المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام - الرسالة التبوكية زاد المهاجر إلى ربه - ط عطاءات العلم - المقدمة

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة التحقيق

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد، فهذه الرسالة التي بين أيدينا من مؤلفات الإمام العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله، وقد كتبها في المحرم سنة 733 بتبوك، وأرسلها إلى أصحابه في بلاد الشام، فسمِّيت بـ"الرسالة التبوكية". فسَّر فيها المؤلف قوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2]، وذكر أن من أعظم التعاون على البر والتقوى التعاون على سفر الهجرة إلى الله ورسوله باليد واللسان والقلب، مساعدة ونصيحة وتعليمًا وإرشادًا. وبيَّن أن زاد هذا السفر العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وطريقه بذل الجهد واستفراغ الوسع، ومَركبه صِدقُ اللجأ إلى الله والانقطاع إليه بالكلية وتحقيق الافتقار إليه من كل وجه. ورأس مال الأمر وعموده في ذلك إنما هو دوام التفكر والتدبّر في آيات القرآن، بحيث يستولي على الفكر ويشغل القلب، وتصير معاني القرآن مكان الخواطر من قلبه.

ثم استطرد إلى بيان كيفية تدبر القرآن وتفهُّمه والإشراف على عجائبه وكنوزه، ففسَّر الآيات 24 - 30 من سورة الذاريات، واستنبط أسرارها وأثار كنوزها وأفاض في بيانها، ليُجعَل ذلك نموذجًا يُحتذَى في تدبر القرآن.

ص: 5

ثم ذكر المؤلف أن من أراد هذا السفر فعليه بمرافقة الأموات الذين هم في العالم أحياء، فإنه يبلغ بمرافقتهم إلى مقصده، وليحذر من مرافقة الأحياء الذين هم في الناس أموات، فإنهم يقطعون عليه طريقه. وعليه أن يكون واقفًا عند قوله تعالى:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف: 199]، متدبرًا لما تضمنه من حسن المعاشرة مع الخلق، وأداء حق الله فيهم، والسلامة من شرهم.

وفي أثناء الرسالة تحقيقات منثورة في الكلام على الآيات والأحاديث، وبيان حقيقة هذه الهجرة ومقتضياتها وآثارها وانقسام الناس إزاءها، تُشوِّق القارئ إلى الاستفادة منها، وسلوكِ الطريق القويم في سفره إلى الله، الذي هو غاية كل عبد منيب.

*‌

‌ طبعات هذه الرسالة:

نظرًا إلى أهمية هذه الرسالة وما تضمنته من معان جليلة طُبعت عدة مراتٍ بعناوينَ مختلفة، أولاها بعنوان "الرسالة التبوكية" بمراجعة واهتمام الشيخ عبد الظاهر أبي السمح إمام وخطيب الحرم المكي الشريف، بالمطبعة السلفية بمكة المكرمة سنة 1347. وطبعت أيضًا بعنوان:"زاد المهاجر إلى ربّه" وبعنوان: "تحفة الأحباب في تفسير قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} "، وتوالت طبعاتها بالاعتماد على الطبعة الأولى دون الرجوع إلى أصولها الخطية، وكثر فيها التصحيف والتحريف والسقط، حتى أصبح النصُّ غامضًا

ص: 6

في مواضع كثيرة يَقِف القارئ فيها حيران لا يهتدي إلى الصواب.

وقد صدرت أخيرا طبعة جديدة لها بتحقيق الشيخ سليم الهلالي عن مكتبة الخراز في جدة ودار ابن حزم في بيروت سنة 1419، اعتمد في إخراجها على نسخة برلين (الآتي وصفُها) والطبعة الأولى التي سبق ذكرها، واستدرك في هذه الطبعة الفصل الأخير الذي خلت منه الطبعات السابقة، واستفاد بعض التصحيحات من المخطوطة التي رجع إليها، ولكنه جريا على عادة كثير من المشتغلين بكتب التراث وجَّه جُلَّ اهتمامه إلى تخريج الأحاديث والآثار وترجمة الأعلام. ونَقْل كلام المؤلف من كتبه الأخرى في صفحات، حتى خرج الكتاب مع ترجمة المؤلف والتعليقات والفهارس في أكثر من ثلاثمائة صفحة، وهو في المخطوطة المشار إليها 13 ورقة فقط. أما النص فلم يتمكن من تحريره وضبطه على وجه الصواب في مواضع كثيرة، ويكفي القارئ أن يقارن بين طبعته وهذه الطبعة في الفصل الأخير وفي بقية الفصول، ليدرك الفرق بين الطبعتين. فإني لا أحب الخوض في ذكر الأخطاء والتحريفات وسرد النماذج منها.

*‌

‌ الأصول المعتمدة في هذه الطبعة:

توجد من هذه الرسالة عشر نسخ خطية على ما أعلم، وقد تمكنتُ من الحصول على ستّ منها، وفيما يلي وصفها:

1) نسخة مكتبة الدولة في برلين برقم [2089](الورقة 100 ب- 113 أ)، كتبت بخط نسخي، وليس عليها تاريخ النسخ واسم الناسخ،

ص: 7

ولعلها من مخطوطات القرن الحادي عشر. وهي نسخة تامة مقابلة على الأصل المنسوخ عنه، والخطأ فيها قليل، والسقط نادر.

2) نسخة جامعة أم القرى بمكة المكرمة برقم [1489/ 2](الورقة 15 ب -37 أ)، كتبت سنة 1269، وهي بخط نسخي جيد، ولكنها كثيرة الأخطاء والتحريفات، وينقصها الفصل الأخير.

3) نسخة مكتبة الملك فهد الوطنية [رقم 22 مجموعة الدلم] في عشرين ورقة، كتبت سنة 1284، بخط نسخي، وهي توافق النسخة السابقة في التحريف والسقط، وينقصها أيضًا الفصل الأخير.

4) نسخة المكتبة السعودية بالرياض برقم [45/ 86]، في 22 ورقة، كتبت في القرن الثالث عشر تقديرا، وفي آخرها:"بلغ مقابلةً وتصحيحًا بحسب الطاقة والإمكان على أصلٍ ليس بالقوي". وهي مثل النسختين السابقتين.

5) نسخة مكتبة الملك فهد الوطنية برقم [314749] من مجموعة شقراء، في 16 ورقة، كتبت في شعبان سنة 1356، وناسخها محمد بن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن محمد بن عبد الله، وقد نسخها عن نسخة كتبت سنة 1316. وعنوان هذه النسخة:"رحلة ابن القيم إلى تبوك"، وهي مثل النسخ الثلاث السابقة.

6) نسخة خطية في مكتبة خاصة، في 24 ورقة، بخط الشيخ إبراهيم بن محمد بن ضويان (صاحب "منار السبيل")، كتبها سنة 1294، وقد بعثها إلينا الشيخ سليمان العمير عند إعداد الطبعة

ص: 8

الثانية، فجزاه الله خيرًا. وهذه النسخة توافق الطبعة السلفية غالبًا، ولكنها كثيرة السقط في مواضع عديدة يبلغ مجموعها ثلث الرسالة. وقد استفدت منها في بعض المواضع عند إعداد الطبعة الثانية.

وبعد دراسة هذه النسخ ظهر لي أن نسخة برلين أصحّ النسخ وأكملها، والنسخ الأربع المذكورة ترجع إلى أصل واحد، فهي تتفق في التحريف والسقط والاضطراب في أكثر المواضع.

*‌

‌ منهج التحقيق:

اتخذتُ نسخة برلين أصلا لكونها أقدم النسخ وأصحّها، وهي تنفرد بزيادة الفصل الأخير الذي لم يرد في غيرها، وقابلتها بالنسخ الأخرى، ولم أعدل عن الأصل إلا إذا كان ما فيه خطأ ظاهرا أو قراءة مرجوحةً، واستدركت السقط بوضعِه بين معكوفتين. وقد كنت أحصيتُ جميع الفروق والتحريفات في بداية الأمر، ثم صرفت النظر عنها، فإن أكثرها تحريفات واضحة من النسّاخ، ولذا اكتفيتُ بالإشارة إلى الفروق التي لها وجه في العبارة، وأشرت إلى السقط في الأصل وبقية النسخ ليكون القارئ على بينة. وقد رمزت لنسخة برلين بالأصل، ولنسخة أم القرى بـ (ق)، ولنسخة الدلم بـ (د)، ولنسخة المكتبة السعودية بالرياض بـ (ر)، ولنسخة شقراء بـ (ش).

وراجعت أيضًا الطبعة الأولى، فوجدتها كثيرة التحريف

ص: 9

والسقط بعد مقابلتها على النسخ الخطية، ولكنها تختلف عنها في مواضع كثيرة، وفيها بعض الزيادات المهمة على الأصل، واختصارٌ في العبارة وخاصة في الآيات. وقد أشرتُ إليها بـ (ط). ولعل الأصل الذي طبعت عنها هذه الطبعة نسخة دار الكتب المصرية [13 م مجاميع](الورقة 139 - 148) كما ورد ذكرها في فهرس الخديوية (7/ 519) والفهرس الثاني لدار الكتب (1/ 311). وقد حاولتُ الحصول على هذه النسخة مرارا، فلم أفلح، وقيل لي: إنها لا توجد الآن.

بعد مقابلة الأصل بالمخطوطات والمطبوعة حرَّرتُ النصَّ، وقمتُ بضبطه عند الضرورة، ثم علَّقتُ عليه بما يُوثِّقه ويزيل الإشكالَ عنه، ولم أُطِل في هذه التعليقات، فالموضوع في غنى عنها، والقارئ الذي يقرأ النصّ ويفهمه بسهولة ليس بحاجة إلى الشرح.

وفي الختام أحمد الله على توفيقه، وأسأله الهدى والسَّداد، إنه نعم المولى ونعم النصير.

كتبه

محمد عزير شمس

ص: 10

نماذج من النسخ الخطية

ص: 11

أول نسخة (الأصل)

ص: 12

آخر نسخة (الأصل)

ص: 13

أول نسخة (ق)

ص: 14

آخر نسخة (ق)

ص: 15

أول نسخة (د)

ص: 16

آخر نسخة (د)

ص: 17

أول نسخة (ر)

ص: 18

آخر نسخة (ر)

ص: 19

أول نسخة (ش)

ص: 20

أول (نسخة ابن ضويان)

آخر (نسخة ابن ضويان)

ص: 21

صفحة العنوان من الطبعة الأولى

ص: 22