المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌انقطاع العذر سبب في نزول العذاب عند الكفر - تأملات قرآنية - المغامسي - جـ ٨

[صالح المغامسي]

فهرس الكتاب

- ‌سلسلة تأملات قرآنية [8]

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي)

- ‌أنواع الإيحاء في القرآن الكريم

- ‌تفسير قوله تعالى: (إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك)

- ‌بيان مراد الحواريين بقولهم (هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة)

- ‌بيان معنى المائدة

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالوا نريد أن نأكل منها)

- ‌بيان الحواريين أسباب طلبهم المائدة

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال الله إني منزلها عليكم)

- ‌انقطاع العذر سبب في نزول العذاب عند الكفر

- ‌بيان أشد الناس عذاباً يوم القيامة

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين)

- ‌ذكر سبب تقديم عيسى عليه السلام الجواب بـ (سبحانك)

- ‌ملك العباد محدود

- ‌بيان معنى قوله تعالى (إن كنت قلته فقد علمته)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به)

- ‌بيان معنى قوله تعالى (وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم)

- ‌بيان معنى الوفاة

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن تعذبهم فإنهم عبادك)

- ‌بيان حكم ذكر العزة والحكمة مع المغفرة

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لله ملك السموات والأرض وما فيهن)

الفصل: ‌انقطاع العذر سبب في نزول العذاب عند الكفر

‌انقطاع العذر سبب في نزول العذاب عند الكفر

يقول تعالى: {قَالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَاّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة:115].

إن الآية إذا كانت ظاهرة وأقيمت الحجة ينقطع العذر، فإذا انقطع العذر لا يقبل عند الله إلا الإيمان، فإما إيمان وإما كفر أو ينزل العذاب.

ولنرجع في بيان هذا إلى سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم، ففيها أن النبي عليه الصلاة والسلام -كما في مسند أحمد من طريقين كلاهما جيد- طلبت منه قريش أن يجعل لهم الصفا ذهباً فقالوا: إن جعلت الصفا ذهباً آمنا بك.

فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو أن يجعل الله الصفا ذهباً حتى يؤمنوا، فبعث الله إليه جبرائيل أو ملكاً غيره فأخبره بأنه لو جعل الله الصفا ذهباً ولم يؤمنوا فإن الله سيهلكهم عن بكرة أبيهم.

وإذا هلكوا عن بكرة أبيهم فلن يكون منهم مؤمنون، ولكن إذا بقوا ولم يهلكهم الله فهناك أمل في أنهم يؤمنون أو يأتي من ظهورهم من يؤمن.

فاختار النبي صلى الله عليه وسلم أن يبقوا على حالهم حتى يؤمن منهم من يؤمن أو يخرج الله من ظهورهم من يؤمن بالله ومن يعبد الله ولا يشرك به شيئاً، ولذلك قال الله في سورة الإسراء:{وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلَاّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَاّ تَخْوِيفًا} [الإسراء:59].

والله إذا أراد أن يرحم أمة أمات نبيها قبل إهلاكها، فيكون النبي فرطاً سابقاً لأمته، وإذا أراد الله أن يهلك أمة أبقى نبيها حياً وأهلكها ونبيها ينظر؛ ليكون ذلك أقر لعينه، كما هو دأب الله في سنن الأنبياء الذين قبلنا، فقوم صالح، وقوم نوح، وقوم لوط كلهم أهلكوا وأنبياؤهم ينظرون إليهم، قال الله جل وعلا عن قوم صالح:{وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [النمل:53] بعد أن أخبر أنه أهلك قومه، وكذلك قال الله عن شعيب، وكذلك الله قال عن عاد وغيرهم من الأمم، وهذا ظاهر.

ص: 11