الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البدع ضلال وليس فيها بدعة حسنة
والبدع كلُّها ضلالٌ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديثي جابر والعرباض المتقدمين: "وكلُّ بدعة ضلالة"، وهذا العموم في قوله صلى الله عليه وسلم:"وكلُّ بدعة ضلالة" يدلُّ على بطلان قول مَن قال: إنَّ في الإسلام بدعة حسنة، وقد قال ابن عمر رضي الله عنه في الأثر الذي تقدَّم ذكره قريباً:"كلُّ بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة"، ولا يُقال: إنَّ في الإسلام بدعة حسنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من سنَّ في الإسلام سنَّة حسنة فله أجرها وأجر مَن عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سنَّة سيِّئة كان عليه وزرُها ووِزرُ من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء" رواه مسلم (1017) ؛ لأنَّ المرادَ به السَّبق إلى فعل الخير
والاقتداء بذلك السابق كما هو واضح من سبب الحديث المذكور في صحيح مسلم قبل إيراد هذا الحديث، وحاصله أنَّ جماعة من مُضَر قدِموا المدينة، يظهر عليهم الفقر والفاقة، فحثَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة، فجاء رجلٌ من الأنصار بصُرَّة كادت يده تعجز عن حملها، فتتابع الناس بعده على الصدقة، فعند ذلك قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"من سنَّ في الإسلام سنَّة حسنة" الحديث، ويدخل في معناه أيضاً من أحيا سنَّةً ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بلد لم تكن ظاهرة فيه، وأمَّا أن يكون معناه الإحداث في الدِّين فلا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ"، وقد تقدَّم، فإنَّ الشريعة كاملةٌ لا تحتاج إلى محدثات، وفي إحداث البدع اتِّهام لها بالنقصان وعدم الكمال، وقد مرَّ قريباً قول ابن عمر رضي الله عنه: "كلُّ بدعة ضلالة وإن رآها الناس
حسنة"، وقول مالك: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أنَّ محمداً خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ،، فما لَم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً".
وأمَّا جمعُ عمر رضي الله عنه الناسَ في صلاة التراويح على إمام يصلِّي بهم، فهو من قبيل إظهار السنَّة وإحيائها؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى بالناس بعضَ الليالي في قيام رمضان، وترك الاستمرار فيه خشية أن يُفرض على الأمَّة، روى ذلك البخاري (1129) ، ولَمَّا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وزال مقتضي الفرض بانقطاع الوحي بقي الاستحباب، فجَمَعَ عمرُ رضي الله عنه الناسَ على صلاة التراويح، وقول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح كما في البخاري (2010) :"نِعْمَ البدعة هذه"، المراد به البدعة في اللغة لا في الشرع.