الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
[مُقَدِّمَةُ المُحَقِّقِ]
الحَمْدُ لِله، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَمِمَّا لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَلَا امْتِرَاءَ - عِنْدَ ذَوِي الأَفْئِدَةِ المُؤْمِنَةِ
-: أَنَّ كِتَابَ اللهِ تَعَالَى لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ لِطَعْنٍ أَوْ نَقْدٍ؛ فَهُوَ بِنَجْوَةٍ مِنَ
الاخْتِلَافِ وَالتَّنَافِي، وَمِنَ التَّعَارُضِ وَالتَّنَاقُضِ؛ فَالقُرْآنُ كَلَامُ رَبِّ العِزَّةِ
وَالجَلَالِ القَائِلِ فِيهِ: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ
لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (1).
وَلَمْ يَزَلِ القُرَّحُ مِنْ أَهْلِ الاجْتِهَادِ وَحَضَنَةِ
العِلْمِ يَسْتَبِرُونَ غَوْرَ مَعَانِيهِ وَيَغُوصُونَ فِي دَرْكِهَا؛ كَشْفًا عَمَّا غَمُضَ تَفْسِيرُهُ
وَاخْتَلَطَ بَيَانُهُ، فَدُوِّنَتِ الدَّوَاوِينُ وَصُنِّفَتِ المُصَنَّفَاتُ - مَا بَيْنَ أَسْفَارٍ
وَكَرَارِيسَ -.
وَمِنْ تِلْكَ المُؤَلَّفَاتِ: هَذِهِ الرِّسَالَةُ؛ الَّتِي تَضَمَّنْتِ الإِشْكَالَ
الحَاصِلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ
الْكِتَابِ} (2)
…
؛
(1) سُورَةُ (النِّسَاءِ)، آيَة (82).
(2)
سُورَةُ (الرَّعْدِ)، آيَة (39).
فَقَدْ تَنَازَعَ فِي تَفْسِيرِهَا أَهْلُ العِلْمِ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ:
الأُولَى: عَلَى مَاذَا
يَقَعُ المَحْوُ وَالإِثْبَاتُ؟
وَالثَّانِيَةُ: مَا المُرَادُ بِـ (أُمِّ الكِتَابِ)؟
وذَكَرَ
المَاوَرْدِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» (1) المَسْأَلَةَ الأُولَى عَلَى سَبْعَةِ أَقْوَالٍ، وَالثَّانِيَةَ عَلَى
سِتَّةٍ.
وَلَقَدْ أَظْهَرَ المُصَنِّفُ فِي رِسَالَتِهِ - هَذِهِ - الأَقْوَالَ المَشْهُورَةَ فِي تَفْسِيرِ
الآيَةِ، وَأدِلَّةَ كُلِّ قَوْلٍ، ثُمَّ أَثْبَتَ رَأْيَهُ بِالدَّلِيلِ النَّقْلِيِّ وَالحُجَّةِ
العَقْلِيَّةِ، وَتَكَلَّمَ - أَيْضًا - فِي بَعْضِ المَسَائِلِ المُتَعَلِّقَةِ بِالقَدَرِ، وَرَدَّ أَقْوَالَ
المُخَالِفِينَ لِأُصُولِ الشَّرْعِ - كَالمُعْتَزِلَةِ -، فَكَانَتْ رِسَالَةً جَامِعَةً مَاتِعَةً نَفِيسَةً،
اسْتَوْعَبَتْ أُصُولَ المَسْأَلَةِ وَفُرُوعَهَا.
وَقَدْ وَفَّقَنِي اللهُ عز وجل لِأَنْشَطَ لَهَا -
ضَبْطًا وَتَحْقِيقًا وَتَعْلِيقًا وَتَخْرِيجًا -، وَفَرَغْتُ مِنْهَا - بِعَوْنِ اللهِ تَعَالَى - فِي
الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ شَعْبَانَ، سَنَةَ (1433هـ).
أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُقِرَّ عَمَلَنَا - هَذَا - فِي
مِيزَانِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ يَوْمَ القِيَامَةِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
حَازِم خَنْفَر
8/
7/2012م
(1) انْظُرْ «تَفْسِيرَ المَاوَرْدِيِّ» (3/ 117 - 118).