المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ لِلْبَيْهَقِيِّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ - القضاء والقدر - البيهقي

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ لِلْبَيْهَقِيِّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، شُكْرًا لِنِعْمَتِهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إِقْرَارًا بِرُبُوبِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى خِيرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. كِتَابُ إِثْبَاتِ الْقَدَرِ وَالْبَيَانُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ، وَأَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ - أَنَّ أَفْعَالَ الْخَلْقِ كُلُّهَا مُقَدَّرَةٌ لِلَّهِ عز وجل مَكْتُوبَةٌ لَهُ وَأَنَّ اللَّهَ عز وجل لَمْ يَزَلْ عَالِمًا بِمَا يَكُونُ وَلَا يَزَالُ عَالِمًا بِمَا كَانَ وَيَكُونُ، قَالَ اللَّهُ: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وَقَالَ: ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَقَالَ: وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ فَقَدَّرَ مَا عَلِمَ أَنَّهُ يَكُونُ، وَهُوَ أَنْ كَتَبَ مَا عَلِمَ، ثُمَّ خَلَقَ مَا كَتَبَ، فَمَضَى الْخَلْقُ عَلَى كِتَابِهِ وَتَقْدِيرِهِ وَعِلْمِهِ لَا رَادَّ لِقَضَائِهِ، وَلَا مَرَدَّ لِحُكْمِهِ وَلَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ

ص: 107

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدَّرَ الْمَقَادِيرَ كُلَّهَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] ، فَأَخْبَرَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ إِنَّمَا هُوَ بِحَسْبِ مَا قَدَّرَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ، فَجَرَى الْخَلْقُ عَلَى مَا قَدَّرَ، وَجَرَى الْقَدَرُ عَلَى مَا عَلِمَ. وَالْقَدْرُ بِتَسْكِينِ الدَّالِ هُوَ: الْفِعْلُ وَهُوَ: التَّقْدِيرُ، وَالْقَدَرُ بِتَحْرِيكِ الدَّالِ هُوَ: الْمَقْدُورُ

ص: 108

1 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، رحمه الله قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الْعُقَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ السَّهْمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " جَاءَتْ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخَاصِمُونَهُ فِي الْقَدَرِ. قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 48]

2 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ رحمه الله قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، ح.

3 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ

⦗ص: 109⦘

مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ. رَوَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ النَّيْسَابُورِيُّ رحمه الله فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبِي كُرَيْبٍ

ص: 108

4 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، ح

5 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى الزُّهْرِيُّ الْقَاضِي، بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئِ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ،. وَفِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ: عَنْ أَبِي هَانِئٍ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «قَدَّرَ اللَّهُ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ

ص: 109

6 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الْخَوَّاصُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّجِيبِيُّ، بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، وَحَدَّثَنَا فَتْحُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو هَانِئٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْمَقَادِيرِ وَأُمُورِ الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ التَّمِيمِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ

ص: 109

7 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] قَالَ: «خَلَقَ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ بِقَدَرٍ وَخَلَقَ لَهُمُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ بِقَدَرٍ فَخَيْرُ الْخَيْرِ السَّعَادَةُ وَشَرُّ الشَّرِّ الشَّقَاءُ»

ص: 110

8 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ الْحَدِيثِ، قَالَ فِيهِ: قَالُوا: إِنَّا جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ. قَالَ: «كَانَ اللَّهُ عز وجل وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ» رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ رحمه الله فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ

ص: 111

9 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:" أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، قَالَ: وَمَا أَكْتُبْ قَالَ: اكْتُبِ الْقَدَرَ فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ثُمَّ ارْتَفَعَ بُخَارُ الْمَاءِ، فَفُتِقَتْ مِنْهُ السَّمَوَاتُ قَالَ: ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ ثُمَّ بَسَطَ الْأَرْضَ عَلَى ظَهْرِهِ فَاضْطَرَبَ. . فَمَادَتِ الْأَرْضُ فَأُثْبِتَتْ بِالْجِبَالِ فَإِنَّهَا لَتَفْخَرُ عَلَيْهَا "

ص: 112

10 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ إِمْلَاءً، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ الْمَكِّيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ» قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لَمْ يُسْنِدْهُ عَنِ الْقَاسِمِ غَيْرُ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ مَكِّيٌّ يُجْمَعُ حَدِيثُهُ

ص: 112

11 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ الْهُذَلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عُلْبَةَ، عَنْ أَبِي حَفْصَةَ، قَالَ: قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ، إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْقَلَمُ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، قَالَ: رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبْ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ " يَا بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ مِنِّي»

ص: 112

12 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَبَقَ الْعِلْمُ، وَجَفَّ الْقَلَمُ، وَمَضَى الْقَضَاءُ، وَتَمَّ الْقَدَرُ» تَفَرَّدَ بِهِ حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ، وَمَعْنَاهُ مَوْجُودٌ فِي الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ

ص: 113

13 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، يَقُولُ:«إِنَّ اللَّهَ عز وجل عَلِمَ قَبْلَ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَتَبَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ، فَمَضَى الْخَلْقُ عَلَى عِلْمِهِ وَكِتَابِهِ»

ص: 113

14 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:" {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] يَقُولُ: فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا {إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] نَخْلُقُهَا ثُمَّ قَالَ: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} [الحديد: 23] مِنَ الدُّنْيَا {وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23] مِنْهَا وَفِي قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105] قَالَ: أَخْبَرَ اللَّهُ عز وجل فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ بِمَا فِي سَابِقِ عِلْمِهِ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أَنْ يُوَرِّثَ اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الْأَرْضَ وَيُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ وَهُمُ الصَّالِحُونَ "

ص: 113

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الْقَلَمَ لَمَّا جَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ كَانَ فِيمَا جَرَى {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: 122] وَإِذَا كَانَ قَدْ قَدَّرَ وَقَضَى وَكَتَبَ عَلَى آدَمَ عليه السلام قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْ شَجَرَةٍ يُنْهَى عَنْ أَكْلِهَا، لَمْ يَجِدْ آدَمُ عليه السلام بُدًّا مِنْ فِعْلِهِ، وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ، لِأَنَّ خِلَافَ مَا كَتَبَ عَلَيْهِ يُوجِبُ خِلَافَ مَا عَلِمَ مِنْهُ، وَخِلَافَ مَا أَخْبَرَ عَنْ كَوْنِهِ، وَخَبَرُ اللَّهِ تَعَالَى صِدْقٌ، وَعِلْمُهُ حَقٌّ فَمَا عَلِمَ أَنَّهُ كَائِنٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ كَائِنٍ، وَمَا أَخْبَرَ عَنْ كَوْنِهِ فَهُوَ كَائِنٌ فِي حِينِهِ، لَا خُلْفَ فِيهِ

ص: 114

15 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، ح

16 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ طَاوُسًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ مُوسَى يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ عَنْ سُفْيَانَ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِدِ وَغَيْرِهِ

ص: 114

17 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" تَحَاجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَغْوَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ وَاصْطَفَاهُ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَتِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ

ص: 115

18 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، وَأَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ذِيَابٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، قَالَا: سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عِنْدَ رَبِّهِمَا» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ فِيهِ: " قَالَ آدَمُ لِمُوسَى: وُجِدَتِ التَّوْرَاةُ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ فَهَلْ وَجَدْتَ فِيهَا {وَعَصَى آدَمُ رَبُّهُ فَغَوَى} [طه: 121] قَالَ: نَعَمْ قَالَ: أَفَتَلُومُنِي أَنْ أَعْمَلَ عَمَلًا كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ أَعْمَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِيَ "، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى

ص: 115

19 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ

⦗ص: 116⦘

، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِيَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ

ص: 115

20 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ؟ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ الْيَمَامِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " حَاجَّ مُوسَى آدَمَ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي أَخْرَجْتَ النَّاسَ مِنَ الْجَنَّةِ بِذَنْبِكَ وَأَشْقَيْتَهُمْ؟ قَالَ فَقَالَ آدَمُ: يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي أَوْ قَدَّرَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي؟ "، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ عَنْ أَيُّوبَ

ص: 116

21 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمَشٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ حُسَيْنٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " تَحَاجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَغْوَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى الْأَرْضِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ، وَاصْطَفَاكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ

⦗ص: 117⦘

كَانَ عَلَيَّ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ قَبْلِ أَنْ أُخْلَقَ؟ قَالَ: «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ

ص: 116

22 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ هُوَ ابْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" الْتَقَى آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى لِآدَمَ: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَغْوَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ آدَمُ لِمُوسَى: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَاصْطَفَاكَ لِنَفْسِهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَهَلْ وَجَدْتَهُ كَتَبَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي؟ قَالَ: نَعَمْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الصَّلْتِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ

23 -

حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، لَفْظًا، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قِرَاءَةً قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، ح

ص: 117

24 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ حَدَّثَنَا سِيرِينُ الْمُفَضَّلُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ مُوسَى لَقِيَ آدَمَ فَقَالَ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ أَشْقَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: فَقَالَ آدَمُ: أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَبِكَمْ تَجِدُ فِيمَا نَزَّلَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَنَّهُ سَيُخْرِجُنِي مِنْهَا قَبْلَ أَنْ

⦗ص: 118⦘

يُدْخِلَنِيهَا قَالَ: بِكَذَا وَكَذَا " قَالَ: «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» لَفْظُ حَدِيثِ الْجَمَاعَةِ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا قَوْلَهُ «أَبُو الْبَشَرِ» وَذَكَرَهُ الْمُقْرِئُ

ص: 117

25 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَنَاحُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَنَاحٍ الْمُحَارِبِيُّ بِالْكُوفَةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " حَاجَّ آدَمُ مُوسَى فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، ثُمَّ أَخْرَجْتَ النَّاسَ مِنَ الْجَنَّةِ، وَفَتَنْتَهُمْ وَأَغْوَيْتَهُمْ، فَنُهِيتَ عَنِ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتَ مِنْهَا، فَأَخْرَجْتَ النَّاسَ مِنْهَا؟ قَالَ: يَا مُوسَى: أَنْتَ الَّذِي كَلَّمَكَ اللَّهُ تَكْلِيمًا، وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ، تَلُومُنِي فِي شَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى "

26 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ، وَسَهْلُ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَهُوَ ابْنُ أَبِي الْحُنَيْنِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَأُرَاهُ قَدْ ذَكَرَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ وَرَوَاهُ عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ فِي آخَرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهَؤُلَاءِ عَشْرَةٌ سَمَّيْنَاهُمْ فِي آخَرِينَ لَمْ نُسَمِّهِمْ قَدْ رَوَوْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنْهُ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَرَوَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ عَنْ جَرِيرٍ وَغَيْرِهِ كُلُّهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَوَاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

ص: 118

وَذَلِكَ فِيمَا

27 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ مُوسَى عليه السلام قَالَ: يَا رَبِّ أَرِنِي أَبَانَا آدَمَ الَّذِي أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَرَاهُ آدَمَ عليه السلام فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ آدَمُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَنْتَ الَّذِي نَفَخَ اللَّهُ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَعَلَّمَكَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا

⦗ص: 119⦘

لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أنْ أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مُوسَى قَالَ: أَنْتَ مُوسَى نَبِيُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَلَّمَكَ اللَّهُ عز وجل مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ رَسُولًا مِنْ خَلْقِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا وَجَدْتَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل أَنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَبِمَ تَلُومُنِي فِي شَيْءٍ سَبَقَ مِنَ اللَّهِ عز وجل فِيهِ الْقَضَاءُ قَبْلِي «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى عليهما السلام " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ رَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ حَمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله: مَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ عَنْ تَقَدُّمِ عِلْمِ اللَّهِ بِمَا يَكُونُ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَأَكْسَابِهِمْ وَصُدُورِهَا عَنْ تَقْدِيرٍ مِنْهُ وَخَلْقٍ لَهَا، خَيْرِهَا وَشَرِّهَا، وَالْقَدَرُ اسْمٌ لِمَا صَدَرَ مُقَدَّرًا عَنْ فِعْلِ الْقَادِرِ، يُقَالُ: قَدَرْتُ الشَّيْءَ وَقَدَّرْتُ - خَفِيفَةً وَثَقِيلَةً - بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْقَضَاءُ فِي هَذَا مَعْنَاهُ الْخَلْقُ

⦗ص: 120⦘

، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} أَيْ: خَلَقَهُنَّ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَإِنَّمَا حَجَّهُ آدَمُ عليهما السلام فِي دَفْعِ اللَّوْمِ، إِذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْآدَمِيِّينَ أَنْ يَلُومَ أَحَدًا، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:«انْظُرُوا إِلَى النَّاسِ كَأَنَّكُمْ عَبِيدٌ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَيْهِمْ كَأَنَّكُمْ أَرْبَابٌ» . فَأَمَّا الْحُكْمُ الَّذِي تَنَازَعَاهُ فَهُمَا فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ، لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُسْقِطَ الْأَصْلُ الَّذِي هُوَ الْقَدَرُ، وَلَا أَنْ يُبْطِلَ الْكَسْبَ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ، وَمَنْ فَعَلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا خَرَجَ عَنِ الْقَصْدِ إِلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ مِنْ مَذْهَبِ الْقَدَرِ أَوِ الْجَبْرِ. وَفِي قَوْلِ آدَمَ أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ اسْتِقْصَارًا لِعِلْمِ مُوسَى يَقُولُ: إِذْ قَدْ جَعَلَكَ اللَّهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي أَنْتَ بِهَا مِنَ الِاصْطِفَاءِ بِالرِّسَالَاتِ وَالْكَلَامِ، كَيْفَ يَسَعُكَ أَنْ تَلُومَنِي عَلَى الْقَدَرِ الْمَقْدُورِ الَّذِي لَا مَدْفَعَ لَهُ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» وَحَقِيقَتُهُ: أَنَّهُ دَفَعَ حُجَّةَ مُوسَى الَّتِي أَلْزَمَهُ بِهَا اللَّوْمَ، وَذَلِكَ أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالْمَسْأَلَةِ وَالِاعْتِرَاضِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ مُوسَى، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ آدَمَ إِنْكَارًا لِمَا اقْتَرَفَهُ مِنَ الذَّنْبِ إِنَّمَا عَارَضَهُ بِأَمْرٍ كَانَ فِيهِ دَفْعُ اللَّوْمِ، فَكَانَ أَصَوْبُ الرَّأْيَيْنِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ آدَمُ، فَقَصَّهُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 118

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الْقَلَمَ لَمَّا جَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ كَانَ فِيمَا جَرَى مَا يَفْعَلُهُ بَنُو آدَمَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} [القمر: 53] قُلْتُ وَمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ عز وجل فَكُلُّ امْرِئٍ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، لَا يَجُوزُ وُقُوعُ الْخُلْفِ فِيهِ. قَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَنَفَسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 7]

ص: 121

28 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَا: لَقِينَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَذَكَرْنَا لَهُ الْقَدَرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ جُهَيْنَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَ نَعْمَلُ الْعَمَلَ، فِي شَيْءٍ خَلَا أَوْ مَضَى، أَوْ شَيْءٍ نَسْتَأْنِفُ الْآنَ؟ قَالَ:«فِي شَيْءٍ خَلَا وَمَضَى» فَقَالَ الرَّجُلُ وَبَعْضُ الْقَوْمِ: فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ مُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ مُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

ص: 121

29 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا

⦗ص: 122⦘

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جَاءَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيِّنْ لَنَا يَعْنِي دِينَنَا، كَأَنَّا خُلِقْنَا الْآنَ، فِيمَ الْعَمَلُ الْيَوْمَ؟ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ أَوْ شَيْءٌ نَسْتَقْبِلُ؟ قَالَ:«لَا بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ» فَقَالَ: فِيمَ الْعَمَلُ؟ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو الزُّبَيْرِ بِشَيْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ فَسَأَلْتُ يَاسِينَ الزَّيَّاتَ عَمَّا قَالَ، فَقَالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ

30 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ وَهُوَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَأَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ

ص: 121

31 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِيَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا عَنْ دِينِنَا، هَذَا كَأَنَّا خُلِقْنَا لَهُ السَّاعَةَ فِي أَيِّ شَيْءٍ نَعْمَلُ، فِي شَيْءٍ ثَبَتَتْ فِيهِ الْمَقَادِيرُ وَجَرَتْ بِهِ الْأَقْلَامُ، أَمْ فِي شَيْءٍ نَسْتَقْبِلُ فِيهِ الْعَمَلَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اعْمَلُوا فَكُلُّ عَامِلٍ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ - وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْآيَةَ -: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} [الليل: 6] ، بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: 7] ، {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} [الليل: 8] ، بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 10] "

32 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَعْسَرَ الْفَقِيهُ بِبَغْدَادَ إِمْلَاءً وَقِرَاءَةً، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ح

ص: 122

33 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أنا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ: أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ، أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ صلى الله عليه وسلم وَثَبَتَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ؟ فَقُلْتُ: بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ، قَالَ فَقَالَ: فَلَا يَكُونُ ظُلْمًا؟ قَالَ: فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ وَمَضَى عَلَيْهِمْ، قَالَ فَقَالَ: فَلَا يَكُونُ ظُلْمًا؟ قَالَ: فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا وَقُلْتُ: كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَ اللَّهُ وَمِلْكَ يَدِهِ، فَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، فَقَالَ لِي: يَرْحَمُكَ اللَّهُ إِنِّي لَمْ أُرِدْ بِمَا سَأَلْتُكَ إِلَّا لِأُجَرِّبَ عَقْلَكَ إِنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَكْدَحُونَ الْيَوْمَ، أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ، أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ بِهِ مِمَّا أَتَاهُمْ نَبِيُّهُمْ وَثَبَتَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ، فَقَالَ:«لَا بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى مِنْهُمْ» قَالَ: فَفِيمَ الْعَمَلُ إِذًا؟ قَالَ: «مَنْ كَانَ اللَّهُ خَلَقَهُ لِإِحْدَى الْمَنْزِلَتَيْنِ فَيُيَسِّرُهُ لَهَا» وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8] رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ

ص: 123

34 -

وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ فُورَكٍ رحمه الله، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدٍ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَقِيلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَجُلًا، مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ مُزَيْنَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فِيهِ أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَقُدِّرَ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ، أَوْ شَيْءٌ جِئْتَهُمْ تَتَّخِذُ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 124⦘

: «بَلْ مَا قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَقُدِّرَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَ يَعْمَلُونَ؟ قَالَ: " اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ - وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ -: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8] "

ص: 123

35 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ رحمه الله، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلَالٍ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُرَيْدٍ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَامَ شَابَّانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فِيهِ فَيَكْدَحُونَ فِيهِ فِي أَمْرٍ قَدْ جَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ وَجَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ، أَمْ أَمْرٌ يَسْتَأْنِفُونَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فِي أَمْرٍ جَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ، وَجَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ» فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ فَقَالَ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» فَقَالَا: الْآنَ نَجِدُ الْعَمَلَ

ص: 124

36 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا دُرُسْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَهُوَ يَقُولُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه، وَهُوَ يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَعْمَلُ عَلَى مَا قَدْ فُرِغَ مِنْهُ أَمْ عَلَى أَمْرٍ مُؤْتَنَفٍ؟ قَالَ: «بَلْ عَلَى أَمْرٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ» قُلْتُ: فَفِيمَ الْعَمَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ»

37 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّبِيلِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّايِغُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، يَقُولُ

⦗ص: 125⦘

: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ، يَقُولُ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَعْمَلُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ أَوْ عَلَى أَمْرٍ مُؤْتَنَفٍ؟ فَذَكَرَهُ نَحْوَهُ

ص: 124

38 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَابِرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَا نَعْمَلُ فِي أَمْرٍ مُبْتَدَعٍ أَمْ فِي أَمْرٍ فُرِغَ مِنْهُ؟ قَالَ: «فِيمَا قَدْ فُرِغَ مِنْهُ» قَالَ: فَفِيمَ نَعْمَلُ إِذًا؟ قَالَ: «اعْمَلِ ابْنَ الْخَطَّابِ، فَإِنَّ كُلًّا مَا يُسِّرَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ لِلسَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، فَإِنَّهُ يَعْمَلُ لِلشَّقَاءِ»

ص: 125

39 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّصْرِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عُتْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَا نَعْمَلُ أَشَيْءٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، أَوْ شَيْءٌ نَسْتَأْنِفُهُ؟ قَالَ:«كُلُّ امْرِئٍ مُهَيَّأٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» ثُمَّ أَقْبَلَ يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ تَصْدِيقَ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل، فَقَالَ: وَأَيْنَ يَا أَبَا حَلْبَسٍ قَالَ: أَمَا تَسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} [الحجرات: 8] . أَرَأَيْتَ يَا أَبَا سَعِيدٍ لَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ أُهْمِلُوا كَمَا يَقُولُ الْأَخَابِثُ أَيْنَ كَانُوا يَذْهَبُونَ، حَيْثُ حُبِّبَ إِلَيْهِمْ وَزُيِّنَ لَهُمْ أَوْ حَيْثُ كُرِّهَ إِلَيْهِمْ وَبُغِّضَ إِلَيْهِمْ

ص: 125

40 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ

⦗ص: 126⦘

الْقَاضِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ} [الجاثية: 29] قَالَ: «الْحَفَظَةُ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ مَا يَعْمَلُ بَنُو آدَمَ، فَإِنَّمَا يَعْمَلُ الْإِنْسَانُ عَلَى مَا اسْتَنْسَخَ الْمَلِكُ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ»

ص: 125

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ سَعَادَتُهُ وَشَقَاوَتُهُ، وَكُتِبَ مَكَانُهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ، وَأَنَّ أَهْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُيَسَّرُونَ لِأَعْمَالِهَا قَالَ اللَّهُ عز وجل:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70] وَقَالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مِنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 6]

ص: 127

41 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ بِالْكُوفَةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ، ح

42 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَكَثَ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ:«مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ» زَادَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي رِوَايَتِهِ يَعْنِي فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَلَا نَتَّكِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " لَا اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ - ثُمَّ قَرَأَ -: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل: 5] الْآيَةُ "

⦗ص: 128⦘

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرِهِ كُلِّهِمْ عَنْ وَكِيعٍ

ص: 127

43 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ح

44 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخُوَارِزْمِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ هُوَ ابْنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ عَلِمَ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ؟ قَالَ: " اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ - ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ -: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} [الليل: 6] " إِلَى آخِرِ الْآيَةِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ

ص: 128

45 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ الْحَافِظُ رحمه الله بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فِي جِنَازَةٍ، فَقَالَ:«مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا قَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ؟ قَالَ: " اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ - ثُمَّ

⦗ص: 129⦘

قَرَأَ -: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 6] " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ

46 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ» فَذَكَرَ مِثْلَهُ

ص: 128

47 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةٍ فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الْأَرْضَ فَقَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ رَجُلٍ إِلَّا قَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ فَقَالَ: " اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ الشَّقَاوَةِ - ثُمَّ قَرَأَ -: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} [الليل: 6] " الْآيَتَيْنِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ، وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشٍ

⦗ص: 130⦘

48 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الْمُسْتَمْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، ح

49 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ هُوَ ابْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ هُوَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، ح

ص: 129

50 -

وَأَخْبَرَنَا الْخَطِيبُ أَبُو الْحَسَنِ عَفِيفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَهِيدٍ الْبُوشَنْجِيُّ بِنَيْسَابُورَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يوسُفَ الْحَفِيدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا فِي جِنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فَنَكَّسَ وَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ:«مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، وَمَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلَّا قَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً» ، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِ رَبِّنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ وَفِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ السَّعَادَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، فَقَالَ:" اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ - ثُمَّ قَرَأَ -: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 6] " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَزُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ

⦗ص: 131⦘

51 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةٍ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله: الْمِخْصَرَةُ عَصًا خَفِيفَةٌ. وَالنَّفْسُ الْمَنْفُوسَةُ: هِيَ الْمَوْلُودَةُ وَهَذَا الْحَدِيثُ إِذَا تَأَمَّلْتَهُ أَصَبْتَ مِنْهُ الشِّفَاءَ فِيمَا يَتَخَالَجُكَ مِنْ أَمْرِ الْقَدَرِ، وَذَلِكَ أَنَّ السَّائِلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقَائِلَ لَهُ أَفَلَا نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ، لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا مِمَّا يَدْخُلُ فِي أَبْوَابِ الْمُطَالَبَاتِ وَالْأَسْئِلَةِ الْوَاقِعَةِ فِي بَابِ التَّجْوِيزِ وَالتَّعْدِيلِ إِلَّا وَقَدْ طَالَبَ بِهِ وَسَأَلَ عَنْهُ، فَأَعْلَمَهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْقِيَاسَ فِي هَذَا الْبَابِ مَتْرُوكٌ، وَالْمُطَالَبَةُ عَلَيْهِ سَاقِطَةٌ، وَأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُشْبِهُ الْأُمُورَ الْمَعْلُولَةَ الَّتِي عُقِلَتْ مَعَانِيهَا وَجَرَتْ مُعَامَلَاتُ الْبَشَرِ فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَيْهَا، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالْعَمَلِ لِيَكُونَ أَمَارَةً فِي الْحَالِ الْعَاجِلَةِ

⦗ص: 132⦘

لِمَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ الْآجِلَةِ، فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ كَانَ مَأْمُولًا لَهُ الْفَوْزُ، وَمَنْ تَيَسَّرَ مِنْهُ الْعَمَلُ الْخَبِيثُ، كَانَ مَخُوفًا عَلَيْهِ الْهَلَاكُ، وَهَذِهِ أَمَارَاتٌ مِنْ جِهَةِ الْعِلْمِ الظَّاهِرِ، وَلَيْسَتْ بِمُوجِبَاتٍ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل طَوَى عِلْمَ الْغَيْبِ عَنْ خَلْقِهِ، وَحَجَبَهُمْ عَنْ دَرْكِهِ، كَمَا أَخْفَى أَمْرَ السَّاعَةِ فَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَتَى أَيَّانَ قِيَامُهَا، ثُمَّ أَخْبَرَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم بِبَعْضِ أَمَارَاتِهَا وَأَشْرَاطِهَا. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونُوا وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِنَّمَا عُومِلُوا بِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ وَتَعَبَّدُوا بِهَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّعَبُّدِ لِيَتَعَلَّقَ خَوْفُهُمْ بِالْبَاطِنِ الْمُغَيَّبِ عَنْهُمْ، وَرَجَاؤُهُمْ بِالظَّاهِرِ الْبَادِي لَهُمْ، وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ مَدْرَجَتَا الْعُبُودِيَّةِ، فَيَسْتَكْمِلُوا بِذَلِكَ صِفَةَ الْإِيمَانِ وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ كُلًّا مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَأَنَّ عَمَلَهُ فِي الْعَاجِلِ دَلِيلُ مَصِيرِهِ فِي الْآجِلِ، وَبِذَلِكَ تَمَثَّلَ بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل: 5] ، الْآيَةَ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ إِنَّمَا هِيَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ مِنْ أَحْوَالِ الْعِبَادِ وَمِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ عِلْمُ اللَّهِ عز وجل فِيهِمْ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ:{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]

⦗ص: 133⦘

. وَإِذَا طَلَبْتَ لِهَذَا الشَّأْنِ نَظِيرًا يَجْمَعُ لَكَ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، فَاطْلُبْهُ فِي بَابِ أَمْرِ الرِّزْقِ الْمَقْسُومِ مَعَ الْأَمْرِ بِالْكَسْبِ، وَأَمْرِ الْأَجَلِ الْمَصْرُوفِ فِي الْعُمُرِ مَعَ الصَّالِحِ بِالطَّلَبِ، فَإِنَّكَ تَجِدُ الْمُغَيَّبَ مِنْهَا عِلَّةً مُوجِبَةً، وَالظَّاهِرَ الْبَادِيَ سَبَبًا مُخَيَّلًا، وَقَدِ اصْطَلَحَ النَّاسُ خَوَاصُّهُمْ وَعَوَامُّهُمْ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا لَا يُتْرَكُ لِلْبَاطِنِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَسَمِعْتُ الشَّرِيفَ أَبَا الْفَتْحِ نَاصِرَ بْنَ الْحُسَيْنِ الْعُمَرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْإِمَامَ أَبَا الطَّيِّبِ سَهْلَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ رحمه الله يَقُولُ: وَأَظُنُّنِي سَمِعْتُهُ مِنْهُ: أَعْمَالُنَا أَعْلَامُ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ

ص: 130

52 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ فِي آخَرِينَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَعُلِمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ: فَفِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ» ، أَوْ كَمَا قَالَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ

ص: 133

53 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، يُحَدِّثُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ: فَلِمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: «كُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَوْ لِمَا يُسِّرَ لَهُ»

⦗ص: 134⦘

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ

ص: 133

54 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رُسْتَةَ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا مِنْ نَفْسٍ إِلَّا وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ مَدْخَلَهَا وَمَخْرَجَهَا وَمَا هِيَ لَاقِيَةٌ» ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: فَفِيمَ الْعَمَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يُيَسِّرُهُ لِعَمَلِ أَهْلِهَا، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يُيَسِّرُهُ لِعَمَلِ أَهْلِهَا» ، قَالَ: فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: الْآنَ حَقَّ الْعَمَلُ

ص: 134

55 -

وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ عُمْرَتَنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ قَالَ: «لَا بَلْ لِلْأَبَدِ» ، قَالَ: حَدِّثْنَا عَنْ دِينِنَا كَأَنَّا وُلِدْنَا لَهُ أَنَعْمَلُ لِشَيْءٍ قَدْ جَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ وَجَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ أَمْ لِشَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ؟ قَالَ: «لِمَا قَدْ جَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ» قَالَ الشَّيْخُ: حَدِيثُ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ حَدِيثٌ ثَابِتٌ قَدْ مَضَى بِإِسْنَادِهِ، وَإِنَّمَا أَوْرَدْتُهُ مَعَ حَدِيثِ سَعْدٍ لِيُسْتَدَلَّ بِهِ مَعَ غَيْرِهِ عَلَى حُسْنِ اعْتِقَادِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله فِي الْأُصُولِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ مَذْهَبَ غَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْلَامِهِمْ

ص: 134

56 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ الْأَسْفَاطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حِبَّانَ التَّمَّارُ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيُّ، ح.

57 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي أَبُو قَبِيلٍ، عَنْ شُفَيٍّ الْأَصْبَحِيِّ، عَنْ

⦗ص: 135⦘

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي يَدِهِ كِتَابَانِ فَقَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا هَذَانِ الْكِتَابَانِ؟» ، قَالَ: فَقُلْنَا لَا إِلَّا أَنْ تُخْبِرَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ لِلَّذِي فِي يَمِينِهِ:«هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِأَسْمَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ، ثُمَّ أُجْمِلَ عَلَى آخِرِهِمْ لَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُمْ» ، وَقَالَ لِلْكِتَابِ الَّذِي فِي شِمَالِهِ:«هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِأَسْمَاءِ أَهْلِ النَّارِ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ، ثُمَّ أُجْمِلَ عَلَى آخِرِهِمْ لَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُمْ» ، قَالُوا: فَلِأَيِّ شَيْءٍ نَعْمَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَ هَذَا أَمْرٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ؟ قَالَ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، فَإِنَّ صَاحِبَ الْجَنَّةِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ، وَإِنَّ صَاحِبَ النَّارِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ» ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ فَقَبَضَهَا، ثُمَّ قَالَ:" فَرَغَ رَبُّكُمْ مِنَ الْعِبَادِ: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7] "

ص: 134

58 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّيُّ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، مِنْ أَصْلِهِ نَقْلًا، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو عُثْمَانَ التَّنُوخِيُّ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَةِ حُدَيْرُ بْنُ كُرَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُفَضِّلُ عَبْدَ اللَّهِ عَلَى أَبِيهِ. قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ قَابِضًا عَلَى كَفَّيْهِ وَمَعَهُ كِتَابَانِ، فَقَالَ:«هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ» ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَمِمَّا زَادَ، قَالَ:«قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرُّوا نُطَفًا فِي الْأَصْلَابِ وَقَبْلَ أَنْ يَصِيرُوا نُطَفًا فِي الْأَرْحَامِ إِذْ هُمْ فِي الطِّينَةِ مُنْجَدِلُونَ، فَلَيْسَ زَائِدٌ فِيهِمْ وَلَا نَاقِصٌ مِنْهُمْ إِجْمَالٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ:«عَدْلٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل»

ص: 135

‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ فَمَنْ عَلِمَ اللَّهُ إِيمَانَهُ وَأَمَرَ الْقَلَمَ فَجَرَى بِهِ وَكُتِبَ مِنَ السُّعَدَاءِ، أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ فَاهْتَدَى، وَمَنْ عَلِمَ اللَّهُ كُفْرَهُ وَأَمَرَ الْقَلَمَ فَجَرَى بِهِ وَكُتِبَ مِنَ الْأَشْقِيَاءِ أَخْطَأَهُ ذَلِكَ النُّورُ فَضَلَّ، قَالَ اللَّهُ عز وجل: {أَوَمَنْ

كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]، وَقَالَ:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23]

ص: 136

59 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ السُّوسِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدَ الْبَيْرُوتِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي عُمَرَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَا: سَمِعْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ فِي حَائِطٍ لَهُ بِالطَّائِفِ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا. قَالَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ يَوْمَئِذٍ شَيْءٌ اهْتَدَى، وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ، فَلِذَلِكَ أَقُولُ: جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ "

ص: 136

‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَسَحَ ظَهْرَ آدَمَ عليه السلام فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ:«خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ، وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ» وَهُمْ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَمَرَ الْقَلَمَ فَجَرَى بِسَعَادَتِهِ وَأَصَابَهُ النُّورُ الَّذِي أَلْقَاهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً

، فَقَالَ:«خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ» وَهُمْ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَأَمَرَ الْقَلَمَ فَجَرَى بِشَقَاوَتِهِ وَأَخْطَأَهُ النُّورُ الَّذِي أَلْقَاهُ عَلَيْهِمْ. قَالَ اللَّهُ عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] وَقَالَ: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: 179] الْآيَةَ

ص: 137

60 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الطَّابِرَانِيُّ بِهَا، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّايِغُ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، ح

61 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، وَأَبُو الْحَسَنِ الْعَنْزِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، أَنَّ

⦗ص: 138⦘

عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَخْبَرَهُ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] الْآيَةَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: وَسُئِلَ عَنْهَا. " خَلَقَ اللَّهُ عز وجل آدَمَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ وَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْلَمُونَ " فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ، وَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلُهُ النَّارَ» لَفْظُ حَدِيثِ رَوْحٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ

62 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، فِي كِتَابِ السُّنَنِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ جُعْثُمٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثُ مَالِكٍ أَتَمُّ

ص: 137

63 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّبَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ سِنَانٍ، صَاحِبُ الْقِرَبِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَبَضَ قَبْضَةً فَقَالَ: لِلْجَنَّةِ بِرَحْمَتِي، وَقَبَضَ قَبْضَةً فَقَالَ: لِلنَّارِ وَلَا أُبَالِي "

ص: 139

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَيْثُ أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ بَنِي آدَمَ فَقَالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: 172] إِنَّمَا قَالَ بَلَى مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ سَعَادَتُهُ وَكَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ جَرَى الْقَلَمُ بِذَلِكَ دُونَ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ شَقَاوَتُهُ وَكَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ جَرَى الْقَلَمُ بِذَلِكَ، وَقَدْ قِيلَ: أَقَرَّ جَمِيعُهُمْ بِالتَّوْحِيدِ وَقَالُوا: بَلَى طَوْعًا وَكَرْهًا، فَمَنْ كَانَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ يُصَدِّقُ بِهِ أَقَرَّ بِهِ طَوْعًا، وَمَنْ كَانَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ يُكَذِّبُ بِهِ أَقَرَّ بِهِ كَرْهًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 140

64 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى يَعْنِي السَّمَرْقَنْدِيَّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" يَقُولُ اللَّهُ عز وجل لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ كَانَ لَكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ ، فَيَقُولُ: قدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ، أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي - أَحْسِبُهُ قَالَ - وَلَا أُدْخِلُكَ النَّارَ فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ جَمِيعَهُمْ قَالُوا: بَلَى إِلَّا أَنَّ مَنْ كَانَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ يُكَذِّبُ بِهِ إِنَّمَا قَالَهُ كَرْهًا يَزْعُمُ أَنَّ قَوْلَهُ: «فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ» يُرِيدُ بِهِ فَأَبَيْتَ الْإِقْرَارَ بِالتَّوْحِيدِ طَوْعًا

ص: 140

65 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ

⦗ص: 141⦘

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ عليه السلام بِنَعْمَانَ - يَعْنِي عَرَفَةَ - فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا ثُمَّ نَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا قَالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا} [الأعراف: 173] " الْآيَةَ

ص: 140

66 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ الْغِفَارِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَاهَانَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل: " {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأعراف: 172] إِلَى قَوْلِهِ: {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 173] قَالَ: أَجْمَعُهُمْ لَهُ يَوْمَئِذٍ جَمِيعًا مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَجَعَلَهُمْ أَرْوَاحًا ثُمَّ صَوَّرَهُمْ وَاسْتَنْطَقَهُمْ فَتَكَلَّمُوا وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 173]، قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ، وَأُشْهِدُ عَلَيْكُمْ أَبَاكُمْ آدَمَ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لَمْ نَعْلَمْ، أَوْ تَقُولُوا: إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ. فَلَا تُشْرِكُوا بِي شَيْئًا، فَإِنِّي أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ رُسُلِي يُذَكِّرُونَكُمْ عَهْدِي وَمِيثَاقِي، وَأُنْزِلُ عَلَيْكُمْ كُتُبِي ، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ رَبُّنَا وَإِلَهُنَا، لَا رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ وَلَا إِلَهَ لَنَا غَيْرُكَ، وَرُفِعَ لَهُمْ أَبُوهُمْ

⦗ص: 142⦘

آدَمُ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ، فَرَأَى فِيهِمُ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ وَحَسَنَ الصُّورَةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَبِّ لَوْ سَوَّيْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُشْكَرَ، وَرَأَى فِيهِمُ الْأَنْبِيَاءَ مِثْلَ السُّرُجِ، وَخُصُّوا بِمِيثَاقٍ أَخَرَ بِالرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7] الْآيَةَ، وَهُوَ قَوْلُهُ:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} [النجم: 56] وَقَوْلُهُ: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102] وَهُوَ قَوْلُهُ: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ} كَانَ فِي عِلْمِهِ يَوْمَ أَقَرُّوا بِمَا أَقَرُّوا بِهِ مَنْ يُكَذِّبُ بِهِ وَمَنْ يُصَدِّقُ بِهِ "

ص: 141

67 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} [الأعراف: 172] الْآيَةَ قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ فَأَخَذَ مِيثَاقَهُ أَنَّهُ رَبُّهُ، وَكَتَبَ أَجَلَهُ وَرِزْقَهُ وَمَصَائِبَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ كَالذَّرِّ فَأَخَذَ مِيثَاقَهُمْ أَنَّهُ رَبُّهُمْ، وَكَتَبَ أَجَلَهُمْ وَأَرْزَاقَهُمْ وَمَصَائِبَهُمْ»

ص: 142

68 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: 172] قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ

⦗ص: 143⦘

وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ ثُمَّ أَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ صُلْبِهِ مِثْلَ الذَّرِّ فَقَالَ لَهُمْ: مَنْ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ رَبُّنَا، ثُمَّ أَعَادَهُمْ فِي صُلْبِهِ حَتَّى يُولَدُ كُلُّ مَنْ أَخَذَ مِيثَاقَهُ لَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُمْ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ "

ص: 142

69 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْخَلِيلِ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُسْهِرِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [آل عمران: 106] أَيْ: «بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَالْمِيثَاقِ بِاللَّهِ عز وجل» وَرُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا، وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ

ص: 143

‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا خَلَقَهَا لَهُمْ وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَهُمْ كُلُّ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ سَعَادَتُهُ، ثُمَّ جَرَى الْقَلَمُ بِهَا، وَأَصَابَهُ النُّورُ الَّذِي أَلْقَاهُ عَلَيْهِمْ، وَخَرَجَ فِي الْمَسْحَةِ الْأُولَى مِنْ ظَهْرِ آدَمَ، وَأَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ طَوْعًا حِينَ أَخَذَ مِنْهُمُ الْمِيثَاقَ، وَخَلَقَ النَّارَ

وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا، وَخَلَقَهَا لَهُمْ وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، وَهُمْ كُلُّ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ شَقَاوَتُهُ، ثُمَّ جَرَى الْقَلَمُ بِهَا، وَأَخْطَأَهُ النُّورُ، وَخَرَجَ فِي الْمَسْحَةِ الْأُخْرَى مِنْ ظَهْرِ آدَمَ، وَامْتَنَعَ مِنَ الْإِقْرَارِ بِالتَّوْحِيدِ أَوْ أَقَرَّ بِهِ كَرْهًا قَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: 179] وَقَالَ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفَيْنِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119]

ص: 144

70 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِصَبِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ يُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِهَذَا، لَمْ يَعْمَلْ شَرًّا وَلَمْ يَدْرِ بِهِ. قَالَ:" أَوَ غَيْرُ ذَلِكَ يَا عَائِشَةَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ الْجَنَّةَ، وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا، وَخَلَقَهَا لَهُمْ وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ " وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا، وَخَلَقَهَا لَهُمْ وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ

⦗ص: 145⦘

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ

ص: 144

71 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«هَؤُلَاءِ لِهَذِهِ، وَهَؤُلَاءِ لِهَذِهِ» قَالَ: «فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْقَدَرِ»

ص: 145

72 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي، وَهَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَلَا أُبَالِي»

ص: 145

73 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:" {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا} [الأعراف: 179] يَقُولُ: خَلَقْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا {مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: 38] وَقَوْلُهُ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119] يَقُولُ: فَرِيقَيْنِ، فَرِيقًا يُرْحَمُ وَلَا يَخْتَلِفُ، وَفَرِيقًا لَا يُرْحَمُ وَيَخْتَلِفُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105] "

ص: 145

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 15] قَالَ: " وَهُمُ الْكُفَّارُ الَّذِينَ خَلَقَهُمُ اللَّهُ لِلنَّارِ وَخَلَقَ النَّارَ لَهُمْ فَزَالَتْ عَنْهُمُ الدُّنْيَا وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الْجَنَّةُ قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ} [الحج: 11] "

ص: 145

74 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ الْحَسَنَ فَقَالَ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 119] قَالَ: " أَهْلُ رَحْمَتِهِ لَا يَخْتَلِفُونَ {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119] قَالَ: خَلَقَ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ، وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ "

ص: 146

75 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ:" {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118] قَالَ: عَلَى أَدْيَانٍ شَتَّى، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ، فَإِنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ ، يَقُولُ: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119] قَالَ: خَلَقَ خَلْقًا لِلْجَنَّةِ وَخَلْقًا لِلنَّارِ، وَفِي قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ} [الأعراف: 179] يَقُولُ: خَلَقْنَا لِجَهَنَّمَ "

ص: 146

76 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْهُذَيْلٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ:" قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ، خَلَقْتَ خَلْقًا خَلَقْتَهُمْ لِلنَّارِ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ ازْرَعْ زَرْعًا. فَزَرَعَهُ وَسَقَاهُ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى حَصَدَهُ وَدَاسَهُ. فَقَالَ: مَا فَعَلَ زَرْعُكَ يَا مُوسَى؟ قَالَ: قَدْ رَفَعْتُهُ. قَالَ: مَا تَرَكْتَ مِنْهُ؟ قَالَ: مَا لَا خَيْرَ فِيهِ. قَالَ: فَإِنِّي لَا أُدْخِلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ "

ص: 146

‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ كُلَّ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ عز وجل كَوْنُهُ سَعِيدًا، ثُمَّ جَرَى الْقَلَمُ بِسَعَادَتِهِ وَخَرَجَ فِي الْمَسْحَةِ الْأُولَى مِنْ ظَهْرِ آدَمَ، وَأَصَابَهُ النُّورُ الَّذِي أُلْقِيَ عَلَيْهِمْ، وَأَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ طَوْعًا فِي الْمِيثَاقِ الْأَوَّلِ، وَجُعِلَتِ الْجَنَّةُ لَهُ وَهُوَ فِي صُلْبِ أَبِيهِ، خُلِقَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ سَعِيدًا، وَوُلِدَ سَعِيدًا

، وَخُتِمَ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ عز وجل كَوْنُهُ شَقِيًّا، ثُمَّ جَرَى الْقَلَمُ بِشَقَاوَتِهِ، وَخَرَجَ فِي الْمَسْحَةِ الْأُخْرَى مِنْ ظَهْرِ آدَمَ، وَأَخْطَأَهُ النُّورُ الَّذِي أُلْقِيَ عَلَيْهِمْ، وَامْتَنَعَ مِنَ الْإِقْرَارِ بِالتَّوْحِيدِ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ كَرْهًا فِي الْمِيثَاقِ الْأَوَّلِ، وَجُعِلَتِ النَّارُ لَهُ وَهُوَ فِي صُلْبِ أَبِيهِ، خُلِقَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ شَقِيًّا، وَوُلِدَ شَقِيًّا، وَخُتِمَ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ. قَالَ اللَّهُ عز وجل فِي الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ عليه السلام:{وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: 81] فَأَشَارَ إِلَى كُفْرِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ طُبِعَ كَافِرًا، وَأَخْبَرَ اللَّهُ عز وجل بِأَنَّهُ يُبْدِلَهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا، وَفِي ذَلِكَ إِخْبَارٌ عَنْ خَلْقِهِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ خَيِّرًا زَكِيًّا، وَقَالَ فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ نُوحٍ عليه السلام:{وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 27]، وَقَالَ فِيمَنْ أَخْبَرَ عَنْ زَكَرِيَّا عليه السلام:{رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 38] وَقَالَ: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ

ص: 147

وُلِدَ} [مريم: 15] وَقِيلَ لِمَرْيَمَ: {لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [مريم: 19] وَقَالَ فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ عِيسَى عليه السلام: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ} [مريم: 33] وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمَا خُلِقَا فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمَا مُؤْمِنَيْنِ، وَوُلِدَا مُؤْمِنَيْنِ، وَالَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ نُوحٌ عليه السلام خُلِقَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَاجِرًا كَافِرًا

ص: 148

77 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلِّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ: اكْتُبْ رِزْقَهُ وَعَمَلَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ هُوَ أَمْ سَعِيدٌ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا "

78 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ الْعَسْكَرِيُّ، بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ الْأَعْمَشُ، ح.

79 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، ح.

⦗ص: 149⦘

80 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، فَذَكَرُوهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ.

81 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

82 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: «إِنَّ خَلْقَ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ نَفْخَ الرُّوحَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ

83 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّفَّاءُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا فِطْرٌ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

ص: 148

84 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ

⦗ص: 150⦘

يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ، أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ حَدَّثَهُ ، أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالسَّعِيدُ مِنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ قَالَ: فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ أَتَعَجَّبُ مِمَّا سَمِعْتُ مِنْهُ، حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أَبِي سُرَيْحَةَ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ الْغِفَارِيِّ، فَتَعَجَّبْتُ عِنْدَهُ فَقَالَ: مِمَّ تَضْحَكُ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ أَخَاكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ. قَالَ: وَمِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُ؟ قُلْتُ: أَيَشْقَى أَحَدٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ؟ قَالَ: فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ يَقُولُ: «إِنَّ النُّطْفَةَ تَقَعُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَتَصَوَّرُ عَلَيْهَا الْمَلَكُ» قَالَ زُهَيْرٌ: حَسِبْتُهُ قَالَ: الَّذِي يُخَلِّقُهَا" فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَجْعَلُهُ اللَّهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَسَوِيٌّ أَوْ غَيْرُ سَوِيٍّ؟ فَيَجْعَلُهُ اللَّهُ سَوِيًّا أَوْ غَيْرَ سَوِيٍّ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ، مَا أَجَلُهُ؟ مَا رِزْقُهُ مَا خُلُقُهُ؟ ثُمَّ يَجْعَلُهُ اللَّهُ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا" رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ

ص: 149

85 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ رحمه الله، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" يُوَكَّلُ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَمَا يَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً يَقُولُ: أَيْ رَبِّ مَاذَا أَشَقِيُّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل فَيُكْتُبَانِ ثُمَّ يَقُولُ أَيْ رَبِّ ، أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقُولُ اللَّهُ ، فَيُكْتُبَانِ، فَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَجَلُهُ وَرِزْقُهُ وَأَثَرُهُ، ثُمَّ يَرْفَعُ الصُّحُفَ فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ "

⦗ص: 151⦘

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ سُفْيَانَ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ وَكُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ

86 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ح

87 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، ح

88 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، ح

ص: 150

89 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ جَدِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُولُ: يَا رَبِّ نُطْفَةً، يَا رَبِّ عَلَقَةً، يَا رَبِّ مُضْغَةً، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى خَلْقَهُ قَالَ: أَيْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَمَا الرِّزْقُ؟ فَمَا الْأَجَلُ؟ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ «لَفْظُ حَدِيثِ مُسَدَّدٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ» وَكَّلَ اللَّهُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كَامِلٍ

ص: 151

90 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شُعَيْبٍ

⦗ص: 152⦘

، أَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ صُبَيْحٍ الْمُرِّيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«فَرَغَ اللَّهُ إِلَى كُلِّ عَبْدٍ مِنْ خَمْسٍ، مِنْ أَجَلِهِ وَمِنْ عَمَلِهِ وَرِزْقِهِ وَأَثَرِهِ وَمَضْجَعِهِ، لَا يَتَعَدَّاهُنَّ عَبْدٌ»

ص: 151

91 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجَرَّاحِ الْجَوْزَجَانِيُّ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ قَدِمَ لِلْحَجِّ ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا عَلَى طَبَقَاتٍ شَتَّى، فَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَى مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَى كَافِرًا وَيَمُوتُ كَافِرًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا، وَيَحْيَى مُؤْمِنًا، وَيَمُوتُ كَافِرًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَى كَافِرًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا» إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي الْخُطْبَةِ. وَقَوْلُهُ فِي الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ «يُولَدُ مُؤْمِنًا» يُرِيدُ بِإِيمَانِهِ أَحَدَ أَبَوَيْهِ ثُمَّ يَبْلُغُ عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَتْهُ الشَّقَاوَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْهِ صَارَ مُرْتَدًّا، وَقَوْلُهُ فِي الطَّبَقَةِ الرَّابِعَةِ «يُولَدُ كَافِرًا» يُرِيدُ بِكُفْرِ أَبَوَيْهِ ثُمَّ يَبْلُغُ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا أَدْرَكَتْهُ السَّعَادَةُ الَّتِي كُتِبَتْ لَهُ صَارَ مُؤْمِنًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

92 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِمَكَّةَ ح

ص: 152

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ نَظِيفٍ الْمِصْرِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَوْتِ إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ

⦗ص: 153⦘

، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَسْقَلَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الْغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ كَافِرًا، وَلَوْ عَاشَ لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ

ص: 152

94 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ} [الكهف: 80]«وَكَانَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا» وَرَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ رَفَعَهُ

ص: 153

95 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَبْصَرَ الْخَضِرُ غُلَامًا يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَتَنَاوَلَ رَأْسَهُ فَقَلَعَهُ، فَقَالَ مُوسَى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} [الكهف: 74] " الْآيَةَ

ص: 153

96 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْبَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِسْطَامٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ نَاجِيَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«خَلَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ كَافِرًا، وَخَلَقَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فِي بَطْنِ أُمِّهِ مُؤْمِنًا»

⦗ص: 154⦘

97 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ نَاجِيَةَ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ خُوطٍ، عَنْ قَتَادَةَ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. قَالَ الْعَبَّاسُ: قَالَ لِي رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ يُكَنَّى بِأَبِي إِسْحَاقَ: وَقَالَ أَبُو جُزَيٍّ: وَاللَّهِ مَا اسْتَخْرَجْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ قَتَادَةَ إِلَّا عَلَى رَغْمِ أَنْفِهِ. أَيُّوبُ بْنُ خُوطٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَهُوَ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ مُنْكَرٌ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو جُزَيٍّ نَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ

ص: 153

98 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْمَانِيِّ، عَنْ نَصْرِ بْنِ أَبِي جُزِيَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَلَقَ اللَّهُ يَحْيَى فِي بَطْنِ أُمِّهِ مُؤْمِنًا، وَخَلَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ كَافِرًا» قَالَ الشَّيْخُ: نَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ ضَعِيفٌ ، وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ قَتَادَةَ، وَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ

ص: 154

99 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ الْحَبَطِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُولَدُ الْعَبْدُ مُؤْمِنًا، وَيَحْيَى مُؤْمِنًا، وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا، مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، وَيُولَدُ الْعَبْدُ كَافِرًا وَيَحْيَى كَافِرًا، وَيَمُوتُ كَافِرًا، مِنْهُمْ فِرْعَوْنُ»

100 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا شَاذُّ بْنُ فَيَّاضٍ أَبُو عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ نَاجِيَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ. قَالَ الشَّيْخُ: كَذَا قَالَ بِمِثْلِهِ، أَحَالَهُ عَلَى حَدِيثِ أَبِي أُمَيَّةَ أَيُّوبَ بْنِ خُوطٍ

⦗ص: 155⦘

101 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الدَّقِيقِيُّ، حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ، ح

ص: 154

102 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْحَرْبِيُّ، وَمُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرْبِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا شَاذُّ بْنُ فَيَّاضٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ نَاجِيَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْعَبْدُ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَعِيشُ مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا، وَالْعَبْدُ يُولَدُ كَافِرًا وَيَعِيشُ كَافِرًا وَيَمُوتُ كَافِرًا، وَالْعَبْدُ يَعْمَلُ الْبُرْهَةَ مِنْ دَهْرِهِ بِالشَّقَاوَةِ، ثُمَّ يُدْرِكُهُ مَا كُتِبَ لَهُ فَيَمُوتُ مُؤْمِنًا، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ بِالسَّعَادَةِ، ثُمَّ يُدْرِكُهُ مَا كُتِبَ لَهُ فَيَمُوتُ كَافِرًا» قَالَ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَعُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَيْضًا لَيْسَ بِالْقَوِيِّ

ص: 155

103 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْغَلَّابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو وَهْبٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ، عَنْ نَاجِيَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَلَقَ اللَّهُ عز وجل يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فِي بَطْنِ أُمِّهِ مُؤْمِنًا، وَخَلَقَ فِرْعَوْنَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ كَافِرًا»

104 -

قَالَ أَبُو وَهْبٍ: وَحَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ

⦗ص: 156⦘

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو وَهْبٍ: هَذَا ضَعِيفٌ وَفِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل أَبْيَنُ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ خَلَقَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فِي بَطْنِ أُمِّهِ مُؤْمِنًا وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ، وَفِي جُمْلَةِ الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ بَعْدَهُ دَلَالَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى أَنَّ فِرْعَوْنَ خُلِقَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ كَافِرًا، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا

105 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَاضِي. وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ مِنْ أَصْلِهِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَيْمُونِيُّ، بِالرَّقَّةِ ح

106 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرَوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ح

ص: 155

107 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْخَيْرِ جَامِعُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَكِيلُ، حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُحَمَّدْأَبَاذِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «السَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ» لَفْظُ حَدِيثِ الْمَيْمُونِيِّ وَفِي رِوَايَةِ الصَّغَانِيِّ وَالدَّارِمِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَزَادَ فِيهِ: «الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ»

108 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَهُ

ص: 156

109 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ، وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي، جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ قَالَ: غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي وَجَعِهِ غَشْيَةً ظَنُّوا أَنَّهَا قَدْ فَاضَتْ نَفْسُهُ فِيهَا وَجَلَّلُوهُ ثَوْبًا، وَخَرَجَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ تَسْتَعِينُ بِمَا أُمِرَتْ أَنْ تَسْتَعِينَ بِهِ مِنَ الصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ، فَلَبِثُوا سَاعَةً وَهُوَ فِي غَشْيَتِهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَكَانَ أَوَّلُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ كَبَّرَ فَكَبَّرَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَمَنْ يَلِيهِمْ، ثُمَّ قَالَ:«غُشِيَ عَلَيَّ آنِفًا؟» قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: " صَدَقْتُمْ، فَإِنَّهُ انْطَلَقَ بِي فِي غَشْيَتِي رَجُلَانِ، أَجِدُ فِيهِمَا شِدَّةً وَفَظَاظَةً وَغِلَظًا، فَقَالَا: انْطَلِقْ نُحَاكِمُكَ إِلَى الْعَزِيزِ الْأَمِينِ، فَانْطَلَقَا بِي حَتَّى لَقِيَا رَجُلًا فَقَالَ: أَيْنَ تَذْهَبَانِ بِهَذَا؟ قَالَا: نُحَاكِمُهُ إِلَى الْعَزِيزِ الْأَمِينِ. قَالَ: ارْجِعَا فَإِنَّهُ مِنَ الَّذِينَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُمُ السَّعَادَةَ وَالْمَغْفِرَةَ، وَهُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَأَنَّهُ سَيُمْتِعُ بِهِ بَنُوهُ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ فَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهْرًا ثُمَّ تُوُفِّيَ "

ص: 157

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ مَنْ كُتِبَ سَعِيدًا خُتِمَ لَهُ بِالسَّعَادَةِ وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ، وَمَنْ كُتِبَ شَقِيًّا خُتِمَ لَهُ بِالشَّقَاوَةِ وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ قَالَ اللَّهُ عز وجل:{لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]، وَقَالَ:{وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ} [الزمر: 37] وَقَالَ: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الرعد: 33]

ص: 158

110 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ح

111 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّصْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَجُلًا، كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ عَنَاءً عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، حَتَّى جُرِحَ فَاسْتَعْجَلَ إِلَى الْمَوْتِ، فَجَعَلَ ذُبَابَةَ سَيْفِهِ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي كَانَ مَعَهُ مُسْرِعًا

⦗ص: 159⦘

فَقَالَ لَهُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَمَا ذَاكَ» قَالَ: قُلْتَ فُلَانٌ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا، فَكَانَ مِنْ أَعْظَمِنَا عَنَاءً عَنِ الْمُسْلِمِينَ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا جُرِحَ اسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ:«إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ وَقَتْلُهُ نَفْسُهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَنِ اسْتِحْلَالٍ، فَاسْتَحَقَّ النَّارَ بِاسْتِحْلَالِهِ إِيَّاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 158

112 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحَارِثِيُّ، سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ قَالَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ الْمَلَكَ فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ قَالَ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٍّ أَوْ سَعِيدٍ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ قَالَ: فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ النَّارِ فَيَكُونُ مِنْ أَهْلِهَا. وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ الْجَنَّةِ فَيَكُونُ مِنْ أَهْلِهَا ".

⦗ص: 160⦘

113 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، وَحَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْبَغْدَادِيُّ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ الْمُسَيِّبِ الضَّبِّيُّ بِأَصْبَهَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ يَعْنِي شُجَاعَ بْنَ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ يَعْنِي الْأَعْمَشَ، - فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ كَمَا مَضَى

ص: 159

114 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يوسُفَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الْعَمَلَ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ

ص: 160

115 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بُرْهَانَ الْغَزَّالُ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ بِبَغْدَادَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ مِنْ عُمُرِهِ أَوْ كُلِّهِ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ مِنْ عُمُرِهِ أَوْ أَكْثَرِهِ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ»

ص: 160

116 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ يَعْنِي ابْنَ

⦗ص: 161⦘

مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ فِي الْكِتَابِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَإِذَا كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ تَحَوَّلَ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَمَاتَ، فَدَخَلَ النَّارَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ فِي الْكِتَابِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ تَحَوَّلَ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَدَخَلَ الْجَنَّةَ»

ص: 160

117 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمَشٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُحَمَّدُأَبَاذِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا عَلَيْكُمْ لَا تَعْجَبُوا بِأَحَدٍ حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَا خُتِمَ لَهُ، فَإِنَّ الْعَامِلَ يَعْمَلُ زَمَانًا مِنْ عُمُرِهِ أَوْ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ صَالِحٍ لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا سَيِّئًا، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ قَبْلَ مَوْتِهِ زَمَانًا مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ سَيِّئٍ حَتَّى لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ النَّارَ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ؟ قَالَ:«يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ»

ص: 161

118 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ أَبُو حَفْصٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، ح

119 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَصْرِيُّ بِالرَّمْلَةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعُرْسَ بْنَ عُمَيْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ

⦗ص: 162⦘

اللَّهِ صَلِّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الْعَبْدَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُرْهَةَ مِنْ دَهْرِهِ، فَتُعْرَضُ لَهُ الْجَادَّةُ مِنْ جَوَادِّ النَّارِ، فَيَعْمَلُ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ عَلَيْهَا وَذَلِكَ مَا كُتِبَ لَهُ. وَإِنَّ الْعَبْدَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ الْبُرْهَةَ مِنْ دَهْرِهِ، فَتُعْرَضُ لَهُ الْجَادَّةُ مِنْ جَوَادِّ الْجَنَّةِ، فَيَعْمَلُ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ عَلَيْهَا وَذَلِكَ لِمَا كُتِبَ لَهُ» لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ بِشْرَانَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَظُنُّهُ تَصْحِيفًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّمْلِيُّ قَوْلَهُ:«مِنْ عِبَادِ اللَّهِ» وَقَالَ: «ثُمَّ يُعْرَضُ» فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا

ص: 161

120 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ نَظِيفٍ الْفَرَّاءُ الْمِصْرِيُّ بِمَكَّةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّمْعِيُّ الْبَغْدَادِيُّ إِمْلَاءً بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ شُفَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «هَذَا كِتَابٌ كَتَبَهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِيهِ تَسْمِيَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَتَسْمِيَةُ آبَائِهِمْ، ثُمَّ أُجْمِلَ عَلَى آخِرِهِمْ فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يَنْقُصُ، وَهَذَا كِتَابٌ كَتَبَهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِيهِ تَسْمِيَةُ أَهْلِ النَّارِ وَتَسْمِيَةُ آبَائِهِمْ، ثُمَّ أُجْمِلَ عَلَى آخِرِهِمْ فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يَنْقُصُ» فَقَالُوا فَفِيمَ الْعَمَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِنَّ عَامِلَ الْجَنَّةِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ، وَإِنَّ عَامِلَ النَّارِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ النَّارِ وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ فَرَغَ اللَّهُ عز وجل مِنْ خَلْقِهِ» ثُمَّ قَالَ: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7]

ص: 162

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الْعَبْدَ يُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29]، {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: 30]

ص: 163

121 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كُنَاسَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن: 2]، فَقَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ

ص: 163

122 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْحُنَيْنِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ مَاتَ عَلَى مَرْتَبَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ بُعِثَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

ص: 163

123 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29]، {فَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: 30] ، قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ عز وجل بَدَأَ خَلْقَ ابْنِ آدَمَ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا كَمَا قَالَ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن: 2] ، ثُمَّ يُعِيدُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا "

ص: 164

124 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَمَّنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، ذَكَرَ الْقَدَرِيَّةَ، فَقَالَ:" قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عز وجل {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: 29] "

ص: 164

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ أَفْعَالَ الْخَلْقِ مَكْتُوبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى مَقْدُورَةٌ لَهُ فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ عز وجل خَلْقٌ، وَمِمَّنْ بَاشَرَهَا كَسْبٌ قَالَ اللَّهُ عز وجل:{اللَّهُ خَالِقُ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد: 16] وَقَالَ: {خَالِقُ كُلَّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الأنعام: 102] وَقَالَ: {بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} . فَامْتُدِحَ بِالْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا فَكَمَا لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ عِلْمِهِ لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ خَلْقِهِ وَقَالَ: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] وَقَالَ: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2] وَقَالَ: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [غافر: 62] وَقَالَ: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 164] وَقَالَ: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [المؤمنون: 88] وَقَالَ: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . فَامْتُدِحَ بِالْخَلْقِ وَالرُّبُوبِيَّةِ وَالْقُدْرَةِ، فَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ قُدْرَتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَخَلْقِهِ، وَلَا يَدْخُلُ فِيمَا خَلَقَ كَلَامُهُ وَسَائِرُ صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ، كَمَا لَا يَدْخُلُ فِيهِ ذَاتُهُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُ غَيْرِهِ. وَلَا نَقُولُ فِي صِفَاتِهِ إِنَّهَا غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَخْلُقُ بِكَلَامِهِ فَلَا يَكُونُ كَلَامُهُ مَخْلُوقًا، وَلَأَنَا رَأَيْنَا مَنْ قَالَ: أَنَا بَنَيْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَدِينَةِ. لَمْ يَدْخُلِ الْبَانِي وَلَا كَلَامُهُ فِي الْبِنَاءِ ثُمَّ خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ عُمُومِ آيَةٍ لِحُجَّةٍ، وَلَا يُوجِبُ خُرُوجَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ

ص: 165

وَجَلَّ {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا} وَأَفْعَالُ الْخَلْقِ بَيْنَهُمَا فَتَنَاوُلِهَا صِفَةُ الْخَلْقِ. وَقَالَ: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] يَعْنِي خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ أَعْمَالَكُمُ الَّتِي هِيَ أَكْسَابُكُمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى الْمَعْمُولِ فِيهِ كَمَا حَمَلَ فِي قَوْلِهِ:{تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} [الأعراف: 117] عَلَى الْمَأْفُوكِ فِيهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةَ إِضْمَارٍ لَمْ تَثْبُتْ بِحُجَّةٍ، وَثُبُوتُهَا فِي آيَةٍ أُخْرَى بِحُجَّةٍ، لَا يُوجِبُ ثُبُوتَهَا فِي غَيْرِهَا بِغَيْرِ حُجَّةٍ. وَقَالَ:{وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 13] يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ أَسْرَارَكُمْ بِقَوْلِكُمْ وَجَهْرِكُمْ بِهِ وَمَا تُكِنُّهُ صُدُورُكُمْ وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَا يَكْسِبُهُ الْإِنْسَانُ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ عز وجل وَقَالَ: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [النجم: 43] . كَمَا قَالَ: {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} [النجم: 44] وَقَالَ: {وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ} [سبأ: 18] كَمَا قَالَ: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} [فصلت: 10] وَقَالَ: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا} [الأنعام: 110] وَقَالَ: {وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 18] وَقَالَ: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 64] وَقَالَ: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} [النحل: 15] وَقَالَ: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [الأنفال: 63] كَمَا قَالَ: {ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} [النور: 43] وَقَالَ: {الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ} [النحل: 79] كَمَا قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} وَقَالَ: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء: 73]، {وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ} [الأنبياء: 72] وَقَالَ

ص: 166

فِي غَيْرِهِمْ: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص: 41] كَمَا قَالَ: {جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفرقان: 62] وَقَالَ: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21] كَمَا قَالَ: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً} [الأحقاف: 26] وَقَالَ: {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} [المائدة: 13] كَمَا قَالَ: {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: 2] فَكَمَا أَنَّ الْإِحْيَاءَ، وَالْإِمَاتَةَ، وَالْإِقْوَاتَ، وَالتَّقْلِيبَ فِي الْكَهْفِ وَإِلْقَاءَ الرَّوَاسِي وَتَأْلِيفَ السَّحَابِ، وَإِمْسَاكَ السَّمَاءِ، وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَالسَّمْعَ وَالْبَصَرَ، مُقَدَّرَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى مُكَوَّنَةٌ لَهُ، فَكَذَلِكَ الْإِضْحَاكُ وَالْإِبْكَاءُ، وَالتَّسْيِيرُ، وَتَقْلِيبُ الْأَفْئِدَةِ، وَإِلْقَاءُ الْعَدَاوَةِ ، وَالتَّأْلِيفُ بَيْنَ الْقُلُوبِ ، وَإِمْسَاكُ الطَّيْرِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ ، وَالرَّأْفَةُ وَالرَّحْمَةُ. وَقَسَاوَةُ الْقَلْبِ مُقَدَّرَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى، مُكَوَّنَةٌ لَهُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتُدِحَ بِالْقَوْلَيْنِ وَأَخْرَجَهُمَا جَمِيعًا مَخْرَجًا وَاحِدًا وَقَالَ:{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} [الزخرف: 12] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَ الْفُلْكَ كَمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَنْعَامَ وَقَالَ: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} [النحل: 81] فَامْتُدِحَ بِفِعْلِهِ وَامْتَنَّ عَلَيْنَا بِهِ وَقَالَ: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا} [النحل: 80] إِلَى قَوْلِهِ: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] . فَأَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَهَا سَكَنًا وَبُيُوتًا وَأَثَاثًا وَمَتَاعًا، وشَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى بِمَا سَمَّاهُ بِهِ إِلَّا بَعْدَ اقْتِرَانِ الْكَسْبِ بِهِ، وَقَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ ذَلِكَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ خَلْقٌ، وَمِنْ عَبِيدِهِ كَسْبٌ، وَقَالَ:{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: 22] وَقَالَ: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 251] وَقَالَ: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النحل: 78] وَقَالَ: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا

ص: 167

بِاللَّهِ} [النحل: 127] وَقَالَ: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} [البقرة: 250] وَقَالَ: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [آل عمران: 151] وَقَالَ: {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ} [الأحزاب: 26] وَقَالَ: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبُهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} [التوبة: 14] وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ مَعَ مَا يُشْبِهُهُ مِنَ الْآيَاتِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ صَادِرَةٌ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى خَلْقًا وَمِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ كَسْبًا وَقَالَ {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} [الأنفال: 17] وَقَالَ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] وَقَالَ: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 64] فَسَلَبَ عَنْهُمْ فِعْلَ الْقَتْلِ وَالرَّمْيِ وَالزَّرْعِ مَعَ مُبَاشَرَتِهِمْ إِيَّاهُ، وَأَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ لِيَدُلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى الْمُؤَثِّرَ فِي الْوُجُودِ بَعْدَ الْعَدَمِ هُوَ إِيجَادُهُ وَاخْتِرَاعُهُ، وَخَلْقُهُ وَتَقْدِيرُهُ، وَإِنَّمَا وَجَدَ مِنْ عِبَادِهِ مُبَاشَرَةَ تِلْكَ الْأَفْعَالِ بِقُدْرَةٍ حَادِثَةٍ أَحْدَثَهَا خَالِقُهُ عَلَى مَا أَرَادَ، فَهُوَ مِنَ اللَّهِ سبحانه وتعالى خَلْقٌ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي اخْتَرَعَهُ بِقُدْرَتِهِ الْقَدِيمَةِ، وَهُوَ مِنْ عِبَادِهِ كَسْبٌ عَلَى مَعْنَى تَعَلُّقِ قُدْرَةٍ حَادِثَةٍ بِمُبَاشَرَتِهِمُ الَّتِي هِيَ أَكْسَابُهُمْ

ص: 168

125 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنَادِي، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ:" {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} [الصافات: 95] قَالَ: الْأَصْنَامُ {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] قَالَ: وَخَلَقَكُمْ وَخَلَقَ مَا تَعْمَلُونَ بِأَيْدِيكُمْ "

ص: 169

126 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهِدُ، رحمه الله، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ رحمه الله عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْشَادٍ الْمُطَّوِّعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَضَوَّرَ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ»

127 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي الْأَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، وَالْحَجَّاجُ الْأَزْرَقُ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، ح

ص: 169

128 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يوسُفَ بْنِ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ كُلِّهَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ

129 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، ح

ص: 169

130 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَعُلِمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَفِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» . وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ يَزِيدَ وَفِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ بَيَانُ وُقُوعِ أَعْمَالُ الْعَامِلِينَ بِتَيْسِيرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقْدِيرِهِ وَفِي ذَلِكَ بَيَانُ وُقُوعِهَا مُقَدَّرَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى مُكَوَّنَةٌ لَهُ

131 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ ح

132 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، ح

ص: 170

133 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ السِّيرَافِيُّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ»

⦗ص: 171⦘

وَفِي رِوَايَةِ فُضَيْلٍ وَمَرْوَانَ «إِنَّ اللَّهَ يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ»

ص: 170

134 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْمُطَّوِّعِيُّ بِبُخَارَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: «أَفْعَالُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ» .

ص: 171

فَقَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ»

ص: 171

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: " مَا زِلْتُ أَسْمَعُ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ: أَفْعَالُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَتَلَا بَعْضُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96]

ص: 171

135 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ إِمْلَاءً، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ح

136 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ قَالَ: قُرِئَ عَلَى يَحْيَى بْنِ حَفْصِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي فَقَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سُرَيْجِ بْنِ يُونُسَ، وَغَيْرُهُ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ عز وجل فِي كِتَابِهِ الْمَشْيَ فِي الْأَرْضِ

⦗ص: 172⦘

مَرَحًا مَكْرُوهًا وَسَمَّى الْإِيمَانَ نُورًا، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ خَلْقِهِمَا مَعًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: 1] ثُمَّ سَمَّى الْكُفْرَ ظُلْمَةً وَالْإِيمَانَ نُورًا بِقَوْلِهِ {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]

ص: 171

137 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَأَنْزَلَ فِي الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلَائِقُ حَتَّى تَرْفَعُ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى

ص: 172

138 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ هُوَ ابْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ كُلَّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رَحْمَتِهِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الرَّحْمَةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ

ص: 172

139 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ كُلَّ رَحْمَةٍ طِبَاقُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَجَعَلَ مِنْهَا رَحْمَةً فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا، وَالْوَحْشُ وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ

ص: 173

140 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، رحمه الله أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ الشَّرْقِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَزْوٍ فَأَوْفَى عَلَى فَدْفَدٍ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ:«تَائِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، عَابِدُونَ حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

ص: 173

141 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ»

⦗ص: 174⦘

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ

ص: 173

142 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ أَبِي قِمَاشٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ عَائِشَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بِشَيْءٍ، فَقُلْنَا لَهُ ، فَقَالَ:" أَقُولُ: اللَّهُمَّ بِكَ أُقَاتِلُ، وَبِكَ أُحَاوِلُ، وَبِكَ أُصَاوِلُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ "

ص: 174

143 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرٍ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدِهِ» فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ يَرْجُوا أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ مَكَانَهُ حَتَّى لَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ شَيْءٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ:«عَلَى رِسْلِكَ أُنْفُذْ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ، فَوَاللَّهِ لِأَنْ يَهْدِي اللَّهُ بِكَ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْفَتْحَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى يَدَيْ مَنْ بَاشَرَ الْفَتْحَ، وَالْهُدَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى يَدِ مَنْ بَاشَرَهُ حَيْثُ قَالَ:«يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ» وَقَالَ: «يَهْدِي اللَّهُ بِكَ» فَأَثْبَتَ الْخَلْقَ وَالْكَسْبَ جَمِيعًا

ص: 174

144 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ رحمه الله

⦗ص: 175⦘

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ غَيْلَانَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ» ثُمَّ أُتِيَ بِإِبِلٍ فَحَمَلَنَا عَلَى ثَلَاثَةٍ غُرِّ الذُّرَى فَلَمَّا رَجَعْنَا قُلْتُ لِأَصْحَابِي: وَاللَّهِ لَا يُبَارِكُ اللَّهُ لَنَا، حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَحْمِلَنَا، ارْجِعُوا قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا قَالَ:«مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، مَا حَمَلَكُمْ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا كَفَّرْتُ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَهَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عز وجل: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17]

ص: 174

145 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قِصَّةِ بَدْرٍ قَالَ: وَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فَقَالَ: «إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ فَلَنْ تَعْبُدَ فِي الْأَرْضِ أَبَدًا» فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام: «خُذْ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنَ تُرَابِ فَرَمَى بِهَا وُجُوهَهُمْ، فَمَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا أَصَابَ عَيْنَيْهِ وَمِنْخَرَيْهِ وَفَمَهُ تُرَابٌ مِنْ تِلْكِ الْقَبْضَةِ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ»

ص: 175

146 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ دُحَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمَعْرُورِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ «إِنَّ فِي طَلَبِ الرَّجُلِ إِلَى أَخِيهِ الْحَاجَةَ لِفِتْنَةٌ، إِنْ أَعْطَاهُ إِيَّاهَا حَمِدَ غَيْرَ الَّذِي أَعْطَاهُ وَإِنْ مَنَعَهُ لَامَ غَيْرَ الَّذِي مَنَعَهُ»

ص: 175

147 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74] قَالَ: " يَقُولُ أَئِمَّةُ هُدًى يَهْتَدِي بِنَا، وَلَا يَجْعَلْنَا أَئِمَّةً ضُلَّالًا، لِأَنَّهُ قَالَ لِأَهْلِ السَّعَادَةِ {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء: 73] وَقَالَ لِأَهْلِ الشَّقَاوَةِ: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص: 41] "

ص: 176

148 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:" إِنَّ الرَّحِمَ تُقْطَعُ، وَإِنَّ النِّعْمَةَ تُكْفَرُ، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل إِذَا قَارَبَ بَيْنَ الْقُلُوبِ لَمْ يَزْجُرْهَا شَيْءٌ أَبَدًا - ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ - {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: 63] "

ص: 176

149 -

أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الْمَعْرُوفَ وَالْمُنْكَرَ لَخَلِيقَتَانِ تُنْصَبَانِ لِلنَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَمَّا الْمَعْرُوفُ فَيَعِدُ أَهْلَهُ الْخَيْرَ وَيُمَنِّيهِمْ وَأَمَّا الْمُنْكَرُ فَيَقُولُ: إِلَيْكُمْ إِلَيْكُمْ، وَمَا تَسْتَطِيعُونَ لَهُ إِلَّا لُزُومًا "

ص: 176

150 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السَّكَنِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْخَيْرُ وَالشَّرُّ خَلِيقَتَانِ تُنْصَبَانِ لِلنَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

ص: 176

151 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَرْبِ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ الدُّولَابِيُّ ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ مَالِكٍ اللَّخْمِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا مُعَاذُ، مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْعِتَاقِ وَلَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ» قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا إِسْنَادٌ غَيْرُ قَوِيٍّ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ عَنْ مَكْحُولٍ وَمُعَاذٍ وَاللَّهُ وَأَعْلَمُ

ص: 177

152 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمٍ الْبَصْرِيُّ، ح

153 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَائِضِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ حَمَّادِ بْنِ مَيْمُونٍ الْخَيَّاطُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمِ بْنِ الْعُلَا الْعُمَيْرِيُّ، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ سُعَيْرِ بْنِ الْخِمْسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ النُّكَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ جِبْرِيلَ عَنِ اللَّهِ تبارك وتعالى قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: «ابْنَ آدَمَ أَنَا خَلَقْتُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، فَطُوبَى لِعَبْدٍ قَدَّرْتُ عَلَى يَدَيْهِ الْخَيْرَ، وَوَيْلٌ لِعَبْدٍ قَدَّرْتُ عَلَى يَدَيْهِ الشَّرَّ» وَفِي رِوَايَةِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ. وَلَعَلَّ رِوَايَةَ الْخَيَّاطِ أَصَحُّ إِسْنَادُهُ غَيْرُ قَوِيٍّ

ص: 177

154 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ

⦗ص: 178⦘

الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا الْهُذَيْلُ بْنُ بِلَالٍ الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَ أَهْلُ نَجْرَانَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: الْآجَالُ وَالْأَرْزَاقُ تُقَدَّرُ، وَالْأَعْمَالُ إِلَيْنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى:" {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} [القمر: 47] إِلَى قَوْلِهِ: {كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] إِلَى قَوْلِهِ: {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} [القمر: 53] "

ص: 177

155 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ دَلْشَاذَ الْفَرْهَاذْجِرْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: «إِنَّ مِنِّيَ الْخَيْرَ، وَأَنَا قَدَّرْتُهُ ، وَقَدَّرْتُهُ لِخِيَارِ عِبَادِي، فَطُوبَى لِمَنْ قَدَّرْتُهُ لَهُ، وَإِنَّ مِنِّيَ الشَّرَّ، وَأَنَا قَدَّرْتُهُ، وَقَدَّرْتُهُ لِشِرَارِ خَلْقِي، فَوَيْلٌ لِمَنْ قَدَّرْتُهُ لَهُ»

ص: 178

156 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُسَافِعٍ الْحَاجِبِ، أَنَّهُ قَالَ: وَجَدُوا حَجَرًا حِينَ نَقَضُوا الْبَيْتَ فِيهِ ثَلَاثُ صُفُوحٍ، فِيهَا كِتَابٌ مِنْ كِتَابِ الْأُوَلِ، فَدُعِيَ رَجُلٌ فَقَرَأَهُ قَالَ:«أَنَا اللَّهُ ذُو بَكَّةَ، خَلَقْتُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ الْخَيْرُ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ كَانَ الشَّرُّ عَلَى يَدَيْهِ»

ص: 178

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ أَفْعَالَ الْخَلْقِ كُلَّهَا تَقَعُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَإِرَادَتِهِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وَقَالَ: {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: 111] وَقَالَ: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13] وَقَالَ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: 35] وَقَالَ: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99] وَقَالَ: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: 112] وَقَالَ: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: 39] وَقَالَ: {فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [إبراهيم: 4] وَقَالَ: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 125]، وَقَالَ:{وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} [المائدة: 41] وَقَالَ: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} [الإسراء: 16] وَقَالَ: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: 34] وَقَالَ: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 188] وَقَالَ: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 24] وَقَالَ

ص: 179

: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} وَقَالَ {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 102] وَقَالَ: {وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [المجادلة: 10] وَقَالَ: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 166] . وَإِنَّمَا أَرَادَ بِإِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَأْمُرُ بِالسِّحْرِ وَالْكَهَانَةِ وَالْإِصَابَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِبَشَرٍ قَوْلٌ، وَلَا عَمَلٌ، وَلَا نِيَّةٌ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِرَادَتِهِ، وَأَنَّهُ يُرِيدُ هُدَى مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ سَعَادَتُهُ، وَإِضْلَالَ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ شَقَاوَتُهُ، فَلَا يُرِيدُ خِلَافَ مَا عَلِمَ، وَلَا يَكُونُ خِلَافُ مَا يُرِيدُ، وَقَالَ خَبَرًا عَنِ الْجِنِّ الَّذِينَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ:{وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن: 10] وَقَالَ: {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا} [الفتح: 11] وَقَدْ كَتَبْنَا سَائِرَ الْآيَاتِ، وَمِنَ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي إِثْبَاتِ الْمَشِيئَةِ فِي كِتَابِ «الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ» مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ

ص: 180

157 -

حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَبْدَوِيُّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ بُنْدَارِ بْنِ الْحُسَيْنِ الصُّوفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَبْدَانُ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفًّى، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، ح

158 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو أَنَسٍ مَالِكُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: " لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير: 28] قَالُوا: الْأَمْرُ إِلَيْنَا إِنْ شِئْنَا اسْتَقَمْنَا، وَإِنْ شِئْنَا لَمْ نَسْتَقِمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} «

⦗ص: 181⦘

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ» أَهْبَطَ اللَّهُ جِبْرِيلَ عليه السلام يَقُولُ: كَذَبُوا يَا مُحَمَّدُ {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} . قَالَ فَفَرِحَ بِذَلِكَ، وَفُرِّجَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "

ص: 180

159 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْإِسْفِرَايِينِيُّ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ يَوْمَ بَدْرٍ:«اللَّهُمَّ أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ» فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ قَالَ: وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى} [القمر: 46] وَأَمَرُّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ الثَّقَفِيِّ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَهُوَ مِنْ قُبَّةٍ يَوْمَ بَدْرٍ

ص: 181

160 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ح

161 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمِهْرَجَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كِيسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ - وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى - قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ: " قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرُنِي نِسَاءُ قُرَيْشٍ لَأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ فَأَنْزَلَ

⦗ص: 182⦘

اللَّهُ عز وجل: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56] " لَمْ يَذْكُرْ يَحْيَى قَوْلَهُ: «عِنْدَ الْمَوْتِ» وَلَا قَوْلَهُ: «عِنْدَ اللَّهِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

ص: 181

162 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، وَحَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعَ عُرْوَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم هَلْ لِلْإِسْلَامِ مِنْ مُنْتَهَى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ أَوِ الْعَجَمِ أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ خَيْرًا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ» قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ يَقَعُ الْفِتَنُ كَأَنَّهَا الظُّلَلُ» قَالَ الرَّجُلُ: كَلَّا وَاللَّهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ:«بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَسَاوِدَ صُبًّا: الْحَيَّةُ السَّوْدَاءُ أَرَادَ أَنْ تَنْهَشَ ارْتَفَعَ هَكَذَا ثُمَّ انْصَبَّ

ص: 182

163 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: «يَفْتَحُ لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ مَنْ حَوْلَهُ»

ص: 182

164 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأُنَيْسُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا فَقَّهَهُ فِي الدِّينِ وَأَلْهَمَهُ رُشْدَهُ»

ص: 182

165 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، ح

166 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْبَاغُنْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " بِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ «وَفِي رِوَايَةِ الْفِرْيَابِيِّ» لِأَحَدِهِمْ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ

ص: 183

167 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْخَفَّافُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَمَرْدَلٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْفُرَاتِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَبْدِيُّ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ دَاعِيًا وَمُبَلِّغًا وَلَيْسَ إِلَيَّ مِنَ الْهُدَى شَيْءٌ، وَبُعِثَ إِبْلِيسُ مُزَيِّنًا وَلَيْسَ إِلَيْهِ مِنَ الضَّلَالَةِ شَيْءٌ» قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: لَا نَعْرِفُ هَذَا إِلَّا عَنْ عِيسَى الْعَسْقَلَانِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْفُرَاتِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سِمَاكٍ وَلَا أَدْرِي سَمِعَ خَالِدٌ عَنْ سِمَاكٍ أَوْ لَحِقَهُ أَمْ لَا

ص: 183

168 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْمُهَلَّبِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ:«يَا أَبَا بَكْرٍ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ»

⦗ص: 184⦘

تَابَعَهُ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ

ص: 183

169 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعْدٍ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّعْبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَطَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ حُبَابٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، يَقُولُ:«لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ»

ص: 184

170 -

قَالَ وَحَدَّثَنِي مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ:«يَا أَبَا بَكْرٍ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ»

ص: 184

171 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى، عَنْ عُمَرَ التَّمِيمِيِّ، عَنْ مُقَاتِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنَا عَلَى بَابِ الْحُجُرَاتِ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَعَهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ يُحَاوِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَكَتُوا فَقَالَ:«مَا كَلَامٌ سَمِعْتُ آنِفًا؟» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ الْحَسَنَاتِ مِنَ اللَّهِ، وَالسَّيِّئَاتِ مِنَ الْعِبَادِ، وَقَالَ عُمَرُ: الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ مِنَ اللَّهِ. وَبَايَعَ هَذَا قَوْمٌ وَبَايَعَ هَذَا قَوْمٌ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ:«كَيْفَ قُلْتَ؟» فَقَالَ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمْ بِقَضَاءِ جِبْرِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَمِيكَائِيلَ» فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بِهَذَا جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ؟ قَالَ:" أَيْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تَكَلَّمَ فِيهِ، فَقَالَ مِيكَائِيلُ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ جِبْرِيلُ بِقَوْلِ عُمَرَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ لِمِيكَائِيلَ: إِنَّا مَتَى نَخْتَلِفُ أَهْلُ السَّمَاءِ يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْأَرْضِ، فَهَلُمَّ فَلْنَتَحَاكَمْ إِلَى إِسْرَافِيلَ، فَقَضَى بَيْنَهُمَا بِحَقِيقَةِ الْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، حُلْوِهِ وَمُرِّهِ، كُلُّهُ مِنَ اللَّهِ، وَإِنِّي قَاضٍ بَيْنَكُمَا، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ اللَّهَ لَوْ أَرَادَ أَنْ لَا يُعْصَى لَمْ يَخْلُقْ إِبْلِيسَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ اللَّهُ، وَبَلَّغَتْ رُسُلُهُ "

⦗ص: 185⦘

تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى الْكُوفِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ صُبْحٍ التَّمِيمِيِّ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَصَحَّ مِنْ هَذَا إِسْنَادًا غَيْرَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ غَلَطًا

ص: 184

172 -

أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ بْنُ الْفَتْحِ الْعُمَرِيُّ، رضي الله عنه، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي مَلَإٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنْ بَعْضِ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، مَعَهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ يَتَمَارُونَ، وَقَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ يَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَا الَّذِي كُنْتُمْ تُمَارُونَ، قَدِ ارْتَفَعَتْ فِيهِ أَصْوَاتُكُمْ وَكَثُرَ لَغَطُكُمْ؟» فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَيْءٌ تَكَلَّمَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَاخْتَلَفَا فَاخْتَلَفْنَا لِاخْتِلَافِهِمَا قَالَ:«وَمَا ذَاكَ؟» قَالُوا: فِي الْقَدَرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُقَدِّرُ اللَّهُ الْخَيْرَ وَلَا يُقَدِّرُ الشَّرَّ، قَالَ عُمَرُ: بَلْ يُقَدِّرُهُمَا جَمِيعًا قَالَ: فَكُنَّا فِي ذَلِكَ نَتَمَارَى حَتَّى ذَكَرَ كَلِمَةً، فَقَالَ بَعْضُنَا مَقَالَةَ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ بَعْضُنَا مَقَالَةَ عُمَرَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لِأَقْضِي بَيْنَكُمَا فِيهِ بِقَضَاءِ إِسْرَافِيلَ بَيْنَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ» فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ؟ فَقَالَ: " وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِنَّهُمَا لَأَوَّلُ الْخَلَائِقِ تَكَلَّمَا فِيهِ، فَقَالَ جِبْرِيلُ مَقَالَةَ عُمَرَ، وَقَالَ مِيكَائِيلُ مَقَالَةَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّا إِنِ اخْتَلَفْنَا اخْتَلَفَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ فَهَلْ لَكَ فِي قَاضٍ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَتَحَاكَمَا إِلَى إِسْرَافِيلَ، فَقُضِي بَيْنَهُمَا قَضَاءً هُوَ قَضَائِي بَيْنَكُمَا " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ قَضَائِهِ قَالَ:«أَوْجَبَ الْقَدَرَ خَيْرَهُ وَشَرَّهُ وَحُلْوَهُ وَمُرَّهُ فَهَذَا قَضَائِي بَيْنَكُمَا» قَالَ: ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى كَتِفِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ فِي فَخِذِهِ وَكَانَ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَوْ لَمْ يَشَأْ يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ» قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، كَانَتْ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ زَلَّةٌ أَوْ هَفْوَةٌ لَا أَعُودُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْمَنْطِقِ أَبَدًا. قَالَ: فَمَا عَادَ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ

ص: 185

173 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْفِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} [الإسراء: 16] قَالَ: «أَكْثَرَنَا فُسَّاقَهَا»

ص: 186

174 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عِيسَى وَهُوَ ابْنُ سِنَانٍ قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ:" قَرَأْتُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ كِتَابًا وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ سِوَى ذَلِكَ فَمَا مِنْهَا كِتَابٌ إِلَّا فِيهِ: إِذَا جَعَلَ الْعَبْدُ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ فَقَدْ كَفَرَ "

ص: 186

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الْقَدَرَ خَيْرَهُ وَشَرَّهُ مِنَ اللَّهِ عز وجل وَأَنَّ الْإِيمَانَ بِهِ وَاجِبٌ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] وَقَالَ: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: 78]

ص: 187

175 -

أَخْبَرَنَا أَبُو ذَرٍّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمُذَكِّرِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ الزَّاهِدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ السَّهْمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:" جَاءَتْ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخَاصِمُونَهُ فِي الْقَدَرِ قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 48] "

176 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ

ص: 187

177 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ

⦗ص: 188⦘

، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ ح

178 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْإِمَامُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ:" أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ " قَالَ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزِ وَالْكَيْسِ أَوِ الْكَيْسِ وَالْعَجْزِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ وَغَيْرِهِ

ص: 187

179 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ، بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُرَيْدَةَ، يُحَدِّثُ أَنْ يَحْيَى بْنَ يَعْمَرَ، ح

180 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، ح

181 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا كَهْمَسُ، عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ، فَقُلْنَا لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَلَى يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِيَ سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ

⦗ص: 189⦘

، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَإِنَّمَا الْأَمْرُ أُنُفٌ. فَقَالَ: إِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِئٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ مِنِّي بُرَآءُ، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا نَعْرِفُهُ فِينَا، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ» قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: «يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟» قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ عليه السلام آتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» لَفْظُ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ

182 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

⦗ص: 190⦘

بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: لَمَّا تَكَلَّمَ مَعْبَدٌ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي شَأْنِ الْقَدَرِ أَنْكَرْنَا ذَلِكَ قَالَ: فَحَجَجْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حِجَّةً. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ كَهْمَسَ، وَإِسْنَادِهِ، وَفِيهِ بَعْضُ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانِ أَحْرُفٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَأَبِي كَامِلٍ

183 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَا: لَقِينَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَذَكَرْنَا لَهُ الْقَدَرَ وَمَا يَقُولُونَ فِيهِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ،

184 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ قَوْمًا يَزْعُمُونَ أَنْ لَيْسَ قَدَرٌ، فَسَاقَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِهِمْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ

ص: 188

185 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، ح

⦗ص: 191⦘

186 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُنَادِي، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ فِيهِ رَهَقٌ وَكَانَ يَتَثَوَّبُ عَلَى جِيرَانِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَفَرَضَ الْفَرَائِضَ، وَقَصَّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ إِنَّهُ صَارَ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الْعَمَلَ أُنُفٌ، مَنْ شَاءَ عَمِلَ خَيْرًا، وَمَنْ شَاءَ عَمِلَ شَرًّا. قَالَ: فَلَقِيتُ أَبَا الْأَسْوَدِ الدِّيلِيَّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: كَذَبَ، مَا رَأَيْنَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا يُثْبِتُ الْقَدَرَ، ثُمَّ إِنِّي حَجَجْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ، فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا قُلْنَا نَأْتِي الْمَدِينَةَ فَنَلْقَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَسْأَلُهُمْ عَنِ الْقَدَرِ قَالَ: فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ لَقِينَا إِنْسَانًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَلَمْ نَسْأَلْهُ، قَالَ: قُلْنَا حَتَّى نَلْقَى ابْنَ عُمَرَ أَوْ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: فَلَقِينَا ابْنَ عُمَرَ كَفَّهُ عَنْ كَفِّهِ، قَالَ: فَقُمْتُ عَنْ يَمِينِهِ وَقَامَ عَنْ شِمَالِهِ قَالَ: قُلْتُ: أَتَسْأَلُهُ أَوْ أَسْأَلُهُ قَالَ: لَا بَلْ سَلْهُ، لِأَنِّي كُنْتُ أَبْسَطَ لِسَانًا مِنْهُ قَالَ: قُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّ نَاسًا عِنْدَنَا بِالْعِرَاقِ قَدْ قَرَءُوا الْقُرْآنَ، وَفَرَضُوا الْفَرَائِضَ، وَقَصُّوا عَلَى النَّاسِ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْعَمَلَ أُنُفٌ، مَنْ شَاءَ عَمِلَ خَيْرًا، وَمَنْ شَاءَ عَمِلَ شَرًّا، قَالَ:" فَإِذَا لَقِيتُمْ أُولَئِكَ فَقُولُوا: يَقُولُ ابْنُ عُمَرَ هُوَ مِنْكُمْ بَرِئٌ وَأَنْتُمْ مِنْهُ بُرَآءُ: ابْنُ عُمَرَ مِنْكُمْ بَرِئٌ، وَأَنْتُمْ مِنْهُ بُرَآءُ، فَوَاللَّهِ لَوْ جَاءَ أَحَدُهُمْ مِنَ الْعَمَلِ، أَوْ قَالَ أَخَذَ أَحَدُهُمْ مِثْلَ أُحُدٍ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ " حَدَّثَنِي عُمَرُ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ مُوسَى لَقِيَ آدَمَ فَقَالَ: يَا آدَمُ أَنْتَ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ، فَوَاللَّهِ لَوْلَا مَا فَعَلْتَ مَا دَخَلَ أَحَدٌ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ النَّارَ، فَقَالَ: يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَاتِهِ وتَكْلِيمِهِ - وَفِي رِوَايَةِ الرَّزَّازِ - «بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلِمَتِهِ» تَلُومُنِي فِيمَا قَدْ كَانَ كُتِبَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ، فَاحْتَجَّا إِلَى اللَّهِ تبارك وتعالى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَاحْتَجَّا إِلَى اللَّهِ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَاحْتَجَّا إِلَى اللَّهِ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى " لَقَدْ حَدَّثَنِي عُمَرُ أَنَّ رَجُلًا فِي آخِرِ عُمُرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ حَدِيثَ الْإِيمَانِ بِطُولِهِ وَقَالَ فِيهِ: مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ

⦗ص: 192⦘

تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْكِتَابِ، وَالنَّبِيِّينَ، وَالْجَنَّةِ ، وَالنَّارِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْقَدَرِ كُلِّهِ» وقَالَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ:«الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْجَنَّةِ، وَالنَّارِ، وَالْمِيزَانِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»

ص: 190

187 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ:«أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ» قَالَ: صَدَقْتَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِيرٍ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ إِسْحَاقُ لَفْظَ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ فِيهِ، وَحَفِظَهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهُوَ حُجَّةٌ. وَرَوَاهُ أَيْضًا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ. وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ حَفِظَهُ إِسْحَاقُ عَنْهُ

ص: 192

188 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ «سَلُونِي» قَالَ: فَهَابُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ فَجَلَسَ عِنْدَ رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِسْلَامُ؟ فَذَكَرَهُ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ» قَالَ: صَدَقْتَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

⦗ص: 193⦘

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ جَرِيرٍ وَذَكَرَ الْإِيمَانَ بِالْقَدَرِ

ص: 192

189 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، سَمِعَ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ - قَالَ مَنْصُورٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ -: وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِالْقَدَرِ "

ص: 193

190 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يُؤْمِنُ الْعَبْدُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ، حَتَّى يَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، وَيُؤْمَنُ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَيُؤْمَنُ بِالْقَدَرِ» وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، وَرَوَاهُ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو حُذَيْفَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

191 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ شَوْذَبٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، ح

192 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ شَرِيكٌ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، نَحْوَ الرِّوَايَةِ

⦗ص: 194⦘

الْأُولَى، وَرَوَاهُ أَبُو الْأَحْوَصِ وَوَرْقَاءُ، عَنْ مَنْصُورٍ، نَحْوَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى

ص: 193

193 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي أَسَدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ لَنْ يَجِدَ الْعَبْدُ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُؤْمِنَ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي بِالْحَقِّ وَبِأَنَّهُ مَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ، وَيُؤْمَنُ بِالْقَدَرِ»

194 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، نا وَرْقَاءُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَلِيٍّ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ مَرْفُوعًا

ص: 194

195 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَنْ يُؤْمِنَ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»

ص: 194

196 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي نُشْبَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ مِنْ أَصْلِ الْإِيمَانِ، الْكَفُّ عَمَّنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، لَا نُكَفِّرُهُ بِذَنْبٍ، وَلَا نُخْرِجُهُ عَنِ الْإِسْلَامِ بِعَمَلٍ، وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ لَا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ، وَالْإِيمَانُ بِالْأَقْدَارِ»

ص: 194

197 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا

⦗ص: 195⦘

أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُسَاوِرٍ أَبُو مَسْعُودٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرًا الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: قَدِمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الْكُوفَةَ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ، شَابٌّ، فَأَتَيْنَاهُ فِي أُنَاسٍ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ قُدُومَهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ فِيهِ فَقَالَ:«يَا عَدِيُّ أَسْلِمْ تَسْلَمْ» قَالَ فَقُلْتُ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «تَشَهَّدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَتُؤْمِنُ بِالْأَقْدَارِ كُلِّهَا خَيْرِهَا وَشَرِّهَا وَحُلْوِهَا وَمُرِّهَا»

ص: 194

198 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزَّوْزَنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، يَقُولُ: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا عَدِيَّ بْنُ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ» قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَتَشْهَدَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْأَقْدَارِ كُلِّهَا خَيْرِهَا وَشَرِّهَا، حُلْوِهَا وَمُرِّهَا»

ص: 195

‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ

ص: 196

199 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الْقَزْوِينِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ خَالِدٍ يُحَدِّثُ ح

200 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ خَالِدٍ الْحِمْصِيِّ، عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ قَالَ: فَأَتَيْتُ أُبَيًّا فَقُلْتُ: إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ لَعَلَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ مِنْ قَلْبِي فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَأَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَلَوْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ دَخَلْتَ النَّارَ» قَالَ: فَأَتَيْتُ حُذَيْفَةَ فَحَدَّثَنِي بِمِثْلِ هَذَا قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَحَدَّثَنِي بِمِثْلِ هَذَا قَالَ: فَأَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَحَدَّثَنِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ هَذَا وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ بِنَحْوِ مَعْنَاهُ

ص: 196

201 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْإِسْفِرَايِينِيُّ بِهَا، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بِشْرٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ

⦗ص: 197⦘

الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرٍ الْحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِيَادٍ أَبُو هِشَامٍ الْكَرْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ، يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ جَالِسًا فَذَكَرُوا رِجَالًا يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ قَدَّرَ كُلَّ شَيْءٍ مَا خَلَا الْأَعْمَالَ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ سَعِيدًا غَضِبَ قَطُّ غَضَبًا أَشَدَّ مِنْهُ حَتَّى هَمَّ بِالْقِيَامِ، ثُمَّ سَكَنَ فَقَالَ: تَكَلَّمُوا بِهِ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ فِيهِمْ حَدِيثًا كَفَاهُمْ بِهِ شَرًّا، وَيْحُهُمْ لَوْ يَعْلَمُونَ. قَالَ: قُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَمَا هُوَ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ وَقَدْ سَكَنَ بَعْضُ غَضَبِهِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي رَافِعُ بْنُ خُدَيْجٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَكُونُ قَوْمٌ فِي أُمَّتِي يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَبِالْقُرْآنِ، وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، كَمَا كَفَرَتْ بِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى» قَالَ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «يُقِرُّونَ بِبَعْضِ الْقَدَرِ وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضِهِ» قَالَ: قُلْتُ: مَا يَقُولُونَ؟ قَالَ: " يَجْعَلُونَ إِبْلِيسَ عِدْلًا لِلَّهِ فِي خَلْقِهِ وَقَوْلِهِ، وَيَقُولُونَ: الْخَيْرُ مِنَ اللَّهِ، وَالشَّرُّ مِنْ إِبْلِيسَ، فَيَكْفُرُونَ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْقُرْآنِ، مَا يَلْقَى أُمَّتِي مِنْهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَالْجِدَالِ، أُولَئِكَ زَنَادِقَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ " قَالَ: ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ طَاعُونًا فَتَفْنَى عَامَّتُهُمْ، ثُمَّ يَكُونُ خَسْفٌ فَمَا أَقَلَّ مَنْ يَنْجُو مِنْهُ، الْمُؤْمِنُ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ فَرَحُهُ، شَدِيدٌ غَمُّهُ، ثُمَّ يَكُونُ الْمَسْخُ، فَيَمْسَخُ اللَّهُ عَامَّةَ أُولَئِكَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، ثُمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ قَرِيبًا " ثُمَّ بَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَكَيْنَا لِبُكَائِهِ قُلْنَا مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:«رَحْمَةً لَهُمُ، الْأَشْقِيَاءُ مِنْهُمُ الْمُتَعَبِّدُ، وَمِنْهُمُ الْمُجْتَهِدُ، مَعَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَوَّلِ مَنْ سَبَقَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَضَاقَ بِحَمْلِهِ ذَرْعًا، إِنَّ عَامَّةَ مَنْ هَلَكَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالتَّكْذِيبِ بِالْقَدَرِ» قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ؟ قَالَ: «يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَعَهُ أَحَدٌ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا، وَيُؤْمِنُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمَا قَبْلَ خَلْقِ الْخَلْقِ، وَخَلَقَ خَلْقًا فَجَعَلَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلَى النَّارِ عَدْلٌ ذَلِكَ مِنْهُ، وَكُلٌّ يَعْمَلُ بِمَا خُلِقَ لَهُ وَهُوَ صَائِرٌ إِلَى مَا خُلِقَ» ، قَالَ: قُلْتُ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، أَوْ كَمَا قَالَ

ص: 196

202 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ

⦗ص: 198⦘

الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنِي هَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، وَأَبُو أَيُّوبَ قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً، وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ»

ص: 197

203 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا مُنِيرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ نَسِيٍّ، يُحَدِّثُ، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ مَا الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ؟ قَالَ:: «تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ»

ص: 198

204 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوَّابِ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ زُرَيْقٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:«لَا يُؤْمِنُ الْعَبْدُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، وَلَئِنْ أَعَضُّ عَلَى جَمْرَةٍ حَتَّى تُطْفَأَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ لِأَمْرٍ قَضَاهُ اللَّهُ لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ» هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا

ص: 198

205 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، عَنْ جَدِّهِ، حَدَّثَنَا خَلَّادِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ، سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَذْكُرُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَأَهْوَى بِأَصْبُعِهِ إِلَى فَمِهِ: «لَا يَذُوقُ عَبْدٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ، حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، وَيُؤْمَنُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»

ص: 198

206 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: ائْتَمَرْنَا أَنْ يَحْرُسَ عَلِيًّا رضي الله عنه كُلَّ لَيْلَةٍ مِنَّا عَشْرَةٌ قَالَ: فَخَرَجْنَا وَمَعَنَا السِّلَاحُ، وَصَلَّى كَمَا كَانَ يُصَلِّي، ثُمَّ أَتَانَا فَقَالَ:«مَا شَأْنُ السِّلَاحِ؟» قَالَ: قُلْنَا: ائْتَمَرْنَا أَنْ يَحْرُسَكَ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنَّا عَشْرَةٌ قَالَ: «مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ؟» قُلْنَا: نَحْنُ أَهْوَنُ وَأَضْعَفُ أَوْ أَصْغَرُ أَوْ كَلِمَةٌ نَحْوَ ذَلِكَ أَنْ نَحْرُسَكَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْأَرْضِ لَا يَعْمَلُونَ بِعَمَلٍ حَتَّى يُقْضَى فِي السَّمَاءِ، وَإِنَّ عَلَيَّ جُنَّةً حَصِينَةً إِلَى يَوْمِي، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَذُوقُ عَبْدٌ أَوْ لَا يَجِدُ عَبْدٌ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَوْ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ يَقِينًا غَيْرَ ظَنٍّ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ»

ص: 199

207 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْفِيُّ، بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَبُوكَ الَّذِي كَانَ يُقَاتِلُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ، فَإِذَا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ مَشَى فِي طُرُقِهَا؟ قَالَ:«عَلِمَ أَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، وَمَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ» فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: صَدَقْتَ

ص: 199

208 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَجَّاجٍ الْأَزْدِيِّ، قَالَ: سَأَلْنَا سَلْمَانَ عَنِ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ قَالَ: «أَنْ يَعْلَمَ، أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ»

ص: 199

209 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْفِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقُلْتُ: أَوْصِنِي فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ الْأَيْمَانِ، وَلَنْ تُؤْمِنَ

⦗ص: 200⦘

بِاللَّهِ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، قَالَ: قُلْتُ: أَيْ أَبَتَاهُ وَكَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ؟ قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، أَيْ بُنِيَّ إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ خَلَقَ الْقَلَمَ، فَقَالَ: اكْتُبْ فَقَالَ: مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبِ الْقَدَرَ، فَجَرَى تِلْكَ السَّاعَةَ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " أَيْ بُنَيَّ إِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ

ص: 199

210 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهِدُ رحمه الله، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ أَخْبَرَنَا أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ عُثْمَانَ التَّيْمِيَّ، يَذْكُرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عز وجل مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَاحْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عز وجل وَلَا تَعْجِزْ، فَإِنْ غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ "

ص: 200

211 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيُّ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:" وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ وَإِذَا أَصَابَكَ شَرٌّ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قَدَّرَ اللَّهُ، وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَغَيْرِهِ

ص: 200

212 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَزْرَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ

⦗ص: 201⦘

ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا أَرْسَلَنِي فِي حَاجَةٍ قَطُّ فَلَمْ تَتَهَيَّأُ إِلَّا قَالَ:«لَوْ قُضِيَ كَانَ وَلَوْ قُدِّرَ كَانَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لَمْ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ غَيْرُ أَبِي يَعْلَى تَفَرَّدَ بِهِ

ص: 200

213 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْفَامِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ:«أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَمَا كَلَامُهُمْ إِلَّا إِنْ قُضِيَ وَإِنْ قُدِّرَ»

ص: 201

214 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي الدُّمَيْكِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي غُلَامٌ شَابٌّ، أَوْ إِنِّي رَجُلٌ شَابٌّ، وَإِنِّي أَكْرَهُ الْعُزُوبَةَ، فَائْذَنْ لِي أَنْ أَخْتَصِيَ؟ قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنِّي مِرَارًا ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنَّ الْقَلَمَ قَدْ جَفَّ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ، فَاخْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ» وَقَالَ غَيْرُهُ: «فَاخْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَقَالَ أَصْبَغُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ

ص: 202

215 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ شَبَابَةُ: عَنْ وَرْقَاءَ، فَذَكَرَهُ

ص: 203

216 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كَتَبَ اللَّهُ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنُ تَزْنِي بِالنَّظَرِ، وَالْيَدُ بِالْبَطْشِ، وَالرِّجْلُ بِالْمَشْيِ، وَالْقَلْبُ يَهُمُّ وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ يُكَذِّبُهُ الْفَرْجُ»

ص: 203

217 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا وَلْتَنْكِحَ، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا»

⦗ص: 204⦘

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ

ص: 203

218 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الْحَدَّادُ الصُّوفِيُّ، بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّذْرِ وَقَالَ: «إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، إِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الشَّحِيحِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سُفْيَانَ

ص: 204

219 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي ح

220 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَرْشَفٍ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَأْتِي ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَيْءٍ لَمْ أَكُنْ قَدْ قَدَّرْتُهُ، وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ وَقَدْ قَدَّرْتُهُ لَهُ أَسْتَخْرِجُ مِنَ الْبَخِيلِ»

221 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ، عَنِ ابْنِ مُبَارَكٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ بِشْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ

ص: 204

222 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا

⦗ص: 205⦘

عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَرِّبُ لِابْنِ آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ قَدَّرَهُ، وَلَكِنَّ النَّذْرَ يُوَافِقُ الْقَدَرَ، فَيَسْتَخْرِجُ بِذَلِكَ مِنَ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ

ص: 204

223 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ وَهُوَ ابْنُ صَالِحٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ:«لَيْسَ مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْمُنْذِرِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ حُبَابٍ وَفِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ «سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا»

ص: 205

224 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا خُزَامَةَ حَدَّثَهُ ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ دَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ وَرُقًى نَسْتَرْقِيهَا وَتُقًى نَتَّقِيهِ هَلْ يَرُدُّ ذَلِكَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ»

ص: 205

225 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو خُزَامَةَ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا

⦗ص: 206⦘

رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رُقًا نَسْتَرْقِيهَا وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ وَاتِّقَاءً نَتَّقِيهِ هَلْ يَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ»

226 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عُمَرَ، وَقَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، وَحَدَّثَ بِحَدِيثِ أَبِي خُزَامَةَ، فَقَالَ: عَنِ ابْنِ أَبِي خُزَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ أَبِي: وَقَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي خُزَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ أَبِي: وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا يُرْوَى عَنْ أَبِي خُزَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَوَاهُ يُونُسُ وَالزُّبَيْدِيُّ وَهُوَ أَصَحُّهَا

ص: 205

227 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ الْعَدْلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ح

228 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَنَاحُ بْنُ نَذِيرِ بْنِ جَنَاحٍ الْمُحَارِبِيُّ بِالْكُوفَةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ، ح

229 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَ. . . . أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو الْفَقِيهُ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنِ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيُّ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: اللَّهُمَّ مَتِّعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ سَأَلْتِ اللَّهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لَنْ يُعَجَّلَ شَيْءٌ قَبْلَ حِلِّهِ وَلَنْ يُؤَخَّرَ شَيْءٌ عَنْ حِلِّهِ، وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ، وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ كَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ» هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَفِي رِوَايَةِ جَعْفَرٍ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 207⦘

: «إِنَّكِ دَعَوْتِ اللَّهَ لِآجَالٍ مَعْلُومَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ وَآثَارٍ مَبْلُوغَةٍ، لَا يُعَجَّلُ شَيْءٌ مِنْهَا قَبْلَ حِلِّهَا وَلَا يُؤَخَّرُ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ حِلِّهَا فَلَوْ دَعَوْتِ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ أَوْ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكِ أَوْ يُعَافِيَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ أَوْ عَذَابٍ فِي الْقَبْرِ لَكَانَ خَيْرًا أَوْ كَانَ أَفْضَلَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ

ص: 206

230 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيِّ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ: اللَّهُمَّ مَتِّعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ قَالَ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَأَلْتِ اللَّهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وَآثَارٍ مَبْلُوغَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لَا يُعَجَّلُ شَيْءٌ مِنْهَا قَبْلَ حِلِّهِ، وَلَا يُؤَخَّرُ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ حِلِّهِ، فَلَوْ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَمِنْ عَذَابٍ فِي الْقَبْرِ لَكَانَ خَيْرًا لَكِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ

ص: 207

231 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا طُفَيْلٍ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَرِيحَةَ حُذَيْفَةَ بْنَ أُسِيدٍ الْغِفَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَدْخُلُ الْمَلَكُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَمَا تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ أَوْ قَالَ بِخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَشَقِيُّ أَمْ سَعِيدٌ؟ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقُولُ

⦗ص: 208⦘

وَيَكْتُبَانِ، ثُمَّ يُكْتَبُ عَمَلُهُ، وَرِزْقُهُ، وَأَجَلُهُ، وَأَثَرُهُ وَمُصِيبَتُهُ، ثُمَّ تُطْوَى الصَّحِيفَةُ فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ " وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُفْيَانَ وَقَدْ مَضَى حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي مَعْنَاهُ

ص: 207

232 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْعَمْيَاءِ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ مِهْجَانَ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ بِالشَّامِ خُطْبَةً يَأْثِرُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" وَأَجْمِلُوا فِي طَلَبِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَكَفَّلَ بِأَرْزَاقِكُمْ، وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لَهُ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ عَامِلًا، اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ عَلَى أَعْمَالِكُمْ فَإِنَّهُ {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] "

ص: 208

233 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَجْمِلُوا فِي طَلَبِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ كُلًّا مُيَسَّرٌ لَهُ مَا كُتِبَ لَهُ مِنْهَا»

ص: 208

234 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ فَلَا تَسْتَبْطِئُوا الرِّزْقَ، وَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حَرَّمَ»

ص: 208

وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرٍ، ورُوِّينَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَسْتَبْطِئَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ رِزْقَهُ فَإِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَلْقَى فِي رَوْعِي أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ، فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ»

235 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَذَكَرَهُ مَرْفُوعًا

ص: 209

وَرُوِّينَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، مِنْ قَوْلِهِ:«لَا يَسْبِقُ بَطِيءٌ حَظَّهُ، وَلَا يُدْرِكُ حَرِيصٌ مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ، فَمَنْ أُعْطِيَ خَيْرًا فَاللَّهُ أَعْطَاهُ، وَمَنْ وُقِيَ شَرًّا فَاللَّهُ وَقَاهُ»

236 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُجَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ، فَذَكَرَهُ

ص: 209

237 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَآهُ مَهْمُومًا فَقَالَ:«لَا تُكْثِرْ هَمَّكَ، مَا يُقَدَّرْ يَكُنْ، وَمَا تُرْزَقْ يَأْتِكَ»

ص: 209

238 -

وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا

⦗ص: 210⦘

عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُجَاهِدٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا ، يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَعْجَلَنَّ إِلَى شَيْءٍ تَظُنُّ أَنَّكَ إِنِ اسْتَعْجَلْتَ إِلَيْهِ أَنَّكَ تُدْرِكُهُ ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ لَمْ يُقَدِّرْهُ لَكَ ، وَلَا تَسْتَأْخِرَنَّ عَنْ شَيْءٍ تَظُنُّ أَنَّكَ إِنِ اسْتَأْخَرْتَ أَنَّهُ مَدْفُوعٌ عَنْكَ ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ قَدَّرَهُ عَلَيْكَ» عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُجَاهِدٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَفِيمَا قَبْلَهُ كِفَايَةٌ

ص: 209

239 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ يَعْنِي النَّيْسَابُورِيَّ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْرَقُ الدِّمَشْقِيُّ ، حَدَّثَنَا وَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الْعَبْدَ كَمَا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ»

ص: 210

240 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ ، وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّجَّارِ الْمُقْرِئُ بِالْكُوفَةِ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ هُوَ ابْنُ دُحَيْمٍ ، حَدَّثَنَا الْقَاضِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ الْأَوْدِيِّ ، عَنْ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَائِلٌ فَسَأَلَهُ وَفِي الْبَيْتِ تَمْرَةٌ عَايِرَةٌ فَقَالَ: «هَا لَوْ لَمْ تَأْتِهَا لَأَتَتْكَ» هَذَا مُرْسَلٌ وَرُوِيَ مَوْصُولًا

ص: 210

241 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَارُونَ ، عَنْ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ: جَاءَ سَائِلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا تَمْرَةٌ عَايِرَةٌ فَقَالَ: «لَوْ لَمْ تَأْتِهَا لَأَتَتْكَ»

ص: 210

242 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِرَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ ، وَكَانَ ثِقَةً ، حَدَّثَنَا جُوَيْبِرٌ ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:«إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ عز وجل الْقَلَمُ فَأَخَذَهُ بِيَمِينِهِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ ، ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ وَهُوَ الْحُوتُ ، وَخَلَقَ الْأَلْوَاحَ فَكَتَبَ فِيهَا الدُّنْيَا وَمَا يَكُونُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ خَلْقٍ مَخْلُوقٍ ، وَعَمَلٍ مَعْمُولٍ ، بِرٍّ أَوْ فُجُورٍ ، أَوْ رِزْقٍ مَقْسُومٍ ، حَرَامٍ وَحَلَالٍ ، ثُمَّ يُلْزِمُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ شَأْنَهُ مَتَى مَلْقَاهُ فِيهَا وَمَتَى خُرُوجُهُ مِنْهَا» قَالَ: ثُمَّ قَالَ: " وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 29] " فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ مَا كُنَّا نَرَى هَذَا إِلَّا الْمَلَائِكَةَ تَكْتُبُ أَعْمَالَنَا الَّتِي نَعْمَلُهَا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَلَسْتُمْ قَوْمًا عَرَبًا هَلْ تَكُونُ النُّسْخَةُ إِلَّا مِنْ كِتَابٍ»

ص: 211

243 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَأَلَ اللَّهَ أَحَدُكُمُ الرِّزْقَ فَلْيَسْأَلِ الْحَلَالَ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ» تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو سُفْيَانَ طَرِيفُ بْنُ شِهَابٍ السَّعْدِيُّ ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ

ص: 211

244 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْمَانِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّاهُ حَدِّثِينِي شَيْئًا سَمِعْتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الطَّيْرُ تَجْرِي بِقَدَرٍ ، وَكَانَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ»

ص: 211

245 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ ، قَالَ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَنِي جَعْفَرٍ تُصِيبُهُمُ الْعَيْنُ قَالَ: «اسْتَرْقِي لَهُمْ ، فَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ» رَوَاهُ أَيُّوبُ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عُبَيْدٍ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ

ص: 212

246 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ الْأَنْصَارِيُّ ، عَنْ عَطَّافٍ السَّامِيِّ ، مِنْ بَنِي سَامَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ ، وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ ، وَإِنَّ الدُّعَاءَ لَيَلْقَى الْبَلَاءَ فَيَعْتَلِجَانِ إِلَيَّ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

ص: 212

247 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَنْ يَنْفَعَ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ ، وَلَكِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ»

ص: 212

قَالَ الشَّيْخُ: وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُلَيْكِيِّ فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ»

248 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، فَذَكَرَهُ وَالْمُلَيْكِيُّ وَعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ غَيْرُ قَوِيَّيْنِ وَأَمْثَلُ إِسْنَادٍ فِيهِ

ص: 212

مَا

⦗ص: 213⦘

249 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي ، وَأَبُو سَعِيدٍ الصَّيْرَفِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ هِشَامٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ ثَوْبَانَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ» وَكَذَلِكَ رَوَاهُ قَبِيصَةُ ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ ، عَنْ سُفْيَانَ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مَوْدُودٍ وَاسْمُهُ فِضَّةُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ سَلْمَانَ مَرْفُوعًا فِي الدُّعَاءِ ، وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ مَعْنَاهُ فِي الْعُمُرِ وَالرِّزْقِ

ص: 212

250 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ ح. قَالَ:

251 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عَقِيلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ ، وَيُنْسَأُ لَهُ فِي أَثَرِهِ ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ اللَّيْثِ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 213

252 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ

⦗ص: 214⦘

يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيَّ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمُدَّ اللَّهُ فِي عُمُرِهِ ، وَيُوَسِّعَ لَهُ رِزْقَهُ ، وَيَدْفَعَ عَنْهُ مَيْتَةَ السُّوءِ ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» قَالَ الشَّيْخُ: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ وَمَا قَبْلُهُ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 213

253 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنَادِي ، حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَمْرُو بْنُ الْجَوْنِ الدَّالَانِيُّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:«إِنَّ الْحَذَرَ لَا يُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ ، وَإِنَّ الدُّعَاءَ يَدْفَعُ الْقَدَرَ ، وَهُوَ إِذَا دَفَعَ الْقَدَرَ فَهُوَ مِنَ الْقَدَرِ»

ص: 214

254 -

وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ ، حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:«لَا يَنْفَعُ الْحَذَرُ مِنَ الْقَدَرِ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عز وجل يَمْحُو بِالدُّعَاءِ مَا شَاءَ مِنَ الْقَدَرِ»

ص: 214

255 -

وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:" {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] قَالَ: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: 39] مِنْ أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ ، هُمَا كِتَابَانِ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ مِنْ أَحَدِهِمَا {وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] ، أَيْ: جُمْلَةُ الْكِتَابِ " قَالَ الشَّيْخُ: وَالْمَعْنَى فِي هَذَا أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ كَتَبَ مَا يُصِيبُ عَبْدًا مِنْ عِبَادِهِ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْحِرْمَانِ وَالْمَوْتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ إِنْ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى أَوْ أَطَاعَهُ فِي صِلَةِ الرَّحِمِ وَغَيْرِهَا ، لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْبَلَاءُ ، وَرَزَقَهُ كَثِيرًا ، وَعَمَّرَهُ طَوِيلًا ، وَكَتَبَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ مَا هُوَ كَائِنٌ

⦗ص: 215⦘

مِنَ الْأَمْرَيْنِ ، فَالْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ يَرْجِعُ إِلَى أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 214

256 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْعَوْفِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا عَمِّي ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ عَطِيَّةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] قَالَ: " هُوَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ الزَّمَانَ بِطَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ يَعُودُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَيَمُوتُ عَلَى ضَلَالَةٍ فَهُوَ الَّذِي يَمْحُو ، وَالَّذِي يُثْبِتُ: الرَّجُلُ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَقَدْ كَانَ سَبَقَ لَهُ خَيْرٌ حَتَّى يَمُوتَ وَهُوَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، فَهُوَ الَّذِي يَثْبُتُ " قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ دَلَّ بَعْضُ مَا مَضَى مِنَ السُّنَنِ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنَّا قَدْ يَعْمَلُ زَمَانًا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَيَعْمَلُ الْآخَرُ زَمَانًا بِطَاعَةِ اللَّهِ ، ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ، فَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى مَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ فِيهِمَا ، فَيُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُحْوُ وَالْإِثْبَاتُ رَاجِعَيْنِ إِلَى عَمَلِهِمَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 215

257 -

وَأَمَّا مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّكَّرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو قُرَيْشٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ نَصْرُ بْنُ خَلَفٍ النَّيْسَابُورِيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ:" مَا دَعَا عَبْدٌ بِهَذِهِ الدَّعَوَاتِ إِلَّا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي مَعِيشَتِهِ: يَا ذَا الْمَنِّ ، وَلَا يُمَنُّ عَلَيْكَ ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ، يَا ذَا الطَّوْلِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، ظَهْرُ الَّاجِئِينَ ، وَجَارُ الْمُسْتَجِيرِينَ ، وَمَأْمَنُ الْخَائِفِينَ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي فِي أُمِّ الْكِتَابِ عِنْدَكَ شَقِيًّا فَامْحُ عَنِّي اسْمَ الشَّقَاءِ ، وَاثْبِتْنِي عِنْدَكَ سَعِيدًا ، وَإِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي فِي أُمِّ الْكِتَابِ مَحْرُومًا مُقَتَّرًا عَلَيَّ رِزْقِي ، فَامْحُ عَنِّي حِرْمَانِي وَتَقْتِيرِ رِزْقِي ، وَاثْبِتْنِي عِنْدَكَ سَعِيدًا مُوَفَّقًا لِلْخَيْرِ ، فَإِنَّكَ تَقُولُ فِي كِتَابِكَ {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] " قَالَ: فَهَذَا مَوْقُوفٌ

ص: 215

وَرُوِي عَنْ أَبِي حُكَيْمَةَ ،

⦗ص: 216⦘

عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي فِي السَّعَادَةِ فَاثْبِتْنِي فِيهَا ، وَإِنْ كُنْتَ كَتَبْتَ عَلَيَّ الشَّقَاوَةَ وَالذَّنْبَ. . . فَامْحُنِي وَاثْبِتْنِي فِي السَّعَادَةِ {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] " هَكَذَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي حُكَيْمَةَ وَسَمِعْنَاهُ. وَرَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ ، عَنْ أَبِي حُكَيْمَةَ مُخْتَصَرًا وَقَالَ:«فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَابِ» وَأَبُو حُكَيْمَةَ اسْمُهُ: عِصْمَةُ بَصْرِيٌّ تَفَرَّدَ بِهِ ، فَإِنْ صَحَّ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فَمَعْنَاهُ يَرْجِعُ إِلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَحْوِ الْعَمَلِ وَالْحَالِ ، وَتَقْدِيرُ قَوْلِهِ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي أَعْمَلُ عَمَلَ الْأَشْقِيَاءِ ، وَحَالِي حَالُ الْفُقَرَاءِ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِي فَامْحُ ذَلِكَ عَنِّي بِإِثْبَاتِ عَمَلِ السُّعَدَاءِ ، وَحَالِ الْأَغْنِيَاءِ ، وَاجْعَلْ خَاتِمَةَ أَمْرِي سَعِيدًا مُوَفَّقًا لِلْخَيْرِ فَإِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتَابِكَ:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: 39] أَيْ: مِنْ عَمَلِ الْأَشْقِيَاءِ ، {وَيُثْبِتُ} [الأنفال: 11] أَيْ: مِنْ عَمَلِ السُّعَدَاءِ ، وَيُبَدِّلُ مَا يَشَاءُ مِنْ حَالِ الْفَقْرِ وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ مِنْ حَالِ الْغِنَى ، ثُمَّ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ جَمِيعًا مَسْطُورَانِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ

ص: 215

258 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ النَّصْرَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، قَالَ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ اسْمِي فِي السُّعَدَاءِ فَاثْبِتْهُ فِيهِمْ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَشْقِيَاءِ فَامْحُهُ مِنْهُمْ وَاجْعَلْهُ فِي السُّعَدَاءِ؟ فَقَالَ:«حَسَنٌ» ثُمَّ مَكَثْتُ حَوْلًا فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: " {حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفَرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 2] قَالَ: يُفَرَقُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ رِزْقٍ أَوْ مُصِيبَةٍ ، فَأَمَّا كِتَابُ الشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ لَا يُغَيَّرُ "

ص: 216

259 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الزَّاهِدُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يَعْنِي النَّرْسِيَّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ عز وجل: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ قَالَ: " يُرِيدُ أَمْرَ السَّمَاءِ - يَعْنِي: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ - فَيَمْحُو مَا يَشَاءُ غَيْرَ الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ وَالْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ "

ص: 217

260 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: 39] يَقُولُ: " يُبَدِّلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ مِنَ الْقُرْآنِ فَيَنْسَخُهُ وَيُثْبِتُ يَقُولُ: وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ وَلَا يُبَدِّلُهُ {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] يَقُولُ: جُمْلَةُ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ ، وَمَا يُبَدَّلُ ، وَمَا يُثَبَّتُ كُلُّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ " هَذَا أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَأَجْرَاهُ عَلَى الْأُصُولِ. وَعَلَى مِثْلِ ذَلِكَ حَمَلَهَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله. وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالزِّيَادَةِ فِي الْعُمُرِ نَفْيُ الْآفَاتِ عَنْهُ ، وَالزِّيَادَةُ فِي عَقْلِهِ وَفَهْمِهِ وَبَصِيرَتِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عز وجل:{وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} [فاطر: 11]

ص: 217

261 -

فَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي سَعْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ:{وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} [فاطر: 11] يَقُولُ: " لَيْسَ أَحَدٌ قَضَيْتُ لَهُ طُولَ الْحَيَاةِ وَالْعُمُرِ إِلَّا هُوَ بَالِغٌ مَا قَدَّرْتُ لَهُ مِنَ الْعُمُرِ ، قَدْ قَضَيْتُ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَنْتَهِي إِلَى الْكِتَابِ الَّذِي قَدَّرْتُ لَهُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ ، لَيْسَ أَحَدٌ قَضَيْتُ لَهُ أَنَّهُ قَصِيرُ الْعُمُرِ بِبَالِغٍ الْعُمُرَ ، وَلَكِنْ

⦗ص: 218⦘

يَنْتَهِي إِلَى الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبْتُ لَهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} [فاطر: 11] يَقُولُ: كُلُّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ عِنْدَهُ "

ص: 217

262 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْحَرْبِيُّ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا أَبُوعَوَانَةَ ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ:{وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ} [فاطر: 11]«إِلَّا كُتِبَ عُمْرُهُ كَمْ هُوَ مِنْ سَنَةٍ ، كَمْ هُوَ مِنْ شَهْرٍ ، كَمْ هُوَ مِنْ يَوْمٍ ، كَمْ هُوَ مِنْ سَاعَةٍ ، ثُمَّ يُكْتَبُ عَدَدُ عُمْرِهِ نَقَصَ كَذَا ، حَتَّى يُوَافِقَ النُّقْصَانُ الْعُمُرَ»

ص: 218

263 -

أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنِ الْهُذَيْلِ ، عَنْ مُقَاتِلٍ ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَعْنِي:" مَنْ قَلَّ عُمْرُهُ أَوْ كَثُرَ فَهُوَ يَنْتَهِي إِلَى أَجَلِهِ الَّذِي كُتِبَ لَهُ ، ثُمَّ قَالَ: {وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} [فاطر: 11] كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى أَجَلِهِ {إِلَّا فِي كِتَابٍ} [فاطر: 11] يَعْنِي: فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَكْتُوبٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَخْلُقَهُ "

ص: 218

264 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ:{ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلُّ مُسَمًّى عِنْدَهُ} [الأنعام: 2] يَعْنِي: «أَجَلَ الْمَوْتِ ، وَالْأَجَلُ الْمُسَمَّى أَجْلُ السَّاعَةِ ، وَالْوُقُوفُ عِنْدَ اللَّهِ»

ص: 218

265 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْخُرَسَانِيُّ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{أَجَلًا وَأَجَلُّ مُسَمًّى} [الأنعام: 2] قَالَ: " أَجَلًا: الْمَوْتُ ، أَجْلٌ مُسَمًّى: السَّاعَةُ {ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ} [الأنعام: 2] يَعْنِي: الشَّكَّ وَالرِّيبَةَ فِي أَمْرِ السَّاعَةِ

⦗ص: 219⦘

وَسَمِعْنَاهُ رَوَاهُ مَنْصُورٌ ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَمَعْمَرٍ ، عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ

ص: 218

266 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ النَّصْرَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ ، يَقُولُ:" {لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [إبراهيم: 10] قَالَ: مِنَ الشِّرْكِ: {وَيُؤَخِّرُكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [إبراهيم: 10] قَالَ: بِغَيْرِ عُقُوبَةٍ {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ} [نوح: 4] قَالَ: الْمَوْتُ "

ص: 219

267 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، خَرَجَ إِلَى الشَّامِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ - أَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ وَقَعَ بِالشَّامِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ فِي اسْتِشَارَتِهِ إِيَّاهُمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَيْهِ ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ إِنِّي مُصَبَّحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ: أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ قَالَ عُمَرُ: لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ ، نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ فَهَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عَدْوَتَانِ أَحَدُهُمَا خَصْبَةٌ وَالْأُخْرَى جَدْبَةٌ ، أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ ، وَإِنْ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ؟ قَالَ: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمًا ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تُقْدِمُوا عَلَيْهِ ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ ، عَنْ مَالِكٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ

⦗ص: 220⦘

قَالَ أَصْحَابُنَا فِي هَذَا الْخَبَرِ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ رضي الله عنه اسْتَعْمَلَ الْحَذَرَ وَثَبَّتَ بِالْقَدَرِ مَعًا ، وَهُوَ طَرِيقُ السُّنَّةِ وَنَهْجُ السَّلَفِ الصَّالِحِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. وَالَّذِي رُوِّينَا:«لَا يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ» مَعْنَاهُ فِيمَا كُتِبَ مِنَ الْقَضَاءِ الْمَحْتُومِ ، كَمَا لَا يَنْفَعُ الدُّعَاءُ وَالدَّوَاءُ فِي رَدِّ الْمَوْتِ إِذَا جَاءَ الْأَجَلُ الْمَكْتُوبُ الْمَحْتُومُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، ثُمَّ قَدْ يَكُونُ النَّفْعُ فِي الْحَذَرِ وَالدُّعَاءِ وَالدَّوَاءِ إِذَا كَانَ الْقَلَمُ قَدْ جَرَى بِإِلْحَاقِ النَّفْعِ بِأَحَدِ هَؤُلَاءِ ، وَهُوَ مُيَسَّرٌ لِمَا كُتِبَ لَهُ وَعَلَيْهِ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ غَيْرَهُ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ص: 219

268 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَشَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: كُنَّا نُحَدِّثُ عَنِ الْهُدْهُدِ ، قَالَ:«إِنَّ الْهُدْهُدَ يَعْرِفُ مَسَافَةَ الْمَاءِ فِي الْأَرْضِ» قَالَ: فَقَالَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ: قِفْ ، قِفْ أَوَ يَقُولُ: إِنَّ الْهُدْهُدَ يَعْرِفُ مَسَافَةَ الْمَاءِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ يُنْصَبُ لَهُ الْفَخُّ وَيُذَرُّ عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ مِثْلُ الْحَرِيرَةِ ، ثُمَّ يَجِئُ حَتَّى يَأْخُذَ الْفَخَّ بِعُنُقِهِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:«يَا وَقَّافُ ، أَرَدْتَ أَنْ تَقُولَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَذَا وَكَذَا وَقُلْتُ كَذَا وَكَذَا قَاتَلَكَ اللَّهُ ، إِنَّ الْبَصَرَ يَنْفَعُكَ مَا لَمْ يَأْتِ الْقَدَرُ ، فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ حَالَ الْقَدَرُ دُونَ الْبَصَرِ»

ص: 220

269 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ:{أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} [الأعراف: 37] يَقُولُ: «أَعْمَالُهُمْ»

ص: 220

270 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا آدَمُ ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ {يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} [الأعراف: 37] قَالَ: " الشَّقَاءُ وَالسَّعَادَةُ ، مِثْلَ قَوْلِهِ: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ} [هود: 105] وَسَعِيدٌ "

ص: 220

271 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْفِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، {أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} [الأعراف: 37] قَالَ: «مَا كُتِبَ عَلَيْهِمْ مِنَ الضَّلَالَةِ وَالْهُدَى»

ص: 221

272 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ:{أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} [الأعراف: 37] قَالَ: «مَا كُتِبَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ»

ص: 221

وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ ، عَنْ عَطِيَّةَ قَالَ:«الْكِتَابُ السَّابِقُ»

ص: 221

273 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ ، قَالَ:" مِنَ الشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ وَ {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29] قَالَ: كَمَا بَدَأَكُمْ فِي الْأَصْلِ شَقِيًّا وَسَعِيدًا كَذَلِكَ تَعُودُونَ "

ص: 221

274 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ " كَمَا كَتَبَ عَلَيْكُمْ تَكُونُونَ {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: 30] "

ص: 221

275 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا آدَمُ ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ:{كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29] قَالَ: «يَعْنِي شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا»

ص: 221

276 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ النَّصْرَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، فِي قَوْلِهِ:" {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] قَالَ: مَخْرَجُهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ يَرْزُقُهُ وَهُوَ يُعْطِيهِ وَهُوَ يَمْنَعُهُ {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] قَالَ: لَيْسَ كُلُّ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ كَفَاهُ إِلَّا أَنَّهُ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعَظِّمْ لَهُ أَجْرًا {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} [الطلاق: 3] مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدَرًا} [الطلاق: 3] قَالَ: أَجَلًا "

ص: 222

277 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:" أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ خَلَقَهُ مِنْ هِجَاءٍ قَبْلَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ ، فَتَصَوَّرَ قَلَمًا مِنْ نُورٍ ، فَقِيلَ لَهُ: اجْرِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ، قَالَ: يَارَبِّ بِمَاذَا؟ قَالَ: بِمَا يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ ، وَكَّلَ بِالْخَلْقِ حَفَظَةً يَحْفَظُونَ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ، فَلَمَّا قَامَتِ الْقِيَامَةُ ، عُرِضَتْ عَلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ وَقِيلَ: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 29] وَعُرِضَ بِالْكِتَابَيْنِ فَكَانَا سَوَاءً قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَسْتُمْ عَرَبًا، هَلْ تَكُونُ النُّسْخَةُ إِلَّا مِنْ كِتَابٍ؟ "

ص: 222

278 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ:«إِنَّ اللَّهَ قَدَّرَ أَجَلًا ، وَقَدَّرَ بَلَاءً ، وَقَدَّرَ مُصِيبَةً ، وَقَدَّرَ مُعَافَاةً فَمَنْ كَذَّبَ بِالْقَدَرِ فَقَدْ كَفَرَ بِالْقُرْآنِ. زَادَ فِيهِ غَيْرُهُ عَنْهُ» وَقَدَّرَ رِزْقًا "

ص: 222

279 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُتْبَةَ ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ ، حَدَّثَنَا ابْنُ نَجِيحٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخَذَ بِعِنَانِ دَابَّتِهِ. فَقَالَ:" تَزْعُمُ أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ قُتِلَ فِي غَيْرِ أَجَلِهِ، قَالَ: فَمَنْ يَأْكُلُ بَقِيَّةَ رِزْقِهِ يَا لُكَعُ ، خَلِّ الدَّابَّةَ بَلْ قُتِلَ فِي أَجَلِهِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْكَ الْيَوْمَ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ "

ص: 223

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ إِنَّ أَحَدًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ غَيْرَ مَا كُتِبَ لَهُ وَعَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: 30] وَقَالَ: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: 39] وَقَالَ: {مَنْ ذَا الَّذِي يِعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} [الأحزاب: 17] وَقَالَ: {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا} [الفتح: 11]

ص: 224

280 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَعُلِمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَفِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ شَيْبَانَ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ

ص: 224

281 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ

⦗ص: 225⦘

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَتَادَةَ السُّلَمِيِّ ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ ثُمَّ خَلَقَ الْخَلْقَ مِنْ ظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي ، وَهَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَلَا أُبَالِي " قَالَ: فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلَى مَاذَا نَعْمَلُ؟ قَالَ: «عَلَى مُوَاقَعَةِ الْقَدَرِ» كَذَا قَالَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ مَرَّةً ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَهُوَ خَطَأٌ وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ كَمَا

ص: 224

282 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الصَّوَّافُ بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَتَادَةَ السُّلَمِيِّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَبْتَدَأَ الْأَعْمَالُ أَمْ قُضِيَ الْقَضَاءُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَخَذَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ، ثُمَّ أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ أَفَاضَ بِهِمْ فِي كَفَّيْهِ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ ، وَهَؤُلَاءِ فِي النَّارِ ، فَأَهْلُ الْجَنَّةِ يُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ الْجَنَّةِ ، وَأَهْلُ النَّارِ يُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ النَّارِ " وَهَذَا أَصَحُّ

ص: 225

283 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، وَأَبُو صَادِقٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ الْعَطَّارُ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُتْبَةَ ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ ، ح

284 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ، وَابْنُ الْمُصَفَّى ، قَالَا: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَتَادَةَ الْبَصْرِيِّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَتَادَةَ الْبَصْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَبْتَدِئُ الْأَعْمَالَ أَمْ قَدْ قُضِيَ الْقَضَاءُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ

⦗ص: 226⦘

ذُرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ، ثُمَّ أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ أَفَاضَ بِهِمْ فِي كَفَّيْهِ ، ثُمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَهَؤُلَاءِ فِي النَّارِ ، فَأَهْلُ الْجَنَّةِ مُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَأَهْلُ النَّارِ مُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ " قَالَ الشَّيْخُ: الزُّبَيْدِيُّ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ ثِقَةٌ ، سَمَّاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، عَنْ بَقِيَّةَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ البَصْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ

ص: 225

وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنْ رَاشِدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَتَادَةَ البَصْرِيِّ ، سَمِعَ أَبَاهُ ، سَمِعَ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَامَ نَعْمَلُ؟ فَقَالَ: «عَلَى مَوَاقِعِ الْقَدَرِ»

285 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ فَارِسٍ ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ ، قَالَ: قَالَ لِي إِسْحَاقُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو ، حَدَّثَنَا ابْنُ سَالِمٍ ، فَذَكَرَهُ

ص: 226

286 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهِدُ ، رحمه الله ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ الْبَزَّارُ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ وَرَّادٍ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ صَلَاتِهِ إِذَا سَلَّمَ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْتَ ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ جَرِيرٍ

ص: 226

287 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ

⦗ص: 227⦘

الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَالَ: " يَا غُلَامُ ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، وَأَعْلَمْ أَنَّ الْأُمَمَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، جَفَّتِ الصُّحُفُ ، وَرُفِعَتِ الْأَقْلَامُ، أَوْ قَالَ: الْأَقْلَامُ وَرُفِعَتِ الصُّحُفُ "

288 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ قَتَادَةُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«رُفِعَتِ الصُّحُفُ وَجَفَّتِ الْأَقْلَامُ» لَمْ يَشُكَّ وَقَالَ: عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْحِمْيَرِيِّ

ص: 226

289 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحَارِثِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي بُرَيدُ عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ، وَرُبَّمَا قَالَ: جَاءَهُ سَائِلٌ وَصَاحِبُ حَاجَةٍ قَالَ: اشْفَعُوا فَتُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا شَاءَ " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ

ص: 227

بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: 153] مَعَ قَوْلِهِ: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} [الإسراء: 48] فَأَمَرَهُمْ بِمَا أَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَهُ يُرِيدُ دُونَهُ ، وَقَوْلُهُ:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وَقَوْلُهُ: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران: 200] مَعَ قَوْلِهِ: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا} [الفرقان: 19] وَقَوْلُهُ: {فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 18] مَعَ قَوْلِهِ {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} [الكهف: 101] وَقَوْلُهُ: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} [البقرة: 228] مَعَ قَوْلِهِ: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} [النساء: 129] وَقَوْلُهُ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42] وَقَوْلُهُ بَعْدَمَا أَمَرَهُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} [المزمل: 20] وَقَوْلُهُ بَعْدَ مَا أَمَرَهُمْ بِصَبْرِ الْوَاحِدِ لِلْعَشَرَةِ: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} [الأنفال: 66] الْآيَةَ وَقَوْلُ الْخَضِرِ لِمُوسَى عليهما السلام بَعْدَ مَا أَمَرَ مُوسَى بِاتِّبَاعِ الْخَضِرِ {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: 67] وَقَوْلُهُ: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} [الكهف: 69] عِلْمًا مِنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّبْرَ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ ثُمَّ قَوْلُ

ص: 228

الْخَضِرِ حِينَ تَحَقَّقَ قَوْلُهُ {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: 75] وَقَوْلُهُ: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: 78] . قَالَ أَصْحَابُنَا: فَلَوْلَا أَنَّ الْأَمْرَ بِمَا لَا يَسْتَطِيعُونَ فِعْلَهُ دُونَ تَوْفِيقِهِ جَائِزٌ لَمَا كَانَ لِقَوْلِهِمْ: {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] مَعْنَى ، يَعْنِي: وَهُوَ لَا يُحَمِّلُهُمْ مَا لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ

ص: 229

290 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ:{وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: 43] قَالَ: " هُمُ الْكُفَّارُ كَانُوا يُدْعَوْنَ فِي الدُّنْيَا وَهُمْ آمِنُونَ فَالْيَوْمَ يُدْعَوْنَ وَهُمْ خَائِفُونَ. ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ عز وجل أَنَّهُ قَدْ حَالَ بَيْنَ أَهْلِ الشِّرْكِ وَبَيْنَ طَاعَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ قَالَ: وَ {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ} [هود: 20] وَهُوَ طَاعَتُهُ {وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} [هود: 20] وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَقَالَ: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42] ، {خَاشِعَةٌ أَبْصَارُهُمْ} [القلم: 43] "

ص: 229

وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] قَالَ: " هُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَمْرَ دِينِهِمْ فَقَالَ: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَقَالَ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة: 185] الْإِفْطَارُ فِي السَّفَرِ {وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ وَقَالَ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] "

ص: 229

291 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدٍ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ ، عَنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 230⦘

: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وَقَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرَّكْبِ ، فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَالزَّكَاةَ وَالصَّدَقَةَ ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ، بَلْ قُولُوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285] فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ ، أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِي أَثَرِهَا {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285] فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] قَالَ: نَعَمْ {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: 286] قَالَ: نَعَمْ {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] . قَالَ: نَعَمْ {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286] قَالَ: نَعَمْ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ بِسْطَامٍ ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 229

292 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الدَّارَابَجِرْدِيُّ ، حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ زُبَيْدٍ ، عَنْ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ:{اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] قَالَ «أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى ، وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرُ ، وَأَنْ يُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى»

ص: 230

293 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَّاجُ ، حَدَّثَنَا مُطَينٌ ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] قَالَ: «أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى ، وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى ، وَيُشْكَرَ فَلَا يُكَفَرُ» قَالَ: " فَنَزَلَتْ {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] "

ص: 230

294 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَمُقَاتِلٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا حَقُّ تُقَاتِهِ؟ قَالَ:«أَنْ يَذْكُرَ فَلَا يُنْسَى وَيُطَاعَ فَلَا يُعْصَى» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَقْوَى عَلَى هَذَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ

ص: 231

296 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا ابْنُ أَبِي أَوْسٍ ، أنا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءِ فَاجْتَنِبُوهُ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أَوْسٍ

⦗ص: 232⦘

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَفِيهِ إِخْبَارٌ عَنْ أَمْرِهِ إِيَّاهُمْ بِمَا لَا يَسْتَطِيعُونَ فِعْلَهُ ، وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ مَا يَسْتَطِيعُونَ فِعْلَهُ ، وَالْخَبَرُ وَارِدٌ فِي الْمُسْلِمِينَ

ص: 231

297 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ ، أنا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ ، أنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، أنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، أنا الْأَعْمَشُ ، عَنْ سَالِمٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ ثَوْبَانَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ أَفْضَلُ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةَ ، وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ» قَالَ: فَأَمَرَهُمْ بِالِاسْتِقَامَةِ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَا يُطِيقُونَهُ

ص: 232

298 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَامِرِيُّ ، أنا أَبُو أُسَامَةَ ، حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي ، وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ ، أَبُوءُ لَكَ بِذُنُوبِي ، وَأَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ» وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ ، وَيَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَا اسْتَطَاعَهُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي اكْتَسَبَهُ ، وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ يَقُولُ اسْتِطَاعَةَ الْكَسْبِ مَعَ الْكَسْبِ ، وَقَدْ نَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الِاسْتِطَاعَةَ عَمَّا لَمْ يُقَدَّرْ كَوْنُهُ

ص: 232

فِيمَا

299 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، ح

300 -

قَالَ وَأَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، أنا أَبُو كُرَيْبٍ ، ح

⦗ص: 233⦘

301 -

قَالَ وَأَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: أنا وَقَالَا: أنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: كُنَّا نَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّ بِابْنِ صَيَّادٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيئًا» فَقَالَ: دُخٌّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُ قَدْرَكَ» فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، دَعْنِي فَأَضْرِبُ عُنُقَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«دَعْهُ فَإِنْ يَكُنِ الَّذِي نَخَافُ فَلَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ ، وَإِسْحَاقَ ، وَأَبِي كُرَيْبٍ

ص: 232

302 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الرَّزَّازُ بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ إِمْلَاءً ، أنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ الصَّائِغُ ، أنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا ، أنا دَاوُدُ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ:«بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَكَانَ جَرِيرٌ رَجُلًا فَطِنًا قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: فِيمَ اسْتَطَعْتُ؟ قَالَ: «فِيمَ اسْتَطَعْتُ» ؟ قَالَ: فَكَانَتْ رُخْصَةً

ص: 233

303 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْآدَمِيُّ بِمَكَّةَ ، أنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِابْنِ صَيَّادٍ:«إِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيئًا» وَخَبَأَ لَهُ: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُو قَدْرَكَ» فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبُ عُنُقَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ يَكُنْ هُوَ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَا يَكُنْ هُوَ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَغَيْرِهِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ

⦗ص: 234⦘

وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَعْمَرٍ

ص: 233

304 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَوْهَرِيُّ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ ، أنا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، أنا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ ، كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ رَجُلٌ بِفَرَسٍ لَهُ يَقُودُهَا عَقُوقٍ وَمَعَهَا مُهْرَةٌ لَهَا تَتْبَعُهَا فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: «أَنَا نَبِيُّ» قَالَ: مَا نَبِيٌّ؟ قَالَ: «رَسُولُ اللَّهِ» قَالَ: مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «غَيْبٌ وَلَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ» قَالَ: أَرِنِي سَيْفَكَ ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَيْفَهُ فَهَزَّهُ الرَّجُلُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَا إِنَّكَ لَمْ تَكُنْ تَسْتَطِعِ الَّذِي أَرَدْتَ»

ص: 234

305 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، أنا أَبُو دَاوُدَ ، أنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، أنا حَمَّادٌ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يَعْنِي الْقَلْبَ. قَالَ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَا لَمْ يَكْتَسِبْهُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَمْ يَسْتَطِعْهُ ، وَمَا اكْتَسَبَهُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي اسْتَطَاعَهُ

ص: 234

306 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، أنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ فِرَاسٍ الْمَالِكِيُّ بِمَكَّةَ ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ، أنا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ فُرَافِصَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلَامُ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فَلَوْ جَهِدَ الْخَلْقُ عَلَى أَنْ يُعْطُوكَ شَيْئًا لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ لَكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ، وَعَلَى أَنْ يَمْنَعُوكَ شَيْئًا كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ، فَاعْمَلْ لِلَّهِ بِالرِّضَا فِي الْيَقِينِ ، اعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا ، وَأَنَّ

⦗ص: 235⦘

النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»

ص: 234

307 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ ، أنا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَّامٍ ، أنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، مَوْلَى غُفْرَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ ، إِلَى أَنْ قَالَ:«فَقَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، لَوْ جَهِدَ الْخَلَائِقُ أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ لَكَ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ ، وَلَوْ جَهِدُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ بِالرِّضَا فِي الْيَقِينِ فَافْعَلْ ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَإِنَّ فِي الصَّبْرِ ، فَذَكَرَ مَا بَعْدَهُ» وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ ، عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. رُوِّينَاهُ عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 235

308 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ الرَّزَّازُ بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ ، أنا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أنا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ وَرَّادٍ ، كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْتَ ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]

ص: 235

309 -

فَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، أنا سُفْيَانُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمَخْزُومِيِّ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] قَالَ: «الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ الْإِطْعَامُ ، وَيَعْجَزُونَ عَنِ الصِّيَامِ الْفِدْيَةُ إِذَا أَفْطَرُوا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ الصِّيَامَ إِنْ تَكَلَّفُوهُ وَأَرَادُوا بِهِ الْفِدْيَةَ إِذَا أَفْطَرُوا عَلَى مَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ

ص: 236

310 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ ، أنا أَبُو الْأَزْهَرِ ، أنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، ح

311 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا رَوْحٌ ، أنا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ ، يَقْرَأُ:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَيْسَتْ مَنْسُوخَةٌ ، هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ رَوْحٍ

ص: 236

وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا أَنَّهَا كَانَتْ تَقْرَأُ " {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] وَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يَحْمِلُونَهُ وَلَا يُطِيقُونَهُ "

ص: 236

بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] وَقَوْلُهُ: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 110] وَقَوْلُهُ: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54]، وَقَوْلُهُ:{كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الحجر: 12] وَقَوْلُهُ: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} [الكهف: 28] وَقَوْلُهُ: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5] وَقَوْلُهُ: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8] وَقَوْلُهُ: {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: 34] وَقَوْلُهُ: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الحجر: 39] وَقَوْلُهُ: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} [الإسراء: 16] وَقَوْلُهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا} [الأنعام: 123] وَقَوْلُهُ: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء: 4] وَقَوْلُهُ: {أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83] وَقَوْلُهُ: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 163] وَقَوْلُهُ: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] وَقَوْلُهُ: {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} [الجاثية: 23] وَقَوْلُهُ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى

ص: 237

قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} [النحل: 108] وَقَوْلُهُ: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء: 155] وَقَوْلُهُ: {فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 23] وَقَوْلُهُ: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} [الأنعام: 25] وَقَوْلُهُ: {وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [الأعراف: 100] وَقَوْلُهُ: {وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأعراف: 186] وَقَوْلُهُ: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} [آل عمران: 178] وَقَوْلُهُ: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف: 182] وَقَوْلُهُ: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} وَقَوْلُهُ: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} إِلَى سَائِرِ مَا وَرَدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل سِوَى هَذَا وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ. وَقَوْلُهُ: {فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ} [طه: 85] وَقَوْلُهُ: {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [طه: 131] وَقَوْلُهُ: {وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً} [المدثر: 31] وَقَوْلُهُ: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60] وَقَوْلُهُ: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} [الأنعام: 53] وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ} [الدخان: 17] إِلَى سَائِرِ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل فِي هَذَا الْمَعْنَى. وَمَعْقُولٌ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا أَخْبَرَ عَنْهُ مِنَ الْحَوْلِ وَالتَّقْلِيبِ وَالسَّلْكِ وَالْإِغْفَالِ وَالْإِزَاغَةِ وَالْإِغْوَاءِ وَالتَّسْلِيطِ وَإِرْسَالِ الشَّيَاطِينِ وَالْخَتْمِ وَالطَّبْعِ وَالْغِشَاوَةِ وَالْأَكِنَّةِ وَالْقَسَاوَةِ وَالْإِمْلَاءِ وَالِاسْتِدْرَاجِ وَالتَّزْيِينِ وَالْفِتْنَةِ وَإِرَادَةِ الْخَيْرِ بِهِمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَلَا لِيَزِيدَهُمْ قُرْبَةً إِلَيْهِ ، وَإِنَّمَا فَعَلَ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ إِرَادَةَ الشَّرِّ بِهِمْ وَلِيَزِيدَهُمْ بُعْدًا مِنْهُ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِهِ

ص: 238

312 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ ، أنا سُفْيَانُ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَمِينٌ يَحْلِفُ بِهَا: «لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْفِرْيَابِيِّ

ص: 239

313 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَاكِهِيُّ ، بِمَكَّةَ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ ، أنا الْمُقْرِئُ ، أنا حَيْوَةُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ كَيْفَ يَشَاءُ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ اصْرِفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَغَيْرِهِ ، عَنِ الْمُقْرِئِ

ص: 239

314 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ التَّنُوخِيُّ ، أنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ ، ح

315 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ ، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَامِيُّ قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْقِذٍ الْخَوْلَانِيُّ ، أنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ،

⦗ص: 240⦘

يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا هُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ» وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ ، وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ أَقْوَامًا ، وَيَضَعُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» لَفْظُ حَدِيثِ بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ

ص: 239

316 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، أنا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، أنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ الْوَلِيدُ ، أنا الْوَلِيدُ بْنُ مَالِكٍ الْهَمَذَانِيُّ ، أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ حَدَّثَهُمْ ، أَنَّ نُوَاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ حَدَّثَهُمْ يَرُدُّهُ ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقِيمُهُ إِذَا شَاءَ ، وَيُزِيغُهُ إِذَا شَاءَ ، وَالْمِيزَانُ بِيَدِ اللَّهِ يَرْفَعُ قَوْمًا وَيَضَعُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ، وَقَوْلُهُ:«بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ» أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْقُلُوبَ كُلَّهَا تَحْتَ قُدْرَتِهِ ، وَمَثَّلَ لِأَصْحَابِهِ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَوْضِحِ مَا يَعْقِلُونَ مِنْ

⦗ص: 241⦘

أَنْفُسِهِمْ ، لِأَنَّ الْمَرْءَ لَا يَكُونُ أَقْدَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى مَا بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهَا بَيْنَ نِعْمَتَيِ النَّفْعِ وَالدَّفْعِ ، أَوْ بَيْنَ أَثَرَيْهِ فِي الْفَضْلِ وَالْعَدْلِ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ:«إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ» وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 240

317 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَسْعُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُرْجَانِيُّ ، أنا حَامِدٌ الْهَرَوِيُّ ، أنا أَبُو عَلِيِّ بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، أنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، ح

318 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الْبَزَّارُ بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْفَاكِهِيُّ ، بِمَكَّةَ ، أنا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ ، أنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ ، أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ

⦗ص: 242⦘

اللَّيْلِ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي وَأَسْأَلُكَ رَحْمَتَكَ ، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي ، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ» لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي مَسَرَّةَ ، وَفِي رِوَايَةِ بِشْرٍ:«عِلْمًا نَافِعًا»

ص: 241

319 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ ، أنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، أنا مُسَدَّدٌ ، أنا سُفْيَانُ ، عَنْ سُمَيٍّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ ، وَمِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ

ص: 242

320 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، أنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، أنا رَوْحٌ ، أنا عُثْمَانُ الشَّحَّامُ ، حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ وَالِدَهُ ، وَهُوَ يَدْعُو يَقُولُ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ» قَالَ: فَأَخَذْتُهُنَّ عَنْهُ فَكُنْتُ أَدْعُو بِهِنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ " قَالَ: فَمَرَّ بِي وَأَنَا أَدْعُو بِهِنَّ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّ أَنَّى عَلِمْتَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ؟» قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبِي سَمِعْتُكَ تَدْعُو بِهِنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ فَأَخَذْتُهُنَّ عَنْكَ ، قَالَ:«فَالْزَمْهُنَّ يَا بُنَيَّ فَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ»

ص: 242

321 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ ، ح

322 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا أَبُو عُتْبَةَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ ، أنا

⦗ص: 243⦘

شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ ، عَنْ حَرْمَلَةَ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مَا يُحِبُّ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعْصِيَتِهِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ اسْتِدْرَاجٌ» ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44] لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ

ص: 242

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي خِرَاشٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي عَبْدًا مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مِمَّا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ لَهُ اسْتِدْرَاجٌ» ثُمَّ قَرَأَ فَذَكَرَهُ

ص: 243

323 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّغَانِيَّ ، بِمَرْوَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ النَّحْوِيَّ ، يَقُولُ:{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182] قَالَ: «أُظْهِرُ لَهُمُ النِّعَمَ ، وَأُنْسِيهِمُ الشُّكْرَ»

ص: 243

324 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، أنا زِيَادٌ الْجَصَّاصُ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ يُبَايِعُ النَّاسَ وَإِنِّي أَرْفَعُ أَغْصَانَهَا عَنْ رَأْسِهِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ وَوَجْهُهُ يَسِيلُ دَمًا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكُتُ. قَالَ: «وَمَا أَهْلَكَكَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِي فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ فَأَتْبَعْتُهَا بَصَرِي فَأَصَابَ وَجْهِي الْجِدَارُ فَأَصَابَنِي مَا تَرَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ فِي الدُّنْيَا ، وَإِذَا أَرَادَ بِهِ شَرًّا أَمْسَكَ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ الْقِيَامَةَ كَأَنَّهُ عَيْرٌ» قَالَ أَبُو نَصْرٍ يَعْنِي: الْحِمَارَ قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى ، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ

⦗ص: 244⦘

. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ

ص: 243

325 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، أنا إِسْحَاقُ ، أنا جَرِيرٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ خَيْثَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ:" وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ نَفْسٌ إِلَّا الْمَوْتُ خَيْرًا لَهَا ، إِنْ كَانَ مُؤْمِنًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [آل عمران: 198] وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} [آل عمران: 178] "

ص: 244

326 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ ، أنا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] قَالَ: «يَحُولُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَبَيْنَ الْكَافِرِ وَبَيْنَ طَاعَةِ اللَّهِ عز وجل»

ص: 244

327 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، أنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ:{يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] يَقُولُ: «يَحُولُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ ، وَيَحُولُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ»

ص: 244

وَقَوْلُهُ: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 110] قَالَ: «لَوْ رُدُّوا إِلَى الدُّنْيَا لَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْهُدَى كَمَا حِيلَ بَيْنَهُمْ أَوَّلَ

⦗ص: 245⦘

مَرَّةٍ فِي الدُّنْيَا»

ص: 244

وَقَوْلُهُ: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} [يس: 66] يَقُولُ: " أَضْلَلْنَاهُمْ عَنِ الْهُدَى فَكَيْفَ يَهْتَدُونَ - وَقَالَ مَرَّةً -: أَعْمَيْنَاهُمْ عَنِ الْهُدَى "

ص: 245

وَقَوْلُهُ: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الحجر: 39] يَقُولُ: «أَضْلَلْتَنِي»

ص: 245

وَقَوْلُهُ: {جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} [يس: 8] وَقَوْلُهُ: {مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} [الكهف: 28] وَقَوْلُهُ: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99] وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَحْرِصُ عَلَى أَنْ يُؤْمِنَ جَمِيعُ النَّاسِ وَيُتَابِعُوهُ عَلَى الْهُدَى فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ إِلَّا مَنْ سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ السَّعَادَةُ فِي الذِّكْرِ الْأَوَّلِ ، وَلَا يَضِلُّ إِلَّا مَنْ سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ الشَّقَاءُ فِي الذِّكْرِ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلُ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4] "

ص: 245

وَقَوْلُهُ: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} [الإسراء: 16] يَقُولُ: " سَلَّطْنَا شِرَارَهَا فَعَصَوْا فِيهَا فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَهْلَكْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا} [الأنعام: 123] " هَذَا كُلُّهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي تَقَدَّمَ

ص: 245

328 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ

⦗ص: 246⦘

يَعْقُوبَ ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ ، أنا أَبُو أُسَامَةَ ، أنا الْأَعْمَشُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ طَاوُسٍ ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَعَنَا رَجُلٌ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ فَقُلْتُ: إِنَّ أُنَاسًا يَقُولُونَ: لَا قَدَرٌ؟ قَالَ: أَوَفِي الْقَوْمِ أَحَدٌ مِنْهُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَوْ كَانَ فِيهِمْ مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: " لَوْ كَانَ فِيهِمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ ثُمَّ قَرَأْتُ عَلَيْهِ آيَةَ كَذَا وَكَذَا {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء: 4] "

ص: 245

329 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ، أنا أَبُو يَعْلَى ، أنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ، قَالَا: أنا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ:" كُنَّا نَقُولُ لِلْحَيِّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا كَثُرُوا: قَدْ أَمِرَ بَنُو فُلَانٍ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُفْيَانَ

ص: 246

330 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، أنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، أنا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا قَالَ:" أَكْثَرْنَا - قَالَ -: وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ: أَمِرَ بَنُو فُلَانٍ ، أَيْ كَثُرَ بَنُو فُلَانٍ"

ص: 246

قَالَ: وَحَدَّثَنَا آدَمُ ، أنا وَرْقَاءُ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَكْثَرْنَا فُسَّاقَهَا وَعَنْ وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} [الإسراء: 16] «بَعَثْنَا»

ص: 246

331 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، نا الْخَفَّافُ يَعْنِي عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنِ

⦗ص: 247⦘

عَطَاءٍ ، أنا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، وَالْحَسَنِ ، {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} [الإسراء: 16] يَقُولُ: «أَكْثَرْنَا جَبَابِرَتَهَا» وَعَنْ هَارُونَ عَنْ أَبِي الْمُعَلَّى ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:{أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} [الإسراء: 16] وَتَفْسِيرُهُ مِثْلَ قَوْلِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ

ص: 246

قَالَ: وَحَدَّثَنَا الْخَفَّافُ ، أنا عَوْفٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ (أَمَّرْنَا) مُثَقَّلَةٌ يَقُولُ:«جَعَلْنَاهُمْ أُمَرَاءَ» قَالَ الشَّيْخُ: وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: وَ {أَمَرْنَا} [آل عمران: 147] أَخْبَرَنَا هَذِهِ الْقِرَاءَةُ يَعْنِي {أَمَرْنَا} [آل عمران: 147] بِالتَّخْفِيفِ لِأَنَّ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةَ تَجْتَمِعُ فِيهَا ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الْأَمْرِ فَهُوَ بَيِّنٌ وَتَأْوِيلُهُ: أَمَرْنَاهُمْ بِالطَّاعَةِ فَعَصَوْا ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْكَثْرَةِ فَالْحُجَّةُ فِيهِ حَدِيثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«خَيْرُ الْمَالِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ» يُرِيدُ كَثْرَةَ الْوَلَدِ ، وَالْمَأْمُورَةُ إِنَّمَا هِيَ مِنْ أُمِرَتْ بِغَيْرِ مَدٍّ ، وَلَوْ كَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا مَمْدُودًا مِنْ آمَرْتُ كَانَتْ مُؤَمَّرَةً قَالَ: وَمِنَ الْإِمَارَةِ قَوْلُهُمْ: أَمِيرٌ غَيْرُ مَأْمُورٍ ، فَقَدِ اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ الْمَعَانِي الثَّلَاثُ: الْأَمْرُ وَالْإِمَارَةُ وَالْكَثْرَةُ

ص: 247

332 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، قَالَ: أنا أَبُو مَنْصُورٍ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، أنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، أنا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ:{لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [يونس: 85] قَالَ: «لَا تُسَلِّطْهُمْ عَلَيْنَا فَيَفْتِنُونَنَا ، فَيُفْتَتَنُوا بِنَا»

ص: 247

333 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، أنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، أنا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَا: أنا أَبُو الْأَشْهَبِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54] قَالَ: «حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ»

ص: 247

334 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، أنا يَعْقُوبُ ، أنا الْحَجَّاجُ ، أنا حَمَّادٌ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ عَلَى الْحَسَنِ فِي

⦗ص: 248⦘

بَيْتِ أَبِي خَلِيفَةَ فَفَسَّرَهُ لِي أَجْمَعَ عَلَى الْإِثْبَاتِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الشعراء: 200] قَالَ: «الشِّرْكُ سَلَكَهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ» وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ: {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ} [المؤمنون: 63] قَالَ: «أَعْمَالٌ سَيَعْمَلُونَهَا وَلَمْ يَعْمَلُوهَا» وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 163] قَالَ: «مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِمُضِلِّينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ»

ص: 247

335 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ ، أنا يَعْقُوبُ ، أنا النُّعْمَانُ ، أنا حَمَّادٌ ، عَنْ خَالِدٍ ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ} [الصافات: 163] الْجَحِيمِ قَالَ: «نَعَمْ ، الشَّيَاطِينُ لَا يُضِلُّونَ بِضَلَالَتِهِمْ إِلَّا مَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ أَنَّهُ يَصْلَى الْجَحِيمَ»

ص: 248

336 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّصْرَوِيُّ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، أنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، أنا أَبُو مَعْشَرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ:{مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 163] قَالَ: «مَا أَنْتُمْ بِمُضِلِّينَ أَحَدًا إِلَّا مَنْ كَتَبْتُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَحِيمِ»

ص: 248

337 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْفِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، أنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ مَالِكٍ أَبُو سُهَيْلٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ:«مَا تَرَى فِي الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا قَدَرَ؟» قَالَ: أَرَى أَنْ يُسْتَتَابُوا فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا ضَرَبْتُ أَعْنَاقَهُمْ ، قَالَ عُمَرُ:" ذَاكَ الرَّأْيُ فِيهِمْ ، لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْوَاحِدَةُ كَفَى بِهَا {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 162] "

ص: 248

338 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَنٍ ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، أنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، أنا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ:{يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] قَالَ: «يَحُولُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَقَلْبِهِ حَتَّى يَتْرُكَهُ لَا يَعْقِلُ»

ص: 249

339 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ ، أنا أَبُو عُتْبَةَ ، أنا بَقِيَّةُ ، أنا مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي قَوْلِهِ:{يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] قَالَ: «يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ ، وَيَحُولُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْإِيمَانِ»

ص: 249

قَالَ: وَحَدَّثَنَا بَقِيَّةُ ، أنا مُحَمَّدٌ الْكُوفِيُّ ، عَنِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} [الصافات: 162] قَالَ: «بِمُضِلِّينَ» {إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 163] قَالَ: «فِي عِلْمِ اللَّهِ عز وجل»

ص: 249

340 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْبَانُ ، أنا مَنْصُورٌ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 163] قَالَا: «مَا أَنْتُمْ بِمُضِلِّينَ أَحَدًا إِلَّا مَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَالِ الْجَحِيمِ»

ص: 249

341 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا أَبُو مُسْلِمٍ ، أنا أَبُو عَاصِمٍ ، أنا ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] قَالَ: «يَحُولُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَ أَنْ يَعْصِيَهُ ، وَبَيْنَ الْكَافِرِ وَبَيْنَ أَنْ يُطِيعَهُ»

ص: 249

342 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُؤَذِّنُ ، أنا

⦗ص: 250⦘

مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ خَنْبٍ أنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83] قَالَ: «تُزْعِجُهُمْ إِلَى الْمَعَاصِي إِزْعَاجًا»

ص: 249

بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأعراف: 186] وَقَوْلُهُ: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: 39] وَقَوْلُهُ: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} . وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الرعد: 33] . وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضَلٍّ} [الزمر: 37] وَقَوْلُهُ: {وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ} [النحل: 93] وَقَوْلُهُ: {فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ} [الروم: 29] وَقَوْلُهُ: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23] وَقَوْلُهُ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56] وَقَوْلُهُ: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ} [النساء: 88]

ص: 251

343 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يَحْيَى بِبَغْدَادَ ، أنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ ، أنا أَبِي ، أنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، أنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ ، ح

344 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ

⦗ص: 252⦘

يَعْقُوبُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ أَبِي: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ، أنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ ضِمَادًا ، قَدِمَ مَكَّةَ وَكَانَ مِنْ أَزِدْ شَنُوءَةَ ، وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ فَسَمِعَ سُفَهَاءَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ ، فَقَالَ: لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَشْفِيَهُ عَلَى يَدَيَّ قَالَ: فَلَقِيَهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ ، وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يَدَيَّ مَنْ يَشَاءُ ، فَهَلْ لَكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ» ، فَقَالَ: أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ. فَأَعَادَهُنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ ، وَقَوْلَ الشِّعْرِ ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ وَلَقَدْ بَلَغْنَا قَامُوسَ الْبَحْرِ فَقَالَ: هَاتِ يَدَكَ أُبَايِعُكَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَبَايَعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَعَلَى قَوْمِكَ» فَقَالَ: وَعَلَى قَوْمِي قَالَ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً فَمَرُّوا بِقَوْمِهِ فَقَالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ: هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَصَبْتُ مِنْهُمْ مَطْهَرَةً قَالَ: رُدُّوهَا فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمُ ضِمَادَ قَالَ: هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ نُقْصَانُ أَحْرُفٍ وَزِيَادَةُ أَحْرُفٍ وَمِمَّا زَادَ قَوْلُهُ:«وَنُؤْمِنُ بِهِ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى

ص: 251

345 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، أنا الْعَبَّاسُ الْأَسْفَاطِيُّ ، أنا أَبُو الْوَلِيدِ ، أنا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُطْبَةَ الْحَاجَةِ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ - أَوْ - إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا

⦗ص: 253⦘

مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» ، ثُمَّ يَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتٍ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] الْآيَةَ ، {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] الْآيَةَ ، ثُمَّ يَتَكَلَّمُ بِحَاجَتِهِ وَرُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، وَعَنْ أَبِي عِيَاضٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

ص: 252

346 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، أنا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ: «مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ وَكِيعٍ

ص: 253

347 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ رَجَاءٍ الْأَدِيبُ ، قَالَا: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، أنا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ ، ح

348 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ ، أنا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي ، أنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، أنا يَحْيَى هُوَ الْقَطَّانُ ، أنا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّهِ: " قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ "، فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ - إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ

⦗ص: 254⦘

الْجَزَعُ - لَأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56] لَفْظُ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ: عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْجَزَعُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

ص: 253

349 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ النَّصْرِ الْجَارُودِيُّ ، أنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ أنا حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ أنا ابْنُ بُرَيْدَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:«اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ أَمَنْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ ، أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي ، أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ الْأَكْبَرِ

ص: 254

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى عَادِلٌ فِي إِضْلَالِ مَنْ شَاءَ مِنْ عَبِيدِهِ حَكِيمٌ فِي إِنْشَائِهِ الْكُفْرَ بَاطِلًا فَاسِدًا قَبِيحًا خِلَافًا لِلْإِيمَانِ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 93] وَقَالَ: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] فَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَدْلًا مِنْهُ فَقَالَ:{وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 93] يُرِيدُ أَنَّكُمُ الْمَسْؤُلُونَ عَمَّا تَعْمَلُونَ ثُمَّ بَيَّنَهُ فِي آيَةٍ أُخْرَى فَقَالَ: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] فَبَيَّنَ لِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ غَيْرِهِ وَيَجْرِي حُكْمُهُ عَلَى غَيْرِهِ ، فَغَيْرُهُ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ تَحْتَ حَدِّهِ ، فَمَنْ جَاوَزَ حَدَّهُ كَانَ ظَالِمًا ، وَلَيْسَ هُمْ تَحْتَ حَدِّ غَيْرِهِ حَتَّى يَكُونَ لِمُجَاوَزَتِهِ ظَالِمًا

ص: 255

350 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، أنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ ، قَالَ: سَمِعْتُ إِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ ، يَقُولُ:«لَمْ أُخَاصِمْ بِعَقْلِي كُلِّهِ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ غَيْرَ أَصْحَابِ الْقَدَرِ» قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنِ الظُّلْمِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَا هُوَ قَالَ: «أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مَا لَيْسَ لَهُ» قُلْتُ: فَإِنَّ اللَّهَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ

ص: 255

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ: " الظُّلْمُ عِنْدَ الْعَرَبِ هُوَ فِعْلُ مَا لَيْسَ لِلْفَاعِلِ فِعْلُهُ ، وَلَيْسَ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا وَلَهُ فِعْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ فَعَلَ بِالْأَطْفَالِ وَالْمَجَانِينِ وَالْبَهَائِمِ مَا شَاءَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَلَاءِ فَقَالَ: {أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا} [نوح: 25] فَأَغْرَقَهُمْ صَغِيرَهُمْ وَكَبِيرَهُمْ وَقَالَ: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ فِي تَعْذِيبِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْأَطْفَالِ وَالْمَجَانِينِ بِأَنْوَاعِ الْبَلَاءِ "

ص: 256

351 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الزُّبَيْرِيُّ الْأَصْبَهَانِيُّ بِأَصْبَهَانَ وَلَقَبُهُ حَمْشَاذٌ ، أنا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَبُو عَمْرٍو الْقَيْسِيُّ ، أنا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ ، أنا يَحْيَى بْنُ عَقِيلٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ ، قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ ذَاتَ يَوْمٍ: أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ فِيهِ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ شَيْءٌ قُدِّرَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرِ قَدْ سَبَقَ أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِمَّا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ وَاتُّخِذَتْ عَلَيْهِمْ فِيهِ الْحُجَّةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا ، بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ. فَقَالَ: فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا؟ قَالَ: فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا وَقُلْتُ: إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ إِلَّا وَهُوَ خَلْقُ اللَّهِ وَمِلْكُ يَمِينِهِ: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] قَالَ: سَدَّدَكَ اللَّهُ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُجَرِّبَ عَقْلَكَ ، إِنَّ رَجُلًا أَتَى مِنْ جُهَيْنَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ أشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ وَاتُّخِذَتْ عَلَيْهِمْ فِيهِ الْحُجَّةُ؟ قَالَ: «لَا بَلْ شَيْءٌ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِمْ ، وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ» قَالَ: فَفِيمَ يَعْمَلُونَ إِذًا؟ قَالَ: " مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ عز وجل لِوَاحِدَةٍ مِنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ هَيَّأَهُ لِعَمَلِهَا ، وَتَصْدِيقُ

⦗ص: 257⦘

ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8] " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَزْرَةَ كَمَا مَضَى

ص: 256

352 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، إِمْلَاءً قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، أنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، أنا سُفْيَانُ ، عَنْ حَنْظَلَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل:{فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8] قَالَ: «أَلْزَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا»

ص: 257

353 -

وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، أنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، أنا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8] قَالَ: «عَرَّفَهَا شَقَاءَهَا وَسَعَادَتَهَا» {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10] قَالَ: «أَغْوَاهَا»

354 -

وَأَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَلَمْ يُجَاوِزْهُ مُجَاهِدٌ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8]«عَرَّفَهَا الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ» وَقَالَ: فِي قَوْلِهِ: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10]«يَعْنِي خَابَ مَنْ أَغْوَاهُ اللَّهُ» وَاخْتِلَافُ اللَّفْظَتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَمْلَاهُ ، عَنْ غَيْرِ التَّفْسِيرِ ، وَكَأَنَّهُ فِي نُسْخَةِ آدَمَ مَرْفُوعٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 257

355 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، أنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10] يَقُولُ: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّى اللَّهُ نَفْسَهُ ، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّ اللَّهُ نَفْسَهُ ، فَأَضَلَّهُ اللَّهُ»

ص: 257

356 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْفِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، أنا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، ح

357 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، أنا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، أنا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، أَنَّ أَبَا الزَّاهِرِيَّةِ حَدَّثَهُ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ ، عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ ، أَنَّهُ لَقِيَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي شَكَكْتُ فِي بَعْضِ أَمْرِ الْقَدَرِ ، فَحَدِّثْنِي لَعَلَّ اللَّهُ عز وجل يَجْعَلُ لِي عِنْدَكَ فَرَجًا قَالَ: نَعَمْ يَا بُنَيَّ حَقٌّ لَوْ عَذَّبَ اللَّهُ عز وجل أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ عَذَّبَهُمْ وَهُو غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ إِيَّاهُمْ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ ، وَلَوْ أَنَّ لِامْرِئٍ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل حَتَّى يَنْفَدَ ، ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ، وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ. فَذَهَبَ ابْنُ الدَّيْلَمِيِّ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَةِ سَعْدٍ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَلْقَى أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَذَهَبَ ابْنُ الدَّيْلَمِيِّ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ لِابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ لَهُ أُبَيٌّ مِثْلَ مَقَالَةِ صَاحِبِهِ ، فَقَالَ أُبَيٌّ: وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَلْقَى زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ. فَذَهَبَ ابْنُ الدَّيْلَمِيِّ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي شَكَكْتُ فِي بَعْضِ أَمْرِ الْقَدَرِ فَحَدِّثْنِي لَعَلَّ اللَّهَ عز وجل يَجْعَلُ لِي عِنْدَكَ مِنْهُ فَرَجًا ، قَالَ زَيْدٌ: نَعَمْ يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ إِيَّاهُمْ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ ، وَلَوْ أَنَّ لِامْرِئٍ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَدَ وَلَا يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ دَخَلَ النَّارَ»

⦗ص: 259⦘

وَرَوَاهُ أَيْضًا أَبُو الْأَسْوَدِ الدِّيلِيُّ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، ثُمَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِنْ قَوْلِهِمْ

ص: 258

358 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، أنا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ ، أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى الْأَسَدِيُّ ، أنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِي ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فَذَكَرَهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَامَّةَ مَنْ هَلَكَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالتَّكْذِيبِ بِالْقَدَرِ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ؟ قَالَ: «تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَتُؤْمِنُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَتَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمَا قَبْلَ الْخَلْقِ ثُمَّ خَلَقَ الْخَلْقَ لَهُمَا ، فَجَعَلَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ. وَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلَى النَّارِ عَدْلًا مِنْهُ ، وَكُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا فُرِغَ مِنْهُ ، صَائِرًا إِلَى مَا خُلِقَ لَهُ» وَقَدْ رُوِّينَاهُ فِيمَا مَضَى بِطُولِهِ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ

ص: 259

359 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ السَّامِرْدِيُّ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْقُرَشِيُّ بُسَرَّ مَنْ رَأَى ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أنا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، أنا أَبُو سَلَمَةَ الْجُهَنِيُّ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا قَالَ عَبْدٌ إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ وَحُزْنٌ اللَّهُمَّ إِنِي عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجَلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي ، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ قَالَ:«أَجَلْ يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَعْلَمَهُنَّ» تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

ص: 259

360 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ

⦗ص: 260⦘

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا أَبُو عُتْبَةَ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ ، نا بَقِيَّةُ ، نا أَبُو الْحَجَّاجِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ أَبِي حَمْزَةَ الْمِصْرِيِّ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُقَدِّرُ اللَّهُ عَلَيَّ أَمْرًا ثُمَّ يُعَذِّبُنِي عَلَيْهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَكَ يَا أَبَا أَيُّوبَ ، فَلَوْ كَانَ لَكَ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَلَمْ تُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ، لَمْ يَنْفَعْكَ ذَلِكَ شَيْئًا»

ص: 259

361 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أنا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبَّادٍ ، نا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، نا حَمَّادٌ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالْجَابِيَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى «مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ» ، وَالْجَاثَلِيقُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ بِقَمِيصِهِ: بركست بركست فَقَالَ عُمَرُ: «مَا يَقُولُ عَدُوُّ اللَّهِ» ؟ قَالُوا: لَمْ يَقُلْ شَيْئًا. ثُمَّ أَعَادَهَا فَتَشَهَّدَ فَقَالَ: «مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ» فَقَالَ: الْجَاثَلِيقُ بِقَمِيصِهِ: بركست بركست. فَقَالَ عُمَرُ: «مَا يَقُولُ» ؟ قَالُوا: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يَهْدِي وَلَا يُضِلُّ قَالَ: «كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ بَلِ اللَّهُ خَلَقَكَ ، وَهُوَ أَضَلَّكَ ، وَهُوَ يُدْخِلُكَ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَاللَّهِ لَوْلَا وَلْثُ عَهْدِكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ» قَالَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ بِمَعْنَاهُ وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَمَا هُمْ عَامِلُونَ ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهُ ، وَخَلَقَ أَهْلَ النَّارِ وَمَا هُمْ عَامِلُونَ ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهُ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ لِهَذِهِ ، وَهَؤُلَاءِ لِهَذِهِ قَالَ: فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْقَدَرِ "

ص: 260

362 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ النَّصْرَوِيُّ ،

⦗ص: 261⦘

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" مَا فِي الْأَرْضِ قَوْمٌ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ قَوْمٍ يُخَاصِمُونَ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَمَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ - وَأَحْسِبُهُ قَالَ -: قُدْرَةَ اللَّهِ ، قَالَ اللَّهُ عز وجل: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] "

ص: 260

وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَكَرَ الْقَدَرِيَّةَ ، فَقَالَ:" قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: 30] "

ص: 261

363 -

أَخْبَرَنَا أَبُو ذَرِّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمُذَكِّرِ ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ قَالَا: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبِرِّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ: وَسَأَلَ مُوسَى عليه السلام رَبَّهُ عز وجل عَنِ الْقَدَرِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ رَبِّ إِنَّكَ عَظِيمٌ لَوْ شِئْتَ أَنْ تُطَاعَ لَأُطِعْتَ ، لَوْ شِئْتَ أَنْ لَا تُعْصَى مَا عُصِيتَ ، وَأَنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَاعَ ، وَأَنْتَ فِي ذَلِكَ تَعْصِي فَكَيْفَ هَذَا أَيْ رَبِّ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ عز وجل إِنِّي لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ»

ص: 261

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل هُوَ الْمُعْطِي بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عَبِيدِهِ الْإِيمَانَ وَهُوَ مُحَبِّبُهُ إِلَيْهِ وَمُزَيِّنُهُ فِي قَلْبِهِ وَشَارِحُ صَدْرِهِ لَهُ وَهَادِيهِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَمُثَبِّتُهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ} [الروم: 56] وَقَالَ: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [يونس: 100] وَقَالَ: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 7] وَقَالَ: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر: 22] وَسَأَلَ الْكَلِيمُ رَبَّهُ فَقَالَ: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [طه: 25] وَقَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: 7] وَقَالَ: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا} وَقَالَ: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: 17] وَقَالَ: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 52] وَقَالَ: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} [الزمر: 54] إِلَى قَوْلِهِ: {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الزمر: 57] وَقَالَ: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ

ص: 262

مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 213] وَقَالَ: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة: 118] وَقَالَ: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74] وَقَالَ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] وَقَالَ {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 125] الْآيَةَ. وَآيَاتُ الْقُرْآنِ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ ، وَأَنْبِيَاءُ اللَّهِ تَعَالَى كَانُوا يَتَعَوَّذُونَ بِاللَّهِ عز وجل مِنَ الْكُفْرِ ، وَيَسْأَلُونَهُ التَّثْبِيتَ عَلَى الْإِيمَانِ وَالتَّوْفِيقَ لِلطَّاعَةِ ، عِلْمًا مِنْهُمْ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَسْتَطِيعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِاللَّهِ عز وجل ، قَالَ اللَّهُ عز وجل خَبَرًا عَنِ الْخَلِيلِ عليه السلام حَيْثُ قَالَ:{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: 128] وَقَالَ: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخَرِينَ} [الشعراء: 84] وَقَالَ: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: 40] وَقَالَ: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35] وَقَالَ عَنْ شُعَيْبٍ عليه السلام حَيْثُ قَالَ: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ} [هود: 88] وَقَالَ عَنِ الْكَلِيمِ عليه السلام حَيْثُ قَالَ: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} [طه: 25] وَقَالَ عَنْ يُوسُفَ عليه السلام: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101] وَعَلَّمَ نَبِيَّنَا صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 5]، {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الأعراف: 126] ، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8]

ص: 263

364 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو

⦗ص: 264⦘

سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ ، أنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، أنا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، سَمِعَ عُرْوَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْخُزَاعِيِّ ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم هَلْ لِلْإِسْلَامِ مُنْتَهًى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ» فَقَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ تَقَعُ الْفِتَنُ كَأَنَّهَا الظُّلَلُ»

ص: 263

365 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، نا جُنَيْدُ بْنُ حَكِيمٍ ، نا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ ، ح

366 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا دِعْلِجُ بْنُ أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، نا مُوسَى بْنُ هَارُونَ ، وَصَالِحُ بْنُ مُقَاتِلٍ ، ح. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ ، نا أَبُو الْمُثَنَّى الْعَنْبَرِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ ، ح

367 -

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ حَمْدَوَيْهِ الْفَقِيهُ ، بِبُخَارَى ، أنا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الْحَافِظُ ، قَالُوا: أنا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ الْمِصِّيصِيُّ ، أنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ زُبَيْدٍ ، عَنْ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ ، وَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ» زَادَ جُنَيْدُ بْنُ حَكِيمٍ فِي رِوَايَتِهِ: " فَمَنْ ضَنَّ بِالْمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ ، وَخَافَ الْعَدُوَّ أَنْ يُجَاهِدَهُ ، وَهَابَ اللَّيْلَ أَنْ يُكَابِدَهُ ، فَلْيُكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَاللَّهُ وَأَكْبَرُ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ ، تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ ، وَهُوَ ثِقَةٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُقْبَةَ أَخِي قَبِيصَةَ ، عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ ،

⦗ص: 265⦘

عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا ، وَرَوَاهُ الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ مَوْقُوفًا

ص: 264

368 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا أَبُو عُتْبَةَ ، نا بَقِيَّةُ ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ زُبَيْدٍ الْأَيَامِيِّ ، عَنْ مُرَّةَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:" إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ مَعَايِشَكُمْ ، وَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ ، وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ ، فَإِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدٌ أَعْطَاهُ الْإِيمَانَ ، فَمَنْ ضَنَّ مِنْكُمْ بِالْمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ أَنْ يُكَابِدَهُ ، أَوْ جَبُنَ عَنِ الْعَدُوِّ أَنْ يُجَاهِدَهُ ، فَلْيُكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ " وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ

ص: 265

369 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَّاجُ ، نا مُطَيَّنُ ، نا طَاهِرُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ ثُوَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ:«كَانَ لِي لِسَانٌ سَؤُولٌ ، وَقَلْبٌ عَقُولٌ ، وَمَا نَزَلَتْ آيَةٌ إِلَّا وَقَدْ عَلِمْتُ فِيمَا نَزَلَتْ وَبِمَا نَزَلَتْ وَعَلَى مَنْ نَزَلَتْ ، وَإِنَّ الدُّنْيَا يُعْطِيَهَا اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ وَمَنْ أَبْغَضَ ، وَإِنَّ الْإِيمَانَ لَا يُعْطِيَهُ اللَّهُ إِلَّا مَنْ أَحَبَّ»

ص: 265

370 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ ، نا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ ، نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ ، نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ الْمَكِّيُّ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْكَفَأَ الْمُشْرِكُونِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي» فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا: قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ ، اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ ، وَلَا هَادِيَ لِمَنْ أَضْلَلْتَ ، وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ ، وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْتَ ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ

⦗ص: 266⦘

وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ ، اللَّهُمَّ عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا وَمِنْ شَرِّ مَا مَنَعْتَنَا ، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ ، وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا ، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ إِلَهَ الْحَقِّ آمِينَ»

ص: 265

371 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، نا عَمْرٌو الْعَنْقَزِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ طُلَيْقِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوا ، ثُمَّ يَقُولُ:«رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الْهُدَى لِي ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا ، لَكَ ذَاكِرًا ، لَكَ رَاهِبًا ، لَكَ مِطْوَاعًا ، لَكَ مُخْبِتًا ، لَكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا ، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي ، وَأَجِبْ دَعْوَتِي وَاغْسِلْ حَوْبَتِي ، وَثَبِّتْ حُجَّتِي ، اهْدِ قَلْبِي ، وَسَدِّدْ لِسَانِي ، وَاسَلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي»

ص: 266

372 -

حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ رحمه الله إِمْلَاءً ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ الْعَدْلُ ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ ، نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أنا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى ، وَالتُّقَى ، وَالْعِفَّةَ ، وَالْغِنَى» وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ

ص: 266

373 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ ، نا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سُوقَةَ يَذْكُرُ عَنْ نَافِعٍ ، عنِ

⦗ص: 267⦘

ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنَّا كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسٍ يَقُولُ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» مِائَةَ مَرَّةٍ

ص: 266

374 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، نا أَحْمَدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ سَعْدٍ ، نا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا شَرِيكٌ ، ح

375 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ ، أنا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ يُوسُفَ ، عَنْ شَرِيكٍ ، نا جَامِعٌ هُوَ ابْنُ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّدِ قَالَ: وَكَانَ يُعَلِّمُنَا كَلِمَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ يُعَلِّمُنَاهُنَّ كَمَا يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ: «اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا ، وَاهْدِنَا سَبِيلَ السَّلَامِ وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ، وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا ، وَأَبْصَارِنَا ، وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا ، وَذُرِّيَّاتِنَا ، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعَمِكَ مُثْنِينَ بِهَا قَابِلِيهَا ، وَأَتِمَّهَا عَلَيْنَا» لَفْظُ حَدِيثِ الرُّوذْبَارِيُّ

376 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الْفَقِيهُ الطَّبَرِيُّ ، نا عُثْمَانُ بْنُ يَحْيَى الْقُرْقُسَانِيُّ ، نا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ ، نا ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا. فَذَكَرَ بِنَحْوِهِ

ص: 267

377 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، نا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، نا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَحْفِرُ مَعَنَا حَتَّى رَأَيْتُ التُّرَابَ قَدْ وَارَى بَيَاضَ بَطْنِهِ أَوْ قَالَ شَعْرَهُ وَهُوَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

⦗ص: 268⦘

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا» قَالَ شُعْبَةُ فِي حَدِيثِهِ: حِفْظِي: إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ، وَفِي الصَّحِيفَةِ: إِنَّ الْمَلَأَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا قَالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَبَيْنَا أَبَيْنَا» يَرْفَعُ صَوْتَهُ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ

ص: 267

378 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النَّجَّادُ ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، نا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ ، نا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَنْقُلُ مَعَهُ التُّرَابَ وَهُوَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا ، يَوْمًا وَلَا صُمْنَا وَلَا صَلَّيْنَا ، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ، وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا ، وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ، إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَارِمِ بْنِ الْفَضْلِ

ص: 268

379 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ قَالَا: نا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، نا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ نا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ أنا أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْجَنْبِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ ، سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ ، يُخْبِرُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافًا وَقَنَعَ»

ص: 268

380 -

أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو الطِّيبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ رحمه الله إِمْلَاءً ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدِينِيُّ ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، أنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، نا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عز وجل قَالَ:«إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ يَا عِبَادِي عَلَى نَفْسِي أَلَا فَلَا تَظَالَمُوا ، كُلُّ ابْنِ آدَمَ يُخْطِئُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُنِي ، فَأَغْفِرُ لَهُ وَلَا أُبَالِي ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ كَانَ ضَالًّا إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ ، وَكُلُّكُمْ كَانَ عَارِيًا إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ ، وَكُلُّكُمْ كَانَ جَائِعًا إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ ، وَكُلُّكُمْ كَانَ ظَمْآنًا إِلَّا مَنْ سَقَيْتُهُ ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ ، وَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ ، وَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ ، وَاسْتَسْقُونِي أَسْقِكُمْ يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَجِنَّكُمْ وَإِنْسَكُمْ ، وَذَكَرَكُمْ وَأُنْثَاكُمْ ، وَصَغِيرَكُمْ وَكَبِيرَكُمْ ، وَحَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمْ عَلَى قَلْبِ أَتْقَاكُمْ رَجُلًا وَاحِدًا لَمْ يَزِيدُوا فِي مُلْكِي شَيْئًا ، وَلَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَجِنَّكُمْ وَإِنْسَكُمْ ، وَذَكَرَكُمْ وَأُنْثَاكُمْ ، وَصَغِيرَكُمْ وَكَبِيرَكُمْ ، عَلَى قَلْبِ أَكْفَرِكُمْ رَجُلًا لَمْ يَنْقُصْ فِي مُلْكِي شَيْئًا ، إِلَّا مَا يَنْقُصُ رَأْسُ الْمِخْيَطِ مِنَ الْبَحْرِ»

ص: 269

381 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، نا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، نا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ ، مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَمَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَمَنْ كَانَ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيَّ الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ

ص: 269

382 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ

⦗ص: 270⦘

أَحْمَدَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ ، أنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ:«الْقُلُوبُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهُمَا»

ص: 269

383 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ الصَّائِغُ ، نا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ ، نا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، وَيَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَكْثُرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»

ص: 270

384 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أنا سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ يُقَلِّبُهَا الرِّيحُ» وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا

ص: 270

385 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُكْرَمٍ ، بِبَغْدَادَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَشَدُّ تَقَلُّبًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اجْتَمَعَ غَلْيًا»

ص: 270

386 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ ، نا مِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ ، نا ذُؤَيْبُ بْنُ عِمَامَةَ ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْآيَةَ: " {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]

⦗ص: 271⦘

" وَغُلَامٌ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: بَلَى وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيْهَا لَأَقْفَالَهَا ، وَلَا يَفْتَحُهَا إِلَّا الَّذِي أَقْفَلَهَا ، فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ طَلَبَهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ ، وَقَالَ:«إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ عَقْلٍ»

ص: 270

387 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ ، نا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جِنَازَةٍ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا ، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا ، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ»

ص: 271

388 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ الْبَغْدَادِيُّ بِهَا ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، نا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، أنا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَدْعُو فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَدْعُو فَقَالَ:«سَلْ تُعْطَهْ» : وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لَا يَرْتَدُّ ، وَنَعِيمًا لَا يَنْفَدُ ، وَمُرَافَقَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَعْلَى غُرَفِ جَنَّةِ الْخُلْدِ

ص: 271

389 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ مِنْ كِتَابٍ عَتِيقٍ ، نا أَبُو فَرْوَةَ يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنِي أَبِي يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ: تَلَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْآيَةَ: " {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر: 22] " فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ انْشِرَاحُ صَدْرِهِ؟ قَالَ: «إِذَا دَخَلَ النُّورُ الْقَلْبَ انْشَرَحَ وَانْفَسَحَ» فَقُلْنَا: فَمَا عَلَامَةُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ ، وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ ، وَالتَّأَهُّبِ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ»

⦗ص: 272⦘

وَرُوِيَ عَنْ مُرَّةَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ رَفَعَهُ مُخْتَصَرًا

ص: 271

390 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، فِيمَا سَاقَ إِلَيْهِ كَلَامَهُ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ " الْإِيمَانُ نُورٌ وَهُدًى ، وَحَيَاةٌ وَغِنًى ، وَشَرَفٌ وَعِزٌّ ، وَبَيَانٌ وَحُجَّةٌ ، وَعَدْلٌ وَصِدْقٌ ، وَحَقٌّ وَصَوَابٌ ، لَهُ أَسَامٍ ظَاهِرَةٌ ، وَصِفَاتٌ زَاكِيَةٌ ، وَنُعُوتٌ زَاهِرَةٌ ، تَبِينُ بِهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ لِعُلُوِّهَا وَشَرَفِهَا وَارْتِفَاعِهَا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، وَهُوَ خَيْرُ الْأَشْيَاءِ حُجَّةً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَرْجَحُهَا وَأَزْكَاهَا وَأَنْمَاهَا ، فَلَمَّا رَأَيْنَا هَذِهِ صِفَاتَ الْإِيمَانِ وَنُعُوتَهُ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ عز وجل هُوَ الْمُعْطِي عِبَادَهُ ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَطِيَّةَ الرَّبِّ لَزَالَ عَنِ الرَّبِّ فَضْلُ الْمَدْحِ وَأَعْلَاهُ ، وَلَكَانَ الْعِبَادُ قَدْ كَسَبُوا أَشْيَاءَ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَعْطَاهُمُ الرَّبُّ ، وَلَكَانَ الرَّبُّ لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا وَالْعَبْدُ يَكْسِبُ أَفْضَلَ مِنْهُ وَقَدْ قَالَ {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] وَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْوَعْدَ - قَالَ -: فَلَمَّا بَطَلَ فِي الْعَقْلِ أَنَّ عَبْدًا يُعْطِي نَفْسَهُ أَفْضَلَ مِنْ عَطِيَّةِ الرَّبِّ صَحَّ وَثَبَتَ أَنَّ الْإِيمَانَ عَطِيَّةَ الرَّبِّ "

ص: 272

391 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّيُّ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ:{أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ} [المائدة: 74] قَالَ: " قَدْ دَعَا اللَّهُ عز وجل إِلَى تَوْبَتِهِ ، وَلَكِنْ لَا يَقْدِرُ الْعَبْدُ أَنْ يَتُوبَ حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، قَوْلُهُ: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة: 118] فَبَدْأُ التَّوْبَةِ مِنَ اللَّهِ عز وجل "

ص: 272

392 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّصْرَوِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، نا سُفْيَانُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: «إِنَّا قَوْمٌ أُوتِينَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نُؤْتَى الْقُرْآنَ ، وَإِنَّكُمْ أُوتِيتُمُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُؤْتَوَا الْإِيمَانَ»

ص: 272

393 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ دَاوُدَ الرَّزَّازُ ، بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، نا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، ح

394 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّيُّ ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي ح

395 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْمُؤَذِّنُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَنْبٍ قَالَا: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ ، نا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَفِي رِوَايَةِ الْقَاضِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ ، بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ فَذَكَرَهُ بِالْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا

ص: 273

396 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، مِنْ أَصْلِهِ أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ ، نا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَنْمَاطِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، نا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ قَالَ:«وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي ، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ، اهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا ، لَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ ، وَالْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْتَ ، وَأَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ» وَذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ

397 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ بِالْكُوفَةِ ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِيرِيُّ ، نا أَبُو غَسَّانَ ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، نا الْمَاجِشُونِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ ثُمَّ قَالَ فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ ،

⦗ص: 275⦘

إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: «مُسْلِمًا» وَلَمْ يَقُلْ: «سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ» وَلَمْ يَقُلْ: «وَالْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْتَ» وَقَالَ: «الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ

ص: 274

398 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ ابْنُ الْحَمَامِيِّ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ ، نا أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ ، نا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنِّي لَسَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَدْعُونِي تبارك وتعالى فَأَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ ، وَالْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْتَ ، عَبْدُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ لَا مَلْجَأَ إِلَّا إِلَيْكَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّ الْبَيْتِ "

ص: 275

399 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، رحمه الله ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ: سَمِعْتُ صِلَةَ بْنَ زُفَرَ ، يُحَدِّثُ عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ: يُجْمَعُ النَّاسُ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَلَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ فَيَكُونُ أَوَّلَ مَدْعُوٍّ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ: " لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ ، وَالْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْتَ ، وَعَبْدُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ ، سُبْحَانَكَ رَبَّ الْبَيْتِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] " هَذَا مَوْقُوفٌ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَقَوْلُهُ: «الشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» : مَعْنَاهُ. فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ رحمه الله الْإِرْشَادُ إِلَى اسْتِعْمَالِ الْأَدَبِ فِي الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ عز وجل وَالْمَدْحِ لَهُ بِأَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ مَحَاسِنَ الْأُمُورِ دُونَ مَسَاوِيهَا ،

⦗ص: 276⦘

وَلَمْ يَقَعِ الْقَصْدُ بِهِ إِلَى إِثْبَاتِ شَيْءٍ وَإِدْخَالِهِ تَحْتَ قُدْرَتِهِ وَنَفْيِ ضِدِّهِ عَنْهَا ، فَإِنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ صَادِرَانِ عَنْ خَلْقِهِ وَقُدْرَتِهِ لَا مُوجِدَ لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ غَيْرُهُ ، وَقَدْ يُضَافُ مَحَاسِنُ الْأُمُورِ وَمَحَامِدُ الْأَفْعَالِ إِلَى اللَّهِ عز وجل عِنْدَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ دُونَ مَسَاوِيهَا وَمَذَامِّهَا كَقَوْلِهِ:{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80] وَكَقَوْلِهِ: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} [يوسف: 100] وَلَمْ يُضِفْ سَبَبَ وُقُوعِهِ فِي السِّجْنِ إِلَيْهِ ، وَكَمَا يُضَافُ مَعَاظِمُ الْخَلِيقَةِ إِلَيْهِ عِنْدَ الثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ فَيُقَالُ: رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ ، كَمَا يُقَالُ: يَا رَبَّ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ ، وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: يَا رَبَّ الْكِلَابِ وَيَا رَبَّ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَنَحْوِهَا مِنْ سَفَلِ الْحَيَوَانِ وَحَشَرَاتِ الْأَرْضِ ، وَإِنْ كَانَتْ إِضَافَةُ جَمِيعِ الْمُكَوِّنَاتِ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ خَلْقِهِ لَهَا وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ أَصْنَافِهَا ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيِّ رحمه الله فِي مَعْنَاهُ قَرِيبًا مِنْ هَذَا ، فَقَالَ: هُوَ مَوْضِعُ تَعْظِيمٍ كَمَا لَا يُقَالُ: يَا خَالِقَ الْعُذْرَةِ

ص: 275

400 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ الدُّورِيَّ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ ، يَقُولُ: قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: «وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ تَفْسِيرُهُ وَالشَّرُّ لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْكَ» وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ رحمه الله أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِحْسَانَ مِنْكَ وَإِلَيْكَ أَيْ أَنَّ مَا يُصِيبُنَا مِنْ خَيْرٍ وَحُسْنَى فَأَنْتَ مُولِيهِ وَالْمُنْعِمُ بِهِ ، وَمَا يَكُونُ مِنَّا مِنْ طَاعَةٍ وَفِعْلٍ حَسَنٍ فَأَنْتَ الْمَقْصُودُ وَعِبَادَتُكَ هِيَ مُرَادَةٌ مِنْهُ ، فَأَمَّا مَا يُصِيبُنَا مِنْ شَرٍّ وَسُوءٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مِنْكَ أَيْضًا فَإِنَّ شُرُورَ أَنْفُسِنَا وَهِيَ مَا يَقَعُ فِي أَعْمَالِنَا مِنْ سَيِّئٍ وَقَبِيحٍ ، فَلَسْتَ الْمَقْصُودَ بِهِ ، أَيْ لَيْسَ غَرَضُ الْمُسِيءُ مِنَّا فِي إِسَاءَتِهِ خِلَافَكَ وَعِصْيَانَكَ ، كَمَا أَنَّ غَرَضَ الْمُحْسِنِ مِنَّا فِي إِحْسَانِهِ طَاعَتُكَ وَعِبَادَتُكَ ، وَإِنَّمَا هُوَ غَفْلَةٌ تَعْرِضُ فَيَتْبَعُ الْمُسِئُ فِيهَا شَهْوَتَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ الْعِصْيَانُ قَصْدَهُ وَإِرَادَتَهُ ، وَلَوْ قَصَدَ ذَلِكَ لَضَاهَى إِبْلِيسَ وَكَانَ مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ ، فَإِنَّمَا هَذَا

⦗ص: 277⦘

الْكَلَامُ تَبَرُّؤٌ مِنَ الشِّقَاقِ وَالْعِنَادِ ، لَا أَنَّهُ نَفْيٌ لِلشَّرِّ أَصْلًا وَإِنْكَارًا أَنْ يُقَدِّرَ شَرًّا. قَالَ الشَّيْخُ: وَفِي نَفْسِ الْخَبَرِ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرُوا مِنْ تَأْوِيلِهِ ، لِأَنَّهُ قَالَ:«وَالْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْتَ» وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَهْدِي قَوْمًا وَلَا يَهْدِي آخَرِينَ حَتَّى يَكُونَ الْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَاهُ ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَهُ ، وَالَّذِي لَمْ يَهْدِهِ وَلَمْ يَعْصِمْهُ وَلَمْ يَصْرِفْ عَنْهُ السُّوءَ لَمْ يُرِدْ بِهِ خَيْرًا ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} [المائدة: 41] وَرُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا عَلَّمَ ابْنَ ابْنَتِهِ مِنَ الدُّعَاءِ «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ» وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَهْدِهِ ، كَمَا أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ عَافَاهُ اللَّهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعَافِهِ ، وَأَنَّهُ سَأَلَ أَنْ يَجْعَلَهُ فِيمَنْ هَدَاهُ وَعَافَاهُ ، جَعَلَنَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ فِيمَنْ هَدَاهُ وَعَافَاهُ

ص: 276

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ دَخَلَهَا بِفَضْلِ اللَّهِ عز وجل وَرَحْمَتِهِ لِأَنَّهُ خَلَقَهُ لَهَا وَوَفَّقَهُ لِأَعْمَالِ أَهْلِهَا وَغَفَرَ لَهُ مَا قَصَّرَ فِيهِ مِنْهَا قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] وَقَالَ: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: 25] وَقَالَ: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: 17] وَقَالَ فِي آيَةِ تَحْبِيبِ الْإِيمَانِ وَتَكْرِيهِ الْكُفْرِ: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} [الحجرات: 8]

ص: 278

401 -

أَخْبَرَنَا أَبُو حَازِمٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَبْدَوِيُّ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ يَحْيَى الْبَجَلِيُّ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوَقِيُّ ، نا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ» قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ ، وَلَكِنْ قَارِبُوا وَسَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ

ص: 278

402 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ ، نا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، نا ابْنُ عَوْنٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يُنَجِّيهِ عَمَلُهُ» قِيلَ: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي رَبِّي مِنْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ» وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

ص: 279

403 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، إِمْلَاءً ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، أنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ ، نا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا فَإِنَّهُ لَا يُدْخِلُ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ» قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ عَفَّانُ: نا وُهَيْبٌ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 279

404 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، نا عَفَّانُ ، نا وُهَيْبٌ ، نا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا فَإِنَّهُ لَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ أَحَدًا عَمَلُهُ» قَالُوا: وَلَا

⦗ص: 280⦘

أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَتِهِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ وُهَيْبٍ. وَأَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ

ص: 279

405 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ ، نا إِبْرَاهِيمُ الصَّيْدَلَانِيُّ ، نا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، نا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ ، نا مَعْقِلٌ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يُدْخِلُ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ ، وَلَا يُجِيرُهُ مِنَ النَّارِ وَلَا أَنَا إِلَّا بِرَحْمَةِ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ

ص: 280

بَابُ مَا وَرَدَ مِنَ التَّشْدِيدِ عَلَى مَنْ كَذَّبَ بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَزَعَمَ أَنَّ أَعْمَالَهُ مُقَدَّرَةٌ لَهُ دُونَ خَالِقِهِ حَتَّى سُمِّيَ بِإِثْبَاتِهِ الْقَدَرَ لِنَفْسِهِ دُونَ خَالِقِهِ قَدَرِيًّا ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَسْبِ مَا قَدَّرْنَاهُ قَبْلَ أَنْ نَخْلُقَهُ

ص: 281

406 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ فِي آخَرِينَ قَالُوا: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ ، نا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ الْجَزَرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَنْزِعُ فِي زَمْزَمَ ، قَدِ ابْتَلَّتْ أَسَافِلُ ثِيَابِهِ فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ تُكُلِّمَ فِي الْقَدَرِ ، فَقَالَ:«أَوَقَدْ فَعَلُوهَا» ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِلَّا فِيهِمْ {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرْ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] أُولَئِكَ شِرَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، لَا تَعُودُوا مَرْضَاهُمْ ، وَلَا تُصَلُّوا عَلَى مَوْتَاهُمْ ، إِنْ أَرَيْتَنِي أَحَدًا مِنْهُمْ فَقَأْتُ عَيْنَيْهِ بِأَصْبُعِي هَاتَيْنِ "

ص: 281

407 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، فِي كِتَابِ السُّنَنِ لِأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ رحمه الله ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي بِمِنًى ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ»

ص: 281

408 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا أَبُو مُسْلِمٍ ، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْجُمَحِيُّ ، أنا زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ ، وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ»

ص: 282

409 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، فِي التَّارِيخِ ، أنا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ النَّصْرِ الْحَرَشِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ أَبُو الْفَضْلِ وَهُوَ جَدُّهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ حُسْنَوَيْهِ بْنُ خَشَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَشِيُّ ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، نا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ أُولَئِكَ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ ، وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ»

ص: 282

410 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَرْدَسْتَانِيُّ ، نا أَبُو نَصْرٍ الْعِرَاقِيُّ ، نا سُفْيَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، نا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ ، نا سُفْيَانُ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ:" لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسُ ، وَإِنَّ مَجُوسَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ " هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ

ص: 282

411 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ ، أنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ الشَّطَوِيُّ ، نا هَارُونُ بْنُ مُوسَى الْفَرْوِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبُو ضَمْرَةَ ، عَنْ عُمَرَ ، مَوْلَى غُفْرَةَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسُ وَمَجُوسُ أُمَّتِي الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا قَدَرَ ، إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ ، وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ» كَذَا قَالَ عُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، عَنْ حُذَيْفَةَ

ص: 282

412 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ

⦗ص: 283⦘

عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ رِبْحٍ الْبَزَّارُ ، نا أَبُو نُعَيْمٍ ، نا سُفْيَانُ ، ح

413 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، فِي كِتَابِ السُّنَنِ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، أنا أَبُو دَاوُدَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، أنا سُفْيَانُ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ ، عَنْ رَجُلٍ ، مِنَ الْأَنْصَارِ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسُ ، وَمَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا قَدَرَ ، مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَلَا تَشْهَدُوا جِنَازَتَهُ ، وَمَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ فَلَا تَعُودُوهُ ، وَهُمْ شِيعَةُ الدَّجَّالِ ، وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُلْحِقَهُمْ بِالدَّجَّالِ» أَخْرَجَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ هَكَذَا فِي الْجَامِعِ

414 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، نا أَبُو مَعْشَرٍ ، عَنْ عُمَرَ ، مَوْلَى غُفْرَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ

ص: 282

415 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظَ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ الْأَهْوَازِيُّ ، يَقُولُ: نا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفًّى ، نا بَقِيَّةُ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَجُوسَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُكَذِّبُونَ بِأَقْدَارِ اللَّهِ إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ ، وَإِنْ لَقِيتُمُوهُمْ فَلَا تُسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ» وَلِهَذَا الْحَدِيثِ شَوَاهِدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله: إِنَّمَا جَعَلَهُمْ مَجُوسًا لِمُضَاهَاةِ مَذْهَبِهِمْ مَذْهَبَ الْمَجُوسِ فِي قَوْلِهِمْ بِالْأَصْلَيْنِ ، وَهُمَا النُّورُ وَالظُّلْمَةُ ، يَزْعُمُونَ أَنَّ الْخَيْرَ مِنْ فِعْلِ النُّورِ ، وَأَنَّ الشَّرَّ مِنْ فِعْلِ الظُّلْمَةِ فَصَارُوا ثَنَوِيَّةً ، وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ يُضِيفُونَ الْخَيْرَ إِلَى اللَّهِ ، وَالشَّرَّ إِلَى غَيْرِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى خَالِقُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهُمَا إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ ، وَخَلْقُهُ الشَّرَّ شَرًّا فِي الْحِكْمَةِ كَخَلْقِهِ الْخَيْرَ خَيْرًا - زَادَ فِيهِ غَيْرُهُ - لِأَنَّهُ خَلَقَ مَا عَلِمَ كَوْنَهُ ، قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: فَالْأَمْرَانِ مَعًا مُضَافَانِ إِلَيْهِ ، خَلْقًا ،

⦗ص: 284⦘

وَإِيجَادًا ، وَإِلَى الْفَاعِلِينَ لَهُمَا مِنْ عِبَادِهِ فِعْلًا وَاكْتِسَابًا

ص: 283

416 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ ، نا السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ ، نا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ، ح

417 -

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ ، نا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، قَالَ: كَانَ لِابْنِ عُمَرَ صِدِّيقٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُكَاتِبُهُ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَكَلَّمَتْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقَدَرِ ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكْتُبَ إِلَيَّ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ»

ص: 284

418 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ حَسَنٍ الْقَاضِي قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدَ الْبَيْرُوتِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ الْبَصْرِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْمُهَاجِرِ ، صَاحِبِ حَرَسِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ عَمْرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَا هَلَكَتْ أُمَّةٌ قَطُّ إِلَّا بِالْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ ، وَمَا أَشْرَكَتْ أُمَّةٌ حَتَّى يَكُونَ بَدْءُ شِرْكِهَا التَّكْذِيبُ بِالْقَدَرِ» وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَارِسِيُّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ وَقَالَ: عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو

ص: 284

419 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا أَبُو عُتْبَةَ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ ، نا بَقِيَّةُ ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلَاكُ أُمَّتِي بِالْعَصَبِيَّةِ ، وَالْقَدَرِيَّةِ ، وَالرِّوَايَةُ مِنْ غَيْرِ ثَبْتٍ»

ص: 284

420 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ

⦗ص: 285⦘

الصَّفَّارُ ، نا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى ، نا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، وَابْنُ أَخِي جُوَيْرِيَةَ قَالَا: نا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي بَعْدِي خَصْلَتَيْنِ التَّكْذِيبُ بِالْقَدَرِ ، وَالتَّصْدِيقُ بِالنُّجُومِ»

421 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيٌّ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ ، نا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، نا أَبُو الصَّلْتِ شِهَابُ بْنُ خِرَاشِ بْنِ حَوْشَبٍ ، نا يَزِيدُ ، عَنْ أَنَسٍ ، فَذَكَرَهُ بِمِثْلِهِ قَالَ الْحَوْشِيُّ: فَحَدَّثَنِي بِهِ أَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ بِوَاسِطَ فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ أَنَسًا ، يَذْكُرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 284

422 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبَانَ ، نا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي ثَلَاثًا: زَلَّةَ عَالِمٍ ، وَجِدَالَ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ ، وَالتَّكْذِيبَ بِالْقَدَرِ "

ص: 285

423 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ ، نا الْعَبَّاسُ الدُّورِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَسَدِيُّ ، أنا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ يَعْنِي الْوَالِبِيَّ ، عَنْ جَابِرٍ السُّوَائِيِّ سُوَاءَةَ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي ثَلَاثًا: اسْتِسْقَاءً بِالْأَنْوَاءِ ، وَحَيْفَ السُّلْطَانِ ، وَالتَّكْذِيبَ بِالْقَدَرِ "

ص: 285

424 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ ، نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، نا أَبُو نُعَيْمٍ ، نا سُفْيَانُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " سِتَّةٌ لَعَنْتُهُمْ ، وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ ، وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَابٌ: الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَالْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللَّهِ ، وَالتَّارِكُ لِسُنَّتِي ، وَالْمُتَسَلِّطُ بِالْجَبَرِيَّةِ لِيُذِلَّ مَنْ أَعَزَّ اللَّهُ وَيُعِزَّ مَنْ أَذَلَّ اللَّهُ ، وَالْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللَّهُ - يَعْنِي وَالْمُسْتَحِلَّ لِحُرَمِ اللَّهِ - "

⦗ص: 286⦘

قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: هَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَّالِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ.

425 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ ، أنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ: أنا ابْنُ أَبِي الْمَوَّالِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَوْهَبٍ الْقُرَشِيُّ ، فَذَكَرَهُ مَوْصُولًا بِمَعْنَاهُ

ص: 285

426 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا أَبُو عُتْبَةَ ، نا بَقِيَّةُ ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَزْدِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَا يَرِدَانِ عَلَيَّ الْحَوْضَ: الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةُ "

ص: 286

قَالَ: ونا بَقِيَّةُ ، نا زُرْعَةُ الزُّبَيْدِيُّ ، عَنْ سَهْلٍ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلِ قَالَ:«لَقَدْ لُعِنَتِ الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةُ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا آخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ عليه السلام» هَذَا مَوْقُوفٌ

ص: 286

وَقَدْ

427 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّبَرَانِيُّ بِهَا ، نا أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ إِمْلَاءً ، نا هَارُونُ بْنُ مُوسَى ، نا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّدِيرِيُّ الْبَيْهَقِيُّ ، أنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْخِسْرَوْجِرْدِيُّ ، نا دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ ، نا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ أَبُو أَحْمَدَ ، نا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ، نا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ الدِّمَشْقِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ ، عَنْ

⦗ص: 287⦘

يَزِيدَ بْنِ حُصَيْنٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا وَفِي أُمَّتِهِ قَدَرِيَّةٌ وَمُرْجِئَةٌ ، يُشَوِّشُونَ عَلَيْهِ أَمْرَ أُمَّتِهِ ، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ لَعَنَ الْقَدَرِيَّةَ وَالْمُرْجِئَةَ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا»

ص: 286

428 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ ، وَعُمَرُ بْنُ حَفْصٍ السَّدُوسِيُّ ، قَالَا: نا سُوَيْدٌ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ ، نا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا كَانَ نَبِيٌّ إِلَّا كَانَ فِي أُمَّتِهِ قَدَرِيَّةٌ وَمُرْجِئَةٌ يُشَوِّشُونَ عَلَى النَّاسِ أَمْرَ دِينِهِمْ ، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل لَعَنَ الْقَدَرِيَّةَ وَالْمُرْجِئَةَ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا أَنَا آخِرُهُمْ»

ص: 287

429 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ طَلْحَةُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّقْرُ الْبَغْدَادِيُّ بِهَا ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يَحْيَى الْآدَمَيُّ ، نا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، نا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ ، نا سُلَيْمَانُ بْنُ عُتْبَةَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ ، وَلَا مَنَّانٌ ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَلَا مُكَذِّبٌ بِالْقَدَرِ»

ص: 287

430 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ ، أنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ ، أنا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى ، نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، نا بِشْرُ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَرْبَعَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ تبارك وتعالى إِلَيْهِمْ ، عَاقٌّ ، وَمَنَّانٌ ، وَمُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَمُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ»

ص: 287

431 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ رحمه الله ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا جَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحَنَفِيُّ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ ، وَلَا مَنَّانٌ ، وَلَا مُكَذِّبٌ بِالْقَدَرِ» بِشْرُ بْنُ نُمَيْرٍ ، وَجَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ ضَعِيفَانِ إِلَّا أَنَّ لِحَدِيثِهِمْ شَاهِدٌ مِنْ وَجْهِ آخَرَ أَقْوَى عَنْ أَبِي أُمَامَةَ

ص: 287

432 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدَ ، أنا ابْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ

⦗ص: 288⦘

يَزِيدَ النَّصْرِيُّ ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«ثَلَاثَةٌ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ ، عَاقٌّ ، وَمَنَّانٌ ، وَمُكَذِّبٌ بِالْقَدَرِ»

ص: 287

433 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا دِعْلِجُ بْنُ أَحْمَدَ ، نا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، نا ضِرَارُ بْنُ صُرَدَ ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ عُمَرَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِيَقُمْ خُصَمَاءُ اللَّهِ عز وجل وَهُمُ الْقَدَرِيَّةُ» وَرَوَاهُ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُمَرَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 288

434 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جُنَاحُ بْنُ نَذِيرِ بْنِ جُنَاحٍ الْقَاضِي بِالْكُوفَةِ ، نا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ ، نا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ ، نا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، نا الْقَاسِمُ بْنُ حَبِيبٍ التَّمَّارُ ، نا نِزَارُ بْنُ حَيَّانَ ، قَالَ: قَالَ عِكْرِمَةُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا الْقَدَرَ فَإِنَّهُ شُعْبَةٌ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ» كَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَبِيبٍ

ص: 288

435 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ ، أنا أَبُو أَحْمَدَ بْنِ عَدِيٍّ الْحَافِظُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيُّ ، نا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ ، نا ابْنُ فُضَيْلٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، وَعَلِيُّ بْنُ نِزَارٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَيْسَ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ: الْمُرْجِئَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ "

436 -

قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ نُمَيْرٍ ، نا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ ، نا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَبِيبٍ ، ح

⦗ص: 289⦘

437 -

قَالَ عَلِيٌّ: ونا مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ نِزَارٍ ، كِلَاهُمَا عَنْ نِزَارٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. تَفَرَّدَ بِهِ نِزَارٌ هَذَا وَهُوَ نِزَارُ بْنُ حَيَّانَ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي «التَّارِيخِ» وَلَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى ضَعْفٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِهِ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 288

‌بَابُ مَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ مُجَالَسَةِ الْقَدَرِيَّةِ وَمُفَاتَحَتِهِمْ وَالنَّهْيِ عَنِ الْخُصُومَةِ فِي الْقَدَرِ

ص: 290

438 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا عُثْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ ، نا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ، نا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ الْهُذَلِيِّ ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ شَرِيكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْقَدَرِ وَلَا تُفَاتِحُوهُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، عَنِ الْمُقْرِئِ

ص: 290

439 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ ، أنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ شَرِيكٍ الْهُذَلِيِّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْقَدْرِ وَلَا تُفَاتِحُوهُمْ» الْحَدِيثَ

ص: 290

440 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، نا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ ، أنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ يَتَنَازَعُونَ فِي الْقَدَرِ هَذَا يَنْزِعُ آيَةً ، وَهَذَا يَنْزِعُ آيَةً ، فَكَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ فَقَالَ: «أَلِهَذَا خُلِقْتُمْ؟ أَمْ بِهَذَا وُكِّلْتُمْ؟ أَوَ

⦗ص: 291⦘

بِهَذَا أُمِرْتُمْ أَنْ تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ؟ انْظُرُوا مَا أُمِرْتُمْ فَاتَّبِعُوهُ ، وَمَا نُهِيتُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ»

441 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الْمِصْرِيُّ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، نا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ ، وَعَامِرٍ الْأَحْوَلِ ، وَحُمَيْدٍ ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ؟ أَبِهَذَا وُكِّلْتُمْ؟» هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ

ص: 290

وَرَوَاهُ أَيْضًا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَتَنَازَعُ فِي الْقَدَرِ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ ، حَتَّى كَأَنَّمَا فُقِئَ عَلَى وَجْنَتَيْهِ حَبُّ الرُّمَّانِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ:«أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ؟ أَوَ بِهَذَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حِينَ تَنَازَعُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ ، عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَنَازَعُوا فِيهِ»

442 -

أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّقْرِ السُّكَّرِيُّ ، نا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحٌ الْمُرِّيُّ ، ح

443 -

قَالَ: وَأَنَا أَحْمَدُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْبُحْتُرِيِّ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، نا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ ، فَذَكَرَهُ

ص: 291

444 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، نا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ ، نا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا مُسْهِرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَلْعٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا ، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا ، وَإِذَا ذُكِرَ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا» تَفَرَّدَ بِهِ مُسْهِرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِإِسْنَادِهِ هَذَا ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَجَابِرٍ ، وَثَوْبَانَ كَذَلِكَ مَرْفُوعًا ، وَفِي أَسَانِيدِهِ ضَعْفٌ

ص: 291

445 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، نا يَزِيدُ بْنُ صَالِحٍ الْفَرَّاءُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ ، قَالَا: نا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَزَالُ أَمْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مُؤَاتِيًا - أَوْ قَالَ - مُقَارِبًا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا فِي الْوِلْدَانِ وَالْقَدَرِ» كَذَا وَحَدَّثَهُ مَرْفُوعًا وَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ

446 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، نا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ جَرِيرٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ وَاسْمُهُ عِمْرَانُ بْنُ تَيْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِالْبَصْرَةِ يَقُولُ:«إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ لَا يَزَالُ أَمْرُهَا» فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا وَهُوَ الصَّحِيحُ

447 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ ، أنا عَاصِمٌ وَهُوَ ابْنُ عَلِيٍّ ، أنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِالْبَصْرَةِ يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ لَا يَزَالُ أَمْرُهَا " فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا وَهُوَ الصَّحِيحُ

448 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ ، نا عَاصِمٌ هُوَ ابْنُ عَلِيٍّ ، نا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِالْبَصْرَةِ. فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا وَقَالَ:«مَا لَمْ يَنْظُرُوا» أَوْ حَتَّى يَنْظُرُوا

ص: 292

449 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ الْقَنْطَرِيُّ ، نا أَبُو قِلَابَةَ ، نا أَبُو عَاصِمٍ ، نا عَنْبَسَةُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّهُ تَلَا قَوْلَ اللَّهِ عز وجل:{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} [القمر: 47] الْآيَةَ إِلَى

⦗ص: 293⦘

الْقَدَرِ فَقَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُخِّرَ الْكَلَامُ فِي الْقَدَرِ لِشِرَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ»

450 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، أنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِيُّ ، أنا أَبُو عَاصِمٍ ، أنا عَنْبَسَةُ الضُّبَعِيُّ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ،. فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ دُونَ تِلَاوَةِ الزُّهْرِيِّ

ص: 292

451 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ الدُّورِيُّ ، نا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، نا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيُّ ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقَدَرِ سُئِلَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» هَذَا إِسْنَادٌ فِيهِ ضَعْفٌ

ص: 293

452 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، نا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ جَرِيرٍ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ سُهَيْلٍ أَبِي مَالِكٍ الطُّهَوِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي أَبْزَى ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلَيْنِ تَكَلَّمَا فِي الْقَدَرِ فَقَامَ خَطِيبًا فَتَهَدَّدَ فِيهِ وَأَوْعَدَ فِيهِ وَعِيدًا شَدِيدًا ، وَقَالَ:«إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَيْثُ تَكَلَّمُوا فِيهِ ، أَعْزِمُ عَلَى مُتَكَلِّمٍ يَتَكَلَّمُ فِيهِ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ. حَتَّى كَانَ زَمَنُ الْحَجَّاجِ»

ص: 293

453 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فُوهْيَارَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، أنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، أنا سُفْيَانُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ:«أَوَّلُ مَا يَكْفَأُ الْإِسْلَامَ كَمَا يُكْفَأُ الْإِنَاءُ قَوْلُ النَّاسِ فِي الْقَدَرِ»

ص: 293

454 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ وَهُوَ الْأَصَمُّ ، نا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ ، سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ ، يُحَدِّثُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، يَرْفَعُ الْحَدِيثَ قَالَ:«إِنَّ أَوَّلَ مَا يَكْفَأُ الدِّينَ كَمَا يُكْفَأُ الْإِنَاءُ عَلَى وَجْهِهِ قَوْلُ النَّاسِ فِي الْقَدَرِ» وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي الْجَامِعِ نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو

ص: 294

455 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ ، نا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ الزِّمِّيُّ ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، بَلَغَهُ أَنَّ قَوْمًا ، يَخْتَصِمُونَ فِي الْقَدَرِ ، فَمَضَى عَنْهُمْ وَلَمْ يَجْلِسْ وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِكَ إِثْمًا أَلَّا تَزَالَ مُمَارِيًا ، وَكَفَى بِكَ ظُلْمًا أَلَّا تَزَالَ مُخَاصِمًا» وَانْصَرَفَ عَنْهُمْ

ص: 294

456 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، نا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيُّ ، نا إِدْرِيسُ بْنُ سِنَانٍ ، نا أَبُو إِلْيَاسَ ابْنُ بِنْتِ وَهْبٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ طَافَ بِالْبَيْتِ حِينَ أَصْبَحَ أُسْبُوعًا ، قَالَ وَهْبٌ: وَأَنَا وَطَاوُسُ ، مَعَهُ وَعِكْرِمَةُ مَوْلَاهُ ، وَكَانَ قَدْ رَقَّ بَصَرُهُ ، فَكَانَ يَتَوَكَّأُ عَلَى الْعَصَا ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ انْصَرَفَ إِلَى الْحَطِيمِ فَصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ نَهَضَ فَنَهَضْنَا مَعَهُ ، فَدَفَعَ عَصَاهُ إِلَى عِكْرِمَةَ مَوْلَاهُ ، وَتَوَكَّأَ عَلَيَّ وَعَلَى طَاوُسٍ ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِنَا إِلَى غَرْبِيِّ الْكَعْبَةِ بَيْنَ بَابِ بَنِي سَهْمٍ وَبَابِ بَنِي جُمَحٍ ، فَوَقَفْنَا عَلَى قَوْمٍ بَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ يَخُوضُونَ فِي حَدِيثِ الْقَدَرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ أَجَابُوهُ وَرَحَّبُوا بِهِ وَأَوْسَعُوا لَهُ فَكَرِهَ أَنْ يَجْلِسَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِمْ ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عِبَادًا قَدْ أَسْكَتَتْهُمْ خَشْيَتُهُ مِنْ غَيْرِ عِيٍّ ، وَلَا بُكْمٍ ، وَأَنَّهُمْ

⦗ص: 295⦘

هُمُ الْفُصَحَاءُ الطُّلَقَاءُ النُّبَلَاءُ الْأَلِبَّاءُ الْعَالِمُونَ بِاللَّهِ وَبِآيَاتِهِ ، لَكِنَّهُمْ إِذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ انْقَطَعَتْ أَلْسِنَتُهُمْ ، وَكُسِرَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَطَاشَتْ عُقُولُهُمْ إِعْظَامًا لِلَّهِ عز وجل ، وَإِعْزَازًا ، وَإِجْلَالًا ، فَإِذَا اسْتَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ اسْتَبَقُوا إِلَى اللَّهِ عز وجل بِالْأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ ، يَعُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ مَعَ الظَّالِمِينَ الْخَاطِئِينَ ، وَإِنَّهُمْ لَأَبَرُّ بِرًّا ، وَمَعَ الْمُقَصِّرِينَ وَالْمُقْرِضِينَ ، وَإِنَّهُمْ لَأَكْيَاسٌ أَقْوِيَاءُ ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَرْضَوْنَ لِلَّهِ بِالْقَلِيلِ ، وَلَا يَسْتَكْثِرُونَ لَهُ الْكَثِيرَ ، وَلَا يَدِلُّونَ عَلَيْهِ بِالْأَعْمَالِ ، حَيْثُمَا لَقِيتَهُمْ فَهُمْ مُتَّهَمُونَ مَحْزُونُونَ مُرَوَّعُونَ خَائِفُونَ مُشْفِقُونَ وَجِلُونَ ، فَأَيْنَ أَنْتُمْ مِنْهُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُبْتَدِعِينَ ، اعْلَمُوا أَنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَسْكَتُهُمْ عَنْهُ ، وَأَنَّ أَجْهَلَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَنْطَقُهُمْ فِيهِ» قَالَ وَهْبٌ: ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُمْ وَتَرَكَهُمْ ، فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ قَدْ تَفَرَّقُوا عَنْ مَجْلِسِهِمْ ذَلِكَ ، ثُمَّ لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ حَتَّى هَلَكَ ابْنُ عَبَّاسٍ

ص: 294

457 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدَ الْبَيْرُوتِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْدَبٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرَةَ ، قَالَ: أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَلَى قَوْمٍ يَتَنَازَعُونَ فِي الْقَدَرِ فَقَالَ: " لَا تَخْتَلِفُونَ فِي الْقَدَرِ ، فَإِنَّكُمْ إِنْ قُلْتُمْ: إِنَّ اللَّهَ شَاءَ لَهُمْ أَنْ يَعْلَمُوا بِطَاعَتِهِ فَخَرَجُوا مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ إِلَى مَشِيئَةِ أَنْفُسِهِمْ ، فَقَدْ أَوهَنْتُمُ اللَّهَ بِأَعْظَمِ مُلْكِهِ ، وَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّ اللَّهَ جَبَرَهُمْ عَلَى الْخَطَايَا ثُمَّ عَذَّبَهُمْ عَلَيْهَا. قُلْتُمْ: إِنَّ اللَّهَ ظَلَمَهُمْ " وَهَذَا مَوْقُوفٌ وَمُنْقَطِعٌ ، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٌ

ص: 295

458 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ ، نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّيَالِسِيُّ ، نا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ ، ح

459 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ الْفَقِيهُ ، أنا بِشْرٌ الْإِسْفَرَايِينِيُّ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ ، نا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ الرَّقِّيُّ ، نا الْخَلِيلُ بْنُ مُرَّةَ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدَّهُ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَتَرَاجَعُ ذِكْرَ

⦗ص: 296⦘

الْقَدَرِ ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا وَكَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ فَقَالَ:«أَلِهَذَا خُلِقْتُمْ؟ أَمْ بِهَذَا أُمِرْتُمْ؟ أَلَيْسَ إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِهَذَا وَأَشْبَاهِهِ؟ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ جَبَلَ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي ثُمَّ عَاتَبَهُمْ عَلَيْهَا كَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل كَلَّفَ الْعِبَادَ مَا لَا يُطِيقُونَ ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ مَا الْعِبَادُ عَامِلُونَ ، وَمَا هُمْ إِلَيْهِ صَائِرُونَ فَقَدْ أَخْرَجَ اللَّهَ مِنْ قُدْرَتِهِ» لَفْظُ حَدِيثِ الطَّيَالِسِيِّ ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نَاجِيَةَ «جَبَرَ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي ثُمَّ عَذَّبَهُمْ» وَهَذَا يَنْفَرِدُ بِهِ الْخَلِيلُ بْنُ مُرَّةَ هَكَذَا ، وَهُوَ ضَعِيفٌ إِنَّمَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ كَمَا مَضَى فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 295

460 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، أنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيُّ ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، قَالَ:«لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي ضَلَالَتِهِمْ ، أَوْ يَلْبِسُوا عَلَيْكُمْ بَعْضَ مَا تَعْرِفُونَ»

ص: 296

‌بَابُ مَا رُوِيَ عَنْ جَمَاهِيرِ الصَّحَابَةِ ، وَأَعْلَامِ الدِّينِ وَأَئِمَّتِهِ فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ رضي الله عنهم

ص: 297

461 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ ، نا أَبُو حَاتِمِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الْحَنْظَلِيُّ ، نا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ الْحِمْصِيُّ ، نا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ، يَقُولُ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَعْمَلُ عَلَى مَا قَدْ فُرِغَ مِنْهُ أَمْ عَلَى أَمْرٍ مُؤْتَنَفٍ؟ فَقَالَ: «عَلَى أَمْرٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ» . قُلْتُ: فَفِيمَ الْعَمَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» قَالَ: فَهَذَا قَدْ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ لَا يُخَالِفُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْهُ ، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مِنْ قَوْلِهِ فِي مَعْنَاهُ

ص: 297

462 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَرْدَسْتَانِيُّ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو نَصْرٍ الْعِرَاقِيُّ ، نا سُفْيَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ ، نا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ ، نا سُفْيَانُ ، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَكَانُوا قَبْضَتَيْنِ ، فَقَالَ: لِمَنْ فِي يَمِينِهِ: " ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ ، وَقَالَ لِمَنْ فِي الْأُخْرَى: ادْخُلُوا النَّارَ وَلَا أُبَالِي " فَذَهَبَتْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

ص: 297

463 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ

⦗ص: 298⦘

الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو الْمُثَنَّى ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، نا كَهْمَسُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَاجِّينَ أَوْ مُعْتَمِرِينَ قَالَ: فَلَقِينَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ ظَهَرَ فِينَا أُنَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ وَإِنَّمَا الْأَمْرُ أُنُفٌ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ ، وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ» قَالَ: صَدَقْتَ. فَهَذَا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا مُنَاظَرَةُ مُوسَى مَعَ آدَمَ عليهما السلام ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ

ص: 297

464 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الْأَسْنَانِيُّ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الطَّرَائِفِيُّ ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، نا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، قَالَ: لَمَّا تَكَلَّمَ مَعْبَدٌ هَاهُنَا فِيمَا تَكَلَّمَ بِهِ مِنَ الْقَدَرِ فَحَجَجْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا قُلْنَا: لَوْ مِلْنَا فَلَقِينَا مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا جَاءَ بِهِ مَعْبَدٌ مِنَ الْقَدَرِ ، فَذَهَبْنَا نَؤُمُّ أَبَا سَعِيدٍ وَابْنَ عُمَرَ ، فَلَمَّا دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ إِذَا نَحْنُ بِابْنِ عُمَرَ ، فَاكْتَنَفْنَاهُ فَقَدَّمَنِي حُمَيْدٌ ، وَكُنْتُ أَحْرَصَ مِنْهُ عَلَى الْمَنْطِقِ مِنْهُ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ قَوْمًا نَشَؤُوا قَبْلَنَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ، وَقَرَءُوا الْقُرْآنَ ، وَتَفَقَّهُوا فِي الْإِسْلَامِ يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ ، قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَهُمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مِنْهُمْ بَرِيءٌ ، وَهُمْ مِنْهُ بُرَآءُ ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ جِبَالَ الْأَرْضِ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه " أَنَّ آدَمَ وَمُوسَى اخْتَصَمَا إِلَى اللَّهِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَشْقَيْتَ

⦗ص: 299⦘

النَّاسَ ، وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَاتِهِ وَكَلَامِهِ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ ، فَهَلْ وَجَدْتَهُ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي؟ قَالَ: نَعَمْ ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ثَلَاثًا " ثُمَّ ذَكَرَ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَ الْإِيمَانِ

ص: 298

وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسْحِ ظَهْرِ آدَمَ وَإِخْرَاجِ ذُرِّيَّتِهِ مِنْهُ ، وَقَوْلُهُ:«خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ ، وَخَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ»

ص: 299

465 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو أَحْمَدَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ ، نا أَبُو قِلَابَةَ ، نا عَبْدُ الصَّمَدِ ، نا شُعْبَةُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ ، رضي الله عنه لَمَّا طُعِنَ قَالَ:" {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] "

ص: 299

466 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ ، نا ابْنُ أَبِي أَوْسٍ ، نا مُحَمَّدُ ابْنُ عُلَيَّةَ الْخَزَّازُ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو الْأَسَدِيُّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ ثَلْجٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَثِيرًا مَا يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ:

[البحر المتقارب]

خَفِّضْ عَلَيْكَ فَإِنَّ الْأُمُورَ

بِكَفِّ الْإِلَهِ مَقَادِيرُهَا

فَلَيْسَ يَأْتِيكَ مَنْهِيُّهَا

وَلَا قَاصِرٌ عَنْكَ مَأْمُورُهَا

ص: 299

467 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْفِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، نا هَنَّادٌ ، نا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ مَيْسَرَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَخْلُصَ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ يَقِينًا غَيْرَ ظَنٍّ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ ، وَيُقِرَّ بِالْقَدَرِ كُلِّهُ»

ص: 299

468 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، نا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ ، نا أَبُو حَنِيفَةَ ،

⦗ص: 300⦘

عَنِ الْهَيْثَمِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ ، أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ فَقَالَ:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»

ص: 299

469 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْفِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، نا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَهُ الْقَدَرُ يَوْمًا ، فَأَدْخَلَ أَصْبُعَهُ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى فِي فِيهِ فَرَقَّمَ بِهِمَا بَاطِنَ يَدِهِ فَقَالَ:«أَشْهَدُ أَنَّ هَاتَيْنِ الرَّقْمَتَيْنِ كَانَتَا فِي أُمِّ الْكِتَابِ»

ص: 300

470 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو سَهْلٍ الْمِهْرَجَانِيُّ ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ الْحَذَّاءُ ، نا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ، نا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَإِزَالَةُ الْجِبَالِ عَنْ أَمَاكِنِهَا أَهْوَنُ مِنْ إِزَالَةِ مُلْكٍ مُؤَجَّلٍ»

ص: 300

471 -

وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمَعْرُوفِ ، قَالَ: نا أَبُو سَهْلٍ الْإِسْفَرَائِينِيُّ ، نا أَبُو جَعْفَرٍ الْحَذَّاءُ ، نا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ ، نا الْأَعْمَشُ ، عَنْ شَقِيقٍ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ:«لَئِنْ أُعَالِجَ جَبَلًا رَاسِيًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعَالِجَ مُلْكًا مُؤَجَّلًا»

ص: 300

472 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ الْمَعْرُوفِ بِالْمُوسَوِيِّ بِمَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرَّوْضَةِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ عَنْ آبَائِهِ ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا كَانَ يَقْعُدُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ شَابٌّ مُلْتَحِفٌ بِمِطْرَفِ خَزٍّ فَيَسْأَلُهُ النَّاسُ وَمَشَايِخُ الْعُلَمَاءِ فِي الْمَسْجِدِ فَسُئِلَ عَنِ الْقَدَرِ فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: " {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 48] "

ص: 300

ثُمَّ قَالَ الرِّضَا: كَانَ أَبِي يَذْكُرُ ، عَنْ آبَائِهِ ، أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ

⦗ص: 301⦘

عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزَ وَالْكَيْسَ ، وَإِلَيْهِ الْمَشِيئَةُ وَبِهِ الْحَوْلُ وَالْقُوَّةُ»

ص: 300

473 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الطَّيِّبِ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّيْرُعَاقُولِيُّ ، نا أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ الْقَاسِمِ السِّمْسَارُ ، نا الصَّلْتُ بْنُ الْهَيْثَمِ الضَّرِيرُ ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّعْرَانِيُّ ، نا أَبِي ، نا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: قَالَ أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم " وَاللَّهِ مَا قَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ بِقَوْلِ اللَّهِ ، وَلَا بِقَوْلِ الْمَلَائِكَةِ ، وَلَا بِقَوْلِ النَّبِيِّينَ ، وَلَا بِقَوْلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَلَا بِقَوْلِ أَهْلِ النَّارِ ، وَلَا بِقَوْلِ صَاحِبِهِمْ إِبْلِيسَ فَقَالُوا لَهُ: تُفَسِّرُهُ لَنَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ الْآيَةُ ، وَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا وَقَالَ نُوحٌ عليه السلام: وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ فَأَمَّا مُوسَى عليه السلام فَقَالَ: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ الْآيَةَ ، وَأَمَّا أَهْلُ الْجَنَّةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَأَمَّا أَهْلُ النَّارِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ الْآيَةَ ، وَأَمَّا أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ فَقَالَ: فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ الْآيَةَ. فَزَعَمَتِ الْقَدَرِيَّةُ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يُغْوِي "

ص: 301

474 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ ، نا أَبُو الْجَوَّابِ ، نا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي تَرْكِهِ الِاسْتِخْلَافَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبْعٍ: فَمَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا لَقِيتَهُ وَقَدْ تَرَكْتَنَا هَمَلًا؟ قَالَ أَقُولُ «اللَّهُمَّ اسْتَخْلَفْتَنِي فِيهِمْ مَا بَدَا لَكَ ثُمَّ قَبَضْتَنِي وَتَرَكْتُكَ فِيهِمْ ، فَإِنْ شِئْتَ أَصْلَحْتَهُمْ ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْسَدْتَهُمْ»

ص: 301

475 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ ، نا مُحَمَّدٌ ، نا أَبُو الْجَوَّابِ ، نا عَمَّارٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ السُّلَمِيِّ ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ عَلِيٌّ: «أَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، كَتَبَ اللَّهُ عَلَيَّ أَعْمَالًا لَا بُدَّ أَنْ أَعْمَلَهَا»

ص: 302

476 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ ، أنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اللَّيْثِ الزِّيَادِيُّ ، نا الرَّبِيعُ بْنُ يَحْيَى الْأَشْنَانِيُّ أَبُو الْفَضْلِ ، نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي السَّوَّارِ الْعَدَوِيِّ ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: «قُضِيَ الْقَضَاءُ ، وَجَفَّ الْقَلَمُ ، وَأُمُورٌ تُقْضى فِي كِتَابٍ قَدْ سَبَقَ»

ص: 302

477 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ خَيْثَمَةَ ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَمَسْرُوقٌ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرُوا قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ ، قَالَتْ عَائِشَةُ:" رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ حَدَّثَكُمْ أَوَّلَ حَدِيثٍ لَمْ تَسْأَلُوهُ عَنْ آخِرِهِ ، إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا قَيَّضَ لَهُ مَلَكًا قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ ، فَسَدَّدَهُ وَيَسَّرَهُ حَتَّى يَمُوتَ وَهُوَ خَيْرُ مَا كَانَ ، وَيَقُولُ النَّاسُ: مَاتَ فُلَانٌ وَهُوَ خَيْرُ مَا كَانَ ، فَإِذَا حَضَرَ أُرِيَ ثَوَابَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَجَعَلَ يَتَهَوَّعُ بِنَفْسِهِ وَدَّ لَوْ خَرَجَتْ ، فَذَلِكَ حَيْثُ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ ، وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ ، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرًّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ شَيْطَانًا قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ ، يَفْتِنُهُ وَيَصُدُّهُ وَيُضِلُّهُ ، حَتَّى يَمُوتَ حِينَ يَمُوتُ وَهُوَ شَرُّ مَا كَانَ ، وَيَقُولُ النَّاسُ: مَاتَ فُلَانٌ وَهُوَ شَرُّ مَا كَانَ ، فَإِذَا حَضَرَ وَرَأَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي النَّارِ ، فَجَعَلَ يَبْتَلِعُ نَفْسَهُ كَرَاهِيَةً لِلْخُرُوجٍ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُبْغِضُ لِقَاءَ اللَّهِ ، وَاللَّهُ لِلِقَائِهِ أَبْغَضُ "

ص: 302

478 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ ، نا أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَّالُ ، نا سُفْيَانُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهُ ذُكِرَ لَهَا خُرُوجُهَا فَقَالَتْ:«كَانَ بِقَدَرٍ»

ص: 302

479 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خُشَيْشٍ الْمُقْرِئُ بِالْكُوفَةِ ، أنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَ الْقَوْمُ رَجُلًا مِنْ خُلُقِهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ قَطَعْتُمْ رَأْسَهُ أَكُنْتُمْ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تُعِيدُوهُ؟» قَالُوا: لَا ، قَالَ:«فَيَدَهُ؟» قَالُوا: لَا ، قَالَ:«فَرِجْلَهُ؟» قَالُوا: لَا ، قَالَ:«فَإِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تُغَيِّرُوا خَلْقَهُ حَتَّى تُغَيِّرُوا خُلُقَهُ ، إِنَّ النُّطْفَةَ تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، ثُمَّ يَتَحَدَّرُ دَمًا ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَخُلُقَهُ وَأَجَلَهُ ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ»

ص: 303

480 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَامِدٍ الْمُقْرِئُ ، وَأَبُو صَادِقِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ الصَّيْدَلَانِيُّ قَالُوا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ ، نا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي وَائِلٍ فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ ،؟ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ ، يَقُولُ:«الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ، وَالسَّعِيدُ مِنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ» فَقُلْنَا: يَا أَبَا وَائِلٍ مَا تَقُولُ فِي الْحَجَّاجِ؟ قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ نَحْنُ نَحْكُمُ عَلَى اللَّهِ؟»

ص: 303

481 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي ، وَأَبُو سَعِيدٍ الصَّيْرَفِيُّ قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، نا أَبُو الْجَوَّابِ ، نا عَمَّارُ بْنُ زُرَيْقٍ ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «لَا يُؤْمِنُ الْعَبْدُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ وَيَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ ، وَلَئِنْ أَعَضُّ عَلَى جَمْرَةٍ حَتَّى تُطْفَأَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ لِأَمْرٍ قَضَاهُ اللَّهُ لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ»

ص: 303

482 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ ، بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، نا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ ، نا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا أَبُو سِنَانٍ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ

⦗ص: 304⦘

خَالِدٍ الْحِمْصِيُّ ، يُحَدِّثُنَا عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ ، قَالَ: وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ فَأَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ خِفْتُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَلَاكُ دِينِي أَوْ أَمْرِي فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيْرًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ ، وَلَوْ أَنَّ لَكَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ، وَأَنَّكَ إِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ ، وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ أَخِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَتَسْأَلُهُ ، فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، قَالَ إِسْحَاقُ: قَصَّ الْقِصَّةَ كُلَّهَا كَمَا قَالَ أُبَيٌّ ، غَيْرَ أَنِّي اخْتَصَرْتُهُ ، وَقَالَ لِي: لَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فَتَسْأَلُهُ ، فَأَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ ، قَالَ أَبُو يَحْيَى: فَقَصَّ أَيْضًا الْقِصَّةَ كَمَا قَالَ أُبَيٌّ وَقَالَ: ائْتِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَسَلْهُ ، فَأَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ ، وَلَوْ أَنَّ لَكَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ، وَأَنَّهُ إِنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلَ النَّارَ» وَرُوِّينَا قَبْلَ هَذَا عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ ، عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مِثْلَ هَذَا

ص: 303

483 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أنا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبَّادٍ ، أنا الْقَعْنَبِيُّ ، أنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ ، قَالَ: قُلْتُ لِعِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ: إِنِّي جَلَسْتُ مَجْلِسًا ذَكَرُوا فِيهِ الْقَدَرَ ، فَقَالَ عِمْرَانُ:«يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ حِينَ يُعَذِّبُهُمْ ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ أَوْسَعَ لَهُمْ» وَسَتَقْدُمُ الْمَدِينَةَ فَسَلْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنْ ذَلِكَ ،

⦗ص: 305⦘

فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَجَلَسْتُ مَجْلِسًا فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، فَسَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقَالَ:«أَيْ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ السَّمَوَاتِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ لَعَذَّبَهُمْ حِينَ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ» وَحَدَّثَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ

ص: 304

484 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْإِسْفَرَائِينِيُّ الْحَاكِمُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ ، نا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، نا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى ، أنا فِطْرٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَجَّاجِ الْأَزْدِيَّ ، قَالَ: لَقِيتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ بِأَصْبَهَانَ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَلَا تُخْبِرَنِي عَنِ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ كَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ، وَلَا تَقُلْ لَوْ كَانَ كَذَا لَكَانَ كَذَا»

ص: 305

485 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْفِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ ، نا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَوَّارٍ ، نا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، ذَهَبَ مَعَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ يَخْطُبُ عَلَيْهِ امْرَأَةً مِنْ بَنِي لَيْثٍ ، فَذَكَرَ فَضْلَ سَلْمَانَ وَسَابِقَتَهُ وَإِسْلَامَهُ ، وَذَكَرَ بِأَنَّهُ يَخْطُبُ إِلَيْهِمْ فَتَاتَهُمْ فُلَانَةَ فَقَالُوا: أَمَّا سَلْمَانُ فَلَا نُزَوِّجُهُ ، وَلَكِنَّا نُزَوِّجُكَ ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: يَا أَخِي إِنَّهُ قَدْ كَانَ شَيْءٌ وَإِنِّي لَأَسْتَحِي أَنْ أَذْكُرَهُ لَكَ ، قَالَ:«وَمَا ذَاكَ؟» قَالَ: فَأَخْبَرَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ بِالْخَبَرِ فَقَالَ سَلْمَانُ: «أَنَا أَحَقُّ أَنْ أَسْتَحِيَ مِنْكَ أَنْ أَخْطُبَهَا ، وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَضَاهَا لَكَ»

ص: 305

486 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، نا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ ، نا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ الْجَوْهَرِيُّ ، نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ سُلَيْمٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ ، يَقُولُ: سَأَلْتُ الْوَلِيدَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ كَيْفَ كَانَتْ وَصِيَّةُ أَبِيكَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ؟ قَالَ

⦗ص: 306⦘

: دَعَانِي فَقَالَ لِي: " يَا بُنَيَّ اتَّقِ اللَّهَ وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَتَّقِي اللَّهَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْعِلْمَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ؟ قَالَ: كَيْفَ لِي أَنْ أُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ؟ قَالَ: تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ، عَلَى هَذَا الْقَدَرِ فَإِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ"

ص: 305

وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلَقَ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ فَقَالَ لَهُ: مَا أَكْتُبْ يَا رَبِّ؟ قَالَ: الْقَدَرَ قَالَ: فَجَرَى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الْأَبَدِ "

ص: 306

487 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ بِالْكُوفَةِ ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ ، أنا وَكِيعٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ طَاوُسٍ ، قَالَ: ذَكَرْتُ الْقَدَرِيَّةَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: «هَاهُنَا مِنْهُمْ أَحَدٌ؟» فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ مَا كُنْتَ تَصْنَعُ؟ قَالَ: «كُنْتُ آخُذُ بِرَأْسِهِ ثُمَّ أَقْرَأُ عَلَيْهِ آيَةَ كَذَا وَكَذَا» قَالَ طَاوُسٌ: فَتَمَنَّيْتُ أَنَّ كُلَّ قَدَرِيٍّ كَانَ عِنْدَنَا

ص: 306

488 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، نا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، أنا سُفْيَانُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:" لَوْ أَخَذْتُ رَجُلًا مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا قَدَرَ لَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ ثُمَّ قُلْتُ: لَوْلَا وَلَوْلَا "

ص: 306

490 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ دِعْلِجُ بْنُ أَحْمَدَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنَانِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ وَاقِدٍ الطَّائِيُّ ، أنا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ ، ح

⦗ص: 307⦘

491 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّصْرَوِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، أنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، نا هُشَيْمُ ، نا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ مَا هُوَ كَائِنٌ فَكَتَبَ فِيمَا كَتَبَ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] " لَفْظُ حَدِيثِ سَعِيدٍ

ص: 306

492 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ ، نا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، نا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ اللَّيْثِ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَائِشَةَ: «مَا سُمِّيتِ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا لِتَسْعَدِي وَإِنَّهُ لَاسْمُكِ قَبْلَ أَنْ تُولَدِي»

ص: 307

493 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّيُّ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ:{وَبِشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [يونس: 2] يَقُولُ: " سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ فِي الذِّكْرِ الْأَوَّلِ ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61] ، يَقُولُ: سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ " وَفِي وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11]«لِلْيَقِينِ فَيَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ» ، وَفِي قَوْلِهِ:{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10] قَالَ: «الضَّلَالَةُ وَالْهُدَى»

ص: 307

494 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، نا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:«كَانَ الْهُدْهُدُ يَدُلُّ سُلَيْمَانَ عَلَى الْمَاءِ» فَقُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ وَالْهُدْهُدُ يُنْصَبُ لَهُ الْفَخُّ وَيُلْقَى عَلَيْهِ التُّرَابُ؟ فَقَالَ: «عَضَّكَ اللَّهُ بِهَنِ أَبِيكَ أَوَلَمْ يَكُنْ إِذَا جَاءَ الْقَضَاءُ ذَهَبَ الْبَصَرُ»

⦗ص: 308⦘

وَرَوَاهُ أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 307

495 -

أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمِهْرَجَانِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ ، نا ابْنُ بُكَيْرٍ ، نا مَالِكٌ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنِ طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ ، قَالَ:" أَدْرَكْتُ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ "

ص: 308

قَالَ طَاوُسٌ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ ، حَتَّى الْعَجْزِ وَالْكَيْسِ ، أَوِ الْكَيْسِ وَالْعَجْزِ»

ص: 308

496 -

قَالَ وَأَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ، يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ:«إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْهَادِي وَالْفَاتِنُ»

ص: 308

قَالَ: ونا مَالِكٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ ، وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعَ ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْهُ الْجَدُّ ، وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ثُمَّ قَالَ: «سَمِعْتُ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَذِهِ الْأَعْوَادِ»

ص: 308

497 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ: دَخَلَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ الْمَسْجِدَ فَرَأَتِ الشَّيْخَ يَجِئُ فَيُصَلِّي، وَيَجِئُ الشَّابُّ فَيَجْلِسُ ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ فَقَالَ:«كُلٌّ يَعْمَلُ فِي ثَوَابٍ قَدْ أُعِدَّ لَهُ»

ص: 308

498 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَمَامِيِّ الْمُقْرِئُ رحمه الله بِبَغْدَادَ ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَطْبِيُّ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، نا مَنْصُورُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عَمَّارٍ ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ الْقَدَرِ ، فَقَالَ:«كَيْفَ بِآخِرِ سُورَةِ الْقَمَرِ»

ص: 308

499 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الْمِصْرِيُّ ،

⦗ص: 309⦘

نا مِقْدَامُ بْنُ دَاوُدٍ ، نا عَمِّي مُوسَى ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: «لَقَدْ عَجِبْتُ لَكَ فِي ذِهْنِكَ وَعَقْلِكَ كَيْفَ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ» فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: وَمَا أَعْجَبَكَ يَا عُمَرُ مِنْ رَجُلٍ قَلْبُهُ بِيَدِ غَيْرِهِ لَا يَسْتَيْقِنُ التَّخَلُّصَ مِنْهُ إِلَّا إِلَى مَا أَرَادَ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ ، فَقَالَ عُمَرُ:«صَدَقْتَ»

ص: 308

500 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْأَصْبَهَانِيُّ ، أنا أَبُو الشَّيْخِ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَيُّوبَ ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ الْكِنْدِيُّ ، نا بَقِيَّةُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُمَرَ الْأَنْصَارِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: سَأَلْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْقَدَرِيِّ فَقَالَ: «لَا تُصَلِّي خَلْفَ الْقَدَرِيِّ ، أَمَّا أَنَا لَوْ صَلَّيْتُ خَلْفَهُ لَأَعَدْتُ صَلَاتِي»

ص: 309

501 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ ، نا أَبِي ، نا أَبُو الْوَلِيدِ ، نا أَبِي ، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ:" عَجِبْتُ مِنَ الرَّجُلِ يَفِرُّ مِنَ الْقَدَرِ وَهُوَ مُوَاقِعُهُ ، وَمِنَ الرَّجُلِ يَرَى الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيهِ ، وَيَدَعُ الْجِذْعَ فِي عَيْنِهِ وَمِنَ الرَّجُلِ يُخْرِجُ الضَّغْنَ مِنْ نَفْسِ أَخِيهِ وَيَدَعُ الضَّغْنَ فِي نَفْسِهِ ، وَمَا تَقَدَّمْتُ عَلَى أَمْرٍ قَطُّ فَلُمْتُ نَفْسِي عَلَى تَقَدُّمِي عَلَيْهِ ، وَمَا وَضَعْتُ سِرِّي عِنْدَ أَحَدٍ فَلُمْتُهُ عَلَى أَنْ أَفْشَاهُ ، وَكَيْفَ أَلُومُهُ وَقَدْ وَضَعْتُ - وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ -: وَقَدْ ضِقْتُ "

ص: 309

502 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، نا مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَالثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30] قَالَ: «عَلِمَ مِنْ إِبْلِيسَ الْمَعْصِيَةَ وَخَلَقَهُ لَهَا»

ص: 309

503 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، نا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ:{وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ} [المؤمنون: 63] قَالَ: «أَعْمَالٌ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا»

ص: 310

504 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ نا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ نا أَبُو مَنْصُورٍ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ مَنْصُورٍ الْوَاسِطِيُّ نا سُفْيَانٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ وَعَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ « (غَلَبَتْ عَلَيْنَا شَقَاوَتُنَا) »

ص: 310

505 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، بِبَغْدَادَ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، نا الْحَجَّاجُ ، نا حَمَّادٌ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، قَالَ: قَدِمَ الْحَسَنُ مَكَّةَ فَكَلَّمَنِي فُقَهَاءُ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ أُكَلِّمَهُ فَيَجْلِسُ لَهُمْ يَوْمًا فَكَلَّمْتُهُ فَقَالَ: نَعَمْ فَاجْتَمَعُوا وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ فَخَطَبَ يَوْمَئِذٍ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَا بَلَغَ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ خَلَقَ الشَّيْطَانَ؟ قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَهَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ خَلَقَ الشَّيْطَانَ ، وَخَلَقَ الشَّرَّ وَخَلَقَ الْخَيْرَ» ، فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ كَيْفَ يَكْذِبُونَ عَلَى هَذَا الشَّيْخِ

ص: 310

506 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ ، نا يَعْقُوبُ ، نا الْحَجَّاجُ ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ خَالِدٍ ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ آدَمُ خُلِقَ لِلْأَرْضِ أَمْ لِلسَّمَاءِ؟ قَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا مُنَازِلٍ؟ قَالَ: «فَقَالَ خُلِقَ لِلْأَرْضِ» قَالَ: فَقُلْتُ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّهُ اسْتَعْصَمَ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الشَّجَرَةِ؟ قَالَ: «لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا لِأَنَّهُ خُلِقَ لِلْأَرْضِ»

ص: 310

507 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْفِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، قَالَ: " قَرَأْتُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ عَلَى الْحَسَنِ فِي بَيْتِ أَبِي خَلِيفَةَ فَفَسَّرَهُ عَلَى الْإِثْبَاتِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ

⦗ص: 311⦘

: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الشعراء: 200] قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ سَلَكَهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ» ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ عز وجل:{وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ} [المؤمنون: 63] قَالَ: «أَعْمَالٌ سَيَعْمَلُونَهَا وَلَمْ يَعْمَلُوهَا» . وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ عز وجل: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 163] قَالَ: «مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِمُضِلِّينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ»

ص: 310

508 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ ، بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، نا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، نا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، فِي قَوْلِهِ:{لِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119] قَالَ: «خَلَقَ هَؤُلَاءِ لِهَذِهِ ، وَهَؤُلَاءِ لِهَذِهِ»

ص: 311

509 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ ، نا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، نا سُفْيَانُ ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، فِي قَوْلِهِ:{كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الحجر: 12] قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ»

ص: 311

510 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا ابْنُ كَثِيرٍ ، نا سُفْيَانُ ، عَنْ رَجُلٍ ، قَدْ سَمَّاهُ غَيْرِ ابْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عُبَيْدٍ الصَّيْدِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل

⦗ص: 312⦘

وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ قَالَ: «بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ»

ص: 311

قَالَ: ونا أَبُو دَاوُدَ ، نا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، نا حَمَّادٌ ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: «لِأَنْ يَسْقُطَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَقُولَ الْأَمْرُ بِيَدِي»

ص: 312

511 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، نا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ أَبِي مَعْرُوفٍ ، عَنْ مَرْوَانَ ، مَوْلَى هِنْدَ بِنْتِ الْمُهَلَّبِ قَالَ: دَعَا مَعْبَدٌ إِلَى الْقَدَرِ عَلَانِيَةً ، فَمَا كَانَ أَحَدٌ أَشَدَّ عَلَيْهِ فِي التَّفْسِيرِ وَالرِّوَايَةِ وَالْكَلَامِ مِنَ الْحَسَنِ ، فَغِبْتُ فِي وَجْهٍ خَرَجْتُ فِيهِ ، ثُمَّ قَدِمْتُ فَلَقِيتُ مَعْبَدًا ، فَقَالَ لِي: أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ الشَّيْخَ قَدْ وَافَقَنِي ، فَاصْنَعُوا مَا شِئْتُمْ بَعْدُ ، يَعْنِي الْحَسَنَ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَمَا وَاللَّهِ عَلَى ذَلِكَ أَبْدَأُ بِأَوَّلِ مِنْهُ آتِيهِ ، فَذَهَبْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا دَخَلْتُ قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ ، قَوْلُ اللَّهِ تبارك وتعالى:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد: 2]، كَانَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ عز وجل أَبَا لَهَبٍ؟ فَقَالَ:«سُبْحَانَ اللَّهِ مَا شَأْنُكَ نَعَمْ وَاللَّهِ وَقَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ أَبَا أَبِيهِ» قَالَ: فَقُلْتُ: فَهَلْ كَانَ أَبُو لَهَبٍ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُؤْمِنَ حَتَّى لَا يَصْلَى هَذِهِ النَّارَ؟ قَالَ: «لَا وَاللَّهِ مَا كَانَ يَسْتَطِيعُ» قَالَ: أَحْمَدُ اللَّهَ هَذَا الَّذِي كُنْتُ عَهِدْتُكَ عَلَيْهِ ، إِنَّ الَّذِي دَعَانِي إِلَى مَا سَأَلْتُكَ أَنَّ مَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَنِي أَنَّكَ قَدْ وَافَقْتَهُ ، قَالَ:«كَذَبَ لُكَعٌ ، كَذَبَ لُكَعٌ»

ص: 312

512 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، نا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، أَنَّ رَجُلًا ، مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَانَ يَقْدَمُ الْبَصْرَةَ ، فَكَانَ لَا يَأْتِي الْحَسَنَ

⦗ص: 313⦘

مِنْ أَجْلِ الْقَدَرِ ، فَلَقِيَهُ يَوْمًا فِي الطَّرِيقِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ ، {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 119] ، قَالَ:«نَعَمْ ، أَهْلُ رَحْمَتِهِ لَا يَخْتَلِفُونَ» قَالَ: فَقَوْلُهُ: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119]، قَالَ:«خَلَقَ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ ، وَهَؤُلَاءِ لِلنَّارِ» قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا أَسْأَلُ عَنِ الْحَسَنِ بَعْدَ الْيَوْمِ

ص: 312

513 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: نا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، نا أَبُو هِلَالٍ ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَنَصْرُ أَبُو خُزَيْمَةَ ، عَلَى الْحَسَنِ ، وَذَاكَ يَوْمُ جُمُعَةَ وَلَمْ يَكُنْ جَمَّعَ ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ ، أَمَا جَمَّعْتَ؟ فَقَالَ:«أَرَدْتُ ذَاكَ وَلَكِنْ مَنَعَنِي قَضَاءُ اللَّهِ عز وجل»

ص: 313

514 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، نا عَوْفٌ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ:«خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ بِقَدَرٍ وَخَلَقَ الْآجَالَ بِقَدَرٍ وَخَلَقَ الْأَرْزَاقَ بِقَدَرٍ ، وَخَلَقَ الْعَافِيَةَ بِقَدَرٍ ، وَخَلَقَ الْبَلَاءَ بِقَدَرٍ ، وَأَمَرَ وَنَهَى»

ص: 313

515 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْمِهْرَجَانِيُّ ، أنا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرٍ الْحَذَّاءُ ، أنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ، نا عُمَرُ بْنُ حَازِمٍ ، نا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقًا ، وَقَدَّرَ رِزْقًا ، وَقَدَّرَ الْمُصِيبَةَ ، وَقَدَّرَ عَافِيَةً ، فَمَنْ كَذَّبَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا فَقَدْ كَذَّبَ بِالْقُرْآنِ»

ص: 313

516 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الْحَسَنِ:«مَنْ كَذَّبَ بِالْقَدَرِ كَذَّبِ بِالْقُرْآنِ»

ص: 313

517 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، أنا سُلَيْمَانُ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، قَالَ: " كُنْتُ أَسِيرُ بِالشَّامِ فَنَادَانِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا

⦗ص: 314⦘

عَوْنٍ مَا هَذَا الَّذِي تَذْكُرُونَ عَنِ الْحَسَنِ؟ قَالَ: قُلْتُ: «إِنَّهُمْ يَكْذِبُونَ عَلَى الْحَسَنِ كَثِيرًا»

ص: 313

518 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، نا أَبُو النُّعْمَانِ ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، قَالَ:" كَذَبَ عَلَى الْحَسَنِ ضَرْبَانِ مِنَ النَّاسِ ، قَوْمٌ الْقَدَرُ رَأْيُهُمْ ، فَيَنْحِلُونَهُ الْحَسَنَ لِيُنْفِقُوهُ فِي النَّاسِ ، وَقَوْمٌ فِي صُدُورِهِمْ شَنَآنٌ وَبُغْضٌ لِلْحَسَنِ فَيَقُولُونَ: أَلَيْسَ يَقُولُ الْحَسَنُ كَذَا ، أَلَيْسَ يَقُولُ كَذَا "

ص: 314

519 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْفِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، نا إِسْمَاعِيلُ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغُرَابِيِّ ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ قَوْلُهُ عز وجل {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَمَنْ يَشُكُّ فِي هَذَا ، كُلُّ مُصِيبَةٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَفِي كِتَابِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تُبْرَأَ النَّسَمَةُ»

ص: 314

520 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ ، وَعُمَرُ بْنُ بُرْهَانَ فِي آخَرِينَ قَالُوا: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ ، نا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ الْيَمَامِيِّ ، قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ «يَلْعَنُ الْقَدَرِيَّةَ»

ص: 314

521 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ ، نا عِكْرِمَةُ يَعْنِي ابْنَ عَمَّارٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ ، وَسَالِمًا ، يَلْعَنَانِ الْقَدَرِيَّةَ. قَالُوا لِعِكْرِمَةَ: مَنِ الْقَدَرِيَّةُ؟ قَالَ: «الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْمَعَاصِيَ لَيْسَتْ بِقَدَرٍ»

ص: 314

522 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ: ذَكَرَ سُفْيَانُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا زَنَى؟ فَقَالَ: «يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ» قَالَ: كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَيُعَذِّبُهُ وَقَدْ كَتَبَهُ عَلَيْهِ ، فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى فَحَصَبَهُ "

ص: 314

523 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي ، أنا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ ، نا بِشْرُ بْنُ مُوسَى الْأَسَدِيُّ ، نا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ قَدَّرَ اللَّهُ كُلَّ شَيْءٍ مَا خَلَا الْأَعْمَالَ ، فَغَضِبَ سَعِيدٌ غَضَبًا لَمْ أَرَهْ غَضِبَ مِثْلَهُ قَطُّ حَتَّى هَمَّ بِالْقِيَامِ ، ثُمَّ قَالَ: فَعَلُوهَا فَعَلُوهَا ، وَيْحَهُمْ لَوْ يَعْلَمُونَ أَمَا إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ فِيهِمْ حَدِيثًا كَفَاهُمْ بِهِ شَرًّا ، فَقُلْتُ: وَمَا ذَلِكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ رَحِمَكَ اللَّهُ فَقَالَ: حَدَّثَنِي رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَبِالْقُرْآنِ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ يَقُولُونَ؟ قَالَ:" يُقِرُّونَ بِبَعْضِ الْقَدَرِ ، وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ، يَقُولُونَ: الْخَيْرُ مِنَ اللَّهِ وَالشَّرُّ مِنَ الشَّيْطَانِ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ

ص: 315

524 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ ، نا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ سُلَيْمٍ ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ فَقُلْتُ: إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُونَ فِي الْقَدَرِ قَالَ: «تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟» قُلْتُ نَعَمْ ، قَالَ:«اقْرَأُ الزُّخْرُفَ» فَقَرَأْتُ {حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} [الزخرف: 2] قَالَ: «أَتَدْرِي مَا الْقُرْآنُ الْعَرَبِيُّ؟» قُلْتُ: نَعَمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، قَالَ:«وَمَا هُوَ؟» قُلْتُ: الْفُرْقَانُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:«صَدَقْتَ» ثُمَّ قَرَأْتُ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4] قَالَ: «أَتَدْرِي مَا أُمُّ الْكِتَابِ؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ:" هُوَ الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَقَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَرْضَ ، وَفِيهِ أَنَّ فِرْعَوْنَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] "

ص: 315

525 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ ، أنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اللَّيْثِ ، نا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ ، نا ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ:«مَا لَقِيتُ قَدَرِيًّا قَطُّ إِلَّا لَقِيتُهُ مَنْظُومًا بِحُمْقِهِ»

ص: 316

526 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، نا أَبُو النُّعْمَانِ ، نا مَهْدِيٌّ ، نا غَيْلَانُ ، قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا ، يَقُولُ:«إِنِّي إِنَّمَا وَجَدْتُ ابْنَ آدَمَ كَالشَّيْءِ الْمُلْقَى بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الشَّيْطَانِ ، فَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُنْعِشَهُ اجْتَرَّهُ إِلَيْهِ ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ»

ص: 316

527 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ ، نا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، نا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ: قُلْتُ لِدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا تَقُولُ فِي الْقَدَرِ؟ قَالَ: أَقُولُ كَمَا قَالَ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «لَمْ يُوكَلُوا إِلَى الْقَدَرِ وَإِلَى الْقَدَرِ تَصِيرُونَ»

ص: 316

528 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرْفِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ ، نا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَوَّارٍ ، وَحَوْثَرَةُ ، قَالَا: أنا حَمَّادٌ ، أنا ثَابِتٌ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، قَالَ:«لَوْ كَانَ الْخَيْرُ فِي كَفِّ أَحَدٍ مَا اسْتَطَاعَ أَنْ يُفْرِغَهُ فِي قَلْبِهِ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ اسْمُهُ هُوَ الَّذِي يُفْرِغُهُ»

ص: 316

قَالَ

529 -

ونا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَوَّارٍ ، نا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لِابْنَيْ عَمٍّ لَهُ:«فَوِّضَا أَمْرَكُمَا إِلَى اللَّهِ تَسْتَرِيحَا»

ص: 316

530 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْفِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، نا أَبِي ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ ، نا سُفْيَانُ ، عَنْ دَاوُدَ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، قَالَ:«إِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْقَدَرِ مِنَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ»

ص: 316

531 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ ، نا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ ، نا ابْنُ الْقَاسِمِ يَعْنِي هَاشِمًا ، نا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ ، قَالَ: جَاءَ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ ، مِنَ الْقَدَرِ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ:«اخْتَرْ إِمَّا أَنْ تَقُومَ عَنِّي ، وَإِمَّا أَنْ أَقُومَ عَنْكَ»

ص: 316

532 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْفِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، نا حَمَّادٌ ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، أَنَّ الْفَضْلَ الرَّقَاشِيَّ ، قَعَدَ إِلَيْهِ فَذَاكَرَهُ شَيْئًا مِنَ الْقَدَرِ فَقَالَ لَهُ:«تَشَهَّدْ» فَلَمَّا بَلَغَ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، دَفَعَ مُحَمَّدٌ عَصًا مَعَهُ فَضَرَبَ بِهَا رَأْسَهُ وَقَالَ:«قُمْ» فَلَمَّا قَامَ قَالَ: «لَا يَرْجِعُ هَذَا عَنْ رَأْيِهِ أَبَدًا»

ص: 317

533 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا أَبُو عُتْبَةَ ، نا بَقِيَّةُ ، نا ابْنُ ثَوْبَانَ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ أُسَيْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: حَضَرْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ وَهُوَ يَقُولُ: " إِذَا رَأَيْتُمُونِي أَنْطَلِقُ فِي الْقَدَرِ فَغُلُّونِي فَإِنِّي مَجْنُونٌ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَتْ هَؤُلَاءِ الْآيَاتُ إِلَّا فِيهِمْ - ثُمَّ قَرَأَ - {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} [القمر: 47] " إِلَى آخِرِ الْآيَةِ

ص: 317

534 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا مَنْصُورٌ النَّصْرَوِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، نا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ خُصَيْفٍ ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَمُجَاهِدٌ ، وَذَرٍّ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ فَسَأَلَهُ ذَرٌّ عَنْ قَوْلِهِ:{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} [المطففين: 7] قَالَ: «قَدْ رَقَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ عَامِلُونَ فِي سِجِّينٍ فَهُوَ أَسْفَلُ ، وَالْفُجَّارُ مُنْتَهُونَ إِلَى مَا قَدْ رَقَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ» وَعَنْ {كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} [المطففين: 18]" قَالَ: قَدْ رَقَمَ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ عَامِلُونَ فِي عِلِّيِّينَ ، وَهُوَ فَوْقٌ ، فَهُمْ مُنْتَهُونَ إِلَى مَا قَدْ رَقَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، فِي عِلِّيِّينَ "

ص: 317

وَقَالَ الْقُرَظِيُّ: " وَجَدْتُ فِي الْقُرْآنِ آيَةً أُنْزِلَتْ فِي أَهْلِ الْقَدَرِ {يَوْمَ

⦗ص: 318⦘

يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] "

ص: 317

535 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ ذُعَيْرٍ الْحُلْوَانِيُّ ، نا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، نا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [هود: 48] قَالَ: «لَمْ يَبْقَ مُؤْمِنٌ وَلَا مُؤْمِنَةٌ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ إِلَّا قَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ السَّلَامِ وَالْبَرَكَاتِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَلَمْ يَبْقَ كَافِرٌ وَلَا كَافِرَةٌ إِلَّا قَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْمَتَاعِ وَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

ص: 318

536 -

أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، فِيمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِهِ ، أنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رَجَاءٍ الْبَرَارِيُّ ، نا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَازِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَلِيٍّ أَبَا حَفْصٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَيْمُونَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: نا حَارِثُ بْنُ شُرَيْحٍ الْبَزَّارُ قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ إِنَّ لَنَا إِمَامًا يَقُولُ فِي هَذَا الْقَدَرِ فَقَالَ: «يَا ابْنَ الْفَارِسِيِّ انْظُرْ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّيْتَهَا خَلْفَهُ فَأَعِدْهَا ، إِخْوَانُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ» فَسَأَلْتُ أَبَا الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ حَرْبِ بْنِ شُرَيْحٍ فَقَالَ: كَانَ جَارُنَا وَلَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ

ص: 318

537 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا ابْنُ كَثِيرٍ ، نا سُفْيَانُ ، قَالَ:«كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْقَدَرِ»

ص: 318

538 -

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ونا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ ، نا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، نا حَمَّادُ بْنُ دُلَيْلٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ ، يُحَدِّثُنَا عَنِ النَّصْرِ ، ح

⦗ص: 319⦘

539 -

قَالَ أَبُو دَاوُدَ ، وَحَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ ، عَنْ قَبِيصَةَ ، نا أَبُو رَجَاءٍ ، عَنْ أَبِي الصَّلْتِ ، وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ كَثِيرٍ وَمَعْنَاهُمْ قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْقَدَرِ فَكَتَبَ: " أَمَّا بَعْدُ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَالِاقْتِصَادِ فِي أَمْرِهِ ، وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ رَسُولِهِ ، وَتَرْكِ مَا أَحْدَثَ الْمُحْدِثُونَ بَعْدَمَا جَرَتْ سُنَّتُهُ وَكُفُوا مُؤْنَتَهُ ، فَعَلَيْكَ بِلُزُومِ السُّنَّةِ فَإِنَّهَا لَكَ بِإِذْنِ اللَّهِ عِصْمَةٌ ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِعِ النَّاسُ بِدْعَةً إِلَّا وَقَدْ مَضَى قَبْلَهَا مَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهَا أَوْ عِبْرَةٌ فِيهَا ، فَإِنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا سَنَّهَا مَنْ قَدْ عَلِمَ فِي خِلَافِهَا مِنَ الْخَطَإِ ، وَالزَّلَلِ ، وَالْحُمْقِ ، وَالتَّعَمُّقِ ، فَارْضَ لِنَفْسِكَ مَا رَضِيَ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ عَنْ عِلْمٍ وَقَفُوا ، وَبِبَصَرٍ نَافِذٍ كُفُوا ، لَهُمْ عَلَى كَشْفِ الْأُمُورِ كَانُوا أَقْدَرَ ، وَبِفَضْلِ مَا فِيهِ كَانُوا أَوْلَى ، فَإِنْ كَانَ الْهُدَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ لَقَدْ سَبَقْتُمُوهُمْ إِلَيْهِ ، وَلَئِنْ قُلْتُمْ إِنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَهُمْ مَا أَحْدَثَهُ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ أَوْ رَغِبَ بِنَفْسِهِ عَنْهُمْ فَإِنَّهُمْ هُمُ السَّابِقُونَ ، وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ بِمَا يَكْفِي ، وَوَصَفُوا مَا يَشْفِي ، فَمَا دُونَهُمْ مِنْ مُقَصِّرٍ ، وَمَا فَوْقَهُمْ مِنْ مُحْسِنٍ ، قَدْ قَصَّرَ قَوْمٌ دُونَهُمْ فَجَفَوْا ، وَطَمَحَ عَنْهُمْ أَقْوَامٌ فَغَلَوْا ، وَإِنَّهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ. كَتَبْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْإِقْرَارِ بِالْقَدَرِ ، فَعَلَى الْخَبِيرِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَعْتَ ، مَا أَعْلَمُ أَحْدَثَ النَّاسُ مِنْ مُحْدَثَةٍ وَلَا ابْتَدَعُوا مِنْ بِدْعَةٍ هِيَ أَبْيَنُ أَثَرًا ، وَلَا أَثْبَتُ أَمْرًا مِنَ الْإِقْرَارِ بِالْقَدَرِ ، لَقَدْ كَانَ ذَكَرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْجُهَلَاءُ يَتَكَلَّمُونَ فِي كَلَامِهِمْ وَفِي شِعْرِهِمْ يُعَزُّونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ عَلَى مَا فَاتَهُمْ ، ثُمَّ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ بَعْدُ إِلَّا شِدَّةً ، لَقَدْ ذَكَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْرِ حَدِيثٍ ، وَلَا حَدِيثَيْنِ ، قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ فَتَكَلَّمُوا بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ يَقِينًا وَتَسْلِيمًا لِرَبِّهِمْ عز وجل ، وَتَضْعِيفًا لِأَنْفُسِهِمْ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ لَمْ يُحِطْ بِهِ عِلْمُهُ ، وَلَمْ يُحْصِهِ كِتَابُهُ بِذَلِكَ ، وَلَمْ يَمْضِ فِيهِ قَدَرُهُ ، وَإِنَّهُ لَمَعَ ذَلِكَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ لَمِنْهُ اقْتَبَسُوهُ وَلَمِنْهُ تَعَلَّمُوهُ ، وَلَئِنْ قُلْتُمْ لِمَ أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل آيَةَ كَذَا ، وَلِمَ قَالَ اللَّهُ كَذَا ، لَقَدْ قَرَءُوا مِنْهُ مَا قَرَأْتُمْ ، وَعَلِمُوا مِنْ تَأْوِيلِهِ مَا جَهِلْتُمْ ، وَقَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ: كُلُّهُ بِكِتَابٍ وَقَدَرٍ ، وَمَا يُقَدَّرْ يَكُنْ ، وَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ، وَلَا نَمْلِكُ لِأَنْفُسِنَا ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ، ثُمَّ رَغِبُوا بَعْدَ ذَلِكَ وَرَهِبُوا. وَلَمْ يَقُلْ ابْنُ كَثِيرٍ: مَنْ قَدْ عَلِمَ "

ص: 318

540 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُغَفَّلٍ ، نا حَرْمَلَةُ ، نا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، كَانَ حَكِيمًا يَقُولُ:«لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ» وَكَانَ يَقُولُهَا: " إِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل لِهَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةَ عِلْمًا بَيِّنًا عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 162] "

ص: 320

قَالَ مَالِكٌ: " الْقَدَرِيَّةُ شَرُّ النَّاسِ وَأَرْذَلُهُمْ ، وَقَرَأَ قَوْلَ نُوحٍ عليه السلام:{يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 27] قَالَ مَالِكٌ: «وَالْأَنْبِيَاءُ لَا يَقُولُونَ إِلَّا الْحَقَّ»

ص: 320

541 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّصْرَوِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، نا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، نا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ ، قَالَ: خَرَجْتُ وَافِدًا إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، وَكَانَ مَعَنَا صَاحِبٌ لَنَا يَتَكَلَّمُ فِي الْقَدَرِ ، فَسَأَلْنَا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ حَوَائِجِنَا ، ثُمَّ ذَكَرْنَا لَهُ الْقَدَرَ ، فَقَالَ:" لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ - ثُمَّ قَالَ -: قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 162] " فَرَجَعَ صَاحِبُنَا ذَلِكَ عَنِ الْقَدَرِ

ص: 320

542 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الدَّارَبِرْدِيُّ ، بِمَرْوَ ، نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْقَاضِي ، نا الْقَعْنَبِيُّ ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلٍ ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَاسْتَشَارَنِي فِي الْقَدَرِيَّةِ ، فَقُلْتُ: أَرَى أَنْ تَسْتَتِيبَهُمْ ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا عَرَضْتَهُمْ عَلَى السَّيْفِ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ:«وَذَلِكَ رَأْيِي» قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ رَأْيِي

ص: 320

543 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بُرْهَانَ ، وَغَيْرُهُمَا ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، نا الْحَسَنُ بْنُ

⦗ص: 321⦘

عَرَفَةَ ، نا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ مَخْرُومٍ ، عَنْ سَيَّارٍ ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي أَصْحَابِ الْقَدَرِ: «يُسْتَتَابُونَ ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا نُفُوا مِنْ دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ»

ص: 320

544 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّصْرَوِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي مَخْزُومٍ النَّهْشَلِيِّ ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ، اتَّقُوا اللَّهَ ، فَمَنْ أَحْسَنَ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ ، وَمَنْ أَسَاءَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ ، فَإِنْ عَادَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِأَقْوَامٍ أَنْ يَعْمَلُوا أَعْمَالًا كَتَبَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَوَضَعَهَا فِي رِقَابِهِمْ»

ص: 321

545 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ ، نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ ، نا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، نا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو قُدَامَةَ الْإِيَادِيُّ ، نا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِمَكْحُولٍ: «إِيَّاكَ أَنْ تَقُولَ فِي الْقَدَرِ مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ» يَعْنِي غَيْلَانَ وَأَصْحَابَهُ

ص: 321

546 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ: ذَكَرَ سُفْيَانُ ، عَنْ ثَوْرٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، قَالَ:" مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا لَهُ عَيْنَانِ فِي وَجْهِهِ يُبْصِرُ بِهِمَا أَمْرَ الدُّنْيَا ، وَعَيْنَانِ فِي قَلْبِهِ يُبْصِرُ بِهِمَا أَمْرَ الْآخِرَةِ ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا فَتَحَ عَيْنَيْهِ اللَّذَيْنِ فِي قَلْبِهِ ، فَأَبْصَرَ بِهِمَا مَا وُعِدَ بِالْغَيْبِ ، فَآمَنَ الْغَيْبُ بِالْغَيْبِ ، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ غَيْرَ ذَلِكَ تَرَكَهُ عَلَى مَا فِيهِ - ثُمَّ قَرَأَ -: {عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] "

ص: 321

547 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، نا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ مِسْعَرٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَبِي الصَّبَّاحِ قَالَ:«الْكَلَامُ فِي الْقَدَرِ أَبُو جَادَ الزَّنْدَقَةِ»

ص: 321

548 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ صُبْحٍ ، نا عُبَيْدُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ لِي رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ: إِذَا أَتَيْتَ بِلَالَ بْنَ سَعْدٍ فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَجَاءً بَعَثَنِي إِلَيْكَ وَقَدْ كَرِهَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ مِنْ كَلَامِ الْمُكَذِّبِينَ بِمَقَادِيرِ اللَّهِ عز وجل فَإِنْ كَانَ وَقَعَ ذَلِكَ فِي نَفْسِكَ فَقَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِكَ شَرٌّ ، وَإِنْ يَكُ ذَلِكَ زَيْغًا أَوْ خَطَأً فَرَاجِعْ مِنْ قَرِيبٍ ، حَتَّى يَعْلَمَ الْمُكَذِّبُونَ بِمَقَادِيرِ اللَّهِ أَنْ قَدْ فَارَقْتَهُمْ وَتَرَكْتَ مَا هُمْ عَلَيْهِ»

ص: 322

549 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ ، نا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ: رُمِيَ بِلَالُ بْنُ سَعْدٍ بِالْقَدَرِ ، فَأَصْبَحَ فَتَكَلَّمَ فِي قَصَصِهِ فَقَالَ:«رُبَّ مَسْرُورٍ مَغْبُونٌ ، وَالْوَيْلُ لِمَنْ لَهُ الْوَيْلُ وَلَا يَشْعُرُ ، يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَقَدْ حَقَّ عَلَيْهِ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، أَوْ نَحْوَهُ»

ص: 322

550 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ ، نا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ، نا الْحَكَمُ بْنُ عُمَرَ الرُّعَيْنِيُّ ، قَالَ: أَرْسَلَنِي خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى قَتَادَةَ وَهُوَ بِالْحِيرَةِ أَسْأَلُهُ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا سَأَلْتُ قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [الحج: 17] هُمْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ؟ قَالَ: " لَا ، وَلَكِنَّهُمُ الزَّنَادِقَةُ الْمَنَانِيَّةُ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ شَرِيكًا فِي خَلْقِهِ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ الْخَيْرَ ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَخْلُقُ الشَّرَّ ، وَلَيْسَ لِلَّهِ عَلَى الشَّيْطَانِ قُدْرَةٌ "

ص: 322

551 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ ، نا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ ، أنا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، قَالَ: سَأَلْتُ قَتَادَةَ عَنِ الْقَدَرِ قَالَ: " تَسْأَلُنِي عَنْ رَأْيِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، إِنَّ الْعَرَبَ فِي جَاهِلِيَّتِهَا وَإِسْلَامِهَا كَانَتْ تُثْبِتُ الْقَدَرَ ، وَأَنْشَدَنِي فِي ذَلِكَ بَيْتَ شِعْرٍ:

[البحر الطويل]

⦗ص: 323⦘

مَا كَانَ قَطْعِي هَوْلَ كُلِّ تَنُوفَةٍ

إِلَّا كِتَابٌ قَدْ خَلَا مَسْطُورُ"

ص: 322

552 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أنا مَعْمَرٌ ، قَالَ: كَانَ ابْنُ طَاوُسٍ جَالِسًا فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ قَالَ: فَأَدْخَلَ ابْنُ طَاوُسٍ أَصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ، وَقَالَ لِابْنِهِ:«أَيْ بُنَيَّ أَدْخِلْ أَصْبُعَيْكَ فِي أُذُنَيْكَ وَاشْدُدْ وَلَا تَسْمَعْ مِنْ كَلَامِهِ شَيْئًا» قَالَ مَعْمَرٌ: يَعْنِي إِنَّ الْقَلْبَ ضَعِيفٌ

ص: 323

قَالَ: ونا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى: إِنِّي أَرَى الْمُعْتَزِلَةَ عِنْدَكُمْ كَثِيرٌ قَالَ: قُلْتُ: «نَعَمْ ، وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ مِنْهُمْ» قَالَ: أَفَلَا تَدْخُلُ مَعِي هَذَا الْحَانُوتَ حَتَّى أُكَلِّمَكَ ، قُلْتُ:«لَا» قَالَ: لِمَ؟ قُلْتُ: «لِأَنَّ الْقَلْبَ ضَعِيفٌ ، وَإِنَّ الدِّينَ لَيْسَ لِمَنْ غَلَبَ»

ص: 323

553 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، نا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَسَدٍ ، نا ضَمْرَةُ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، قَالَ: قَالَ لِي الْأَوْزَاعِيُّ: «يَا أَبَا زُرْعَةَ هَلَكَ عُبَّادُنَا وَخِيَارُنَا فِي هَذَا الرَّأْيِ» يَعْنِي الْقَدَرَ

ص: 323

554 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَارِمٍ الْحَافِظُ ، بِالْكُوفَةِ ، نا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَمَّاطُ ، نا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، نا الْحَكَمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكِنْدِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ ، وَسُئِلَ عَنِ الْقَدَرِيَّةِ ، فَقَالَ:«لَا تُجَالِسُوهُمْ» قِيلَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانُوا مَعَنَا فِي قَرْيَةٍ أَوْ مَدِينَةٍ ، فَدَعَوْنَا إِلَى طَعَامٍ؟ قَالَ:«أَجِبْهُمْ وَلَا تَأْكُلْ»

ص: 323

555 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ بُكَيْرٍ ، يُحَدِّثُ عَنِ اللَّيْثِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ: تَلَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هَذِهِ الْآيَةَ يَوْمًا: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر: 21] فَقَالَ جَمِيلُ بْنُ نُبَاتَةَ

⦗ص: 324⦘

الْعِرَاقِيُّ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرَأَيْتَ السِّحْرَ مِنْ خَزَائِنِ اللَّهِ الَّتِي تَنْزِلُ؟ فَقَالَ يَحْيَى: «مَهْ مَا هَذَا مِنْ مَسَائِلِ الْمُسْلِمِينَ» وَأُفْحِمَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَبِيبَةَ: إِنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَيْسَ مِنْ أَصْحَابِ الْخُصُومَةِ ، إِنَّمَا هُوَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَكِنْ عَلَيَّ فَأَقْبِلْ أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ: إِنَّ السِّحْرَ لَا يَضُرُّ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ، فَتَقُولُ أَنْتَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَسَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ، فَأَذَلَّهُ عَبْدُ اللَّهِ ، فَكَأَنَّمَا كَانَ عَلَيْنَا جَبَلٌ فَوُضِعَ عَنَّا

ص: 323

556 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَسَدِيُّ بِهَمَذَانَ ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، نا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا ، يَقُولُ:«كَانَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ قَدْ ضَلَّلَهُمْ غَيْلَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ»

ص: 324

قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ تَزْوِيجِ الْقَدَرِيِّ فَقَالَ: " {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: 221] "

ص: 324

557 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْخَضِرِ الشَّافِعِيُّ ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ حَمْزَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَشْهَبَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، يَقُولُ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: «الْقَدَرِيَّةُ لَا تُنَاكِحُوهُمْ ، وَلَا تُصَلُّوا خَلْفَهُمْ ، وَلَا تَحْمِلُوا عَنْهُمُ الْحَدِيثَ ، وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ فِي ثَغْرٍ فَأَخْرِجُوهُمْ عَنْهَا»

ص: 324

558 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ الضُّبَعِيُّ ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، نا مَالِكٌ ، قَالَ:" مَا أَضَلَّ مَنْ كَذَّبَ بِالْقَدَرِ ، لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ إِلَّا قَوْلُ نُوحٍ {خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن: 2] لَكَفَى بِهَا حُجَّةً "

ص: 324

559 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: إِنَّ لَنَا إِمَامًا قَدَرِيًّا؟ قَالَ: «لَا تُقَدِّمُوهُ» قَالَ: لَيْسَ لَنَا إِمَامٌ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لَا تُقَدِّمُوهُ»

ص: 324

560 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ مَرْدَوَيْهِ الْفَارِسِيُّ ، نا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ الرَّقِّيُّ ، نا إِدْرِيسُ بْنُ مُوسَى الْمَنْبِجِيُّ ، نا أَبِي ، عَنْ جَدِّي ، قَالَ: جَاءَتْ جَارِيَةٌ بِرُقْعَةٍ مَخْتُومَةٍ دَفَعَتْهَا إِلَى سُفْيَانَ يَعْنِي الثَّوْرِيَّ فَفَضَّهَا وَقَرَأَهَا ، فَإِذَا فِيهَا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ إِلَى سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ ، مَا تَقُولُ فِي رَبٍّ قَدِيرٍ قَدَرَ عَلَيَّ ، وَقَدَرَ عَلَى إِرْشَادِي وَإِصْلَاحِي وَعِصْمَتِي وَتَوْفِيقِي فَمَنَعَنِي مِنْ ذَلِكَ بِقُدْرَتِهِ وَحَجَبَنِي بِقُوَّتِهِ ، وَقَدْ عَزَمَ عَلَيَّ أَنْ يُعَذِّبَنِيَ بِالنَّارِ ، جَارَ عَلَيَّ أَمْ عَدَلَ؟ فَكَتَبَ سُفْيَانُ:«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ، وَأَقَرَّ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ رَبِّ الْعُلَى ، إِنْ يَكُنِ الْإِيمَانُ وَالْإِرْشَادُ وَالْإِصْلَاحُ وَالْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ حَقًّا لَكَ عَلَى اللَّهِ لَازِمًا ، وَدَيْنًا وَاجِبًا ، فَمَنَعَكَ بِقُدْرَتِهِ ، وَحَجَبَكَ بِقُوَّتِهِ مَا هُوَ لَكَ عَلَيْهِ ، وَقَدْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يُعَذِّبَكَ بِالنَّارِ ، قُلْنَا إِنَّهُ جَارَ عَلَيْكَ وَلَمْ يَعْدِلْ وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَجُورَ اللَّهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ ، أَوْ لَا يَعْدِلَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كُلُّهُ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ ، فَاللَّهُ يُؤْتِي فَضْلَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ، فَإِنْ يَكُنْ هَهُنَا حُجَّةٌ أَدْحَضْنَاهَا بِالْحَقِّ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ» قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ دَاوُدُ تَائِبًا إِلَى اللَّهِ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ مُقِيمًا ، وَأَنَّهُ فَوَّضَ الْأُمُورَ كُلَّهَا إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ

ص: 325

561 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، نا أَبُو الطَّيِّبِ الْمُظَفَّرُ بْنُ سَهْلٍ الْحَلِيلِيُّ ، نا إِسْحَاقُ بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِيهِ أَيُّوبَ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُيَيْنَةَ عَنِ الْقَدَرِيَّةِ ، فَقَالَ: " يَا ابْنَ أَخِي قَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ مَا لَمْ يَقُلِ اللَّهُ عز وجل وَلَا الْمَلَائِكَةُ وَلَا النَّبِيُّونَ ، وَلَا أَهْلُ الْجَنَّةِ ، وَلَا أَهْلُ النَّارِ ، وَلَا مَا قَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: 32] وَقَالَ النَّبِيُّونَ: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ

⦗ص: 326⦘

يَشَاءَ} [الأعراف: 89] وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: 43] وَقَالَ أَهْلُ النَّارِ {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون: 106] وَقَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الحجر: 39]

ص: 325

562 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ ، نا أَحْمَدُ الطُّرَسُوسِيُّ ، نا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّا وَجَدْنَا خَمْسَةَ أَصْنَافٍ مِنَ النَّاسِ قَدْ كَفَرُوا وَلَمْ يُؤْمِنُوا قَالَ: «مَنْ هُمْ؟» قَالَ الْجَهْمِيَّةُ ، وَالْقَدَرِيَّةُ ، وَالْمُرْجِئَةُ ، وَالرَّافِضَةُ ، وَالنَّصَارَى قَالَ:«كَيْفَ؟» قَالَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ: لَا لَيْسَ كَمَا قُلْتَ ، بَلْ خَلَقْتَ كَلَامًا ، قَالَ: فَكَفَرُوا وَرَدُّوا عَلَى اللَّهِ عز وجل ، وَقَالَ اللَّهُ {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] قَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ: لَيْسَ كَمَا قُلْتَ الشَّرُّ مِنَ الشَّيْءِ وَلَيْسَ مِمَّا خَلَقْتَهُ ، فَكَفَرُوا وَرَدُّوا عَلَى اللَّهِ ، وَقَالَ اللَّهُ:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: 21] قَالَتِ الْمُرْجِئَةُ: لَيْسَ كَمَا قُلْتَ ، بَلْ هُمْ سَوَاءٌ ، فَكَفَرُوا وَرَدُّوا عَلَى اللَّهِ ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: إِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. قَالَتِ الرَّافِضَةُ: لَا لَيْسَ كَمَا قُلْتَ ، بَلْ أَنْتَ خَيْرٌ مِنْهُمَا ، قَالَ: فَكَفَرُوا وَرَدُّوا عَلَيْهِ ، وَقَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عليه السلام: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. قَالَتِ النَّصَارَى: لَيْسَ كَمَا قُلْتَ بَلْ أَنْتَ هُوَ ، قَالَ: فَكَفَرُوا وَرَدُّوا عَلَيْهِ. قَالَ: سُفْيَانُ «اكْتُبُوهُ اكْتُبُوهُ»

ص: 326

563 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ ، نا عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ

⦗ص: 327⦘

جَعْفَرِ بْنِ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ ، بِحَلَبَ ، نا أَبُو يُوسُفَ الْبَغْدَادِيُّ ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ: إِنَّ هَهُنَا رَجُلًا يُكَذِّبُ بِالْقَدَرِ قَالَ: " كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ وَمَا يَقُولُ ، لَقَدْ سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا بِالْمَوْقِفِ ، وَهُوَ أَفْقَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِلَيْكَ خَرَجْتُ وَأَنْتَ أَخْرَجْتَنِي ، وَعَلَيْكَ قَدِمْتُ ، وَأَنْتَ أَقْدَمْتَنِي ، أُطِيعُكَ بِأَمْرِكَ وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَيَّ ، وَأَعْصِيكَ بِعِلْمِكَ وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ ، فَأَنَا أَسْأَلُكَ بِوَاجِبِ حُجَّتِكَ وَانْقِطَاعِ حُجَّتِي إِلَّا رَدَدْتَنِي بِذَنْبٍ مَغْفُورٍ "

ص: 326

564 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ الْبُسْتِيَّ ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْعُودٍ الْمَرْوَزِيُّ بِنَيْسَابُورَ ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ رُسْتُمَ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِصْمَةَ نُوحَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ ، سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ: مَنْ أَهْلُ الْجَمَاعَةِ؟ قَالَ: «مَنْ فَضَّلَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَحَبَّ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ ، وَآمَنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللَّهِ ، وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، وَلَمْ يُكَفِّرْ مُؤْمِنًا بِذَنْبٍ ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِي اللَّهِ بِشَيْءٍ»

ص: 327

565 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْفِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، نا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ ، نا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ: سَمِعْتَ مِنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ؟ فَقَالَ: هَكَذَا بِيَدِهِ - أَيْ كَثْرَةً - قُلْتُ: فَلِمَ لَا تُسَمِّيهِ؟ وَأَنْتَ تُسَمِّي غَيْرَهُ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ؟ قَالَ: «لِأَنَّ هَذَا كَانَ رَأْسًا»

ص: 327

566 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدْلُ بِمَرْوَ قَالَ: نا أَبُو رَجَاءٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ السَّخِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَوْحٍ ، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: " إِنَّ الْبُصَرَاءَ لَا يَأْمَنُونَ مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: ذَنْبٌ قَدْ مَضَى لَا يُدْرَى مَا يَصْنَعُ الرَّبُّ ، وَعُمْرٌ قَدْ بَقِيَ لَا يُدْرَى مَاذَا فِيهِ مِنَ الْهَلَكَاتِ ، وَفَضْلٌ قَدْ أُعْطِيَ لَعَلَّهُ مَكْرٌ وَاسْتِدْرَاجٌ ، وَضَلَالَةٌ قَدْ زُيِّنَتْ لَهُ فَيَرَاهَا هُدًى ، وَمِنْ زَيْغِ الْقَلْبِ سَاعَةً أَسْرَعُ مِنْ طَرَفَةِ عَيْنٍ قَدْ يُسْلَبُ دِينُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ "

ص: 327

567 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ

⦗ص: 328⦘

بْنُ بَالَوَيْهِ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ قِيرَاطٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ طَهْمَانَ ، يَقُولُ:«الْجَهْمِيَّةُ وَالْقَدَرِيَّةُ كُفَّارٌ»

ص: 327

568 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ الْقَاضِي ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ ، أنا أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ ، أَوْ فِيمَا أَجَازَ لِي مُشَافَهَةً ، نا الرَّبِيعُ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ رحمه الله يَقُولُ: «لِأَنْ يَلْقَى اللَّهَ الْعَبْدُ بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلَا الشِّرْكَ بِاللَّهِ عز وجل خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ» وَذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يَتَجَادَلُونَ فِي الْقَدَرِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: " فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمَشِيئَةُ لَهُ دُونَ خَلْقِهِ ، وَالْمَشِيئَةُ إِرَادَةُ اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} فَأَعْلَمَ خَلْقَهُ أَنَّ الْمَشِيئَةَ لَهُ ، وَكَانَ يُثْبِتُ الْقَدَرَ "

ص: 328

569 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو أَحْمَدَ حَامِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ ، نا عِمْرَانُ بْنُ فَضَالَةَ ، نا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ: سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنِ الْقَدَرِ ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: ح

570 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَقُولُ: أَخْبَرَنِي الْمُزَنِيُّ ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ:

[البحر المتقارب]

مَا شِئْتَ كَانَ وَإِنْ لَمْ أشأْ

وَمَا شِئْتُ إِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ

خَلَقْتَ الْعِبَادَ عَلَى مَا عَلِمْتَ

فَفِي الْعِلْمِ يَجْرِي الْفَتَى وَالْمُسِنْ

فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ

وَمِنْهُمْ قَبِيحٌ وَمِنْهُمْ حَسَنْ

عَلَى ذَا مَنَنْتَ وَهَذَا خَذَلْتَ

وَهَذَا أَعَنْتَ وَذَا لَمْ تُعِنْ

⦗ص: 329⦘

وَفِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ قَدَّمَ الْبَيْتَ الرَّابِعَ عَلَى الْبَيْتِ الثَّالِثِ ، ورُوِّينَاهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنِ الرَّبِيعِ ، عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ

ص: 328

571 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ ، قَالَ: أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَاصِرٍ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْهَمَذَانِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ قَالَ: أَنْشَدُونَا لِلشَّافِعِيِّ:

[البحر الخفيف]

قَدَرُ اللَّهِ وَاقِعٌ حَيْثُ يَقْضِي وُرُودَهُ

قَدْ قَضَى فِيكَ حُكْمَهُ وَانْقَضَى مَا يُرِيدُهُ

فَأُرِدْ مَا يَكُونُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَا تُرِيدُهُ

ص: 329

572 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى يَقُولُ: " السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الْإِيمَانَ ، قَوْلٌ وَعَمَلٌ ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ ، وَهُوَ قَوْلُ أَئِمَّتِنَا مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ ، وَسُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ الْهِلَالِيِّ ، وَأَنَّ الْأَعْمَالَ وَالْفَرَائِضَ وَأَعْمَالَ الْجَوَارِحِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَجْمَعُ مِنَ الْإِيمَانِ ، وَأَنَّ الْقَدَرَ خَيْرَهُ وَشَرَّهُ مِنَ اللَّهِ عز وجل ، وَقَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ، عَلِمَ اللَّهُ مِنَ الْعِبَادِ مَا هُمْ عَامِلُونَ ، وَإِلَى مَا هُمْ صَائِرُونَ ، وَأَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ فَمَنْ لَزِمَ أَمْرَ اللَّهِ عز وجل وَآثَرَ طَاعَتَهُ فَبِتَوْفِيقِ اللَّهِ ، وَمَنْ تَرَكَ أَمْرَ اللَّهِ وَرَكِبَ مَعَاصِيهِ فَبِخِذْلَانِ اللَّهِ إِيَّاهُ ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ قَبْلَ الْعَمَلِ بِالْجَوَارِحِ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ عَمِلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَعْمَلْ فَقَدْ كَذَّبَ بِالْقَدَرِ ، وَرَدَّ كِتَابَ اللَّهِ نَصًّا ، وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ لِمَا لَمْ يُرِدْهُ اللَّهُ وَنَحْنُ نَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ عز وجل مِنْ هَذَا الْقَوْلِ ، وَلَكِنْ نَقُولُ الِاسْتِطَاعَةُ فِي الْعَبْدِ مَعَ الْفِعْلِ فَإِذَا عَمِلَ عَمَلًا بِالْجَوَارِحِ مِنْ بِرٍّ أَوْ فُجُورٍ عَلِمْنَا أَنَّهُ كَانَ مُسْتَطِيعًا لِلْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَ ، فَأَمَّا قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَهُ فَإِنَّا لَا نَدْرِي لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَمْرًا ، فَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ ، وَاللَّهُ تبارك وتعالى مُرِيدٌ لِتَكْوِينِ أَعْمَالِ الْخَلْقِ ، وَمَنِ ادَّعَى خِلَافَ مَا ذَكَرْنَا فَقَدْ وَصَفَ اللَّهَ بِالْعَجْزِ وَهَلَكَ فِي الدَّارَيْنِ ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِهِ خَلَقَ الْخَلْقَ وَكَوَّنَ الْأَشْيَاءَ قَالَ اللَّهُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ

⦗ص: 330⦘

: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] فَفَصَّلَ الْأَمْرَ مِنَ الْخَلْقِ ، فَبِأَمْرِهِ خَلَقَ الْخَلْقَ قَالَ: كُنْ فَكَانَ ، وَكَلَامُهُ مِنْ أَمْرِهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ ، وَأَنَّ اللَّهَ يَرَى فِي الْآخِرَةِ بِالْأَبْصَارِ يَرَاهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ ، بِهَذَا نُدِينُ اللَّهَ بِصِدْقِ نِيَّةٍ عَلَيْهِ نَحْيَا وَنَمُوتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَأَنَّ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُقَدَّمُ فِي التَّفْضِيلِ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ عُمَرُ ، ثُمَّ عُثْمَانُ ، ثُمَّ عَلِيٌّ "

ص: 329

573 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى حَمْزَةَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيَّ النَّهْدِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْحَسَنِيَّ ، وَمَا رَأَيْتُ عَلَوِيًّا أَفْضَلَ مِنْهُ زُهْدًا وَعِبَادَةً يَقُولُ:«الْمُعْتَزِلَةُ قَعْدَةُ الْخَوَارِجِ عَجَزُوا عَنْ قِتَالِ النَّاسِ بِالسُّيُوفِ فَقَعَدُوا لِلنَّاسِ يُقَاتِلُونَهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ أَوْ يُجَاهِدُونَهُمْ» أَوْ كَمَا قَالَ

ص: 330

574 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّيُّ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: 78] يَقُولُ: " الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يَقُولُ: أَمَّا الْحَسَنَةُ فَأَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكَ ، وَأَمَّا السَّيِّئَةُ فَابْتَلَاكَ اللَّهُ بِهَا " وَفِي قَوْلِهِ: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79] قَالَ: «الْحَسَنَةُ مَا فَتْحَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَمَا أَصَابَكَ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَتْحِ ، وَالسَّيِّئَةُ مَا أَصَابَكَ يَوْمَ أُحُدٍ أَنْ شُجَّ فِي وَجْهِهِ ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ»

ص: 331

575 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ

⦗ص: 332⦘

السُّكَّرِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أنا مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِهِ عز وجل:{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79]«وَأَنَا قَدَّرْتُهَا عَلَيْكَ»

ص: 331

وَرَوَى عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَادَ فَقَالَ:«وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ»

ص: 332

576 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّصْرَوِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، نا سُفْيَانُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلِهِ:{وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79] قَالَ: «فَبِذَنْبِكَ وَأَنَا قَدَّرْتُهَا عَلَيْكَ» قَالَ الشَّيْخُ: يَعْنِي وَاللَّهُ قَاضِيَهَا وَقَادِرُهَا لِقَوْلِهِ: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: 78] وَهِيَ جَزَاءٌ لِمَنْ أَصَابَهُ ذَلِكَ بِكَسْبٍ جَنَاهُ عَلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]

ص: 332

577 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْإِمَامُ ، أنا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْحَسَنِ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ يَعْقُوبَ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنِ الْهُذَيْلِ ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، " {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ} [النساء: 78] يَعْنِي: نِعْمَةٌ بِبَدْرٍ ، وَهِيَ الْفَتْحُ وَالْغَنِيمَةُ يَقُولُونَ: هَذِهِ الْحَسَنَةُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَعْطَانَا ، وَابْتَدَأَنَا بِهَا لَا نَحْمَدُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} [النساء: 78] يَعْنِي بَلِيَّةً ، وَهِيَ الْقَتْلُ وَالْهَزِيمَةُ يَوْمَ أُحُدٍ يَقُولُونَ: هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ حَمَلْتَنَا عَلَى هَذَا وَفِي سَبَبِكَ كَانَ هَذَا ، قَالَ اللَّهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم {قُلْ كُلٌّ} [النساء: 78] يَعْنِي: الرَّخَاءَ وَالشِّدَّةَ ، وَالسَّيِّئَةَ وَالْحَسَنَةَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ} يَعْنِي: الْمُنَافِقِينَ {لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء: 78] لِأَنَّ الشِّدَّةَ وَالرَّخَاءَ وَالسَّيِّئَةَ وَالْحَسَنَةَ مِنَ اللَّهِ ، أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى مَا كَذَّبَهُمْ

⦗ص: 333⦘

رَبُّهُمْ - يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ - فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ: عليه السلام: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ} [النساء: 79] يَعْنِي: نِعْمَةٍ: يَعْنِي الْفَتْحَ وَالْغَنِيمَةَ يَوْمَ بَدْرٍ {فَمِنَ اللَّهِ} [النساء: 79] كَانَ اللَّهُ أَعْطَاكَ ذَلِكَ ، {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ} [النساء: 79] يَعْنِي: الْبَلَاءَ مِنَ الْقَتْلِ وَالْهَزِيمَةِ يَوْمَ أُحُدٍ {فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79] يَعْنِي فَبِذَنْبِكَ بِتَرْكِكَ الْمَرْكَزَ "

ص: 332

578 -

وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الْمُفَسِّرُ وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُضَارِبِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ الْفَضْلِ ، يَقُولُ:" الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَمْسُوسَاتٌ لَا مَاسَّاتٌ ، وَهِيَ النَّعْمَاءُ وَالرَّخَاءُ وَالشِّدَّةُ وَالْبَلَاءُ ، كَمَا قَالَ: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} [الأعراف: 168] لَا الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي كَمَا يَقُولُهَا أَهْلُ الْقَدَرِ ، وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالُوا لَقَالَ: مَا أَصَبْتَ ، وَلَمْ يَقُلْ مَا أَصَابَكَ ، لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِقَوْلِ النَّاسِ أَصَابَنِي بَلَاءٌ وَمَكْرُوهٌ ، وَأَصَابَنِي فَرَحٌ وَمَحْبُوبٌ ، وَلَا تَكَادُ تَسْمَعُ أَصَابَنِي الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالطَّاعَةُ وَالْمَعْصِيَةُ ، وَمَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمَاسَّةِ ، وَالْمَمُوسَةِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل "

ص: 333

قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدَشٍ يَقُولُ: " {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} ، أَيْ يَقُولُونَ: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79] " قَالَ الشَّيْخُ: وَفِيمَا مَضَى مِنَ الْأَقْوَالِ كِفَايَةٌ

ص: 333

579 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ ، نا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَصْبَهَانِيُّ ، نا أُسَيْدُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ ، نا مُؤَمَّلٌ ، نا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] قَالَ: «مَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنَ الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ»

⦗ص: 334⦘

تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ سُفْيَانَ

ص: 333

580 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صُهَيْبٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ بَعْضَ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ بِأَرْمِينِيَّةَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] فَأَخْبَرَهُ عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ الْجَزِيرَةِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " هَذِهِ خَاصَّةٌ وَلَمْ يَعُمَّ ، كَقَوْلِهِ: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} [الأنعام: 22] ، {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: 130] قَالَ: فَهَذِهِ خَاصَّةٌ ، وَقَدْ قَالَ: جَمِيعًا "

ص: 334

قَالَ ابْنُ شُعَيْبٍ: فَلَقِيتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ صُهَيْبٍ عَنِ الْجَزَرِيِّ فَقَالَ: " هُوَ كَذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ رُبَّمَا ذَكَرَ الْوَاحِدَ وَهُوَ لِجَمِيعِ النَّاسِ ، وَرُبَّمَا ذَكَرَ النَّاسَ وَهُوَ وَاحِدٌ ، يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: 173] وَإِنَّمَا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار: 6] فَهَذَا لِجَمِيعِ النَّاسِ وَإِنَّمَا قَالَ: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ} [الانفطار: 6] وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: مَعْنَاهُ إِلَّا لِآمُرُهُمْ بِعِبَادَتِي ، ثُمَّ إِنَّهُ أَيْضًا عَلَى خَاصٍّ فَإِنَّ الْمَجَانِينَ وَالصِّبْيَانَ خَارِجُونَ عَنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ "

ص: 334

581 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، نا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، نا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ:{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: 7] قَالَ: «يَقُولُ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ»

ص: 334

582 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ السَّرَّاجُ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنَّامِ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، نا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ ، نا شَرِيكٌ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ سَعِيدٍ هُوَ ابْنُ جُبَيْرٍ:{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: 7] قَالَ: «أَمَا إِنَّ الْقِرْدَ أَوِ اسْتَ الْقِرْدِ لَيْسَ بِأَحْسَنِهِ ، وَلَكِنَّهُ أَحْكَمَ خَلْقَهُ»

ص: 335

583 -

أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، أنا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْحَسَنِ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنِ الْهُذَيْلِ ، عَنْ مُقَاتِلٍ فِي قَوْلِهِ:{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: 7] " يَعْنِي عَلِمَ كَيْفَ يَخْلُقُ الْأَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَلِّمَهُ أَحَدٌ ، وَقَوْلُهُ:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا} [ص: 27] يَقُولُ: إِلَّا لِأَمْرٍ هُوَ كَائِنٌ {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [ص: 27] مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّهُمَا خُلِقَا لِغَيْرِ شَيْءٍ {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص: 27] قَالَ: وَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي نُونِ وَالْقَلَمِ {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [القلم: 34] قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ لِلْمُؤْمِنِينَ: إِنَّا نُعْطِي فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَيْرِ مَا تُعْطُونَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُو وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} يَقُولُ: أَنَجْعَلُ هَؤُلَاءِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ بِالْمَعَاصِي ، ثُمَّ قَالَ:{أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28] وَقَوْلُهُ: {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} يَقُولُ: لَمْ يَخْلُقْهُمَا بَاطِلًا لِغَيْرِ شَيْءٍ ، وَقَوْلُهُ:{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [الملك: 3] : فِي يَوْمَيْنِ {طِبَاقًا} [الملك: 3] ، بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ، بَيْنَ كُلِّ سَمَاءَيْنِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ، وَغِلَظِ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ {مَا تَرَيْ فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} يَقُولُ: مَا يَرَى ابْنُ آدَمَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ مِنْ خَلَلٍ ، يَعْنِي مِنْ عَيْبٍ {فَارْجِعِ الْبَصَرَ} [الملك: 3] يَقُولُ: أَعِدِ الْبَصَرَ الثَّانِيَةَ إِلَى السَّمَوَاتِ {هَلْ

⦗ص: 336⦘

تَرَى} [الملك: 3] يَا ابْنَ آدَمَ فِي السَّمَوَاتِ {مِنْ فُطُورٍ} [الملك: 3] يَعْنِي مِنْ فُرُوجٍ {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] يَقُولُ: أَعِدِ الْبَصَرَ الثَّانِيَةَ {يَنْقَلِبْ} [البقرة: 143] يَعْنِي يَرْجِعْ {إِلَيْكَ} [الملك: 4] يَا ابْنَ آدَمَ {الْبَصَرُ خَاسِئًا} يَعْنِي إِذَا اشْتَدَّ الْبَصَرُ يَقَعُ الْمَاءُ فِي الْعَيْنِ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ {خَاسِئًا} يَعْنِي صَاغِرًا {وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك: 4] يَعْنِي كَالٌّ مُنْقَطِعٌ لَا تَرَى فِيهَا عَيْبًا وَلَا فُطُورًا "

ص: 335

584 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ ، نا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ ، نا أَبُو رَوْقٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل:" {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3] يَقُولُ: مِنْ تَشَقُّقٍ {فَارْجِعِ الْبَصَرَ} [الملك: 3] أَيُّهَا الْكَافِرُ {هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك: 3] هَلْ تَرَى مِنْ تَشَقُّقٍ قَالَ: {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} يَقُولُ: كَلَيْلٌ وَالْكَلِيلُ الضَّعِيفُ "

ص: 336

585 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:" {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ} [الزمر: 7] يَعْنِي الْكُفَّارَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ، فَيَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، ثُمَّ قَالَ: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: 7] وَهُمْ عِبَادُهُ الْمُخْلِصُونَ الَّذِينَ قَالَ: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] فَأَلْزَمَهُمْ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحَبَّبَهَا إِلَيْهِمْ. وَفِي قَوْلِهِ: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} [فصلت: 17] يَقُولُ: بَيَّنَّا لَهُمْ. وَفِي قَوْلِهِ: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] يَقُولُ: أَمَرَ "

ص: 336

‌بَابُ بَيَانِ مَعْنَى قَوْلِهِ «خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ» وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» وَالْحُكْمُ فِي الْأَطْفَالِ

ص: 337

586 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ فُورَكٍ رحمه الله ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، نا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، نا هِشَامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ:" أَلَا إِنَّ رَبِّي - أَوْ - إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا ، كُلُّ مَا نَحَلْتُ حَلَالٌ ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ: إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَحْرِقَ قُرَيْشًا ، فَقُلْتُ: رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً ، فَقَالَ: اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا أَخْرَجُوكَ ، وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ ، وَأَنْفِقَ فَسَنُنْفِقُ عَلَيْكَ ، وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثُ خَمْسَةَ أَمْثَالِهِ ، وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ. وَقَالَ: أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْتَصِدٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ قُرْبَى وَمُسْلِمٍ ، وَفَقِيرٌ عَفِيفٌ مُتَصَدِّقٌ ، وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعٌ لَا يَتْبَعُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا ، وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ ، وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ. وَذَكَرَ الْبَخِيلَ وَالْكَذِبَ وَالشِّنْظِيرَ الْفَاحِشَ"

⦗ص: 338⦘

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ ، عَنْ قَتَادَةَ

ص: 337

587 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَا: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ ، نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ هِشَامٌ صَاحِبُ الدَّسْتُوَائِيِّ: حَدَّثَنَا قَالَ: نا قَتَادَةُ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ ذَاتَ يَوْمٍ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«كُلُّ مَالٍ نَحَلْتَهُ عَبْدِي حَلَالٌ» وَقَالَ فِي آخِرِهِ ، ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: قَالَ شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ وَأَمَّا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ قَتَادَةَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ مُطَرِّفٍ

ص: 338

588 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ: فَحَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ قَتَادَةَ فَذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ يُونُسُ الْهَدَادِيُّ وَمَا كَانَ فِينَا أَحَدٌ أَحْفَظُ مِنْهُ: إِنَّ قَتَادَةَ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: فَعِبْنَا ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ: فَسَلُوهُ قَالَ فَهِبْنَاهُ ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ ، فَقُلْنَا لِلْأَعْرَابِيِّ: سَلْ قَتَادَةَ عَنْ خُطْبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَسَمِعَهُ مِنْ مُطَرِّفٍ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: يَا أَبَا الْخَطَّابِ أَخْبِرْنِي عَنْ خُطْبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي حَدِيثَ عِيَاضٍ - أَسَمِعْتَهُ مِنْ مُطَرِّفٍ؟ فَغَضِبَ فَقَالَ: «حَدَّثَنِيهِ ثَلَاثَةٌ عَنْهُ ، حَدَّثَنِيهِ

⦗ص: 339⦘

أَخُوهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ ، وَحَدَّثَنِيهِ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ الْعَدَوِيُّ عَنْهُ ، وَذَكَرَ ثَالِثًا لَمْ يَحْفَظْهُ هَمَّامٌ»

ص: 338

589 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الْفَقِيهُ قَالَ:" لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفًا لشَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَنِيفَ فِي اللُّغَةِ: الِاسْتِوَاءُ وَالِاسْتِقَامَةُ ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلْأَحْنَفِ: أَحْنَفَ تَبَرُّكًا بِهِ عَلَى الضِّدِّ ، كَمَا قِيلَ لِلَّدِيغِ: سَلِيمٌ ، وَلِلْمُهْلِكَةِ: مَفَازَةٌ ، وَالْأَسْوَدِ: كَافُورٌ ، وَإِذَا كَانَ الْحَنِيفُ فِي اللُّغَةِ الِاسْتِوَاءُ ثُمَّ قَالَ: خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ صَحَّ أَنَّهُ يَقُولُ: خَلَقْتُ عِبَادِي أَصِحَّاءَ مُسْتَوِيِينَ فَجَاءَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ ، فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ ، أَيْ عَنْ دِينِهِمُ الَّذِي كُنْتُ عَلِمْتُهُ وَقَدَّرْتُهُ وَكَتَبْتُ أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا صَحَّ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِكُلِّ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَخْبَارِ "

ص: 339

قَالَ: " وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحَنِيفِ ، فَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْحَنِيفُ الْمُتَّبِعُ ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ: حَجَّاجٌ ، وَقَالَ خُصَيْفٌ: مُخْلِصٌ. قَالَ: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْحَنِيفَ لَيْسَ بِإِسْلَامٍ قَوْلُهُ عز وجل: {وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا} [آل عمران: 67] فَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَنِيفِ وَالْمُسْلِمِ ، فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: خَلَقْتُ آدَمَ وَبَنِيهِ حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ. يُقَالُ لَهُ: هَذَا خَبَرٌ فِيهِ نَظَرٌ ، لِأَنَّ شُعْبَةَ وَسِعِيدًا وَهِشَامًا وَهَمَّامًا وَمَعْمَرًا رَوَوْا هَذَا الْخَبَرَ خِلَافَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، مَعَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ كَانَ يُؤَدِّي الْأَخْبَارَ عَلَى الْمَعَانِي ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ خَبَرُهُ وَلَمْ يُخَالِفْهُ قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ لَكَانَ لَا يَجُوزُ تَرْكُ جُمْلَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ بِهَذَا الْخَبَرِ ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَكَانَ حُجَّةً لَنَا لِأَنَّهُ قَالَ: خَلَقْتُهُمْ مُسْلِمِينَ

ص: 339

وَزَعَمَ الْقَدَرِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْهُمْ مُسْلِمِينَ وَلَا كَافِرِينَ ، وَأَنَّ هَذَا مُسْتَحِيلٌ ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بَعْضَ عَبِيدِهِ وَبَعْضَ بَنِي آدَمَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ بَعْضَهُمْ مُؤْمِنِينَ وَبَعْضَهُمْ كَافِرِينَ. قَالَ: وَنَفَسُ الْخَبَرِ دَالٌّ عَلَى مَا قُلْنَا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَقُولُ: خَلَقْتُهُمْ كُلُّهُمْ فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ دِينِهِمْ ، وَإِنَّمَا اجْتَالَ الشَّيَاطِينُ بَعْضَهُمْ لَا كُلَّهُمْ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَلِ الْأَنْبِيَاءَ وَلَا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا ، وَلَا الْأَطْفَالَ ، وَلَا الْمَجَانِينَ ، فَلَمَّا ثَبَتَ قَوْلُهُ:«اجْتَالَتْهُمْ كُلُّهُمْ» يُرِيدُ بَعْضَهُمْ ثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ: «خَلَقَهُمْ كُلَّهُمْ» يُرِيدُ بَعْضَهُمْ. فَإِنْ قَالَ: فَفِي الْخَبَرِ «خَلَقْتُ عِبَادِي» وَاسْمُ الْعِبَادِ لَا يَقَعُ عَلَى بَعْضِهِمْ. يُقَالُ لَهُ: اسْمُ الْعِبَادِ قَدْ يَقَعُ عَلَى بَعْضِهِمْ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] أَرَادَ بَعْضَ عِبَادِهِ ، وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ. قَالَ:{يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ} [الزخرف: 68] أَرَادَ بَعْضَ عِبَادِهِ ، وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:«خَلَقْتُ عِبَادِي» أَرَادَ بَعْضَهُمْ لَا كُلَّهُمْ "

ص: 340

قَالَ الشَّيْخُ وَذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ: " خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ أَرَادَ بِهِ عَلَى الْمِيثَاقِ الْأَوَّلِ {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] "

590 -

أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، يَقُولُ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، فَذَكَرَهُ

ص: 340

591 -

أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، رحمه الله ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ،

⦗ص: 341⦘

عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ ، أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَهِيمَةِ تُنْتِجُ الْبَهِيمَةَ فَمَا تَرَوْنَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ

ص: 340

592 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الدَّارَبِرْدِيُّ ، بِمَرْوَ ، نا أَبُو الْمُوَجَّهِ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ، كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ ، هَلْ تَحُسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟ ثُمَّ يَقُولُ: اقْرَءُوا: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30] " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ

ص: 341

593 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، وَأَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ ، أنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُحَمَّدآبَاذِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ ، نا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدٍ هُوَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ ، كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ ، هَلْ تَحُسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟» ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فِطْرَةَ اللَّهِ} [الروم: 30] الْآيَةَ إِلَى {يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]

⦗ص: 342⦘

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَاجِبِ بْنِ الْوَلِيدِ

ص: 341

594 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، وَأَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُولَدُ يُولَدُ عَلَى هَذِهِ الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ كَمَا يَنْتِجُونَ الْبَهِيمَةَ فَهَلْ تَجِدُونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ؟ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَرَوَاهُ الْأَعْرَجُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ:«عَلَى الْفِطْرَةِ» وَذَكَرَ الزِّيَادَةَ فِي آخِرِهِ

ص: 342

595 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، نا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ حَتَّى يُبِينَ عَنْهُ لِسَانُهُ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُشَرِّكَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَعْنِي مَاتَ؟ قَالَ:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَأَبِي كُرَيْبٍ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ

ص: 342

596 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ فِي قَوْلِهِ: " عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ: لَفْظَةٌ فِيهَا نَظَرٌ لِأَنَّ أَصْحَابَ

⦗ص: 343⦘

الْأَعْمَشِ اخْتَلَفُوا فَقَالَ: شُعْبَةُ وَجَرِيرٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ: وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ: كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقَالَ وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ: كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْمِلَّةِ فَدَلَّ أَنَّ الْأَعْمَشَ كَانَ يَرْوِي الْحَدِيثَ عَلَى الْمَعْنَى عِنْدَهُ لَا عَلَى اللَّفْظِ الْمَرْوِيِّ "

ص: 342

597 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ ، نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُلُّ إِنْسَانٍ تَلِدْهُ أُمُّهُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ، فَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَمُسْلِمٌ ، كُلُّ إِنْسَانٍ تَلِدُهُ أُمُّهُ يَلْكَزُهُ الشَّيْطَانُ فِي حُضْنَيْهِ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ

ص: 343

598 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ ، نا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ الْحَفَّافَ ، نا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ ، ح

599 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، نا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ ، نا أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ ، نا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ فَلَقِينَا الْمُشْرِكِينَ ، فَأَسْرَعُوا فِي الْقَتْلِ حَتَّى قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَا بَالُ أَقْوَامٍ ذَهَبَ بِهِمُ الْقَتْلُ حَتَّى قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ أَلَا لَا تَقْتُلُوا الذُّرِّيَّةَ» فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوَ لَيْسَ أَبْنَاؤُهُمْ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ:«أَوَ لَيْسَ خِيَارُكُمْ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ ، كُلُّ نَسَمَةٍ تُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا فَأَبَوَاهَا يُهَوِّدَانِهَا أَوْ يُنَصِّرَانِهَا» لَفْظُ حَدِيثِ الْفَزَارِيِّ

⦗ص: 344⦘

. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ: كُلُّ نَسَمَةٍ تُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ يَعْنِي الْفِطْرَةَ الَّتِي فَطَرَهُمْ عَلَيْهَا حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْبِ آدَمَ ، فَأُقَرُّوا بِتَوْحِيدِهِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ وَأَشْعَثُ ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ وَغَيْرُهُمْ ، عَنِ الْحَسَنِ

ص: 343

600 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، نا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ ، نا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، نا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ ، قَالَ: وَكَانَ شَاعِرًا. قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ غَزَوَاتٍ ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَصَّ. فَأَفْضَى بِهِمُ الْقَتْلُ إِلَى أَنْ قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَا بَالُ أَقْوَامٍ أَفْضَى بِهِمُ الْقَتْلُ إِلَى أَنْ قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ» فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ قَالَ:«فَإِنَّهُ مَا مِنْ مَوْلُودٍ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ ، حَتَّى يُعْرِبَ بِهِ لِسَانُهُ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ» كَذَا رَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَخَالَفَهُ سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ ، عَنِ السَّرِيِّ فَقَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ نَفْسٌ تُولَدُ إِلَّا وُلِدَتْ عَلَى الْفِطْرَةِ

601 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ بَكَّارٍ ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ: حَدَّثَ الْأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ ، فَذَكَرَهُ وَهَذَا أَوْلَى أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا لِمُوَافَقَتِهِ رِوَايَةَ غَيْرِهِ عَنِ الْحَسَنِ ، وَالْحُفَّاظُ لَا يُثْبِتُونَ سَمَاعَ الْحَسَنِ مِنَ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ

ص: 344

602 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، أنا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَوْلُودٍ عَلَى الْفِطْرَةِ» فَنَادَاهُ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ:«أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ»

ص: 344

603 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ

⦗ص: 345⦘

يَعْقُوبَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، نا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، قَالَ:«يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ عَلَى مَا سَبَقَ لَهُ فِي الْعِلْمِ»

ص: 344

604 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السُّوسِيُّ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، أنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدَ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ:«لَا يُخْرِجَانِهِ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَإِلَى عِلْمِ اللَّهِ يَصِيرُونَ»

ص: 345

605 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنَا شَاهِدٌ ، أَخْبَرَكَ يُوسُفُ بْنُ عَمْرٍو ، أنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا ، وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ يَحْتَجُّونَ عَلَيْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ مَالِكٌ: " احْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِآخِرِهِ قَالُوا: أَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ "

ص: 345

606 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، نا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ ، يُفَسِّرُ حَدِيثَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ قَالَ:" هَذَا عِنْدَنَا حَيْثُ أَخَذَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ ، حَيْثُ قَالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] "

ص: 345

607 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، يَقُولُ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ فِي حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ: " إِنَّمَا هَذَا عَلَى الْمِيثَاقِ الْأَوَّلِ {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] " قَالَ: أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله مَعْنَى قَوْلِ حَمَّادٍ فِي هَذَا حَسَنٌ ، وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلْإِيمَانِ الْفِطْرِيِّ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا ،

⦗ص: 346⦘

وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْإِيمَانُ الشَّرْعِيُّ الْمُكْتَسَبُ بِالْإِرَادَةِ وَالْفِعْلِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ فَهُوَ مَعَ وُجُودِ الْإِيمَانِ الْفِطْرِيِّ فِيهِ مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ

ص: 345

608 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ ، نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ عَنْ تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: «كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضُ ، وَقَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ الْمُسْلِمُونَ بِالْجِهَادِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُهَوِّدَهُ أَبَوَاهُ ، أَوْ يُنَصِّرَاهُ مَا وَرِثَهُمَا وَلَا وَرِثَاهُ ، لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَهُمَا كَافِرَانِ فَكَذَلِكَ مَا كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُسْبَى ، يَقُولُ: فَلَمَّا نَزَلَتِ الْفَرَائِضُ ، وَجَرَتِ السُّنَنُ بِخِلَافِ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُ يُولَدُ عَلَى دِينِهِمَا. هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ الشَّيْخُ: قَدْ حَمَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَى أَحْكَامِ الدُّنْيَا ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِأَمْرِ الْآخِرَةِ ، وَإِلَى قَرِيبٍ مِنْ هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي مَعْنَاهُ ، إِلَّا أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إِلَى دَعْوَى النَّسْخِ فَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيِّ عَنْهُ: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَهِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْخَلْقَ ، فَجَعَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يُفْصِحُوا بِالْقَوْلِ فَيَخْتَارُوا أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ الْإِيمَانَ أَوِ الْكُفْرَ لَا حُكْمَ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ ، إِنَّمَا الْحُكْمُ لَهُمْ بِآبَائِهِمْ فَمَا كَانَ آبَاؤُهُمْ يَوْمَ يُولَدُونَ فَهُوَ بِحَالِهِ. إِمَّا مُؤْمِنٌ فَعَلَى إِيمَانِهِ ، أَوْ كَافِرٌ فَعَلَى كُفْرِهِ. فَبِهَذَا قُلْنَا مَنْ وَجَبَ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ ، وَجَبَتْ لَهُ الْمَوَارِيثُ وَالْأَحْكَامُ وَلَا يَزُولُ ذَلِكَ عَنْهُ إِلَّا بِرِدَّةٍ ، وَالرِّدَّةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِعْلًا مِنْ رَاجِعٍ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ

⦗ص: 347⦘

. فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ لَا حُكْمَ لَهُ فِي نَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ تَبَعٌ لِأَبَوَيْهِ فِي الدِّينِ فِي حُكْمِ الدُّنْيَا حَتَّى يُعْرِبَ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ ، وَالَّذِي رُوِّينَا فِي حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الزِّيَادَةِ يُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَمُسْلِمٌ ، فَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَقَدْ بَيَّنَ حُكْمَهُ فِيهَا فِي آخِرِ الْخَبَرِ فَقَالَ: حِينَ سُئِلَ عَمَّنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَهُوَ صَغِيرٌ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وَإِلَى مِثْلِ مَعْنَى مَا حَكَيْنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ ذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ فِي حُكْمِهِمْ فِي الدُّنْيَا ، وَكَأَنَّهُ عَنْ كِتَابِ الشَّافِعِيِّ أَخَذَهُ ثُمَّ زَادَ فِيهِ

ص: 346

609 -

أَخْبَرَنِيهِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ صُبَيْحٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شِيرَوَيْهِ ، قَالَ: قَالَ إِسْحَاقُ: " مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا فَسَّرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ حِينَ قَرَأَ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] يَقُولُ تِلْكَ الْخِلْقَةُ الَّتِي خَلَقَهُمْ لَهَا إِمَّا جَنَّةٌ وَإِمَّا نَارٌ حَيْثُ أَخْرَجَ مِنْ صُلْبِ آدَمَ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَهَؤُلَاءِ لِلنَّارِ فَيَقُولُ: كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى تِلْكَ الْفِطْرَةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ غُلَامَ الْخَضِرِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: طَبَعَهُ اللَّهُ يَوْمَ طَبَعَهُ كَافِرًا وَهُو بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ فَعَلَّمَ اللَّهُ الْخَضِرَ خِلْقَتَهُ الَّتِي خَلَقَهُ لَهَا وَلَمْ يُعْلِمْ مُوسَى ذَلِكَ فَأَرَاهُ اللَّهُ تِلْكَ الْآيَةَ لِيَرْفَعَهُ اللَّهُ بِهَا وَيَزْدَادَ عِلْمًا إِلَى عِلْمِهِ ، وَقَوْلُهُ: أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ يَقُولُ: بِالْأَبَوَيْنِ بَيَّنَ لَكُمْ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي أَحْكَامِكُمْ مِنَ الْمَوَارِيثِ وَغَيْرِهَا ، يَقُولُ: إِذَا كَانَ الْأَبَوَانِ مُؤْمِنَيْنِ فَاحْكُمُوا لِوَلَدِهِمَا بِحُكْمِ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَالْأَحْكَامِ وَالْمَوَارِيثِ ، وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَاحْكُمُوا لِوَلَدِهِمَا حُكْمَ الْكُفْرِ أَيْ فِي الْمَوَارِيثِ وَالصَّلَاةِ وَخِلْقَتُهُ الَّتِي خَلَقْتُهُ لَهَا لَا عِلْمَ لَكُمْ بِذَلِكَ. أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حِينَ كَتَبَ إِلَيْهِ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ فِي قَتْلِ صِبْيَانِ الْمُشْرِكِينَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنْ عَلِمْتَ مِنْ صِبْيَانِهِمْ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلَهُ فَاقْتُلْهُمْ. أَيْ

⦗ص: 348⦘

أَنَّ أَحَدًا لَا يَعْلَمُ عِلْمَ الْخَضِرِ فِي ذَلِكَ ، لِمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ كَمَا خَصَّهُ بِأَمْرِ السَّفِينَةِ وَالْجِدَارِ ، وَكَانَ مُنْكَرًا فِي الظَّاهِرِ فَعَلَّمَهُ اللَّهُ عِلْمَ الْبَاطِنِ ، فَحَكَمَ بِإِرَادَةِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي مَضَى: وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: تَأْوِيلُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا يُولَدُونَ عَلَى مَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ مِنْ إِسْلَامٍ أَوْ كُفْرٍ ، فَمَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يَصِيرَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، وَمَنْ كَانَ عِلْمُهُ فِيهِ أَنْ يَمُوتَ كَافِرًا وُلِدَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ وَإِلَى مِثْلِهِ أَشَارَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِيمَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُمَا أَوَّلًا

ص: 347

610 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ رحمه الله ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَرَوَاهُ الْأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

ص: 348

611 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ إِذْ خَلَقَهُمْ»

⦗ص: 349⦘

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ

ص: 348

612 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، ح

613 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا أَبُو مُسْلِمٍ ، نا حَجَّاجٌ ، قَالَا: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، يَقُولُ: أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَأَنَا أَقُولُ ، أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى حَدَّثَنِي فُلَانٌ ، عَنْ فُلَانٍ ، وَلَقِيتُ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْهُ فَحَدَّثَنِي ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ ، زَادَ حَجَّاجٌ «فَأَمْسَكْتُ» وَقَدْ قِيلَ فِيهِ عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ عَمَّارٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْأَثَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يُؤَكِّدُ تَأْوِيلَ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا وَجْهَ لِقَطْعِ مَنْ قَطَعَ بِكَوْنِهِمْ مُسْلِمِينَ أَوْ كَافِرِينَ فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ ، وَأَنَّ أَصَحَّ الْأَقْوَالِ فِيهِمْ أَنَّ أَمْرَهُمْ مَوْكُولٌ إِلَى اللَّهِ ، فَمَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ حَيًّا عَمِلَ عَمَلَ السُّعَدَاءِ فَهُوَ مِمَّنْ كُتِبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ سَعِيدًا وَخُلِقَ يَوْمَ خُلِقَ لِلْجَنَّةِ ، وَمَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ حَيًّا عَمِلَ عَمَلَ الْأَشْقِيَاءِ فَهُوَ مِمَّنْ كُتِبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ شَقِيًّا ، وَخُلِقَ يَوْمَ خُلِقَ لِلنَّارِ

ص: 349

614 -

فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أنا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ

⦗ص: 350⦘

الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الذَّرَارِيِّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصِيبُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ فَقَالَ: «هُمْ مِنْهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُفْيَانَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُولَدُوا عَلَى الْإِسْلَامِ قَطْعًا ، وَأَنَّ حُكْمَهُمْ فِي الْبَيَاتِ حُكْمُ آبَائِهِمْ ، فَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَيَرْجِعُ أَمْرُهُمْ إِلَى قَوْلِهِ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ

ص: 349

615 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ ، نا بَقِيَّةُ ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ ، ونا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ ، وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ ، قَالَا: نا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَعْنَى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَرَارِيُّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: «مِنْ آبَائِهِمْ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِلَا عَمَلٍ؟ قَالَ:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَرَارِيُّ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: «مِنْ آبَائِهِمْ» قُلْتُ: بِلَا عَمَلٍ؟ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» فَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يُولَدُوا عَلَى الْإِسْلَامِ قَطْعًا ، وَأَنَّهُ جَعَلَ حُكْمَهُمْ حُكْمَ آبَائِهِمْ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا

ص: 350

616 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، نا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، نا أَبُو عَقِيلٍ ، عَنْ بُهَيَّةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ: «هُمْ فِي

⦗ص: 351⦘

النَّارِ يَا عَائِشَةُ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَقُولُ فِي أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: «هُمْ فِي الْجَنَّةِ يَا عَائِشَةُ» . قُلْتُ: وَكَيْفَ وَلَمْ يُدْرِكُوا وَلَمْ تَجْرِ عَلَيْهِمُ الْأَقْلَامُ قَالَ: «رَبُّكِ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ»

ص: 350

617 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ ، أنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ ، أنا السَّاجِيُّ ، نا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ ، نا أَبُو عَقِيلٍ يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي بُهَيَّةُ ، مَوْلَاةُ الْقَاسِمِ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ ، زَادَ:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ شِئْتُ لَأَسْمَعْتُكَ تَضَاغِيَهُمْ فِي النَّارِ» فَهَذَا يُصَرِّحْ بِحُكْمِهِمْ فِي الْآخِرَةِ

ص: 351

618 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، نا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، نا عُمَرُ هُوَ ابْنُ ذَرٍّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ ، أَنَّ عَازِبَ الْأَنْصَارِيَّ أَرْسَلَ مَوْلًى لَهُ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ: أَقْرِئْهَا مِنِّي السَّلَامَ ، وَسَلْهَا هَلْ حَفِظْتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلًا فِي الْأَطْفَالِ؟ فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَبَلَّغَهَا عَنْهُ السَّلَامَ وَقَالَ: إِنَّ ابْنَكِ عَازِبًا يَسْأَلُكِ هَلْ حَفِظْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلًا فِي الْأَطْفَالِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ ، سَأَلْتُهُ عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ ، قُلْتُ: أَيْنَ أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: «مَعَ آبَائِهِمْ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِلَا عَمَلٍ؟ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: مَعَ آبَائِهِمْ ، قُلْتُ: بِلَا عَمَلٍ؟ قَالَ: قَدْ عَلِمَ اللَّهُ مَا كَانُوا عَامِلِينَ

ص: 351

619 -

وَكَذَلِكَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، أنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَامِرٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ» قَالَ يَحْيَى: قَالَ أَبِي: فَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ ، أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُ بِذَلِكَ عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. كَذَا قَالَ ، وَخَالَفَهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ فِي

⦗ص: 352⦘

إِسْنَادِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ عَلْقَمَةُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَمِنْ غَيْرِهِ

ص: 351

620 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ ، بِبَغْدَادَ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، نا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنَا مُلَيْكَةَ الْجُعْفِيَّانِ قَالَا: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا عَنْ أُمٍّ لَنَا مَاتَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، كَانَتْ تَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَصَّدَّقُ وَتَفْعَلُ ، وَتَفْعَلُ ، هَلْ يَنْفَعُهَا ذَلِكَ شَيْئًا؟ قَالَ:«لَا» قَالَا: فَإِنَّهَا وَأَدَتْ أُخْتًا لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَهَلْ يَنْفَعُ ذَلِكَ أُخْتَنَا؟ قَالَ:«لَا الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ ، إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ الْوَائِدَةُ الْإِسْلَامَ فَتَسْلَمُ» فَلَمَّا رَأَى مَا دَخَلَ عَلَيْهِمَا قَالَ: «وَأُمِّي مَعَ أُمِّكُمَا» وَهَذَا أَيْضًا يُصَرِّحُ بِحُكْمِهَا فِي الْآخِرَةِ ، وَأَنَّهَا لَمْ تُولَدْ عَلَى الْإِسْلَامِ

ص: 352

621 -

وَرَوَاهُ الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ دَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ يُحَدِّثُ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ»

622 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا أَبُو مُسْلِمٍ ، نا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، نا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، فَذَكَرَهُ وَسَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ هُوَ أَحَدُ ابْنَيْ مُلَيْكَةَ ، وَلَهُ شَاهِدٌ آخَرُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ

ص: 352

623 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: إِنَّ أُمِّيَ مَاتَتْ ، وَكَانَتْ تَقْرِي الضَّيْفَ ، وَتُطْعِمُ الْجَارَ وَالْيَتِيمَ ، وَكَانَتْ وَأَدَتْ وَأْدًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَلِي سَعَةٌ مِنْ مَالٍ أَفَيَنْفَعُهَا إِنْ

⦗ص: 353⦘

تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْفَعُ الْإِسْلَامُ إِلَّا مَنْ أَدْرَكَهُ ، إِنَّهَا وَمَا وَأَدَتْ فِي النَّارِ» قَالَ: وَرَأَى ذَلِكَ قَدْ شَقَّ عَلَيَّ فَقَالَ: «وَأُمُّ مُحَمَّدٍ مَعَهُمَا فَمَا فِيهِمَا خَيْرٌ» وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

ص: 352

624 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّفَّاءُ ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، نا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ زِرٍّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: جَاءَ رَجُلَانِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَا: إِنَّ أُمَّنَا كَانَتْ تَقْرِي الضَّيْفَ ، وَإِنَّهَا وَأَدَتْ مَوْءُودَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ»

ص: 353

625 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَاضِي قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا أَبُو عُتْبَةَ ، نا بَقِيَّةُ ، نا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَا: قَالَتْ خَدِيجَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْلَادِي مِنْكَ فِي الْإِسْلَامِ ، قَالَ:«فِي الْجَنَّةِ» قُلْتُ: بِلَا عَمَلٍ؟ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَوْلَادِي مِنْ غَيْرِكَ؟ قَالَ:«فِي النَّارِ» قُلْتُ: بِلَا عَمَلٍ؟ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» هَذَا إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ وَرُوِيَ مَوْصُولًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِمَا: الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ وَهَذِهِ أَخْبَارٌ لَا تَبْلُغُ أَسَانِيدُهَا فِي الصِّحَّةِ مَبْلَغَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَيُحْتَمَلُ إِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً أَنْ تَكُونَ خَارِجَةً مَخْرَجَ الْأَغْلَبِ ، وَحَدِيثُ أَوْلَادِ خَدِيجَةَ وَمُلَيكَةَ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْلَمُهُ بِالْوَحْيِ ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُمْ مَوْكُولًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى إِلْحَاقِهِمْ

⦗ص: 354⦘

بِآبَائِهِمْ فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ ، كَمَا كَانُوا مُلْحَقِينَ بِهِمْ فِي حُكْمِ الدُّنْيَا ، وَاسْتَدَلَّ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي الْجَنَّةِ خُدَّامًا لِأَهْلِهَا إِذْ لَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ الثَّوَابَ أَوِ الْعِقَابَ ، وَخُدَّامُ الْمُلُوكِ وَإِنْ تَنَعَّمُوا بِنِعْمَةِ الْمُلُوكِ فَلَيْسُوا فِيهَا كَالْمُلُوكِ ، وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا

ص: 353

بِمَا

626 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: أنا أَبُو النَّصْرِ الْفَقِيهُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، نا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، نا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، نا أَبُو رَجَاءٍ ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا» . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي رُؤْيَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِيهِ: «انْطَلَقَ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ ، وَفِي أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ» ثُمَّ ذَكَرْتُهُ فِي تَفْسِيرِ مَا رَأَى ، وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ ، وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلَادُ النَّاسِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ ، إِلَّا أَنَّ عَوْفًا قَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبَى رَجَاءٍ ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ فِيهِ: وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ فَذَلِكَ خَلِيلُ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ ، وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَهُمْ مَوْلُودُونَ وُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَ ذَلِكَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ

627 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا أَبُو مُسْلِمٍ ، نا أَبُو عَمْرٍو الضَّرِيرُ ، نا يُوسُفُ بْنُ مَيْمُونٍ ، نا عَوْفُ ، فَذَكَرَهُ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ قَوْلُهُ: وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ: أَيْ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ يُولَدُونَ عَلَى الْفِطْرَةِ كَمَا يُولَدُ أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ ، أَيْ عَلَى الِاسْتِوَاءِ وَالصِّحَّةِ

⦗ص: 355⦘

. قَالَ الشَّيْخُ: وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ الْآخَرِ نَظَرٌ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ جَرَى لَهُ الْقَلَمُ بِالسَّعَادَةِ مِنْهُمْ

ص: 354

628 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، رحمه الله ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، أنا أَبُو دَاوُدَ ، أنا الرَّبِيعُ ، عَنْ يَزِيدَ ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ مَا تَقُولُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَيِّئَاتٌ فَيُعَاقَبُوا بِهَا فَيَكُونُوا مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ فَيُجَاوَزُوا بِهَا؟ فَيَكُونُوا مِنْ مُلُوكِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، هُمْ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ»

ص: 355

629 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ نَظِيفٍ الْمِصْرِيُّ بِمَكَّةَ ، نا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَوْتِ إِمْلَاءً ، نا مُحَمَّدُ بْنُ شَاهِينَ بْنِ عَلِيٍّ ، نا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَأَلْتُ رَبِّي اللَّاهِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْبَشَرِ أَلَّا يُعَذِّبَهُمْ ، فَأَعْطَانِيهِمْ» يَعْنِي الصِّبْيَانَ تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ ، وَيَزِيدُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مِقْسَمٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ

ص: 355

630 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو يُوسُفَ هُوَ الْقَاضِي ، نا الرَّبِيعُ ، نا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي مُرَايَةَ الْعِجْلِيِّ ، عَنْ سَلْمَانَ ، قَالَ:«أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ» قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ: الْخَبَرُ مَوْقُوفٌ ، وَأَبُو مُرَايَةَ فِيهِ نَظَرٌ

ص: 355

631 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، نا تَمْتَامٌ ، نا هَوْذَةُ ، نا عَوْفٌ ، عَنْ حَسْنَاءَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ ،

⦗ص: 356⦘

قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي ، وَقَالَ غَيْرُهُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ قَالَتْ: حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ ، وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ ، وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ وَالْمَوْءُودَةُ» يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ ضَعِيفٍ

ص: 355

632 -

أَخْبَرَنَاهُ هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، بِبَغْدَادَ ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ ، نا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ ، نا أَبُو جَابِرٍ الْمَكِّيُّ ، نا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ ، قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «النَّبِيُّ وَالشَّهِيدُ وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ ، وَالْمَوْءُودَةُ فِي الْجَنَّةِ» وَهَذَا يَحْتَمِلُ إِنْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مَوْءُودَةُ فُسَّاقِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ مَنْ كُتِبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ سَعِيدًا ، وَأَمَّا ذَرَارِيُّ الْمُسْلِمِينَ فَمَنْ أَلْحَقَ ذَرَارِيَّ الْمُشْرِكِينَ بِآبَائِهِمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، أَلْحَقَ ذَرَارِيَّ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا بِآبَائِهِمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ خُدَّامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَكَمَ فِي أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ بِكَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّةِ وَاحْتَجَّ

ص: 356

بِمَا

633 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ الدَّارَبِرْدِيُّ ، بِمَرْوَ ، نا أَبُو الْمُثَنَّى الْعَنْبَرِيُّ ، نا مُسَدَّدٌ ، نا يَحْيَى ، عَنِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ تُوُفِّيَ لِيَ ابْنَانِ فَهَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا تَطِيبُ بِهِ أَنْفُسَنَا عَنْ مَوْتَانَا؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صِغَارُهُمْ دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ ، يَلْقَى أَحَدُهُمْ أَبَاهُ أَوْ أَبَوَيْهِ فَيَأْخُذُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ كَمَا أَخَذْتُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِكَ ، فَلَا يُفَارِقُكَ حَتَّى يُدْخِلَهُ اللَّهُ وَأَبَاهُ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَالْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ

ص: 356

634 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، نا أَبُو

⦗ص: 357⦘

الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، نا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ فِي جَبَلٍ فِي الْجَنَّةِ يَكْفُلُهُمْ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَسَارَةُ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دُفِعُوا إِلَى آبَائِهِمْ» وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا

ص: 356

635 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنِ السَّمَّاكِ ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَارِثِيُّ ، نا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ ، نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عُثْمَانَ أَبِي الْيَقْظَانِ ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ} [المدثر: 39] قَالَ: «هُمْ أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ»

ص: 357

636 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّغَانِيُّ ، بِمَكَّةَ ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أنا الثَّوْرِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل:{أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَرْفَعُ ذُرِّيَّةَ الْمُؤْمِنِ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ فِي الْجَنَّةِ ، وَإِنْ كَانُوا دُونَهُ فِي الْعَمَلِ» ثُمَّ قَرَأَ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتَهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ} [الطور: 21] يَقُولُ: «وَمَا نَقَصْنَاهُمْ»

ص: 357

637 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى ، قَالُوا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا أَحْمَدُ بْنُ أَشْكِيبٍ الصَّفَّارُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ،

⦗ص: 358⦘

عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ سَمَاعَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ لِيَرْفَعُ ذُرِّيَّةَ الْمُؤْمِنِ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَبْلُغُوهَا فِي الْعَمَلِ لِيُقِرَّ بِهِ عَيْنَهُ» ثُمَّ قَرَأَ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتَهُمْ بِإِيمَانٍ} [الطور: 21] الْآيَةَ

ص: 357

638 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ: أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْدَ هَذَا {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] بِإِيمَانٍ فَأَدْخَلَ اللَّهُ عز وجل الْأَبْنَاءَ الْجَنَّةَ لِصَلَاحِ الْآبَاءِ "

ص: 358

639 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ونا أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي ، قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ مَيْسَرَةَ الْأَشْجَعِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ كَعْبٍ ، قَالَ:" جَنَّةُ الْمَأْوَى فِيهَا طَيْرٌ خُضْرٌ تَرْتَعِي فِيهَا أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ ، وَأَرْوَاحُ آلِ فِرْعَوْنَ - أُرَاهُ قَالَ -: فِي طَيْرٍ سُودٍ تَغْدُو عَلَى النَّارِ وَتَرُوحُ ، وَإِنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي عَصَافِيرَ فِي الْجَنَّةِ " وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ مَا دَلَّ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَهُوَ

ص: 358

فِيمَا

640 -

أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ إِجَازَةً ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، عَنِ الشَّافِعِيِّ ، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل بِفَضْلِ نِعْمَتِهِ أَثَابَ النَّاسَ عَلَى الْأَعْمَالِ أَضْعَافَهَا ، وَمَنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَوَفَّرَ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فَقَالَ:{أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: 21] فَلَمَّا مَنَّ عَلَى الذَّرَارِيِّ بِإِدْخَالِهِمْ جَنَّتَهُ بِلَا عَمَلٍ كَانَ أَنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يَكْتُبْ لَهُمْ عَمَلَ الْبِرِّ فِي الْحَجِّ ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى ،

⦗ص: 359⦘

وَقَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ فِي أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ " قَالَ الشَّيْخُ: وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا زَعَمَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي التَّوَقُّفِ كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَمَنْ ذَهَبَ فِي أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى التَّوَقُّفِ ، وَزَعَمَ أَنَّ أَمْرَهُمْ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ عز وجل فَكَذَلِكَ ذَهَبَ فِي أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى التَّوَقُّفِ وَزَعَمَ أَنَّ أَمْرَهُمْ مَوْكُولٌ إِلَى مَا عَلِمَ اللَّهُ عز وجل مِنْهُمْ ، وَحَمَلَ مَا مَضَى مِنَ الْأَخْبَارِ عَلَى مَنْ عَلِمَ اللَّهُ سَعَادَتَهُ ، وَجَرَى الْقَلَمُ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْقَطْعِ بِذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا مَضَى فِي رِوَايَةِ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْهُ وَاحْتَجَّ

ص: 358

بِمَا

641 -

أَخْبَرَنَا أَبُو ذَرٍّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمُذَكِّرِ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ الزَّاهِدُ ، نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُؤَدِّبُ ، نا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، أَنَّهَا قَالَتْ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِصَبِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِهَذَا عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ لَمْ يَعْمَلْ سُوءًا وَلَمْ يَدْرِهِ فَقَالَ: «أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا ، خَلَقَهَا لَهُمْ وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ ، وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا خَلَقَهَا لَهُمْ وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَفْصِ

ص: 359

642 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، نا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ ، نا الْقَعْنَبِيُّ ، نا الْمُعْتَمِرُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ كَافِرًا ، وَلَوْ عَاشَ لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا»

⦗ص: 360⦘

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ

ص: 359

643 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي ، نا أَبُو الْوَلِيدِ ، نا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْوِلْدَانِ ، فِي الْجَنَّةِ هُمْ؟ قَالَ:«حَسْبُكَ مَا اخْتَصَمَ فِيهِ مُوسَى وَالْخَضِرُ» وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الثَّابِتَيْنِ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَمْرَهُمْ مَوْكُولٌ إِلَى مَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ ، وَفِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ مَعْنَاهُ عَلَى مَا حَكَيْنَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، أَوْ عَلَى مَا حَكَيْنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ، وَعَلَى مِثْلِ قَوْلِهِ دَلَّ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ ، أَوْ عَلَى مَا حَكَيْنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِطْرَةِ الْخِلْقَةُ. وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْخَبَرِ الْبَيَانُ أَنْ لَا حُكْمَ لِلطِّفْلِ فِي نَفْسِهِ ، إِنَّمَا حُكْمُهُ بِأَبَوَيْهِ ، وَأَرَادَ حُكْمَ الدُّنْيَا ، لَا حُكْمَ الْآخِرَةِ ، ثُمَّ يَكُونُ حُكْمُ الْآخِرَةِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ آخِرَ الْخَبَرِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ ذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ ، أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ مِنَ الْبَشَرِ فِي أَوَّلِ مَبْدَإِ الْخِلْقَةِ ، وَأَصْلِ الْجِبِلَّةِ عَلَى الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ ، وَالطَّبْعِ الْمُتَهِيِّئِ لِقَبُولِ الدِّينِ فَلَوْ تُرِكَ عَلَيْهَا وَخَلَّى سَبِيلَهُ لَاسْتَمَرَّ عَلَى لُزُومِهَا ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الدِّينَ مَوْجُودٌ حُسْنُهُ فِي الْعُقُولِ وَيُسْرُهُ فِي النُّفُوسِ ، وَإِنَّمَا يَعْدِلُ عَنْهُ مَنْ يَعْدِلُ إِلَى غَيْرِهِ ، وَيُؤْثِرُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ آفَاتِ النُّفُوسِ النُّشُوءُ وَالتَّقْلِيدُ ، فَلَوْ سَلِمَ الْمَوْلُودُ مِنْ تِلْكَ الْآفَاتِ لَمْ يَعْتَقِدْ غَيْرَهُ وَلَمْ يَخْتَرْ عَلَيْهِ مَا سِوَاهُ ، ثُمَّ تَمَثَّلَ بِأَوْلَادِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي اتِّبَاعِهِمْ لِآبَائِهِمْ ، وَالْمَيْلِ إِلَى أَدْيَانِهِمْ ، فَيَنْزِلُونَ بِذَلِكَ عَنِ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ ، وَعَنِ الْمَحَجَّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ ، وَحَاصِلُ الْمَعْنَى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ الثَّنَاءُ عَلَى هَذَا الدِّينِ ، وَالْإِخْبَارُ عَنْ مَحَلِّهِ مِنَ الْعُقُولِ ، وَحُسْنِ مَوْقِعِهِ مِنَ النُّفُوسِ ، وَلَيْسَ مِنْ

⦗ص: 361⦘

إِيجَابِ حُكْمِ الْإِيمَانِ لِلْمَوْلُودِ سَبِيلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَإِلَى قَرِيبٍ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ رحمه الله قَالَ: وَقَوْلُهُ: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] يُرِيدُ مَا وَصَفَهُ فِي عُقُولِهِمْ مِنْ إِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَقُدْسِهِ بِهَا ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى: الْزَمْ مَا فِي عَقْلِكَ مِنْ هَذَا ، وَلَا تُخَالِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ:{لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] أَيْ: لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يُبَدِّلَ مَا رَكَّبَ اللَّهُ فِي النَّاسِ مِنَ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ آلَةُ التَّمْيِيزِ وَالْمَعْرِفَةِ ، وَالْحُجَّةُ بِهِ قَائِمَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ كَفَرَ وَأَشْرَكَ بِاللَّهِ شَيْئًا مِنْ خَلْقِهِ ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْفِطْرَةِ نَفْسَ الْإِسْلَامِ لَكَانَ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ:{لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] رَاجِعًا إِلَيْهِ ، وَلَنَاقَضَ ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: حَتَّى يَكُونَ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَفْطُورًا عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَكَانَ الْإِسْلَامُ هُوَ الْمُرَادُ بِفِطْرَةِ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ هَوَّدَهُ أَبَوَاهُ أَوْ نَصَّرَاهُ أَوْ مَجَّسَاهُ فَقَدْ بَدَّلَا مَا خَلَقَ اللَّهُ عز وجل ، وَاللَّهُ جل جلاله يَقُولُ:{لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] وَفِي هَذَا مَا أَبَانَ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِفِطْرَةِ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ ، لَكِنْ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْحَقُّ مِنْ دَلَالَةِ الْعَقْلِ وَهِيَ الَّتِي لَا يَتَهَيَّأُ لِأَحَدٍ تَبْدِيلُهَا ، وَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ كَانَتْ هِيَ بِحَالَةِ حُجَّةٍ عَلَيْهِ وَدَاعِيَةٌ لَهُ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ص: 360

644 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ ، بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْبُحْتُرِيِّ ، نا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ ، نا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْأَحْنَفِ ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أَرْبَعَةٌ يَوْمَ

⦗ص: 362⦘

الْقِيَامَةِ يَعْنِي يَدِلُّونَ عَلَى اللَّهِ عز وجل بِحُجَّةٍ: رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ ، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ ، وَرَجُلٌ هَرِمٌ ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ ، فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ: رَبِّ قَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا ، وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ: رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونَنِي بِالْبَعَرِ ، وَأَمَّا الْهَرِمُ فَيَقُولُ: رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا ، وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي فَتْرَةٍ فَيَقُولُ: رَبِّ مَا أَتَانِي الرَّسُولُ ، فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لِيُطِيعُنَّهُ وَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنِ ادْخُلُوا النَّارَ ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ دَخَلُوهَا مَا كَانَتْ عَلَيْهِمْ إِلَّا بَرْدًا وَسَلَامًا "

645 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، نا حَنْبَلٌ ، نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، نا مُعَاذٌ ، نا أَبِي ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا. هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ فِيهِ ضَعْفٌ

ص: 361

646 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ الْبَيْرُوتِيُّ ، أنا ابْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي ، وَالْمَعْتُوهِ وَالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ ، فَيَتَكَلَّمُونَ بِحُجَّتِهِمْ وَعُذْرِهِمْ ، فَيَأْتِي عُنُقٌ فِي النَّارِ فَيَقُولُ لَهُمْ رَبُّهُمْ: إِنِّي كُنْتُ أَرْسَلْتُ إِلَى النَّاسِ رُسُلًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَإِنِّي رَسُولٌ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ ، ادْخُلُوا هَذِهِ النَّارَ ، فَأَمَّا مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا مِنْهَا فَرَرْنَا ، وَأَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى يَدْخُلُوهَا ، فَيَدْخُلُ هَؤُلَاءِ الْجَنَّةَ ، وَيَدْخُلُ هَؤُلَاءِ النَّارَ ، فَيَقُولُ لِلَّذِينَ كَانُوا لَمْ يُطِيعُوهُ: قَدْ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا النَّارَ فَعَصَيْتُمُونِي وَقَدْ عَايَنْتُمُونِي ، فَأَنْتُمْ لِرُسُلِي كُنْتُمْ أَشَدَّ تَكْذِيبًا " وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُصْبَةٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَوْقُوفًا وَهَذَا إِنْ صَحَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَا رُوِّينَا فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا ، وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا ،

⦗ص: 363⦘

وَامْتَحَنَهُمْ فِي دَارِ الدُّنْيَا بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ ، وَنَهَاهُمْ عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ ، وَجَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُيَسَّرًا لِمَا خَلَقَهُ لَهُ ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَمْتَحِنَ الْمَذْكُورِينَ فِي الْخَبَرِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ بِمَا ذُكِرَ فِيهِ ، كَمَا يَمْتَحِنُ غَيْرَهُمْ بِالسُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُهُ كُلُّ مَنْ كَتَبَ اللَّهُ شَقَاءَهُ ، كَمَا لَمْ يَسْتَطِعْهُ فِي الدُّنْيَا ، يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيْحَكُمُ مَا يُرِيدُ ، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ، جَعَلَنَا اللَّهُ مِنَ الْفَائِزِينَ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ ، إِنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلِّي اللَّهُ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ

ص: 362