحيح - قال (باب ما دل على ان صاعه عليه السلام كان خمسة لرطال وثلثا)
ذكر فيه (عن الحسين بن الوليد لقيت مالكا فسألته عن الصاع) إلى آخره (قال فلقيت عبد الله بن زيد بن اسلم فقال حدثني ابي عن جدي ان هذا صاع عمر) - قلت - عبد الله هذا ضعفه الجمهور كذا قال الذهبي وقال ابن المديني ليس في ولد زيد ابن اسلم ثقة وقال البيهقي في باب الحوت يموت في الماء (اولاده كلهم ضعفاء عبد الرحمن واسامة وعبد الله) ثم ذكر البيهقي (ان النبي عليه السلام كان يغتسل بالصاع ثمانية ارطال) ثم ذكر (ان صاع الزكاة وصاع الغسل مختلفان وان قدر ما يغتسل به كان يختلف باختلاف الاستعمال) قال (فلا معني لترك الاحاديث الصحيحة في قدر الصاع المعد لزكوة الفطر) - قلت - لم يذكر ولا حديثا واحدا فيه تعيين قدر الصاع المعد لزكاة الفطر وانه خمسة ارطال وثلث -
قال (باب من قال يجزئ اخراج الدقيق) - قلت - جوز الشافعي اخراج الارز والذرة والدخن إذا كانت غالب قوت البلد وجوز الاقط مع انه يتولد من الحيوان ولم يجوز الدقيق فان عمل بظاهر الحديث فليست هذه الاشياء مذكورة فيه ولا اعتبر فيه غالب القوت بل ذكرت الاشياء
بخصوصها وان اعتبر غالب القوت فالدقيق قوت غالب بل هو اسرع منفعة واعجل اغناء للفقير عن المسألة في ذلك اليوم ثم ان الشارع ذكر تلك الاشياء باو المقتضية للتخيير فمقتضاه انه لو كان غالب القوت الحنطة فاخرج شعيرا انه يجوز ومذهب الشافعي انه لا يجوز - قال (باب وجوبها على اهل البادية)
ذكر فيه حديثا عن ابن عباس وذكر (ان فيه في رواية زيادة مدين من قمح) ثم قال (وهذا حديث ينفرد به يحيى بن عباد عن ابن جريح) - قلت - في سنن الدارقطني عند ذكر هذا الحديث ان يحيى هذا كان من خيار الناس وذكر الدارقطني من وجه آخر عن ابن عباس فهو شاهد لحديث يحيى هذا ويشهد له ايضا ما ذكرناه من حديث عمرو بن شعيب وغيره - قال (باب ما يجوز اخراجه لاهل البادية من الاقط) ذكر فيه حديث كثير بن عبد الله المزني (عن ربيح عن ابي سعيد) - قلت - كثير هذا ضعيف وقال أبو داود كذاب وقال الشافعي من اركان الكذب وقال ابن حيان يروي عن ابيه عن جده نسخة موضوعة ومع هذا ليس في حديث هذا الباب تخصيص اهل البادية بذلك -
قال (باب من اختار قسم زكاة الفطر بنفسه) ذكر فيه عن ابن ابي مليكة ثم قال (ورواه الشافعي باسناده عن سالم بن عبد الله وقد مضى ذكره في آخر باب النية في اخراج الصدقة) - قلت - لا ذكر له في ذلك الباب وانما رواه بعد ذلك بستة ابواب في آخر باب الاختيار في قسمها إذا امكنه ذلك - قال (باب وقت اخراج زكاة الفطر)
ذكر فيه حديثا في سنده أبو معشر نجيح السندي المدني (فقال غيره اوثق منه) - قلت - اختلف كلام البيهقي فيه فظاهر كلامه ههنا انه ثقة وضعفه في باب انتظار العصر بعد الجمعة وفي باب النيابة في الحج عن المعضوب وذكر في باب كراهية قولهم جاء رمضان انه مختلف فيه وان بعضهم حدث عنه والبعض لا وقال ابن الجوزي قال يحيى والنسائي والدارقطني ضعيف وفي الميزان ضعفه ابن المديني وقال البخاري وغيره منكر الحديث وكان يحيى بن سعيد يستضعفه ويضحك
إذا ذكره -
قال (باب سقي الماء)
ذكر فيه حديثا (عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن ابيه عن عمه سراقة) إلى آخره - قلت - رأيت على كتاب السنن هنا حاشية صورتها كذا وقع وصوابه عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم عن ابيه عن عمه سراقة نقلته من خط ابن الصلاح - انتهت الحاشية واخرجه ابن ماجه في سننه على الصواب -
قال (باب وجوه الصدقة)
ذكر في آخره حديثا عن ابن ابي كبشة عن ابيه ثم ذكر (عن ابن المديني انه محمد بن ابي كبشة) - قلت - ذكر المزي في اطرافه هذا الحديث ثم قال وروى عن سالم بن ابي جعد عن عبد الله بن ابي كبشة عن ابيه وفي الثقات لابن حبان عمر بن سعد أبو كبشة روى عنه اهل الشام وابنه عبد الله -
قال (باب تصدق المرأة من بيت زوجها اليسير) ذكر فيه اخبارا
ثم قال باب من حمل هذه الاخبار على انها تعطي من الطعام الذي اعطاها دون سائر امواله استدلالا باصل تحريم مال الغير الا باذنه وبما اخبرنا الروذباري فذكر اثرا عن ابي هريرة وفي آخره (لا يحل لها ان تصدق من مال زوجها الا باذنه) ثم قال (هذا قول ابي هريرة وهو احد رواة تلك الاخبار - قلت - في سند هذا الاثر عبد الملك العرزمي متكلم فيه وقال البيهقي في باب التراب في ولوغ الكلب (لا يقبل منه ما خالف فيه الثقات) وقال في باب شفعة الجوار (قيل لشعبة تحدث عن محمد بن عبيد الله العرزمي وتدع
حديث عبد الملك بن ابي سليمان العرزمي وهو حسن الحديث قال من حسنها فررت) ثم لو سلمنا صحة هذا الاثر فمذهب الشافعي والمحدثين ان العبرة لما روى الراوي لا لما رأى وكيف يحمل ذلك على الطعام الذي اعطاها وفي الحديث ابي هريرة ما انفقت من كسبه من غير امره بل يحمل ذلك على كل ما هو مأذون فيه اما صريحا أو عرفا أو عادة -
قال (باب المملوك يتصدق باليسير من مال مولاه) ذكر فيه حديث عمير مولى آبي اللحم (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم اتصدق من مال موالي بشئ قال نعم والاجر بينكما نصفان) - قلت - الحديث يشمل اليسير والكثير فهو غير مطابق للباب ثم ذكر عن جماعة (انهم اباحوا له التصدق باليسير ثم ذكر (ان عبدا قال لابن عباس اني ارعي غنما فيمر بي الظمآن اسقيه قال لا ثم لا الا بامر اهلك) - قلت - هذا يدل على امتناع التصدق باليسير فهو مخالف لمدعاه
ثم قال (وما يدل عليه ظاهره من الاباحة اولى بمن رغب عن متابعة السنة يعني ظاهر حديث عمير) - قلت - الاولى بمن رغب في متابعة السنة ترك ما يدل عليه ظاهر هذا الحديث من الاباحة إذ فيه استباحة مال الغير والاصل تحريمه الا باذنه كما ذكر البيهقي فيما تقدم قريبا وقال فيما بعد في باب تحريم اكل مال الغير بغير اذنه وذكر احاديث ثم قال باب من مر بحائط انسان أو ماشيته وذكر فيه عن الشافعي انه قال الكتاب والحديث الثابت انه لا يجوز اكل مال احد الا باذنه انتهى كلامه اللهم الا ان يكون ثم اذن صريحا أو عرفا كما تقدم -
قال (باب الدخول في الصوم بالنية) ذكر فيه حديث عبد الله بن ابي بكر عن الزهري عن سالم عن ابيه عن حفصة عنه عليه السلام ثم قال واختلف على الزهري في اسناده ورفعه وعبد الله بن ابي بكر اقام اسناده ورفعه وهو من الثقات الاثبات) - قلت - اضطرب اسناده اضطرابا شديدا والذين وقفوه اجل واكثر من ابن ابي بكر ولهذا قال الترمذي وقد روى عن نافع عن ابن عمر قوله وهو اصح -
ثم ذكر البيهقي حديثا عن روح الي الزنباع عن عبد الله بن عباد عن المفضل بن فضالة إلى آخره ثم قال (قال الدارقطني تفرد به
عبد الله بن عباد عن المفضل بهذا الاسناد وكلهم ثقات) - قلت - كيف يكون كذلك وفي كتاب الضعفاء للذهبي عبد الله ابن عباد البصري ثم المصري عن المفضل بن فضالة واه وقال ابن حبان روى عنه أبو الزنباع روح نسخة موضوعة - قال (باب المتطوع يدخل بنيته قبل الزوال) ذكر فيه حديثا في سنده سليمان بن معاذ عن سماك عن عكرمة ثم قال (هذا اسناد صحيح) - قلت - كيف يكون صحيحا وسليمان هذا قال فيه ابن معين ليس بشئ وقال ابن حبان كان رافضيا غاليا وكان يقلب الاخبار وهو سليمان بن قرم بن معاذ ينسب إلى جده -
قال (باب النهي عن استقبال رمضان بصوم)
ذكر فيه حديثا (عن جرير بن عبد الحميد عن منصور عن ربعي عن حذيفة) ثم قال (وصله جرير عن منصور بذكر حذيفة وهو ثقة ورواه الثوري وجماعة عن منصور عن ربعي عن بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - قلت - قوله (وصله جرير عن منصور بذكر حذيفة) يوهم ظاهره ان رواية الثوري ومن معه ليست بموصولة وهو خلاف اصطلاح اهل هذا الشان وقد اطلنا البحث معه في مثل هذا في باب النهي عن فضل المحدث فيما مضى - ثم ذكر حديثا فيه أبو عباد عن ابيه عن ابي هريرة ثم قال (أبو عباد هو عبد الله بن سعيد المقبري غير قوي) - قلت - ذكر يحيى بن سعيد انه استبان كذبه في مجلس وقال ابن حبان كان يقلب الاخبار ويهم في الآثار حتى يسيق إلى القلب انه المتعمد لها والبيهقي الان القول فيه ههنا وقال في باب من اتى الجمعة من ابعد من ذلك (منكر الحديث متروك قاله ابن حنبل) وقال في باب من قال المعدن ركاز (ضعيف جدا جرحه ابن حنبل وابن معين وجماعة من الائمة وقال الشافعي اتقى الناس حديثه)
قال (باب الخبر الذي ورد في صوم سرر شعبان)
ذكر فيه (عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صوموا الشهر وسره) - قلت - هذا الحديث غير مطابق للباب إذ ليس فيه ان المراد بالشهر هو شعبان بل ذكر ابن حزم انه رمضان بلا شك وان سره مضاف إليه سواء كان اوله
أو آخره أو وسطه فهو من رمضان لا من شعبان -
قال (باب من طلع الفجر وفي فيه شئ لفظه) ذكر في آخره (انه عليه السلام قال لرجل هلم للغداء فقال اني اريد الصوم فقال عليه السلام وانا اريد الصوم ولكن مؤذننا في
بصره سوء أو شئ اذن قبل ان يطلع الفجر) ثم قال البيهقي (فان صح فكان ابن ام مكتوم وقع تأذينه قبل الفجر فلم يمتنع عليه السلام من الاكل) - قلت - قد قدمنا في ابواب الاذان ان بلالا كان في بصره شئ فعلى هذا كان الاولى بالبيهقي ان يقول فكأن بلالا وقع تأذينه قبل الفجر لانه هو الذي كان ببصره ضعف فيخالف (1) بذلك عليه لا على ابن ام مكتوم الذي كان لا يؤذن حتى يقول له الجماعة اصبحت اصبحت - قال (باب من ذرعه القئ)
(1) كذا -
ذكر فيه حديث قاء عليه السلام فافطر) ثم قال (مختلف قي اسناده) - قلت - تقدم في ابواب الطهارة ان ابن منده صححه وان الترمذي قال هو اصح شئ في الباب - قال (باب من اصبح يوم الشك لا ينوي الصوم فيه)
ذكر فيه حديثا عن يزيد بن زريع عن شعبة ثم قال (رواه أبو داود ووقع في بعض النسخ سعيد) - قلت - الذي رأيناه في سنن ابي داود سعيد ولم يذكر المزي في اطرافه غيره - قال (باب كفارة من اتى اهله في رمضان)
قلت - هذا الاطلاق يدخل فيه من اتى اهله ناسيا ولا كفارة فيه ولا قضاء عند الشافعي وابي حنيفة وذكر البيهقي في هذا الباب حديث الاعرابي من رواية الزهري عن حميد عن ابي هريرة وذكر في رواية (فاتى النبي صلى الله عليه وسلم بمكتل في خمسة
عشر صاعا من تمر) ثم قال (ورواه الاوزاعي وابن ابي حفصة عن الزهري هكذا وذكره هشام بن سعد عن الزهري عن ابي سلمة عن ابي هريرة مثله ورواه ابن المبارك عن الاوزاعي عن الزهري وجعل هذا التقدير عن عمرو بن شعيب فالذي يشبه ان يكون تقدير المكتل بخمسة عشر صاعا من رواية الزهري عن عمرو بن شعيب) - قلت - تقدم في رواية الزهري هذا التقدير عن حميد وعن ابي سلمة فلا ادري ما الذي حمل البيهقي على ان جعله من رواية الزهري عن عمرو بن شعيب فقط
ثم ذكر حديثا بسنده إلى البخاري (قال حدثنا الاويسى حدثني ابن ابي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن محمد بن جعفر عن عباد عن عائشة فذكر الحديث) وفيه (فاتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه عشرون صاعا) إلى آخره ثم قال البيهقي (قوله عشرون صاعا بلاغ بلغ محمد بن جعفر وقد روى الحديث محمد بن اسحاق عن محمد بن جعفر ببعض من هذا يزيد وينقص) وفي آخره (قال محمد بن جعفر فحدثت بعد ان تلك الصدقة كانت عشرين صاعا) - قلت - ابن اسحق متكلم فيه وقال البيهقي في باب تحريم قتل ما له روح (الحفاظ يتوقون ما ينفرد به ابن اسحق) ومع هذا لم يذكر البيهقي سنده إليه حتى ينظر فيه والحديث رواه أبو داود في سننه عن محمد بن عوف عن ابي ابي مريم عن ابن ابي الزناد كما رواه البخاري والحديث الصحيح انما يعلل برواية اخرى إذا كانت ممن هو غير مستضعف والا فرواية الضعيف لا تكون سببا لضعف رواية القوي وقال الخطابي ما ملخصه ظاهر الحديث ان خمسة عشر صاعا كاف للكفارة لكل مسكين مد وجعله الشافعي اصلا في اكثر المواضع التي فيها الا طعام الا انه روى في خبر سلمة واوس في كفارة الظهار في احدهما اطعم وسقا والوسق ستون صاعا وفي الآخر اتى بعرق وفسره ابن اسحق في روايته ثلاثين صاعا فالاحتياط ان لا يقتصر على مد لجواز ان يكون التقدير بخمسة عشر صاعا امر بان يتصدق به وتمام الكفارة باق عليه إلى زمن السعة كمن عليه ستون درهما فيعطى صاحب الحق خمسة عشر درهما ليس فيه اسقاط ما وراءه من حقه ولا براءة ذمته منه -
قال (باب من روى الحديث مطلقا في الفطر) ثم ذكرها ورجح رواية التقييد بالوطئ - قلت - في نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمعوا ان من اكل أو شرب في نهار رمضان عامدا بلا عذر فعليه القضاء والكفارة الا الشافعي قال لا كفارة عليه انتهى كلامه والاكل والشرب عمدا في انتهاك حرمة الشهر مثل الوطئ على ان الشافعي لم يقتصر بالكفارة على الجماع في الفرج بل اوجبها في وطئ البيهمة والوطئ الذي في الدبر وقد
روى النسائي في سننه الكبرى بسند صحيح عن عائشة انه عليه السلام سأل الرجل فقال افطرت في رمضان فأمره بالتصدق بالعرق ولم يسأله بماذا افطر وقد قال الشافعي ترك الاستفصال في قضايا الاحوال ينزل منزلة عموم المقال - قال (باب من روى الحديث مطلقا في الفطر وبلفظ يوهم التخيير دون الترتيب)(1) قلت - الرواية المذكورة في هذا الباب صريحة في التخيير لا موهمة له وبالتخيير قال مالك عملا بهذا الحديث -
(1) كذا وقع في الجوهر ترجمتان هذه والتي قبلها وليس في السنن الا ترجمة واحدة بهذا المعنى - ح -
قال (باب من روى في هذا الحديث لفظة لا يرضاها اصحاب الحديث) ثم ذكر من حديث الاوزاعي (حدثني الزهري ثنا حميد عن ابي هريرة بينا انا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت واهلكت) الحديث ثم قال (ضعف شيخنا أبو عبد الله الحافظ هذه اللفظة واهلكت ثم استدل على ذلك إلى ان قال (ولم يذكر ها احد من اصحاب الزهري عن الزهري الا ماروى عن ابي ثور عن المعلى بن منصور عن سفيان بن عيينة عن الزهري وكان شيخنا يستدل على كونها في تلك الرواية ايضا خطأ بانه نظر في كتاب الصوم تصنيف المعلى بن منصور بخط مشهور فوجد فيه هذا الحديث دون هذه اللفظة) - قلت - اسند الدارقطني في سننه هذا الحديث من رواية ابي ثور كذلك وابو ثور فقيه معروف جليل المقدار ذكر الحاكم أبو عبد الله وابن عساكر ان مسلما اخرج عنه في صحيحه فلا تترك روايته هذه
بسقوطها في خط رجل مجهول ويحتمل انها سقطت سهوا من الكاتب وليس اسقاط من اسقط حجة على من زاد بل الزيادة مقبولة كما عرف كيف وقد تأيدت روايته بالطريق الذي ذكره البيهقي اولا ربما اخرجه ابن الجوزي في كتاب التحقيق من طريق الدارقطني ثنا النيسابوري ثنا محمد بن عزيز حدثني سلامة بن روح عن عقيل عن الزهري عن حميد عن ابي هريرة فذكر الحديث وفيه هلكت واهلكت وسلامة هذا اخرج له ابن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال ابن حبان مستقيم وذكر البيهقي في الخلافيات ان ابن خزيمة رواه عن محمد بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن حميد عن ابي هريرة ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اهلكت يا رسول الله هكذا باثبات الالف وفي المعالم للخطابي
ما ملخصه في امر الرجل بالكفارة دليل على ان على المرأة كفارة مثله لان الشريعة سوت بينهما الا فيما قام عليه دليل التخصيص واذ الزمها القضاء بجماعها عمدا لزمها الكفارة لهذه العلة كالرجل وهذا مذهب اكثر العلماء وقال الشافعي يكفر الرجل كفارة واحدة وتجزئ عنهما لانه عليه السلام اوجب عليه كفارة واحدة ولم يذكر ها مع حصول الجماع منهما وهذا غير لازم لانه حكاية حال لا عموم له ويمكن ان تكون مفطرة بمرض أو سفر أو مستكرهة أو ناسية لصومها وفي نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمعوا على ان المرأة إذا طاوعت على الجماع في رمضان ولا عذر لها فعليها كفارة اخرى الا الاوزاعي والشافعي قالا كفارة تجزئ عنهما -
قال (باب الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما افطرتا وتصدقتا عن كل يوم بمد وقضتا) قلت - ظاهر الحديث الذي ذكره في الباب الذي بعد هذا الباب انه لا فدية عليهما ولانهما يرجى لهما القضاء فاشبها المسافر وايضا فمتى وجبت الفدية لم يجب القضاء لان الفدية ما يقوم مقام الشئ كقوله تعالى (ففدية من صيام) الآية ولهذا اوجب بعض السلف الفدية ولم يوجب القضاء وايضا ايجابها مخالف لظاهر قوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه فدية) وهما غير مرادين بهذه الآية لانها منسوخة على ما عرف وقوله تعالى في سياق هذه الآية (وان تصوموا خير لكم) يدل على ذلك لانهما ان خافتا تعين فطرهما ولم يكن الصوم خيرا لهما بل محظورا والا تعين صومهما وفي نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمعوا ان الحامل إذا خافت على حملها افطرت
وقضت ولا كفارة الا عند الشافعي قال في احد الروايتين عنه عليها الكفارة - قال (باب الحامل والمرضع لا تقدر ان على الصوم افطرتا وقضتا بلا كفارة) ذكر فيه حديث (ان الله وضع عن المسافر شطر الصلوة وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم) - قلت - بين البيهقي في هذا الباب اضطراب سند هذا الحديث وقد بينا في باب صلوة المسافر اضطراب متنه ايضا وبسطنا الكلام عليه هناك وعلى تقدير سلامته من الاضطراب ليس هو بمطابق لهذا الباب إذ حقيقة وضع الصيام عنهما ان لا قضاء عليهما كما انه لا كفارة - قال (باب كراهية القبلة لمن حركت شهوته)
ذكر في آخره حديثا (عن عمر رضي الله عنه انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قال فرأيته لا ينظرني) الحديث ثم قال (تفرد به عمر بن حمزة فان صح فعمر رضي الله عنه كان قويا مما يتوهم تحريك القبلة شهوته والله اعلم) - قلت - هذا الحديث يرد من وجهين - احدهما - ان عمر بن حمزة ضعفه ابن معين وقال أبو احمد والرازي احاديثه مناكير - والثاني ان الشرائع لا تؤخذ من المنامات لا سيما وقد افتى النبي صلى الله عليه وسلم عمر في اليقظة باباحة القبلة ذكره أبو داود وغيره وهو في ذلك الوقت اشد واقوى منه حين رأى هذا المنام فمن المحال ان ينسخ صلى الله عليه وسلم تلك الاباحة بعد موته حين كان عمر اسن واضعف من ذلك الوقت فلا حاجة إذا إلى تأويل البيهقي هذا الحديث بهذا التأويل الضعيف إذ لو كان عمر قويا يتوهم تحريك القبلة شهوته كما زعم البيهقي لما اباحها النبي صلى الله عليه وسلم له في اليقظة بالطريق الاولى -
قال (باب اباحة القبلة لمن لم تحرك شهوته)
ذكر في آخره (حديثا عن عمر بن ابي سلمة انه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ايقبل الصائم) الحديث ثم (قال رواه مسلم) - قلت - اخرج الشافعي في مسنده عن عطاء بن يسار ان رجلا قبل امرأته وهو صائم فوجد من ذلك فارسل امرأته تسأل عن ذلك إلى آخره وقال ابن الاثير في شرح المسند هكذا اخرجه البويطئ مرسلا وقال الشافعي وسمعت من يصل هذا الحديث ولا يحضرني ذكره وانما يريد والله اعلم الرواية التي وصلها مسلم عن عمر بن ابي سلمة ويكون قوله سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم انه بعث امرأته تسأله فكأنه سأله هو لتتفق الروايتان وقال البيهقي (فيه نظر فان عمر لم يكن يومئذ من الرجال الذين يسألون عن قبلة الصائم ولا كان له يومئذ زوجة لانه كان صبيا ولد في الحبشة في السنة الثانية وقيل قبض عليه السلام وعمره تسع سنين وليس من اقدار المتأهلين والجمع بين الروايتين فيه بعد) -
قال (باب من اغمي عليه في ايام من شهر رمضان فلا يحزى عنه وان لم يأكل فيها)(قال الشافعي لانه لم يدخل في الصوم وهو يعقله وقال اصحابنا وقال النبي صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات) - قلت - إذا نوى ليلا فقد صح الصوم فطريان الاغماء عليه لا يضره كالنوم وكونه دخل فيه وهو لا يعقله يشكل بما لو افاق في بعض النهار
فانه يصح صومه وان كان دخل فيه وهو لا يعقل -
قال (باب استحباب السحور) ذكر فيه حديث (تسحروا) - قلت - هو امر وظاهره الوجوب فهو غير مطابق للباب -
قال (باب استحباب تعجيل الفطر وتأخير السحور)
ذكر فيه حديث (إذا اقبل الليل وادبر النهار) - قلت - هذا الحديث ايضا غير مناسب للباب ثم ذكر حديثا في سنده طلحة بن عمرو المكي - قلت - ذكره في باب وضع اليمنى على اليسرى وقال ليس بالقوي - قال (باب ما يفطر عليه) ذكر فيه حديث (إذا كان أحدكم صائما فليفطر على التمر) من رواية (عاصم الاحول عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر) ثم قال (وكذا رواه ابن عون وهشام بن حسان عن حفصة ورواه هشام الدستوائي عن حفصة فلم يرفعه)
قلت - لم أجد في الكتب المتداولة بيننا لهشام الدستوائي رواية في هذا الحديث وأحرجه النسائي من طريق هشام بن حسان عن حفصة مرفوعا ثم أخرجه عن عبد الله بن الهيثم عن يوسف بن يعقوب وحماد بن مسعدة كلاهما عن هشام عن حفصة عن الرباب عنه به موقوفا فظاهر سياق النسائي لهذا الحديث ان هشاما الذي رواه موقوفا في الطريق الثاني هو هشام ابن حسان لا الدستوائي على ان الحافظ ابا عبد الله ابن منده اخرجه في كتاب معرفة الصحابة له من طريق روح بن عبادة عن هشام بن حسان عن حفصة موقوفا فصرح بان الراوي له موقوفا هو ابن حسان -
قال (باب الرخصة في الصوم في السفر)
ذكر في آخره (عن عبد الرحمن بن عوف قال الصائم في السفر كالمفطر) ثم قال (هو موقوف وفي اسناده انقطاع وروى
مرفوعا واسناده ضعيف) - قلت - أخرجه النسائي وغيره من رواية ابي سلمة بن عبد الرحمن عن ابيه وقد قال ابن معين والنسائي لم يسمع من ابيه فهذا معنى قول البيهقي وفي اسناده انقطاع الا ان ابن حزم صرح بسماعه من ابيه وتابع حميد بن عبد الرحمن اخاه ابا سلمة فرواه عن ابيه كذلك كذا اخرجه ايضا النسائي في سننه بسند صحيح وذكر ابن حزم ان سنده في غاية الصحة وحميد سمع من ابيه نص عليه صحب الكمال والرواية المرفوعة ذكرها ابن ماجه في سننه من رواية ابي سلمة بن عبد الرحمن عن ابيه وسندها حسن وذكرها ابن حزم ولم يذكر في اسنادها ضعفا الا اسامة بن زيد وهو وان تكلموا فيه يسيرا فقد اخرج له مسلم في صحيحه -
قال (باب من اختار الصوم في السفر) ذكر فيه حديثا عن سلمة بن المحبق وفي سنده عبد الصمد بن حبيب فحكى عن البخاري (انه قال منكر الحديث ذاهب) - قلت - الذي في تاريخ البخاري عن عبد الصمد هذا انه لين الحديث وكذا ذكر صاحب الميزان وجماعة عن البخاري ولم ينقل أحد عنه فيما علمت انه قال فيه هذا اللفظ الذي حكاه عنه البيهقي فلينظر فيه -
قال (باب من لم يقبل على هلال الفطر الا روية شاهدين)
ذكر في آخره أثرا عن عمر رضي الله عنه وفي سنده عبد الاعلى بن عامر الثعلبي فحكى عن الدارقطني (انه قال غيره اثبت منه) قلت - هذا اللفظ من الدارقطني توثيق له وقد ضعفه هو في سننه في مواضع أخر وقال البيهقي في باب من قال الرهن مضمون (عن ابن المديني سألت يحيى القطان عن عبد الاعلى الثعلبي فقال يعرف وينكر) وقال في باب اخراج زكوة الفطر (غير قوي) وفي الضعفاء لابن الجوزي قال احمد وابو زرعة ضعيف الحديث - قال (باب الشهادة على هلال الفطر بعد الزوال)
ذكر فيه حديث أبي عمير عن عمومة له من الصحابة ثم قال (إسناد حسن وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ثقات فسواء سموا أو لم يسموا) - قلت - حسن أسناده ههنا وصححه فيما مضى في ابواب
مجهول قاله ابن عبد البر وقول البيهقي هنا (كلهم ثقات) مخالف لكلامه فيما مضى في باب فضل المحدث واطلنا الكلام معه هناك -
قال (باب الهلال يرى في بلد ولا يرى في آخر) ذكر فيه اخبار كريب لابن عباس برؤيتهم الهلال بالشام ليلة الجمعة وصومهم وصوم معاوية وقول ابن عباس (لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين يوما أو نراه فقال كريب أو لا تكتفي برؤية معاوية قال لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال البيهقي (يحتمل ان يكون ابن عباس اراد انه عليه السلام في قصة اخرى امده لرؤيته أو تكمل العدة ولم يثبت عنده رؤيته بشاهدين لانفراد كريب بهذا الخبر فلم يقبله) - قلت - قول ابن عباس لا حين قال له كريب أو لا يكتفي برؤية معاوية يبعد هذا الاحتمال -
قال (باب المفطر من رمضان يوخر القضاء ما بينه وبين رمضان آخر) ثم ذكر قول عائشة (كان يكون على الصوم من رمضان فما استطيع ان اقضيه الا في شعبان) - قلت - عموم قوله تعالى فعدة من ايام أخر - يقتضي ان تأخير القضاء ليس بمقيد إلى مجئ رمضان آخر وتأخير عائشة انما كان لانه عليه السلام كان يستمتع بها وكان في شعبان يشتغل بالصوم فتشتغل هي بالقضاء وفي غير رمضان تتفرغ لخدمته وفي الاستذكار قال داود من اوجب الفدية على من اخر القضاء حتى دخل رمضان آخر ليس معه حجة من كتاب ولا سنة ولا اجماع -
قال (باب من قال إذا فرط في القضاء حتى مات اطعم)
ذكر فيه اثرا عن ابن عمر ثم أخرجه مرفوعا من حديث شريك (عن محمد بن ابي ليلى عن نافع عن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم ثم قال (هذا خطأ من وجهين - احدهما - رفعه وانما هو من قول ابن عمر - والآخر - قوله نصف صاع وانما قال ابن عمر
مدا من حنطة وروى من وجه آخر عن ابن ابي ليلى ليس فيه ذكر الصاع) ثم أحرجه من حديث (أشعث بن سوار عن محمد عن نافع عن ابن عمر سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل مات) الحديث - قلت - فهم البيهقي ان محمدا الذي روى عنه اشعث هذا الحديث هو ابن ابي ليلى وكذا صرح الترمذي به وقد أخرج ابن ماجه هذا الحديث في سننه بسند صحيح عن أشعث عن محمد بن سيرين عن نافع عن ابن عمر مرفوعا فان صح هذا فقد تابع ابن سيرين ابن ابي ليلى على رفعه فلقائل ان يمنع الوقف - قال (باب من قال يصوم عنه وليه)
ذكر فيه حديث عائشة وابن عباس ثم ذكر (ان بعضهم ضعف الحديثين بفتوى ابن عباس وعائشة بالاطعام) ثم اجاب عن ذلك فقال (من يجوز الصيام عن الميت يجوز الاطعام وفي ما روى عنهما في النهى عن الصوم عن الميت نظر) - قلت - قد صح ذلك عنهما قال النسائي في سننه انا محمد بن عبد الاعلى ثنا يزيد بن زريع ثنا حجاج الاحول ثنا ايوب بن موسى عن عطاء ابن أبي رباح عن ابن عباس قال لا يصلي احد عن احد ولا يصوم احد عن احد ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مد من حنطة وهذا سند صحيح على شرط الشيخين خلا ابن عبد الاعلى فانه على شرط مسلم وقال أبو جعفر الطحاوي ثنا روح بن الفرج ثنا يوسف بن عدي ثنا عبيدة بن حميد عن عبد العزيز بن رفيع عن عمرة بنت عبد الرحمن قلت لعائشة ان امي توفيت وعليها صيام رمضان ايصلح ان اقضي عنها فقالت لا ولكن تصدقي عنها مكان كل يوم على مسكين خير من صيامك - وهذا ايضا سند صحيح وقد اجمعوا على انه لا يصلى احد عن احد فكذلك الصوم لان كلا منهما عبادة بدنية وفي التمهيد لابن جرير الطبري روى ايوب عن نافع عن ابن عمر انه كان يقول لا يصلي احد عن احد ولا يصوم احد عن احد ولا يحج احد عن احد قال عبد الله ولو كنت انا افعل ذلك لتصدقت واهديت - وروى عن سفيان عن أبي نهيك عن القاسم بن محمد قال لا يقضي ذلك احد عن احد لقوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر اخرى
قال (باب قضاء رمضان ان شاء متفرقا وان شاء متتابعا)
ذكر فيه حديثا عن ابن المنكدر بلغني انه صلى الله عليه وسلم سئل عن تقطيع قضاء رمضان (إلى آخره ثم حكى عن
الدارقطني (ان اسناده حسن) - قلت - سكت عنه البيهقي فهو رضا به وكيف يكون حسنا وفي اسناده يحيى بن سليم الطائفي قال البيهقي في باب من كره (الطائفي / 1) كثير الوهم سيئ الحفظ) وفي الكاشف للذهبي قال النسائي منكر الحديث وفي الميزان له قال أحمد رأيته يخلط في احاديث فتركته ثم قال البيهقي (وروى من وجه آخر ضعيف عن ابن عمر مرفوعا وروى في مقابلته عن أبي هريرة في النهي عن القطع مرفوعا وكيف يكون ذلك صحيحا ومذهب أبي هريرة جواز التفريق ومذهب ابن عمر المتابعة) - قلت - علل الحديثين بكون مذهب الراويين بخلافهما وليس ذلك مذهب البيهقي ولا اكثر المحدثين وكثيرا ما يخالف الراوي الحديث فلا يلتفتون إلى الراوي ولا يعرجون عليه ويقولون العبرة لما روى لا لما رأى ثم ذكر البيهقي حديث أبي هريرة المذكور وفي سنده عبد الرحمن بن ابراهيم المديني فقال (ضعفه يحيى بن معين والنسائي والدارقطني) - قلت - الذي نقله ابن الجوزي والذهبي في كتابه في الضعفاء وكتابه المسمى بالميزان عن النسائي انه قال في عبد الرحمن هذا ليس بالقوي وفي تاريخ البخاري انه ثقة وفي كتاب ابن القطان قال البخاري قال حبان ثنا عبد الرحن بن ابراهيم ثقة وقال ابن معين ثقة وقال ابن حنبل ليس به بأس وقال أبو زرعة لا بأس به احاديثه مستقيمة وعند الدارقطني في اسناد هذا الحديث توثيقه إذ في السند ثنا حبان بن هلال ثنا عبد الرحمن بن ابراهيم القاص وهو ثقة وقال ابن عدي لم يتبين في حديثه ورواياته حديث منكر فاذكره به قال ابن القطان فهو مختلف فيه والحديث من روايته حسن -
قال (باب الصائم يكتحل) ذكر فيه حديث عباد بن منصور (عن عكرمة عن ابن عباس قال عليه السلام بالاثمد) الحديث ثم قال (هذا اصح
ما روى في اكتحال النبي صلى الله عليه وسلم - قلت - ظاهر هذا الكلام يقتضي صحة هذا الحديث وكيف يصح وعباد ابن منصور ضعيف عندهم وقال الترمذي لا نعرفه على هذا اللفظ الا من حديث عباد بن منصور انتهى كلامه وللحديث علة اخرى وهي ان عبادا لم يسمعه من عكرمة بل بينهما رجلان ذكر أبو جعفر العقيلي عن ابن المديني سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول قلت لعباد بن منصور سمعت ما مررت بملا من الملائكة وان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل ثلاثا فقال حدثني ابن أبي يحيى عن داود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس انتهى ما ذكره العقيلي وابن أبي يحيى متروك وقال ابن المديني ما روى داود بن الحصين عن عكرمة فمنكر ذكره الذهبي في الكاشف ثم قال البيهقي (وقد روى عن محمد بن عبيد الله
ابن أبي رافع وليس بالقوي عن ابيه عن جده) إلى آخره - قلت - اغلظوا القول في محمد هذا فقال البخاري في تاريخه منكر الحديث وحكى فيه عن ابن معين انه قال ليس بشئ هو وابنه معمر وفي كتاب ابن الجوزي ان الدارقطني ضعفه وان الرازي قال عنه ذاهب الحديث وفي الكمال قال عبد الرحمن سألت أبي عنه فقال ضعيف الحديث منكر الحديث جدا ذاهب والبيهقي الان القول فيه وشيخه الحاكم وثقه وخرج له في مستدركه في مناقب الحسن والحسين ثم قال البيهقي (ورواه سعيد بن ابي سعيد الزبيدي صاحب بقية عن هشام بن عروة) إلى آخره ثم قال (وسعيد الزبيدي من مجاهيل شيوخ بقية) - قلت - سعيد شيخ بقية كما ذكره البيهقي آخرا فقوله اولا (صاحب بقية) سهو ومخالف لكلامه آخرا ولعادة اهل هذا الشان وقد ذكرنا فيما تقدم في باب ما لانفس له سائلة إذا مات في الماء ان صاحب الامام حكى عن ابي بكر الخطيب انه وثق سعيدا هذا وذكر ان اسم ابيه عبد الجبار وذكرنا هناك عن ابن حبان انه ذكره في الثقات وانه من اهل الشام وان اهل بلده رووا عنه وهذا ينفي عنه الجهالة وصرح المزي ايضا في اطرافه بانه سعيد بن عبد الجبار ثم ذكر البيهقي حديث عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة عن أبيه عن جده في النهي عن الاكتحال للصائم - قلت - سكت عنه البيهقي وذكره أبو داود في سننه وحكى عن ابن معين انه قال هو حديث منكر وسكت البيهقي ايضا عن عبد الرحمن بن النعمان وهو مختلف فيه ضعفه ابن معين وقال الرازي صدوق -
قال (باب الصائم يحتجم لا يبطل صومه) ذكر فيه حديثا (عن آدم عن شعبة عن حميد سمعت ثابتا يسأل انسا اكنتم تكرهون الحجامة) ثم قال البيهقي (رواه البخاري عن آدم عن شعبة سمعت ثابتا والصحيح ما روينا عن آدم) - قلت - صرح البخاري في روايته بسماع شعبة من ثابت وفي الصحيحين من روايته عن ثابت عدة احاديث فيحمل على انه سمع هذا الحديث من ثابت بلا واسطة ومرة اخرى بواسطة وهذا اولى من تخطئة البخاري -
ثم ذكر حديثا في سنده عبد الرحمن بن زيد بن اسلم فقال (ليس بالقوي) - قلت - مضى ذكره قريبا في باب من ذرعه القئ فضعفه هناك وضعفه ايضا في باب الحوت والجراد يموتان في الماء وفي ابواب الزكوة -
قال (بما بلغنا عن الحفاظ في تصحيح هذا الحديث) يعني افطر الحاجم والمحجوم
ذكر في اواخره (عن أبي داود قلت لاحمد بن حنبل اي حديث اصح في افطر الحاجم والمحجوم قال حديث ابن جريج عن مكحول عن شيخ من الحي عن ثوبان) - قلت - سكت عنه البيهقي راضيا به وكيف يكون اصح الاحاديث في هذا الباب وفيه مجهول وهو شيخ من الحي بل اصح منه حديث ثوبان من غير هذه الطريق وحديث رافع وشداد كما تقدم - قال (باب ما يستدل به على نسخ الحديث)
ذكر فيه حديث ابن عباس (احتجم عليه السلام محرما صائما) ثم قال (قال الشافعي سماع ابن عباس من النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح ولم يكن يومئذ محرما ولم يصحبه محرما قبل حجة الاسلام فذكر ابن عباس حجامة النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع سنة عشر وحديث أفطر الحاجم والمحجوم سنة ثمان قبل حجة الاسلام بسنتين فان كانا ثابتين فحديث ابن عباس ناسخ وحديث افطر الحاجم والمحجوم منسوخ واسناد الحديثين معا مشتبه وحديث ابن عباس امثلهما اسنادا) - قلت - لا اشتباه في اسناد حديث افطر الحاجم والمحجوم إذ صححه أحمد وابن المديني واسحاق الحنظلي والدارمي من طريق شداد كما حكاه البيهقي عنهم في الباب السابق وحكى الترمذي عن أحمد انه قال اصح شئ في هذا الباب حديث ثوبان وشداد وصح ايضا من طريق رافع كما تقدم وكيف يكون حديث ابن عباس امثلهما اسنادا وفيه يزيد بن أبي زياد متكلم فيه قال البيهقي في باب الكسر بالماء (ضعيف لا يحتج به) على انه قد اختلف التوقيت في حديث شداد فذكر هنا انه كان عام الفتح والنبي صلى الله عليه وسلم كان حينئذ بمكة واخرج البيهقي فما مضى في باب الافطار بالحجامة من حديث أبي داود
(ان كان ذلك بالبقيع) وهو بالمدينة ولم يذكر عام الفتح وكذا اخرجه البيهقي في ذلك الباب من حديث ثوبان ايضا ففي دعوى النسخ على هذا نظر ثم ذكر البيهقي (عن ابن عمر انه كان يحتجم وهو صائم ثم تركه بعد فكان يحتجم بالليل) إلى آخره وذكر ايضا (عنه انه كان يحتجم في رمضان عند الفطر) - قلت - هذان الاثران عكس مقصود البيهقي فايرادهما في هذا الباب غفلة منه -
قال (باب الشيخ الكبير يفطر ويفتدي)
ذكر فيه (عن ابن عباس وعائشة انهما قرءا وعلى الذين يطوقونه) - قلت - مذهب الشافعية ان القراءة الشاذة لا يحتج بها وليست بقرآن ولا خبر وقد تقدم نظير هذا في الصلوة الوسطى -
قال (باب السواك للصائم) ذكر فيه حديث عامر بن ربيعة وفي سنده عاصم بن عبيد الله فقال فيه (ليس بالقوي) - قلت - هو ضعيف ضعفه مالك وغيره وضعفه البيهقي في باب استبانة الخطاء والان القول فيه ههنا ثم ذكر حديث (خير خصال الصائم السواك) وفي سنده مجالد فقال فيه (غيره اثبت منه) - قلت - ظاهر هذا اللفظ توثيق مجالد فان قصد ذلك فقد ناقض هذا في باب الغنيمة لمن شهد الوقعة فقال (مجالد ضعيف) وان قصد بذلك تضعيفه فقد اخطأ في عبارته فضعفه بلفظ يقتضي التوثيق ومجالد وان تكلموا فيه فقد وثقه بعضهم واخرج له مسلم في صحيحه ثم ذكر حديثا في سنده أبو اسحاق الخوارزمي فقال فيه (ينفرد به أبو اسحاق ابراهيم بن بيطار ويقال ابراهيم بن عبد الرحمن قاضي خوارزم حدث عن عاصم بالمناكير لا يحتج به)
قلت جعلهما رجلا واحدا وفي الضعفاء لابن الجوزي ابراهيم بن بيطار الخوارزمي ثم ذكر ترجمة اخرى ابراهيم بن عبد الرحمن الخوارزمي فجعلهما رجلين ووافقه على ذلك الذهبي في الضعفاء له - قال (باب من كره السواك بالعشي إذا كان صائما لما يستحب من خلوف فم الصائم) قلت - في السواك تطهير واجلال للرب لان مخاطبة العظماء مع طهارة الفم تعظيم لا شك فيه وليس في الخلوف تعظيم ولا اجلال ويدل على ان مصلحته أعظم من تحمل مصلحة الخلوف قوله صلى الله عليه وسلم لولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك - والذي كرهه بالعشي خصص العمومات بمجرد كونه مزيلا للخلوف وهذا الاستدلال معارض بالمعنى الذي ذكرناه هكذا ذكر ابن عبد السلام وايضا فان المضمضة تزيل الخلوف وهم لا يكرهونها وقال بعضهم الخلوف تغير رائحة
الفم من خلو المعدة والسواك لا يزيله وانما يزيل وسخ الاسنان -
ثم ذكر البيهقي اثرا عن علي وفي سنده كيسان أبو عمر عن يزيد بن بلال فقال (كيسان ليس بالقوي) - قلت - الذي في كتاب ابن الجوزي والذهبي ان يحيى ضعفه وضعفه الساجي ايضا في كتابه وقال الذهبي يزيد بن بلال حديثه منكر وقال ابن حبان لا يحتج به ثم ذكر البيهقي (عن أبي هريرة انه قال لك السواك إلى العصر فإذا صليت العصر فألقه فاني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول خلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك) - قلت - في سنده عمر بن قيس هو سندل المكي سكت عنه البيهقي وهو واه قال أحمد والنسائي والفلاس وغيرهم متروك وقال أحمد احاديثه بواطل لا تساوي شيئا وقال البيهقي (ضعيف لا يحتج به) ذكره في باب من بني أو غرس في غير ارضه ومع ضعف هذا الاسناد فقد روى عن أبي هريرة خلاف هذا قال ابن أبي شيبة في مصنفه ثنا وكيع عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي هريرة سئل عن السواك للصائم فقال ادميت فمي اليوم مرتين - وهذا سند حسن الا انه مرسل ورواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة - قال (باب صيام التطوع والخروج منه)
ذكر فيه احاديث وآثارا وليس في جميعها نفي القضاء ثم ذكر حديثا عن الشافعي عن ابن عيينة عن طلحة بن يحيى إلى آخره ثم حكى (عن الشافعي انه قال سمعت ابن عيينة عامة مجالسته لا يذكر فيه سأصوم يوما مكانه ثم عرضته عليه قبل ان يموت بسنة فأجاب فيه سأصوم يوما مكانه) قال البيهقي (روايته عامة دهره لهذا الحديث لا يذكر فيه هذا اللفظ مع رواية الجماعة عن طلحة لا يذكره منهم احد منهم الثوري وشعبة وعبد الواحد بن زياد ووكيع ويحيى القطان ويعلي بن عبيد وغيرهم تدل على خطأ هذه اللفظة) - قلت - هذه زيادة من ثقة اصر عليها فهي مقبولة وقد تأيدت بما سنذكره ان شاء الله تعالى ثم ذكر البيهقي حديثا (عن عائشة انه عليه السلام قال لها اعندك شئ قالت نعم قال إذا افطر وان كنت فرضت الصوم) ثم قال البيهقي (اسناد صحيح) - قلت - كيف يكون اسنادا صحيحا وفيه سليمان بن معاذ ويقال له سليمان بن قرم قال
ابن معين ليس بشئ وفي الميزان قال ابن حبان كان رافضيا غاليا ومع ذلك يقلب الاخبار
ثم ذكر البيهقي (عن ابن مسعود انه قال ان شئت افطرت وان شئت صمت وعن ابن عباس كان لا يرى بأسا ان يفطر الانسان في صيام التطوع وعن جابر نحوه) - قلت - ليس في ذلك كله ولا في حديث عائشة المتقدم نفي القضاء وقد روى عن ابن عباس القضاء قال ابن ابي شيبة ثنا وكيع عن مسعر عن حبيب عن عطاء عن ابن عباس قال يقضي يوما مكانه وقد ذكره البيهقي بعد في باب من رأى عليه القضاء وحبيب هو ابن ابي ثابت وعطاء هو ابن يسار وهذا سند صحيح وقال ابن أبي شيبة ايضا ثنا اسمعيل بن ابراهيم عن عثمان التيمي عن انس بن سيرين انه صام يوم عرفة فعطش عطشا شديدا فأفطر فسأل عدة من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأمروه ان يقضي يوما مكانه وهذا سند على شرط الشيخين ما خلا التيمي فانه أخرج له اصحاب الاربعة ووثقه ابن سعد وابن سفيان والدارقطني ثم ذكر البيهقي (عن ابن عمر قال الصائم بالخيار ما بينه وبين نصف النهار) - قلت - وليس في هذا ايضا نفي القضاء ومذهب ابن عمر ان المتطوع إذا افطر من غير عذر فعليه القضاء كذا ذكره أبو عمر بن عبد البر وذكره ايضا أبو جعفر الطحاوي في شرح الآثار عن ابن عمر بسنده ثم قال البيهقي (وروى هذا من اوجه أخر مرفوعا ولا يصح رفعه) ثم ذكره مرفوعا بسندين - احدهما - من حديث انس -
الثاني من حديث أبي امامة - قلت - في السندين عون بن عمارة عن جعفر بن الزبير فضعف البيهقي عونا وسكت عن جعفر وقال في باب علة حديث تميم (هو متروك) وكذا قال في الخلافيات - قال (باب التخيير في القضاء ان كان صومه تطوعا) ذكر فيه حديث حماد بن سلمة (عن سماك عن هارون بن ام هانئ عن ام هانئ الحديث وفي آخره وان كان تطوعا فان شئت فاقضي وان شئت فلا تقضي) - قلت - هذا الحديث اضطرب متنا وسندا اما اضطراب متنه فظاهر وقد ذكر فيه انه كان يوم الفتح وهي اسلمت عام الفتح وكان الفتح في رمضان فكيف يلزمها قضاؤه واما اضطراب سنده فاختلف على سماك فيه فتارة رواه عن أبي صالح وتارة عن جعدة وتارة عن هارون - اما أبو صالح فهو باذان ويقال باذام ضعفوه قال البيهقي في باب الكسر بالماء ضعيف لا يحتج بخبره) وقال في باب اصل القسامة (أبو صالح عن ابن عباس ضعيف) وعن الكلبي قال لي أبو صالح كل ما حدثتك به كذب وفي السنن الكبرى للنسائي هو ضعيف الحديث وعن حبيب بن أبي ثابت كنا نسمى ابا صالح مولى ام هانئ الدروغزن قال النسائي وقد روى انه قال في مرضه كل شئ حدثتكم به
فهو كذب وفي الفاصل للرامهرمزي الدروغزن بلغة فارس الكذاب واما جعدة فمجهول قال البخاري في تاريخه
جعدة من ولد ام هانئ عن أبي صالح عن ام هانئ روى عنه شعبة لا يعرف الا بحديث فيه نظر وقال النسائي لم يسمعه جعدة من ام هانئ وقد بين ذلك البيهقي في الباب الذي قبل هذا واما هارون فمجهول الحال قاله ابن القطان واختلف في نسبته فقيل ابن ام هانئ وقيل ابن ابن ام هانئ وقيل ابن ابنة ام هانئ وقال الترمذي حديث ام هانئ في اسناده مقال وقال النسائي اختلف على سماك فيه وسماك ليس يعتمد عليه إذا انفرد بالحديث وقال عبد الحق هذا احسن احاديث ام هانئ وان كان لا يحتج به وقد رواه النسائي وغيره من غير طريق سماك وليس فيه قوله فان شئت فاقضيه وان شئت فلا تقضيه ولم يرو هذا اللفظ عن سماك غير حماد بن سلمة وقد قال البيهقي في باب من ادى الزكاة وليس عليه اكثر (ساء حفظه في آخر عمره فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه ويجتنبون ما ينفرد به عن قيس ابن سعد وامثاله) وقال في باب من صلى وفي ثوبه أو نعله اذى (مختلف في عدالته وقد روى البيهقي هذا الحديث في الباب الذي قبل هذا من رواية حاتم بن أبي صغيرة وأبي عوانة كلاهما عن سماك وليس فيه هذا اللفظ واخرجه النسائي كذلك من رواية أبي الاحوص عن سماك وأخرجه الطحاوي كذلك من رواية قيس بن الربيع عن سماك ثم ذكر البيهقي حديثا عن الخدري وفي آخره (افطر وصم يوما مكانه ان شئت) - قلت - اخرجه الدارقطني من حديث الخدري ومن حديث جابر وليس فيهما قوله ان شئت وكذا اخرجه البيهقي في ابواب الوليمة في كتاب النكاح من حديث الخدري - قال (باب من رأى عليه القضاء) ذكر فيه حديثا منقطعا عن الزهري ثم قال (هكذا رواه الثقات من اصحابه) فذكر منهم عبيد الله بن عمر - قلت - اخرجه
أبو عمر من حديث أبي خالد الاحمر عن عبيد الله بن عمرو يحيى بن سعيد وحجاج بن ارطاة كلهم عن الزهري عن عروة ان عائشة وحفصة اصبحتا صائمتين الحديث واخرجه النسائي من طريق يحيى بن سعيد كذلك واخرجه ايضا كذلك من طريق اسمعيل بن ابراهيم بن عقبة عن الزهري ثم ذكر البيهقي (ان جعفر بن برقان وصالح بن أبي الاخضر وسفيان ابن حسين رووه كذلك عن الزهري متصلا) - قلت - وكذلك رواه محمد بن أبي حفصة عن الزهري ذكره الترمذي ورواه صالح بن كيسان كذلك عن الزهري ذكره صاحب التمهيد وقد روى عن زميل عن عررة كرواية الزهري عن عروة مسندا وروته عمرة كذلك عن عائشة وهما احسن حديث في هذا الباب اسنادا كذا قال أبو عمر ثم
اخرج الاول من طريق أبي داود ثنا احمد بن صالح ثنا عبد الله بن وهب اخبرني حيوة بن شريح عن ابن الهاد عن زميل مولى عروة عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت اهدى لي ولحفصة طعام وكنا صائمتين فافطرنا ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله انا اهديت لنا هدية فاشتهيناها فقال لا عليكما صوما يوما مكانه - ثم أخرجه من جهة النسائي انا الربيع انا ابن وهب اخبرني حبوة وعمر بن مالك عن ابن الهاد كذلك سواء واخرج الثاني من
طريق النسائي انا أحمد بن عيسى عن ابن وهب عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت اصبحت صائمة انا وحفصة واهدي لنا طعام فاعجبنا فأفطرنا فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فبادرتني حفصة فسألته فقال صوما يوما مكانه - انتهى ما ذكر أبو عمر والحديث الاول اخرجه أبو داود في سننه وسكت عنه والحديث الثاني اعني حديث جرير اخرجه ابن حبان في صحيحه وفي مصنف ابن أبي شيبة ثنا عبد السلام عن خصيف عن سعيد بن جبير ان عائشة وحفصة اصبحتا صائمتين فأفطرتا فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم بقضائه - وهذا الحديث يؤيده ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم لا الا ان تطوع اي الا ان تطوع فيلزمك إذ الاصل في الاستثناء هو الاتصال وفي التمهيد روى وكيع عن يوسف بن سلبمان المكي عن قيس بن سعد عن داود بن أبي عاصم عن سعيد بن المسيب خرج عمر يوما علي أصحابه فقال اني اصبحت صائما فمرت بي جارية لي فوقعت عليها فما ترون فلم يألوا ما شكوا فيه فقال له على اصبت حلالا وتقضي يوما مكانه فقال له عمر انت احسنهم فتيا -
قال (باب الاختيار للحاج في ترك صوم يوم عرفة)
ذكر فيه حديث أبي هريرة وفي سنده مهدي بن حسان قلت - ذكر صاحب الكمال والمزي في تهذيبه انه مهدي بن حرب ثم ذكر البيهقي في آخر الباب حديث (افضل الدعاء دعاء يوم عرفة) - قلت - ليس هو بمناسب لهذا الباب والصواب ما فعله في كتاب الحج فذكر هناك بابا في صوم يوم عرفة ثم ذكر بعده باب افضل الدعاء دعاء يوم عرفة ثم ذكر هذا الحديث فان قيل انما ذكره في هذا الباب للتنبيه على فضيلة الدعاء في هذا اليوم فلهذا يترك الحاج صومه ليتقوى على الدعاء - قلت - فضيلة الدعاء فيه ليست مخصوصة بالحاج ولهذا تركت طائفة صيامه بعرفة وغيرها لاجل الدعاء منهم جنيد بن
عمير ومحمد بن المنكدر - قال (باب العمل الصالح في عشر ذي الحجة)
ذكر فيه حديث هنيدة (عن امرأته عن بعض ازواجه عليه السلام كان عليه السلام يصوم تسع ذي الحجة) ثم ذكر حديث مسلم (عن عائشة ما رأيته عليه السلام صائما في العشر قط) ثم قال (المثبت مقدم على النافي) - قلت - انما يقدم على النافي إذا تساويا في الصحة وحديث هنيدة اختلف عليه في اسناده فروى عنه كما تقدم وروى عنه عن حفصة كذا اخرجه النسائي وروى عنه عن امه عن ام سلمة كذا آخرجه أبو داود والنسائي - قال (باب جواز قضاء رمضان في تسعة ايام من ذي الحجة) - قلت - مراده في التسع الاول فتساهل في عبارته ثم اخرج (عن يعلي بن عبيد عن سفيان عن أبي اسحاق قال قال علي لا تقض رمضان في ذي الحجة ولا تصم يوم الجمعة) إلى آخره ثم قال (وروى ايضا عن الحسن عن علي في كراهية القضاء وهذا لانه كان يرى قضاءه في احدى الروايتن عنه متتابعا فإذا زاد ما وجب عليه قضاءه على تسعة ايام انقطع تتابعه ليوم النحر وايام التشريق) - قلت - انما يحتاج إلى تأويل هذا الاثر إذا صح وليس هو بصحيح فان يعلى بن عبيد وان كان ثقة الا انه في سفيان ضعيف كذا قال ابن معين وايضا فابو اسحاق السبيعي لم يسمع عليا وقد اخرج عبد الرزاق في مصنفه عن معمر
والثوري عن أبي اسحاق عن عبد الله بن مرة عن الحارث عن علي قال لا تقض رمضان في ذي الحجة فادخل بينهما رجلين واخرج ابن أبي شيبة في مصنفه هذا الاثر فقال ثنا أبو الاحوص عن أبي اسحاق عن الحارث عن علي قال من كان عليه صوم من رمضان فلا يقضه في ذي الحجة فانه شهر نسك وفي هذا امران - احدهما - انه ادخل بين أبي اسحاق وبين علي الحارث الاعور وهو ضعيف - والثاني - انه علل النهى بانه شهر نسك لا بأنه يقطع التتابع كما زعم البيهقي ورواية التتابع عن علي قد ضعفها هو فيما تقدم لكونها من رواية الحارث الاعور فكيف يؤول بها هذا الاثر ورواية الحسن عن علي لم يذكر البيهقي سندها لينظر فيه والحسن ايضا لم يسمع عليا -
قال (باب من زعم ان صوم عاشوراء كان واجبا ثم نسخ)
ذكر في آخره حديث أبي موسى الاشعري (فصوموه انتم) الحديث ثم قال (رواه البخاري ومسلم) ثم اخرج حديثا عن ابن عباس إلى آخره ثم قال (واخرجاه من حديث أبي موسى الاشعري في الامر بصومه) - قلت - هذا الكلام الآخر تكرار لا فائدة فيه - قال (باب ما يستدل به انه لم يكن واجبا قط)
ذكر فيه حديثا عن معاوية ثم ذكره من وجه آخر ولفظه (فمن شاء منكم ان يصوم فليصم) - قلت - هذا التخيير وقت اخباره صلى الله عليه وسلم لا يدل على انه لم يكن واجبا قبل ذلك وكذا الكلام على حديث ابن عمر المذكور بعده وقد أخرج البيهقي في الباب السابق وعزاه إلى الصحيحين عن عائشة ان صوم يوم عاشوراء كان واجبا وانه لما جاء الاسلام اخبرهم صلى الله عليه وسلم بوجوبه ثم بنسخه فاقتصرت عائشة في حديث هذا الباب على التخيير ونسخ الوجوب وحديثها المذكور هناك بين ذلك - قال (باب الصوم في اشهر الحرم)
ذكر فيه (ان جماعة رووا عن عبد الملك بن عمير عن محمد بن المنتشر عن حميد عن أبي هريرة) الحديث ثم قال وخالفهم في اسناده عبيد الله بن عمرو الرقي) فذكر (انه رواه عن عبد الملك بن جندب بن سفيان) إلى آخره - قلت - ليس هذا بمخالفة لكن لعبد الملك فيه اسناد ان سمعه من رجلين وقد تقدم مثل هذا في حديث افطر الحاجم والمحجوم وفي غيره
قال (باب من اي الشهر يصوم الايام الثلاثة) ذكر فيه حديث روح (ثنا همام عن انس بن سيرين عن عبد الملك بن قتادة بن ملحاعن ابيه) ثم ذكره (عن روح ثنا شعبة سمعت أنسا سمعت عبد الملك بن منهال عن ابيه) ثم قال (روينا عن ابن معين انه قال هذا خطأ انما هو عبد الملك بن
قتادة بن ملحان) - قلت - قد توبع روح على قوله ابن منهال فاخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي الوليد الطيالسي
ثنا شعبة حدثني انس سمعت عبد الملك بن منهال عن ابيه ثم قال ابن حبان المنهال بن ملحان القيسي له صحبة وليس في الصحابة منهال غيره واخرجه احمد في مسنده كذلك فقال ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أنس عن عبد الملك بن منهال فذكره وفي اطراف المزي ان سليمان بن حرب ايضا رواه عن شعبة كذلك -
قال (باب صوم الشتاء)
ذكر فيه حديث عامر بن مسعود (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) ثم قال (مرسل) - قلت - عامر هذا قال ابن حنبل ارى له صحبة وعده ابن حبان وابن منده وابن عبد البر من الصحابة وذكر ابن حنبل حديثه هذا في مسنده -
قال (باب من لم ير بسرد الصوم باسأ إذا لم يخف ضعفا وافطر الايام المنهية) ذكر فيه حديث أبي موسى (من صام الدهر ضيقت عليه جهنم) إلى آخره - قلت - ظاهر هذا الحديث يقتضي المنع من صوم الدهر فهو مخالف لمقصود البيهقي وقد اورده ابن أبي شيبة في مصنفه في باب من كره صوم الدهر واستبدل به ابن حزم على المنع وقال انما اورده رواته كلهم على التهديد والنهي عن صومه وقال ابن حبان في صحيحه ذكر الاخبار عن نفي جواز سرد المسلم صوم الدهر وذكر هذا الحديث ثم قال القصد فيه صوم الدهر الذي فيه ايام التشريق والعيدين فاوقع التغليظ على صائم الدهر من اجل صومه الايام التي نهى عن صيامها -
قال (باب الدليل على انها في كل رمضان يعني ليلة القدر) ذكر فيه حديثا عن أبي ذر - قلت - سكت عنه وفي سنده عكرمة هو ابن عمار متكلم فيه قال البيهقي في باب مس الفرج
بظهر الكف (غمزة القطان وابن حنبل وضعفه البخاري جدا) وقال في باب الكسر بالماء اختلط في آخر عمره وساء حفظه فروى ما لم يتابع عليه وفي سنده ايضا مرثد وهو مجهول كذا في الضعفاء للذهبي -
قال (باب الترغيب في طلبها ليلة ثلاث وعشرين)
ذكر فيه حديث أبي هريرة) كم مضى من الشهر قلنا ثنتان وعشرون وبقي ثمان فقال عليه السلام بقى سبع اطلبوها الليلة الشهر تسع وعشرون) - قلت - هذه الالف واللام للعهد أي هذا الشهر تسع وعشرون مثل هذا قوله عليه السلام في حديث الايلاء الشهر تسع وعشرون - وانما قال عليه السلام اطلبوها الليلة مراعاة لسابعة تبقي من الشهر كما صرح به في حديث ابن عباس وكانت تلك الليلة هي الليلة السابعة باعتبار ما بقي كما صرح به عليه السلام في قوله بقي سبع فعلى هذا لم يأمرهم بطلبها في تلك الليلة لكونها ليلة ثلاث وعشرين بل لكونها الليلة السابعة كما مر حتى لو كان ذلك الشهر كاملا لامرهم بطلبها ليلة اربع وعشرين لكونها السابعة باعتبار ما بقي فعلى هذا لا دلالة في الحديث لطلبها ليلة ثلاث وعشرين كما زعم البيهقي - قال (باب الترغيب في طلبها في السبع الاواخر)
ذكر في آخره حديث عبادة بن الصامت التمسوها في العشر الاواخر في الخامسة والسابعة والتاسعة) - قلت - هذا الحديث ايضا غير مناسب لهذا الباب لانه ان اريد الخامسة والعشرون والسابعة والعشرون والتاسعة والعشرون فلا وجه لقوله في السبع الاواخر لان الباقي اقل من سبع وان اريد الخامسة التى تبقي والسابعة التى تبقى والتاسعة التي تبقي كما صرح به الخدري وصرح به في حديث ابن عباس فالباقي اكثر سن سبع فكان الوجه ان يقول في الباب في التسع الاواخر أو في العشر الاواخر كما صرح به في حديث عبادة - قال (باب الترغيب في طلبها ليلة سبع وعشرين)
ذكر فيه حديث أبي هريرة (ايكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة) - قلت هذا ايضا غير مناسب للباب لان
طلوع القمر كذلك لا يختص بليلة سبع وعشرين قال القاضي عياض فيه اشارة إلى انها انما تكون في اواخر الشهر لان القمر لا يكون كذلك عند طلوعه الا في اواخر الشهر انتهى كلامه وقد خرج النسائي بسند صحيح عن أبي اسحاق انه سمع ابا حذيفة عن رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نظرت إلى القمر ليلة القدر فرأيته كانه فلق جفنة - قال أبو اسحاق انما يكون ذلك صبيحة ثلاث وعشرين -
ثم ذكر البيهقي حديث ابن عباس (عليك بالسابعة) - قلت - يحتمل ان يريد السابعة التي تبقي كما صرح بذلك في حديث ابن عباس المتقدم وقد خرج صاحب التمهيد هذا الحديث من طريق ابن حنبل بسنده ثم قال أبو عمر يريد سابعة تبقي وذلك محفوظ في حديث ابن عباس إذ ذكر ما خلق الله على سبع ثم قال وما اراها الا ليلة ثلاث وعشرين سبع تبقين قد ذكرنا هذا الخبر في باب حميد انتهى كلامه فعلى هذا ليس هذا الحديث ايضا مناسبا للباب وقد ذكر البيهقي بعد هذا (عن ابن عباس انه تردد في السابعة تمضي أو سابعة تبقي من العشر الاواخر) -
قال (باب المعتكف يصوم) ذكر فيه حديث عبد الله بن بديل (ثنا عمرو بن دينار عن ابن عمر عن عمر انه قال للنبي صلى الله عليه وسلم ان علي يوما اعتكفه فقال عليه السلام فاعتكفه وصمه) ثم ذكر البيهقي عن الدارقطني (انه قال تفرد به ابن بديل عن عمرو وهو ضعيف الحديث قال الدارقطني سمعت ابا بكر النيسابوري يقول هذا حديث منكر لان الثقات من اصحاب عمرو -
لم يذكروه منهم ابن جريج وابن عيينة والحمادان وغيرهم وابن بديل ضعيف الحديث) - قلت - انما ضعفه هذان الرجلان وهما متأخران وفى الميزان غمزه الدارقطني ومشاه غيره وقال ابن عدي لا اعلم للمتقدمين فيه كلاما فاذكره وذكر ابن أبي حاتم عن ابن معين انه قال فيه مكي صالح وذكره أبو حفص بن شاهين في كتاب الثقات وقال مكي صالح وذكره ابن حبان ايضا في كتاب الثقات وزيادة الثقة مقبولة ومن لم يذكر الشئ ليس بحجة على من ذكره ثم ذكر البيهقي حديثا فيه (ان عمر نذر الاعتكاف والصوم) ثم قال ذكر نذر الصوم غريب تفرد به سعيد بن بشير) - قلت - سكت عن سعيد هذا وهو ضعيف تركه ابن مهدي وقال أبو مسهر وابن نمير منكر الحديث زاد ابن نمير ليس بشئ وقال ابن معين ايضا ليس
بشئ وضعفه أحمد والنسائي وقال ابن حبان كان ردي الحفظ فاحش الخطاء يروى عن قتادة مالا يتابع عليه وعن عمرو بن دينار مالا يعرف من حديثه ثم ذكر حديث عائشة لا اعتكاف الا بصوم ثم قال (رواه الزهري في حديث وفي آخره والسنة في من اعتكف ان يصوم) - قلت - رواه البيهقي فيما بعد في باب المعتكف يخرج من المسجد من حديث عقيل عن ابن شهاب واخرجه أبو داود من حديث عبد الرحمن بن اسحاق عن ابن شهاب كما ذكره البيهقي في ذلك الباب ومذهب المحدثين ان الصحابي إذا قال السنة كذا فهو مرفوع والسنة السيرة والطريقة وذلك قدر مشترك بين الواجب والسنة المصطلح عليها ومثله حديث سنوابهم سنة اهل الكتاب ومن سن سنة حسنة ولم تكن السنة المصطلح عليها معروفة في ذلك الوقت وذكر سنة الصوم للمعتكف مع ترك المس والخروج دليل على ان المراد الوجوب لا السنة المصطلح عليها
ثم ذكر البيهقي رواية هشيم عن عمرو عن أبي فاختة عن ابن عباس قال لا اعتكاف الا بصوم وان ابن عيينة رواه عن عمرو بسنده ولفظه يصوم المجاور يعني المعتكف وان ابن عيينة خطأ هشيما - رواه عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال من اعتكف فعليه الصوم ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن وكيع عن ابن أبي ليلى ولفظه لا اعتكاف الا بصوم وروى ابن أبي شيبة ايضا عن حفص عن ليث عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس وعائشة قالا لا اعتكاف الا بصوم وروى ايضا عن ابن علية عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال الصوم عليه واجب وكل هذا شاهد لرواية هشيم ومقولها وعلى تقدير ان يكون الصحيح رواية ابن عيينة فقوله يصوم المجاور خبر في معنى الامر فلا فرق في المعنى بين اللفظين - قال (باب من رأى الاعتكاف بغير صيام) ذكر فيه حديث عبيد الله بن عمر (عن نافع عن ابن عمر نذر عمر اعتكاف ليلة) ثم قال (ورواه شعبة عن عبيد الله اعتكاف يوم) - قلت - وكذا رواه علي بن مسهر عن عبيد الله اخرجه الطحاوي في احكام القرآن كذلك ثم على التقدير صحة رواية ليلة قد ترك ابن عمر هذا الحديث كما ذكره البيهقي عنه في آخر الباب الذي قبل هذا الباب واخرج الطحاوي بسند صحيح عن ابن عباس وابن عمر قالا لا جواز الا بصوم وتركه نافع ايضا ففي موطأ مالك بلغه ان القاسم بن محمد ونافعا مولى ابن عمر قالا لا اعتكاف الا بصيام قال مالك وعلى ذلك الامر عندنا انه لا اعتكاف الا بصيام ثم ذكر البيهقي (انه عليه السلام اعتكف في العشر الاول من شوال) - قلت - من اعتكف الايام التسعة من شوال يصدق عليه انه اعتكف في العشر
وفي الصحيحين انه عليه السلام كان يعتكف العشر الاواخر ولم يكن عليه السلام يستغرق العشر كلها لانه كان إذا اراد ان يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه كذا في الصحيحين
ثم ذكر البيهقي حديث ابن عباس (ليس على المعتكف صيام) ثم قال (تفرد به عبد الله بن محمد بن نصر الرملي) - قلت - ذكر ابن القطان انه مجهول الحال ثم ذكره البيهقي عن طاوس عن ابن عباس كان لا يرى على المعتكف صياما ثم قال (هو الصحيح موقوف ورفعه وهم - قلت - قد تقدم ان ابا فاخته ومقسما روياه عن ابن عباس خلاف وتقدم ايضا ان عطاء رواه عنه خلاف ذلك ورواية عطاء ذكرها البيهقي في السابق ورواية ثلاثة اولى من رواية واحد على ان طاوسا ايضا اختلف عليه فروى عنه عن ابن عباس وجوب الصوم عليه كما قدمنا في الباب السابق واخرج الطحاوي اشتراط الصوم للمعتكف وعلى (1) وابن المسيب وعروة - قال (باب متى يدخل إذا وجب اعتكاف شهرا وايام) - قلت - ذكر فيه حديثا عن الخدري من وجهين وليس فيهما بيان متى يدخل وقد ذكر في باب الاعتكاف في العشر
(1) كذا -
الاواخر فيما مضى عن عائشة كان عليه السلام إذا اراد ان يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفة واعزاه إلى الصحيحين فكان ذكر هذا الحديث في هذا الباب هو المناسب على ان الائمة الاربعة خالفوا هذا الحديث وقالوا إذا وجب اعتكاف ايام يدخل قبل غروب الشمس - قال (باب المتكف يخرج من المسجد لبول إلى آخره)
ذكر فيه حديثا (عن عبد الرحمن بن اسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت السنة على المعتكف ان لا يعود مريضا) الحديث وفي آخره (ولا اعتكاف الا بصيام ولا اعتكاف الا في مسجد جامع) ثم قال (ذهب كثير من الحفاظ إلى ان هذا
الكلام من قول عائشة وان من ادرجه في الحديث وهم فيه فقد رواه الثوري عن هشام عن عروة قال المعتكف لا يشهد جنازة إلى آخره - قلت - جعل هذا الكلام من قول من دون عائشة دعوى بل هو معطوف على ما تقدم من قولها السنة كذا وكذا وقد قدمنا قريبا ان هذا عند المحدثين في حكم المرفوع رواه عروة عن عائشة مرة وافتى به مرة اخرى وقد اخرجه الدارقطني من حديث القاسم بن معن عن ابن جريج عن الزهري بسنده وفي آخره ويؤمر من اعتكف ان يصوم واخرجه ايضا من حديث الحجاج عن ابن جريج بسنده وفي آخره وسنة من اعتكف ان يصوم -
قال (باب من توضأ في المسجد إلى آخره) - قلت - لا خصوصية لهذا الباب ولا للحديث المذكورة فيه بابواب الاعتكاف - قال (باب المرأة تعتكف باذن زوجها) ومن خرج منه قبل تمامه إذا لم يكن الاعتكاف واجبا ذكر فيه حديث يحيى بن سعيد (عن عمرة عن عائشة انه عليه السلام ذكر ان يعتكف العشر الاواخر وانه رأى اخبية نسائه فقال ما انا بمعتكف فلما أفطر اعتكف عشرا من شوال) - قلت - ان كان عليه السلام اوجبه فهو غير مطابق لتبويب البيهقي وان لم يكن اوجبه ففي الحديث دليل على ان المتطوع بالاعتكاف إذا دخل فيه ثم قطعه يقضيه وانما قلنا انه دخل فيه لان ابا عمر ذكر في التمهيد ان في رواية ابن عيينة وغيره لهذا الحديث يعني عن يحيى بن سعيد انه عليه السلام كان إذا اراد ان يعتكف صلى الصبح ثم دخل معتكفه فلما صلى الصبح يعني في المسجد وهو موضع اعتكافه نظر فرأى
الاخبية فكأنه كان قد شرع في اعتكافه لكونه في موضعه - قال (باب من كره اعتكاف المرأة) ذكر فيه من حديث مالك (عن يحيى بن سعيد عن عمرة انه عليه السلام اراد ان يعتكف وانه رأى اخبية نسائه) ثم قال (رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وهذا من طريق مالك مرسل - قلت - هذا الحديث في صحيح البخاري بهذا الاسناد عن عمرة عن عائشة موصولا وظاهر كلام البيهقي فيه مرسل -
قال (باب بيان السبيل) ذكر فيه حديثا عن ابن عمر في سنده ابراهيم بن يزيد الخوزي فسكت عنه ثم ذكر حديثا مرسلا عن الحسن ثم قال (وهذا شاهد لحديث الخوزي) - قلت - في هذا تقوية لحديث الخوزي ثم ان البيهقي عن قريب ضعف الحديث وبالغ في تضعيفه على ما سيأتي ان شاء الله تعالى - قال (باب المنضو في بدنه لا يثبت على مركب) - قلت - الفقهاء يلقبون هذه المسألة مسألة المعضوب وهو الضعيف الهرم الذي لا يستمسك على الراحلة ولا يقدر على النهوض وكذا ذكر البيهقي فيما بعد فقال باب النيابة في الحج عن المعضوب والميت وان كان هذا تكرارا منه واستعماله لفظة المنضو في هذا الموضع غير متجه لا معنى ولا لفظا الا بتعسف لانه مأخوذ من انضيت جملي أي هزلته واتعبته والصواب ان
يقال منضا ورأيت في نسخة سماعنا لهذا الكتاب المضنو بتقديم الضاد والكلام عليه كالكلام على المنضو وذكر البيهقي في هذا الباب حديث الخثعمية - قلت - لخصمه ان يقول ظاهر قوله تعالى (من استطاع إليه سبيلا) انه استطاعة البدن ولو وجبت الاستنابة لقال احجاج البيت والخثعمية بين النبي عليه السلام لها جواز حجها عنه وليس فيه انه جعله فرضا على ابيها - فان قيل - قوله حجي عن ابيك يقتضي الوجوب عليها - قلنا - هي مخيرة عندكم وان بذلت له الطاعة فكيف يحمل الامر على الوجوب وفي التمهيد ما ملخصه قال مالك واصحاب الحديث مخصوص بابي الخثعمية كما خص سالم بالرضاع حال الكبر لان اباها لم يلزمه الحج بدليل النص لانه لم يكن مستطيعا وبدليل الاجماع على انه لا يصلي احد عن احد وجعلت المالكية
عملها عن ابيها بما لم يجب عليه ليلحقه الثواب كالحج بالصبي يراد به التبرك لا الفرض - قال البيهقي (باب الرجل يطيق المشي) اعاد فيه حديث الخوزي ثم ضعفه (ثم قال وروى عن سعيد بن ابي عروبة وحماد بن سلمة عن قتادة عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الزاد والراحلة ولا اراه الا وهما واستدل على ذلك بانه روى عن قتادة عن الحسن مرسلا) - قلت - حديث قتادة عن انس مرفوعا اخرجه الدارقطني وذكر بعض العلماء ان الحاكم اخرجه في المستدرك وقال صحيح على
شرطهما فقول البيهقي (ولا اراه الا وهما) تضعيف للحديث بلا دليل فيحمل على ان لقتادة فيه اسنادين وكثيرا ما يفعل البيهقي وغيره مثل ذلك - قال (باب الرجل يجد زاد وراحلة فيحج ماشيا) قال فيه (روى فيه عن ابن عباس حديث مرفوع وفيه ضعف) ثم ذكره وفي سنده عيسى بن سوادة فقال فيه (مجهول)
- قلت - اخرج له الحاكم في المستدرك وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال روى عن عمرو بن دينار المقاطيع روى عنه اهل مصر -
قال (باب من ليس له ان يحج عن غيره) ذكر فيه حديثا عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ثم قال اخرجه أبو داود وعزرة هو عزرة بن يحيى ثنا أبو عبد الله الحافظ سمعت ابا علي الحافظ يقول ذلك قال البيهقي (وقد روى قتادة ايضا عن عزرة بن تميم وعن عزرة ابن عبد الرحمن) - قلت - عزرة الذي روى عن سعيد بن جبير وروى عنه قتادة هو عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي كذا ذكر البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم وابن حبان وصاحب الكمال والمزي وليس في كتاب أبي داود احد يقال له عزرة بن يحيى بل ولا في بقية الكتب الستة وترجم المزي في اطرافه لهذا الحديث فقال عزرة بن عبد الرحمن عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس وفي تقييد المهمل للغساني وروى مسلم عن قتادة عن عزرة وهو عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي عن سعيد بن جبير في كتاب اللباس قال البخاري عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي كوفي عن سعيد بن جبير وسعيد بن عبد الرحمن بن ابزي سمع منه قتادة قال وقال احمد يعني ابن حنبل هو عزرة بن دينار الاعور قال ولا اراه يصح وذكر صاحب الالمام هذا الحديث ثم قال رأيت في كتاب التمييز عن النسائي عزرة الذي روى عنه قتادة ليس بذاك القوي وبقي في الحديث علة اخرى غير ما ذكره البيهقي وهي ان بعضهم يرويه عن قتادة عن ابن جبير ولا يذكر عزرة كذا ذكره صاحب الاستذكار وغيره ثم ذكره البيهقي من وجه آخر عن ابن جريج عن عطاء مرسلا ثم ذكر فيه اختلافا
ثم قال (ورواه ابن جريج عن عطاء عنه عليه السلام مرسلا) - قلت - هذا تكرار -
قال (باب الرجل يحرم بالحج تطوعا)
ولم يكن حج حجة الاسلام أو يقول احرامي كاحرام فلان وكان فلان مهلا بالحج يجزيه عن حجة الاسلام - قلت - ذكر الطحاوي في المشكل حديث حج عن نفسك ثم عن شبرمة ثم قال ما ملخصه تعلق به قوم فقالوا تكون الحجة عن نفسه ثم قاسوا علي ذلك من لم يحج فتطوع انه يكون حجة الاسلام وخالفوا ذلك فيمن صام رمضان تطوعا فلم يجوزوه عن رمضان ولا التطوع فان كان هذا الحديث ثابتا فقياس صوم التطوع عليه وجعله من رمضان اولى لان وقت الصوم رمضان لا غير ووقت الفرض والنفل والصحيح في الحديث انه موقوف ودليل من قال من اهل المدينة والكوفة ان الحج يكون تطوعا لا عن حجة الاسلام قوله صلى الله عليه وسلم اول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلوته فان كان اكملها كتبت كاملة وان لم يكن اكملها قال الله تعالى لملائكته انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فاكملوا به ما ضيع من فريضته والزكاة مثل ذلك ثم تؤخذ الاعمال على حساب ذلك فدل انه قد يكون منه حج التطوع ولم يحج الفرض قبل ذلك ويحج عن غيره الفرض قبل نفسه وكما جاز له إذا دخل وقت الصلوة ان يتطوع ثم يفرض كذلك إذا دخل وقت الحج له ان يتطوع عن نفسه أو يفترض عن غيره -
قال (باب ما يستحب من تعجيل الحج)
- قلت - في هذا الباب عدة احاديث ظاهرها يقتضي وجوب تعجيل الحج وذلك عكس تبويب البيهقي وذكر في هذا الباب حديث مهران أبي صفوان عن ابن عباس - قلت - اختلف فيه فقال البيهقي أبي صفوان وفي سنن أبي داود مهران ابن أبي صفوان وفي اطراف المزي رواه عبد الرحمن بن محمد عن الحسن بن عمرو عن صفوان الجمال عن ابن عباس انتهى كلامه ومع اختلاف في مهران هذا هو مجهول كذا قال ابن القطان وغيره وقال أبو زرعة لا اعرفه الا في هذا الحديث ثم ذكر البيهقي من حديث سفيان بن سعيد عن اسمعيل الكوفي عن فضيل بن عمرو إلى آخره ثم قال ورواه أبو اسرائيل الملائي عن فضيل ثم ذكره بسنده - قلت - ظن البيهقي ان ابا اسرائيل الملائي غير اسمعيل الكوفي المذكور في السند الاول وليس الامر كذلك بل هما واحد وهو أبو اسرائيل اسمعيل بن أبي اسحاق الكوفي الملائي وهو
ضعيف عندهم -
قال (باب لا يهل بالحج في غير اشهره) ذكر فيه اثرا من رواية ابن خزيمة (عن أبي كريب عن أبي خالد عن شعبة عن الحكم) - قلت - في الخلافيات للبيهقي ان
ابا محمد السبيعي قال رواه الناس عن أبي خالد عن الحجاج بن ارطاة عن الحاكم فاجابه الحاكم أبو عبد الله بان ابن خزيمة اتى بالاسنادين -
قال (باب ادخال الحج على العمرة)
ذكر فيه حديث عائشة (فاهللنا بعمرة وفيه فقال انقضي رأسك وامتشطي واهلي بالحج ودعي العمرة فلما قضينا الحج ارسلني مع عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت فقال هذه مكان عمرتك) ثم قال (قوله ودعي العمرة يريد به امسكي عن افعالها وادخلي عليها الحج) - قلت - هذا خلاف حقيقة قوله دعي العمرة بل حقيقته انه أمرها برفض العمرة الحج قوله انقضي رأسك وامتشطي يدل على ذلك ويدفع تأويل البيهقي بالامساك عن افعال العمرة إذ المحرم ليس له ان يفعل ذلك وقد قال البيهقي فيما بعد باب المرأة تختضب قبل احرامها وتمتشط (قد مضى قول النبي صلى الله عليه وسلم انقضي رأسك وامتشطي واهلي بالحج) انتهى كلامه وقول عائشة ترجع صواحبي بحج وعمرة وارجع انا بالحج صريح في رفض العمرة إذ لو ادخلت الحج على العمرة لكانت هي وغيرها في ذلك سواء ولما احتاجت إلى عمرة اخرى بعد العمرة والحج اللذين فعلتهما وقوله صلى الله عليه وسلم عن عمرتها الاخيرة هذه مكان عمرتك صريح في انها خرجت من عمرتها الاولى ورفضتها إذ لا تكون الثانية مكان الاولى الا والاولى مفقودة وفي بعض الروايات هذه قضاء من عمرتك وسيأتي في باب العمرة قبل الحج ما يقوي هذا وقال القدوري في التجريد ما ملخصه قال الشافعي لا يعرف في الشرع رفض العمرة بالحيض قلنا ما رفضتها بالحيض ولكن تعذرت افعالها وكانت ترفضها بالوقوف فأمرها بتعجيل الرفض ثم استدل البيهقي على ادخالها الحج على العمرة بما في حديث جابر (انها لما اهلت بالحج وطاقت قال لها النبي صلى الله عليه وسلم قد حللت من حجتك
وعمرتك جميعا) - قلت - سيأتي الجواب عنه ان شاء الله تعالى في باب المفرد والقارن يكفيهما طواف واحد -
قال (باب من قال العمرة تطوع)
ذكر فيه حديث حجاج بن ارطاة (عن محمد بن المنكدر عن جابر ان رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم اواجبة العمرة قال لا وان تعتمر خير لك) ثم ذكره موقوفا على جابر ثم قال (هو المحفوظ) - قلت - اخرجه الترمذي من حديث الحجاج مرفوعا وقال حسن صحيح ولابن ماجه عن اسحاق بن طلحة عن ابيه طلحة عن عبيد الله انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحج جهاد والعمرة تطوع - قال (باب وجوب العمرة استدلالا بقوله تعالى (واتموا الحج والعمرة لله) - قلت - قد تقدم في آخر الباب السابق قراءة الشعبي لهذه الآية وقوله هي تطوع وعلى القراءة الاخرى اتمام الشئ انما يكون بعد الدخول فيه وعند خصومه إذا دخل فيهما وجبا وفي الاستذكار وروى عن ابن مسعود قال الحج فريضة والعمرة
تطوع وهو قول الشعبي وأبي حنيفة واصحابه وأبي ثور وداود ومعنى الآية عندهم وجوب اتمامهما على من دخل فيهما ولا يقال اتم الا لمن دخل في العمل ويدل على صحة هذا التأويل الاجماع على ان من دخل في حجة أو عمرة مفترضا أو متطوعا ثم افسد انه يجب عليه اتمامهما ثم القضاء وهذا الاجماع اولى بتأويل الآية ممن ذهب إلى ايجاب العمرة ثم ذكر البيهقي حديث عمر (ان رجلا قال يا محمد ما الاسلام قال ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلوة وتؤتي الزكوة وتحج البيت وتعتمر وتغتسل من الجنابة وتتم الوضوء) الحديث - قلت - النوافل من الاسلام لانها من شرائعه كما روى الاسلام بضع وستون شعبة ادناها اماطة الاذى عن الطريق وقران العمرة بالفرائض لا يقتضي ان تكون مثلهما في الفرضية وقد قرن مع الفرائض في هذا الحديث اتمام الوضوء وليس بفرض والمشهور من الحديث ذكر الحج وحده دون العمرة وهو الموافق للاحاديث الصحيحة المشهورة كحديث بني الاسلام وغيره ثم ذكر حديث احجج عن ابيك واعتمر - قلت - لا دلالة فيه على وجوب العمرة لانه امر الولد ان يحج عن ابيه ويعتمر ولا يجبان على الولد عن ابيه
اجماعا ثم ذكر حديثا (عن عمران بن حطان عن عائشة قالت يارسول الله هل على النساء جهاد) إلى آخره - قلت - قد قال الدارقطني في علل الصحيحين اخرج البخاري حديث عمران بن حطان عن ابن عمر عن عمر في لبس الحرير وعمران
متروك لسوء اعتقاده وخبث رأيه وفي الاستذكار لم يسمع عمران من عائشة ثم ذكر قول ابن عباس (نسكان لا يضرك بايهما بدأت) - قلت - النسك ما يتقرب به وقد يكون تطوعا ثم ذكر حديثا عن زيد بن ثابت ثم قال (رواه اسمعيل بن سالم عن ابن سيرين مرفوعا والصحيح موقوف) - قلت - كذا في الكتاب ابن سالم وفي سنن الدارقطني
اسمعيل بن مسلم وهو المكي متكلم فيه ثم ذكر موقوفا ومرفوعا العمرة الحج الاصغر) - قلت - لهذا الحديث تفسيران - احدهما ذكر البيهقي فيما مضى في باب العمرة في اشهر الحج - والآخر - ذكره فيما بعد في باب المفرد والقارن يكفيهما طواف واحد وعلى التفسيرين لا دلالة في الحديث على وجوب العمرة وقال أبو بكر الرازي معناه ان الحج ينوب عن العمرة لوجود افعالها فيه وزيادة ولو اراد وجوبها كالحج لم يدخل احدهما في الآخر كما لا يقال دخلت الصلوة في الحج وقال الخطابي معناه فرضها ساقط بالحج وهو معنى دخولها فيه فهو دليل على عدم الوجوب -
قال (باب القارن يهريق دما) ذكر فيه (انه عليه السلام ذبح عن ازواجه البقر وان حديث أبي الزبير عن جابر يقطع بكون عائشة قارنة) - قلت - سيأتي عن قريب ان شاء الله تعالى انه لم يكن في ذلك هدى فهو يدل على انه لا هدى على القارن وذلك عكس مقصود البيهقي
وذبحه عليه السلام عنهن البقرة تبين في الصحيح انه كان اضحية وقد تقدم ما يدل على انه أمرها برفض العمرة فلا نسلم انها كانت قارنة - قال (باب العمرة قبل الحج)
ذكر فيه حديث عائشة وفي آخره (واهلت من التنعيم بعمرة مكان عمرتها فقضي الله عمرتها ولم يكن في ذلك هدى ولا صيام
قال (باب العمرة قبل الحج)
ذكر فيه حديث عائشة وفي آخره (واهلت من التنعيم بعمرة مكان عمرتها فقضي الله عمرتها ولم يكن في ذلك هدى ولا صيام ولا صدقة ثم قال قوله فقضى الله عمرتها من قول عروة) - قلت - اخرج مسلم هذا الحديث من طريق عبدة عن هشام وفي آخره فخرج بي إلى التنعيم فاهللت بعمرة فقضي الله حجنا وعمرتنا ولم يكن في ذلك هدى ولا صدقة ولا صوم فهذا صريح بان ذلك من قول عائشة وقد قدمنا ان في بعض الروايات هذه قضاء من عمرتك وهذا صريح بانه من قوله عليه السلام ثم لو سلمنا انه من قول عروة فما يصنع البيهقي بقوله فاهلت بعمرة مكان عمرتها وبما في الصحيح من قولها فاعتمرت فقال هذه مكان عمرتك ثم قال البيهقي (وانما لم يكن في ذلك هدى لانه عليه السلام كان قداهدى عنها وعن من اعتمر من ازواجه بقرة بينهن) - قلت - هذا لا يتمشى على مذهبه لانه عليه السلام ذبح البقر عن ازواجه وكن اكثر من سبع والبقر لا تجزي عنده الا عن سبع وانما لم يكن هدى لانها لم تكن قارنة بل رفضت عمرتها كما تقدم - قال (باب المتمتع إذا قام بمكة حتى (ينشئ الحج ان شاء من مكة لا من الميقات)
ذكر في آخره (عن ابن المسيب كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتمتعون في اشهر الحج فإذا لم يحجوا عامهم ذلك لم يهدوا شيئاء) - قلت لا مناسبة له لهذا الباب - وقع الفراغ من طبع الجلد الرابع..مع ما يقابله من الجوهر النقي في يوم الثلاثاء التاسع من شهر صفر سنة 1351 من الهجرة النبي الكريم عليه وعلى آله وصحبه افضل الصلوة واكمل التسليم ويليه الجلد الخامس واوله (جماع ابواب الاختيار في افراد الحج والتمتع بالعمرة) ويسر الله تعالى اتمامه بفضله وكرمه آمين والحمد لله رب العالمين - * (تمت) * -