المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيان ضعف الأنبياء ممن دونهم في علم الغيب - تأملات قرآنية - المغامسي - جـ ٩

[صالح المغامسي]

فهرس الكتاب

- ‌سلسلة تأملات قرآنية [9]

- ‌إشارات مجملة في تفسير سورة الأنعام

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله)

- ‌الرد على عناد المشركين

- ‌بيان ضعف الأنبياء ممن دونهم في علم الغيب

- ‌بيان حقيقة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌بيان معنى قوله تعالى (قل هل يستوي الأعمى والبصير)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو)

- ‌بيان المراد بمفاتح الغيب

- ‌سعة علم الله تعالى

- ‌تفسير قوله تعالى: (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار)

- ‌معاني الوفاة في القرآن

- ‌علاقة الروح بالجسد

- ‌بيان معنى قوله تعالى (ويعلم ما جرحتم بالنهار)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وهو القاهر فوق عباده)

- ‌بيان معنى قوله تعالى (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق)

- ‌بيان معنى قوله تعالى (ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب)

- ‌بيان شرك المشركين بعد النجاة من المهالك

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم)

- ‌بيان ما دفعه الله عن هذه الأمة وما ابتلاها به مما ذكر في الآية

- ‌الملجأ من الفتن

الفصل: ‌بيان ضعف الأنبياء ممن دونهم في علم الغيب

‌بيان ضعف الأنبياء ممن دونهم في علم الغيب

وقوله تعالى: {وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} [الأنعام:50].

يخبر نبينا صلى الله عليه وسلم بأمر ربه كفار قريش بأنه لا يعلم الغيب، والغيب: ضد الشهادة، فيخبر صلوات الله وسلامه عليه بأن ربه يأمره بأن يبلغ الناس بأنه لا يعلم الغيب، فإذا بان ضعف الرسول في علم الغيب ظهر كمال الله في العلم، وهذا أمر هو المقصود من السورة كلها، أي: أن يظهر الله للناس ضعفهم وعجزهم حتى يظهر لهم كمال خالقهم وعظمته جل وعلا، وأنه منزه من كل عيب ونقص، ولذلك قال الله لما ذكر خلق السماوات والأرض:{وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق:38].

أي لم يمسه جل وعلا إعياء؛ لأن ذاته غير ذات المخلوقين، فصفاته غير صفات المخلوقين.

وهذا الأمر الذي قرره النبي صلى الله عليه وسلم وقع حالا ومعنى عليه، وعلى الملائكة وعلى الأنبياء والرسل من قبله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

فالملائكة بين يدي ربهم لما علم الله آدم الأسماء وقال: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة:31 - 32].

وخليل الله إبراهيم -وهو أبو الأنبياء، وثاني الرسل من أولي العزم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- يأتيه الملائكة في صورة ضيوف، فيذهب عجلا إلى بيته، فيأخذ العجل ويذبحه ويشويه ويقدمه، كل هذا وهو لا يعلم أن الضيوف ملائكة لا يأكلون الطعام.

فلو كان يعلم لما فعل هذا كله، ولكن ليبين الله لك وأنت تقرأ كتابه ضعف المخلوقين أيا كانوا وعظمة الرب جل جلاله وحده.

ونبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام كان ابنه يوسف في أرض مصر عزيزا على كرسي الوزارة يأمر وينهى ويأتيه الناس من كل مكان، ويعقوب في أرض كنعان في بادية الشام قد ابيضت عيناه من الحزن على فقد ولده، وهو نبي يوحى إليه، ومع ذلك كان عليه السلام يجهل أن ابنه في مقام عزيز ومكان رفيع، ولو كان يعلم لما دمعت عيناه، لكنه شيء من الغيب الذي أخفاه الله جل وعلا عن هذا النبي الكريم.

ورسولنا صلى الله عليه وسلم كان في المدينة وحوله من يكيد له الكيد، ويحيق به الدوائر، وربه يقول له:{وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التوبة:101].

وسليمان يعطى الملك، وسخرت له الريح والجن والشياطين، تأتمر بأمره وتذعن لخبره، وتنفذ ما يطلب وتفعل ما يأمرها به، ومع ذلك كله يخفى عليه أن بلقيس كانت تعبد الشمس، ثم يأتي طائر لا ينطق ليقول له:{أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل:22].

فهذا ما جرى لأنبياء الله ورسله وأخذنا منهم بعض الأمثلة، وما يقال عنا من باب أولى، وهذا يدل على أن علم الغيب أمر اختص الله جل وعلا به وحده، وسيأتي الحديث عن مفاتيحه.

ص: 5