المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين يكفرون بآيات الله) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٢٣

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ آل عمران [21 - 41]

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين يكفرون بآيات الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أولئك الذين حبطت أعمالهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب)

- ‌وجه حمل لفظ كتاب الله في الآية على التوراة

- ‌فوائد وثمرة الآية الكريمة

- ‌تفسير قوله تعالى: (ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه)

- ‌تفسير السيوطي لقوله تعالى: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب) والآيتين بعدها

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء بغير حساب)

- ‌أسباب الحصول على الملك وأسباب نزعه

- ‌تفسير قوله تعالى: (تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل)

- ‌تفسير السيوطي لقوله تعالى: (قل اللهم مالك الملك) والآية بعدها

- ‌تفسير قوله تعالى: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء والله رءوف بالعباد)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً)

- ‌تفسير السيوطي لقوله تعالى: (لا يتخذ المؤمنون) إلى قوله تعالى: (يوم تجد كل نفس) الآيات

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل أطيعوا الله والرسول)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ذرية بعضها من بعض)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فتقبلها ربها بقبول حسن)

- ‌تفسير قوله تعالى: (هنالك دعا زكريا ربه)

- ‌وقفة مع قوله تعالى: (هب لي ذرية)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال رب أني يكون لي غلام وقد بلغني الكبر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال رب اجعل لي آية)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين يكفرون بآيات الله)

‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين يكفرون بآيات الله)

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران:21].

قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ))، وهم اليهود لعنهم الله، فقد قتلوا زكريا وابنه يحيى عليهما السلام، وقتلوا حزقيال عليه السلام قتله قاض يهودي لما نهاه حزقيال عن منكر فعله.

وزعموا أنهم قتلوا عيسى بن مريم عليهما السلام، وسعوا بالفعل إلى قتل المسيح عليه السلام، لكن الله عز وجل أنجاه منهم.

ولما كان اليهود الذين في المدينة راضين بصنيع أسلافهم صحت هذه الإضافة إليهم.

وقوله تعالى: (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ) إشارة أن قتلهم للأنبياء كان بغير حق في اعتقادهم أيضاً، ومعلوم أن مثل هذا القيد لا مفهوم له، أي لا يفهم منه أنه يمكن أن يقتل رجل نبياً ويكون على حق، فمفهوم المخالفة هنا ملغي غير معتبر، بل كل من يقتل نبياً أو يؤذيه فهو بلا شك على غير الحق، ولهذا المفهوم نظائر في القرآن الكريم، وذلك مثل قوله تعالى:{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [الإسراء:31]، فليس معنى ذلك أنه يجوز قتلهم لسبب آخر غير خوف الإملاق؟ ومثل قوله تعالى:{لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران:130]، فليس معنى ذلك أنه يجوز أكل الربا إن كان قليلاً لا يصل إلى أضعاف مضاعفة.

ومثل قوله عز وجل: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [المؤمنون:117]، هل يحتمل أن يعبد رجل غير الله ويكون له عنده برهان عليه؟ لا يمكن، فمفهوم هذا لا يعتبر بل هو ملغي.

إذاً: فكل قتل للأنبياء يكون بغير حق، ولكن الحكمة من نصه تعالى هنا على قوله:(بغير حق) الإشارة إلى أنهم يعتقدون أن قتلهم للأنبياء محرم عليهم، وأنه ليس لهم حق في قتلهم.

إن رأس يحيى عليه السلام لما قطعوه أهدوه إلى بغي من بغايا بني إسرائيل.

فقتل الأنبياء حرفة يهودية قديمة، فهم مجرمون سفاكو دماء سفاحون، لم تتغير فيهم هذه الطبيعة الخبيثة.

لا شك أن ما هم عليه من قتل الأنبياء بغير حق فكذلك هم (وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ)، وهذا وإن كان في اليهود نزوله، لكنه عام في كل من يتصف بهذه الصفات، فإن قتل الذين يأمرون بالقسط من الناس؛ بسبب أنهم يأمرونهم بالقسط، أقبح وأسوأ أنواع الكبر، كما قال النبي صلى الله عليه على آله وسلم:(الكبر بطر الحق وغمط الناس)، وهذا رواه مسلم، فيجمع بين التكبر على الحق وبين غمط الناس وذلك ببخسهم منازلهم وبخسهم حقوقهم، ولهذا لما تكبروا عن الحق واستكبروا على الخلق قابلهم الله على ذلك بالذلة والصغار في الدنيا، والعذاب المهين في الآخرة، فلذلك قال تعالى:((فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)).

يقول السيوطي رحمه الله تعالى: قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ))، وفي قراءة:(يقاتلون).

((بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ))، أي بالعدل.

((مِنَ النَّاسِ))، وهم اليهود روي أنهم قتلوا ثلاثة وأربعين نبياً، فنهاهم مائة وسبعون من عبادهم فقتلوهم من يومهم.

(فبشرهم) أعلمهم.

(بعذاب أليم) أي: مؤلم، وذكر البشارة تهكم بهم، ودخلت الفاء في خبر إن لشبه اسمها الموصول بالشرط.

ص: 2