المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٤

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ البقرة [21 - 34]

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الناس اعبدوا الله ربكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (الذي جعل لكم الأرض فراشاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلها)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم)

- ‌الرد على قياس إبليس الفاسد

- ‌حكم السجود لغير الله

- ‌نوعية الملائكة الذين سجدوا لآدم عليه السلام

- ‌جنس إبليس

- ‌تحديد وقت كفر إبليس

- ‌الرد على من قال: إن الشجرة التي نهي آدم عنها هي شجرة العلم والمعرفة

- ‌الرد عل من يزعم أن آدم وحواء ورثا البشرية الخطيئة

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة)

‌تفسير قوله تعالى: (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة)

لما ضرب الله سبحانه وتعالى المثل بالذباب في قوله: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا} [الحج:73]، وفي قوله:{كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ} [العنكبوت:41] فكأن اليهود استغربوا وقالوا: كيف تزعمون أن القرآن كلام ربكم وكلام إلهكم ثم يذكر هذه الأشياء الحقيرة، مثل: الذباب والعنكبوت؟! فأنزل الله سبحانه وتعالى رداً عليهم هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة:26] و (مثلاً) المفعول الأول و (ما) المفعول الثاني؛ لأن (ما) هذه اسمية إبهامية، وإذا دخلت كلمة (ما) الاسمية الإبهامية على اسم نكرة أبهمته إبهاماً تاماً وزادته شيوعاً وعموماً، كقولك: أعطني كتاباً ما.

أي: أعطني أي كتاب كان، فمعنى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا} [البقرة:26] يعني أن يجعل أي مثل كان، أو تكون (ما) زائدة لتأكيد حقارتها.

قوله: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} البعوض هو صغار البق قوله: {فَمَا فَوْقَهَا} يعني: ابتداء من البعوضة فما هو أكبر منها، أي: لا يترك الله سبحانه وتعالى بيانه لما في هذا المثل الذي يضربه الله من الحكم أو معنى: {فَمَا فَوْقَهَا} يعني: ما دونها، فيكون المقصود ما يكون أقل منها في الصغر، فهذا من الأضداد.

إذاً: يريد الله سبحانه وتعالى أن يبين لهم أنه كما لا يستنكف الله عن خلقها كذلك لا يستنكف عن ضرب المثل بها، وقد ضرب المثل في القرآن الكريم بالذباب فقال سبحانه:{وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج:73]، وضرب المثل بالعنكبوت فقال سبحانه:{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت:41] فالتمثيل إنما يصار إليه لما فيه من كشف المعنى، بغض النظر عن الشيء الذي ضرب به المثل هل هو حقير أم عظيم، فالمقصود كشف هذه المعاني وتجليتها؛ فلذلك لا يستحيي الله أن يضرب مثلاً بهذه الأشياء.

قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ} [البقرة:26] الهاء تعود على المثل.

قوله: {فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ} أي: المثل الثابت الواقع موقعه {مِنْ رَبِّهِمْ} .

قوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} [البقرة:26] إعراب (مثلاً) هنا: تمييز، يعني: ماذا أراد الله بهذا المثل؟ و (ما) اسم استفهام وإنكار، يعني: أي فائدة في هذا المثل؟ فرد الله سبحانه وتعالى عليهم استنكارهم بقوله تعالى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} [البقرة:26] يعني: هذا المثل يضل الله به كثيراً عن الحق؛ لكفرهم به، ويهدي به كثيراً من المؤمنين؛ لتصديقهم به.

قوله: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} [البقرة:26] أي: الخارجين عن طاعته.

ص: 7