المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٨

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ البقرة [243 - 252]

- ‌تفسير قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت)

- ‌قدرة الله تعالى على الإماتة والإحياء

- ‌فضل الله تعالى على الناس

- ‌الحث على الجهاد

- ‌الحكمة من ذكر القصص في القرآن

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً)

- ‌تفسير السيوطي لقوله تعالى: (أم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلما فصل طالوت بالجنود)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولما بروزا لجالوت وجنوده)

- ‌تفسير قوله تعالى: (تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين)

- ‌تفسير القاسمي لقوله تعالى: (ولما برزوا لجالوت وجنوده)

- ‌قصة طالوت وجالوت في التوراة

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت)

‌تفسير قوله تعالى: (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت)

قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة:248] يعني: لما طلبوا منه آية على ملكه، قال:{إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ} [البقرة:248] يعني: الصندوق، يقول السيوطي: كان فيه صور الأنبياء أنزله الله على آدم إلخ هذه من المآخذ الشديدة على السيوطي في تفسير الجلالين، وهي التساهل في سرد مثل هذه الإسرائيليات بلا سند وبلا دليل، كما سبق أن أشرنا إلى قوله رحمه الله تعالى في قوله تبارك وتعالى:((فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ)) حيث قال: فعاشوا دهراً عليهم أثر الموت لا يلبسون ثوباً إلا عاد كالكفن! ما الدليل على هذا؟ أيضاً قال السيوطي هنا: إن التابوت -وهو الصندوق- كان فيه صور الأنبياء أنزله الله على آدم واستمر إليهم فغلبتهم العمالقة عليه، وأخذوه، وكانوا يستفتحون به على عدوهم، ويقدمونه في القتال ويسكنون إليه! وقد رد القاضي كنعان على قول السيوطي: كان فيه صور الأنبياء، فقال: لقد تساهل السيوطي رحمه الله في هذا من غير دليل، ثم إن قوله هذا مخالف لإخباره تعالى عما في التابوت؛ لأن الله ما قال: فيه صور الأنبياء، وإنما قال:{فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة:248]، وأيضاً ففي تصوير الأنبياء بعد وغرابة، بالإضافة إلى أن حكم التصوير في الشرائع السابقة غير معلوم لدينا، فلنقف عند حدود ما أخبر الله تعالى به، ولنترك المبالغة؛ فإنها غير محمودة.

وهذه الملاحظات أنتم مسئولون عنها في التفسير؛ حتى لا تعتمد كلام السيوطي فيها، فتذكر الكلام الأصح.

{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة:248] يقول: (فيه سكينة) أي: طمأنينة لقلوبكم {مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} [البقرة:248] أي: تركاهما، وهي نعلا موسى، وعصاه، وعمامة هارون، وقفيز من المنّ الذي كان ينزل عليهم، ورضاض من الألواح يعني: فتات من الألواح {تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ} [البقرة:248] هذا حال من فاعل يأتيكم: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ} [البقرة:248] يعني: على ملكه {إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة:248]، فحملته الملائكة بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه حتى وضعته عند طالوت؛ فأقروا بملكه وتسارعوا إلى الجهاد، فاختار من شبابهم سبعين ألفاً.

يقول القاسمي رحمه الله تعالى: ((وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ)) أي: إن علامة أن ملكه من الله تعالى ((أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ)) أن يرد الله إليكم التابوت الذي أخذ منكم، وهو صندوق التوراة:((فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ)) فيه وقار وجلال وهيبة، أو فيه سكون نفوس بني إسرائيل، يتقوون به على الحرب، (وبقية) أي: جملة مما ذهب جلها ((مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ)) يعني: من آثارهم الفاضلة.

((تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ)) أي: في رد التابوت إليكم، ((لَآيَةً لَكُمْ)) لعلامة لكم على أنه ملكه الله ((إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ)) أي: بآيات الله وأنبيائه.

قال البقاعي رحمه الله: التابوت -والله أعلم- الصندوق الذي وضع فيه اللوحان اللذان كتب فيهما العشر الآيات، ويسمى تابوت الشهادة، وكانوا إذا حاربوا حمله جماعة منهم، ويتقدمون به أمام الجيش، فيكون ذلك سبب انتصارهم، وكان العمالقة أصحاب جالوت قد أخذوه منهم في جملة ما أخذوا من نفائسهم، وقد ذكرهم بمآثره ترغيباً فيه وحملاً لهم على قبول قيادة طالوت لهم، قال:{فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} .

ص: 12