المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

هذا الحديث الشريف، وما ورد في كتاب الله من خلق - إزالة الشبهة عن حديث التربة - جـ ٤٩

[عبد القادر بن حبيب الله السندي]

الفصل: هذا الحديث الشريف، وما ورد في كتاب الله من خلق

هذا الحديث الشريف، وما ورد في كتاب الله من خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، كما سوف يأتي ذلك مفصلا وموضحا إن شاء الله تعالى، لأن هذه التحديات لم تكن قد وقعت من الشيخ محمود أبي رية إلا لبعده لما كان عليه السلف الصالح من الصحابة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين من علوم صافية نقية، وقواعد راسخة متينة، وأصول ثابتة محكمة لا يشذ عنها إلا من ابتلي بمرض الجهل أو النفاق، أعاذنا الله تعالى منهما، وإني سوف أتكلم على هذا الحديث الصحيح من جوانبه الأربعة المهمة.

1-

تخريجه.

2-

إسناده.

3-

معناه.

4-

شواهده.

ص: 31

‌تخريج الحديث

أما تخريجه فقد أخرجه مسلم في صحيحه (1) والإمام أحمد في مسنده (2) وابن جرير الطبري في تاريخه (3) والإمام الحافظ أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني المتوفى سنة 410هـ في تفسيره (4) والإمام البيهقي في الأسماء والصفات (5) والنسائي في السنن الكبرى (6) . وقد عقد الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه على مسلم بابا على هذا الحديث بقوله: باب ابتداء الخلق، وخلق آدم عليه السلام، ثم ساق الإمام مسلم إسناده بقوله: حدثني سريج بن يونس، وهارون بن عبد الله، قالا: حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرني إسماعيل ابن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ثم ذكر الحديث كما نقله أبو رية في كتابه، وزاد مسلم في نهاية الحديث "في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل" وهذه الزيادة لم ينقلها أبو رية في كتابه آنف الذكر. ثم قال مسلم رحمه الله تعالى في نهاية الحديث: قال إبراهيم: حدثنا البسطامي وهو الحسين بن عيسى، وسهل بن عمار، وإبراهيم بن بنت حفص وغيرهم عن حجاج بهذا الحديث اهـ.

قلت: هكذا أثبت إسناد الحديث بهذا السياق عن حجاج بن محمد الأعور المصيصي الترمذي الأصل وهو من شيوخ الكتب الستة، والإمام أحمد في مسنده، وقد تغير أخيراً عند

ص: 31

قدومه بغداد، كما قال الإمام الذهبي في ميزانه، والحافظ في تهذيبه، وقد روى عنه الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسيره شيئا كثيرا في حالة التغيير، وأما رواية مشايخ الكتب الستة عنه والإمام أحمد في مسنده فكانت قبل التغيير والله تعالى أعلم، وقد أخرج الإمام أحمد هذا الحديث في مسنده1 في مسند أبي هريرة رضي الله تعالى عنه إذ قال: حدثنا حجاج، أخبرين ابن جريج قال: أخبرني إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، ثم ذكر الحديث بطوله كما أخرجه مسلم في الصحيح، والحجاج هو ابن محمد الأعور المذكور الذي سبق فيه الكلام، وأخرجه أيضا الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه2، عن شيخه القاسم بن بشر بن معروف، والحسين بن عبد الله الصدائي عن الحجاج بن محمد به، وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات3 عن طريق شيخه محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج أخبرني إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، ثم ذكر الحديث بلفظه، ثم قال في نهاية الحديث -هذا حديث قد أخرجه مسلم في كتابه عن شريح- هكذا في المطبوعة- والصحيح سريج بالسين ابن يونس وغيره عن حجاج بن محمد اهـ.

وأورد هذا الحديث الإمام أبو الحجاج المزي في كتابه: تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف4 وعزا تخريجه إلى مسلم في الصحيح عن طريق سريج بن يونس وهارون بن عبد الله، والنسائي في السنن الكبرى في التفسير، عن طريق هارون بن عبد الله ويوسف بن سعيد ثلاثتهم عن حجاج بن محمد عن ابن جريج، عن إسماعيل ابن أمية عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع به.

وأورد الحديث الإمام ابن كثير في البداية والنهاية5 نقلا عن مسند الإمام أحمد بإسناده ثم قال: وهكذا رواه مسلم عن سريج بن يونس وهارون بن عبد الله، والنسائي في

1 مسند الإمام أحمد بن حنبل: 327/2.

2 تاريخ الأمم والملوك: 23/1.

3 الأسماء والصفات: 383-384.

4 تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف: 133/10.

5 البداية والنهاية: 71/1.

ص: 32

التفسير عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، عن محمد بن المباح عن أبي عبدة الحداد، عن الأخضر بن عجلان عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر الحديث بتمامه ونقله القاسمي في تفسيره1، ثم قال رحمه الله تعالى في تفسيره2 بعد إيراده هذا الحديث وبيان من أخرجه، ورواه النسائي من غير وجه عن حجاج بن محمد الأعور عن ابن جريج وفيه استيعاب الأيام السبعة، والله تعالى قال: في ستة أيام، ولهذا تكلم البخاري وغير واحد من الحفاظ في هذا الحديث، وجعلوه من رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار وليس مرفوعا والله تعالى أعلم.

قلت: سوف يأتي النقل عن الإمام البخاري رحمه الله تعالى من تاريخه الكبير في ترجمة أيوب بن خالد ما أشار إليه الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى.

وعزى الإمام السيوطي في الدر المنثور3 هذا الحديث إلى الحافظ أحمد بن موسى ابن مردويه الأصبهاني المتوفى سنة 410 في تفسيره فقط، ولم أدر عن صنيعه هذا هنا في التفسير ربما خاف رحمه الله تعالى من تعارض هذا الحديث مع ظاهر القرآن الكريم في حالة عزوه إلى مسلم في الصحيح والإمام أحمد في مسنده والإمام البيهقي في الأسماء والصفات والنسائي في سننه، أو لم يطلع على تخريجه كاملا والعلم عند الله تعالى، مع أنه رحمه الله تعالى، عزاه في الجامع الصغير4 إلى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، ومسلم في صحيحه.

وعزاه صاحب الكنز5 بعد إيرداه كلاما إلى مسلم في الصحيح والإمام أحمد في مسنده، وهكذا قال الشيخ النابلسي في ذخائر المواريث6، والإمام ابن القيم في المنار المنيف7، والشيخ عبد القادر القرشي في الجواهر المضية في طبقات الحنفية8، وتكلم عليه العلامة الشيخ عبد الرحمن بن يحي المعلمي في الأنوار الكاشفة9 ردا على أبي رية وإثباتا لمعنى الحديث وإسناده فأجاد وأفاد رحمه الله تعالى، فهذا هو تخريج هذا الحديث، وأما الكلام حول إسناده فهو كالآتي.

1 تفسير القاسمي: 27/7.

2 تفسير القاسمي: 178/3.

3 الدر المنثور: 91/3.

4 الجامع الصغير: 447-448/3.

5 كنز العمال: 127/6.

6 ذخائر المواريث: 20/4.

7 المنار المنيف: ص 84، فصل 19.

8 الجواهر المضية في طبقات الحنفية: 429/2.

9 الأنوار الكاشفة: ص 189.

ص: 33