المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار وهم بالآخرة كافرون) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٦٢

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الأعراف [31 - 46]

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد إنه لا يحب المسرفين)

- ‌سبب نزول هذه الآية أن أهل الجاهلية كانوا يطوفون بالبيت عراة

- ‌الزينة لفظ يطلق على كل ما يستر العورة

- ‌من الزينة في الصلاة لبس النعال إذا أمنت الفتنة

- ‌الاستدلال بالآية على اشتراط وجوب ستر العورة عند الطواف

- ‌مشروعية التجمل عند الصلاة استدلالاً بالآية

- ‌وجه الربط بين الأمر في قوله: (خذوا زينتكم) وقوله بعدها: (وكلوا واشربوا)

- ‌وجوه الإسراف

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفساً إلا وسعها هم فيها خالدون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ونزعنا ما في صدورهم من غل ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعلمون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار وهم بالآخرة كافرون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار وهم بالآخرة كافرون)

‌تفسير قوله تعالى: (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار وهم بالآخرة كافرون)

قال تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ} [الأعراف:44 - 45].

((وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ)) الكلام هنا عن أصحاب الجنة بعدما استقروا في منازلهم في الجنة، ((أَصْحَابَ النَّارِ)) توبيخاً وتحقيراً لهم ((أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا))، حيث نلنا هذه المراتب العالية.

((فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا))، يعني: من تنزيلكم أسفل سافلين لاستكباركم على الآيات والرسل ((قَالُوا نَعَمْ))، يعني: وجدناه حقاً.

((فَأَذَّنَ)) أي: نادى ((مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ)) أي: بين الفريقين ليسمعهم، زيادة في شماتة أحد الفريقين، وزيادة في ندامة الآخر.

((أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)) من هم هؤلاء الظالمون؟ ((الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)) أي: يمنعون أنفسهم وغيرهم عن دينه القويم الذي بينه على ألسنة رسله لمعرفته وعمارة الدارين، ((الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا)) [الأعراف:45] أي: يبغون لها زيغاً وميلاً عما هي عليه حتى لا يتبعها أحد.

((وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ)) أي: وهم بلقاء الله في الدار الآخرة جاحدون لا يؤمنون به، فلهذا لا يبالون فيأتون المنكر من القول والعمل؛ لأنهم لا يرجون حساباً عليه ولا عقاباً فهم شر الناس.

وقد سبق أن بينا حكمة وصف الكافرين بأنهم لا يؤمنون بالآخرة، لأن الإيمان بالآخرة ينعكس في سلوك المؤمن، أما إذا كان لا يؤمن بالآخرة فلن يخشى عقاباً ولن يرجو ثواباً، وما أحسن ما صدر الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى أحد مصنفاته، حيث كان يهدي في الصفحات الأولى من الكتاب إلى والده، فيقول ما معناه: إلى أبي الذي علمني أن أقول دائماً لمن يظلمني ومن يتجنى علي: إنه لولا الإيمان باليوم الآخر لكان لنا معه شأن آخر.

إيمان المؤمن باليوم الآخر يجعله إذا ظلم ينتظر أن ينصفه الله في الآخرة، وينتظر ثواب الله عز وجل، فيعزيه ذلك على ما يلقاه من الآلام، أما إن كان لا يؤمن باليوم الآخر فإنه يتغير مسلكه تماماً، كما يفعل هؤلاء الملاحدة والمجرمون من الكافرين الذين لا يحرمون حراماً ولا يحلون حلالاً، وإنما يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام، هذه ثمرة الإلحاد وثمرة الكفر، وثمرة العقيدة الفاشلة، فلذلك قال عز وجل هنا:((وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ))، فبالتالي لم يخافوا عقاباً ولم يرجوا ثواباً.

ص: 21