الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الخامسة: الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين: ذاتية. وفعلية
.
فالذاتية: هي التي لم يزل ولا يزال متصفا بها، كالعلم والقدرة والسمع والبصر والعزة والحكمة والعلو والعظمة. ومنها الصفات الخبرية: كالوجه واليدين والعينين.
والفعلية: هي التي تتعلق بمشيئته، إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها، كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا.
وقد تكون الصفة ذاتية فعلية باعتبارين كالكلام، فإنه باعتبار أصله صفة ذاتية، لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متكلما، وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية، لأن الكلام يتعلق بمشيئته، يتكلم متى شاء بما شاء، كما في قوله تعالى:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} . وكل صفة تعلقت بمشيئته تعالى فإنها تابعة لحكمته.
وقد تكون الحكمة معلومة لنا، وقد نعجز عن إدراكها، ولكننا نعلم علم اليقين أنه سبحانه لا يشاء شيئا إلا وهو موافق للحكمة، كما يشير إليه قوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} .
القاعدة السادسة: يلزم في إثبات الصفات التخلي عن محذورين عظيمين:
أحدهما: التمثيل
والثاني: التكييف.
فأما التمثيل: فهو اعتقاد المثبت أن ما أثبته من صفات الله تعالى مماثل لصفات المخلوقين. وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع والعقل.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، وقوله:{أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} ، وقوله:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} ، وقوله:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} .
وأما العقل فمن وجوه:
الأول: أنه قد علم بالضرورة أن بين الخالق والمخلوق تباينا في الذات، وهذا يستلزم أن يكون بينهما تباين في الصفات، لأن صفة كل موصوف تليق به، كما هو ظاهر في صفات المخلوقات المتباينة في الذوات، فقوة البعير مثلاً غير قوة الذرّة، فإذا ظهر التباين بين المخلوقات مع اشتراكها في الإمكان والحدوث فظهور التباين بينها وبين الخالق أجلى وأقوى
الثاني: أن يقال: كيف يكون الرب الخالق الكامل من جميع الوجوه مشابها في صفاته للمخلوق المربوب الناقص المفتقر إلى من يُكَمِّله؟، وهل اعتقاد ذلك إلا تنقص لحق الخالق، فإن تشبيه الكامل بالناقص يجعله ناقصا.
الثالث: أننا نشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة والكيفية، فنشاهد أن للإنسان يدًا ليست كيد الفيل، وله قوة ليست كقوة الجمل، مع الاتفاق في الاسم. فهذه يد وهذه يد، وهذه قوة وهذه قوة،
وبينهما تباين في الكيفية والوصف، فعلم بذلك أن الاتفاق في الاسم لا يلزم منه الاتفاق في الحقيقة.
والتشبيه كالتمثيل، وقد يفرق بينهما بأن التمثيل التسوية في كل الصفات، والتشبيه التسوية في أكثر الصفات، لكن التعبير بنفي التمثيل أولى لموافقة القرآن:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} .
وأما التكييف: فهو أن يعتقد المثبت أن كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا، من غير أن يقيدها بمماثل. وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع والعقل.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} ، وقوله:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} ، ومن المعلوم أنه لا علم لنا بكيفية صفات ربنا، لأنه تعالى أخبرنا عنها ولم يخبرنا عن كيفيتها، فيكون تكييفنا قفوًا لما ليس لنا به علم، وقولاً بما لا يمكننا الإحاطة به.
وأما العقل: فلأن الشيء لا تعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم بكيفية ذاته، أو العلم بنظيره المساوي له، أو بالخبر الصادق عنه. وكل هذه الطرق منتفية في كيفية صفات الله عز وجل، فوجب بطلان تكييفها.
وأيضا فإننا نقول: أيُّ كيفية تقدرها لصفات الله تعالى؟.
إن أيَّ كيفية تقدرها في ذهنك فالله أعظم وأجل من ذلك.
وأيَّ كيفية تقدرها لصفات الله تعالى فإنك ستكون كاذبا فيها، لأنه لا علم لك بذلك.