المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٤٣

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الطور [1 - 34]

- ‌بين يدي سورة الطور

- ‌تفسير قوله تعالى: (والطور وكتاب مسطور في رق منشور)

- ‌كلام الشنقيطي في أول سورة الطور

- ‌كلام القاسمي في أول سورة الطور

- ‌معنى قوله تعالى: (والبيت المعمور)

- ‌معنى قوله تعالى: (والسقف المرفوع والبحر المسجور)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يوم تمور السماء موراً وتسير الجبال سيراً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فويل يومئذٍ للمكذبين)

- ‌تفسير الشنقيطي لقوله تعالى: (يوم يدعون إلى نار جهنم دعاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون متكئين على سرر مصفوفة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم)

- ‌تفسير الشنقيطي لقوله تعالى: (وما ألتناهم من عملهم من شيء)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأمددناهم بفاكهة ولهم مما يشتهون يتنازعون فيها كأساً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين)

- ‌تفسير الشنقيطي لقوله تعالى: (قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون أم يقولون شاعر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع)

‌تفسير قوله تعالى: (إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع)

ما مضى هو القسم، أما المقسم عليه فهو قوله تبارك وتعالى:{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} [الطور:7 - 8] يعني: ما له من دافع يدفعه عن المكذبين، فينقذهم منه إذا وقع.

ومثل هذا آيات أخر تثبت نفس هذه الحقيقة، كقول الله تبارك وتعالى:{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذاريات:5 - 6].

وقوله تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران:9]، وقوله تعالى:{إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ} [الأنعام:134]، وقوله تعالى:{لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} [الواقعة:2].

وقوله: ((إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ)) [الطور:7 - 8].

قال جبير بن مطعم رضي الله تعالى عنه: (قدمت المدينة لأسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر، -يعني: كان مشركاً في ذلك الوقت، وأتى لفداء أسرى بدر- فوافيته، -يعني: وصل إلى النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ في صلاة المغرب: {وَالطُّورِ} [الطور:1]، إلى قوله: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ)[الطور:7 - 8]، -فكأنما صدع قلبي)، يعني: كأنما تشقق قلبه إشفاقاً وخوفاً من هذه الآية الكريمة ((إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ))، يقول جبير رضي الله تعالى عنه:(فكأنما صدع قلبي، فأسلمت خوفاً من نزول العذاب، وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب).

وعن هشام بن حسان قال: انطلقت أنا ومالك بن دينار إلى الحسن، وعنده رجل يقرأ:((وَالطُّورِ))، حتى بلغ:((إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ)) [الطور:7 - 8]، فبكى الحسن وبكى أصحابه، فجعل مالك يضطرب حتى غشي عليه.

فهذه الآية من أخوف الآيات في كتاب الله تبارك وتعالى؛ ولذلك جاء أن عمر رضي الله تعالى عنه قرأها في الصلاة فغشي عليه خوفاً وشفقةً من هذا الوعيد الشديد، ولما سقط حمل إلى بيته وظل يعاد أياماً، يزوره الناس يحسبونه مريضاً، وما به مرض، وإنما به الخوف من مما دلت عليه هذه الآية الكريمة! ولما ولي بكار القضاء، جاء إليه رجلان يختصمان، فتوجهت على أحدهما اليمين، فرغب إلى الصلح بينهما، يعني: أن القاضي رغب الشخص الذي حق عليه أن يحلف بالصلح؛ لأن الآخر ليس عنده بينه، فالبينة على من ادعى واليمين على من أنكر، فحاول القاضي أن يحرض هذين الخصمين على الصلح، وحرض الذي قبل أن يحلف أنه يعطي خصمه من عنده عوضاً عن يمينه! يضحي بشيء من ماله عوضاً عن أن يحلف، فأبى إلا أن يحلف أنه ليس عنده شيء، فأحلفه بأول ((وَالطُّورِ))، إلى أن قال له: قل: ((إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ)) [الطور:7] إن كنت كاذباً.

وفي بعض الروايات: قل: إن عذاب الله بي لواقع إن كنت كاذباً، فقالها، وحلف هذا اليمين، فخرج فكسر من حينه، ولم يفصل، يعني: لم يبين الراوي هل انكسرت رقبته مثلاً فمات أم انكسر منه شيء آخر، على أي الأحوال هذا مما يدل على عظم هذه اليمين.

فقوله تعالى: ((إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ)) [الطور:7 - 8]، يعني: لا يدفعه دافع عن المكذبين، فينقذهم منه إذا وقع.

ص: 8