المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا إن إبراهيم لأواه حليم) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٨٠

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ التوبة [111 - 120]

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون)

- ‌الأقوال في معنى قوله تعالى: (السائحون)

- ‌السياحة بين المفهوم الشرعي والمفهوم غير الشرعي

- ‌الآثار المترتبة على السياحة

- ‌وجه ذكر الركوع والسجود كناية عن الصلاة

- ‌وجه ذكر العطف مرتين في الآية

- ‌تفسير قوله تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا إن إبراهيم لأواه حليم)

- ‌وجه استغفار إبراهيم لأبيه وحكم الاقتداء به في ذلك

- ‌حكم الدعاء والاستغفار للعصاة والفساق من المسلمين

- ‌حكم الاستدلال بالآية على أن التأوه في الصلاة لا يبطلها

- ‌المعنى اللغوي لكلمة (أواه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الله له ملك السموات والأرض يحيي ويميت)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا إن الله هو التواب الرحيم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)

- ‌حديث كعب بن مالك في توبة الله على الثلاثة المخلفين

- ‌فوائد مستنبطة من قصة الثلاثة الذين خلفوا

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا إن إبراهيم لأواه حليم)

‌تفسير قوله تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا إن إبراهيم لأواه حليم)

قال عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة:113 - 114] لما بين تعالى في أول السورة وما بعدها أن البراءة من المشركين والمنافقين واجبة، بين سبحانه هنا ما يزيد ذلك تأكيداً، حيث نهى عن الاستغفار لهم بعد أن تبين شركهم وكفرهم؛ لأن ظهوره موجب لقطع الموالاة حتى مع الأقرباء؛ لأن قرابتهم وإن أفادتهم الشفقة بهم والرحمة بهم، فلا تفيدهم قبول الاستغفار؛ لأن نور الاستغفار لا ينفذ في هذه القلوب المعتمة، فلا يصلح أن يستغفر المؤمنون لهم؛ لأن الله لا يغفر أن يشرك به.

فمن ثم لا ينبغي أبداً ولا يتصور أن يقع الاستغفار من (النبي والذين آمنوا للمشركين)؛ لأن الاستغفار هو طلب المغفرة، وكيف يطلب من الله سبحانه وتعالى مغفرة ذنب قد قطع وأخبر أنه لا يغفره أبداً وذلك بقوله:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48]؟! فإذا كان الشرك ذنباً عظمياً لا يغفر، فليس من الإيمان أن يستغفر المؤمن لقريبه المشرك؛ لأن طلب المغفرة لهم في حكم المخالفة لوعد الله ووعيده، فالله سبحانه وتعالى توعد هؤلاء المشركين أنه لا يغفر لهم أبداً، فمن الأدب أن الإنسان إذا دعا الله سبحانه وتعالى لا يدعو بشيء قد فرغ منه القضاء.

مثلاً: إذا قلنا بالقول الصحيح في تفسير قوله تبارك وتعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم:71] ففي هذه الحالة ليس من الأدب في الدعاء أن تدعو بألا ترد على جهنم؛ لأن هذا سوء أدب مع الله سبحانه وتعالى، حيث قد فرغ القضاء وتمت كلمة الله في هذا القسم:(إن منكم إلا واردها) أي: ما منكم من أحد إلا وسيرد النار، كل البشر سيدخلون النار ثم يخرجون منها، يخرج منها المؤمنون كما قال تعالى:{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم:72] ولم يقل: ونلقي؛ لأنهم يكونون موجودين، بل قال:((وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا)) [مريم:72] فليس من الأدب أن تدعو الله بشيء قد حكم هو بخلافه، فإذا كان الله سبحانه وتعالى حكم وقضى أنه لا يغفر أن يشرك به، فلا يجوز أن تسأل الله المغفرة لمشرك؛ فلذلك قال هنا:((مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)) [التوبة:113] فطلب المغفرة لهم في حكم المخالفة لوعد الله ووعيده.

ص: 9