المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من حقوقه صلى الله عليه وسلم أن الله أوجب ذكره في الأذان والتشهد والخطبة - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٢٤

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير قوله تعالى: (ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً)

- ‌مظاهر نعمة الله على نبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌النعم التي أمتن الله بها على نبيه في سورة الضحى

- ‌النعم التي امتن الله بها على نبيه في سورة الشرح

- ‌النعم التي أمتن الله بها على نبيه في سورة الكوثر

- ‌وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته

- ‌من حقوقه صلى الله عليه وسلم أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم

- ‌من حقوقه صلى الله عليه وسلم أن يكون أحب إلى المؤمن من نفسه وولده

- ‌من حقوقه صلى الله عليه وسلم تعزيره وتوقيره

- ‌من حقوقه صلى الله عليه وسلم عدم مناداته باسمه

- ‌من حقوقه صلى الله عليه وسلم عدم رفع الصوت والتقدم بين يديه

- ‌من حقوقه صلى الله عليه وسلم عدم إيذائه

- ‌من حقوقه صلى الله عليه وسلم أن الله أوجب ذكره في الأذان والتشهد والخطبة

- ‌تشريف الله لمقام النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌إقسام الله بمدة حياة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌إقسام الله بكلام نبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌إقسام الله على تزكية نفس نبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌شفقة الله على نبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌أخذ الله الميثاق على الأنبياء قبله أن يؤمنوا به صلى الله عليه وسلم

- ‌رفع العذاب عن أهل مكة لوجود النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تمام نعمة الله على عبده المصطفى عليه الصلاة والسلام

- ‌الشر لا ينسب إلى الله

- ‌الأسئلة

- ‌حكم إنكار أحاديث الشفاعة

الفصل: ‌من حقوقه صلى الله عليه وسلم أن الله أوجب ذكره في الأذان والتشهد والخطبة

‌من حقوقه صلى الله عليه وسلم أن الله أوجب ذكره في الأذان والتشهد والخطبة

ومن ذلك أن الله رفع له ذكره، فلا يذكر الله سبحانه وتعالى حتى يذكر معه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تصح للأمة خطبة ولا تشهد حتى يشهدوا أنه عبده ورسوله.

وأوجب ذكره في كل خطبة، وفي الشهادتين اللتين هما أساس الإسلام، ولو أن رجلاً أتى بكل شعب الإيمان، وقال: لا إله إلا الله، لكنه لم يشهد أن محمداً رسول الله؛ ما نفعه ذلك، ولبقي على الكفر.

فأي تعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع لذكره فوق هذا التعظيم؟! وقرنه باسمه أيضاً في الأذان الذي هو شعار الإسلام، وفي الصلاة التي هي عماد الدين إلى غير ذلك من المواضع.

ومن نعمه تعالى عليه مدحه له وثناؤه عليه صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128]، وقال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران:31]، وقال تعالى:{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب:45].

ومن لطفه تعالى به قوله عز وجل: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} [التوبة:43] علم الله سبحانه وتعالى أنه لو بدأ بالمعاتبة لانشق قلبه صلى الله عليه وسلم؛ من الهيبة أن يكون قد أغضب الله، فطمأنه أولاً ثم عاتبه، طمأنه أولاً: لا تجزع من هذا العتاب فقد غفرت لك، فقال الله تعالى:((عَفَا اللَّهُ عَنْكَ)) ثم قال: ((لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ))، فقدم العفو على هذا العتاب، وهذا في غاية الإكرام والبر، فقد عاتب الله سبحانه وتعالى الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام بعد الأفعال، وعاتب نبينا صلى الله عليه وسلم قبل وقوعه، فقال تعالى:{وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء:74]، وقال تعالى:{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح:4] وهذا كله من إتمام نعمته عليه، ((وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ)).

وقال تبارك وتعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام:33] وهذا غاية البر والحب والإكرام للنبي عليه الصلاة والسلام، يقول تعالى:((قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ)) يعني: نعلم أنك في غاية الحزن بسبب أنهم يصفونك بالكذب، وأنك تدعي الوحي، وتدعي أنك رسول، وهذا الوصف شاق على الصادق الأمين مثلك، ((قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ)) يشق عليك أن توصف بالكذب -خاصة الكذب على الله سبحانه وتعالى الذي هو أكبر الضلال- فقال:((فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ)) الله سبحانه وتعالى يقول له: أنا خالقهم ومطلع على ما في قلوبهم، فهم يزعمون أنك تكذب بألسنتهم، أما في قلوبهم فهم يعتقدون صدقك، (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) في الحقيقة، وإنما هم يكذبون بإظهار اتهامك بالكذب، وهذا الإخبار يهون الله سبحانه وتعالى به على نبيه صلى الله عليه وسلم العناء الذي كان يلقاه، بسبب أن المشركين يصفونه بالكذب على الله بادعاء الوحي وادعاء النبوة، فطمأنه الله حتى يخفف من جزعه حين يوصف بالكذب.

قال تعالى: ((قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ)) فاطمئن فهم غير صادقين في هذا، ((فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)) فهذا فيه غاية التسلية في أن يرفع الله حزنه باتهامهم له بالكذب، وقد كانوا يسمونه الصادق الأمين، فرفع ذلك الحزن بإخباره أنه صادق عندهم، وأنهم غير مكذبين له، وأنهم معترفون بصدقه، ثم جعل الذم لهم بتسميتهم جاحدين ظالمين، فقال:((وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)).

إذاً: الجحد: هو الإنكار بعد العلم، ثم واساه وعزاه وآنسه فقال له:{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا} [الأنعام:34].

ص: 15