الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السؤال الثاني عشر:
هل تصح
الصلاة خلف إمام يستغيث بالأموات ويطلب المدد منهم
أم لا؟
الجواب:
هذا الرجل كافر، الذي يستغيث بالأموات ويطلب المدد منهم ويسألهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات هذا مشرك ولا تصح الصلاة خلفه والصلاة خلفه باطلة؛ ومن صلى خلفه ولم يعلم حاله فإنه إذا علم يعيد الصلاة وهذا بإجماع المسلمين أن الصلاة لا تصح خلف المشرك، لكن الخلاف بين العلماء في صحة الصلاة خلف الفاسق؛ فالحنابلة وجماعة يمنعون الصلاة خلفه ويقولون: لا تصح، وآخرون يقولون: تصح مع الكراهة، والصواب أنها تصح ولكن الصلاة خلف العدل أولى؛ هذا إذا كان موحِّدا لكنه فاسق، أما المشرك فلا تصح الصلاة خلفه بالإجماع.
السؤال الثالث عشر:
هناك بعض الأحاديث التي يستدل بها البعض على أن من ترك جميع الأعمال بالكلية فهو مؤمن ناقص الإيمان كحديث (لم يعملوا خيرا قط) وحديث البطاقة وغيرها من الأحاديث؛ فكيف الجواب على ذلك؟
الجواب:
ليس في هذه الأحاديث حجة لهذا القائل فمن ترك جميع الأعمال بالكلية وزعم أنه يكتفي بما في قلبه من التصديق كما سبق فإنه لا يتحقق إيمانه إلا بالعمل، وأما أحاديث الشفاعة وأن المؤمنين الموحدين العصاة يشفع لهم الأنبياء والأفراط والشهداء والملائكة والمؤمنون وتبقى بقية لا تنالهم الشفاعة فيخرجهم رب العالمين برحمته؛ يخرج قوما من النار لم يعملوا خيرا قط، قال العلماء: المعنى (لم يعملوا خيرا قط) أي زيادة على التوحيد والإيمان ولا بد من هذا؛ لأن النصوص يُضم بعضها إلى بعض وقد دلت النصوص على أن الجنة حرامٌ على المشركين وقد ثبت في الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر مناديا ينادي في بعض الغزوات: (أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة) » ولما أمّر أبا بكر في الحج في السنة التاسعة من الهجرة أرسل معه مؤذنين يؤذنون منهم أبو هريرة وغيره يؤذنون في الناس بأربع كلمات منها: «لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ولا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عهد فهو إلى عهده ومن لم يكن له عهد فهو إلى أربعة أشهر» وهذا يدل على أنه لا يمكن أن يدخل الجنة كافر قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ
حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} فهذه نصوص محكمة وهذا الحديث يُرد إليها والقاعدة عند أهل العلم: أن المتشابه يُرد إلى المحكم.
ولا يتعلق بالنصوص المتشابهة إلا أهل الزيغ كما قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} وثبت في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم» وأما أهل الحق فإنهم يردون المتشابه إلى المحكم ويفسرونه به وهذا الحديث فيه اشتباه لكنه يرد إلى المحكم من النصوص الواضحة المحكمة في أن المشرك لا يدخل الجنة وأن الجنة حرام عليه.
فلا يمكن أن يكون معنى الحديث: (لم يعملوا خيرا قط) أنهم مشركون وليس عندهم توحيد وإيمان وأنهم أخرجهم الله إلى الجنة فهذا لا يمكن أن يكون مرادا وإنما المراد (لم يعملوا خيرا قط) أي زيادة على التوحيد والإيمان وكذلك حديث البطاقة ليس فيه أنه مشرك وإنما فيه أنه موحِّد ففيه أنه: «يؤتى برجل ويخرج له تسعة وتسعون سجلا كل سجل مد البصر سيئات ويؤتى له ببطاقة فيها الشهادتان فتوضع البطاقة في كفة والسجلات في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة» ومعلوم أن كل مسلم له مثل هذه البطاقة وكثير منهم يدخلون النار، لكن هذا الرجل لما قال هاتين الشهادتين قالها عن إخلاص وصدق وتوبة فأحرقت هذه السيئات فثقلت البطاقة وطاشت السجلات.
السؤال الرابع عشر:
ما حكم من يدعو غير الله وهو يعيش بين المسلمين وبلغة القرآن، فهل هذا مسلم تلبس بشرك أم هو مشرك؟
الجواب:
هذا الشخص مشرك؛ لأنه غير معذور إذا كان يعيش بين المسلمين لقول الله عز وجل: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} فمن بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة، وقال تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} فمن بلغه القرآن وبلغته الدعوة وفعل الشرك وهو يعيش بين المسلمين فإنه مشرك. وقال بعض أهل العلم: إن الشخص إذا كان يخفى عليه ما وقع فيه من الشرك بسبب دعاة الضلال والإشراك وبسبب كثرة المضلين حوله وخفي عليه الأمر فإنه في هذه الحالة يكون أمره إلى الله عز وجل فيكون حكمه حكم أهل الفترة إذا لم يعلم ولكنه إذا مات يعامل معاملة المشركين فلا يُغسَّل ولا يُصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين في مقابرهم.
فالمقصود أن الأصل أنه لا يعذر لكن لو وجد بعض الناس خفي عليه بسبب دعاة الشرك والضلال ولم يعلم قد يقال إنه معذور في هذه الحالة وأمره إلى الله تعالى، وبكل حال يجب عليه أن يطلب الحق ويتعرف عليه ويسعى له كما أنه يسعى في معيشته ويسأل عن طرق الكسب فيجب عليه أن يسأل عن دينه ويسأل عن الأمر الذي أشكل عليه وكونه لم يسمع الحق ولم يقبل الحق وتصامم عن سماع الحق فليس هذا عذرا له؛ هذا هو الأصل.
السؤال الخامس عشر:
هل يشترط في إقامة الحجة فهم الحجة فهما واضحا جليا أم يكفي مجرد إقامتها؛ نرجو التفصيل في ذلك مع ذكر الدليل؟
الجواب:
الواجب إقامة الحجة على من كان عنده شبهة وكذلك المشرك إذا أقيمت عليه الحجة فقد زال عذره بمعنى أن يبلغه الدليل ويعلم أن هذا الأمر فيه دليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يشترط فهم الحجة فإن الله أخبر أن المشركين قامت عليهم الحجة ومع ذلك لم يفهموها فهما واضحا ولكنهم قامت عليهم الحجة ببلوغها؛ نزل القرآن وسمعوه وجاءهم النذير صلى الله عليه وسلم وأنذرهم واستمروا على كفرهم فلم يعذرهم ولهذا قال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} وقد بعث الرسول، وقال تعالى:{وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} فاشترط في إقامة الحجة البلاغ، وقال صلى الله عليه وسلم:«والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار» وقال تعالى في وصف الكفار: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} ومع ذلك قامت عليهم الحجة فأخبر أن مثلهم مثلُ من يسمع الصوت ولا يفهم المعنى كمثل الغنم التي ينعق لها
الراعي فتسمع الصوت ومع ذلك قامت عليهم الحجة، وقال تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} ولم يقل حتى يتبين؛ بل قال: {حَتَّى يُبَيِّنَ} وهذا هو قيام الحجة، فإذا فهم الحق وعرف هذا الدليل وعرف الحجة فقد قامت عليه الحجة ولو لم يفهمها؛ فلا يشترط فهمها وهذا الذي تدل عليه النصوص وهو الذي قرره أهل العلم.
السؤال السادس عشر:
هل تكفير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله للطائفة الممتنعة من أداء شعيرة الزكاة حين فعل هذا ما ارتد من العرب لأجل جحدهم للوجوب أم لأجل مجرد المنع وعدم الالتزام بالأداء؟
الجواب:
أهل الردة الذين ارتدوا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أقسام؛ منهم من رجع إلى الأصنام والأوثان فعبدها ومنهم من أنكر نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وقال: لو كان نبيا ما مات؛ وهؤلاء كفار لا إشكال فيهم، ومنهم من منع الزكاة والصحابة قاتلوهم جميعا ولم يفرِّقوا بينهم وسموهم المرتدين؛ والذي منع الزكاة قال العلماء إنما كفر لأنه إذا منعها وقاتل عليها دل على جحوده إياها لأنه فعل أمرين: منعها وقاتل عليها، أما إذا منعها ولم يقاتل عليها فإنها تؤخذ منه ويؤدَّب ولا يكفر، ولكن إن منعها وقاتل عليها فإنه يكفر؛ لأن هذا دليل على جحوده والمرتدون الذين منعوا الزكاة منعوها وقاتلوا عليها فدل على أنهم جحدوها ولهذا عاملهم الصحابة معاملة المرتدين وسموهم مرتدين كلهم وقاتلوهم، لا فرق بين من أنكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أو عبد الأصنام أو من جحد الزكاة لأنه جحد أمرا معلوما من الدين بالضرورة.
السؤال السابع عشر:
ما حكم من يقول بأن من قال: أن من ترك العمل الظاهر بالكلية بما يسمى عند بعض أهل العلم بجنس العمل أنه كافر؛ أن هذا القول قالت به فرقة من فرق المرجئة؟
الجواب:
لا أعلم أن هذا القول قالت به المرجئة ولكن لا بد من العمل كما سبق لأن من أقر بالشهادتين فلا بد أن يعمل لأن النصوص التي فيها الأمر بالنطق بالشهادتين وأن من نطق بالشهادتين فهو مؤمن مقيّدة بقيود لا يمكن معها ترك العمل وقد ثبت في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه دخل الجنة» وقوله: «خالصًا من قلبه» هذا ينفي الشرك؛ لأن الإخلاص ينافي الشرك ومن ترك العمل فهو مشرك لأنه عابدٌ للشيطان ولأنه معرض عن دين الله؛ ومن أعرض عن دين الله كفر؛ وكذلك جاء في الأحاديث: «من قال لا إله إلا الله مخلصًا» وفي بعضها: «صادقًا من قلبه» وفي بعضها: «مستيقنًا بها قلبه» وفي بعضها: «وكفر بما يعبد من دون الله» فهذه النصوص التي فيها أن من نطق بالشهادتين فهو مؤمن مقيدة بهذه القيود التي لا يمكن معها ترك العمل فلا بد أن يكفر بما يعبد من دون الله؛ ومن لم يعمل فإنه معرض عن دين الله وهذا نوع من أنواع الردة؛ فمن لم يعمل مطلقًا وأعرض عن الدين لا يتعلمه ولا يعبد الله فهذا من نواقض الإسلام قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} فلا
بد أن يعمل فإذا قال: لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه وقالها عن إخلاص وفي بعضها «وهو غير شاك» فلا بد أن يعمل ولا يمكن أن يتكلم بكلمة التوحيد عن صدق وإخلاص ولا يصلي أبدًا وهو قادر لأنه إذا ترك الصلاة دل على عدم إخلاصه ودل على عدم صدقه ودل على أن قلبه ليس مستيقنًا بها ولو كان قلبه مستيقنًا بها وكان عنده يقين وإخلاص وصدق لا بد أن يعمل فإن لم يعمل دل على عدم إيمانه وعدم يقينه وعدم إخلاصه وعدم صدقه ودل على ريبه وشكه وهذا واضح من النصوص.
السؤال الثامن عشر:
ما حكم تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين وضعية كالقانون الفرنسي والبريطاني وغيرها مع جعله قانونًا ينص فيه على أن قضايا النكاح والميراث بالشريعة الإسلامية؟
الجواب:
هذه مسألة فيها كلام لأهل العلم وقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله أن من بدَّل الشريعة بغيرها من القوانين فإن هذا من أنواع الكفر ومثَّل لذلك بالمغول الذين دخلوا بلاد الإسلام وجعلوا قانونًا مكونًا من عدة مصادر يسمى (الياسق) وذكر كفرهم وذكر هذا أيضًا الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله فقد قال في أول رسالته (تحكيم القوانين) : (إن من الكفر المبين استبدال الشرع المبين بالقانون اللعين) فإذا بدَّل الشريعة من أولها إلى آخرها كان هذا كفرًا من أنواع الكفر والردة، وقال آخرون من أهل العلم: إنه لا بد أن يعتقد استحلاله ولا بد أن تقام عليه الحجة وذهب إلى هذا سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله وقال: إنه لا بد أن تقوم عليه الحجة لأنه قد يكون جاهلًا بهذا الأمر وليس عنده علم؛ فلا بد أن يبين له حتى تقوم عليه الحجة فإذا قامت عليه الحجة فإنه يحكم بكفره، والمقصود أن هذه المسألة مسألة خطيرة وهذا إذا لم يكن لمن وضع القانون أعمال كفرية أخرى أما إذا كان تلبَّس بأنواع من الكفر الأخرى فهذا لا إشكال فيه، لكن هذا مفروض في شخص لم يتلبَّس بشيء من أنواع الكفر؛ فهل يكون هذا كفرًا أكبر بمجرد
تبديله الدين كما ذكر هذا الحافظ ابن كثير والشيخ محمد بن إبراهيم - رحمهما الله - وغيرهما من أهل العلم، أو أنه لا بد من إقامة الحجة وبيان أن هذا الأمر كفر فإذا قامت عليه الحجة حكم بكفره.