المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أطوار حياة الإنسان في الدنيا - تفسير أحمد حطيبة - جـ ٣٨٧

[أحمد حطيبة]

الفصل: ‌أطوار حياة الإنسان في الدنيا

‌أطوار حياة الإنسان في الدنيا

قال الله سبحانه تبارك وتعالى: {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [غافر:67]، أي: يخرجكم من بطون أمهاتكم بعد أن كنتم أجنة، والجنين: من جن أي: اختفى، فهو خفي في بطن أمه، فإذا نزل من بطن أمه صار طفلاً.

قال تعالى: {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [غافر:67].

أي: عندما يأذن الله سبحانه وتعالى، فقد يخرجه خلال تسعة أشهر، أو خلال ستة أشهر، أو خلال سبعة أشهر، وقد يخرجه كاملاً أو قاصراً، فالله سبحانه وتعالى يصنع ما يشاء، فهو الذي يخرجكم، وأنتم إنما تنتظرون أمر الله سبحانه وتعالى، ثم تعيشون في هذه الدنيا.

قال تعالى: {ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} [غافر:67].

وهذا هو وقت البلوغ والرشد والقوة، قال تعالى:{ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا} [غافر:67]، وهذا هو الخط الذي يسير فيه الإنسان في الدنيا: فيكون أولاً جنيناً، ثم يخرج طفلاً صغيراً، ثم يكبر كلما تقدم به السن والزمن إلى أن يصير شاباً قوياً مكتملاً راشداً، ثم يدخل في زمن الكهولة، ثم يدخل في زمن الشيخوخة، ويرجع إلى مرحلة الصفر التي أتى منها، فقد كان ضعيفاً ثم رجع مرة ثانية إلى الضعف، قال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم:54]، وقال هنا:{ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا} [غافر:67].

يقول علماء اللغة: الشيخوخة: مرحلة ما بعد الأربعين، فعلى الإنسان أن يجهز نفسه بعد الأربعين، فلم يبق من عمره إلا قليل مقارنة بما مضى منه، فقد بلغ أشده واكتمل، وأخذ من الدنيا ما أخذ، فليعد نفسه الآن ليقابل الله سبحانه وتعالى، ولا يسرف على نفسه ولا يضيع دنياه، فليس بعد هذه المرحلة مرحلة أخرى أعلى منها، وإنما تبدأ مرحلة النزول، فعليه بالرجوع إلى الله سبحانه تبارك وتعالى.

وقوله تعالى: {ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا} [غافر:67].

هذه قراءة الجمهور، وقرأ ابن كثير وابن ذكوان والكسائي وشعبة وخلف:((شيوخًا))، بالكسر، ففيها قراءتان:(شُيُوخًا)، و ((شِيُوخًا)) بكسر الشين فيها، ومن قرأها بالكسر راعى فيها الياء، فقرأها على الاتباع، فكسر الشين إتباعاً للياء، وقراءة الجمهور:(شُيُوخًا) على الأصل.

قال تعالى: (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ) أي: ليس كل الناس سيمرون بهذه المراحل، فإن من الخلق من يصل في بطن أمه إلى مرحلة معينة ثم يسقط، ومنهم من ينزل ميتاً، ومنهم من ينزل حياً ويعيش فترة ثم يموت بعد ذلك، فمنكم من يتوفى من قبل الاكتمال، ومنكم من يكتمل به العمر إلى الشيخوخة.

ص: 6