المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المبحث الثالث في الإسرائيليات يقصد بالإسرائيليات هنا ما ورد من حكايات نقلاً - أنوار الهلالين في التعقبات على الجلالين

[محمد بن عبد الرحمن الخميس]

الفصل: ‌ ‌المبحث الثالث في الإسرائيليات يقصد بالإسرائيليات هنا ما ورد من حكايات نقلاً

‌المبحث الثالث

في الإسرائيليات

يقصد بالإسرائيليات هنا ما ورد من حكايات نقلاً عن أهل الكتاب من بني إسرائيل، ومعلوم لنا جميعاً أنه فيما يتعلق بالإسرائيليات فهي ثلاثة أنواع:

1 -

ما ورد شرعنا بتصديقه، فهذا نصدقه ونحكيه.

2 -

ما ورد شرعنا بتكذيبه، فهذا لا نشتغل به ولا نحكيه إلا على سبيل بيان بطلانه.

3 -

ما لم يرد شرعنا بتصديق له ولا تكذيب، فهذا وإن حكي فإنه لا يصدق ولا يكذب لأنه يحتمل الأمرين.

وإليك أمثلة النوع الثاني:

ص: 47

المثال الأول: صفحة "18" من سورة البقرة الآية رقم "102" في قوله تعالى: {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} .

قال المؤلف: "من الحسر وكانت دفنته تحت كرسيه لما نزع ملكه".

قلت: حادثة نزع ملك سليمان لا يمكن التصديق بصحتها إذ هي من حكايات بني إسرائيل التي لا تتناسب مع مناصب الأنبياء وحفظ الله لهم.

المثال الثاني: صفحة "287" من سورة يوسف الآية رقم "52" في قوله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} .

قال المؤلف: " ذلك: أي طلب البراءة "يعلم" العزيز أني لم أخنه في أهله".

ص: 48

قلت: ظاهر كلام المؤلف أن يوسف هو القائل ذلك والأولى حمل الآية على أن امرأة العزيز هي التي قالت ذلك فيكون معنى الآية: أي ليعلم زوجي أني لم أركب الفاحشة، وإنما راودت يوسف مراودة فامتنع مني وما أبرئ نفسي فإن نفوس البشر ضعيفة تغلب عليها الشهوات إلا ما رحم ربي وهذا ما رجحه ابن تيميه وابن القيم وابن كثير وقاله الماوردي في تفسيره وهو أليق بسياق الآية1.

المثال الثالث: صفحة "362" من سورة الكهف الآية رقم "83" في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ} .

قال المؤلف: "اسمه الاسكندر".

قلت: ليس هناك دليل صحيح حتى يقطع

1 انظر تفسير القيم لابن القيم ص316 وتفسير ابن كثير 2/481.

ص: 49

المؤلف أن اسم ذي القرنين الاسكندر فلقد قال تعالى بعد ذلك: {سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً} أي: سأتلو عليكم من أحواله، ما يتذكر فيه، ويكون عبرة وأما ما سوى ذلك من أحواله فلم يتله عليهم1 ثم الظاهر أن الاسكندر هو المقدوني وهو كان من المشركين، فلم يكن من المسلمين فضلاً عن أن يكون من أولياء الله.

المثال الرابع: صفحة "363" من سورة الكهف الآية رقم "93" في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ

} .

قال المؤلف: "بفتح السين وضمها هنا وبعدهما، جبلان بمنقطع بلاد الترك

".

1 انظر تفسير السعدي 5/73.

ص: 50

قلت: قطعه بأن السد من بلاد الترك لا دليل عليه.

المثال الخامس: صفحة "553" من سورة ص الآية رقم "34" في قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ} .

قال المؤلف: "ثم أناب: رجع سليمان إلى ملكه بعد أيام بأن وصل إلى الخاتم فلبسه وجلس على كرسيه".

قلت: فيه نظر لأن هذا تنقيص لهذا النبي واستيلاء على أزواجه المطهرات، وهذا مما يعلم بطلانه إذ أن أعراض الأنبياء محفوظة من الله تعالى.

ص: 51

تنبيه: مما يلتحق بالإسرائيليات قول المؤلف في سورة الأحزاب الآية "37" في تفسير قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} .

قال: "مظهره من محبتها وأن لو فارقها زيد تزوجتها".

قلت: هذا كلام فيه نظر من وجهين:

الأول: أنه غير ثابت رواية.

والثاني: أنه غير صحيح دراية لأنه مخالف لمنصب النبوة، والصواب ما قاله ابن كثير عن الحسن بن علي رضي الله عنهما: " أن الله تعالى أعلم نبيه أنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوج فلما أتاه زيد رضي الله عنه ليشكوها إليه قال: اتق الله وأمسك عليك زوجك.

فقال الله تعالى: قد أخبرتك أني مزوجكها وتخفي في نفسك ما الله مبديه".

قال ابن كثير: وهكذا روي عن السدي أنه قال نحو ذلك".

ص: 52

الحاصل: أن أسطورة عشق النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته إياها وكتمان ذلك كلها باطلة لا أصل لها.

وإنما الصواب: أن الله تعالى قد أخبر نبيه أنه سيزوجه إياها فكتم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مخافة أن يقول الناس كيف يتزوج محمد زوجة ابنه "المتبنى".

ص: 53