المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (هذا نزلهم يوم الدين) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٥٤

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الواقعة [15 - 67]

- ‌تفسير قوله تعالى: (على سرر موضونة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (متكئين عليها متقابلين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يطوف عليهم ولدان مخلدون مما يشتهون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وحور عين جزاء بما كانوا يعملون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً سلاماً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأصحاب اليمين ولا ممنوعة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وفرش مرفوعة ثلة من الأولين وثلة من الآخرين)

- ‌تفسير العلامة الشنقيطي لقوله تعالى: (إنا أنشأناهن إنشاءً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأصحاب الشمال ولا كريم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إنهم كانوا قبل ذلك مترفين الحنث العظيم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وكانوا يقولون أئذا متنا أو آباؤنا الأولون)

- ‌التحذير من قلب همزة (أئنا) هاءً

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم)

- ‌تفسر قوله تعالى: (ثم إنكم أيها الضالون شرب الهيم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (هذا نزلهم يوم الدين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (نحن خلقناكم فلولا تصدقون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (نحن قدرنا بينكم الموت فلولا تذكرون)

- ‌كلام الشنقيطي على قوله تعالى: (نحن قدرنا بينكم الموت)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أفرأيتم ما تحرثون بل نحن محرومون)

- ‌دلائل البعث في إنبات الزرع

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (هذا نزلهم يوم الدين)

‌تفسير قوله تعالى: (هذا نزلهم يوم الدين)

قال تعالى: {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} [الواقعة:56].

أي: هذا جزاؤهم في الآخرة، وفيه مبالغة بديعة؛ لأن أصل النزل ما يعد للضيف من الإكرام والطعام والشراب.

فهذا جزاؤهم في الآخرة، فالنزل ما يعد للقادم عاجلاً إذا نزل، أو الضيف حين يصل، فأول شيء يقدم إليه ويعد له ويهيأ له هو النزل لتكريمه به.

فالنزل هو أول ما يعد للقادم عاجلاً إذا نزل، ثم يؤتى بعده بما هو المقصود من أنواع الكرامة، كالذبيحة أو غيرها من الأمور التي تحتاج إلى وقت للإعداد.

فجعل الله تبارك وتعالى ما مر وصفه في قوله تبارك وتعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقعة:51 - 55]؛ كل هذا جعله نزلاً.

فانظر إلى دقة التعبير في قوله تعالى: {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} فهذا هو الترحيب الأولي بهم.

فلما جعل هذا أمراً هيناً كالنزل دل على أن ما بعده لا يطيق البيان شرحه، ولا يمكن أن تتسع لغة لوصف ما يكون بعده من الأهوال، والعياذ بالله.

وجعله نزلاً مع أن النزل هو ما يكرم به النازل؛ تهكماً، كما في قوله: وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا جعلنا القنا والمرهفات له نزلاً يعني: حييناه بالسيوف وقاتلناه.

يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى: قوله تعالى: {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} النزل -بضمتين- هو رزق الضيف الذي يقدم له عند نزوله إكراماً له، ومنه قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [الكهف:107] وربما استعملت العرب النزل في ضد ذلك على سبيل التهكم والاحتقار.

وجاء القرآن باستعماله فيما يقدم لأهل النار من العذاب، كقوله هنا في عذابهم المذكور في قوله:{لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ} [الواقعة:52 - 56] أي: هذا العذاب المذكور هو ضيافتهم ورزقهم المقدم لهم عند نزولهم في دارهم التي هي النار.

يعني أن المقصود به التهكم، كما تقول: هذه تحيتهم.

فهذا تهكم؛ لأن التحية في الأصل إكرام، وهنا نزلهم فيه إهانة وعذاب أليم، كما قال تعالى في حق الكافر الحقير الذليل:{ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان:49].

وقال تعالى في آخر سورة الكهف: {إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا} [الكهف:102] ونظير ذلك من كلام العرب قول أبي السعدي الضبي: وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا جعلنا القنا والمرهفات له نزلاً وقوله تعالى: {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} أي: يوم الجزاء.

ص: 16