المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القول بأن الحروف المقطعة من المتشابه - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٦١

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الأعراف [1 - 9]

- ‌الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور

- ‌ذكر الحروف المقطعة في أوائل السور وأشكالها

- ‌القول بأن الحروف المقطعة من المتشابه

- ‌ذكر قول من جعل الحروف المقطعة أجزاء مختصرة من كلمات عربية

- ‌الرد على من جعل الحروف المقطعة أجزاء مختصرة من كلمات

- ‌دراسة نقدية للتأويلات العددية والتفسيرات الإشارية

- ‌ذكر قول من جعل فواتح السور تدرك بحساب الجمل ونحوه

- ‌القول بأن الحروف المقطعة ليست من المتشابه

- ‌ذكر أقوال الذين أولوا فواتح السور

- ‌قول من جعلها أسماء للسور

- ‌قول من جعل فواتح السور أسماء للقرآن

- ‌قول من جعل فواتح السور مأخوذة من أسماء الله وصفاته

- ‌قول من جعل فواتح السور أيماناً

- ‌بيان تناقض تفسيرات الحروف المقطعة وذكر الصواب في ذلك

- ‌تفسير قوله تعالى: (كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا إنا كنا ظالمين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (والوزن يومئذ الحق بما كانوا بآياتنا يظلمون)

الفصل: ‌القول بأن الحروف المقطعة من المتشابه

‌القول بأن الحروف المقطعة من المتشابه

وقد قسم العلماء آيات الذكر الحكيم إلى قسمين: قسم المحكم والمتشابه، وهذا التقسيم قائم على أساس قوله تبارك وتعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [آل عمران:7].

أما فيما يتعلق بالحروف المقطعة فقد انقسم العلماء في ذلك إلى فريقين: فريق توقفوا عن أن يدلوا فيها بأي رأي اجتهادي تورعاً، وفوضوا العلم بها إلى الله سبحانه وتعالى.

أما الفريق الآخر: فحاولوا أن يؤولوا ليدركوا معانيها، ومع ذلك فلم تتفق كلمتهم على رأي قاطع في هذه المسألة، بل تعددت أقوالهم.

فالفريق الأول اعتبروا هذه الفواتح من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فعلى هذا الأساس تكون هذه الفواتح من الأسرار المحجوبة التي لم يطلع الله عليها أحداً من خلقه، فهي: كالساعة والغيث وعلم ما في الأرحام وغير ذلك، فواجب المؤمن التصديق بها حتى ولو غاب عنه تأوليها، يقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما:(عجزت العلماء عن إدراكها)، أي: عن إدراك سر هذه الحروف المقطعة في أوائل كتاب الله عز وجل، فهي لها معنى بلا شك، وهناك حكمة من إيرادها، لكن العلم بالمراد منها موكول إلى الله سبحانه وتعالى.

قال الشعبي والثوري وجماعة من المحدثين: هي -أي الفواتح- سر الله في القرآن، ولله في كل كتاب من كتبه سر، فهي من المتشابه الذي انفرد الله تعالى بعلمه، ولا يجب أن يتكلم فيها، ولكن نؤمن بها ونقرأ كما جاءت؛ ولذلك لما سئل الشعبي عنها قال:(سر الله عز وجل فلا تطلبوه).

وقال أبو حاتم: (لم نجد الحروف المقطعة في القرآن إلا في أوائل السور، ولا ندري ما أراد الله عز وجل بها).

وبعض العلماء جمع هذه الحروف، وحذف منها المكرر، وكوَّن منها جملة مفيدة، فخرجت هذه الجملة:(نص حكيم قاطع له سر!!).

وهذه ليست طريقة علمية في الاستنباط، لكن هذا مما يستأنس به، ومما يستملح.

وقال الربيع بن خثيم: (إن الله تعالى أنزل هذا القرآن، فاستأثر منه بعلم ما شاء، وأطلعكم على ما شاء، فأما ما استأثر به لنفسه فلستم بنائليه فلا تسألوا عنه، وأما الذي أطلعكم عليه فهو الذي تسألون عنه وتخبرون به، وما كل القرآن تعلمون، ولا بكل ما تعلمون تعملون).

وعلق أبو بكر الأنباري على مقولة الربيع قائلاً: (فهذا يوضح أن حروفاً من القرآن سترت معانيها عن جميع العالم، اختباراً من الله وامتحاناً، فمن آمن بها أثيب وسعد، ومن كفر وشك أثم وبعد).

وقال الشوكاني رحمه الله تعالى: (من تكلم في بيان معاني هذه الحروف، جازماً بأن ذلك هو ما أراده الله عز وجل فقد غلط أقبح الغلط، وركب في فهمه ودعواه أعظم الشطط، فإنه إن كان تفسيره لها بما فسره به راجعاً إلى لغة العرب وعلومها فهو كذب بحت، فإن العرب لم يتكلموا بشيء من ذلك)، فهذا هو الاحتمال الأول الذي ذكره الشوكاني في حق من يدلي بدلوه في هذه القضية.

أنه: إن كان يزعم أن له سلفاً من العرب في هذا الفهم وهذا التفكير لهذه الحروف المقطعة، فنقول: هذا كذب بحت وافتراء محض؛ لأن العرب لم تعرف هذا الأسلوب على الإطلاق في الكلام من قبل.

ص: 4