المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب العقيقة وسنة الولادة - الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني - جـ ١٣

[أحمد البنا الساعاتي]

الفصل: ‌ كتاب العقيقة وسنة الولادة

-[كلام العلماء في جواز التضحية عن الميت وعدمه -وكلامهم في فضل يوم النحر]-

(12)

‌ كتاب العقيقة وسنَّة الولادة

(وما يتعلَّق بذلك - وما جاء في الفرع والعتيرة (*))

(1)

باب حقيقة العقيقة والفرع والعتيرة

(1)

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه قال سئل

جماعة من الصحابة في الصحيح وغيره (الأحكام) حديث حنش إن صح يدل على جواز التضحية عن الميت بوصية منه، وبهذا قال ابن الملك (قال الترمذي) وقد رخص بعض أهل العلم أن يضحى عن الميت، ولم ير بعضهم أن يضحى عنه، وقال عبد الله بن المبارك أحب إلي أن يتصدق عنه ولا يضحى عنه، وإن ضحى فلا يأكل منها شيئًا ويتصدق بها كلها اهـ "وحديث عبد الله بن قرطٍ" فيه دلالة على أن يوم النحر أفضل أيام السنة ولكن يعارضه حديث "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة" وقد تقدم في الباب الأول من أبواب الجمعة من حديث أبي هريرة رقم 1507 صحيفة 5 من الجزء السادس، وحديث جابر عند ابن حبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تعالى إلى سماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فلم ير يوم أكثر عتقًا من النار من يوم عرفة (وقد ذهبت الشافعية) إلى أنه أفضل من يوم النحر (وقد جمع الحافظ العراقي) بين هذه الأحاديث فقال المراد بتفضيل الجمعة بالنسبة إلى أيام الجمعة وتفضيل يوم عرفة أو يوم النحر بالنسبة إلى أيام السنة، وصرح بأن حديث أفضلية يوم الجمعة أصح اهـ والله أعلم (وفي حديث بعد الله بن قرطٍ أيضًا) دلالة على جواز انتهاب الهدي والأضحية، لكن يعارضه حديث أبي هريرة الذي بعده، ويمكن الجمع بينهما بحمل حديث الجواز على المنتهب القنوع الذي يرضى بشيء لا يترتب عليه حرمان وغيره، وحمل حديث النهي عن من لم يراع ذلك والله أعلم

(1)

عن عمرو بن شعيب (سند) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق

_________

(*) العقيقة مشتقة من العق وهو القطع وأصلها كما قال الأصمعي وغيره الشعر الذي يكون على رأس الولد حين يولد، وإنما سميت الشاة التي تذبح عنه في ذلك الوقت عقيقة لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح، ولهذا قال في الحديث أميطوا عنه الأذى ويعني بالأذى ذلك الشعر الذي يحلق عنه، وهذا من تسمية الشيء باسم ما كان معه أو من سببه (قال أبو عبيدٍ) وكذلك كل مولود من البهائم، فإن الشعر الذي يكون عليه حين يولد يسمى عقيقة وعقة وعقيق (قال الأزهري) وأصل العق الشق، وسمي الشعر المذكور

ص: 112

-[كلام العلماء في معنى العقيقة والفرع والعتيرة]-

رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال إن الله لا يحبُّ العقوق، وكأنَّه كره الاسم (1) قالوا يا رسول الله إنما نسألك عن أحدنا يولد له؟ قال من أحبَّ منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافأتان (2) وعن الجارية شاة

أنا داود بن قيس عن عمرو بن شعيب -الحديث" (غريبه)(1) قال في النهاية ليس فيه توهين لأمر العقيقة ولا إسقاط لها، وإنما كره الاسم وأحب أن تسمى بأحسن منه كالنسيكة والذبيحة جريًا على عادته في تغيير الاسم القبيح اهـ (قال التوربشتي) هذا الكلام وهو أنه كره الاسم غير سديد أدرج في الحديث من قول بعض الرواة ولا يدرى من هو، وبالجملة فقد صدر عن ظن يحتمل الخطأ والصواب، والظاهر أنه ها هنا خطأ، لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر العقيقة في عدة أحاديث، ولو كان يكره الاسم لعدل عنه إلى غيره، ومن سننه تغيير الاسم إذا كرهه، والأوجه أن يقال يحتمل أن السائل ظن أن اشتراك العقيقة مع العقوق في الاشتقاق مما يوهن أمرها فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي كرهه الله تعالى من هذا الباب هو العقوق لا العقيقة، ويحتمل أن العقوق ها هنا مستعار للوالد بترك العقيقة أي لا يجب أن يترك الوالد حق الولد الذي هو العقيقة كما لا يحب أن يترك الولد حق الوالد الذي هو حقيقة العقوق، ولا يخفى أن المخاطب ما فهم هذا المعنى من الجواب، ولذلك أعاد السؤال فقال إنما نسألك إلخ، فالوجه أن يقال إنه أطلق الاسم أولًا، ثم كرهه إما بالتفات منه صلى الله عليه وسلم إلى ذلك أو بوحيٍ أو إلهامٍ منه تعالى إليه والله أعلم (2) بفتح الفاء بعد همزة مفتوحة، كذا في رواية الإمام أحمد والنسائي أي مساويتان

_________

عقيقة لأنه يحلق ويقطع، قيل للذبيحة عقيقة، لأنها تذبح أي يشق حلقومها ومريئها وودجاها كما قيل لها ذبيحة من الذبح وهو الشق (قال صاحب المحكم) يقال منه عق عن ولده يعق ويعق بكسر العين وضمها إذا حلق عقيقته وهي شعره أو ذبح عنه شاة اهـ (والفرع) قال أهل اللغة وغيرهم بفاء ثم راء مفتوحتين ثم عين مهملة، ويقال فيه الفرعة بالهاء، وفسر في الحديث بأنه أول النتائج كان ينتج لهمخ فيذبحونه، وسيأتي من حديث أبي هريرة في الباب التالي (قال الإمام الشافعي) وأصحابه وآخرون هو أول نتاج البهيمة كانوا يذبحونه ولا يملكونه رجاء البركة في الأم وكثرة نسلها، وهكذا فسره كثيرون من أهل اللغة وغيرهم (وقال كثيرون) منهم هو أول النتاج كانوا يذبحونه لآلهتهم وهي طواغيتهم، وكذا جاء هذا التفسير في صحيح البخاري وسنن أبي داود، وقيل هو أول النتاج لمن بلغت إبله مائةً يذبحونه (وقال شمر) قال أبو مالكٍ كان الرجل إذا بلغت إبله مائة قدم بكرًا فنحره لصنمه ويسمونه الفرع (والعتيرة) بعين مهملة مفتوحة ثم تاء مثناة من فوق ذبيحة كانوا يذبحونها في العشر الأول من رجل، ويسمونها الرجبية أيضًا (قال النووي) واتفقت العلماء على تفسير العتيرة بهذا اهـ. انظر حديث مخنف بن سليم رقم 44 مع شرحه صحيفة 58 في باب ما جاء في الأضحية والحث عليها تجد كلامًا في هذا المعنى.

ص: 113

-[حجة القائلين بمشروعية الفرع والعتيرة وعدم نسخهما]-

قال وسئل عن الفرع، قال والفرع حقٌّ (1) وإن تتركه حتى يكون شغزيًّا (2) أو شغزوبًا ابن مخاضٍ أو ابن لبونٍ فتحمل عليه في سبيل الله أو تعطيه أرملةً (3) خير من أن تذبحه يلصق لحمه بوبره (4) وتكفأ إناءك وتوله (5) ناقتك، قال وسئل عن العتيرة فقال العتيرة حقٌّ (6) قال بعض القوم لعمرو بن شعيبٍ ما العتيرة؟ قال كانوا يذبحون في رجبٍ شاةً فيطبخون ويأكلون ويطعمون

في السن بمعنى أن لا ينزل سنهما عن سن أدنى ما يجزئ في الأضحية كما نقل الترمذي عن أهل العلم أنهم قالوا لا يجزئ في العقيقة من الشاة إلا ما يجزئ في الأضحية، وقيل معناه مساويتان أو متقاربتان وهو بكسر الفاء عند أبي داود (قال الخطابي) والمحدثون يفتحون الفاء، وأراه أولى لأنه يريد شاتين قد سوى بينهما، وأما بالكسر فمعناه مساويتان فيحتاج إلى شيء آخر يساويانه، وأما لو قيل متكافئتان لكان الكسر أولى (1) قال الإمام الشافعي رحمه الله معناه أنه ليس بباطل ولكنه كلام عربي خرج على جواب السائل ولا يخالفه "لا فرع" إذ معناه لا يجب اهـ (قلت) والفرع تقدم تفسيره وهو أول نتاج البهيمة من الإبل كانوا يذبحونه صغيرًا رضيعًا، فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى تركه حتى يكون ابن مخاض، وهو ما دخل في السنة الثانية وحملت أمه. أو مضت مدى تساوي ذلك وإن لم تحمل، أو ابن لبونٍ. وهو ما دخل في السنة الثالثة وصارت أمه لبونًا بوضع الحمل ليكون صالحًا للذبح أو الحمل عليه في سبيل الله (2) أوله شين معجمةٌ مضمومةٌ ثم غينٌ معجمةٌ ساكنةٌ فزايٌ مضمومةٌ ثم باءٌ موحدةٌ مشددةٌ (قال في النهاية) هكذا رواه أبو داود في السنن، قال الحربي الذي عندي أنه زخزبا وهو الذي اشتد لحمه وغلظ (قال الخطابي) ويحتمل أن تكون الزاي أبدلت شينًا والخاء غينًا فصحفت، وهذا من غرائب الإبدال اهـ. وذكره أيضًا صاحب النهاية في حرف الزاي بلفظ زخزبا. وقال الزخزب الذي قد غلظ جسمه واشتد لحمه (3) بفتح الميم هي المرأة التي مات زوجها لأنها في الغالب تكون فقيرة (4) أي لكونه صغيرًا غير سمين، والوبر للإبل كالصوف للضأن والشعر للمعز، قال تعالى {ومن أصوافها وأوبارها أثاثًا ومتاعًا إلى حين} يعني صوف الضأن ووبر الإبل وشعر المعز (وقوله وتكفأ إناءك) أي تقلب محلبك حيث لا تحصل منها على لبنٍ، يريد أنك إذا ذبحته حين يولد يذهب اللبن فصار كأنك كفأت إناءك أي المحلب الذي يحلب فيه اللبن (5) بتشديد اللام أي تفجع ناقتك، أصله من الوله وهو ذهاب العقل من فقدان الولد (6) أي جائزة وتقدم الكلام عليها في شرح الترجمة (تخريجه)(د. نس) وسنده جيد. ورواه أيضًا الحاكم وصححه وأقره الذهبي

ص: 114

-[حجة القائلين بمشروعية الفرع والعتيرة وعدم نسخهما]-

(2)

حدَّثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا إسماعيل عن خالد الحذَّاء عن أبي المليح ابن أسامة عن نبيشة الهذلي رضي الله عنه قال قالوا يا رسول الله إنا كنا نعتبر عتيرةً (1) في الجاهلية (وفي لفظٍ في رجب) فما تأمرنا؟ قال اذبحوا لله (2) عز وجل في أيِّ شهر ما كان وبروا الله تبارك وتعالى وأطعموا، قالوا يا رسول الله إنا كنا نفرع في الجاهلية فرعًا فما تأمرنا؟ قال في كل سائمة (3) فرع تغذوه ماشيتك حتى إذا استحمل ذبحته فتصدقت بلحمه، قال خالد (4) أراه، قال على ابن السَّبيل فإن ذلك هو خير (الحديث)(5) وفي آخره قال خالد قلت لأبي قلابة كم السائمة (6) قال مائة.

(2) حدثنا عبد الله (غريبه)(1) أي نذبح ذبيحة في رجل زمن الجاهلية وكانوا يتحرون السؤال عما تعودوا فعله في الجاهلية خشية أن يكون الإسلام أبطله (2) أي اذبحوا إن شئتم واقصدوا بذلك وجه الله تعالى في أي شهر كان فرجب وغيره سواء (وبروا الله تبارك وتعالى أي أطيعوه (وأطعموا) أي الفقراء والمساكين (3) السائمة هي الماشية التي ترعى بنفسها. وسيأتي في آخر الحديث نصاب ما يفرع منه (وقوله تغذوه ماشيتك) أي ترضعه من لبنها (حتى إذا استحمل) بالحاء المهملة أي قوي للحمل عليه، وفي رواية لأبي داود بالجيم المعجمة أي صار جملًا (4) يعني الحذاء أحد رجال السند، قال أراه بضم الهمزة أي يظن أن أب المليح أو أبا قلابة قال فتصدقت بلحمه على ابن السبيل إلخ وإنما قلنا أبا المليح أو أبا قلابة لأن خالدًا روى هذا الحديث مرة عن أبي قلابة عن أبي المليح، ومرة عن أبي المليح بدون واسطة كما في حديث الباب، وفي رواية لأبي داود والإمام أحمد عن أبي قلابة عن أبي المليح، وفيها قال خالد أحسبه قال على ابن السبيل إلخ (5) أشرت بقولي (الحديث) إلى أن للحديث بقية لكنها لا تعلق لها بهذا الباب. ولذلك حذفتها من المتن لا سيما وقد تقدم مثلها في حديث أبي قتادة رقم 40 صحفية 53 في باب نحر الإبل قائمة من هذا الجزء ولم تذكر هذه البقية في رواية أبي داود، ونصها عند الإمام أحمد قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنا كنا نهيناكم أن تأكلوا لحومها "وفي لفظ" إني كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث كي تسعكم فقد جاء الله بالسعة فكلوا وادخلوا وانحروا، ألا وإن هذه الأيام (يعني أيام التشريق) أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى" قال خالد قلت لأبي قلابة كم السائمة قال مائة (6) يعني التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذبح فرع منها (تخريجه)(د. نس. جه. هق) قال النووي

ص: 115

-[دليل القائلين بمشروعية العتيرة]-

(فصل منه فيما جاء في الفرع والعتيرة من أمر ونهي)

(3)

عن حبيب بن مخنف (1) قال انتهيت إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يوم عرفة وهو يقول هل تعرفونها (2) قال فما أدري ما رجعوا عليه، قال فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على كل بيتٍ أن يذبحوا شاةً في كل رجبٍ وكل أضحى شاةً.

(4)

وعن مخنف بن سليم بنحوه وفيه فقال يا أيها الناس إن على أهل كل بيت في كل عام أضحية وعتيرة، أتدرون ما العتيرة؟ هي التي يسميها الناس الرجبيَّة (3).

(5)

عن أبي رزين رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله إنا كنا نذبح في

في شرح المهذب بأسانيد صحيحة. وقال ابن المنذر هو حديث صحيح (قلت) وأخرجه أيضًا الحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي.

(3)

عن حبيب بن مخنف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني عبد الكريم عن حبيب بن مخنف -الحديث" (غريبه)(1) هكذا في الأصل عن حبيب بن مخنف، قال انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلخ، لكن قال الحافظ في الإصابة الصحيح ما رواه عبد الرزاق وغيره عن ابن جريج عن عبد الكريم عن حبيب ابن مخنف عن أبيه وهو مخنف بن سليم، وقال في تعجيل المنفعة حبيب بن مخنف بن سليم ابن الحارث الأزدى حجازى له صحبة ورواية في مسند البصريين، وعنه عبد الكريم بن أبي المخارق كذا وقع في المسند، والصواب عن حبيب بن مخنف عن أبيه (قال الحافظ) قاله أبو نعيم وغيره، وقال ابن القطان في هذا إنه مجهول والصحبة لأبيه اهـ (2) يعني العتيرة كما يستفاد ذلك من سياق الحديث التالي (وقوله فما أدري ما رجعوا عليه) يريد أنه لم يسمع جوابهم عن هذا السؤال (تخريجه) أخرجه عبد الرزاق وغيره وفي إسناده عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف.

(4)

وعن مخنف بن سليم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاذ بن معاذ ثنا ابن عون قال أنبأني أبو رملة عن مخنف بن سليم، قال روح الغامدي قال ونحن وقوف مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال يا أيها الناس - الحديث" (غريبه)(3) أي لأنها تفعل في رجل (تخريجه)(الأربعة) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب وفي إسناده أبو رملة واسمه عامر (قال الخطابي) هو مجهول والحديث ضعيف المخرج.

(5)

عن أبي رزينٍ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا يحيى

ص: 116

-[بيان نصاب الفرع واختلاف الأحاديث فيه]-

رجب ذبائح فنأكل منها ونطعم منها من جاءنا، قال فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لا بأس بذلك، فقال وكيع (1) لا أدعها أبدًا.

(6)

عن عائشة رضي الله عنها أمرنا رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم في فرعة من الغنم من الخمسة واحدة (2).

(7)

عن يحيى بن زرارة السهميِّ قال حدَّثني أبي عن جدِّي الحارث بن عمرو أنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجَّة الوداع فقلت بأبي (3) أنت يا رسول الله

ابن حماد قال أنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس أبي مصعب العقيلي عن عمه أبي رزين وهو لقيط بن عامر بن المنتفق قال أخبرني أبو رزين أنه قال - الحديث" (غريبه) (1) هو ابن عدس راوي الحديث عن عمه أبي رزين، وتقدم في السند أن اسم عمه لقيط بن عامر بن المنتفق رضي الله عنه (تخريجه) (د. نس، هق) وصححه ابن حبان بلفظ "أنه قال يا رسول الله إنا كنا نذبح في الجاهلية ذبائح في رجب فنأكل منها ونطعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بأس بذلك.

(6)

عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا وهيب ثنا عبد الله بن عثمان عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر عن عمتها عائشة - الحديث" (غريبه) (2) هكذا في المسند من الخمسة واحدة، ونحوه عند الحاكم، ولفظه "عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في الفرع في كل خمسة واحدة" ولفظه عند أبي داود عن عائشة قالت "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل خمسين شاةً شاة" ولفظ البيهقي "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفرعة في كل خمسين واحدةً" وكلهم رووه من طريق يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن عن عائشة والله تعالى أعلم (تخريجه)(د. هق. ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي وصححه النووي أيضًا، وأورده الهيثمي عن عائشة أيضًا بلفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالفرعة من الغنم من خمسةٍ واحدةً. وقال رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.

(7)

عن يحيى بن زرارة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا يحيى بن زرارة - الحديث، وقال عفان مرة حدثني يحيى بن زرارة السهمي قال حدثني أبي عن جده الحاري - الحديث (غريبه)(3) معناه أفديك بأبي

ص: 117

-[حجة القائلين بنسخ الفرع والعتيرة]-

استغفر لي، قال غفر الله لكم، قال وهو على ناقته العضباء، قال فاستدرت له من الشقِّ الآخر أرجو أن يخصَّني دون القوم فقلت استغفر لي، قال غفر الله لكم، قال رجل يا رسول الله الفرائع والعتائر (1) قال من شاء فرع، ومن شاء لم يفرع، ومن شاء عتر، ومن شاء لم يعتر، في الغنم أضحية، ثم قال ألا إن دمائكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا.

(8)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لا عتيرة في الإسلام ولا فرع (2).

(9)

وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا فرع ولا عتيرة، والفرع أول النتائج كان ينتج لهم فيذبحونه (3)(زاد في رواية) والعتيرة ذبيحة في رجب

(1) يعني ما حكمها فقال من شاء فرع إلخ وهو صريح في الإباحة والتخيير (تخريجه)(نس. ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد فإن الحارث بن عمرو السهمي صحابيٌ مشهورٌ وولده بالبصرة مشهورون، وقد حدث عبد الرحمن بن مهديٍ وابن قتيبة وغيرهم عن يحيى ابن زرارة (قلت) وأقره الذهبي.

(8)

عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم قال إن لم أكن سمعته منه يعني الزهري فحدثني سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -الحديث" (غريبه)(2) استدل به المانعون من الفرع والعتيرة وأجاب عن ذلك الإمام الشافعي بأن معناه لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة، فالمراد به نفي الوجوب ولا ينافي الاستحباب أخذًا من الأحاديث الأخرى والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد بهذا اللفظ وسنده جيد، ورواه أبو داود والنسائي بدون قوله في الإسلام، وللإمام أحمد أيضًا قال حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الفرع والعتيرة قال محمد (يعني ابن جعفر) وقد سمعته أنا من معمر، وفي رواية للنسائي مثله أعني بلفظ النهي.

(9)

وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة - الحديث (غريبه)(3) زاد البخاري لطواغيتهم (تخريجه)(ق. د. جه. ك. وغيرهم)(زوائد الباب)

ص: 118

-[زوائد الباب وأحكامه]-

.....

(عن أبي هريرة رضي الله عنه قال في الفرعة هي حق ولا تذبحها وهي غرة من الغراة تلصق في يدك، ولكن أمكنها من اللبن حتى إذا كانت من خيار المال فاذبحها، أخرجه الحاكم من قول أبي هريرة وقال هذا حديث صحيح الإسناد (قلت) وأقره الذهبي (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا فرع ولا عتيرة (جه) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناد حديث ابن عمر صحيح ورجاله ثقات "وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد"(عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال استأذنت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم في العتيرة فقالوا يا رسول الله نعتر في رجل؟ فقال لهم رسول الله أعتر كعتر الجاهلية؟ ولكن من أحب منكم أن يذبح لله ويتصدق فليفعل، وكان عترهم أنهم كانوا يذبحون ثم يعمدون إلى دماء ذبائحهم فيمسحون بها رؤوس نصبهم (طب) وفيه إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيبة، وثقه ابن معين وضعفه الناس (وعن ابن العشراء) عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العتيرة فحسنها (طب) وفيه عبد الرحمن بن قيسٍ الضبي (قال الهيثمي) ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات (قلت) وأبو العشراء لا يعرف، وعزا الحافظ هذا الحديث لأبي داود ولم أجده في هذا الباب عنده (وعن يزيد بن عبد الله المزني) عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الإبل فرع. وفي الغنم فرع. ويعق عن الغلام ولا يمس رأسه بأذى (طب. طس) ورجاله ثقات (وعن أنس) قال قال رجل يا رسول الله إنا كنا نعتر في الجاهلية فما تأمرنا؟ قال اذبحوا في أي شهر ما كان وبروا الله وأطعموا (طس) من رواية معاوية بن واهبٍ عن عمه (قال الهيثمي) وكلاهما لا أعرفه (وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عنها يوم عرفة قال هي حق يعني العتيرة (طس) انتهى ما أورده الهيثمي ولم يتكلم على هذا الأخير بجرح ولا تعديل (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية العقيقة والفرع والعتيرة، أما العقيقة فسيأتي الكلام عليها في أحكام الباب التالي؛ وأما الفرع والعتيرة (فمن أحاديث الباب) ما يشعر بوجوبهما وهو حديث عمرو بن شعيب ونبيشة وحبيب بن مخنف، ومخنف ابن سليم وعائشة "ومن الزوائد" حديث سمرة وأنس وابن عمر وأبي هريرة وزيد بن عبد الله (ومن أحاديث الباب) ما يدل على مجرد الجواز، وهو حديث أبي رزين والحارث بن عمرو "ومن الزوائد" حديث ابن عباس وأبي العشراء، فهذه الأحاديث الدالة على الجواز تكون قرينة صارفة للأحاديث المقتضية للوجوب إلى الندب، لكن جاء في أحاديث الباب والزوائد أيضًا ما يدل على نفي الفرع والعتيرة، وهو حديث أبي هريرة وابن عمر بلفظ "لا فرع ولا عتيرة" وهو يفيد النهي بل جاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الفرع والعتيرة رواه الإمام أحمد والنسائي وتقدم في الشرح، لهذا اختلفت أنظار العلماء (فذهب قوم إلى استحبابهما) عملًا بأحاديث الباب، وحملوا ما ورد في نفيهما على نفي الوجوب، وما ورد في

ص: 119

-[مذاهب العلماء في حكم الفرع والعتيرة]-

(2)

باب الأمر بالعقيقة للغلام والجارية

(10)

عن عائشة رضي الله عنها قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن

النهي عنهما على النهي عن فعلهما بكيفية فعل الجاهلية، وإلى ذلك (ذهب الإمام الشافعي) وأصحابه وجزم أبو عبيد بأن العتيرة تستحب (وفي شرح السنة) كان ابن سيرين يذبح العتيرة في رجل (وقال وكيع بن عدس) لا أدعها أبدًا كما في حديث أبي رزين المذكور في الباب (قال العيني) وفي الآثار للطحاوي وكان ابن عمر يعتر اهـ (وذهب آخرون) منهم الحازمي إلى أن أحاديث الجواز منسوخةٌ بحديثي أبي هريرة وابن عمر بلفظ "لا فرع ولا عتيرة" وحكى القاضي عياض أن جماهير العلماء على ذلك، ولكن لا يخفى أن النسخ لا يصار إليه إلا إذا علم التاريخ وثبت تأخر النهي ولم يمكن الجمع، وهنا لم يثبت تأخر النهي، والجمع ممكن بحمل أحاديث الباب على الندب، وحمل حديثي أبي هريرة وابن عمر على عدم الوجوب، وقد ذكر ذلك جماعة منهم الإمام الشافعي والبيهقي وغيرهما، فيكون المراد بقوله "لا فرع ولا عتيرة" أي لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة، ولا يعكر على ذلك رواية النهي لأنه وإن كان أصل معناه التحريم، لكن إذا وجدت قرينةٌ تخرجه عن ذلك أخرجته، وقد وجدت هنا (قال النووي) قال الشافعي رحمه الله. الفرع شيء كان أهل الجاهلية يطلبون به البركة فيما يأتي بعده، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فقال فرعوا إن شئتم أي اذبحوا إن شئتم، وكانوا يسألونه عما كانوا يصنعونه في الجاهلية خوفًا أن يكره في الإسلام فأعلمهم أنه لا كراهة عليهم فيه، وأمرهم استحبابًا أن يغذوه ثم يحمل عليه في سبيل الله (قال الشافعي) وقوله صلى الله عليه وسلم "الفرع حق" معناه ليس بباطل وهو كلام عربي خارج على جواب السائل، قال وقوله صلى الله عليه وسلم "لا فرع ولا عتيرة" أي لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة، قال والحديث الآخر يدل على هذا المعنى فإنه أباح له الذبح واختار له أن يعطيه أرملة أو يحمل عليه في سبيل الله قال وقوله صلى الله عليه وسلم في العتيرة "اذبحوا لله في أي شهر كان" أي اذبحوا إن شئتم واجعلوا الذبح لله في أي شهر كان لا أنها في رجل دون غيره من الشهور، والصحيح عند أصحابنا وهو نص الشافعي استحباب الفرع والعتيرة، وأجابوا عن حديث "لا فرع ولا عتيرة" بثلاثة أوجه (أحدها) جواب الشافعي السابق أن المراد نفي الوجوب (والثاني) أن المراد نفي ما كانوا يذبحونه لأصنامهم (والثالث) أنهما ليسا كالأضحية في الاستحباب أو في ثواب إراقة الدم فأما تفرقة اللحم على المساكين فبر وصدقة، وقد نص الشافعي في سنن حرملة أنها إن تيسرت كل شهر كان حسنًا اهـ. والله أعلم.

(10)

عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد

ص: 120

-[حجة القائلين بأنه يعق عن الغلام بشاتين وعن الجارية بشاة]-

نعقَّ (1) عن الجارية شاة وعن الغلام شاتين (2) وأمرنا بالفرع من كل خمس شياه شاةً.

(11)

عن أم كرز الكعبيَّة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عن العقيقة، فقال عن الغلام شاتان مكافأتان (3) وعن الجارية شاة، قلت لعطاء ما المكافأتان؟ قال المثلان (4).

(12)

عن أسماء بنت زيد رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العقيقة عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاةٌ.

(13)

عن سباع بن ثابت سمعت من أم كرز الكعبية رضي الله عنها

ابن سلَّمة أنا عبد الله بن عثمان عن يوسف بن مالك عن حفصة بنت عبد الرحمن عن عائشة - الحديث (غريبه)(1) تقدم معنى العقيقة والعق في شرح ترجمة الباب الأول والمراد هنا الذبح أي أمرنا أن نذبح عن الجارية إلخ (2) احتج به الشافعية ومن وافقهم على القائلين بأنه يعق عن الغلام بشاة واحدة كالجارية، وسيأتي الكلام على ذلك في الإحكام (تخريجه)(جه. مذ) وقال حديث عائشة حديث حسن صحيح اهـ. وأخرجه أيضًا (حب. هق).

(11)

عن أم كرز الكعبية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج عن ابن جريج وعبد الرزاق قال أنا ابن جريج قال أخبرني عطاء عن حبيبة بنت ميسرة ابن خثيم عن أم كرزٍ - الحديث" (غريبه)(3) تقدم ضبطه وتفسيره في شرح الحديث الأولى من الباب السابق، وفسره هنا عطاء راوي الحديث بقوله المثلان يريد والله أعلم المماثلة في السن (وقوله قلت لعطاء) القائل هو ابن جريج راوي الحديث عن عطاءٍ (4) في الأصل بعد هذه الكلمة قال حجاج في حديثه والضأن أحب إلي من المعز وذكرانها أحب إلي من إناثها، قال ونحب أن يجعله سوادها منه، كذا بالأصل ولا معنى للجملة الأخيرة (تخريجه) أخرجه الأربعة وغيرهم من عدة طرق مختصرًا؛ وصححه الترمذي.

(12)

عن أسماء بنت يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم ابن خارجة قال حدثني إسماعيل بن عياش عن ثابت بن العجلان عن مجاهد عن أسماء - الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجاله محتج بهم.

(13)

عن سباع بن ثابتٍ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان

ص: 121

-[حجة القائلين بأن العقيقة لا تكون إلا عن الغلام فقط ورد هذا المذهب]-

التي تحدث عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت سمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بالحديبية وذهبت أطلب من اللَّحم (1) يقول عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة لا يضرُّكم ذكرانًا كنَّ (2) أو إناثًا، قالت وسمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول أقروا الطير على مكناتها (3).

(14)

عن عبد الله بن بريدة قال سمعت أبي (4) يقول إن رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عقَّ عن الحسن والحسين (5) رضي الله عنهما.

(15)

حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن ابن عون وسعيدٍ عن محمد بن سيرين عن سلمان بن عامر (الضبي) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مع الغلام عقيقته (6) فأهريقوا عنه الدم وأميطوا عنه الأذى، قال

ثنا عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن سباع بن ثابت - الحديث" (غريبه) (1) الظاهر أنها ذهبت تطلب من لحم الهدي في عمرة الحديبية والله أعلم (2) الضمير في قوله "كن" للشياه التي يعق بها عن المولودين، وقوله ذكرانًا كن أو إناثًا فاعل يضركم، أي لا يضركم كون شياه العقيقة ذكرانًا أو إناثًا (3) بكسر الكاف بمعنى الأمكنة، يقال الناس على مكناتهم وسكناتهم أي على أمكنتهم ومساكنهم، ومعناه أن الرجل في الجاهلية كان إذا أراد حاجة أتى طيرًا ساقطًا أو في وكره فنفَّره، فإن طار ذات اليمين مضى لحاجته، وإن طار ذات الشمال رجع، فنهوا عن ذلك، أي لا تزجروها وأقروها على مواضعها التي جعلها الله لها فإنها لا تضر ولا تنفع (نه) وقال الزمخشري يروي مكناتها جمع مُكُن، ومكن جمع مكان كصعدات في صعد. وحمرات في حمر (تخريجه) أخرجه الأربعة وصححه الترمذي وأخرجه أيضًا (حب. قط. ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي.

(14)

عن عبد الله بن بريدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيدٍ ابن الحباب حدثني حسين بن واقد حدثني عبد الله بن بريدة - الحديث" (غريبه)(4) يعني أباه بريدة الأسلَّمي الصحابي رضي الله عنه (5) أي ذبح عنهما، وقد جاء بيان ما ذبح عند أبي داود من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا، وعند النسائي بكبشين كبشين، زاد ابن حبان والحاكم والبيهقي من حديث عائشة يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى (تخريجه)(نس) وسنده جيد

(15)

حدثنا عبد الله (غريبه)(6) معنى كون العقيقة مع الغلام أنه سبب

ص: 122

-[زوائد الباب- وكلام العلماء في تفسير الأذى من قوله صلى الله عليه وسلم "وأميطوا عنه الأذى"]-

وكان ابن سيرين يقول إن لم يكن إماطة الأذى حلق الرأس (1) فلا أدري ما هو

لها، وقد تمسك بمفهومه الحسن وقتادة، فقالا يعق عن الصبي ولا يعق عن الجارية، وخالفهم الجمهور، فقالوا يعق عن الجارية أيضًا، وحجتهم ما تقدم في أحاديث الباب (وقوله فأهريقوا عنه الدم) رواية البخاري (دمًا) بالتنكير وهو كناية عن ذبح العقيقة، يقال أهرقت الماء أهرقه إهراقًا، ويقال أيضًا هراق الماء يهريقه هراقةً أي صبه، وأصله أراق يريق إراقةً فالهاء في هراق بدل من همزة أراق، وقد أبهم ما يهراق في هذا الحديث. وبين في أحاديث عائشة وأسماء بنت يزيد وأم كرزٍ المتقدمة في الباب، وهو شاتان عن الغلام وشاة عن الجارية (وقوله أميطوا عنه الأذى) أي أزيلوا عنه الأذى، وقد اختلف في المراد بذلك فقيل هو الشعر أو الدم أو الختان (وقال الخطابي) قال محمد بن سيرين لما سمعنا هذا الحديث طلبنا من يعرف معنى إماطة الأذى فلم نجد، وقيل المراد بالأذى هو شعره الذي علق به دم الرحم فيماط عنه بالحلق، وقيل إنهم كانوا يلطخون رأس الصبي بدم العقيقة وهو أذى فنهى عن ذلك (1) وافق الأصمعي ابن سيرين على ذلك. فقد جزم الأصمعي بأنه حلق الرأس، وأخرجه أبو داود عن الحسن كذلك وهو وجيه، لأن حلق الرأس يذهب بالشعر وما علق به من دم الرحم كما تقدم، لكن قال الحافظ لا يتعين ذلك في حلق الرأس فقد وقع في حديث ابن عباس عند الطبراني "ويماط عند الأذى ويحلق رأسه" فعطفه عليه، فالأولى حمل الأذى على ما هو أعم من حلق الرأس، ويؤيد ذلك أن في بعض طرق حديث عمرو ابن شعيب ويماط عنه أقذاره، رواه أبو الشيخ اهـ (تخريجه)(خ. والأربعة)(زوائد الباب)(عن عبد الله بن بريدة عن أبيه) بريدة الأسلَّمي رضي الله عنه قال كنا في الجاهلية إذا ولد لنا غلام ذحبنا عنه شاة وحلقنا رأسه ولطخنا رأسه بدمها، فلما كان الإسلام كنا إذا ولد لنا غلام ذبحنا عنه شاة وحلقنا رأسه ولطخنا رأسه بزعفران (د. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (وعن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين عن كل واحد منهما كبشين اثنين مثلين متكافئين (ك) وسكت عنه، وفي إسناده سوار أبو حمزة ضعفه الذهبي (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا، رواه أبو دواد، ورواه أيضًا النسائي وقال بكبشين كبشين، وصححه النووي وعبد الحق وابن دقيق العيد (وعن عائشة رضي الله عنها قالت عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى (حب. هق. ك) وقال

ص: 123

-[زوائد الباب ومذاهب العلماء في حكم العقيقة]-

.....

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة (قلت) وأقره الذهبي (وعن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه إن اليهود تعق عن الغلام كبشًا ولا تعق عن الجارية فعقوا عن الغلام كبشين وعن الجارية كبشًا (بز. وأبو الشيخ) وأورده الهيثمي وقال رواه البزار من رواية أبي حفص الشاعر عن أبيه ولم أجد من ترجمهما، وأورد الهيثمي أيضًا في مجمع الزوائد ما سيأتي (عن أم سلَّمة) رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم في العقيقة قال من ولد له فأحب أن ينسك عنه فليفعل (طس) وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف (وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين (عل) ورجاله ثقاتٌ (وعن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين بكبشين (عل) والبزار باختصار ورجاله ثقاتٌ (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مع الغلام عقيقته فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى (بز) ورجاله رجال الصحيح (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للغلام عقيقتان وللجارية عقيقة (بز. طب) وفيه عمران بن عيينة وثقه ابن معين وابن حبان وفيه ضعف (وعن بريدة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل غلام مرتهن بعقيقته (طص) وفيه صالح بن حبان وهو ضعيف (وعن قتادة) أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان يعق عن بنيه الجزور (طب) ورجاله رجال الصحيح (وعن عليٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين (طب) وفي راو لم يسم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية العقيقة، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء (واختلفوا في حكمها) فذهب الأئمة (مالك والشافعي وأبو ثور) وجمهور العلماء إلى أنها مستحبة، وهو الصحيح المشهور من مذهب الإمام أحمد (وذهب جماعةٌ إلى أنها واجبةٌ) وهو قول بريدة بن الحصيب والحسن البصري وأبي الزناد وداود الظاهري، ورواية عن الإمام أحمد (وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أنها ليست بفرض ولا سنة، ونقل صاحب التوضيح عنه وعن الكوفيين أنها بدعة (قال العيني) هذا افتراء فلا يجوز نسبته إلى أبي حنيفة وحاشاه أن يقول مثل هذا، وإنما قال ليست بسنة ثابتة وإما ليست بسنة مؤكدة اهـ، وقال محمد بن الحسن هي تطوع كان المسلمون يفعلونها فنسخها ذبح الأضحى، فمن شاء فعل ومن شاء لم يفعل (قال ابن عبد البر) ولا وجه له (وقال الإمام الشافعي) رحمه الله أفرط في العقيقة رجلان، رجلٌ قال إنها واجبة ورجلٌ قال إنها بدعة (وقال ابن المنذر) الدليل على مشروعيتها الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين، قال وهو أمر معمول به في الحجاز قديمًا وحديثًا، قال وذكر مالك في الموطأ أنه الأمر الذي لا اختلاف فيه عندهم، قال وقال يحيى الأنصاري التابعي أدركت الناس وما يدعون العقيقة عن الغلام والجارية

ص: 124

-[مذاهب العلماء في قدر العقيقة وسنها وما تجوز به]-

.....

(قال ابن المنذر) وممن كان يرى العقيقة ابن عمر وابن عباس وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة وبريدة الأسلَّمي والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وعطاء والزهري وأبو الزناد ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وآخرون من أهل العلم يكثر عددهم، قال وانتشر عمل ذلك في عامة بلدان المسلمين متبعين في ذلك ما سنه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وإذا كان كذلك لم يضر السنة من خالفها وعدل عنها اهـ. هذا ما يختص بحكم العقيقة (أما ما يختص بقدرها) فقد اختلف العلماء فيه أيضًا (فذهب الأئمة الشافعي وأحمد وإسحاق) وأبو ثور وداود وجمهور العلماء إلى أنه يعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة، وهو قول ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم (قال ابن المنذر) وكان ابن عمر يعق عن الغلام والجارية شاةً شاةً (وبه قال أبو جعفر ومالك) وقال الحسن وقتادة لا عقيقة عن الجارية، وأحاديث الباب ترد عليهما (واختلفوا أيضًا فيما تجوز به العقيقة) فذهب الأئمة الثلاثة (مالك والشافعي وأحمد والجمهور) إلى تخصيصها ببهيمة الأنعام كالأضحية، وهي الإبل والبقر والغنم وسواه في ذلك الذكور والإناث لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أم كرزٍ "لا يضركم ذكرانًا كن أم إناثًا" وبه قال أنس بن مالك رضي الله عنه لإطلاق ذلك في بعض أحاديث الباب حديث سلَّمان بن عامر "أريقوا عنه دمًا" إلا أن الشافعية جوزوا أن تكون البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة، وقالوا لو أراد بعضهم العقيقة وبعضهم غيرها جاز كما في الأضحية، وخالفهم في ذلك المالكية والحنابلة فقالوا لا تجزئ البدنة ولا البقرة إلا عن واحد (وخص آخرون العقيقة بالغنم فقط) لظاهر الأحاديث التي فيها عن الغلام شاتان وعن الجارية شاةٌ، لأن لفظ شاة لا يقع إلى على الغنم وهي الضأن والمعز (وإليه ذهب إسحاق بن شعبان من المالكية وابن حزم) وحكاه ابن المنذر عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر (واختلفوا أيضًا في سنن العقيقة) فذهب الأئمة الثلاثة (مالك والشافعي وأحمد) وجمهور العلماء إلى أن العقيقة لا يجزئ فيها اقل من جذعة الضأن والثنى من المعز كالضحايا والهدايا لأنه ذبح مسنون إما وجوبًا أو استحبابًا يجري مجرى الهدي والأضحية في الصدقة والهدية فاعتبر فيه المن الذي يجزئ فيهما (قال الإمام مالك) رحمه الله العقيقة "بمنزلة النسك والضحايا لا يجوز فيها عوراء ولا عجفاء ولا مكسورة ولا مريضة ولا يباع من لحمها شيء ولا جلدها ولا يكسر عظمها ويأكل أهلها منها ويتصدقون (وذهب ابن حزم) إلى أن الجذعة لا تجزئ في العقيقة أصلًا ولا يجزئ ما دونها مما لا يقع عليه اسم شاة، قال ويجزئ الذكر والأنثى من كل ذلك، ويجزئ المعيب سواء كان مما يجوز في الأضاحي أولًا، والسالم أفضل اهـ (وتوسع آخرون في العقيقة) فقالوا يجزئ فيها العصفور، حكاه ابن حزم عن م حمد بن إبراهيم التيمي. والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 125

-[استحباب حلاقة رأس المولود والتصدق بوزن شعره من فضة]-

(3)

باب وقت العقيقة وتسمية المولود وحلق رأسه والتصدُّق بوزن شعره من فضَّة

(16)

عن أبي رافعٍ (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه) قال لما ولدت فاطمة حسنًا قالت ألا أعقُّ عن ابني بدمٍ؟ (1) قال لا، ولكن احلقي رأسه وتصدَّقي بوزن شعره من فضَّة على المساكين والأوفاض، وكان الأوفاض ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجين في المسجد أو في الصفة، وقال أبو النضر (2) من الورق على الأوفاض يعني أهل الصفة أو على المساكين، ففعلت ذلك قالت فلما ولدت حسنًا فعلت مثل ذلك (وعنه من طريق ثان)(3) أن الحسن بن عليٍّ لما ولد أرادت أمُّه فاطمة أن تعقَّ عنه بكبشين فقال لا تعقِّي عنه (4)

(16) عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن النمير قال أنا شريك وأبو النضر قال ثنا شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن علي بن حسين عن أبي رافع - الحديث" (غريبه) (1) هكذا في الأصل "قالت ألا أعق عن ابني بدم" وذكره الحافظ في الفتح مستشهدًا به؛ وعزاه للإمام أحمد بلفظ "قالت يا رسول الله" فإما أن تكون كلمة "يا رسول الله" سقطت من الناسخ أو لم تذكر في الرواية للعلم بها من السياق والله أعلم، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم لا، أنه لم يوافق على العقيقة وإنما أمرها بحلق رأسه والتصدق بزنة شعره من فضة، وهذا ينافي ما تقدم من أمره صلى الله عليه وسلم بالعقيقة والحث عليها، وقد جمع الحافظ العراقي في شرح الترمذي بين هذا وبين ما تقدم من الأمر بالعقيقة باحتمال أنه صلى الله عليه وسلم كان عق عنه ثم استأذنته فاطمة أن تعق هي عنه أيضًا فمنعها اهـ (قال الحافظ) ويحتمل أن يكون منعها لضيق ما عندهم حينئذٍ فأرشدها إلى نوع من الصدقة أخف، ثم تيسر له عن قرب ما عق به عنه اهـ (2) يعني أحد الراويين اللذين روى عنهما ابن نميرٍ هذا الحديث أنه قال في روايته وتصدقي بوزن شعره من الورق بدل قوله من فضة والمعنى واحد، فإن الورق هو الفضة "وأو" للشك يعني أنه يشك هل قال على الأوفاض أو على المساكين، وقد جمعتهما الرواية السابقة (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زكريا بن عدي قال أخبرني عبيد الله يعني ابن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال فسألت علي بن الحسين فحدثني عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحسن بن عليٍّ لما ولد - الحديث (4) جاء في مجمع الزوائد وعزاه للإمام أحمد والطبراني في الكبير بلفظ "فقال

ص: 126

-[استحباب حلق رأس المولود وتسميته في اليوم السابع]-

ولكن احلقي شعر رأسه، ثم تصدَّقي بوزنه من الورق في سبيل الله، ثم ولد حسينٌ بعد ذلك، فصنعت مثل ذلك.

(17)

عن سمرة (بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل غلام رهين بعقيقته (1) تذبح عنه يوم السَّابع ويحلق رأسه ويسمَّى (2).

(18)

وعنه رضي الله عنه أن النبي صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم

رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعقي عنه" والظاهر أن لفظ (رسول الله) سقط من الناسخ، والله أعلم وفي هذا نهي صريح عن العقيقة ويقال فيه ما قيل في الطريق الأولى (وقوله من الورق) يعني الفضة كما تقدم (تخريجه) أورده الهيثمي بطريقيه وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وهو حديث حسن اهـ (قلت) في إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل فيه لينٌ، وله شواهد تعضده ستأتي في الزوائد، ولعل الحافظ الهيثمي حسنه لذلك والله أعلم.

(17)

عن سمرة بن جندبٍ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاقٍ ثنا سعيدٍ عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب - الحديث (غريبه)(1) قال الخطابي اختلف الناس في معنى هذا، وأجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أحمد بن حنبل قال هذا في الشفاعة، يريد أنه إذا لم يعق عنه فمات طفلًا لم يشفع في أبويه، وقيل معناه أن العقيقة لازمة لا بد منها، فشبه المولود في لزومها وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن، وهذا يقوي قول من قال بالوجوب، وقيل المعنى أنه مرهون بأذى شعره، ولذلك جاء فأميطوا عنه الأذى اهـ (قال الحافظ) والذي نقل عن أحمد قاله عطاء الخراساني وأسنده عنه البيهقي، وأخرج ابن حزم عن بريدة الأسلَّمي قال إن الناس يعرضون يوم القيامة على العقيقة كما يعرضون على الصلوات الخمس، وهذا لو ثبت لكان قولًا آخر يتمسك به من قال بوجوب العقيقة (قال ابن حزم) ومثله عن فاطمة بنت الحسين (وقوله تذبح عنه يوم السابع) تمسك به من قال إن العقيقة مؤقتة باليوم السابع وسيأتي الكلام عليه في الأحكام (2) فيه دلالة على استحباب التسمية في اليوم السابع، وحمل ذلك بعضهم على التسمية عند الذبح وفيه بعد، لأنه لو كان كذلك لقال ويسمى عليها (تخريجه)(هق. ك) وصححه الذهبي وعبد الحق، ورواه أيضًا الأربعة وصححه الترمذي، وهو من رواية الحسن عن سمرة، والحسن مدلس. لكنه روى البخاري في صحيحه أن الحسن سمع حديث العقيقة من سمرة فانتفى التدليس.

(18)

وعنه رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان

ص: 127

-[كلام العلماء في تفسير لفظ "ويدمى" بدل ويسمى]-

قال كل غلام مرتهن بعقيقةٍ تذبح يوم سابعه، ويحلق رأسه ويدمَّى (1) وعنه من طريق ثان) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (3) إلا أنه قال ويسمَّى، قال همَّام في حديثه وراجعناه ويدمَّى (4) قال همَّام فكان قتادة يصف الدَّم فيقول إذا ذبح العقيقة تؤخذ صوفة فتستقبل أوداج (5) الذَّبيحة، ثمَّ توضع على يافوخ (6)

ثنا همام ثنا قتادة عن الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل غلام - الحديث" (1) هكذا في هذه الرواية "ويدمى" بالدال المهملة بدل السين المهملة في قوله "ويسمى" في الحديث السابق، وجاء ويدمى أيضًا بالدال المهملة في رواية لأبي داود (قال الحافظ) وقد اختلف فيها أصحاب قتادة فقال أكثرهم يسمى بالسين، وقال همام عن قتادة يدمى بالدال (قال أبو داود) خولف همام وهو وهم منه ولا يؤخذ به، قال ويسمى أصح، ثم ذكره من رواية غير قتادة بلفظ ويسمى، واستشكل ما قاله أبو داود بما في بقية رواية همام عنده أنهم سألوا قتادة عن الدم كيف يصنع به؟ فقال إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة واستقبلت به أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل الخيط ثم يغسل رأسه بعد ويحلق، فيبعد مع هذا الضبط أن يقال إن همامًا وهم عن قتادة في قوله ويدمى، إلا أن يقال إن أصل الحديث ويسمى وأن قتادة ذكر الدم حاكيًا عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، ومن ثم قال ابن عبد البر لا يحتمل همام في هذا الذي انفرد به فإن كان حفظه فهو منسوخ اهـ (قلت) وقال ابن حزم في المحلى في قول أبي داود "وهو وهم من همام" قال بل وهم أبو داود، لأن همامًا ثبت وبين أنهم سألوا قتادة عن صفة التدمية المذكورة فوصفها لهم اهـ (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبان العطار ثنا قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (3) يعني مثل الطريق الأولى، وهذا اختصار من الأصل لا من صنعي (4) الظاهر أن قوله ويدمى مقول القول وكلمة وراجعناه معترضه بين القول ومقوله، والمعنى قال همام في حديثه ويدمي، وراجعناه في هذا القول فقال كان قتادة يصف الدم إلخ، وإنما ذكر همام قول قتادة ليبرهن لهم أنه سمعه من قتادة بلفظ "ويدمى" وأنه ليس واهمًا فيما سمع لأن قتادة كان يصف الدم إلخ، ومع هذا فلم يسلَّم من نسبة الوهم إليه والله أعلم (5) جمع ودج بالتحريك وهي ما أحاط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح، وقيل الودجان عرقان غليظان عن جانبي ثُغرة النحر (6) هو حيث التقى عظم مقدم الرأس ومؤخره، ذكره في القاموس

ص: 128

-[زوائد الباب]-

الصَّبي حتى إذا سال (1) غُسل رأسه، ثمَّ حلق بعد.

في باب الخاء فصل الهمزة (1) رواية أبي داود حتى يسيل على رأسه مثل الخيط ثم يغسل رأسه إلخ (تخريجه)(د) ودرجته كالذي قبله (زوائد الباب)(عن عائشة رضي الله عنها قالت عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين شاتين شاتين يوم السابع وأمر أن يماط عن رأسه الأذى وقال اذبحوا على اسمه وقولوا باسم الله، الله أكبر. اللهم منك ولك، هذه عقيقة فلان، قالت وكانوا في الجاهلية تؤخذ قطنة فتجعل على دم العقيقة ثم توضع على رأسه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل موضع الدم خلوقًا، أورده الهيثمي وقال رواه أبو يعلى والبزار باختصار ورجاله رجال الصحيح خلا شيخ أبي يعلى إسحاق فإني لم أعرفه (قلت) وروى نحو حديث عائشة أبو الشيخ وزاد "ونهى أن يمس رأس المولود بدم"(وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا كان يوم سابعه فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى وسموه (طب. طس) ورجاله ثقات (وعن بريدة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال العقيقة لسبع أو أربع عشرة أو إحدى وعشرين (طس. طص) وفيه إسماعيل ابن مسلم المكي وهو ضعيف لكثيرة غلطه ووهمه (وعن ابن عباس) قال سبعة من السنة في الصبي يوم السابع، يسمى ويختن ويماط عنه الأذى وتثقب أذنه ويعق عنه ويحلق رأسه ويلطخ بدم عقيقته ويتصدق بوزن شعره ذهبًا أو فضةً (طس) ورجاله ثقات (قلت) ضعفه الحافظ، وقال الشوكاني في إسناده رواد ابن الجراح وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات وفي لفظه ما ينكر، وهو ثقب الأذن والتلطيخ بدم العقيقة اهـ (وعن عليٍّ بن أبي طالبٍ) رضي الله عنه قال أما حسن وحسين ومحسن فإنما أسماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعق عنهم وحلق رءوسهم وتصدق بوزنها وأمر بهم فسروا وختنوا (طب) وفيه عطية العوفي وهو ضعيف وقد وثق، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحًا وتعديلًا (وعن عليٍّ رضي الله عنه قال عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن بشاة وقال يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة فوزنته فكان وزنه درهمًا أو بعض درهم (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب وإسناده ليس بمتثل، أبو جعفر محمد بن عليٍّ لم يدرك علي بن أبي طالب اهـ. والظاهر أن الترمذي حسنه لتعدد طرقه لأنه روى من عدة طرق يعضد بعضها بعضًا (وعن يزيد بن عبد الله المزني) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم (جه) قال الحافظ وهذا مرسل فإن يزيد لا صحبة له، وقد أخرجه البزار من هذا الوجه فقال عن يزيد بن عبد الله المزني عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك فقالوا إنه مرسل (وعن أم كرزٍ وأبي كرزٍ)

ص: 129

-[مذاهب العلماء في وقت ذبح العقيقة وتسمية المولود]-

.....

قالا نذرت امرأة من آل عبد الرحمن بن أبي بكر إن ولدت امرأة عبد الرحمن نحرنا جزورًا فقالت عائشة رضي الله عنها لا. بل السنة أفضل، عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاةً تقطع جُدولًا لا يكسر لها عظم، فيأكل ويطعم ويتصدق. وليكن ذاك يوم السابع، فإن لم يكن ففي أربعة عشر. فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين (ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (وقوله جدولًا) بضم الجيم والدال المهملة جمع جدل بفتح الجيم وكسرها وهو العضو، والمعنى تقطع عضوًا عضوًا من المفاصل بدون كسر العظم (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على جملة مسائل (الأولى) جاء في حديث سمرة بيان وقت ذبح العقيقة وهو يوم السابع، ومثل ذلك في حديث عائشة وابن عمر وجابر المذكورة في الزوائد، وهل ذلك للتعيين أو للاختيار؟ اختلف العلماء في ذلك (فذهب الإمام مالك) إلى التعيين وقال إنها تفوت بعده وتسقط إذا مات قبله، وحكى عنه ابن وهب أنه قال إن فات السابع الأول فالثاني، ونقل الترمذي عن أهل العلم أنهم يستحبون أن تذبح العقيقة في السابع، فإن لم يكن ففي الرابع عشر، فإن لم يكن فيوم أحد وعشرين (قلت وهو مذهب الحنابلة) وحكاه ابن المنذر عن عائشة وإسحاق وحجتهم في ذلك حديث أم كرزٍ وأبي كرزٍ المذكور في الزوائد وهو حديث صحيح رواه الحاكم (وروى فحوه) عن بريدة وهو مذكور في الزوائد أيضًا لكنه ضعيف (وذهبت الشافعية) إلى أن ذكر السابع للاختيار لا للتعيين، ونقل الرافعي أنه يدخل وقتها بالولادة، فلو ذبحها قبل فراغ السبعة أو بعد السابع أجزأت ولا تفوت بعد السابع ما لم يبلغ، قاله الإمام الشافعي، وبه قال محمد بن سيرين وعائشة وعطاء وإسحاق وجمهور العلماء، وعن الحسن البصري أنه قال إذا لم يعق عنك فعق عن نفسك وإن كنت رجلًا (المسألة الثانية) اختلف العلماء في أنه هل يحسب يوم الولادة من السبعة أم لا، قال ابن عبد البر (نص مالك) على أن أول السبعة اليوم الذي يلي يوم الولادة إلا إن ولد قبل طلوع الفجر، وكذا نقله البويطي (عن الإمام الشافعي) ونقل الرافعي وجهين ورجح الحسبان، واختلف ترجيح النووي، ورجح الأسنوي أن يوم الولادة لا يحسب وقال إن الفتوى عليه وتبعه الحافظ العراقي فقال في شرح الترمذي إنه الصحيح اهـ (وذهبت الحنابلة وابن حزم) إلى أنه يحسب منها (قال ابن حزم) ما نعلم لمالك سلفًا في أن لا يعد يوم الولادة اهـ (قلت) وللمالكية قول إنه يحسب منها والله أعلم (المسألة الثالثة) في أحاديث الباب والزوائد دلالة على أن تسمية المولود تكون في اليوم السابع، وإلى استحباب ذلك ذهبت الأئمة (مالك والشافعي وأحمد والحسن البصري) وغيرهم وعند الشافعية قول أنه لا بأس بتسمية المولود قبل السابع (وقال محمد بن سيرين وقتادة والأوزاعي) إذا ولد وقد تم خلقه سماه في الوقت إن شاء، وقال ابن المنذر تسميته يوم السابع حسن

ص: 130

-[مذاهب العلماء في إماطة الأذى عن رأس المولود والتصدق بزنة شعره فضة]-

.....

ومتى شاء سماه (وقال ابن حزم) يسمى يوم ولادته، فإن أخرت تسميته إلى السابع فحسن (قال الحافظ) ويدل على أن التسمية لا تختص بالسابع حديث أبي أسيد أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بابنه حين ولد فسماه المنذر، رواه البخاري في النكاح وما أخرجه مسلم من حديث ثابت عن أنس رفعه قال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم ثم دفعه إلى أم سيف - الحديث (قلت) جمع البخاري رحمه الله في صحيحه بين ما ورد في التسمية حين الولادة وما ورد فيها في اليوم السابع في ترجمة الباب الأول من كتاب العقيقة فقال "باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه وتحنيكه" ومعناه أنه يجوز تسميته حين يولد وبعده إلا أن ينوي العقيقة عنه يوم سابعه، فالسنة تأخيرها إلى السابع (المسألة الرابعة) جاء في حديث ابن عمر المذكور في الزوائد وحديث سلَّمان بن عامر الضبي المذكور في الباب السابق الأمر بإماطة الأذى عن رأس المولود وسبق تفسيره في الشرح على أقوال (منها) حلق شعر الرأس لما أصابه من دم الرحم، وفسره البيهقي باحتمال أن يكون المراد به حلق الرأس والنهي عن أن يمس رأسه بدم العقيقة، وقد جاء النهي عن أن يمس رأسه بدم في حديث يزيد بن عبد الله المزني وفي حديث عائشة قالت (فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل موضع الدم خلوقًا (1) لكن يعكر على هذا ما جاء في حديث سمرة بن جندب المذكور في الباب بلفظ "ويدمَّى" بالدال المهملة بدل ويسمى بالسين المهملة كما في رواية أخرى، وتقدم كلام العلماء في ذلك في الشرح وأن أبا داود حكم على هذه الرواية بالوهم، وقال ابن المنذر تكمل في حديث سمرة الذي فيه ويدمى اهـ. لكن انتصر ابن حزم لهذه الرواية وثبتها وقال لا بأس أن يمس بشيء من دم العقيقة، وحكاه ابن المنذر عن الحسن وقتادة؛ وحجتهم الرواية المذكورة وما جاء في حديث ابن عباس المذكور في الزوائد بلفظ "سبعة من السنة في الصبي يوم السابع" فذكر منها "ويحلق رأسه ويلطخ بعقيقته" لكن ضعفوه وأنكر التدمية جمهور العلماء، وممن كرهه الأئمة (مالك والشافعي وأحمد وإسحاق) والزهري وابن المنذر وقال فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بإماطة الأذى عنه "يعني المولود" والدم أذى وهو من أكبر الأذى فغير جائز أن ينجس رأس الصبي (المسألة الخامسة) ثبت في حديث أبي رافع من أحاديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة بحلق رأس الحسن والتصدق بزنة شعره فضة وروى نحوه الإمام مالك والبيهقي وغيرهما مرسلًا من حديث محمد بن علي بن الحسين، وإلى التصدق بزنة شعر المولود فضة (ذهبت الحنابلة -وذهبت الشافعية) إلى التصدق بزنته ذهبًا فإن لم يتيسر ففضة (قال النووي) في شرح المهذب روى هذا الحديث من طرق كثيرة

_________

(1)

الخلوق بفتح الخاء طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة

ص: 131

-[مذاهب العلماء في عدم كسر عظام العقيقة وكيفية طبخها وتوزيعها وغير ذلك]-

.....

ذكرها البيهقي كلها متفقة على التصدق بزنته فضة ليس في شيء منها ذكر الذهب خلاف ما قاله أصحابنا (قلت) جاء ذكر الذهب في حديث ابن عباس المذكور في الزوائد -وفي ويتصدق بوزن شعره ذهبًا لكنهم ضعفوه، ولذلك تردد الإمام مالك في أنه هل يتصدق بزنة شعره ذهبًا؟ فكرهه مرة وأجازه أخرى، كذا في الجواهر لابن شاس، وقال ابن الحاجب من المالكية في كراهة التسدق بزنة شعر المولود ذهبًا أو فضة قولان (المسألة السادسة) ثبت في حديث عائشة المذكور في الزوائد ورواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي النهي عن كسر عظام العقيقة، والحكمة فيه التفاءل بسلامة أعضاء المولود (وبهذا قالت الحنابلة) وحكاه ابن المنذر عن عائشة وعطاء بن أبي رباح (وذهب الإمام مالك) إلى أنه لا بأس بكسر العظم، وحكاه ابن المنذر عن الزهري وقال بن ابن حزم الظاهري (وقالت الشافعية) إن كسر العظم خلاف الأولى فقط، واختلفوا في كراهته على وجهين أحصهما أنه لا يكره وعلله النووي وابن حزم بأنه لم يثبت فيه حديث يعول عليه وكأنهما لم يصح عندهما حديث عائشة المذكور وقد صححه الحاكم والذهبي (وفي حديث عائشة أيضًا) فيأكل ويطعم ويتصدق وليكن ذاك يوم السابع (وعن جعفر) بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن رضي الله عنهما أن يبعثوا منها إلى القابلة برجل وكلوا وأطعموا ولا تكسروا لها عظامًا، رواه أبو داود في المراسيل وابن أبي شيبة قال ابن حزم هذا مرسلٌ ولا حجة في مرسلٍ، ويلزم من قال بالمرسل أن يقول بهذا لا سيما مع قول أم المؤمنين وعطاءٍ وغيرهما اهـ (قلت) ذهب جمهور العلماء منهم الأئمة الثلاثة (مالك والشافعي وأحمد) إلى استحباب طبخ العقيقة جميعها والتصدق منها على الفقراء والمساكين، والإهداء إلى الجيران بالبعث إلى الجميع في بيوتهم مطبوخًا، ويكره الإرسال إليهم بشيء من لحمها نيئًا، ويجوز لأصحابها الأكل منها بل يستحب، ونقل الرافعي أنه يستحب أن تعطى القابلة رجل العقيقة "قلت الرجل من أصل الفخذ إلى القدم"(قال النووي) ويستحب أن تطبخ بحلو تفاءلًا بحلاوة أخلاق المولود، وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الحلوى والعسل، وعلى هذا لو طبخ بحامضٍ، ففي كراهته وجهان حكاهما الرافعي، والصحيح أنه لا يكره لأنه ليس فيه نهي (قال أصحابنا) والتصدق بلحمها ومرقها على المساكين بالبعث إليه أفضل من الدعاء إليها، ولو دعا إليها قومًا جاز ولو فرق بعضها ودعا ناسًا إلى بعضها جاز اهـ (قال صاحب المهذب) ويستحب أن يأكل منها ويتصدق ويهدي اهـ (تنبيه) قال النووي في شرح المهذب لو مات المولود قبل السابع استحبت العقيقة عندنا، وقال الحسن البصري ومالك لا تستحب، قال ومذهبنا أنه لا يعق عن اليتيم من ماله (وقال مالك) يعق عنه منه، قال ومذهب أصحابنا استحباب تسمية السقط، وبه قال ابن سيرين

ص: 132

-[كيفية تحنيك المولود وبأي شيء يكون]-

(4)

باب التأذين في أذني المولود حين يولد وتحنيكه بعد ذلك

(19)

عن أبي رافعٍ (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذَّن في أذني الحسن (1) حين ولدته فاطمة بالصَّلاة.

(20)

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال انطلقت بعبد الله بن أبي طلحة (2) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولد فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في عباءة (3) يهنأ بعيرًا له، فقال لي أمعك تمر؟ قلت نعم، فتناول تمرات فألقاهنَّ في فيه فلاكهنَّ (4)

وقتادة والأوزاعي (وقال مالك) لايسمى ما لم يستهل صارخًا والله أعلم.

(19)

عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى وعبد الرحمن عن سفيان عن عاصم بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه قال رأيت رسول الله - الحديث" (غريبه)(1) جاء في حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما مرفوعًا بلفظ من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى لم تضره أم الصبيان (قلت) في التلخيص وأم الصبيان هي التابعة من الجن (عل) وابن السني، أورده الحافظ في التلخيص ولم يتكلم عليه، ولعل المراد بقوله أذن في أذني الحسن أنه أذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى وأطلق بفظ الأذان على الإقامة لأنها تعلم بالدخول في الصلاة كما أن الأذان إعلام بدخول الوقت، وقد جاء إطلاق الأذان على الإقامة في قوله صلى الله عليه وسلم بين كل أذانين صلاة، وتقدم في باب ما جاء في الركعتين قبل المغرب رقم 971 صحفيةة 218 في الجزء الرابع (تخريجه)(د. مذ. ك. هق) وصححه الترمذي.

(20)

عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل وعفان قالا ثنا حماد ثنا ثابت عن أنس - الحديث" (غريبه)(2) اسم أبي طلحة زيد بن سهل وهو زوج أم سليم والدة أنس بن مالك رضي الله عنهم (3) العباءة معروفة وهي ممدودة، يقال فيها عباية بالياء وجمع العباءة العباء (وقوله يهنأ) بهمز آخره أي يطليه بالقطران، وهو الهناء بكسر الهاء والمد يقال هنأت البعير أهنؤه (4) أي مضغهن النبي صلى الله عليه وسلم حتى صرن مائعًا يبتلع (قال أهل اللغة) اللوك مختص بمضع الشيء الصلب (وقوله ثم حنكه) التحنيك وضع شيء من التمر بعد مضغه جيدًا داخل فم الصبي وتدليك حنكه به من الداخل حتى ينزل إلى جوفه منه شيء. وقيس بالتمر الحلو، وفي معنى التمر الرطب، والحكمة فيه التفاؤل بالإيمان، لأن التمر من الشجرة التي شبهها النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان؛ لا سيما

ص: 133

-[كيفية تحنيك المولود واستحباب أن يكون بالتمر]-

ثم حنَّكه، ففغر (1) الصبيُّ فاه فأوجره (2) فجعل الصبي يتلمظ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبت الأنصار إلا حبَّ التَّمر (3) وسمَّاه عبد الله.

(21)

عن عائشة رضي الله عنها قالت أتيت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم بابن الزُّبير فحنَّكه بتمرة، فقال هذا عبد الله وأنت أم عبد الله (4)

(22)

عن أبي موسى (5) (الأشعريِّ رضي الله عنه قال ولد لي غلام

إذا كان المحنك من العلماء والصالحين، لأنه يصل إلى جوف المولود من ريقه فيتبرك به (1) بفتح الفاء والغين المعجمة أي فتحه (2) أي مج النبي صلى الله عليه وسلم ما بقي في فمه من التمر في فم الصبي، وكأنه صلى الله عليه وسلم حنكه أولًا بجزء مما مضغه ليفتح الصبي فاه، فلما حصل ذلك مج الباقي في فمه (والوجور) بفتح الواو وزان رسول، الدواء يصب في الحلق. وأوجرت المريض إيجارًا فعلت به ذلك (وقوله فجعل الصبي يتلمظ) أي يحرك لسانه ليتتبع ما في فيه من آثار التمر، والتلمظ واللمظ فعل ذلك باللسان يقصد به فاعله تنقية الفم من بقايا الطعام، وكذلك ما على الشفتين وأكثر مما يفعل ذلك في شيء يستطيبه، ويقال تلمظ يتلمظ تلمظًا، ولمظ يلمظ بضم الميم لمظًا بإسكانها، ويقال لذلك الشيء الباقي في الفم لماظة بضم اللام (3) معناه امتنعت الأنصار من الإفراط في حب شيء إلى التمر، وهذه مبالغة في شدة حبهم للتمر حتى صغارهم (تخريجه)(خ. ق. د. وغيرهم).

(21)

عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد، قال عبد الله وسمعته أنا من عبد الله بن م حمد قال ثنا حفص عن هشام بن عروة عن عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير عن عائشة - الحديث" (غريبه)(4) كناها النبي صلى الله عليه وسلم باسم هذا المولود لما جاءت به ليحنكه تطييبًا لخاطرها لأنها لم تلد، ولأنه ابن أختها أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين (تخريجه)(د) بمعناه وسنده صحيح، وأخرجه الشيخان والإمام أحمد مطولًا من حديث أسماء، وسيأتي في أبواب خلافة عبد الله بن الزبير من كتاب الخلافة والأمارة إن شاء الله تعالى.

(22)

عن أبي موسى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا من عبد الله بن محمدٍ ثنا أبو أسامة عن يزيد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى (الأشعري) - الحديث" (غريبه)(5) اسمه عبد الله بن قيس الأشعري

ص: 134

-[زوائد الباب وكلام العلماء في التأذين في أذن المولود حين يولد والحكمة في ذلك]-

فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم وحنَّكه بتمرة (1).

(وفي قوله فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم إلخ) إشعار بأنه أسرع بإحضاره إليه صلى الله عليه وسلم وأن تحنيكه كان بعد تسميته، ففيه أنه لا ينتظر بتسميته يوم السابع، وتقدم الكلام على ذلك في الباب السابق (1) زاد البخاري ودعا له بالبركة ودفعه إليَّ وكان أكبر ولد أبي موسى (تخريجه)(ق. وغيرهما)(زوائد الباب)(عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن عليٍّ رضي الله عنهما يوم ولد وأقام في أذنه اليسرى (هق) في شعب الإيمان وضعفه (وعن أبي رافع) أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن والحسن حين ولدا وأمر به، أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير وفيه حماد بن شعيب وهو ضعيف جدًا (وقال الخلال) أخبرني محمد بن علي قال سمعت أم ولد أحمد بن حنبل تقول لما أخذني الطلق كان مولاي نائمًا فقلت له يا مولاي هو ذا أموت؟ قال يفرج الله، فما هو إلا أن قال يفرج الله حتى ولدت سعيدًا، فلما ولدته قال هاتوا ذلك التمر لتمر كان عندنا من تمر مكة؛ فقال لأم علي امضغي هذا التمر وحنكيه ففعلت (وعن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم ويحنكهم "زاد في رواية فيدعو لهم بالبركة) أورده النووي في الأذكار وعزاه لأبي داود وصححه (قلت) رواه مسلم بدون الزيادة (الأحكام) حديث أبي رافع مع ما جاء في الزوائد عن ابن عباس وغيره يدل على مشروعية الأذان في أذن المولود اليمنى حين يولد والإقامة في أذنه اليسرى (وإلى ذلك ذهب الجمهور) قال الترمذي وعليه العمل اهـ وحكى عن الحسن البصري، وحكى ابن المنذر عن عمر ابن عبد العزيز أنه كان إذا ولد له ولد أذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى؛ ذكره القاري في شرح السنة (قال الحافظ) لم أره عند مسندًا اهـ (وقال النووي) في الأذكار، قال جماعة من أصحابنا يستحب أن يؤذن في أذنه اليمنى "يعني المولود" ويقيم في أذنه اليسرى (قال الحافظ ابن القيم) في كتابه تحفة الودود في أحكام المولود وسر التأذين والله أعلم أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المنتظمة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام فكان ذلك كالتلقين له بشعار الإسلام عند دخول في الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها، وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثره وإن لم يشعر مع ما في ذلك من فائدة أخرى وهو هروب الشيطان من كلمات الأذان وهو كان يرصده حتى يولد فيقارنه للمحنة التي قدرها الله وشاءها فيسمع شيطانه ما يضعفه ويغيظه أول أوقالت تعلقه به، وفي معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة دعوة الشيطان

ص: 135

-[حكم تحنيك المولود واستحبابه من الصالحين واستحباب التسمية بأسماء الأنبياء]-

(أبواب الأسماء والكنى والألقاب)

(1)

باب أحبُّ الأسماء إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم

(23)

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان أحبُّ الأسماء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله وعبد الرَّحمن (1)(وعنه من طريق ثان)(2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن من أحسن أسمائكم عبد الله وعبد الرَّحمن.

كما كانت فطرة الله التي فطر الناس عليها سابقة على تغيير الشيطان لها ونقله عنها، ولغير ذلك من الحكم والله أعلم اهـ (وحديث أنس وما بعده) مع ما في الزوائد من هذا الباب تدل على مشروعية تحنيك المولود بتمر، فإن تعذر فما في معناه كرطب وعجوة ونحو ذلك من الحلو (قال النووي) وهو سنة بالإجماع، ويستحب أن يحنكه صالح من رجل أو امرأة (وفيه) التبرك بآثار الصالحين وريقهم (ويستفاد من حديث أنس) جواز لبس العباءة والتواضع وتعاطي الكبير أشغاله لنفسه وأنه لا ينقص ذلك مروءته (وفيه) استحباب التسمية بعبد الله وفيه جواز تسمية المولود يوم ولادته (وفيه) استحباب تفويض التسمية إلى صالح فيختار له اسمًا يرتضيه (وفي حديث أبي موسى) استحباب التسمية بأسماء الأنبياء، وإليه ذهب جمهور العلماء والله أعلم.

(23)

عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب ابن عطاء أنا عبد الله عن نافع عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (1) جاء عند مسلم بلفظ "إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وفيه استحباب التسمية بهذين الاسمين وتفضيلهما على سائر ما يسمى به (قال القرطبي) يلحق بهذين الاسمين ما كان مثلهما عبد الرحيم وعبد الملك وعبد الصمد، وإنما كانت أحب إلى الله لأنها تضمنت ما هو وصف واجب لله تعالى وما هو وصف للإثبات وواجب له وهو العبودية (وقيل) الحكمة في الاختصار على الإسمين وهما لفظة الله ولفظ الرحمن لأنه لم يقع في القرآن إضافة عبد إلى اسم من أسماء الله تعالى غيرهما قال تعالى "وأنه لما قام عبد الله يدعوه" وقال في آية أخرى "وعباد الرحمن" ويؤيده قوله تعالى "قد ادعوا الله أو ادعوا الرحمن".

(2)

(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا العمري عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن من أحسن أسمائكم (تخريجه)(م. د. جه. وغيرهما) ولفظ أبي داود وابن ماجه عن ابن عمر مرفوعًا أحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن

ص: 136

-[أحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن]-

(24)

عن أبي وهب الجشميِّ رضي الله عنه وكانت له صحبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمَّوا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرَّحمن، وأصدقها (1) حارث وهمَّام، وأقبحها حرب ومرة (2).

(25)

عن خيثمة بن عبد الرحمن بن سبرة (3) أن أباه عبد الرَّحمن ذهب مع جدِّه رضي الله عنهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسم ابنك؟ قال عزيزٌ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لا تسمه عزيزًا، ولكن سمِّه عبد الرَّحمن ثم قال إن خير الأسماء (وفي لفظ إن من خير أسمائكم) عبد الله وعبد الرَّحمن والحارث.

(26)

عن سبرة بن أبي سبرة عن أبيه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال ما ولدك؟ قال فلان وفلان وعبد العزَّى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عبد الرَّحمن، إن أحقَّ

(24) عن أبي وهب الجشمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن سعيد ثنا محمد بن مهاجر يعني أخا عمرو بن مهاجر قال حدثني عقيل بن شبيب عن أبي وهب الجشمي - الحديث (غريبه)(1) أي أطبقها للمسمى لأن الحارث هو الكاسب، والهمام بالتشديد مبالغة في الهم ولا يخلو الإنسان عن كسب وهم بل هموم (2) أي لما في الحرب من المكاره، وفي مرة من المرارة والبشاعة، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن والاسم الحسن (تخريجه)(د. نس) والبخاري في الأدب المفرد وسنده جيد.

(25)

عن خيثمة بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا وكيع عن أبي إسحاق عن خيثمة بن عبد الرحمن - الحديث" (غريبه) (3) هكذا في الأصل ابن سبرة، لكن ذكره الحافظ في الإصابة "ابن أبي سبرة" قال واسم أبي سبرة يزيد بن مالك بن عبد الله بن سلَّمة بن عمرو الجعفي، ووالد خيثمة عداده في أهل الكوفة، وقال ابن حبان يقال له صحبة، وقد أخرج أحمد وابن حبان في صحيحه من طريق أبي إسحاق عن خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه فذكر الحديث (تخريجه)(حب. طب) في صحيحه، ورجاله رجال الصحيح.

(26)

عن سبرة بن أبي سبرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج بن النعمان ثنا زياد أو عباد عن الحجاج عن عمير بن سعيد عن سبرة بن أبي سبرة

ص: 137

-[الحث على تحسين الأسماء - وما جاء في أسماء بعض الملائكة]-

أسمائكم أو من خير أسمائكم إن سمَّيتم عبد الله وعبد الرَّحمن والحارث.

(فصل في الحثِّ على تحسين الاسم وما جاء في أسماء بعض الملائكة)

(27)

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسِّنوا أسماءكم.

(28)

عن محمَّد بن عمرو بن عطاء قال قال عليٌّ بن حسين اسم جبريل عليه السلام عبد الله، واسم ميكائيل عبيد الله.

- الحديث" (تخريجه)(طب) وأخرجه أيضًا ابن مندهٍ، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه ضعف، وبقية رجال رجال الصحيح.

(27)

عن أبي الدرداء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا هشيم أنا داود بن عمرو عن عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي عن أبي الدرداء - الحديث" (غريبه)(1) قال صاحب اللمعات جاء في بعض الروايات أنه يدعى الناس قوم القيامة بأسماء أمهاتهم، فقيل الحكمة في ستر حال أولاد الزنا لئلا يفتضحوا لعدم الآباء لهم، وقيل ذلك لرعاية حال عسيى بن مريم لأنه لا أب له، وقيل غير ذلك، فإن ثبتت هذه الرواية حمل الاباء على التغليب كما في الأبوين، أن يحمل أنهم يدعون تارة بالآباء وأخرى بالأمهات، أو البعض بالآباء والبعض بالأمهات، وفي بعض المواطن بهم، وفي بعضها بهن والله أعلم اهـ (تخريجه)(د) قال النووي في شرح المهذب رواه أبو داود بإسناد جيد وهو من رواية عبد الله بن زيد بن إياس بن أبي زكريا عن أبي الدرداء، والأشهر أنه سمع أبا الدرداء، وقال البيهقي وطائفة لم يسمعه فيكون مرسلًا اهـ (قلت قال أبو داود) ابن أبي زكريا لم يدرك أبا الدرداء.

(28)

عن محمد بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمدٍ بن سلَّمة عن محمدٍ بن إسحاق عن محمدٍ بن عمرو بن عطاء - الحديث" (تخريجه) هذا الأثر لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي سنده محمدٌ بن إسحاق مدلسٌ وقد عنعن (زوائد الباب)(عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن (عل) وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيفٌ (وعن أبي زهير) الثقفي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سميتم فعبدوا (طب) وفي أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف جدًا (وعن ابن مسعود) رضي الله عنه مرفوعًا أحب الأسماء إلى الله ما تعبد له (طب

ص: 138

-[زوائد الباب ومذاهب العلماء في تسمية السقط وأن الأب أحق بتسمية ولده]-

.....

طس) وهو ضعيف (وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا حق الولد على والده أن يحسن اسمه، ويزوجه إذا أدرك. ويعلمه الكتاب، رواه أبو نعيم في الحلية وابن عساكر في مسند الفردوس (وعن عائشة) رضي الله عنها مرفوعًا حق الولد على والده أن يحسن اسمه. ويحسن موضعه. ويحسن أدبه، رواه البيهقي في شعب الإيمان، وقوله ويحسن موضعه أي يتخير له أمًا صالحةً، ويؤيده حديث "تخيروا لنطفكم" رواه (جه. هق. وصححه)(وعن عبد الله بن الشخير) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سأل عن اسم الرجل وكان حسنًا عرف ذلك في وجهه. وإن كان غير ذلك كرهه، فإذا نزل بالقرية سأل عن اسمها، فإن اكن اسمها حسنًا سر بذلك، وإن كان غير ذلك رؤي ذلك في وجهه (طب. طس) ورجاله رجال الصحيح غير سعيد بن بشير وهو ثقة وفيه ضعف (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أبردتم إليَّ بريدًا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم (بز. طس) وفي إسناده عند الطبراني عمر بن راشد فيه كلام، وطرق البزار ضعيفة (الأحكام) أحادث الباب تدل على أن أحب الأسماء إلى الله ورسوله عبد الله وعبد الرحمن وتقدمت الحكمة في ذلك في الشرح؛ ويليهما في الفضل ما في معناهما كعبد الرحيم ونحوه، قال أبو محمد ابن حزم، اتفقوا على استحسان الأسماء المضافةإلى الله كعبد الله وعبد الرحمن وما أشبه ذلك (وقد اختلف العلماء في أحب الأسماء إلى الله) فقال الجمهور أحبها إليه عبد الله وعبد الرحمن (وقال سعيد بن المسيب) أحب الأسماء إلى الله أسماء الأنبياء، والحديث الصحيح يدل على أن أحب الأسماء إليه عبد الله وعبد الرحمن اهـ (وفي حديث أبي الدرداء) أن الأب مطالب بتحسين اسم ابنه لأنه يدعى يوم القيامة باسمه واسم أبيه، وهو يدل على أن التسمية حق للأب لا للأم (قال الحافظ ابن القيم) هذا مما لا نزاع فيه بين الناس وأن الأبوين إذا تنازعا في تسمية الولد فهي للأب (قلت وأحاديث الباب مع الزوائد تدل على هذا) قال وهذا كما أنه يدعى لأبيه لا لأمه فيقال فلان بن فلان قال الله تعالى "ادعوهم لآبائهم هو أقسم عند الله" والولد يتبع أمه. في الحرية والرق، ويتبع أباه في النسب، والتسمية تعريف للنسب والمنسوب، ويتبع في الدين خير أبويه دينًا، فالتعريف كالتعليم والعقيقة، وذلك إلى الأب لا إلى الأم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ولد لي الليلة مولود فسميته باسم أبي إبراهيم، وتسمية الرجل ابنه كتسميته غلامه اهـ (فائدة) قال النووي في شرح المهذب (مذهب أصحابنا) استحباب تسمية السقط، وبه قال ابن سيرين وقتادة والأوزاعي (وقال مالك) لا يسمى ما لم يستهل صارخًا اهـ (وقال في الأذكار) يستحب تسميته فإن لم يعلم أذكر هو أو أنثى سمي باسم يصلح للذكر والأنثى كأسماء وهند وهنيدة وخارجة وطلحة وعميرة وزرعة ونحو ذلك (قال الإمام البغوي) يستحب تسمية السقط لحديث ورد فيه

ص: 139

-[من قال بتسمية المولود بعد موته إذا لم يسم قبله والدليل على تسمية السقط]-

(2)

باب ما جاء في التسمية بمحمَّد وكراهة الجمع بين اسمه صلى الله عليه وسلم وكنيته

(29)

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي (1) فإني أنا أبو القاسم، الله عز وجل يعطي وأنا أقسم (2).

(30)

عن أنس بن مالك (رض) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبقيع فنادى رجل يا أبا القاسم فالتفت إليه (3) فقال لم أعنك، قال تسمَّوا باسمي ولا تكنَّوا بكنيتي

وكذا قال غيره من أصحابه (قال أصحابنا) ولو مات المولود قبل تسميته استحب تسميته اهـ (قلت) الحديث الذي أشار إليه البغوي رحمه الله ذكره الحافظ السيوطي في الجامع الصغير عن أبي هريرة بلفظ "سموا أسقاطكم فإنها من أفراطكم" وعزاه لابن عساكر ورمز له بعلامة الحسن، وذكر حديثًا آخر عن أنس بفظ "سموا السقط يثقل الله به ميزانكم فإنه يأتي يوم القيامة يقول أي رب أضاعوني فلم يسموني" وعزاه لميسرة في مشيخته ورمز له بعلامة الحسن أيضًا والله أعلم.

(29)

عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن عجلان قال سمعت أبي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث" (غريبه) (1) معناه لا تسموا محمدًا أبا القاسم بل سموا محمدًا فقط ولا تكنوا بكنيتي، وهذا المعنى مستفاد من حديث أنس الآتي بعد؛ وإنما أذن لهم بالتسمية باسمه صلى الله عليه وسلم لأنه لا يوجب الالتباس فإنهم منهيون عن دعائه صلى الله عليه وسلم باسمه لقوله تعالى "لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا" ونهاهم عن التكني بكنيته؛ لأن الكنية من باب التعظيم والتوقير بخلاف الاسم المجرد فنهاهم عن ذلك لئلا يقع الالتباس حين مناداة بعض الناس (2) بين لهم صلى الله عليه وسلم أن العلة في النهي ليست لكون اسم ابنه القاسم فقط. بل لمعنى آخر لا ينطبق عليهم، وهو أن الله عز وجل يعطي وهو يقسم بينهم بما أمره ربه من القسمة الأزلية في الأمور الدينية والدنيوية فقسمته صلى الله عليه وسلم ليست كقسمة الملوك الذين يعطون من شاءوا ويحرمون من شاءوا (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة لغير الإمام أحمد وسنده جيد، وروى نحوه الشيخان من حديث جابر، وروى نحوه الإمام أحمد أيضًا من حديث عبد الرحمن بن أبي عمرة عن عمه ورجاله رجال الصحيح.

(30)

عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن حميد عن أنس - الحديث" (غريبه)(3) يعني النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل

ص: 140

-[جواز التسمية باسم النبي صلى الله عليه وسلم والنهي عن التكني بكنيته]-

(31)

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رجلًا من الأنصار ولد له غلام فأراد أن يسميه محمدًا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال أحسنت الأنصار تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي (زاد في رواية) فإني أنا أبو القاسم أقسم بينكم

(32)

وعنه أيضًا قال ولد لرجلٍ منا غلام فأسماه القاسم فقلنا لا نكنيك أبا القاسم ولا ننعمك عينًا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال أسم ابنك عبد الرحمن

(33)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسموا بي (وفي لفظٍ باسمي) ولا تكنوا بكنيتي أنا أبو القاسم

(34)

وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم

لم أعنك، يعني لم أقصدك بقولي يا أبا القاسم، إنما دعوت هذا. لرجل آخر كنيته أبو القاسم فكان هذا سبب النهي (تخريجه)(ق. طح. وغيرهم)

(31)

عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن سالم بن أبي الجعد، قال حجاج في حديثه قال سمعت سالمًا عنجابر بن عبد الله - الحديث" (غريبه)(1) أي لأن الرجل منهم، وقد اختار اسمه صلى الله عليه وسلم لابنه وجاء يستشيره، وهذا يدل على محبة الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم وحسن أدبهم رضي الله عنهم (تخريجه)(ق. طح. وغيرهم)

(32)

وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن ابن المنكدر سمع جابر بن عبد الله يقول ولد لرجل منا غلام - الحديث" (غريبه)(2) هو من الأنعام بكسر الهمزة، أي لا ننعم عليك بذلك فتقر به عينك (3) يستفاد منه كراهة التكنية بكنية النبي صلى الله عليه وسلم لتقريره صلى الله عليه وسلم إنكار الأنصار على الرجل، واختار لابنه اسما من أحب الأسماء إلى الله تطيبيًا لخاطره (تخريجه)(ق. طح. وغيرهما)

(33)

عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا داود بن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة الخ (تخريجه)(ق. وغيرهما)

(34)

وعنه رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي ابن آدم ثنا شريك عن سلم بن عبد الرحمن النخعي عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي

ص: 141

-[النهي عن الجمع بين اسمه صلى الله عليه وسلم وكنيته وقصة عمر في نهيه عن التسمية بمحمد]-

قال من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي، ومن أكتني بكنيتي فلا يتسمي باسمي

(35)

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

(36)

عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال نظر عمر إلى عبد الحميد أو ابن عبد الحميد شك أبو عوانة وكان اسمه محمدًا ورجل يقول له يا محمد فعل الله بك وفعل وفعل، قال وجعل يسبه، قال فقال أمير المؤمنين عند ذلك يا ابن زيدٍ أدن مني، قال لا أرى محمدًا يسب بك، لا والله لا تدعي محمدًا ما دمت حيًا، فسماه عبد الرحمن، ثم أرسل إلى بنى طلحة ليغير أهلهم أسماءهم وهم يومئذٍ سبعة وسيدهم وأكبرهم محمد، قال فقال محمد بن طلحة أنشدك الله يا أمير المؤمنين، فو الله إن سماني محمدًا يعني إلا محمد

صلى الله عليه وسلم الحديث" (غريبه) يستفاد منه كراهة الجمع بين اسمه صلى الله عليه وسلم وكنيته وجواز أفراد كلا منهما عن الآخر (تخريجه) لم أقف عليه من حديث أبي هريرة لغير الأمام أحمد، وروى مثله أبو داود ومن حديث جابر بن عبد الله، ورواه البزار من حديث أبي حميد

(35)

وعن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل يعني ابن عطية ثنا هشام (ح) وعبد الصمد ثنا هشام ح وكثير بن هشام ثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تسمى باسمي فلا يتكنى بتكنيتي ومن تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي (تخريجه)(طح. د. مذ) وحسنه، وصححه ابن حبان

(36)

عن عبد الرحمن بن أبي ليلي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبو عوانة حدثنا هلال بن أبي حميد عن عبد الرحمن بن أبي ليلي - الحديث"

(غريبه)(2) أحد رجال السند واسمه وضاح بتشديد المعجمة ثم حاء مهملة ابن عبد الله اليشكري بالمعجمة الواسطي البزار مشهور بكنيته ثقة ثبت أخرج له الستة (وقوله وكان اسمه محمدا) يعني وعبد الحميد أيضا فيكون له اسمان، أو اسمه محمد بن عبد الحميد على الشك من أبي عوانة (3) ينادي محمدا الذي سبق ذكره، فإن كان له اسمان كما تقدم فيكون زيد أباه، وإن كان محمد بن عبد الحميد فيكون زيد جده ونسبه عمر رضي الله عنه إلى جده، وله نظائر عند العرب في نسبة الابن إلى الجد، وقد حكى النووي في شرح مسلم أن اسمه محمد ابن زيد بن الخطاب والله أعلم (4) أي استحلفك بالله (وقوله ان سماني) إن بمعنى ما

ص: 142

-[حجة القائلين بالرخصة في الجمع بين اسمه صلى الله عليه وسلم وكنيته]-

صلى الله عليه وسلم فقال عمر قوموا لا سبيل لي إلى شيءٍ سماه محمد صلى الله عليه وسلم

(فصل منه في الترخيص في ذلك)

(37)

عن ابن الحنفية قال قال علي رضي الله عنه يا رسول الله أرأيت إن ولد لي بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال نعم. فكانت رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم لعليٍ

(38)

عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحل

يعني ما سماني محمدًا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) أي لا يجوز لي أن أغير شيئًا وضعه النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني وأحمد ورجال أحمد رجال الصحيح

(37)

عن ابن الحنفية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا قطن عن المنذر عن ابن الحنفية - الحديث" (غريبه) (2) هو محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو محمد الإمام المعروف بابن الحنفية، أمه خولة بنت جعفر الحنفية نسب إليها - كذا في الخلاصة (وقال في التهذيب) كانت من سبى اليمامة الذين سباهم أبو بكر. وقيل كانت أمة لبني حنفية ولم تكن من أنفسهم أهـ، روى عن أبيه وعثمان وغيرهما، وعنه بنوه إبراهيم وعبد الله والحسن وعمر وبن دينار وخلق، قال إبراهيم بن الجنيد لا نعلم أحدًا أسند عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر ولا أصح مما أسند محمد بن الحنفية، قال أبو نعيم مات سنة ثمانين (3) قال الحافظ روينا هذه الرخصة في أمالي الجوهري وأخرجها ابن عساكر في الترجمة النبوية من طريقة وسندها قوي. قال الطبري في إباحة ذلك لعلي ثم تكنية على ولده أبا القاسم إشارة إلى أن النهي عن ذلك كان على الكراهة لا على التحريم، قال ويؤيد ذلك أنه لو كان على التحريم لأنكره الصحابة ولما مكنوه أن يكنى ولده "يعني محمد بن الحنفية" أبا القاسم أصلا، فدل على أنهم إنما فهموا من النهي التنزيه، وتعقب بأنه لم ينحصر الأمر فيما قال، فلعلهم علموا الرخصة له دون غيره كما في بعض طرقه أو فهموا تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بزمانه وهذا أقوى، لأن بعض الصحابة سمى ابنه محمدًا وكناه أبا القاسم وهو طلحة ابن عبيد الله أهـ (تخريجه)(د. طح) وسنده جيد

(38)

عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا محمد بن عمران الحجبي قال سمعت صفية بنت شيبة عن عائشة - الحديث"

ص: 143

-[زوائد الباب]-

اسمي وحرم كنيتي أو ما جرم كنيتي وأحل اسمي

(غريبه)(1) أو للشك من الراوي في تقديم إحدى الجملتين على الأخرى، وقد قال صلى الله عليه وسلم هذه الجملة جوابا لسؤال سألته عنه امرأة كما جاء في سنن أبي داود، قال حدثنا النفيلي ثنا محمد بن عمران الحجبي عن جدته صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني قد ولدت غلاما فسميته محمدا وكنيته أبا القاسم فذكر لي أنك تكره ذلك، فقال ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي أو ما الذي حرم كنيتي وأحل اسمي (تخريجه)(د) وظاهره جواز الجمع بين اسمه صلى الله عليه وسمل وكنيته لغيره في حياته صلى الله عليه وسلم وهو يعارض الأحاديث المتقدمة (قال الحافظ) ذكر الطبراني في الأوسط أن محمد بن عمران الحجبي تفرد به عن صفية بنت شيبة عنها ومحمد المذكور مجهول، وعلى تقدير أن يكون محفوظا فلا دلالة فيه على الجواز مطلقًا لاحتمال أن يكون قبل النهي أهـ (زوائد الباب)(عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي (طب) بأسنادين ورجال أحدهما ثقات (وعن محمد بن فضالة يعني الظفري) رضي الله عنه قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن أسبوعين فأتى بي إليه فمسح على رأسي وقال سموه باسمي ولا تكنوه بكنيتي، وحج بي معه حجة الوداع وأنا ابن عشر سنين، فلقد عمر محمد حتى شاب رأسه وما شاب موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم (طب) وفيه يعقوب بن محمد الزهري وثقه ابن حبان وغيره. وضعفه جماعة. وبقية رجاله ثقات (وعن أبي غزية الأنصاري) قال قال رسول الله لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي (طب) وفيه يزيد بن ربيعة الرجي متروك (وعن أنس) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمونهم محمدا وتلعنونهم؟ (عل. بز) وفيه الحكم من عطية وثقه ابن معين وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن أبي رافع) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سميتم محمدا فلا تضربوه ولا تحرموه (بز) عن شيخه غسان بن عبيد وثقه ابن حبان وغيره وفيه ضعف (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد له ثلاثة فلم يسم أحدهم محمدا فقد جهل (طب) وفيه مصعب بن سعيد وهو ضعيف (وعن عيسى بن طلحة) قال حدثني ظئر محمد بن طلحة قال لما ولد محمد بن طلحة أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم قال ما سميتموه؟ قلنا محمدا، قال هذا وكنيته أبو القاسم (طب) وفيه إبراهيم بن عثمان أبو شيبة وهو متروك، قال الطبراني محمد بن طلحة بن عبيد الله ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه محمدا وكناه أبا القاسم، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا (وعن البراء بن عازب) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي أن يجمع

ص: 144

-[اختلاف المذاهب في التكنى بكنية النبي صلى الله عليه وسلم والجمع بين اسمه وكنيته]-

.....

بين اسمه وكنيته (طح)(الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية التسمية باسم النبي صلى الله عليه وسلم واستحباب ذلك في حياته وبعد موته وإكرام من يتسمى بذلك، وعلى عدم جواز التكني بكنيته صلى الله عليه وسلم أو الجمع بين اسمه وكنيته في حياته (وقد اختلف العلماء في ذلك على مذاهب شتى) بعد اتفاق الجمهور على جواز التسمي باسمه صلى الله عليه وسلم (المذهب الأول) لا يحل التكني بأبي القاسم لأحد أصلا سواء أكان اسمه محمدا أو أحمد أو لم يكن (وإلى ذلك ذهب الإمام الشافعي والظاهرية) عملا بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي"(المذهب الثاني) أن هذا النهي محمول على الكراهة لا على التحريم فيكره التكني بأبي القاسم وإن لم يكن اسمه محمدا (وإلى ذلك ذهب) محمد بن سيرين وابن جرير وآخرون والإمام أحمد في رواية وقالوا ويتعين حمل النهي على الكراهة جمعًا بينه وبين أحاديث الأذن في ذلك (المذهب الثالث) أن هذا النهي منسوخ فإن هذا الحكم كان في أول الأمر ثم نسخ، واحتجوا بحديث عائشة المذكور آخر أحاديث الباب، وإلى ذلك ذهب جماعة من العلماء لم يسمهم الشراح (قلت) دعوى النسخ غير قوية لأمرين (أحدهما) أن حديث عائشة الذي احتجوا به متكلم فيه، وتقدم الكلام عليه في تخريجه (والثاني) على فرض صحته لا يصلح ناسخا لاحتمال أن يكون قبل النهي كما قال الحافظ (المذهب الرابع) جواز التكني بأبي القاسم لمن اسمه محمد ولغيره، ويجعل النهي عن ذلك خاصا بحياته صلى الله عليه وسلم لأجل السبب الذي ورد النهي لأجله في حديث أنس الثاني من أحاديث الباب وهو دعاء غيره بكنيته صلى الله عليه وسلم فظن أنه يدعوه (وإليه ذهب الأمام مالك) رحمه الله (قال القاضي عياض) رحمه الله، وبه قال جمهور السلف وفقهاء الأمصار وجمهور العلماء، قالوا وقد اشتهر أن جماعة تكنوا بأبي القاسم في العصر الأول وفيما بعد إلى اليوم مع كثرة فاعل ذلك وعدم الإنكار أهـ (قلت) واحتجوا أيضا بحديث محمد بن الحنفية المذكور قبل الحديث الأخير من أحاديث الباب (المذهب الخامس) لا يجوز الجمع بين الاسم والكنية ويجوز أفراد كل واحد منهما (وإلى ذلك ذهب جماعة من السلف والأمام أحمد في رواية) واحتجوا بحديث جابر المذكور في الباب بلفظ "من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي، ومن اكتنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي"(المذهب السادس) أنه ينهي عن التكنى بأبي القاسم مطلقا، وينهي عن التسمية بالقاسم لئلا يكنى أبوه بأبي القاسم، وقد غير مروان بن الحكم اسم ابنه عبد الملك حين بلغه حديث جابر الرابع من أحاديث الباب فسماه عبد الملك وكان سماه أولا القاسم وفعله بعض الأنصار أيضا، وحجتهم حديث جابر المذكور (المذهب السابع) أن التسمية بمحمد ممنوعة مطلقا سواء أكان له كنية أم لا، واحتج أصحاب هذا المذهب بحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمونهم محمدا وتلعنونهم، وتقدم في الزوائد

ص: 145

-[كلام العلماء في حكم التسمى بأسماء الأنبياء]-

(3)

باب من سماهم النبي صلى الله عليه وسلم وغير أسماءهم لمصلحة

(39)

عن علي رضي الله عنه قال لما ولد الحسن سميته حربًا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه؟ قال قلت حربًا قال بل هو حسن، فلما ولد الحسين سميته حربًا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه؟ قال قلت حربا، قال بل هو حسين، فلما ولد الثالث سميته

وكتب عمر إلى الكوفة لا تسموا أحدا باسم نبي، وأمر جماعة بالمدينة بتغيير أسماء أبنائهم محمد حتى ذكر له جماعة أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم في ذلك وسماهم به فتركهم، وقد جاءت هذه القصة في حديث عبد الرحمن بن أبي ليلي المذكور في الباب (قال القاضي عياض) رحمه الله والأشبه أن فعل عمر هذا إعظام لاسم النبي صلى الله عليه وسلم لئلا ينتهك الاسم كما سبق في الحديث تسمونهم محمدا ثم تلعنونهم أهـ. هكذا ذكره القاضي عياض بثم بدل الواو، وقد ذكرته بالواو كالأصل المنقول منه (وفي نظري) أن أعدل المذاهب المذهب الرابع، وقال ابن أبي جمرة رحمه الله الأولى الأخذ بالمذهب الأول فإنه أبرأ للذمة وأعظم للحرمة والله تعالى أعلم (فائدة) قال الحافظ ابن القيم في كتابه (تحفة الودود بأحكام المولود) اختلف في كراهة التسمي بأسماء الأنبياء على قولين (أحدهما) أنه لا يكره، وهذا قول الأكثرين وهو الصواب (والثاني) يكره، قال أبو بكر بن أبي شيبه في باب ما يكره من الأسماء حدثنا الفضل بن دكين عن أبي خلدة عن أبي العالية "تفعلون شرا من ذلك تسمون أولادكم بأسماء أنبيائكم ثم تلعنونهم" وأصرح من ذلك ما حكاه أبو القاسم السهيلي في الروض، فقال وكان من مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه كراهة التسمي بأسماء الأنبياء (قلت) وصاحب هذا القول قصد صيانة أسمائهم عن الابتذال وما يعرض له من سوء الخطاب عند الغضب وغيره، وقد قال سعيد بن المسيب أحب الأسماء إلى الله أسماء الأنبياء، وفي تاريخ ابن أبي خيثمة أن طلحة كان له عشرة من الولد كل منهم اسمه اسم نبي، وكان للزبير عشرة كلهم يسمى باسم شهيد، فقال له طلحة أنا أسميهم بأسماء الأنبياء وأنت تسميهم بأسماء الشهداء، فقال الزبير فإني أطمع أن يكون بنى شهداء ولا تطمع أن يكون بنوك أنبياء أهـ، والله أعلم

(39)

عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيي بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي - الحديث" (غريبه)(1) زاد البزار والطبراني في روايتهما عنه وكنت أحب أن أكتنى بأبي

ص: 146

-[تسمية النبي صلى الله عليه وسلم أولاد بنته فاطمة رضي الله عنها بالحسن والحسين والمحسن]-

حربًا، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه؟ قال قلت حربًا، قال بل هو محسن، ثم قال سميتهم بأسماء ولد هارون، شبر وشبير ومشبر

(40)

عن خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال كان اسم أبي في الجاهلية عزيزًا، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم عبد الرحمن

(41)

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان اسم جويرية برة فكأن

حرب (قلت) وذلك لأنه رضي الله عنه كان يحب الحرب والجهاد في سبيل الله، وقد اشتهر بالفروسية وأنه كان أشد الناس بأسا في الحرب على الكفار رضي الله عنه (1) ضبطهم صاحب القاموس هكذا شبر بفتح أوله وتشديد الباء الموحدة مفتوحة، وشبير بفتح أوله وكسر الباء الموحدة مشددة، ومشبر بضم أوله وفتح ثانيه كمحدث أولاد هارون عليه السلام، قيل وبأسمائهم سمى النبي صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين والمحسن أهـ (قلت) وضبط شارح القاموس شبير بالتصغير ثم قال وفي التكملة مثل أمير أهـ. زاد عاصم وكسكيت أهـ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار إلا أنه قال سميتهم بأسماء ولد هارون جبر وجبير ومجبر، والطبراني ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح غير هانئ بن هانئ وهو ثقة أهـ (قلت) ولعل الجيم التي جاءت بدل الشين المعجمة في الكلمات الثلاث عند البزار جاءت على لغة تبدل الجيم شينا والله أعلم، وللأمام أحمد رواية أخرى قال حدثنا زكريا بن عدى أنبأنا عبد الله ابن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن علي عن علي رضي الله عنه قال لما ولد الحسن سماه حمزة، فلما ولدا الحسين سماه بعمه جعفر، قال فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أمرت أن أغير اسم هذين، فقلت الله ورسوله أعلم، فسماهما حسنا وحسينا ورواه (عل طب. بز) بنحوه وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل مختلف فيه، وهو يخالف الحديث المذكور في المتن عن علي أيضا، ويتعذر الجمع بينهما، لأن مخرجهما واحد، وما ذكر في المتن أصح

(40)

عن خبثمة بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع حدثني يونس بن أبي إسحاق عن خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه - الحديث" (تخريجه)(طب. ش) ورجاله رجال الصحيح، وفي رواية أخرى للطبراني عن خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي ما اسمك؟ قلت عبد العزة قال بل أنت عبد الرحمن (وللبزار) ما اسمك؟ قلت عزيز قال الله العزيز

(41)

عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن عن كريب عن ابن عباس الخ (غريبه)(1) هي بنت

ص: 147

-[ذكر من غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم لمعنى في ذلك]-

النبي صلى الله عليه وسلم كره ذلك، فسماها جويرية كراهة أن يقال خرج من عند برة الحديث (1)

(42)

عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية (2) قال أنت جميلة (3)

(43)

عن أبي هريرة كان اسم زينب برة فسماها النبي صلى الله عليه وسلم زينب (4)

(44)

عن رجلٍ من جهينة قال سمعه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول يا حرام فقال يا حلال

الحارث بن أبي ضرار الخزاعية من بني المصطلق، وقعت في سي غزوة المريسيع فزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وكان اسمها برة، فسماها النبي صلى الله عليه وسلم جويرية للعلة المذكورة في الحديث، وهي إحدى أمهات المؤمنين؛ ماتت سنة خمسين على الصحيح رضي الله عنها (1) الحديث له بقية وسيأتي بتمامه في باب فضل أنواع شتى من التسبيح من كتاب الأذكار (تخريجه)(م) وغيره

(42)

عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر - الحديث" (غريبه)(2) هي بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كما صرح بذلك في رواية لمسلم عن ابن عمر أن ابنة لعمر كان يقال لها عاصية فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة، وكانت العرب تسمى بالعاص والعاصية ذهابا إلى معنى التكبر والتعظم عن الذل والانقياد والعجز، فلما جاء الإسلام نهي عنه (3) هو قريب التضاد من معنى العاصية مع أنه لا يلزم أن يكون التغيير إلى الضد، بل من القبيح إلى الحسن (تخريجه)(م. د. جه)

(43)

عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيي عن شعبة قال حدثني عطاء بن أبي ميمونة عن أبي رافع عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (4) هي بنت أم سلمة وأبي سلمة رضي الله عنهم كما جاء عند مسلم من حديث محمد بن عمرو بن عطاء قال حدثتني زينب بنت أم سلمة قالت كان اسمي برة فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب، قالت ودخلت عليه زينب بنت جحش واسمها برة فسماها زينب "ولمسلم أيضا في رواية أخرى عنه" قال سميت ابنتي برة فقال لي زينب بنت أبي سلمة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم، سميت برة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم، فقالوا بم نسميها، قال سموها زينب (قلت) وإنما كره صلى الله عليه وسلم التسمية ببرة لأن فيها تزكية للمسمى كما يستفاد ذلك من الحديث.

(44)

عن رجل من جهينة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي ابن آدم قال ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن رجل من جهينة - الحديث" (تخريجه) لم

ص: 148

-[ذكر من غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم لمصلحة تقتضيه]-

(45)

عن مسلم بن عبد الله الأزدي قال جاء عبد الله بن قرطٍ الأزدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أنت عبد الله بن قرطٍ (1)

(46)

عن ليلى امرأة بشير بن الخصاصية عن بشيرٍ قال وكان قد أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال واسمه زحم، فسماه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بشيرًا

(47)

عن ابن المسيب عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم فال لجده (2) جد سعيدٍ ما اسمك؟ قال حزن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أنت سهل، فقال لا أغير اسمًا

أقف عليه لغير الأمام أحمد. وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح

(45)

عن مسلم بن عبد الله الأزدي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن بكر بن زرعة الخولاني عن مسلم بن عبد الله الأزدي - الحديث" (غريبه)(1) هكذا بالأصل الذي نقلنا منه، وأورده الهيثمي عن مسلم بن عبد الله الأزدي أيضا قال جاء عبد الله بن قرط الأزدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما اسمك؟ قال شيطان بن قرط، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أنت عبد الله بن قرط وعزاه للأمام أحمد بهذا اللفظ وهو مستقيم المعنى، وذكر الهيثمي أيضا مثل عن عبد الله ابن قرط أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ما اسمك؟ قال شيطان بن قرط، قال أنت عبد الله ابن قرط، وعزاه للطبراني وقال رجاله ثقات أهـ ولعل الجملة الناقصة من حديث الباب سقطت من الناسخ في بعض النسخ، لأن المعنى غير مستقيم بدونها والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي باللفظ المذكور وقال رواه أحمد ورجاله ثقات

(46)

عن ليلى امرأة بشير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي ابن أبي بكير ثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط الشيباني عن أبيه عن ليلى امرأة بشير - الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح

(47)

عن ابن المسيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب - الحديث" (غريبه)(2) اسم حزن بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي، وكان من المهاجرين ومن أشراف قريش في الجابلة، وهو وابنه المسيب صحابيان (وقوله جد سعيد) يعني ابن المسيب، والحزن ما غلظ من الأرض وهو ضد السهل واستعمل في الخلق، يقال في فلان حزونة أي في خلقه غلظة وقساوة

ص: 149

-[ذكر من غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم لمعنى في ذلك]-

سمانيه أبي (1) قال ابن المسيب فما زالت فينا حزونة بعد (2)

(48)

عن عبد الله بن سلامٍ رضي الله عنه قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس اسمي عبد الله بن سلامٍ (3) فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن سلامٍ

(49)

عن عائشة رضي الله عنها قالت سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يقول لرجلٍ ما اسمك؟ فقال شهاب (4) فقال أنت هشام

(1) عند أبي داود بدل قوله "لا أغير اسما سمانيه أبي" قال لا، السهل يوطأ ويمتهن (قال الحافظ) ويجمع بأنه قال كلا من الكلامين فنقل بعض الرواة ما لم ينقله الآخر (2) لفظ أبي داود قال سعيد فظننت أنه سيصيبنا بعده حزونة (قال الداودي) في معنى قول ابن المسيب فما زالت فينا الحزونة يريد الصعوبة في أخلاقهم إلا أن سعيدا أفضى به ذلك إلى الغضب في الله، وقال غيره يشير إلى الشدة التي بقيت في أخلاقهم، فقد ذكر أهل النسب أن في ولده سوء خلق معروف فيهم لا يكاد يعدم منهم (تخريجه)(خ. د. حب) وأبو نعيم وغيرهم

(48)

عن عبد الله بن سلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله ابن محمد ثنا يحيي بن يعلي أبو محياة التميمي عن عبد الملك بن عمير حدثني ابن أخي عبد الله ابن سلام عن عبد الله بن سلام - الحديث" (غريبه) (3) جاء عند الطبراني عن عبد الله بن سلام أيضا بلفظ "قال كان اسمي في الجاهلية غيلان فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله (تخريجه)(جه. طب) وفي يحيي بن يعلي ضعف.

(49)

عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود قال أنا عمران عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة - الحديث" (غريبه)(4) الشهاب معناه الشعلة من النار. والنار يعذب بها، فكرهه النبي صلى الله عليه وسلم لذلك (تخريجه)(ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وأورده الهيثمي عن هشام بن عامر أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما اسمك؟ قال شهاب قال بل أنت هشام، وقال رواه الطبراني وفيه علي بن زيد وهو حسن الحديث وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح (زوائد الباب)(عن عتبة بن عبد السلمي) رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه رجل وله اسم لا يحب حوله، ولقد أتيناه وإنا لسبعة نفر من بني سليم أكبرنا العرباض بن سارية فبايعناه جميعًا معا (طب) ورجاله ثقات. وفي بعضهم خلاف (وعن رائطة بنت مسلم عن أبيها) قال شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا فقال ما اسمك

ص: 150

-[زوائد الباب فيمن غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم لمصلحة تقتضيه]-

.....

قلت غراب، قال أنت مسلم (طب. عل) والبزار بنحوه، ورائطة لم يضعفها أحد ولم يوثقها، وبقية رجال أبي يعلى ثقات، ورواه أيضا الحكام في المستدرك، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (وعن سعيد بن يربوع) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أينا أكبر؟ قال أنت أكبر وأخير مني وأنا أقدم، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سعيدا؛ وقال الصرم قد ذهب، يعني كان اسمه الصرم، رواه الطبراني بأسانيد والبزار باختصار ورجاله ثقات (وعن عبد الرحمن بن عون) كان اسمي عبد عمرو فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن (بز) قال الهيثمي وفيه يعقوب بن محمد الزهري وهو ضعيف (قلت) أورده الحاكم في المستدك من طريق آخر ليس فيه يعقوب المذكور؛ وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (وعن عتبة بن عبد) أنه قال أتاني أناس يزيدون أن يغيروا أسماءهم، قال فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني وأنا غلام حدث، فقال ما اسمك؟ فقلت عتلة بن عبد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أنت عتبة بن عبد، أرني سيفك فسله ثم نظر إليه فإذا هو سيف فيه دقة وضعف، فقال لا تضرب بهذا ولكن اطعن به طعنا (طب) من طرق ورجال بعضها ثقات (وعنه أيضا) أنه بايع النبي صلى الله عليه وسلم قال له ما اسمك؟ قال شيبة قال أنت عتبة بن عبد (طب) ورجاله ثقات (وعن علي بن جهم البلوي) عن أبيه قال وافينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فسألنا من نحن؟ فقلنا نحن بنو عبد مناف، قال أنتم بنو عبد الله (طب) وفيه يعقوب بن محمد الزهري وهو متروك (وعن الحكم بن سعيد ابن العاص) أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فقال له ما اسمك؟ قال الحكم قال أنت عبد الله قال أنا عبد الله يا رسول الله (طب) ورجاله ثقات إن شاء الله (وعن قيوم ويكني أبا عبيد) قال كنت مع أبي راشد الأزدي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وفد عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي راشد ما اسمك؟ قال عبد العزى أبو معاوية، قال لا ولكنك عبد الرحمن أبو راشد؛ قال فمن هذا معك قال مولاي، قال ما اسمه قال قيوم، قال لا ولكنه عبد القيوم أبو عبيد (طب) قال الهيثمي وفيه جماعة لم أعرفهم (وعن أسامة بن أخدري)"بوزن أشعري" أن رجلا من بني شقرة يقال له أصرم كان في النفر الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فأتاه بعبد له حبشى اشتراه بتلك البلاد، فقال له يا رسول الله اشتريت هذا فأحب أن تسميه وتدعو له بالبركة، قال ما اسمك أنت؟ قلت أصرم، قال أنت زرعة، قال فما تريده قال أريده راعيا قال هو عاصم وقبض النبي صلى الله عليه وسلم كفه (طب) ورجاله ثقات، قال الهيثمي رواه أبو داود باختصار قصة الغلام الحبشي (وعن مسعود بن الضحاك) أن النبي صلى الله عليه وسلم سماه مطاعا، قال له أنت مطاع في قومك، وقال له امعن إلى أصحابك وحمله على فرس أبلق وأعطاه الراية وقال من دخل تحت رايتك هذه فقد أمن العذاب (طب) قال الهيثمي وفيه جماعة لم أعرفهم (وعن

ص: 151

-[بقية الزوائد - وكلام العلماء في جواز تغيير الأسماء لمصلحة]-

.....

أبي بكر بن أبي مريم عن أبيه عن جده) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ولدت لي الليلة جارية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم والليلة أنزلت على سورة مريم، سمها مريم. فكانت تسمى مريم (طب) وفيه سليمان الخبائري وهو متروك (وعن سهل بن سعد) قال كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه أسود، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض (طس) وإسناده حسن (وعن أبي جحيفة) قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأتى بثوب من القصار وعليه مكتوب شيطان، فأمر به فنحى وقال أعوذ بالله من الشيطان (طب) مرفوعا وموقوفا ورجالهما رجال الصحيح إلا أن الطبراني صحيح الوقف على الرفع (وعن عائشة) رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بأرض يقال لها عذرة فسماها خضرة (عل. طس) ورجال أبي يعلى رجال الصحيح (وعنها) قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع اسما قبيحا غيره، فمر على قرية يقال لها عفرة فسماها خضرة، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا (وعن عصام بن بشير) حدثني أبي قال أوفدني قومي بنو الحارث بن كعب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما أتيته قال لي مرحبا ما اسمك؟ قلت كثير، قال بل أنت بشير، رواه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، قال أبو داود وغير النبي صلى الله عليه وسلم اسم العاص وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وحباب وشهاب، فسماه هشاما وسمى حربا سلما. وسمى المضطجع المنبعث. وأرضا تسمى عفرة سماها خضرة. وشعب الضلالة سماه شعب الهدى. وبنو الزينة سماهم نبي الرشدة. وسمى بني مغوية بني رشدة، قال أبو داود تركت أسما نيدها للاختصار أهـ. وغير النبي صلى الله عليه وسلم اسم المدينة وكان اسمها يثرب، فسماها طيبة كما في الصحيحين وغيرهما (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية تغيير الاسم باسم آخر لمصلحة تقتضيه، وفيها استحباب تخير الأسماء الحسنة في كل شيء (قال الحافظ ابن القيم) في تحفة الودود وتخير الأسماء من توفيق الله للعبد وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من تمنى أن يحسن أمنيته، وقال إن أحدكم لا يدري ما يكتب له من أمنيته أي ما يقدر له منها، وتكون أمنيته سبب حصول ما تمناه أو بعضها، وقد بلغك أو رأيت أخبار كثير من المتمنين أصابتهم أمانيهم أو بعضها، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت

احذر لسانك أن تقول فتبتلى

إن البلاد موكل بالمنطق

ولما نزل الحسين وأصحابه بكر بلاء سأل عن اسمها فقيل كربلاء، فقال كرب وبلاء، ولما وقفت حليمة السعدية على عبد المطلب تسأله إرضاع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها من أنت؟ قالت امرأة من بني سعد؛ قال فما اسمك؟ قالت حليمة، فقال بخ بخ سعد وحلم هاتان خلتان

ص: 152

-[الدليل على جواز تكنية الصغير]-

(4)

باب ما جاء في الكنية واللقب ومن كناهم النبي صلى الله عليه وسلم

(50)

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علينا (وفي رواية يخالطنا)(1) وكان لي أخ صغير (2)(وفي لفظٍ كان النبي صلى الله عليه وسلم يضاحكه) وكان له نغر (3) يلعب به فمات نغره الذي كان يلعب به، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم ذات يومٍ فرآه حزينًا، فقال ما شأن

فيهما غناء الدهر، قال ومن تأمل السنة وجد معاني الأسماء مرتبطة بها حتى كأن معانيها مأخوذة منها وكأن الأسماء مشتقة من معانيها، فتأمل قوله صلى الله عليه وسلم أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله، وقوله لما جاء سهيل بن عمرو يوم الصلح سهل الله أمركم، وقوله لبريدة لما سأله عن اسمه فقال بريدة؛ فقال يا أبا بكر برد أمرنا، قال ممن أنت؟ قال من أسلم، فقال لأبي بكر سلمنا، ثم قال ممن؟ قال من سهم، قال خرج سهمك، ذكره أبو عمر في استذكاره حتى أنه كان يعتبر ذلك في التأويل، قال رأيت كأنا في دار عقبة بن رافع فاتينا برطب من رطب ابن طاب فأولته العافية لنا في الدنيا والرفعة وأن ديننا قد طاب أهـ والله أعلم

(50)

عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد ثنا ثابت عن أنس - الحديث" (غريبه) (1) سبب دخول النبي صلى الله عليه وسلم بيت أنس ومخالطتهم، ذكره ابن سعد بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه حدثهم لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل بيتًا غير بيت أم سليم إلا على أزواجه، فقيل له، فقال إني أرحمها، قتل أخوها وأبوها معي أهـ أم سليم هي والدة أنس بن مالك وزوج أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنهم (قال الحافظ) والجواب عن دخول بيت أم حرام وأختها (يعني أم سليم والدة أنس) أنهما كانا في دار واحدة وكانت تغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولها قصص مشهورة أهـ. وستأتي قصصها في باب مناقبها من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى، وذكر النووي في كتاب تهذيب الأسماء واللغات أن أم سليم وأختها أم حرام كانتا خالتين للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة الرضاع، فإن صح هذا كان أولى الأسباب وأوجهها والله أعلم (2) في رواية للشيخين والأمام أحمد "فطيم" بمعنى مفطوم أي انتهى إرضاعه وهو ابن أبي طلحة أخو أنس لأمه (3) بضم النون وفتح الغين المعجمة (قال القاضي عياض) هو طائر معروف يشبه العصفور، وقيل هي فراخ العصافير، وقيل هي نوع من الحمر

ص: 153

-[جواز تكنية الصغير وملاعبته والتطلف به]-

أبي عميرٍ (1) حزينًا؟ فقالوا مات نغره الذي كان يلعب به يا رسول الله فقال أبا عميرٍ، (2) ما فعل النغير، أبا عميرٍ، ما فعل النغير

(51)

عن عمار بن ياسرٍ أنه كان مع عليٍ رضي الله عنهما في غزوة العشيرة، قال فاضطجعنا في صورٍ (3) من النخل في دقعاء من التراب فنمنا فوالله ما أهبنا (4) إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء

بضم المهملة وتشديد الميم ثم راه، قال والراجح أن النغر طائر أحمر المنقار أهـ، وهذا الذي رجحه القاضي جزم به الجوهري والله أعلم (1) بضم العين المهملة وفتح الميم كنية الصغير ابن أبي طلحة أخي أنس المتقدم ذكره، كناه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وكان اسمه عبد الله فيما جزم به الحاكم أبو أحمد، وقيل اسمه حفص كما عند ابن الجوزي في الكنايات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم (2) القائل هو النبي صلى الله عليه وسلم وأبا عمير منادى حذف منه ياء النداء، والنغير تصغير نغر بضم النون وفتح الغين المعجمة يقصد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ممازحة الغلام ومضاحكته ليصرف عنه الحزن الذي اعتراه؛ وفي ذلك من العطف والتواضع وكرم الأخلاق ما لا يخفي، وكررها النبي صلى الله عليه وسلم ليزداد انشراح الغلام (تخريجه)(ق. وغيرهما)

(51)

عن عمار بن ياسر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن بحر ثنا عيسى بن يونس ثنا محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن محمد بن خثيم المحاربي عن محمد بن كعب القرظي عن محمد بن خثيم أبي يزيد عن عمار بن ياسر قال كنت أنا وعلى رفيقين في غزوة ذات العشيرة، فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بها رأينا ناسا من نبى مدلج يعملون؟ في عين لهم في نخل، فقال لي علي يا أبا اليقظان هل لك أن نأتي هؤلاء فننظر كيف يعملون؟ فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ثم غشينا النوم، فانطلقت أنا وعلي فاضطجعنا في صور من النخل - الحديث" (غريبه)(3) بفتح الصاد المهملة وسكون الواو الجماعة من النخل ولا واحد له من لفظه. ويجمع على صيران (نه) والمراد أنهم ناموا في ظل جماعة النخل المذكورة (وقوله في دقعاء من التراب) الدقعاء بوزن الحمراء هي التراب، ومن للبيان، والمراد أن الأرض التي ناموا فيها كانت كثيرة التراب (4) أي ما أيقظنا من نومنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقال هب من نومه بتشديد الباء الموحدة إذا استيقظ منه

ص: 154

-[جواز تكنية الرجل بأكثر من كنية]-

فيومئذٍ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍ يا أبا ترابٍ (1) لما يرى عليه من التراب الحديث

(52)

عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال كناني رسول الله صلى الله

(1) ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم كناه أبا تراب من ذاك الوقت، ويعارضه ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث سهل بن سعد قال "جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد عليا فقال لها أين ابن عمك؟ قالت كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي، فقال صلى الله عليه وسلم لإنسان انظر أين هو، فجاء فقال يا رسول الله هو في المسجد راقد، فجاء صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب، فجعل صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول قم أبا تراب، وفي رواية أجلس أبا تراب مرتين؛ قال سهل وما كان له اسم أحب إليه منه، وفي رواية وإن كان ليفرح أن يدعى بها، وما سماه أبا تراب إلا النبي صلى الله عليه وسلم أهـ" وبناء علي بفاطمة رضي الله عنها كان بعد رجوعه من غزوة بدر، وغزوة بدر كانت بعد غزوة العشيرة، وقد جمع السهيلي بينهما باحتمال أن يكون كناه بها مرة في هذه الغزوة (يعني غزوة العشيرة) ومرة بعدها في المسجد حينما غاضب فاطمة، ومال الحافظ إلى هذا الجمع (فإن قيل) روي الطبراني عن ابن عباس. وابن عساكر عن جابر أنه صلى الله عليه وسلم لما آخى بين أصحابه ولم يؤاخ بين علي وبين أحد غضب، فذهب إلى المسجد فذكر نحو حديث سهل بن سعد وهو معارض له ولحديث الباب أيضا لاسيما وقد قال الحافظ يمتنع الجمع بينهما، لأن المؤاخاة كانت أول ما قدم المدينة ودخول علي على فاطمة بعد ذلك بمدة وما في الصحيح أصح (قلت) إن صح ما رواه الطبراني وابن عساكر فالجمع ممكن بمثل ما جمعوا به بين حديثي عمار وسهل بن سعد، فيكون كناه ثلاث مرات. أولها يوم المؤاخاة في المسجد. وثانيها في هذه الغزوة أي غزوة العشيرة كما في حديث الباب، وثالثها بعد غزوة بدر في المسجد لما غاضب الزهراء، وإنما يمتنع الجمع لو قال في رواية الصحيحين أنه أول يوم كناه فيه ولم يثبت ذلك والله أعلم (تخريجه) رواه ابن إسحاق في سيرته وأشار إليه ابن سعد في طبقاته وسنده جيد، والحديث له بقية عند الأمام أحمد وسيأتي إن شاء الله تعالى بتمامه في غزوة العشيرة من أبواب الغزوات في كتاب السيرة النبوية. وفي مناقب علي رضي الله عنه من كتاب مناقب الصحابة رضي الله عنهم

(2)

عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا شريك عن جابر عن أبي نضرة أو خيثمة عن أنس بن مالك رضي الله عنه الحديث"

ص: 155

-[جواز التكني بأسماء البقل والحيوان وتكنية المرأة التي لم تلد]-

عليه وعلى آله وصحبه وسلم ببقلةٍ (1) كنت أجتنيها

(53)

عن حمزة بن صهيبٍ أن صهيبا كان يكنى أبا يحيي، فقال له عمر يا صهيب مالك تكنى أبا يحيي وليس لك ولد؟ فقال صهيب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم كناني أبا يحيي

(54)

عن هشامٍ عن أبيه (21) أن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله كل نسائك لها كنية غيري، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم اكتنى أنت أم عبد الله (وفي لفظ قال فتكنى بابنك عبد الله)(3) فكان يقال لها أم عبد الله حتى ماتت ولم تلد قط

(55)

عن أبي جبيرة بن الضحاك الأنصاري عن عمومةٍ له قدم

(غريبه)(1) اسم هذه البقلة حمزة وهي بقلة في طعمها حريفية وحموضة، يقال لها بالفارسية (تره تيزك) كذا في اللمعات للدهلوي فكناه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي حمزة باسم هذه البقلة (تخريجه)(مذ) وقال هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه أهـ وصححه البغوي في المصابيح

(53)

عن حمزة بن صهيب، هذا مختصر من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وتخريجه في مناقب صهيب من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى، وقد اختصرت منه ما يناسب الترجمة، ورواه أبو يعلي والطحاوي والحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي

(54)

عن هشام عن أبيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن هشام عن أبيه - الحديث" (غريبه)(2) هو عروة بن الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر أخت عائشة رضي الله عنهم (3) يريد عبد الله بن الزبير وهو ابن أختها أسماء كناها النبي صلى الله عليه وسلم به جبرا لخاطرها لأنها لم يكن لها أولاد ولم تلد قط كما في الحديث، وما يقال من أنها سقطت سقطا فسموه عبد الله لا يعول عليه (تخريجه)(د. ك) وقال صحيح الأسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي

(55)

عن أبي جبيرة بن الضحاك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حفص بن غياث ثنا داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي جبيرة بن الضحاك - الحديث"

ص: 156

-[تعريف الاسم والكنية واللقب - وزوائد الباب وأحكامه]-

النبي صلى الله عليه وسلم وليس أحد منا إلا له لقب أو لقبان (1) قال فكان إذا دعا رجلًا بلقبه قلنا يا رسول الله إن هذا يكره هذا، قال فنزلت "ولا تنابزوا بالألقاب"

(غريبه)(1) اللقب هو أحد الأمور التي يدعى بها الإنسان وهي ثلاثة، اسم وكنية ولقب، فالاسم ما ليس كنية ولا لقبا كمحمد وإبراهيم وعبد الرحمن، والكنية ما صدرت بأب أو أم كأبي القاسم وأم عبد الله مثلا، واللقب ما أشعر بمدح أو ذم كزين العابدين وأنف الناقة مثلا، وغالب استعمال اللقب في الذم، ولهذا قال الله تعالى "ولا تنابزوا بالألقاب" أي لا يدعو بعضكم بعضا بالألقاب التي يسوء الشخص سماعها (تخريجه)(د. مذ ك) وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبي (زوائد الباب)(عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناه أباه عبد الرحمن ولم يولد له (طب) ورجاله رجال الصحيح (وعن حمزة بن عمر الأسلمي) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناه أبا صالح (طب) وفيه يعقوب بن محمد الزهري وثقه ابن حبان وضعفه جمهور الأئمة (وعن أبي الورد) قال رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني رجلا أحمر، فقال أنت أبو الورد (طب) وفيه جنادة بن المغلس وثقه ابن نمير ونسبه غير واحد إلى الكذب، أورد هذه الأحاديث الثلاثة الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا (وفي سنن أبي داود) حدثنا الربيع بن نافع عن يزيد يعني ابن المقدام بن شريح عن أببيه عن جده شريح عن أبيه هانئ أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله هو الحكم وإليه الحكم فلم تكنى أبا الحكم؟ فقال إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحسن هذا. فما لك من الولد؟ قال لي شريح ومسلم وعبد الله، قال فمن أكبرهم؟ قلت شريح، قال فأنت أبو شريح، قال أبو داود شريح هذا هو الذي كسر السلسلة وهو ممن دخل تستر، قال أبو دارد وبلغني أن شريحًا كسر باب تستر وذلك أنه دخل من سرب (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز الكنية للصغير والكبير سواء أكان له أولاد أم لم يولد له أو كان له كنية أخرى أم لا، ومثل الرجل في ذلك المرأة، ويجوز تكنية الرجل الذي له أولاد بغير أولاده، ولم يكن لأبي بكر ولد اسمه بكر ولا لعمر ابن اسمه حفص، وقد كنى بأبي حفص، ومثله أبو ذر وأبو سلمة وغير ذلك كثير، ويجوز للمرأة أن تكني باسم ولد غيرها إن لم يكن لها ولد كما كنى النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بأم عبد الله، ولا يلزم من جواز التكنية أن يكون له ولد ولا أن يتكنى باسم ذلك الولد، والكنية نوع تكبير وتفخيم للمكنى وإكرام به (قال العلماء) كانوا يكنون

ص: 157

-[ذكر ما في حديث أنس من الفوائد - وكلام العلماء في حكم صيد المدينة]-

.....

الصبي تفاؤلا بأنه سيعيش حتى يولد له وللأمن من التلقيب، لأن الغالب أن من يذكر شخصا فيعظمه أن لا يذكره باسمه الخاص به، فإذا كانت له كنية أمن من تلقيبه، ولهذا قال قائلهم بادروا أبناءكم بالكنى قبل أن تغلب عليها الألقاب، وقالوا الكنية للعرب كاللقب للعجم، ومن ثم كره للشخص أن يكنى نفسه إلا أن قصد التعريف (وفي حديث أنس الأول من أحاديث الباب) من الفوائد جواز مما زحة الصغير ومؤانسته والتلطف به (وفيه) ترك التكبر والترفع، وأنه صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس تواضعا وأعظمهم أخلاقا (وفيه) استحباب السؤال عن حال الصديق صغيرًا كان أو كبيرًا (وفيه) جواز تكنية الصغير وأن أسماء الأعلام لا يقصد معانيها، وأن إطلاقها على المسمى لا يستلزم الكذب لأن الصبي لم يكن أبًا وقد دعى أبا عمير (وفيه) جواز السجع في الكلام إذا لم يكن متكلفًا وأن ذلك لا يمتنع من النبي صلى الله عليه وسلم كما امتنع منه إنشاء الشعر (وفيه) استحباب مسح رأس الصغير للملاطفة (وفيه) دعاء الشخص بتصغير اسمه عند عدم الإيذاء (وفيه) إكرام أقارب الخادم وإظهار المحبة لهم وزيارة من تربطهم بالإنسان صلة نسب أو صداقة أو رضاع، لأن أم سليم كانت من محارم النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم، وفيه الترخيص للصبي بأمساك الطير ونحوه ليلتهي به مع المحافظة عليه وإكرامه وإطعامه وعدم تعذيبه، أما تعذيبه بأي نوع فلم يبح قط، واستدل بأمساك طير أبي عمير بعض المالكية والخطابي من الشافعية على أن صيد المدينة لا يحرم، وتعقب باحتمال أنه صيد في الحل ثم أدخل الحرم، فلذلك أبيح إمساكه، وبهذا أجاب الأمام مالك رحمه الله في المدونة، ونقله ابن المنذر عن الإمام أحمد رحمه الله والكوفيين ولا يلزم منه أن حرم المدينة لا يحرم صيده، وأجاب ابن التين بأن ذلك كان قبل تحريم صيد حرم المدينة، وعكسه بعض الحنفية فقال قصة أبي عمير تدل على نسخ الخبر الدال على تحريم صيد المدينة وكلا القولين متعقب أهـ (وفيه) جواز مواجهة من لا يميز بالخطاب إذا فهمه وكان في ذلك فائدة ولو بالتأنيس له أو لذويه كما يقال للصغير الذي لا يفهم أصلا إذا كان ظاهر الوعك كيف أنت، والمراد سؤال كافله أو حامله، وفيه غير ذلك كثير أعرضنا عن ذكره خوف الأطالة (ويستفاد من حديث عمار بن ياسر) الثاني من أحاديث الباب جواز تكنيه الشخص بأكثر من كنية، فقد ثبت في حديث عبد المطلب بن ربيعة عند مسلم والأمام أحمد من قصة طويلة أن عليا رضي الله عنه قال أنا أبو حسن، وتقدم هذا الحديث رقم 120 صحيفة 77 في باب تحريم الصدقة على بني هاشم من كتاب الزكاة في الجزء التاسع (وفيه) أعني حديث عمار جواز التلقيب بلفظ الكنية وبما يشتق من حال الشخص وأن اللقب إذا صدر من الكبير في حق الصغير تلقاه بالقبول ولو لم يكن لفظه لفظ مدح

ص: 158

-[كلام العلماء في الكنية واللقب وما يكره من ذلك]-

(5)

باب ما يحرم من الأسماء وما يكره منها

(56)

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أخنع (1) اسم عند الله يوم القيامة رجل تسمى (2) بملك الأملاك، قال عبد الله قال أبي سألت أبا عمرو الشيباني (3) عن أخنع اسمٍ عند الله، فقال أو ضع اسمٍ عند الله

فقد ثبت في حديث سهل بن سعد أن لفظ أبي تراب كان أحب أسماء علي رضي الله عنه إليه وأن من حمل ذلك على التنقيص لا يلتفت إليه وهو كما كان أهل الشام ينتقصون ابن الزبير رضي الله عنهما بزعمهم حيث يقولون له ابن ذات النطاقين فيقول * تلك شكاة ظاهر عنك عارها * (وفي قول أنس رضي الله عنه كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقلة كنت أجتنيها جواز التكني بأسماء البقل ويجوز بأسماء الحيوان كأبي هريرة (وفي حديث صهيب) جواز تكنية الرجل وإن لم يولد له وكذلك المرأة كما في حديث عائشة الذي بعده (وفي حديث أبي جبيرة ابن الضحاك) النهي عن الدعاء بالألفاب كما قال تعالى "ولا تنابزوا بالألقاب" أي لا يدعو بعضكم بعضا بما يكره (قال الحافظ ابن القيم) ولا خلاف في كراهة تلقيب الإنسان بما يكرهه، سواء كان فيه ذم أو لم يكن؛ إلا إذا عرف بذلك واشتهر كالأعمش والأشتر والأصم والأعرج، فقد أطرد استعماله على السنة أهل الحديث قديما وحديثا، وسهل فيه الإمام أحمد رحمه الله (قال أبو داود) في مسائله سمعت أحمد رحمه الله سئل عن الرجل يكون له اللقب لا يعرف إلا به ولا يكرهه. قال أليس يقال سليمان الأعرج وحميد الطويل؟ كأنه لا يرى فيه بأسا (قال أبو داود وسألت) أحمد عنه مرة أخرى فرخص فيه (قال الحافظ ابن القيم) كان أحمد يكره أن يقول الأعمش، قال الفضل يزعمون أنه كان يقول سليمان أهـ. والله أعلم

(56)

عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه)(1) أي أوضع كما فسره أبو عمرو (قال القاضي عياض) معناه أنه أشد الأسماء صغارا وبنحو ذلك فسره أبو عبيد، والخانع الذليل وخنع الرجل ذل (قال ابن بطال) وإذا كان الاسم أذل الأسماء كان من تسمى به أشد ذلا، وقد فسر الخليل أخنع بأفجر، قال الخنع الفجرو، يقال أخنع الرجل إلى المرأة إذا دعاها للفجور (2) أي سمى نفسه أو سمى بذلك فرضى به واستمر عليه (وقوله بملك الأملاك) بكسر اللام من ملك، والأملاك جمع ملك بالكسر؛ وبالفتح جمع مليك (3) قال النووي هو إسحاق بن مرار بكسر الميم على وزن قتال، وقيل مراد

ص: 159

-[ما يحرم التسمي به وما يكره]-

(57)

وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيظ رجلٍ على الله يوم القيامة وأخبثه وأغيظه (1) عليه رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله عز وجل

(58)

عن أبي الزبير عن جابرٍ رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن عشت إن شاء الله زجرت (2) أن يسمى ببركة ويسارٍ ونافعٍ

بفتحها وتشديد الراء كعمار، وقيل بفتحها وتخفيف الراء كغزال وهو أبو عمرو اللغوي النحوي المشهور، وليس بأبي عمرو الشيباني، ذاك تابعي توفى قبل ولادة أحمد أهـ (قلت) وأبو عمرو اللغوي الذي أشار إليه النووي يقال له الشيباني أيضا كما صرح به الأمام أحمد (تخريجه)(ق. د. مذ)

(57)

وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث" (غريبه) (1) هكذا وقع في مسند الأمام أحمد وجميع نسخ مسلم أيضا بتكرير أغيظ (قال القاضي عياض) ليس تكريره وجه الكلام، قال وفيه وهم من بعض الرواة بتكريرة أو تغييره، قال وقال بعض الشيوخ لعل أحدهما أغنط بالنون والطاء المهملة أي أشده عليه، والغنط شدة الكرب، قال الماوردي أغيظ هنا مصروف عن ظاهره والله سبحانه وتعالى لا يوصف بالغيظ فيتأول هنا الغيظ على الغضب أهـ (قلت) ويؤيده رواية اشتد غضب الله على من زعم أنه ملك الأملاك (طب) قال الحافظ ووقع في شرح شيخنا ابن الملقن أن في بعض الروايات "أفحش الأسماء" ولم أرها، وإنما ذكر ذلك بعض الشراح في تفسير أخنى أهـ (قلت) وقع لفظ أخنى عند البخاري من رواية شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وهو من الخنا بفتح المعجمة وتخفيف النون مقصورة، وهو الفحش في القول، ويحتمل أن يكون من قولهم أخنى عليه الدهر أي أهلكه، ومعنى قوله في حديث الباب (وأخبثه) أي أكذب الأسماء وقيل أقبح، والله سبحانه وتعالى أعلم (تخريجه) رواه مسلم بسنده ولفظه

(58)

عن أبي الزبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير - الحديث" (غريبه) (2) أي نهيت كما صرح بذلك في رواية أبي داود ولفظه "إن عشت إن شاء الله أنهى أمتي أن يسموا نافعا وأفلح وبركة" ولفظه عند مسلم "أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهي عن أن يسمى بيعلى وببركة وبأفلح وبيسار

ص: 160

-[ما يكره من الأسماء]-

قال جابر (1) لا أدري ذكر نافعًا أم لا، إنه يقال له ها هنا بركة؟ فيقال لا (2) ويقال ها هنا يسار؟ فيقال لا، قال فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم ولم يزجر عن ذلك، فأراد عمر رضي الله عنه أن يزجر عنه ثم تركه (3)

(59)

عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الكلام إلى الله تبارك وتعالى أربع، لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، لا يضرك بأيهن بدأت (4) لا تسمين غلامك يسارًا ولا رباحًا ولا نجيحًا ولا أفلح فإنك تقول أثم (5) هو فلا يكون، فيقول لا، إنما هن

وبنافع وبنحو ذلك" ثم رأيته سكت بعد عنه فلم يقل شيئا، ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينه عنه، ثم أراد عمر أن ينهي عن ذلك، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن ينهي عن ذلك نهي تحريم، ولكنه لم ينه عنه رحمة بأمته لعموم البلوى وإيقاع الحرج، وإنما قلت نهي تحريم لأنه ثبت في حديث سمرة بن جندب الآنى بعد هذا أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فيحمل النهي في حديث سمرة على التنزيه وإرادة النهي في حديث جابر على التحريم جمعا بين الحديثين والله أعلم (1) لفظ أبي داود "قال الأعمش ولا أدري ذكر نافعا أم لا" فجعل الأعمش بدل جابر والأعمش أحد رجال السند عند أبي داود، والمعنى أن أحدهما يشك هل ذكر نافع في الحديث أم لا، وقد ذكر في رواية مسلم بغير شك (2) هذه الجملة وما بعدها علة لإرادة النهي عن التسمية بهذه الأسماء، وهي قوله "إنه يقال له هاهنا بركة، فيقال لا الخ" يعني فتشمئز القلوب من ذلك ويتطير به وتدخل في باب المنطق المكروه، وتقدم في الحديث في باب من سماهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره أن يقال خرج من عند برة (3) إنما تركه عمر لأنه ثبت عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنعه على وجه التحريم (تخريجه)(م. د) ورواه ابن ماجه عن عمر بن الخطاب وأشار إليه الترمذي

(59)

عن سمرة بن جندب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى اثنا زهير عن منصور عن هلال بن يساف عن ربيع عن عميلة عن سمرة ابن جندب - الحدث" (غريبه)(4) سيأتي الكلام على هذا الذكر في كتاب الأذكار أن شاء الله تعالى (5) بفتح الثاء المثلثة ظرف مكان، ومعناه أهنا يسار؟ فيقول المخاطب لا إن لم يكن موجودا، فكره لبشاعة الجواب، وربما أوقع بعض الناس في شيء

ص: 161

-[مذاهب العلماء فيما يحرم من الأسماء]-

أربع لا تزيدن على (1)(وعنه من طريقٍ ثانٍ)(2) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمى رقيقك أربعة أسماءٍ، أفلح ويسارًا ونافعًا (3) ورباحًا

من الطيرة وهي مذمومة، وهذه هي علة الكراهة (1) هذه الجملة وهي قوله "إنما هي أربع لا تزيدن على" ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هي من كلام الراوي، ومعناه - الذي سمعته أربع كلمات، وكذا روايتهن لكم، فلا تزيدوا علي في الرواية ولا تنقلوا عني غير الأربع. وليس في ذلك منع القياس على الأربع وأن يلحق بها ما في معناها كمبارك ومفلح وخير وسرور ونعمة وما أشبه ذلك، وتقدم في رواية مسلم في شرح الحديث السابق أنه قال وبنحو ذلك (2)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معتمر بن سليمان قال سمعت الركين يحدث عن أبيه عن سمرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث" (3) لم يذكر نافعا في الطريق الأولى وذكر نجيحا، وفي هذه الطريق لم يذكر نجيحًا وذكر نافعا، وكلا الطريقين رواهما مسلم كما هنا (تخريجه)(م. د. مذ. جه)(الأحكام) استدل بحديث أبي هريرة المذكور أول الباب على تحريم التسمي بملك الأملاك لورود الوعيد الشديد، ويلتحق به ما في معناه مثل خالق الخلق وأحكم الحاكمين وسلطان السلاطين وأمير الأمراء، وقيل يلتحق به من تسمى بشيء من أسماء الله الخاصة كالرحمن والقدوس والجبار (قال الحافظ ابن القيم) قال بعض العلماء وفي معنى ذلك كراهية التسمية بقاضي القضاة وحاكم الحكام، فإن حاكم الحكام في الحقيقة هو الله، وقد كان جماعة من أهل الدين والفضل يتورعون عن إطلاق لفظ قاضي القضاة وحاكم الحكام قياسا على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك، وهذا محض القياس (قال الحافظ ابن القيم) قلت وكذلك تحريم التسمية بسيد الناس وسيد الكل كما يحرم تسييد ولد آدم، فإن هذا ليس لأحد إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحده فهو سيد ولد آدم، فلا يحل لأحد أن يطلق ذلك على غيره، قال وقال أبو محمد بن حزم اتفقوا على تحريم كل اسم معبد بغير الله، كعبد العزى وعبد هبل وعبد عمرو وعبد الكعبة وما أشبه ذلك أهـ، قال (فإن قيل) كيف يتفقون على تحريم الاسم المعبد بغير الله، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال تعس عبد الدينار. تعس عبد الدرهم. تعس عبد الخميصة تعس عبد القطيفة، وصح أنه قال أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب، ودخل عليه رجل وهو جالس فقال أيكم ابن عبد المطلب، فقالوا هذا وأشاروا إليه صلى الله عليه وسلم (فالجواب) أما قوله تعس عبد الدينار فلم يرد به الاسم، وإنما أراد به الوصف والدعاء على من تعبد قلبه

ص: 162

-[مذاهب العلماء فيما يكره من الأسماء - وحكم التسمي بأسماء الملائكة]-

.....

للدينار والدرهم فرضى بعبوديتهما عن عبودية ربه تبارك وتعالى. وأما قوله صلى الله عليه وسلم أنا ابن عبد المطلب. فهذا ليس من باب إنشاء التسمية بذلك وإنما هو من باب الأخبار بالاسم الذي عرف به المسمى دون غيره؛ والأخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، ولا وجه لتخصيص أبي محمد رحمه الله ذلك بعبد المطلب خاصة فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يسمون بنى عبد شمس وبنى عبد الدار بأسمائهم ولا ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم. فباب الأخبار أوسع من باب الأنشاء فيتجوز فيه ما لا يتجوز في الأنشاء أهـ (واستدل بحديث سمرة بن جندب) على كراهة التسمي بأفلح ويسار ونافع ورباح ونجيح ونحو ذلك (قال النووي) قال أصحابنا يكره التسمية بهذه الأسماء المذكورة في الحديث وما في معناها، ولا تختص الكراهة بها وحدها، وهي كراهة تنزيه لا تحريم. والعلة في الكراهة ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله فإنك تقول أئم هو؟ فيقول لا. فكره لبشاعة الجواب. وربما أوقع بعض الناس في شيء من الطيرة أهـ (قال القاضي عياض) وقد كره بعض العلماء التسمي بأسماء الملائكة وهو قول الحارث بن مسكين (قال وكره مالك) رحمه الله التسمي بجبريل وياسين وأباح ذلك غيره أهـ (قلت) والظاهر أن الأمام مالك رحمه الله إنما كره ذلك لحديث فيه رواه البخاري في تاريخه وفيه - وتسموا بأسماء الأنبياء ولا تسموا بأسماء الملائكة. قال رجل وباسمك؟ قال وباسمي ولا تكنوا بكنيتي (قال البيهقي - قال البخاري) في غير هذه الرواية في إسناده نظر أهـ (قلت) وروى عبد الرزاق في الجامع عن معمر قال قلت لحماد بن أبي سليمان كيف تقول في رجل تسمي بجبريل وميكائيل فقال لا بأس به أهـ (قال الحافظ ابن القيم) في تحفة الودود وقد كان صلى الله عليه وسلم يشتد عليه الاسم القبيح ويكرهه جدا من الأشخاص والأماكن والقبائل والجبال. حتى أنه مر في مسير له بين جبلين فقال ما اسمهما؟ فقيل ناضح ومخز فعدل عنهما ولم يمر بينهما، وكان صلى الله عليه وسلم شديد الاعتناء بذلك. قال وتأمل ما رواه الأمام مالك في الموطأ عن يحيي بن سعيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجل ما اسمك؟ فقال جمرة، فقال ابن من؟ فقال ابن شهاب. قال ممن؟ قال من الحرقة. قال أين مسكنك؟ قال بحرة النار. قال بأيها؟ قال بذات لظي، قال عمر أدرك أهلك فقد احترقوا، قال فكان كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال وقد استشكل هذا من ليس يفهمه، وليس بحمد الله مشكلا، فإن مسبب الأسباب جعل هذه المناسبات مقتضيات هذا الأثر، وجعل اجتماعها على هذا الوجه الخاص موجبا له وأخر اقتضاءها لأثرها إلى أن يتكلم به من ضرب الحق على لسانه ومن كان الملك ينطق على لسانه فحينئذ كمل اجتماعها وتمت فرتب عليه الأثر، ومن كان له في الباب فقه نفس انتفع به غاية الانتفاع، فإن البلاء موكل بالمنطق (قال أبو عمر) وقد

ص: 163

-[فائدة في تهنئة المولود له]-

.....

قال النبي صلى الله عليه وسلم "البلاء موكل بالقول" ومن البلاء الحاصل بالقول قول الشيخ البائس الذي عاده رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأي عليه حمى. فقال لا بأس طهور إن شاء الله، قال بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنعم إذا، وقد رأينا من هذا عبرا فينا وفي غيرنا، والذي رأيناه كقطرات في بحر أهـ (فائدة) قال النووي في الأذكار يستحب تهنئة المولود له (قال أصحابنا) ويستحب أن يهنأ بما جاء عن الحسين رضي الله عنه أنه علم إنسانًا التهنئة فقال قل بارك الله لك في الموهوب لك وشكرت الواهب وبلغ أشده ورزقت بره. ويستحب أن يرد على المهنئ فيقول بارك الله لك. وبارك عليك. وجزاك الله خيرا. أو رزقك الله مثله وأجزل لك الثواب. ونحو هذا انتهى

والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق، وهو الهادي إلى أقوم طريق،

وصلى الله على سيدنا محمد خير الأنام * وآله وصحبه أئمة الهدى ومصابيح الظلام

_________

(إلى هنا قد انتهى الجزء الثالث عشر)

_________

(من كتاب (الفتح الرباني) مع شرحه (بلوغ الأماني))

(ويليه الجزء الرابع عشر)

(وأله - كتاب الجهاد)

نسأل الله تعالى التوفيق والسداد

والهداية إلى سبيل الرشاد

آمين آمين

آمين

*

ص: 164