الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التوحيد
مدخل
…
الباب الأول: التوحيد
التوحيد في اللغة: مصدر وحّد، يوحّد، وهو جعل الشيء واحداً (1) .
وفي الاصطلاح: الإيمان بوجود الله وإفراده بالربوبية والألوهية والإيمان بجميع أسمائه وصفاته (2) .
وقد فطر الله تعالى بني آدم على الإيمان به تعالى وتوحيده، فالإنسان يولد مؤمناً بوجود الله تعالى، وأنه لا إله غيره، ولا رب سواه، فلو ترك على أصل فطرته لنشأ موحداً لله تعالى (3) .
قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه " رواه البخاري، ومسلم (4) .
(1) ينظر لسان العرب، مادة (وحد) ، والتعريفات ص96، والحجة 1/305، 306.
(2)
ينظر لوامع الأنوار ص57، القول السديد ص16، التنبيهات السنية ص9، القول المفيد 1/5.
(3)
تفسير البغوي 3/482، تفسير ابن كثير 3/688، معارج القبول 1/91،93.
(4)
صحيح البخاري (1359) ، وصحيح مسلم (2658) .
وفي رواية لمسلم: " ما من مولود يولد إلا على هذه الملة ".
وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه جل وعلا، أنه سبحانه وتعالى قال:" إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين، فاجتالتهم عن دينهم ". رواه مسلم (1) .
ولذلك فإن آدم أبا البشر عليه السلام وذريته الذين كانوا في زمنه كانوا موحدين، واستمر ذريته من بعده على التوحيد حتى جاء قوم نوح عليه السلام، فزين لهم الشيطان الشرك ودعاهم إليه فوقعوا فيه.
وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم أنواع التوحيد في آيات كثيرة، ومن ذلك قوله سبحانه في صدر سورة الفاتحة {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، فلفظة {لِلَّهِ} تثبت توحيد الألوهية، ولفظة {رَبِّ الْعَالَمِينَ} تثبت توحيد الربوبية، وأيضاً قوله تعالى في هذه السورة:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يثبت توحيد الأسماء والصفات، وكذلك قوله تعالى في السورة نفسها {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} يثبت توحيد الربوبية، وقوله:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} يثبت توحيد الألوهية، والآيات في بيان أنواع التوحيد كثيرة جداً، وصريحة في بيان هذه الأنواع، ولهذا فقد ذكر أهل العلم من سلف هذه الأمة ومن كافة المذاهب الأربعة - الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة - أنواع التوحيد
(1) صحيح مسلم (2865) .
الثلاثة (1)، وهذه الأنواع هي:
1-
توحيد الربوبية.
2ـ توحيد الألوهية (العبودية) .
3ـ توحيد الأسماء والصفات (2) .
وسأبيّن كل واحد من هذه الأنواع في فصل مستقل فيما يلي:
(1) بعضهم يذكرها مجتمعة، وبعضهم يذكر بعضها عند كلامه على بعض مسائلها.
وبعض العلماء يجعل التوحيد نوعين: 1- توحيد في المعرفة والإثبات (وهذا يدخل فيه توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات) . 2- توحيد في الطلب والقصد (وهو توحيد الألوهية) . وكلا التقسيمين صحيح مأخوذ من نصوص القرآن والسنة. ينظر مدارج السالكين لابن القيم الحنبلي 3/484، شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص24، شرح الفقه الأكبر للملا علي القاري الحنفي ص39.
(2)
ينظر الفقه الأبسط لأبي حنيفة ص51، نقلاً عن (أصول الدين عند أبي حنيفة) ص208، تفسير ابن جرير المتوفي سنة 310هـ للبسملة، وللآية 106 من سورة يوسف، الحجة للأصفهاني المتوفى سنة 535هـ 1/133، 134، 345،346، الفروق للقرافي المالكي المتوفى سنة 604هـ (3/24، 25، الفرق 124) ، الأربعون الصغرى للبيهقي الشافعي المتوفى سنة 458هـ ص15، فتاوى الإمام النووي الشافعي المتوفى سنة 676هـ:(الأقضية ص179) ، تفسير ابن كثير الشافعي للآية 61 من سورة العنكبوت، شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص24، تيسير العزيز الحميد لسليمان بن عبد الله الحنبلي ص17-20، شرح الفقه الأكبر للملا علي القاري الحنفي ص39.