المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخلاصة … خلاصة: ونخلص من هذا إلى القول بأن النقد في عصر صدر - النقد الأدبي ومقاييسه خلال عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الخلافة الراشدة

[محمد عارف محمود حسين]

الفصل: ‌ ‌الخلاصة … خلاصة: ونخلص من هذا إلى القول بأن النقد في عصر صدر

‌الخلاصة

خلاصة:

ونخلص من هذا إلى القول بأن النقد في عصر صدر الإسلام - عصر الرسول وعصر الخلافة الراشدة - قد خطا خطوات رشيدة، وترسم مناهج وطرقا أكثر تحديدا، وأوضح أحكاما من سابقتها في العصر الجاهلي، ونخلص - أيضا - إلى أن المقاييس والمعالم النقدية التي اتسم بها النقد الأدبي في هذا العصر، كانت تبدو في المقاييس والمعالم الآتية:

أولاً: مقياس الدين:

ونعني به - في إيجاز - قياس النتاج الأدبي، وميزانه وتقويمه على أساس من روح الدين وتعالميه التي جاء بها، وهذا يعني أن الناقد الأدبي كان يستحسن من النتاج الأدبي ما جاء متفقا مع الدين وروحه في بناء المجتمع الجديد، كما كان - بالطبع - يستهجن ما جاء مخالفا لهذا الدين ولروحه وآدابه.

وقد بدا هذا المقياس واضحا في نقد الرسول صلى الله عليه وسلم لشعر لبيد واستحسانه إياه، وفي إعجابه واستحسانه لشعر النابغة الجعدي، وفي تعديله لشعر كعب بن زهير، وكعب بن مالك، مما أوردناه آنفا.

كما اتضح أيضا في نقد عمر رضي الله عنه لشعر الحطيئة وسحيم وتوضيحه لما ينبغي أن يكون عليه الشعر من معنى صحيح أو شريف يلتقي مع الروح الإسلامية، ويبدو - أيضا - في استحسانه لشعر زهير ولبيته الذي بين فيه الحقوق؛ وذلك لالتقائه مع أصل من أصول التشريع الإسلامي.. إلى غير ذلك.

ثانياً: المقياس البياني:

ونعني به - أيضا - قياس النتاج الأدبي، وتقويمه على أساس ما ينبغي أن يكون عليه الأسلوب من سهولة في التعبير وسلاسة في الألفاظ، ووضوح في التركيب، وبعد عن التكلف والتصنع، على أساس أن التعبير المنطلق السلس أقرب إلى البلاعة والبيان من العمل المحكك المنمق.

وقد بدا هذا المقياس واضحا في استحسان الرسول لشعر طرفة، وإعجابه الشديد بقول عمرو بن الأهتم، كما بدا - أيضا - في استهجانه صلى الله عليه وسلم للسجع المتكلف الذي أنكره على قائله.

ص: 286

وظهر - كذلك - في توجيهاته صلى الله عليه وسلم التي تمثلت في ذم التكلف والغلو والتشادق والتفيهق، كما اتضح هذا المقياس على نحو محدد في نقد عمر حينما أبدى رأيه في زهير في شعره.

ثالثاً: تحديد الأسباب وذكر العلل:

اتسم النقد الأدبي في هذا العصر، باتجاهه نحو الدقة في إصدار الأحكام، والوضوح في ذكر الأسباب والتفصيل في تبيان العلل، التي بمقتضاها يتم الحكم على العمل الأدبي وتقويمه، وقد رأينا هذا واضحا جليا في نقدات عمر رضي الله عنه.

رابعاً: استعمال المصطلحات النقدية:

لأول مرة تستعمل في محيط النقد الأدبي ألفاظ تتصل بهذا الفن؛ لتدل على سير هذا الفن خطوات إلى الأمام فاستعمل لأول مرة لفظ (البيان) في قوله صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحرا"، ولفظ (البلاغة) مشتقا منه لفظ البليغ في قوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله تعالى يبغض البليغ من الرجال..".

خامساً: التوجهات النقدية:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يوجه الأدباء والشعراء إلى ما يحسن به أدبهم ويرتفع باتباعه شعرهم، من تلك التوجيهات النقدية، حتى يعينهم اتباعها على تحسين أعمالهم، وبلوغها حد الكمال الأدبي من تلك التوجيهات التي أوردنا طرفا منها آنفا.

سادسا: مقياس التخصص:

ويتضح هذا المقايس مما سبق أن ذكرناه من استعانة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحسان بن ثابت في الحكم على شعر النجاشي حين هجا تميم بن مقبل وقومه من بني العجلان، وذلك على الرغم من فهم عمر للشعر وتذوقه له، إيمانا منه بمبدأ الرجوع إلى المتخصصين في هذا الفن، فعمر يأبى أن يصدر في حكومة حول الشعر برأيه، ويستدعي من يعدهم نقادا متخصصين ويأخذ برأيهم.

ص: 287