المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الجوهر النقي - المارديني ج 7 الجوهر النقي المارديني ج 7 - الجوهر النقي - جـ ٧

[ابن التركماني]

فهرس الكتاب

الجوهر النقي - المارديني ج 7

الجوهر النقي

المارديني ج 7

ص: -1

ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا..الجزء السابع وفي ذيله الجوهر النقي للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير بابن التركماني المتوفي سنة خمس وأربعين وسبع مائة دار الفكر

ص: 1

قال (باب لا يسع اهل الاموال حبسه عمن امروا بدفعه إليه)

ص: 2

ذكر فيه حديتا عن ابى صالح السمان عن أبى هريرة - وفيه (ولا صاحب ابل لا يؤدى حقها ومن حقها حلبها يوم وردها) ثم زعم البيهقى ان هذا الكلام يشبه ان يكون من قول أبى هريرة - قال (وقد روينا في كتاب الزكاة عن سهيل بن أبى صالح عن ابيه في هذا الحديث وما من صاحب ابل لا يؤدى زكاتها الا بطح لها) - قلت - هذا دعوى لا دليل عليها بل هو كلام متصل بكلامه صلى الله عليه وسلم فيكون مرفوعا وقد اخرج البخاري نحو هذا الكلام متصلا من حديث أبى الزناد عن الاعرج عن أبى هريرة واخرج مسلم نحوه من حديث أبى الزبير عن جابر وليس سقوط ذلك في حديث سهيل دليلا على انه من كلام أبى هريرة بل هو زيادة ثقة جاءت متصلة بكلامه صلى الله عليه وسلم من جهات فتكون مرفوعة -

ص: 3

قال (باب رب المال يتولى تفرقة زكاة ماله)

ص: 4

ذكر فيه حديثا عن محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن سالم بن أبى الجعد عن ابن عباس - وفيه (وامرتنا رسلك ان نأخذ زكاة من حواشى اموالنا ونضعه في فقرائنا) ثم قال البيهقى (هذه اللفظة ان كانت محفوظة دلت على جواز تفريق

رب المال زكاة ماله وحديث انس في هذه القصة آلله امرك ان تأخذ هذه الصدقة من اغنيائنا فتقسمها في فقرائنا اسناده اصح) - قلت - ابن السائب لم يحتج به البخاري ولا مسلم واختلط في آخر عمره وفي الكمال عن ابن معين قال جميع من روى عنه في الاختلاط الاشعبة وسفيان فظهر أن حديثه هذا ليس بصحيح ولم يخرج في شئ من الكتب الستة وحديث انس اخرجه البخاري بهذا اللفظ واخرج مسلم اصله فهو حديث صحيح لا مشاركة بينه وبين ذلك الحديث في الصحة فكيف يقال اسناده اصح -

ص: 5

قال (باب قسم الصدقات على قسم الله تعالى)(وهى سهمان ثمانية ما داموا موجودين) ذكر في هذا الباب حديثين - الثاني - عن ابن عباس وضعف اسناده والاول عن زياد بن الحارث - قلت - سكت عنه وفي سنده عبد الرحمن بن زياد الافريقى انفرد به وقد ضعفه بعضهم كذا ذكر صاحب التمهيد وضعفه ايضا البيهقى في باب عتق امهات الاولاد وقال في باب فرض التشهد (ضعفه القطان وابن مهدى وابن معين وابن حنبل وغيرهم) وانما جزأها الله تعالى ثمانية لئلا تخرج الصدقة عن تلك الاجزاء -

ص: 6

قال (باب من جعل الصدقة في صنف واحد) رواه عن عمرو حذيفة وابن عباس من عدة طرق وعللها ومن حملة تلك الطرق انه اخرجه عن الحسن هو ابن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس - قلت - قد جاء هذا من وجه آخر اخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن مجاهد عن ابيه عن ابن عباس قال إذا وضعتها في صنف واحد من هذه الاصناف فحسبك - وقال الطحاوي وابن عبد البر لا نعلم لابن عباس وحذيفة في ذلك مخالفا من الصحابة وقال أبو بكر الرازي روى ذلك عن عمر وحذيفة وابن عباس ولا يروى عن احد من الصحابة خلافه -

ص: 7

ثم ذكر البيهقى (عن شعبة انه قال والله لا اكف عن ذكره يعنى الحسن بن عمارة انا والله سألت الحكم عن الصدقة تجعل في صنف واحد قال لا بأس به قلت ممن سمعت قال كان ابراهيم يقوله وهذا الحسن بن عمارة يحدث عن الحكم عن يحيى بن

الجزار عن على وعن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس وعن الحكم عن حذيفة لا بأس ان يجعل الرجل الصدقة في صنف واحد) قلت - لا ينكر مثل هذا على الحسن فان الحكم كان غزير العلم فيحتمل ان يكون سمع ذلك من ابراهيم ومن هؤلاء وقد قد منافى ابواب الجنائز نحو هذا عن صاحب الفاصل - قال (باب من قال لا تخرج صدقة قوم من بلدهم) ذكر فيه حديث (تؤخذ من اغنيائهم فترد في فقرائهم) - قلت - في شرح العمدة استدل به على عدم جواز نقل الزكاة

ص: 8

وكذلك الرد على فقرائهم وان لم يكن هذا هو الاظهر فهو محتمل احتمالا قويا ويقويه ان اعيان الاشخاص المخاطبين في قواعد الشرع الكلية لا تعتبر ولولا وجود مناسبته في وجوب الزكاة لقطع بان ذلك غير معتبر وقد ورد صيغة الامر بخطابه في الصلاة ولا يختص به قطعا اعني الحكم وان اختص بهم خطب المواجهة انتهى كلامه ثم ظاهر الحديث يدل على عدم جواز النقل من بعض بلاد اليمن إلى بعضها وهو خلاف قول الشافعية ثم ذكر البيهقى حديثا عن اشعث بن سوار عن عون ابن ابى جحيفة عن ابيه ثم قال (الحديث يعرف باشعث وليس بالقوى) - قلت - كيف يقول يعرف به وقد اخرجه هو بعد هذا من حديث الاعمش عن ابن ابى جحيفة عن ابيه - واشعث وان تكلموا فيه فقد وثقه العجلى واخرج له مسلم مقرونا بغيره واخرج الترمذي حديثه هذا وحسنه واختلف كلام البيهقى فيه فقال هنا ليس بالقوى وضعفه في باب من قال للمبتوتة النفقة ثم ذكر البيهقى (ان معاذا قضى ايما رجل انتقل من مخلاف عشيرته إلى غير مخلاف عشيرته فعشره وصدقته إلى إعلاف

ص: 9

عشيرته) - قلت - هذا حجة عليه لان ظاهره النقل إلى مخلاف عشيرته وان كان في غير موضع ماله -

ص: 10

قال (باب ما يستدل به على ان الفقير) امس حاجة من المسكين ذكر فيه حديث (المسكين الذى لا يجد غنى يغنيه ولا يتفطن له فيتصدق عليه) ثم قال (فيه كالدلالة على ان المسكين له بعض

ص: 11

الغنى فيكتفى به ويعفف عن السؤال) - قلت - لو لزم من تعففه ان يكون له بعض الغنى لزم على هذا ان يكون الفقير ايضا

كذلك ويكون له بعض الغنى لانه تعالى وصف الفقراء بالتعفف في قوله تعالى (للفقراء الذين أحصروا - إلى قوله من التعفف) -

ص: 12

قال (باب الفقير أو المسكين له كسب يغنيه) فلا يعطى بالفقر والمسكنة شيئا ذكر فيه حديث (لا يحل الصدقة لغنى ولا لذى مرة سوى)

ص: 13

ثم ذكر قوله عليه السلام للرجلين (لا حق فيها لغنى ولا لقوى مكتسب) - قلت - مثل هذا ليس بغنى فيكون فقيرا فيحل له الصدقة عملا بالظواهر كقوله تعالى (انما الصدقات للفقراء) - واحاديث رد الصدقة في الفقراء ومعنى لا يحل له الصدقة أي طلبها وان كان يحل له الاخذ وحملناه على ذلك جمعا بين الادلة وذكر أبو داود حديث الرجلين وفيه فرآنا جلدين فقال ان شئتما اعطيتكما - ولفظ الطحاوي جلدين قويين فقوله ان شئتما اعطيتكما دليل على جواز الدفع ولولا ذلك لما دفع اليهما ما لا يجوز دفعه وقال الطحاوي امر عليه السلام زياد بن الحارث الصدائى على قومه ومحال ان يؤمره وبه زبانة (1) ثم قد سأله من صدقة قومه وهى زكاتهم فاعطاه منها ولم يمنعه لصحة بدنه -

(1) كذا - ولعله زمانة -

ص: 14

قال (باب من يعطى من المؤلفة قلوبهم من سهم الصدقات) ذكر فيه عن الشافعي (قال للمؤلفة قلوبهم في قسم الصدقات سهم) والذى احفظ فيه ان عدى بن حاتم جاء إلى أبى بكر

ص: 19

احسبه قال بثلاثمائة من صدقات قومه فاعطاه منها ثلاثين بعيرا إلى آخره وليس في الخبر من اين اعطاه اياها غير ان الذى يكاد ان يعرف القلب بالاستدلال بالاخبار انه اعطاه اياه من سهم المؤلفة قلوبهم) - قلت - ان كان عدى عند البيهقى وامامه من المؤلفة قلوبهم فذلك في غاية البعد فقد ذكر البيهقى فيما مضى في باب نقل الصدقة وعزاه إلى مسلم (ان عديا قال لعمر رضى الله عنهما اتعرفنى يا امير المؤمنين فقال نعم والله انى لا عرفك آمنت إذ كفروا واقبلت إذ ادبروا ووفيت إذ غدروا) وفي الاكتفاء لابن سالم زيادة على هذا انه قال والله نعرفك من السماء ولما عزمت طيئ على حبس الصدقة في

اول خلافة أبى بكر رضى الله عنه رد عليهم عدى بكلام كثير ذكره ابن اسحاق ومن جملته ان للشيطان قادة عند موت كل نبى يستخف لها اهل الجهل بجهلهم على قلائص الفتنة وانما هي عجاجة لا ثبات لها ولا ثبات فيها ان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خليفة من بعده يلى هذا الامر وان لدين الله اقواما يستنهضون به ويقومون به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قاموا بعهده وان لم يكن عدى من المؤلفة قلوبهم فيبعد ايضا ان يعطيه أبو بكر من سهمهم وايضا فان سهمهم سقط في زمن أبى بكر كما ذكره البيهقى في الباب الذى بعد هذا وقد ذكر القدورى في التجريد ان ابا بكر اعطاه من سهم العاملين ويدل على ذلك ما حكاه البيهقى في باب نقل الصدقة (عن ابن اسحاق انه عليه السلام بعث عديا على صدقات طيئ) وذكر ابن سالم في الاكتفاء وجها آخر في اعطاء أبى بكر له تلك الابل فقال واعطى أبو بكر عديا ثلاثين من ابل الصدقة وذلك ان عديا لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرانيا فارسل واراد الرجوع إلى بلاده ارسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذر من الزاد ويقول والله ما اصبح عند آل محمد شفه من الطعام ولكن ترجع ويكون خير فلذلك اعطاه أبو بكر تلك الفرائض -

ص: 20

قال (باب لا وقت فيما يعطى الفقراء والمساكين)

ص: 23

ذكر فيه حديث سفيان الثوري (عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن ابيه عن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل وله ما يغنيه جاء يوم القيامة خموش) الحديث ثم ذكر (ان سفيان قيل له كان شعبة لا يروى عن حكيم بن جبير فقال سفيان فقد حدثنا زبيد عن محمد بن عبد الرحمن) ثم ذكر (عن يعقوب بن سفيان قال هي حكاية بعيدة لو كان حديث حكيم بن جبير عند زبيد ما خفى على اهل العلم) - قلت - قد جاء ذلك بسند جليل قال المزى في اطرافه

ص: 24

رواه النسائي عن احمد بن سليمان عن يحيى بن آدم عن سفيان عنهما يعنى حكيما وزبيدا واحمد بن سليمان الرهاوى حافظ قال فيه النسائي ثقة مامون صاحب حديث ويحيى بن آدم (احد) الاعلام روى له الجماعة -

ص: 25

قال (باب الرجل يقسم صدقته على قرابته وجيرانه)

ص: 26

ذكر فيه (عن طلحة رجل من قريش عن عائشة قالت يا رسول الله ان لى جارين فالى ايهما اهدى) الحديث ثم قال (رواه البخاري عن حجاج بن منهال عن شعبة) ثم اخرجه البيهقى من وجه آخر عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن عائشة - قلت - ذكره المزى في اطرافه في ترجمة طلحة بن عبد الله بن عثمان التيمى عن عائشة ولم يذكر احد فيما علمت ان طلحة الراوى لهذا الحديث جده عوف كما ذكره البيهقى في الوجه الثاني وقد اخرج أبو داود هذا الحديث عن طلحة ولم ينسبه ثم قال قال شعبة في هذا الحديث طلحة رجل من قريش واما البخاري فانه اخرجه في ثلاثة مواضع ولم يقل في شئ منها رجل من قريش كما هو المفهوم من ظاهر كلام البيهقى فاخرجه اعني البخاري في الادب عن حجاج ولفظه عن طلحة ولم ينسبه واخرجه في الشفعة عن حجاج وفي الهبة عن محمد بن بشار ولفظه في الطريقين طلحة بن عبد الله - قال (باب المرأة تصرف من زكاتها في زوجها)

ص: 28

ذكر فيه حديث زينب امرأة ابن مسعود - قلت - اخرجه البخاري عن أبى سعيد الخدرى في حديث طويل وفيه يا معشر النساء تصدقن فانى رأيتكن اكثر اهل النار فقلن وبم ذلك يا رسول الله قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير وفيه فقالت امرأة ابن مسعود كان عندي حلى فاردت ان اتصدق به فزعم ابن مسعود انه وولده احق من تصدقت به عليهم فقال عليه السلام صدق ابن مسعود زوجك وولدك احق من تصدقت به عليهم - فظهر أن المراد بهذه الصدقة التطوع كفارة لكثرة اللعن وكفران العشير ولما قرن الزوج بالولد ولا يتصدق على الولد الا بالتطوع فكذا الزوج وذكر مسلم قول ام سلمة يا رسول الله هل لى اجر في بنى أبى سلمة - وقول امرأة ابن مسعود فإذا امرأة من الانصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتى حاجتها - وقال النووي المذكور في هذه الاحاديث المراد به كل صدقة تطوع وسياق الاحاديث يدل عليه - قال (باب آل محمد صلى الله عليه وسلم لا يعطون من الصدقات المفروضات ذكر فيه حديث (انا لا نأكل الصدقة) - قلت - في شرح مسلم للنووي في هذا الحديث انه لا فرق بين صدقة الفرض والتطوع

ص: 29

لقوله عليه السلام الصدقة بالالف واللام وهى تعم النوعين انتهى كلامه وعلم به ان الحديث غير مطابق لمدعى البيهقى -

قال (باب بيان آل محمد صلى الله عليه وسلم الذين تحرم عليهم الصدقة المفروضة)

ص: 30

ذكر فيه قول زيد بن ارقم (اهل بيته من حرم الصدقة بعده) - ثم قال البيهقى (وهكذا بنو المطلب بن عبد مناف بدليل حديث جبير بن مطعم انما بنو المطلب وبنو هاشم شئ واحد واعطاهم من سهم ذوى القربى) - قلت - انما اعطاهم للنصرة لقوله عليه السلام لم يفارقوني في جاهلية ولا اسلام - وتحريم الصدقة لا يتعلق بالنصرة عند جميع الفقهاء الا ترى ان من كان مفارقا له في الجاهلية والاسلام وهو أبو لهب دخل مسلمو ولده في حرمة الصدقة لكونهم من بنى هاشم فوجب خروج بنى المطلب من حرمة الصدقة لكونهم ليسوا من النسب من بنى هاشم الا ترى ان ولد المطلب يجوز أن يعملوا على الصدقة ذكره القدورى في التجريد فخالفوا في ذلك بنى هاشم على ما ذكره البيهقى في الباب الذى يلى هذا الباب - قال (باب لا يأخذون بالعمالة شيئا) قلت - قد تقدم في الباب الذى قبل هذا من كلام القدورى ان لبنى المطلب ان يعملوا على الصدقة -

ص: 31

قال (باب لا يحرم على آل محمد صلى الله عليه وسلم صدقة التطوع)(قال الشافعي وقبل النبي صلى الله عليه وسلم الهدية من صدقة تصدق بها على بريرة وذلك انه منها تطوع لا صدقة) - قلت -

ص: 32

قد صرح صلى الله عليه وسلم بانه هدية فليس بصدقة لا فرضا ولا تطوعا إذ الهدية غير الصدقة بنوعيها فالحديث ايضا غير مطابق للباب وقد قال البيهقى فيما مضى في ابواب الهبة (باب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأخذ صدقة التطوع ويأخذ الهبة) ثم ذكر هذا الحديث وهذا مخالف لما ذكر هنا فان كان ذلك منها تطوعا كما زعم البيهقى فهو دليل على انه كان يأخذ صدقة التطوع وهو مخالف لقوله كان لا يأخذ صدقة التطوع - قال (باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ما كان) باسم الهدية ولا يقبل ما كان باسم الصدقة اما تحريما واما تورعا

قلت - لا وجه لهذا الترديد مع قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح للحسن اما علمت انا لا تحل لنا الصدقة - وقد قال النووي مذهب الشافعي وموافقيه تحريم الزكاة على النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتى ان شاء الله تعالى في خصائصه صلى الله عليه وسلم قول البيهقى (باب ما حرم عليه وتنزه عنه من الصدقة) ثم ذكر البيهقى في اول النكاح خصائصه عليه السلام فمنها -

ص: 33

قال (باب ما وجب عليه من تخييره لنسائه)

ص: 36

ذكر في آخره قوله عليه السلام لا بنة الجون (الحقى باهلك) - قلت - ليس هو من هذا الباب - قال (باب ما وجب عليه من قيام الليل) ذكر في آخره حديث (افلا اكون عبدا شكورا) - قلت - ليس هو بمطابق للباب - قال (باب ما حرم عليه وتنزه عنه من الصدقة)

ص: 39

قلت - ليس هو صلى الله عليه وسلم مخصوصا بتحريم الصدقة بل شاركه في ذلك آله كما بينه البيهقي قريبا -

ص: 40

قال (باب ما امر الله تعالى به من المشورة فقال) وشاورهم في الامر (قال الشافعي قال الله تعالى وامرهم شورى بينهم) ثم ذكر البيهقى (عن الحسن قال ان كان صلى الله عليه وسلم لغنيا عن المشورة

ص: 45

ولكن اراد ان يستن بذلك الحكام بعده) - قلت - إذا خص صلى الله عليه وسلم بوجوب المشورة عليه فذكر قوله تعالى (وامرهم شورى بينهم) غير مناسب وكذا ذكر كلام الحسن ايضا لان المشورة غير واجبة على الحكام بعده إذ لو وجبت عليهم لم يكن هو صلى الله عليه وسلم مخصوصا بذلك فثبت انها سنة في حقهم وثبت ايضا انها سنة في حقه صلى الله عليه وسلم ليستنوا به فيها وبهذا يقى قول من جعل امره صلى الله عليه وسلم بالمشورة للاستحباب لاستمالة القلوب وهذا القول ذكره الغزالي في الوسيط -

ص: 46

(باب الموهوبة - 1) ذكر فيه حديث عائشة (كنت اغار على اللاتى وهبن انفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم واقول اتهب المرأة نفسها) الحديث ثم ذكر (عن سعيد بن المسيب قال لا تحل الهبة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو اصدقها سوطا حلت) قلت في مسند احمد بن حنبل ثنا محمد بن بشر ثنا هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة انها كانت تعير النساء اللاتى وهبن انفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الا تستحيى المرأة ان تعرض نفسها بغير صداق فانزل الله تعالى (ترجى من تشاء منهن) الآية وهذا سند على شرط الشيخين وقال الطحاوي ثنا حسين بن نصر ثنا يوسف بن عدى ثنا على بن مسهر عن هشام عن ابيه قالت عائشة كنت إذا ذكرت قلت انى لاستحيى امرأة تهب نفسها لرجل بغير مهر الحديث وحسين بن نصر قال فيه السمعاني وابن يونس ثقة ثبت وبقية السند على شرط البخاري والحديث من الطريقين يدل على ان الذى انكرته عائشة هو ترك المهر لا غير وأن الذى خص به صلى الله عليه وسلم هو الانعقاد بغير صداق (وقد قال الشافعي لم يكن لاحد أن

(1) في اصل الجوهر (باب النكاح) فأصلحناه لمناسبة ما في السنن -

ص: 55

يقول جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين اكثر من اربع ونكح امرأة بغير مهر) ذكره البيهقى فيما بعد في باب الدليل على انه صلى الله عليه وسلم لا يقتدى به فيما خص به، وذكر البيهقى فيما بعد في باب الرجل يعتق امته ثم يتزوج بها (انه عليه السلام اعتق صفية وجعل عتقها صداقها) ثم ذكر (عن يحيى بن اكثم قال هذا كان للنبى صلى الله عليه وسلم خاصة) ثم قال البيهقى (ويذكر هذا عن المزني انه ذكر هذا الحديث للشافعي فحمله على التخصيص وموضع التخصيص انه اعتقها مطلقا ثم تزوجها على غير مهر ونكاح غيره لا يخلو من مهر) انتهى كلامه وهذا هو الذى يقتضيه كلام ابن المسيب ظاهرا وان غيره عليه السلام لو تزوج بلفظ الهبة بصداق ولو قل جاز له وهذا غير موافق لمقصود البيهقى وقد وافق ابن المسيب على هذا جماعة من السلف وذكر عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن ايوب عن ابى قلابة ان ابن المسيب ورجلين معه من اهل العلم قالوا لا تحل الهبة لاحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولو تزوجها على سوط لحلت، وعن طاوس قال لا يحل لاحد أن يهب ابنته بغير مهر الا النبي صلى الله عليه وسلم، وعن مجاهد (وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبى) قال بغير صداق، وعن عطاء سئل عن امرأة وهبت نفسها لرجل قال لا يكون الا بصداق، وعنه قال لا يصلح الا بصداق لم يكن ذلك الا للنبى صلى الله عليه وسلم، وعن الحكم وحماد

سئلا عن رجل وهب ابنته لرجل فقالا لا يجوز الا بصداق - ذكر الخمسة ابن ابى شيبة في مصنفه باسانيد صحيحة، ويؤيد ما قاله هؤلاء وجهان - احدهما - قوله تعالى (لكيلا يكون عليك حرج) أي ضيق فالآية خرجت مخرج الامتنان والحرج انما هو في وجوب الصداق لا في الانعقاد من جهة اللفظ إذ لا فرق في اللفظ بين وهبت وزوجت وذلك انه قد لا يقدر على المهر فيضيق عليه التماسه فاما ابدال العبارة بغيرها فلا ضيق فيه - والثانى - انه إذا ثبت ان الذى خص به عليه السلام هو الانعقاد بغير مهر فقد كفينا مؤنة قوله تعالى (خالصة لك) فانتفت الخصوصية بلفظ الهبة لئلا يلزم كثرة الاختصاص إذ الاصل عدمه -

ص: 56

قال (باب ما يستدل به على انه جعل سبه للمسلمين رحمة)

ص: 60

ذكر الحديث من طريق ابن المسيب عن أبى هريرة ثم قال (رواه البخاري ومسلم) ثم اعاده البيهقى من طريق همام عن أبى هريرة ثم قال (رواه مسلم في بعض النسخ وأخرجاه من حديث ابن المسيب عن أبى هريرة) - قلت - هذا الكلام الا خير ذكره البيهقى فيما تقدم فهو تكرار لا فائدة فيه ولم يخرجه مسلم فيما عندنا من صحيحه من طريق همام ولا ذكر ذلك ابن طاهر في اطرافه ولم يذكره ايضا المزى في اطرافه مع تأخره وشدة استقصائه -

ص: 61

قال (باب إليه ينسب اولاد بناته) ثم ذكر نسبته صلى الله عليه وسلم اولاد فاطمة بالبنوة - قلت - هذه النسبة مجازية ولا اختصاص له صلى الله عليه وسلم بذلك كذا قال القفال (وقد قال) البيهقى فيما مضى في ابواب الوقف (باب ما يتناوله اسم الولد والابن) وذكر فيه (انه عليه السلام سمى اولاد على باسم الابن) وذكر ايضا (انه عليه السلام اخذ الحسن والحسين ثم تلا انما اموالكم واولادكم فتنة) وظاهر هذا التبويب عدم الخصوصية -

ص: 63

قال (باب كان ماله بعد موته قائما على قبضه (1) وملكه)

(1) كذا وفى السنن - نفقته -

ص: 64

ذكر فيه حديث (ما تركنا صدقة) - قلت - كيف يبقى على ملكه مع هذا الكلام - قال (باب دخول المسجد جنبا)(كذا قال أبو العباس والصواب ان صح الخبر فيه لبثه في المسجد جنبا فالعبور دون اللبث جائز للكافة على الجنابة) - قلت - ما قاله أبو العباس لم يسلمه القفال بل قال لا اظنه صحيحا وقال امام الحرمين هو هوس ولا يدرى من اين قاله والى أي اصل اسنده فالوجه القطع بتخطئته انتهى كلامه ثم على تقدير صحة الحديث فعلى أي وجه جمل ليس بخاص به صلى الله عليه وسلم بل شاركه فيه غيره كما نص عليه في الحديث -

ص: 65

قال (باب ما ابيح له من القضاء بعلمه) ذكر فيه حديث (ان ابا سفيان رجل ممسك) إلى آخره - قلت - ذكر جماعة من المحققين ان ذلك كان فتوى لا قضاء وقال النووي في شرح مسلم استدل به جماعات من اصحابنا وغيرهم على جواز القضاء على الغائب ولا يصح الاستدلال

ص: 66

به لان هذه القضية كانت بمكة وكان أبو سفيان حاضرا بها وشرط القضاء على الغائب ان يكون غائبا عن البلد أو مستترا لا يقدر عليه أو متعزز أو لم يكن هذا الشرط في أبى سفيان موجودا فلا يكون قضاء على غائب بل هو افتاء - انتهى كلامه وايضا فانه لم يستحلفها انها لم تأخذ النفقة ولم يقدر النققة بل قال لها خذى من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف فجعل التقدير إليها فيما تأخذه ومعلوم ان ما كان من فرض النفقة على وجه القضاء لا يكون تقديره إلى مستحقه -

ص: 67

قال (باب التزويج بالابكار)

ص: 80

ذكر فيه حديث (عليكم بالابكار) من طريقين في الاولى عبد الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن عن ابيه عن جده وفي الثانية عبد الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة ثم قال (عبد الرحمن بن عويم ليست له صحبة) - قلت - اخرج هذا الحديث ابن ماجه في سننه ولفظه عبد الرحمن بن سالم بن عتبة بن عويم عن ابيه عن جده، وعتبة بن عويم ذكره ابن منده وغيره في الصحابة، وذكر ابن طاهر والمزى هذا الحديث في اطرافهما في مسند عتبة هذا فتبين بذلك ان الحديث مرفوع

وقد اخرج ابن منده في معرفة الصحابة من حديث عبد الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن بن عتبة بن عويم عن ابيه عن جده عتبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اختار لى اصحابا، الحديث فان كان عبد الرحمن اسم جده عبد الرحمن كما ذكره البيهقى وابن منده يحتمل على ان عبد الرحمن الذى هو الجد نسب في الطريق الثانية من طريق البيهقى إلى جده عويم وان اباه هو عتبة كما بينه ابن منده وان سالما في طريق ابن ماجه نسب إلى جده عتبة ويحتمل قوله في الطريق الاولى من طريق البيهقى عن ابيه عن جده، على ان المراد عن جد الاب هو عتبة كما صرح به ابن منده في ذلك الحديث وانما فعلنا ذلك توفيقا بين رواية البيهقى ورواية ابن ماجه -

ص: 81

قال (باب الترغيب في التزويج من ذى الدين) ذكر فيه حديثا عن ابى حاتم المزني ثم قال (له صحبة ذكره البخاري وغيره) - قلت - ذكر ابن القطان انه لم تصح صحبته وان من زعمها انما رام اثباتها بهذا الخبر وهذا الخبر يتوقف ثبوته على ثبوت صحبته وثبوت صحبته على ثبوته وقد ذكر أبو داود هذا الحديث في المراسيل وهو دليل على انه عنده غير صاحب -

ص: 82

قال (باب من تخلى للعبادة)(قال الشافعي قد ذكر الله تعالى القواعد من النساء فلم ينههن عن القعود ولم يندبهن إلى النكاح وذكر عبدا اكرمه فقال - سيدا وحصورا - والحصور الذى لا يأتي النساء ولم يندبه إلى نكاح) - قلت - من يرى ان النكاح افضل من التخلي للعبادة لا يقول بالنهي عن القعود بل يجوز القعود عن النكاح عنده وان كان النكاح افضل وانما لم يندبهن إليه لانهن لا طمع لهن فيه إذ القواعد هن اللاتى قعدن عن الحيض والولد لكبرهن ومعنى (لا يرجون نكاحا) لا يطمعن فيه وروى القاضى اسمعيل في احكام القرآن بسنده عن ربيعة في قوله تعالى (والقواعد من النساء) قال التى إذا رأيتها استقذرتها فلا بأس ان تضع الخمار والجلباب وان تراها، واما الاستدلال بامر يحيى عليه السلام وانما نقول ليس الكلام في الحصور وانما الكلام فيمن له قوة على الجماع وقال ابن العربي في العارضة هذا منكر لانك ذكرت يحيى ونسيت محمدا صلى الله عليه وسلم ورغبته ومدحه له

ص: 83

وحثه عليه وايضا فانك قلت شريعة من قبلنا ليست شريعة لنا ولا يقتدى منها بحرف، ثم ذكر البيهقى حديث اهل الصفة (وأنهم

اضياف الاسلام لا يأوون إلى اهل ولا مال) - قلت - الكلام في من يجد اهبة النكاح وهؤلاء كانوا فقراء، ثم ذكر البيهقى (ان امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن حق الزوج وانها قالت لا اتزوج ما بقيت في الدنيا) - قلت - في سنده سليمان اليمامى ضعيف والراوي عنه القاسم العرنى قال أبو القاسم لا يحتج به والراوي عنه ابن المغيرة وفي الميزان محمد بن المغيرة السليمانى فيه نظر -

ص: 84

قال (باب تخصيص الوجه والكفين بجواز النظر)

ص: 85

ذكر فيه حديث اسماء بنت عميس (ليس للمرأة المسلمة ان يبدو منها الا هكذا) ثم قال (اسناده ضعيف) - قلت - ذكر قبله حديث عائشة (ان المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح ان يرى منها الا هذا) وسكت عنه وفي سنده الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير والوليد مدلس وابن بشير قال يحيى ليس بشئ زاد ابن نمير منكر الحديث وضعفه النسائي وقال ابن حبان فاحش الخطاء ورواه ابن بشير عن قتادة عن خالد بن دريك عن عائشة - وذكر البيهقى في كتاب الصلاة في باب عورة الحرة (عن ابى داود ان الحديث مرسل وان ابن دريك لم يدرك عائشة) وذكر البيهقى في هذا الباب بعد حديث اسماء الذى ضعف اسناده حديثين وسكت عنهما - احدهما حديث غبطة (عن عمتها ام الحسن عن جدتها عن عائشة قال عليه السلام لهند لا أبا يعك حتى تغيري كفيك) وغبطة وام الحسن لم اعرف حالهما وجدتها مجهولة وقال المزى في اطرافه رواه بشر الجهضمى عن غبطة حدثتني عمتى عن جدى - والحديث الآخر - حديث مطيع بن ميمون (حدثتنا صفية بنت عصمة عن عائشة انه عليه السلام قال لو كنت امرأة لغيرت اظفارك بالحناء) ومطيع ضعيف كذا في الكاشف للذهبي وبنت عصمة لم اعرف حالها -

ص: 86

قال (باب مساواة المرأة الرجل في) الحجاب والنظر إلى الا جانب

ص: 91

ذكر فيه قوله عليه السلام لام سلمة وميمونة (افعميا وان انتما) - قلت - في سنده نبهان سكت عنه البيهقى هنا وقال في أبواب المكاتب (صاحبا الصحيح لم يخرجا عنه وكأنه لم يثبت عدالته عندهما أو لم يخرج من الجهالة برواية عدل عنه) وقد

تكلمنا معه هناك وقال صاحب التمهيد قوله عليه السلام لفاطمة بنت قيس انتقلى إلى ابن ام مكتوم فانه اعمى ان وضعت ثيابك لم ير شيئا - دليل على جواز نظر المرأة للاعمى وكونها معه في بيت وان لم تكن ذات محرم منه وفيه ما يرد حديث نبهان انه عليه السلام قال لام سلمة وميمونة احتجبا منه - ومن قال بحديث فاطمة احتج بصحته وانه لا مطعن لاحد فيه وان نبهان ليس ممن يحتج بحديثه وزعم انه لم يروا لا حديثين منكرين احدهما هذا والآخر عن ام سلمة في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدى كتابته احتجبت منه سيدته -

ص: 92

قال (باب ما في ابداء زينتها لما ملكت يمينها) ذكر فيه قول عائشة لسليمان بن يسار (ادخل فانك عبد ما بقى عليك درهم) - قلت - سليمان لم يكن مولاها بل مولى ميمونة كاتبته بعتق فهو غير مطابق للباب ويحتاج قول عائشة ادخل إلى تأويل -

ص: 95

قال (باب ما جاء في مصافحة الرجل الرجل) ذكر فيه حديثا عن زيد بن ابى الشعثاء عن البراء بن عازب ثم قال (رواه أبو داود في السنن الا أنه قال عن زيد ابى الحكم العنزي) - قلت - زيد بن ابى الشعثاء يقال له أبو الحكم العنزي ذكره كذلك المزى في اطرافه وذكره غيره ايضا - قال (باب معانقة الرجل الرجل)

ص: 99

ذكر فيه حديثا (عن أبى ذر أنه عليه السلام التزمه) ثم قال (واما الحديث الذى انا أبو الحسن) فذكر بسنده حديث انس (أينحني بعضنا لبعض) ثم قال (فهذا ينفرد به حنظلة السدوسى تركه القطان لاختلاطه) - قلت - سكت عن الحديث الاول وفي سنده رجل من عنزة وهو مجهول وفيه ايضا حماد هو ابن سلمة وقد تقدم ان البيهقى قال عنه في باب من مر بحائط انسان (ليس بالقوى) وقال في باب من صلى وفي ثوبه أو نعله اذى (حماد بن سلمة عن أبى نعامة السعدى عن أبى نضرة كل منهم مختلف في عدالته) -

ص: 100

قال (باب لانكاح الا بولي)

ذكر فيه حديث معقل ونزول قوله تعالى (فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن) ثم قال قال الشافعي هذا ابين ما في القرآن من ان للمرأة مع الولى في نفسها حقا وان على الولى ان لا يعضلها - قلت - المنهى عن العضل في هذه الآية هم المطلقون لا الاولياء لان جواب الشرط يجب ان يرجع إلى من خوطب بالشرط وهم المطلقون في قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن) والاولياء لم يجر لهم ذكر فيلزم من صرف ذلك إليهم محذوران - احدهما - اخلاء الشرط عن الجزاء - والثانى - عدم الالتئام بعود الضمير إلى غير المذكورين اولا والعضل من الازواج المطلقين ان يمنعوهن من الخروج والمراسلة في عقد النكاح ويحبسوهن ويضيقوا عليهن ويطولوا العدة عليهن واليه الاشارة بقوله تعالى ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا - كانوا يطلقون فإذا قرب انقضاء العدة راجعوا من غير حاجة ضرارا وهذا لان العضل في اللغة هو التضييق والمنع قال أبو عبيد يقال في تفسير الآية انه يطلقها واحدة حتى إذا كادت تنقضي عدتها ارتجعها ثم طلقها اخرى ثم كذلك يطول عليها العدة يضارها بذلك ويقع العضل ايضا من المطلق بان يجلس في المشاهد والمجامع فيصفها بالقحة وقلة الحياء وسوء العشرة وقلة الدين ونحو ذلك مما يزهد الناس فيها ثم لو سلم ان المراد بالآية الاولياء فليس نهيهم عن العضل مما يفهم انه اشتراط اذنهم في صحة العقد لا حقيقة ولا مجازا بوجه من الوجوه إذ له الخطاب لا ظاهرا ولا نصاقا له ابن رشد وقال الامام فخر الدين في تفسيره المختار انه خطاب للازواج لا للاولياء وتمسك الشافعي بها ممنوع على المختار ولئن سلم لم لا يجوز ان يكون المراد بالعضل ان يخليها ورأيها فيه لان العادة رجوعهن إلى الاولياء مع استبدادهن فيكون النهى محمولا عليه وهو منقول عن ابن عباس وايضا ثبوته في حق الولى ممتنع لانه مهما عضل انعزل فلا يبقى لعضله اثر فلا يتصور صدور العضل منه وقد اضاف

ص: 104

النكاح إليها اضافة الفعل إلى فاعله والتصرف إلى مباشره ونهى لمانع عن المنع من ذلك ولو كان فاسدا لما نهى الولى عن منعها منه ثم ذكر البيهقى حديث (ايما امرأة نكحت نفسها) من طريق ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة ثم ذكر بسنده (عن محمد بن مصفى ثنا بقية ثنا شعيب بن أبى حمزة قال لى الزهري ان مكحولا ياتينا وسليمان ابن موسى وايم الله ان سليمان لا حفظ الرجلين - قلت - ابن مصفى سئل عنه صالح بن محمد فقال كان مخلطا وارجو ان يكون صدوقا وقد حدث باحاديث مناكير ذكره صاحب الكمال وبقية معروف الحال والزهرى معدود من اصحاب مكحول وممن روى عنه فكيف يقول ان مكحولا يأتيه هذا بعيد وسليمان بن موسى متكلم فيه قال ابن جريج والبخاري عنده منا كبر وقال ابن المدينى مطعون عليه وقال العقيلى خولط قبل موته بيسير وقال أبو حاتم في حديثه بعض الاضطراب

فكيف يكون مثل هذا احفظ من مكحول مع جلالته وسعة علمه وانه لم يدع بمصر ثم العراق ثم المدينة علما الا حواه وانه

ص: 105

اتى الشام فغربلها والعجب من البيهقى كيف يذكر توثيق سليمان بمثل هذا الاسناد ولا يذكر من تكلم فيه ثم ذكر حكابة ابن علية عن ابن جريج (انه قال فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه وان ابن معين قال لم يذكر هذا عن ابن جريج عير ابن علية) - قلت - على تقدير صحة هذا عن ابن معين أي شئ يلزم من انفراد ابن علية بهذا وقد كان من الائمة الحفاظ قال ابن حنبل إليه المنتهى في التثبت بالبصرة وقال شعبة ابن علية سيد المحدثين وقال غندر نشأت يوم نشأت وليس احد يقدم في الحديث على ابن علية على انه لم ينفرد بذلك بل تابعه عليه بشر بن المفضل قال ابن عدى في الكامل قال الشاذكونى ثنا بشر بن المفضل عن ابن جريج انه سأل الزهري فلم يعرفه وذكر صاحب الكمال بسنده عن ابى داود السجستاني قال ما احد من المحدثين الا قد اخطأ الا ابن علية وبشر بن المفضل - ثم قال البيهقى (وقد روى ذلك عن الزهري من وجهين آخرين وان كان الاعتماد على رواية سليمان بن موسى) - قلت - في سند الوجه الاول ابن لهيعة عن جعفر بن

ص: 106

ربيعة عن الزهري - وابن لهيعة معروف الحال وابن ربيعة قال ابن معين ضعيف ليس بشئ حكاه الساجى واخرجه أبو داود في سننه من هذا الوجه وقال جعفر لم يسمع من الزهري كتب إليه وقال صاحب الاستذكار لا احفظه الا من حديث ابن لهيعة عن جعفر، والوجه الثاني من طريق الحجاج هو ابن ارطاة عن الزهري والحجاج فيه كلام كثير ومع ذلك لم يسمع من الزهري كذا ذكر احمد وابو حاتم وذكر العقيلى بسنده عن هشيم قال قال الحجاج صف لى الزهري فانى لم اره فظهر بهذا ان الوجهين واهيان ولهذا قال البيهقى الاعتماد على رواية سليمان ثم ذكر (عن ابن معين انه سئل عن حديث عائشة هذا فقال ليس يصح في هذا شئ الا حديث سليمان بن موسى) - قلت - قد تقدم الكلام على سليمان وعدم معرفة الزهري

ص: 107

للحديث ثم ان عائشة الراوية للحديث خالفته على ما سيذكره البيهقى في هذا الباب وكذلك الزهري ايضا روى الحديث ثم خالفه قال صاحب الاستذكار كان الزهري يقول إذا تزوجت المرأة بغير اذن وليها جاز - وهو قول الشعبى وأبي حنيفة

ص: 108

وزفر ثم ذكر البيهقى حديث اسرائيل عن ابى اسحق عن ابى بردة عن ابى موسى ثم (ذكر ان شعبة وسفيان ارسلاه) ثم

ذكره من وجه آخر عنهما موصولا ثم قال (المحفوظ عنهما غير موصول) - قلت - ذكر صاحب الميزان عن ابن عدى انه قال

ص: 109

الاصل في هذا الحديث مرسل ثم ذكر البيهقى من وجوه (ان عليا اجاز نكاح امرأة زوجها امها برضاها) ثم قال (مداره على ابى قيس الاودى وهو مختلف في عدالته) - قلت - احتج به البخاري وصحح الترمذي حديثه وذكره ابن حبان في الثقات وقد تقدم في اب مس الفرج ببطن الكف توثيقه عن غير واحد ولا اعلم احدا من اهل هذا الشان قال فيه انه مختلف في عدالته غير البيهقى وقد جاء ذلك من وجه آخر قال ابن ابى شيبة ثنا ابن فضيل عن ابيه عن الحكم قال كان على إذا رفع إليه رجل تزوج امرأة بغير ولى فدخل بها امضاه - فقد روى من وجوه يشد بعضها بعضا ثم ذكر البيهقى قول عائشة (المرأة لاتلى عقد النكاح) - قلت - في سنده الشافعي عن الثقة وهذا ليس بحجة على ما عرف وافسده الطحاوي في اختلاف العلماء بامرين - احدهما - ان ابن حنبل قال ابن جريج يقول اخبرت عن عبد الرحمن بن القاسم فصار من بينه وبين عبد الرحمن مجهولا - الآخر - ان ابن ادريس يرويه عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن القاسم عن عائشة مرسلا لا يذكر فيه عن ابيه -

ص: 112

ثم قال البيهقى (هذا الاثر يدل على ان تزويج عائشة لحفصة بنت عبد الرحمن وهو غائب بالشام اريد به انها مهدت تزويجها ثم تولى عقد النكاح غيرها فاضيف التزويج إليها) - قلت - هذا مع بعده ومخالفته للظاهر يظهر منه ان الولى الاقرب إذا غاب تنتقل الولاية إلى الولى الا بعد والصحيح عند الشافعية خلافه - قال (باب لا ولاية لوصي في نكاح) ذكر فيه (ان عثمان بن مظعون اوصى إلى اخيه قد امة ان يزوج ابنته فزوجها قدامة وانه عليه السلام قال هي يتيمة ولا تنكح الا باذنها فانتزعت ممن زوجها قدامة له) - قلت - المزوج هنا كان عمها ووصيها والمراد بالحديث البالغة إذ الصغيرة لا اذن لها ولا يلزم من كون الوصي لا ولاية له على هذه بخصوصها ان لا يكون له ولاية على غيرها كما انه لا يلزم من كون عمها لا ولاية له عليها ان لا يكون له ولاية على غيرها فظهر بهذا ان هذا الحديث بخصوصه لا دلالة فيه على ان الوصي لا ولاية له -

ص: 113

قال (باب انكاح الآباء الابكار)

ذكر فيه نزوجه عليه السلام عائشة وهى بنت ست وتزوج عمر ابنة على صغيرة وتزويج غير واحد من الصحابة ابنته صغيرة وتزويج الزبير ابنته صفية ثم حكى (عن الشافعي انه قال لو كان النكاح لا يجوز على البكر الا بامرها لم يجز ان تزوج حتى يكون لها أمر في نفسها) - قلت - قد كانت عائشة وابنة على صغيرتين وكذا صرح في بنات الصحابة المذكورين بالصغر وعلى هذا يحمل حال ابنة الزبير ولو زوج احد منهم ابنته وهى كبيرة لم يدل دليل على انه لم يستأذنها وقوله صلى الله عليه وسلم ولا تنكح البكر حتى تستأذن - دليل على ان البكر البالغ لا يجبرها أبوها ولا غيره قال شارح العمدة وهو مذهب أبى حنيفة وتمسكه بالحديث قوى لانه اقرب إلى العموم في لفظ البكر وربما يزاد على ذلك بان يقال الاستئذان انما يكون في حق من له اذن ولا اذن للصغيرة فلا تكون داخلة تحت الارادة ويختص الحديث بالبوالغ فيكون اقرب إلى التناول، وقال ابن المنذر

ص: 114

ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولا تنكح البكر حتى تستأذن - وهو قول عام وكل من عقد على خلاف ما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو باطل لانه الحجة على الخلق وليس لاحد ان يستثنى من السنة الاسنة مثلها فلما ثبت ان ابا بكر الصديق زوج عائشة من النبي صلى الله عليه وسلم وهى صغيرة لا امر لها في نفسها كان ذلك مستثنى منه انتهى كلامه وقوله عليه السلام في حديث ابن عباس والبكر يستأذنها أبوها - صريح في ان الاب لا يجبر البكر البالغ ويدل عليه ايضا حديث جرير عن ايوب عن عكرمة عن ابن عباس وسيذكرهما البيهقى بعد فترك الشافعي منطوق هذه الادلة واستدل بمفهوم حديث الثيب احق بنفسها - وقال هذا يدل على ان البكر بخلافها وقال ابن رشد العموم اولى من المفهوم بلا خلاف لا سيما وفي حديث مسلم البكر يستأمرها أبوها - وهو نص في موضع الحلاف وقال ابن حزم ما نعلم لمن اجاز على البكر البالغة انكاح ابيها لها بغير امرها متعلقا اصلا وذهب ابن جرير ايضا إلى ان البكر البالغة لا تجبر واجاب عن حديث الايم احق بنفسها بان الايم من لا زوج له رجلا أو امرأة بكرا أو ثيبا لقوله تعالى وأنكحوا الايامى منكم والصالحين - وكرر ذكر البكر بقوله والبكر تستأذن واذنها صماتها - للفرق بين الاذنين اذن الثيب واذن البكر ومن اول الايم بالثيب اخطأ في تأويله وخالف سلف الامة وخلفها في اجازتهم لوالد الصغيرة تزويجها بكرا كانت أو ثيبا من غير خلاف، وفي التمهيد ملخصا قال أبو حنيفة واصحابه والثوري والاوزاعي والحسن بن حى وأبو تور وأبو عبيد لا يجوز للاب ان يزوج بنته البالغة بكرا أو ثيبا الا باذنها والايم التى لا بعل لها بكرا أو ثيبا فحديث الايم احق بنفسها وحديث لا تنكح البكر حتى تستأذن على عمومهما وخص منهما الصغيرة لقصة عائشة، ثم ذكر البيهقى حديث ابن عباس (والبكر يستامرها أبوها) من طريق ابن عيينة ثم عزاه إلى مسلم ثم قال (قال

الشافعي زاد ابن عيينة والبكر يزوجها أبوها فهذا يبين ان الامر إلى الاب في البكر والموامرة قد تكون على استط؟ ة النفس لانه يروى انه عليه السلام قال وامروا النساء في بناتهن) - قلت - قوله يزوجها أبوها لم اجده في شئ من الكتب المتداولة

ص: 115

ولم يذكر الشافعي سنده لينظر فيه وحمل الموامرة على استطابة النفس حروج عن الظاهر من غير دليل بل قوله يستامرها أبوها خبر في معنى الامر وحديث لا تنكح البكر حتى تستامر يدل على ذلك وكذا رده عليه السلام انكاح الاب في حديث جرير بن حازم وغيره ولو ساغ هذا التأويل لساغ في قوله عليه السلام في الصحيح لا تنكح الثيب حتى تستامر - وحديث آمروا النساء في بناتهن رواه الثقة عن ابن عمرو ليس ذلك بحجة عند اهل الحديث حتى يسمى الثقة ولو صح الحديث فقد عدل فيه عن الظاهر للاجماع فلا يعدل عن الظاهر في غيره من الاحاديث وفي الصحيحين من حديث ذكوان عن عائشة قال عليه السلام استأمروا النساء في انضاعهن - وهذا يعم البكر والثيب واحرج ابن ماجه عن عدى بن عدى الكندى عن ابيه عنه عليه السلام قال شاوروا النساء في انفسهن الحديث واخرجه البيهقى فيما بعد في باب اذن البكر والثيب واخرجه هناك من وجه آخر عن عدى ابن عدى عن ابيه عن العرس بن عميرة عنه عليه السلام ثم اول البيهقى البكر باليتيمة بدليل انه قد جاء في بعض طرق هذا الحديث واليتيمة تستأمر - قلت - لا ضرورة إلى هذا التأويل بل يعمل باللفظين جميعا وهى اولى من ترك احدهما وهو قوله والبكر ثم قال البيهقى (وزيادة ابن عيينة غير محفوظة) - قلت - اراد قوله والبكر يستامرها أبوها - وقد عزاها البيهقى فيما تقدم إلى مسلم وكانت غير محفوظة لم يخرجها ثم قال البيهقى (وروينا عن الشعبى لا يجبر الا الوالد) - قلت - لم يذكر سنده

ص: 116

وقد صح عن الشعبى خلاف هذا قال ابن أبى شيبة ثنا عبدة بن سليمان عن عاصم عن الشعبى قال يستأمر الرجل ابنته في النكاح البكر والثيب - ثم ذكر البيهقى رده عليه السلام نكاح بكر زوجها أبوها فابت من حديث جرير عن ايوب عن عكرمة عن ابن عباس ثم قال (اخطأ فيه جرير والمحفوظ عن عكرمة مرسلا) - قلت - جرير بن حازم ثقة جليل وقد زاد الرفع فلا يضره ارسال من ارسله كيف وقد تابعه الثوري وزيد بن حبان فروياه عن ايوب كذلك مرفوعا كذا قال الدارقطني واين القطان واخرج رواية زيد كذلك النسائي وابن ماجه في سننهما من حديث معمر بن سليمان عن زيد عن ايوب والرواية التى ذكرها البيهقى بعد هذا نشهد لهذه الرواية بالصحة وهى ان البيهقى قال (وروى من وجه آخر عن عكرمة) موصولا وهو ايضا خطأ) ثم ذكره وفى سنده عبد الملك الذمارى فحكى عن الدارقطني (انه ليس بقوى وانه وهم فيه

والصواب مرسل) - قلت - هذه كما تقدم زيادة من الذمارى وهو اخرج له الحاكم في المستدرك وذكره ابن حبان في الثقات وذكر صاحب الكمال عن عمر بن على الصوفى انه ثقة ثم ذكر البيهقى الحديث من رواية عطاء عن جابر ثم قال

ص: 117

(الصواب عن عطاء مرسل وان صح فكأنه كان وضعها في غير كفو فخيرها عليه السلام وعلى ذلك حمل ايضا حديث عبد الله بن بريدة عن عائشة ثم قال (مرسل ابن بريدة لم يسمع من عائشة) - قلت - إذا نقل الحكم مع سببه فالظاهر تعلقه به وتعلقه بغيره محتاج إلى دليل وقد نقل الحكم وهو التخيير وذكر السبب وهو كراهية الثيب ولم يذكر سبب آخر وابن بريدة ولد سنة خمس عشرة وسمع جماعة من الصحابة وقد ذكر مسلم في مقدمة كتابه ان المتفق عليه ان امكان اللقاء والسماع يكفى للاتصال ولا شك في امكان سماع ابن بريدة من عائشة فروايته عنها محمولة على الاتصال على ان صاحب الكمال صرح بسماعه منها، وفي قولها اجرت ما صنع دليل على ان النكاح يقف على الاجازة خلافا للبيهقي واصحابه وسيذكره البيهقى بعد في باب النكاح لا يقف على الاجازة -

ص: 118

قال باب انكاح اليتيمة ذكر فيه حديث (تستأمر اليتيمة) وحديث (هي يتيمة ولا تنكح الا باذنها) - قلت - المراد باليتيمة هنا البالغة لان

ص: 120

الاذن لا يكون الا منها وسماها يتيمة لقرب عهدها باليتم ثم ذكر قول على (إذا بلغ النساء نص الحقاق فالعصبة اولى) ثم قال (فهذا يبين ان الاولياء غير الآباء ليس لهم ان يزوجوا اليتيمة حتى تدرك) - قلت - قد ذكر البيهقى فيما بعد في باب اليتيمة تكون في حجر وليها عن عائشة سبب نزول قوله تعالى (وترغبون ان تنكحوهن) وعزاه إلى الصحيحين وفيه دليل على ان للاولياء انكاح اليتامى قبل بلوغهن إذ لا يتم بعد الاحتلام وايضا فلو كن بالغات لكان امر الصداق اليهن ولما نهوا الاولياء ان ينكحوهن الا ان يبلغوا بهن اعلى سنتهن في الصداق وقد دل على هذا ايضا ما اخرجه الطحاوي في مشكل الحديث بسنده ان عليا اتى برجل فقالوا وجدناه في خربة مراد ومعه جارية مخضب قميصها بالدم فقال له ويحك ما هذا الذى صنعت قال اصلح الله أمير المؤمنين كانت بنت عمى ويتيمة في حجري وهى غنية في المال وانا رجل قد كبرت وليس لى مال فخشيت ان هي ادركت ما يدرك النساء ان ترغب عنى فتزوجتها قال وهى تبكى فقال أتزوجته فقائل من القوم عنده

يقول لها قولى نعم وقائل يقول لها قولى لا فقالت نعم تزوجته فقال خذ بيد امرأتك - وفي الاستذكار زوج عروة بن الزبير ابنة اخيه وهى وصية من ابنه والناس يومئذ متوافرون وعروة من هو، وفيه ايضا قال أبو حنيفة ومحمد والحسن وعطاء وطاوس وعمر بن عبد العزيز وقتادة وابن شبرمة والاوزاعي يزوج اليتيمة الصغيرة وليها، وفي احكام القرآن للرازي روى عن على وابن مسعود وابن عمر وزيد بن ثابت وام سلمة والحسن وطاوس وعطاء في آخرين جواز تزويج غير الاب والجد الصغيرة ولا نعلم احدا من السلف منع ذلك وتأويل ابن عباس وعائشة للآية يدل على ان مذهبهما جواز ذلك

ص: 121

إذا قرب الاولياء الذى تكون اليتيمة في حجره ويجوز له تزويجها هو ابن العم فتضمنت الآية جواز تزويجه يتيمة التى في حجره - وقد قال البيهقى فيما بعد (باب ولاية ابن العم إذا كان وليا) ثم ذكر حديث عائشة في الآية المذكورة وسبب نزولها -

ص: 122

قال (باب لا نكاح الا ولى مرشد) ذكر فيه حديث ابن خثيم (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس لا نكاح الا باذن ولى مرشد) - قلت - مداره موقوفا ومرفوعا على عبد الله بن عثمان بن خثيم وقال فيه ابن معين احاديثه ليست بقوية وقال ابن الجوزى قال يحيى احاديثه ليست بشئ - قال (باب لا نكاح الا بشاهدين عدلين)

ص: 124

ذكر فيه عن الشافعي (انه قال هو ثابت عن ابن عباس وغيره من الصحابة) ثم اسنده البيهقى (عن الشافعي انا مسلم بن خالد وسعيد القداح عن ابن جريج عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن ابن جبير ومجاهد عن ابن عباس) - قلت - قد تقدم ان مداره على ابن خثيم وتقدم الكلام عليه ومسلم والقداح متكلم فيهما ايضا فكيف ثبت هذا عن ابن عباس بمثل هذا السند ثم ذكر البيهقى بسنده (عن عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سعيد بن المسيب ان عمر قال لا نكاح الا بولي وشاهدي عدل) ثم قال البيهقى (هذا اسناد صحيح وابن المسيب كان يقال له راوية عمر وكان ابن عمر يرسل إليه يسأله عن بعض شأن عمر وامره - قلت - عبد الوهاب هو الخفاف قال البخاري والنسائي والساجى ليس بالقوى وروى العقيلى بسنده عن احمد أنه قال ضعيف الحديث مضطرب وسعيد هو ابن أبى عروبة خلط سنة ثنتين واربعين ومائة واقام

مخلطا مقدار اربع عشرة سنة وقال البيهقى في باب المعسر يستسعى في نصيب صاحبه (الحفاظ يتوقون في اثبات ما ينفرد به ابن أبى عروبة) وقتادة مشهور بالتدليس وقد عنعن هنا وابن المسيب رأى عمر وهو صغير فلم يثبت له سماع منه كذا قال ابن معين وقال مالك ولد لنحو ثلاث سنين مضين من خلافة عمر وانكر سماعه منه ولذلك لم يخرج له في الصحيحين عن عمر شئ فكيف يقول البيهقى (هذا اسناد صحيح) وما الذى ينفعه كونه يقال له راوية عمر وكونه كان يسأل عن بعض شأنه إذا كان يروى عنه مرسلا ولم يثبت له سماع منه ثم ان الشافعية لم يشترطوا الرشد في الولى إذ الرشد بالعدالة وهى ليست بشرط في الولى على المذهب عندهم ولم يشترطوا ايضا العدالة في الشاهدين فان النكاح ينعقد عندهم بمستورين وايضا فالحديث يدل على صحة النكاح عند وجود ولى مرشد وشاهدي عدل إذا باشرت العقد بحضورهم ورضاهم وهم لم يقولوا بذلك -

ص: 126

قال (باب الابن يزوجها إذا كان عصبة لها بغير البنوة) ذكر فيه تزويج عمر امه سلمة للنبى صلى الله عليه وسلم ثم تزويج انس امه ام سليم لابي طلحة - قلت - عمر كان صغيرا في ذلك الوقت كما ذكر البيهقى في هذا الباب وذكر ابن سعد وغيره انه عليه السلام تزوجها سنة اربع وكان عمر حينئذ ابن ثلاث سنين والصغير لا ولاية له وذكر ابن الاثير وغيره ان عمر كان يوم توفى النبي صلى الله عليه وسلم ابن سبع سنين فعلى هذا يكون حين تزوجه عليه السلام بامه ابن سنة وتزوج ابى طلحة لام سليم كان قبل الهجرة وانس صغير في ذلك الوقت لانه كان عند الهجرة ابن عشر سنين فالولاية حينئذ للمرأة كما يقوله الكوفيون وقال بعضهم هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم ويدل عليه قول البيهقى في هذا الباب (وكان للنبى صلى الله عليه وسلم في باب النكاح ما لم يكن لغيره) وقال فيما مضى في ابواب الخصائص (باب ما ابيح له من النكاح بغير ولى وبغير شاهدين) فعلى هذا لا يذكر هذا الحديث في هذا الباب بل موضعه ابواب الخصائص - وفي اختلاف العلماء للطحاوي يحتمل ان تكون هي فعلت ذلك ابتداء وقبوله عليه السلام العقد من عمر امضاء منه فدل على ان عقود الصبيان بامر البالغين جائزة كما يقوله أبو حنيفة واصحابه وقد اعتبر الشافعي وغيره فعل الصبى في بعض الاحوال فخيروه بين ابويه وقد اجمع المسلمون على ان شخصا لو كان بيده صبى يعبر عن نفسه فادعى

ص: 131

انه عبده وادعى الصبى انه حر فالقول قول الصبى فقد جعل لقوله حكم، وقد اجاز مالك وصية الصبى الذى لم يبلغ، وروى انه

عليه السلام مر بعبد الله بن جعفر وهو يبيغ شيئا فقال بارك الله لك في صفقة يمينك - قال (باب اعتبار الكفاءة)(قال الشافعي) اصل الكفاءة مستنبط من حديث بريرة كان زوجها غير كفولها فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم - قلت - لا نسلم اولا انه كان غير كفو لانه كان حرا على ما سيأتي ان شاء الله تعالى في باب الامة تعتق ولو سلمنا انه كان عبدا لم يخيرها لهذا المعنى لانه كان كفوا لها وقت العقد فلا اعتبار لزوال الكفاءة بعد ذلك ثم قال البيهقى (وفي اعتبار الكفاءة احاديث لا تقوم باكثرها الحجة منها وهو امثلها)

ص: 132

فذكره بسنده حديث (يا على ثلاثة لا تؤخر) ثم حديث (تخيرو النطفكم) قلت - ذكرهما صاحب المستدرك وقال عن الاول غريب صحيح وعن الثاني صحيح الاسناد -

ص: 133

قال (باب لا يزوج من نفسه امرأة هو وليها) كما لا يشترى من نفسه شيئا هو ولى بيعه - قلت - اقتصر في هذا الباب على احاديث ضعيفة وهذا القياس تمنعه الحنفية فان للاب والجدان يشتريا مال ابنهما الصغير

ص: 142

لنفسهما أو يبيعا ما لهما له أو يبيعا مال ابن صغير لابن آخر صغير وقد دل الكتاب والسنة على جواز تزويجه موليته لنفسه قال الله تعالى (وترغبون ان تنكحوهن) الآية وقد ذكر البيهقى الآية وسبب نزولها عن عائشة في باب اليتيمة تكون في حجر وليها فلو لم يقم الولى بنكاحها وحده لما عوتب، وروى أبو داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر انه عليه السلام قال لرجل اترضى ان ازوجك فلانة قال نعم وقال للمرأة اترضين ان ازوجك فلانا قالت نعم فزوج احدهما صاحبه الحديث واخرجه ايضا ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين وذكره البيهقى فيما بعد في باب النكاح ينعقد بغير مهر فدل على ان الواحد يتولى طرفي القعد، وفى الصحيحين انه عليه السلام زوج صفية من نفسه، وفي صحيح البخاري وقال عبد الرحمن بن عوف لام حكيم بنت قارظ اتجعلين امرك إلى فقالت نعم فقال قد تزوجتك، وفيه ايضا خطب المغيرة بن شعبة امرأة هو اولى الناس بها فأمر رجلا فزوجه - وقال البيهقى في كتاب المعرفة فيه كالدلالة على ان الولى

لا يتولى طرفي العقد - قلنا - مذهبك ان من لا يتولى طرفي العقد لا يوكل بذلك ايضا فقد خالف هذا الاثر ايضا - قال (باب الكلام الذى ينعقد به النكاح)

ص: 143

ذكر في آخره حديث (واستحللتم فروجهن بكلمة الله) ثم قال (قال اصحابنا وهى كلمة النكاح والتزويج اللذين ورد بهما القرآن) - قلت - لا نسلم ان المراد بالكلمة ما ذكروه بل ذكر الهروي وغيره ان المراد؟ قوله تعالى فامساك بمعروف أو تسريح باحسان - وقال الحط؟ نى قيل فيها وجوه هذا احسبها وقيل المراد بها كلمة التوحيد وهى لا اله الا الله محمد رسول الله إذ لولا اسلام الزوج لما حلت له وقال القرطبى واشبه من هذه الاقوال انها عبارة عن حكم الله تعالى بجواز النكاح - ثم لو سلمنا ان المراد بالكلمة ما ذكروه فذاك لا ينفى الحل بغيرها وقد دل قوله تعالى ان وهبت نفسها للنبى - على جواز النكاح بلفظ الهبة على ما قدمنا في ابواب الخصائص ان الخصوصية للنبى صلى الله عليه وسلم في الانعقاد بغير صداق لا في لفظ الهبة ودل ما في الصحيحين من قوله عليه السلام ملكتكها - على جوازه بلفظ التمليك ايضا - وفي اختلاف العلماء للطحاوي يحتمل خصوصيته عليه السلام كونه يتزوج بلفظ الهبة أو بلفظ الهبة بلا صداق وقد اجمعوا على الثاني فلا يكون التزويج بلفظ الهبة خاصا به بل يشترك هو وامته فيه إذ الاصل عدم التخصيص وقول الشافعي لا ينعقد الا بما يسمى الله تعالى ينتقض بالطلاق فانه تعالى ذكره بثلاثة الفاظ الطلاق والفراق والسراح وقد اجمع اهل العلم انه لا يختص بها بل يشاركها ما هو في معناها كالخلع والبائن والبتة والحرام وهبة المرأة لنفسها ان اراد الطلاق -

ص: 145

قال (باب الرجل يطلق اربع نسوة له) بائنا حل له ان ينكح مكانهن ثم ذكر (ان الشافعي احتج على انقطاع الزوجية بانقطاع احكامها من الايلاء والظهار واللعان وغير ذلك وهو قول القاسم وسالم) - قلت - قد اختلف عنهما كذا ذكر صاحب الاستذكار وقد بقى من احكام الزوجية الحبس والمنع من التزويج ولحوق النسب والكسوة والنفقة ان كانت حاملا - ثم ذكر البيهقى (عن ابن المسيب في رجل تحته اربع نسوة فطلق واحدة

ص: 150

منهن قال ان شاء تزوج الخامسة في العدة وكذلك قال في الاختين) - قلت - قد جاء عن ابن المسيب بسند صحيح على

شرط الجماعة خلاف هذا قال ابن ابى شيبة ثنا ابن عيينة عن عبد الكريم هو الجزرى عن سعيد بن المسيب قال لا يتزوج حتى تنقضي عدة التى طلق - ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج والثوري عن الجزرى عن ابن المسيب وعن معمر عن عن الجزرى عن ابن المسيب انه كرهها قال ويقولون في الاختين مثل ذلك وقال ابن حزم صح ذلك عن ابن عباس وابن المسيب والشعبى والنخعي وغيرهم ثم قال البيهقى (ورويناه يعنى الجواز عن الحسن وعطاء بن ابى رباح) - قلت قد ثبت عنهما خلاف ذلك قال ابن ابى شيبة ثنا عبد الاعلى هو ابن عبد الاعلى عن يونس هو ابن عبيد عن الحسن انه كان يكره ان يتزوج حتى تنقضي عدة التى طلق - وبه ايضا عن الحسن كان يكره إذا كانت له امرأة فطلقها ثلاثا ان يتزوج اختها حتى تنقضي عدة التى طلق، وهذا السند على شرط الجماعة - وله ايضا بسند صحيح عن عطاء سئل عن رجل كان له اربع نسوة وطلق احدا هن ثلاثا أيتزوج خامسة قال حتى تنقضي عدة التى طلق، وروى مثل هذا عن جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وروى ابن ابى شيبة بسند لا بأس به عن على قال لا يتزوج خامسة حتى تنقضي عدة التى طلق - وله ايضا بسند صحيح عنه سئل عن رجل طلق امرأة فلم تنقض عدتها حتى تزوج اختها ففرق على رضى الله عنه بينهما وجعل لها الصداق بما استحل من فرجها وقال تكمل الاخرى عدتها وهو خاطب - وله ايضا ان عتبة بن ابى سفيان كانت عنده اربع نسوة فطلق احدا هن ثم تزوج خامسة قبل ان تنقضي عدة التى طلق فسأل مروان ابن عباس فقال لا حتى تنقضي عدة التى طلق - وله ايضا بسند صحيح عن عمرو بن شعيب قال طلق رجل امرأته ثم تزوج اختها فقال ابن عباس لمروان فرق بينه وبينها حتى تنقضي عدة التى طلق - وفي مصنف عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب اتى مروان وهو امير في رحل كان عنده اربع نسوة فطلق واحدة فبتها ثم نكح الخامسة في عدتها فناداه ابن عباس وهو جالس في طائفة الدار لا، فرق بينهما حتى تنقضي عدة التى طلق - وفيه عن معمر عن ايوب عن أبى قلابة قال كان للوليد بن عقبة اربع نسوة فطلق امرأة منهن ثلاثا ثم تزوج قبل انقضاء عدتها ففرق مروان بينهما - وفيه عن الثوري عن أبى الزناد عن سليمان بن يسار لا اعلمه الا عن زيد بن ثابت قال إذا طلق الرابعة فلا يتزوج حتى تنقضي عدة التى طلق - وقال ابن أبى شيبة في باب من كره ان يتزوج خامسة حتى تنقضي عدة التى طلق - ثنا ابن علية عن سفيان عن أبى الزناد عن سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت ان مروان سأله عنها فكرهها - وله بسند صحيح عن عبيدة لا يحل له ان يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة التى طلق - وله باسانيد صحيحة عن مجاهد وابن أبى نجيح والنخعي وأبى صادق مثل ذلك - وله ايضا عن الشعبى سئل عن رجل نكح امرأة ثم طلقها ثم تزوج اختها في عدتها قال يفرق بينهما - وفي الاستذكار عند الثوري وأبى حنيفة واصحابه لا يتزوج في العدة أي عدة الرابعة وروى ذلك عن على وزيد بن

ثابت وعبيدة وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وابراهيم -

ص: 151

قال (باب تسرى العبد) ذكر فيه (ان عبدا لابن عباس طلق وليدة له فقال له ابن عباس ارجع فابى فقال هي لك طأها بملك يمينك ثم حكى (عن الشافعي قال امره ان يمسكها فابى فقال هي لك فاستحلها بملك اليمين يريد أنها حلال بالنكاح ولا طلاق لك) - قلت - هذا مخالف لظاهر قوله طأها بملك يمينك بل هو اباحة له ان يطأها بالتسرى وهو مشهور عن ابن عباس واليه ذهب ابن عمر قال ابن حزم ولا يعرف لهما من الصحابة مخالف - ثم ذكر البيهقى (عن الشافعي قال انما احل الله التسرى للمالكين ولا يكون العبد مالكا) قلت - ذكر ابن حزم ان الشافعية قالوا لا يملك العبد ثم تناقضوا فاوجبوا عليه النفقة والكسوة فلولا انه يملك لما لزماه -

ص: 152

قال (باب قوله تعالى وامهات نسائكم)

ص: 159

ذكر فيه (ان المثنى بن الصباح غير قوى) - قلت - كذا قال هنا وقال في باب النهى عن ثمن الكلب (ضعيف) وضعفه ايضا الدارقطني وقال ابن معين ضعيف ليس بشئ وقال احمد والرازي لا يساوى شيئا مضطرب الحديث وقال النسائي وعلى بن الجنيد متروك -

ص: 160

قال (باب الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها)

ص: 165

ذكر فيه (عن الشافعي قال لم يرو من وجه يثبته اهل الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الا عن أبى هريرة) ثم ذكر البيهقى (انه روى عن جماعة من الصحابة) ثم قال (الا انها ليست من شرط الشيخين وقد اخرج البخاري رواية عاصم الاحول عن الشعبى عن جابر بن عبد الله الا انهم يرون انها خطأ وان الصواب رواية داود بن أبى هند وابن عون عن الشعبى عن أبى هريرة) - قلت - قد اثبته اهل الحديث من رواية اثنين غير أبى هريرة فاخرجه ابن حبان في صحيحة من حديث ابن عباس واخرجه الترمذي ايضا وقال حسن صحيح واخرجه البخاري من حديث جابر كما ذكره البيهقى فيحمل

على ان الشعبى سمعه منهما اعني ابا هريرة وجابرا وهذا اولى من تخطية احد الطريقين إذ لو كان كذلك لم يخرجه البخاري في صحيحه على ان داود بن أبى هند اختلف عنه فيه فروى عنه عن الشعبى كما ذكر البيهقى واخرجه مسلم من حديثه عن ابن سيرين عن أبى هريرة ولا يلزم من كون الشيخين لم يخرجاه ان لا يكون صحيحا كما عرف -

ص: 166

قال (باب الزنا لا يحرم الحلال) ذكر فيه (عن ابن عباس في رجل زنى بام امرأته وبنتها قال حرمتان تخطاهما ولا يحرمها ذلك عليه) قال (وهو قول ابن

ص: 168

المسيب وعروة) - قلت - قد روى عنهم خلاف هذا قال ابن حزم روينا عن ابن عباس انه فرق بين رجل وامرأته بعد ان ولدت له سبعة رجال كلهم صار رجلا يحمل السلاح لانه كان اصاب من امها ما لا يحل، وعن سعيد بن المسيب وابى سلمة ابن عبد الرحمن وعروة بن الزبير فيمن زنى بامرأة لا يصح له ان يتزوج ابنتها ابدا، ولابن ابى شيبة بسند صحيح عن ابن المسيب والحسن قال إذا زنى الرجل بالمرأة فليس له ان يتزوج ابنتها ولا امها، وروى ذلك عن غير هؤلاء ايضا روى عبد الرزاق في مصنفه عن عثمان بن سعيد عن قتادة عن عمران بن حصين في الذى يزنى بام امرأته قال حرمتا عليه جميعا، وعن ابن جريج سمعت عطاء يقول ان زنى رجل بام امرأته أو بنتها حرمتا عليه جميعا، وعن ابن جريج اخبرني ابن طاوس عن ابيه في الرجل يزنى بالمرأة لا ينكح امها ولا ابنتها، وفي مصنف ابن أبى شيبة عن قتادة وأبى ها؟ شم في الرجل يقبل ام امرأته أو ابنتها قالا حرمت عليه امرأته، وقال ابن حزم روينا عن مجاهد ولا يصلح لرجل فجر بامرأة ان يتزوج امها، ومن طريق شعبة عن الحكم بن عتيبة قال قال النخعي إذا كان الحلال يحرم الحلال فالحرام اشد تحريما، وعن الشعبى ما كان في الحلال حراما فهو في الحرام اشد، وعن ابن مغفل هي لا تحل له في الحلال فكيف تحل له في الحرام، وعن مجاهد إذا قبلها أو لامسها أو نظر إلى فرجها من شهوة حرمت عليه امها وابنتها، وعن النخعي في رجل فجر بامرأة فاراد أن يشترى امها أو يتزوجها فكره ذلك، وعن عكرمة سئل عن رجل فجر بامرأة أيصلح له ان يتزوج جارية ارضعتها هي بعد ذلك قال لا - قال ابن حزم وهو

ص: 169

قول الثوري، وفي المعالم للخطابي هو مذهب اصحاب الرأى والاوزاعي واحمد وفي قوله عليه السلام واحتجبي منه يا سودة حجة لهم لانه لما رأى الشبه بعتبة علم انه من مائه فاجراه في التحريم مجرى النسب وامرها بالاحتجاب منه، وفي احكام القرآن

للرازي هو قول سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار وحماد وابى حنيفة واصحابه وحديث لا يحرم الحرام الحلال - على تقدير ثبوته لا يصح تعميمه إذ وطئ المجوسية والامة المشتركة والحائض حرام ويوجب التحريم - فان قيل - الوطئ في هذه المسائل يثبت به النسب والزنا لا - قلنا اعتبار النسب ساقط إذ وطئ الصغيرة يثبت التحريم ولا يثبت به النسب والعقد يثبت النسب لا التحريم -

ص: 170

قال (باب ما جاء في نكاح اماء المسلمين)

ص: 173

ذكر فيه (عن مجاهد - ومن لم يستطع منكم طولا - يقول من لم يجد عنى - ينكح المحصنات - يعنى الحرائر فلينكح الامة المؤمنة) قلت - كلامه ساكت عن حكم من وجد الطول هل يجوز له نكاح الامة المؤمنة وقد جاء عنه جواز ذلك وكذا عن على قبله - قال ابن حزم روينا عن عبد الرزاق قال سألت سفيان عن نكاح الامة قال لم ير على به بأسا، وذكر عبد الرزاق ايضا عن الثوري عن ليث عن مجاهد قال مما وسع الله به على هذه الامة نكاح الامة والنصرانية وان كان موسرا وبه يأخذ سفيان وذكر ايضا عن ابن سمعان انه سمع مجاهدا في قوله تعالى - ذلك تخفيف من ربكم - يقول في نكاح الا ماء يقول لا بأس به وقوله تعالى - ومن لم يستطع منكم طولا - ساكت عن ذلك ايضا وعموم قوله تعالى - والمحصنات من المؤمنات - يقتضى الجواز وكذا قوله تعالى - وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم - ونحو ذلك من الآيات فتعين الرجوع إليها، ولو نكح حرة على امة فقد وجد طول الحرة فوجب بطلان نكاح الامة والحكم عندهم انه يبقى نكاحها على ما ذكره البيهقى فيما بعد قريبا ويقسم لها يوما وللحرة يومين، وايضا مفهوم الآية ان من لم يقدر على نكاح الحرة المؤمنة ينكح الامة لا الحرة الكتابية وليس الامر كذلك بل له ان ينكح الحرة الكتابية، وقال الشافعي لا يجوز نكاح الحر الواجد صداق حرة مؤمنة أو كتابية لامة ذكره ابن حزم ومفهوم الآية انه لو قدر على تزوج حرة كتابية جاز له نكاح الامة، وايضا المحصنات جمع فمفهوم الآية انه لو قدر على نكاح حرة واحدة جاز له تزوج الامة وهو خلاف قولهم، وهذا الشرط نظير الشرط المذكور في قوله تعالى - فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم ان لا تعدلوا فواحدة - واتفق الجميع على انه يتزوج اربعا وان خاف ان لا يعدل فكذا هذا -

ص: 174

قال (باب لا ينكح امة على امة) ثم ذكر (عن ابن عباس قال لا ينكح الحر من الاماء الا واحدة) - قلت - سنده ضعيف والكتاب يقتضى جواز ذلك لان الامة المنكوحة زوجة يجرى عليها احكام الزوجات فوجب جواز اربع منهن عملا بقوله تعالى - فانكحوا ما طاب لكم من النساء - الآية وبقوله تعالى - فمن ما ملكت ايمانكم من فتياتكم المؤمنات - ولابن ابى شيبة عن الحارث قال يتزوج الحر من الاماء اربعا، وله ايضا بسند صحيح عن الزهري قال يتزوج الحر اربع اماء واربع نصرانيات والعبد كذلك - قال (باب لا ينكح امة على حرة وينكح حرة على امة) ذكر فيه (عن الحسن نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تنكح الامة على الحرة) - ثم قال مرسل الا انه في معنى الكتاب قلت - يريد قوله تعالى - فمن لم يستطع منكم طولا - الا ان عكسه ايضا في معنى هذه الآية فان من نكح حرة على امة فقد وجد طول الحرة كما تقدم فوجب ان يكون ايضا ممنوعا ولهذا قال المزني إذا نكح الحرة على الامة ينفسخ نكاح الامة

ص: 175

وقد ذكر بعد هذا الباب (باب من زعم ان نكاح الحرة على الامة طلاق الامة) ثم ذكر ذلك عن ابن عباس ثم ذكر عن مسروق (قال هي بمنزلة الميتة فإذا اغناك الله عنها فاستغنه) ثم قال البيهقى (نحن انما نقول بما روينا في ذلك عن على وجابر) - قلت - يريد ما ذكره عنهما في الباب السابق من جواز نكاح الحرة على الامة الا ان كلام ابن عباس ومسروق موافق لمعنى الكتاب كما تقدم فوجب القول به وترك ما روى عن على وجابر - قال (باب العبد ينكح الامة على الحرة) ذكره عن مسروق ثم عن ابن مسعود - قلت - سند الثاني ضعيف ولهذا قال ابن حزم لم يصح ذلك عن ابن مسعود فوجب القول بامتناع ذلك عملا بعموم الحديث المذكور فيما مضى في باب لا ينكح امة على حرة لتأيده بمعنى الكتاب وقول جماعة من الصحابة وغيرهم كما ذكره البيهقى هناك ولان الحر اوسع في النكاح من العبد فإذا لم يجز ذلك للحر فالعبد اولى -

ص: 176

قال (باب لا يحل نكاح امة كتابية لمسلم)(قال الشافعي لانها داخلة فيمن حرم من المشركات وغير منصوصة بالاحلال) - قلت - هي مباحة داخلة في عموم قوله تعالى - والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب - إذ الاحصان العفة قال تعالى - ومريم ابنة عمران التى احصنت فرجها - وقوله

تعالى - من فتياتكم المؤمنات - اباحة للفتيات المؤمنات وسكوت عن الفتيات الكتابيات فهو نظير ما ذكرنا في قوله تعالى - فمن لم يستطع منكم طولا - الآية وعموم قوله تعالى - والمحصنات - يدل على الجواز كما تقدم فوجب القول به، وقد روى ابن أبى شيبة بسند صحيح عن أبى ميسرة هو الهمداني قال اماء اهل الكتاب بمنزلة حرائرهم، وكان ان المؤمنات في قوله تعالى - ومن لم يستطع منكم طولا ان ينكح المحصنات المؤمنات - لا مفهوم له عند الشافعية بحيث ان استطاعة طول الحرة ولو كانت كتابية مانعة من نكاح الامة كما تقدم فكذا المؤمنات في قوله تعالى - من فتياتكم المؤمنات -

ص: 177

قال (باب من يسلم وعنده اكثر من اربع نسوة) ذكر فيه حديث اسلام غيلان من رواية جماعة عن معمر الزهري عن سالم عن ابيه متصلا ثم اخرجه من طريق عبد الرزاق

ص: 181

عن معمر عن الزهري مرسلا (ان غيلان اسلم) الحديث - قلت - اخرجه الترمذي ثم قال سمعت محمد بن اسمعيل يقول هذا حديث غير محفوظ والصحيح ما رواه شعيب بن ابى حمزة وغيره عن الزهري حدثت عن محمد بن سويد الثقفى ان غيلان - الحديث فعاد إلى رواية مجهول وهذه علة قوية قال محمد يعنى البخاري وانما حديث الزهري عن سالم عن ابيه ان رجلا من ثقيف طلق نساءه فقال له عمر لتراجعن نساءك أو لارجمن قبرك كما رجم قبر ابى رغال - وذكر صاحب التمهيد الحديث من طريق معمر متصلا ثم قال يقولون انه من خطأ معمر ومما حدث به بالعراق من حفظه وصحيح حديثه ما حدث باليمين من كتبه

ص: 182

ثم ذكر البيهقى حديثا عن الحارث بن قيس ثم ذكره من وجه آخر وفيه قيس بن الحارث ثم ذكره (عن قيس بن عبد الله بن الحارث قال اسلم جدى) ثم قال (وهذا يؤكد رواية الجمهور عن هشيم حيث قالوا الحارث بن قيس) فلت - ظاهر

ص: 183

هذا الكلام ترجيح انه الحارث بن قيس والصواب انه قيس بن الحارث كما حكاه أبو داود عن احمد بن ابراهيم وقد ذكره عنه البيهقى في هذا الباب وكذا قال صاحب التمهيد وصاحب الكمال وذكره في حرف القاف في ترجمة قيس وكذا فعل ابن ابى خيثمة في تاريخه والمزى في اطرافه ثم مع الاضطراب فيه اضطرب في حميضة فقيل ابن الشمر دل وفي سنن ابن ماجه بنت الشمر دل وفي الضعفاء للذهبي حميضة لا يصح حديثه وقال البخاري فيه نظر ثم ذكر البيهقى (عن يزيد

بن ابى حبيب عن ابى وهب الجيشانى عن الضحاك بن فيروز عن ابيه اسلمت وتحتي اختان) الحديث ثم ذكره من حديث

ص: 184

اسحق بن عبد الله بن أبى فروة عن ابى وهب عن ابى خراش عن الديلمى أو ابن الديلمى - ثم قال (زاد اسحق بن ابى فروة ابا حراش واسحق لا يحتج به ورواية يزيد بن ابى حبيب اصح) - قلت - الكلام عليه من وجوه - احدها - الحديث غير مناسب للباب - الثاني - ان اسحق كما زاد ابا خراش نقص من السند واحدا إذ في رواية يزيد الضحاك عن ابيه واسحق ذكر احدهما خاصة حيث قال عن الديلمى أو عن ابن الديلمى - الثالث - انه لين امره فقال (لا يحتج به) ولا يلزم من ذلك التضعيف وذاك لوقوعه في سند ينفعه فلما وقع في سند يحتج به خصومه شدد الكلام فيه فقال في باب لا يسجد المستمع إذا لم يسجد القارى (ضعيف) وقال في باب من فرق بين وجوده قبل القسم وبعده (متروك لا يحتج به) - الرابع - ان قوله (رواية يزيد اصح) كانه يريد به انها امثل من رواية ابن ابى فروة الا ان ظاهر كلامه يقتضى صحة الروايتين وليس شئ منهما صحيحا بل في اسناد هذا الحديث نظر كذا قال البخاري بل احاديث هذا الباب كلها معلولة وليست اسانيدها قوية كذا قال أبو عمر في التمهيد وعلى تقدير ثبوتها تحمل على ان ذلك كان قبل تحريم الجمع بين الخمس وبين الاختين فعلى هذا يكون البقد حين وقع صحيحا ثم طرأ التحريم بعد فيكون له الخيار كما يقول في رجل طلق احدى امرأتيه بغير عينها لا يفسد عقدهما وله الخيار في تعيين الطلاق في احداهما إذ لا عموم في لفظه عليه السلام فيحمل على ما ذكرناه - فان قيل - تركه عليه السلام الاستفصال يدل على شمول الحكم للحالين - قلنا - يجوز أن يترك عليه السلام لعلمه بحال وقوع العقد وقوله عليه السلام في الاختين طلق ايهما شئت - يدل على ان العقد كان وقع في حال الاباحة فان قيل لو تزوج الحربى اربعا ثم سبى الجميع فسد نكاحهن وان عقد حال الاباحة - قلنا - عقد في حالة يحرم فيها على العبد الا ربعة وهنا الاباحة مطلقة ثم طرأ التحريم ومذهب ابى حنيفة وابى يوسف انه ان تزوج الخمس في عقدة بطل الكل وان تزوجهن في عقد (1) بطل نكاح الخامسة لقوله عليه السلام في حديث بريدة فان اجابوك فأعلمهم ان لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين - والمسلم لو تزوج اختين معا فارقهما ولو تزوجهما متعاقبا فارق الثانية خاصة فكذا من اسلم ولان تحريم جمعهما يستوى فيه الابتداء والبقاء إذ يحرم تزوجهما ولو تزوج صغيرتين فأرضعتهما امرأة حرمتا وإذا استوى فيه الابتداء والبقاء لا يخير بعد الاسلام لذوات المحارم -

(1) كذا

ص: 185

قال (باب من قال لا ينفسخ النكاح بينهما باسلام احدهما حتى تنقضي العدة ذكر فيه (عن الشافعي انا جماعة عن عدد أن ابا سفيان اسلم وامرأته هند كافرة ثم اسلمت وثبتا على النكاح واسلمت امرأة عكرمة بن أبى جهل وامرأة صفوان بن امية ثم اسلما كل ذلك ونساؤهم مدخول بهن لم تنقض عددهن) - قلت - اسلم أبو سفيان بمر الظهران وهى من توابع مكة ومكة لم تكن في ذلك الوقت فتحت فلم تصرمر الظهران دار اسلام بعد فلم يختلف بها الدار وإذا نزل العسكر بموضع لم تصر دار اسلام حتى يجرى فيه احكام المسلمين ويكون بحيث لو ارادوا أن يقيموا فيه ويستوطنوا امكنهم ولم تكن مر الظهران بهذه الصفة واما امرأة عكرمة فخرجت عقيب خروجه فادركته ببعض الطريق ولم يتيقن بان ذلك الموضع معدود من دار الكفر ولو كان من دار الكفر فلم يصل إلى هناك حتى فارقت امرأته مكة واما صفوان فان عمير بن وهب ادركه وهو يريد أن يركب البحر فرجع به وذكر القدورى في التجريد عن الواقدي انه ادركه بمرفأ السفن لاهل مكة ومنه ركب المسلمون في الهجرة إلى الحبشة ومنه اخذت قريش السفينة التى سقفت بها الكعبة وهذا الموضع من توابع مكة وفي حكمها فلم يختلف به وبزوجه الدار

ص: 186

ثم ذكر البيهقى حديث البخاري (عن ابن جريج قال عطاء قال ابن عباس كان المشركون على منزلنين) - قلت - في اطراف أبى مسعود الدمشقي حديث كان المشركون على منزلتين الحديث وكان إذا هاجرت امرأة من اهل الحرب لم تخطب حتى تحيض إلى آخره ثم قال أبو مسعود ثبت هذا الحديث والذى قبله في تفسير ابن عطاء الخراساني عن ابن عباس والبخاري ظنه ابن أبى رباح وابن جريج لم يسمع التفسير من عطاء الخراساني انما اخذ الكتاب من ابنه عثمان ونظر فيه، وذكر المزى في اطرافه عن ابن المديسى قصة تدل على انه الخراساني ثم قال قال على بن المدينى وانما كتبت هذه لقصة لان محمد بن ثور كان يجعلها عطاء عن ابن عباس فظن الذين حملوها عنه انه عطاء بن أبى رباح انتهى كلامه والخراساني قال البيهقى في باب المحرم ينظر في المرآة (ليس بالقوى) وقال في باب المفسد بحجة لا يجد بدنة (لم يدرك ابن عباس) وقال في باب فدية النعام (لم يثبت له سماع من ابن عباس وتكلم فيه اهل العلم بالحديث) ثم لو سلمنا ان هذا هو ابن

أبى رباح كما ظنه البخاري فلم يصرح ابن جريج بسماعه منه بل قال قال عطاء كما اورده البخاري وقد قال يحيى بن سعيد إذا قال ابن جريج حدثنى فهو سماع وإذا قال قال فهو شبه الريح وقال الاثرم قال لى أبو عبد الله إذا قال ابن جريج قال فلان جاء بمناكير - ثم ذكر البيهقى حديث ابن اسحاق (عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رد صلى الله عليه وسلم ابنته على أبى العاص بالنكاح الاول بعد سنتين) ثم ذكره من وجه آخر ولفظه (بعد ست سنين) ثم ذكر حديث عمرو بن شعيب

ص: 187

(عن ابيه عن جده ردها عليه السلام بمهر جديد ونكاح جديد) ثم ذكر (عن الترمذي قال البخاري حديث ابن عباس اصح من حديث عمرو) - قلت - في حديث ابن عباس اشياء منها ان ابن اسحاق فيه كلام وقد قال عبد الحق في الاحكام لم يروه معه فيما علم الا من هو دونه وداود بن الحصين لين كذا قال أبو زرعة وقال ابن عيينة كنا نتقى حديثه وقال ابن المدينى ما رواه عن عكرمة فمنكر (وقال أبو داود احاديثه عن عكرمة مناكير ذكر ذلك الذهبي في الميزان ثم اخرج هذا الحديث ثم قال اخرجه الترمذي وقال لا يعرف وجهه لعله جاء من قبل حفظ داؤد وحكى في الاطراف عن الترمذي قال قال يزيد يعنى ابن هارون حديث ابن عباس اجود اسنادا والعمل على حديث عمرو بن شعيب - وفى المعالم للخطابي حديث ابن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس نسخة قد ضعف امرها على بن المدينى وغيره من علماء الحديث ثم ذكر حديث عمرو بن شعيب ثم قال فقد عارضت هذه الرواية رواية ابن الحصين وفيها زيادة ليست في رواية ابن الحصين والمثبت اولى من النافي ثم قال ومعلوم ان زينب لم تزل مسلمة وكان أبو العاص كافرا ووجه ذلك انه عليه السلام انما زوجها منه قبل نزول قوله تعالى - ولا تنكحوا المشكرين حتى يؤمنوا - ثم اسلم أبو العاص فردها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعا في الاسلام والنكاح معا - وقال ابن حزم اسلمت زينب اول؟ بعث صلى الله عليه وسلم بلا خلاف ثم هاجرت وبين اسلامها واسلام زوجها ازيد من ثمان عشرة سنة وولدت في خلال ذلك ابنها عليا فاين العدة - وذكر صاحب التمهيد حديث ابن عباس ثم قال ان صح فهو متروك منسوخ عند الجميع لانهم لا يجيزون رجوعه إليها بعد العدة واسلام زينب كان قبل ان ينزل كثير من الفرائض وعن قتادة كان قبل ان تنزل سورة براءة بقطع العهود بينهم وبين المشركين وقال الزهري كان هذا قبل ان تنزل الفرائض وروى عنه سفيان بن حسين ان ابا العاص اسر يوم بدر فاتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عليه امرأته ففى هذا انه ردها عليه وهو كافر فمن ههنا قال ابن شهاب كان هذا قبل ان تنزل الفرائض وقال آخرون قصة أبى العاص

ص: 188

منسوخة بقوله تعالى فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار - ويدل على انها منسوخة اجماع العلماء على ان ابا العاص كان كافرا وان المسلمة لا يحل ان تكون زوجة لكافر قال الله تعالى - ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا - فلا يخلوا ذردها عليه ان يكون كافرا أو مسلما فان كان كافرا فهذا ما لا شك فيه انه كان قبل نزول الفرائض والاحكام إذ القرآن والسنة والاجماع على تحريم فروج المسلمات على الكفار وان كان مسلما فلا يخلو أن تكون حاملا فتمادى حملها ولم تضعه حتى اسلم فردها عليه السلام إليه في عدتها وهذا لم ينقل في خبر أو تكون خرجت من العدة فيكون ايضا منسوخا بالاجماع انه لا سبيل له عليها بعد العدة الا ما ذكر عن النخعي وبعض اهل الظاهر وكيف ما كان فخبر ابن عباس متروك لا يعمل به عند الجميع وحديث عبد الله بن عمرو في ردها بنكاح جديد يعضده الاصول - وذكر في الاستذكار ردها بنكاح جديد ثم قال وكذا قال الشعبى مع علمه بالمغازي انه لم يردها إليه الا بنكاح جديد قال ولا خلاف بين العلماء في الكافرة تسلم فيابى زوجها الاسلام حتى تنقضي عدتها انه لا سبيل له عليها الا بنكاح جديد وتبين بهذا كله ان قول ابن عباس ردها عليه السلام إليه على النكاح الاول ان صح اراد به على مثل الصداق الاول وحديث عمرو بن شعيب عندنا صحيح وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال إذا اسلمت النصرانية قبل زوجها بساعة حرمت عليه - وهذا يقتضى ان الفرقة تقع بينهما باسلامها فكيف يخالف ابن عباس ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة زينب وذهب أبو حنيفة واصحابه إلى العمل بحديث عمرو بن شعيب وان احد الحربيين إذا اسلم وخرج الينا وبقى الآخر بدار الحرب وقعت الفرقة باختلاف الدارين لقوله تعالى فلا ترجعوهن إلى الكفار - فلو كانت الزوجية باقية كما يقوله الشافعي كان هو احق بها وقال تعالى لاهن حل لهم - الآية وقال تعالى وآتوهم ما انفقوا - فامر برد المهر على الزوج فلو كانت الزوجية (1) لما استحق البضع وبدله وقال تعالى - ولا جناح عليكم ان تنكحوهن - ولو كان النكاح الاول باقيا لما جاز لها ان تتزوج وقال تعالى - ولا تمسكوا بعصهم الكوافر - فنهانا الله ان نمنع من نكاحها لاجل زوجها الحربى وفواعل قد تطلق على الرجال قال ابن عطية في تفسيره رأيت لابي على الفارسى انه قال سمعت الفقيه ابا الحسن الكرخي يقول في تفسير قوله تعالى - ولا تمسكوا بعصم الكوافر - انه في الرجال والنساء فقلت له النحويون لا يرون هذا الا في النساء لان كوافر جمع كافرة فقال وايش يمنع هذا اليس الناس يقولون طائفة كافرة وفرقة كافرة فبهت وقلت هذا تأييد انتهى ما ذكره ابن عطية وقال تعالى - والمحصنات من النساء الا ما ملكت؟؟؟ قال أبو سعيد الخدرى نزلت في سبايا أو طاس وقال عليه السلام فيهن لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة واتفق الفقهاء على جواز وطئ المسبية بعد الاستبراء ولو كان لها ثمة زوج لم يسب معها ولان الفرقة اما ان تتعلق باسلامها أو بحدوث

الملك أو باختلاف الدار واتفقوا على انها لا تتعلق باسلامها وثبت ايضا انها لا تتعلق بحدوث الملك فانه لو باع امته المزوجة فلا فرقة وكذا لو مات عنها وانتقلت للوارث فتعين انها تتعلق باختلاف الدار ومعنى الاختلاف ان يكون احدهما من اهل دارنا اما بالاسلام أو ذمة والآخر حربيا من اهل دارهم حتى لو دخل مسلم دارهم بامان أو دخل حربى دارنا أو اسلما ثمة ثم خرج احدهما الينا فلا فرقة -

(1) كذا

ص: 189

قال (باب اتيان الحائض)

ص: 190

ذكر في آخره (ان الشافعي قال فخالفنا بعض الناس فقال قد روينا ان يخلف موضع الدم ثم ينال ما شاء وذكر حديثا لا يثبته اهل العلم بالحديث) - قلت - الحديث صحيح احرجه مسلم عن انس انه عليه السلام قال اصنعوا كل شئ غير النكاح - وقد ذكره البيهقى فيما تقدم في كتاب الحيض وبه اخذ الاوزاعي والثوري ومحمد بن الحسن واحمد بن حنبل وغيرهم وقال النووي هو اقوى دليلا واقتصاره عليه السلام على ما فوق الازار محمول على الاستحباب -

ص: 191

قال (باب الجنب يتوضأ كلما اراد اتيان واحدة أو العود)(قال الشافعي قد روى فيه حديث وان كان مما لا يثبت مثله) - قلت - هذا ايضا من نمط ما تقدم الحديث فيه صحيح اخرجه مسلم وقد ذكره البيهقى واعتذر عن الشافعي - قال (باب الجنب يريد أن ينام)

ص: 192

ذكر فيه قوله عليه السلام لعمر (توضأ واغسل ذكرك ثم نم) وحديث عائشة (كان عليه السلام إذا كان جنبا فاراد أن ينام أو يأكل توضأ) - قلت - اقتصار البيهقى هنا على هذا الباب وهذين الحديثين يوهم وجوب الوضوء على الجنب إذا اراد النوم أو الاكل وهو مذهب داود الظاهرى وليس ذلك مذهب الشافعية بل مذهبهم استحباب الوضوء وقد قال البيهقى في ابواب الطهارة (باب الجنب يريد النوم فيغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلوة ثم ينام) ثم ذكر الحديثين

ثم لم يقتصر على ذلك بل قال بعد ذلك (باب ذكر الخبر الذى روى في الجنب ينام ولا يمس ماءا) ثم ذكر حديث أبى اسحق (عن الاسود عن عائشة كان عليه السلام ينام وهو جنب ولا يمس ماءا) ثم صححه ثم حكى عن أبى العباس بن سريج الجمع بينه وبين الحديثين وقد تكلمنا مع البيهقى هناك وذكرنا وجها آخر في الجمع -

ص: 193

قال (باب اتيان النساء في ادبارهن)

ص: 194

ذكر فيه حديثا (عن عبيد الله بن عبد الله عن عبد الملك بن عمرو عن هرمى بن عبد الله عن خزيمة) ثم اخرجه (عن يزيد بن الهاد عن عبيد الله عن هرمى عن خزيمة) ثم قال (قصر ابن الهاد فلم يذكر عبد الملك) - قلت - اخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبى يعلى ثنا أبو خيثمة ثنا يعقوب بن ابراهيم سمعت أبى عن ابن الهاد ان عبيد الله حدثه ان هرمى بن عبد الله حدثه واخرجه احمد في مسنده عن يعقوب عن ابيه كذلك فصرح عبيد الله في هذين الطريقين الصحيحين ان هرميا حدثه فيحمل على انه سمعه من هرمى مرة بلا واسطة ومرة بواسطة عبد الملك - وقد اخرجه الطحاوي من حديث الليث بن سعد عن عبيد الله عن هرمى فتابع الليث يزيد بن الهاد على اسقاط عبد الملك - ثم اخرجه البيهقى من طريق ابن عيينة (عن ابن الهاد عن عمارة بن خزيمة عن ابيه) ثم قال (مدار الحديث على هرمى وليس لعمارة فيه اصل الامن حديث ابن عيينة) - قلت - كيف يقول (مداره على هرمى) وقد رواه عن خزيمة غيره اخرجه البيهقى فيما تقدم عن عمرو بن احيحة عن خزيمة واخرجه احمد في مسنده فقال ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن عبد الله بن شداد عن خزيمة ثم اخرجه البيهقى من حديث حجاج عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن هرمى عن خزيمة - ثم قال (غلط حجاج فقلب اسمه اسم ابيه) - قلت - اخرجه الطحاوي كذلك من حديث عبد الله بن على ابن السائب عن عبيد الله بن الحصين عن عبد الله بن هرمى فذكره وفي التجريد للقدورى قال الشافعي الوطئ في الدبر يستقر به المهر وتجب به العدة وان اكره امرأة وجب عليه المهر واجراه مجرى الوطئ في الفرج الافى الاحصان والاباحة للزوج الاول -

ص: 197

قال (باب الشغار)

ص: 199

ذكر فيه حديثا عن نافع عن ابن عمر (وفي آخره (قال نافع الشغار أن ينكح ابنة الرجل وينكحه ابنته بغير صداق) ثم من حديث أبى هريرة وفي آخره (زاد ابن نمير والشغار أن يقول زوجنى ابنتك وازوجك ابنتى) - قلت - مذهب الشافعي ان النكاح على هذه الصورة صحيح ولكل منهما مهر المثل وانما الشغار عنده ان يزيد على ذلك فيقول وبضع كل واحدة منهما مهر الاخرى -

ص: 200

قال (باب نكاح المحرم)

ص: 209

ذكر فيه حديث (لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يحطب) - قلت - هو محمول على الوطئ أو الكراهة لكونه سببا للوقوع في الرفث لا ان عقده لنفسه أو لغيره بامره ممتنع ولهذا قرنه بالخطبة ولا خلاف في جوازها ان كانت مكروهة فكذا النكاح والانكاح وصار كالبيع وقت النداء - ثم ذكر حديث ابن عباس (تزوج عليه السلام ميمونة وهو محرم) ثم حديث يزيد بن الاصم بخلافه ثم قال (ويزيد رواه عن ميمونة) ثم استدل على ذلك - قلت - ذكر الترمذي وغيره انه عليه السلام تزوجها

ص: 210

في طريق مكة - وفي الاستذكار قال أبو عبيدة معمر بن المثنى زوجها النبي عليه السلام وهو محرم - وفي التمهيد ذكر الاثرم عن أبى عبيدة قال لما فرغ صلى الله عليه وسلم من خيبر وتوجه إلى مكة معتمرا سنة سبع وقدم عليه جعفر بن أبى طالب من ارض الحبشة، خطب عليه ميمونة بنت الحارث وكانت اختها لامها اسماء بنت عميس عنده واختها لابيها وامها ام الفضل تحت العباس فأجابت جعفرا وجعلت امرها إلى العباس فأنكحها النبي عليه السلام فلما رجع نبى بها بسرف حلالا - جعلها امرها إلى العباس مشهور ذكره موسى بن عقبة ايضا وذكره ابن اسحاق قال وقيل جعلت امرها إلى ام الفضل فجعلت ام الفضل امرها إلى العباس - وفي الاستيعاب لابي عمر ذكر سنيد عن زيد بن الحباب عن أبى معشر عن شرحبيل بن سعد قال لقى العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة حين اعتمر عمرة القضية فقال يا رسول الله تأيمت ميمونة هل لك ان تتزوجها فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم فلما ان قدم مكة اقام ثلاثا - الحديث وفي آخره فخرج فبنى بها بسرف فلما جعلت امرها إلى غيرها يحتمل ان يخفى عليها الوقت الذى عقد فيه العباس فلم تعلم به الا في الوقت الذى بنى بها فيه وعلم ابن

عباس انه كان قبل ذلك فالرجوع إليه اولى كيف وقد تأيد برواية أبى هريرة وعائشة - وذكر ابن اسحاق في مغازيه والطحاوى عن ابن عباس انه عليه السلام تزوجها وهو حرام فاقام بمكة ثلاثا فاتاه حويطب في نفر من قريش في اليوم الثالث فقالوا قد انقضى اجلك فاخرج عنا فقال وما عليكم لو تركتمونى فعرست بين اظهركم فصنعنا لكم طعاما فحضرتموه فقالوا لا حاجة لنا في طعامك فاخرج عنا فخرج وخرج بميمونة حتى عرس بها بسرف - هذا مخالف لحديث ميمونة وانه تزوج بها حلالا وانه كان بعد أن رجع من مكة - ثم اخرج البيهقى حديث مطر عن ربيعة عن سليمان بن يسار عن أبى رافع قلت - ذكر أبو عمر في التمهيدان رواية مطر غلط وانه لا يمكن سماع سليمان من أبى رافع انتهى كلامه ومطر تكلم فيه يسيرا قال يحبى القطان مضطرب وكان يشبهه بابن أبى ليلى في سوء الحفظ وقد روى هذا الحديث عن ربيعة من هو أجل من مطر بلا شك وهو مالك فجعله

ص: 211

عن سليمان مرسلا وقال الترمذي ورواه ايضا سليمان بلال عن ربيعة مرسلا - ثم اسند البيهقى (عن عبد القدوس عن الاوزاعي عن عطاء عن ابن عباس تزوج عليه السلام ميمونة وهو محرم فقال سعيد وهل ابن عباس وان كانت خالته ما تزوجها الا بعدما احل) ثم قال (رواه البخاري في الصحيح) - قلت - ليس في صحيح البخاري قال سعيد وهل ابن عباس والمفهوم من كلام البيهقى انه في صحيحه وذكر البيهقى فيما مضى في باب المحرم لا ينكح ولا ينكح من كتاب الحج وعزاه إلى مسلم (عن عمرو بن دينار قلت لابن شهاب اخبرني أبو الشعثاء عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم نكح وهو محرم فقال ابن شهاب اخبرني يزيد بن الاصم انه عليه السلام نكح ميمونة وهو حلال وهى خالته قال فقلت لابن شهاب اتجعل اعرابيا بوالا على عقبيه إلى ابن عباس وهى خالة ابن عباس ايضا) وهذا الكلام الذى قاله عمرو بن دينار لابن شهاب ذكره ايضا عبد الرزاق في مصنفه وقال قال لى الثوري لا تلتفت أي قول اهل المدينة في ذلك - ثم ذكر البيهقى حديث ابن أبى مليكة (عن عائشة تزوج عليه السلام وهو محرم) ثم قال (وقد روى من وجه آخر عن عائشة وليس بمحفوظ) ثم اخرجه من حديث أبى عوانة عن مغيرة عن أبى الضحى عن مسروق عن عائشة - قلت - بل هو محفوظ اخرجه ابن حبان في صحيحه كذلك وقال الطحاوي روى عن عائشة ما يوافق ابن عباس روى ذلك عنها من لا يطعن احد فيه ثم ذكر هذا السند ثم قال (وكل هؤلاء ائمة يحتج برواياتهم) وقال في مشكل الحديث لم يختلف في ذلك عن عائشة ثم قال البيهقى (وروى عن مسدد عن أبى عوانة عن مغيرة عن ابراهيم عن الاسود عن عائشة قال أبو عبد الله قال

ص: 212

أبو على الحافظ كلاهما خطأ والمحفوظ عن مغيرة عن أبى الظحى عن مسروق مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا رواه جرير عن مغيرة) قلت - رواية أبى عوانة عن مغيرة مسندا اولى من رواية جرير بن عبد الحميد عنه مرسلا لوجهين احدهما - ان ابا عوانة اجل من جرير قال أبو حاتم أبو عوانة احب إلى من جرير بن عبد الحميد - والثانى - ان ابا عوانة زاد الاسناد وزيادة الثقة مقبولة - وقد جاء هذا الحديث من جهة ابى هريرة ايضا قال الطحاوي في كتاب مشكل الحديث ثنا سليمان بن شعيب الكيساني ثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني ثنا كامل أبو العلاء عن ابى صالح عن ابى هريرة تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم قال الطحاوي وهذا مما لا نعلم ايضا عن ابى هريرة فيه خلافا انتهى كلامه والكيساني وثقه أبو سعد السمعاني وخالد وثقوه كذا في التهذيب للمزى وكامل وثقه ابن معين والعجلي وذكره ابن شاهين في الثقات واخرج له الحاكم في المستدرك - وقال الطحاوي ايضا ثنا روح بن الفرج ثنا احمد بن صالح ثنا ابن ابى فديك حدثنى عبد الله بن محمد بن ابى بكر سألت انس بن مالك عن نكاح المحرم فقال وما بأس به هل هو الا كالبيع وروح وثقه الخطيب واخرج له صاحب المستدرك - واجازة نكاح المحرم تروى عن عبد الرحن بن القاسم بن محمد بن أبى بكر وعن ابيه وعن جده وقال ابن حزم اجازه طائفة صح ذلك عن ابن عباس وروى عن ابن مسعود ومعاذ وبه قال عطاء والقاسم ابن محمد وعكرمة والنخعي وأبو حنيفة وسفيان - قال (باب ما يرد به النكاح من العيوب)

ص: 213

ذكر فيه عن جميل بن زيد عن ابن عمر حديث المرأة التى رأى عليه السلام بكشحها وضحا فردها ثم ذكر عن ابن عدى (ان حميلا نفرد به واضطربت رواته عنه) ثم ذكر البيهقى الاختلاف فيه ثم قال (قال البخاري لم يصح حديثه) - قلت - في هذا الحديث اشياء - منها - ان جميلا قال فيه ابن معين ليس بثقة وقال ابن الجوزى كان يقول ما سمعت ابن عمر شيئا وقال ابن حبان دخل المدينة فجمع احاديث ابن عمر بعد موته ثم رجع إلى البصرة فرواها وفي تاريخ البخاري قال احمد عن أبى بكر بن عياش عن جميل ما سمعت من ابن عمر شيئا انما قالوا اكتب احاديثه فقدمت المدينة فكتبتها - ومنها - انه مع ضعفه وسؤ حاله اختلف عليه فيه كما بينه البيهقى هنا وفيما بعد في باب من اغلق بابا وارخى سترا - ومنها - انه على تقدير صحته ليس من هذا الباب فان البيهقى ذكر في ذلك الباب (انه عليه السلام قال لها الحقى باهلك - واكمل لها صداقها) وقد ذكر البيهقى هذه اللفظة في باب كنايات الطلاق وذكر (انه عليه السلام قال للمرأة التى استعاذت منه الخفى باهلك) جعلها تطليقة فدل

انه عليه السلام لم يدرها بل طلقها ولفظة الرد إن صحت تحتمل الفسخ وتحتمل الطلاق فتحمل على انطلاق توفيقا بين الروايتين وفيه ايضا دليل على تقدير صحته على ان الحلوة كالوطئ في تكميل الصداق - ثم ذكر البيهقى (عن ابن المسيب عن عمر قال ايما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها وذلك لزوجها غرم على وليها) - قلت - ذكر مالك ان ابن المسيب ولد لنحو ثلاث سنين مضت من خلافه عمر وانكر سماعه منه وقال ابن معين لم يثبت سماعه منه ثم ان الشافعية خالفوا هذا الاثر في مواضع - منها - اوجب الصداق والصحيح المنصوص عندهم وجوب مهر المثل - ومنها - انه اوجب الرجوع على الولى والجديد الاظهر عندهم انه لا رجوع - ومنها - انه ساكت عما قبل المسيس وهم فسخوا قبله وبعده

ص: 214

ثم ذكر البيهقى (عن جابر بن زيد اربع لا تجوز في نكاح ولا بيع الا ان يمس فان مس فقد جاز) قلت - هم لا يقولون بذلك - ثم ذكر عن على بطلان الرد بالدخول من رواية الشعبى عنه ثم قال (فكأنه ابطل خياره بالدخول بها) - قلت - هم لا يبطلون خياره بالدخول على ان رواية الشعبى عن على منقطعة قال الحاكم في علوم الحديث رأى عليا ولم يسمع منه وقد جاء عن على انه لا رد في شئ من العيوب قال ابن حزم روينا من طريق وكيع عن اسمعيل بن أبى خالد عن الشعبى قال قال على ايما رجل تزوج مجنونة أو جذماء أو برصاء اتو بها قرن فهى امرأته ان شاء طلق وان شاء امسك - وذكر مثل ذلك عن النخعي وعمر بن عبد العزيز وأبى قلابة وذكر عن عطاء فيمن تزوج فلما دخل بدالها منه برص أو جذام قال عطاء لا تنزع عنه قال وهو قول أبى الزناد وأبى حنيفة وأبى يوسف والثوري وابن أبى ليلى وداود واصحابنا -

ص: 215

قال (باب الامة تعتق وزوجها عبد ذكر فيه حديث شعبة (عن عبد الرحمن بن القاسم عن ابيه عن عائشة وكان زوجها حرا قال شعبة ثم سألته بعد فقال لا ادرى احر هو أم عبد، قال قد رواه سماك بن حرب عن عبد الرحمن فاثبت كونه عبدا - قلت - شعبة امام جليل حافظ وقد روى عن عبد الرحمن انه كان حرا فلا يضره نسيان عبد الرحمن وتوقفه على ما هو معروف عند اهل هذا العلم وقد ذكر البيهقى في كتاب المعرفة في باب لا نكاح الا بولي ان مذهب اهل العلم بالحديث وجوب قبول خبر الصادق وان نسيه من اخبره عنه وكيف يعارض شعبة بسماك مع كونه متكلما فيه قال صاحب الكمال كان الثوري يضعفه بعض الضعف وقال ابن أبى خيثمة اسند احاديث لا يسندها غيره وقال احمد مضطرب الحديث وقال عبد الرحمن بن يوسف في حديثه لين وفي التهذيب

للمزى قال جزرة ضعيف وقال ابن المبارك ضعيف الحديث وكان شعبة يضعفه - ثم ذكر البيهقى من حديث اسامة بن زيد عن القاسم عن عائشة وفيه (ان شئت ان تقرى تحت هذا العبد) ثم قال (هذا يؤكد رواية سماك - قلت - اسامة هذا

ص: 220

هو ابن زيد بن اسلم ضعيف - عندهم - قال البيهقى في باب الحوت والجراد يموتان في الماء (عبد الرحمن وعبد الله واسامه بنو زيد بن اسلم كلهم ضعفاء) ومع ضعف اسامة قد اختلف فيه كما بينه البيهقى بعد فكيف يعارض بمثل هذا وبمثل رواية سماك رواية - شعبة - ثم اخرج البيهقى من رواية عروة (عن عائشة قالت كان زوجها عبدا فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختارت نفسها ولو كان حرا لم يخيرها) - قلت ذكر ابن حزم انه روى عن عروة خلاف هذا فأخرج من طريق قاسم بن اصبغ ثنا احمد بن يزيد ثنا موسى بن معاوية ثنا جرير عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة قالت كان زوج بريرة حرا - قال ابن حزم ولو كان حرا لم يخيرها - يحتمل انه من كلام من دون عائشة وقال الطحاوي ويحتمل ان يكون من كلام عروة وقد اخرج ابن حبان هذا الحديث في صحيحه فقال انا عبد الله بن محمد الازدي ثنا اسحق الحنظلي ثنا جرير بن عبد الحميد عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة وفي آخره قال عروة ولو كان جراما خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك اخرجه النسائي في سننه عن الحنظلي بسنده المذكور - قال البيهقى (ورواه ابن اسحاق عن ابان بن صالح عن مجاهد عن عائشة) - قلت - ابن اسحاق متكلم فيه وابان هذا ليس بالقوى كذا قال ابن حزم في ابواب الحج من؟؟؟ ومجاهد صار إلى باب عائشة فحجب ولم يدخل عليها لانه كان حرا كذا ذكر البرد يجى ثم اخرجه البيهقى من طريق عمرة عن عائشة - قلت

ص: 221

في سنده عثمان بن مقسم رموه بالكذب ثم ذكر حديث (ان اعتقتهما فابدئى بالرجل) ثم قال (يشبه ان يكون انما امر بالبداءة بالرجل كيلا يكون لها الخيار إذا اعتقت) قلت - في سنده عبيد الله بن عبد المجيد عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب تكلموا فيهما قال ابن معين في الاول ليس بشئ وضعف الثاني ذكر ذلك ابن الجوزى في كتابه في الضعفاء وقال ابن حزم ولو صح الحديث لم يكن فيه حجة لانه ليس فيه انهما كانا زوجين ولو صح انهما كانا زوجين فليس فيه انه عليه السلام امر بذلك ليسقط خيار الزوجية ويمكن ان يكون امرها بان تبدأ بعتق العبد لقوله تعالى، وللرجال عليهن درجة - ولقوله تعالى

ص: 222

وليس الذكر كالانثى - كما في الخبر أن الاجر في عتق الذكر مضاعف - ونحن نوقن بلا شك انه عليه السلام لا يتحيل في

اسقاط حق اوجبه ربه تعالى للمعتقة - قال (باب من زعم انه كان حرا) ذكر فيه (عن منصور عن ابراهيم عن الاسود عن عائشة ان زوج بربرة كان حرا ثم قال (رواه البخاري) ثم قال (قول الاسود منقطع) ثم ذكره البيهقى عن الحكم عن ابراهيم عن الاسود عن عائشة ثم قال (جعله بعضهم من قول ابراهيم

ص: 223

وبعضهم من قول الحكم) ثم قال (قال البخاري وقول الحكم مرسل - قلت - إذا كان في السند الاول من قول الاسود وفي الثاني من قول ابراهيم أو الحكم وقد ادرجا في الحديث فقول البخاري في الاول منقطع وفي الثاني مرسل مخالف للاصطلاح إذ الكلام الموقوف على بعض الرواة لا يسمى منقطعا ولا مرسلا وقد تابع منصور الاعمش فرواه كذلك عن ابراهيم هكذا اخرجه ابن ماجه والترمذي وقال حسن صحيح ثم ذكر (البيهقى عن ابراهيم بن أبى طالب قال خالف الاسود الناس في زوج بريرة) - قلت - قدم تقدم انه لم يخالف الناس بل وافقه على ذلك القاسم وعروة في رواية وابن المسيب روى عبد الرزاق عن ابراهيم بن يزيد عن عمرو بن دينار عن سعيد بن المسيب قال كان زوج بريرة حرا - وإذا اختلفت الآثار في زوجها وجب حملها على وجه لا تضاد فيه والحرية تعقب الرق ولا ينعكس فثبت انه كان حرا عندما خيرت عبدا قبله ومن اخبر بعبوديته لم يعلم بحريته قبل ذلك وقال ابن حزم ما ملخصه انه لا خلاف ان من شهد بالحرية يقدم على من شهد بالرق لان عنده زيادة علم ثم لو لم يختلف انه كان عبدا هل جاء في شئ من الاخبار أنه عليه الصلاة انما خيرها لانها تحت عبد هذا لا يجدونه ابدا فلا فرق بين من يدعى انه خيرها لانه كان عبدا وبين من يدعى انه خيرها لانه كان اسود واسمه مغيث فالحق إذا انه انما خيرها لكونها اعتقت فوجب تخيير كل معتقة ولانه روى في بعض الآثار انه عليه السذم قال لها ملكت نفسك فاختارى - كذا في التمهيد فكل من ملكت نفسها تختار سواء كانت تحت حرا وعبدو إلى هذا ذهب ابن سيرين وطاوس والشعبى ذكر ذلك عبد الرزاق باسانيد صحيحة واخرجه ابن أبى شيبة عن النخعي ومجاهد وحكاه الخطابى عن حماد والثوري واصحاب الرأى - وفي التهذيب للطبري وبه قال مكحول وفي الاستذكار انه قول ابن المسيب ايضا -

ص: 224

قال (باب اجل العنين) ذكر فيه اثرا عن ابن المسيب عن عمر ثم قال (ورواه ابن أبى ليلى عن الشعبى عن عمر مرسلا) - قلت - تخصيص هذا أنه

مرسل يوهم ان الاول متصل وليس كذلك لان روايات ابن المسيب كلها منقطعة وقد ذكرنا ذلك غير مرة ثم ذكر

ص: 226

اثرا (عن هانئ بن هانئ عن على) ثم حكى عن الشافعي (ان هانئا لا يعرف وان اهل العلم لا يثبتون هذا الحديث لجهالتهم بهانئ) ثم قال (وروى ابن اسحق عن خالد بن كثير عن الضحاك عن على قال يؤجل سنة) إلى آخره - قلت - هانئ معروف قال فيه النسائي ليس به بأس واخرج له الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وذكره في الثقات من التابعين واخرج الترمذي من روايته قوله عليه السلام في عمار مرحبا بالطيب - ثم قال حسن صحيح وقد ذكر ابن حزم اثره هذا من وجهين جيدين - والاثر الثاني عن على ليس سنده بطائل وابن اسحق متكلم فيه وخالد لا يحتج به والضحاك هو ابن مزاحم متكلم فيه ولهذا قال ابن حزم لم يصح ذلك عن على - قال (باب الزوجين يختلفان في الاصابة) ذكر فيه حديث (حتى يذوق من عسيلتك) - قلت - مقصوده انه عليه السلام جعل القول قوله فأقرها معه ولم يضرب له اجلا الا ان ذكر هذا الحديث في هذا الباب غفلة من البيهقى لانها امرأة رفاعة كما نص في هذا الحديث وقد ذكر البيهقى

ص: 227

فيما بعد في باب نكاح المطلقة ثلاثا من طريق ابن وهب (عن مالك عن المسور بن رفاعة عن الزبير بن عبد الرحمن عن ابيه ان رفاعة طلق امرأته) الحديث وفيه (فنكحها عبد الرحمن فاعترض عنها فطلقها ولم يمسها) وذكر فيه ايضا من حديث عائشة (ان رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت زوجا فطلقها قبل ان يمسها فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحل للاول فقال لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الاول وعزاه البيهقى إلى الصحيحين فكيف يضرب الاجل لمن طلق قبل ان يمس وبهذا ايضا يظهر وهم من استدل به على انه لا يضرب للعنين اجل قال صاحب التمهيد قد شبه به على قوم منهم ابن علية وداود لما فيه من قوله فاعترض عنها فظنوا انها ائت شاكية لزوجها فلم يسأله عن ذلك ولا ضرب له اجلا وخلاها معه قالوا فلا يضرب للعنين اجل ولا يفرق بينه وبين امرأته وهو كمرض من الامراض فخالفوا جمهور سلف المسلمين من الصحابة والتابعين في تأجيل العنين لما توهموه في هذا الحديث وليس فيه موضع شبهة لان مالكا وغيره قد ذكروا طلاق ابن الزبير للمرأة فكيف يضرب اجل لمن قد فارق امرأته وطلقها قبل ان يمسها - قال (باب العزل)

ص: 228

ذكر فيه حديث قزعة (عن الحدرى ليست من نفس مخلوقة الا الله خالقها) ثم قال (رواه مسلم وقال البخاري وقال مجاهد فذكره - قلت - لا ذكر لهذا الحديث في صحيح البخاري فيما علمت وعزاه ابن طاهر والمزى في اطرافهما إلى مسلم لم يذكرا البخاري اصلا -

ص: 229

قال (باب ما يجوز أن يكون مهرا) ذكر فيه تزوج عبد الرحمن على وزن نواة من ذهب - قلت - ذكر الخطابى ان النواة اسم لقدر معروف عندهم وفسروها بخمسة دراهم من ذهب وقال عياض كذا فسرها اكثر العلماء وقال النوري هو الصحيح وفي الاستذكار اكثر اهل العلم

ص: 236

يقولون وزنها خمسة دراهم فظاهر هذا أنه تزوج باكثر من ثلاثة مثاقيل من الذهب ثم ذكر البيهقى (عن حجاج عن قتادة عن انس قال قومت يعنى النواة بثلاثة دراهم وثلث) - قلت - حجاج هو ابن ارطاة ضعيف وقتادة مدلس وقد عنعن ولهذا قال أبو عمر هذا حديث لا نقوم به حجة لضعف اسناده - وعن احمد بن حنبل قال وزن النواة ثلاثة دراهم وثلث فعلى هذا ان كان الحديث ثابتا يحتمل ان يراد قطعة ذهب زنتها ثلاثة دراهم وثلث - وقال النووي انكر القاضى عياض على من احتج به على اقل المهر قال لانه قال من ذهب وذلك يزيد على دينارين - وحكى الهروي عن أبى عبيد انه انكر على من يقول لم يكن ثم ذهب - ثم ذكر البيهقى الحديث من وجه آخر ولفظه (وزن نواة من ذهب قومت خمسة دراهم) قلت - في سنده سعيد بن بشير قال يحيى ليس بشئ وضعف احمد امره وقال ابن نمير منكر الحديث ليس بشئ يروى عن قتادة لمنكرات وضعفه النسائي وقال ابن حبان ردى الحفظ فاحش الخطاء يروى عن قتادة مالا يتابع عليه وعن عمرو ابن دينار ما لا يعرف من حديثه ثم على تقدير ثبوته فالمراد منه كما تقدم قطعة ذهب زنتها خمسة دراهم فتلخص من هذا انه تزوج على قطعة ذهب زنتها عند الاكثرين خمسة دراهم وعند بعضهم ثلاثة دراهم وثلث وان من استدل بهذا

ص: 237

الحديث على اقل المهر فقدوهم ثم ذكر البيهقى حديث جابر (كما ننكح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقبضة من الطعام) وفي سنده يعقوب بن عطاء (فقال غير محتج به) - قلت - ضعفه احمد ويحيى وذكره صاحب الميزان وذكر

له حديثين منكرين هذا احدهما - ثم ذكر البيهقى حديث صالح بن رومان (عن أبى الزبير عن جابر لو أن رجلا تزوج) الحديث ثم اخرجه من طريق موسى بن مسلم بن رومان عن أبى الزبير عن جابر - قلت - هذا الخبر كذا في الميزان وأبو الزبير فيه كلام يسير وهو يد لسر في حديث جابر ولا يؤخذ من حديثه عنه الا ما صرح فيه بالسماع أو كان من رواية الليث بن سعد عنه كذا قال عبد الحق وغيره وصالح هو ابن مسلم ابن رومان نسب إلى جده وهو ضعيف قوله ابن معين وموسى المذكور ثانيا قال ابن القطان لا يعرف وضعفه الازدي ولعله هو صالح المذكورا ولا ولهذا قال الذهبي في الكاشف موسى بن مسلم ويقال صالح، ومع هذا قد اضطرب هذا الحديث في سنده ومتنه فرواه ابن مهدى عن صالح عن أبى الزبير عن جابر موقوفا وقال الطحاوي اهل الرواية يذكرون ان اصله موقوف على جابر وقال عبد الحق في احكامه لا يعول على من اسنده ورواه أبو عاصم عن صالح عن أبى الزبير عن جابر كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمتع بالقبضة من الطعام - وهذا من باب المتعة لا من باب الصداق وقد ذكر البيهقى قريبا وعزاه إلى مسلم (ان ابن جريج روى الحديث عن أبى الزبير عن جابر كرواية أبى عاصم) وهذا الاختلاف ذكره أبو داود في سننه - ثم ذكر البيهقى حديث يحيى بن عبد الرحمن بن أبى لبيبة عن ابيه عن جده ثم قال (ورواه ابن أبى شيبة عن وكيع عن ابن أبى لبيبة عن جده) - قلت - مع هذا الاختلاف اختلف في اسم ابن عبد الرحمن فقال البيهقى وغيره يحيى وقال ابن منده في معرفة الصحابة الحسن وكذا قال صاحب الاستيعاب وذكر الطحاوي في احكام القرآن هذا الحديث ثم قال هذا الاسناد لا يقطع به اهل الرواية ثم

ص: 238

ذكر البيهقى (ان رجلا تزوج امرأة على نعلين فاجاز عليه السلام نكاحه) وفي سنده عاصم بن عبيد الله فقال (تكلموا فيه ومع ضعفه روى عنه الائمة) قلت انكر عليه هذا الحديث قال أبو حاتم الرازي منكر الحديث يقال ليس له حديث يعتمد عليه فقال له ابنه ما انكروا عليه فذكر أبو حاتم هذا الحديث قال وهو منكر - ثم ذكر البيهقى حديثا عن الخدرى مستشهدا به هو ما اصطلح عليه اهلوهم - وفي سنده أبو هارون العبدى فقال (غير محتج به - قلت - الان القول فيه واهل هذا الشان اغلظوا

ص: 239

فيه فقال حماد بن زيد كذاب وقال السعدى كذاب مضر وقال احمد ليس بشئ وقال هو والنسائي متروك وقال يحيى ضعيف عندهم لا يصدق في حديثه وقال شعبة لان اقدم فيضرب عنقي احب إلى من ان احدث عنه وقال ابن حبان لا يحل كتب حديثه الاعلى جهة التعجب ومثل هذا كيف يستشهد به - ثم ذكر البيهقى (ان الثوري سئل عن حديث داود الاودى

عن الشعبى عن على قال لامهر اقل من عشرة دراهم - فقال داود (1) ما زال هذا ينكر عليه فقال السائل ان شعبة روى عنه فضرب حبهته وقال داود - 1)

كذا - وفى السنن داود داود

ص: 240

ثم ذكر البيهقى (عن ابن عدى انا الساجى سمعت ابن المثنى يقول ما سمعت القطان ولا ابن مهدى حدثا عن سفيان عن داود ابن يزيد شيئا) ثم قال البيهقى (وبمعناه قال عمرو بن على) - قلت ما حكاه عن الثوري لا اعرف حال سنده وكلام عمرو ابن على ذكره ابن عدى في الكامل وفي آخره وكان شعبة وسفيان يحدثان عنه ورأيت في كتاب الصريفينى بخطه وكان شعبة وسفيان يحدثان عنه - ثم قال البيهقى (وقد روى عن على بخلافه) ثم اخرجه من طريق محمد بن على عنه) - قلت - قد ذكر البيهقى في باب الاعواز من الهدى وفي غيره (ان روايته عنه منقطعة) وفي سنده ايضا أبو شيبة هو العبسى متروك وقال السعدى ساقط -

ص: 241

قال (باب النكاح على تعليم القرآن) ذكر فيه حديثا عن عسل عن عطاء عن أبى هريرة ثم قال (ورواه شعبة عن عسل فارسله) - قلت - وكذلك رواه محمد ابن فضيل عن حجاج بن ارطاة عن عطاء فارسله ذكره المزى في اطرافه وفيه علة اخرى وهى ان عسلا ضعفه ابن معين وقال

ص: 242

الرازي منكر الحديث ثم ذكر في آخره حديثا في سنده عتبة بن السكن (فقال منسوب إلى الوضع) وحكى عن الدارقطني (انه قال متروك الحديث) - قلت - طالعت كثيرا من كتب اهل هذا الشان فأكثرهم لم يذكر عتبة هذا وبعض المتأخرين ذكره وفيه كلام الدارقطني خاصة وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ ويخالف لم يزد على هذا فلا ادرى من اين للبيهقي انه منسوب إلى الوضع - وفى التمهيد قال مالك وابو حنيفة واصحابهما والليث لا يكون القرآن ولا تعليمه مهرا وهو اولى ما قيل به في هذا الباب لان الفروج لا تستباح الا بالاموال لقوله تعالى ان تبتغوا باموالكم - ولذكره تعالى في النكاح الطول وهو المال والقرآن ليس بمال ولان التعليم من المعلم والمتعلم يختلف ولا يكاد يضبط فاشبه المجهول ومعنى انكحتكها بما معك من القرآن أي لكونه من اهل القرآن على جهة التعظيم للقرآن كما روى انس انه عليه السلام زوج ام سليم ابا طلحة

على اسلامه - وسكت عن المهر لانه معلوم انه لا بد منه وجوز الشافعي واصحابه ان يكون تعليم القرآن وسورة منه مهرا فان طلق قبل الدخول يرجع بنصف اجر التعليم في الرواية المزني وقال الربيع والبويطى بنصف مهر مثلها لان تعليم النصف لا يوقف على حده فان وقف عليه جعل امرأة تعلمها واكثر اهل العلم لا يجيزون ما قال الشافعي ودعوى التعليم على الحديث دعوى باطل لا تصح -

ص: 243

قال (باب احد الزوجين يموت ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها) ثم حكى عن الشافعي (انه قال في قضية بروع لم احفظه بعد من وجه يثبت مثله هو مرة عن معقل بن يسار ومرة عن معقل ابن سنان ومرة عن بعض اشجع لا يسمى)

ص: 244

ثم اخرجه البيهقى من وجوه ثم قال (هذا الاختلاف لا يوهنه فان جميع هذه الروايات اسانيدها صحاح وفي بعضها ما دل على ان جماعة من اشجع شهدوا ذلك فكأن بعض الرواة سمى منهم واحدا وبعضهم سمى آخر وبعضهم سمى اثنين وبعضهم اطلق ولم يسم وبمثله لا يرد الحديث ولولا ثقة من رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان لفرح ابن مسعود في روايته معنى) - قلت - اخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق سفيان عن منصور عن ابراهيم عن علقمة عن ابن مسعود وكذلك اخرجه الترمذي وقال حسن صحيح وحكى الحاكم في المستدرك عن شيخه أبى عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ انه قال لو حضرت الشافعي لقمت على روس اصحابه وقلت وقد صح الحديث فقل به ثم قال الحاكم انما حكم شيخنا بصحته لان الثقة قد سمى فيه رجلا من الصحابة وهو معقل بن سنان الاشجعى ثم اخرج الحديث من طريق فراس عن الشعبى عن مسروق عن عبد الله ثم قال فصار الحديث صحيحا على شرط الشيخين - قال (باب من قال لا صداق لها)

ص: 246

ذكر في آخره (عن أبى اسحق الكوفى عن مزيدة بن جابر أن عليا قال لا يقبل قول اعربي من اشجع على كتاب الله) قلت الكلام عليه من ثلاثة اوجه - الاول - ان ابا اسحق هذا هو عبد الله بن ميسرة وهو ضعيف جدا قال يحيى ليس بشئ

وقال مرة ليس بثقة وكذا قال النسائي وقال أبو زرعة واهى الحديث وقال ابن حبان لا يحل الاحتجاج بخبره - والثانى ان مزيدة هذا قال فيه أبو زرعة ليس بشئ ذكره ابن أبى حاتم في كتابه - والثالث - ان البخاري ذكر في تاريخه انه يروى عن ابيه عن على فظاهر هذا الكلام ان روايته عن على منقطعة ولهذه الوجوه أو بعضها قال المنذرى لم يصح هذا الاثر عن على - والعجب من البيهقى يصحح روايات حديث معقل ثم يعترض عليه بمثل هذا الاثر الممكر ويسكت عنه ولا يبين ضعفه -

ص: 247

قال (باب الشروط في النكاح)

ص: 248

ذكر فيه حديث (المسلمون عند شروطهم) من وجهين ثم قال (ويروى من وجه ثالث ضعيف - قلت - هذا يوهم ان الوجهين الاولين ليسا بضعيفين وليس كذلك بل في الوجه الاول كثير بن عبد الله واه وقال الشافعي كان ركنا من اركان الكذب وفي الثاني كثير بن زيد ضعفه النسائي وغيره - ثم ذكر (ان رجلا تزوج امرأة وشرط ان لا يخرجها فأبطله عمرو قال المرأة مع زوجها) ثم ذكر عنه خلاف ذلك ثم قال (الرواية الاولى اشبه بالكتاب والسنة وقول غيره

ص: 249

من الصحابة) ثم استدل على ذلك بقول على (شرط الله قبل شرطها) ثم ذكر (عن أبى الشعثاء قال هو بما استحل من فرجها) قلت - فهم من كلام أبى الشعثاء انه موافق لكلام على وان الشرط غير معتبر ولهذا اعقبه بقوله عليه السلام من شرط شرطا ليس في كتاب الله تعالى فليس له ذلك - والظاهر من كلام أبى الشعثاء ان الشرط معتبر وان لها دارها كما قاله عمر ثانيا وهكذا فهم ابن أبى شيبة في المصنف فذكر كلام أبى الشعثاء في باب اعتبار الشرط مع كلام عمر الثاني ومع كلام عمر وبن العاص الذى يذكره البيهقى في هذا الباب قريبا وكذا فعل أبو عمر في الاستذكار وقال فيه ذكر وكيع عن شريك عن عاصم عن عيسى بن حطان عن مجاهد وسعيد بن جبير قالا يخرجها فقال يحيى بن الجزاز فبأى شئ يستحل فرجها فبأى كذا فبأى كذا فرجعا -

ص: 250

قال (باب المرأة ترضى بالدخول قبل ان يعطيها شيئا)

ذكر فيه من وجهين (عن خيثمة ان رجلا تزوج امرأة على عهده عليه السلام فجهزها إليه قيل ان ينقدها شيئا) ثم اخرجه عن شريك عن منصور عن طلحة عن خيثمة عن عائشة ثم قال (وصله شريك وارسله غيره) - قلت - ذكر ابن عدى ان هذا من مناكير شريك -

ص: 253

قال (باب من اغلق بابا)

ص: 255

ذكر فيه (عن زيد بن ثابت قال إذا دخل الرجل بامرأته فارخيت عليهما الستور فقد وجب الصداق) ثم ذكر (عنه في رجل يخلو بامرأته فيقول لم امسها وتقول قد مسنى فالقول قولها) - ثم قال (ظاهر الرواية عن زيد أنه لا يوجبه بنفس الخلوة ويجعل القول قولها في الاصابة) - قلت - بل الظاهر المشهور عنه انه اوجب كل الصداق بنفس الخلوة وهو المذكور في الموطأ وشروحه وذكره ابن المنذر في الاشراف وهذا الذى زعم البيهقى انه ظاهر الرواية عنه استند فيه إلى رواية عبد الرحمن بن أبى الزناد وعبد الرحمن هذا ذكره ابن الجوزى في كتاب الضعفاء وقال قال احمد بن مضطرب الحديث وقال النسائي ضعيف وقال يحيى والرازي لا يحتج به - ثم ذكر البيهقى حديث (من كشف امرأة) باسناد فيه ارسال ثم قال (ورواه ابن لهيعة عن أبى الاسود عن ابن ثوبان وهو منقطع وبعض رواته غير محتج به) - قلت - اخرجه أبو داود في مراسيله عن قتيبة عن الليث بالسند المذكورا ولا وهو سند على شرط الصحيح ليس فيه الا الارسال -

ص: 256

قال (باب المستحب ان وجد سعة ان يولم بشاة) ذكر فيه قوله عليه السلام لعبد الرحمن بن عوف (أولم ولو بشاة) - قلت - ظاهر الامر الوجوب فهو غير مطابق للتبويب وقد اوجب اهل الظاهر وعبيد الله بن الحسن اجابة الدعوة استدلالا بهذا الحديث وبقوله عليه السلام في الصحيح إذ ادعى

ص: 258

احدكم إلى الوليمة فليجب - وبقوله عليه السلام في الصحيح من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله - وقد ذكر البيهقى فيما بعد ولم يذكر لاى شئ ترك ظواهر هذه الاحاديث -

ص: 259

قال (باب من لم يدع ثم جاء فاكل)

ص: 264

ذكر فيه حديث درست بن زياد (عن ابان بن طارق عن نافع عن ابن عمر من دخل على غير دعوة) الحديث ثم ذكره من وجهين مدارهما على مجهول ثم قال (وفي حديث ابن عمر كفاية) - قلت - كيف يكون فيه كفاية ودرست قال فيه يحيى ليس بشئ وقال أبو زرعة واه وقال ابن حبان لا يحل الاحتجاج بروايته وقال الدارقطني ضعيف وابان بن طارق قال أبو زرعة مجهول وقال ابن عدى له حديث منكر لا يعرف الا به وذكر هذا الحديث -

ص: 265

قال (باب المدعو يرى صورا منصوبة ذوات ارواح) - قلت - الصواب ان يقال صور ذوات ارواح -

ص: 266

قال (باب الرخصة في الرقم في الثوب) ذكر فيه من حديث مالك (عن أبى النضر عن عبيد الله بن عبد الله انه دخل على أبى طلحة يعوده فوجد عنده سهل بن حنيف) - قلت - اخرجه النسائي من حديث الوليد عن الاوزاعي عن الزهري عن عبيد الله حدثنى أبو طلحة فذكر نحوه ثم اخرجه من حديث هقل عن الاوزاعي عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن أبى طلحة ثم قال هذا هو الصواب وحديث الوليد خطأ - وذكر صاحب الاستذكار حديث مالك كما ذكره البيهقى ثم قال الحديث منقطع لان عبيد الله لم يدرك سهلا ولا ابا طلحة ولا حفظ له عنهما ولا عن احدهما سماع ولا له سن يدركهما به والصحيح بينهما وبينه ابن عباس كذا رواه الزهري -

ص: 271

قال (باب غسل اليد قبل الطعام وبعده)

ص: 275

ذكر فيه حديث (بركة الطعام الوضوء قبله) وفي سنده قيس بنا لربيع فقال (غير قوى) قلت - كذا قال هنا وضعفه في باب من زرع ارض غيره بغير امره وضعفه ابضا ابن المدينى والدارقطني وغيرهما وقال النسائي متروك وقال ابن

معين ليس بشئ وقال السعدى ساقط وذكر أبو الفتح الازدي ان ابا جعفر استعمله على المدائن فكان يعلق النساء باثدائهن ويرسل عليهن الزنابير - ثم قال البيهقى (ولم يثبت في غسل اليد قبل الطعام حديث) قلت في كتاب الطهارة من سنن النسائي انا محمد بن عبيد ثنا ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن أبى سلمة عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اراد أن ينام وهو جنب توضأ وإذا اراد أن يأكل غسل يديه - ثم روى النسائي الحديث بمعناه عن سويد بن نصر عن ابن المبارك بسنده وسويد ثقه كذا في الكاشف للذهبي ومحمد بن عبيد هو أبو جعفر البخاري قال النسائي لا بأس به وباقى السند على شرط الصحيحين -

ص: 276

قال (باب الاكل والشرب باليمين) ذكر فيه (انه عليه السلام ابصر بشر بن راعى العير) وذكر (انه في رواية بعضهم بسر بضم الباء والسين غير معجمة) ثم قال (والصحيح بشر بخفض الباء والشين معجمة كذا ذكره ابن منده (1) وغيره من الحفاظ) - قلت - ذكره ابن منذه في معرفة الصحابة في باب بسر بضم الباء والسين المهملة فقال بسر بن راعى العير ويقال بشر وقال النووي في شرح مسلم بضم الباء والسين المهملة كذا ذكره ابن منده وأبو نعم الاصبهاني وابن ماكولا وآخرون وابن نقطة ايضا ذكره في باب بسر بالباء المضمومة والسين المهملة -

(1) وقع في نسخة مص من السنن بدل ابن منده - ابن منذر -

ص: 277

قال (باب الطعام الحار) ذكر فيه (عن أبى هريرة اتى عليه السلام بطعام سخن) الحديث ثم قال (وهذا إن صح فيحتمل معنى الاول) - قلت - اخرجه ابن ماجه عن سويد بسنده وهذا السند على شرط مسلم -

ص: 280

قال (باب تفتيش التمر عند الاكل) ذكر في آخره (عن انس انه كان يكره ان يضع النوى مع التمر على الطبق) - قلت - هو غير مناسب للباب - قال (بابا الاكل والشرب قائما)

ص: 281

ذكر النهى عن ذلك نم قال (اما ان يكون نهى تنزيه أو نهى تحريم ثم صار منسوخا) ثم ذكر احاديث في جواز ذلك - قلت النسخ يحتاج إلى التاريخ ولم يبين ذلك قال النووي من ادعى النسخ فقد غلط غلطا فاحشا وكيف يضار إلى النسخ وانى له بذلك يعنى التاريخ -

ص: 282

قال (باب الاكل متكئا) حكى فيه (عن الخطابى ان المتكئ هو المعتمد على الوطاء) إلى آخره - قلت - اقتصاره على كلام الخطابى دليل على رضاه به والمشهور ان المراد بالاتكاء في الحديث هو الاعتماد على احد الجانبين وهذه الهيئة التى نفاها النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه لانها فعل المتجبرين والمتكبرين ويدل عليه قوله عليه السلام بعد ذلك - انا عبد آكل كما يأكل العبد - وقوله عليه السلام ان الله جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبارا عصيا وما قاله الخطابى فيه بعد كذا قال ابن الجوزى وما أدرى لاى معنى عدل عن المعنى الاول مع شهرته وصحة معناه -

ص: 283

قال (باب الشرب بثلاثة انفاس) ذكر في آخره حديث (إذا شرب احدكم فليمص مصا - قلت - هو غير مناسب للباب -

ص: 284

قال (باب النثار في الفرح)

ص: 287

ذكر في آخره حديث (من شاء اقتطع) ثم قال (اسناده حسن الا انه يفارق النثار في المعنى) - قلت - بل هو مثله في المعنى لانه اباحة وكل احد لا يعلم مقدار ما ابيح له قال ابن المنذر قال الشافعي إذا نثر على الناس اكرهه لمن يأخذه ثم قال اعني ابن المنذر لا يكره اخذه لانه مباح اسند لا لا بحديث عبد الله بن قرط - وذكر الخطابى الحديث في المعالم ثم قال فيه دلالة على جواز اخذ النثار في عقد الاملاك وانه ليس من باب النهى وانما هو من باب الاباحة وقد كره ذلك بعض العلماء خوفا ان يدخل فيما نهى عنه من النهى -

ص: 288

قال (باب بيان حقه عليها يعنى الزوج)

ص: 292

ذكر فيه حديث (ما انفقت من كسبه) ثم حمله على انفاقها مما اعطاها - قلت - تقدم الكلام على هذا الحديث في اواخر كتاب الزكاة -

ص: 293

قال (باب كراهية كفرانها معروف زوجها) ذكر فيه (عن عمر بن ابراهيم عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمر وقال عليه السلام لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهى لا تستغنى عنه) ثم قال (الصحيح انه قول عبد الله بن عمرو) - قلت - اخرجه النسائي من طريق شعبة عن قتادة موقوفا واخرجه ايضا اعني النسائي من وجه آخر عن عمرو بن منصور عن محمد بن محبوب عن سرار بن مجشر بن قيصة ثقة عن سيعد بن أبى عروبة عن قتادة بسنده مرفوعا كذا ذكر المزى في اطرافه ورجال هذا السند ثقات وابن أبى عروبة احد الاعلام اخرج له الجماعة وقد زاد الرفع فوجب قبول زيادته والحكم له كيف وقد تابعه على ذلك عمر بن ابراهيم كما اخرجه البيهقى وعمر هذا وثقة ابن حنبل وابن معين وقال عبد الصمد بن عبد الوارث ثقة وفوق الثقة ذكره صاحب لكمال - قال (باب لا تطيع زوجها في معصية) ذكر فيه (ان امرأة زوجت ابنة لها فسقط شعرها فقالت للنبى صلى الله عليه وسلم ان زوجها امرني ان اصل في شعرها فقال لا) الحديث - قلت - ذكر النووي في شرح مسلم انها ان وصلت بشعر طاهر من غير آدمى فان لم يكن لها زوج ولا سيد فحرام وان كان ففيه اوجه اصحها عندهم ان فعلته باذن الزوج أو السيد حازو الا فحرام وكذا لو اذن في تحمير الوجنة والحضاب بالسواد وتطريف لاصابع جاز على الصحيح هذا تلخيص كلام اصحابنا -

ص: 294

قال (باب قوله تعالى - ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء)

ص: 297

ذكر فيه (عن الشافعي قال سمعت بعض اهل العلم يقول) إلى آخره (ثم قال الشافعي وما اشبه ما قالوا عندي بما قالوا - قلت - حكى البيهقى هذا اللفظ عن الشافعي في مواضع وحكاه عن الربيع وغيره وفيه التعجب من شبه الشئ بنفسه ومراده وما اشبه ما قالوا بالحق أو نحوه -

ص: 298

قال (باب الحال التى يختلف فيها النساء)

ص: 300

ذكر فيه الاقامة عند البكر والثيب مرفوعا عن انس - قلت - في الاستذكار لم يرفع حديث خالد الحذاء عن أبى فلابة عن انس في هذا غير أبى عاصم فيما زعموا واخطأ فيه -

ص: 302

قال (باب ما جاء في ضربها يعنى المرأة) ذكر فيه حديث اياس بن عبد الله بن أبى ذباب ثم ذكر (عن البخاري انه قال لا يعرف له صحبة) - قلت - ذكر ابن أبى حاتم في كتابه عن أبى حاتم وأبى زرعة قالا له صحبة وكذا قال أبو عمر في الاستيعاب وذكره ابن حبان والمزى وغيرهما في الصحابة -

ص: 304

قال (باب المختلعة لا يلحقها الطلاق) ذكره من قول ابن عباس وابن الزبير ثم ذكر (انه روى خلافه عن مجهو عن الضحاك بن مزاحم عن ابن مسعود من قوله وهو منقطع ضعييف) - قلت - في مصنف ابن أبى شيبة ثنا وكيع عن على بن مبارك عن يحيى بن أبى كثير قال كان عمران بن حصين وابن مسعود يقولان في التى تفتدي من زوجها لها طلاق ما كانت في عدتها ورجال هذا السند على شرط الجماعة - وفي الاستذكار هو قول أبى حنيفة والثوري والاوزاعي وابن المسيب وشريح وطاوس والزهرى وظاهر الكتاب يشهد لهذا القول لانه تعالى قال (الطلاق مرتان) ثم قال (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) ثم قال (فان طلقها فلا تحل له) وهذا يقتضى وقوع الطلاق بعد الخلع وان من طلق ثنتين فان أخذ فداء له ان يطلق الثالثة وعند الشافعي إذا أخذ فداء لا يطلق الثالثة -

قال (باب الطلاق قبل النكاح)

ص: 317

ذكر فيه حديث (لا طلاق قبل النكاح) - قلت - ذكر صاحب الاستذكار أن هذا الحديث روى من وجوه الا انها عند اهل الحديث معلولة وقال البخاري اصح ما في هذا الباب حديث عمرو بن شعيب - وقال الترمذي هوا حسن شئ روى في هذ الباب - والكلام في عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده معروف - وقد ذكر البيهقى (ان حماد بن سلمة رواه عن حبيب المعلم عن عمرو عن ابيه عن جده عبد الله بن عمرو) ثم ذكر البيهقى (ان بعضهم رواه كذلك) ولم يعين ذلك الغير لينظر فيه وحماد بن سلمة تكلم فيه اعني البيهقى في مواضع وقد ساق الدارقطني وغيره طرق هذا الحديث ولفظهم عن عمرو ابن شعيب عن ابيه عن جده ولم يذكروا عبد الله بن عمرو وقد ذكر البيهقى في باب من قال يرث قاتل الخطاء حديثا من رواية عمرو عن ابيه عن جده عبد الله بن عمرو ثم قال (الشافعي كالمتوقف في روايات عمرو إذا لم ينضم إليها ما يؤكدها) وفي الاستذكار قيل لابن شهاب أليس فد جاء لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل الملك - فقال انما ذلك إذا قال

ص: 318

فلانة طالق ولا يقول ان تزوجتها واما ان قال ان تزوجتها فهى طالق فهو كما قال إذا وقع النكاح وقع الطلاق وبهذا قال مكحول وأبو حنيفة واصحابه وعثمان البتى وروى عن الاوزاعي والثوري وفي موطا مالك بلغه ان عمر وابنه وعبد الله ابن مسعود وسالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وسليمان بن يسار وابن شهاب كانوا يقولون إذا حلف الرجل بطلاق المرأة قبل ان ينكحها ثم اثم ان ذلك لازم له إذا نكحها - وقال صاحب الاستذكار لا اعلم انه روى عن عمر في الطلاق قبل النكاح شئ صحيح وانما روى عنه فيمن ظاهر من امرأة ان تزوجها انه لا يقربها ان نزوجها حتى يكفر وجائز ان يقاس على هذا الطلاق وحكى أبو بكر الرازي هذا القول عن عمرو النخعي والشعبى ومجاهد وعمر بن عبد العزيز قال واتفق الجميع على ان النذر لا يصح الا في ملك وان من قال ان رزقني الله الفا فلله على ان اتصدق بمائة منها انه ناذر في ملك حيث اضافه إليه وان لم يكن مالكا في الحال ولو قال لامته ان ولدت ولدا فهو حر فولدت عتق وان لم يكن مالكا حال القول لانه اضاف العتق إلى

ص: 319

الملك وان لم يكن مالكا في الحال وفى مشكل الحديث للطحاوي وقال عليه السلام لعمر حبس الاصل وسبل الثمرة - فدل على

جواز العقود فيما لم يملكه وقت العقد بل فيما يستأنف واجمعوا على انه ان اوصى بثلث ماله يعتبر وقت الموت لا وقت الوصية وقال الله تعالى (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن) فهذا نظير إن تزوجت فلانة فهى طالق - وفى الاستذكار لم يختلف عن مالك انه ان عمم لم يلزمه وان سمى امرأة أو ارضا أو قبيلة لزمه وبه قال ابن أبى ليلى والحسن بن صالح والنخعي والشعبى والاوزاعي والليث وروى عن الثوري وخرج وكيع عن الاسود أنه طلق امرأة ان تزوجها فسأل ابن مسعود فقال اعلمها بالطلاق ثم تزوجها يعنى انه كان قد تزوجها إذ سأل ابن مسعود فاجابه بهذا وتكون عنده على اثنتين ان تزوجها وروى عنه فيمن قال ان تزوجت فلانة فهى طالق انه كما قال - وقال ابن أبى شيبة ثنا عبد الله بن نمير وأبو اسامة عن يحيى بن سعيد قال كان القاسم وسالم وعمر بن عبد العزيز يرون الطلاق جائزا عليه إذا عين قال وثنا أبو اسامة عن عمر ابن حمزة انه سأل القاسم بن محمد وسالما وابا بكر بن عبد الرحمن وابا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وعبيد الله بن عبد الرحمن عن رجل قال يوم اتزوج فلانه فهى طالق البتة فقالوا كلهم لا يتزوجها وقال ايضا ثنا حفص بن غياث عن عبد الله بن عمر قال سألت القاسم عن رجل قال يوم اتزوج فلانة فهى طالق قال فهى طالق وقال ايضا ثنا اسمعيل بن علية عن عبد الله قلت لسالم بن عبد الله رجل قال وكل امرأة يتزوجها فهى طالق وكل جارية يشتريها فهى حرة فقال اما انا فلو كنت لم انكح

ص: 320

ولم اشتر ثم ذكر البيهقى (عن ابن عباس انه استدل على عدم الوقوع بقوله تعالى - إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن) - قلت - الآية دلت على انه إذا وجد النكاح ثم طلق قبل المسيس فلا عدة ولم تتعرض الآية لصورة النزاع اصلا -

ص: 321

قال باب كراهية الطلاق ذكر فيه حديث (ابغض الحلال إلى الله الطلاق) من طريق محمد بن خالد عن معرف عن محارب عن ابن عمر ثم ذكره من طريق محمد بن عثمان بن أبى شيبة وأبى داود كلاهما عن احمد بن يونس عن معرف عن محارب مرسلا ثم قال (وفي رواية ابن أبى شيبة عن ابن عمر موصولا ولا اراه حفظه) - قلت - اخرجه الحاكم في المستدرك من طريق ابن أبى شيبة

ص: 322

موصولا ثم قال صحيح الاسناد وقد ايده رواية محمد بن خالد الموصولة كما تقدم واخرجه ابن ماجه من طريق عبد الله ابن الوليد الرصافي عن محارب موصولا وقد ذكره البيهقى بعده فهذا يقتضى ترجيح الوصل لانه زيادة وقد جاء من

وجوه -

ص: 323

قال (باب الاختيار أن لا يطلق الا واحدة)(قال الشافعي ولا يحرم ان يطلق ثنتين أو ثلاثا واستدل على ذلك بأنه عليه السلام علم ابن عمر موضع الطلاق ولو كان في عدده مباح أو محظور علمه اياه) - قلت - حديث ابن عمر انما سيق لبيان موضع الطلاق كما ذكر الشافعي ولم يسق لبيان

ص: 327

عدده على انه قد جاء في بعض طرق هذا الحديث انه عليه السلام قال مرة فليراجع ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ذكره البيهقى فيما مضى في باب طلاق السنة والبدعة وعزاه إلى الصحيحين وذلك ليكون بين كل تطليقتين حيضة ففيه دليل على انه لا يوقع اكثر من واحدة قال الخطابى فيه مستدل لمن ذهب إلى ان السنة ان لا يطلق اكثر من واحدة لانه لما امره ان لا يطلق في الطهر الذى يلى الحيض علم انه ليس له ان يطلقها بعد الاولى حتى يستبرئها فخرج من هذا انه ليس له ان يوقع تطليقتين في قرء واحد ثم ان ابن عمر راوي الحديث قد ذكر عنه في الصحيحين في آخر الحديث انه قال ان كنت طلقتها ثلاثا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك وعصيت فيما امرك من طلاق امرأتك - وقد ذكر البيهقى في هذا الباب كلام ابن عمر هذا ثم اوله (بانه عصى حين طلقها في حال الحيض) فيكون راجعا إلى اصل المسألة وهذا تأويل بعيد جدا ومن نظر في كلام ابن عمر علم باول وهلة انه لم يرد هذا بل اراد انه عصى بايقاع الثلاث جملة - وفي مصنف عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال من طلق امرأته ثلاثا طلقت وعصى ربه - وفيه ايضا عن الثوري عن ابن أبى ليلى عن نافع ابن عمر مثله وقال ابن أبى شيبة ثنا اسباط بن محمد عن اشعث عن نافع قال قال ابن عمر من طلق امرأته ثلاثا فقد عصى ربه وبانت منه امرأته وذكر القاضى اسمعيل في احكام القرآن معنى ما ذكرنا ثم قال وقد ذكرنا ما روى عن غير واحد من الصحابة نحو قول ابن عمر وهو الذى لم يزل عليه جماعة اهل العلم وظاهر كتاب الله عزوجل يدل عليه قال الله تعالى يا ايها النبي إذا طلقتم النساء إلى قوله لعل الله يحدث بعد ذلك امرا - فقيل في التفسير انها المراجعة والمراجعة لا تكون لمن طلق ثلاثا ثم ذكر بسند صحيح عن عكرمة لعل الله يحدث بعد ذلك امرا - قال فاى امر يحدث بعد الثلاث ثم ذكر باسانيد نحو ذلك عن الشعبى والضحاك وعطاء وقتادة ثم قال قال الله تعالى فإذا بلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن والذى طلق ثلاثا ليس له من الامساك ولا من الفراق شئ وفي الاشراف لابن المنذر قال اكثر اهل العلم الطلاق الذى

يكون مطلقه مصيبا للسنة ان يطلقها إذا كانت مدخولا بها طلاقا يملك فيه الرجعة واحتجوا بظاهر قوله تعالى (لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك امرا) - واى امر يحدث بعد الثلاث ومن طلق ثلاثا فما جعل الله له مخرجا ولا من امره يسرا وهو طلاق السنة الذى اجمع عليه اهل العلم وما لا رجعة لمطلقه وليس للسنة ومن فعل ذلك فقد خالف ما امر الله به وما سنه عليه السلام وقد امر الله ان يطلق للعدة فمن طلق ثلاثا فاى عدة تحصى واى امر يحدث وقد روينا عن عمرو على وابن مسعود وابن عباس وابن عمر ما يدل على ما قلناه ولم يخالفهم مثلهم ولو لم يكن في ذلك الا ما قالوه لكان فيه كفاية وفي الاستذكار اكثر السلف على ان جمع الثلاث مكروه وليس بسنة وذكر الكراهة عن عمرو ابنه وابن عباس وعمران بن حصين ثم قال لا اعلم لهؤلاء مخالفا من الصحابة الا ما قدمنا ذكره عن ابن عباس وهو شئ لم يروه عنه الا طاوس وسائر اصحابه رووا عنه خلاف الثلاث واحدا يريد بذلك جعل أو سنتكلم عليه قريبا ان شاء الله تعالى ثم ذكر البيهقى (ان الشافعي استدل ايضا بحديث

ص: 328

عويمر وقال فقد طلق ثلاثا ولو كان محرما لنهاه عليه السلام عنه) - قلت - مذهبهم ان الفرقة تقع بنفس اللعان فطلق في غير موضع الطلاق فلم يصادق نفاذا ولا محاز مملوكا لانه طلقها وهى بائن منه والشافعي لا يلحق البائن بالبائن فلذلك استغنى عليه السلام عن الانكار عليه وحكى البيهقى في آخر باب سنة اللعان عن الشافعي (انه اوله بان طلقها ثلاثا جاهلا بان اللعان فرقة فكان كمن طلق عليه بغير طلاقه) وظاهر هذا الكلام انه عليه السلام لم يوقع الثلاث عليه وقال الخطابى اجمعوا على انها لا تحل له بعد زوج آخر وانها ليست في حكم المطلقات ثلاثا فدل على ان الفرقة وقعت بنفس اللعان - ثم قال البيهقى (واحتج الشافعي ايضا بحديث فاطمة بنت قيس ان ابا عمر وبن حفص طلقها البتة يعنى والله اعلم ثلاثا فلم يبلغنا انه عليه السلام نهى عن ذلك) - قلت - قد جاء مصرحا انه طلقها ثلاثا ذكره البيهقى بعد فلا حاجة للشافعي إلى الاستدلال بالبتة وتفسيرها بالثلاث فان ذلك دعوى ثم انه لم يرسل الثلاث جملة ففى الصحيح انه طلقها آخر ثلاث تطليقات وروى طلقها طلقة بقيت من طلاقها ذكره البيهقى فيما بعد في باب المبتوتة لا نفقة لها وعزاه إلى مسلم وجمع النووي بين هذه الروايات بانه طلقها قبل هذه طلقتين ثم طلقها هذه الثالثة فمن روى ثلاثا اراد تمام الثلاث ثم ان المطلق لم يكن حاضرا حتى ينهاه عليه السلام عن ذلك - قلت ثم حكى البيهقى (عن الشافعي انه قال طلق ركانة امرأته البتة فسأله عليه السلام عن نيته ولم نعمله نهى ان يطلق البتة يريد بها ثلاثا) - قلت - هذا الحديث ضعفوه كذا قال صاحب التمهيد وعلى تقدير صحته لا نعلم ماذا كان عليه السلام يريد أن يقول له لو قال اردت الثلاث ثم قال الشافعي وطلق عبد الرحمن امرأته ثلاثا

ثم اخرجه البيهقى بسند فيه محمد بن راشد وسكت عنه وضعفه فيما بعد في باب اللعان على الحمل وقال في باب الدية ارباع

ص: 329

(ضعيف عند اهل العلم بالحديث) وذكر صاحب الموطأ بسند جيد انه طلقها البتة - ولم يذكر الثلاث وذكر ايضا عن ربيعة انه بلغه انها سألته انه يطلقها فطلقها البتة أو تطليقة لم يكن؟؟؟ له عليها من الطلاق غيرها وذكر البيهقى فيما بعد في باب توريث المبتوتة في المرض تطليقة من طرق في بعضها البتة وفي بعضها فبت طلاقها وفي بعضها تطليقة لم يكن بقى له عليها من الطلاق غيرها ولم يذكر الثلاث الا من كلام الشافعي بغير اسناد كما فعل هنا وقال ابن حزم صح انه يعنى عثمان ورث امرأة عبد الرحمن بن عوف الكلبية وقد طلقها وهو مريض آخر ثلاث تطليقات واخرج ابن عساكر في تاريخه في ترجمة تماضر من حديث أبى العباس السراج ثنا قتيبة ثنا الليث عن ابن شهاب عن طلحة بن عبيد الله ان عثمان ورث تماضر من عبد الرحمن بن عوف وكان طلقها تطليقة وهى آخر تطليقاتها الثلاث في مرضه واخرج ايضا من حديث الاوزاعي عن الزهري عن طلحة ان عثمان ورث تماضر وكان عبد الرحمن طلقها تطليقة وهى آخر طلاقها في مرضه واخرج ايضا بسنده إلى ابن سعد صاحب الطبقات انا يزيد بن هارون انا ابراهيم بن سعد عن ابيه عن جده قال كان في تماضر سوء خلق وكانت على تطليقتين فلما مرض عبد الرحمن جرى بينه وبينها شئ فقال والله لئن سألتنى الطلاق لاطلقنك فقالت والله لاسالنك فقال أعلميني إذا حضت وطهرت فلما حاضت وطهرت ارسلت إليه فأعلمته فطلقها - واخرج ايضا بسنده عن ابن اخى ابن شهاب عن عمه عن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن امه ام كلثوم بنت عقبة قالت كان عبد الرحمن قد طلق تماضر تطليقتين فكانت عنده على تطليقة فلما اشتكى شكواه الذى توفى فيه نازعته يوما في بعض الامر - فذكره وفيه انه قال ان آذنتنى بطهرك لاطلقنك فقالت والله لاؤذننك بطهرى فلما طهرت ارسلت إليه جاريتها فأذنته بطهرها فطلقها تطليقة هي آخر طلاقها - ثم ذكر البيهقى - (ان الشافعي احتج ايضا بما رواه عن ابن عباس وأبى هريرة وعبد الله بن عمرو فيمن طلق امرأته ثلاثا قبل ان يدخل بها لا ينكحها حتى تنكح زوجا غيره وانهم لم يعتبوا عليه حين طلق ثلاثا) - قلت

ص: 330

ذكر ابن أبى شيبة بسند رجاله ثقات عن طاوس وعطاء وجابر بن زيد انهم قالوا إذا طلقها ثلاثا قبل ان يدخل بها فهى واحدة وذكر البيهقى فيما بعد في باب طلاق التى لم يدخل بها عن ابن عباس مثل ذلك فما ذكر عن ابن عباس وأبى هريرة

ص: 331

وابن عمرو سيق لبيان نفى القول بالواحدة ولبيان انها تحرم عليه ولم يسق لبيان وصف الثلاث إذا وقعت هل يقع بصفة الكراهة أو بصفة الاباحة - ثم ذكر البيهقى (ان رجلا طلق ثلاثا فقال له ابن عباس عصيت ربك) إلى آخره ثم ذكر من وجه آخر (انه طلق الفا) ومن وجه آخر (مائة) ثم حكى (عن الشافعي انه قال فعاب ابن عباس كلما زاد على الثلاث ولم يعب الثلاث) - قلت - بل عاب الثلاث ايضا لصحة السند الاول الوارد بذلك وقد اخرجه القاضى اسمعيل في احكام القرآن عن سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن ايوب فذكره بسنده واخرجه ابن أبى شيبة من وجه آخر صحيح ايضا فقال ثنا ابن نمير عن الاعمش عن مالك بن الحارث عن ابن عباس اتاه رجل فقال ان عمى طلق امرأته ثلاثا فقال ان عمك عصى الله فأندمه الله فلم يجعل له مخرجا - ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري ومعمر عن الاعمش وذكره البيهقى من هذا الطريق فيما بعد في باب من جعل الثلاث وحدة وهذا شاهد للمروى عن ابن عباس في الوجه الاول - ثم ذكر البيهقى من طريق حميد (عن رافع ان عمران بن حصين سئل عن رجل طلق ثلاثا في مجلس فقال اثم بربه) إلى آخره - قلت - وكذا رواه ايضا ابن أبى شيبة عن سهل بن يوسف عن حميد بسنده وهو مخالف لرأى امامه فلا ادرى لاى شئ ذكره هنا وذكر البيهقى في الباب الذى يلى هذا الباب (ان رجلا اتى عمر فقال طلقت امرأتي البتة وهى حائض فقال عمر عصيت ربك وفارقت امرأتك فقال الرجل وان رسول الله صلى الله عليه وسلم امر ابن عمر حين فارق امرأته ان يراجعها فقال عمر امره

ص: 332

ان يراجع امرأته لطلاق بقى له وانه لم يبق لك ما ترتجع به امرأتك) وذكر هناك ايضا (ان عمر كان إذا اتى بمن طلق امرأته ثلاثا قبل ان يدخل اوجعه (وقال ابن أبى شيبة ثنا على بن مسهر عن شقيق بن أبى عبد الله عن انس قال كان عمر إذا أتى برجل قد طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد اوجعه ضربا وفرق بينهما - وصح عن على انه قال ما طلق رجل طلاق؟؟؟ فندم - ومن طلق ثلاثا يندم ولا يبقى له مخرج كما مر من كلام ابن عباس - وقد ورد في هذا الباب حديث صحيح صريح فاخرج النسائي في باب الثلاث المجموعة وما فيه من التغليظ بسند صحيح عن محمود بن لبيد قال أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطلقيات جميعا فقام غضبان فقال أيلعب بكتاب الله وانا بين اظهركم فقام رجل فقال يا رسول الله الا اقتله - قال (باب امضاء الثلاث وان كن مجموعات)

ص: 333

ذكر فيه (ان الشافعي احتج بحديث العجلاني وفاطمة بنت قيس) - قلت - تقدم الكلام عليهما في الباب الذى قبل هذا -

ص: 334

قال (باب من جعل الثلاث واحدة) ذكر فيه حديث طاوس عن ابن عباس ثم ذكره عن طاوس ان ابا الصهباء قال لابن عباس الحديث

ص: 336

ثم قال (اخرجه مسلم وتركه البخاري اظنه لمخالفته سائر الروايات عن ابن عباس) - قلت - ذكر البيهقى في باب القراءات في العيدين حديث عبيد الله بن عبد الله (ان عمر سأل ابا واقد) ثم قال البيهقى (عبيد الله لم يدرك ايام عمر ومسألته اياه وبهذه العلة ترك البخاري اخراج هذا الحديث) انتهى كلامه وعبيد الله ادرك ابا واقد ولكنه لما قال ان عمر جعل البيهقى ذلك رواية عن عمر ولما لم يدركه جعله بذلك منقطعا فمقتضى هذا ان قول طاوس ان ابا الصهباء دليل على ان ابا الصهباء له مدخل في رواية هذا الحديث عند البيهقى وأبو الصهباء ممن روى عنهم مسلم دون البخاري وتكلموا فيه - قال الذهبي في الكاشف قال النسائي ضعيف فعلى هذا يحتمل ان البخاري ترك هذا الحديث لاجل أبى الصهباء وذكر صاحب الاستذكار ان هذه الرواية وهم وغلط لم يعرج عليها احد من العلماء وقد قيل أبو الصهباء لا يعرف في موالى ابن عباس وطاوس يقول

ص: 337

ان ابا الصهباء مولاه سأله عن ذلك ولا يصح ذلك عن ابن عباس لرواية الثقات عنه خلافه ولو صح عنه ما كان قوله حجة على من هو من الصحابة اجل واعلم منه وهم عمر وعثمان وعلى وابن مسعود وابن عمر وغيرهم - ثم ذكر البيهقى عن الساجى (انه اول حديث ابن عباس بان معناه إذا قال للبكر انت طالق انت طالق انت طالق كانت واحدة فغلظ عليهم عمر فجعلها ثلاثا) ثم قال البيهقى (رواية ايوب السختيانى تدل على صحة هذا التأويل) ثم اخرج الرواية المذكورة من حديث ايوب (عن غير واحد عن طاوس ان ابا الصهباء قال كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل ان يدخل بها جعلوها واحدة) إلى آخره قلت - اراد الساجى بالبكر غير المدخول بها وتأويله هذا الذى استحسنه البيهقى صرح فيه بان الذى استقر عليه الحال في زمن عمر انه إذا قال لغير المدخول بها ثلاث مرات انت طالق تطلق ثلاثا وليس ذلك مذهب الشافعي بل مذهبه انها تبين بالاولى ولا حكم

ص: 338

لما بعدها وهو مذهب أبى حنيفة واصحابه والثوري واحمد واسحق ذكره الخطابى ورواية ايوب ضعيفة فكيف يستدل بها

البيهقى على صحة هذا التأويل الذى خالفه هو وامامه واكثر الفقهاء ثم ظاهر رواية ايوب انها جاءت في ارسال الثلاث جملة على غير المدخول بها - قال الخطابى وقد ذهب إلى هذا الرأى جماعة من اصحاب ابن عباس منهم سعيد بن جبير وطاوس وأبو الشعثاء وعطاء وعمر وبن دينار وقالوا من طلق البكر ثلاثا فهى واحدة وعامة اهل العلم على خلاف قولهم -

ص: 339

قال (باب ما جاء في موضع الطلقة الثالثة من كتاب الله تعالى) ذكر فيه حديثا عن انس ثم قال (وروى عن قتادة عن انس وليس بشئ) - قلت - رواه الدارقطني في سننه فقال - الحسين ابن اسمعيل ثنا عبيد الله بن جرير بن جبلة ثنا عبيد الله بن عائشة ثنا حماد بن سلمة ثنا قتادة عن انس ان رجلا قال يا رسول الله أليس يقول الله (الطلاق مرتان) الحديث قال ابن القطان صحيح، عبيد الله بن محمد بن جعفر يعرف بابن عائشة ثقة احد الاجواد وعبيد الله بن جرير بن جبلة بن أبى رواد قال الخطيب كان ثقة -

ص: 340

قال (باب ما جاء في التخيير)

ص: 344

ذكر فيه (عن حماد عن ابراهيم ان عمرو ابن مسعود كانا يقولان) إلى آخره ثم ذكر (عن الشعبى عن على إذا خير) إلى آخره

ص: 345

قال (وكان ابن مسعود يقول) إلى آخره ثم ذكر (انه يقول بقول ابن مسعود لموافقته معنى السنة المشهورة عن ركانة) ثم قال (الصحيح عن ابن مسعود ما روينا) - قلت - الذى رواه عنه في سنده الاول حماد هو ابن ابى سليمان ضعفه البيهقى فيما مضى في باب الزنا لا يحرم الحلا والنخعي عن عمر وابن مسعود منقطع وقال البيهقى في الباب المذكور (الشعبى عن ابن مسعود منقطع) وقال في باب من اشترى جارية فأصابها فوجدنها عيبا (لم يدرك عمر) وإذا كان هذا حال السندين فكيف يصح ذلك عن ابن مسعود على انه قد جاء عنه خلاف ذلك اخرج ابن ابى شيبة بسند صحيح إلى الشعبى قال قال ابن معسود إذا خير الرجل امرأته فاختارت نفسها فواحدة بائنة وان اختارت زوجها فلاشئ - وقد تقدم ان حديث ركانة ضعفوه فكيف يسمى سنة مشهورة - ثم ذكر البيهقى عن شعبة عن أبى حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق عن عبد الله

(إذا قال استفلحى امرك أو امرك لك أو وهبها لاهلها) إلى آخره ثم قال (الصحيح انه من قول مسروق) ثم استدل على ذلك بما اخرجه من طريق اسرائيل عن ابى حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق انه قال إلى آخره - قلت - الصحيح انه من

ص: 346

قول عبد الله لان شعبة اجل من اسرائيل بلا شك وقد زاد في السند عبد الله فيحمل على ان مسروقا رواه عن عبد الله مرة وانه مرة اخرى افتى بذلك ويؤيد ذلك ان عبد الرزاق روى عن قيس بن الربيع عن أبى حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق عن عبد الله قال ان قبلوها فهى واحدة بائنة - فوافق قيس شعبة في ذكر عبد الله وروى عبد الرزاق ايضا عن الثوري عن اشعث عن الشعبى عن مسروق عن ابن مسعود قال يعنى في الموهوبة ان قبلوها فواحدة بائنة وان لم يقبلوها فليس بشئ - فوافق الشعبى في هذا الطريق يحيى بن وثاب على ذكر عبد الله في الموهوبة - ثم قال البيهقى (وقد روى عن شريك عن أبى حصين مرفوعا إلى عبد الله في الهبة فقبلوها فهى تطليقة وهو احق بها) - قلت - لم يذكر سنده إلى شريك وقد قال ابن أبى شيبة ثنا شريك عن أبى حصين عن يحيى بن وثاب قال اصحابنا هو عن مسروق عن عبد الله إذا قال الرجل استفاحى بامرك أو اختاري أو قد وهبتك لاهلك فهى تطليقة - وليس فيه وهو احق بها وفي سنده هذا المجهول وشريك متكلم فيه فلا تعارض هذه الرواية رواية شعبة لصحة سندها ولمتابعة رواية الشعبى لها - قال (باب ما جاء في التمليك) ذكر فيه عن الشافعي حكاية عن عبيد الله بن موسى عن ابن أبى ليلى عن طلحة عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله (قال لا يكون طلاق بائن الاخلع أو ايلاء) - قلت - فيه فيه اشياء - اولها - ان الشافعي لم يذكر سنده - الثاني - ان ابن أبى ليلى متكلم فيه

ص: 347

الثالث - ان ابن أبى شيبة رواه عن وكيع وابن عيينة عن ابن أبى ليلى عن طلحة عن ابراهيم عن عبد الله ولم يذكر علقمة وكذلك رواه عبد الرزاق عن الثوري عن ابن أبى ليلى والثوري ووكيع وابن عيينة ائمة اكابر كل منهم اجل من عبيد الله - الرابع - انه تقدم قريبا عن ابن مسعود بسند صحيح انه جعل استفلحى بامرك أو امرك لك أو وهبها لاهلها تطليقة بائنة فهذه اشياء زائدة عن الخلع والايلاء - ثم ذكر البيهقى بسنده (عن عبد الله بن الوليد ثنا سفيان عن اشعث عن الشعبى عن مسروق عن ابن مسعود قال ان قبلوها فواحدة وهو احق بها - قلت - ابن الوليد هو العدنى متكلم فيه يسيرا قال احمد لا يحتج به ولم يعرفه ابن معين وعلى كل حال عبد الرزاق اجل منه وقد تقدم انه رواه عن الثوري بالسند المذكور ولفظه

ان قبولها فواحدة باثنة - ثم ذكر البيهقى عن الشافعي حكاية عن شريك عن أبى حصين إلى آخره - قلت - قد تكلمنا عليه

ص: 348

في الباب السابق - ثم ذكر حديث كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة ثم قال (لم يثبت من معرفته ما يوجب قبول روايته وقول العامة بخلافه) - قلت - هو كثير بن أبى كثير معروف روى عنه ايوب وقتادة ومنصور وغيرهم وقال احمد ابن عبد الله بصرى تابعي ثقة وروى له اصحاب السنن الاربعة وذكره ابن حبان في ثقات التابعين وقال وروى عنه قتادة والبصريون وخرج الحاكم في المستدرك حديثه وقال غريب صحيح وقد ذكرنا في النكاح جماعة من الصحابة والتابعين وغيرهم حدثوا بالحديث ثم نسوه -

ص: 349

قال (باب من قال لامرأته انت على حرام)

ص: 350

قال فيه (وروينا فيما مضى عن على انها ثلاث إذا نوى الا انها رواية ضعيفة) - قلت - اراد بذلك ما ذكره في باب من قال في الكنايات انها ثلاث وذكر هناك عن على روايتين الاولى - (انه جعل الخلية والبرية والبتة والحرام ثلاثا - والثانية - إذا نوى فهى بمنزلة الثلاث ثم قال (الرواية الاولى اصح اسنادا) وظاهر هذا يقتضى صحة الثانية وهو مخالف لقوله في هذا الباب الا انها ضعيفة - وقال صاحب الاستذكار الصحيح عن على انها ثلاث وكذا مذهب زيد وذهب الشافعي رحمه الله إلى انه إذا قال لزوجته أو امته انت على حرام ونوى تحريم عينها تلزمه كفارة يمين بنفس الللفظ ولا يكون يمينا وان قال ذلك لطعام أو لشراب أو نحوهما فهو لغو ولا شئ عليه بتناوله - وقال القاضى عياض اختلف في سبب نزول قوله تعالى (لم تحرم ما احل الله لك) - فقالت عائشة في قصة العسل وعن زيد بن اسلم في تحريم ما رية والصحيح انه في العسل لا في قصة ما رية التى لم تأت من طريق صحيح - انتهى كلامه وظهر منه ان تحريم العسل يمين بظاهر قوله تعالى (قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم) فان صحت قصة مارية يحتمل ان الآية نزلت في الامرين ففيها دليل على ان تحريم الامة ايضا يمين بخلاف ما قاله الشافعي وليس في النص الا التحريم فقط فمن ادعى انه عليه السلام حرم وحلف فقد زاد على النص - وذكر البيهقى في هذا الباب عن جماعة من الصحابة وغيرهم (قالوا الحرام يمين بكفرها) وهذا يرد قول الشافعي ولا يكون يمينا وإذا كان الحرام يمينا فاليمين لا يكفر الا بعد الحنث وكلام هؤلاء محمول على ما إذا اطلق التحريم ولم يكن له نية وكلام على وغيره ممن جعله طلاقا

محمول على ما إذا نوى الطلاق -

ص: 352

قال (باب طلاق التى لم يدخل بها)

ص: 354

ذكر فيه في آخره حديث طلاق التى لم يدخل بها واحدة ثم قال (يحتمل ان صح ان يكون اراد أن طلاقها طلاق المدخول بها واحد كما قال ابن مسعود) - قلت لفظ ابن مسعود المطلقة ثلاثا قبل ان يدخل بها بمنزلة التى قد دخل بها وقد ذكره البيهقى فيما مضى في باب امضاء الثلاث وهذا الحديث لا ذكر فيه للمدخول بها فتأويل البيهقى له ظعيف وفيه علتان وهو ابعد ما يكون من الصحة فكان الوجه رده كما فعله اولا ولا حاجة إلى تأويله -

ص: 355

قال (باب طلاق المكره) ذكر فيه عن الشافعي في قوله تعالى (الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان) - قال (الاعظم ذا سقط عن الناس سقط ما هو اصغر منه) - قلت - الكفر يعتمد الاعتقاد بدليل انه لو نوى الكفر بقلبه يكفر والاكراه يمنع الحكم بالاعتقاد في الظاهر والطلاق يعتمد ارسال اللفظ مع التكليف وهذا موجود في طلاق المكره ولهذا لو نوى الطلاق لم يقع - ثم ذكر البيهقى حديث التجاوز عن الخطأ والنسيان والاكراه من حديث أبى العباس محمد بن يعقوب ثنا الربيع بن سليمان ثنا بشر بن بكر ثنا الاوزاعي عن عطاء عن عبيد بن عمير عن ابن عباس ثم قال (ورواه الوليد بن مسلم عن الاوزاعي فلم يذكر عبيد بن عمير

ص: 356

ابن عمير) قلت - وايضا اختلف فيه على الربيع قال صاحب المستدرك وثنا أبو العباس غير مرة يعنى محمد بن يعقوب ثنا الربيع بن سليمان ثنا ايوب بن سويد ثنا الاوزاعي عن عطاء عن عبيد - فذكره - ثم ذكر البيهقى حديث (وضع الله عن امتى الخطاء) إلى آخره - قلت - نفس الفعل ليس بموضوع فالمراد وضع الاثم ولفظ البخاري في الحديث السابق يدل على ذلك - فان قالوا - المراد رفع الحكم - قلنا - حكم الخطاء ليس بموضوع بالاجماع بدليل وجوب الدية وضمان الاموال ثم ذكر البيهقى حديث (لا طلاق ولا عتاق في اغلاق) من حديث محمد بن اسحاق عن ثور بن يزيد عن محمد بن عبيد عن صفية - قلت - اختلف فيه عن ثور فاخرجه ابن ماجه في سننه من طريق محمد بن اسحاق عنه عن عبيد بن أبى صالح عن صفية

وفيه علة اخرى وهى ان عبد الله بن سعيد الاموى رواه عن ثور فأسقط من الاسناد محمد بن عبيد ذكره صاحب المستدرك

ص: 357

وفى الاستذكار كان الشعبى والنخعي والزهرى وابن المسيب وأبو قلابة وشريح في رواية يرون طلاق المكره جائزا وبه قال أبو حنيفة واصحابه والثوري وكذا ذكرهم ابن المنذر في الاشراف الا انه ابدل شريحا بقتادة ويدل لهذا المذهب ما رواه أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة - صحيح الحاكم اسناده وقال الترمذي حسن غريب والعمل عليه عند اهل العلم والصحابة وغيرهم وذكره البيهقى فيما مضى في باب صرائح الفاظ الطلاق واحتج الطحاوي بقوله عليه السلام لحذيفة ولابيه حين حلفهما المشركون نفى لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم - قال وكما ثبت حكم الوطئ في الاكراه فيحرم به على الواطئ ابنة المرأة وامها فكذا لا يمنع الاكراه وقوع ما حلف عليه -

ص: 358

قال (باب طلاق العبد بغير اذن سيده) ذكر فيه حديثا عن أبى الحجاج المهرى عن موسى بن ايوب عن عكرمة عن ابن عباس ثم قال (خالفه ابن لهيعة فرواه عن موسى بن ايوب عن عكرمة مرسلا) - قلت - اخرجه ابن ماجه في سننه من طريق ابن لهيعة موصولا كرواية المهرى فقال ثنا محمد بن يحيى ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ثنا ابن لهيعة عن موسى بن ايوب الغافقي عن عكرمة عن ابن عباس فذكره - قال (باب الاستثناء في الطلاق والعتاق والنذر)

ص: 360

ذكر فيه حديث ابن عمر (إذا حلف الرجل) الحديث ثم قال (وروى فيه حديث ضعيف عن معاذ) - قلت - ظاهر هذا الكلام مع قوله في آخر هذا الباب (وفي حديث ابن عمر كفاية) انه صحيح وقد اعاده البيهقى في كتاب الايمان وذكر فيه علتين - احداهما - ان ايوب كان يرفعه ثم تركه - والثانية - ان رواية الجماعة من اوجه صحيحة عن نافع عن ابن عمر من قوله غير مرفوع - ثم ذكر البيهقى حديثا في سنده حميد بن مالك فقال (مجهول) - قلت - روى عنه ابنه الربيع

ص: 361

واسمعيل بن عياش ومعاوية بن حفص والمسيب بن شريك كذا ذكر ابن عدى فليس هو بمجهول لكنه ضعيف -

قال (باب توريث المبتوتة في المرض) ذكر فيه (عن عبد الله بن الزبير أن عبد الرحمن بن عوف طلق تماضر فبتها ثم مات وهى في عدتها فورثها عثمان) ثم ذكر عن (ابن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف وأبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ان عثمان ورثها بعد انقضاء عدتها) ثم قال (قال الشافعي حديث ابن الزبير متصل وحديث ابن شهاب مقطوع) - قلت - الظاهر ان حديث ابن شهاب ايضا متصل ويدل عليه ما حكاه البيهقى بعد عن الشافعي انه قال في الاملاء ورثها عثمان بعد انقضاء العدة وهو فيما يخيل إلى اثبت الحديثين - ثم قال البيهقى (والذى يؤكد رواية ابن شهاب عن طلحة وأبى سلمة ما انا أبو الحسين) فذكر بسنده (عن يونس عن ابن شهاب قال سمعت معاوية بن عبد الله بن جعفر يقول هذا السائب بن يزيد يشهد على قضاء عثمان في تماضر ورثها من

ص: 362

عبد الرحمن بعد ما حلت) إلى آخره ثم قال البيهقى (وتابعه ابن اخى ابن شهاب عن عمه) وفي الاستذكار اختلف عن عثمان هل ورث زوجة عبد الرحمن في العدة أو بعدها واصح الروايات انه ورثها بعد انقضاء العدة ثم ذكر البيهقى (ان الشافعي) حكى عن بعضهم انها ترث ما لم تنقض العدة) قال (ورواه عن عمر باسناد لا يثبت مثله) ثم ذكر البيهقى (عن ابراهيم عن عمر) ثم قال (منقطع) - قلت - في مصنف ابن أبى شيبة ثنا جرير بن عبد الحميد عن مغيرة عن ابراهيم عن شريح قال اتانى عروة البارقى من عند عمر في الرجل يطلق امرأته ثلاثا في مرضه انها ترثه ما دامت في العدة ولا يرثها - قال ابن حزم وانما يصح من هذا الطريق وقال ابن ابى شيبة ثنا يزيد بن هارون انا سعيد بن أبى عروبة عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة قال في المطلقة ثلاثا وهو مريض ترثه ما دامت في العدة - وقال ايضا ثنا عباد بن العوام عن اشعث عن الشعبى ان ام البنين ابنة عيينة بن حصن كانت تحت عثمان بن عفان فلما حصر طلقها وقد كان ارسل إليها يشترى منها ثمنها فأبت فلما قتل اتت عليا فذكرت ذلك له فقال تركها حتى إذا اشرف على الموت طلقها، فورثها - وهذا السند رجاله على شرط مسلم - ثم حكى البيهقى (عن الشافعي انه قال لا ترث قال الربيع وهو قول ابن الزبير وعبد الرحمن طلقها على انها لا ترثه)

ص: 363

قلت - وقد روى عن ابن الزبير ما ظاهره انه وافق الجماعة على التوريث فذكر ابن حزم بسنده عن الحجاج بن ارطاة عن ابن ابى مليكة عن ابن الزبير أنه قال لولا ان عثمان ورثها لم ار لمطلقة ميراثا - وروى ايضا عن عبد الرحمن بن عوف ما يدل ظاهره على موافقته لعثمان في ذلك وهو ان ابن عساكر اخرج في تاريخه من حديث هشام بن عروة عن عبد الرحمن انه

طاق امرأته في مرضه فقال له عثمان اما انك ان مت ورثتها فقال له عبد الرحمن اما انى لا اجهل ذلك ولكني كانت على يمين فمات فورثها منه عثمان - قال ابن حزم وروينا من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن ابيه ان عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته ثلاثا في مرضه فقال له عثمان لئن مت لاورثنها منك فقال قد علمت فمات في عدتها فورثها عثمان - وفي الاستذكار روى عن عمرو على في المطلق ثلاثا وهو مريض انها ترثه ان مات في مرضه ذلك - وروى مثله عن عائشة ولا اعلم لهم مخالفا من الصحابة وجمهور علماء المسلمين وافقوا الصحابة الا طائقة فانهم وافقوا ابن الزبير في ان لا ترث مبتوتة بحال وعند ابن حنبل ترثه بعد العدة ما لم يتزوج وعن مالك ترثه بعد العدة ولو تزوجت ازواجا - قال (باب الشك في الطلاق) ذكر فيه (عن ابن عباس في رجل له اربع نسوة فطلق احداهن ولم يدر أيهن إلى آخره) - قلت - الطلاق لا شك فيه بل في المطلقة فهو غير مناسب للباب - قال (باب ما يهدم الزوج من الطلاق)

ص: 364

ذكر فيه (عن ابن عمرو ابن عباس انها تكون على طلاق مستقبل) - قلت - وبه قال عطاء وشريح وابراهيم وميمون بن مهران وأبو حنيفة وأبو يوسف كذا في الاستذكار - ثم ذكر البيهقى اثرا عن عبد الا على عن ابن الحنيفة عن على ثم؟؟؟ (روايات عبد الاعلى عن ابن الحنيفة ضعيفة عند اهل الحديث) - قلت - هذا يوهم ان رواياته عن غير ابن الحنفية ليست

ص: 365

بضعيفة وعبد الاعلى هذا ذكره ابن الجوزى في الضعفاء وقال ضعفه احمد وأبو زرعة وقال البيهقى في باب اخراج زكاة الفطر (هو غير قوى) -

ص: 366

قال (باب عدد طلاق العبد)

ص: 368

ذكر فيه حديث القاسم عن عائشة ثم ذكر كلاما عن القاسم وفيه سنده هشام بن سعد - قلت - سنتكلم على هذا الحديث في كتاب العدة ان شاء الله تعالى وهشام هذا ضعفه النسائي وغيره وقال يحيى ليس بشئ - ثم ذكر البيهقى (عن على الطلاق

اراه قال بالرجال والعدة بالنساء -) - قلت - هذا لا يصح بل صحح ابن حزم عن على انه قال السنة بالنساء يعنى الطلاق والعدة وفي الاستذكار قال الكوفيون أبى حنيفة واصحابه والثوري والحسن بن حى الطلاق والعدة بالنساء وهو قول على وابن

ص: 370

مسعود وابن عباس في رواية وبه قال ابراهيم والحسن وابن سيرين ومجاهد - ثم ذكر البيهقى حديث ابن عباس في مملوك تحته مملوكة فطلقها ثنتين ثم اعتقا له ان يخطبها - وفي سنده عمرو بن معتب عن أبى الحسن فذكر عن ابن المبارك انه قال من أبو الحسن هذا لقد تحمل صخرة عظيمة يريد به انكار ما جاء به من هذا الحديث ثم ذكر (عن ابن الدينى ان عمرو بن معتب مجهول لم يرو عنه غير يحيى بن أبى كثير) - قلت - ذكر ابن أبى حاتم في كتابه عن أبى عبد الله بن أبى عمر الطالقاني قال سمعت عبد الملك بن عبد الحميد الميمونى قال قال لنا احمد بن حنبل اما أبو الحسن فعندي معروف وابن معتب ذكره ابن حبان في الثقات من اتباع التابعين وذكر صاحب الكمال عن ابن حنبل انه روى عنه محمد بن أبى يحيى ايضا - ثم ذكر البيهقى (ان عامة الفقهاء على خلافه يعنى حديث ابن عباس وانه روى عن ابن مسعود وجابر من قولهما بخلافه) ثم ذكر اثر ابن مسعود في مملوك طلق امرأته تطليقتين ثم اعتقت (قال لا يتزوجها حتى تنكح زوجا غيره) وذكر (عن جابر قال إذا اعتقت في عدتها فانه يتزوجها وتكون عنده على واحدة) - قلت ليس في اثر ابن مسعود انه اعتق وإذا كان رقه باقيا وقلنا العبرة بحاله فانه لا يتزوجها وفي حديث ابن عباس الرجل ايضا اعتق فلا يلزم من منع ابن مسعود النكاح في اعتاقها خاصة ان يمنعه في اعتاقهما فلم يتحقق مخالفته لحديث ابن عباس وكلام جابر ايضا لم يتعرض لا عتاقه فيحمل على ان مراده إذا اعتق هو ايضا فكلامه حينئذ موافق لحديث ابن عباس لا مخالف ولا يحمل على ما إذا اعتقت هي خاصة وهو مملوك لانه لا يجوز ان يتزوجها إذا كان العبرة بحاله ولئن جوز جابر النكاح في هذه الصورة فانه يجوز فيما إذا اعتقاد بالطريق الاولى فثبت انه ايضا على كل حال غير خالف لحديث ابن عباس -

ص: 371

قال (باب الرجعية محرمة عليه تحريم المبتوتة حتى يراجعها) ذكر فيه (ان ابن عمر طلق امرأته فكان يسلك الطريق الآخر كراهية ان يستأذن عليها) وذكر (عن عطاء وعمرو بن دينار قالا لا يحل له منها شئ) - قلت رجع امام الحرمين ان الطلاق الرجعى لا يزيل الملك واستدل على ذلك النووي في الروضة بوقوع الطلاق وعدم الحدو صحة الا يلاء والظهار واللعان وثبوت الارث وصحة الخلع وعدم الاشهاد على الاظهر

فيهما واشتهر لفظ الشافعي ان الرجعية زوجة في خمس آيات من كتاب الله تعالى واردا الآيات المشتملة على هذه الاحكام وقال ابن حزم واذهى زوجته جاز أن ينظر منها إلى ما كان ينظر قبل ان يطلقها وان يطأها إذ لم يأت نص يمنعه من شئ من ذلك وقد سماه الله تعالى بعلا فقال وبعولتهن احق بردهن - وروينا عن الحكم بن عتيبة وسعيد بن المسيب ان الوطئ رجعة وصح هذا عن النخعي وطاوس والحسن والزهرى وعطاء ورويناه عن الشعبى وروى عن ابن سيرين وهو قول الاوزاعي وابن أبى ليلى وقال مالك وابن راهويه ان نوى بالنكاح الرجعة فهو رجعة انتهى كلامه - وفي نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمع الفقهاء على ان الجماع في العدة رجعة الا الشافعي قال ليست رجعة - وروى الطحاوي بسنده عن ابراهيم النخعي والشعبى قالا إذا جامع ولم يشهد فهى رجعة - وعن النخعي غشيانه لها في العدة مراجعة - وعن الحكم وعطاء مثله - قال الطحاوي ولا نعلم لمخالف هذا القول اما ما كاحد من هؤلاء - وحكى صاحب الاستذكار عن الشافعي انه ان جامعها فليس برجعة ولها عليه مهر المثل قال ولا اعلم احدا اوجب عليه مهر المثل غيره ولس قوله بالقوى لانها في حكم الزوجات وترثه ويرثها فكيف يجب مهر بوطئه امرأة في حكم الزوجة وروى عن على انه قال لتتشوف له وكان جماعة من فقهاء التابعين يأمرون الرجعية ان تتزين وتتعرض لزوجها انتهى كلامه - ولم يكن لابن عمر مقصود في الاستئذان عليها ولو اراده لجاز له فكذا لا يلزم من تركه الاستئذان امتناعه فكذا لا يلزم امتناع الوطئ لوارده - وقد روى عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر عن نافع ان ابن عمر طلق امرأته تطليقة فكان يستأذن عليها إذا اراد ان يمر - وروى ابن أبى شيبة عن عبيد الله نحوه وذكره البيهقى بعد هذا قريبا وقد ترك هو وامامه ما دل عليه ظاهر القرآن من بقاء الملك استدلا لا بما تقدم مع ان الصحيح الجديد عندهم عدم الاحتجاج بآثار الصحابة فكيف من دونهم -

ص: 372

قال (باب الاشهاد على الرجعة) ذكر فيه (عن عمران بن حصين انه سئل عن رجل طلق ولم يشهد وراجع ولم يشهد فقال طلق في غير عدة وراجع في غير سنة فليشهد الآن) - قلت - ظاهره ان الاشهاد ليس بواحب لانه جعله مراجعا وان ترك السنة قال الطحاوي ولا نعلم له مخالفا من الصحابة وروى بسنده عن ابراهيم والشعبى قالا إذا جمع ولم يشهد فهى رجعة ومعنى قوله تعالى (فأمسكوهن) أي راجعوهن (بمعروف أو فارقوهن) أي خلوا عنهن حتى يبن منكم (بمعروف) فينكحن من بدالهن ثم قال تعالى (واشهدوا) أي على هذين الفعلين قال ابن عباس اراد الرجعة والطلاق ذكره ابن عطية في تفسيره والاشهاد على الطلاق ليس بواجب

فكذا الرجعة والامر بالاشهاد للندب كقوله تعالى (واشهدوا إذا تبايعتم)(فإذا دفعتم إليهم اموالهم فأشهدوا عليهم) - قال (باب نكاح المطلقة ثلاثا)

ص: 373

ذكر فيه حديث سفيان عن علقمة عن رزين عن ابن عمر ثم ذكر (عن شعبة انه خالف سفيان) ثم قال (ورواية سفيان اصح واسدل عليه (بان قيس بن الربيع رواه عن علقمة كذلك) - قلت - قد رواه عن علقمة كرواية سفيان غيلان بن جامع كذا ذكر المزى في اطرافه وغيلان خرج له في الصحيح فهذا هو المرجح لرواية سفيان لا رواية قيس فانه ضعيف عند اهل العلم بالحديث كذا ذكره البيهقى في باب من زرع ارض غيره بغر اذنه -

ص: 375

قال (باب من قال يوقف المولى)

ص: 376

ذكره عن جماعة وذكر اثرا عن هشيم عن الشيباني عن بكير إلى آخره ثم قال (اسناد صحيح موصول) - قلت - سنذكر في الباب التالى لهذا الباب عن جماعة ممن ذكرهم في هذا الباب بخلاف ذلك وهشيم مدلس وقد عرف ان عنعنة المدلس قادحة في الصحة -

ص: 377

قال (باب من قال عزم الطلاق انقضاء الاشهر)

ص: 378

ذكر فيه (عن على بن بذيمة عن أبى عبيدة عن مسروق عن عبد الله) إلى آخره ثم قال (قال الشافعي اما ما رويت فيه عن ابن مسعود فمرسل وحديث ابن بذيمة لم يسنده غيره يعنى لم يوصله ولو ثبت لكان قول بضعة عشر من الصحابة اولى من قول واحد أو اثنين) - قلت رواية ابن بذيمة سندها جيد لانه ثقة عندهم وثقه ابن معين وأبو زرعة وابن سعد والعجلي والنسائي وغيرهم واخرج له الجماعة وقد روى معنى هذا عن ابن مسعود بسندين آخرين صحيحين قال ابن أبى شيبة ثنا ابن عيينة عن منصور عن ابراهيم عن علقمة قال آلى ابن انس من امرأته فلبثت ستة اشهر فبينما هو جالس في المجلس إذ ذكر فأتى ابن مسعود فقال اعلمها انها قد ملكت امرها إلى آخره - وقال ايضا ثنا ابن علية عن ايوب عن أبى قلابة ان النعمان بن

بشير آلى من امرأته فقال ابن مسعود إذا مضت اربعة اشهر فاعترفت بتطليقة - وقد روى ايضا عنه من وجهين مرسلين احدهما - رواه أبو حنيفة في مسنده عن عمرو بن مرة عن أبى عبيدة عن ابن مسعود قال إذا آلى الرجل من امرأته فمضت اربعة اشهر بانت بتطليقة وكان خاطبا في العدة لا يخطبها في العدة غيره - والثانى - رواه ابن ابى شيبة عن جرير عن المغيرة عن النخعي، وقد ذكر البيهقى في هذا الكتاب عن ابن معين ان مرسلات النخعي صحيحة الا حديثين ليس هذا منهما وقد بسطنا الكلام على صحة مرسل النخعي في باب المبتوتة وظهر بهذا كله ان ابن مسعود يرى وقوع الطلاق بمضي المدة ولهذا قال صاحب الاستذكار هو مذهبه المحفوظ عنه - وقال ابن أبى شيبة ثنا حفص ويزيد بن هارون عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن على قال إذا مضت اربعة اشهر فهى تطليقة بائنة - وقال ابن حزم روينا من طريق حماد بن سلمة عن قتادة عن خلاس بن عمرو أن عليا قال إذا مضت الاربعة الاشهر فقد بانت عنه ولا يخطبها غيره - وقال الطحاوي في احكام القرآن ثنا ابراهيم بن مرزوق ثنا وهب بن جرير ثنا شعبة عن سماك بن حرب عن عطية بن جبير عن ابيه عن على انها تطلق بمضي المدة - وعطية هذا ذكره ابن حبان في الثقات - وقال ابن أبى شيبة ثنا وكيع عن الاعمش عن حبيب هو ابن أبى ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عمرو وابن عباس قال إذا آلى فلم يفئ حتى يمضى الاربعة الاشهر فهى تطليقة بائنة - وقال ايضا ثنا ابن فضيل عن الاعمش فذكر بسنده بمعنى ما تقدم وقال ايضا ثنا وكيع عن شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال عزيمة الطلاق انقضاء الاربعة والفئ الجماع وهذه الاسانيد الثلاثة صحيحة فظهر بهذا ان هذا

كذا ولعل الصواب ابن عمر -

ص: 379

القول قد صح عن اكثر من واحد واثنين من الصحابة - وفي الاشراف لابن المنذر كذا قال ابن عباس وابن مسعود وروى ذلك عن عثمان بن عفان وعلى وزيد بن ثابت وابن عمر - وقال صاحب الاستذكار هو قول ابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت ورواية عن عثمان وابن عمر وهو قول أبى بكر بن عبد الرحمن وهو الصحيح عن ابن المسيب ولم يختلف فيه عن ابن مسعود وقاله الاوزاعي ومكحول والكوفيون أبو حنيفة واصحابه والثوري والحسن بن صالح وبه قال عطاء وجابر بن زيد ومحمد بن الحنفية وابن سيرين وعكرمة ومسروق وقبيصة بن ذؤيب والحسن والنخعي وذكره مالك عن مروان بن الحكم واخرج ابن أبى شيبة عن أبى سلمة وسالم إذا مضت المدة فهى تطليقة - ثم حكى البيهقى (عن الشافعي انه قال في احتجاجهم بقول ابن عباس انت تخالفه في الايلاء ثم ذكر الشافعي بسنده ان ابن عباس قال المؤلى الذى يحلف

لا يقرب امرأته ابدا) - قلت - ان ارادا ابن عباس ان هذه صورة من صور الايلاء فابو حنيفة واصحابه لا يخالفونه بل يقولون بهذا اللفظ يصير مؤليا ويصير بغيره ايضا وان اراد ابن عباس الحصروان من لا يحلف على الابد لا يكون مؤليا فالحنيفة لم يخالفوه وحدهم بل الشافعي وعامة العلماء خالفوه ولم يقصروا الايلاء على الحلف على الابد فلا يلزم من مخالفة ابن عباس في هذا ان يخالف في غيره وقد ذكر البيهقى بعد هذا في باب الرجل يحلف لا يطأ امرأته اقل من اربعة اشهر (عن ابن عباس انه قال وقت الله اربعة اشهر فان كان اقل من اربعة اشهر فليس بايلاء) وهذا ظاهره مخالف لما ذكره ههنا عن ابن عباس -

ص: 380

قال (باب كل يمين اكثر من اربعة اشهر ايلاء) - قلت - في احكام القرآن لابي بكر الرازي قال مالك والشافعي إذا حلف على اربعة اشهر فليس بمؤل حتى يحلف على اكثر - قال الرازي هذا قول يدفعه ظاهر قوله تعالى تربص اربعة اشهر - فجعل هذه المدة تربصا للفئ فيها ولم يجعل تربصا اكثر منها فمن حلف على هذه المدة اكسبه ذلك حكم الايلاء ولا فرق بين الاربعة وبين اكثر منها إذ ليس له تربص اكثر منها - وذكر البيهقى في هذا الباب (عن ابن عباس قال كل يمين منعت جماعا فهى ايلاء) - قلت - هذا عام يشمل اربعة اشهر واقل واكثر فهو غير مطابق للياب -

ص: 381

قال (باب المظاهر الذى تلزمه الكفارة) ذكر فيه (عن الشافعي قال والذى حفظت في يعودون لما قالوا - ان المظاهر إذا أتت عليه مدة بعد الظهار ولم يحرمها بالطلاق ولا بغيره فقد وجب الكفارة كأنهم يذهبون إلى انه إذا امسك ما حرم على نفسه فقد عاد لما قال فخالفه فأحل ما حرم ولا اعلم له معنى اولى به من هذا ولا اعلم مخالفا ان عليه الكفارة وان لم يعد بتظاهر آخر فلم يجز أن يقال ما لم اعلم مخالفا في انه ليس بمعنى الآية) - قلت - قد خالف في ذلك بعضهم فزعم انه لا كفارة حتى يكرر لفظ الظهار مرة ثانية قال ابن حزم روى ذلك عن بكير بن الاشج ويحيى بن زياد الفراء وروى نحوه عن عطاء انتهى كلامه ثم في تفسير العود اقوال اخر غير ذلك مذكورة في بعضها فقيل هو الوطئ والمشهور عن مالك انه العزم على الوطئ وهو مذهب أبى حنيفة واحمد وذكر النووي ان ابا حاتم القزويني حكاه قولا عن القديم للشافعي وقال القاضى اسمعيل إذا قصد الوطئ فقد قصد ابطال

ما كان منه من التحريم فقد عاد في ذلك القول كما يقال عاد في هبته أي رجع عنها وما ذهب إليه الشافعي من تفسيره بالامساك استضعفه اسمعيل وغيره وردوه باشياء - منها - ان المظاهر لم يفارق زوجته وامساكه لها موجود حال الظهار وقبله وبعده وانما فارق المسيس فهو يريد أن يعود - ومنها - ان الامساك وترك الطلاق متصل بالظهار وقوله ثم يعودون - يقتضى تراخى العود - ومنها - ان العود يقتضى احداث معنى يكون به عامدا والامساك بقاء على الحالة الاولى وبقاء الانسان على حالته لا يسمى عودا إليها فيقال للشافعي قد علم ان ثم مخالفا يقول بان العود هو التكرير ثم لو لم يقل بذلك احد ففى تفسير العود اقوال اخر فلم يتعين انه الامساك كما اخترته انت مع ما فيه - وحكى الطحاوي في احكام القرآن عن الشافعي قال لو اتبع الظهار طلاقا يحرمها عليه ثم راجعها فعليه الكفارة ولو طلقها ساعة نكحها لان مراجعته اياها اكثر من حبسها بعد الظهار ثم قال قال المزني هذا خلاف لاصله وهو ان كل نكاح جديد لا يعمل فيه طلاق ولا ظهار الا جديد ثم ان البيهقى اقتصر في هذا الباب على حديث مرسل لابي العالية الرياحي وقد قال الشافعي حديث الرياحي رياح وحكى البيهقى في باب ترك الوضوء

ص: 384

من القهقهة في الصلاة عن ابن سيرين انه كان لا يبالى عمن اخذ حديثه وفي سنده ايضا على بن عاصم قال ابن معين ليس بشئ وقال النسائي متروك وقال يزيد بن هارون مازلنا نعرفه بالكذب وفيه ايضا من يحتاج إلى النظر في حاله فان كان اقتصار البيهقى على هذا الحديث من اجل ان الرجل صرح فيه بلفظ الظهار فقال للمرأة انت على كظهر امى فللبيهقي عنه مندوحة فان هذا اللفظ قد ورد في حديث مرفوع وسنده اجود من سند هذا الحديث بلا شك اخرجه أبو داود وسكت عنه من حديث يوسف بن عبد الله بن سلام عن خويلة بنت ثعلبة وذكره البيهقى بعد في من باب له الكفارة بالصيام -

ص: 385

قال (باب عتق المؤمنة في الظهار) ذكر فيه (ان الشافعي شرط في هذه الكفارة الاسلام قياسا على كفارة القتل) - قلت - الزمه صاحب المحلى فقال فقيسوها عليها في تعويض الا طعام منها وقال غير قيد الله تعالى الصيام في الظهار والقتل بالتتابع ولم يقس عليه يعنى الشافعي قوله تعالى في كفارة الاذى (ففدية من صيام) وقوله تعالى في كفارة الصيد (أو عدل ذلك صياما) وقوله تعالى في التمتع (فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج وسيعة إذا رجعتم) فلم يشترط التتابع في هذه المواضع واشباهها

وقال ابن المنذر في الاشراف اجازت طائفة اعتاق اليهودي أو النصراني عن الظهار على ظاهر الكتاب هذا قول عطاء والنخعي والثوري وأبى ثور واصحاب الرأى وبه اقول لانهم لم يجعلوا حكم امهات النساء حكم الربائب وقالوا لكل آية حكمها من منع ان يقاس اصل على اصل - ثم ذكر البيهقى حديثا (عن مالك عن هلال بن اسامة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم) ثم قال (كذا رواه جماعة عن مالك ورواه يحيى بن يحيى عن مالك مجودا فقال معاوية بن الحكم) ثم ذكره بسنده عن يحيى عن مالك عن هلال عن عطاء عن معاوية - قلت - الذى في موطأ يحيى بن يحيى بهذا السند عمر بن الحكم لا معاوية وهكذا اورده أبو عمر في التمهيد ثم قال هكذا قال مالك في هذا لحديث عن هلال عن عطاء عن عمر بن الحكم لم يختلف الرواة عنه في ذلك وهو وهم عند جميع اهل العلم بالحديث -

ص: 387

قال (باب اعتاق الجارية إذا اشارت بالايمان) ذكر فيه حديث (اعتقها فانها مؤمنة) - قلت - ذكر صاحب المحلى انها لم تكن كفارة يمين ولا ظهار ولا وطئ في رمضان وهم يجيزون الكافرة في الرقبة المنذورة فقد خالفوا هذا الخبر وايضا فنحن لا ننكر عتق المؤمنة وليس في الخبر أنه لا يجوز الكافرة - قال (باب وصف الاسلام) ذكر في آخره حديث الشريد (قلت) يا رسول الله ان امى اوصت ان اعتق عنها رقبة)

ص: 388

وفي آخره (أعتقها فانها مؤمنة) - قلت - ذكر صاحب المحلى انه عليهم لا لهم لانهم يجيزون في رقبة الوصية كافرة -

ص: 389

قال (باب لا يجزيه ان يطعم اقل من ستين مسكينا كل مسكين مدا) ذكر فيه (انه عليه السلام اعطى سلمة بن صخر عرقا فيه خمسة عشر أو ستة عشر صاعا) إلى آخره ثم ذكره من حديث

ص: 390

سليمان بن يسار عن سلمة وفيه (انطلق إلى صاحب صدقة بنى زريق فليدفعها اليك فأطعم منها وسقا ستين مسكينا واستغن بسائرها عليا لك) إلى آخره - قلت - صحح صاحب المستدرك هذا الحديث وقال على شرط مسلم وأخرجه أبو داود وقال الخطابى فيه حجة لابي حنيفة في ان خمسة عشر صاعا لا تجزيه عن كفارة الظهار ثم ذكر ان الشافعي قدرها بخمسة عشر صاعا

وان الثوري واصحاب الرأى ذهبوا إلى حديث سلمة وهو احوط الامرين وقد يحتمل ان يكون الواجب ستين صاعا ثم يؤتى بخمسة عشر فيقول تصدق بها ولا يدل على انها تجزيه عن الجميع ولكن يتصدق بها في الوقت والباقى دين عليه كما يكون للرجل على صاحبه ستون صاعا أو درهما فيجئ بخمسة عشر فانه يأخذها منه ويطالبه بخمسة واربعين انتهى كلامه ويؤيده ما اخرجه الدارقطني عن انس ان اوسا قال ما اجد الا ان تعينني منك بعون وصلة فاعانه صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعا قال وكانوا يرون ان عنده مثلها وذلك لستين مسكينا - واستدل الطحاوي على هذا بما اخرجه بسند جيد من حديث يوسف ابن عبد الله بن سلام عن خولة انه عليه السلام اعان زوجها حين ظاهر منها بعرق من تمرو اعانته هي بعرق آخر وذلك ستون صاعا - وهذا الحديث ذكره البيهقى في هذا الباب وفي باب من له الكفارة بالصيام بلفظ آخر واستدل الطحاوي ايضا بما في الصحيحين انه عليه السلام قال لكعب بن عجرة في فدية الاذى أو اطعم ستة مساكين كل مسكين نصف صاع - وانهم اجمعوا على العمل بذلك - ثم ذكر البيهقى حديث سلمة من وجه آخر ولفظه (فليدفع اليك وسقا من تمر فأطعم ستين مسكينا وكل بقيته) ثم اوله (بانه يعطى من الوسق ستين مسكينا ثم يأكل بقيته أي بقية الوسق) - قلت - يحمل على ان كل بقية التمر أي بقية ما عند صاحب الصدقة من التمر وهذا التتفق هذه الرواية مع الرواية الاولى ثم ذكر البيهقى حديث يوسف

ص: 391

ابن عبد الله بن سلام عن خويلة ولفظه (فاتى بعرق من تمر قلت وانا اعينه بعرق آخر قال والعرق ستون صاعا) ثم ذكره من طريق أبى داود نحوه ولفظه (قال والعرق مكتل يسع ثلاثين صاعا ثم قال أبو داود هذا اصح) - قلت - فالعرقان

ص: 392

إذا ستون صاعا من التمر فهو حجة عليهم لابي حنيفة لان عنده يكفى من البر ثلاثون صاعا لكل مسكين نصف صاع ومن التمر ستون صاعا لكل مسكين صاعا - قال (باب الزوج يقذف امرأته فيخرج من موجب) قذفه بان يأتي باربعة يشهدون عليها بالزنا أو يلتعن

ص: 393

قلت عطف قوله أو يلتعن على قوله فيخرج من موجب قذفه بأن يأتي باربعة دليل على انه إذا أتى بالشهود لا يلتعن وقد قال صاحب التمهيد قال مالك والشافعي يلاعن كان له شهود أو لم يكن لان الشهود ليس لهم عمل في غير درء الحد واما رفع

الفراش ونفى الولد فلا بد فيه من اللعان وقال أبو حنيفة واصحابه انما جعل اللعان للزوج إذا لم يكن له شهداء غير نفسه زاد في الاستذكار وهو قول داود -

ص: 394

قال (باب من يلاعن من الازواج)(قال الشافعي) لما ذكر الله اللعان على الازواج كان اللعان على كل زوج جاز طلاقه ولزمه الفرض) إلى آخره - قلت - قوله تعالى (والذين يرمون ازواجهم ولم يكن لهم شهداء الا انفسهم) استثناء للزوج من الشهداء فعدل انه منهم لان المستثنى

ص: 395

من جنس المستثنى منه والكافر والعبد ليسا من اهل الشهادة فلم تتنا ولهما الآية وقال الله تعالى (والخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين) - والكافر لا يشترط في استحقاقه اللعنة كذبه في القذف وانما يختص هذا بالمسلم فثبت ان الآية لم تتناول الكافر ثم قال البيهقى (قال الشافعي) - قالوا - روى عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اربع لالعان بينهن الحديث - قلنا - رويتم هذا عن رجل مجهول ورجل غلط وعمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو

ص: 396

منقطع) ثم ذكر البيهقى للحديث طرقا وضعفها ثم قال (لعله نقل إلى الشافعي كما حكاه عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو وذلك منقطع ولكن من رواه مرفوعا أو موقوفا انما رواه عن عمرو عن ابيه عن جده وذلك موصول عند أهل الحديث فقد سمى بعضهم جده فقال عبد الله بن عمرو وسماع شعيب صحيح من عبد الله لكن لم تصح اسانيد الحديث إلى عمرو) قلت - لم يسم الشافعي المجهول ولا الذى غلط ولا بينهما البيهقى وقد روى هذا الحديث عبد الباقي بن قانع وعيسى بن ابان من حديث حماد بن خالد الخياط عن معاوية بن صالح عن صدقة أبى توبة عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عنه عليه السلام وحماد ومعاوية من رجال مسلم وصدقة ذكره ابن حبان في ثقات التابعين وقال روى عنه معاوية بن صالح وذكره ابن أبى حاتم في كتابه وقال روى عنه أبو الوليد وعبيد الله بن موسى وهذا بخرجه عن جهالة العين والحال وقول الشافعي ورجل غلط اظنه اراد به عمرو بن شعيب وقد ذكرنا في باب من قال المعدن ركاز أنه ثقة وقد عمل العلماء باحاديثه وعمل بها الشافعي في مواضع وعمل بها ايضا خصومه فلا نسلم انه غلط ثم من جملة طرق البيهقى لهذا الحديث انه اخرجه من حديث عثمان بن عطاء الخراساني عن ابيه عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ثم حكى (عن الدارقطني انه ضعف عثمان) ثم قال

البيهقى (وعطاء ايضا غير قوى) انتهى كلامه وعطاء وثقه ابن معين وأبو حاتم وغيرهما واحتج به مسلم في صحيحه وابنه عثمان ذكره ابن أبى حاتم في كتابه وقال سألت عنه أبى فقال يكتب حديثه ثم ذكر عن ابيه قال سألت دحيما عنه فقال لا بأس به فقلت ان اصحابنا يضعفونه فقال واى شئ حدث عثمان من الحديث واستحسن حديثه فعلى هذا اقل الاحوال ان تكون روايته هذه متابعة لرواية صدقة والبيهقي قد خالف الشافعي في قوله ان الحديث منقطع واثبت اتصاله واعتذر عن الشافعي وقد تبين بما قلنا ان سند هذا الحديث جيد فلا نسلم قول البيهقى (لم تصح اسانيده إلى عمرو) -

ص: 397

قال (باب اللعان على الحمل) ذكر فيه حديثا عن سهل وحديثا عن ابن مسعود - قلت - كان اللعان فيهما بالقذف لا بنفى الحمل - ثم ذكر حديث ابن مسعود (لاعن عليه السلام بالحمل) - قلت - اصله حديثه المتقدم وكان اللعان فيه بالقذف كما تقدم - ثم ذكر من حديث سليمان

ص: 405

ابن بلال (عن يحيى بن سعيد اخبرني عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن ابن عباس) الحديث وفيه (فوضعت شبيها بالذى ذكر زوجها انه وجده عندها فلا عن عليه السلام بينهما) ثم قال البيهقى (هذه الرواية توهم انه لاعن بينهما بعد الوضع) - قلت - ليست بموهمة لذلك بل هي صريحة فيه وقد وافق سليمان على هذا الحديث بهذا اللفظ الليث فأخرجه البخاري ومسلم من حديثه عن يحيى بن سعيد بسنده فان كان اللعان فيه بالقذف فلا خلاف فيه وان كان بالحمل فبعد أن وضع وبانت حقيقته فلا حجة فيه وقال الطحاوي مذهب أبى حنيفة انه إذا نفى حملها لا يلاعن لانه يجوز أن لا يكون حملا ولهذا لو كانت امتنه حاملا فقال لعبده ان كانت امتى حاملا فانت حر فمات أبو العبد قبل ان تضع لا يرثه العبد في قول جميعهم فقد لا يكون حملا فلا يستحق العتق وانما نفى النبي عليه السلام الولد لانه علم بالوحى وجوده ولهذا قال ان جاءت به كذا فهو

ص: 406

لقلان الحديث - فان قيل - اوجب الله تعالى النفقة للمطلقة الحامل بقوله تعالى (وان كن اولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) فكما ينفق عليها ما يغتذى به ولدها قبل وضعه فكذا اللعان - قلنا - النفقة عليها بسبب العدة إذ لو كانت للحمل سقطت إذا كان للحمل مال بارث أو غيره ولو اوصى للحمل بمال لا ينفق على المطلقة من ذلك المال ولو كانت المطلقة آئنسة من الحمل تجب النفقة وقوله تعالى (حتى يضعن حملهن) - غاية لوجوب النفقة به يقتضى وجوبها عليه وبعد الوضع

يعلم حقيقة انها كانت حاملا وذكر ابن رشد في القواعد وجها آخر وهو ان اللعان إذا مضى لا يمكن رده والنفقة يمكن ردها وعن مالك لا تفقة للمطلة الحامل حتى تضع فيقضى لها بنفقة ما مضى وهو قياس القول بأن اللعان لا يكون الا بعد وضعه الا انه مخالف لظاهر قوله تعالى (وان كن اولات حمل) الآية - فان قيل - قضاؤه عليه السلام في دية شبه العمد بالخلفات التى في بطونها اولادها دليل على ان الحمل يدرك - قلنا - هن حوامل بغلبة الظن ظاهرا لا تحقيقا فان تبين ذلك الظاهر بوضعهن مضى الامر والاردهن وطالب بالحوامل ولا يمكن ذلك في اللعان إذا امضى وقال أبو بكر الرازي وانما ترد الجارية بعيب الحمل إذا قال النساء هي حبلى لان الرد بالعيب ثبت مع الشيهة كسائر الحقوق التى لا تسقطها الشيهة والحد لا يجوز اثباته بالشبهة -

ص: 407

قال (باب ما يكون بعد العتان الزوج من الفرقة) ذكر فيه حديث ابن عمر (ان رجلا لاعن امرأته في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرق بينهما) - قلت - لا عن فاعل والمفاعلة من الطرفين والفاء في قوله ففرق يقتضى التعقيب فظاهر هذا الحديث ان التفريق وقع بعد التعانهما ولو وقعت الفرقة بلعان الزوج لاستحال قول عويمر كذبت عليها ان امسكتها لانه في تلك الحال غير ممسك لها فدل ذلك على ان الفرقة لم تقع بعد وقرره عليه السلام على ذلك وقال تعالى (والذين يرمون ازواجهم) - فأوجب تعالى اللعان بين الزوجين ثم قال تعالى (ويدرأ عنها العذاب) - يعنى الزوجة فلو وقعت الفرقة بلعان الزوج للاعنت وهى اجنبية وذلك خلاف ظاهر الآية وعلى هذا لو قذفها ثم طلقها ثلاثا فاكثر الحنفية انه لا يلاعن وقال الشافعي يلاعن - قال الطحاوي اوجب تعالى اللعان بين الزوجين فإذا زالت الزوجية سقط اللعان كما لو شهدوا بالزنا فحم القاضى بشهادتهم ثم رجعوا كان ذلك شبهة في سقوط الحد كذلك الفرقة مسقطة للعان إذ في غير النكاح لالعان بحال - وفي نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم اجمع الفقهاء على ان الزوج

ص: 409

إذا الاعن لم تقع الفرقة الا الشافعي فانه قال تقع الفرقة بلعانه وقال الطحاوي لم نجد هذا القول عن احد تقدمه من اهل العلم وفي تطليق عويمر لها دليل على ان النكاح عنده قائم إلى الان ولم ينكر النبي عليه السلام ذلك عليه ولم يقل له طلاقك لا يقع عليها وقال أبو بكر الرازي لو كانت الفرقة وقعت قبل ذلك لاستحال قوله لها بحضرته عليه السلام كذبت عليها ان امسكتها - وهو غير ممسك لهاو ليس في الاحاديث التى ذكرها البيهقى في هذا الباب دلالة على مدعاه - قال (باب لالعان ولاحد في التعريض)

ص: 410

ذكر فيه حديث (لعله نزعه عرق) - قلت - سيأبى الكلام على هذا في الحدود إن شاء الله تعالى -

ص: 411

قال (باب الولد للفراش بملك اليمين والنكاح) ذكر فيه حديث ابن امة زمعة قلت - هذا حديث مشكل خارج عن الاصول المجمع عليها لان الامة مجمعة على ان احدا لا يدعى عن احد دعوى الا بتوكيل من المدعى ولم يذكر هنا توكيل عتبة لاخيه سعد باكثر من دعواه وهو غير مقبول عند الجميع ولان عبد بن زمعة لم يأت بينة تشهد على اقرار ابيه ولا خلاف ان دعواه لا تقبل على ابيه ولا دعوى احد على غيره قال الله تعالى (ولا تكسب كل نفس الا عليها) وعند مالك رحمه الله لا يستلحق احد غير الاب والمشهور من مذهب الشافعي ان الاخ لا يستلحق ولا يثبت بقوله نسب ولا يلزم المقر بأخ ان يعطيه ميراثا وقال في غير موضع من كتبه لو قبل استلحاق غير الاب كان فيه حقوق على الاب من غير اقراره ولا بينة عليه - واختلف في قوله هو لك يا عبد - قال بعضهم معناه هو اخوك قضاء منه عليه السلام بعلمه لا باستلحاق عبد له لان زمعة كان صهره عليه السلام وسودة ابنته كانت زوجته عليه السلام فيمكن انه عليه السلام علم ان زمعة كان يمسها وقال ابن جرير الطبري معناه هو لك يا عبد ملكا لانه ابن وليدة ابيك

ص: 412

ابيك وكل امة تلد من غير سيدها فولدها عبد ولم يقر زمعة ولا شهد عليه والاصول تدفع قبول قول ابنه فلم يبق الا انه عبد تبعا لامه - وقال الطحاوي لا يجوز ان يجعله عليه السلام ابنا الزمعة ثم يأمر اخته ان تحتجب منه هذا محال لا يجوز أن يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي الاستذكار عند الكوفيين ولد الامة لا يلحق الابد عوى السيد سواء اقر بوطئها ام لا وسلفهم في ذلك ابن عباس وزيد بن ثابت - روى شعبة عن عمارة بن أبى حفصة عن عكرمة عن ابن عباس انه كان يأتي جارية له فحملت فقال ليس منى انى اتيتها اتيانا لا اريد به الولد يعنى العزل، وروى سفيان بن عيينة عن أبى الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت ان اباه كان يعزل عن جارية فارسية فجاءت بحمل فأنكره وقال انى لم اكن اريد ولدك، وروى شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال ولدت جارية لزيد بن ثابت فقال انه ليس منى وانى كنت اعزل عنها -

ص: 413

قال (باب من قال الاقراء الحيض)

ذكر فيه من حديث ابن علية (عن ايوب عن سليمان بن يسار أن فاطمة بنت أبى حبيش سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها ان تدع الصلاة زايام اقرائها) ثم قال (وكذا رواه عبد الوارث وحماد بن زيد عن ايوب الا انهما ذكرا أن ام سلمة استفتت لها وزعم ابراهيم بن اسمعيل بن علية ان ابن عيينة رواه عن ايوب هكذا قال الشافعي ما حدث سفيان بهذا قط وانما قال عن ايوب عن سليمان بن يسار عن ام سلمة انه عليه السلام قال تدع الصلاة عدد الايام والليالي التى كانت تحيض - أو قال ايام اقرائها - الشك من ايوب ونافع احفظ عن سليمان بن يسار من ايوب وهو يقول مثل احد معنيى ايوب) قال البيهقى (الاحاديث التى فيها هذا اللفظ مختلف فيها فبعضا الرواة يقول ايام اقرائها وبعضهم ايام حيضها وكل ذلك من الرواة كل يعبر بما يقع له والاحاديث الصحيحة متفقة على العبارة بايام الحيض دون الاقراء) - قلت - ان وقع في رواية

ص: 416

ابن عيينة عن ايوب شك فرواية ابن علية وعبد الوارث وحماد بن زيد عن ايوب لا شك فيها ففيها كفاية وحديث نافع اختلف عليه في اسناده فرواه مالك وغيره عنه عن سليمان عن ام سلمة واخرجه أبو داود من طريق عبيد الله بن عمرو بن عثمان عن رجل (1) من الانصار أن امرأة كانت تهراق الدماء فاستفتت لها ام سلمة - ومن طريق الليث عنه عن سليمان عن رجل اخبره عن ام سلمة واختلف على نافع في لفظه ايضا فروى عنه كما تقدم وروى عنه بلفظ الاقراء قال ابن أبى شيبة في مسنده ثنا يزيد بن هارون انا حجاج عن نافع عن سليمان بن يسار أن امرأة اتت ام سلمة نسأل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المستحاضة فقال تدع الصلوة ايام اقرائها - وقد وقع لفظ الاقراء في رواية اخرى لابن عيينة بسند جيد قال النسائي انا محمد ابن المثنى ثنا سفيان عن الزهري عن عمرة عن عائشة ان ام حبيبة كانت تستحاض فسألت النبي عليه السلام فأمرها ان تترك الصلاة قدر اقرائها وحيضها وهذا من باب العطف إذا تغايرت الالفاظ كقوله - والفى قولها كذبا ومينا - واخرج النسائي ايضا بسند رجاله ثقات عن عمرة عن عائشة ان ام حبيبة استحيضت فذكرت شأنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لتنظر قد قرئها التى كانت تحيض لها - الحديث ووقع ايضا لفظ الاقراء من غير وجه من رواية عروة عن عائشة واخرج ايضا النسائي وأبو داود بسند رجاله ثقات ان فاطمة بنت أبى حبيش شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم فقال ان اتاك قرؤك فلا تصلى فإذا مر قرؤك فتطهري ثم صلى ما بين القرء إلى القرء - فظهر بهذا ان الاحاديث الصحيحة وقعت بلفظ الاقراء ايضا وفى بعضها تصريح بانها من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن حزم ثبت انه عليه السلام قال للمستحاضة إذا اتاك قرؤك فلا تصلى وانه امرها ان تترك الصلاة قدر اقرائها وحيضتها انتهى كلامه وإذا ثبت اطلاقه

عليه السلام القرء على الحيض يعنى (2) حمل الآية على ذلك -

(1) كذا والذى في سنن ابى داود عن عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار عن رجل (2) كذا ولعله - تعين -

ص: 417

قال (باب الحيض على الحمل)

ص: 422

ذكر في آخره (عن عطاء في الحامل ترى الدم فانها تتوضأ وتصلى ولا تغتسل) - قلت - إلى هذا ذهب عامة اهل العلم ان الحامل لا تحيض وبه قال عطاء وابن المسيب والحسن وعكرمة وجابر بن زيد ومكحول ومحمد بن المنكدر وسليمان بن يسار والزهرى والشعبى والنخعي والثوري والاوزاعي والحكم وحماد وأبو حنيفة واصحابه واحمد وداود وأبو ثور وأبو عبيد وابن المنذر واحتجوا بحديث لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة - وسنذكره في الباب الذى يلى هذا الباب وبما اخرجه احمد بن حنبل من حديث رويفع بن ثابت قال عليه السلام لا يحل لاحد ان يسقى ماءه زرع غيره ولا يقع على امة حتى تحيض أو يبين حملها - فجعل عليه السلام وجود الحيض علما على تعرف براءة الرحم من الحبل في الحديثين فلو جاز اجتماعهما لم يكن دليلا على انتفائه ولو احتمل الحبل بعد الاستبراء بحيضة لم يحل وطوها للاحتياط في امر الابضاع وعن على قال ان الله رفع الحيض عن الحبلى وجعل الدم بما تغيض الارحام وعن ابن عباس قال ان الله رفع الدم عن الحبلى وجعله رزقا للولد - رواهما ابن شاهين وقد اجمعوا على ان طلاق الحامل ليس ببدعة في زمن الدم وغيره فلو كانت تحيض لكان طلاقها فيه بدعة -

ص: 424

قال (باب عدة الامة)

ص: 425

ذكر في آخره حديثا فيه مظاهر فقال (مجهول والصحيح عن القاسم انه سئل عن عدة الامة فقال الناس يقولون حيضتان) - قلت - مظاهر معروف روى عنه ابن جريج والثوري وأبو عاصم النبيل وذكره ابن حبان في الثقات من اتباع التابعين وقال الحاكم في المستدرك لم يذكره احد من مقتدى مشايخنا يجرح فالحديث إذا صحيح وروى ابن ماجه بسند جيد عن عائشة قالت امرت بريرة ان تعتد بثلاث حيض - وذكر الطحاوي في احكام القرآن أن عمر جعل عدة الامة حيضتين وذلك

بحضرة الصحابة رضى الله عنهم وفي المحلى مذهب جمهور السلف من الصحابة والتابعين ان عدة الامة حيضتان وصح عن عمر وابنه وزيد ثم لا منافاة بين حديث القاسم هذا وبين قوله الناس يقولون حيضتان وقد ورد عنه انه قال مضى الناس إلى هذا ذكره ابن حزم وغيره وذكره البيهقى فيما مضى في باب عدد طلاق العبد عن زيد بن اسلم قال سئل القاسم عن الامة كم تطلق قال طلاقها اثنتان وعدتها حيضتان فقيل له أبلغك عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا قال لا - ومذهب الشافعي واصحابه ان عدة الامة طهران وانها إذا ارأت الدم من الحيضة الثالثة خرجت من عدتها فخالفوا السلف والخلف وما في هذا الباب من الحديث والآثار فزعموا ان عدتها طهران ولم يستوعبوا الحيضتين مع النص عليهما وإذا ثبت ان عدة الامة حيضتان كانت عدة الحرة ثلاث حيض وثبت ان الاقراء هي الحيض مع ما أيده من حديث المستحاضة تدع الصلاة ايام اقرائها وقوله عليه السلام في سبايا أو طاس (لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة) - اخرجه البيهقى فيما بعد في باب استبراء من ملك الامة من حديث أبى داود السجستاني وقال أبو بكر الرازي معلوم ان اصل العدة موضوع للاستبراء ومعرفة براءة الرحم من الحبل وقال تعالى (واللائى يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائى لم يحضن) فاقام تعالى الاشهر مقام الحيض فدل على ان الحيض هي الاصل ولانه تعالى حصر الاقراء في ثلاثة فوجب استيفاؤها ومن فسرها بالاطهار لا يستوفيها لان طلاق السنة ان يوقع في طهر لم يجامعها فيه فلا بد أن يصادف طهر امضى بعضه ثم تعتد بعده بطهرين فصارت طهرين وبعض طهر وليس هذا كقوله تعالى (الحج اشهر معلومات) لانه لم يحصر بعدد وهنا عينت الثلاث فلا بد من استيفائها ولهذا كان الاكابر من الصحابة يقولون الاقراء هي الحيض وفي الاستذكار قال الاوزاعي الجماعة من اهل العلم على ان الاقراء هي الحيض وحى الطحاوي وأبو عمر انه مذهب

ص: 426

عمرو على وابن مسعود وأبى موسى وأبى الدرداء ومعاذ - وزاد الطحاوي زيد بن ثابت وابن عمر وزاد أبو عمر عبادة وابن عباس قال وهو مذهب الثوري والاوزاعي وأبى حنيفة واصحابه وابن أبى ليلى وابن شبرمة والحسن بن صالح واسحاق وأبى عبيد وسائر الكوفيين واكثر العراقيين وحكاه الاثرم عن احمد بن حنبل وذكر الحربى انه الذي استقر عليه

ص: 427

قال (باب عدة الحامل)

ص: 428

ذكر فيه (عن أبى عطية مالك بن الحارث عن عبد الله يعنى ابن مسعود انه قال انزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى) قال (اخرجه البخاري في الصحيح فقال وقال سليمان بن حرب وأبو النعمان) فذكره - قلت - الكلام عليه من وجهين - احدهما - ان البخاري اخرجه في الصحيح من تفسير سورة البقرة متصلا فقال حدثنى حبان ثنا عبد الله انا عبد الله بن عون فأغفل البيهقى هذا وجعله من تعليقات البخاري والثانى ان النسائي اخرج هذا الحديث وسمى ابا عطية مالك بن عامر وكذا فعل البخاري في تفسير سورة النساء واخرجه في تفسير سورة البقرة وقال مالك بن عامر أو مالك بن عوف على الشك وذكره ابن حبان في ثقات التابعين وقال مالك بن عامر وقيل مالك بن زيد وذكره ابن أبى حاتم في كتابه فقال مالك بن عامر ويقال مالك بن زبيد ولم يقل احد فيما علمت ابن الحارث كما قال البيهقى -

ص: 430

قال (باب قوله تعالى الا ان ياتين بفاحشة مبينة)

ص: 431

ذكر فيه (عن ابن عباس ان الفاحشة المبينة ان تفحش المرأة على اهل الرجل وتؤذيهم) ثم ذكر (عن الشافعي ان سنته عليه السلام في حديث فاطمة تدل على ان الآية كما تأول ابن عباس) - قلت - حديث فاطمة منهم من رده كما ذكر البيهقى في هذا الباب وكما سنذكره في باب المبتوتة لا نفقة لها ان شاء الله تعالى وفي بعض طرقه الصحيحة فقال عليه السلام لا نفقة لك ولا سكنى - وقال صاحب التمهيد ومنهم من زعم ان المبتوتة لا سكنى لها ولا نفقة وقالوا لو كان لها السكنى لما أمرها عليه السلام ان تخرج من بيت زوجها وبه قال ابن حنبل وابن راهويه وأبو ثور وداود وروى عن على وابن عباس وجابر

ص: 432

ثم ذكر التأويلين في خروجها - احدهما - ما ذكره الشافعي وغيره وهو البذاء والاستطالة بلسانها - والثانى - الخوف عليها ثم قال (ولكن من طريق الحجة وما يلزم عنها قول ابن حنبل ومن تابعه اصح واحج لانه لو وجب السكنى عليها وكانت عبادة ثعبدها الله بها لا لزمها عليه السلام ولم يخرجها من بيت زوجها) وقد أجمعوا على ان المرأة التى تبذو على احمائها بلسانها تؤدب وتقصر على السكنى في المنزل الذى طلقت فيه وتمنع من اذى الناس فدل ذلك على ان من اعتل بمثل هذه العلة في انتقالها اعتل بغير صحيح ولا متفق عليه من الخبر - وفي شرح العمدة من قال لها السكنى يحتاج إلى الاعتذار

ص: 433

عن حديث فاطمة فقيل انها كانت استطالت وقيل خافت في ذلك المنزل وسياق الحديث على خلاف هذه التأويلات فانه يقتضى ان سبب اختلافها مع الوكيل بسبب سخطها الشعير وانه ذكر لا نفقة لها فسألت النبي عليه السلام فالتعليل هو لاختلاف في النفقة لا هذه الامور فان قام دليل اقوى من هذا الظاهر عمل به -

ص: 434

قال (باب الاحداد)

ص: 437

ذكر في آخره حديثا (عن محمد بن طلحة عن الحكم عن عبد الله بن شداد عن اسماء) ثم قال (لم يثبت سماع عبد الله من اسماء وقد قيل عن اسماء فهو مرسل ومحمد بن طلحة ليس بالقوى) - قلت ابن شداد لم يذكر من المدلسين والعنعنة من غير المدلس مجمولة على الاتصال إذا ثبت اللقاء أو امكن على الاختلاف المعروف بين البخاري ومسلم ومسلم لا يشترط ثبوت السماع وحكى ابن عبد البر عن جمهور اهل العلم أن عن وأن سواء قال واجمعوا على ان قول الصحابي عن رسول الله أو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أو سمعت سواء ومحمد بن طلحة هو ابن مصرف اتفق الشيخان عليه وقد جاء لحديثه هذا متابعة وشاهد أخرجه قاسم من طريق شعبة ثنا الحكم عن عبد الله بن شداد أنه عليه السلام قال لامرأة جعفر إذا كان ثلاثة ايام أو من بعد ثلاثة البسى ما شئت - وروى ايضا من طريق الحجاج بن ارطاة عن الحسن بن سعد عن عبد الله بن شداد ان اسماء استأذنت النبي عليه السلام ان تبكى على جعفر فأذن لها ثلاثة ايام ثم بعث إليها ان تطهري واكتحلي - ذكر ذلك صاحب المحلى وذكر رواية الحسن بن سعد ابن منده ايضا في معرفة الصحابة -

ص: 438

قال (باب اقل الحمل) ذكر فيه (ان عليا انكر على عمر حين هم برجم امرأة ولدت لستة اشهر) ثم ذكره من وجه آخر (انه انكر ذلك على عثمان) - قلت - ذكره أبو عمر في الاستذكار من وجهين آخرين - احدهما - ان ابن عباس هو الذى انكره على عمر والثانى - ان ابن عباس انكره على عثمان -

ص: 442

قال (باب استبراء ام الولد) ذكر فيه (عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة ومطر عن رجاء عن؟؟؟ بن ذؤيب عن عمرو بن العاص

ص: 447

قال لا تلبسوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم الحديث ثم ذكر (عن الدارقطني قال لم يسمع قبيصة من عمرو) - قلت - قد قدمنا مرارا أن هذا على مذهب من يشترط ثبوت السماع وان مسلما انكر ذلك انكارا شديدا وزعم ان المتفق عليه انه يكفى للاتصال امكان اللقاء وقبيصة ولد عام الفتح وسمع عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وابا الدرداء فلا شك في امكان سماعه من عمرو وقال صاحب التمهيد ادرك ابا بكر الصديق وله سن لا ينكر معها سماعه منه - وقد اخرج صاحب المستدرك هذا الحديث وقال صحيح على شرط الشيخين واخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبى يعلى عن أبى بكر بن أبى شيبة عن عبد الاعلى عن سعيد عن مطر فذكره ثم قال سمع ابن أبى عروبة من قتادة ومطر فمرة يحدث عن هذا واخرى عن ذاك ثم ذكر البيهقى آخر الباب اثرا عن خلاس عن على ثم ضعف روايته - قلت - وذكر عبد الرزاق في مصنفه عن ابن المبارك عن الحجاج عن الحكم بن عتيبة عن على قال عدة السرية ثلاث حيض وقال الطحاوي في اختلاف العلماء لا يختلفون انها لا يجوز لها التزويج مدة الحيض فدل على انها عدة لا استبراء لان الاستبراء لا يمنع التزويج كالامة المستبرأة وإذا ثبت انها عدة ولم نجد في العدد حيضة واحدة وجب ان تكون ثلاث حيض -

ص: 448

قال (باب استبراء من ملك الامة) ذكر فيه حديثنا من طريق أبى داود ثم ذكره من وجه آخر من طريقه (قال ثنا سعيد بن منصور ثنا أبو معاوية عن ابن اسحاق بهذا الحديث قال حتى يستبرئها بحيضة قال أبو داود الحيضة ليست بمحفوظة) قال البيهقى (يعنى في حديث رويفع) قلت - الذى في سنن أبى داود رواية ابن داسه انه ذكر حديث أبى معاوية ثم قال زاد فيه بحيضة وهو وهم من أبى معاوية وهو صحيح من حديث أبى سعيد وهذا بين لا يحتاج إلى تفسير البيهقى بقوله (يعنى في حديث رويفع) ثم ذكر البيهقى حديث أبى الدرداء كيف (يورثه كيف يسترقه) ثم قال (وهذا لانه قد يرى ان بها حملا وليس بحمل فيأتيها فتحمل منه فيراه مملوكا وليس بمملوك) قلت هذا التأويل يدفعه قوله كيف يورثه وانما معنى الحديث انه قد تتأخر ولادتها فيشتبه هل الولد من الاول ام من الثاني فبتقدير انه من الثاني يكون ولده ويتوارثان وبتقدير كونه من الاول لا يتوارث مع الثاني بل يستخدمه لانه مملوكه فمعنى الحديث انه قد يستلحقه مع انه لا يحل توريثه ومزاحمة بقية الورثة وقد يستخدمه

ص: 449

ويتملكه مع انه لا يحل له لاحتمال انه منه ذكره النووي بمعناه في شرح مسلم - ثم ذكر البيهقى من حديث ابن عياش عن الحجاج بن ارطاة عن الزهري عن انس استبرأ عليه السلام صفية بحيضة) ثم قال (في اسناده ضعف) - قلت - ذكره عبد الرزاق في مصنفه عن ابراهيم بن محمد عن اسحق بن عبد الله بن أبى طلحة عن انس فيقوى الحديث بهذه المتابعة -

ص: 450

قال (باب من قال لا يحرم من الرضاع الا خمس رضعات)

ص: 453

ذكر فيه حديث عائشة (ثم نسخن بخمس معلومات؟؟؟ عليه السلام وهى فيما يقرأ من القرآن) - قلت - قد ثبت ان هذا ليس من القرآن الثابت ولا تحل القراءة به ولا اثباته في المصحف ومثل هذا عند الشافعي ليس بقرآن ولا خبر وقد ذكرنا ذلك غير مرة فيما مضى وفي موطأ مالك عن نافع ان سالم بن عبد الله حدثه ان عائشة ارسلت به إلى اختها ام كلثوم بنت أبى بكر فقالت ارضعيه عشر رضعات حتى يدخل على فأرضعتني ثلاث رضعات ثم مرضت فلم ترضعني غير ثلاث مرات فلم اكن ادخل على عائشة من اجل ان ام كلثوم لم تتم لى عشر رضعات - وذكره البيهقى في آخر هذا الباب وذكره ايضا صاحب التمهيد ثم قال فلاجل هذا الحديث قال اصحابنا انها تركت حديثها وفعلها هذا يدل على وهن ذلك القول لانه يستحيل ان تدع الناسخ وتأخذ بالمنسوخ - واسند ابن حزم عن ابراهيم بن عقبة سألت عروة عن الرضاع فقال كانت عائشة لا ترى شيئا دون عشر رضعات فصاعدا ثم ذكر عنها قالت انما تحرم من الرضاع سبع رضعات - قال ابن حزم الاول عنها اصح وهذا كله يدل على ان مذهبها مخالف لهذا الخبر وانها لا تعتبر في التحريم خمس رضعات ثم ذكر البيهقى حديث ابن الزبير (لا تحرم المصة ولا المصتان) ثم قال انما اخذه ابن الزبير من عائشة - قلت - رده محمد بن جرير الطبري في تهذيب

ص: 454

الآثار بانه حديث مضطرب روى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنه عن ابيه مرفوعا وعنه عن عائشة مرفوعا وموقوفا ورده ايضا ابن عبد البر وغيره بان مدار هذا الحديث على عروة وقد صح عنه انه يحرم بقليل الرضاع وكثيره كذا ذكر ابن حزم عنه وفي موطا مالك عن ابراهيم بن عقبة انه سأل سعيد بن المسيب عن الرضاعة فقال كل ما كان في الحولين وان كانت قطرة واحدة فهو محرم وما كان بعد الحولين فانما هو طعام يأكله قال ابراهيم ثم سألت عروة فقال مثل ما قال سعيد - قال الطحاوي فلم يخالف عروة ما رواه في ذلك الا لثبوت نسخه عنده - ثم ذكر البيهقى حديث ام الفضل (لا يحرم الاملاجة

ولا الاملاجتان) - قلت - رد صاحب التمهيد حديث عائشة باضطرابه كما تقدم ثم قال (وحديث ام الفضل في ذلك اضعف) وقال ابن جرير حديث ام الفضل مضطرب الاسناد رواه ابن أبى عروبة عن قتادة عن صالح أبى الخليل عن عبد الله بن الحارث عن مسيكة عن عائشة موقوفا عليها - ثم هذا الحديث وحديث ابن الزبير غير مطابقين للباب إذ لا يلزم من عدم تحريم المصة والمصتين التحديد بخمس إذ بينهما واسطة قال أبو عمر وقال أبو ثور وأبو عبيدة وداود لا يحرم الا ثلاث رضعات واحتجوا بحديث المصة والمصتين والاملاجة والا ملا جتين قالوا فاقل زيادة على الرضعتين تحرم

ص: 455

وهى الثلاث وذكر في الاستذكار انه مذهب احمد واسحق ايضا - ثم ذكر البيهقى (أمر النبي عليه السلام امرأة أبى حذيفة ان ترضع سالما) - قلت - هو خاص بسالم كما بينه البيهقى بعد في باب رضاع الكبير وايضا فان راويه وهو عروة خالفه كما تقدم على انه حديث مضطرب الاسناد والمتن كما بين صاحب التمهيد وقد ورد انه عليه السلام قال لها ارضعيه عشر رضعات ثم ليدخل عليك - قال ابن حزم اسناده صحيح ثم ذكر البيهقى (عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت لا تحرم دون خمس رضعات) - قلت - قد اضطرب مذهبها في ذلك كما تقدم وقال ابن جرير الرواية عنها في ذلك مضطربة فروى انها كانت لا تحرم الا بعشر وروى بخمس والمعروف عنها بنقل الثقات انها كانت لا تحرم الا بسبع مع اختلاف في ذلك عنها انتهى كلامه ثم ان عروة خالف عائشة في ذلك كما تقدم وكذا الزهري قال مالك عن ابن شهاب انه كان يقول الرضاعة قليلها وكثيرها إذا كان في الحولين تحرم - ثم ذكر البيهقى حديث (فانما الرضاعة من المجاعة) - قلت - لا حجة فيه لانه لم يذكر عددا والجوعة تسد باقل من الخمس - ثم ذكر البيهقى عن أبى هريرة موقوفا ومرفوعا (لا يحرم من الرضاع الا ما فتق الا معاء) - قلت - قال في الخلافيات الصحيح عن أبى هريرة موقوف وذكر أبو عمر انه لا يصح مرفوعا

ص: 456

ثم انه لا حجة فيه ايضا قال المازرى هذا لم يسلمه اصحابنا وزعموا ان للمصة الواحدة قسطا في فتق الا معاء ونشز العظم ثم ذكر البيهقى حديث سعيد بن يحيى (ثنا اسمعيل بن أبى خالد عن قيس عن المغيرة قال عليه السلام لا تحرم العيفة قلنا وما العيفة قال المراة تلد فتحصر اللبن في ثديها فترضع لها جارتها المرة والمرتين) - قلت - رواه ابن أبى شيبة في مصنفه عن وكيع عن اسمعيل بسنده موقوفا على المغيرة وكذا رواه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار عن تميم بن المنتصر عن يزيد هو ابن هارون عن اسمعيل وتميم هذا وثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات واخرج له في صحيحه وسعيد بن يحيى يعرف

بسعد ان قال فيه الدارقطني ليس بذاك ولا شك ان كلا من وكيع ويزيد بن هارون اجل منه وقال ابن جرير العيفة من قولهم عاف الشئ إذا كرهه واحسب ان المغيرة ذهب في ذلك إلى ان الصبى إذا عاف ثدى امه فلم يقبله فارضعته اخرى المصة فلم يصل ذلك إلى جوفه لم يحرمها ذلك عليه وكان بعضهم يقول لا تعرف العيفة في الرضاع وانما هي العفة وهى البقية من اللبن في ثدى المرأة ثم ذكر البيهقى ارسال عائشة سالما إلى ام كلثوم ثم حكى (عن الشافعي قال ولم يتم له خمس فلم يدخل عليها) - قلت - هذا تأويل بعيد مخالف لقول سالم فلم اكن ادخل على عائشة من اجل ان ام كلثوم لم تكمل لى عشر رضعات لان ظاهر هذا الكلام انها ولو ارضعته خمسا لم يدخل عليها حتى تكمل عشرا بل قد جاء ذلك مصرحا فروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري ان عائشة امرت ام كلثوم ان ترضع سالما فارضعته خمس رضعات ثم مرضت فلم يكن يدخل سالم على عائشة - ثم ذكر البيهقى (عن حفصة انها ارسلت بعاصم إلى اختها فاطمة ترضعه بعشر رضعات) - قلت هذا غير مطابق لمدعاه -

(1) كذا والصواب المزة والمزتين كما نبهنا عليه في السنن - ح

ص: 457

قال (باب من قال يحرم قليل الرضاع وكثيره) - قلت - ذكر صاحب الاستذكار انه قول على وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وابن المسيب والحسن ومجاهد وعروة وعطاء وطاوس ومكحول والزهرى وقتادة والحكم وحماد وأبى حنيفة ومالك واصحابهما والثوري والليث والاوزاعي والطبري وقال الليث اجمع المسلمون على ان قليل الرضاع وكثيره يحرم في المدة - قال أبو عمر لم يقف الليث على الخلاف في ذلك وذكر البيهقى في هذا الباب (عن عبيد الله بن عبد الله ان ابن عباس كان يقول قليل الرضاع وكثيره يحرم ثم ذكر (عن ابراهيم بن عقبة عن عروة ان عائشة كانت لا تحرم الا عشرا فصاعدا قال فاتيت ابن المسيب فسألته فقال لا اقول كما قال ابن الزبير وابن عباس كانا يقولان لا يحرم المصة ولا المصتان ولا يحرم دون عشر رضعات فصادا) قال البيهقى

ص: 458

(ورواية الزهري عن عروة اصح في مذهب عائشة ورواية عروة عن ابن عباس في مذهبه اصح) - قلت - ردف رواية الزهري عن عروة مذهب عائشة بان كلامنهما خالفها في ذلك كما تقدم وقد ذكرنا عن الطبري انه قال المعروف عنها بنقل الثقات انها كانت لا تحرم الا بسبع وذكرنا ايضا عن ابن حزم ان رواية العشر اصح من رواية السبع ولم يذكر البيهقى في

هذا الباب ولا الذى قبله رواية عروة عن ابن عباس في مذهبه فان تجوز ذلك عما ذكره من رواية عروة عن ابن المسيب عن ابن عباس فالمشهور عن ابن عباس خلاف ذلك فقد ذكر مالك عن ثور بن زيد عن ابن عباس كان يقول ما كان في الحولين وان كانت مصة واحدة فهى تحرم - وقال ابن أبى شيبة ثنا أبو خالد الاحمر عن حجاج عن حبيب عن طاوس قال سألت ابن عباس فقال المرة (1) الواحدة تحرم - وقال الطبراني روى المسور بن مخرمة عن ابن عباس في المصة والمصتين فقال قال الله تعالى (وأمهاتكم اللاتى ارضعنكم واخواتكم من الرضاعة) وقد تقدمت رواية البيهقى عن عبيد الله بن عبد الله ان ابن عباس كان يقول إلى آخره فهؤلاء جماعة رووا عن ابن عباس بخلاف رواية عروة التى ذكرها البيهقى فروايتهم اصح وذكر البيهقى في كتاب المعرفة ان الدر اوردى عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس ان قليل الرضاعة وكثيرها يحرم في المهد - وروى عن ابن عباس بخلاف ذلك في القليل قال والاول اصح وهذا الذى قاله في كتاب المعرفة مخالف لما ذكره هنا - قال (باب رضاع الكبير)

(1) كذا والصواب المزة =

ص: 459

ذكر فيه حديث (انما الرضاعة من المجاعة) - قلت - في الاستدلال به نظر لان للكبير من طرد المجاعة نحو ما للصغير فهو عموم لكل رضاع -

ص: 460

قال (باب ما جاء في تحديد ذلك بالحولين) ذكر فيه من حديث سعيد بن منصور (ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال لارضاع الا ما كان في الحولين) ثم قال (هذا هو الصحيح موقوف) ثم ذكر من حديث الهيثم بن جميل ثنا سفيان فذكره بسنده عن ابن عباس مرفوعا - قلت - الهيثم هذا وثقة ابن حنبل وغيره وقال الدارقطني حافظ فعلى هذا الحكم له على ما هو الاصح عندهم لانه ثقة وقد زاد الرفع -

ص: 462

قال (باب وجوب النفقة للزوجة)

قال تعالى (ذلك ادنى ان لا تعولوا قال الشافعي لا يكثر من تعولوا) - قلت - قد أنكروا ذلك على الشافعي وقالوا لو كان

ص: 465

كذلك لقال ان لا تعيلوا لانه يقال في كثرة العيال اعال الرجل والذى ذكره المفسرون ان معناه ان لا تجوروا ولا تميلوا قال الزجاج فاما من قال ان لا تعولوا ان لا يكثر عيا لكم فزعم جميع اهل اللغة ان هذا خطأ انتهى كلامه وفيه نظر فان ذلك محكى عن الكسائي وغيره وقد اعتذر الزمخشري للشافعي باعتذار حسن مذكور في الكشاف وقال ابن حبان في صحيحه ذكر الخبر المدحض قول من زعم ان قوله تعالى (ذلك ادنى ان لا تعولوا) اراد به كثرة العيال ثم ذكر بسنده عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى (ذلك ادنى ان لا تعولوا) قال ان لا تجوروا - وقال الطحاوي ما ملخصه سياق الآية يدل على هذا لانه تعالى اباح اربعا ثم قال (فان خفتم ان لا تعدلوا فواحدة) أي لا ثانية معها فبذلك يأمن اثم الميل (أو ما ملكت ايمانكم) إذ لا قسم لهن فله ان يفضل بعضهن فذلك ابعد من الجور وليس المراد النفقة إذ الا ماء ايضا تجب نفقتهن وقول الشافعي لم يقله غيره ولا نعلم له اصلا من المتفد مين انتهى كلامه ولو كان الاقتصار على واحدة لكراهة كثرة العيال لما اباح تعالى التسرى باكثر من واحدة وكيف يظن ذلك بالله تعالى وهو (يقول ان الله هو الرزاق - وما انفقتم من شئ فهو يخلفه) وعنه عليه السلام تناسلوا فانى مكاثر بكم الامم يوم القيامة -

ص: 466

قال (باب لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه) رزقه فلينفق مما آتاه الله (قال الشافعي في نفقه المقتر انها مد؟؟؟ صلى الله عليه وسلم - قلت - الآية تدل على عدم التقدير لقوله فلينفق مما آتاه الله فهو مخالف لمدعى الشافعي وكذا قوله عليه السلام لامرأة أبى سفيان خذى من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف - قال النووي في شرح مسلم في هذا الحديث فوائد - منها - ان النفقة مقدرة بالكفاية لا بالامداد وهو مذهب اصحابنا ان نفقة القريب مقدرة بالكفاية كما هو ظاهر هذا الحديث ونفقة الزوجة مقدرة بالامداد على الموسر كل يوم مدان وعلى المعسر مد وعلى المتوسط مد ونصف وهذا الحديث يرد على اصحابنا انتهى كلامه وايضا فقد اتفقوا على ان الكسوة غير مقدرة

ص: 468

قال (باب الرجل لا يجد نفقة امرأته)

ذكر فيه (ان عمر كتب إلى امراء الاجناد في رجال غابوا عن نسائهم فأمرهم ان يأخذوهم بان ينفقوا أو يطلقوا) - قلت ذكر ابن حزم انه لا حجة لهم فيه لانه لم يخاطب بذلك الا اغنياء قادرين على النفقة وليس فيه ذكر حكم المعسر بل قد صح عن عمر اسقاط طلب المرأة للنفقة إذا اعسر بها الزوج - ثم ذكر البيهقى (عن أبى الزناد سألت ابن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال يفرق بينهما قال قلت سنة فقال سعيد سنة) - قلت - ذكره ابن حزم ثم قال روينا من

ص: 469

طريق عبد الرزاق عن الثوري عن يحيى الانصاري عن ابن المسيب قال إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته اجبر على طلاقها - ثم قال لم؟؟؟ لاهل هذه المقالة حجة اصلا الا تعلقهم بقول ابن المسيب انه سنة وقد صح عنه قولان - احدهما - يجبر على مفارقتها والا يفرق بينهما وهما مختلفان ولم يقل انه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو قال ذلك كان مرسلا ولعله اراد سنة عمر كما روينا من فعله ثم قال روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج سألت عطاء عمن لم يجد ما يصلح امرأته من النفقة قال ليس لها الا ما وجدت ليس لها ان يطلقها، ومن طريق حماد بن سلمة عن غير واحد عن الحسن في الرجل يعجز عن نفقة امرأته قال تواسيه وتتقى الله عزوجل وتصبر وينفق عليها ما استطاع، ومن طريق عبد الرزاق عن معمر سألت الزهري عن رجل لا يجد ما ينفق على امرأته أيفرق بينهما قال نستأنى به ولا يفرق بينهما وتلا (لا يكلف الله نفسا إلى وسعها) سيجعل الله بعد عسر يسرا) قال معمر وبلغني عن عمر بن عبد العزيز مثل قول الزهري سواء، ومن طريق عبد الرزاق عن الثوري في المرأة بعسر زوجها بنفقتها قال هي امرأة ابتليت فلتصبر ولا تأخذ بقول من يفرق بينهما وهو قول ابن شبرمة وأبى حنيفة وأبى سليمان واصحابهما ويؤيد قولنا قوله تعالى (لينفق ذو سعة من سعته) إلى قوله (بعد عسر يسرا) وذكر ايضا حديث مسلم عن جابر ان ابا بكر قال يا رسول الله لو رأيت ابنة خارجة سألتنى النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هن حولي كما ترى سألننى النفقة فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها كلاهما يقول تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده الحديث ومن المحال المتيقن ان يضرا طالبة حق انتهى كلام ابن حزم - وجعله صاحب الاستذكار قول الشعبى ايضا - ثم ذكر البيهقى من طريق الدارقطني (عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال يفرق بينهما قال وثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن أبى صالح عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت - ذكر الدارقطني في سننه من طريق شيبان بن فروخ ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبى صالح عن أبى هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال المرأة

تقول لزوجها الحديث ثم ذكر عن شيبان ان؟؟؟ احدثهم بكلام ابن المسيب ثم ذكر الدارقطني سنده بذلك إلى حماد ثم ذكر بسنده إلى حماد عن عاصم بن بهدلة عن أبى صالح عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله فقوله بمثله راجع إلى حديث أبى هريرة الذى ذكره الدارقطني اولا ثم ذكر بعده كلام ابن المسيب ثم انعطف على الحديث الاول فذكره من وجه آخر عن حماد بسنده الاول والبيهقي لم يذكر الحديث الاول بل ذكر كلام ابن المسيب من طريق الدارقطني

ص: 470

ثم ذكر السند الذى بعده وآخره عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ففهم عن الدارقطني ان المراد بقوله مثله كلام ابن المسيب وان ذلك من هذا الوجه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصرح البيهقى بذلك في الخلافيات فذكر كلام ابن المسيب ثم قال وروى عن أبى هريرة مرفوعا في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته يفرق بينهما وليس الامر كما فهم البيهقى ولا يعرف هذا مرفوعا في شئ من كتب الحديث بل قوله مثله راجع إلى الحديث الاول كما ذكرنا والسند من حماد إلى آخره سند واحد وايضا يبعد في العادة ان يذكر كلام تابعي ثم يستشهد عليه بحديث مرفوع - ثم ذكر البيهقى حديث أبى هريرة وفيه (امرأتك تقول اطعمني والا فارقني) ثم ذكره البيهقى من وجه آخر وقد جعل آخره وهو هذا الكلام من قول أبى هريرة - قلت - على تقدير تسليم انه مرفوع فليس فيه الا مطالبتها له بالفراق ولانه فيمن لا ينفق ومعه النفقة ولا خلاف ان الفرقة هنا غير مستحقة - قال (باب المبتوتة لا نفقة لها الا ان تكون حاملا)(قال الله تعالى وان كن اولات حمل فأنفقوا عليهن - فجعل لهن نفقة بصفة) - قلت - قوله تعالى في اول السورة إذا طلقتم النساء - يشمل المبتوته وغيرها فكذا ما عطف عليه وهو قوله تعالى (وان كن اولات حمل) - فوجب على قول البيهقى واصحابه

ص: 471

ان غير المبتوته ايضا لا تستحق النفقة الا إذا كانت حاملا وهم لا يقولون ذلك فلما لم يكن الحمل شرطا في استحقاقها في غير المبتوتة فكذا المبتوتة وكل منهما يستحقها لكونها معتدة من طلاق وخصم البيهقى لا يقول بالمفهوم فالتخصيص بشرط الحمل لا يدل عنده على ان غير الحامل لا تستحقها - فان قلت - فما فائدة هذا الشرط حينئذ - قلنا - ذكروا فيه فائدتين - احداهما - ان مدة الحمل تطول في الغالب فربما ظن ظان ان النفقة تسقط إذا مضى مقدار مدة حيض فازال الله تعالى ذلك وافاد أن نفقة الحامل مستحقة على الزوج مع بقاء العدة وان طالت المدة ذكر ذلك أبو بكر الرازي والزمخشري

والثانية - ان الحمل قد يكون له مال فيشبه علينا هل النفقة في ماله أو على الزوج ما فاذنا الله تعالى انها على الزوج لا في مال الحمل - فان قلت - قوله تعالى (إذا طلقتم النساء) اريد بن الرجعى بدليل قوله تعالى بعد ذلك (فإذا بلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف) الآية - قلنا - هذا ذكر لبعض ما انتظمه الكلام اولا كقوله تعالى (والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء)

ص: 472

فذلك يشمل الرجعى والبائن ثم قوله بعد ذلك (وبعلوتهن احق بردهن) خاص في الرجعى ولو كان قوله تعالى (إذا طلقتم النساء) للرجعى ثم باقى الكلام معطوف عليه لكان المراد بقوله تعالى (وان كن اولات حمل) الرجعى فيبطل حينئذ استدلال البيهقى به على المبتوتة - ثم ذكر البيهقى حديث فاطمة بنت قيس من طريق زهير (ثنا هشيم ثنا سيار وحصين ومغيرة واشعث ومجالد وداود واسمعيل كلهم عن الشعبى) الحديث وفي رواية مجالد (انما السكنى والنفقة على من كانت له الرجعة) - قلت - قال الدارقطني ثنا ابن صاعد ثنا يعقوب بن ابراهيم ثنا هشيم فذكره بسنده المذكور وجعل قوله انما السكنى والنفقة من رواية هؤلاء الجماعة كلهم عن الشعبى - ثم ذكر البيهقى الزيادة المذكورة من رواية فراس ايضا

ص: 473

عن الشعبى ثم ذكر الاختلاف في الحديث في نفى النفقة دون السكنى أو نفيهما ثم قال (والاشبه بسياق الحديث انه عليه السلام نفى النفقة وأذن في الانتقال لعلة لعلها استحيت من ذكرها وقد ذكرها غيرها ولم يرد نفى السكنى اصلا واما قوله انما السكنى والنفقة لمن كانت عليه رجعة فليس بمعروف ولم يرو من وجه يثبت مثله واما انكار من انكر على فاطمة فانما هو؟؟؟ السبب في نقلها) - قلت - ذكر مسلم وغيره من طرق عديدة زيادة نفى السكنى على نفى النفقة وهى زيادة ثقة فوجب قبولها ولهذا روى عن على وجابر وابن عباس رضى الله عنهم انه لا نفقة لها ولا سكنى واليه ذهب ابن حنبل وابن راهويه وأبو ثور وداود وغيرهم وقال أبو عمر هذا القول من طريق الحجة اصح واحج لانه لو وجب السكنى عليها وكانت عبادة تعبدها الله بها لالزمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخرجها عن بيت زوجها إلى بيت ام شريك ولا إلى بيت ابن ام مكتوم وقد أجمعوا ان المرأة التى تبذو على اختانها بلسانها تؤدب وتقصير على السكنى في المنزل الذى طلقت فيه وتمنع من اذى الناس فدل ذلك على ان من اعتل بمثل هذه العلة في انتقالها اعتل بغير صحيح ولا متفق عليه من الخبر وإذا ثبت قوله عليه السلام لا سكنى لك ولا نفقة وانما السكنى والنفقة لمن عليها الرجعة - فاى شئ يعارض به هذا هل يعارض الا بمثله ولا شئ عنه عليه السلام يدفع ذلك انتهى كلامه وفي دعواه الاجماع على ذلك نظر وفي صحيح ابن حبان من حديث سلمة بن

كهيل عن الشعبى عن فاطمة قال عليه السلام المطلقة ثلاثا ليس لها سكنى ولا نفقة - وقوله عليه السلام انما السكنى والنفقة

ص: 474

زيادة في الحديث من ثقة وقد ذكرها البيهقى فيما تقدم من رواية اثنين عن الشعبى واخرجها الدارقطني من رواية اولائك الجماعة كلهم كما تقدم واخرجها النسائي من وجه آخر بسند لا بأس به من حديث سعيد بن يزيد الاحمسي عن الشعبى فوجب ان يكون معروفا ثابتا ومن نظر في الحديث وتأمله عرف انهم انما انكروا عليها امر السكنى وخالفوها في ذلك - قال (باب من قال لها النفقة) ذكر فيه قول عمر (لا ندع كتاب ربنا) ثم قال (ورواه) اشعث عن الحكم وحماد عن ابراهيم عن الاسود عن عمر قال فيه وسنة نبينا ثم ذكره من حديث أبى احمد الزبيري (ثنا عمار بن زريق عن أبى اسحق كنت مع الاسود فذكر عن الشعبى انه حدث بحديث فاطمة فأخذ الاسود كفا من حصى فحصبه ثم قال ويلك تحدث بمثل هذا قال عمر رضى الله عنه لا نترك

ص: 475

كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة) إلى آخره (ورواه يحيى بن آدم عن عمار ولم يقل فيه وسنة نبينا) ثم حكى عن الدارقطني (ان يحيى بن آدم احفظ من الزبيري واثبت منه) ثم قال (قال الشافعي ما نعلم في كتاب الله ذكر نفقة انما في كتاب الله ذكر السكنى) - قلت - قوله تعالى (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) ايجاب للنفقة لانها إذا حبست لحقه ولم ينفق عليها فقد ضارها وضيق عليها - فان قيل - المراد به ايجاب السكنى إذ التضييق انما هو في المكان - قلنا - هذا حمل للكلام على التكرار إذا السكنى مذكور أو لا بقوله تعالى (أسكنوهن من حيث سكنتم) وفيما قلنا اثبات فائدة اخرى ولان منع النفقة تضييق ومنع السكنى ليس بتضييق إذ الواجب ان تقيم في مكان واحد فإذا منعها منه تقيم حيث شاءت وذكر توسعة ذكر ذلك القدورى في التجريد ولا تعارض بين رواية الزبيري ورواية يحيى حتى يرجح يحيى عليه لان الزبيري ما خالفه بل وافقه وزاد عليه قوله سنة نبينا وهو امام حافظ قال محمد بن بشار ما رأيت رجلا احفظ من الزبيري فهذه زيادة من ثقة فوجب ان تقبل وقال مسلم عقيب حديث الزبيري ثنا احمد بن عبدة ثنا أبو داود ثنا سليمان بن معاذ عن أبى اسحاق بهذا الاسناد نحو حديث أبى احمد عن عمار بن رزيق بقصته فهذا شاهد لحديث الزبيري ورواية اشعث تشهد له ايضا وهو يصلح للمتابعة لان العجلى وثقه ووثقه ابن معين في رواية وروى له مسلم في المتابعان واخرج له ابن خزيمة في صحيحه والحاكم في مستدركه ويشهد له ايضا ثلاثة اوجه - وجهان - اخرجهما ابن ابى شيبة فقال ثنا وكيع ثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال قال عمر

لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة - وقال ايضا ثنا جرير عن مغيرة ذكرت لابراهيم حديث فاطمة فقالت قال عمر لا ندع كتاب ربنا وسنة رسوله لقول امرأة لا ندرى حفظت أو نسيت وكان عمر يجعل لها السكنى والنفقة - والوجه الثالث - في مصنف عبد الرزاق عن الثوري عن سلمة بن كهيل عن الشعبى عن فاطمة بنت قيس قالت طلقني زوحى ثلاثا فجئت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فقال لا نفقة لك ولا سكنى قال فذكرت ذلك لابراهيم فقال قال عمر بن الخطاب لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبينا لها النفقة والسكنى - وفي صحيح ابن حبان انا أبو خليفة ثنا محمد بن كثير العبدى انا الثوري فذكره وإذا ثبت هذه الزيادة وهى قوله وسنة نبينا وهى حديث مرفوع عندهم فالظاهر أنه اراد بسنة نبينا النفقة واراد بالكتاب السكنى وقوله آخرا لها النفقة والسكنى أي في الكتاب والسنة كما بينا وايد ذلك ما اخرجه القاضى اسمعيل فقال ثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة عن الشعبى ان فاطمة بنت قيس طلقها زوجها طلاقا بائنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفقة لك ولا سكنى قال فخبرت بذلك النخعي فقال ان عمر أخبر بقولها فقال لسنا بتاركي آية من كتاب الله وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لعلها أو همت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها السكنى والنفقة - وذكره ابن حزم ايضا الا انه ادخل بين حماد بن سلمة والشعبى حماد بن أبى سليمان وكذا اخرجه الطحاوي ايضا والنخعي وان لم يدرك عمر الا ان مراسيله صحيحة الا حديثين كذا قال ابن معين وليس هذا الحديث منهما وقال صاحب التمهيد في اوائله مراسيل النخعي صحيحة ثم ذكر بسنده عن الاعمش قلت للنخعى إذا حدثتني حديثا فأسنده فقال

ص: 476

إذا قلت عن عبد الله فاعلم انه عن غير واحد وإذا سميت لك احدا فهو الذى سميت قال أبو عمر في هذا ما يدل على ان مراسيله قوى من اسانيده وقال في موضع آخر مراسيله عن ابن مسعود وعمر صحاح كلها وما ارسل منها اقوى من الذى اسند حكاه يحيى القطان وغلره وفي سنن أبى داود أن عائشة عابت على فاطمة اشد العيب وروى الطحاوي وغيره ان فاطمة كانت إذا ذكرت شيئا من ذلك رماها اسامة بن زيد بما كان في يده وقال ابن المسيب تلك امرأة فتنت الناس وقال الطحاوي لم يبلغنا عن احد من الصحابة غير المنكرين لحديثها قبله ولا عمل بن غير شئ يروى عن ابن عباس ومداره على الحجاج بن ارطاة ومذهبهم فيما لم يذكر سماعه فيه لا خفاء - وحكى الطحاوي عن الشافعي قال قوله لا نفقة لك أي لانك غير حامل ثم قال الطحاوي هذا تأويل لم نجده منصوصا وقد تأوله غيره بانها منعت النفقة لبذائها الذى اخرجت به الخروج اللازم لها بفعل صدر منها لنشوز فحرمت لاجله النفقة واخرج الدارقطني من حديث حرب بن أبى العالية عن

أبى الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة - فان قيل - حرب ضعفه ابن معين قلنا - اختلف قوله فيه كذا ذكر المزى وغيره فيرجع فيه إلى غيره وقد وثقه عبيد الله بن عمر القواريرى ويكفيه ان مسلما اخرج له في صحيحه واخرج له ايضا الحاكم في المستدرك وذكر صاحب التمهيد عن عمر وابن مسعود قال المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة - وروى ذلك الطحاوي بسنده ايضا وروى بسنده ايضا عن ابن المسيب مثله وما ذكره البيهقى في الباب السابق وعزاه إلى مسلم من قول مروان سنأخذ بالعصمة التى وجدنا الناس عليها دليل على ان العمل كان عندهم على خلاف حديث فاطمة وقال القاضى اسمعيل وإذا كان هذا الانكار كله وقع في حديث فاطمة فكيف يجعل اصلا - قال (باب النفقة على الاولاد)(قال الله تعالى والولدات يرضعن اولادهن إلى قوله بالمعروف - وقال - فان ارضعن لكم فآتوهن اجورهن) - قلت - لا ذكر للنفقة على الاولاد في الآية الثانية وكذا الاولى والضمير في قوله رزقهن وكسوتهن - يعود على الوالدات -

ص: 477

قال (باب قوله تعالى وعلى الوارث مثل ذلك) ذكر فيه (عن الشعبى عن ابن عباس أي لا يضار) - قلت - في سنده اشعث هو ابن سوار فسكت عنه وضعفه قريبا في باب من قال لها النفقة أي للمبتوته وقد فسر الشعبى قوله تعالى مثل ذلك بانه رضاع الرضيع ذكره القاضى اسمعيل بسند جيد وذكره ابن أبى شيبة ايضا ثم ذكر البيهقى (عن مجاهد وعلى الوارث مثل ذلك قال يعنى الولى من كان) - قلت - في سنده عبد الرحمن بن الحسن القاضى نسب إلى الكذب ذكره الذهبي في كتاب الضعفاء على ان مجاهدا لم يتعرض لقوله تعالى مثل ذلك هل المراد به نفى المضارة كما مضى عن ابن عباس أو وجوب الرضاع كما تقدم عن الشعبى وقد جاء عن مجاهد مصرحا ان المراد المعنى الثاني قال ابن ابى شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبى نجيح عن مجاهد قال على الوارث مثل ما على ابيه ان يسترضع له وهذا سند

ص: 478

صحيح واخرجه القاضى اسمعيل عن على بن المدينى عن ابن عيينة ثم ذكر البيهقى (عن ابن المسيب عن عمر جبر عصبة صبى إلى آخره وذكر (عن الزهري ان عمر اغرم ثلاثة) إلى آخره وذكر (ان كلا منهما منقطع - قلت - مرسل ابن المسيب قد ارسل من رواية الزهري ايضا كما ذكره البيهقى وارسل ايضا من وجه ثالث ابن أبى شيبة ثنا حفص هو ابن غياث عن اسمعيل يعنى ابن أبى خالد عن الحسن ان عمر جبر رجلا على نفقة ابن اخيه والحاج يحتج بمثل هذا المرسل

كما عرف وذكر ابن أبى شيبة بسنده عن زيد بن ثابت قال إذا كان عم وام فعلى الام بقدر ميراثها وعلى العم بقدر ميراثه وذكر ابن أبى شيبة ايضا عن جماعة من التابعين وغيرهم ان المراد بقوله تعالى (وعلى الوارث مثل ذلك) وجوب النفقة والرضاع وذكر عبد الرزاق وعبد بن حميد والقاضى اسمعيل وغيرهم باسانيدهم عن جماعة من السلف مثل ذلك حكى ذلك عنهم ابن حزم ثم قال فهؤلاء عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت ولا يعرف لهما محالف من الصحابة ومن التابعين عبد الله ابن عتبة بن مسعود وقبيصة بن ذويب والحسن البصري وعطاء بن أبى رباح وابراهيم النخعي واصحاب ابن مسعود وقتادة والشعبى ومجاهد وشريح وزيد بن اسلم وهو قول الضحاك بن مزاحم وسفيان الثوري وعبد الرزاق انتهى كلامه ونفى المضارة مع قلة من قال به وضعف سنده لا يختص بالوارث فلا فائدة حينئذ في تخصيصه به فظهر أن تفسير الآية بوجوب النفقة والرضاع اولى منه لصحة معناه وكثرة القائلين به ويمكن حمل الآية على الامرين جميعا وليس التفسير بنفى المضارة منافيا للتفسير الآخر بل هو موافق له في المعنى اذلا مضارة فوق موت مورثه جوعا وعطشا وبردا وهو غنى فلا يرحمه - قال (باب نفقة الابوين)

ص: 479

ذكر فيه حديث محمد بن المنكدر (ان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال (هذا منقطع وقد روى موصولا من اوجه لا يثبت مثلها) - قلت - وقد روى موصولا من وجه صحيح قال أبو بكر البزار ومن صحيح هذا الباب حديث ذكره بقى بن مخلد فقال ثنا هشام بن عمار ثنا عيسى بن يونس ثنا يوسف بن اسحق بن أبى اسحق عن محمد بن المنكدر عن جابر أن رجلا قال يارسول الله ان لى مالا وولدا وان أبى يريد أن يجتاح مالى قال انت ومالك لابيك - واخرجه ايضا ابن ماجه في سننه عن هشام بن عمار بسنده المذكور والطحاوى من حديث عبد الله بن يوسف ثنا عيسى بن يونس فذكره بسنده - خاتمة المجلد السابع وقع الفراغ من المجلد السابع من السنن الكبرى للامام البيهقى رحمه الله تعالى مع ما يقابله من الجوهر النقى في يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة اربع وخمسين وثلاث مائة والف من هجرة النبي الكريم عليه وسلم وصحبه افضل الصلاة واكمل التسليم -

وذكر ابن أبى شيبة ايضا عن جماعة من التابعين وغيرهم ان المراد بقوله تعالى (وعلى الوارث مثل ذلك) وجوب النفقة والرضاع وذكر عبد الرزاق وعبد بن حميد والقاضى اسمعيل وغيرهم باسانيدهم عن جماعة من السلف مثل ذلك حكى ذلك عنهم ابن حزم ثم قال فهؤلاء عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت ولا يعرف لهما محالف من الصحابة ومن التابعين عبد الله ابن عتبة بن مسعود وقبيصة بن ذويب والحسن البصري وعطاء بن أبى رباح وابراهيم النخعي واصحاب ابن مسعود وقتادة والشعبى ومجاهد وشريح وزيد بن اسلم وهو قول الضحاك بن مزاحم وسفيان الثوري وعبد الرزاق انتهى كلامه ونفى المضارة مع قلة من قال به وضعف سنده لا يختص بالوارث فلا فائدة حينئذ في تخصيصه به فظهر أن تفسير الآية بوجوب النفقة والرضاع اولى منه لصحة معناه وكثرة القائلين به ويمكن حمل الآية على الامرين جميعا وليس التفسير بنفى المضارة منافيا للتفسير الآخر بل هو موافق له في المعنى اذلا مضارة فوق موت مورثه جوعا وعطشا وبردا وهو غنى فلا يرحمه - قال (باب نفقة الابوين)

ص: 481

ذكر فيه حديث محمد بن المنكدر (ان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال (هذا منقطع وقد روى موصولا من اوجه لا يثبت مثلها) - قلت - وقد روى موصولا من وجه صحيح قال أبو بكر البزار ومن صحيح هذا الباب حديث ذكره بقى بن مخلد فقال ثنا هشام بن عمار ثنا عيسى بن يونس ثنا يوسف بن اسحق بن أبى اسحق عن محمد بن المنكدر عن جابر أن رجلا قال يارسول الله ان لى مالا وولدا وان أبى يريد أن يجتاح مالى قال انت ومالك لابيك - واخرجه ايضا ابن ماجه في سننه عن هشام بن عمار بسنده المذكور والطحاوى من حديث عبد الله بن يوسف ثنا عيسى بن يونس فذكره بسنده - خاتمة المجلد السابع وقع الفراغ من المجلد السابع من السنن الكبرى للامام البيهقى رحمه الله تعالى مع ما يقابله من الجوهر النقى في يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة اربع وخمسين وثلاث مائة والف من هجرة النبي الكريم عليه وسلم وصحبه افضل الصلاة واكمل التسليم - والحمد لله رب العالمين

ص: 481