المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شهادة الرسل على أقوامهم - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١١

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ البقرة [135 - 143]

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا)

- ‌معنى الحنيف في اللغة

- ‌شرك اليهود والنصارى

- ‌تفسير قوله تعالى: (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (صبغة الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق)

- ‌تفسير قوله تعالى: (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها)

- ‌أحاديث تحويل القبلة

- ‌رد الله على السفهاء منكري تحويل القبلة

- ‌إرهاصات ما قبل تحويل القبلة

- ‌جواب الله للمشركين بصدد تحويل القبلة

- ‌تفسير قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً)

- ‌حجية العمل بالسنة

- ‌شهادة الرسل على أقوامهم

- ‌معنى وسطية الأمة

- ‌شهادة أمة محمد على غيرها من الأمم

- ‌هذه الأمة هي أشرف الأمم على الإطلاق

- ‌من مظاهر وسطية وخيرية هذه الأمة

- ‌تفسير قول الله عز وجل: (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه)

- ‌علم الله تبارك وتعالى

- ‌عدم ضياع أعمال المؤمنين

الفصل: ‌شهادة الرسل على أقوامهم

‌شهادة الرسل على أقوامهم

يتكرر في القرآن الكريم وصف الأمة بالشهادة، ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً بالشهادة، كما في قوله تعالى:{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب:45]، فالشهود والشهادة هي الحضور مع المشاهدة، إما بالبصر وإما بالبصيرة، وقد يقال للحضور كقوله تعالى:{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الأنعام:73]، فكلمة الشهادة أولى بالحضور وإن كانت تقال على الحضور أو المشاهدة بالبصر أو بالبصيرة، لكن الأصل فيها والأغلب أنها تكون في الحضور بالبصر، ويقال للمرأة التي يحضرها زوجها: مشهد، ولذلك سألت عائشة رضي الله عنها المرأة يوماً، قالت لها: أمشهد أم مغيب؟ يعني: زوجك حاضر أم مسافر.

وجمع مشهد مشاهد، ومنه مشاهد الحج، لماذا؟ لأنها تحضرها الملائكة ويحضرها الأبرار من الناس، قال تعالى:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج:28] يعني: يحضروا، وقال تعالى: (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا} [النور:2] يحضرون ويرون بالبصر، وقال تعالى حاكياً عن قوم صالح:{مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} [النمل:49] ما حضرنا، وقال تعالى:{وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان:72] أي: لا يحضرون بنفوسهم ولا يسمعون بإرادتهم مجالس الزور، {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء:78] أي: تحضره ملائكة الليل وملائكة النهار.

فالشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصيرة أو بصر، هذا هو تعريف الشهادة، فأنت حينما تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، تعني: أنك بعدما تدبرت ورأيت الآيات واستحضرت معناها شهدت بهذه الآيات على وجود الله سبحانه وتعالى وتوحيده، فالشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصيرة أو بصر، وليس عن تقليد، وقال تعالى: (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} [الزخرف:19] أي: أحضروا وشاهدوا خلق الملائكة؟ ثم قال تعالى: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ} [الزخرف:19].

ومن ذلك أيضاً قوله تبارك وتعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء:41] أي: على هؤلاء المشركين شهيداً، وقال تبارك وتعالى: (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} [الزمر:69 - 70]، قيل: الشهداء وصف للأنبياء أنفسهم؛ لقوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء:41] فشهيد كل أمة هو رسولها، {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ} [المائدة:109].

وقال تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف:6]، وقال تعالى:{وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ} [النحل:89]، ويقول تعالى هنا:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة:143](وسطاً) أي: خياراً عدولاً، ويدل بأن الوسط هم الخيار العدول: قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110] وهذا المعنى معروف في لغة العرب، ومنه قول زهير: هم وسط يرضى الأنام بحكمهم إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم وقوله تعالى: (ويكون الرسول عليكم شهيداً)، لم يبين هل هو شهيد عليهم في الدنيا أو في الآخرة؟ ولكنه بين في موضع آخر أنه يكون شهيداً عليهم في الآخرة، وذلك في قوله:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء:41 - 42].

ص: 18