الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه.
أمّا بعد:
فإنَّ الله عز وجل قد جعلَ أهل الحديثِ حُرَّاسَ الدِّينِ، وصَرَفَ عنهم كيد المعاندين، لتمسُّكهم بالشرع المتين، واقتفائهم آثارَ الصحابةِ والتَّابعين، فشأنُهم حفظُ الآثار، وقَطْعُ المفاوِز والقِفَار، وركوبُ البراري والبحار في اقتباس ما شَرَعَ الرسولُ المصطفى، لا يُعَرِّجون عنه إلى رأي ولا هوى، قَبِلوا شريعتَه قولًا وفعلاً، وحَرَسوا سنتَه حفظاً ونقلاً، حَتَّى ثَبَّتُوا بذلك أصلَها، وكانوا أحقَّ بها وأهلَها، وكم مِنْ مُلْحد يَرُومُ أن يَخْلِطَ بالشريعة ما ليس منها، واللهُ تعالى يَذُبُّ بأصحاب الحديث عنها، فَهُم الحفاظُ لأركانها، والقوَّامون بأمرها وشَانِها، إذا صُدِفَ عن الدفاع عنها فهم دونَها يُناضلون، {أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22] (1).
(1) من مقدمة الخطيب البغدادي في كتابه: "شرف أصحاب الحديث"(ص: 10).
وقد دوَّنَ لنا العلماءُ أسماءَ أولئك الحفاظِ الأوتادِ على اختلاف أمكنتهم وأزمانهم في مؤلَّفاتٍ مستقلَّة، كان منها كتاب الإمام ابنِ الجوزي الموسوم بـ "الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ"، وكتاب الحافظ الذهبي "تذكرة الحفاظ" الذي لم يُعهد له مثالٌ سابق، ولا نظيرٌ لاحق، وكذا الحافظ السيوطي في "طبقات الحفاظ"، وقد بيَّنوا فيها حِفْظَ أولئك العلماءِ لحديثِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وضَبْطَهم وأداءَهم بأمانةٍ وإخلاصٍ، وكيف سهروا لياليهم في الحفظ والفَهْم والمُذاكرةِ، مع الإتقانِ والتحرِّي فيه.
ثم جاء الإمامُ يوسفُ بنُ عبد الهادي، فأراد أن يصنِّفَ كتابًا جامعًا لأسماء حفظة السنة النبوية بدءًا من عصر الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- إلى عصره، على جهة الاختصار، ذاكرًا اسمَ الحافظِ ونسبَه وكنيتَه، وسنةَ وفاتِه، ومَنْ نَعَتَه بالحافظ من العلماء، معتمدًا على كلام الحافظ الذهبي في كتابه:"العبر في خبر من غبر"، وذيله للحسيني، ثم "الكاشف" و"التذهيب" كلاهما للذهبي أيضًا، ثم على كلام الإمامِ ابن الجوزي، وابنِ ناصر الدِّين الدِّمشقي، وغيرهم، فقارَبَ ما جَمَعَهُ الألفَ حافظٍ، فكان بحقٍّ تذكرةً لأهل العلم بأسماء حُفَّاظ السنة النبوية.
* * *
هذا وقد تمَّ -بفضل الله تعالى- الوقوف على النسخة الخطية الفريدة لهذا الكتاب، وهي النسخة المحفوظة بدار الكتب الظاهرية
بدمشق تحت رقم (4543)، وهي بخط المؤلف المعروف بغرابة الشكل، وصعوبة القراءةِ، وقلة الإعجامِ، وتقع في ستين ورقة.
* * *
* هذا وقد تمَّ تحقيق هذا الكتاب وفق الخطة الآتية:
1 -
نسخُ الأصلِ المخطوط اعتمادًا على النسخة الخطية المشار إليها، وذلك بحسب رسم وقواعد الإملاء الحديثة.
2 -
معارضة المنسوخِ بالمخطوط، للتأكد من صحة النَّص وسلامته.
3 -
توثيق ما اعتمده المؤلِّفُ رحمه الله في النقل عن كتب "الحفاظ" لابن الجوزي، و"العبر في خبر مَنْ غَبر"، و"التَّذْهيب"، و"الكاشف" ثلاثتها للذهبي، ثم الإضافة إلى هذا التوثيق من كتب "تهذيب الكمال" للمِزِّي، و"تهذيب التهذيب"، و"تقريب التهذيب" للحافظ ابن حَجَر -إن كان الحافظُ مِنْ رُواة الكتب الستة-، وكذا من كتب:"تذكرة الحفاظ"، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي، و"طبقات الحفاظ" للسُّيوطي، و"الدُّرر الكامنة" لابن حجر، وغيرها.
4 -
كتابة مقدِّمة للكتاب مشتملةٍ على ترجمة مختصرة للمؤلف، وتَقْدمة موجزة عن الكتاب.
هذا وصلَّى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
حَرَّرُه
نُورُ الدِّينْ طَالِبْ
17 / صفر/ 1432 هـ
22/ 1 / 2011 م