المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما جاء في نزول عيسى بن مريم ، عليهما السلام ، وخروج الدجال لعنه الله - أشراط الساعة وذهاب الأخيار وبقاء الأشرار لعبد الملك بن حبيب - جـ ٤

[عبد الملك بن حبيب]

الفصل: ‌باب ما جاء في نزول عيسى بن مريم ، عليهما السلام ، وخروج الدجال لعنه الله

‌باب ما جاء في نزول عيسى بن مريم ، عليهما السلام ، وَخُرُوجِ الدَّجَّالِ لَعَنَهُ اللَّهُ

29-

حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الطَّلْحِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِعِيسَى عليه السلام {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الذين كفروا} قَالَ مُتَوَفِّيكَ أَيْ آخِذُكَ وَقَابِضُكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ الْكَلِمَةُ فِي ذَلِكَ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا رَفَعَهُ اللَّهُ وَلَمْ يُمِتْهُ حَتَّى يَقْتُلَ الدَّجَّالَ لَعَنَهُ اللَّهُ ثُمَّ يَمُوتُ عليه السلام.

وَمِنْ كِتَابِ اللَّهِ غَيْرُ هَذَا عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ أَحَدٌ من أهل الإيمان

⦗ص: 135⦘

والسنة أن عيسى بن مَرْيَمَ يَمُوتُ بَعْدُ وَإِنَّمَا رَفَعَهُ اللَّهُ حَيًّا ثُمَّ يَنْزِلُ إِلَى الأَرْضِ عِنْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَتَكُونُ الْمِلَّةُ فِي زَمَانِهِ وَاحِدَةً للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

ص: 134

30-

قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {حتى تضع الحرب أوزارها} وَفِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كله} قَالَ ذَلِكَ حِينَ يَنْزِلُ عِيسَى عليه السلام ، مُصَدِّقًا بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ وَيُسْلِمُ عِنْدَ نُزُولِهِ كُلُّ يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ وصاحب ملة فيكون الدين واحد وَيَقَعُ الأَمَانُ فِي الأَرْضِ وَيَكُونُ السَّلامُ وَتَأْنَسُ الْوُحُوشُ بِالنَّاسِ وَيَأْمَنُ النَّاسُ السِّبَاعَ وَالْهَوَامَّ حَتَّى إِنَّ الصَّبِيَّ يَلْقَى الأَسَدَ فَيَعْرِكَ أُذُنَيْهِ وَلا يُهَيِّجُهُ عَلَيْهِ وَيَلْقَى الرَّجُلُ الْحَيَّةَ فِي كَفِّهِ وَلا تَضُرُّهُ وَتَلْقَى الشَّاةُ الذِّئْبَ فَلا يَضُرُّهَا فَذَلِكَ حِينَ تَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا وَيَظْهَرُ الإِسْلامُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (وَثَبَتَ كتباتُهَا) وَعَلَى عَهْدِ آدَمَ فَيَكُونُ النَّاسُ مَعَهُ عَلَى خَيْرِ حَالٍ وَخَيْرِ زَمَانٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثم يقبض الله روح عيسى بن مَرْيَمَ عليه السلام ، وَيَذُوقُ الْمَوْتَ فَيُدْفَنُ وَيَمُوتُ النَّاسُ فَلا يَبْقَى شَيْءٌ مِنَ الأَخْيَارِ إِلا الأَشْرَارَ (فِي قَلْبِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) .

ص: 136

31-

وحدثني بذلك إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ نَافِعِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَنْزِلُ عيسى بن مَرْيَمَ عليه السلام عِنْدَ بَابِ دِمَشْقَ الشَّرْقِيِّ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ لِسِتِّ سَاعَاتٍ إِلَى الدَّجَّالِ في ثَوْبَيْنِ دِمَشْقِيَّيْنِ كَأَنَّمَا يَنْحَدِرُ مِنْ رَأْسِهِ حب الجمان.

ص: 140

32-

وَحَدَّثَنِي غَيْرُ هَذَا عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الدَّجَّالَ خَارِجٌ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى وَأَنَّهُ يُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى وَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى فَمَنْ قَالَ أَنْتَ رَبِّي فَقَدْ فُتِنَ وَمَنْ قَالَ رَبِّيَ اللَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الَّذِي لا يَفْنَى فَقَدْ عُصِمَ، فَيَلْبَثُ الْكَذَّابُ فِي الأَرْضِ مَا شَاءَ اللَّهُ يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ وَيُفْتَنُ النَّاسُ بِهِ وَتَكُونُ بِهِ عَلَيْهِمْ قُدْرَةٌ وَلَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ يَفْتِنُ النَّاسَ فَجَنَّتُهُ نَارٌ وَنَارُهُ جَنَّةٌ يَخْرُجُ عَلَى حَالِ شِدَّةٍ مِنَ الْعَيْشِ وَعَدَمٍ مِنَ الطَّعَامِ وَأَكْثَرُ أَتْبَاعِهِ الْيَهُودُ وَمَنِ اسْتَمَالَ إِلَيْهِ بِالْفِتْنَةِ قَالَ مَنِ اسْتَمَالَ بِالْفِتْنَةِ إِلَى مَذْهَبِهِ فَقَدْ مَالَ وَاسْتَمَالَ وَكَفَرَ فَيَأْتِي عَلَى جَمِيعِ الأَرْضِ وَقِيلَ إِنَّمَا يَكُونُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ وَتُعْصَمُ مِنْهُ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ ، فَإِذَا بَلَغَ دِمَشْقَ نَزَلَ عِيسَى عليه السلام وَيَقْتَتِلُ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْيَهُودِ وَمَنِ اسْتَمَالَ إِلَى مَذْهَبِهِ حَتَّى إِنَّ الْيَهُودِيَّ لَيَخْتَبِئُ خَلْفَ حَجَرٍ فَيَقُولُ ذَلِكَ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ قَدِ اخْتَبَأَ خَلْفِي فَاقْتُلْهُ ثُمَّ يُقِيمُ عِيسَى عليه السلام فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً بَلْ عَامًا وَيَقُومُ بِهِ دِينُ الإِسْلامِ وَتَكُونُ الْمِلَّةُ

⦗ص: 143⦘

وَاحِدَةً مِلَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

⦗ص: 144⦘

ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: إِنَّ عِيسَى عليه السلام يَقْتُلُ الدَّجَّالَ وَيَمُوتُ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُكَلِّمُ الناس في المهد وكهلا} قَالَ يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَهُوَ صَبِيٌّ ثُمَّ رَفَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ كَهْلا ثُمَّ يُنْزِلُهُ فَيُكَلِّمُ النَّاسَ بَعْدَ نُزُولِهِ ثُمَّ قَرَأَ قوله تعالى {وإنه لعلم للساعة} فيقول نزول عيسى بن مَرْيَمَ هُوَ عِلْمُ السَّاعَةِ {فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا} وَقَرَأَ قَوْلَهُ تَعَالَى

⦗ص: 145⦘

{إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى بن مريم رسول الله} الآية إلى قوله: {عزيزا حكيما} وَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا ليؤمنن به قبل موته} يَعْنِي عِيسَى عليه السلام عِنْدَ نُزُولِهِ يُؤْمِنُ بِهِ أَهْلُ الْكِتَابِ كُلُّهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى {وَيَوْمَ القيامة يكون عليهم شهيدا} بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ إِلَيْهِمْ وَإِقْرَارِهِ عِنْدَهُمْ بِالرُّبُوبِيَّةِ للَّهِ عَلَى نَفْسِهِ.

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: حَدَّثَنِي الْمَكْفُوفُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خُوطٍ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَ ذلك.

ص: 141

33-

وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَخْزَمَ الأردبيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الأَعْمَشِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ دِمَشْقَ تُعْصَمُ مِنْ دُخُولِ الدَّجَّالِ قَالَ فَبَيْنَمَا مَنْ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (يَسْتَرِيثُونَ) نُزُولَ عِيسَى وَقَدْ نَزَلَ الدَّجَّالُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْمُعْتَصِمِينَ بِجَبَلِ الْخَلِيلِ بِعَقَبَةِ أُفَيْقٍ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ مَا بَيْنَ الظُّهْرِ والعصر إذ نزل عيسى بن مَرْيَمَ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقَيَّ دِمَشْقَ فَيَصْعَدُ دَرَجَ الْمَسْجِدَ ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي إِلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِهِ مَا يَلِي مَدْخَلَهُ فَيَقُولُ أَهْلُ الْمَجْلِسِ أَقْرَبُ الْمَجَالِسِ إِلَيْهِ مَا وَلِينَا رَجُلا قَطُّ

⦗ص: 146⦘

نشع مِنْ هَذَا وَلا أَشْبَهَ مِنْهُ بما ينظر من عيسى بن مَرْيَمَ مِنْهُ فَيَقُولُ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَلا أَقُومُ إِلَيْهِ فَأَسْأَلَهُ فَيَقُولُونَ بَلَى. فَيَقُومُ فَيَجْلِسُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَرْكَعُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا سَلَّمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ وَسَأَلَهُ مَنْ هو؟ فيقول له: أنا عيسى بن مَرْيَمَ، فَيَأْتِي الرَّجُلُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَيُعْلِمُهُمْ وَيُخْبِرُهُمْ فَيُلْهَمُونَ مَعْرِفَتَهُ وَتَصْدِيقَهُ وَيُعْصَمُونَ مِنْ تَكْذِيبِهِ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: لا تُحْدِثُوا فِي أَمْرِهِ شَيْئًا حَتَّى تُعْلِمُوا إِمَامَكُمْ بِهِ، فَيَقُومُونَ وَيَأْتُونَ إِلَى إِمَامِهِمْ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي هَذِهِ الْخَضْرَاءِ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَيَقُولُونَ لَهُ: قَدْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ هَيْئَتِهِ وَصِفَتِه كَذَا وَكَذَا وَيُخْبِرُونَهُ بِإِرْسَالِهِمْ صَاحِبَهُمْ إِلَيْهِ وَبِمَا قَالَهُ حِينَ سَأَلَهُ، فَيَقُومُ الإِمَامُ وَمَنْ كَانَ بِمَجْلِسِهِ حَتَّى يَأْتُوهُ وَهُوَ فِي مُصَلاهُ فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فَيَرُدُّ عليهم السلام بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ صَلاتِهِ، فَيَقُولُ الإِمَامُ: أُخْبِرْنَا عَنْكَ بِأَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ عيسى بن مَرْيَمَ فَيَقُولُ: نَعَمْ فَيَقُولُونَ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ عِيسَى عليه السلام: هَلْ فِيكُمْ مَنْ يَقْرَأُ سورة المائدة؟ فيقولون: نعم فيقول: اقرؤا فاتحة العشرين ومئة مِنْهَا، فَيَقْرَأُ بَعْضُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ {إِذْ قَالَ الله يا عيسى بن مريم اذكر

⦗ص: 147⦘

نعمتي عليك وعلى والدتك} إِلَى آخِرِ الآيَةِ.

فَيَقُولُ عِيسَى عليه السلام: هَلْ مِنْ أَكْمَهَ فَيُؤْتَى بِهِ فَيَمْسَحُ بِيَدِهِ عَلَى حَدَقَتَيْهِ فَيَقُولُ لَهُ أَبْصِرْ بِإِذْنِ اللَّهِ فيقول لهم هل من مِنْ أَبْرَصَ فَيُؤْتَى بِهِ فَيَمْسَحُ بَرَصَهُ بِيَدِهِ فَيُذْهِبُ الْبَرَصَ، فَيَقُولُ الْقَوْمُ: آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ثُمَّ يَقُولُ: هَلْ مِنْ مَيِّتٍ؟ فَيَقُولُ قَائِلٌ: نَعَمْ فُلانٌ النَّصْرَانِيُّ مَاتَ الْيَوْمَ وَهُوَ الآنَ خَارِجَةٌ جِنَازَتُهُ فَيَقُولُ عِيسَى عليه السلام: قُومُوا بِنَا إِلَيْهِ فَيَقُومُ مَعَهُ الْقَوْمُ فَيَلْقَوْنَ النَّصَارَى يَحْمِلُونَ النَّصْرَانِيَّ الْمَيِّتَ وَذَلِكَ فِي سُوقِ (نفسك) مِنْ دِمَشْقَ وَهُمْ يُشَيِّعُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالصِّيَاحِ وَالنِّيَاحَةِ فَيَقُولُ عليه السلام: مَنْ هَؤُلاءِ؟ فَيَقُولُونَ لَهُ هَؤُلاءِ النَّصَارَى وَهَذَا مَيِّتُهُمْ فَيُشِيرُ إِلَيْهِمْ أَنْ قِفُوا، فَيَقِفُ النَّصَارَى بِالْمَيِّتِ فَيَقُولُ: مَنْ أنتم؟ فيتسمون بالنصرانية ويذكرون الإنجيل وعيسى بن مريم ، فيقول: أنا عيسى بن مَرْيَمَ فَيَضْحَكُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ تَعَجُّبًا فَيَقُولُ لَهُمْ: مَا اسْمُ مَيِّتِكُمْ؟ فَيَقُولُونَ فُلانٌ فَيَقُولُ لَهُ عِيسَى عليه السلام: يَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَسْتَوِي جَالِسًا بِإِذْنِ اللَّهِ

⦗ص: 148⦘

تَعَالَى فَيُلْقُونَهُ عَنْ أَعْنَاقِهِمْ، [فيبقون عَنْ عِيسَى] مُكَذِّبِينَ لَهُ.. وَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَصَدَّقْنَا وَاتَّبَعْنَا، ثُمَّ يَرْجِعُ عِيسَى عليه السلام بِالْمُسْلِمِينَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَقَدْ أَذَّنَ الْمُسْلِمُونَ لِصَلاةِ الْعَصْرِ (فَتَقُومُ) الصَّلاةُ عَلَيْهِ فَيَتَقَدَّمُ ذَلِكَ الإِمَامُ الْهَاشِمِيُّ فَيُقَدِّمُ الإِمَامَ عِيسَى عليه السلام ، فَيُصَلِّي بِهِمُ الْعَصْرَ وَلا يُصَلِّي بِهِمْ صَلاةً غَيْرَهَا وَهُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ يَخْرُجُ عِيسَى عليه السلام لَيْلَةَ يَوْمِهِ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ وَمَعَهُ ثَلاثَةُ آلافِ صِدِّيقٍ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ إِلَى الَّذِينَ بِجَبَلِ الْخَلِيلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ تِسْعَةُ آلافٍ مِنَ الْمُقَاتِلِينَ واثنا عشر ألف مِنَ الذُّرِّيَّةِ فَيَصِيرُونَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ أَلْفًا فَيَأْتِيهِمْ فِي وَجْهِ الْمَسْجِدِ وَقَدْ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُمْ لِصَلاةِ الصُّبْحِ فَيُعَرِّفُهُمْ بِنَفْسِهِ فَيُلْهِمُهُمُ اللَّهُ إِلَى تَصْدِيقِهِ وَيَعْصِمُهُمْ مِنْ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ فَيَمْسَحُ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَيُبَشِّرُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ تُقَامُ الصَّلاةُ فيقدمهم إِمَامُ الْقَوْمِ فَيَقُولُ عِيسَى عليه السلام كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَيَتَقَدَّمُ بِهِمُ الْهَاشِمِيُّ فَيُصَلِّي بِهِمْ لا يُصَلِّي صَلاةً

⦗ص: 149⦘

غَيْرَهَا بِهِمْ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَهُوَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ يومئذ وهو الذي يفتح القسطنطينية ورومة (وهو الذي رفعها عيسى بن مَرْيَمَ) وَهُوَ الْمَهْدِيُّ الْمُسَمَّى ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنَ الصَّلاةِ زَاعَمَ بِهِمْ عِيسَى عليه السلام ، إِلَى الدَّجَّالِ فَيَقْتُلُهُ وَيَقْتُلُ أَصْحَابَهُ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ثُمَّ يَخْرُجُ بِإِثْرِ ذَلِكَ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، فَيُهْلِكُهُمُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ - وَسَيَأْتِي ذِكْرُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ بعد هذا إن شاء الله تبارك تَعَالَى - ثُمَّ يُطَهِّرُ اللَّهُ أَرْضَهُ وَيُخْرِجُ بَرَكَاتِهَا وَزَهْرَتَهَا وَيَتَرَاجَعُ النَّاسُ إِلَى أَحْسَنِ مَا كَانُوا يَكُونُ إِمَامُهُمْ عِيسَى عليه السلام ، فَيَلْبَثُ فِيهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَكَمًا وَعَدْلا وَإِمَامًا مُقْسِطًا.

ص: 145

34-

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَحَدَّثَنِي أَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالة عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الأَنْبِيَاءُ أَبْنَاءُ عَلاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَإِنَّهُ نَازِلٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ مِنْ آخِرِ أُمَّتِي مُصَدِّقًا بِي ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ فَإِنَّهُ مَرْبُوعُ الْقَدِّ وَالْخَلْقِ بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ سَبِطُ الرَّأْسِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ مَاءً وَدُهْنًا مِنْ غَيْرِ بَلَلٍ فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الإِسْلامِ وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا غَيْرَ الإِسْلامِ، وَيَقَعُ الأَمَانُ فِي الأَرْضِ حَتَّى يَرْعَى الأَسَدُ مَعَ الإِبِلِ وَالنَّمِرُ مَعَ الْبَقَرِ وَالذِّئْبُ مَعَ الْغَنَمِ وَيَلْعَبُ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ وَلا يَضُرُّهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَبْقَى كَذَلِكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يَتَوَفَّاهُ اللَّهُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَيَقْتُلُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الدجال ويأجوج ومأجوج.

ص: 152

35-

قال: وحدثني مطرف بن مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، حَكَمًا عَدْلا وَإِمَامًا مُقْسِطًا مُصَدِّقًا بِي وَعَلَى مِلَّتِي يَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا وَتَكُونُ السَّجْدَةُ وَاحِدَةً للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَتُرْفَعُ الْعَدَاوَةُ وَالشَّحْنَاءُ وَالْبُغْضُ وَالْحَسَدُ حَتَّى يَطَأَ الرَّجُلُ عَلَى رَأْسِ الْحَنَشِ فَلا يَضُرُّهُ وَيَقُودَ الأَسَدَ كَمَا يَقُودُ الْكَلْبَ الصَّغِيرَ وَحَتَّى يَكُونَ السَّبُعُ فِي البهائم كأنه كلبها ويكون الذئب كَذَلِكَ وَتَكُونَ الأَرْضُ عَلَى عَهْدِ آدَمَ عليه السلام وَيَكُونَ الْفَرَسُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا حَتَّى لا يَقْبَلَ الرَّجُلُ مِنَ الرَّجُلِ شَيْئًا مِنَ الْمَالِ.

ص: 154

36-

قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْحُنَيْفِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَحَدَّثَنِي ابْنُ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنِ ابْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكُلُّهُمْ يَسُوقُهُ بِمِثْلِ مَسَاقِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، يَرْفَعُهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يُوشَكُ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ عِيسَى ابْنُ مريم وإمامكم منكم ، ثم قال: يا ابن أَبِي ذِئْبٍ ، أَتَدْرِي مَا قَوْلُهُ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ قُلْتُ أَمَّكُمْ بِكِتَابِ رَبِّكُمْ عز وجل وَسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم.

⦗ص: 157⦘

قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنَا الْحَدِيثَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الإِسْنَادِ أَنَّهُ قَالَ: وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ أَمَّكُمْ بِكِتَابِكُمْ وَسُنَّتِكُمْ.

ص: 156

37-

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَحَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ الأَسْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيَأْتِيَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ ليثنينهما.

ص: 158

38-

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَمُرُّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ يَجْمَعُ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ.

⦗ص: 160⦘

قَالَ كَثِيرٌ يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ (حَدِيثكَ) هَذَا قُلْتُ بَلَى.

قَالَ كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ فَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إِسْلامُهُ فَسَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ فقال أشهد أنه مكتوب في التوارة الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عليه السلام وَفِي الإِنْجِيلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى عِيسَى عليه السلام ، أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَإِنَّمَا يَمُرُّ بِالرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ يَجْمَعُ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ وَيَجْعَلُ حَوَارِيَّيْهُ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ فَيَمُرُّونَ مَعَهُ حُجَّاجًا فَإِنَّهُمْ لَمْ يَحُجُّوا قَطُّ.

ص: 159

39-

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَغَيْرُهُ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيَمُرَّنَّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا بِالْمَدِينَةِ وَلَيَقِفَنَّ عَلَى قَبْرِي وَلَيَقُولَنَّ يَا مُحَمَّدُ، فَأُجِيبُهُ

⦗ص: 162⦘

وَلَيُسَلِّمَنَّ عَلَيَّ فَأَرُدُّ عليه السلام.

وَحَدَّثَنِيهِ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي صَخْرٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 161

40-

وَحَدَّثَنِي الْمَكْفُوفُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خُوطٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: لَيَحُجَّنَّ هَذَا الْبَيْتَ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ الدَّجَّالِ وَبَعْدَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَرْبَعِينَ سَنَةً.

ص: 163

41-

وَحَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه إِذَا رَأَى الْفَتَى الشَّبِيبَ يَقُولُ لَهُ أَبْلِغْ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مِنِّي السَّلامَ.

ص: 164

42-

وَحَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَنْ تهلك أمة محمد قائدها وعيسى ابْنُ مَرْيَمَ سَائِقُهَا.

ص: 165

43-

وَحَدَّثَنِي أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيَنْزِلَنَّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا بِي وَعَلَى مِلَّتِي وَلَيَمْكُثَنَّ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يَمُوتُ.

وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَهُوَ حُسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

انتهت وتمت وبالخير عمت

ص: 166