المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٥٣

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الأنعام [59 - 71]

- ‌تفسير قوله تعالى: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو إلا في كتاب مبين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وهو الذي يتوفاكم بالليل ينبئكم بما كنتم تعملون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وهو القاهر فوق عباده)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق)

- ‌الجمع بين قوله: (الله يتوفى الأنفس) وقوله: (يتوفاكم ملك الموت) وقوله: (توفته رسلنا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً لعلهم يفقهون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وكذب به قومك وهو الحق وسوف تعلمون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا)

- ‌وجوب اجتناب مجالس الملحدين وأهل اللغو

- ‌الخوض في آيات الله المقصود به: الخوض بالطعن والاستهزاء

- ‌ثمار الآية الكريمة

- ‌تفسير قوله تعالى: (وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وذر الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا لنسلم لرب العالمين)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون)

‌تفسير قوله تعالى: (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون)

قال تعالى: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} [الأنعام:64].

بعد ما أمره تعالى أن يبكتهم بانحطاط شركائهم عما زعموا لهم؛ لأنهم يخصون الحق سبحانه وتعالى بالالتجاء إليه عند الشدائد أمره تعالى بالجواب تنبيهاً على ظهوره وتعينه عندهم، تنبيهاً على أن الجواب عندهم معروف، فأنتم تلجئون إلى من؟ (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون).

أو المقصود بالجواب هنا الإهانة لهم بقوله: (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب) يعني: ينجيكم منها من غير شفاعة من أحد ولا عون (ثم أنتم تشركون) أي: ثم أنتم بعدما تشاهدون النجاة من هذه الظلمة وهذه الشدة التي تعدوننا فيها بالشكر وعداً وثيقاً بالقسم حيث تحلفون (لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين) وتدعونه تضرعاً وخفيةً وتنسون ما يشركون، ثم بعد ذلك إذا نجوتم تنسبون النجاة الحاصلة بعد تخصيصه سبحانه وتعالى بالدعوة إلى شفاعة الشريك، فقد جعلتم الشرك مكان الشكر! ولا شك في أن لكثير من الناس في هذا الزمان حظاً من هذا البلاء المتلاطم والمتراكم، فكم نسمع من القصص الخيالية التي يُلبس بها على الناس أن الشيخ الفلاني كان في أناس فوق سفينة وكادوا يغرقون، فقالوا: يا شيخ فلان ودعوه فنجاهم! ولا شك في أن هذه الصورة هي أقبح من هذه الصور التي حكاها القرآن عن المشركين الأوائل؛ لأن هؤلاء كانوا يوحدون الله سبحانه وتعالى بالدعوة ظاهراً وباطناً عند الشدة، ثم بعد ذلك يشركون للجهل، والآن نجد من يشرك بالله سبحانه وتعالى حتى في الشدة، ويتجه إلى البدوي والدسوقي والحسين وآل البيت إلى غير ذلك من هذه الآلهة التي تعبد من دون الله عز وجل، حتى إن الواحد منهم -كما حكى أكثر من واحد من العلماء عن هؤلاء الناس الذين يزعمون أنهم مسلمون- إذا سألته المحكمة أن يحلف بالله عز وجل حلف به كاذباً، فإذا قال له القاضي: احلف بالشيخ فلان تلعثم ونطق بالحق! وكأن الله سبحانه وتعالى أهون عنده من هؤلاء الذين يتخذهم أنداداً من دون الله عز وجل.

وقوله تبارك وتعالى: (تدعونه تضرعاً وخفية) استدل به بعض المفسرين على أن الإسرار بالدعاء أفضل من الجهر به، قيل: وكان جهر النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء ليعلم غيره.

ص: 8