المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌معنى قوله: (فمن عفي له من أخيه شيء) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٣

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ البقرة [178 - 188]

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى)

- ‌خلاف الفقهاء في القصاص

- ‌معنى قوله: (فمن عفي له من أخيه شيء)

- ‌معنى قوله: (فاتباع بالمعروف)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة)

- ‌كلام نفيس للقاسمي في هذه الآية

- ‌بلاغة قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام إن كنتم تعلمون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم)

- ‌معنى قوله تعالى: (وابتغوا ما كتب الله لكم)

- ‌معنى قوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)

- ‌تفصيل معنى قوله تعالى: (وتدلوا بها إلى الحكام)

- ‌معنى قوله تعالى: (لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم)

- ‌معنى قوله تعالى: (وأنتم تعلمون)

الفصل: ‌معنى قوله: (فمن عفي له من أخيه شيء)

‌معنى قوله: (فمن عفي له من أخيه شيء)

قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ} يعني: من القاتلين، {مِنْ أَخِيهِ} يعني: من دم أخيه المقتول، وهذا اللفظ:(مِنْ أَخِيهِ) دليل على أن القاتل لا يكفر كفراً أكبر، ولا يكفر كل من فعل فعلاً سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم كفراً، فقد قال عليه الصلاة والسلام:(سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)، وقال أيضاً:(لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)، ولا شك أن الذنب الذي يسمى كفراً يكون أخطر وأعظم من الذنب الذي لا يسمى كفراً، فهو كفر عملي لا يخرج من الملة إلا باستحلاله.

ومما يستدل به على أن هذا الكفر كفر غير مخرج من الملة قوله تبارك وتعالى في سورة الحجرات: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات:9]، فأثبت الإيمان مع وجود القتال، {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات:9]، ثم قال بعد ذلك:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات:10]، كذلك صدر الآيات هنا بقوله:(يا أيها الذين آمنوا) فالخطاب للمؤمنين مع وقوع التقاتل بينهم، ثم قال أيضاً:(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ) مع وجود القتل لكنه سماه أخاً، فهذا يدل على بقاء أخوة الإيمان مع حصول هذه الكبيرة.

(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ) يعني: من القاتلين، (مِنْ أَخِيهِ) أي: من دم أخيه المقتول، (شَيْءٌ) يعني: بأن ترك القصاص منه، وتنكير (شيء) يفيد سقوط القصاص بالعفو من بعض الورثة، يعني: إذا عفا بعض الورثة وبعضهم لم يعفو يسقط القصاص.

كذلك إذا عفي عن بعض القصاص يسقط كل القصاص، فقوله:(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) يفيد سقوط القصاص بالعفو عن بعضه، وبالعفو من بعض الورثة.

وفي ذكر (أخيه) تعطف داع إلى العفو، وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى، فإنه ذكر وصف الإخوة كي يعطف قلب الذي سيقتص على قلب أخيه الجاني لعله يعفو عنه أو يرأف به، وفيه إيذان بأن القتل لا يقطع أخوة الإيمان.

إذاً: فائدة التعبير بأخيه تعطف داع إلى العفو، وإيذان بأن القتل لا يقطع أخوة الإيمان.

ص: 4