المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صورة من تفاعل الجن مع القرآن، وبعض صور التفاعل وحكمه - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٤٩

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الرحمن [1 - 13]

- ‌تفسير قوله تعالى: (الرحمن علم القرآن)

- ‌تفسير قوله تعالى: (خلق الإنسان علمه البيان)

- ‌النطق أشرف ما خص الله به الإنسان

- ‌الخلاف في معنى قوله: (خلق الإنسان * علمه البيان)

- ‌تفسير قوله تعالى: (الشمس والقمر بحسبان)

- ‌تفسير قوله تعالى: (والنجم والشجر يسجدان)

- ‌تفسير قوله تعالى: (والسماء رفعها ووضع الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان)

- ‌تفسير قوله تعالى: (والأرض وضعها للأنام فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام)

- ‌أدلة فرضية التفكر في خلق الله سبحانه وتعالى وآلائه

- ‌تفسير القاسمي لقوله تعالى: (والأرض وضعها للأنام) وما بعدها من الآيات

- ‌كلام الشنقيطي على قاعدة: (الأصل فيما على الأرض الإباحة حتى يأتي دليل بالمنع)

- ‌تفسير قوله تعالى: (والحب ذو العصف والريحان)

- ‌الأقوال في تفسير الريحان

- ‌تفسير الشنقيطي لقوله تعالى: (فيها فاكهة والحب ذو العصف والريحان)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فبأي آلاءِ ربكما تكذبان)

- ‌وجه تكرار: قوله تعالى: (فبأي آلاءِ ربكما تكذبان) ومعناه

- ‌صورة من تفاعل الجن مع القرآن، وبعض صور التفاعل وحكمه

- ‌حقيقة المخاطبين بقوله: (فبأي آلاء ربكما تكذبان)

- ‌معنى التكذيب بالآلاء وأقسامه

- ‌شهادة النعم بوحدانية الله سبحانه وتعالى

- ‌ما جاء من أقوال المفسرين في قوله تعالى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان)

الفصل: ‌صورة من تفاعل الجن مع القرآن، وبعض صور التفاعل وحكمه

‌صورة من تفاعل الجن مع القرآن، وبعض صور التفاعل وحكمه

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن حتى ختمها ثم قال: ما لي أراكم سكوتاً، للجن كانوا أحسن منكم رداً)؛ لأن هذه السورة قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على الجن ليلة الجن، فلما رأى الصحابة سكوتاً قال:(ما لي أراكم سكوتاً!) هذه إشارة إلى التفاعل مع القرآن؛ لأن بعض الكفار أسلموا لما نظروا إلى المسلمين وهم يصلون، يقول هذا الذي كان كافراً ثم أسلم أشعر أنه يتحدث مع كائن لا نراه.

فأنت في القرآن تتكلم مع الله سبحانه وتعالى وتناجيه وتمجده وتسبحه وتحمده، يعني: هناك تفاعل مع كلام الله سبحانه وتعالى.

إذاً: هذه إشارة إلى أدب من الآداب التي يلتزمها المسلم عند تلاوة القرآن وهي التفاعل مع الآيات، إذا قرأت آية رحمة تسأل الله الرحمة، وإذا قرأت آية عذاب تتعوذ بالله من العذاب، وإذا قرأت آية سؤال تسأل، مثلاً في هذه السورة:{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ترد أيضاً بما يدل على أنك لا تجحد هذه النعم، فالتفاعل مع القرآن من آداب تلاوة القرآن الكريم، يعني: أن تتفاعل مع كل عبارة بما يناسبها، خاصة إذا كان فيها استفهام أو إقرار بنعمة معينة ونحو ذلك، كما في آخر سورة القيامة مثلاً:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:40]؟ تقول: بلى، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين:8]، تقول: بلى، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر:36]؟ تقول: بلى، {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ} [آل عمران:95]، فتتوقف وتقول: صدق الله، {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المطففين:36]؟ تقول: نعم ثوب الكفار ما كانوا يفعلون، مثلاً في آخر سورة الملك:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك:30]، تقول: الله رب العالمين، فلو لم تكن العبارة منصوصاً عليها إلا أن هذا من التفاعل المحمود مع القرآن الكريم، كذلك هنا في هذه السورة عاتب النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على سكوتهم حينما سمعوا سورة الرحمن، فقال لهم:(ما لي أراكم سكوتاً، للجن كانوا أحسن منكم رداً) وفي بعض الروايات: (ما تلوتها على الجن ليلة الجن إلا كانوا أحسن مردوداً منكم) يعني: أنتم سكتم لكنهم كانوا يردون كلما قرأت قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} وفي هذه الرواية قال: (ما لي أراكم سكوتاً، للجن كانوا أحسن منكم رداً، ما قرأت عليهم هذه الآية من مرة: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} إلاّ قالوا: ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد).

يعني: كان كلما تلا عليهم هذه الآية كانوا يردون على النبي صلى الله عليه وسلم بهذا القول: (ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد).

وهذا رواه الترمذي وقال: غريب، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

ص: 18