المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٢٨

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ آل عمران [169 - 185]

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً)

- ‌حياة الشهداء في الجنة

- ‌علاقة الروح بالبدن

- ‌تفسير قوله تعالى: (فرحين بما آتاهم الله من فضله

- ‌تفسير قوله تعالى: (يستبشرون بنعمة من الله وفضل)

- ‌تفسير قوله تعالى: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل)

- ‌أقوال المفسرين في قوله تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا) وما بعدها من الآيات

- ‌تفسير قوله تعالى: (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولا يحسبن الذين كفروا أن ما نملي لهم خير لأنفسهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء)

- ‌فوائد من قوله تعالى: (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد)

- ‌صيغة المبالغة في قوله: (ظلام) ووجه الإشكال والجواب عنه

- ‌تفسير قوله تعالى: (الذين قالوا إن الله عهد إلينا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك)

- ‌حقيقة القربان عند أهل الكتاب وأنواعه

- ‌تفسير السيوطي لقوله تعالى: (الذين قالوا إن الله عهد إلينا) وما بعدها

- ‌تفسير قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم)

- ‌أقوال المفسرين في قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله)

‌تفسير قوله تعالى: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله)

{وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آل عمران:180].

قال تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} ، بالياء والتاء.

{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ، أي: بزكاته.

{هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} أي: هذا البخل خيراً لهم.

أي: لا تحسبن بخل الباخلين خيراً لهم، أو لا يحسبن الباخلون بخلهم خيراً لهم.

{بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ} ، يعني: ما بخلوا بزكاته من المال.

{يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ، بأن يجعل حية في عنقه تنهشه كما صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له ماله شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتيه -اللهزمتان: جانبا الفم- ويقول: أنا مالك أنا كنزك، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية ((سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ))).

{وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} أي: يرثهما بعد فناء أهلهما، {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ} بالتاء والياء، {خَبِيرٌ} فيجازيكم به.

يقول القاسمي: اعلم أنه تعالى لما بالغ في التحريض على بذل النفس في الجهاد في الآيات المتقدمة، شرع هاهنا في التحريض على بذل المال في سبيل الله، وبين الوعيد الشديد لمن يبخل ببذله فيه، وإيراد ما بخلوا به بعنوان إيتاء الله تعالى إياه من فضله، يعني: أن هذا المال ليس مالهم وإنما هو عطية من الله.

(ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله) ليس مالهم وإنما هو مال الله تبارك وتعالى؛ للمبالغة في بيان سوء صنيعهم، فإن ذلك من موجبات بذله في سبيله، أي: إذا كان الله هو الذي أعطاك فيجب عليك أن تبذل في سبيله هذا القدر البسيط، وهو نسبة الزكاة المعروفة، كما قال تعالى:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد:7]، فلا يحسبن هؤلاء ذلك خيراً لهم بل هو شر لهم؛ لأنه سيجلب لهم العقاب (سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة) وقد جاءت أحاديث كثيرة في تفاصيل هذا العذاب أشرنا إلى طرف منها.

ثم أشار تعالى إلى أنهم وإن لم ينفقوا أموالهم في سبيله فهي راجعة إليه: {وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} ، أي: ما يتوارثه أهلهما من مال وغيره، فما لهم يبخلون عليه بملكه، ولا ينفقون في سبيله؟ ونظيره قوله تعالى:{وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد:7] فهذا على حقيقته، كما قال الزجاج: أي أن الله تعالى يفني أهلهما فيفنيان بما فيهما، فليس لأحد فيهما ملك فخوطبوا بما يعلمون؛ لأنهم يجعلون ما يرجع إلى الإنسان ميراثاً ملكاً له، {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} ، يعني: فيجازيكم على المنع والبخل، وفي قراءة أخرى (والله بما تعملون خبير) فيجازيكم به.

ص: 15