الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
هذه الآيات الكريمة من آخر سورة محمد صلى الله عليه وسلم وهي سورة القتال - يخبرنا الله سبحانه تبارك وتعالى فيها عن حال الكفار، وعن حال المؤمنين.
الكفار الذين يصدون عن سبيل الله ويشاقون الرسول صلوات الله وسلامه عليه لا يقدرون على شيء إلا بما يشاء الله سبحانه تبارك وتعالى.
الله خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن، ولو شاء لم يخلق الكفار أصلاً، ولكن أراد أن يبتلي العباد بعضهم ببعض، ليبلوكم حتى يميز الخبيث من الطيب.
فالذين كفروا بالله، وبرسل الله عليهم الصلاة والسلام، وصدوا عن سبيل الله، ومنعوا من يدعو إلى الله ومنعوا الرسول من تبليغ رسالة ربهم، شاقوا الرسول عليه الصلاة والسلام، وعاندوه، ومنعوه أن يدعو إلى ربه سبحانه من بعد ما تبين لهم الهدى، فليس لهم عذر عند الله سبحانه، فقد عرفوا الحق وأقام الله عز وجل عليهم الحجة، فهؤلاء مهما عملوا لن يضروا الله شيئاً.
قد يصاب المؤمنون بأذى من هؤلاء، أما أن يؤذوا ويصيبوا ربهم سبحانه بالضرر فهذا مستحيل، والله القوي العزيز، والقاهر الغالب الجبار سبحانه تبارك وتعالى.
{لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:32] إذاً: أعمالهم يجعلها هباء منثوراً مهما كادوا لدين الله، فيأبى الله إلا أن يظهر دينه، ولن يضروا إلا أنفسهم، وكذا كل إنسان كافر فاجر عاص ضرره على نفسه.
الحياة الدنيا حياة قصيرة، فمهما ضروا المؤمنين فيها إما أن هذا الضرر يزيله الله عز وجل، وإما أن يذهب هذا الكافر ويقتله الله سبحانه، وإما أن يموت المؤمن ويرجع إلى ثواب الله عز وجل.
فالضرر لن يدوم الدهر أبداً، ولكن الذي يدوم هو عذاب الله عز وجل وناره، وثواب الله وجنته سبحانه، فلذلك مهما يكون من ضرر على المؤمنين في الدنيا فليس ضرراً دائماً أبداً.
ولذلك أخبر أن هؤلاء سيحبط أعمالهم التي عملوها، هم يكيدون للإسلام والمسلمين والله يأبى إلا أن يتم نوره.
فمهما كادوا أحبط الله عز وجل عملهم، ومهما عملوا من أعمال في ظنهم أنها أعمال صالحة إذا جاءوا يوم القيامة أحبطها الله ولم يؤجروا عليها؛ لأنهم كفروا بالله وكذبوا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
أما المؤمنون فيعلمهم الله سبحانه تبارك وتعالى أن يطيعوا الله، وأن يطيعوا الرسول صلوات الله وسلامه عليه، ويحذرهم أن يبطلوا أعمالهم.
فالمؤمن عمله يتقرب به إلى الله، والله يعطيه الأجر المضاعف الحسنة بعشرة أمثالها، ويضاعف الله لمن يشاء أضعافاً كثيرة.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:33] لا تكونوا كهؤلاء الكفار الذين أحبطنا لهم أعمالهم بكفرهم، وبصدهم عن سبيل الله.
فاحذر أيها العبد المؤمن أن تقع في الشرك بالله أن تقع في الصد عن سبيل الله أن تعجب بعملك أن تفتخر به أن تمن على الله عز وجل بما عملت وإلا حبط عملك بذلك، إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان صالحاً وله خالصاً سبحانه.
ولذلك كان يكثر النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه أن يدعو: (يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك).
ويقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: (ما أكثر ما تدعو بذلك! فيقول: إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء) سبحانه تبارك وتعالى.
كذلك المؤمن يحتاج أن يثبت على دين الله عز وجل، ولا يكون ذلك إلا في أن يتصل بربه سبحانه بصلاته بعبادته بدعائه بتوحيده ربه سبحانه تبارك وتعالى بأمره بالمعروف بنهيه عن المنكر بطاعته لله بطاعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحبه لدين الله عز وجل بالدعوة إلى هذا الدين العظيم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [محمد:33] أطيعوا الله سبحانه، ومن طاعتكم لله طاعتكم للرسول صلى الله عليه وسلم، فلم يأت بشيء من عند نفسه وإنما ينطق بوحي من الله سبحانه.
{وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:33] احذروا، فلما قدم أن الكفار يحبط الله أعمالهم بكفرهم وشركهم كأنه تحذير للمؤمن أن يرتد عن دين الله سبحانه، وأن يقع في الشرك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه:(اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً أعلمه، وأستغفرك لما لا أعلمه).
وحاشا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقع في الشرك، ولكنه يعلم المؤمنين أن يقولوا ذلك، وأن المؤمن يثبت على توحيد الله عز وجل، فلو وقع في الشرك الأكبر أو الأصغر أو وقع في الشرك الخفي أحبط الله عز وجل ما يكون فيه شرك من عمله، فحذر الله المؤمنين من أن يحبطوا عملهم.