المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر بعض ما بلي به من كان يشتم الصحابة رضي الله عنهم - النهي عن سب الأصحاب - الضياء المقدسي

[ضياء الدين المقدسي]

فهرس الكتاب

- ‌ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وما فِي مَعْنَاهُ

- ‌مَا ذُكِرَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌ذكر قول الله عز وجل: {وَلا تَجْعَلْ فِي قلوبنا غلا للذين آمنوا}

- ‌قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ

- ‌قَوْلُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ

- ‌مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنهم

- ‌قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رحمه الله

- ‌قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ

- ‌قَوْلُ التَّيَّارِ مَلِكُ الْمِيَاهِ

- ‌ذِكْرُ دُعَاءِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى مَنْ شَتَمَ عَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ رضي الله عنهم

- ‌قَوْلُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فِيمَنْ نَالَ مِنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها

- ‌وَمِنْ أَقْوَالِ الْأَئِمَّةِ رحمهم الله فِيمَنْ يَسُبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ بَعْضِ مَا بُلِيَ بِهِ مَنْ كَانَ يَشْتُمُ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم

الفصل: ‌ذكر بعض ما بلي به من كان يشتم الصحابة رضي الله عنهم

‌ذِكْرُ بَعْضِ مَا بُلِيَ بِهِ مَنْ كَانَ يَشْتُمُ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم

36 -

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ الصُّوفِيُّ بِبَغْدَادَ أَنَّ أَبَا الْمَعَالِي أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ الْمَذَارِيَّ أَخْبَرَهُمْ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبَنَّاءُ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسْيَنِ بْنِ بِشْرَانَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا ثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ الزَّمِّيُّ ثَنَا شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ عَنْ

⦗ص: 90⦘

عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ كَانَ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ يُعْطَى الْأَكْفَانُ فَمَاتَ رَجُلٌ فَقِيلَ لَهُ فَأَخَذَ كَفَنًا وَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى الْمَيِّتِ وَهُوَ مُسَجًّى فَتَنَفَّسَ وَأَلْقَى الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ غَرُّونِي أَهْلَكُونِي النَّارَ النَّارَ قُلْنَا لَهُ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَهَا قِيلَ وَلِمَ قَالَ بِشَتْمِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ.

ص: 89

37 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْفُتُوحِ يُوسُفُ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ كَامِلِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ الْخَفَّافُ بِبَغْدَادَ أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ القزاز قراءة قال أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النَّقُّورِ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى قِرَاءَةً عَلَيْهِ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ ثَنَا نُعَيْمٌ هُوَ

⦗ص: 91⦘

ابْنُ الْهَيْصَمِ الْهَرَوِيُّ إِمْلَاءً ثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ قَالَ سَمِعْتُ بَشِيرًا وَيُكَنَّى أَبَا الْخَصِيبِ قَالَ

كُنْتُ رَجُلًا تَاجِرًا وَكُنْتُ مُوسِرًا وَكُنْتُ أَسْكُنُ مَدَائِنَ كِسْرَى وَذَلِكَ فِي زَمَنِ ابْنِ هُبَيْرَةَ قَالَ فَأَتَانِي أَجِيرٌ لِي فَذَكَرَ أَنَّ فِي بَعْضِ خَانَاتِ الْمَدَائِنَ رَجُلًا قَدْ مَاتَ وَلَيْسَ يُوجَدُ لَهُ كَفَنٌ فَأَقْبَلْتُ حَتَّى دَخَلْتُ ذَلِكَ الْخَانَ فَدُفِعْتُ إِلَى رَجُلٍ مَيِّتٍ مُسَجًّى وَعَلَى بَطْنِهِ لَبِنَةٌ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَذَكَرُوا مِنْ عِبَادَتِهِ وَفَضْلِهِ قَالَ فَبَعَثْتُ يُشْتَرَى الْكَفَنُ وَغَيْرُهُ وَبَعَثْتُ إِلَى حَافِرٍ فَحَفَرَ لَهُ وَهَيَّأْنَا لَهُ لَبِنًا وَجَلَسْنَا نُسَخِّنُ مَاءً لِنَغْسِلَهُ

فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ وَثَبَ الْمَيِّتُ وَثْبَةً فَبَدَرَتِ اللَّبِنَةٌ عَنْ بَطْنِهِ وَهُوَ يَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَالنَّارِ قَالَ فَتَصَدَّعَ أَصْحَابُهُ عَنْهُ قَالَ فَدَنَوْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بَعَضُدِهِ وَهَزَزْتُهُ ثُمَّ قُلْتُ مَا رَأَيْتَ وَمَا حَالُكَ فَقَالَ صَحِبْتُ مَشْيَخَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَأَدْخَلُونِي فِي دِينِهِمْ أَوْ فِي رَأْيِهِمْ الشَّكُّ مِنْ أَبِي الْخَصِيبِ فِي سَبِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْبَرَاءَةُ مِنْهُمَا قَالَ قُلْتُ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ ثُمَّ لَا تَعُدْ قَالَ فَأَجَابَنِي وَمَا يَنْفَعُنِي وَقَدِ انطلق بي إلى مدخلي النَّارِ

⦗ص: 92⦘

وَرَأَيْتُهُ وَقِيلَ إِنَّكَ سَتَرْجِعُ إِلَى أَصْحَابِكَ فَتُحَدِّثُهُمْ بِمَا رَأَيْتَ ثُمَّ تَعُودُ إِلَى حَالِكَ فَمَا انْقَضَتْ كَلِمَتُهُ حَتَّى مَالَ مَيِّتًا عَلَى حَالِهِ الْأَوَّلِ

قَالَ فَانْتَظَرْتُ حَتَّى أُتِيتُ بِالْكَفَنِ فَأَخَذْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ فَقُلْتُ لَا كَفَنْتُهُ وَلَا غَسَّلْتُهُ وَلَا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَأُخْبِرْتُ بَعْدُ أَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ كَانُوا عَلَى رَأْيِهِ وَوَلُوا غُسْلَهُ وَدَفْنَهُ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ

قَالَ خَلَفٌ قُلْتُ يَا أَبَا الْخَصِيبِ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثْتَنِي شَهِدْتَهُ قَالَ بَصُرَ عَيْنِي وَسَمِعَ أُذُنِي وَأَنَا أُؤَدِّيهِ إِلَى النَّاسِ.

ص: 90

38 -

أَخْبَرَنَا أَبُو شُجَاعٍ زَاهِرُ بْنُ رُسْتمَ بْنِ أَبِي الرَّجَاءِ الْأَصْبَهَانِيُّ بِبَغْدَادَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ الْمَذَارِيَّ أَخْبَرَهُمْ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بن أحمد بن عبد اللَّهِ بْنِ الْبَنَّاءِ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ بِشْرَانَ الْمُعَدَّلُ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ إِسْحَاقَ الْبَرْذَعِيُّ ثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ السَّكُونِيُّ ثَنَا أَبِي

⦗ص: 93⦘

قَالَ سَمِعْتُ خَلَفَ بْنَ حَوْشَبٍ يَقُولُ

مَاتَ رَجُلٌ بِالْمَدَائِنِ فَلَمَّا غَطَّوْا عَلَيْهِ ثَوْبَهُ تَحَرَّكَ الثَّوْبُ فَقَالَ بِهِ فَكَشَفَ عَنْهُ فَقَالَ قَوْمٌ مُخَضبَّةٌ لِحَاهُمْ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدَائِنِ يَلْعَنُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَيَتَبَرَّءُونَ مِنْهُمَا الَّذِينَ جَاءُونِي يَقْبِضُونَ رُوحِي يَلْعَنُونَهُمْ وَيَتَبَرَّءُونَ مِنْهُمْ قُلْنَا يَا فُلَانُ لَعَلَّكَ بُلِيتَ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ثُمَّ كأنما كانت حَصَاةٌ فَرَمَى بِهَا.

ص: 92

39 -

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ الْمُقَرِّبِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ أَخْبَرَهُمْ أَخْبَرَنَا طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبيُّ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا قَالَ سُوَيْدُ بن سعيد عَنِ الْمُحَيَّاهِ

⦗ص: 94⦘

التَّيْمِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مُؤَذِّنُ عَكَّ قَالَ

خَرَجْتُ أَنَا وَعَمِّي إِلَى مُكْرَانَ فَكَانَ مَعَنَا رَجُلٌ يَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَنَهَيْنَاهُ فَلَمْ ينته فقلنا اعتزلنا فاعتزلنا فَلَمَّا دَنَا خُرُوجُنَا نَدِمْنَا فَقُلْتُ لَوْ صَحِبَنَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَى الْكُوفَةِ فَلَقِيَنَا غُلَامٌ لَهُ فَقُلْنَا لَهُ قُلْ لِمَوْلَاكَ يَعُودُ إِلَيْنَا قَالَ إِنَّ مَوْلَايَ قَدْ حَدَثَ بِهِ أَمْرٌ عَظِيمٌ قَدْ مُسِخَتْ يَدَاهُ يَدَيْ خِنْزِيرٍ قَالَ فَأَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا ارْجِعْ إِلَيْنَا قَالَ إِنَّهُ قد حدث بي أَمْرٌ عَظِيمٌ فَأَخْرَجَ ذِرَاعَيْهِ فَإِذَا هُمَا ذِرَاعَا خِنْزِيرٍ قَالَ فَصَحِبَنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى السَّوَادِ كَثِيرَةَ الْخَنَازِيرِ فَلَمَّا رَآهَا صَاحَ صَيْحَةً وَوَثَبَ فَمُسِخَ خِنْزِيرًا وَخَفِيَ عَلَيْنَا وَجِئْنَا بِغُلَامِهِ وَمَتَاعِهِ إِلَى الْكُوفَةِ.

ص: 93

40 -

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْعَفِيفُ أَبُو الْقَاسِمِ مَحْمُودُ بْنُ الْوَاثِقِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَيْهَقِيُّ الْمَعْرُوفُ بِزَنْكِيٍّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِمَرْوَ قُلْتُ أَخْبَرَكُمْ عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ أَحْمَدُ بْنُ محمد ابن مُحَمَّدٍ الْعَاصِمِيُّ ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ محمد المعروف بابن داية الْكَلْوَاذِيُّ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى بَغْدَادَ قَدِمَ عَلَيْنَا مُجْتَازًا أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ

⦗ص: 95⦘

بِجُرْجَانَ ثَنَا أَبُو حَبِيبٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ البزار حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ حَدَثَّنِي مَرْدَكٌ وَكَانَ ثِقَةً وَكَانَ يَبِيعُ السَّاجَ قَالَ

بِعْتُ سَاجًا لي بالأهواز مِنْ رَجُلٍ وَكَانَ لَهُ سُلْطَانٌ وَهَيْبَةٌ فَذَهَبْتُ لَأَتَقَاضَاهُ مَالِي فَذُكِرَ عِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَشَتَمَهُمَا فَمَنَعَنِي سُلْطَانُهُ وَهَيْبَتُهُ أَنْ أَرُدَّ عَلَيْهِ فَرَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَبِتُّ لَيْلَتِي بِغَمٍّ اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرَى النَّائِمُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا يَشْتُمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ هَذَا فَقُلْتُ هَذَا .. فَقَالَ هَذَا قَالَ لِي قُمْ فَأَضْجِعْهُ فَقُمْتُ فَأَضْجَعْتُهُ فَقَالَ لِي قُمْ فَاذْبَحْهُ فَعَظُمَ الذَّبْحَ فِي عَيْنَيْ فَقَالَ لِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قُمْ فَاذْبَحْهُ فَقُمْتُ فَأَمَرَرْتُ السِّكِّينَ عَلَى أَوْدَاجِهِ فَذَبَحْتُهُ فَلَمَّا دَنَا الْإِصْبَاحُ قُلْتُ وَاللَّهِ لَأَذْهَبَنَّ إِلَيْهِ وَأُخْبِرُهُ بِهَذِهِ الرُّؤْيَا فَلَمَّا أَنْ دَنَوْتُ مِنْ بَابِ دَارِهِ إِذَا أَنَا بِالْوَلْوَلَةِ وَالصِّيَاحِ مِنْ دَارِهِ قُلْتُ مَا هَذَا الصِّيَاحُ قَالُوا فُلَانٌ طَرَقَتْهُ الذَّبْحَةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ قُلْتُ أَنَا ذَبَحْتُهُ بِأَمْرِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَخَرَجَ عَلَيَّ غُلَامُ ابْنٍ لَهُ فَقَالَ أُحِبُّ أَنْ تَكْتُمَهُ عَلَيْنَا

وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ مَشْهُورَةٌ قَدْ رَوَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ مَرْدَكٍ هذا.

ص: 94

41 -

أنبأنا أَبُو الْقَاسِمِ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَّافٍ الْهَمْدَانِيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْبَاقِي أَخْبَرَهُمْ إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْقَاسِمِ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَذِنَ لَهُمْ فِي الرِّوَايَةِ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ ثَنَا أَبُو عُمَرَ غُلَامُ ثَعْلَبٍ قال أخبرني أبو بكر بي أَبِي الطَّيِّبِ مُؤَذِّنُ آلِ حَمَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ

كَانَ عِنْدَنَا مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ خُرَاسَانَ وَكَانَ لَهُ خَادِمٌ يَتَعَبَّدُ فَلَمَّا أَخَذَ فِي التَّأهُّبِ لِلْحَجِّ اسْتَأْذَنَ الْخَادِمُ مَوْلَاهُ فِي الْحَجِّ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَقَالَ له الخادم إنما استأذنتك فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ لَسْتُ آذَنُ لَكَ تَضْمَنُ لِي حَاجَةً فَإِنْ أَنْتَ ضَمِنْتَهَا أَذَنْتُ لَكَ وَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَضْمَنْهَا لَمْ آذَنُ لَكَ قَالَ فَقَالَ الْخَادِمُ هَاتِهَا قَالَ أَبْعَثُ مَعَكَ بِرِجَالٍ وَخَدَمٍ وَنُوقٍ وَزَوَامِلَ فَإِذَا بَلَغْتَ إِلَى قَبْرِ الْمُصْطَفَى

⦗ص: 97⦘

مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَقُلْ يَا رَسُولُ الله مولاي يقول إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ ضَجِيعَيْكَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ سَمْعًا وَطَاعَةً وَرَبِّي يَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِي

قَالَ ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَبَادَرْتُ إِلَى الْقَبْرِ فَسَلَّمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُبَلِّغَهُ الرِّسَالَةَ الْمُنْكَرَةَ فَنِمْتُ فِي الْمَسْجِدِ بِإِزَاءِ الْقَبْرِ فَحَمَلَتْنِي عَيْنَايَ فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ حَائِطَ الْقَبْرِ قَدِ انْفَتَحَ وَإِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ خَرَجَ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ خُضْرٌ وَرَائِحَةُ الْمِسْكِ تَنْفَحُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِذَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ خُضْرٌ وَإِذَا عُمَرُ عَنْ يَسَارِهِ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ خُضْرٌ وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِي يا كيس مالك لَمْ تُؤَدِّ الرِّسَالَةَ قَالَ قُلْتُ يا رسول الله وقمت قائما هيبة لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وقلت إني استحييت منك أن أُسْمِعُكَ فِي ضَجِيعَيْكَ مَا قَالَ لِي مَوْلَايَ قَالَ فَقَالَ لِي اعْلَمْ أَنَّكَ تَحُجُّ وَتَرْجِعُ سَالِمًا إلى خراسان إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِذَا بَلَغْتَ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ النَّبِيُّ يَقُولُ لَكَ إِنَّ اللَّهَ وَأَنَا بَرِيئَانِ مِمَّنْ تَبَرَّأَ مِنْهُمَا فَهِمْتَ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ لِي وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَمُوتُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ قُدُومِكَ عَلَيْهِ أَفَهِمْتَ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ ثُمَّ قَالَ لِي وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَخْرُجُ فِي وَجْهِهِ بَثْرَةٌ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ أَفَهِمْتَ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ

قَالَ ثُمَّ انْتَبَهْتُ فَحَمِدْتُ اللَّهَ عز وجل فِي أَنْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَرَأَيْتُ ضَجِيعَيْهِ وَحَمِدْتَهُ عَلَى مَا كَفَانِي مِنْ تَبْلِيغِي الرِّسَالَةِ الْمُنْكَرَةِ قَالَ ثُمَّ إِنِّي حَجَجْتُ ورجعت إلى خُرَاسَانَ سَالِمًا وَقَدْ جِئْتُهُ بِهَدَايَا سَنِيَّةٍ فَسَكَتَ عَنِّي يَوْمَيْنِ قَالَ فَلَمَّا كَانَ فِي

⦗ص: 98⦘

الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَالَ لِي مَا صَنَعْتَ فِي الْحَاجَةِ قَالَ قُلْتُ قَدْ قُضِيَتْ قَالَ هَاتِهَا قَالَ قُلْتُ لَا تُرِيدُ يَا مَوْلَايَ أَنْ تَسْمَعَ الْجَوَابَ قَالَ فَقَالَ لِي هَاتِهِ قَالَ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَلَمَّا بَلَغْتُ إِلَى قَوْلِهِ وَقُلْ لَهُ إِنَّ اللَّهَ وَأَنَا بَرِيئَانِ مِمَّنْ تَبَرَّأَ مِنْهُمَا تَضَاحَكَ ثُمَّ قَالَ لِي تَبَرَّأْنَا مِنْهُمْ وَتَبَرَّءُوا مِنَّا وَاسْتَرَحْنَا قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي سَوْفَ تَعْلَمُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ

قَالَ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ قُدُومِي ظَهَرَتْ فِي وَجْهِهِ بَثْرَةٌ فَآلَمَتْهُ فَلَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ إِلَّا وَقَدْ دَفَنَّاهُ.

ص: 96

42 -

وَحَدَّثَنِي الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ الْجَلِيلِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَمَانِيُّ اللَّبَنِيُّ بِهَا أَنَّ عَمَّ أَبِيهِ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ عَلِيٍّ حَدَّثهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ قَالَ لِي رَجُلٌ لَمَّا أَرَدْتُ الْحَجَّ سَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقُلْ لَهُ لَوْلَا مَكَانُ ضَجِيعَيْكَ لَزُرْتُكَ قَالَ فَلَمَّا وَصَلْتُ الْمَدِينَةَ وَزُرْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ قَالَ فَرَأَيْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ فَقَالَ لِي أَبْصِرْ هَذَا الْمُوسَى فَأَبْصَرْتُهُ وَوَزَنَهُ فَعَرَفْتُ كَمْ وَزْنُهُ ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي أَرْسَلَ مَعِيَ الرسالة فذبحه به

قال فما قدمت إلى الْقَرْيَةِ الَّتيِ فِيهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ إِذَا الصِّيَاحُ وَأَهْلُ الْقَرْيَةِ مَعَهُمُ السِّلَاحُ فَقُلْتُ أَيْشَ الْخَبَرُ قَالُوا فُلَانٌ أَصْبَحَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ مَذْبُوحًا وَمَا قَتَلَهُ إِلَّا بَنُو فُلَانٍ فَقُلْتُ أَرُونِيهِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَذْبُوحٌ وَذَلِكَ الْمُوسَى الَّذِي رَأَيْتُهُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُ قَالَ فَأَخَذْتُهُ فَوَزَنْتُهُ فَإِذَا هُوَ كَمَا وَزَنَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

فَقُلْتُ لَهُمْ هَذَا مَا قَتَلَهُ إِلَّا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحَكَيْتُ لَهُمُ الْحِكَايَةَ فَقُلْتُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَأَيْنَ كَانَ هَذَا قَالَ فِي سَاحِلِ عَسْقَلَانَ.

ص: 98

43 -

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْعَفِيفُ أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ صَافِي بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّقَّاشُ بِبَغْدَادَ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَاجِيُّ الْمُقْرِئَ أَخْبَرَهُمْ قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَ ثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَنَّا قِرَاءَةً عَلَيْهِ ثَنَا عُثْمَانُ هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ اللَّبَّانُ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ النَّيْسَابُورِيُّ الْمَعْرُوفُ بِعَبْدُوسٍ ثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ أَخِيهِ مُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي حَيَّانُ النَّحْوِيُّ قَالَ

كَانَ لِي جَلِيسٌ يَذْكُرُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَنْهَاهُ فَيُغْرَى فَأَقُومُ عَنْهُ فَذَكَرَهُمَا يَوْمًا فَقُمْتُ عَنْهُ مُغْضَبًا وَاغْتَمَمْتُ مما سمعت إذ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْهِ الرَّدَّ الَّذِي يَنْبَغِي، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامِي كَأَنَّهُ أَقْبَلَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَلِيسًا يُؤْذِينِي فِي هَذَيْنِ فَأَنْهَاهُ فَيُغْرَى

⦗ص: 100⦘

وَيَزْدَادُ قَالَ: فَالْتَفَتَ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ قَرِيبٍ مِنْهُ فَقَالَ اذْهَبْ إِلَيْهِ فَاذْبَحْهُ فَذَهَبَ الرَّجُلُ

وَأَصْبَحْتُ فَقُلْتُ إِنَّهَا لَرُؤْيَا فَلَوْ أَتَيْتُهُ فَخَبَّرْتُهُ لَعَلَّهُ يَنْتَهِي قَالَ فَمَضَيْتُ أُرِيدُهُ فَلَمَّا صِرْتُ قَرِيبًا مِنْ بَابِهِ إِذَا بِالصُّرَاخِ .. .. قُلْتُ مَا هَذَا قَالُوا فُلَانٌ طَرَقَتْهُ الذَّبْحَةُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَمَاتَ.

ص: 99

44 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْفُتُوحِ يُوسُفُ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ كَامِلٍ الْخَفَّافُ بِبَغْدَادَ أَنَّ أَبَا مَنْصُورٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازَ أَخْبَرَهُمْ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النَّقُّورِ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى قِرَاءَةً عَلَيْهِ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ ثَنَا نُعَيْمٌ هُوَ ابْنُ الْهَيْصَمِ الْهَرَوِيُّ إِمْلَاءً ثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ ثَنَا أَبُو الْحُبَابِ وَهُوَ عَمُّ عَمَّارِ بْنِ سَيْفٍ الضَّبِّيِّ قَالَ

كُنَّا فِي غَزَاةٍ فِي الْبَحْرِ وَقَائِدُنَا مُوسَى بْنُ كَعْبٍ وَمَعَنَا فِي الْمَرْكَبِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُكَنَّى أَبَا الْحَجَّاجِ فَأَقْبَلَ يَشْتُمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَزَجَرْنَاهُ فَلَمْ يَنْزَجِرْ وَنَهَيْنَاهُ فَلَمْ يَنْتَهِ فَأَرْسَيْنَا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ فَتَفَرَّقْنَا فِيهَا نَتَأَهَّبُ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ فَأَتَانَا صَاحِبٌ لَنَا فَقَالَ أَدْرِكُوا أَبَا الْحَجَّاجِ فَقَدْ أَكَلَتْهُ النَّحْلُ

⦗ص: 101⦘

فَدَفَعْنَا إلى أَبِي الْحَجَّاجِ وَهُوَ مَيِّتٌ وَقَدْ أَكَلَتْهُ الدَّبْرُ وَهُوَ النَّحْلُ

قَالَ خَلَفٌ فَزَادَنِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَبُو الْحُبَابِ فحفرنا لِنَدْفِنَهُ فَاسْتَوْعَرَتْ عَلَيْنَا الْأَرْضُ قُلْتُ مَا اسْتَوْعَرَتْ قَالَ صَلُبَتْ فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى أَنْ نَحْفِرَ لَهُ فَأَلْقَيْنَا عَلَيْهِ وَرَقَ الشَّجَرِ وَالْحِجَارَةَ وَتَرَكْنَاهُ.

ص: 100

45 -

سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ الْيَمَنِيَّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ خَوْلَانَ اسْمُهُ عَلِيٌّ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَدِمُوا لِلْحَجِّ فَنَزَلُوا فِي طَرِيقِهِمْ فِي صَعْدَةٍ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُتَشَيِّعَةِ فَلَمَّا أَرَادُوا فِرَاقَهُ قَالَ لَهُمْ لِي إِلَيْكُمْ حَاجَةً تَأْخُذُونَ هَذَا الْحَجَرَ فَتَتْرُكُونَهُ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ حَجَرٌ نَحْوَ الْأَوْقِيَّةِ قَالَ فَأَخَذُوهُ فَتَرَكُوهُ فِي جِرَابِ الدَّقِيقِ فَلَمَّا ارْتَحَلُوا قَالُوا وَمَا نَصْنَعُ بِهَذَا الْحَجَرِ فَرَمَوْهُ فِي الطَّرِيقِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا هَاتِفٌ يَقُولُ يَا صَاحِبَ الْأَمَانَةِ أَدِّ أَمَانَتَكَ فَلَمَّا فَتَحُوا الْجِرَابَ إِذَا الْحَجَرُ فِي الدَّقِيقِ فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَرَكُوهُ عِنْدَهُ

فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ رَأَى رَجُلٌ مِنْهُمْ كَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولَانِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا اللَّعِينِ الْمَلْعُونِ كَيْفَ رَجَمَنَا بِالْحَجَرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ارْجِمُوا اللَّعِينَ الْمَلْعُونَ قَالَ فَأَرَّخُوا تِلْكَ اللَّيْلَةَ مِنَ الشَّهْرِ فَلَمَّا رَجَعُوا مَرُّوا بِبَيْتِ

⦗ص: 102⦘

الَّذِي أَنْزَلَهُمْ فَخَرَجَتْ إِلَيْهِمُ امرأته فقالت مَا رَأَيْتُمْ مَا أَصَابَ نَزِيلَكُمْ فَقَالُوا وَمَا أَصَابَهُ قَالَتْ مَاتَ قَالُوا بِمَاذَا كَانَ مَوْتُهُ قَالَتْ رجم بحجر قال أَيُّ لَيْلَةٍ قَالَتْ اللَّيْلَةُ الْفُلَانِيَّةُ مِنَ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ فَنَظَرُوا فِيمَا كَتَبُوا فَإِذَا هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَرَّخُوهَا فَقَالُوا لَهَا عِنْدَكَ الْحَجَرُ الَّذِي رُمِيَ بِهِ قَالَتْ نَعَمْ فَأَخْرَجَتْهُ فَإِذَا هُوَ الْحَجَرُ الَّذِي كَانَ مَعَهُمْ بِعَيْنِهِ وَهَذَا مَعْنَى مَا حَكَاهُ.

ص: 101

46 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُظَفَّرِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْمَروَزِيُّ بِهَا أَنَّ وَالِدَهُ أَخْبَرَهُمْ إِجَازَةً أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَارِثِ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ أحمد بن عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ الْمُغَمَّاتِي بِآمُلَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْمَحَاسِنِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الرُّويَانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَ ثَنَا الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُونِيُّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّي ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْخَلِيلِ

⦗ص: 103⦘

الْقَطَّانُ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ قِيرَاطٍ وَنُوحُ بْنُ يَزِيدَ الْبَلْخِيُّ قَالَا ثَنَا صَفْوَانُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا قَالَ

اكْتَرَيْتُ إِبِلًا إِلَى الشَّامِ فَدَخَلْتُ مَسْجِدًا فَصَلَّيْتُ خَلْفَ إِمَامٍ فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ وَذكَرَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بِسُوءٍ قَالَ فَخَرَجْتُ مِنْ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَرَجَعْتُ مِنْ قَابِلٍ وَدَخَلْتُ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ خَلْفَ إِمَامٍ آخَرَ فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقُلْتُ لِرَجُلٍ إِلَى جَانِبِي مَا فَعَلَ الَّذِي كَانَ يَلْعَنُهُمَا فَقَالَ لِي تَشَاءُ أَنْ أُرِيَكَهُ فَقُلْتُ نَعَمْ فَأَدْخَلَنِي دارا فأراني كلبا مربوطا إلى سَارِيَةٍ فَقَالَ لِلْكَلْبِ هَذَا رَجُلٌ صَلَّى خَلْفَكَ عَامَ أَوَّلَ وَأَنْتَ تَشْتُمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَوْمَأَ الْكَلْبُ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ قَالَ فَقَالَ الرَّجُلُ قَدْ مَسَخَهُ اللَّهُ عز وجل كما ترى.

ص: 102

47 -

حثني الْفَقِيهُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ الْمَعْرُوفُ بِالْمُزَابِنِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي الْخَطِيبُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ جَاءَ إِلَى قَرْيَتِنَا وَهِيَ قَرْيةٌ مِنَ الْعَرَاقِ رَجُلَانِ مِنَ

⦗ص: 104⦘

الْحِلَّةِ اسْمُ أَحَدِهِمَا مَسْعُودٌ وَالْآخَرُ بلك فكانا مُتَوَلِّيَيْنِ عَلَيْهَا وَكَانَا مُتَشَيِّعَيْنِ ثُمَّ غَابَا عَنَّا مُدَّةً ثُمَّ جَاءَا فَإِذَا هُمَا قَدْ رَجَعَا عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُمَا فِي ذَلِكَ فَقَالَا رَجَعْنَا عَمَّا كُنَّا عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُمَا مَا السَّبَبُ فَحَدَّثَنِي أَحَدُهُمَا قَالَ

مَضَيْنَا إِلَى الْحَجِّ وَكَانَ مَعَنَا رَجُلٌ ضَرِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحِلَّةِ وَكَانَ يَقْرَأُ كل يوم ختمة فلما قَضَيْنَا الْحَجَّ وَكُنَّا بِالطَّرِيقِ تُوُفِّيَ فَدَفَنَّاهُ وَكَانَ مَعَنَا مِرْزَبَةُ خَشَبٍ قَالَ فَلَمَّا دَفَنَّاهُ لَمْ نَرَهَا فَقُلْنَا لَعَلَّنَا دَفَنَّاهَا مَعَ الْمَيِّتِ فَنَبَشْنَاهُ إِلَى اللَّحْدِ فَلَمْ نَجِدْهَا فَكَشَفَ أَحَدُنَا اللَّحْدَ فَصَاحَ وَغُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ أَفَاقَ فَقُلْنَا أَيْشِ بِكَ أَوْ مَاذَا رَأَيْتَ فَقَالَ وَجَدْتُ الرَّجُلَ قَدْ جُمِعَتْ رِجْلَاهُ وَعُنُقُهُ فِي خُرْمِ الْمِرْزَبَةِ قَالَ فَعَجِبْنَا مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا رَجَعْنَا إِلَى بَيْتِهِ قُلْنَا أَيْشِ كَانَ يَفْعَلُ فَقِيلَ لَنَا كَانَ مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ كَمَا قِيلَ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ قَالَا فَلِأَجْلِ ذَلِكَ رَجَعْنَا عَمَّا كُنَّا عَلَيْهِ.

ص: 103

48 -

وَسَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَحْمَدَ الطَّحَّانَ قَالَ كَانَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْبَطَايِحِيُّ بِالْمَسْجِدِ الَّذِي بِالْعَقَبَةِ وَكَانَ لَا يَكَادُ يَقْعُدُ إِلَّا وَحْدَهُ وَكَانَ رَجُلٌ اسْمُهُ إِسْمَاعِيلُ يَنْقُلُ الْفَخَّارَ عَلَى ظَهْرِهِ وَيَتَقَوَّتُ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ يَأْنَسُ بِهِ فَكَانَ بَعْضُ الْأَيَّامِ

⦗ص: 105⦘

عِنْدَهُ وَأَنَا حَاضِرٌ فَقَالَ لَهُ يَا شَيْخُ إِسْمَاعِيلُ أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ أَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ فَقَالَ

أَنَا أَتَرَدَّدُ إِلَى كَفْرِ عَامِرٍ أَشْتَرِي الْفَخَّارَ وَلَمْ يَكُنْ بِهَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ فَكُنْتُ إِذَا وَصَلْتُ إِلَيْهِ يَأْتِينِي فَيَقْعُدُ عِنْدِي فَبَيْنَا أَنَا وَهُوَ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي فِي الْمَسْجِدِ إِذَا الْبَابُ قَدْ فُتِحَ وَدَخَلَ رَجُلٌ أَشْعَثُ أَغْبَرُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فَتَعَلَّقْنَا بِهِ وَقُلْنَا ادْعُ اللَّهَ لَنَا فَبَكَى وَقَالَ أَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ أَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ فَقُلْنَا أَيْشِ قِصَّتُكَ فَقَالَ أَنَا كُنْتُ مِنْ أَهْلِ الْقَرَافَةِ وَكَانَ بِهَا شَيْخٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَلَمَّا خَتَمْتُ عَلَيْهِ جِئْتُ إِلَى لُبْنَانَ فَأَقَمْتُ بِهِ مُدَّةً ثُمَّ إِنَّنِي مَضَيْتُ إِلَى ثَمَّ فَأَشْرَقْتُ ثُمَّ مضيت إلى الشيخ أبصره فلما جِئْتُهُ قَالَتْ لِي امْرَأَتُهُ هُوَ مَرِيضٌ وَهُوَ يَقُولُ مَا يُرِيدُ أن يموت إلا يهودي فَادْخُلْ إِلَيْهِ فَمُرْهُ بِالشَّهَادَةِ فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ فَعَرَفَنِي فَقُلْتُ لَهُ قُلْ أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا الله فقال أجدها شديدة فما زلت به أرددها عليه ويقول هي شَدِيدَةً وَلَمْ يَقُلْهَا ثُمَّ جَعَلَ يَدَهُ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ مَاتَ

فَقَالَتْ لِي امْرَأَتُهُ هُوَ لَهُ عَلَيْكَ حَقٌّ فَاغْسِلْهُ وَادْفِنْهُ قَالَ فَكُنْتُ أَغْسِلُهُ وَأَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَأَرَى الْمَاءَ كَأَنَّهُ نَارٌ ثُمَّ دَفَنْتُهُ فَقَذَفَتْهُ الْأَرْضُ فَبَقِيتُ مُتَحَيِّرًا فِي أَمْرِهِ وَكَانَ ثَمَّ شَيْخٌ فَمَضَيْتُ إِلَيْهِ فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَهُ فَقَالَ يَا بُنَيَّ تُرِيدُ أَنْ تُغَيِّرَ قَضَاءَ اللَّهِ امْضِ فَادْفِنْهُ فِي مَقَابِرِ الْيَهُودِ فَمَضَيْتُ بِهِ إِلَى مَقَابِرِ الْيَهُودِ فَدَفَنْتُهُ بِهَا فَكَأَنَّمَا شَرِبَتْهُ الْأَرْضُ

فَمَضَيْتُ إِلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلْتُهَا

⦗ص: 106⦘

عَنْ أَمْرِهِ فَقَالَتْ مَا كَانَ إِلَّا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَكِنْ كَانَ عِنْدَهُ صُورَتَانِ فَكَانَ بِاللَّيْلِ يَضْرِبُهُمَا وَيَقُولُ إِنَّهُمَا ظَلَمَا عَلِيًّا حَقَّهُ قَالَ فَإِذَا هُمَا صُورَتَا أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما.

ص: 104

49 -

وَسَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا طَالِبِ بْنَ يُوسُفَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَعْلَبَكِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ النُّورِيُّ قَالَ كُنْتُ بِالْمَوْصِلِ وَكَانَتْ أُمُّ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ تَعْتَقِدُ فِيَّ وَكَانَ ابْنُهَا يَجِيءُ إِلَيَّ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ قَالَ فَخَرَجْتُ بَعْضَ اللَّيَالِي فَطُفْتُ فِي الْمَقَابِرِ فَإِذَا مَقْبَرَةٌ مُبَيَّضَةٌ وَعَلَيْهَا بَابُ حَجَرٍ وَإِذَا أَنَا أَسْمَعُ فِيهَا صَوْتًا كَتَهَارُشِ الْكِلَابِ وَلَيْسَ بِهِ فَجِئْتُ إِلَى بَابِهَا فَفَتَحْتُهُ وَإِذَا فِيهَا قَبْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَلَمْ أَرَ شَيْئًا ثُمَّ خَرَجْتُ فَإِذَا أَنَا أَسْمَعُ ذَلِكَ الصَّوْتَ فَبَقِيتُ مُتَعَجِّبًا

قَالَ وَاتَّفَقَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَوْصِلِ جَاءَ إِلَيْنَا فَجَلَسَ وَجَرَى الْحَدِيثُ وَذَكَرُوا الرَّافِضَةَ وَقَالُوا مَا كَانَ عِنْدَنَا مِنْهُمْ إِلَّا الخادم فلان فقيل وَوَزِيرُ صَاحِبِ مَازَنْدَرَانَ أَيْضًا وَمَاتَا وَهُمَا مَدْفُونَانِ هَاهُنَا بِمَقْبَرَةٍ لَهُمَا فَقُلْتُ أَيْنَ فَقِيلَ هَذِهِ الْمَقْبَرَةُ الْبَيْضَاءُ قَالَ فَقُلْتُ لَقَدْ جَرَى لِي كَذَا وَكَذَا وَلَوْ كَانَ لِي قُدْرَةٌ لَنَبَشْتُ عَنْهُمَا فَقَالَ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ أَنَا أَنْبِشُ عَنْهُمَا فَنَبَشَ عَنْهُمَا فَإِذَا هُمَا خِنْزِيرَانِ.

ص: 106

50 -

وَسَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا بَكْرٍ مَسْعُودَ بْنَ مَمْدُودِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْهَكَّارِيَّ قَالَ كُنْتُ أَخْدِمُ مَعَ مَيْمُونٍ الْقَصْرِيِّ بِحَلَبَ فَجَرَى

⦗ص: 107⦘

ذِكْرُ الرَّافِضَةِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ عِنْدَهُ فَقِيلَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ أَحَدٌ تَغَيَّرَتْ خِلْقَتُهُ خِنْزِيرًا فَأَنْكَرَ ذَلِكَ مَيْمُونٌ ثُمَّ قَالَ عِنْدَنَا مُسِنُّهُمْ فُلَانٌ الْبَزْدَارُ إِنْ مَاتَ أَبْصَرْنَاهُ قَالَ فَاتَّفَقَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ مَاتَ فَقَالَ ادْفِنُوهُ فِي مَوْضِعٍ وَحْدَهُ قَالَ ثُمَّ خَرَجَ وَنَحْنُ مَعَهُ إِلَى الْمَقْبَرَةِ وَبَاتَ .. .. وَأَمَرَ بِنَبْشِهِ فَإِذَا هُوَ خِنْزِيرٌ فَأَبْصَرْنَاهُ وَأَمَرَ مَيْمُونٌ بِحَطَبٍ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُحْرِقَ.

ص: 106

51 -

وَسَمِعْتُ أَبَا الْفِتْيَانِ عَلِيَّ بْنَ هبة اللَّهِ الزَّيْدَانِيَّ بَعْدَ سُؤَالِي لَهُ كَيْفَ رَجَعَ وَالِدُكَ عَنْ مَذْهَبِ الشِّيعَةِ فَإِنَّ أَقَارِبَكَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ أَوْ نَحْوَ هَذَا فَقَالَ كَانَ لِأَبِي صَدِيقٌ مِنْهُمْ فَسَافَرَ وَإِذَا هُوَ بَعْدَ أَيَّامٍ قَدْ رَجَعَ .. .. مَرِيضًا فَمَاتَ فَقَالَ لِرَجُلٍ يُغَسِّلُهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمُغَسِّلُ فَإِذَا خِلْقَتُهُ قَدْ تَحَوَّلَتْ خِلْقَةً قَبِيحَةً فَأُعْلِمَ أَبِي بِذَلِكَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ لَا تُغَسِّلْهُ وَأَمَرَ بِدَفْنِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِمْ

هَذَا مَعْنَى مَا حَكَاهُ لِي وَقَدْ سَمِعْتُ الْإِمَامَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الْحَمِيدِ بن عَبْدِ الْهَادِي وَهُوَ الَّذِي كَانَ سَبَبَ مَعْرِفَتِي بِأَبِي الْفِتْيَانِ يَقُولُ حَدَّثَنِي وَالِدِي عَنْ هِبَةِ اللَّهِ الزَّيْدَانِيِّ بِهَذِهِ الْحِكَايَةِ بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا.

ص: 107

52 -

سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ السَّيِّدِ الْخَلِيلِيَّ قَالَ كُنَّا بِمَدِينَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوًا مِنْ أَرْبَعَةِ فُقَرَاءَ فَكُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى صَاحِبَيْهِ رضي الله عنهما فَسَمِعَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَدَعَانَا إِلَى بَيْتِهِ فَمَضَيْنَا مَعَهُ وَنَحْنُ نَظُنُّ أَنَّهُ يُطْعِمُنَا شَيْئًا فَلَمَّا دَخَلْنَا أَغْلَقَ الْبَابَ وَضَرَبَنَا ضَرْبًا كَثِيرًا حَتَى كَسَرَ مِرْفَقِي فَخَرَجْنَا وَمَضَيْنَا إِلَى نَخْلِ حَمْزَةَ فَقَعَدْنَا هُنَاكَ فَإِذَا شَابٌّ قَدْ جَاءَنَا فَقَالَ يَا فُقَرَاءُ هَلْ يُحْسِنُ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُغَسِّلُ الْمَيِّتَ فَقُلْتُ لَهُ نَعَمْ فَقَالَ تَعَالَوْا ثُمَّ جَاءَ بِنَا إِلَى دَارِ الرَّجُلِ الَّذِي ضَرَبَنَا فَقَالَ إِنَّ أَبِي هُوَ الَّذِي ضَرَبَكُمْ وَقَدْ مَاتَ فَغَسِّلُوهُ وَأُعْلِمْكُمْ أَنِّي قَدْ رَجَعْتُ عَنْ مَذْهَبِهِ قَالَ فَكَشَفْنَا وَجْهَهُ فَإِذَا هُوَ وَجْهُ خِنْزِيرٍ قَالَ فَغَسَّلْتُهُ وَكَفَّنْتُهُ.

ص: 108

53 -

أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ فِي كِتَابِهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُلْوَانَ التَّاجِرَ الْآمِدِيَّ بِضُمَيْرَ يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ عَطَّافٍ الْمُعَدَّلَ بِالْمَوْصِلِ يَقُولُ حَكَى لِي شَيْخٌ دِمَشْقِيٌّ جَاوَرَ بِالْحِجَازِ سِنِينَ قَالَ جَاوَرْتُ بِالْمَدِينَةِ سَنَةً مُجْدِبَةً فَخَرَجْتُ إِلَى السُّوقِ لِأَشْتَرِي بِرِبَاعِيٍّ دَقِيقًا فَأَخَذَ الدَّقِيقِيُّ مِنِّي الرِّبَاعِيَّ وَقَالَ الْعَنِ الشَّيْخَيْنِ حَتَّى أَبِيعَكَ الدَّقِيقَ فَامْتَنَعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَرَاجَعَنِي مَرَّاتٍ وَهُوَ يَضْحَكُ فَضَجِرْتُ وَقُلْتُ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَهُمَا فَلَطَمَ عَيْنَيْ وَرَجَعْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَالدُّمُوعُ تَسيِلُ مِنْهَا

قَالَ:

⦗ص: 109⦘

وَكَانَ لِي صَدِيقٌ مِنْ مَيَّافَارِقِينَ شَاهِدٌ جَاوَرَ بِالْمَدِينَةِ سِنِينَ فَسَأَلَنِي عَنْ حَالِي فَذَكَرْتُ له القصة فقام معي إلى التُّرْبَةِ وَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ جِئْنَاكَ مَظْلُومِينَ فَخُذْ بِثَأْرِنَا وَتَضَرَّعَ كَثِيرًا وَرَجَعْنَا

فَلَمَّا جَنَّ عَلِيَّ اللَّيْلُ نِمْتُ فَحِينَ أَصْبَحْتُ صَادَفْتُ الْعَيْنَ أَحْسَنَ مِمَّا كَانَتْ كَأَنَّهَا لَمْ يُصِبْهَا ضَرْبٌ قَطُّ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ إِلَّا سَاعَةً وَإِذَا رَجُلٌ مُبَرَقَعٌ قَدْ دَخَلَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ يَسْأَلُ عَنِّي فَدُلَّ عَلَيَّ فَجَاءَ وَسَلَّمَ وَقَالَ نَاشَدْتُكَ اللَّهَ إِلَّا جَعَلْتَنِي فِي حِلٍّ فَأَنَا الرَّجُلُ الَّذِي لَطَمْتُكَ فَقُلْتُ لَا أَوْ تَذْكُرْ قِصَّتَكَ فَقَالَ نِمْتُ فَرَأَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَقْبَلَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ فَتَقَدَّمْتُ وَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ عَلِيٌّ لَا سلم الله عليك وَلَا رَضِيَ عَنْكَ أَنَا أَمَرْتُكَ أَنْ تَلْعَنَ الشَّيْخَيْنِ وَجَعَلَ أُصْبُعَهُ هَكَذَا فِي عَيْنِي فَفَقَأَهَا فَانْتَبَهْتُ وَأَنَا تَائِبٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْأَلُكَ التَّجَاوُزَ عَنْ جُرْمِي فَحِينَ سَمِعْتُ قَوْلَهُ قُلْتُ اذْهَبْ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ قِبَلِي

قَالَ أَبُو نَصْرٍ ثُمَّ إِنَّ هَذَا الدِّمَشْقِيَّ قَدِمَ عَلَيْنَا الْمَوْصِلَ فَدَلَّنِي عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ عَطَّافٍ فَمَضَيْتُ إِلَيْهِ وَحَكَى لِي الْقِصَّةَ عَلَى وَجْهِهَا وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا مُتَدَيِّنًا.

ص: 108

54 -

سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْوَاسِطِيَّ الْقَيَّمَ قَالَ كُنَّا جَمَاعَةً نَتَحَدَّثُ فِي عِلْمِ الْكِيمْيَاءِ وَعَمَلُهُ فِي الْكَلَّاسَةِ يَعْنِي بِدِمَشْقَ وَمَعَنَا قَوْمٌ يَتَشَيَّعَوُنَ فَجَرَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ

⦗ص: 110⦘

أَهْلِ السُّنَّةِ كَلَامٌ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ شَرِيفٌ أَمَّا أَنَا فَإِنَّنِي وَاللَّهِ لَا أَسُبُّ أَصْحَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ سَبُّهُمْ وَقَدْ كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ يَسُبُّهُمْ رَأَى مَنَامًا حَدَّثَنِي عَنْهُ ابْنُهُ ثُمَّ لَقِيتُهُ فَحَدَّثَنِي بِهِ قَالَ

رَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ وَقَدْ خَرَجْتُ مِنْ قَبْرِي عَطْشَانَ شَدِيدَ الْعَطَشِ وَخَرَجَ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ كَذَلِكَ فَمَشَيْنَا إِلَى جِهَةٍ فَانْتَهَيْنَا إِلَى حَوْضٍ مَلَآنٍ مِنَ الْمَاءِ لَا يُرَى طَرَفَاهُ فِيهِ مَاءٌ أَبْيَضٌ مِنَ الثَّلْجِ وَعَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وُجُوهًا يَسْقُونَ النَّاسَ فَقِيلَ هَؤُلَاءِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ اسْقِنِي فَغَرَفَ لِي مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ وَنَاوَلَنِي فَإِذَا هُوَ دَمٌ مُنْتِنٌ قَبِيحٌ فَقُلْتُ إِنَّمَا فَعَلَ بِي هَذَا لِأَنَّنِي كُنْتُ أَسُبُّهُ فَتَرَكْتُهُ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى عُمَرَ فَفَعَلَ بِي كَذَلِكَ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى عُثْمَانَ فَفَعَلَ بِي كَذَلِكَ ثُمَّ جِئْتُ عَلِيًّا فَقُلْتُ هَذَا كُنْتُ أَتَوَّلَاهُ وَأُحِبُّهُ فَمَا يَغْشِنِي فَغَرَفَ لِي وَنَاوَلَنِي الْإِنَاءَ فَإِذَا هُوَ دَمٌ مُنْتَنٌ قَبِيحٌ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا كُنْتُ أَتَوَلَّاكَ وَأُحِبُّكَ وَأَسُبُّ الصَّحَابَةَ مِنْ أَجْلِكَ وَتَغْشِنِي فَقَالَ وَأَيُّ شَيْءٍ أَنْتَ قَالَ قُلْتُ رَافِضِيٌّ قَالَ وَيْحُكَ وَاللَّهِ مَا غَشَشْتُكَ وَلَكِنْ هَذَا بِعَمَلِكَ وَسُوءِ مَذْهَبِكَ فَتُبْ إِلَى اللَّهِ عز وجل فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ عَلَى هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَتُقْبَلُ تَوْبَتِي قَالَ نَعَمْ بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ قَالَ فَتُبْتُ إِلَى اللَّهِ عز وجل فِي مَنَامِي فَصَارَ الْمَاءُ الَّذِي فِي إِنَائِي أَبْيَضَ لَوْنَ مَاءِ الْحَوْضِ فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى رَوِيتُ وَانْتَبَهْتُ وَأَنَا أَتَرَضَّى عَنِ الصَّحَابَةِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ أَهْلُهُ مَا خَبَرُكَ فَأَخْبَرَهُمْ بِقِصَّتِهِ وَبَقِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا

⦗ص: 111⦘

لَا يَشْرَبُ مَاءً وَيَجِدُ الرِّيَّ عَلَى صَدْرِهِ مِنْ تِلْكَ الشَّرْبَةِ.

ص: 109

55 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَجْدِ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ الثَّقَفِيُّ بِأَصْبَهَانَ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَدِيبَ أَخْبَرَهُمْ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَهُمْ يَسْمَعُونَ ثَنَا شَيْبَانُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَيْبَانَ أَبُو الْمُعَمِّرِ الْمُحْتَسِبُ ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَبْسِيُّ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ الْخَيَّاطُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ يَقُولُ قَالَ مُحْرِزٌ أَبُو الْقَاسِمِ وَكَانَ يَتَشَيَّعُ

رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَخَذَانِي قَالَ فَقُلْتُ مَالَكُمَا قَالَا نَذْهَبُ بِكَ إِلَى النَّارِ قَالَ فَبَيْنَا أَنَا مَعَهُمَا إِذْ لَقِينَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فَقُلْتُ يا ابن عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُبِّي لَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ قَالَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ مَالَكُمَا وَلَهُ فَقَالَا إِنَّ هَذَا يَسُبُّنَا وَيَشْتُمُنَا فَقَالَ لِي عَلِيٌّ مَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا فَجَاءَا بِي حَتَّى وَقَفَا بِي عَلَى النَّارِ فَقَالَا لِي هَذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا

قَالَ مُحْرِزٌ أَبُو الْقَاسِمِ لَا أَذْكُرُهُمَا بِسُوءٍ أَبَدًا.

ص: 111

56 -

وَمِنْ أَعْجَبِ الْحِكَايَاتِ مَا حَدَّثَنِي بِهِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ حُسَيْنُ ابْنُ الْمُعَمِّرِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْمُؤَذِّنُ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنِي الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ وَكَانَ حَافِظًا لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ لَمَّا كُنْتُ شَابًّا اشْتَهَيْتُ أَنْ أَتَفَرَّجَ فِي الْبِلَادِ فَخَرَجْتُ مِنْ بَغْدَادَ فَقَدِمْتُ أَرْضَ صُورٍ فَوَجَدْتُ

⦗ص: 112⦘

خَلْقًا كَبِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتَتِلُونَ فَقُلْتُ مَا لَهُمْ فَقِيلَ لِي هَؤُلَاءِ السُّنَّةُ وَالشِّيعَةُ فَقَعَدْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ فَغَلَبَ أَهْلُ السُّنَّةِ الشِّيعَةِ وَكَانَ أَهْلُ السُّنَّةِ أَقَلَّ مِنْهُمْ بِكَثِيرٍ وَقَتَلُوا مِنْهُمْ خمسة عَشَرَ ثُمَّ مَضَوْا إِلَى الْبَلْدَةِ يَتَحَاكَمُونَ إِلَى مَلِكِ الْكُفَّارِ فَقُلْتُ مَا يَكُونُ فُرْجَةٌ أَحْسَنَ مِنْ هَذِهِ لَأَمْضِيَنَّ مَعَهُمْ أُبْصِرُ مَاذَا يَكُونُ

فَدَخَلْتُ مَعَهُمْ عَلَى الْمَلِكِ فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ وَإِذَا رَجُلٌ عَلَى سَرِيرٍ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ خَامٌ وسروال خام كَأَنَّهُ يَتَزَهَّدُ فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ وَهُوَ قائم على رأسه ماللمحمديين فَقَالَ لَا أَعْلَمُ فَقَالَ ادْعُ لِي الْقِسِّيسَ فَدَعَوْهُ لَهُ فَإِذَا قَدْ جَاءَ رَجُلٌ لَابِسٌ ثَوْبَ شَعْرٍ وَسَرَاوِيلَ شَعْرٍ أَسْوَدَ وَقَلَنْسُوَةً كَذَلِكَ فَقَامَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ وَقَبَّلَ رِجْلَيْهِ وَأَجْلَسَهُ مَوْضِعَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَا لِهَؤُلَاءِ الْمُحَمَّدَيَّيْنِ قَالَ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَلَيْسَ قَدْ كَانَ لعيسى اثنا عشر حواري قَالَ بَلَى قَالَ فَلَوْ بَلَغَكَ عَنْ أَحَدٍ أَنَّهُ يَسُبُّ أَحَدًا مِنَ الْحَوَارِيِّينَ مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِهِ قَالَ كُنْتُ أُقَتِّلُهُ وَأُحَرِّقُهُ وَأَسْحَقُهُ وَأُذْرِيهِ فِي الْهَوَاءِ قَالَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا كَانَ لَهُ عَشَرَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِثْلَ حَوَارِيِّ عِيسَى صَدَّقُوهُ وَنَصَرُوهُ فَهَؤُلَاءِ السُّنَّةُ يُحِبُّونَ جَمِيعَ الْعَشَرَةِ وَهَؤُلَاءِ الْآخَرُونَ يُحِبُّونَ وَاحِدًا وَيَلْعَنُونَ التِّسْعَةَ قَالَ فَقَالَ الْمَلِكُ أَخْرِجُوهُمْ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ ابْزُقُوا عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ لَا تَرْجِعُوا تُكَلِّمُوهُمْ قَدْ شَكَوْا مِنْكُمْ فَقَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ لَوْلَا كَرَامَتُكَ كُنَّا قَتَلْنَاهُمْ كُلَّهُمْ فَقَالَ: كنتم

⦗ص: 113⦘

قتلموهم فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا نَصَارَى وَلَا يَهُودَ.

ص: 111

57 -

أَخْبَرَنَا خَالِي الْإِمَامُ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ الْمَقْدِسِيُّ إِجَازَةً أَنَّ الشَّيْخَ الْمُقْرِئَ أَبَا بَكْرِ بْنَ علي بن عبد الله ابن الْحَرَّانِيِّ نَزِيلَ بَغْدَادَ حَدَّثَهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِمَحِلَّةِ الصَّالِحِينَ فِي جَبَلِ قَاسِيُونَ قَالَ خَرَجْتُ إِلَى زِيَارَةِ قَبْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فِي آخِرِ خِلَافَةِ المستضئ أَنَا وَجَمَاعَةٌ فَنَزَلْنَا عَلَى نَقِيبٍ مِنْ نُقَبَاءِ الْعَلَوِيِّينَ وَهُوَ مُتَولِّي الْمَوْضِعِ وَكَانَ عَرَّفَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ رَجُلٌ هَاشِمِيٌّ صَدِيقٌ لِي فَأَكْرَمَنَا وَأَحْسَنَ مَثْوَانَا وَكَانَ لَهُ خَادِمٌ يهودي متولي أَمْرِهِ وَخِدْمَتِهِ فَقَالَ الشَّرِيفُ الْهَاشِمِيُّ لِلنَّقِيبِ وَأَنَا أَسْمَعُ أَيُّهَا النَّقِيبُ إِنَّ أُمُورَكَ كُلَّهَا حَسَنَةٌ وَقَدْ جَمَعْتَ الشَّرَفَ وَالْمُرُوءَةَ وَالْكَرَمَ إِلَّا أَنَّنَا قَدْ أَنْكَرْنَا اسْتِخْدَامَكَ لِهَذَا الْيَهُودِيِّ وَاسْتِدْنَاءَكَ إِيَّاهُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ دِينِكَ أَوْ كَمَا قَالَ فَقَالَ النَّقِيبُ إِنِّي قَدِ اشْتَرَيْتُ مَمَالِيكَ كَثِيرَةً وَجَوَارِي فَمَا رَأَيْتُ

⦗ص: 114⦘

مِنْهُمْ أَحَدًا وَافَقَنِي وَلَا وَجَدْتُ فِيهِمْ أَمَانَةً وَنُصْحًا مِثْلَ هَذَا الْيَهُودِيِّ يَقُومُ بِأَمْرِ الْبُسْتَانِ وَالدَّارِ وَالْخِدْمَةِ وَفِيهِ الْأَمَانَةُ وَمَا مِنْ خِدْمَةٍ خارجة ولا داخلة إِلَّا قَدْ كَفَانِيهَا أَوْ نَحْوَ هَذَا فَقَالَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ إِذَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَاعْرِضْ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَلَعَلَّهُ يُسْلِمُ

فَبَعَثَ إِلَى الْيَهُودِيِّ فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ حِينَ دَعَوْتُمُونِي مَا تُرِيدُونَ مِنِّي فَقِيلَ لَهُ إِنَّ هَذَا النَّقِيبَ قَدْ عَرَفْتَ فَضْلَهُ وَبَيْتَهُ وَرِئَاسَتَهُ وَهُوَ يُحِبُّكَ فَقَالَ وَأَنَا أُحِبُّهُ فَقِيلَ لَهُ فَلِمَ لَا تَتْبَعُهُ عَلَى دِينِهِ وَتَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ إِنِّي أَعْتَقِدُ أَنَّ عُزَيْرًا نَبِيٌّ كَرِيمٌ أَوْ قَالَ مُوسَى عليه السلام وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّ فِي الْيَهُودِ مَنْ يَتَّهِمُ زَوْجَةَ نَبِيٍّ بِالْفَاحِشَةِ وَيَلْعَنُ أَبَاهَا أَوْ أَصْحَابَ نَبِيٍّ لَمَا تَبِعْتُ دِينَهُمْ فَإِذَا أَنَا أَسْلَمْتُ لِمَنْ أَتْبَعُ قَالَ لَهُ الْهَاشِمِيُّ تَتْبَعُ النَّقِيبَ الَّذِي أَنْتَ فِي خِدْمَتِهِ قَالَ مَا أَرْضَى هَذَا لِنَفْسِي قَالَ وَلِمَ قَالَ لِأَنَّ هَذَا يَقُولُ فِي عَائِشَةَ مَا يَقُولُ وَيَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا أَرْضَى هَذَا لِنَفْسِي أَنْ أَتْبَعَ دِينَ مُحَمَّدٍ وَأَقْذِفَ زَوْجَتَهُ وَأَلْعَنَ أَصْحَابَهُ فَرَأَيْتُ أَنَّ دِينِي أَوْلَى

قَالَ فَوَجَمَ الشَّرِيفُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لِلْيَهُودِيِّ مُدَّ يَدَكَ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شريك له وأن محمد عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَإِنِّي تَائِبٌ عَمَّا كُنْتُ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ فقال اليهودي وأنا أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ كُلَّ دِينٍ غَيْرَ دِينِ الْإِسْلَامِ بَاطِلٌ

فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ وَتَابَ النَّقِيبُ عَنِ الرَّفْضِ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ.

ص: 113

58 -

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنُ أَسْعَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ

⦗ص: 115⦘

بَوْشٍ إِجَازَةً أَنَّ أَبَا طَالِبٍ عَبْدَ الْقَادِرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ يُوسُفَ أَخْبَرهَمُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرْمَكِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ الْفَقِيهُ الْعُكْبَرِيُّ قَالَ وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي الطَّيِّبِ يَقُولُ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الصَّائِغُ وَأَشَارَ إِلَى أُسْطُوَانَةٍ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ يَعْنِي مَدِينَةَ الْمَنْصُورِ يقول

عند تِلْكَ الْأُسْطُوَانَةِ كَانَ فِي جِيرَانِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَجُلٌ وَكَانَ مِمَّنْ يُمَارِسُ المعاصي والقاذورات فجاء يوما إلى مَجْلِسِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَكَأَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَرَدًّا تَامًّا وَانْقَبَضَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لِمَ تَنْقَبِضُ مِنِّي فَإِنِّي قَدِ انْتَقَلْتُ عَمَّا كُنْتَ تَعْهَدُهُ مِنِّي بِرُؤْيَا رَأَيْتُهَا قَالَ وَأَيُّ شيء رأيت تقدم قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في النَّوْمِ كَأَنَّهُ

⦗ص: 116⦘

عَلَى عُلُوٍّ مِنَ الْأَرْضِ وَنَاسٌ كَثِيرٌ أَسْفَلَ جُلُوسٌ قَالَ فَيَقُومُ رجل رَجُلٌ مِنْهُمْ إِلَيْهِ فَيَقُولُ ادْعُ لِي فَيَدْعُو لَهُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ غَيْرِي قَالَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ قَبِيحِ مَا كُنْتُ عَلَيْهِ قَالَ فَقَالَ لِي يَا فُلَانُ لِمَ لَا تَقُومُ إِلَيَّ تَسْأَلُنِي أَدْعُو لَكَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَمْنَعُنِي الْحَيَاءُ لِقُبْحِ مَا أَنَا عَلَيْهِ فَقَالَ إِنْ كَانَ يَمْنَعُكَ الْحَيَاءُ فَقُمْ فَسَلْنِي أَدْعُو لَكَ فَإِنَّكَ لَمْ تَسُبَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي قَالَ فَقُمْتُ فَدَعَا لِي قَالَ فَانْتَبَهْتُ وَقَدْ بَغَّضَ اللَّهُ إِلَيَّ مَا كُنْتُ عَلَيْهِ

قَالَ فَقَالَ لَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَا جَعْفَرُ يَا فُلَانُ يَا فُلَانُ حَدِّثُوا بِهَذَا وَاحْفَظُوهُ فَإِنَّهُ يَنْفَعُ.

ص: 114

59 -

أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الصَّيْدَلَانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِأَصْبَهَانَ قِيلَ لَهُ أَخْبَرَكُمْ أَبُو مَنْصُورٍ مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْقَرِ الصَّيْرَفِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ حَاضِرٌ أَنْبَأَنَا أَبُو مُسْلِمٍ عُمَرُ هُوَ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ اللَّيْثيُّ الْبُخَارِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيَّ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى الْحَاكِمِ أَبِي عَمْرٍو خُلَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ النَّسَوِيِّ بِنَيْسَابُورَ وَكَانَ مَعَهُ شَيْخٌ يُقَالُ لَهُ عَلَّانُ فَقَالَ لَهُ الْحَاكِمُ اقْصُصْ

⦗ص: 117⦘

حَدِيثَكَ عَلَى هَذَا فَقَالَ

كُنْتُ فِي بَلَدِ الرَّيِّ وَكُنْتُ أَذْكُرُ فَضَائِلَ الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَأُنْهِيَ ذَاكَ إِلَى الصَّاحِبِ فَأَمَرَ بِأَخْذِي فَفَرَرْتُ مِنْهُ إِلَى جُرْجَانَ فَكُنْتُ يَوْمًا فِي سُوقِي إِذَا بِقَوْمٍ جَاءُونِي وَشَدُّونِي عَلَى جمازة فحملت إلى الرَّيِّ فَلَمَّا أُدْخِلْتُ ثَمَّ أَمَرَ الصاحب بقطع لساني فقطع ذاك وَكُنْتُ عَلَى حَالَةٍ مِنَ الْأَلَمِ وَضِيقِ الصَّدْرِ فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ اللَّيْلُ رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ رضي الله عنهم فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الَّذِي أُصِيبَ فِينَا فَدَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَفَثَ فِي فَمِي فَانْتَبَهْتُ وَلَيْسَ بِي شَيْءٌ مِنَ الْوَجَعِ وَرُدَّ عَلِيَّ الْكَلَامُ وَخَرَجْتُ مِنْ ولايته إلى هَمْذَانَ وَكَانُوا أَهْلِ السُّنَّةِ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِمْ قِصَّتِي فَظَهَرَ لِي هُنَاكَ قَبُولٌ وَكُنْتُ ثَمَّ مُدَّةً أَنْشُرُ مِنْ فَضَائِلِ الشَّيْخَيْنِ

قَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ فَفَتَحَ لَنَا عَلَّانُ فَاهُ فَمَا رَأَيْنَا فِي فِيهِ لِسَانًا فَشَاهَدْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ يُكَلِّمُنَا بِكَلَامٍ فَصِيحٍ كَمَا تَكَلَّمَ ذُو اللِّسَانِ.

ص: 116

60 -

قُرِئَ عَلَى أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ وَنَحْنُ نَسْمَعُ قِيلَ لَهُ أَخْبَرَكُمُ الْحَسَنَ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ إِذْنًا أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا

⦗ص: 118⦘

مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْهَيْثَمِ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّاميُّ ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِدْرِيسَ الْمِصْرِيُّ ثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ كَانَ عَلَى طَرِيقِي إِلَى الْمَسْجِدِ كَلْبٌ يَعْقِرُ النَّاسَ فَأَرَدْتُ يَوْمًا الصَّلَاةَ وَالْكَلْبُ عَلَى الطَّرِيقِ فَتَنَحَّيْتُ عَنْهُ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جُزْ فَإِنَّمَا سَلَّطَنِي اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشْتُمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَوْ كَمَا قَالَ.

ص: 117

61 -

أنشدنا الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ قَالَ أَنْشَدَنَا نَصْرُ بْنُ مَنْصُورٍ النميري لنسفه

أُحِبُّ عَلِيًّا وَالْبَتُولَ وَوُلْدَهَا

وَلَا أَجْحَدُ الشَّيْخَيْنِ فَضْلَ التَّقَدُّمِ

وَأَبْرَأُ مِمَّنْ نَالَ عُثْمَانَ بِالْأَذَى

كَمَا أَتَبَرَّأُ مِنْ وَلَاءِ ابْنِ مُلْجَمِ

ص: 118

62 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الضَّوْءِ شِهَابُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ

⦗ص: 119⦘

الشَّذَبَانِيُّ بِجَامِعِ هَرَاةَ ثَنَا أَبُو سَعْدٍ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّمْعَانيُّ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو الْحَسَنِ سَعْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بن طَاهِرٍ الدَّقَّاقُ قَالَ أَنْشَدَنِي أَبُو الْعِزِّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمُقْرِئُ الْوَاسِطِيُّ لِنَفْسِهِ

إِنَّ مَنْ لَمْ يُقَدِّمِ الصِّدِّيقَا

لَمْ يَكُنْ لِي حَتَّى يَمُوتَ صَديِقَا

وَالَّذِي لَا يَقُولُ قَوْلِي فِي الْفَارُوقِ

أَنْوِي لِشَخْصِهِ تَفْرِيقَا

وَلِنَارِ الْجَحِيمِ بَاغِضُ ذِي النُّورَيْنِ

يَهْوِي مِنْهَا مَكَانًا سَحِيقَا

مَنْ يُوَالِي عِنْدِي عَلِيًّا وَعَادَاهُمْ

طُرًّا عَدَدْتُهُ زِنْدِيقَا

ص: 118

63 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الضَّوْءِ بِهَرَاةَ ثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ هِبَةَ اللَّهِ بْنَ الْحُسَيْنِ الدَّبَّاسَ بِالْحِلَّةِ عَلَى الْفُرَاتِ يَقُولُ رَأَى أَبُو الْفَضْلِ بْنُ الْخَازِنِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ الْحَجَّاجِ فِي الْمَنَامِ فَسَأَلَهُ مَا صَنَعَ اللَّهُ بِكَ فَأَنْشَدَهُ

أَفْسَدَ حُسْنَ مَذْهَبِي

فِي الشِّعْرِ سُوءُ الْمَذْهَبِ

وَحَمْلِي الْجِدَّ عَلَى

ظَهْرِ حِصَانِ اللَّعِبِ

⦗ص: 120⦘

لَمْ يَرْضَ مَوْلَايَ عَلَى

سَبِّي أَصْحَابَ النَّبِيِّ

وَقَالَ لِي وَيْلُكَ يَا

أَحْمَقُ لِمَ لَمْ تَتُبِ

مِنْ بُغْضِ قَوْمٍ مَنْ رَجَا

وَلَاءَهُمْ لَمْ يَخِبِ

رُمْتَ الرِّضَا جَهْلًا بِمَا

أَصْلَاكَ نَارَ الْغَضَبِ

ص: 119

64 -

أَخْبَرَتْنَا الْكَاتِبَةُ شَهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ الْإِبَرِيِّ كِتَابَةً وَأَخْبَرَنَا عَنْهَا شَيْخُنَا الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ النِّعَالِيَّ أَخْبَرَهُمْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحِنَّائِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْخُتُلِّيُّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ

إِنِّي امرء لَيْسَ فِي دِينِي لِغَامِزِهِ

لِينٌ وَلَسْتُ عَلَى الْأَسْلَافِ طَعَّانَا

شُغِلْتُ عَنْ بُغْضِ أَقْوَامٍ مَضَوْا

سَلَفًا وَللَّرسُولِ مَعَ الْفُرْقَانِ أَعْوَانَا

فَمَا الدُّخَولُ عَلَيْهِمْ فِي الَّذِي عَمِلُوا

بِالظَّنِّ مِنِّي وَقَدْ فَرَّطْتُ عِصْيَانَا

فَلَا أَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَلَا عُمَرًا

وَلَا أَسُبُّ مَعَاذَ اللَّهِ عُثْمَانَا

وَلَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ أَشْتُمُهُ

حَتَّى أُلَبَّسَ تَحْتَ التُّرْبِ أَكْفَانَا

وَلَا الزُّبَيْرَ حَوَارِيَّ الرسول ولا

أهدي لطلحة شتاما عز أو هانا

وَلَا أَقُولُ عَلِيٌّ فِي السَّحَابِ لَقَدْ

وَاللَّهِ قُلْتُ ظُلْمًا إِذًا وَعُدْوَانَا

وَلَا أَقُولُ بِقَوْلِ الْجَهْمِ إِنَّ لَهُ

قَوْلًا يُضَارِعُ أَهْلَ الشر ك أَحْيَانَا

وَلَا أَقُولُ تَخَلَّى مِنْ خَلِيفَتِهِ

رَبُّ الْعِبَادِ وَوَلَّى الْأَمْرَ شَيْطَانَا

⦗ص: 121⦘

مَا قَالَ فِرْعَوْنُ هَذَا فِي تَجَبُّرِهِ

فِرْعَوْنُ مُوسَى وَلَا هَامَانُ طُغْيَانَا

لَكِنْ عَلَى مِلَّةِ الْإِسْلَامِ لَيْسَ لَنَا

اسْمٌ سِوَاهَا بِذَاكَ اللَّهُ سَمَّانَا

إِنَّ الْجَمَاعَةَ حَبْلُ اللَّهِ فَاعْتَصِمُوا

بِهَا فَإِنَّهَا العروة الوثقى لمن دانا

آخر الجزء

والحمد لله رب العالمين

وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما.

ص: 120