3 - - تفسير الجلالين

3 -

{مَتَاعًا} مَفْعُول لَهُ لِمُقَدَّرٍ أَيْ فَعَلَ ذَلِكَ مُتْعَة أَوْ مَصْدَر أَيْ تَمْتِيعًا {لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} جَمْع نَعَم وَهِيَ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم

3 -

{فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّة الْكُبْرَى} النَّفْخَة الثَّانِيَة

3 -

{يَوْم يَتَذَكَّر الْإِنْسَان} بَدَل مِنْ إِذَا {مَا سَعَى} فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْر وَشَرّ

3 -

{وَبُرِّزَتْ} أُظْهِرَتْ {الْجَحِيم} النَّار الْمُحْرِقَة {لِمَنْ يَرَى} لِكُلِّ رَاءٍ وَجَوَاب إِذَا

3 -

{فَأَمَّا مَنْ طَغَى} كَفَرَ

3 -

{وَآثَرَ الْحَيَاة الدُّنْيَا} بِاتِّبَاعِ الشَّهَوَات

3 -

{فَإِنَّ الْجَحِيم هِيَ الْمَأْوَى} مَأْوَاهُ

4 -

{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَام رَبّه} قِيَامه بَيْن يَدَيْهِ {وَنَهَى النَّفْس} الْأَمَّارَة {عَنْ الْهَوَى} الْمُرْدِي باتباع الشهوات

4 -

{فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ الْمَأْوَى} وَحَاصِل الْجَوَاب فَالْعَاصِي فِي النَّار وَالْمُطِيع فِي الْجَنَّة

4 -

{يَسْأَلُونَك} أَيْ كُفَّار مَكَّة {عَنْ السَّاعَة أَيَّانَ مُرْسَاهَا} مَتَى وُقُوعهَا وَقِيَامهَا

4 -

{فِيمَ} فِي أَيّ شَيْء {أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} أَيْ لَيسَ عِنْدك عِلْمهَا حَتَّى تَذْكُرهَا

4 -

{إِلَى رَبّك مُنْتَهَاهَا} مُنْتَهَى عِلْمهَا لَا يَعْلَمهُ غيره

4 -

{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِر} إِنَّمَا يَنْفَع إِنْذَارك {مَنْ يخشاها} يخافها

4 -

{كَأَنَّهُمْ يَوْم يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا} فِي قُبُورهمْ {إِلَّا عَشِيَّة أَوْ ضُحَاهَا} عَشِيَّة يَوْم أَوْ بُكْرَته وَصَحَّ إِضَافَة الضُّحَى إِلَى الْعَشِيَّة لِمَا بَيْنهمَا مِنْ الْمُلَابَسَة إِذْ هُمَا طَرَفَا النَّهَار وحسن الإضافة وقوع الكلمة فاصلة = 80 سورة عبس

‌

‌{عَبَسَ}

النَّبِيّ كَلَحَ وَجْهه {وَتَوَلَّى} أَعْرَضَ لِأَجْلِ

{أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} عَبْد اللَّه بْن أُمّ مَكْتُوم فَقَطَعَهُ عَمَّا هُوَ مَشْغُول بِهِ مِمَّنْ يَرْجُو إِسْلَامه مِنْ أَشْرَاف قُرَيْش الَّذِينَ هُوَ حَرِيص عَلَى إِسْلَامهمْ وَلَمْ يَدْرِ الْأَعْمَى أَنَّهُ مَشْغُول بِذَلِكَ فَنَادَاهُ عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَك اللَّه فَانْصَرَفَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَيْته فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ بِمَا نَزَلَ فِي هَذِهِ السُّورَة فَكَانَ بَعْد ذَلِكَ يَقُول لَهُ إِذَا جَاءَ مَرْحَبًا بِمَنْ عَاتَبَنِي فِيهِ رَبِّي وَيَبْسُط لَهُ رِدَاءَهُ

{وَمَا يُدْرِيك} يُعْلِمك {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} فِيهِ إِدْغَام التَّاء فِي الْأَصْل فِي الزَّاي أَيْ يَتَطَهَّر مِنْ الذُّنُوب بِمَا يَسْمَع مِنْك

{أَوْ يُذْكَر} فِيهِ إدْغَام التَّاء فِي الْأَصْل فِي الذَّال أَيْ يَتَّعِظ {فَتَنْفَعهُ الذِّكْرَى} الْعِظَة الْمَسْمُوعَة مِنْك وَفِي قِرَاءَة بِنَصْبِ تَنْفَعهُ جَوَاب الترجي

{أَمَّا مَنْ اِسْتَغْنَى} بِالْمَالِ

{فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى} وَفِي قِرَاءَة بِتَشْدِيدِ الصَّاد بِإِدْغَامِ التَّاء الثَّانِيَة فِي الْأَصْل فِيهَا تُقْبِل وتتعرض

{وَمَا عَلَيْك أَلَّا يَزَّكَّى} يُؤْمِن

{وَأَمَّا مَنْ جَاءَك يَسْعَى} حَال مِنْ فَاعِل جاء

{وَهُوَ يَخْشَى} اللَّه حَال مِنْ فَاعِل يَسْعَى وهو الأعمى

1 -

{فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} فِيهِ حَذْف التَّاء الْأُخْرَى فِي الْأَصْل أَيْ تَتَشَاغَل

1 -

{كَلَّا} لَا تَفْعَل مِثْل ذَلِكَ {إِنَّهَا} أَيْ السُّورَة أَوْ الْآيَات {تَذْكِرَة} عِظَة لِلْخَلْقِ

1 -

{فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} حَفِظَ ذَلِكَ فَاتَّعَظَ بِهِ

1 -

{فِي صُحُف} خَبَر ثَانٍ لِأَنَّهَا وَمَا قَبْله اِعْتِرَاض {مُكَرَّمَة} عِنْد اللَّه

1 -

{مَرْفُوعَة} فِي السَّمَاء {مُطَهَّرَة} مُنَزَّهَة عَنْ مَسّ الشياطين

1 -

{بِأَيْدِي سَفَرَة} كَتَبَة يَنْسَخُونَهَا مِنْ اللَّوْح الْمَحْفُوظ

1 -

{كِرَام بَرَرَة} مُطِيعِينَ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُمْ الْمَلَائِكَة

1 -

{قُتِلَ الْإِنْسَان} لُعِنَ الْكَافِر {مَا أَكْفَرَهُ} اِسْتِفْهَام تَوْبِيخ أَيْ مَا حَمَلَهُ عَلَى الْكُفْر

1 -

{مِنْ أَيّ شَيْء خَلَقَهُ} اِسْتِفْهَام تَقْرِير ثُمَّ بينه فقال

1 -

{مِنْ نُطْفَة خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} عَلَقَة ثُمَّ مُضْغَة إِلَى آخِر خَلْقه

2 -

{ثُمَّ السَّبِيل} أَيْ طَرِيق خُرُوجه مِنْ بَطْن أمه {يسره}

2 -

{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} جَعَلَهُ فِي قَبْر يَسْتُرهُ

2 -

{ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} لِلْبَعْثِ

2 -

{كَلَّا} حَقًّا {لَمَّا يَقْضِ} لَمْ يَفْعَل {مَا أَمَرَهُ} بِهِ رَبّه

2 -

{فَلْيَنْظُرْ الْإِنْسَان} نَظَر اِعْتِبَار {إِلَى طَعَامه} كَيْف قُدِّرَ وَدُبِّرَ لَهُ

2 -

{أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء} مِنْ السَّحَاب {صَبًّا}

2 -

{ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْض} بِالنَّبَاتِ {شَقًّا}

2 -

{فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا} كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِير

2 -

{وَعِنَبًا وَقَضْبًا} هُوَ الْقَتّ الرَّطْب

2 -

{وزيتونا ونخلا}

3 -

{وَحَدَائِق غُلْبًا} بَسَاتِين كَثِيرَة الْأَشْجَار

3 -

{وَفَاكِهَة وَأَبًّا} مَا تَرْعَاهُ الْبَهَائِم وَقِيلَ التِّبْن

3 -

{مَتَاعًا} مُتْعَة أَوْ تَمْتِيعًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي السُّورَة قَبْلهَا {لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} تَقَدَّمَ فِيهَا أَيْضًا

3 -

{فإذا جاءت الصاخة} النفخة الثانية

3 -

{يوم يفر المرء من أخيه}

3 -

{وأمه وأبيه}

3 -

{وَصَاحِبَته} زَوْجَته {وَبَنِيهِ} يَوْم بَدَل مِنْ إِذَا وجوابها دل عليها

3 -

{لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه} حَال يَشْغَلهُ عَنْ شَأْن غَيْره أَيْ اِشْتَغَلَ كُلّ واحد بنفسه

3 -

{وُجُوه يَوْمئِذٍ مُسْفِرَة} مُضِيئَة

3 -

{ضَاحِكَة مُسْتَبْشِرَة} فَرِحَة وَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ

4 -

{وَوُجُوه يَوْمئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَة} غُبَار

4 -

{تَرْهَقهَا} تَغْشَاهَا {قَتَرَة} ظُلْمَة وَسَوَاد

4 -

{أُولَئِكَ} أَهْل هَذِهِ الْحَالَة {هُمْ الْكَفَرَة الْفَجَرَة} أي الجامعون بين الكفر والفجور = 81 سورة التكوير

{إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ} لُفِّفَتْ وَذُهِبَ بِنُورِهَا

{وَإِذَا النُّجُوم اِنْكَدَرَتْ} اِنْقَضَّتْ وَتَسَاقَطَتْ عَلَى الْأَرْض

{وَإِذَا الْجِبَال سُيِّرَتْ} ذُهِبَ بِهَا عَنْ وَجْه الْأَرْض فَصَارَتْ هَبَاء مُنْبَثًّا

{وَإِذَا الْعِشَار} النُّوق الْحَوَامِل {عُطِّلَتْ} تُرِكَتْ بِلَا رَاعٍ أَوْ بِلَا حَلْب لِمَا دَهَاهُمْ مِنْ الْأَمْر وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَال أَعْجَب إِلَيْهِمْ منها

{وَإِذَا الْوُحُوش حُشِرَتْ} جُمِعَتْ بَعْد الْبَعْث لِيَقْتَصّ لِبَعْضٍ مِنْ بَعْض ثُمَّ تَصِير تُرَابًا

{وَإِذَا الْبِحَار سُجِّرَتْ} بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد أُوقِدَتْ فَصَارَتْ نارا

{وإذا النفوس زوجت} قرنت بأجسادها

{وإذا الموؤودة} الْجَارِيَة تُدْفَن حَيَّة خَوْف الْعَار وَالْحَاجَة {سُئِلَتْ} تبكيتا لقاتلها

{بِأَيِّ ذَنْب قُتِلَتْ} وَقُرِئَ بِكَسْرِ التَّاء حِكَايَة لِمَا تُخَاطَب بِهِ وَجَوَابهَا أَنْ تَقُول قُتِلْت بلا ذنب

1 -

{وَإِذَا الصُّحُف} صُحُف الْأَعْمَال {نُشِرَتْ} بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد فتحت وبسطت

1 -

{وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ} نُزِعَتْ عَنْ أَمَاكِنهَا كَمَا يُنْزَع الْجِلْد عَنْ الشَّاة

1 -

{وَإِذَا الْجَحِيم} النَّار {سُعِّرَتْ} بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد أُجِّجَتْ

1 -

{وَإِذَا الْجَنَّة أُزْلِفَتْ} قُرِّبَتْ لِأَهْلِهَا لِيَدْخُلُوهَا وَجَوَاب إِذَا أَوَّل السُّورَة وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا

1 -

{عَلِمَتْ نَفْس} كُلّ نَفْس وَقْت هَذِهِ الْمَذْكُورَات وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {مَا أَحْضَرَتْ} مِنْ خَيْر وشر

1 -

{فلا أقسم} لا زائدة {بالخنس}

1 -

{الجوار الْكُنَّس} هِيَ النُّجُوم الْخَمْسَة زُحَل وَالْمُشْتَرَى وَالْمَرِّيخ وَالزُّهَرَة وَعُطَارِد تَخْنُس بِضَمِّ النُّون أَيْ تَرْجِع فِي مَجْرَاهَا وَرَاءَهَا بَيْنَمَا نَرَى النَّجْم فِي آخِر الْبُرْج إِذْ كَرَّ رَاجِعًا إِلَى أَوَّله وتكنس النُّون تَدْخُل فِي كِنَاسهَا أَيْ تَغِيب فِي الْمَوَاضِع الَّتِي تَغِيب فِيهَا

1 -

{وَاللَّيْل إِذَا عَسْعَسَ} أَقْبَلَ بِظَلَامِهِ أَوْ أَدْبَرَ

1 -

{وَالصُّبْح إِذَا تَنَفَّسَ} اِمْتَدَّ حَتَّى يَصِير نَهَارًا بينا

1 -

{إِنَّهُ} أَيْ الْقُرْآن {لَقَوْل رَسُول كَرِيم} عَلَى اللَّه تَعَالَى وَهُوَ جِبْرِيل أُضِيفَ إِلَيْهِ لِنُزُولِهِ به

2 -

{ذِي قُوَّة} أَيْ شَدِيد الْقُوَى {عِنْد ذِي الْعَرْش} أَيْ اللَّه تَعَالَى {مَكِين} ذِي مَكَانَة مُتَعَلِّق بِهِ عِنْد

2 -

{مُطَاع ثَمَّ} تُطِيعهُ الْمَلَائِكَة فِي السَّمَاوَات {أَمِين} على الوحي

2 -

{وَمَا صَاحِبكُمْ} مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم عُطِفَ عَلَى إِنَّهُ إِلَى آخِر الْمُقْسَم عَلَيْهِ {بِمَجْنُونٍ} كَمَا زَعَمْتُمْ

2 -

{وَلَقَدْ رَآهُ} رَأَى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم جِبْرِيل عَلَى صُورَته الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا {بِالْأُفُقِ الْمُبِين} الْبَيِّن وَهُوَ الْأَعْلَى بِنَاحِيَةِ الْمَشْرِق

2 -

{وَمَا هُوَ} مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {عَلَى الْغَيْب} مَا غَابَ مِنْ الْوَحْي وَخَبَر السماء {بظنين} أَيْ بِمُتَّهَمٍ وَفِي قِرَاءَة بِالضَّادِ أَيْ بِبَخِيلٍ فَيَنْتَقِص شَيْئًا مِنْهُ

2 -

{وَمَا هُوَ} أَيْ الْقُرْآن {بِقَوْلِ شَيْطَان} مُسْتَرِق السَّمْع {رَجِيم} مَرْجُوم

2 -

{فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} فَبِأَيِّ طَرِيق تَسْلُكُونَ فِي إِنْكَاركُمْ الْقُرْآن وَإِعْرَاضكُمْ عَنْهُ

2 -

{إِنْ} مَا {هُوَ إِلَّا ذِكْر} عِظَة {لِلْعَالَمِينَ} الإنس والجن

2 -

{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ} بَدَل مِنْ الْعَالَمِينَ بِإِعَادَةِ الجار {أن يستقيم} باتباع الحق

2 -

{وما تشاؤون} الِاسْتِقَامَة عَلَى الْحَقّ {إِلَّا أَنْ يَشَاء اللَّه رب العالمين} الخلائق استقامتكم عليه = 82 سورة الانفطار

{إِذَا السَّمَاء اِنْفَطَرَتْ} اِنْشَقَّتْ

{وَإِذَا الْكَوَاكِب اِنْتَثَرَتْ} اِنْقَضَّتْ وَتَسَاقَطَتْ

{وَإِذَا الْبِحَار فُجِّرَتْ} فُتِحَ بَعْضهَا فِي بَعْض فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا وَاخْتَلَطَ الْعَذْب بِالْمِلْحِ

{وَإِذَا الْقُبُور بُعْثِرَتْ} قُلِبَ تُرَابهَا وَبُعِثَ مَوْتَاهَا وَجَوَاب إِذَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا

{عَلِمَتْ نَفْس} أَيْ كُلّ نَفْس وَقْت هَذِهِ الْمَذْكُورَات وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {مَا قَدَّمَتْ} مِنْ الْأَعْمَال {و} مَا {أَخَّرَتْ} مِنْهَا فَلَمْ تَعْمَلهُ

{يَا أَيّهَا الْإِنْسَان} الْكَافِر {مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم} حَتَّى عَصَيْته

{الَّذِي خَلَقَك} بَعْد أَنْ لَمْ تَكُنْ {فَسَوَّاك} جَعَلَك مُسْتَوِي الْخِلْقَة سَالِم الْأَعْضَاء {فَعَدَلَك} بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد جَعَلَك مُعْتَدِل الْخَلْق مُتَنَاسِب الْأَعْضَاء لَيْسَتْ يَد أَوْ رِجْل أَطْوَل مِنْ الْأُخْرَى

{فِي أَيّ صُورَة مَا} صِلَة {شَاءَ رَكَّبَك}

{كَلَّا} رَدْع عَنْ الِاغْتِرَار بِكَرَمِ اللَّه تَعَالَى {بَلْ تُكَذِّبُونَ} أَيْ كُفَّار مَكَّة {بِالدِّينِ} بِالْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَال

1 -

{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} مِنْ الْمَلَائِكَة لِأَعْمَالِكُمْ

1 -

{كِرَامًا} عَلَى اللَّه {كَاتِبِينَ} لَهَا

1 -

{يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} جَمِيعه

1 -

{إِنَّ الْأَبْرَار} الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ فِي إِيمَانهمْ {لَفِي نعيم} جنة

1 -

{وَإِنَّ الْفُجَّار} الْكُفَّار {لَفِي جَحِيم} نَار مُحْرِقَة

1 -

{يَصْلَوْنَهَا} يَدْخُلُونَهَا وَيُقَاسُونَ حَرّهَا {يَوْم الدِّين} الْجَزَاء

1 -

{وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} بِمُخْرَجِينَ

1 -

{وَمَا أَدْرَاك} أَعْلَمَك {مَا يَوْم الدِّين}

1 -

{ثُمَّ مَا أَدْرَاك مَا يَوْم الدِّين} تَعْظِيم لِشَأْنِهِ

1 -

{يَوْم} بِالرَّفْعِ أَيْ هُوَ يَوْم {لَا تَمْلِك نَفْس لِنَفْسٍ شَيْئًا} مِنْ الْمَنْفَعَة {وَالْأَمْر يَوْمئِذٍ لِلَّهِ} لَا أَمْر لِغَيْرِهِ فِيهِ أَيْ لَمْ يُمَكِّن أَحَدًا مِنْ التَّوَسُّط فِيهِ بِخِلَافِ الدُّنْيَا = 83 سورة المطففين

{وَيْل} كَلِمَة عَذَاب أَوْ وَادٍ فِي جَهَنَّم {للمطففين}

{الَّذِينَ إِذَا اِكْتَالُوا عَلَى} أَيْ مِنْ {النَّاس يستوفون} الكيل

{وَإِذَا كَالُوهُمْ} أَيْ كَالُوا لَهُمْ {أَوْ وَزَنُوهُمْ} أَيْ وَزَنُوا لَهُمْ {يُخْسِرُونَ} يُنْقِصُونَ الْكَيْل أَوْ الوزن

{أَلَا} اِسْتِفْهَام تَوْبِيخ {يَظُنّ} يَتَيَقَّن {أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مبعوثون}

{لِيَوْمٍ عَظِيم} أَيْ فِيهِ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة

{يَوْم} بَدَل مِنْ مَحَلّ لِيَوْمٍ فَنَاصِبه مَبْعُوثُونَ {يَقُوم النَّاس} مِنْ قُبُورهمْ {لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} الْخَلَائِق لِأَجْلِ أَمْره وَحِسَابه وَجَزَائِهِ

{كَلَّا} حَقًّا {إِنَّ كِتَاب الْفُجَّار} أَيْ كِتَاب أَعْمَال الْكُفَّار {لَفِي سِجِّين} قِيلَ هُوَ كِتَاب جَامِع لِأَعْمَالِ الشَّيَاطِين وَالْكَفَرَة وَقِيلَ هُوَ مَكَان أَسْفَل الْأَرْض السَّابِعَة وَهُوَ مَحَلّ إِبْلِيس وَجُنُوده

{وَمَا أَدْرَاك مَا سِجِّين} مَا كِتَاب سِجِّين

{كتاب مرقوم} مختوم

1 -

{ويل يومئذ للمكذبين}

1 -

{الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّين} الْجَزَاء بَدَل أَوْ بيان للمكذبين

1 -

{وَمَا يُكَذِّب بِهِ إِلَّا كُلّ مُعْتَدٍ} مُتَجَاوِز الْحَدّ {أَثِيم} صِيغَة مُبَالَغَة

1 -

{إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتنَا} الْقُرْآن {قَالَ أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ} الْحِكَايَات الَّتِي سُطِّرَتْ قَدِيمًا جَمَعَ أُسْطُورَة بِالضَّمِّ أَوْ إِسْطَارَة بِالْكَسْرِ

1 -

{كَلَّا} رَدْع وَزَجْر لِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ {بَلْ رَانَ} غَلَبَ {عَلَى قُلُوبهمْ} فَغَشِيَهَا {مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} مِنْ الْمَعَاصِي فَهُوَ كَالصَّدَأِ

1 -

{كَلَّا} حَقًّا {إِنَّهُمْ عَنْ رَبّهمْ يَوْمئِذٍ} يَوْم القيامة {لمحجوبون} فلا يرونه

1 -

{ثم إنهم لصالو الْجَحِيم} لَدَاخِلُو النَّار الْمُحْرِقَة

1 -

{ثُمَّ يُقَال} لَهُمْ {هَذَا} أَيْ الْعَذَاب {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}

1 -

{كَلَّا} حَقًّا {إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار} أَيْ كِتَاب أَعْمَال الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ فِي إِيمَانهمْ {لَفِي عِلِّيِّينَ} قِيلَ هُوَ كِتَاب جَامِع لِأَعْمَالِ الْخَيْر مِنْ الْمَلَائِكَة وَمُؤْمِنِي الثَّقَلَيْنِ وَقِيلَ هُوَ مَكَان فِي السَّمَاء السَّابِعَة تَحْت الْعَرْش

1 -

{وَمَا أَدْرَاك} أَعْلَمَك {مَا عِلِّيُّونَ} مَا كِتَاب عليين

20 -

هو

{كِتَاب مَرْقُوم} مَخْتُوم

2 -

{يَشْهَدهُ الْمُقَرَّبُونَ} مِنْ الْمَلَائِكَة

2 -

{إِنَّ الْأَبْرَار لَفِي نَعِيم} جَنَّة

2 -

{عَلَى الْأَرَائِك} السُّرَر فِي الْحِجَال {يَنْظُرُونَ} مَا أُعْطُوا مِنْ النَّعِيم

2 -

{تَعْرِف فِي وُجُوههمْ نَضْرَة النَّعِيم} بَهْجَة التَّنَعُّم وحسنه

2 -

{يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيق} خَمْر خَالِصَة مِنْ الدَّنَس {مَخْتُوم} عَلَى إِنَائِهَا لَا يَفُكّ خَتْمه غَيْرهمْ

2 -

{خِتَامه مِسْك} أَيْ آخِر شُرْبه تَفُوح مِنْهُ رَائِحَة الْمِسْك {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ} فَلْيَرْغَبُوا بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى طَاعَة اللَّه

2 -

{وَمِزَاجه} أَيْ مَا يُمْزَج بِهِ {مِنْ تَسْنِيم} فسر بقوله

2 -

{عَيْنًا} فَنَصَبَهُ بِأَمْدَحَ مُقَدَّرًا {يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} مِنْهَا أَوْ ضَمَّنَ يَشْرَب مَعْنَى يَلْتَذّ

2 -

{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} كَأَبِي جَهْل وَنَحْوه {كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا} كَعَمَّارٍ وَبِلَال وَنَحْوهمَا {يَضْحَكُونَ} استهزاء بهم

3 -

{وَإِذَا مَرُّوا} أَيْ الْمُؤْمِنُونَ {بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} يُشِير الْمُجْرِمُونَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالْجَفْنِ وَالْحَاجِب اِسْتِهْزَاء

3 -

{وإذا انقلبوا} رجعوا {إلى أهلهم انقلبوا فاكهين} وَفِي قِرَاءَة فَكِهِينَ مُعْجَبِينَ بِذِكْرِهِمْ الْمُؤْمِنِينَ

3 -

{وَإِذَا رَأَوْهُمْ} أَيْ الْمُؤْمِنِينَ {قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ} لِإِيمَانِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

3 -

قال تعالى {وَمَا أُرْسِلُوا} أَيْ الْكُفَّار {عَلَيْهِمْ} عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {حَافِظِينَ} لَهُمْ أَوْ لِأَعْمَالِهِمْ حَتَّى يُدْرُوهُمْ إِلَى مصالحهم

3 -

{فَالْيَوْم} أَيْ يَوْم الْقِيَامَة {الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الكفار يضحكون}

3 -

{عَلَى الْأَرَائِك} فِي الْجَنَّة {يَنْظُرُونَ} مِنْ مَنَازِلهمْ إِلَى الْكُفَّار وَهُمْ يُعَذَّبُونَ فَيَضْحَكُونَ مِنْهُمْ كَمَا ضَحِكَ الْكُفَّار مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا

3 -

{هَلْ ثُوِّبَ} جُوزِيَ {الْكُفَّار مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} نعم = 84 سورة الانشقاق

{إذا السماء انشقت}

{وَأَذِنَتْ} سَمِعَتْ وَأَطَاعَتْ فِي الِانْشِقَاق {لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} أَيْ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَسْمَع وَتُطِيع

{وَإِذَا الْأَرْض مُدَّتْ} زِيدَ فِي سَعَتهَا كَمَا يُمَدّ الْأَدِيم وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهَا بِنَاء وَلَا جبل

{وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا} مِنْ الْمَوْتَى إِلَى ظَاهِرهَا {وتخلت} عنه

{وَأَذِنَتْ} سَمِعَتْ وَأَطَاعَتْ فِي ذَلِكَ {لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} وَذَلِكَ كُلّه يَكُون يَوْم الْقِيَامَة وَجَوَاب إِذَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا مَحْذُوف دَلَّ عَلَيْهِ مَا بَعْده تَقْدِيره لَقِيَ الْإِنْسَان عَمَله

{يَا أَيّهَا الْإِنْسَان إِنَّك كَادِح} جَاهِد فِي عَمَلك {إِلَى} لِقَاء {رَبّك} وَهُوَ الْمَوْت {كَدْحًا فَمُلَاقِيه} أَيْ مُلَاقٍ عَمَلك الْمَذْكُور مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ يَوْم الْقِيَامَة

{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه} كِتَاب عَمَله {بِيَمِينِهِ} هو المؤمن

{فَسَوْفَ يُحَاسَب حِسَابًا يَسِيرًا} هُوَ عَرْض عَمَله عَلَيْهِ كَمَا فِي حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ وَفِيهِ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَاب هَلَكَ وَبَعْد الْعَرْض يُتَجَاوَز عَنْهُ

{وَيَنْقَلِب إِلَى أَهْله} فِي الْجَنَّة {مَسْرُورًا} بِذَلِكَ

1 -

{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه وَرَاء ظَهْره} هُوَ الْكَافِر تُغَلّ يُمْنَاهُ إِلَى عُنُقه وَتُجْعَل يُسْرَاهُ وَرَاء ظَهْره فَيَأْخُذ بِهَا كِتَابه

1 -

{فَسَوْفَ يَدْعُو} عِنْد رُؤْيَته مَا فِيهِ {ثُبُورًا} يُنَادِي هَلَاكه بِقَوْلِهِ يَا ثُبُورَاه