المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سبب العطف في سورة البقرة بالواو وفي سورة الأعراف بالفاء - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٥

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ البقرة [35 - 49]

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً)

- ‌سبب العطف في سورة البقرة بالواو وفي سورة الأعراف بالفاء

- ‌سبب أكل آدم من الشجرة

- ‌تفسير قوله تعالى: (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدى)

- ‌الخلاف في ماهية ومكان الجنة التي أهبط منها آدم عليه السلام

- ‌تفسير قوله تعالى: (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً)

- ‌نفي الشفاعة عن الكفار

- ‌أقسام الشفاعة المنفية

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب)

الفصل: ‌سبب العطف في سورة البقرة بالواو وفي سورة الأعراف بالفاء

‌سبب العطف في سورة البقرة بالواو وفي سورة الأعراف بالفاء

قوله تعالى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا} [البقرة:35] فعطف بالواو، وفي سورة الأعراف قال تبارك وتعالى:{وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا} [الأعراف:19] وهذا عطف بالفاء يقول القاسمي رحمه الله: جاء في آية الأعراف (فكلا)، وفي آية البقرة بالواو؛ لأن كل فعل عطف عليه شيء وكان ذلك الفعل كالشرح، وذكر الشيء كالجزاء؛ عطف بالفاء دون الواو؛ لأن الفعل يقع في جواب الشرط، فإذا فهم من سياق النص عطف بالفاء لا بالواو، كقوله تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا} [البقرة:58] يعني: كانوا خارج القرية، فكأن الله سبحانه وتعالى يقول لهم: إذا دخلتم فكلوا منها، يقول: لما كان الأكل ووجود الأكل منها متعلقاً بدخولها ذُكر بالفاء، وكأنه قال: إن دخلتموها أكلتم منها، ففيها معنى فعل الشرط وجواب الشرط، فجاء فيها بالفاء فقال:{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا} [البقرة:58].

وقال في الأعراف: {اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا} [الأعراف:161] بالواو دون الفاء لأنه من السكنى، وهو المقام مع اللبث الطويل، فقوله:(اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ) المقصود هنا: التعبير بالإقامة فيها، فهل الإقامة فيها تستلزم الأكل؟ لا، لا تستلزم أن يظل الإنسان مقيماً في القرية لا يقوم فيها بشيء غير الأكل، فالسكون هنا هو مجرد اللبث في القرية، فلذلك يقول:{وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا} [الأعراف:161] بالواو دون الفاء لأنه من السكنى، وهو المقام مع اللبث الطويل، ومن دخل بستاناً قد يأكل منه وقد لا يأكل منه، فلما لم يتعلق الثاني بالأول تعلق الجزاء بالشرط عطف بالواو، فلذلك قال في هذه الآية:{اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا} [الأعراف:161] لكن في الآية الأخرى قال: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا} [البقرة:58]؛ لأنهم كانوا خارج القرية، والمراد: إن دخلتموها فكلوا، أما هذه فالأمر منصب على معنى الاستقرار فيها، ولا يستلزم ذلك الأكل منها.

يقول: وإذا ثبت هذا نقول: قد يراد بـ (اسكن) الزم مكاناً دخلته، ولا تنتقل عنه، وقد يراد: ادخله واسكن فيه، فقوله تعالى هنا في سورة البقرة:{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا} [البقرة:35] يدل على أن آدم دخل الجنة، وكان موجوداً فيها، فلذلك عطف بالواو، فالمراد هنا: المكث، والأكل لا يتعلق به، فجيء بالواو، وفي الأعراف ورد الأمر قبل أن يدخل الجنة فقال:{وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأعراف:19]، والمراد: الدخول، والأكل متعلق به، يعني: إن دخلت فكل، فلذلك وردت بالفاء في الأعراف وبالواو في سورة البقرة.

ولم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة الصحيحة تعيين هذه الشجرة؛ إذ لا حاجة إليه؛ لأنه ليس المقصود أن تعرف عين تلك الشجرة، وما لا يكون مقصوداً لا يجب بيانه.

وقوله: {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة:35] أي: الذين ظلموا أنفسهم بمعصية الله تبارك وتعالى.

ص: 3