المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٥٧

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الأنعام [111 - 121]

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه)

- ‌سبب نزول قوله تعالى: (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم) الآية

- ‌مشروع التسمية عند الذبح

- ‌حكم الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله)

‌تفسير قوله تعالى: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله)

بعدما بين الله سبحانه وتعالى حال هؤلاء الكافرين المعرضين عن الحق حذر وبين أن مثل هؤلاء لا يستحقون أن يطاعوا، ومثل هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة، والذين يصدون عن سبيل الله بهذه الصورة لا يستحقون أن ينقاد لهم المسلم، ولا أن يكون تابعاً لهم، فقال تبارك وتعالى:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام:116].

قوله: (وإن تطع أكثر من في الأرض) يعني: أكثر من في الأرض من الناس، وهم الكفار؛ لأن أكثر من في الأرض هم من الكافرين، وهذا نستطيع أن نعرفه بمراجعة حديث:(إن الله سبحانه وتعالى يقول لآدم يوم القيامة: يا آدم! أخرج بعث النار) فحينما يستوضح آدم: ما بعث النار؟ يأتيه

‌الجواب

( من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين) أي: يذهبون إلى النار، وواحد فقط هو الذي ينجو، فهذا دليل واضح جداً بجانب الأدلة القرآنية على أن أكثر أهل الأرض من الكفار، ولذلك يقول تعالى:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ} [هود:17]، ويقول أيضاً:{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:103] وقال تعالى: {وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ} [الصافات:71]، وقال أيضاً:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء:8].

وقوله: ((يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)) يعني: عن الطريق الموصل إلى الله سبحانه وتعالى بتزيين زخارفهم عليك ودعوتهم إياك إلى ما هم فيه من اتباع الهوى، كما قال عز وجل:((إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ)) و (إن) هنا بمعنى (ما).

والمراد ظنهم أن آباءهم كانوا على حق، فهم يقلدونهم.

وقوله: ((وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)) يعني: يكذبون على الله سبحانه وتعالى فيما ينسبون إليه، كاتخاذ الولد، وجعل عبادة الأوثان صلة إليه، وتحليل الميتة، وتحريم البحائر إلخ.

((وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)) من الخرص، والخرص هو الحزر والتخمين، ولا يستعمل إلا فيما يشك الإنسان فيه ولا يكون على يقين منه، وقد يعبر به عن الكذب والافتراء.

وأحياناً تكون كلمة الخرص بمعنى الكذب، وأصل الخرص القول بالظن، وقول ما لا يستيقن ويتحقق منه، ومنه: خرص النخل خرصاً، وخرص النخل هو حزره ليأخذ منه الخراج أو الزكاة.

والمقصود من الآيات أن هؤلاء الكفار الذين ينازعونك في دينك ومذهبك غير قاطعين بصحة مذاهبهم، بل لا يتبعون إلا الظن، وهم كاذبون في ادعاء القطع؛ لأنهم في الحقيقة يزعمون أنهم يقطعون بأن ما هم عليه هو الحق، وأن هذا الدين الذي هم عليه حق وصدق، فنقول: إنهم في الحقيقة لا يتبعون إلا الظن، وهم كاذبون في ادعائهم القطع بصحة ما هم عليه من الباطل.

ص: 7