المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٨١

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ يونس [1 - 25]

- ‌تفسير قوله تعالى: (الر تلك آيات الكتاب الحكيم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إليه مرجعكم جميعاً وعد الله حقاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (هو الذي جعل الشمس ضياءً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين لا يرجون لقاءنا بما كانوا يكسبون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام)

- ‌الحكمة من تأخير العذاب إلى يوم القيامة

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه لننظر كيف تعملون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء منهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (هو الذي يسيركم في البر والبحر)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق)

- ‌أقوال المفسرين في قوله تعالى: (إنما بغيكم على أنفسكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء)

- ‌تفسير قوله تعالى: (والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم)

‌تفسير قوله تعالى: (أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم)

{أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ} [يونس:2].

هذا تعجب من تعجبهم، ولذلك هذا الاستفهام تعجبي ((أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا)).

((أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ)) هل هذا شيء يستحق أن يتعجبوا منه، بل هذا منهم أعجب! ((وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ)) الهمزة لإنكار تعجبهم، وللتعجيب من هذا الإنكار، وإنما أنكر ذلك لكون سنة الله جاريةً على هذا الأسلوب في الإيحاء إلى الرجال، كما قال عز وجل في الآية الأخرى:{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:9] أي: لست أول رسول من البشر يرسل إليه من عند الله سبحانه وتعالى، وإنما هذه سنة الله سبحانه وتعالى، وقوله عز وجل:{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء:7].

وإنما كان تعجبهم لبعدهم عن مقامه، وعدم مناسبة حالهم لحاله ومنافاة ما جاء به لما اعتقدوه.

((وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ)) (قدم صدق) أي: السبق باعتبار أن القدم هي آلة السبق.

فليس المقصود بالقدم هنا القدم الجارحة، وإنما المقصود السبق؛ لأن السبق لا يكون إلا عن طريق الأقدام، كما يطلقون اليد على النعمة، يقال: فلان له عندي أيادٍ كثيرة، أو: لولا يد لك عندي لم أجزك بها لرددت عليك، كما قال المشرك لـ أبي بكر رضي الله تعالى عنه في صلح الحديبية، وذلك لأن الإحسان غالباً ما يكون باليد، وكما تطلق العين على الجاسوس؛ لأنه يستعمل عينه للتجسس، كذلك الرأس تطلق على الرئيس.

ثم إن السبق مجاز عن الفضل والتقدم المعنوي إلى المنازل الرفيعة، هذا هو الاحتمال الأول.

وقيل: القدم بمعنى المقام كقوله تعالى: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر:55].

بإطلاق الحال، وإرادة المحل، وإضافته إلى الصدق من إضافة الموصوف إلى الصفة فقال:(قدم صدق).

وفيه مبالغة لجعلها عين الصدق، وتنبيه على أنهم إنما نالوا ما نالوا بصدقهم ظاهراً وباطناً.

((قَالَ الْكَافِرُونَ)) أي: هؤلاء المتعجبون ((إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ)) كما هي قراءة حفص عن عاصم، على أن الإشارة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أما إذا قرأناها (إن هذا لسحر مبين) أي: أن هذا القرآن سحر مبين.

وهذا دليل عجزهم وأنهم كانوا كاذبين في تسميته سحراً؛ وذلك لأن التعجب أولاً، ثم التكلم بما هو معلوم الانتفاء قطعاً حتى عند المعارض، هو دأب العاجز؛ لأنه ليس عنده أي حجة يواجه بها هذا الحق، فهو يتعجب!

ص: 3