المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المقارنة بينه وبين غيره من فهارس الشواهد: - آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - مقدمة ٢١

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

الفصل: ‌ المقارنة بينه وبين غيره من فهارس الشواهد:

عليها، وأضاف إليها "كتاب سيبويه" و"أمالي ابن الشجري"، لأن "الكتاب" هو الأصل، وينفرد بشواهد عديدة، وفي "الأمالي" أبيات مشكلة للمتنبي وغيره شرحها المؤلف وتكلم عليها، وأفاض في ذكر المسائل المتعلقة بها، وجمع أقوال كثير من النحاة واللغويين والأدباء، وقد أملاها في 84 مجلسًا

(1)

.

وراجع المؤلف "المغني" واستخرج منه الأبيات التي لم يشرحها السيوطي، كما بدأ بفهرسة أشعار "معجم البلدان" و"لسان العرب" ولكنه لم يتمها. ولو تمَّ لكان مغنيًا عن غيره من الفهارس. وهو في الوضع الراهن يرشد الباحثين إلى مظان الشعر والكلام عليه في كتب شروح الشواهد والمصادر الأخرى المهمة.

*‌

‌ المقارنة بينه وبين غيره من فهارس الشواهد:

صدرت عدة فهارس للشواهد بعدما صنع المعلمي هذا المعجم، وفيما يلي تعريف موجز بها وبمناهجها، وكلام إجمالي على قيمتها وأهميتها، ومقارنة بينها للتوصل إلى معرفة وجوه الخلل والقصور في بعضها، من حيث استيعابها للشواهد وترتيبها ونسبتها إلى أصحابها وعزوها إلى المصادر.

1) وأول هذه الفهارس ظهورًا فهرس الشواهد (Schawahid Indices) الذي طُبع في ألمانيا سنة 1945 م، وصنعه المستشرقان فيشر وبرونلش. كان قصدهما جمع الشواهد المتفرقة في كتب شروح الشواهد وبعض كتب اللغة والنحو، ومنهجهما فيه أن يذكرا القافية أولًا، ثم البحر (بحرفٍ من الحروف الإفرنجية)، ثم

(1)

تضم طبعة حيدراباد 78 مجلسًا فقط، ونشر حاتم صالح الضامن "ما لم ينشر من الأمالي الشجرية" في مجلة المورد مج 3 ع 1 - 2 (1974)، ثم في بيروت سنة 1405/ 1985 م، وحقق محمود محمد الطناحي الكتاب بتمامه من جديد، ونشره في القاهرة سنة 1413/ 1992 م في ثلاثة مجلدات مع الفهارس اللازمة.

ص: 18

الشاعر مع الإشارة إلى اختلاف النسبة، ثم المصادر. وقد قسَّما القوافي على الحروف، وكل حرفٍ على القوافي المضمومة فالمكسورة فالمفتوحة فالساكنة، ولكنهما لم يراعيا ترتيب القوافي على البحور، بل رتّباها على أوائل كلمات القوافي.

وهذه بعض النماذج منه بعد تعريبها:

- أدبا، بسيط، سهم بن حنظلة الغنوي: الخزانة 4/ 123 (15 بيتًا)، لين 570، هوويل ج 2 - 3/ 230

- (لقد) أصابا، وافر، جرير [ديوانه 1/ 30، 16]: سيبويه 2/ 326، 327، الشنتمري 2/ 298، 299، المفصل للزمخشري رقم 608، شرح ابن يعيش 1/ 29، 76، 485، 595، 609، 1280، العيني 1/ 91 (9 أبيات)، شرح شواهد المغني 258، الخزانة 1/ 34 (6 أبيات)، 164، 4/ 554، جامع الشواهد 25 (24)، 46 (45)، شرح شواهد الكشاف 36، الشنقيطي 2/ 103، 214، 236، الجرجاوي 2، قطّة 3، الآقشهري 46، هوويل ج 2 - 3/ 701، 4/ 851

لم يقتصر المؤلفان على كتب شواهد النحو المعروفة، بل رجعا أيضًا إلى "شرح شواهد الكشاف"(لمحب الدين أفندي)، و"الاقتضاب"(لابن السيد البطليوسي)، و"معاهد التنصيص"(للعباسي) و"شرح المضنون به على غير أهله"(لابن عبد الكافي). كما اعتمدا أيضًا على بعض كتب الشواهد المتأخرة، مثل "جامع الشواهد"(لمحمد باقر الشريف)، و"شرح أبيات الكافية والجامي"(للآقشهري)، و"شرح شواهد ابن عقيل"(للجرجاوي)، وشرح شواهده (لقطة العدوي)، و"شرح شواهد شذور الذهب"(للفيومي) وغيرها. بل قد توسعا

ص: 19

في ذلك، فاستخرجا الأبيات الموجودة في معجم لين الذي سماه "مدّ القاموس"(An Arabic- English Lexicon)، وكتاب هوويل في قواعد اللغة العربية (A Grammar of the Classical Arabic Language). وهما من الكتب المتداولة عند المستشرقين، والأول يحتوي على كثير من شواهد "لسان العرب" و"تاج العروس"، والثاني يحتوي على كثير من شواهد كتب النحو.

وكان الأولى الاعتماد على "اللسان" وغيره من المعاجم العربية وبعض كتب النحو القديمة، بدلًا من كتابي لين وهوويل، ولكن المؤلفينِ اعتمدا عليهما، جريًا على عادة المستشرقين في الإحالة إلى دراساتهم وطبعاتهم للكتب، وإن كانت نادرة الوجود ورديئة أو ناقصةً، فهما على سبيل المثال اعتمدا طبعة باريس من كتاب سيبويه دون طبعة بولاق التي هي أصحّ منها وأدقّ، ولكن اضطرَّا إليها للإحالة إلى الشنتمري، فكتابه في شرح شواهد سيبويه لا يوجد إلا بهامش طبعة بولاق!

وقد كان ينبغي الاقتصار على كتب الشواهد الأصيلة دون الكتب التي أُلِّفت في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، فليس فيها أيّ إضافة إلى الكتب السابقة. ولكنهما أكثرا من الاعتماد على هذه الكتب المتأخرة لأنها من كتب شروح الشواهد!

ومهما يكن من أمر فقد قام المستشرقان بصنع هذا الفهرس، وعلَّقا عليه تعليقاتٍ مفيدة (ص 295 - 313)، وحقّقا نسبة الأبيات واختلاف رواياتها، وأحالا إلى الدواوين والمجاميع الأدبية. ومما يميِّز هذا الفهرس أنه أشار إلى عدد الأبيات الموجودة في كل مصدر، وأحال إلى عدة طبعات إذا كان للمصدر طبعات متعددة، ونبَّه على أوهام وأخطاء. وقد عمل المؤلفان فهرسًا للشعراء الذين ورد ذكرهم في فهرس القوافي (ص 321 - 349)، وهو فهرس مفيد لمن يريد معرفة شعر شاعر معين.

ص: 20

وقد صدر هذا الفهرس سنة 1945 م، ومع ذلك لم يعرفه العرب وعلماء المشرق، ولم يجد التقدير اللائق به عند المتخصصين في الغرب، كما قال سزكين في تاريخ التراث العربي (2: 1/ 11). وأعيد طبعه في ألمانيا سنة 1982 م

(1)

.

2) ثم ألّف الأستاذ عبد السلام محمد هارون "معجم شواهد العربية" الذي طبع في القاهرة 1393/ 1973 م في جزئين

(2)

. ومنهجه فيه يُشبه منهج المعلمي في معجمه من حيث ترتيب القوافي، إلّا أنه جعل المعجم في قسمين: الأشعار والأرجاز، ورتّب أسماء الشعراء على الحروف في كل نوع من أنواع القافية.

ومما يلاحظ عليه أنه فاته أبيات كثيرة حتى من كتاب سيبويه، ولم ينسب كثيرًا من الأبيات المنسوبة عند ابن السيرافي، ولم يستقص ذكر جميع المواضع في المصادر التي فهرسها. وعنده أخطاء كثيرة في الإحالات لا تكاد تخلو منها صفحة، وربما تتعدد الأخطاء في صفحة واحدة. وقد زاد حجم الفهرس عنده فبلغ أكثر من ستمئة صفحة بسبب تخريجه لكل بيت بيت من القصائد المشهورة (مثل المعلقات وغيرها). أما المعلمي فقد اقتصر على ذكر أبيات قليلة منها ووضع بعدها نقطًا للدلالة على كثرة الاستشهاد بأبياتها، وذكر مواضع ورود جميع الأبيات في المصادر إجمالًا. فالمقصود من التخريج: الإشارة إلى القصيدة أو المقطوعة التي منها البيت أو الأبيات ليُعرف موقعه أو موقعها منها، لا الإشارة في كل بيت بيت إلى أماكن وروده في المصادر، فهذا لا داعي له، ولا فائدة منه إلّا

(1)

أشكر صديقي الأخ نبيل نصّار لسعيه في الحصول على جزء من الكتاب بالألمانية ونماذج من الفهرس. وهذا الوصف مأخوذ مما وصلني بواسطته، فجزاه الله خيرًا.

(2)

صدرت له طبعة ثانية في القاهرة، زاد فيها بعض المصادر التي قام بفهرستها فبلغت 41 مصدرًا.

ص: 21

تكثير المصادر، فإن الأبيات المشهورة مثل أبيات المعلقات والحماسة وديوان المتنبي وغيرها توجد في أغلب كتب اللغة والأدب، ومعاجم البلدان، وكتب التاريخ والأنساب وغيرها. ولذا فمنهج الأستاذ عبد السلام هارون في معجمه، والأستاذ رمضان عبد التواب في تحقيقاته بعيد عن المنهج العلمي السليم الذي مشى عليه كبار المحققين أمثال الميمني وغيره.

وقد اختار الأستاذ هارون للفهرسة ثلاثين كتابًا من كتب النحو والصرف وفقه اللغة والبلاغة والعروض، وسمَّى كتابه "معجم شواهد العربية". فهو أوسع من معجم المعلمي الذي اقتصر على فهرسة تسعة كتب فقط من كتب النحو وشواهده واللغة والبلدان، ولكن (أي المعلمي) فهرسَ جميع الأبيات المذكورة في "الخزانة" والعيني وشواهد المغني، على عكس عبد السلام هارون الذي اقتصر على فهرسة الشواهد النحوية منها فقط، فزادت الأبيات عند المعلمي زيادة بيِّنة، واحتوت على مئات الأبيات التي وردت فيها عرضًا، ولا يستغني عنها الباحثون في دراساتهم.

ثم إن اختيار المعلمي للمصادر المهمة كان بناءً على قيمتها العلمية وأصالتها وثقة العلماء واعتمادهم عليها في دراسة الشعر والنحو، وهكذا ينبغي لكل من يقوم بفهرسة الشعر والشواهد أن يقتصر على أمهات الكتب في النحو واللغة، والتي عليها الاعتماد في الاستشهاد، دون التوسع في ذكر الكتب والحواشي التي لم يكثر تداولُها والاعتماد عليها في الدراسة إلّا عند المتأخرين، فهذه ينبغي صرف النظر عنها، فإن وجود الشواهد فيها لا يزيد في أهميتها وقيمتها، وجُلُّها أو كلّها موجود في الكتب السابقة. فاستخراج الشواهد من "شذور الذهب" و"التصريح" لخالد الأزهري، و"شرح الأشموني" و"حاشية الصبان"، و"حاشية

ص: 22

يس العليمي"

وغيرها من الكتب المتأخرة ــ كما فعل الأستاذ هارون

(1)

وغيره ــ مما لا يجدي نفعًا. وكذلك الكتب التي حقِّقت وطبعت في العصر الحديث، ولم يكثر تداولها بين العلماء قديمًا والاهتمام بها من قبل الشرَّاح والمؤلفين، كان الاستغناء عنها أحسن، مثل:"المقتضب"، و"الخصائص"، و"المنصف"، و"المحتسب"، و"الإنصاف" و"المقرب"

وغيرها، فالشواهد الموجودة فيها موجودة في عامة كتب شروح الشواهد، ولا يشذُّ عنها إلا أبيات قليلة.

وعلى كلٍّ فقد بذل الأستاذ عبد السلام هارون جهدًا مشكورًا في فهرسة الشواهد، واستفاد منه الباحثون خلال أربعين عامًا، وعامة المحققين لكتب النحو يعتمدون عليه اعتمادًا كليًّا، دون التنبُّه إلى الأخطاء في الإحالات.

3) كانت الفهارس السابقة فهارس علمية يستفيد منها العلماء والباحثون الذين يعرفون العروض والقوافي، ويسهل عليهم مراجعتها والاستفادة منها. وعلى هذا المنهج جرى أعلام المحققين في فهرسة الشعر في أواخر الكتب التي قاموا بتحقيقها. ثم جاء بعضهم فقاموا بفهرسة الشواهد بذكرها بتمامها دون الاقتصار على قوافيها، ودون ترتيبها على البحور. فصنع الأستاذ حنّا جميل حداد "معجم شواهد النحو الشعرية" وطبع بدار العلوم في الرياض سنة 1404/ 1984 م. جمع فيه 3800 شاهد نحوي من كتب النحو بدءًا من "كتاب سيبويه" إلى "شرح الأشموني" المتوفى سنة 929، وقسمها ثلاثة أقسام: شواهد الشعر وشواهد الرجز وأنصاف الأبيات، ورقمها ترقيمًا مسلسلًا، وسردَ جميع الشواهد أولًا (ص 25 - 253) ثم

(1)

مع أنه قال في مقدمته إنه اختار من المصادر "ما هو أعلى قدرًا، وما هو أجمع من غيره وأشمل، وما هو أصل في الفن وأجزل في الفائدة".

ص: 23

تخريج الشواهد (ص 257 - 782)، ثم عمل فهرس موضوعات الشواهد، وفهرس الشعراء والرجاز، وفهرس المصادر والمراجع.

وقد اهتم المؤلف بتحقيق نسبة الأبيات إلى الشعراء، فأحال إلى الدواوين والمجاميع الشعرية وكتب الأدب واللغة والبلدان وغيرها، وبيَّن إذا كان الشاهد منسوبًا في المصدر أو غير منسوب. ولم يهتم باختلاف رواية الشاهد في المصادر المختلفة. ورتَّب الشواهد على القوافي المضمومة فالمفتوحة فالمكسورة فالساكنة، ثم رتَّب كلَّ نوع منها بالنظر إلى الكلمات الأخيرة من القافية، على أوائل حروف هذه الكلمات.

ومما يؤخذ على هذا المعجم شيوع الأخطاء في ضبط الشعر وشَكْله، بسبب التزامه الشكل الكامل. وهو مقصور على شواهد النحو كما ذكر المؤلف، فليس فيه أبيات غيرها، بخلاف معجمَي المعلمي وعبد السلام هارون، ففيهما أبيات كثيرة غير الشواهد النحوية، ولكنه مع قلة الشعر الموجود فيه سهل التناول والاستفادة لمن لا يعرف العروض وبحور الشعر، ومفيد لتحقيق نسبة الشواهد إلى الشعراء ومعرفة الاختلاف فيها مع الإحالة إلى مصادر الأدب واللغة.

4) وصدر معجم آخر بعنوان "المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية" إعداد الأستاذ إميل بديع يعقوب، من دار الكتب العلمية بيروت سنة 1413/ 1992 م. وهو أيضًا يُورد الشاهد بتمامه مثل المعجم السابق، والفرق بينهما من وجوه:

1 -

في هذا المعجم رُتِّبت الشواهد على القوافي الساكنة أولًا، ثم المفتوحة ثم المضمومة ثم المكسورة، والعبرة هنا أيضًا للكلمات الأخيرة من القوافي،

ص: 24