المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أقوال المفسرين في قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح) وما بعدها - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٤٤

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ المائدة [67 - 81]

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك)

- ‌الأدلة الواردة في بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ التام

- ‌قصص من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في بيان عصمة الله له وحفظه

- ‌محاولة أبي جهل قتل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌محاولة كلدة بن أسد قتل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌محاولة أبي لهب قتل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مساومة عتبة بن ربيعة للنبي صلى الله عليه وسلم على ترك دينه

- ‌قصة سراقة في طريق الهجرة

- ‌المشرك يخترط سيف رسول الله فيمنعه الله منه

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وحسبوا ألا تكون فتنة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً)

- ‌أقوال المفسرين في قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح) وما بعدها

- ‌تفسير قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم)

- ‌إفادة الآية النهي عن الغلو عموماً في كل أحكام الدين

- ‌النهي عن اتباع الأئمة المضلين

- ‌تفسير قوله تعالى: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل لبئس ما كانوا يفعلون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه)

الفصل: ‌أقوال المفسرين في قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح) وما بعدها

‌أقوال المفسرين في قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح) وما بعدها

يقول القاسمي في تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة:72].

قال الرازي: هذا قول اليعقوبية منهم، يقولون: إن مريم ولدت إلهاً.

ولعلّ معنى هذا المذهب أنهم يقولون: إن الله تعالى حل في ذات عيسى واتحد بها.

تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً! ثم بين تعالى أنهم صموا عن مقالات عيسى الداعية إلى التوحيد كما وصفهم في الآيات السابقة ((ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا))، فعموا وصموا عن الآيات التي دعاهم عيسى من خلالها إلى توحيد الله تبارك وتعالى، فيقول عز وجل:((وَقَالَ الْمَسِيحُ)) يعني أن هذا المسيح بريء من هذا الكلام كله، فالمسيح ما دعا إلى عبادته، كما قال تعالى:{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران:79]، فالله سبحانه وتعالى يقول:((لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ))، فهو نص واضح وصريح في حكم من قال بهذه المقالة، فلا يبقى بعد ذلك أدنى شك، فمن قال: إن النصارى مؤمنون أو موحدون، أو: إنهم من أهل الجنة فقد خرج من الإسلام بالكلية، وهذه ردة عن دين الله؛ لأن هذا القول فيه تكذيب لهذه الآيات الصريحة والقاطعة من القرآن الكريم، فلا يصح أبداً للإنسان الانتساب إلى الإسلام إذا كان يزعم أن النصارى في الجنة مع كفرهم ومع قولهم:((إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ)) أو غير ذلك من مقولاتهم الشركية.

فهذا لا جدال فيه ولا مراء، وإن كان هذا بدأ يبدو غريباً عند بعض الأصناف التي أوغلت في الجهل وفي المعاندة لدين الله تبارك وتعالى، فهم يصفون النصارى مع المسلمين على أنهم أهل الإيمان، وبعضهم يقول: أديان التوحيد الثلاثة.

حتى إن كبير القوم يشعر بأن عقيدته عورة -أي: عقيدة التثليث-، فلذلك يشعر بالانهزام أمام توحيد المسلمين، فإذا خطب على الملأ في المواكب وحفلات النفاق المعروفة يرى أن هذه موضة جديدة الآن، فيستحيي ويخجل من أن يقول: باسم كذا وكذا وكذا من الثلاثة الآلهة المزعومة عندهم، وإنما يقول الآن: باسم الإله الواحد الذي نعبده جميعاً، فهذا اعتراف منه بأن عقيدته عورة، وهو يحاول أن ينكرها بقوله: باسم الإله الواحد الذي نعبده جميعاً.

حتى يوهم بعض السذج من المسلمين فيقولون: هؤلاء الناس موحدون مثلنا.

فها هو يقول: باسم الله الواحد الذي نعبده جميعاً وهم يعبدون عبداً من عباد الله، يعبدون المسيح عليه السلام، أما نحن فنعبد الله عز وجل.

يقول تعالى: {وَقَالَ الْمَسِيحُ} [المائدة:72] وهذه هي دعوة المسيح عليه السلام ((يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ))، بل إن أول كلمة نطق بها المسيح عليه السلام عندما نطق في المهد:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} [مريم:30] إلى آخر الآية.

وقبل أن يقول: (ربكم) قال: (ربي)، ولم يقل: اعبدوني.

وإنما قال: (اعبدوا الله)، ومعنى:(اعبدوا الله): وحدوه.

ثم صرح بقوله: (ربي وربكم) قمعاً لمادة توهم الاتحاد، يعني: هو ربي وهو ربكم فهذا استئصال لوهم أن هناك اتحاداً بين المسيح وبين الله عز وجل.

والمسيح قال لهم أيضاً: ((إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ))، فكيف والشرك أعظم وجوه الظلم؟ ((وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)) أي: ما لهم من أحد ينصرهم بإنقاذهم من النار إما بطريق المغالبة أو بطريق الشفاعة، فليس للكافرين أو للظالمين أنصار يغالبون الله سبحانه وتعالى، أو يغلبون الملائكة حتى ينقذوا هؤلاء من النار، ولا يستطيعون -أيضاً- نصرهم عن طريق الشفاعة، في أن يشفعوا لهم عند الله كي يخرجونهم من النار.

ص: 20