المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فضيلة حسن الخلق - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٧٨

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ القلم [1 - 33]

- ‌تفسير قوله تعالى: (ن والقلم وما يسطرون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ما أنت بنعمة ربك بمجنون غير ممنون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإنك لعلى خلقٍ عظيم)

- ‌فضيلة حسن الخلق

- ‌تفسير قوله تعالى: (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلا تطع المكذبين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ودوا لو تدهن فيدهنون)

- ‌تفسير قوله: (ولا تطع كل حلاف مهين أساطير الأولين)

- ‌حكم الحلف بالله

- ‌معنى المهين والهماز بنميم المناع للخير

- ‌معنى قوله: (عتل)

- ‌معنى قوله: (زنيم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (سنسمه على الخرطوم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة ولا يستثنون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فأصبحت كالصريم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فتنادوا مصبحين إن كنتم صارمين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فانطلقوا وهم يتخافتون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وغدوا على حرد قادرين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال أوسطهم إنا كنا ظالمين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فأقبل بعضهم على بعض إنا إلى ربنا راغبون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون)

الفصل: ‌فضيلة حسن الخلق

‌فضيلة حسن الخلق

ثم يعلق القرطبي بعدما ذكر الخلاف في المقصود بقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} فقال: ما ذكرته عن عائشة في صحيح مسلم أصح الأقوال، وسئلت أيضاً عن خلقه صلى الله عليه وسلم فقرأت {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] إلى عشر آيات، وقالت: ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما دعاه أحد من الصحابة ولا من أهل بيته إلا قال: لبيك.

ولذلك قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ، ولمُ يذكَر خلق محمود إلا وكان للنبي صلى الله عليه وسلم منه الحظ الأوفر.

وقال الجنيد: سمي خلقه عظيماً لأنه لم تكن له همة سوى الله تعالى.

وقيل: سمي خلقه عظيماً لاجتماع مكارم الأخلاق فيه.

يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله بعثني لأتمم مكارم الأخلاق).

وقيل: لأنه امتثل تأديب الله تعالى إياه بقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199]، وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:(أدبني ربي تأديباً حسناً إذ قال {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199]، فلما قبلت ذلك منه قال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}).

ولم يعزه القرطبي إلى أي مصدر.

وروى الترمذي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله تعالى ليبغض الفاحش البذيء)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصلاة والصوم)، وقال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه.

(وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: تقوى الله وحسن الخلق، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج)، وقال: هذا حديث صحيح غريب.

وعن عبد الله بن المبارك أنه وصف حسن الخلق فقال: هو بسط الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى.

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون.

قالوا: يا رسول الله! قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال المتكبرون) والمتشدق: الذي يتطاول على الناس ويبذو عليهم بالكلام البذيء.

هذه جملة من الأحاديث في فضيلة حسن الخلق، وهو ما اتصف به النبي صلى الله عليه وسلم وزكاه الله تبارك وتعالى به.

وهذه الآية لا أقول: تحتاج شهوراً ولا سنوات، بل تحتاج عمراً حتى يستطيع الإنسان أن يعطيها حقها من التأمل في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أدل على ذلك من أنه في هذا الوقت المتأخر قام بعض العلماء الأفاضل فجمع موسوعة كاملة في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أحد المؤلفين لها فضيلة الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، إمام الحرم المكي، حيث أشرف على تأليف موسوعة اسمها (روضة النعيم في أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، في حوالي اثني عشر مجلداً ضخماً في ذكر أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم.

فلا شك أننا مهما أطلنا الكلام لم نوف هذه الآيات حقها، فأعظم ما مدح الله سبحانه وتعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم هذا الوصف الشامل الجامع.

{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ، فسيرته صلى الله عليه وسلم لا شك أنها هي التي تشرح لنا كيف كان خلقه صلى الله عليه وسلم عظيماً، فنحيل من استطاع الرجوع إلى هذه الموسوعة الرائعة التي فيها بيان وتفسير لأخلاق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

ص: 5