الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القضاء الكوني والديني
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأما القضاء فقال في الكوني: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت:12]، وقال سبحانه:{َإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة:117].
وقال في الديني: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:23]، أي أمر، وليس المراد به قدر ذلك، فإنه قد عبد غيره كما أخبر في غير موضع، كقوله تعالى:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس:18]].
وقد جاء في تفسير ابن عربي عند قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:23]، تفسير هذا بالقضاء الكوني، فيكون المعنى: أن كل من عبد شيئاً غير الله يكون عابداً لله، وهذا كفر والعياذ بالله.
ثم قال: [وقول الخليل عليه السلام لقومه: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:75 - 77].
وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:1 - 6] والآية الأخيرة تعني: البراءة التامة، وليس معنى:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:6] أن يتركوا على ما هم عليه، وإنما المعنى: إنما أنتم كفار بذلك.
ثم قال: [وهذه كلمة تقتضي براءته من دينهم، ولا تقتضي رضاه بذلك، كما قال تعالى في الآية الأخرى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} [يونس:41]، ومن ظن من الملاحدة أن هذا رضا منه بدين الكفار فهو من أكذب الناس وأكفرهم، كمن ظن أن قوله تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:23] بمعنى قدر، وأن الله سبحانه وتعالى ما قضى بشيء إلا وقع، وجعل عباد الأصنام ما عبدوا إلا الله، فإن هذا من أعظم الناس كفراً.