الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به الخليفة. وعند ذلك خرج صفرونيوس ومعه الرهبان والصلبان ووجوه النصارى، فلما انتهوا إليه، خف للقائهم، وقد حياهم بالسلام، واقتبلهم بمزيد من الاحتفاء والإكرام. وبعد أن تجاذب والبطريق أطراف الحديث، في شأن المعاهدة والتسليم، أخذ قرطاساً وكتب لهم وثيقة أمانهم كما طلبوا. وقد رفض عمر عند دخوله المدينة أن يصلي في كنيسة القيامة وصلى على مقربة منها. وعندما فرغ من صلاته قال للبطريرك: أيها الشيخ لو أنني أقمت الصلاة في كنيسة القيامة، لوضع المسلمون عليها أيديهم في حجة إقامة الصلاة فيها، وأني لآبى أن أمهد السبيل لحرمانكم منها، وأنتم بها أحق وأولى " 1.
1خليل طوطح ورفيقه: 9-23، انظر الأباء الفرنسيسكان: السير السليم من يافا إلى أورشليم القدس 1890م.
وصف المصادر الإسلامية لدخول المسلمين مدينة القدس:
أما المصادر الإسلامية فتذكر أن الخليفة كتب للبطريرك صفرونيوس عندما حضر لاستقباله على جبل الزيتون كتاباً، أمنهم فيه على دمائهم وأموالهم وكنائسهم، إلا أن يحدثوا حدثاً عاماً، شريطة أن يدفعوا الجزية 2. وقد ذكرت المراجع الإسلامية والنصرانية، نصوصاً مختلفة لهذا العهد الذي عرف بالعهدة العمرية لا مجال للتفصيل فيها. ثم دخل الخليفة يرافقه قادة المسلمين وأربعة آلاف جندي منهم، لا يحملون إلا السيوف في أغمادها خوفاً من الغدر، فزار كنيسة القيامة وصلى على مقربة منها، ثم طلب من صفرونيوس أن يدله على مسجد داود عليه السلام، الذي أسرى بالرسول صلى الله عليه وسلم إليه حيث صلى فيه وعرج به منه إلى السماء. فطاف به صفرونيوس على عدة أماكن، وعمر ينظر إليها ثم ينكرها، لمخالفتها للوصف الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم يوم سرى به، فلما وصل به صفرونيوس إلى ساحة المسجد الأقصى، وكانت مليئة بالزبل، نظر عمر يميناً وشمالاً ثم كبرّ قائلا:" هذا والله مسجد داود عليه السلام الذي وصفه لنا رسول الله" فأزال المسلمون الزبل عن المكان، فصلى فيه وقيل طلب من المسلمين ألا يصلوا فيه حتى تصيبه ثلاث مطرات 3.
1خليل طوطح ورفيقه: 9-23، انظر الأباء الفرنسيسكان: السير السليم من يافا إلى أورشليم القدس 1890م.
2 اليعقوبي: 2:46.
3 مجير الدين: 1:255.
المسجد الذي بناه الخليفة عمر بن الخطاب في ساحة المسجد الأقصى:
قال عمر بن الخطاب لكعب الأحبار: " يا أبا إسحق، أتعرف موضِع الصخرة؟ ". فقال كعب: " اذرع من الحائط الذي يلي وادي جهنم، كذا وكذا ذراعاً، ثم احفر فإنك
تجدها ". وعندما حفر عمر ومن معه ظهرت الصخرة، وقيل إن عمر رضي الله عنه عاد فسأل كعباً: " أين ترى أن نجعل المسجد؟ - أو قال القبلة-" قال كعب: " اجعله خلف الصخرة، فتجتمع القبلتان، قبلة موسى عليه السلام، وقبلة محمد صلى الله عليه وسلم". فقال له عمر - بعد أن صكه بيده في صدره -:"لقد ضاهيت اليهودية يا أبا إسحق! خير المساجد مقدمها. فنجعل قبلته صدره كما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلة مساجدنا صدورها. اذهب، إليك عني، فإنا لم نؤمر بالصخرة، وإنما أمرنا بالكعبة. وما الصخرة إلا قبلة منسوخة"1.
مكان المسجد:
قال الواقدي: لقد خط عمر مسجده إلى الجنوب الغربي من الصخرة المشرفة 2. وذكر البكري وابن حبيش والمقريزي في الخطط وجمال الدين في مثير الغرام ونقل عنه السيوطي أن عمر بنى مسجده أمام الصخرة المشرفة 3. وذكر مجير الدين أن بداخل المسجد الأقصى في صدر صدره من جهة الشرق مجمع معقود بالحجر وأشيد به محراب، ويقال لهذا المجمع جامع عمر، لأنه من بقية بناء عمر عند الفتح 4. وذكر كروزويل بأن المسجد الذي بناه عمر بن الخطاب كان مكان المسجد الأقصى اليوم، ونقل ذلك عن كلير منت غانو 5.
وصف المسجد الذي بناه الخليفة عمر بن الخطاب:
لم يشر البلاذري (ت 868 م) ، والطبري (ت 915 م) ، واليعقوبي (ت 874 م) ، وابن الفقيه (ت 03 9 م) . إلى المسجد الذي بناه الخليفة عمر بن الخطاب عندما تعرضا لفتح القدس، ووصفا الحرم القدسي في أيامه الأولى، وهذا أمر يدعو إلى الاستغراب.
وقد وصفه الواقدي فقال: " وخط عمر بن الخطاب مسجده إلى الجنوب الغربي من الصخرة وصلى وأصحابه به صلاة الجمعة. وكان البناء من الخشب، ويتسع لحوالي ثلاثة آلاف مصلي، وغادر القدس بعد أن أقام بها عشرة أيام 6.
1 الواقدي: 1:242، الطبري: 1:2409، عن رجا بن حيوة عمن شهد الفتح.
2 الواقدي: 1:242.
3 ابن البطريق: نظم الجواهر 2:170.
4 مجير الدين: 1:367.
GREWELL.L.P.11. 24
6 الواقدي: 1:242.