المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

- أ -   ‌ ‌مقدمة المشرف على مشروع «آثار الإمام ابن قيم - بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم - التقديم

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

الفصل: - أ -   ‌ ‌مقدمة المشرف على مشروع «آثار الإمام ابن قيم

- أ -

‌مقدمة المشرف

على مشروع «آثار الإمام ابن قيم الجوزيَّة وما لحقها من أعمال»

فضيلة الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد عضو هيئة كبار العلماء، ورئيس مجمع الفقه الإسلامي بجدة

الحمد لله على ما أولانا ووفقنا وهدانا إلى الاستنجاد بعدد من المحققين لِوَصْل جُهود المصلحين في إخراج «آثار شيخ الإسلام ابن تيمية وما لحقها من أعمال» . وقد تم بحمد الله تعالي طباعة جملة منها مع مقدمة لها في أحد عشر مجلدا، ويتبعها آثار أخرى إن شاء الله تعالي

(1)

.

والآن نبدأ على هذا المنوال - مستعينين بالله عز شأنه - بأثر من وجهٍ آخر من آثار هذا العالم المجدد في مدرسته التجديدية الإصلاحية، وهو «آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال» . فإن هذا الإمام الحافظ أبا عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية الزُّرعي ثم الدمشقي، المولود سنة 691 والمتوفى سنة 751 رحمه الله تعالي - هو من أخص تلاميذ شيخ الإسلام به، بل هو أخصهم به، وأسبقهم مرتبة في نشر علمه وفضله، ومن أكثرهم تآليف، أسبغ اللهُ عليه فيها من النضارة وجمال العبارة ما بهر عقول العلماء.

(1)

منها: «تنبيه الرجل العاقل

» في مجلدين، وترجمة شيخ الإسلام لابن عبد الهادي المطبوع باسم «العقود الدرية» ، والمجموعة السادسة وما بعدها من جامع المسائل»، وغيرها.

ص: 1

- ب -

ولأن دأبه فيها: استقصاء أصول المسائل وآثارها، وإجراء مطية فكره في أنجادها وأغوارها، وإبراز مقاصد الشريعة وحِكَمها وأسرارها = صارَ لها من القبول والانتشار ما لا يبلغه الوصف؛ حتى اشتهر وعُرف بمؤلفاته، ولحِقَه الوصفُ بها على نَصِيبَة قبره. فإني لما دخلت دمشق الشام عام 1412 زُرت مقبرة الباب الصغير بالجابية، ووجدت قبره - رحمه الله تعالى - على يسار الداخل، مکتوبا على نَصِيبَة قبره - على عادة عامة أهل الشام المنكرة شرعا - ما نصُّه:«هذا قبر الإمام الحافظ صاحب التصانيف المفيدة ابن قيم الجوزية المتوفي سنة 751 رحمه الله تعالى» .

وقد تنافس في نسخها واقتنائها أهلُ العلم من شتى المذاهب، وانتشرت مخطوطات الكثير منها في مكتبات العالمين على الرغم من عدوان المعتدين، وكانت محل الرضا والقبول والتسليم من المنصفين، وما هو بالمعصوم.

وبعد ظهور المطابع في العالم الإسلامي تزاحم المصلحون على طباعتها ونشرها، وكان السابقون في ذلك أهل الحديث في شبه القارة الهندية منذ عام 1298 مثل «زاد المعاد» و «إعلام الموقعين» و «النونية» . وغيرها، وعنها صدرت بعض الطبعات المصرية القديمة مثل: البولاقية، والأميرية، والسلفية. . .؛ ولهذا لم يَرِد ذِكْرٌ للمخطوط فيها.

ثم تتابع طبع ما شاء الله من آثار هذا الإمام في الشرق الإسلامي، وفي عصرنا توارد الطابعون، لكن شابَ هذه الأعمال ما انتشر في سوق

ص: 2

- جـ -

الكُتْبيين مما امتدت إليه أيدي بعض المرتزقة باسم التحقيق حينًا، والاختصار حينا آخر، واستلال بحث من أيٍّ منها وإيهام القارئين بأنه تأليف مستقل لابن القيم، وعامة هؤلاء من أصحاب الصنائع والحِرَف الذين لا عهد لهم بتلقي العلم الشرعي عن أهله، وإنما قعدت بهم حظوظهم، وضاقت بهم سُبل المعاش، ولو شئنا لسميناهم بذنوبهم، ولكن نصرف النظر حينًا عسى أن يكون لهم توبة من هذه الحوبة.

ومن العناء أن العلم الشرعي مستباح الحِمى فتسوروه، وعرفوا مطلب السوق الرائجة فأخذوا في العمل على طبعها ونشرها في واحد من هذه الطرق وغيرها بما نشير إلى بعض منه في الآتي:

1 -

سرقة ما ناله قلم التحقيق، ولهم في ذلك عدة طرق منها:

أ- تجريده من الحواشي.

ب - التحوير فيها.

ج - القدح بالطبعة السابقة بتلمس الأخطاء فيها وأن طبعته هذه قابلها على نسخة كذا التي وجدها حين زار المحل الفلاني، فمدّ يده إلى رَفٍّ فإذا بمخطوطة نفيسة، فعاد بها غنيمة باردة، وهكذا من الكرامات؟!.

د - أنه بعد أن أمضى مدة غير قصيرة في التحقيق وأتمه اطلع عليه

محققا مطبوعا، أو في رفوف الرسائل الجامعية، ثم يأخذ في ثلبها.

ه- وإن حَسُنَت من بعضهم الحال - وما هو بالحسن - اتخذ فريقَ عمل من المُمْلِقِين - (وَرْشَة) كما يقوله بعضُ مَنْ كَرِهَ حالَهم -. ولهذا تراه في العام الواحد يخرج ما لم يخرجه عميد المحققين مدة

ص: 3

- د -

حياته في التحقيق: عبد السلام هارون رحمه الله

وهذه وأضعافها داء قديم للمتأكِّلين، ومن نظر في كتاب «نموذج من الأعمال الخيرية» للشيخ محمد منير آغا الدمشقي رحمه الله تعالي - رأى أضعاف ذلك.

2 -

الاختصار، الغرض الذي يقصد منه حذف ما يخالف مشربه

الفاسد.

3 -

تنتيف الكتاب الواحد إلى عدة كتب موهمًا أنه تأليف مستقل

دون الإشارة على الغلاف بما يفيد الاستلال.

4 -

التعليق على الكتاب بما ينقض مقصده في مهمات مسائله.

هذه بعض أفاعيل العابثين بكتب هذا الإمام؛ ولمرارة هذا العملِ، وقذف المطابع به في المكتبات التجارية، وخطره على العِلم والعَالمين ألَّفْتُ رسالة باسم «الرِّقابة على التراث» عسى أن تحمل الفاعلين على توبة نصوح، وتحمل المصلحين على إجراء ضمانات الحماية التراث.

ونحن نرجو أن يكون العمل في هذا المشروع المبارك - إن شاء الله تعالى - على الأُسس التي رُسِمَت له، والامتيازات التي تحلى بها؛ من توفير أفضل النسخ الخطية من مكتبات العالم، والسير على طريقة سوية مقتصدة في التعليق والتحقيق، وخدمة كل كتاب بمقدمة موعبة، وفهارس مفصَّلة كاشفة، وذلك كله بواسطة عددٍ من طلبة العلم المحققين، بعد إخضاع العمل للمراجعة والتحكيم = فنحن نرجو أن يكون في ذلك كله إخراجٌ لمؤلفات هذا الإمام الحافظ القدوة بما يليق

ص: 4

- هـ -

بها، وحصانة تحول دون هذه الغثائيات. وأن تكون طبعاته أساسًا لما يَرِدُ من ملاحظات لتصَحَّح في طبعة لاحقة بإذن الله تعالي.

وفي خاتمة هذا التقديم أشير إلى الأمور الآتية:

الأول: في الجلسة الختامية للدورة الحادية عشرة لمجمع الفقه الإسلامي المنعقدة في البحرين عام 1420 تم إعلان تبنِّي «المَجْمع» لطبع ونشر کتب ابن القيم - رحمه الله تعالى - لما فيها من فقه الدليل وصفاء التوحيد، وهذه من أهداف «المجمع» التي أُسِّسَ من أجلها.

الثاني: من حسنات الشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي موافقته على تمويل هذا المشروع بواسطة مؤسَّسته الخيرية. أجزل الله له الأجرَ والثوابَ.

الثالث: جري عمل ثَبَتٌ بمخطوطات ومطبوعات مؤلفات ابن القيم

(1)

- رحمه الله تعالى - فلم يحصل فيها حتى التاريخ إضافة للمطبوع

(2)

، وإنما حصل بعض النسخ الصحاح التي فيها زيادة على المطبوع، وأنَّ بعض الكتب التي كان يشار إليها بأنها من تأليفه مثل «طب القلوب» الذي ذكره أحمد عبيد - رحمه الله تعالى - في مقدمة «روضة المحبين» نقلا عن معلوف، تبين بعد إحضار مصورته عن نسخة برلين أنه فصل من «زاد المعاد» ، وكتاب «سر الصلاة» فصل من «زاد المعاد» و «مسألة السماع» ، وكتاب «معاني الأدوات والحروف»

(1)

وستكون ضمن «المداخل إلى آثار الإمام ابن القيم وما لحقها من أعمال» .

(2)

إلا رسالة «رفع اليدين في الصلاة» ، وقطعة من رسالة «حكم صوم يوم الغيم.

ص: 5

- و -

الموجود في بعض المكتبات العراقية ليس له. . .

الرابع: يوجد عدد من مؤلفات ابن القيم حقق في رسائل جامعية، منها ما طبع ومنها ما لم يطبع، وهذه نكتفي بضم ما يصلح منها إلى المشروع باسم محققيها بعد التنسيق معهم.

الخامس: سبق أن أَلَّفْتُ كتابا باسم: «ابن قيم الجوزية/ حياته، آثاره، موارده» وقد اقتضى النظر تأخير ضمه إلى المشروع مطبوعًا؛ للإضافة والتصحيح.

السادس: جُمِعَت ترجمةُ ابن القيم من كتب التراجم العامة على نحو ما تمَّ في كتاب «الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون» ، وسيكون ضمن مقدمة المشروع المطوّلة:«المداخل إلى آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال» . .

السابع: ابن القيم - رحمه الله تعالى - ليس له مؤلَّف على طريقة الماتنين في التأليف؛ ولهذا لم أقف على أيِّ شرح لأيٍّ من كتبه، وإنما تناولها العلماء بواحد من الأعمال الآتية:

1 -

الاختصار: مثل «مختصر الصواعق المرسلة» للموصلي. ومختصرات لزاد المعاد»، ومختصر کتاب «الروح» للبقاعي باسم «سر الروح» ، ومختصر «مدارج السالكين» ، ومختصرات لـ «بدائع الفوائد» لغير واحد، ذُكِرَت في مقدمة التحقيق. وغيرها.

2 -

النظم: وقفت على نظم واحد لـ «زاد المعاد» لأحد علماء

اليمن. وسَيُذكر ذلك بالتفصيل في «المداخل .. » المشار إليها آنفًا.

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وصحبه وسلم

ص: 6