المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وفي هذا الباب كراهية التقلل من المطعم ودخول المفاوز بغير زاد ونفقة - الحث على التجارة - من «الجامع» للخلال - ت الحداد

[أبو بكر الخلال]

الفصل: ‌وفي هذا الباب كراهية التقلل من المطعم ودخول المفاوز بغير زاد ونفقة

85 -

أَخْبَرَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، ثنا مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، وَأَبُو الْجَمَاهِرِ، قَالَا: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَالَّذِي يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ»

ص: 135

‌وَفِي هَذَا الْبَابِ كَرَاهِيَةُ التَّقَلُّلِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَدُخُولِ الْمَفَاوِزِ بِغَيْرِ زَادٍ وَنَفَقَةٍ

ص: 135

86 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَعْقُوبَ الْحَنْبَلِيُّ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ لَهُ عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ قَلِيلًا، وَيُقَلِّلُونَ مِنْ طَعَامِهِمْ؟ قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: فَعَلَ قَوْمٌ هَكَذَا فَقَطَعَهُمْ عَنِ الْفَرْضِ

ص: 135

87 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى مَكَّةَ، فَتَأْمُرُنِي بِذَلِكَ؟ قَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تُطِيقُ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا بِزَادٍ وَرَاحِلَةٍ، لَا تُخَاطِرُ

ص: 136

88 -

أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْمَفَازَةَ بِغَيْرِ زَادٍ، فَأَنْكَرَهُ إِنْكَارًا شَدِيدًا وَقَالَ:«أُفٍّ أُفٍّ لَا، لَا» ، وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ، «إِلَّا بِزَادٍ وَرُفَقَاءَ وَقَافِلَةٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: فِي قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فِي مَسْأَلَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَوَّلَةِ: إِنْ كُنْتَ تُطِيقُ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ أَطَاقَ وَعَلِمَ، أَنَّهُ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ، فَلَا يَسْأَلُ وَلَا تَسْتَشْرِفُ نَفْسُهُ لِأَنْ يَأْخُذَ أَوْ يُعْطَى فَيَقْبَلُ، فَهُوَ مِثْلُ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى الصِّدْقِ. وَقَدْ أَجَازَتِ الْعُلَمَاءُ التَّوَكُّلَ عَلَى الصِّدْقِ، وَأَنَا أُبَيِّنُهُ بَعْدَ هَذَا

ص: 137

89 -

وَعَلَى مَا فَعَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رحمه الله أَيْضًا

⦗ص: 138⦘

سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْمَرُّوذِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، رحمه الله يَقُولُ: حَجَجْتُ خَمْسَ حِجَجٍ، ثِنْتَيْنِ مِنْهَا عَلَى قَدَمَيَّ، وَقَدْ كَفَى بَعْضَ النَّاسِ إِلَى مَكَّةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا. قُلْتُ: مَنْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنَا، فَمَنْ قَدَرَ عَلَى هَذَا فَنِعْمَ، فَأَمَّا أَنْ يُخَاطِرَ فَيَخْرُجَ بِغَيْرِ زَادٍ، وَهُوَ لَا يُؤَمِّلُ مِنْ نَفْسِهِ هَذَا، فَقَدْ كَرِهَتِ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ، وَقَدْ أَنْكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْمُتَّكِلِينَ فِي ذَلِكَ إِنْكَارًا شَدِيدًا

ص: 137

90 -

أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْخَلِيلِ، أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ أَبَا حَامِدٍ، حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَدْ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَيَخْرُجُ إِلَى مَكَّةَ مُتَوَكِّلًا لَا يَحْمِلُ مَعَهُ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي، فَمِنْ أَيْنَ يَأْكُلُ؟ قَالَ: يَتَوَكَّلُ فَيُعْطِيهِ النَّاسُ، قَالَ: فَإِذَا لَمْ يُعْطُوهُ أَلَيْسَ يَسْتَشْرِفُ لَهُمْ حَتَّى يُعْطُوهُ؟ لَا يُعْجِبُنِي هَذَا، لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالتَّابِعِينَ فَعَلَ هَذَا، وَلَكِنْ يَعْمَلُ وَيَطْلُبُ وَيَتَحَرَّى. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ أَسْلَمَ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ يُرِيدُ سَفَرًا، أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ يَحْمِلُ مَعَهُ زَادًا أَوْ يَتَوَكَّلُ؟ قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَحْمِلُ زَادًا وَيَتَوَكَّلُ

ص: 140

91 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السِّمْسَارُ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى بْنِ مَشِّيشٍ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سَأَلَهُ رَجُلٌ خُرَاسَانِيُّ فَقَالَ: أَحُجُّ بِلَا زَادٍ؟ فَقَالَ: «لَا، اعْمَلْ وَاحْتَرِفْ وَاخْرُجْ، النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ زَوَّدَ أَصْحَابَهُ» فَقَالَ الْخُرَاسَانِيُّ: فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَغْزُونَ وَيَحُجُّونَ بِلَا زَادٍ، هُمْ عَلَى الْخَطَأِ؟ قَالَ:«نَعَمْ، هُمْ عَلَى الْخَطَأِ»

ص: 141

92 -

وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَامِعٍ الرَّازِيُّ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُعِينٍ الْحُسَيْنَ بْنَ الْحَسَنِ الرَّازِيَّ، قَالَ شَهِدْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رضي الله عنه جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَعِي دِرْهَمٌ، وَأُرَاهُ - قَالَ - أَحُجُّ بِهَذَا الدِّرْهَمِ فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: اذْهَبْ إِلَى بَابِ الْكَرْخِ، فَاشْتَرِ بِهَذَا الدِّرْهَمِ مَنًّا، وَاحْمِلْ عَلَى رَأْسَكَ حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَكَ ثَلَاثُ مِئَةٍ، فَإِذَا صَارَ عِنْدَكَ ثَلَاثُ مِئَةٍ فَحُجَّ. قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَرَى مَكَاسِبَ النَّاسِ؟ قَالَ أَحْمَدُ: انْظُرْ إِلَى هَذَا الْخَبِيثِ، يُرِيدُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَى النَّاسِ مَعَايِشَهُمْ قَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: أَنَا مُتَوَكِّلٌ، قَالَ: فَتَدْخُلُ الْبَادِيَةَ وَحْدَكَ أَوْ مَعَ النَّاسِ، قَالَ: لَا، مَعَ النَّاسِ، قَالَ: كَذَبْتَ لَسْتَ أَنْتَ بِمُتَوَكِّلٍ، فَادْخُلْ وَحْدَكَ، وَإِلَّا فَأَنْتَ مُتَوَكِّلٌ عَلَى جُرُبِ النَّاسِ

ص: 142

93 -

أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ صُبَيْحٍ، قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، إِنَّ بِبَلَدِنَا قَوْمًا مِنْ هَؤُلَاءِ الصُّوفِيَّةِ، قَالَ: لَا تَقْرُبْ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا مِنْ هَؤُلَاءِ قَوْمًا،

⦗ص: 144⦘

فَبَعْضُهُمْ أَخْرَجَهُمُ الْأَمْرُ إِلَى الْجُنُونِ وَبَعْضُهُمْ أَخْرَجَهُمْ إِلَى الزَّنْدَقَةِ. ثُمَّ قَالَ: خَرَجَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي سَفَرٍ فَشَيَّعْتُهُ، فَكَانَ مَعَهُ سُفْرَةٌ فِيهَا الْفَالُوذَجُ، وَكَانَ فِيهَا حَمَلٌ

ص: 143

94 -

أَخْبَرَنَا طَالِبُ بْنُ قُرَّةَ الْأَذَنِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:«مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ عَاقِلًا» ، يَعْنِي الصُّوفِيِّينَ

ص: 144

95 -

أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَيَّارٍ النَّصِيبِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ زِيَادٍ النَّصِيبِيُّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَذَكَرْتُ لَهُ صُوفِيِّينَ فِي بِلَادِنَا، فَقُلْتُ لَهُ يَلْبَسُونَ فَوَاخِرَ ثِيَابِ الْيَمَنِ، وَيَفْعَلُونَ كَذَا، قَالَ: فَقَالَ لِي: وَيْحَكَ أَوَ مُسْلِمُونَ هُمْ؟ قَالَ: فَضَحِكَ حَتَّى اسْتَلْقَى. قَالَ: فَقَالَ لِي بَعْضُ جُلَسَائِهِ: مَا هَذَا؟ مَا رَأَيْنَا أَعْظَمَ فِتْنَةً عَلَى هَذَا الشَّيْخِ مِنْكَ، مَا رَأَيْنَاهُ ضَاحِكًا قَطُّ

ص: 145

96 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَتَزَوَّدُوا} [البقرة: 197] . قَالَ: هُوَ الْكَعْكُ وَالتَّمْرُ

ص: 145

97 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَتَزَوَّدُوا} [البقرة: 197]، قَالَ:«الْكَعْكُ وَالسَّوِيقُ»

ص: 145

98 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، قَالَ: كَانُوا يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ، فَرُخِّصَ لَهُمْ فِي الزَّادِ، فَأُنْزِلَ {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]

ص: 146

99 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كَانُوا يَحُجُّونَ بِغَيْرِ زَادٍ، فَأُمِرُوا أَنْ يَتَزَوَّدُوا، وَقَالَ:{خَيْرُ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]

ص: 146

100 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْكِرْمَانِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو الْكِنَانِيُّ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ،:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]، قَالَ:" كَانَ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ إِذَا حَجُّوا فَبَلَغُوا ثَنِيَّةً أَوْ عَقَبَةً لَمْ يَتَزَوَّدُوا، وَتَرَكُوا الزَّادَ، وَقَالُوا: نَتَوَكَّلُ فَأُمِرُوا أَنْ يَتَزَوَّدُوا "

ص: 147

101 -

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ مُتَوَكِّلُونُ، فَيَحُجُّونَ فَيَأْتُونَ إِلَى مَكَّةَ فَيَسْأَلُونَ النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]

ص: 147

102 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَبَّاسِ الْبَاهِلِيُّ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَتَزَوَّدُوا} [البقرة: 197]، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْآفَاقِ يَخْرُجُونَ فِي الْحَجِّ، يَتَوَصَّلُونَ بِالنَّاسِ بِغَيْرِ زَادٍ، فَأُمِرُوا أَنْ يَتَزَوَّدُوا

ص: 149

103 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَطَاءِ بْنِ مُسْلِمٍ الْحَرَّانِيُّ الْبَاهِلِيُّ، ثنا الْمُغِيرَةُ بْنُ سِقْلَابٍ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ جَيْشًا فِيهِمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ حُدَيْرٌ، وَكَانَتْ تِلْكَ السَّنَةَ قَدْ أَصَابَتْهُمْ شِدَّةٌ مِنْ قِلَّةِ الطَّعَامِ، فَزَوَّدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَسِيَ

⦗ص: 150⦘

أَنْ يُزَوِّدَ حُدَيْرًا، قَالَ فَخَرَجَ حُدَيْرٌ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، قَالَ وَهُوَ آخِرُ الرَّكْبِ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَيَقُولُ: نِعْمَ الزَّادُ هُوَ يَا رَبِّ. قَالَ: وَهُوَ يُرَدِّدُهَا، وَهُوَ فِي آخِرِ الرَّكْبِ، قَالَ: فَجَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: " إِنَّ رَبِّي أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ يُخْبِرُ أَنَّكَ زَوَّدْتَ أَصْحَابَكَ، وَنَسِيتَ أَنْ تُزَوِّدَ حُدَيْرًا، وَهُوَ فِي آخِرِ الرَّكْبِ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَيَقُولُ: نِعْمَ الزَّادُ هُوَ يَا رَبِّ. قَالَ: فَكَلَامُهُ ذَلِكَ لَهُ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَابْعَثْ إِلَيْهِ بِزَادٍ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا فَدَفَعَ إِلَيْهِ زَادَ حُدَيْرٍ، وَأَمَرَهُ إِذَا انْتَهَى إِلَيْهِ حَفِظَ عَلَيْهِ مَا يَقُولُ، وَإِذَا دَفَعَ إِلَيْهِ الزَّادَ حَفِظَ عَلَيْهِ مَا يَقُولُ، وَيَقُولُ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، وَيُخْبِرُكَ أَنَّهُ كَانَ نَسِيَ أَنْ يُزَوِّدَكَ، وَأَنَّ رَبِّي تبارك وتعالى أَرْسَلَ إِلَيَّ جِبْرِيلَ فَذَكَرَنِي بِكَ، فَذَكَّرَهُ جِبْرِيلُ وَأَعْلَمَهُ مَكَانَكَ " قَالَ: فَانْتَهَى إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَيَقُولُ: نِعْمَ الزَّادُ هَذَا يَا رَبِّ، قَالَ: فَدَنَا مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، وَقَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ بِزَادٍ مَعِي، وَيَقُولُ: إِنِّي إِنَّمَا نَسِيتُكَ، فَأُرْسِلَ إِلَيَّ جِبْرِيلُ مِنَ السَّمَاءِ يُذَكِّرُنِي بِكَ. قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، ذَكَرَنِي رَبِّي مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ، وَمِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ، وَرَحِمَ جُوعِي وَضَعْفِي، يَا رَبِّ كَمَا لَمْ تَنْسَ حُدَيْرًا، فَاجْعَلْ حُدَيْرًا لَا يَنْسَاكَ. قَالَ: فَحَفِظَ الرَّجُلُ مَا قَالَ، فَرَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِمَا سَمِعَ مِنْهُ حِينَ أَتَاهُ، وَبِمَا قَالَ حِينَ أَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَا إِنَّكَ لَوْ رَفَعْتَ رَأْسَكَ إِلَى السَّمَاءِ، لَرَأَيْتَ لِكَلَامِهِ ذَلِكَ نُورًا سَاطِعًا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»

ص: 149