المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلام الزمخشري على قوله: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٣٥

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الحجرات [11 - 13]

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم)

- ‌الإشارة في الآية إلى عدم الاختلاط بين الرجال والنساء

- ‌شمول النهي لكل معاني السخرية

- ‌كلام الغزالي في تحريم السخرية والاستهزاء

- ‌حكم سخرية ممثلي الكوميديا ونحوهم

- ‌حكمة تخصيص النهي عن السخرية بلفظ الجمع (قوم)

- ‌النهي عن اللمز

- ‌النهي عن التنابز بالألقاب

- ‌تفسير قوله: (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن)

- ‌النهي عن الظن السيئ

- ‌النهي عن التجسس

- ‌خطورة النميمة وتسجيل كلام الغير بغير علمه

- ‌وجوب الستر ومعاملة الناس على الظاهر

- ‌معنى التجسس وأدلة تحريمه

- ‌التجسس من المسئول يفسد الرعية

- ‌من التجسس استماع حديث قوم وهم يكرهون ذلك

- ‌النهي عن الغيبة

- ‌كلام الزمخشري على قوله: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه)

- ‌بيان دلالات الآية على شناعة الغيبة

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى)

الفصل: ‌كلام الزمخشري على قوله: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه)

‌كلام الزمخشري على قوله: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه)

قال الزمخشري: ((أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ)) إلى آخره: تمثيل وتصوير لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على أفظع وجه وأفحشه.

(المغتاب): يأتي اسم فاعل ويأتي اسم مفعول، كمختار.

ثم قال: وفيه مبالغات شتى منها: الاستفهام الذي معناه التقرير.

والمبالغة هي من حيث إنه لا يقع إلا في كلام مسلم عند كل سامع حقيقة أو ادعاءً.

((أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ))، فيه مبالغة؛ لأن الاستفهام هو للتقرير، ومعنى ذلك أن هذا الكلام كل الناس يعرفونه، ((أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا)).

قال: ومنها: جعل ما هو الغاية من الكراهة موصولاً بالمحبة، فوصل في الآية:((أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ))، بالمحبة، ((أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ))، وأقبح شيء مكروه أن يأكل لحم أخيه ميتاً.

قال: فانظر إلى التضاد بين المحبة وبين أقصى ما يكره.

ومن المبالغة إسناد الفعل إلى (أحدكم)؛ للإشعار بأن أحداً من الأحادين لا يحب ذلك، حتى لا يوجد واحد يمكن أن يحب ذلك.

ومنها: أنه لم يقتصر على تمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان، حتى جعل الإنسان أخاه، لم يقل: أيحب أحدكم أن يأكل لحم إنساناً، وإنما قال:((أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا)).

ومنها: أنه لم يقتصر على أكل لحم الأخ حتى جعل ميتاً، وهذا أشد، فشبه الغائب بالميت، وشبه الغيبة بأكل لحم أخيه وهو ميت.

وقال ابن الأثير في المثل السائر في بحث الكناية: فمن ذلك قوله تعالى: ((أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ))، فإنه كنى عن الغيبة بأكل الإنسان لحم إنسان آخر مثله، ثم لم يقتصر على ذلك حتى جعله ميتاً، ثم جعل ما هو الغاية من الكراهة موصولاً بالمحبة.

ص: 20